محمد: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[مراجعة غير مفحوصة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
من حالف قريش هم بنو بكر بن عبد مناة و ليسوا بني بكر بن وائل ، صنم هبل كان أكبر أصنام العرب في الجاهلية و عدم ذكره في المقال نقص للمقال
رفض التغيير النصي الأخير (ل‍IMPOSSIBLEMAN) واستعادة المراجعة 8348698 ل‍Minsbot
سطر 68: سطر 68:
{{محمد}}ومن '''النّاحية الاقتصادية'''، فقد كان [[بدو]] [[العرب]] يعتمدون على الرعي والتنقل لأماكن الماء، مما يجعلها في حروب مع بعضها للحصول على الموارد.<ref name="قبل الإسلام-سياسيا" /> أما في المدن، فكان يقوم فيها النشاط التجاري والزراعي والصناعي،[[مكة|فمكة]] كان يغلب عليها النشاط التجاري، وتتحكم بطرق التجارة بين [[اليمن]] و[[بلاد الشام|الشام]]، وقد استفادت [[مكة]] من مكانة [[الكعبة]] الدينية عند [[العرب]] في حماية قوافلها التجارية.<ref name="العمري-قبل-اقتصاديا">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص77-82، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref> أما [[المدينة المنورة|المدينة]] فكان يغلب عليها الزراعة حيث بساتين [[نخيل|النخيل]] و[[عنب|الأعناب]] و[[فواكه|الفواكه]]. واستعمل [[العرب]] الدينار البيزنطي والدرهم [[إمبراطورية فارسية|الفارسي]] في التبادل التجاري.<ref name="قبل الإسلام-سياسيا" /> أما الصناعة فقد عُرفت [[المدينة المنورة|المدينة]] بصياغة الحلي الذهبية والفضية، وصناعة السيوف والرماح والنبال والدروع، كما قامت في المدن العربية حرف الحدادة والصياغة والدباغة، والغزل والنسيج. وكان العرب يعرفون أنواعًا من المعاملات المالية كالقراض والمضاربة والرهن.<ref name="قبل الإسلام-سياسيا">[http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=14942 '''الشبكة الإسلامية:''' الجزيرة العربية "الحالة السياسية والاقتصادية" عند ظهور الإسلام - أكرم ضياء العمري] تاريخ الوصول [[28 يونيو]] [[2011]].</ref>
{{محمد}}ومن '''النّاحية الاقتصادية'''، فقد كان [[بدو]] [[العرب]] يعتمدون على الرعي والتنقل لأماكن الماء، مما يجعلها في حروب مع بعضها للحصول على الموارد.<ref name="قبل الإسلام-سياسيا" /> أما في المدن، فكان يقوم فيها النشاط التجاري والزراعي والصناعي،[[مكة|فمكة]] كان يغلب عليها النشاط التجاري، وتتحكم بطرق التجارة بين [[اليمن]] و[[بلاد الشام|الشام]]، وقد استفادت [[مكة]] من مكانة [[الكعبة]] الدينية عند [[العرب]] في حماية قوافلها التجارية.<ref name="العمري-قبل-اقتصاديا">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص77-82، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref> أما [[المدينة المنورة|المدينة]] فكان يغلب عليها الزراعة حيث بساتين [[نخيل|النخيل]] و[[عنب|الأعناب]] و[[فواكه|الفواكه]]. واستعمل [[العرب]] الدينار البيزنطي والدرهم [[إمبراطورية فارسية|الفارسي]] في التبادل التجاري.<ref name="قبل الإسلام-سياسيا" /> أما الصناعة فقد عُرفت [[المدينة المنورة|المدينة]] بصياغة الحلي الذهبية والفضية، وصناعة السيوف والرماح والنبال والدروع، كما قامت في المدن العربية حرف الحدادة والصياغة والدباغة، والغزل والنسيج. وكان العرب يعرفون أنواعًا من المعاملات المالية كالقراض والمضاربة والرهن.<ref name="قبل الإسلام-سياسيا">[http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=14942 '''الشبكة الإسلامية:''' الجزيرة العربية "الحالة السياسية والاقتصادية" عند ظهور الإسلام - أكرم ضياء العمري] تاريخ الوصول [[28 يونيو]] [[2011]].</ref>


من '''النّاحية الدينية''' كانت [[وثنية|الوثنية]] تسود شبه جزيرة العرب بشكل غالب،<ref name="الرحيق-قبل-دينيا" /> حيث كانوا يعبدون آلهة يمثلونها في أصنام مصنوعة من الحجر والخشب بلغ عددها 360 صنمًا حول [[الكعبة]] تعبدها القبائل التي تؤم البيت للحج وتقدم لها القرابين والنذر.<ref name="قبل الإسلام-دينيا" /> كان من أقدمها وأكبرها هبل لكنانة "مَناة" (لهُذَيْل و[[خزاعة]])، و"الّلات" ([[ثقيف|لثقيف]])، و"العُزَّى" ([[قريش|لقريش]] و بني كنانة مع كثير من القبائل الأخرى).<ref name="الرحيق-قبل-دينيا">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص20-25.</ref> ومع ذلك بقي لديهم شعائر من بقايا دين [[إبراهيم]] مثل تعظيم [[الكعبة]]، والطواف بها، و[[الحج في الإسلام|الحج]]، و[[العمرة]].<ref name="الرحيق-قبل-دينيا" /> وكان هناك أفراد من الموحدين على ملة [[إبراهيم]] و[[إسماعيل]] كانوا موجودين في [[مكة]] عرفوا [[حنيفية|بالأحناف]].<ref name="قبل الإسلام-دينيا" /> تواجدت أيضًا ديانات بشكل محدود مثل [[اليهودية]] في [[اليمن]] و[[المدينة المنورة|المدينة]]، و[[النصرانية]] في [[منطقة نجران|نجران]] و[[الحيرة]] ودومة الجندل وأطراف [[بلاد الشام|الشام]]. كذلك وُجد انتشار محدود [[زرادشتية|للمجوسية]] قادمًا من [[بلاد الفرس]].<ref name="قبل الإسلام-دينيا">[http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=16539 '''الشبكة الإسلامية:''' الجزيرة العربية "الحالة الدينية" عند ظهور الإسلام - أكرم ضياء العمري] تاريخ الوصول [[28 يونيو]] [[2011]].</ref>
من '''النّاحية الدينية''' كانت [[وثنية|الوثنية]] تسود شبه جزيرة العرب بشكل غالب،<ref name="الرحيق-قبل-دينيا" /> حيث كانوا يعبدون آلهة يمثلونها في أصنام مصنوعة من الحجر والخشب بلغ عددها 360 صنمًا حول [[الكعبة]] تعبدها القبائل التي تؤم البيت للحج وتقدم لها القرابين والنذر.<ref name="قبل الإسلام-دينيا" /> كان من أقدمها وأكبرها "مَناة" (لهُذَيْل و[[خزاعة]])، و"الّلات" ([[ثقيف|لثقيف]])، و"العُزَّى" ([[قريش|لقريش]] مع كثير من القبائل الأخرى).<ref name="الرحيق-قبل-دينيا">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص20-25.</ref> ومع ذلك بقي لديهم شعائر من بقايا دين [[إبراهيم]] مثل تعظيم [[الكعبة]]، والطواف بها، و[[الحج في الإسلام|الحج]]، و[[العمرة]].<ref name="الرحيق-قبل-دينيا" /> وكان هناك أفراد من الموحدين على ملة [[إبراهيم]] و[[إسماعيل]] كانوا موجودين في [[مكة]] عرفوا [[حنيفية|بالأحناف]].<ref name="قبل الإسلام-دينيا" /> تواجدت أيضًا ديانات بشكل محدود مثل [[اليهودية]] في [[اليمن]] و[[المدينة المنورة|المدينة]]، و[[النصرانية]] في [[منطقة نجران|نجران]] و[[الحيرة]] ودومة الجندل وأطراف [[بلاد الشام|الشام]]. كذلك وُجد انتشار محدود [[زرادشتية|للمجوسية]] قادمًا من [[بلاد الفرس]].<ref name="قبل الإسلام-دينيا">[http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=16539 '''الشبكة الإسلامية:''' الجزيرة العربية "الحالة الدينية" عند ظهور الإسلام - أكرم ضياء العمري] تاريخ الوصول [[28 يونيو]] [[2011]].</ref>


== نسبه ==
== نسبه ==
سطر 169: سطر 169:
[[ملف:Taifroad.jpg|تصغير|يسار|جبال مدينة [[الطائف]].]]
[[ملف:Taifroad.jpg|تصغير|يسار|جبال مدينة [[الطائف]].]]
=== الخروج إلى الطائف ===
=== الخروج إلى الطائف ===
بعدما اشتد الأذى من [[قريش]] على محمد وأصحابه بعد موت [[أبو طالب|أبي طالب]]، قرر محمد الخروج إلى [[الطائف]] حيث تسكن قبيلة [[ثقيف]] يلتمس النصرة والمنعة بهم من قومه ورجاء أن [[إسلام|يسلموا]]،<ref name="ابن هشام-الطائف">السيرة النبوية، [[ابن هشام]]، ج2، ص266-269، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فخرج مشيًا على الأقدام<ref name="الرحيق-الطائف" /> ومعه [[زيد بن حارثة]]، وقيل بل خرج وحده،<ref name="سميرة-الطائف">مختصر الجامع في السيرة النبوية، سميرة زايد، ج1، ص209-212، المطر محمدًا أحد الأنبياء والرسل، لكنه ليس آخرهم، فهناك من بعده حسب رأيهم الباب و[[البهاء]] و[[غلام أحمد القادياني]].<ref name="الأحمدية">[http://www.islamahmadiyya.net/show_page.asp?content_key=12&article_id=46#362 '''موقع الأحمدية:''' خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]].</ref><ref>[http://info.bahai.org/arabic/teachings.html '''الجامعة البهائية العالمية:''' من تعاليم الدين البهائي]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]].</ref><ref>[http://www.islamstory.com/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9_%D9%81%D8%B1%D9%82%D8%A9_%D8%B6%D8%A7%D9%84%D8%A9#_ftn5 '''قصة الإسلام:''' البابية]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]].</ref>
بعدما اشتد الأذى من [[قريش]] على محمد وأصحابه بعد موت [[أبو طالب|أبي طالب]]، قرر محمد الخروج إلى [[الطائف]] حيث تسكن قبيلة [[ثقيف]] يلتمس النصرة والمنعة بهم من قومه ورجاء أن [[إسلام|يسلموا]]،<ref name="ابن هشام-الطائف">السيرة النبوية، [[ابن هشام]]، ج2، ص266-269، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فخرج مشيًا على الأقدام<ref name="الرحيق-الطائف" /> ومعه [[زيد بن حارثة]]، وقيل بل خرج وحده،<ref name="سميرة-الطائف">مختصر الجامع في السيرة النبوية، سميرة زايد، ج1، ص209-212، المطبعة العلمية، ط1995.</ref> وذلك في ثلاث ليال بَقَيْن من [[شوال]] سنة عشر من البعثة (3 ق هـ)،<ref name="ابن سعد-الطائف">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص210-212، دار صادر، بيروت.</ref> الموافق أواخر [[مايو]] سنة [[619]]م،<ref name="الرحيق-الطائف">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص100-101.</ref> فأقام بالطائف عشرة أيام<ref name="الأنوار-الطائف">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، [[يوسف النبهاني]]، ص49-51، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فلم يجيبوه، وردّوا عليه ردًا شديدًا،<ref name="البوطي-الطائف">فقه السيرة النبوية، [[محمد سعيد رمضان البوطي]]، ص100-101، دار الفكر المعاصر، ط2006.</ref> وأغروا به سفهاءهم فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى أن رجلي محمد لتدميان و[[زيد بن حارثة]] يقيه بنفسه حتى جُرح في رأسه.<ref name="ابن سعد-الطائف" /> وألجؤوه إلى حائط<ref group="معلومة">في معجم النهاية في غريب الأثر، ج1، ص462: «الحائط هنا: البستان من [[النخيل]] إذا كان عليه حائط وهو الجدار».</ref> [[عتبة بن ربيعة|لعتبة بن ربيعة]] و[[شيبة بن ربيعة]]، على ثلاثة أميال من [[الطائف]]،<ref name="الرحيق-الطائف" /> ورجع عنه سفهاء [[ثقيف]] من كان يتبعه، فلما اطمأن محمد قال:<ref name="ابن هشام-الطائف" />
{{اقتباس خاص|اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني (يلقاني بالغلظة)، أم إلى عدوّ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا و[[الآخرة]]، من أن تنزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك}}
فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة وما لقي، بعثوا له [[عنب|بعنب]] مع غلام لهما [[مسيحية|نصرانيّ]] يقال له "عداس"،<ref name="الأنوار-الطائف" /> ففعل عداس، فلما سمع محمد يقول {{مض|باسم الله}} ثم أكل، فنظر عداس في وجهه ثم قال {{مض|والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد}} فقال له محمد {{مض|ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟}} قال {{مض|نصراني، وأنا رجل من أهل [[نينوى (مدينة)|نينوى]]}} فقال {{مض|من قرية الرجل الصالح [[يونس|يونس بن متى]]؟}} فقال له عداس {{مض|وما يدريك ما [[يونس|يونس بن متى]]؟}} فقال {{مض|ذاك أخي كان نبيًا وأنا نبي}}، فأسلم عداس،<ref name="الصحيحة-الطائف">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص185-187، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref> وأكبّ على محمد يقبل رأسه ويديه وقدميه.<ref name="ابن هشام-الطائف" /> وقد أنكر [[الشيعة]] قصة عداس في كتبهم.<ref>الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج4، ص35، المركز الإسلامي للدراسات، ط2005.</ref>

فانصرف محمد من [[الطائف]] راجعًا إلى [[مكة]] وهو محزون لم يستجب له أحد من أهل البلد،<ref>[[مسند أحمد]]، [[أحمد بن حنبل]]، ج4، ص235.</ref> فلما بلغ "قرن الثعالب" بعث الله إليه [[جبريل]] ومعه [[الملائكة في الإسلام|ملك]] الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل [[الطائف]]، وهما الجبلان اللذان هي بينهما، فرفض ذلك قائلاً: {{مض|بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيءًا}}.<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، رقم: 3231.</ref> ثم تقدم في طريق [[مكة]] حتى بلغ "وادي نخلة"، وأقام فيه أيامًا،<ref name="الرحيق-الطائف" /> وخلال إقامته هناك استمع نفر من [[الجن]] إليه وهو يقرأ [[سورة الجن]] وهو يصلي بالليل،<ref name="ابن هشام-الطائف" /> فنزلت {{قرآن|وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون [[القرآن]]}}.<ref name="ابن سعد-الطائف" /> ثم تابع مسيره، فدخل [[مكة]] في جوار [[المطعم بن عدي]]، وهو ينادي {{مض|يا معشر [[قريش]] إني قد أجرت محمدًا، فلا يهجه أحد منكم}}، حتى وصل محمد للكعبة وصلى ركعتين وانصرف إلى بيته و[[المطعم بن عدي]] وولده محيطون به.<ref name="ابن سعد-الطائف" />

=== الإسراء والمعراج ===
{{مقال تفصيلي|الإسراء والمعراج}}
[[ملف:Jerusalem Al-Aqsa Mosque BW 1.JPG|تصغير|200بك|يمين|[[المسجد الأقصى]] مسرى النبي محمد.]]
[[ملف:The rock of the Dome of the Rock PD-OLD.jpg.JPG|تصغير|يسار|200بك|صورة من الأعلى للصخرة الموجودة في [[قبة الصخرة]] في [[المسجد الأقصى]]، والتي يعتقد المسلمون أن محمدًا قد عُرِج به منها إلى السماوات العُلى.]]
بعد رحلة [[الطائف]]،<ref name="سميرة-الإسراء"/> حدثت للنبي محمد رحلة [[الإسراء والمعراج]] بحسب التراث الإسلامي،<ref group="معلومة">في فقه السيرة النبوية، [[البوطي|للبوطي]]، ص108، دار الفكر، ط2005.: «الإسراء: الرحلة التي قام بها النبي محمد من [[المسجد الحرام]] إلى [[المسجد الأقصى]]، والمعراج: ما أعقب هذه الرحلة من العروج إلى السماوات العلا حتى الوصول إلى [[سدرة المنتهى]]، كل ذلك في ليلة واحدة».</ref> وقد اختُلف في تحديدها على عشرة أقوال،<ref name="فتح الباري-الإسراء والمعراج">[[فتح الباري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج7، ص196-218.</ref> فقيل أنها كانت ليلة [[27 رجب]] بعد البعثة بعشر سنين (3 ق هـ)، وقيل بل كانت ليلة السبت [[17 رمضان]] قبل الهجرة بثمانية عشر شهرًا (2 ق هـ)،<ref name="ابن سعد-الإسراء">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص213-215، دار صادر، بيروت.</ref> وقيل في [[17 ربيع الأول]] قبل الهجرة بسنة (1 ق هـ)،<ref name="الخصائص-الإسراء" /><ref name="الأنوار-الإسراء">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، [[يوسف النبهاني]]، ص51، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> وقيل غير ذلك. وجمهور المسلمين من [[أهل السنة]] و[[الشيعة]] يؤمنون بأن هذه الرحلة كانت بالروح والجسد معًا يقظةً من [[المسجد الحرام]] إلى [[المسجد الأقصى]]،<ref name="الأنوار-الإسراء" /> وكانت قد حدثت له [[حادثة شق الصدر]] للمرة الثالثة<ref name="الصحيحة-الإسراء">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص188-192، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref> قبل أن يركب [[البراق (دابة)|البراق]]،<ref group="معلومة">في [[صحيح البخاري]]، رقم: 162: «البراق: هو دابة أبيض طويل فوق [[الحمار]] ودون [[البغل]] يضع حافره عند منتهى طرفه».</ref> بصحبة [[جبريل]]. فنزل في [[المسجد الأقصى]] وربط البراق بحلقة باب المسجد، وصلّى بجميع الأنبياء إمامًا،<ref name="السيوطي-الإسراء">الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء، [[السيوطي]]، دار الحديث، [[القاهرة]]، ط1988.</ref> ثم عُرج به إلى فوق سبع سماوات مارًا بالأنبياء [[آدم]]، و[[يحيى بن زكريا]] و[[عيسى بن مريم]]، و[[يوسف]]، و[[إدريس]]، و[[هارون]] و[[موسى]] و[[إبراهيم]].<ref name="فتح الباري-الإسراء والمعراج" /> وانتهى إلى [[سدرة المنتهى]] ورأى [[الجنة]] و[[جحيم|النار]].<ref name="ابن سعد-الإسراء" /> ورأى ربّه بعيني رأسه (بحسب جمهور علماء [[أهل السنة]])،<ref>في السيرة الحلبية، لعلي بن برهان الدين الحلبي، ج1، ص138-139، دار المعرفة: «اختُلف في رؤيته {{ص}} لربه تبارك وتعالى تلك الليلة، فأكثر العلماء على وقوع ذلك، أي أنه {{ص}} رآه عز وجل بعين رأسه. وأنكرتها [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] رضي الله تعالى عنها وقالت "من زعم أن محمد رأى ربه أى بعين رأسه فقد أعظم الفرية على الله عز وجل"».</ref> وفُرض عليه [[الصلاة في الإسلام|الصلوات الخمسة]] بعد أن كانت خمسين صلاة.<ref name="السيوطي-الإسراء" /> يقول [[البوصيري]] في [[قصيدة البردة (البوصيري)|قصيدة البردة]]:
{{قصيدة|'''سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ'''|'''كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ'''}}
{{قصيدة|''' وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً'''|'''من قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم ترمِ'''}}
{{قصيدة|'''وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بها'''|'''والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم'''}}
{{قصيدة|'''وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْ'''|'''في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ'''}}
ثم انصرف في ليلته عائدًا راكبًا البراق بصحبة [[جبريل]]، فوصل [[مكة]] قبل الصبح،<ref>دلائل النبوة، البيهقي، ج2، ص356.</ref> فلما أصبح أخبر قومه برحلته فاشتد تكذيبهم له وأذاهم، وسألوه أن يصف لهم [[بيت المقدس]]، فتمثّل له بيت المقدس حتى عاينه، فبدأ يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيءًا، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها، وكان الأمر كما قال. وصدّقه بكل ما قاله [[أبو بكر]] فسُمي يومئذ بالصّدّيق.<ref name="الخصائص-الإسراء">الخصائص الكبرى، [[السيوطي]]، ج1، ص303-306، دار الكتب العلمية، ط1985.</ref>

=== بيعة العقبة الأولى والثانية ===
[[ملف:Mina Overview.JPG|تصغير|منطقة [[منى]]، والتي التقى عندها محمد بستة من [[الخزرج]] فكانت بداية لسلسلة لقاءات انتهت بالهجرة إلى [[المدينة المنورة]].]]
بدأ محمد يعرض نفسه في مواسم [[الحج في الإسلام|الحج]] على قبائل [[العرب]] يدعوهم إلى الله ويسألهم أن ينصروه ويمنعوه حتى يبلغ [[الإسلام]] للناس.<ref name="ابن هشام-قبل الهجرة">السيرة النبوية، ابن هشام، ج2، ص270-313، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> ولما كانت السنة الحادي عشر من النبوة (2 ق هـ)، وبينما هو عند "العقبة" في [[منى]]، لقي ستة أشخاص<ref group="معلومة">في السيرة النبوية، [[ابن هشام|لابن هشام]]، ج2، ص277-278: «وهم: [[أسعد بن زرارة]]، و[[عوف بن الحارث]]، و[[رافع بن مالك]]، وقُطبَة بن عامر بن حديدة، وعُقبة بن عامر بن نابي، و[[جابر بن عبد الله]]».</ref> من [[الخزرج]] من [[يثرب]]، فدعاهم إلى [[الإسلام]]، فقال بعضهم لبعض {{مض|يا قوم، تعلموا والله إنه للنبي توعدكم به [[يهود]]، فلا تسبقنّكم إليه}} وقد كان [[اليهود]] يتوعدون [[الخزرج]] بقتلهم بنبي آخر الزمان. فأسلم أولئك النفر، ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم.<ref name="البداية والنهاية-قبل الهجرة">[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير]]، ج3، ص179-206.</ref> فلما قدموا [[المدينة المنورة|المدينة]] ذكروا لقومهم خبر النبي محمد، ودعوهم إلى [[الإسلام]]، حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور [[الأنصار]] إلا وفيها ذكرٌ من النبي محمد.<ref name="ابن هشام-قبل الهجرة" /> حتى إذا كان العام المقبل، وافى الموسم من [[الأنصار]] اثنا عشر رجلاً، فلقوه بالعقبة في [[منى]]، فبايعوا<ref group="معلومة">في [[مقدمة ابن خلدون]]، ص108: «البيعة: هي العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أنه يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين، لا ينازغه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره».</ref> محمدًا على "بيعة النساء"،<ref group="معلومة">في خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى، للسمهودي، ج1، ص84: «بيعة النساء: أي على وفق بيعة النساء التي نزلت بعد [[فتح مكة|الفتح]] {{قرآن|على أن لا يشركن بالله شيءًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف}} ولم يكن أمرٌ بالقتال».</ref> فكانت '''بيعة العقبة الأولى'''.<ref name="ابن هشام-قبل الهجرة" />

ولما انصرف القوم، بعث معهم [[مصعب بن عمير]] يقرئهم [[القرآن]] ويعلمهم [[الإسلام]]، فكان يُسمّى بالمقرىء، فأقام في بيت [[أسعد بن زرارة]] يدعو الناس إلى [[الإسلام]]، و[[الصلاة في الإسلام|يصلي]] بهم، فأسلم على يديه [[سعد بن عبادة]] و[[أسيد بن حضير]] وهما يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، فأسلم جميع قومهما بإسلامهما،<ref name="البداية والنهاية-قبل الهجرة" /> ولم تبق دار من دور [[الأنصار]] إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخَطْمَة ووائل، كان فيهم قيس بن الأسلت (وكان قائدًا لهم يطيعونه) فوقف بهم عن [[الإسلام]] حتى كان سنة [[5 هـ]].<ref name="الرحيق المختوم-قبل الهجرة">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص106-123.</ref> وقبل حلول موسم الحج التالي عاد [[مصعب بن عمير]] إلى [[مكة]].

وفي موسم [[الحج في الإسلام|الحج]] للسنة الثالثة عشرة من البعثة ([[يونيو]] سنة [[622]]م) اتفق عدد من [[إسلام|المسلمين]] من أهل [[يثرب]] أن يأتوا [[مكة]] مع قومهم للحج قائلين «حتى متى نذر رسول الله {{ص}} يطرد في جبال [[مكة]] ويخاف؟»،<ref name="حديث العقبة الثانية">رواه الوادعي في الصحيح والمسند، عن جابر بن عبد الله، رقم: 222.</ref> فقدم [[مكة]] منهم سبعون رجلاً وامرأتان،<ref name="تاريخ الإسلام-قبل الهجرة" /> جرت بينهم وبين محمد اتصالات سريّة أدت إلى اتفاق الفريقين على أن يجتمعوا ليلاً في أوسط [[أيام التشريق]] في الشعب الذي عند العقبة حيث [[جمرة|الجمرة]] الأولى من [[منى]]،<ref name="الرحيق المختوم-قبل الهجرة" /> فلما التقوا به وكان بصحبة عمّه [[العباس بن عبد المطلب|العباس]]، قالوا له {{مض|يا رسول الله نبايعك؟}} فقال لهم: {{مض|تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم [[الجنة]]}}،<ref name="حديث العقبة الثانية" /> فبايعوه رجلاً رجلاً بدءًا من [[أسعد بن زرارة]] وهو أصغرهم سنًا.<ref name="تاريخ الإسلام-قبل الهجرة">[[تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (كتاب)|تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام]]، [[الذهبي]]، ج1، ص297-309، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1987.</ref> وعُرف ذلك الاتفاق بـ '''بيعة العقبة الثانية''' وقد كانت في شهر [[ذي الحجة]] قبل الهجرة إلى [[المدينة المنورة|المدينة]] بثلاثة أشهر.<ref>السيرة النبوية، [[ابن حبان]]، ص118.</ref> وبعد أن تمت البيعة طلب محمد أن يختاروا اثني عشر زعيمًا يكونون نقباء على قومهم، يكفلون المسؤولية عنهم في تنفيذ بنود هذه البيعة، فتم اختيارهم في الحال، ثم عاد المبايعون إلى قومهم في [[مكة]]، وقد فشا في [[قريش]] أمر البيعة عندما صاح [[شيطان]] اسمه "أزب العقبة" بذلك، فلم يتأكدوا من الأمر حتى غادر الأوس والخزرج عائدين إلى ديارهم، فلحقت بهم [[قريش]] فلم يدركوا إلا [[سعد بن عبادة]]، فمسكوه وضربوه فجاء [[المطعم بن عدي]] والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من أيديهم.<ref name="البداية والنهاية-قبل الهجرة" />

=== الهجرة إلى المدينة ===
{{مقال تفصيلي|هجرة نبوية|تقويم هجري}}
[[ملف:Mecca 9.jpg|تصغير|يمين|[[غار ثور]] الذي اختبأ به محمد و[[أبو بكر]] في رحلة الهجرة، ماكثين فيه ثلاث ليال.]]
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله {{ص}}</br> [[المدينة المنورة|المدينة]] أضاء منها كل شيء، فلما كان</br> اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء»<ref>رواه الترمذي في [[سنن الترمذي|سننه]]، رقم: 3618.</ref>|المصدر='' [[أنس بن مالك]]''}}
[[ملف:Thaniat Al-Wadaa.jpg|تصغير|يسار|"ثنيات الوداع" في [[المدينة المنورة]]، ويظهر أثر لمبنى قديم بُني في المكان الذي استقبل [[الأنصار]] فيه النبي محمد في هجرته.]]
[[ملف:Masjid khuba.JPG|تصغير|يسار|من داخل [[مسجد قباء]]، أول مسجد أسس بعد بعثة النبي محمد، قال فيه «من [[وضوء|توضأ]] وأسبغ الوضوء ثم جاء [[مسجد قباء]] [[الصلاة في الإسلام|فصلى]] فيه كان له أجر [[عمرة]]».<ref>السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص237، دار المعرفة.</ref>]]
لما اشتد البلاء على [[إسلام|المسلمين]] بعد بيعة العقبة الثانية، أذن محمد لأصحابه بالهجرة إلى [[المدينة المنورة]]، فجعلوا يخرجون ويخفون ذلك، فكان أول من قدم [[المدينة المنورة]] [[أبو سلمة بن عبد الأسد]]، ثم قدم المسلمون أرسالاً فنزلوا على [[الأنصار]] في دورهم فآووهم ونصروهم. ولم يبقَ [[مكة|بمكة]] منهم إلا النبي محمد و[[أبو بكر]] و[[علي بن أبي طالب]] أو مفتون محبوس أو ضعيف عن الخروج.<ref name="ابن سعد-الهجرة">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص224-238، دار صادر، بيروت.</ref>

ولما رأت [[قريش]] خروج المسلمين، خافوا خروج محمد، فاجتمعوا في [[دار الندوة]]،<ref group="معلومة">في سيرة ابن هشام، ج3، ص5: «دارالندوة:هي دار [[قصي بن كلاب]] التي كانت [[قريش]] لا تقضي أمرًا إلا فيها».</ref> واتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة من [[قريش]] شابًا فيقتلون محمد فيتفرّق دمه في القبائل.<ref name="ابن سعد-الهجرة" /> فأخبر [[جبريل]] محمد بالخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فأمر محمد [[علي بن أبي طالب|عليًا]] أن ينام مكانه ليؤدي الأَمانات التي عنده ثم يلحق به. واجتمع أولئك النفر عِند بابه، لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد، وهو يحثوا على رؤوسهم التراب تاليًا آيات من [[سورة يس]].<ref name="الروض-الهجرة" /> فجاء إلى [[أبي بكر]]، وقد كان أبو بكر قد جهز راحلتين للسفر، فأعطاها محمد لعبد الله بن أرَيْقِط، على أن يوافيهما في [[غار ثور]] بعد ثلاث ليالٍ، ويكون دليلاً لهما، فخرجا ليلة [[27 صفر]] سنة 14 من النبوة، الموافق [[12 سبتمبر]] سنة [[622]]م،<ref name="الرحيق-الهجرة" /> وحمل أبو بكر ماله كلّه ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف،<ref>السيرة النبوية، [[ابن كثير]]، ج2، ص236.</ref> فمضيا إلى [[غار ثور]] فدخلاه وضربت العنكبوت على بابه بعش، وجعلت [[قريش]] فيه حين فقدوه 100 [[ناقة]] لمن يردّه عليهم،<ref name="ابن هشام-الهجرة">السيرة النبوية، [[ابن هشام]]، ج3، ص5-24، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فخرجت [[قريش]] في طلبه حتى وصلوا باب الغار، فقال بعضهم {{مض|إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد}} فانصرفوا. ومكث محمد و[[أبو بكر]] في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما [[عبد الله بن أبي بكر]]، حتى خرجا من الغار [[1 ربيع الأول]]،<ref name="الرحيق-الهجرة" /> أو [[4 ربيع الأول]].<ref name="ابن سعد-الهجرة" /> وبينما هما في الطريق، إذ عرض لهما [[سراقة بن مالك]] وهو على فرس له فدعا عليه محمد فرسخت قوائم فرسه، فقال {{مض|يا محمد أدع الله أن يطلق فرسي وأرجع عنك وأرد من ورائي}}، ففعل فأطلق ورجع فوجد الناس يلتمسون محمد فقال {{مض|ارجعوا فقد استبرأت لكم ما ههنا}} فرجعوا عنه.<ref name="ابن هشام-الهجرة" />

وصل محمد [[قباء]] يوم الإثنين [[8 ربيع الأول]]،<ref name="الرحيق-الهجرة" /> أو [[12 ربيع الأول]]،<ref name="الروض-الهجرة">[[الروض الأنف]]، [[السهيلي]]، ج2، ص312-332.</ref> فنزل على كلثوم بن الهدم، وجاءه المسلمون يسلمون عليه، ونزل [[أبو بكر]] على خبيب بن إساف.<ref name="ابن هشام-الهجرة" /> وأقام [[علي بن أبي طالب]] بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدّى الودائع التي كانت عند محمد للناس، حتى إذا فرغ منها لحق بمحمد فنزل معه على كلثوم بن هدم.<ref name="ابن هشام-الهجرة" /> وبقي محمد وأصحابه في قباء عند بني عمرو بن عوف 4 أيام، وقد أسس [[مسجد قباء]] لهم، ثم انتقل إلى [[المدينة المنورة]] فدخلها يوم الجمعة [[12 ربيع الأول]]،<ref>في الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص6: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حين هاجر من مكة يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، '''وهو المجتمع عليه'''».</ref><ref>السيرة النبوية، [[ابن هشام]]، ج3، ص135، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> سنة [[1 هـ]] الموافق [[27 سبتمبر]] سنة [[622]]م،<ref name="الروض-الهجرة" /> وعمره يومئذ 53 سنة. ومن ذلك اليوم سُميت بمدينة الرسول {{ص}}، بعدما كانت [[يثرب]]، ويعبّر عنها بالمدينة مختصرًا أو [[المدينة المنورة]]. ولما دخل المدينة، راكبًا ناقته [[القصواء]]، تغنّت بنات [[الأنصار]] فرحات:<ref name="الرحيق-الهجرة" />
{{قصيدة|'''طلع البدر علينا'''|'''من ثنيات الوداع'''}}
{{قصيدة|'''وجب الشكر علينا'''|'''ما دعا لله داع'''}}
{{قصيدة|'''أيها المبعوث فينا'''|'''جئت بالأمر المطاع'''}}
{{قصيدة|'''جئت شرفت [[المدينة المنورة|المدينة]]'''|'''مرحبًا يا خير داع'''}}
واعترضه [[الأنصار]] يكلمونه بالنزول عليهم، فيقول لهم {{مض|إنّها مأمورة فخلّوا سبيلها}}، حتى انتهت فبركت في مربد<ref group="معلومة">في السيرة الحلبية، ج2، ص236: «المربد: المحل الذي يجفف فيه [[تمر|التمر]]»</ref> لغلامين يتيمين من بني النجار، فأمر ببناء مسجد عليه، وهو [[المسجد النبوي]] الآن، ثم جاء [[أبو أيوب الأنصاري]] فحطّ رحله فأدخله منزله فقال محمد {{مض|المرء مع رحله}}، وجاء [[أسعد بن زرارة]] فأخذ بزمام راحلته، فكانت عنده،<ref name="ابن سعد-الهجرة" /> وخرجت جوارٍ من بني النجّار فرحات بقدومه وهنّ يضربن بالدف ينشدن: {{مض|نحن جوار من بني النجار، يا حبّذا محمد من جار}}<ref>مجمع الزوائد، الهيثمي، عن [[أنس بن مالك]]، ج10، ص45.</ref>. وكان أول شيء يتكلم به في المدينة أن قال {{مض|يا أيّها الناس، أفشوا السّلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلّوا والناس نيام وادخلوا [[الجنة]] بسلام}}.<ref name="ابن سعد-الهجرة" /> وبعد أيام وصلت إليه زوجته [[سودة بنت زمعة]]، وبنتاه [[فاطمة بنت محمد|فاطمة]] و[[أم كلثوم بنت محمد|أم كلثوم]]، و[[أسامة بن زيد]]، و[[أم أيمن]]، وخرج معهم [[عبد الله بن أبي بكر]] بعيال أبي بكر، ومنهم [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]]، وبقيت [[زينب بنت محمد|زينب]] عند [[أبو العاص بن الربيع|أبي العاص]]، لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد [[غزوة بدر]]،<ref name="الرحيق-الهجرة">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص127-136.</ref> بعد أن وقع زوجها أسيرًا لدى المسلمين، ثم أُطلق سراحه شرط أن يترك [[زينب بنت محمد|زينب]] تهاجر للمدينة.<ref>نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص91، دار المعرفة، بيروت، ط2004.</ref>

وقد اتّخذ [[عمر بن الخطاب]] من مناسبة الهجرة بداية التاريخ الإسلامي، لكنهم أخّروا ذلك من [[ربيع الأول]] إلى [[المحرم (شهر)|محرم]] لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في [[المحرم (شهر)|محرم]]، إذ كانت بيعة العقبة الثانية في أثناء [[ذي الحجة]]، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال [[المحرم (شهر)|محرم]]، فكان بداية التاريخ الإسلامي والمسمى بالتقويم الهجري.<ref name="الصحيحة-الهجرة"/> بينما يرى [[الشيعة]] أن التاريخ الهجري قد وُضع في زمن محمد، وقد أرّخ به محمد نفسه أكثر من مرة.<ref>الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج4، ص178، دار السيرة، بيروت، ط1995.</ref>

== حياته في المدينة ==
=== تأسيس الدولة الإسلامية ===
{{طالع أيضا|المسجد النبوي|دستور المدينة}}
[[ملف:Prophet Mohammed houses in Madina.jpg|تصغير|يسار|مجسم لما كان عليه بيوت النبي محمد و[[المسجد النبوي]].]]
[[ملف:Al-Masjid al-Nabawi 03.jpg|تصغير|يمين|[[المسجد النبوي]] حديثًا.]]
[[ملف:Masjid al-Qiblatain.jpg|تصغير|يسار|[[مسجد القبلتين]] والذي كان يصلي فيه محمد بأصحابه [[صلاة الظهر]]، لما نزل الأمر بتحويل [[قبلة|القبلة]] من [[المسجد الأقصى]] إلى [[الكعبة]] بعد الركعة الثانية وذلك في سنة [[2 هـ]].<ref>السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص353-354، دار المعرفة، بيروت.</ref>]]
كان أول أمر بدأ به النبي محمد '''بناء المسجد'''، فاختار له المكان الذي بركت فيه ناقته، فاشتراه من غلامين كانا يملكانه بعشرة دنانير أدّاها من مال [[أبي بكر]] بحسب [[أهل السنة]]،<ref name="الأنوار-المدينة">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، [[يوسف النبهاني]]، ص60-61، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> فبُني المسجد وسُقف بجريد النخل، وجُعلت أعمدته خشب [[النخل]]، وفرشت أرضه بالرمال والحصباء،<ref name="الرحيق-المدينة">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص143-148.</ref> وكان محمد ينقل معهم [[طوب|اللبن]] في بناءه، وجُعل له ثلاثة أبواب، وجُعل طوله من القبلة للمؤخرة 100 ذراع، وفي الجانبين مثل ذلك أو دونه، وجُعلت [[قبلة|قبلته]] [[المسجد الأقصى|للمسجد الأقصى]] حتى نزل الأمر بتحويل [[القبلة]] إلى [[الكعبة]] بعد ستة عشر شهرًا من الهجرة ([[2 هـ]])، برغبة من محمد.<ref name="ابن سعد-المدينة">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص238-257، دار صادر، بيروت.</ref> وقد بنى بيوتًا إلى جانبه، وهي حجرات [[أمهات المؤمنين|أزواجه]]، حيث انتقل إليها بعد تكامل البناء من بيت [[أبي أيوب الأنصاري]] بعد أن مكث عنده من شهر [[ربيع الأول]] إلى شهر [[صفر (شهر)|صفر]] [[2 هـ]].<ref name="الروض-المدينة">[[الروض الأنف]]، [[السهيلي]]، ج2، ص338-369.</ref> وبعدما صرفت القبلة إلى [[الكعبة]] بشهر نزل فرض شهر [[رمضان]] في [[شعبان]] على رأس ثمانية عشر شهًرا من الهجرة، وأمر محمد في هذه السنة [[زكاة الفطر|بزكاة الفطر]] وذلك قبل أن تفرض الزكاة في الأموال.<ref name="ابن سعد-المدينة" />

وبعد قدومه بخمسة أشهر،<ref name="الأنوار-المدينة" /> '''آخى بين [[المهاجرين]] و[[الأنصار]]''' في دار [[أنس بن مالك]]، وكانوا 90 رجلًا، نصفهم من [[المهاجرين]]، ونصفهم من [[الأنصار]]، حتى لم يبقَ من [[المهاجرين]] أحد إلا آخي بينه وبين [[الأنصار|أنصاري]].<ref>أنساب الأشراف، [[البلاذري]]، ج1، ص270.</ref> قال محمد لهم {{مض|تآخوا في الله أخوين أخوين}}، ثم أخذ بيد [[علي بن أبي طالب]] وقال {{مض|هذا أخي}}،<ref name="ابن هشام-المؤاخاة">السيرة النبوية، ابن هشام، ج3، ص31-39، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فكان الأنصار يقتسمون أموالهم وبيوتهم مع المهاجرين، وكانوا يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين [[غزوة بدر]]، فرد التوارث إلى ذوي الرحم وبقيت الأخوّة.<ref name="الرحيق-المدينة" /> وذكر [[البلاذري]] أن محمد قد آخى بين [[المهاجرين]] أنفسهم في [[مكة]] قبل الهجرة، وأيّد حدوثها [[الشيعة]]،<ref>الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج3، ص345، دار السيرة، بيروت، ط1995.</ref> بينما رجح [[ابن القيم]] و[[ابن كثير]] من [[أهل السنة]] عدم وقوعها.<ref name="الصحيحة-المدينة">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص240-298، مكتبة العبيكان، ط2005.</ref>

ثم نظّم محمد العلاقات بين سكان [[المدينة المنورة]]، وكتب في ذلك كتابًا اصطلح عليه باسم '''[[دستور المدينة]]''' أو '''الصحيفة'''، واستهدف هذا الكتاب توضيح التزامات جميع الأطراف داخل المدينة من مهاجرين وأنصار و[[يهود]]، وتحديد الحقوق والواجبات،<ref name="الصحيحة-المدينة" /> كما نص على تحالف القبائل المختلفة في حال حدوث هجوم على المدينة.<ref name="دستور المدينة">[http://www.rasoulallah.net/subject2.asp?parent_id=199&sub_id=2145 '''موقع رسول الله:''' دستور المدينة نموذجًا.]</ref> وعاهد فيها [[اليهود]] ووادعهم وأقرّهم على دينهم وأموالهم.<ref name="ابن هشام-المؤاخاة" /> وقد احتوت الوثيقة 52 بندًا، 25 منها خاصة بأمور المسلمين و27 مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولا سيما [[اليهود]] وعبدة الأوثان، لذلك رجح بعض المؤرخين أن تكون في الأصل وثيقتان وليست وثيقة واحدة، كُتبت الأولى (معاهدة اليهود) في سنة [[1 هـ]] قبل [[غزوة بدر]]، والثانية (بين المهاجرين والأنصار خاصة) بعد [[غزوة بدر|بدر]] سنة [[2 هـ]].<ref name="الصحيحة-المدينة" />

=== بداية النزاع العسكري ===
{{مقال تفصيلي|غزوات الرسول محمد|سرايا الرسول محمد}}
منذ بداية وجود المسلمين في [[المدينة المنورة]] نصبت أحبار [[اليهود]] من [[بني قريظة]] و[[بني قينقاع]] و[[بني النضير]] لمحمد العداوة، وانضاف إليهم رجال من [[الأوس والخزرج]] ممن كانوا يُظهرون إسلامهم ويُخفون عكس ذلك، فسُمّوا بالمنافقين،<ref name="الروض-المدينة" /> كان على رأسهم [[عبد الله بن أبي بن سلول]]. وبعد أن استقر المقام بالمسلمين في [[المدينة المنورة]]، أُذن لمحمد بالقتال لأول مرة، فكانت آية {{قرآن مصور|الحج|39}} أول ما نزل في الإذن بالقتال.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن [[عبد الله بن عباس]]، ج3، ص262، وصححه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]].</ref> فبدأ محمد بإرسال البُعوث و[[سرية (وحدة عسكرية)|السرايا]]، وغزا وقاتل هو و[[صحابة|أصحابه]]، فكان عدد [[غزوات الرسول|مغازيه]] التي خرج فيها بنفسه 27 غزوة، قاتل في 9 منها بنفسه،<ref name="ابن سعد-المعارك قبل بدر">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص5-10، دار صادر، بيروت.</ref> وعدد [[سرايا الرسول|سراياه]] 47 سريّة،<ref name="ابن سعد-المعارك قبل بدر" /><ref name="الأنوار-بداية الصراع" /><ref group="معلومة">في السيرة الحلبية، ج3، ص134: «ما كان فيه رسول الله {{ص}} يُقال له غزوة، وما خلا عنه {{ص}} يُقال له سريّة، وربما سمّوا بعض السرايا "غزوة" كما في مؤتة حيث قالوا [[غزوة مؤتة]]. وظاهر كلامهم أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون إرسال ذلك لقتال أو لغير قتال كتجسس الأخبار أو لتعليمهم الشرائع أو للتجارة».</ref> وفي تلك الغزوات كلّها لم يقتل محمدٌ بيده قطّ أحدًا إلا [[أبي بن خلف]].<ref>السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص413، دار المعرفة.</ref>
[[ملف:Battle of Badr2.jpg|تصغير|يمين|رسم [[إمبراطورية فارسية|فارسي]] يصوّر [[غزوة بدر الكبرى]] أبرز الغزوات في العصر النبوي.]]
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله،</br> اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليدًا»<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، عن [[بريدة بن الحصيب]]، رقم: 1731.</ref>|المصدر='' محمد بن عبد الله''}}
كانت أوّل السّرايا، [[سرية حمزة بن عبد المطلب]]،<ref name="السرايا1">السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة، بريك بن محمد العمري، ص78-191، دار ابن الجوزي، ط1996.</ref> في شهر [[رمضان]] على رأس سبعة أشهر من الهجرة، في 30 رجلاً من [[المهاجرين]]، خرجوا يعترضون عيرًا [[قريش|لقريش]] فلم تقع حرب،<ref name="البداية-المعارك قبل بدر">[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير]]، ج3، ص286-308.</ref> ثم [[سرية عبيدة بن الحارث]]، ثم [[سرية سعد بن أبي وقاص]].<ref name="الأنوار-بداية الصراع">[[الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية]]، [[يوسف النبهاني]]، ص61-82، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> ثم في [[صفر (شهر)|صفر]] سنة [[2 هـ]] وعلى رأس اثني عشر شهرًا من الهجرة، خرج النبي محمد في أول غزوة يغزوها بنفسه<ref name="الأنوار-بداية الصراع" /> وهي [[غزوة الأبواء]] أو غزوة ودّان، وحمل لواءه [[حمزة بن عبد المطلب]]، واستخلف على المدينة [[سعد بن عبادة]].<ref name="ابن سعد-المعارك قبل بدر" /> تلتها [[غزوة بواط]]، و[[غزوة العشيرة]] و[[غزوة بدر الأولى]].
{{غزوات الرسول2}}
{{سرايا الرسول2}}
وفي [[17 رمضان]] سنة [[2 هـ]] الموافق [[مارس]] عام [[624]]م، حدثت '''[[غزوة بدر الكبرى]]'''، إذ عزم المسلمون بقيادة محمد، على اعتراض قافلة تجارية قوامها 1000 بعير لقريش يقودها [[أبو سفيان]] بعد أن أفلتت منهم في طريق ذهابها إلى [[بلاد الشام|الشام]].<ref name="الرحيق-بدر">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص156-195.</ref> ففي [[8 رمضان]] أو [[12 رمضان]] خرج محمد ومعه 305 رجل،<ref name="المغازي-بدر" /><ref name="عيون الأثر-بدر">عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، [[ابن سيد الناس]]، ج1، ص321-380، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت، ط1986.</ref> بالإضافة إلى 8 رجال تخلفوا لعذر، فحُسبوا ضمن المشاركين، فكان مجموعهم 313 رجلاً.<ref name="المغازي-بدر" /> وقد خرجوا غير مستعدين لحرب،<ref name="الرحيق-بدر" /> فلم يكن معهم إلا [[حصان|فرس]] أو فرسان، وسبعون من [[الإبل]].<ref name="عيون الأثر-بدر" /> فلمَّا علم بهم أبو سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل وأرسل إلى أهل [[مكة]] يستنفرهم، فخرج 1000 مقاتل،<ref>شرح [[النووي]] على [[صحيح مسلم]]، ج12، ص443.</ref> بقيادة [[أبو جهل|أبي جهل]]، ومعهم 100 من [[حصان|الفرس]]، و[[جمل|جمال]] كثيرة.<ref name="الرحيق-بدر" /> والتقى الجمعان عند ماء بدر يوم الجمعة صبيحة [[17 رمضان]] سنة [[2 هـ]]،<ref name="المغازي-بدر">المغازي، [[الواقدي]]، ج1، ص19-172، عالم الكتب، بيروت.</ref> وكان محمد يحضّ المسلمين على القتال قائلاً {{مض|والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل فيُقتَل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله [[الجنة]]، ومن قتَل قتيلًا فله سَلَبُهُ}}،<ref name="نور اليقين-بدر">نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص82-94، دار المعرفة، بيروت، ط2004.</ref> وقد ورد في [[القرآن]] ما يؤكّد مشاركة [[الملائكة في الإسلام|الملائكة]] في المعركة لصالح المسلمين في آية {{قرآن مصور|الأنفال|9}}. ولم يمض وقت طويل حتى انتصر جيش المسلمين، وكانت حصيلة المعركة أن قُتل من المسلمين 14 شخصًا، وقُتل من المشركين 70 منهم [[أبو جهل]] و[[أمية بن خلف]]، وأُسِر 70 شخصًا،<ref name="نور اليقين-بدر" /> وأسلم من الأسرى 16، وكان يُفادي بهم على قدر أموالهم، ومن لم يكن عنده فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلمهم جزاء حرّيته.<ref name="عيون الأثر-بدر" />
لاحقًا قام محمد بطرد يهود [[بني قينقاع]] في '''[[غزوة بني قينقاع]]'''، إثر قيام أحدهم بكشف عورة إحدى المسلمات في أحد الأسواق، فقام أحد المسلمين فقتله، فتكالب عليه يهود بني قينقاع حتى قتلوه وتحصنوا في حصنهم، فحاصرهم المسلمون يوم السبت [[15 شوال]] سنة [[2 هـ]]، مدة 15 ليلة،<ref>[http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=249&CID=59 السيرة النبوية]، تأليف: [[ابن هشام]]</ref> ثم تركهم محمد بدون أن يقتلهم وأمر بهم أن يخرجوا من [[المدينة المنورة|المدينة]].<ref name="المغازي-قينقاع">المغازي، [[الواقدي]]، ج1، ص176-180، عالم الكتب، بيروت.</ref>
[[ملف:Gabal Uhud.jpg|تصغير|يمين|[[الشق (سيرة نبوية)|الشِّق]] في [[جبل أحد]] الذي احتمى فيه محمد وبعض أصحابه بعد أن أصيبوا في [[غزوة أحد]].]]
سعت قريش للانتقام إثر هزيمتها في [[غزوة بدر]]، فخرجت مع عدد من القبائل في 3000 مقاتل و200 [[حصان|فرس]] و3000 بعير،<ref name="ابن سعد-أحد" /> وقائدهم يومئذٍ [[أبو سفيان بن حرب]]. ولما بلغ خبرهم لمحمد اجتمع بأتباعه واقترح عليهم أن يبقوا بالمدينة ويتحصنوا بها، لكنه سرعان ما قرر الخروج للقتال نزولاً على رأي الشباب. فخرج في 1000 من أصحابه، ثم في الطريق انسحب [[عبد الله بن أبي بن سلول]] بثلث الجيش (وهم ممن يُسمَّون بـ "[[منافقين|المافقين]]").<ref name="ابن هشام-أحد" /> ثم تابع المسلمون سيرهم ونزلوا في موقع بين [[جبل أحد]] و[[جبل عينين]]، وجعل على [[جبل عينين]] (وهو [[جبل الرماة]]) 50 من الرماة بقيادة [[عبد الله بن جبير]] موصيًا لهم أن {{مض|قوموا على مصافّكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، وإن رأيتمونا نُقتَل فلا تنصرونا}}.<ref name="ابن سعد-أحد" /> وبدأت '''[[غزوة أحد]]''' يوم السبت [[7 شوال]] سنة [[3 هـ]]،<ref name="ابن سعد-أحد">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص36-49، دار صادر، بيروت.</ref><ref name="الرحيق-أحد">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص208-263.</ref> واقتتل الفريقان حتى بدت المعركة لصالح المسلمين بهروب [[قريش]]، فظنّ الرماة انتهاء المعركة فترك معظمهم مواقعهم مخالفين أمر محمد، واستغل [[خالد بن الوليد]] هذه الحال، فالتف على الجيش، وتغيّرت موازين المعركة لصالح [[قريش]]، وأوجعوا في المسلمين قتلاً شديدًا، وولّى من وّلى منهم يومئذ، وثبت مع محمد 14 رجلاً من أصحابه فيهم [[أبو بكر]]،<ref name="ابن سعد-أحد" /> بينما يرى [[الشيعة]] أنه لم يثبت معه أحد إلا [[علي بن أبي طالب|عليّ]].<ref>دلائل الصدق لنهج الحق، محمد حسن المظفر، ج2، ص357.</ref> وقد أصيب محمد وقتئذٍ، فكُسرت رباعيته اليمنى السفلى وجُرحت شفته السفلى، وجرح في وجهه فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل يمسح الدم وهو يقول {{مض|كيف يُفلح قومٌ خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربّهم}}<ref>صحيح [[ابن ماجه]]، [[الألباني]]، رقم: 3269.</ref>، ودخلت حلقتان من حِلَق [[خوذة|المغفر]] في وجنته ووقع في حفرة، وضربه "ابن قمئة" [[سيف|بالسيف]] على عاتقه الأيمن، فأُشيع أن محمدًا قد قتل،<ref name="الرحيق-أحد" /> فلما عرف المسلمون بأنه ما زال حيًا نهضوا به نحو [[الشق (سيرة نبوية)|شِقّ]] في [[جبل أحد]] للاحتماء فيه، وحاول أعداؤهم الوصول إليه ففشلوا فأوقفوا القتال مكتفين بانتصارهم هذا. كان من نتيجة المعركة أن قُتل [[حمزة بن عبد المطلب]] على يد [[وحشي بن حرب]]، ومثّلت به [[هند بنت عتبة]] فشقت بطنه عن كبده وجدعت أنفه وأذناه، فسُمي حينها بأسد الله وأسد رسوله.<ref name="ابن هشام-أحد">السيرة النبوية، ابن هشام، ج4، ص5-120، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref>
[[ملف:At Sayyed Al Shouhadaa - Hamza - Madina.jpg|تصغير|يسار|[[جبل أحد]] والذي حدثت عنده [[غزوة أحد]] في سنة [[3 هـ]].]]
ولما كان يوم غد الأحد [[8 شوال]]، أمر محمد أصحابه ممن شارك في [[غزوة أحد]] بالخروج في طلب [[قريش]] في '''[[غزوة حمراء الأسد]]'''، مرهبًا [[قريش]] ليظنّوا به قوة،<ref name="تاريخ الإسلام-حمراء الأسد">تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، [[الذهبي]]، ج2، ص223-228، دار الكتاب العربي، ط1987.</ref> فخرجوا حتى عسركوا في منطقة "حمراء الأسد" وأوقدوا فيها 500 نارًا، وكان [[أبو سفيان]] يوم الأحد أراد الرجوع إلى المدينة ليستأصل بقية المسلمين، فنصحهم [[صفوان بن أمية بن خلف]] بالرجوع إلى [[مكة]] عندما سمع نبأ خروج محمد وأصحابه، فرجعوا، فعاد محمد وأصحابه إلى المدينة يوم الأربعاء بلا قتال.<ref name="ابن هشام-أحد" />

ثم في وقت لاحق في شهر [[ربيع الأول]] سنة [[4 هـ]]،<ref name="المغازي-النضير" /> حدثت '''[[غزوة بني النضير]]''' بعد أن همّ [[يهود]] [[بنو النضير]] بالغدر وقتل محمد، فنقضوا بذلك [[دستور المدينة|الصحيفة]]، فأمهلهم محمد 10 أيام ليغادروا المدينة،<ref name="المغازي-النضير">المغازي، [[الواقدي]]، ج1، ص363-380، عالم الكتب، بيروت.</ref> فرفضوا وتحصنوا بحصن لهم، فحاصرهم محمد 15 يومًا،<ref name="المغازي-النضير" /> وقيل 6 ليال،<ref name="الرحيق-النضير">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص269-270.</ref> ثم أجلاهم عن المدينة وحملوا النساء والصبيان وتحملوا على 600 بعير، فلحقوا [[خيبر (مدينة)|بخيبر]]، وغنم من أموالهم ما تركوه وراءهم.<ref name="ابن سعد-النضير">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص57-58، دار صادر، بيروت.</ref>

=== حصار المدينة ===
{{مقال تفصيلي|غزوة الخندق}}
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب،</br> اللهم اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم»<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عبد الله بن أبي أوفى]]، رقم: 2933.</ref>|المصدر='' محمد بن عبد الله''}}
[[ملف:Al-Ahzab Battle map.jpg|تصغير|يمين|خريطة توضّح [[غزوة الخندق]] ومكان تمركز الفريقين في [[المدينة المنورة]].]]
لما أُجلي [[بنو النضير]]، وساروا إلى [[خيبر (مدينة)|خيبر]]، خرج نفر من وجهائهم فحرّضوا [[قريش|قريشًا]] و[[غطفان]] ودعوهم إلى حرب محمد وعاهدوهم على قتاله، فوافقوهم.<ref name="الروض-الأحزاب" /> وتجهزت [[قريش]] فجمعوا 4000 شخص، ومعهم 300 [[حصان|فرس]]. وانضم إليهم أعدادًا من [[بنو سليم|بني سليم]] و[[بنو أسد بن خزيمة|بني أسد]]، وفزارة، و[[غطفان]]، وبني مرة. فكان جميعهم 10,000 سُمّوا بـ '''الأحزاب'''، وكان قائدهم [[أبو سفيان]]، فكانت ما عُرف بـ '''[[غزوة الخندق]]''' أو '''[[غزوة الأحزاب]]'''،<ref name="تاريخ الإسلام-الأحزاب">تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، الذهبي، ج2، ص283-305، دار الكتاب العربي، ط1987.</ref> وكانت في [[شوال]] سنة [[5 هـ]]<ref name="الصحيحة-الأحزاب">السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج2، ص418-433، مكتبة العلوم والحكم، ط1993.</ref> وقيل في [[ذي القعدة]].<ref name="ابن سعد-الأحزاب">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص65-77، دار صادر، بيروت.</ref> فلما سمع بهم محمد، عسكر بثلاثة آلاف من المسلمين إلى سفح [[جبل سلع]]، وكان شعارهم {{مض|حَم، لَا يُنْصَرُونَ}}،<ref name="ابن هشام-الأحزاب" /> وجعل النساء والأطفال في [[أطم|آطام]] (حصون)، ثم حفر الخندق على المدينة بمشورة [[سلمان الفارسي]]، وكان يعمل فيه بيده، فانتهوا منه بعد 6 أيام.<ref name="ابن سعد-الأحزاب" />
[[ملف:Muhammad Swords.JPG|تصغير|يسار|من الأعلى، "المأثور" و"القضيب" أحد سيوف النبي محمد والمحفوظة في متحف [[الباب العالي]] في [[إسطنبول]].]]
ولما انتهوا من الخندق، أقبلت [[قريش]] ومن معهم من الأحزاب وحاصروا المدينة حصارًا شديدًا،<ref name="ابن هشام-الأحزاب">السيرة النبوية، ابن هشام، ج4، ص170-215، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> وفي أثناء ذلك وافق [[يهود]] [[بني قريظة]] على أن يسمحوا للأحزاب بدخول المدينة من الجزء الخاص بهم بعد أن فاوضهم [[حيي بن الأخطب]] القادم مع الأحزاب، لكن ذلك لم يتم بسبب حيلة استخدمها [[صحابة|الصحابي]] "نعيم بن مسعود الغطفاني" للإيقاء من [[بني قريظة]] والأحزاب.<ref name="تاريخ الإسلام-الأحزاب" /> واشتد الحصار على المسلمين ودبّ فيهم الخوف والرعب، فنزلت آيات من [[سورة الأحزاب]] تصف ما حدث {{قرآن مصور|الأحزاب|9|10}}.<ref>[[سورة الأحزاب]]، آية: 9-11.</ref> وأقام المسلمون والأحزاب 24 ليلة لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصار.<ref name="ابن سعد-الأحزاب" /> حتى جاءت ريح شديدة لمعسكر الأحزاب، فارتحلوا على إثراها. كان من نتيجة هذا الحصار أن قُتل 8 من المسلمين، و4 من الأحزاب.<ref name="الصحيحة-الأحزاب" /> ولما انصرف الأحزاب عن [[المدينة المنورة|المدينة]]، قال محمد لأصحابه: {{مض|لن تغزوكم [[قريش]] بعد عامكم هذا، ولكنكم تغزونهم}}،<ref>[[تفسير ابن كثير|تفسير القرآن العظيم]]، [[ابن كثير]]، ج6، ص396.</ref> فلم تغزهم [[قريش]] بعد ذلك، وكان هو الذي يغزوها، وذلك حتى [[فتح مكة]].<ref name="الروض-الأحزاب">[[الروض الأنف]]، [[السهيلي]]، ج3، ص415-458.</ref>

بعد انتهاء المعركة، رجعت [[بنو قريظة]] فتحصنوا بحصونهم، ووضع محمد السلاح. فجاءه [[جبريل]] في صورة [[دحية الكلبي]] فقال: {{مض|أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟}} قال {{مض|نعم}} فقال [[جبريل]] {{مض|فما وضعت [[الملائكة في الإسلام|الملائكة]] السلاح بعد وما رجعت الآن إلا من طلب القوم. إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى [[بني قريظة]] فإنّي عامد إليهم فمزلزل بهم}} فأمر محمد أصحابه بالرحيل إليهم [[7 ذو القعدة]] [[5 هـ]]،<ref name="المغازي-قريظة">المغازي، [[الواقدي]]، ج2، ص496-521، عالم الكتب، بيروت.</ref> فكانت '''[[غزوة بني قريظة]]'''، فحاصرهم المسلمون وهم يومئذ 3000،<ref name="الرحيق-قريظة">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص279-281.</ref> 25 ليلة حتى أتعبهم الحصار. فأعلن بنو قريظة استسلامهم، فقام محمد بتحكيم [[سعد بن معاذ]] فيهم فحكم بقتلهم وتفريق نسائهم وأبنائهم عبيدًا بين المسلمين، فقال محمد {{مض|لقد حكمتَ فيهم بحكم الله}}.<ref>[[فتح الباري شرح صحيح البخاري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج7، ص476.</ref> فأمر محمد بتنفيذ الحكم وتم إعدام ما بين 700 إلى 900 شخص.

=== صلح الحديبية ===
{{مقال تفصيلي|صلح الحديبية|غزوة خيبر|غزوة مؤتة|رسائل النبي محمد}}
{{صندوق اقتباس|اقتباس=لما كتبوا الكتاب (الصلح)، كتبوا: «هذا ما قاضى عليه</br> محمد رسول الله»، فقال سهيل: «لا نقرّ لك بهذا، لو</br> نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئًا، ولكن أنت محمد</br> بن عبد الله». فقال: «أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد</br> الله». ثم قال [[علي بن أبي طالب|لعلي بن أبي طالب]]: «امحُ رسول الله».</br> قال علي: «لا والله لا أمحوك أبدًا»، فأخذ رسول الله</br> {{ص}} الكتاب، وليس يحسن يكتب، فكتب: «هذا ما</br> قاضى عليه محمد بن عبد الله».<ref>رواه [[البخاري]]، في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[البراء بن عازب]]، رقم: 4251.</ref></br></br>وقد استنبط علماء [[الشافعية]] و[[الحنفية]] وبعض [[المالكية]]</br> من قول [[علي بن أبي طالب|علي]] أنّ '''الأدب مقدّم على الاتباع'''،<ref>[http://www.dar-alifta.org/ViewFatwa.aspx?ID=3689&LangID=1 '''دار الإفتاء المصرية:''' السيادة لرسول الله في الأذان والتشهد في الصلاة] تاريخ الوصول [[1 يوليو]] [[2011]].</ref> قال</br> [[الشوكاني]] «فتقريره {{ص}} له على الامتناع من امتثال الأمر</br> تأدبًا مُشعِر بأولويته».|المصدر='' [http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=665&idto=666&bk_no=47&ID=287 نيل الأوطار - الشوكاني]''}}
[[ملف:Muhammad letter muqawqis.jpg|تصغير|يمين|قطعة أثرية لرسالة النبي محمد إلى [[المقوقس]] حاكم [[مصر]] يدعوه إلى [[الإسلام]]، أحد نتائج [[صلح الحديبية]]، وهي محفوظة في متحف [[الباب العالي]] في [[إسطنبول]].]]
في شهر [[ذي القعدة]] سنة [[6 هـ]] الموافق [[628]] م، أمر محمد أتباعه باتخاذ الاستعدادات لأداء مناسك [[عمرة|العمرة]] في [[مكة]]، بعد أن رأى في منامه أنه دخل هو وأصحابه [[المسجد الحرام]]، وطافوا واعتمروا. واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، فخرج منها يوم الإثنين غرّة [[ذي القعدة]] سنة [[6 هـ]]، في 1400 أو 1500،<ref name="ابن سعد-الحديبية">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص95-105، دار صادر، بيروت.</ref> ولم يخرج بسلاح، إلا سلاح المسافر ([[سيف|السيوف]] في القُرُب)، وساق معه [[الفدي والهدي|الهدي]] 70 بدنة.<ref name="ابن هشام-الحديبية">السيرة النبوية، [[ابن هشام]]، ج4، ص275-296، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref><ref group="معلومة">في [http://www.baheth.info/all.jsp?term=%D8%A8%D8%AF%D9%86%D8%A9 لسان العرب] «البَدْنةُ: ناقة أو بقرة تُنْحَرُ بمكة، سُميت بذلك لأَنهم كانوا يُسمِّنونها».</ref> ولمّا علمت [[قريش]] بذلك، قررت منعه عن [[الكعبة]]، فأرسلوا 200 فارس بقيادة [[خالد بن الوليد]] للطريق الرئيسي إلى [[مكة]]. لكنَّ محمدًا اتخذ طريقًا أكثر صعوبة لتفادي مواجهتهم،<ref name="ابن حزم-الحديبية" /> حتى وصل إلى [[الحديبية]] على بعد 9 أميال من [[مكة]]،<ref name="ابن سعد-الحديبية" /> فجاءه نفر من [[خزاعة]] ناصحين له، فقال لهم محمد {{مض|إنّا لم نجيء لقتال أحد، ولكنا جئنا [[عمرة|معتمرين]]، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب وأضرّت بهم، فإن شاءوا ماددتهم، ويخلّوا بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جَمُّوا، وإن هم أبَوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذنّ الله أمره}}.<ref name="البخاري-الحديبية">[[صحيح البخاري]]، [[البخاري]]، عن [[المسور بن مخرمة]]، رقم: 2731.</ref> فعادوا إلى [[قريش]] موصلين تلك الرسالة، فبعثت [[قريش]] [[عروة بن مسعود الثقفي]]، ليفاوض المسلمين، فأعاد محمد عليه نفس العرض، فعاد لمكة قائلاً:<ref name="البخاري-الحديبية" />
{{اقتباس خاص|والله ما رأيتُ ملكًا يعظّمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله ما تَنَخَّمَ نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيمًا له، وقد عرض عليكم خطة رُشْدٍ فاقبلوها}}
[[ملف:ختم النبي محمد.gif|تصغير|يسار|الختم الذي كان يختم به النبي محمد رسائله للملوك، لما قيل له «يا رسول الله، إن الملوك لا يقرأون كتابًا إلا مختومًا» فاتخذ من يومئذ خاتمًا من [[فضة]]، نقشه ثلاثة أسطر "محمد رسول الله".<ref name="ابن سعد-كتب">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج1، ص258-290، دار صادر، بيروت.</ref>]]
ثم أرسل محمد [[عثمان بن عفان]] إلى [[قريش]] ليفاوضهم، فتأخر في [[مكة]] حتى سرت إشاعة أنه قد قُتل.<ref name="ابن حزم-الحديبية" /> فقرر محمد أخذ البيعة من المسلمين على أن لا يفرّوا، فيما عرف [[بيعة الرضوان|ببيعة الرضوان]]، فلم يتخلّف عن هذه البيعة أحد إلا [[جد بن قيس]]،<ref name="ابن هشام-الحديبية" /> ونزلت آيات من [[القرآن]] {{قرآن مصور|الفتح|18}}. خلال هذا وصلت أنباء عن سلامة عثمان، وأرسلت [[قريش]] [[سهيل بن عمرو]] لتوقيع اتفاق مصالحة عرف [[صلح الحديبية|بصلح الحديبية]]، ونصّت بنوده على عدم أداء المسلمين للعمرة ذلك العام على أن يعودوا لأدائها العام التالي، كما نصّت على أن يرد المسلمون أي شخص يذهب إليهم من [[مكة]] بدون إذن، في حين لا ترد [[قريش]] من يذهب إليهم من المدينة. واتفقوا أن تسري هذه المعاهدة لمدة 10 سنوات، وبإمكان أي قبيلة أخرى الدخول في حلف أحد الطرفين لتسري عليهم المعاهدة.<ref name="ابن سعد-الحديبية" /> فلما فرغوا من الكتاب انطلق سهيل وأصحابه، عمّ المسلمين الحزن الشديد بسبب بنود الصلح، وعدم تمكنهم من أداء العمرة، فقال لهم محمد {{مض|قوموا فانحروا}} ثلاثًا فما قام منهم أحد، ثم قام محمد ولم يكلّم أحدًا منهم حتى نحر بُدْنَه، ودعا [[خراش بن أمية]] فحلق له رأسه،<ref name="ابن حزم-الحديبية">جوامع السيرة، [[ابن حزم]]، ص207-211، دار المعارف، [[مصر]]، ط1900.</ref> فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا.<ref name="البخاري-الحديبية" /> وأقاموا بالحديبية بضعة عشر يومًا ويقال عشرين يومًا، ثم انصرفوا.

كان من نتائج الصلح أن بعث محمد رسائل إلى العديد من الملوك في العالم، داعيًا إياهم إلى اعتناق [[الإسلام]]، واختار من أصحابه رسلاً لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك في شهر [[ذو الحجة|ذي الحجة]] سنة [[6 هـ]]،<ref name="ابن سعد-كتب" /> وقيل بل في بداية شهر [[المحرم (شهر)|المحرم]] سنة [[7 هـ]] قبل [[غزوة خيبر]] بأيام.<ref name="الرحيق-كتب">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص313-324.</ref> فكان أول رسول عمرو بن أمية الضمري إلى [[أصحمة النجاشي|النجاشي]] ملك [[الحبشة]]، فلما وصله الكتاب، وضعه على عينيه ونزل من سريره فجلس على الأرض تواضعًا، [[الإسلام|فأسلم]] على يد [[جعفر بن أبي طالب]] وقال {{مض|لو كنت أستطيع أن آتيه لأتيته}}.<ref name="تاريخ دمشق-كتب">تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل، أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله، ج45، ص45، دار الفكر، بيروت، ط1995.</ref> وأرسل [[دحية الكلبي]] إلى [[قيصر]] ([[هرقل]]) ملك [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]]، و[[عبد الله بن حذافة]] إلى كسرى ملك [[الإمبراطورية الفارسية|فارس]]، فلما وصله الكتاب مزّقه، فقال في ذلك محمد {{مض|اللهم مزّق مُلكَه}}. وأرسل [[حاطب بن أبي بلتعة]] إلى [[المقوقس]] ملك [[مصر]]، فلما وصله الكتاب بعث لمحمد كهدية جاريتين هما '''[[مارية القبطية]]''' (والتي أخذها لنفسه فولدت له [[إبراهيم بن محمد|إبراهيم]])، وأختها [[سيرين بنت شمعون]] (والتي أعطاها [[حسان بن ثابت|لحسان بن ثابت]]) و[[بغلة]] (دُلدُل)، ولكن [[المقوقس]] لم [[إسلام|يُسلِم]]. وأرسل شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني، وأرسل سليط بن عمرو العامري إلى [[هوذة بن علي الحنفي]] ملك [[اليمامة (إقليم)|اليمامة]]. وبعث آخرين إلى ملوك عدة غيرهم.<ref name="ابن سعد-كتب" />

=== غزوتا خيبر ومؤتة ===
{{مقال تفصيلي|غزوة خيبر|غزوة مؤتة}}
[[ملف:Jafar grave.jpg|تصغير|يسار|مرقد [[جعفر بن أبي طالب]] في [[الكرك]] جنوب [[الأردن]]، كان آخر كلامه قبل موته في [[غزوة مؤتة]] {{مض|يا حبّذا [[جنة|الجنّة]] واقترابها ** طيّبة وبارد شرابها ** و[[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] روم قد دنا عذابها ** كافرة بعيدة أنسابها ** عليّ إن لاقيتها ضرابها}}.<ref name="ابن كثير-مؤتة">السيرة النبوية، [[ابن كثير]]، ج3، ص455-480.</ref>]]
[[ملف:Muta-battle-place.jpg|تصغير|يمين|بقايا لآثار بُنيت على الأرض التي حدثت عليها [[غزوة مؤتة]]، موجودة حاليًا في [[الكرك]] جنوب [[الأردن]].]]
بعدما أمن محمد قريشًا بعد [[صلح الحديبية|الحديبية]]، أراد أن يحاسب [[اليهود]] لتحريضهم القبائل في [[غزوة الأحزاب]]،<ref name="الرحيق-خيبر">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص325-354.</ref> فخرج في شهر [[المحرم (شهر)|محرم]] [[7 هـ]]<ref name="ابن حبان-خيبر">السيرة النبوية، ابن حبان، ص300.</ref> في '''[[غزوة خيبر]]'''، بشكل سريّ مباغتةً لليهود، وكان معه 1500 مقاتل هم أصحاب [[بيعة الرضوان]]، وأعطى الراية إلى [[علي بن أبي طالب]]،<ref name="ابن حزم-خيبر">جوامع السيرة، [[ابن حزم]]، ص211-218، دار المعارف، ط1900.</ref> وشعارهم يومئذ {{مض|يا منصُور أمِت أمِت}}.<ref name="ابن هشام-خيبر" /> فلما علم أهل [[خيبر (مدينة)|خيبر]]، أرسلوا إلى [[غطفان]] يستمدونهم مقابل نصف ثمار [[خيبر (مدينة)|خيبر]] إن هم غلبوا المسلمين.<ref name="الرحيق-خيبر" /> فلما وصل المسلمون قريبًا من [[خيبر (مدينة)|خيبر]] ليلاً باتوا ليلتهم ولا تشعر بهم [[اليهود]]، حتى إذا أصبحوا وركبوا رأوهم عمال خيبر، فهربوا وتحصنوا [[حصن|بحصون]] لهم، فقال محمد {{مض|الله أكبر، خربت [[خيبر (مدينة)|خيبر]]، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم، فسَاء صباح المنذَرين}}.<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 371.</ref> وبدأ المسلمون يفتحون [[حصن|حصونهم]] حصنًا حصنًا، يأخدون منهم سبايا، فكان منهنّ [[صفية بنت حيي بن أخطب]] والتي أسلمت وتزوجها محمد فيما بعد.<ref name="ابن هشام-خيبر">السيرة النبوية، [[ابن هشام]]، ج4، ص297-331، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> وكان آخر الحصون فتحًا "الوطيح" و"السلالم"، فحاصرها المسلمون بضع عشرة ليلة، حتى انتصروا. وكان محمد يريد أن يجلي [[اليهود]] من [[خيبر (مدينة)|خيبر]]، لكن محمد اتفق معهم على أن يعطوه نصف محصولهم كل عام على أن يبقيهم في أراضيهم.<ref name="الرحيق-خيبر" /> ولما رجع محمد من [[خيبر (مدينة)|خيبر]]، قدم [[جعفر بن أبي طالب]] ومن معه من أرض [[الحبشة]] وهم آخر من كانوا هناك، فتلقّاه محمد فرحًا وقال {{مض|ما أدري أنا بفتح خيبر أفرح أم بقدوم [[جعفر بن أبي طالب|جعفر]]}}.<ref>[[تخريج مشكاة المصابيح]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، عن [[جعفر بن أبي طالب]]، ج4، ص331.</ref> بعد ذلك أقام محمد بالمدينة 8 أشهر، ثم خرج في [[ذي القعدة]] [[7 هـ]]، قاصدًا للعمرة، فكانت "[[عمرة القضاء]]"، على ما اتفق عليه مع قريشًا في [[صلح الحديبية]]. فأتم عمرته، وتزوج هنالك [[ميمونة بنت الحارث]]، خالة [[ابن عباس]] و[[خالد بن الوليد]].<ref name="ابن حزم-خيبر">جوامع السيرة، [[ابن حزم]]، ص219، دار المعارف، ط1900.</ref>

ثم في [[جمادي الأولى]] سنة [[8 هـ]]، كانت '''[[غزوة مؤتة]]''' في جنوب [[الأردن]]، كان سببها قتل [[غساسنة|الغساسنة]] لرسول النبي محمد [[الحارث بن عمير الأزدي]] الذي أرسله بكتاب إلى ملك [[بصرى]] يدعوه إلى [[الإسلام]]،<ref name="ابن كثير-مؤتة" /> فأرسل محمد جيشًا قوامه 3000 مقاتل قائلاً بقيادة [[زيد بن حارثة]] يليه [[جعفر بن أبي طالب]] إن قُتل، ثم [[عبد الله بن رواحة]] إن قُتل الأوّلان،<ref>رواه الهيثمي في محمع الزوائد، عن عبد الله بن جعفر، ج6، ص159.</ref> وكان في مقابلهم جيش [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] بقيادة [[هرقل]] قوامه 100,000 مقاتل. فالتقى الجيشان، فقُتل قادة المسلمين الثلاثة، ثم استلم القيادة [[خالد بن الوليد]]، واستطاع بحيلة منه أن ينسحب بجيش المسلمين عائدًا إلى [[المدينة المنورة]]، فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين جعلوا يحثون في وجوههم التراب ويقولون {{مض|يا فُرّار، أفَرَرتم في سبيل الله؟}} فيقول محمد {{مض|ليسوا بُفرّار، ولكنهم كُرّار إن شاء الله}}.<ref name="ابن سعد-مؤتة">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص128-130، دار صادر، بيروت.</ref>

=== فتح مكة ===
{{مقال تفصيلي|فتح مكة}}
كان من نتائج [[صلح الحديبية]] أن دخلت قبيلة [[خزاعة]] في حلف محمد، و[[بكر بن وائل|بنو بكر]] في حلف [[قريش]]،<ref name="ابن سعد-الحديبية" /> وكان بين بني بكر و[[خزاعة]] حروب وقتلى في الجاهلية، فتشاغلوا عن ذلك لما ظهر [[الإسلام]]،<ref name="فتح الباري-فتح مكة" /> فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرًا،<ref name="الخصائص الكبرى-فتح مكة" /> ثم أغارت بنو بكر على [[خزاعة]] على ماء لهم يقال له "الوتير" ليلاً، فقتلوا منهم أناس، وأمدت [[قريش]] بني بكر بالسّلاح وقاتل بعضهم معهم.<ref name="الخصائص الكبرى-فتح مكة">الخصائص الكبرى، [[جلال الدين السيوطي]]، ج1، ص439-447، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1985.</ref> فلما انقضت الحرب خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على محمد وهو جالس في [[المسجد النبوي|المسجد]] فقال:<ref name="فتح الباري-فتح مكة" />
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«إنّ [[مكة]] حرّمها الله ولم يحرّمها الناس، لا يحلّ لامرئ</br>يؤمن الله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد</br> بها شجرًا، فإن أحد ترخّص لقتال رسول الله فيها،</br> فقولوا له: إنّ الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي</br> فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها</br> بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب»<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن أبي شريح العدوي، رقم: 4295.</ref>|المصدر='' محمد بن عبد الله''}}
{{قصيدة|'''يَـا رَبّ إنّي نَاشِدٌ مُحَمّدًا'''|'''حِلفَ أبِينَا وأبِيهِ الأتْلَدَا'''}}
{{قصيدة|'''قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنّا وَالِدًا'''<ref group="معلومة">في [[الروض الأنف]]، [[السهيلي|للسهيلي]]، ج4، ص146: «يريد أن بني [[عبد مناف بن قصي]] أمّهم من [[خزاعة]]، وكذلك [[قصي بن كلاب]] أمّه "فاطمة بنت سعد الخزاعية" و"الوُلْد" بمعنى الوَلَد».</ref>|'''ثُمّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا'''}}
{{قصيدة|'''فَانْصُرْ هَدَاك اللّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا'''|'''وَادْعُ عِبَادَ اللّهِ يَأْتُوا مَدَدَا'''}}
{{قصيدة|'''إنّ [[قريش|قُرَيْشًا]] أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا'''|'''وَنَقَضُوا [[صلح الحديبية|مِيثَاقَك الْمُوَكّدَا]]'''}}
{{قصيدة|'''هُمْ بَيّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجّدًا'''|'''وَقَتَلُونَا رُكّعًا وَسُجّدَا'''}}
{{قصيدة|'''وزَعَمُوا أنْ لَستُ أَدعُو أَحَدًا'''|'''وَهُـم أَذَلُّ وَأَقَـلُّ عَـدَدًا'''}}
فقال له محمد {{مض|نُصِرتَ يا عمرو}}،<ref name="فتح الباري-فتح مكة">[[فتح الباري شرح صحيح البخاري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج7، ص592.</ref> ثم جاء [[أبو سفيان بن حرب]] قادمًا من [[مكة]] يريد تجديد [[صلح الحديبية|الصلح]]، فُقوبل بالرفض. ثم أمر محمد بتجهيز الجيش والتحرك نحو [[مكة]] وهو يكتم ذلك حتى يبغت قريشًا،<ref name="الروض-فتح مكة">[[الروض الأنف]]، [[السهيلي]]، ج4، ص140-203.</ref> واستنفر الأعراب والقبائل المسلمة، فخرج في 10,000 مقاتل يوم [[10 رمضان]] [[9 هـ]]،<ref name="الرحيق-فتح مكة" /> والناس يومئذ [[صوم (إسلام)|صائمون]]. ولما كان [[الجحفة|بالجحفة]] لقيه عمه [[العباس بن عبد المطلب]]، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلمًا مهاجرًا، ثم لما كان [[الأبواء|بالأبواء]] لقيه ابن عمه [[أبو سفيان بن الحارث]] وابن عمته عبد الله بن أبي أمية فأسلما، ثم عسكر بالجيش في [[مر الظهران]] وأُوقدت 10,000 نار، فجاء [[أبو سفيان بن حرب]] يتحسس، فلقيه [[العباس بن عبد المطلب]] وجاء به إلى محمد فأسلم أبو سفيان.<ref name="الروض-فتح مكة" /> وفي يوم الثلاثاء [[17 رمضان]] سنة [[8 هـ]]،<ref name="الرحيق-فتح مكة">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص372-394.</ref> تابع الجيش مسيره إلى [[مكة]]. في أثناء ذلك مرّ [[سعد بن معاذ]] [[أبو سفيان بن حرب|بأبي سفيان]] قائلاً: {{مض|اليوم يوم الملحمة، اليوم تُسْتَحَلُّ [[الكعبة]]}} فلما بلغ ذلك القول محمدًا قال {{مض|كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه [[الكعبة]]، يوم تُكسَى فيه [[الكعبة]]}}.<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عروة بن الزبير]]، رقم: 4280.</ref>
[[ملف:Kaaba (1910)-2.jpg|تصغير|200بك|يسار|[[الكعبة]] في عام [[1910]]م، والتي كان حولها 360 [[صنم|صنمًا]] هدمها محمد في [[فتح مكة]] وهو يتلو آيات من [[القرآن]] {{قرآن|جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}}.]]
[[ملف:Bilal.jpg|تصغير|يمين|200بك|رسم [[إمبراطورية فارسية|فارسي]] [[بلال بن رباح|لبلال بن رباح]] وهو [[أذان|يؤذن]] من على سطح [[الكعبة]] بعد [[فتح مكة]] عام [[8 هـ]].]]
ثم رجع [[أبو سفيان]] إلى [[مكة]] وجعل ينادي بكلمات أعطاها له محمد {{مض|من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! ومن أغلق عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن}}.<ref>السيرة النبوية، [[ابن حبان]]، ص315.</ref> ثم دخل الجيش [[مكة]] موزعين، فدخلها [[خالد بن الوليد]] ومن معه من أسفلها، ودخلها [[الزبير بن العوام]] ومن معه من أعلاها، ودخلها [[أبو عبيدة بن الجراح]] من بطن الوادي.<ref name="الرحيق-فتح مكة" /> وأمرهم أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم،<ref name="عيون الأثر-فتح مكة">عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، ابن سيد الناس، ج2، ص194، مؤسسة عز الدين، بيروت، ط1986.</ref> وأهدر يومئذ دماء تسعة نفر، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار [[الكعبة]]،<ref group="معلومة">في زاد المعاد، [[ابن القيم|لابن القيم]]، ج3، ص361: «وهم عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، و[[عكرمة بن أبي جهل]]، والحارث بن نفيل بن وهب، ومقيس بن صبابة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن الأخطل، كانت تغنيان بهجو النبي {{ص}}، وسارة مولاة لبعض بني [[عبد المطلب]]».</ref><ref>دلائل النبوة، [[البيهقي]]، ج5، ص84، رقم: 1792.</ref> فلم يحصل قتال إلا ما كان من [[خالد بن الوليد]] ومن معه فقد قتلوا 12 رجلاً.<ref name="الرحيق-فتح مكة" /> ثم وصل الجيش [[الكعبة]]، فدخلوا [[المسجد الحرام|المسجد]]، فأقبل محمد إلى [[حجر أسود|الحجر الأسود]]، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحول البيت 360 [[صنم|صنمًا]]، فجعل يطعنها بالقوس ويقول {{قرآن|جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}}<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عبد الله بن مسعود]]، رقم: 4720.</ref> و[[صنم|الأصنام]] تتساقط على وجوهها.<ref name="الخصائص الكبرى-فتح مكة" /> ثم خاطب [[قريش|قريشًا]] فقال {{مض| يا معشر [[قريش]] ما ترون أني فاعل بكم؟}} قالوا {{مض|خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم}}، فقال {{مض|فإني أقول كما قال أخي [[يوسف]]: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطُلَقَاء}}.<ref name="الحلبية-فتح مكة">السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج3، ص49، دار المعرفة.</ref>
ثم أتى جبل الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه، و[[الأنصار]] تحته يقول بعضهم لبعض {{مض|أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته}}. فجاءه [[وحي|الوحي]] بما يقولون، فقال {{مض|يا معشر [[الأنصار]]، قلتم "أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته"؟}} قالوا: {{مض|قلنا ذلك يا رسول الله}} قال {{مض|فما اسمى إذن، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم}} فأقبل إليه [[الأنصار]] يبكون.<ref name="عيون الأثر-فتح مكة" />

=== الصراع مع القبائل العربية ===
{{مقال تفصيلي|غزوة حنين|غزوة الطائف|غزوة تبوك|عام الوفود}}
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«كُنّا إذا حمي البَأس، ولقي القوم القوم،</br> اتّقينا برسول الله {{ص}}، فما يكون أحد</br> أقرب إلى العدوّ منه»<ref>[[إحياء علوم الدين]]، [[أبو حامد الغزالي]]، ج4، ص476، وصححه [[عبد الرحيم العراقي]].</ref>|المصدر='' [[علي بن أبي طالب]]''}}
بعد وقت قصير من [[فتح مكة]]، تحالفت قبائل [[هوزان]] و[[ثقيف]] وبعضٌ من [[بنو هلال (أفريقيا)|بني هلال]]،<ref name="المغازي-حنين">المغازي، [[الواقدي]]، ج3، ص885-921، عالم الكتب، بيروت.</ref> وعزموا أمرهم على حرب المسلمين، فخرجوا ومعهم أموالهم وعيالهم ونساؤهم، ما يجعلهم يقاتلون حتى الموت.<ref name="عيون الأثر-حنين">عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، [[ابن سيد الناس]]، ج2، ص213-228، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت، ط1986.</ref> فلما سمع بهم محمد وهو في [[مكة]] خرج في '''[[غزوة حنين]]''' يوم السبت [[6 شوال]] سنة [[8 هـ]]،<ref name="المغازي-حنين" /> وكان ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله [[مكة]]،<ref name="الرحيق-حنين">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص397-407.</ref> وخرج معه 12,000 مقاتل،<ref name="ابن هشام-حنين">السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص104-129، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فأصاب بعضهم العُجب لكثرة الجيش فقالوا {{مض|لن نُغلَب اليوم من قِلّة}}.<ref>مختصر البزار، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج2، ص45.</ref> ولما وصل المسلمون "وادي حُنين" بغتتهم [[هوزان]] وهاجموهم بفخّ كانوا قد نصبوه لهم،<ref name="عيون الأثر-حنين" /> فهرب المسلمون وثبت محمد ونفر من [[المهاجرين]] وأهل بيته،<ref name="ابن هشام-حنين" /><ref group="معلومة">في سيرة ابن هشام، ج5، ص111: «فيمن لبث معه من [[المهاجرين]]: [[أبو بكر]] و[[عمر بن الخطاب|عمر]]. ومن أهل بيته: [[علي بن أبي طالب]] و[[العباس بن عبد المطلب|العباس]] و[[أبو سفيان بن الحارث]] وابنه و[[الفضل بن العباس]] وربيعة بن الحارث و[[أسامة بن زيد]] وأيمن ابن [[أم أيمن]] وقُتل يومئذ».</ref> فجعل محمد ينادي {{مض|'''أنا النَّبيُّ لا كذب، أنا ابنُ عبدِ المُطَّلب'''}}،<ref>رواه [[البخاري]]، في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[البراء بن عازب]]، رقم: 2874.</ref> فعطف المسلمون عليه راجعين بسيوفهم ورماحهم، ثم أخذ حصيات فرمى بهن وجوه [[هوزان]]، ثم قال {{مض|انهزموا وربَّ مُحمّد!}}،<ref>رواه [[البخاري]]، في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[العباس بن عبد المطلب]]، رقم: 1775.</ref> ثم انهزمت [[هوزان]] و[[ثقيف]] وهرب معظمهم إلى [[الطائف]].<ref name="الرحيق-حنين" /> وأُنزل من [[القرآن]] {{قرآن مصور|التوبة|25|26}}.
[[ملف:اسم-عثمان-بن-عفان.gif|تصغير|يمين|أنفق [[عثمان بن عفان]] في تجهيز "جيش العسرة" نفقة لم ينفق أحد مثلها،<ref name="ابن هشام-تبوك" /> بلغت 900 بعير و100 فرس و1000 دينار،<ref name="الرحيق-تبوك" /> حتى قال عنه محمد {{مض|اللهم ارضَ عن عثمان، فإنّي عنه راض}}.<ref>رواه [[الترمذي]] في [[سنن الترمذي|سننه]] عن [[عبد الرحمن بن سمرة]]، رقم: 3701.</ref>]]
بعد أن فرغ محمد من [[غزوة حنين]]، وفي الشهر نفسه،<ref name="الروض-الطائف" /> توجّه إلى [[الطائف]] مطاردًا [[هوزان]] و[[ثقيف]] بعد أن تحصنوا فيها، فكانت '''[[غزوة الطائف]]'''، فحاصرتهم الجيوش الإسلامية 40 يومًا،<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]]، في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 1059.</ref> فاستعصوا وتمنعوا، وقتلوا جماعة من المسلمين بالنبل وغيره. فلما طال الحصار قال محمد {{مض|لم يُؤذَن لنا حتى الآن فيهم، وما أظن أن نفتحها الآن}}،<ref name="الخصائص-الطائف">الخصائص الكبرى، [[السيوطي]]، ص453-454، دار الكتب العلمية، بيروت.</ref> وأمر الناس بالرجوع وفكّ الحصار،<ref name="الفصول-الطائف">الفصول في سيرة الرسول {{ص}}، [[ابن كثير]]، ص84-85.</ref> حتى وصلوا "الجعرانة"، فأتاه وفد [[هوازن]] هنالك مسلمين.<ref name="الروض-الطائف">[[الروض الأنف]]، [[السهيلي]]، ج4، ص248-276.</ref>

في [[رجب]] سنة [[9 هـ]]،<ref name="المغازي-تبوك" /> حدثت '''[[غزوة تبوك]]''' آخر غزوات محمد،<ref>دلائل النبوة، [[البيهقي]]، ج5، ص362، رقم: 2028.</ref> بعد أن وصلت أخبار من بلاد [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] تفيد أنَّ ملك الروم وحلفاءه من [[العرب]] من [[لخم]] و[[جذام (قبائل)|جذام]] و[[غسان]] وعاملة،<ref name="ابن سعد-تبوك">الطبقات الكبرى، [[ابن سعد البغدادي]]، ج2، ص165-167، دار صادر، بيروت.</ref> قد هيؤوا جيشًا لمهاجمة [[الدولة الإسلامية]].<ref name="ابن هشام-تبوك">السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص195-221، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref>، فحثّ الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا بسبب الحرّ الشديد والسفر البعيد،<ref name="المغازي-تبوك">المغازي، [[الواقدي]]، ج3، ص989-1075، عالم الكتب، بيروت.</ref> وأرسل إلى [[القبائل العربية]] يستنفرهم على قتال [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]]، فخرج في 30,000 مقاتل،<ref name="السيوطي-تبوك">الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء، [[السيوطي]]، ص46، دار الحديث، [[القاهرة]]، ط1988.</ref> تصحبهم 10,000 فرس، واستخلف [[محمد بن مسلمة]] على [[المدينة المنورة]]،<ref name="ابن سعد-تبوك" /> وتخلف عدد من المسلمين بلا عذر منهم [[كعب بن مالك]] وهلال بن ربيع ومرارة بن الربيع وأبو خيثمة السالمي و[[أبو ذر الغفاري]] (وقد لحق به أبو ذر وأبو خيثمة لاحقًا)،<ref name="غزوات الرسول-تبوك" /> وقطعوا آلاف الأميال عانوا خلالها العطش والجوع والحرّ وقلّة وسائل الركوب،<ref name="غزوات الرسول-تبوك" /> قسُميت لذلك "غزوة العُسرة"، والجيش بـ "جيش العُسرة".<ref name="ابن هشام-تبوك" /> فلما وصل [[تبوك]]، أقام فيها 20 ليلةً،<ref name="غزوات الرسول-تبوك">غزوات الرسول وسراياه، ابن سعد، ص80-82.</ref> فلما سمع [[الإمبراطورية الرومانية|الرومان]] وحلفاؤهم بزحف الجيوش الإسلامية أخذهم الرعب، وتفرقوا في البلاد في داخل حدودهم،<ref name="الرحيق-تبوك">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص417-430.</ref> ثم انصرف جيش المسلمين من تبوك بلا قتال، وقدم [[المدينة المنورة]] في شهر [[رمضان]] سنة [[9 هـ]]،<ref name="المغازي-تبوك" /> وجعل المسلمون يبيعون أسلحتهم ويقولون {{مض|قد انقطع [[الجهاد]]}}، فبلغ ذلك محمد فنهاهم وقال {{مض|لا تزال عصابةٌ من أمّتي يجاهدون على الحقّ حتى يخرج [[الدجال]]}}.<ref name="ابن سعد-تبوك" /> وقد نزلت آيات كثيرة من [[سورة التوبة]] حول تلك الغزوة وظروفها.<ref name="الرحيق-تبوك" /> ويشكك العديد من المؤرخين بحدوث هذه الغزوة مستندين على عدم وجود ذكر لها في أي مصادر غير إسلامية.<ref>See, for example, Bowersock, Glen Warren, Peter Robert Lamont Brown and Oleg Grabar Late Antiquity: A Guide to the Postclassical World (1999, Harvard University Press) p. 597, which notes that many of the details surrounding Muhammad's life as given in the biographies, are "problematic in certain respects, the most important of which is that they represent a tradition of living narrative that is likely to have developed orally for a considerable period before it was given even a relatively fixed written form. Ideally, one would like to be able to check such accounts against contemporary evidence... however, there is no relevant archaeological, epigraphic, or numismatic evidence dating from the time of Muhammad, nor are there any references to him in non-Muslim sources dating from the period before 632." Also cf. El-Cheikh, Nadia Maria Byzantium Viewed by the Arabs (2004, Harvard University Press) p. 5, "One major challenge to examining initial contacts between Byzantium and the early Muslim umma arises from the controversy surrounding the traditional Islamic account......sources are not contemporaneous with the events they purport to relate and sometimes were written many centuries later. These sources contain internal complexities, anachronisms, discrepancies, and contradictions. Moreover, many of them provide evidence of embellishment and invention that were introduced to serve the purposes of political or religious apologetic."</ref>
[[ملف:Black Stone.gif|تصغير|يسار|رسم يدوي مطابق لما تبقى من [[حجر أسود|الحجر الأسود]].]]
وفي نفس شهر [[رمضان]]، قدم وفد من [[ثقيف]] [[المدينة المنورة]] مسلمين.<ref name="ابن هشام-ثقيف">السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص222-228، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> ثم في [[ذي القعدة]] أو [[ذي الحجة]] من سنة [[9 هـ]] بعث محمد [[أبو بكر|أبا بكر]] أميرًا على [[الحج في الإسلام|الحج]]، ليقيم بالمسلمين المناسك. فخرج في 300 رجل من المدينة وبعث معه محمد 20 بَدَنة.<ref name="ابن سعد-أبو بكر">الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج2، ص168، دار صادر، بيروت.</ref> وفي تلك الفترة بدأت مختلف قبائل [[العرب]] بالوفود على محمد في [[المدينة المنورة|المدينة]] وإعلان إسلامها،<ref name="الرحيق-تبوك" /> والتي كان [[غزوة تبوك|لغزوة تبوك]] وإسلام [[ثقيف]] ومن قبل [[فتح مكة]] السبب الأكبر في تلك الوفود.<ref name="ابن هشام-الوفود" /> فجاء ما يقارب السبعين وفدًا بين عامي [[9 هـ]] و[[10 هـ]] للمدينة لإعلان إسلامهم،<ref name="الرحيق-الوفود">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص436-452.</ref> حتى سُمّي عام [[9 هـ]] '''[[عام الوفود|بعام الوفود]]'''.<ref name="ابن هشام-الوفود">السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص248، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فكان ممن جاءوا وفد قبيلة [[عبد القيس]]، وقبيلة دَوس، وقبيلة [[همدان (قبيلة)|همدان]]، ووفد [[منطقة نجران|نجران]]، و[[عذرة|بنو عذرة]]، وقبيلة [[بلي (قبيلة)|بَلِي]]، و[[بني حنيفة]]، و[[بني عامر بن صعصعة]]، وقبيلة [[طيء]]، و[[بنو تجيب]]، وغيرهم.<ref name="الرحيق-الوفود" />

=== حجة الوداع ===
{{مقال تفصيلي|حجة الوداع}}
[[ملف:اسم-علي-بن-أبي-طالب.gif|تصغير|يمين|200بك|ورد في [[يوم غدير خم]] عن النبي محمد أنه قال {{مض|من كنتُ مولاه [[علي بن أبي طالب|فعليّ]] مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه}}.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ج2، ص199، وصححه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]].</ref>]]
في شهر [[ذي القعدة]] سنة [[10 هـ]] عزم محمد على أداء مناسك [[الحج في الإسلام|الحج]]، بعد أن مكث في [[المدينة المنورة]] 9 سنوات لم يحج فيها أبدًا. فأذّن في الناس أنه خارج، فقدم [[المدينة المنورة|المدينة]] بشرٌ كثيرٌ كلّهم يلتمس أن يأتم بمحمد.<ref name="ابن حبان-الوداع">السيرة النبوية، [[ابن حبان]]، ص384.</ref> فكانت '''[[حجة الوداع]]''' أو '''حجّة البلاغ''' أو '''حجّة الإسلام'''،<ref name="ابن هشام-الوداع" /> لأنه ودّع الناس فيها ولم يحجّ بعدها، ولأنه ذكر لهم ما يحلّ وما يحرم وقال لهم {{مض|هل بلغت؟}}،<ref name="الحلبية-الوداع">السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج3، ص307-340، دار المعرفة، بيروت.</ref> ولأنه لم يحج من [[المدينة المنورة|المدينة]] غيرها، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها.<ref name="ابن كثير-الوداع">السيرة النبوية، [[ابن كثير]]، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، ج4، ص211-413، دار المعرفة، بيروت، ط1971.</ref> وفي يوم السبت [[25 ذو القعدة]]<ref name="فتح الباري-الوداع">[[فتح الباري شرح صحيح البخاري]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج8، ص104، دار المعرفة، بيروت، ط1959.</ref> سنة [[10 هـ]] خرج محمد على [[ناقة|ناقته]] «[[القصواء]]» إلى [[مكة]] للحج،<ref name="حديث حجة الوداع">رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]] عن جابر بن عبد الله، رقم:1218.</ref> وخرج معه حوالي 100,000 من المسلمين من الرجال والنساء، واستعمل على المدينة [[أبو دجانة|أبا دُجانة]].<ref name="ابن هشام-الوداع">السيرة النبوية، ابن هشام، ج6، ص5-12، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فلما وصل [[ذا الحليفة]] [[إحرام|أحرم]] هناك وصلى [[صلاة العصر|العصر]] ثم أكمل مسيره ملبيًا {{مض|لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك}}.<ref name="الحلبية-الوداع" />

دخل محمد [[مكة]] ضحى يوم الأحد [[4 ذو الحجة]]،<ref name="فتح الباري-الوداع" /> من الثنية العليا، ودخل [[المسجد الحرام]] صبحًا من "باب عبد مناف" المعروف الآن بـ "باب السلام"،<ref name="ابن حبان-الوداع" /> ولما أبصر [[الكعبة]] قال {{مض|اللهم زِد هذا البيتَ تشريفًا وتعظيمًا ومهابةً وبرًا، وزِد مَن شَرَّفه وكرَّمه ممن [[الحج في الإسلام|حجّه]] أو [[عمرة|اعتمره]] تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًا}}.<ref>[[مسند الشافعي]]، [[محمد بن إدريس الشافعي]]، ص125، رقم: 585، دار الكتب العلمية، بيروت.</ref> ثم دخل [[المسجد الحرام|المسجد]] فبدأ [[الحجر الأسود|بالحجر الأسود]] فاستلمه وبكى، ثم طاف [[الكعبة|بالبيت]] سبعًا، ثم صلّى ركعتين عند [[مقام إبراهيم]]،<ref name="الخضري-الوداع">نور اليقين في سيرة سيّد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص190-192، دار المعرفة، ط2004.</ref> ثم دخل [[زمزم]] فنزع له دلو فشرب منه ثم مجّ فيه ثم أفرغها في زمزم.<ref name="الحلبية-الوداع" /> ثم سعى بين [[الصفا والمروة]] سبعًا.<ref name="الخضري-الوداع" /> وفي [[8 ذو الحجة]] توجه إلى [[منى]] فبات فيها.<ref name="الخضري-الوداع" /> وفي [[9 ذو الحجة]] توجه إلى [[عرفة]] فصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم، ثم خطب فيهم "خُطبة الوداع"، جاء فيها:<ref name="حديث حجة الوداع" />
{{اقتباس خاص|إنّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ. فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنّ بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرّح. ولهنّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله وأنتم تُسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدّيت ونصحت. فقال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات}}
وفي ذلك الموقف على [[جبل عرفة]]،<ref>في [[صحيح مسلم]]، حديث رقم 3017: قال [[عمر بن الخطاب]] «نزلت ليلة جمع ونحن مع رسول الله {{ص}} بعرفات».</ref> نزلت الآية القرآنية {{قرآن|الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}}،<ref name="ابن كثير-الوداع" /> بينما يؤمن [[الشيعة]] أنّ هذه الآية نزلت في [[يوم غدير خم]] في معرض الحديث عن فضائل [[علي بن أبي طالب]].

=== وفاته ===
{{طالع أيضا|الحجرة النبوية}}
[[ملف:Mescidi nebevi.JPG|تصغير|يسار|[[المسجد النبوي]]، حيث يقع قبر النبي محمد في المبنى ذي [[القبة الخضراء]]، والذي يقول عنه {{مض|'''من زار قبري وجبت له شفاعتي'''}}.<ref>رواه [[الدارقطني]] في [[سنن الدارقطني|سننه]]، عن نافع بن عمر، ج2، ص278، رقم: 194، تحقيق: عبد الله هاشم يماني المدني، دار المعرفة، بيروت، ط1966. وقال عنه [[ابن الملقن]] في البدر المنير، ج6، ص296: إسناده حسن.</ref>]]
[[ملف:Mrs Aisha room.jpg|تصغير|يمين|شباك [[الحجرة النبوية]] في [[المسجد النبوي]] حيث دُفن النبي محمد، و[[أبو بكر]]، و[[عمر بن الخطاب|عُمر]].]]
[[ملف:Abu Baker Khawkha.jpg|تصغير|يمين|"[[خوخة أبي بكر]]" في [[المسجد النبوي]].]]

كان أوّل ما أُعلم به النبي محمد باقتراب أجله ما أُنزل عليه في [[فتح مكة]]،<ref name="الأنوار-الوفاة">[[الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية]]، [[يوسف النبهاني]]، ص575-595، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> من [[سورة النصر]]: {{قرآن مصور|النصر|1}}.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن [[عبد الله بن عباس]]، ج5، ص72، وصححه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]].</ref> وكان ابتداءُ مرضه الذي تُوفي فيه أواخر شهر [[صفر (شهر)|صفر]] سنة [[11 هـ]] بعد أن أمر [[أسامة بن زيد]] بالمسير إلى أرض [[فلسطين]]، لمحاربة [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]]،<ref name="ابن هشام-الوفاة">السيرة النبوية، ابن هشام، ج6، ص55-93، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> فاستبطأ الناس في الخروج لوجع محمد. وكان أول ما ابتدىء به من وجعه أنه خرج إلى [[البقيع]] ليلاً فاستغفر لهم ثم رجع إلى أهله، فلما أصبح ابتدىء وجعه، وكان [[صداع]] الرأس مع [[حمى|حمّى]]،<ref name="الأنوار-الوفاة" /> ويُروى أنّ سبب مرضه كان السمّ الذي دُسّ له في طعام وهو في [[خيبر (مدينة)|خيبر]]،<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، رقم: 4428.</ref> وكان من شدّة وجعه أن كان يُغمى عليه في اليوم الواحد مرات عديدة.<ref>السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، [[علي الصلابي]]، ج4، ص281.</ref> حتى دعا نساءه يستأذنهن في أن يُمرّض في بيت [[عائشة بنت أبي بكر]]، فانتقل إلى بيتها يمشي بين [[الفضل بن العباس]] و[[علي بن أبي طالب]].<ref name="ابن هشام-الوفاة" />

وفي أحد الأيام خرج محمد على أصحابه عاصبًا رأسه، حتى جلس على المنبر فقال {{مض|عبدٌ خيّره الله بين أن يؤتيَه زهرةَ الدنيا وبين ما عنده، فاختارَ ما عنده}}، ففهم [[أبو بكر]] وبكى وقال {{مض|فديناك بآبائنا وأمّهاتنا}}، فقال محمد {{مض|إنّ أمنّ الناس عليّ في ماله وصحبته [[أبو بكر]]، ولو كنت متخذًا خليلاً، لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلاً، ولكن إخوة [[الإسلام]]. لا تبقينَّ في [[المسجد النبوي|المسجد]] خوخة إلا [[خوخة أبي بكر]]}}،<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، عن [[أبي سعيد الخدري]]، رقم: 2382.</ref><ref group="معلومة">في [[لسان العرب]] [[ابن منظور|لابن منظور]]، ج3، ص14: «الخوخة: بابٌ صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين يُنصب عليها باب».</ref> ثم خطب فيهم مرات عديدة دعا فيها إلى إنفاذ جيش [[أسامة بن زيد]]، وأوصى المسلمين [[أنصار|بالأنصار]] خيرًا.<ref name="الروض-الوفاة">[[الروض الأنف]]، [[السهيلي]]، ج4، ص432-447.</ref> ولما ثقُل عليه المرض، أمر [[أبو بكر|أبا بكر]] أن يصلي بالناس، وعاد جيش [[أسامة بن زيد]] إلى المدينة بعد أن عسكر خارجها منتظرًا ماذا يحلّ بمحمد.<ref name="الروض-الوفاة" /> وقبل وفاته بستة أيام تجمع عنده عدد من [[الصحابة]] فقال لهم وهو يبكي {{مض|مرحبًا بكم وحيّاكم الله، حفظكم الله، آواكم الله، نصركم الله، رفعكم الله، هداكم الله، رزقكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، وأستخلفه عليكم}}.<ref>رواه الهيثمي في مجمع الزوائد، عن [[عبد الله بن مسعود]]، ج9، ص27.</ref> وكانت عامة وصيته حين حضره الموت {{مض|[[الصلاة في الإسلام|الصلاة]]، وما ملكت أيمانكم}}.<ref>شرح [[صحيح البخاري]]، [[ابن الملقن]]، ج21، ص645.</ref>
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«لما قُبض رسول الله {{ص}} أظلمت [[المدينة المنورة|المدينة]]</br> حتى لم ينظر بعضنا إلى بعض، وكان أحدنا</br> يبسط يده فلا يراها أو لا يبصرها وما فرغنا</br> من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا»<ref>[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير]]، ج5، ص240.</ref>|المصدر='' [[أنس بن مالك]]''}}
ولما كان يوم الإثنين الذي توفي فيه، بعد 13 يومًا على مرضه،<ref name="الأنوار-الوفاة" /> خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح ففرحوا به، ثم رجع فاضطجع في حجر [[عائشة بنت أبي بكر]]، فتُوفي وهو يقول {{مض|بل الرفيق الأعلى من [[الجنة]]}}، وكان ذلك ضحى يوم [[الإثنين]] [[ربيع الأول]] سنة [[11 هـ]]،<ref name="الروض-الوفاة" /> الموافق [[8 يونيو]] سنة [[632]]م وقد تّم له 63 سنة.‏<ref name="ابن سعد-وفاته">الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج2، ص308، دار صادر، بيروت.</ref> فلما توفي قام [[عمر بن الخطاب]]، فقال {{مض|والله ما مات رسول الله {{ص}}، وليبعثنه الله فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم}}،<ref name="البخاري-الوفاة">رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، رقم: 3667.</ref> وجاء [[أبو بكر]] مسرعًا فكشف عن وجهه وقبّله، وقال {{مض|بأبي أنت وأمّي، طبتَ حيًا و ميّتًا}}، ثم خرج وخطب بالنّاس قائلاً {{مض|ألا من كان يعبد محمدًا {{ص}}، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت}}، وقرأ {{قرآن مصور|آل عمران|144}}.<ref name="البخاري-الوفاة" /> قيل {{مض|فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها [[أبو بكر]] يومئذ}}.<ref name="ابن هشام-الوفاة" /> وقالت ابنته [[فاطمة الزهراء]] {{مض|يا أبتاه، أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه، إلى [[جبريل]] ننعاه}}.<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 4462.</ref>

ثم أقبل الناس يوم الثلاثاء على [[غسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه|تجهيز]] محمد، فقام [[علي بن أبي طالب]] و[[العباس بن عبدالمطلب]] و[[الفضل بن العباس]] وقثم بن العباس و[[أسامة بن زيد]] وشقران مولى محمد، بتغسيله وعليه ثيابه.<ref>رواه [[أبو داود]] في [[سنن أبي داود|سننه]]، عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، رقم: 3141.</ref> ثم قام [[الصحابة]] برفع فراش محمد الذي توفي عليه في [[الحجرة النبوية|بيت عائشة]]، فحفر [[أبو طلحة الأنصاري]] له [[قبر|قبرًا]] تحته. ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالاً، دخل الرجال، ثم النساء، ثم الصبيان، ولم يؤم الناس أحد. ثم أنزله القبرَ [[علي بن أبي طالب|عليّ]] و[[العباس بن عبدالمطلب|العباس]] وولداه الفضل وقُثَم، ورشّ قبره [[بلال بن رباح|بلال]] بالماء، ورُفع قبره عن الأرض قدر شبر،<ref name="نور اليقين-الوفاة">نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص205، دار المعرفة، بيروت، ط2004.</ref> وكان ذلك في جوف الليل من ليلة الأربعاء.<ref name="ابن هشام-الوفاة" />

== بعد وفاته ==
{{مقال تفصيلي|حادثة السقيفة|الخلفاء الراشدون}}
[[ملف:يامحمداه.gif|تصغير|يسار|{{مض|'''يَا مُحمّدَاه'''}} شعار المسلمين في [[معركة اليمامة]] بقيادة [[خالد بن الوليد]] بعد أن ارتدّ [[بنو حنيفة]] عن [[الإسلام]] عقب وفاة النبي محمد، وادّعى [[مسيلمة بن حبيب]] النبوة.<ref>[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير]]، تحقيق: علي شيري، ج6، ص357، دار إحياء التراث العربي، ط1988.</ref>]]
بعد وفاة محمد اختلف أتباعه على هوية الشخص الذي سيخلفه في الحكم،<ref name="الرحيق-الوفاة">[[الرحيق المختوم]]، [[المباركفوري]]، ص457-470.</ref> حيث اجتمع جماعة من المسلمين في [[سقيفة بني ساعدة]] فرشح [[سعد بن عبادة]] نفسه وأيده في ذلك [[الأنصار]]،<ref name="ابن هشام-ساعدة">السيرة النبوية، ابن هشام، ج6، ص77-83، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.</ref> في حين رشح [[عمر بن الخطاب]] [[أبو بكر|أبا بكر]] مؤكدًا على أحقية [[المهاجرين]] في الخلافة. ولقي هذا الترشيح تأييد المسلمين ممن كانوا في السقيفة.<ref name="الروض-ساعدة">[[الروض الأنف]]، [[السهيلي]]، ج4، ص448-461.</ref> في حين تأخرت بيعة من كان من [[الصحابة]] بصحبة [[علي بن أبي طالب]] والذي كانوا منشغلين بتجهيز جثمان محمد ودفنه، فتأخرت بيعتهم يومًا واحدًا<ref name="البداية-ساعدة" /> عتبًا على [[أبو بكر|أبي بكر]] لعدم أخذ المشورة منهم،<ref name="البداية-ساعدة">[[البداية والنهاية]]، [[ابن كثير]]، تحقيق: علي شيري، ج5، ص270، دار إحياء التراث العربي، ط1988.</ref> بينما يرى [[الشيعة]] أن عليًا ومن معه قد بايعوا أبا بكر مجبَرين، لما يرونه أن عليًا كان أحق من أبي بكر بالخلافة.<ref>[http://www.shiaweb.org/books/jaish_alsahaba/pa19.html '''شبكة الشيعة العالمية:''' أجوبة مسائل جيش الصحابة - الشيخ علي الكوراني العاملي]</ref> نشأ من تلك الحادثة الخلاف التاريخي بين طائفتي [[أهل السنة|السنة]] و[[الشيعة]].

بعد استقرار الأمر لأبي بكر في المدينة، عمل على حماية المدينة ومحاربة بعض القبائل التي [[ردة|ارتدت]] عن [[الإسلام]] ومنعت [[الزكاة]]،<ref name="البوطي-الردة" /> وبعض ممن اعتبرهم المسلمون مدعي النبوة، فيما عرف تاريخيًا '''[[حروب الردة|بحروب الردّة]]'''، مثل [[معركة اليمامة]] لقتال [[بنو حنيفة|بني حنيفة]] والذي ادّعى فيهم [[مسيلمة بن حبيب]] النبوة.<ref>السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص509، دار المعرفة.</ref> كما أرسل [[أبو بكر]] جيش [[أسامة بن زيد]] لمحاربة [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] رغم اعتراض البعض لصغر سن قائدها ولانتشار [[ردة|الردة]] في بعض الصفوف.<ref name="البوطي-الردة">فقه السيرة النبوية، [[محمد سعيد رمضان البوطي]]، ص511-513، دار الفكر، ط1991.</ref> ثم سار [[أسامة بن زيد|أسامة]] فكان لا يمرّ بقبيلة انتشر فيها الارتداد إلا أرجعها إلى [[الإسلام]]. ولما وصل أسامة إلى بلاد [[الإمبراطورية الرومانية|الروم]] قاتلوهم وانتصر المسلمون.<ref name="البوطي-الردة" /> كما عمل [[أبو بكر]] على توسيع نفوذ الدولة بإرسال قوات عسكرية إلى مختلف المناطق.<ref name="سيرة ابن كثير-الردة">السيرة النبوية، ابن كثير، ج1، ص430.</ref>

== معجزاته ==
{{مقال تفصيلي|معجزات النبي محمد}}
يؤمن المسلمون جميعًا بأن المعجزة الكبرى للنبي محمد والتي تحدّى بها الناس هي [[القرآن]].<ref name="القرضاوي-المعجزات" /> ثم أثبت أغلبهم معجزات حسيّة أخرى لمحمد منسوبة إليه في [[حديث نبوي|كتب الحديث]]، وقد عارضها قومٌ لِمَا نزل في [[القرآن]] بأنّ محمدًا لم يُؤتَ معجزات إلا [[القرآن]]،<ref>[http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=1848 '''أهل القرآن:''' معجزات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الحسية بين النفي والإثبات] تاريخ الوصول [[19 يوليو]] [[2011]].</ref> في آية {{قرآن مصور|الإسراء|59}}.<ref>[[سورة الإسراء]]، آية: 59.</ref> بينما تمسّك الأخرون بإثباتها باعتبار أنه لم يُقصَد بها التحدّي وإقامة الحجّة على صدق محمد، بل كانت تكريمًا له وتأييدًا، وعناية به.<ref name="القرضاوي-المعجزات">[http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=3855&version=1&template_id=224&parent_id=17 '''القرضاوي:''' المعجزات الحسية في الهجرة النبوية] تاريخ الوصول [[19 يوليو]] [[2011]].</ref>

=== القرآن ===
{{مقال تفصيلي|القرآن|الإعجاز العلمي في القرآن}}
[[ملف:Uthman Koran-RZ.jpg|تصغير|يسار|[[المصحف العثماني]]، أقدم نسخة من [[القرآن]].]]
بحسب اعتقاد المسلمين، فإنَّ [[القرآن]] هو معجزة النبي محمد الأساسية التي لم يستطع أحد على مر العصور أن يأتي بمثله بالرغم من تحدّيه بذلك،<ref name="الخصائص-القرآن">الخصائص الكبرى، [[السيوطي]]، ج1، ص192-195، دار الكتب العلمية، بيروت.</ref> حيث ورد في القرآن {{قرآن مصور|الإسراء|88}}. ويتمثل [[إعجاز القرآن]] بشكل أساسي في بلاغته وفصاحته، فكان الإعجاز اللغوي هو أول وأهم أسباب [[إعجاز القرآن]]، والذي يشمل عدة أوجه، منها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته، ومنها صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام [[العرب]] ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له.<ref name="الخصائص-القرآن" /> ومن وجوه الإعجاز الأخرى ما انطوى عليه من الأخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد، وما أنبأ به من أخبار القرون الماضية والشرائع السالفة.<ref name="الخصائص-القرآن" /> وحديثًا ظهر تيار يعتقد بوجود [[إعجاز علمي في القرآن]]، حيث تفسر بعض الآيات على أنها تثبت نظريات علمية لم يكتشفها العالم إلا بعد فترة طويلة جدًا من ظهور [[القرآن]].<ref>[http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=644 '''موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة:''' الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بين القبول والمعارضة] تاريخ الوصول [[2 يوليو]] [[2011]].</ref>

=== انشقاق القمر ===
{{مقال تفصيلي|انشقاق القمر}}
[[ملف:As10-31-4646.jpg|تصغير|يسار|صورة لأخدود وُجد على سطح [[القمر]] أُخدت من قبل طاقم أبولو 10،<ref>[http://apod.nasa.gov/apod/ap021029.html '''موقع ناسا:''' علم الفلك - صورة اليوم: الأخدود القمري]</ref> ويعتقد علماء المسلمين بأنه نتيجة معجزة [[انشقاق القمر]].<ref>[http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-8.htm '''صيد الفوائد:''' المعجزات الحسية للرسول صلى الله عليه وسلم] تاريخ الوصول [[19 يوليو]] [[2011]].</ref>]]
أجمع [[تفسير|المفسرون]] و[[أهل السنة]] من المسلمين على وقوع معجزة [[انشقاق القمر]] لأجل النبي محمد،<ref name="الأنوار-القمر">[[الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية]]، [[يوسف النبهاني]]، ص270-272، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> كإحدى المعجزات الباهرات،<ref name="ابن كثير-القمر" /> وكان ذلك قبل الهجرة إلى [[المدينة المنورة]].<ref name="ابن كثير-القمر">[http://www.amayno.biz/modules/pages/Mediarapchleuh/killa/html-54-1-1.html تفسير ابن كثير، سورة القمر] تاريخ الوصول [[2 يوليو]] [[2011]].</ref> قال [[عبد الله بن مسعود]] «انشق [[القمر]] على عهد رسول الله {{ص}} فرقتين؛ فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله {{ص}}: {{مض|اشهدوا}}. وقال المشركون: هذا سحرٌ سحركم ابن أبي كبشة، ولكن انظروا إلى من يقدم من السفّار فسلوهم، فقدِموا فسَألوهم فقالوا: رأيناه قد انشق».<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[عبد الله بن مسعود]]، رقم: 4864.</ref><ref>موافقة الخبر الخبر، [[ابن حجر العسقلاني]]، عن [[عبد الله بن مسعود]]، ج1، ص203، وقال: صحيح.</ref> وفي ذلك نزلت آية من [[القرآن]] {{قرآن مصور|القمر|1}}.<ref name="ابن كثير-القمر" />
يرى معظم المؤرخين الغربيين عدم مصداقية هذه المعجزة محتجين إنكار القران نفسه بحدوث معجزات.<ref name="EoI-Muhammad">Wensinck, A.J. "Muʿd̲j̲iza." [[Encyclopaedia of Islam]]. Edited by: P. Bearman، Th. Bianquis، C.E. Bosworth، E. van Donzel and W.P. Heinrichs. Brill, 2007.</ref><ref name="EoQ">Denis Gril, ''Miracles'', [[Encyclopedia of the Qur'an]], Brill, 2007.</ref> كما ينكر علماء الفضاء وجود دليل علمي على حدوث انشقاق في القمر.<ref>[http://lunarscience.arc.nasa.gov/ask-browse Q&A Lunar Sciences], NASA</ref>

=== إخباره عن الغيب ===
[[ملف:Hagia Sophia - Muhammad's prophecy.jpg|تصغير|يمين|نبوءة النبي محمد حول [[فتح القسطنطينية]]، منقوشة على إحدى بوابات [[آيا صوفيا]]: "لتفتحنّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش".]]
من ذلك إخباره يوم [[غزوة بدر]] بمصارع [[قريش]]، فلم يحد أحد منهم مصرعه الذي عيّنه،<ref name="المحب الطبري-معجزاته" /> وإخباره عن [[الحسن بن علي بن أبي طالب]] أن الله سيُصلح به بين فئتين من المسلمين.<ref>المطالب العالية، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج4، ص262.</ref> وإخباره أن ابنته [[فاطمة بنت محمد|فاطمة]] أول أهله لحوقًا به بعد موته،<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]] عن [[عائشة بنت أبي بكر]]، رقم: 2450.</ref> وإخباره بشأن كتاب [[حاطب بن أبي بلتعة]] إلى أهل [[مكة]] يخبرهم بنية المسلمين [[فتح مكة|بفتح مكة]]،<ref name="الشفا-الغيب" /> ومن ذلك إخباره عن فتح [[القسطنطينية]]، ومن ذلك ما قاله [[حذيفة بن اليمان]] «قام فينا رسول الله {{ص}} مقامًا فما ترك شيءًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حفظه من حفظه ونسيه من نسيه.. والله ما ترك رسول الله {{ص}} من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدًا إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه وقبيلته».<ref name="الشفا-الغيب">[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، [[القاضي عياض]]، ج1، ص249-258، دار الفكر، بيروت، ط1988.</ref>

=== نبوع الماء من بين أصابعه ===
[[ملف:Raouda.JPG|تصغير|يسار|[[الحجرة النبوية]] والتي كُتب حولها [[الحجرة النبوية (المسجد النبوي)#قصيدة الحجرة النبوية|قصيدة]] تبقّى منها أبيات تشير لمعجزة نبوع الماء: {{مض|'''يَا مَن تفجّرتِ الأنهَارُ نابعةً''' ** '''مِن أُصبَعيهِ فَرَوَى الجَيشَ بالمدَدِ'''}}.]]
تروي كتب [[حديث نبوي|الحديث]] والسيرة وقوع معجزة نبوع الماء من بين أصابع النبي محمد ولم تكن لأحد قبله، والتي قد تكررت في عدة مواطن،<ref name="الخصائص-الماء1">الخصائص الكبرى، [[السيوطي]]، ج1، ص412، دار الكتب العلمية، بيروت.</ref> حتى عدّ فقهاء المسلمين أن ذلك الماء أشرف أنواع المياه.<ref>[http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=19&ID=85 مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، محمد بن محمد بن عبد الرحمن (الحطاب)] تاريخ الوصول [[2 يوليو]] [[2011]].</ref> يروي [[أنس بن مالك]] أحد تلك الحوادث قائلاً {{مض|رأيت رسول الله {{ص}} وحانت [[صلاة العصر]]، فالتمس [[الوضوء]] فلم يجدوه، فأتي رسول الله {{ص}} بوضوء، فوضع رسول الله {{ص}} يده في ذلك الإناء، فأمر الناس أن يتوضؤوا منه، فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم}}.<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 3573.</ref><ref name="الخصائص-الماء">الخصائص الكبرى، [[السيوطي]]، ج2، ص62-71، دار الكتب العلمية، بيروت.</ref>

=== حديثه مع الحيوانات والجمادات ===
من ذلك سماح صوت تسبيح الحصى في كفه،<ref>[[تفسير ابن كثير]]، عن [[أبو ذر الغفاري|أبي ذر الغفاري]]، ج5، ص76.</ref> وتكليم الذراع من الشاة التي سُمَّت بأنها مسمومة،<ref name="المحب الطبري-معجزاته">خلاصة سير سيد البشر، المحبّ الطبري، ص107-107، تحقيق: طلال بن جميل الرفاعي، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط1997.</ref> وتسليم الشجر والحجر عليه قبل أن يُبعث،<ref>يروي [[الترمذي]] في [[سنن الترمذي|سننه]]، رقم: 3626، عن [[علي بن أبي طالب]] «كنت مع النبي {{ص}} [[مكة|بمكة]]، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: "السّلام عليك يا رسول الله"»</ref> ومشي الشجر له، إذ يروي [[عمر بن الخطاب]] فيقول «أَمَر النبي {{ص}} فنادى شجرة من قِبل عَقبة أهل المدينة، فأقبلت تخدّ الأرض (تمشي مسرعة) حتى انتهت إليه فسلّمت عليه، ثم أمرها فرجعت إلى موضعها».<ref>دلائل النبوة، [[البيهقي]]، عن [[عمر بن الخطاب]]، ج6، ص138، رقم: 2260.</ref> ومنها حنين الجذع الذي كان يخطب عليه حين اتخذ المنبر، فاحتضنه وكلّمه، وقال {{مض|لو لم أحتضنه لحنّ إلى [[يوم القيامة]]}}.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن [[عبد الله بن عباس]]، ج4، ص128، قال عنه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]]: إسناده صحيح.</ref> أما معجزاته مع الحيوانات، فمن ذلك قصة البعير الذي اشتكا لمحمد كثرة العمل وقلة العلف،<ref>تخريج مشكاة المصابيح، [[ابن حجر العسقلاني]]، ج5، ص346.</ref> و[[جمل|الجمل]] الذي بكى حين رأى محمدًا وشكا إليه أن صاحبه يجيعه،<ref>رواه [[أبو داود]]، في [[سنن أبي داود|سننه]]، عن عبد الله بن جعفر، رقم: 2549.</ref> و[[جمل]] آخر يُقبِل على محمد ويخرّ ساجدًا بين يديه بعد أن استصعب على صاحبه.<ref>الزواجر، [[ابن حجر الهيتمي]]، عن [[أنس بن مالك]]، ج2، ص41.</ref>

=== إبراءه المرضى وذوي العاهات ===
من ذلك ما رُوي يوم [[غزوة أحد|أحد]] من ردّه عين [[صحابة|الصحابي]] قتادة بن النعمان إلى مكانها بعد أن سالت حدقته على وجنته حتى عادت إلى حالها فكانت أحسن عينيه،<ref>دلائل النبوة، [[البيهقي]]، عن عاصم بن عمر بن قتادة، ج3، ص276، رقم: 1110.</ref> ونفثه في عين [[علي بن ابي طالب]] وقت [[غزوة خيبر]] عندما كان أرمد لا يكاد يبصر.<ref>رواه [[أحمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد|مسنده]]، عن عمرو بن ميمون، ج5، ص25، قال عنه [[أحمد محمد شاكر|أحمد شاكر]]: إسناده صحيح.</ref> وخبر [[عثمان بن حنيف]] أنّ رجلاً ضريرًا جاء محمدًا يريد كشف بصره، فعلّمه أن يقول «اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد {{ص}} نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضيها لي، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي»،<ref>دلائل النبوة، [[البيهقي]]، عن [[عثمان بن حنيف]]، ج6، ص325، رقم: 2415، وقال عنه: إسناده صحيح.</ref> فأصبح ذلك الرجل بصيرًا.

== حياته الشخصية ==
=== زوجاته ===
{{مقال تفصيلي|أمهات المؤمنين}}
[[ملف:أمهات المؤمنين 2.png|تصغير|زوجات النبي محمد والمعروفات بأمهات المؤمنين.]]
زوجات محمد يُعرفن في [[الإسلام]] [[أمهات المؤمنين|بأمهات المؤمنين]]، وقد اختُلف في عدد زوجات النبي اللاتي دَخَل بهنّ على قولين؛ أنهنّ إثنتا عشر أو إحدى عشر،<ref name="ألفية-زوجات">[[ألفية السيرة النبوية]]، [[عبد الرحيم العراقي]]، ص 132.</ref> وسبب الاختلاف هو في [[مارية القبطية]]، هل هي زوجة له أم [[ملك اليمين|ملك يمين]]. فالمتَّفق عليه من زوجاته إحدى عشرة. [[قريش|القرشيات]] منهنّ ست، هن: [[خديجة بنت خويلد]]، و[[سودة بنت زمعة]]، و[[عائشة بنت أبي بكر]]، و[[حفصة بنت عمر بن الخطاب]]، و[[أم سلمة]]، و[[أم حبيبة]].والعربيات من غير [[قريش]] أربع، هن: [[زينب بنت جحش]]، و[[جويرية بنت الحارث]]، و[[زينب بنت خزيمة]]، و[[ميمونة بنت الحارث]]. وواحدة من غير [[العرب]] وهي [[صفية بنت حيي]] من [[بني إسرائيل]]. وتبقى [[مارية القبطية]] وهي من [[مصر]]. وتوفِّيت اثنتان من زوجات النبي محمد حال حياته، وهما [[خديجة بنت خويلد]] و[[زينب بنت خزيمة]]، وتُوفي هو عن تسع نسوة.<ref name="ألفية-زوجات" />

=== أبناؤه ===
{{مقال تفصيلي|أهل البيت}}
كان لمحمد من الأولاد ثلاثة بنين وأربع بنات، جميعهم من زوجته [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] إلا [[إبراهيم بن محمد|إبراهيم]] فهو من [[مارية القبطية|مارية]]، وكل أولاده ماتوا في حياته إلا [[فاطمة الزهراء|فاطمة]] فإنها توفيت بعده.<ref>[http://www.islamqa.com/ar/ref/23294 عدد أبناء وبنات النبي، الإسلام سؤال وجواب]</ref> وأولاده '''البنين''' هم: [[القاسم بن محمد|القاسم]] (وبه يُكنّى، توفي وعمره عامان)<ref name="ألفية-أشخاص" /> و[[عبد الله بن محمد|عبد الله]] (الطّيّب الطاهر) و[[إبراهيم بن محمد|إبراهيم]] (عاش في [[المدينة المنورة|المدينة]] سنة ونصف)،<ref name="ألفية-أشخاص" /> وأما '''البنات''' فهنّ: [[زينب بنت محمد|زينب]] و[[رقية بنت محمد|رقية]] و[[أم كلثوم بنت محمد|أم كلثوم]] و[[فاطمة الزهراء|فاطمة]]. أما زينب فقد تزوجها ابن خالتها [[أبو العاص بن الربيع]] قبل الهجرة، وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما [[عثمان بن عفان]] الواحدة بعد الأخرى، وأما فاطمة فتزوجها [[علي بن أبي طالب]] بين [[غزوة بدر|بدر]] و[[غزوة أحد|أحد]]،<ref name="الرحيق-بيته" /> وليس في بناته من كانت لها ذرية إلا ما كان من ذرية فاطمة،<ref name="ألفية-أشخاص" /> فكان لها [[الحسن بن علي|الحسن]] و[[الحسين بن علي|الحسين]] و[[زينب بنت علي بن أبي طالب|زينب]] و[[أم كلثوم بنت علي|أم كلثوم]].

=== مواليه وخدامه ===
امتلك محمد عددًا من '''الموالي'''، منهم: [[زيد بن حارثة]] (وكان قد تبنّاه قبل [[الإسلام]] قبل إلغاء التبني) وابنه [[أسامة بن زيد|أسامة]]، و[[ثوبان بن بجدد]] وأبو هند، وأبو لبابة، و[[إبراهيم أبو رافع|أبو رافع]].<ref name="ألفية-أشخاص" /> ومن '''الإماء''' امتلك [[مارية القبطية]] (على خلاف في أنه هل أعتقها فتزوجها أم لا)، و[[ريحانة بنت زيد]] (إحدى سبايا [[بني قريظة]]).<ref name="الرحيق-بيته">الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركي، ص471-472.</ref> وأما '''خدامه'''، فكان ألزمهم خدمة للنبي محمد [[أنس بن مالك]]، وكان يخدمه أيضًا [[بلال بن رباح]]، و[[عبد الله بن مسعود]]، و[[أبو ذر الغفاري]]، وغيرهم.<ref name="ألفية-أشخاص" />

=== أسماؤه ===
{{مقال تفصيلي|أسماء النبي محمد}}
[[ملف:Prophet Mohamad Names.jpg|تصغير|يسار|245بك|أسماء النبي محمد مكتوبة على طول الجدار [[قبلة|القبلي]] في [[المسجد النبوي]].]]
ورد في التراث الإسلامي أنه كان لمحمد عدّة أسماء، فكان يقول عن نفسه {{مض|إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب}}،<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[جبير بن مطعم]]، رقم: 4896.</ref> وقال أيضًا {{مض|أنا نبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة}}.<ref>نظرية العقد، [[ابن تيمية]]، ص37.</ref> وقد اختلف علماء الدين الإسلامي في أسماء كثيرة أخرى، فجعلها بعضهم كعدد [[أسماء الله الحسنى]] تسعة وتسعين اسمًا، وعدّ منها [[الجزولي]] في "[[دلائل الخيرات]]" 200 اسم، وأوصلها [[ابن دحية]] إلى 300 اسم. وقد كان من أهم أسباب الخلاف أن بعضهم رأى كل وصف وُصف به النبي في [[القرآن]] من أسمائه. في حين قال آخرون إن هذه أوصاف وليست أسماء أعلام.<ref>قال [[السيوطي]] في تنوير الحوالك شرح [[موطأ مالك]]، ج1، ص27: «وأكثرها صفات».</ref> قال [[النووي]]: «بعض هذه المذكورات صفات، فإطلاق الأسماء عليها إنما هو مجاز».<ref>تهذيب الأسماء واللغات، [[النووي]]، ج1، ص49.</ref>

=== صفته الشكلية ===
{{مقال تفصيلي|وصف النبي محمد}}
{{صور متعددة
| رصف = left
| ذيل = '''يمين:''' يُعتقد أن الأثر الموجود على الحجر هو أثر كف النبي محمد نفسه، وهو موجود [[مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي|بمسجد إبراهيم الدسوقي]] [[مدينة دسوق|بمدينة دسوق]] [[مصر|المصرية]]. <br/> '''يسار:''' رسم على البلاط لأثر قدم النبي محمد والذي تركه على "الصخرة" التي عرج منها إلى السماء في رحلة [[الإسراء والمعراج]]، يعود تاريخها للعام 1706، وهي محفوظة الآن في متحف بيناكي للفن الإسلامي في [[أثينا]] في [[اليونان]].<ref>[http://www.ceramopolis.com/?p=547 '''موقع سيراموبلس:''' أثر قدم النبي محمد] تاريخ الوصول [[26 يونيو]] [[2011]].</ref> حيث يعتقد بعض المسلمون بأن قدمه تترك أثرًا دائمًا أينما جاب.<ref>[http://www.time.com/time/specials/packages/article/0,28804,1983194_1983193_1983196,00.html '''تايم:''' أهم 10 آثار دينية - أثر قدم النبي محمد] تاريخ الوصول [[9 يوليو]] [[2011]].</ref>
| صورة1 = Mark-Prophet-Mohammed-Saint El-DesoukiMosque.jpg
| عرض1 = 120
| صورة2 = Benaki-Islamic-Iznik-Tile-Prophet.jpg
| عرض2 = 120
}}
جمع المسلمون ما توارثوه عن [[الصحابة]] من وصف خلقة نبيّهم في كتب كثيرة عرفت [[علم الشمائل المحمدية|بكتب الشمائل]]، وأشهر هذه الكتب هو "[[الشمائل المحمدية (كتاب)|الشمائل المحمدية]]"، [[أبو عيسى محمد الترمذي|للترمذي]]. حيث ذكر فيه أحاديث كثيرة في وصفه، وكان مما جاء فيه مفرقًا:<ref>الشمائل المحمدية، تأليف: الحافظ الترمذي، ص2-14.</ref>

* '''جسمه''': كان فخمًا مفخمًا،<ref name="وصف هند" /> مربوعًا ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب،<ref name="وصف أبو هريرة" /> ولم يكن يماشي أحدًا إلا طاله. وقد كان أزهر اللون،<ref name="وصف هند" /> ليس بالأبيض الأمهق، ولا بالأسمر.<ref name="وصف أنس">رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]] عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 3547.</ref>
* '''رأسه وشعره''': كان ضخم الرأس، عظيم الهامة، شديد سواد الشعر،<ref name="وصف أبو هريرة" /> ولم يكن شعره شديد الجعودة ولا مرسل، بل كان فيه تثن قليل.<ref name="وصف علي">رواه [[ابن عبد البر]] في كتابه الاستذكار عن [[علي بن أبي طالب]]، ج7، ص336.</ref> وقد كان كثّ اللحية، تُوفي وليس في رأسه ولحيته 20 شعرة بيضاء،<ref name="وصف أنس" />
* '''ذراعاه ويداه''': كان طويل الذراعين كثيرا الشعر، رحب الراحة غليظ الكفين والقدمين،<ref name="وصف علي" /> طويل الأطراف، ضخم المفاصل.
* '''إبطاه''': كان أبيض الإبطين، وهي من علامات نبوته بحسب المسلمين.
* '''منكباه وصدره وبطنه''': كان منكباه واسعين، كثيري الشعر، وكذا أعالي الصدر. وكان عاري الثديين والبطن، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، طويل المسربة موصول ما بين اللبة (النقرة التي فوق الصدر) والسرة بشعر يجري كالخيط.
* '''خاتم النبوة''': هي غُدّة حمراء مثل بيضة الحمامة،<ref>رواه الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد عن [[سلمان الفارسي]]، ج9، ص343.</ref> أو مثل الهلال، فيها شعرات مجتمعات كانت بين كتفيه. وهي من علامات نبوته بحسب المسلمين.
* '''وجهه وجبينه''': كان مستو الوجه سهل الخدين،<ref name="وصف أبو هريرة" /> ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، وكان واسع الجبين<ref name="وصف هند">رواه [[السيوطي]] في كتابه الجامع الصغير عن [[هند بن أبي هالة]]، رقم:6493.</ref> مستويًا.
* '''عيناه وحاجباه''': كان طويل شِق العينين،<ref name="وصف جابر" /> شديد سواد العينين،<ref name="وصف علي" /> في بياضها حمرة، وكانت عيناه واسعتين ذات أهداب طويلة كثيرة. وكان حاجباه قويين مقوَّسين، متّصلين اتصالاً خفيفًا، بينهما عرق يدرّه الغضب.
* '''أنفه''': كان أنفه مستقيمًا، أقنى (طويلاً في وسطه بعض ارتفاع)، مع دقة في أرنبته (طرف الأنف).
* '''فمه وأسنانه''': كان واسع الفم،<ref name="وصف جابر">رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]] عن [[جابر بن سمرة]]، رقم:2339.</ref> في أسنانه رقة وتحدد، يقول واصفه «إذا تكلّم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه».
* '''قدماه''': كان ضخم القدمين‏، يطأ الأرض بقدمه كلها ليس لها أخمص (الجزء المرتفع عن الأرض من القدم)،<ref name="وصف أبو هريرة">رواه [[ابن كثير]] في [[البداية والنهاية]] عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]]، ج6، ص21.</ref> وكان منهوس العقبين (قليل لحم العَقِب).<ref name="وصف جابر" />

=== مقتنياته وآثاره ===
{{طالع أيضا|مقتنايات النبي محمد|أثر النبي محمد|البردة الشريفة}}
[[ملف:Sacred Relics Train.jpg|تصغير|يسار|قطار الأمانات المقدسة الذي حمل أثار للنبي محمد لتركيا أثناء [[الحرب العالمية الأولى]].]]
[[ملف:4025 Istanbul - Topkapi - Sbirciando da finestra sala reliquie - Foto G. Dall'Orto 27-5-2006.jpg|تصغير|يمين|الغرفة التي تحوي [[البردة الشريفة|بردة النبي محمد]]، في متحف [[الباب العالي]] في [[تركيا]].]]
كان من عادة النبي محمد تسمية دوابّه وسلاحه ومتاعه،<ref name="الإحياء-مقتنياته" /> فكان اسم رايته‏ «العقاب‏»، واسم سيفه الذي يشهد به الحروب‏ «ذو الفقار‏»، وكان له سيوف غيره مثل «الرسوب‏» و«القضيب‏»، وكانت قبضة سيفه محلاة بالفضة‏، وكان اسم قوسه‏ «الكتوم‏».‏ واسم ناقته‏ «[[القصواء]]»، واسم بغلته‏ «دُلدُل‏»، واسم حماره «يعفور»، واسم شاته التي يشرب لبنها «عينة». وكان له مطهرة من فخار [[وضوء|يتوضأ]] فيها ويشرب منها، فيرسل الناس أولادهم الصغار فيدخلون عليه فإذا وجدوا في المطهرة ماء شربوا منه ومسحوا على وجوههم وأجسادهم يبتغون بذلك [[تبرك|البركة‏]].‏<ref name="الإحياء-مقتنياته">[[إحياء علوم الدين]]، [[أبو حامد الغزالي]]، ج2، ص376، دار المعرفة، بيروت.</ref> وقد احتفظ المسلمون ببعض هذه المقتنيات عبر التاريخ، فكانت في [[مصر]] في مسجد أثر النبي في [[جنوب القاهرة]]. وقد ظلّت هناك حتى وقعت [[معركة الريدانية|الفتح العثماني]] عام [[1517]]م حين دخل [[القاهرة]] السلطان [[العثمانيون|العثماني]] [[سليم الأول]] فأخذ معه كل أثر النبي إلى [[إسطنبول]]، وبقيت هناك محفوظة إلى الآن في متحف [[الباب العالي]].

أما ما يتعلق بالمشاهد والآثار في [[المدينة المنورة]] و[[مكة]]، فقد قام المسلمون بالحفاظ عليها إلى وقت ظهور الحركة [[الوهابية]] في [[نجد]] في عصر [[الخلافة العثمانية]]، إذ أقدمت [[الوهابية]] بعد سيطرتها على الحجاز على هدم معظم الآثار النبوية بدعوى خوف [[شرك بالله|الشرك]] و[[سد الذرائع|سدا للذريعة]]،<ref name="جدل">[http://www.alhejazi.net/athar/147601.htm '''جريدة الحجاز:''' جدل حول تدمير الوهابية لما تبقّى من آثار إسلامية - فؤاد المشاط] تاريخ الوصول [[7 يوليو]] [[2011]].</ref> ما جعل كثير من علماء [[أهل السنة|السنة]] و[[الشيعة]] ينادون بضرورة المحافظة على ما تبقى منها وعدم السماح لهدمها.<ref>[http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20090129/Con20090129255393.htm '''صحيفة عكاظ:''' مفتي مصر: الآثار النبوية عظيمة القيمة وتمثل تاريخ الإسلام] تاريخ الوصول [[7 يوليو]] [[2011]].</ref><ref>لا ذرائع لهدم آثار النبوة، عمر عبد الله كامل، ص2، دار بيرسان.</ref><ref>[http://www.siironline.org/alabwab/monawat(28)/332.htm '''معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات:''' توصيات ومقترحات لمعالجة هدم الآثار]، تاريخ الوصول [[21 يوليو]] [[2011]].</ref> من هذه الآثار التي هُدمت: «مسجد بني قريظة»، الذي صلى فيه محمد أثناء [[غزوة بني قريظة|حصار بني قريظة]]، و«مسجد أبي بكر الصديق»، الذي رابط عنده [[أبو بكر]] أثناء [[غزوة الخندق]].<ref name="لا ذرائع">لا ذرائع لهدم آثار النبوة، عمر عبد الله كامل، ص182-183، دار بيرسان.</ref> ومكان ولادة النبي محمد، ومكان عيشه في مكة، وبستان الصحابي [[سلمان الفارسي]] حيث كانت هناك نخلة غرسها محمد، وبيت الصحابي [[أبو أيوب الأنصاري]]، وبئر العين الزرقاء، وبئر أريس (بئر الخاتم)، وبئر حاء.<ref>نصيحة لأخواننا علماء نجد، [[يوسف الرفاعي]]، ص12.</ref>

=== جانب من حياته ===
يروي صحابته عنه أنه كان أحلم الناس وأشجع الناس وأعدل الناس وأعف الناس وأسخى الناس، لا يبيت عنده [[دينار]] ولا [[درهم]]، وكان يخصف النعل ويرقع الثوب،<ref>صححه [[الألباني]] في تخريج مشكاة المصابيح، رقم: 5759.</ref> وما عاب مضجعًا، إن فرشوا له اضطجع وإن لم يُفرَش له اضطجع على الأرض، يمزح ولا يقول إلا حقًا، يضحك من غير قهقهة. وكان لا يثبت بصره في وجه أحد، وكان يقبل الهدية ويكافيء عليها، ولا يأكل الصدقة، يجيب الوليمة، ويعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم، ويجالسهم ويؤاكلهم، ويتبع جنائزهم، ولا يصلي عليهم أحد غيره،<ref>رواه الوادعي في الصحيح المسند، رقم: 1476، وصححه.</ref> وكان يمشي وحده بين أعدائه بلا حارس، يقبل معذرة المعتذر إليه. وما شَتَم أحدًا من المؤمنين، وكان لا يصارح أحدًا بما يكرهه، وما ضرب شيءًا قط بيده، ولا امرأةً، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله،<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، رقم: 2328.</ref> وما انتقم من شيء صُنع إليه قط إلا أن تُنتَهك حرمة الله، وما خُيّر بين أمرين قطّ إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه إثم أو قطيعة رحم.
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«خدمت رسول الله {{ص}} عشر سنين، فما قال</br> لي لشيء فعلتُه، "لم فعلتَه؟"، ولا لشيء لم أفعله،</br> "ألا فعلته؟"، وكان بعض أهله إذا عتبني على شيء</br> يقول "دعوه فلو قُضي شيء لكان"»<ref>صححه [[ابن تيمية]] في درء التعارض، ج8، ص420.</ref>|المصدر='' [[أنس بن مالك]]''}}
وكان أبعد الناس غضبًا وأسرعهم رضًا. وكان يبدأ من لقيه بالسلام، وكان يمرّ على الصبيان فيسلم عليهم، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله، وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعًا ويمسك بيديه عليهما شبه الحبوة، وما رُؤي قطّ مادًا رجليه بين أصحابه إلا أن يكون المكان واسعاً لا ضيق فيه، وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة، ولم تكن تُرفَع في مجلسه الأصوات، وكان لا يدعوه أحد من أصحابه وغيرهم إلا قال‏ "لبيك"، ولا يُسأل شيءًا إلا أعطاه، وكان يجلس بين أصحابه مختلطًا بهم كأنه أحدهم، وكان أصحابه لا يقومون له لما عرفوا من كراهته لذلك، وكان أكثر الناس تبسمًا وضحكًا في وجوه أصحابه.<ref name="الإحياء-حياته" /> وكان يأكل مما يليه ويأكل بأصابعه الثلاث وربما استعان بالرابعة، وكان أحب الفواكه إليه البطيخ والعنب، وكان أكثر طعامه [[الماء]] و[[التمر]]، وكان أحب الطعام إليه اللحم، وكان يحب من الشاة الذراع، وكان لا يأكل [[الثوم]] ولا [[البصل]]، وما عاب طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه.<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، رقم: 5409.</ref> وكان يلعق أصابعه من الطعام حتى تحمرّ، وكان يشرب في ثلاث دفعات وله فيها ثلاث تسميات وفي أواخرها ثلاث تحميدات، وكان في بيته لا يسألهم طعامًا ولا يتشهاه عليهم إن أطعموه أكل وما أعطوه قبل وما سقوه شرب.<ref name="الإحياء-حياته" /> وكان يعصب الحجر على بطنه مرة من الجوع. كان يتكلم بجوامع الكلم لا فضول ولا تقصير، وكان جهير الصوت، لا يتكلم في غير حاجة ولا يقول المنكر، ولا يقول في الرضا والغضب إلا الحق، ويكنّي عما اضطره الكلام إليه مما يكره.<ref name="الإحياء-حياته">[[إحياء علوم الدين]]، [[أبو حامد الغزالي]]، ج2، ص488-519، دار الفجر للتراث، ط1999.</ref>

== وجهات النظر حول محمد ==
{{مقال تفصيلي|تأييد شخصية محمد بن عبد الله|انتقاد شخصية محمد بن عبد الله}}
=== وجهة نظر المسلمين ===
{{مقال تفصيلي|تبرك|توسل|المولد النبوي|مديح نبوي|الصلاة على النبي}}
{{صندوق اقتباس|اقتباس=«ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد</br> [[يوم القيامة]] ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع</br> [[يوم القيامة]] ولا فخر، وأنا أول من يحرك حِلَق [[الجنة]]</br> فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر،</br> وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر»<ref>رواه [[الترمذي]] في [[سنن الترمذي|سننه]]، عن [[عبد الله بن عباس]]، رقم: 3616.</ref>|المصدر='' محمد بن عبد الله''}}
بحسب تعاليم [[الإسلام]] فإنّ محمدًا هو أشرف المخلوقات وسيّد البشر جميعًا،<ref name="الفتاوى الحديثية1">الفتاوى الحديثية، [[ابن حجر الهيتمي]]، ص346-349، تحقيق: أحمد عناية، دار التقوى، ط2008.</ref><ref>قال النبي محمد «أنا سيّد ولد [[آدم]] [[يوم القيامة]]»، رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]]، رقم: 2278.</ref> وأنه آخر الأنبياء والمرسلين، وأن الإيمان به وتصديق نبوّته واجب على المسلمين لا يتم إيمانٌ إلا به ولا يصحّ [[الإسلام|إسلامٌ]] إلا معه،<ref name="الشفا1">[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، [[القاضي عياض]]، ج2، ص3، دار الكتب العلمية، ط2006.</ref> وأن طاعته وامتثال أمره واجب عليهم، باعتبارها من طاعة الله، وأنه مجمع الآداب كلّها،<ref>مجموعة رسائل الإمام الغزالي - روضة الطالبين وعمدة السالكين، [[أبو حامد الغزالي]]، ص107، المكتبة الوقفية.</ref> والأسوة الحسنة التي ينبغي على كل إنسان التأسي بها،<ref>في [[القرآن]] {{قرآن مصور|الأحزاب|21}} [[سورة الأحزاب]]، آية: 21.</ref> وأنه باب الله الأعظم ووسيلته الكبرى التي لا يصل بدونه أحد إلى الله، يقول [[الجنيد]] {{مض|الطرق كلها مسدودة على الخلق، إلا على مَن اقتفى أثر الرسول {{ص}} واتَّبع سُنَّته ولزمَ طريقته؛ فإن طُرُقَ الخيرات كلها مفتوحة عليه}}.<ref>حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصبهاني، ج10، ص257، دار الكتاب العربي، ط1984.</ref> وقد توعّد [[الإسلام]] المسلمين بالخذلان والعذاب على من خالف أمره وبدّل سنّته.<ref>في [[القرآن]] {{قرآن مصور|النور|63}}،[[سورة النور]]، آية: 63.</ref> ويعتبر [[الإسلام]] الاحتكامَ إليه والرضى بحكمه شرطًا للإيمان.<ref>[http://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=7&tSoraNo=4&tAyahNo=65&tDisplay=yes&Page=1&Size=1&LanguageId=1 '''موقع التفسير:''' تفسير ابن كثير] تاريخ الوصول [[4 يوليو]] [[2011]].</ref><ref>في [[القرآن]] {{قرآن مصور|النساء|65}}، [[سورة النساء]]، آية: 65.</ref> وقد أجمع المسلمون على حرمة أذيّته، وقتل منتقصيه وسابّه من المسلمين تصريحًا كان أو تعريضًا.<ref name="روضة الطالبين-مكانته" /> وكذلك أجمعوا على عصمته من [[الشيطان]] وكفايته منه في كل أحواله،<ref name="روضة الطالبين-مكانته">مجموعة رسائل الإمام الغزالي - روضة الطالبين وعمدة السالكين، [[أبو حامد الغزالي]]، ص145-146، المكتبة الوقفية.</ref> وأنه إنسان كامل من كلِّ النواحي، منزَّه عن كلِّ عيبٍ أو نقصٍ، وأنه أُعطي الحسن والجمال كلّه.<ref name="الإنسان الكامل">محمد {{ص}} الإنسان الكامل، [[محمد علوي المالكي]]، ص8-19، ط1990.</ref> قال [[البوصيري]] في [[قصيدة البردة (البوصيري)|قصيدة البردة]]:
{{قصيدة|'''فـهْـوَ الـذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه'''|'''ثـمَّ اصْـطَفَاهُ حَبيباً بارِىءُ النَّسَمِ'''}}
{{قصيدة|'''مُـنَـزَّهٌ عَـنْ شَرِيكٍ في محاسِنِهِ'''|'''فَـجَـوْهَرُ الحُسْنِ فيه غيرُ مُنْقَسِمِ'''}}
[[ملف:Al-Kawakib-al-durriyah-Page-0006.jpg|تصغير|200بك|يسار|[[قصيدة البردة (البوصيري)|قصيدة البردة]] والتي اعتبرها كثير من المسلمين أنها أشهر قصيدة في [[مديح نبوي|المديح النبوي]]،<ref>البلسم المريح من شفاء القلب الجريح، عمر عبد الله كامل، ص7.</ref><ref>[[بردة البوصيري ـ دراسة تاريخية]]، [[محمد خالد ثابت]]، ص12-13، المقطم للنشر والتوزيع، القاهرة، ط2006.</ref> وقيل إنها أشهر قصيدة في الشعر العربي بين العامة والخاصة،<ref>[http://www.hasad.net/stations/3152-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A%D8%A9.html '''صحيفة حصاد الإلكترونية:''' المدائح النبوية] تاريخ الوصول [[4 يوليو]] [[2011]].</ref> كتبها [[البوصيري]] في أوائل القرن 7 الهجري الموافق القرن 11 الميلادي.]]
[[ملف:DAROOD.JPG|تصغير|يمين|200بك|«[[صلاة إبراهيمية|الصلاة الإبراهيمية]]»، أحد الصيغ المنتشرة عند كل المسلمين في [[الصلاة على النبي]].<ref>[http://arabic.bayynat.org.lb/nachratbayynat/fakhalhayat/fokhalyayat207.htm''' موقع محمد حسين فضل الله:''' الصلاة على آل النبي (ع)] تاريخ الوصول [[21 يوليو]] [[2011]].</ref>]]
وقد وردت نصوص في كتب [[حديث نبوي|الحديث]] تفيد بأنه كان يَرى من خلفه كما يرى من أمامه،<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، رقم: 418.</ref> وأنه يرى في الليل كما يرى بالنهار،<ref name="الأنوار-مكانته" /> وأنه لم يكن له ظلّ، وأنه أُعطي مفاتيح خزائن الأرض، وأن كل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا سببه ونسبه،<ref>رواه [[الذهبي]]، في المهذب، ج5، ص2632، وقال عنه: إسناده صالح.</ref> وأنه [[شفاعة|يشفع]] للمسلمين [[يوم القيامة]] في إدخالهم [[الجنة]]،<ref name="الأنوار-مكانته">الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص310-322، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.</ref> وأنه حيّ في قبره،<ref>قال النبي محمد «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون»، رواه [[السيوطي]]، في الجامع الصغير، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 3089، وحسّنه. ورواه [[الألباني]] في السلسلة الصحيحة، رقم: 621 وقال عنه: إسناده قوي.</ref> يردّ السّلام على من يسلّم عليه،<ref>قال النبي محمد «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام» رواه [[النووي]] في المجموع، ج8، ص272، وصححه. وقال عنه [[ابن تيمية]] في اقتضاء الصراط المستقيم: على شرط [[مسلم بن الحجاج|مسلم]].</ref> وأن أعمال المسلمين تُعرض عليه فيستغفر لسيئها ويستحسن حسنها،<ref>قال النبي محمد «حياتي خير لكم وموتي خير لكم، تُعرض علي أعمالكم فما كان من حسن حمدت الله عليه وما كان من سيئ استغفرت الله لكم»، رواه [[السيوطي]]، في الخصائص الكبرى، عن [[عبد الله بن مسعود]]، ج2، ص281، وصححه. وقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح.</ref> وأن [[الصلاة في الإسلام|الصلاة]] في [[المسجد النبوي|مسجده]] تعدل 1000 صلاة،<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]] عن [[أبي هريرة|أبو هريرة]]، رقم: 1190.</ref> وقد اعتبر عدد من علماء [[أهل السنة]] زيارةَ قبره من أقرب القُرُبات إلى الله،<ref>[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، [[القاضي عياض]]، ج2، ص74.</ref><ref>قال [[النووي]] في المجموع، ج8، ص204: «واعلم أن زيارة قبر رسول الله {{ص}} من أهم القربات وأنجح المساعي».</ref><ref>قال [[ابن قدامة|ابن قدامة المقدسي]] في [[المغني]]، ج3، ص599، دار الفكر، ط1984: «ويستحب زيارة قبل النبي {{ص}} لما روى [[الدارقطني]] بإسناده عن ابن عمر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي"».</ref> وأن قبره هو أفضل بقعة على الأرض [[إجماع العلماء (إسلام)|بالإجماع]] كما نقله [[القاضي عياض]]،<ref>قال [[القاضي عياض]] في [[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، ج2، ص58، دار الكتب العلمية، ط2006: «ولا خلاف أن موضع قبره أفضل بقاع الأرض». قال [[النووي]] في المجموع شرح المهذب، ج8، ص476: «إنا حكينا أن [[القاضي عياض]] نقل الإجماع على أن موضع قبر النبي {{ص}} أفضل الأرض وأن الخلاف إنما هو فيما سواه، ولم أرَ لأصحابنا تعرّضَا لما نقله».</ref><ref>قال [[ابن عابدين]] في رد المحتار، ج9، ص169: «فما ضمّ أعضاءه الشريفة فهو أفضل بقاع الأرض بالإجماع».</ref><ref>قال [[السيوطي]] في الحاوي للفتاوى، ج1، ص289، تحقيق: عبد اللطيف حسن عبد الرحمن، دار الكتب العلمية، ط2000: «فالآيات والأحاديث دلت على أن [[الكعبة|البيت]] هو المقصود الأعظم وهو أشرف من [[عرفة]] وسائر البقاع إلا القبر الشريف النبوي».</ref> ويعتقد بعض المسلمين بأن الله قد خلق العالم كله من أجله.<ref>قال [[ابن تيمية]] في مجموع الفتاوى، ج11، ص96، دار الوفاء، ط2005: «محمد {{ص}} سيد ولد آدم، وأفضل الخلق وأكرمهم عليه، ومن هنا قال من قال: إن الله خلق من أجله العالم أو أنه لولا هو لما خلق عرشًا ولا كرسيًا ولا سماءً ولا أرضًا ولا شمسًا ولا قمرًا».</ref> وكذلك انتشر بين المسلمين [[توسل|التوسل به]] في [[دعاء|دعائهم]]، معتقدين أن ذلك أرجى لاستجابة دعائهم من الله لما لمحمد من جاه ومكانة عند الله،<ref name="مفاهيم-توسل">مفاهيم يجب أن تُصحح، [[محمد علوي المالكي]]، ص123-133.، ط2005.</ref> وبعض هذه الأقوال رفضها علماء [[سلفية|السلفية]]، حيث ينكر [[ابن تيمية]] و[[ابن عبد البر]] الإجماع الذي حكاه [[القاضي عياض]] في فضل قبر النبي على سائر البقاع وينحصر اعتقادهم في أن القبر قد شرف بمقام النبي،<ref>[http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3474&idto=3475&bk_no=22&ID=2172مجموع فتاوى ابن تيمية » الفقه » الزيارة » مسألة تربة النبي أفضل من السموات والأرض أم الكعبة أفضل.]</ref><ref>[نيل الأوطار » كتاب المناسك » أبواب ما يجتنبه المحرم وما يباح له » باب تفضيل مكة على سائر البلاد.]</ref> كما لا يرون جواز تخصيص قبر النبي بالزيارة مستندين لأقوال [[مالك بن أنس|للإمام مالك]] وعدد من علماء [[المالكية]] و[[الشافعية]] و[[الحنابلة]] على حرمة السفر لزيارة القبور.<ref>[http://www.dorar.net/art/281 حكم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم علوي بن عبد القادر السَّقَّاف.]</ref> فيما يرى [[ابن باز]] القول بأن الله خلق الخليقة لأجل النبي من أقوال العامة وهو كلام باطل فاسد لا أساس له، وأن الله ما خلق الخليقة إلا لأجل عبادته.<ref>[http://www.binbaz.org.sa/mat/4761 الزعم بأن الدنيا بما فيها خلقت من أجل الرسول صلى الله عليه وسلم.]</ref>

ويعتبر [[الإسلام]] محبّةَ محمدٍ أصلاً من أصول [[الإسلام]]، وأحدَ شروط صحة الإيمان، وأن المسلمَ لا يبلغُ كمالَ الإيمانِ حتى يحبّ محمدًا أكثر من أي شيء آخر، يقول عن نفسه {{مض|لا يؤمن أحدكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والده وولده والنَّاس أجمعين}}.<ref>رواه [[البخاري]] في [[صحيح البخاري|صحيحه]]، عن [[أنس بن مالك]]، رقم: 15.</ref> لذلك أحبه [[صحابة|أصحابه]] والمسلمون حبًا شديدًا، حتى سُئل [[علي بن أبي طالب]] يومًا عن حبّهم لمحمد فقال {{مض|كان والله أحبَّ إلينا من أموالنا وأولادنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظَّمأ}}،<ref name="الشفا2">[[الشفا بتعريف حقوق المصطفى]]، [[القاضي عياض]]، ج2، ص15-17، دار الكتب العلمية، ط2006.</ref> ولما احتضر [[بلال بن رباح]] أخذ يقول وهو يموت {{مض|واطرباه، غدًا ألقى الأحبّة، محمدًا وحزبه}}، وكان أصحابه بعد موته لا يذكرونه إلا خشعوا واقشعرت جلودهم وبكوا، حبًا وشوقًا له.<ref name="الشفا2" /> وكان يقول محمد عن محبة أتباعه له من بعده {{مض|من أشدّ أمّتي لي حُبًا، ناسٌ يكونون بعدي، يودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله}}.<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]]، رقم: 2832.</ref>
[[ملف:Prophet Mohammad Mihrab.jpg|تصغير|يمين|200بك|محراب النبي محمد الذي كان يصلي فيه في [[المسجد النبوي]]، والذي يتدافع المسلمون عنده حرصًا منهم على الصلاة فيه.]]
[[ملف:Al-Masjid AL-Nabawi Door.jpg|تصغير|يسار|200بك|اسم النبي محمد منقوشًا على جميع بوابات [[المسجد النبوي]].]]
ثم إن المسلمين قد دأبوا على تعظيم محمد وإجلاله وإكرامه وتوقيره اتباعًا لأوامر [[الإسلام]]،<ref>في [[القرآن]] {{قرآن مصور|الفتح|8|9}}، [[سورة الفتح]]، آية: 8-9.</ref> فكانوا في حياته لا ينادونه باسمه مجردًا،<ref name="روضة الطالبين-مكانته" /><ref>في [[القرآن]] {{قرآن مصور|النور|29}} [[سورة النور]]، آية: 29.</ref> ولا يرفعون أصواتهم فوق صوته،<ref>في {{قرآن مصور|الحجرات|2}} [[سورة الحجرات]]، آية: 2.</ref> وكانوا في مجلسه كأنما على رؤوسهم الطير من الهيبة.<ref>رواه [[النووي]] في الخلاصة، ج2، ص921.</ref> وكان من مظاهر تعظيمهم له أن كانوا [[تبرك|يتبركون]] به وبآثاره،<ref group="معلومة">في أسرار الآثار النبوية، لعماد الدين الحسيني، ص5: «التبرّك اصطلاحًا هو طلب الحصول على الخير والبركة على وجه السبب».</ref> فكانوا يتبركون بفضل ماء وضوءه، وبعرقه، وبثيابه، وآنيته، وبمسّ جسده، وبموضع قدمه<ref name="مفاهيم-التبرك">مفاهيم يجب أن تُصحح، [[محمد علوي المالكي]]، ص232-257.، ط2005.</ref> وبماء جبّته، وبشعراته، وكانوا يستشفون بها من المرض.<ref>[[صحيح البخاري]]، رقم: 5896.</ref><ref name="أسرار">أسرار الآثار النبوية، عماد الدين جميل حليم الحسيني، ص6، دار المشاريع، ط2007.</ref> وكان [[خالد بن الوليد]] يحتفظ بشعرات للنبي محمد في مقدمة قلنسوته،<ref>سير أعلام النبلاء، [[الذهبي]]، ج2، ص402-410، دار البيان الحديثة.</ref> وكانت [[أسماء بنت أبي بكر]] تحتفظ بجبّته بعد موته وتقول {{مض|كان النبي {{ص}} يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يُستشفى بها}}.<ref>رواه [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] في [[صحيح مسلم|صحيحه]] عن عبد الله بن كيسان، رقم: 2069.</ref> وكان [[عبد الله بن عمر]] يتتبع الأماكن التي كان يصلي بها النبي محمد، فيصلي فيها.<ref>[[صحيح البخاري]]، رقم: 483.</ref><ref>[http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=918&idto=921&bk_no=52&ID=331 فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني] تاريخ الوصول [[12 يوليو]] [[2011]].</ref>

ويُكثر المسلمون من تسمية أبناءهم باسم {{مض|محمد}}، إذ تشير الإحصائيات بأن اسم {{مض|محمد}} هو الاسم الأكثر شيوعًا في العالم،<ref>[http://women.timesonline.co.uk/tol/life_and_style/women/families/book_of_names/article1183264.ece '''ذا تايمز:''' محمد.. الاسم الأكثر شعبية في العالم؟] تاريخ الوصول [[4 يوليو]] [[2011]].</ref> وأكثر الأسماء للمواليد الجدد في [[بريطانيا]] سنة [[2009]].<ref>[http://www.telegraph.co.uk/news/religion/6194354/Mohammed-is-most-popular-name-for-baby-boys-in-London.html '''تيليغراف:''' محمد هو الاسم الأكثر شعبية بالنسبة للأطفال الذكور في لندن] تاريخ الوصول [[4 يوليو]] [[2011]].</ref> وقد اعتاد معظم المسلمين في كل البلاد الإسلامية منذ القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي، على الاحتفال [[المولد النبوي|بمولد محمد]]،<ref>حسن المقصد في عمل المولد، [[جلال الدين السيوطي]]، ص5.</ref> فيقيمون مجالسَ لسماع سيرته، و[[الصلاة على النبي|الصلاة والسلام عليه]]، وسماع [[مديح نبوي|المدائح في حقه]]، وذلك في كل أوقات العام وعند كل فرصة يقع فيها فرح أو سرور، ويزداد ذلك في شهر مولده [[ربيع الأول]]، وفي يوم مولده وهو الإثنين،<ref name="حول المولد1">حول المولد النبوي الشريف، [[محمد علوي المالكي]]، ص11-12، دار جوامع الكلم، ط1997.</ref> فيما ينكر أتباع [[سلفية|السلفية]] مثل هذه الاحتفالات باعتبارها [[بدعة]] دخيلة على [[الإسلام]]. وكذلك انتشر بين المسلمين لون من ألوان [[شعر عربي|الشعر العربي]] الخاص بمدح محمد وذكر خصائصه وفضائله ونظم سيرته، ما عُرف [[مديح نبوي|بالمديح النبوي]]، حيث يُرجع الباحثون نشأته في حياة محمد، إذ كان يمدحه أصحابه مثل [[حسان بن ثابت]] و[[كعب بن زهير]]،<ref name="الرياض-المدائح" /> ولكنه ازدهر مع الشعراء المتأخرىن وخاصة مع [[البوصيري]] في القرن السابع الهجري بقصيدته [[قصيدة البردة (البوصيري)|البردة]]،<ref>المدائح النبوية في الأدب العربي، زكي مبارك، ص17، منشورات المكتبة العصرية، صيدا بيروت، ط1935.</ref> والتي تُعد من أهم قصائد المديح، وأكثرها انتشارًا،<ref name="الرياض-المدائح">[http://www.alriyadh.com/2005/01/24/article10950.html '''صحيفة الرياض:''' المدائح النبوية.. خيوط نورانية تصل ماضي الأدب العربي بحاضره] تاريخ الوصول [[13 يوليو]] [[2011]].</ref> وقد ازدادت شهرتها إلى أن صار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن.<ref>المنح المكية في شرح الهمزية للبوصيري، [[ابن حجر الهيتمي]]، ج1، ص106.</ref> ويعمل المسلمون على تمييز اسم محمد عند حديثهم عنه، فعادة ما يُشار إليه "رسول الله" أو "سيّدنا محمد" أو "النبي"، ويتبعون اسمه [[الصلاة على النبي|بالصلاة والسلام عليه]] بقولهم "عليه الصلاة والسلام" أو "صلّى الله عليه وسلّم" أو "صلى الله عليه وآله وسلم" وغيرها من الصلوات الأخرى، اتباعًا لأمر قرآني بالصلاة عليه فضلاً عن وجود أحاديث تحثّ على ذلك وتحذّر من تركها،<ref>قال النبي محمد «من صلى عليّ صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى عليّ فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر» رواه الدمياطي، في المتجر الرابح، رقم: 246، وقال عنه: حسن.</ref> قال {{مض|أولى الناس بي [[يوم القيامة]] أكثرهم عليّ صلاة}}.<ref>رواه [[الترمذي]] في [[سنن الترمذي|سننه]]، رقم: 484، وقال عنه: حسن غريب.</ref>

=== وجهة نظر اليهودية ===
يوجد تقليد في اليهودية يعترف بوجود أنبياء غير يهود ارسلهم الله من أجل هداية شعوبهم، ومنهم مثلاً [[بلعام]] و[[أيوب]] الذين لم يكونا من العبرانيين. وقد اختلفت وجهات نظر كبار علماء الدين اليهود في محمد بدرجة كبيرة، فرأى العالم اليهودي اليمني نثنائيل ابن الفيومي في كتابه "بستان العقول" أن الله قد يرسل أنبياء لا تتفق رسالتهم مع المعتقدات التي أتى بها الأنبياء اليهود. ويعتبر الفيومي محمد نبياً صادقاً غير أن رسالته موجهة إلى العرب بشكل خاص وليست لليهود وذلك لتعارضها مع [[التوراة]].<ref>The Bustan al-Ukul, by Nathanael ibn al-Fayyumi, edited and translated by David Levine, Columbia University Oriental Studies Vol. VI, p. 105</ref><ref>''Gan ha-Sekhalim'', ed. Kafih (Jerusalem, 1984), ch. 6.</ref> غير أنه من الملاحظ أن نظرة الفيومي لم تلق قبولاً واسعاً بين اليهود في عصره.<ref>Abraham's children: Jews, Christians, and Muslims in conversation, by Norman Solomon, Richard Harries, Tim Winter, T&T Clark Int'l, 2006, ISBN 0-567-08161-3, p. 137 ''Netanel's work was virtually unknown beyond his native Yemen until modern times, so had little influence on later Jewish thought''</ref>

ويرى [[موسى بن ميمون]] أهم اللاهوتيين اليهود في العصور الوسطى أن محمدا قد انتقى بعض التعاليم اليهودية في رسالته وأضاف إليها عبادات أخرى. ويرى ميمون أن محمداً كان نبياً كاذباً ويعتبر ادعاءه النبوة غير ذي مصداقية لأنه يخالف التقليد التوراتي اليهودي.<ref>[http://www.aishdas.org/student/navi.htm Prophet: True or False?], Gil Student</ref> كما يرى أن كون الرسول أمياً يمنعه من الوصول لمرتبة الأنبياء.<ref>[http://www.myjewishlearning.com/beliefs/Issues/Jews_and_Non-Jews/Attitudes_Toward_Non-Jews/Islam.shtml Jewish Views on Islam], Marc B. Shapiro</ref>

=== وجهة نظر المسيحية ===
يعتبر [[يوحنا الدمشقي]] (676-749 م) أول من أعطى رأيًا مسيحيًا عنه، ففي كتابه "ينبوع الحكمة" اعتبره نبيًا كاذبًا تأثر بالهرطقة [[آريوسية|الآريوسية]] بعد لقائه بالراهب [[بحيرى]] واستعمل القرآن لتغطية آثامه.<ref>[http://orthodoxinfo.com/general/stjohn_islam.aspx St. John of Damascus’s Critique of Islam], Orthodox Christian Information Centre</ref> وتعتبر أعماله هي الأساس الذي أعتمد عليه اللاهوتيون الغربيون في انتقاد الإسلام. غير أن النظرة المشرقية لمحمد اتسمت بانفتاح أكبر، فعندما سأل الخليفة العباسي [[أبو عبد الله محمد المهدي|المهدي]] بطريرك [[كنيسة المشرق]] [[طيماثيوس الأول]] عن رأيه في محمد، أجاب:"كان يمشي على خطا الأنبياء".<ref>[http://books.google.com/books?id=E6SIe0ommuYC&pg=PA169 Modern Western Christian theological understandings of Muslims since the Second Vatican council], Mahmut Aydin</ref> كما أثنى طيماثيوس على محمد لكونه "أعدل شعبه عن عبادة الأوثان إلى معرفة الله الواحد".<ref>{{Cite book|last=Jenkins|first=Philip|title=The Lost History of Christianity: The Thousand-Year Golden Age of the Church in the Middle East, Africa, and Asia--and How It Died|year=2009|publisher=HarperCollins|isbn=9780061472817|page=185|url=http://books.google.nl/books?id=HROUhIrWepYC}}</ref> غير أن الصدامات اللاحقة مع المسلمين في الأندلس وفلسطين أدت إلى ظهور تيار مغالي في انتقاد الإسلام واشتد هذا التيار بعد حروب الأوروبيين مع العثمانيين خاصة لدى المصلحين [[البروتستانت]]؛ فقارن [[مارتن لوثر]] محمدًا [[بابا روما|ببابا روما]] من حيث السوء ووصفه "بالابن البكر للشيطان".<ref>[http://www.ccel.org/ccel/schaff/hcc4.i.iii.x.html Christian Polemics against Mohammedanism.], Christian Classics Ethereal Library</ref>

وصف [[اللاهوت الدفاعي|الدفاعيون]] الكاثوليك محمدًا في مطلع القرن العشرين على أنه مصلح اجتماعي، غير أن رسالته انطلقت من فهم خاطيء [[يهودية|لليهودية]] و[[المسيحية]]. وأشاد "هيلير بيلوك" أحد أبرز الدفاعيين الكاثوليك في مطلع القرن العشرين برسالة الرسول التي وضعت مكانة خاصة للمسيح وأمه [[مريم بنت عمران|مريم]]، غير أنه اعتبر أنه لم يأت بديانة جديدة بل رأى أن الإسلام [[هرطقة]] يهودية/مسيحية دمجت بها بعض من ديانات العرب.<ref>[http://www.catholic.com/thisrock/2003/0305clas.asp The Great and Enduring Heresy of Mohammed], [[Hilaire Belloc]]</ref> ومنذ انعقاد [[المجمع الفاتيكاني الثاني]] ظهرت أصوات داخل [[الكنيسة الكاثوليكية]] تدعو للاعتراف بنبوة محمد في ظل التقاليد المسيحية وذلك لخلق فرصة أكبر للحوار مع [[الإسلام]]. ويشبه [[مونتغمري وات]] محمد بأنبياء العبرانيين في كتابه "حقيقة دينية لعصرنا":<ref>[http://books.google.com/books?id=E6SIe0ommuYC&pg=PA173 Modern Western Christian theological understandings of Muslims since the Second Vatican council], Mahmut Aydin</ref>
{{اقتباس|كان محمد نبيًا يمكن مشابهته بأنبياء [[العهد القديم]]، على أن وظيفته اختلفت قليلًا. فبينما انتقد هؤلاء حياد العبرانيين عن ديانتهم، كان على محمد أن يجلب معرفة الله لأشخاص لم يكن لهم سابقًا علم بها. فبهذا المنطلق تشبه وظيفته وظيفة [[موسى]] حيث تم بواسطتهما نقل شريعة إلهية لشعبيهما.}}

=== وجهة نظر الغرب ===
تقول الناقدة والباحثة السورية "رنا قباني" أنه خلال [[القرون الوسطى]] لم تكن الحرب بين [[أوروبا]] و[[الإسلام]] عسكرية منحصرة في [[تركيا]] أو [[إسبانيا]]، بل كانت حربًا ثقافية أيضًا، فالغرب دأب منذ [[القرن الثاني عشر]] على اختبار [[الإسلام]] ليس كحضارة بل كقوة غازية،<ref name="أساطير1">أساطير أوروبا عن الشرق: لفّق تسد، رنا قباني، ص35-39، دار طلاس، دمشق، ط1994.</ref> فأدّى ذلك بالإضافة إلى انتشار الجهل وغياب الدقة في [[الترجمة]] واختلاق الأساطير والميل نحو المثير - كما تبرر قباني - إلى إنتاج موروث أدبي معاد للإسلام كان أحد أوجهه الاعتقاد بكون النبي محمد "عدو [[يسوع|للمسيح]]"،<ref>أساطير أوروبا عن الشرق: لفّق تسد، رنا قباني، ص19، دار طلاس، دمشق، ط1994.</ref> وتصويره بطريقة مُسفة تحمل في ثناياها مقدارًا كبيرًا من الإمعان في الأسطورة، وتعزيز لنظرية العداوة.<ref name="أساطير1" /> حتى أنّ "[[جيرالد الويلزي]]" أحد أوائل الإنكليز الذين كتبوا حول [[الإسلام]]، قال بأنه ثمّة خطة إسلامية للقضاء على [[المسيحية]].<ref name="أساطير1" />

مع عصر التنوير في [[القرن السابع عشر]] وظهور العلاقات التجارية المميزة بين [[أوروبا]] و[[الدولة العثمانية]]، وما رافقها من زيارات لأوروبيين أو تجار إلى مدن الشرق أخذت الصورة عن [[الإسلام]] والنبي تتغير، وأخذت أوروبا تنتج موروثًا جديدًا، قال "[[فيكتور هوغو]]" عام [[1829]] {{مض|إنّ الدراسات عن الشرق تمضي قدمًا، وبينما كنا في السابق إغريقيي الهوى أصبحنا استشراقيين}}،<ref name="أساطير2" /> وهذه "الدراسات عن الشرق" التي عاصرت ميلاد الحركة العلمية والنقدية في أوروبا أنصفت النبي محمد، فقد قال عنه الشاعر الفرنسي [[ألفونس دي لامارتين]] {{مض|أترون أن محمدًا كان صاحب خداع وتدليس، وصاحب باطل وكذب؟! كلا. بعدما وعينا تاريخه، ودرسنا حياته، فإنَّ الخداع والتدليس والباطل والإفك، كل تلك الصفات هي ألصق بمن وصف محمدًا بها}}.<ref name="الغربيين">[http://www.islamstory.com/%D8%B4%D9%87%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B5%D9%81%D9%8A%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B5%D8%AF%D9%82-%D9%86%D8%A8%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%84#_ftn13 شهادة المنصفين من الغربيين على صدق نبوة الرسول]، تاريخ الوصول [[19 يوليو]] [[2011]].</ref> وقال عنه المؤرّخ الإنجليزي "وليم موير" {{مض|امتاز محمد بوضوح كلامه، ويسر دينه، وأنه أتم من الأعمال ما أدهش الألباب، لم يشهد التاريخ مصلحًا أيقظ النفوس، وأحيا الأخلاق الحسنة، ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل محمد}}.<ref name="الغربيين" /><ref>حياة محمد، وليم موير، ص31.</ref> وهذا لا ينفي أن بضعًا من البحّاثة الأوروبيين ظل محتفظًا وبنسب متفاوتة بصورة القرون الوسطى التقليدية، غير أن أهميتها وتأثيرها على الشارع العام أخذ بالانحسار.<ref name="أساطير2">أساطير أوروبا عن الشرق: لفّق تسد، رنا قباني، ص107، دار طلاس، دمشق، ط1994.</ref> واستمرّ ذلك خلال [[القرن العشرين]]، إلا أنه وفي أعقاب [[هجمات الحادي عشر من سبتمبر]] تصاعدت موجة [[إسلاموفوبيا|خوف من الإسلام]] بسبب الخلط بين تصرفات المتطرفين الإسلاميين ورسالة [[الإسلام]] بشكل عام.<ref>[http://www.alyaumonline.com/News/art/8574.html?print&output_type=rss&output_type=rss&output_type=rss&output_type=rss '''موقع اليوم:''' الغرب والإسلام فوبيا، رؤية المفكرين]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]].</ref><ref>[http://www.aljazeera.net/NR/exeres/6EC17FC7-6961-4E7B-B452-889186D3B3B3.htm '''الجزيرة نت:''' المسلمون الأميركيون وآثار أحداث سبتمبر]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]].</ref> فظهر فئات من الغرب يُرجعون سبب العنف الموجود في [[العالم الإسلامي]] إلى تعاليم محمد، فأنتجوا أعمالاً ينتقدون فيها محمدًا مثل كتاب نبي الخراب، و[[فيلم فتنة]]، و[[الرسوم الكاريكاتورية في صحيفة يولاندس بوستن]].

=== وجهات نظر أخرى ===
* [[بابية|البابية]] و[[البهائية]] و[[أحمدية|الأحمدية]] تعتبر محمدًا أحد الأنبياء والرسل، لكنه ليس آخرهم، فهناك من بعده حسب رأيهم الباب و[[البهاء]] و[[غلام أحمد القادياني]].<ref name="الأحمدية">[http://www.islamahmadiyya.net/show_page.asp?content_key=12&article_id=46#362 '''موقع الأحمدية:''' خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]].</ref><ref>[http://info.bahai.org/arabic/teachings.html '''الجامعة البهائية العالمية:''' من تعاليم الدين البهائي]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]].</ref><ref>[http://www.islamstory.com/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9_%D9%81%D8%B1%D9%82%D8%A9_%D8%B6%D8%A7%D9%84%D8%A9#_ftn5 '''قصة الإسلام:''' البابية]، تاريخ الوصول [[20 يوليو]] [[2011]].</ref>
* في ديانة [[ثيليما|الثيليما]] يعد محمد أحد قديسي "الكنيسة المعرفية الكاثوليكية".
* في ديانة [[ثيليما|الثيليما]] يعد محمد أحد قديسي "الكنيسة المعرفية الكاثوليكية".
* يعده [[ناناك]] مؤسس الديانة [[السيخية]] أحد رسل [[براهما|البراهما]].<ref>Peter Teed (1992), p.424</ref>
* يعده [[ناناك]] مؤسس الديانة [[السيخية]] أحد رسل [[براهما|البراهما]].<ref>Peter Teed (1992), p.424</ref>

نسخة 17:37، 2 أبريل 2012

محمد بن عبد الله
اسم النبي محمد بخط الثلث ملحوق بالصّلاة والسّلام عليه
«أحمد، أبو القاسم، أبو الطيّب، نبي التوبة، نبي الرحمة، نبي المرحمة، نبي الملحمة، الرحمة المهداة، سيد ولد آدم، حبيب الرحمن، المختار، المصطفى، المجتبى، الصادق، المصدوق، الأمين، صاحب الشفاعة والمقام المحمود، صاحب الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة، صاحب التاج والمعراج، إمام المتقين، سيد المرسلين، قائد الغر المحجلين، النبي الأمّي، رسول الله، خاتم النبيين، الرسول الأعظم، السراج المنير، النور، الرؤوف الرحيم، العروة الوثقى»
الولادة 12 ربيع الأول 52 ق هـ / نيسان 571م
مكة المكرمة
الوفاة 12 ربيع الأول 11 هـ / حزيران 632م
المدينة المنورة
مبجل(ة) في الإسلام
البهائية
البعث رمضان 12 ق هـ / آب 611م، غار حراء في مكة المكرمة
المقام الرئيسي حجرة عائشة في المسجد النبوي في المدينة المنورة
تاريخ الذكرى 12 ربيع الأول من كل عام
رموز القرآن
شفيع(ة) العالمين
النسب من العرب من قريش من ولد إسماعيل بن إبراهيم
أمّه آمنة بنت وهب
أبوه عبد الله بن عبد المطلب
أمّهاته بالرضاعة حليمة السعدية، وثويبة
أبوه بالرضاعة الحارث بن عبد العزى
أخوانه بالرضاعة حمزة (عمّه)، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأبو سفيان بن الحارث (ابن عمّه)، وعبد الله بن الحارث، والشيماء بنت الحارث، وأنيسة بنت الحارث
زوجاته خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وزينب بنت خزيمة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، ومارية القبطية، وأم حبيبة، وصفية بنت حيي، وميمونة بنت الحارث
أولاده الذكور القاسم، وعبد الله، وإبراهيم
أولاده الإناث زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة الزهراء
الختم

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، يعتبره المسلمون رسول الله للبشرية ليعيدهم إلى توحيد الله وعبادته، ويؤمنون بأنه خاتم النبيين والمرسلين،[1] وأنه أشرف المخلوقات وسيّد البشر،[2] كما يعتقدون فيه العصمة.[3] عند ذكر اسمه، يُلحِق المسلمون عبارة «صلى الله عليه وسلم» مع إضافة «وآله» و«وصحبه» في بعض الأحيان، لِمَا جاء في القرآن والسنة النبوية مما يحثهم على الصلاة عليه.[4] اعتبره الكاتب اليهودي مايكل هارت أعظم الشخصيّات أثرًا في تاريخ الإنسانية كلّها باعتباره «الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحًا مطلقًا على المستوى الديني والدنيوي».[5] ترك محمد أثرًا كبيرًا في نفوس المسلمين، حتى كثُرت مظاهر محبّتهم وتعظيمهم له، من ذلك الاحتفال بمولده، واتباعهم لأمره وأسلوب حياته وعباداته، وقيامهم بحفظ أقواله وأفعاله وصفاته وجمع ذلك في كتب عُرفت بكتب الحديث النبوي.

ولد في مكة في شهر ربيع الأول من عام الفيل قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة (هجرته من مكة إلى المدينة)، ما يوافق سنة 570 أو 571 ميلاديًا و52 ق هـ.[6] ولد يتيم الأب وفقد أمه في سنّ مبكرة فتربى في كنف جده عبد المطلب ثم من بعده عمه أبي طالب حيث ترعرع، وكان في تلك الفترة يعمل بالرعي ثم بالتجارة. تزوج في سنِّ الخامسة والعشرين من خديجة بنت خويلد وأنجب منها كل أولاده باستثناء إبراهيم. كان قبل الإسلام يرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية التي كانت منتشرة في مكة.[7] ويؤمن المسلمون أن الوحي نزل عليه وكُلّف بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، أمر بالدعوة سرًا لثلاث سنوات، قضى بعدهنّ عشر سنوات أُخَر في مكة مجاهرًا بدعوة أهلها وكل من يرد إليها من التجار والحجيج وغيرهم. هاجر إلى المدينة المنورة والمسماة يثرب آنذاك عام 622م وهو في الثالثة والخمسين من عمره بعد أن تآمر عليه سادات قريش ممن عارضوا دعوته وسعوا إلى قتله، فعاش فيها عشر سنين أُخر داعيًا إلى الإسلام، وأسس بها نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت لاحقًا وشملت مكة وكل المدن والقبائل العربية، حيث وحَّد العرب لأول مرة على ديانة توحيدية ودولة موحدة، ودعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية.[8][9]

مصادر سيرته

كون النبي محمد شخصية لها تأثير كبير في التاريخ، فإن حياته وأعماله وأفكاره قد تم مناقشتها على نطاق واسع من جانب أنصاره وخصومه على مر القرون. كما واهتم المسلمون قديمًا وحديثًا بسيرة النبي محمد باعتبارها المنهج العملي للإسلام، فألف علماء الإسلام مؤلفات عديدة وجامعة في سيرته، ودوّنوا كل ما يتعلق بذلك.[10]

القرآن

القرآن والذي يُعتبر أهمّ المصادر لمعرفة سيرة النبي محمد وأوثقها.

يُعتبر القرآن مصدرًا أساسيًا لمعرفة سيرة النبي محمد،[11] كونه أقدم وأوثق مصادر السيرة النبوية، لأنه يرجع إلى عصر النبي محمد نفسه. كما يتفق المسلمون كافة على مدى العصور على نسخة واحدة منه رغم اختلاف الفرق الإسلامية.[12][13][14] وإن كان القرآن لم يتناول كل سيرة النبي محمد باستفاضة،[13] إلا أنه ذكر فيه إشارات كثيرة إلى سيرته إما بصريح العبارة، أو بالإشارة، أو بالتضمين،[15] فذُكر فيه بعضٌ من شمائله، ودلائل نبوته، وأخلاقه وخصائصه، وعن حالته النفسية، وذُكر فيه أيضًا شيءًا عن غزواته.[16] فقد ورد في القرآن ما يقارب 280 آية في الغزوات (وهي تساوي نسبة 4,65% من القرآن)[17] جاء بعضها بالإشارة، وبعضها تصريحًا، كغزوات بدر، وأحد، والخندق، والحديبية، وخيبر، وفتح مكة.[18] فمثلاً اشتملت سورة الأحزاب على تفاصيل من سيرة محمد مع أزواجه وأصحابه كما تضمنت تفاصيل كثيرة عن غزوة الأحزاب.[19]

كتب الحديث

ملف:صفحة من موطأ مالك.png
موطأ مالك ذكر فيه «باب في انتقال نور المصطفى في الأصلاب النقيّة واستوداعه في الأرحام المطهرة المرضيّة».
صحيح البخاري والذي يُعتبر أصحّ كتب الحديث عند المسلمين السنة.

قد شغلت السيرة النبوية حيزًا كبيرًا من كتب الحديث، وكلّ من ألّف في الحديث كان يُخصص أقسامًا وأبوابًا وكتبًا خاصة بما يتعلق بحياة محمد، ودعوته، ومغازيه، وحتى عن صحابته،[20] غير أن تلك الأقسام لم تكن مرتبة ترتيبًا زمنيًا.[21] ثم إن مقصد مؤلفي هذه الكتب كان منصَبًّا على جمع أقوال محمد وأفعاله وتقريراته وأحكامه،[21][22] وكانت مشاهد السيرة تأتي في ثناياها ليستدلوا بها على الحكم الشرعي،[22] لذا جاءت بدون تفصيل بل كانت تقتصر على بعض تلك الأخبار وفق منهج أهل الحديث في الرواية.[11]

اتفق علماء المسلمين على أن أشهر وأقدم كتب الحديث التي زخرت بأخبار السيرة النبوية هو موطأ مالك، حيث أورد جملة من الأحاديث تتعلق بسيرة محمد وأوصافه وذكر ما يتعلق بالجهاد.[20] وكذلك فعل البخاري في صحيحه، حيث ذكر جوانب من حياة محمد قبل البعثة وبعدها، وخصص كتابًا في المغازي وآخر في الجهاد،[23] كما ذكر كثيرًا من خصائصه، ودلائل معجزاته، بما يوازي عُشْر صحيحه.[20] وهكذا فعل مسلم بن الحجاج في صحيحه، حيث اشتمل على جزء كبير من سيرته وفضائله، وجهاده.[20] وكان كلّ من جاء بعدهم اتبع نفس النهج مع اختلاف في التبويب والترتيب، كأصحاب السنن أبي داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارمي، وأحمد بن حنبل.[21]

كتب السيرة

بدأت كتابة السيرة النبوية والمغازي في مرحلة متأخرة عن كتابة الأحاديث النبوية، وإن كان الصحابة يهتمون بنقل سيرته شفاهًا،[21] فكان أول من اهتم بكتابة السيرة عمومًا هو عروة بن الزبير (توفي 92 هـ) ثم أبان بن عثمان (توفي 105 هـ) ثم وهب بن منبه (توفي 110 هـ) ثم شرحبيل بن سعد (توفي 123 هـ) ثم ابن شهاب الزهري (توفي 124 هـ)، غير أن جميع ما كتبه هؤلاء قد باد وتلف، فلم يصل إلينا منه شيء، إلا بقايا متناثرة روى بعضها الطبري.[24][25] وفي الطبقة التي تلي هؤلاء، يأتي محمد بن اسحق (توفي 152 هـ) والذي اتفق الباحثون على أنّ ما كتبه يُعدّ أوثق ما كُتب في السيرة النبوية في ذلك العهد،[21] ولكن كتابه "المغازي" لم يصل إلينا، فقام ابن هشام (توفي 218 هـ) فروى كتاب ابن إسحاق مهذبًا ملخصًا وهو المعروف بكتاب "سيرة ابن هشام".[26] كما اعتمد الطبري (توفي 310 هـ) بشكل أساسي على أخبار رُويت عن ابن إسحاق في الجزء الخاص بالسيرة النبوية من كتابه تاريخ الطبري.[27] مصدر آخر ظهر في وقت مبكر هو "المغازي" للواقدي (توفي 207 هـ)، والذي استفاد منه تلميذه ابن سعد البغدادي (توفي 230 هـ) في كتابه المسمى بـ "الطبقات الكبرى". الكثير من الباحثين تعاملوا مع هذه المصادر كمصدر صحيح، على الرغم من كون دقتها غير مؤكدة.[27] لاحقًا عمل الباحثون على التمييز بين الأساطير والروايات الدسيسة والمكذوبة من جهة والروايات التاريخية البحتة من جهة أخرى.[28]

كتب الشمائل والدلائل

ملف:الشفا بتعريف حقوق المصطفى.jpg
نسخة من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض في الشمائل، والذي قال عنه علماء المسلمين «لولا الشّفا لما عُرف المصطفى».[29]

تعدّ كتب الشمائل من المصادر الأساسية لمعرفة سيرة النبي محمد،[30] وهي الكتب التي قصد أصحابها العناية بذكر أخلاق محمد، وعاداته وفضائله، وسلوكه في الليل والنهار،[22] كما تناولت آدابه وصفاته الخَلْقية والخُلُقية.[31] وموضوع الشمائل المحمدية اهتم به علماء المسلمين منذ القدم، وكان أحد أغراض كتب الحديث، ثم أفرده المحدّثون في كتب مستقلة، كان في مقدمتهم أبو البختري وهب بن وهب الأسدي (توفي 200 هـ) في مؤلفه "صفة النبي " ثم أبو الحسن علي بن محمد المدائني (توفي 224 هـ) في كتابه "صفة النبي"، ثم كتاب "الشمائل المحمدية" للترمذي (توفي 279 هـ)، ثم داود بن علي الأصبهاني (توفي 270 هـ) في كتابه "الشمائل المحمدية"،[31] ثم إسماعيل القاضي المالكي (توفي 282 هـ) في كتابه "الأخلاق النبوية"، كذلك أبو الحسن أحمد بن فارس اللغوي (توفي 295 هـ) في كتابه "أخلاق النبي".[22] ثم جاء بعدهم في القرون التالية خلق كثيرٌ، منهم القاضي عياض (توفي 544 هـ) في كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى".

أما كتب الدلائل فهي تلك الكتب التي حوت بحسب ما يراه المسلمون من الحجج والبراهين الدّآلة على صدق وصحّة نبوة محمد، وعلى شمول وعموم رسالته، بدلالات واضحة لا جدل فيها،[32] وفيها الأدلة على معجزاته وظهور آياته، والردّ على من أنكرها من وجهة نظر المسلمين.[33] وفي كتب السنة النبوية أبواب خُصصت لعلامات النبوة، كما فعل البخاري ومسلم وغيرهما. أما الكتب المخصصة لهذا الشأن فهي كثيرة جدًا أشهرها "دلائل النبوة" للبيهقي.

مصادر أخرى

هناك كذلك أنواع أخرى من المصادر، مثل كتب تفسير القرآن وأسباب النزول، ذلك أن علماء المسلمين يعتمدون بشرح القرآن بشكل أساسي على تفسيرات القرون الإسلامية الأولى، بما في ذلك الآيات التي تتناول حياة محمد. ومن أمثلتها تفسير ابن كثير وتفسير الطبري وتفسير القرطبي.[34] إضافة إلى كتب التاريخ التي تتناول التاريخ بشكل عام وتتطرق إلى السيرة النبوية كتاريخ الطبري وتاريخ ابن خلدون وغيرها.[34] كذلك هناك مصادر غير عربية، منها اليونانية، ومن أقدمهم الكاتب ثيوفانس في القرن التاسع الميلادي. وهناك السريانية ومن أقدمهم كاتب القرن السابع جون بار بينكاي[35] مع وجود خمسة كتبة آخرين لا تزيد فترة ذكرهم للنبي عن ثلاثين عام من وفاته.[36]

خلفية تاريخية

أهم القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام.

من النّاحية السياسية، كانت شبه الجزيرة العربية مفككة، لا توحّدها دولة ولا تديرها حكومة،[37] وكانت الدول القديمة التي قامت في اليمن ونجد وأطراف العراق والشام قد اندثرت، وطغت البداوة على المدن في الحجاز،[38] فكانت القبيلة هي الوحدة السياسية والاجتماعية. فكانت مكة تُدار من قبل الملأ في دار الندوة.[39] والمدينة المنورة في حالة نزاع دائم بين الأوس والخزرج. أما دولة المناذرة في الحيرة ودولة الغساسنة في الأردن والجولان فقد سمح الفرس والروم للدولتين بالنشوء لتكونا حاجزتين تصدان عنهما غزو القبائل العربية، وتتوليان حماية القوافل التجارية. وقد أسقط الفرس دولة المناذرة سنة 602م قبل البعثة المحمدية بثمانِ سنوات.[38]

ومن النّاحية الاقتصادية، فقد كان بدو العرب يعتمدون على الرعي والتنقل لأماكن الماء، مما يجعلها في حروب مع بعضها للحصول على الموارد.[38] أما في المدن، فكان يقوم فيها النشاط التجاري والزراعي والصناعي،فمكة كان يغلب عليها النشاط التجاري، وتتحكم بطرق التجارة بين اليمن والشام، وقد استفادت مكة من مكانة الكعبة الدينية عند العرب في حماية قوافلها التجارية.[39] أما المدينة فكان يغلب عليها الزراعة حيث بساتين النخيل والأعناب والفواكه. واستعمل العرب الدينار البيزنطي والدرهم الفارسي في التبادل التجاري.[38] أما الصناعة فقد عُرفت المدينة بصياغة الحلي الذهبية والفضية، وصناعة السيوف والرماح والنبال والدروع، كما قامت في المدن العربية حرف الحدادة والصياغة والدباغة، والغزل والنسيج. وكان العرب يعرفون أنواعًا من المعاملات المالية كالقراض والمضاربة والرهن.[38]

من النّاحية الدينية كانت الوثنية تسود شبه جزيرة العرب بشكل غالب،[40] حيث كانوا يعبدون آلهة يمثلونها في أصنام مصنوعة من الحجر والخشب بلغ عددها 360 صنمًا حول الكعبة تعبدها القبائل التي تؤم البيت للحج وتقدم لها القرابين والنذر.[41] كان من أقدمها وأكبرها "مَناة" (لهُذَيْل وخزاعة)، و"الّلات" (لثقيف)، و"العُزَّى" (لقريش مع كثير من القبائل الأخرى).[40] ومع ذلك بقي لديهم شعائر من بقايا دين إبراهيم مثل تعظيم الكعبة، والطواف بها، والحج، والعمرة.[40] وكان هناك أفراد من الموحدين على ملة إبراهيم وإسماعيل كانوا موجودين في مكة عرفوا بالأحناف.[41] تواجدت أيضًا ديانات بشكل محدود مثل اليهودية في اليمن والمدينة، والنصرانية في نجران والحيرة ودومة الجندل وأطراف الشام. كذلك وُجد انتشار محدود للمجوسية قادمًا من بلاد الفرس.[41]

نسبه

هو «أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب (واسمه شيبة) بن هاشم (واسمه عمرو) بن عبد مناف (واسمه المغيرة) بن قصي (واسمه زيد) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (وهو الملقب بقريش) بن مالك بن النضر (واسمه قيس) بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (واسمه عامر) بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان». هذا هو المتفق عليه من نسبه، أما ما فوقه ففيه اختلاف كثير، غير أنه ثبت أن نسب عدنان ينتهي إلى إسماعيل بن إبراهيم.[42][43]

ولم يكن فرعٌ من قريش إلا كان لمحمد فيهم قرابة.[44] ويعتقد المسلمون بأن الله قد اصطفى نبيَّهم محمدًا واختاره من أزكى القبائل وأفضل البطون وأطهر الأصلاب،[45] حيث قال «خرجتُ من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمّي»،[46] وقال أيضًا «إنَّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم»،[47] وقال «إنَّ الله تعالى خلق الخلق، فجعلني في خير فِرَقِهم، وخير الفرقتين، ثم تخيَّر القبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم تخيَّر البيوت فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرُهم نفسًا، وخيرُهم بيتًا».[48]

أسماء آباء وأمهات النبي محمد.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
قصي
400
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
عبد العزى
 
 
 
 
 
 
 
 
عبد مناف
430
 
 
 
 
 
 
 
عبد الدار
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
أسد
 
 
 
المطلب
 
 
هاشم
464
 
 
 
نوفل
 
 
 
عبد شمس
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
خويلد
 
 
 
 
 
 
 
 
عبد المطلب
497
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
العوام
 
خديجة
 
حمزة
 
 
عبد الله
545
 
 
 
أبو طالب
 
 
العباس
 
 
عبد العزى
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الزبير
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
محمد
571
 
علي
599
 
عقيل
 
جعفر
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
فاطمة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
مسلم
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الحسن
625
 
 
 
 
 
 
الحسين
626
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

حياته قبل البعثة

ولادته

منظر كاشف لمكة من على متن جبل النور.

لما بلغ عبد الله بن عبد المطلب ثمانية عشرة أو خمسة وعشرين سنة،[57] زوّجه أبوه آمنة بنت وهب من عمّها "وهيب بن عبد مناف" وقد كانت تعيش عنده.[58] فبنى بها عبد الله في مكة فحملت بمحمد، وكانت آمنة تحدّث أنّها حين حملت به أُتِيَت فقيل لها «إنّك قد حملت بسيّد هذه الأمّة، فإذا وقعَ على الأرض فقولي "أعيذه بالواحد من شرِّ كل حاسد"، ثم سمّيه "محمدًا"».[59] ثم لم يلبث أبوه عبد الله حتى خرج إلى الشام للتجارة، فمرّ بالمدينة فأقام عندهم مريضًا شهرًا ثم تُوفي عن عمر خمسة وعشرين عامًا،[60] ودُفن في "دار النابغة" (وهو رجل من بني عدي بن النجار)،[58] وكانت آمنة يومئذٍ حامل بمحمد لشهرين (رأي الجمهور)،[45] تاركًا وراءه خمسة أجمال، وقطعة غنم، وجارية حبشية اسمها "بركة" وكنيتها أم أيمن.[58] وبعد أن بقي محمد في بطن أمه تسعة أشهر كملّاً،[61] وُلد في مكة في شعب أبي طالب،[معلومة 1] في الدار التي صارت تُعرف بدار "ابن يوسف".[43][62] وتولّت ولادته "الشِّفاء" أم عبد الرحمن بن عوف.[63]

مكان ولادة النبي محمد في شعب أبي طالب،[64] وهي الدار التي اشتراها محمد بن يوسف، أخو الحجاج من ورثة عقيل بن أبي طالب الذي كان أخذها حين هاجر محمد إلى المدينة المنورة. ثم جُعلت الدار مسجدًا هُدِم لاحقًا، ثم بُني على أنقاضه "مكتبة مكة المكرمة" عام 1951م.[65]

وقد كان مولده يوم الإثنين،[66] 8 ربيع الأول،[67] أو 12 ربيع الأول (المشهور عند أهل السنة[68][69] أو 17 ربيع الأول (المشهور عند الشيعة[43] من عام الفيل، بعدما حاول أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، قيل بعده بشهر، وقيل بأربعين يومًا، وقيل بخمسين يومًا (وهو المشهور)،[70][71] ويوافق ذلك 20 أبريل[70] أو 22 أبريل سنة 571 م على الأصحّ[42] (أو 570 وحتى 568 أو 569 حسب بعض الدراسات).[72]

ويُروى بأن محمدًا قد وُلد مختونًا مسرورًا (مقطوع السرّة)،[71] بينما هناك روايات أخرى تؤيد أن عبد المطلب ختنه يوم سابعه وجعل له مأدبة.[71] وكانت أمّه تحدّث أنّها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل ولا وحم، ولمّا وضعته وقع إلى الأرض مستقبل القبلة رافعًا رأسه إلى السماء،[68] مقبوضة أصابع يديه مشيرًا بالسبابة كالمسبّح بها.[73]

مِن قَبلها طِبتَ في الظِّلال وفي
مستودِع حيث يُخصَف الوَرَق
ثُم هبطتَ البلاَد لا بشرٌ
أنت ولا مضغةٌ ولا علق
بل نُطفةٌ تركب السَّفينَ وقد
ألجَم نسرًا وأهله الغرق
تُنقَل من صالب إلى رَحم
إذا مضى عالم بدا طَبَق
ثم احتوى بيتك المهيمن من
خندف علياء تحتها النطق
وأنتَ لمَّا وُلدتَ أشرقت الـ
أرضُ وضاءت بنورك الأفُق
فنحن في ذلك الضِّياء وفي
النُّور وسبل الرشاد نخترق
العباس بن عبد المطلب[74][75][76]

وأنّها رأت حين ولدته كأنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام.[77] قالت أمّ عثمان بن أبي العاص «حضرتُ ولادة رسول الله ، فرأيت البيتَ حين وضع قد امتلأ نورًا، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننتُ أنها ستقعَ عليّ».[73] وبعدما ولدته أرسلت إلى عبد المطلب تبشّره بحفيده، ففرح به فرحًا شديدًا، ودخل به الكعبة شاكرًا الله،[42] وقال «ليكوننّ لابني هذا شأن»،[58] واختار له اسم "محمّد" ولم تكن العرب تسمي به آنذاك، إلا ثلاثة طمع آباؤهم حين سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يُبعث في الحجاز فيكون ولدًا لهم.[73] وقد علمت اليهود آنذاك بولادة محمد، يقول حسان بن ثابت «والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديًا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به».[78]

نشأته

بئر ماء زمزم والذي تقول الرواية أن جبريل غسل قلب محمد بذلك الماء في حادث شق الصدر.

كان أوّل من أرضعته بعد رضاعه من أمّه بأسبوع ثويبة مولاة أبي لهب،[42] كان قد أعتقها، فأرضعت محمدًا لأيام بلبن ابن لها يُقال له "مسروح"، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب وأبا سلمة المخزومي،[62] وقيل بل أرضعتهما معه.[79] ويروي البخاري أنه «لما مات أبو لهب رآه بعض أهله بمنامه، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألقَ بعدكم (أي لم ألقَ بعدكم خيرًا) غير أني سُقيت في هذه بعتاقتي ثويبة».[80] وكانت أم أيمن تحضنه حتى كبر،[81] وكان يقول لها «يا أُمّه»، وكان إذا نظر إليها قال «هذه بقية أهل بيتي».[82]

كان من عادة العرب أن يلتمسوا المراضع لمواليدهم في البوادي،[63] فجاءت نسوة من بني سعد بن بكر يطلبنَ أطفالًا يرضعنهم فكان محمد من نصيب حليمة بنت أبي ذؤيب لتُرضعه مع ابنها "عبد الله" في بادية بني سعد، وزوجها هو "الحارث بن عبد العزى"، وكان لهما ابنتان "أنيسة" و"حذافة" ولقبها الشيماء والتي كانت تحضن محمدًا مع أمّها إذا كان عندهم.[78] وأجمع رواة السِّير أنَّ بادية بني سعد كانت تعاني إذ ذاك سنةً مجدبةً، فلما جاء محمد إلى باديتهم عادت منازل حليمة مخضرّة وأغنامها ممتلئة الضرع.[45] عاش محمد معها سنتين حتى الفطام وقد كانت حليمة تذهب به لأمه كل بضعة أشهر لزيارتها، فلما انتهت السنتين عادت به حليمة إلى أمّه لتقنعها بتمديد حضانته خوفًا من وباء بمكة وقتها ولبركة رأتها من محمد، فوافقت آمنة.[42] وعندما بلغ سن الرابعة،[83] وقيل الخامسة،[68] حدثت له حادثة شق الصدر والتي قد ورد في كتب السير تكرار مثيلها أكثر من مرة،[45] والتي أنكرها الشيعة،[84] وبعض المستشرقين أمثال نيكلسون،[معلومة 2][81] فأعادته حليمة إلى أمه. رَوى مسلم تلك الحادثة فقال:[85]

محمد أن رسول الله أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك. ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه (جمعه وضم بعضه إلى بعض) ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (مرضعته) فقالوا: إن محمدًا قد قُتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره. محمد

تُوفيت أمّه، وهو ابن ست سنوات[79][84] أثناء عودتهم من زيارة لأخواله من بني عدي بن النجار، بمكان يسمى الأبواء،[63] فحضنته أم أيمن، وحملته إلى جدّه عبد المطلب ليكفله بعد ذلك ليعيش معه بين أولاده.[79] وفي السنة الثامنة من عمره،[86] توفي جده عبد المطلب، بعد أن اختار له أبا طالب ليكفله، ويقوم بشؤونه.[84]

شبابه

دير الراهب بحيرى في بصرى في الشام.

لم يكن عمّه أبو طالب ذا مال وفير، فاشتغل محمد برعي الغنم يأخذ عليه أجرًا[83] مساعدةً منه لعمّه،[81] قال «ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم. فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط (أجزاء من الدراهم والدنانير) لأهل مكة».[87] بينما أنكر الشيعة خبر رعيه الغنم.[84] وفي الثانية عشر من عمره،[88] سافر مع عمه أبي طالب إلى الشام للتجارة، فلما نزلوا "بصرى" في الشام مرّوا على راهب اسمه "بحيرى[79] وكان عالمًا بالإنجيل، فجعل ينظر إلى محمد ويتأمّله، ثم قال لأبي طالب «ارجع بابن أخيك إلى بلدك واحذر عليه اليهود فوالله إن رأوه أو عرفوا منه الذي أعرف ليبغنه عنتًا، فإنه كائن لابن أخيك شأن عظيم نجده في كتبنا وما ورثنا من آبائنا».[89][90]

لُقّب محمد في مكة "بالأمين"،[63] فكان الناس يودعون أماناتهم عنده. كما عُرف عنه أنه لم يسجد لصنم قطّ، رغم أنتشار ذلك في قريش،[7][81] ولم يشارك شبابهم في لهوهم ولعبهم،[83] وإنما كان يشارك كبرائهم في حربهم ومساعدتهم بعضًا بعضًا، ففي الرابعة عشر من عمره، وقيل في العشرين من عمره،[70] حدثت حرب الفجار بين قريش ومن معهم من كنانة وبين هوازن،[91] فشارك محمد فيها.[91] كما شارك قريشًا في "حلف الفضول" وهو ميثاق عقدته قريش في دار عبد الله بن جدعان بمكة، وتعاهدت فيه أن تحمي الضعفاء والمظلومين، قال محمد «لقد شهدتُ في دار عبد الله بن جدعان حِلفًا، لو دُعيت به في الإسلام لأجبتُ».[92] ولمّا أصاب الكعبة سيل أدّى إلى تصدّع جدرانها، قرر أهل مكة تجديد بنائها،[83] وفي أثناء ذلك اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في موضعه، فاتفقوا على أن يضعه أول شخص يدخل عليهم، فلما دخل عليهم محمد وكان عمره خمسًا وثلاثين سنة،[88] قالوا «هذا الأمينُ، قد رَضينا بما يقضي بيننا»،[88] فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه.[93]

زواجه بخديجة

ملف:قبر خديجة بنت خويلد.jpg
القبة التي كانت مبنية على قبر خديجة في مقبرة المعلاة.

كانت خديجة بنت خويلد امرأةً تاجرةً ذات شرف ومال،[63] فبلغها عن محمد ما بلغها من أمانته، فعرضت عليه أن يخرج بمالها إلى الشام متاجرًا وتعطيه أفضلَ ما كانت تعطي غيره من التجّار،[94] فقبل وخرج ومعه غلامها "ميسرة"، فقدما الشام فنزلا في سوق بصرى في ظل شجرة قريبة من صومعة راهب يُقال له "نسطورا[95] فاطلع الراهب إلى ميسرة وقال له «ما نزل تحت هذه الشجرة قطّ إلا نبيّ»،[96] وكان ميسرة إذا اشتد الحرّ يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو على بعيره.[97] فلما أقبل عائدًا إلى مكة قدم على خديجة بمالها وقد ربحت ضعف ما كانت تربح.[94] بعد ذلك عرضت خديجة عليه الزواج بواسطة صديقتها "نفيسة بنت منيّة"،[98] فرضى بذلك، وعرض ذلك على أعمامه، فخرج معه عمّه حمزة بن عبد المطلب حتى خطبها من عمّها "عمرو بن أسد"،[99][100] وقيل بل خطبها له أبو طالب.[101] ثم تزوجها بعد أن أصدقها عشرين بكرة، وكان سنّه خمسًا وعشرين سنة وهي أربعين سنة،[102] وقيل بل كانت خمسًا وعشرين سنة،[103] أو ثمانية وعشرين سنة.[104] وكانت خديجة أول امرأة تزوجها محمد ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت[97] بعد ما بقيت معه خمسًا وعشرين سنة، عشرًا بعد المبعث وخمس عشرة قبله.[68] وبحسب أهل السنة فإنه قد تزوج خديجة قبل محمد وهي بِكر "عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم" (وولدت له هند) ثم مات عنها فتزوجها "أبو هالة النباش بن زرارة" (وولدت له هند وهالة).[94] بينما رفض الشيعة ذلك، وقالوا إنَّ محمدًا تزوجها بكرًا.[105]

أنجب محمد من خديجة كل أولاده إلا إبراهيم. وحين تزوج خديجة، أعتق حاضنته أم أيمن فتزوجها "عبيد بن زيد من بني الحارث"، فولدت له أيمن،[106] فصحب محمدًا حين بُعث وتوفي شهيدًا يوم حنين،[107] وقيل يوم خيبر.[106] وكان زيد بن حارثة لخديجة فوهبته لمحمد، فأعتقه وزوجه أم أيمن بعد النبوة فولدت له أسامة،[108] وتوفيت بعدما توفي محمّد بخمسة أشهر.[109]

مبشرات على قرب مبعثه

يؤمن المسلمون بأن الله لم يبعث نبيًا إلا وأخذ عليه الميثاق لئن بُعث محمدًا وهو حيّ ليؤمننّ به وينصرنّه، ويأمر قومه بذلك،[110] وكان محمدٌ يقول «أنا دعوة إبراهيم، وكان آخر من بشّر بي عيسى بن مريم».[111] وقد ورد في كتب السير بأن الأحبار من اليهود والكهّان من النصارى ومن العرب كانوا قد تحدّثوا بأمر النبي محمد قبل مبعثه لمّا تقارب زمانه،[112] فأمّا الكهّان من العرب فأتتهم به الشياطين من الجن مما تسترق من السمع في السماء قبل أن تُحجَب عن ذلك برمي النجوم والشهب بمبعث النبي محمد،[112] وأما الأحبار من اليهود والرهبان من المسيحيين فلِما وجدوا في كتبهم من صفته وصفة زمانه، وما كان من عهد أنبيائهم إليهم أن يتبعوه وينصروه إذا بعث فيهم.

قال ابن عباس «كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فلمّا التقوا هُزمت يهود خيبر فعاذت اليهود بهذا الدعاء فقالت «اللهم إنا نسألك بحقّ محمد النبيّ الأميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم»، فكانوا إذا التَقَوا، دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان، فلما بُعث النبي كفروا به فأنزل الله ﴿وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ».[113] ومما ورد في قصة إسلام سلمان الفارسي أنه قال له أحد الرهبان «قد أظلّ زمان نبي، مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب، مهاجره إلى الأرض بين حرّتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى، يأكل الهديّة ولا يأكل الصّدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل».[112] وعن عامر بن ربيعة أنه قال: «سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول أنا أنتظر نبيًا من ولد إسماعيل ثم من بني عبدالمطلب ولا أراني أدركه، وأنا أؤمن به وأصدّقه وأشهد أنه نبيّ، فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السّلام، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك. قلت: هلمّ. قال: هو رجل ليس بالقصير ولا بالطويل ولا بكثير الشعر ولا بقليله وليست تفارق عينيه حمرة وخاتم النبوة بين كتفيه، واسمه أحمد، وهذا البلد مولده ومبعثه، ثم يخرجه قومه منها، ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره، فإيّاك أن تخدع عنه فإني طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم، فكل من أسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون "هذا الدين وراءك" وينعتونه مثل ما نعته لك ويقولون "لم يبق نبي غيره"».[114]

وقد كان محمد يرى قبل بعثته أمورًا، من ذلك ما قاله «إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلّم علي قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن»،[115] وكان إذا خرج لحاجة أبعد حتى تحسر عنه البيوت ويفضي إلى شعاب مكة وبطون أوديتها، فلا يمرّ بحجر ولا شجر إلا قال «السلام عليك يا رسول الله» يمينه وعن شماله وخلفه فلا يرى إلا الشجر والحجارة. فمكث كذلك يرى ويسمع، حتى جاءه جبريل في غار حراء.[116]

حياته بعد البعثة إلى الهجرة

نزول الوحي

غار حراء، حيث يؤمن المسلمون أن وحيًا من الله نزل على محمد هناك.
جبل النور في مكة.

لما بلغ محمد سنَّ الأربعين، اعتاد أن يخرج إلى غار حراء (طوله 2.16م، وعرضه 0.945م)[117] في جبل النور على بعد نحو ميلين من مكة،[83] وذلك في كل عام،[116] فيأخذ معه الطعام والماء ليقيم فيه شهرًا بأكمله ليتعبد ويتأمّل.[118] ويعتقد المسلمون بأنه في يوم الاثنين،[119] 17 رمضان[120] أو 24 رمضان،[116][121] أو 21 رمضان، الموافق 10 أغسطس سنة 610م،[117] أو 27 رجب (المشهور عند الشيعة[122] نزل الوحي لأول مرّة على محمد وهو في غار حراء، تروي عائشة بنت أبي بكر قصة بدء الوحي، والتي أنكر الشيعة معظمَ ما جاء فيها:[123][124]

محمد أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنّث فيه الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحقّ وهو في غار حراء، فجاءه المَلك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقاريء. قال: فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقاريء، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقاريء، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال:  اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ  خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ  اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ  الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ  عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ  . فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زمّلوني زملّوني، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرّحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتُقرِي الضيف، وتُعين على نوائب الحقّ. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرءًا تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عمّ، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله به على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيًا إذ يُخرجك قومك، فقال رسول الله : أوَمخرجيّ هم؟ قال: نعم، لم يأتِ رجل قطّ بمثل ما جئتَ به إلا عُودِي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا محمد

وبعد تلك الحادثة، فَتَر عنه الوحي مدة، قيل أنها ثلاث سنوات وقيل أقلّ من ذلك، ورجّح البوطي ما رواه البيهقي من أن المدة كانت ستةَ أشهر،[45][125] حتى انتهت بنزول أوائل سورة المدثر. ثم بدأ الوحي ينزل ويتتابع مدة ثلاثة وعشرين عامًا حتى وفاته.[126] فكان أول ما نزل من القرآن بعد أول سورة العلق، أول سورة القلم، والمدثر والمزمل والضحى والليل.[114] وعن كيفية نزول الوحي عليه، كان يقول «أحيانًا في مثل صلصلة الجرس، فهو أشده عليّ فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول»، قالت عائشة: «ولقد رأيتُه ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصِم عنه، وإنَّ جبينه ليتفصَّد عرقًا».[127] وفي نفس تلك الفترة حدثت له حادثة شق الصدر للمرّة الثانية.[128][129]

بداية الدعوة

الصلاة كانت أول ما نزل من الأحكام على المسلمين في بداية الدعوة.
قال النبي محمد «ما دعوتُ أحدًا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده كبوة ونظر وتردد، إلا ما كان من أبي بكر بن أبي قحافة ما عَكَم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه».[130]

يعتقد المسلمون بأن محمدًا بُعث للناس كافة، فقد قال عن نفسه «أنا رسولُ من أدركتُ حيًا، ومن يولد بعدي»،[131] فبعد نزول آيات سورة المدثر،[132] بدأ يدعو إلى الإسلام الكبيرَ والصغيرَ، والحر والعبد، والرجال والنساء، فكان أوّل النّاس إيمانًا به بحسب الرواية السنية زوجته خديجة بنت خويلد،[133] ثمّ ابن عمّه علي بن أبي طالب،[134] (وهو أول الناس إيمانًا بحسب الشيعة)[135] وكان صبيًا يعيش في كفالة محمد معاونةً لأبي طالب،[136] وهو يومئذٍ ابن عشر سنين[137][138]، وقيل ثمان سنين، وقيل غير ذلك.[139] ثم أسلم زيد بن حارثة مولى محمد ومتبنّاه قبل تحريم ذلك في الإسلام، فكان أول ذكر أسلم وصلّى بعد علي بن أبي طالب،[130] وفي رواية الزهري أن زيد بن حارثة كان أول الرجال إسلامًا.[136] ثم أسلم صديقه المقرّب أبو بكر بن أبي قحافة،[130] وقيل بل أسلم قبل علي بن أبي طالب،[140] قال أبو حنيفة «بل هو أول من أسلم من الرجال، وعليًا أول من أسلم من الصبيان».[141][142] ولمّا أسلم أبو بكر أظهر إسلامه فكان أول من أظهر الإسلام في مكة،[143] وجعل يدعو إلى الإسلام من وثِقَ به من قومه ممن يجلس إليه، فأسلم بدعائه عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص.[132][140] ويُروى أنّ أبا بكر رأى رؤيا قبل إسلامه، ذلك أنه رأى القمر ينزل إلى مكة، ثم رآه قد تفرّق على جميع منازل مكة وبيوتها، فدخل في كل بيت منه شعبة، ثم كأنه جمع في حجره، فقصّها على بعض الكتابيين فعبرها له بأن «النبي المنتظر الذي قد أظل زمانه تتبعه وتكون أسعد الناس به».[138]

وكان محمد في بداية أمره يدعو إلى الإسلام مستخفيًا حذرًا من قريش مدة ثلاث سنين.[144] وكان من أوائل ما نزل من الأحكام الأمر بالصلاة، وكانت الصلاة ركعتين بالصباح وركعتين بالعشيّ،[138] فكان محمد وأصحابه إذا حضرت الصّلاة ذهبوا في الشِّعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم.[94] وكان المسلمون الأوائل يلتقون بمحمد سرًا، ولما بلغوا ثلاثين رجلاً وامرأةً، اختار لهم محمد «دار الأرقم بن أبي الأرقم» عند جبل الصفا ليلتقي بهم فيها لحاجات الإرشاد والتعليم.[144] وبقوا فيها شهرًا،[145] لحين ما بلغوا ما يقارب أربعين رجلاً وامرأةً، فنزل الوحي يكلف الرسول بإعلان الدعوة والجهر بها.[146]

الجهر بالدعوة

جبل الصَّفا من داخل المسجد الحرام في مكة، والذي جهر عنده محمد لأول مرّة بدعوته.

بعد مرور ثلاث سنوات من الدعوة سرًا، بدأ محمد بالدعوة جهرًا بعدما تلقّى أمرًا من الله بإظهار دينه، عن علي بن أبي طالب أنه قال: «لما نزلت «وأنذر عشيرتك الأقربين» جمع رسول الله قرابته، فاجتمع له ثلاثون رجلاً، فأكلوا وشربوا، فقال لهم: من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي؟ فقال علي: أنا».[147][148][149] ويروي ابن عباس فيقول:[150]

محمد لمّا أنزلت «وأنذر عشيرتك الأقربين» صعد رسول الله على الصّفا فقال: يا معشر قريش! فقالت قريش: مالك يا محمد؟ قال: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل أكنتم تصدقونني؟ قالوا: نعم، أنت عندنا غير متَّهم، وما جربنا عليك كذبًا قطّ. قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ، يا بني عبد المطلب! يا بني عبد مناف! يا بني زهرة! إنّ الله أمرني أن أُنذر عشيرتي الأقربين، وإنّي لا أملك لكم من الدنيا منفعة ولا من الآخرة نصيبًا، إلا أن تقولوا لا إله إلا الله. فقال أبو لهب: تبًا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله تبارك وتعالى «تبت يدا أبي لهب وتب» محمد
الشهادتان «لا إله إلا الله محمد رسول الله» التي كان يدعو لهما النبي محمد.

وبحسب رواية عن الزهري فإن قريشًا لم تعادي محمدًا ودعوتَه إلا بعد أن نزلت آيات في ذم الأصنام وعبادتها،[150] في حين يتمسك مفسرو القرآن وأغلب كتاب السيرة بأن المعارضة تزامنت مع بدء الدعوة الجهرية للإسلام.[151] فاشتدت قريش في معاداتها لمحمد وأصحابه، وتصدّوا لمن يدخل في الإسلام بالتعذيب والضرب والجلد والكيّ، حتى مات منهم من مات تحت التعذيب،[144] قال ابن مسعود «أول من أظهر الإسلام بمكة سبعة: رسول الله ، وأبو بكر، وبلال وخباب وصهيب وعمار وسمية. فأما رسول الله وأبو بكر فمنعهما قومهما، وأما الآخرون فأُلبسوا أدرع الحديد ثم صُهروا في الشمس وجاء أبو جهل إلى سمية فطعنها بحربة فقتلها».[152] حتى محمدًا قد ناله نصيب من عداوة قريش، من ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص «بينما رسول الله يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله وقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم».[153] وقد كان من أشدّهم معاداة لمحمد وأصحابه أبو جهل، وأبو لهب، والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن قيس بن عدي، والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط،[150] حتى دعا على بعضهم قائلاً: «اللهم عليك بعمرو بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، وعمارة بن الوليد».[154]

سلكت قريش طريق المفاوضات لثني محمد عن دعوته، فأرسلت عتبة بن ربيعة أحد ساداتهم يفاوضه، فلما سمع القرآن عاد لقريش وقال «أطيعوني وخلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله ليكوننّ لقوله الذي سمعت منه بنبأ عظيم، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزّه عزّكم». ثم حاولوا مرات كثيرة بعرض المال عليه والزعامة، لكن محمدًا كان يرفض في كل مرة.[144] ولما كان محمد في حصانة عمّه أبي طالب، أرسلوا وفودًا لعمّه يعاتبونه مرات عديدة،[151] حتى صعُب على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم له، فقال لمحمد «يا ابن أخي، إنّ قومك قد جاؤوني وقالوا كذا كذا، فأبق عليَّ وعلى نفسك، ولا تحمِّلني من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك»، فظنّ محمد أن قد بَدَا لعمّه فيه، وأنه خاذله ومُسْلمه، وضعف عن القيام معه. فقال محمد كلمته المشهورة «يا عمّ، لو وُضعت الشمس في يميني، والقمر في يساري، ما تركتُ هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه». ثم بكى محمد، فقال له أبو طالب «يا ابن أخي، إمضِ على أمرك وافعل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدًا».[155][156]

الهجرة إلى الحبشة

موقع مملكة أكسوم الحبشية، وجهة أصحاب محمد للهجرة هربًا من الاضطهاد.

لما اشتد البلاء على المسلمين، أذن لهم محمد بالهجرة إلى الحبشة عند الملك أصحمة النجاشي، قائلاً لهم «إنّ بأرض الحبشة ملكًا لا يُظلَم أحدٌ عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجًا ومخرجًا مما أنتم فيه»، فخرج 11 رجلاً و4 نسوة،[157] على رأسهم عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت محمد،[158] في شهر رجب من سنة خمس من البعثة (8 ق هـ)،[159] وكان رحيل هؤلاء تسللًا في الليل، خرجوا إلى البحر وقصدوا "ميناء شعيبة"، وكانت هناك سفينتان تجاريتان أبحرتا بهم إلى الحبشة،[160] فكانت أول هجرة في الإسلام.

موضع السجود في آخر سورة النجم والذي سجد عند تلاوته كل من سمعه من النبي محمد.

وفي أعقاب الهجرة إلى الحبشة، وتحديدًا في شهر رمضان، خرج النبي محمد إلى الحرم، وفيه جمع كبير من قريش، فقام فيهم، وفاجأهم بتلاوة سورة النجم، ولم يكن أولئك قد سمعوا القرآن من قبل، لأنهم كانوا مستمرين على ما تواصوا به من قولهم ﴿لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون،[160] حتى إذا تلا في خواتيم هذه السورة آية ﴿فاسجدوا لله واعبدوا ثم سجد، فسجد معه كل من كان حاضرًا من قريش،[161] إلا شيخًا أخذ كفًا من حصى فرفعه إلى جبهته وقال: «يكفيني هذا»،[162] فشاع أن قريشًا قد أسلمت.[159]

ولما بلغ المسلمين في الحبشة أن أهل مكة قد أسلموا، رجع ناس منهم إلى مكة، فلم يجدوا ما أُخبروا به صحيحًا، فلم يدخل أحدٌ مكة إلا مستخفيًا، أو في جوار رجل من قريش،[160] ثم رجعوا وسار معهم جماعة إلى الحبشة، وهي الهجرة الثانية،[159] فكان جميع من لحق بأرض الحبشة وهاجر إليها من المسلمين، سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم صغارًا أو ولدوا بها، 83 رجلاً.[158] ولما رأت قريش أنّ أصحاب محمد قد أمنوا في الحبشة، بعثوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص محمّلين بالهدايا للنجاشي وبطارقته علّه يخرج المسلمين من دياره، فدعى النجاشي المسلمين، وقام جعفر بن أبي طالب مدافعًا عن المسلمين، فقرأ على النجاشي بعضًا من سورة مريم، فبكى النجاشي، وبكت أساقفته حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال لهم النجاشي «إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يُكادون - يخاطب عمرو بن العاص وصاحبه».[163][164] وقد هاجر معظم الذين هاجروا إلى الحبشة إلى المدينة المنورة، بعد أن استقر الإسلام فيها، وتأخر جعفر ومن معه إلى فتح خيبر سنة 7 هـ.[159]

حصار بني هاشم

الكعبة من الداخل، حيث عُلقت صحيفة المقاطعة لبني هاشم.

لما بلغ قريشًا فعل النجاشي بالمسلمين، وأن عمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب قد أسلما، وعندما رأوا الإسلام يفشوا في القبائل،[165] كبُر ذلك عليهم، وأجمعوا على قتل محمد، فكلّموا بني هاشم في ذلك فرفضوا تسليمه إليهم، وأجمع بنو هاشم أمرهم على أن يُدخلوا محمدًا شِعبَهم ويمنعوه ممن أراد قتله،[166] فانحازت بنو المطلب بن عبد مناف إلى أبي طالب في شعبه مع بني هاشم مسلمهم وغير مسلمهم،[167] إلا أبو لهب فإنه فارقهم وكان مع قريش.[165] ولمّا عرفت قريش ذلك، أجمعوا على حصار بني هاشم، بألا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم ولا يجالسوهم، حتى يسلموا محمدًا للقتل، وكتبوا بذلك كتابًا وعلّقوه في جوف الكعبة.[165] وكان الذي كتب الصحيفة "منصور بن عكرمة العبدري"، والذي قد رُوي أن النبي محمد قد دعى عليه فشُلّت يده.[168] وحصروا بني هاشم في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة (6 ق هـ)،[166] وقطعوا عنهم الميرة والمادة، فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم حتى اشتد عليهم الحصار وباتوا يأكلون أوراق الشجر، وسُمع أصوات صبيانهم من وراء الشعب،[169] فأقاموا في الشعب ثلاث سنين، وقيل سنتين.[167]

سعى خمسة من رؤساء قريش في نقض الصحيفة وإنهاء الحصار، فكان أول من بدأ في ذلك الأمر هشام بن عمرو والذي كان يأتي بني هاشم وبني المطلب بالطعام إلى الشعب ليلاً،[170] وآزره زهير بن أمية (أمه عاتكة بنت عبد المطلبوالمطعم بن عدي، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود.[170] ثم قد علم محمد أمر صحيفتهم وأن الأرضة[معلومة 3] قد أكلت ما كان فيها إلا ذكر الله، وهي كلمة "باسمك اللهم"،[170] فذكر ذلك لأبي طالب، ليخرج أبو طالب قائلاً لقريش «إنّ ابن أخي قد أخبرني ولم يكذبني قطّ أنّ الله قد سلّط على صحيفتكم الأرضة فلحست كل ما كان فيها من جور أو ظلم أو قطيعة رحم، وبقي فيها كل ما ذكر به الله، فإن كان ابن أخي صادقًا نزعتم عن سوء رأيكم، وان كان كاذبًا دفعته إليكم فقتلتموه أو استحييتموه»، قالوا «قد أنصفتنا»، فأرسلوا إلى الصحيفة، ففتحوها فإذا هي كما قال النبي محمد. فقال أبو طالب: «علام نحبس ونحصر وقد بان الأمر؟ ثم دخل هو وأصحابه بين أستار الكعبة والكعبة فقال: "اللهم انصرنا ممن ظلمنا وقطع أرحامنا واستحل ما يحرم عليه منا"».[168] وعند ذلك قام المطعم بن عدي إلى الصحيفة فمزقها، ثم مشى مع من أجمعوا على نقض الصحيفة، فلبسوا السلاح ثم خرجوا إلى بني هاشم وبني المطلب فأمروهم بالخروج إلى مساكنهم ففعلوا.[171] وكان خروجهم من الشعب في السنة العاشرة للبعثة (3 ق هـ).[168]

ولم يلبث أبو طالب حتى توفي في رمضان أو شوال من السنة العاشرة للبعثة (3 ق هـ)، وهو يومئذٍ ابن بضع وثمانين سنة،[168] وقيل: كانت وفاته في رجب بعد ستة أشهر من خروجهم من الشعب، وذلك قبل الهجرة إلى المدينة المنورة بثلاث سنين.[172] وقد أجمع الشيعة على أنّه تُوفي مسلمًا مؤمنًا،[173] وقد جاء ذلك أيضًا في رواية عند ابن اسحق ما يفيد أنّه أسلم عند موته،[172] ولكن أهل السنة يثبتون الرواية الأصحّ عندهم بأنه تُوفي ولم يُسلم.[171] ولم تكن قريش تستطيع النيل من محمد أو أذيته حتى توفي أبو طالب، فرُوي عنه أنه قال: «ما نالت مني قريش شيءًا أكرهه حتى مات أبو طالب».[172] وبعد وفاة أبو طالب بشهر وخمسة أيام،[167] وقيل بشهرين، وقيل بثلاثة أيام،[169] توفيت زوجته خديجة بنت خويلد في رمضان من السنة العاشرة للبعثة، ودفنت في مكة ولها من العمر65 سنة، وقيل: 50، والنبي محمد إذ ذاك في الخمسين من عمره،[174] فحزن النبي محمد على فقدان عمه وزوجته حتى سمّى ذلك العام بـ عام الحزن.[166] وبعد أيام من وفاتها، تزوج محمد من سودة بنت زمعة[166] في رمضان وقيل في شوال.[171]

جبال مدينة الطائف.

الخروج إلى الطائف

بعدما اشتد الأذى من قريش على محمد وأصحابه بعد موت أبي طالب، قرر محمد الخروج إلى الطائف حيث تسكن قبيلة ثقيف يلتمس النصرة والمنعة بهم من قومه ورجاء أن يسلموا،[175] فخرج مشيًا على الأقدام[176] ومعه زيد بن حارثة، وقيل بل خرج وحده،[177] وذلك في ثلاث ليال بَقَيْن من شوال سنة عشر من البعثة (3 ق هـ)،[178] الموافق أواخر مايو سنة 619م،[176] فأقام بالطائف عشرة أيام[179] لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فلم يجيبوه، وردّوا عليه ردًا شديدًا،[180] وأغروا به سفهاءهم فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى أن رجلي محمد لتدميان وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى جُرح في رأسه.[178] وألجؤوه إلى حائط[معلومة 4] لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، على ثلاثة أميال من الطائف،[176] ورجع عنه سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فلما اطمأن محمد قال:[175]

محمد اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني (يلقاني بالغلظة)، أم إلى عدوّ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك محمد

فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة وما لقي، بعثوا له بعنب مع غلام لهما نصرانيّ يقال له "عداس"،[179] ففعل عداس، فلما سمع محمد يقول «باسم الله» ثم أكل، فنظر عداس في وجهه ثم قال «والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد» فقال له محمد «ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟» قال «نصراني، وأنا رجل من أهل نينوى» فقال «من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟» فقال له عداس «وما يدريك ما يونس بن متى؟» فقال «ذاك أخي كان نبيًا وأنا نبي»، فأسلم عداس،[181] وأكبّ على محمد يقبل رأسه ويديه وقدميه.[175] وقد أنكر الشيعة قصة عداس في كتبهم.[182]

فانصرف محمد من الطائف راجعًا إلى مكة وهو محزون لم يستجب له أحد من أهل البلد،[183] فلما بلغ "قرن الثعالب" بعث الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل الطائف، وهما الجبلان اللذان هي بينهما، فرفض ذلك قائلاً: «بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيءًا».[184] ثم تقدم في طريق مكة حتى بلغ "وادي نخلة"، وأقام فيه أيامًا،[176] وخلال إقامته هناك استمع نفر من الجن إليه وهو يقرأ سورة الجن وهو يصلي بالليل،[175] فنزلت ﴿وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن.[178] ثم تابع مسيره، فدخل مكة في جوار المطعم بن عدي، وهو ينادي «يا معشر قريش إني قد أجرت محمدًا، فلا يهجه أحد منكم»، حتى وصل محمد للكعبة وصلى ركعتين وانصرف إلى بيته والمطعم بن عدي وولده محيطون به.[178]

الإسراء والمعراج

المسجد الأقصى مسرى النبي محمد.
صورة من الأعلى للصخرة الموجودة في قبة الصخرة في المسجد الأقصى، والتي يعتقد المسلمون أن محمدًا قد عُرِج به منها إلى السماوات العُلى.

بعد رحلة الطائف،[171] حدثت للنبي محمد رحلة الإسراء والمعراج بحسب التراث الإسلامي،[معلومة 5] وقد اختُلف في تحديدها على عشرة أقوال،[185] فقيل أنها كانت ليلة 27 رجب بعد البعثة بعشر سنين (3 ق هـ)، وقيل بل كانت ليلة السبت 17 رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرًا (2 ق هـ)،[186] وقيل في 17 ربيع الأول قبل الهجرة بسنة (1 ق هـ)،[187][188] وقيل غير ذلك. وجمهور المسلمين من أهل السنة والشيعة يؤمنون بأن هذه الرحلة كانت بالروح والجسد معًا يقظةً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى،[188] وكانت قد حدثت له حادثة شق الصدر للمرة الثالثة[189] قبل أن يركب البراق،[معلومة 6] بصحبة جبريل. فنزل في المسجد الأقصى وربط البراق بحلقة باب المسجد، وصلّى بجميع الأنبياء إمامًا،[190] ثم عُرج به إلى فوق سبع سماوات مارًا بالأنبياء آدم، ويحيى بن زكريا وعيسى بن مريم، ويوسف، وإدريس، وهارون وموسى وإبراهيم.[185] وانتهى إلى سدرة المنتهى ورأى الجنة والنار.[186] ورأى ربّه بعيني رأسه (بحسب جمهور علماء أهل السنة[191] وفُرض عليه الصلوات الخمسة بعد أن كانت خمسين صلاة.[190] يقول البوصيري في قصيدة البردة:

سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ
كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ
وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً
من قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم ترمِ
وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بها
والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم
وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْ
في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ

ثم انصرف في ليلته عائدًا راكبًا البراق بصحبة جبريل، فوصل مكة قبل الصبح،[192] فلما أصبح أخبر قومه برحلته فاشتد تكذيبهم له وأذاهم، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فتمثّل له بيت المقدس حتى عاينه، فبدأ يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيءًا، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها، وكان الأمر كما قال. وصدّقه بكل ما قاله أبو بكر فسُمي يومئذ بالصّدّيق.[187]

بيعة العقبة الأولى والثانية

منطقة منى، والتي التقى عندها محمد بستة من الخزرج فكانت بداية لسلسلة لقاءات انتهت بالهجرة إلى المدينة المنورة.

بدأ محمد يعرض نفسه في مواسم الحج على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويسألهم أن ينصروه ويمنعوه حتى يبلغ الإسلام للناس.[193] ولما كانت السنة الحادي عشر من النبوة (2 ق هـ)، وبينما هو عند "العقبة" في منى، لقي ستة أشخاص[معلومة 7] من الخزرج من يثرب، فدعاهم إلى الإسلام، فقال بعضهم لبعض «يا قوم، تعلموا والله إنه للنبي توعدكم به يهود، فلا تسبقنّكم إليه» وقد كان اليهود يتوعدون الخزرج بقتلهم بنبي آخر الزمان. فأسلم أولئك النفر، ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم.[194] فلما قدموا المدينة ذكروا لقومهم خبر النبي محمد، ودعوهم إلى الإسلام، حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكرٌ من النبي محمد.[193] حتى إذا كان العام المقبل، وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلاً، فلقوه بالعقبة في منى، فبايعوا[معلومة 8] محمدًا على "بيعة النساء"،[معلومة 9] فكانت بيعة العقبة الأولى.[193]

ولما انصرف القوم، بعث معهم مصعب بن عمير يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام، فكان يُسمّى بالمقرىء، فأقام في بيت أسعد بن زرارة يدعو الناس إلى الإسلام، ويصلي بهم، فأسلم على يديه سعد بن عبادة وأسيد بن حضير وهما يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، فأسلم جميع قومهما بإسلامهما،[194] ولم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخَطْمَة ووائل، كان فيهم قيس بن الأسلت (وكان قائدًا لهم يطيعونه) فوقف بهم عن الإسلام حتى كان سنة 5 هـ.[195] وقبل حلول موسم الحج التالي عاد مصعب بن عمير إلى مكة.

وفي موسم الحج للسنة الثالثة عشرة من البعثة (يونيو سنة 622م) اتفق عدد من المسلمين من أهل يثرب أن يأتوا مكة مع قومهم للحج قائلين «حتى متى نذر رسول الله يطرد في جبال مكة ويخاف؟»،[196] فقدم مكة منهم سبعون رجلاً وامرأتان،[197] جرت بينهم وبين محمد اتصالات سريّة أدت إلى اتفاق الفريقين على أن يجتمعوا ليلاً في أوسط أيام التشريق في الشعب الذي عند العقبة حيث الجمرة الأولى من منى،[195] فلما التقوا به وكان بصحبة عمّه العباس، قالوا له «يا رسول الله نبايعك؟» فقال لهم: «تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة»،[196] فبايعوه رجلاً رجلاً بدءًا من أسعد بن زرارة وهو أصغرهم سنًا.[197] وعُرف ذلك الاتفاق بـ بيعة العقبة الثانية وقد كانت في شهر ذي الحجة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أشهر.[198] وبعد أن تمت البيعة طلب محمد أن يختاروا اثني عشر زعيمًا يكونون نقباء على قومهم، يكفلون المسؤولية عنهم في تنفيذ بنود هذه البيعة، فتم اختيارهم في الحال، ثم عاد المبايعون إلى قومهم في مكة، وقد فشا في قريش أمر البيعة عندما صاح شيطان اسمه "أزب العقبة" بذلك، فلم يتأكدوا من الأمر حتى غادر الأوس والخزرج عائدين إلى ديارهم، فلحقت بهم قريش فلم يدركوا إلا سعد بن عبادة، فمسكوه وضربوه فجاء المطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من أيديهم.[194]

الهجرة إلى المدينة

غار ثور الذي اختبأ به محمد وأبو بكر في رحلة الهجرة، ماكثين فيه ثلاث ليال.
«لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله
المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان
اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء»[199]
أنس بن مالك
"ثنيات الوداع" في المدينة المنورة، ويظهر أثر لمبنى قديم بُني في المكان الذي استقبل الأنصار فيه النبي محمد في هجرته.
من داخل مسجد قباء، أول مسجد أسس بعد بعثة النبي محمد، قال فيه «من توضأ وأسبغ الوضوء ثم جاء مسجد قباء فصلى فيه كان له أجر عمرة».[200]

لما اشتد البلاء على المسلمين بعد بيعة العقبة الثانية، أذن محمد لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، فجعلوا يخرجون ويخفون ذلك، فكان أول من قدم المدينة المنورة أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم قدم المسلمون أرسالاً فنزلوا على الأنصار في دورهم فآووهم ونصروهم. ولم يبقَ بمكة منهم إلا النبي محمد وأبو بكر وعلي بن أبي طالب أو مفتون محبوس أو ضعيف عن الخروج.[201]

ولما رأت قريش خروج المسلمين، خافوا خروج محمد، فاجتمعوا في دار الندوة،[معلومة 10] واتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة من قريش شابًا فيقتلون محمد فيتفرّق دمه في القبائل.[201] فأخبر جبريل محمد بالخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فأمر محمد عليًا أن ينام مكانه ليؤدي الأَمانات التي عنده ثم يلحق به. واجتمع أولئك النفر عِند بابه، لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد، وهو يحثوا على رؤوسهم التراب تاليًا آيات من سورة يس.[202] فجاء إلى أبي بكر، وقد كان أبو بكر قد جهز راحلتين للسفر، فأعطاها محمد لعبد الله بن أرَيْقِط، على أن يوافيهما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، ويكون دليلاً لهما، فخرجا ليلة 27 صفر سنة 14 من النبوة، الموافق 12 سبتمبر سنة 622م،[203] وحمل أبو بكر ماله كلّه ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف،[204] فمضيا إلى غار ثور فدخلاه وضربت العنكبوت على بابه بعش، وجعلت قريش فيه حين فقدوه 100 ناقة لمن يردّه عليهم،[205] فخرجت قريش في طلبه حتى وصلوا باب الغار، فقال بعضهم «إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد» فانصرفوا. ومكث محمد وأبو بكر في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، حتى خرجا من الغار 1 ربيع الأول،[203] أو 4 ربيع الأول.[201] وبينما هما في الطريق، إذ عرض لهما سراقة بن مالك وهو على فرس له فدعا عليه محمد فرسخت قوائم فرسه، فقال «يا محمد أدع الله أن يطلق فرسي وأرجع عنك وأرد من ورائي»، ففعل فأطلق ورجع فوجد الناس يلتمسون محمد فقال «ارجعوا فقد استبرأت لكم ما ههنا» فرجعوا عنه.[205]

وصل محمد قباء يوم الإثنين 8 ربيع الأول،[203] أو 12 ربيع الأول،[202] فنزل على كلثوم بن الهدم، وجاءه المسلمون يسلمون عليه، ونزل أبو بكر على خبيب بن إساف.[205] وأقام علي بن أبي طالب بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدّى الودائع التي كانت عند محمد للناس، حتى إذا فرغ منها لحق بمحمد فنزل معه على كلثوم بن هدم.[205] وبقي محمد وأصحابه في قباء عند بني عمرو بن عوف 4 أيام، وقد أسس مسجد قباء لهم، ثم انتقل إلى المدينة المنورة فدخلها يوم الجمعة 12 ربيع الأول،[206][207] سنة 1 هـ الموافق 27 سبتمبر سنة 622م،[202] وعمره يومئذ 53 سنة. ومن ذلك اليوم سُميت بمدينة الرسول ، بعدما كانت يثرب، ويعبّر عنها بالمدينة مختصرًا أو المدينة المنورة. ولما دخل المدينة، راكبًا ناقته القصواء، تغنّت بنات الأنصار فرحات:[203]

طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا
جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة
مرحبًا يا خير داع

واعترضه الأنصار يكلمونه بالنزول عليهم، فيقول لهم «إنّها مأمورة فخلّوا سبيلها»، حتى انتهت فبركت في مربد[معلومة 11] لغلامين يتيمين من بني النجار، فأمر ببناء مسجد عليه، وهو المسجد النبوي الآن، ثم جاء أبو أيوب الأنصاري فحطّ رحله فأدخله منزله فقال محمد «المرء مع رحله»، وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته، فكانت عنده،[201] وخرجت جوارٍ من بني النجّار فرحات بقدومه وهنّ يضربن بالدف ينشدن: «نحن جوار من بني النجار، يا حبّذا محمد من جار»[208]. وكان أول شيء يتكلم به في المدينة أن قال «يا أيّها الناس، أفشوا السّلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلّوا والناس نيام وادخلوا الجنة بسلام».[201] وبعد أيام وصلت إليه زوجته سودة بنت زمعة، وبنتاه فاطمة وأم كلثوم، وأسامة بن زيد، وأم أيمن، وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر، ومنهم عائشة، وبقيت زينب عند أبي العاص، لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد غزوة بدر،[203] بعد أن وقع زوجها أسيرًا لدى المسلمين، ثم أُطلق سراحه شرط أن يترك زينب تهاجر للمدينة.[209]

وقد اتّخذ عمر بن الخطاب من مناسبة الهجرة بداية التاريخ الإسلامي، لكنهم أخّروا ذلك من ربيع الأول إلى محرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في محرم، إذ كانت بيعة العقبة الثانية في أثناء ذي الحجة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال محرم، فكان بداية التاريخ الإسلامي والمسمى بالتقويم الهجري.[31] بينما يرى الشيعة أن التاريخ الهجري قد وُضع في زمن محمد، وقد أرّخ به محمد نفسه أكثر من مرة.[210]

حياته في المدينة

تأسيس الدولة الإسلامية

مجسم لما كان عليه بيوت النبي محمد والمسجد النبوي.
المسجد النبوي حديثًا.
مسجد القبلتين والذي كان يصلي فيه محمد بأصحابه صلاة الظهر، لما نزل الأمر بتحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة بعد الركعة الثانية وذلك في سنة 2 هـ.[211]

كان أول أمر بدأ به النبي محمد بناء المسجد، فاختار له المكان الذي بركت فيه ناقته، فاشتراه من غلامين كانا يملكانه بعشرة دنانير أدّاها من مال أبي بكر بحسب أهل السنة،[212] فبُني المسجد وسُقف بجريد النخل، وجُعلت أعمدته خشب النخل، وفرشت أرضه بالرمال والحصباء،[213] وكان محمد ينقل معهم اللبن في بناءه، وجُعل له ثلاثة أبواب، وجُعل طوله من القبلة للمؤخرة 100 ذراع، وفي الجانبين مثل ذلك أو دونه، وجُعلت قبلته للمسجد الأقصى حتى نزل الأمر بتحويل القبلة إلى الكعبة بعد ستة عشر شهرًا من الهجرة (2 هـ)، برغبة من محمد.[214] وقد بنى بيوتًا إلى جانبه، وهي حجرات أزواجه، حيث انتقل إليها بعد تكامل البناء من بيت أبي أيوب الأنصاري بعد أن مكث عنده من شهر ربيع الأول إلى شهر صفر 2 هـ.[215] وبعدما صرفت القبلة إلى الكعبة بشهر نزل فرض شهر رمضان في شعبان على رأس ثمانية عشر شهًرا من الهجرة، وأمر محمد في هذه السنة بزكاة الفطر وذلك قبل أن تفرض الزكاة في الأموال.[214]

وبعد قدومه بخمسة أشهر،[212] آخى بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا 90 رجلًا، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، حتى لم يبقَ من المهاجرين أحد إلا آخي بينه وبين أنصاري.[216] قال محمد لهم «تآخوا في الله أخوين أخوين»، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب وقال «هذا أخي»،[217] فكان الأنصار يقتسمون أموالهم وبيوتهم مع المهاجرين، وكانوا يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين غزوة بدر، فرد التوارث إلى ذوي الرحم وبقيت الأخوّة.[213] وذكر البلاذري أن محمد قد آخى بين المهاجرين أنفسهم في مكة قبل الهجرة، وأيّد حدوثها الشيعة،[218] بينما رجح ابن القيم وابن كثير من أهل السنة عدم وقوعها.[219]

ثم نظّم محمد العلاقات بين سكان المدينة المنورة، وكتب في ذلك كتابًا اصطلح عليه باسم دستور المدينة أو الصحيفة، واستهدف هذا الكتاب توضيح التزامات جميع الأطراف داخل المدينة من مهاجرين وأنصار ويهود، وتحديد الحقوق والواجبات،[219] كما نص على تحالف القبائل المختلفة في حال حدوث هجوم على المدينة.[220] وعاهد فيها اليهود ووادعهم وأقرّهم على دينهم وأموالهم.[217] وقد احتوت الوثيقة 52 بندًا، 25 منها خاصة بأمور المسلمين و27 مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولا سيما اليهود وعبدة الأوثان، لذلك رجح بعض المؤرخين أن تكون في الأصل وثيقتان وليست وثيقة واحدة، كُتبت الأولى (معاهدة اليهود) في سنة 1 هـ قبل غزوة بدر، والثانية (بين المهاجرين والأنصار خاصة) بعد بدر سنة 2 هـ.[219]

بداية النزاع العسكري

منذ بداية وجود المسلمين في المدينة المنورة نصبت أحبار اليهود من بني قريظة وبني قينقاع وبني النضير لمحمد العداوة، وانضاف إليهم رجال من الأوس والخزرج ممن كانوا يُظهرون إسلامهم ويُخفون عكس ذلك، فسُمّوا بالمنافقين،[215] كان على رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول. وبعد أن استقر المقام بالمسلمين في المدينة المنورة، أُذن لمحمد بالقتال لأول مرة، فكانت آية  أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ   أول ما نزل في الإذن بالقتال.[221] فبدأ محمد بإرسال البُعوث والسرايا، وغزا وقاتل هو وأصحابه، فكان عدد مغازيه التي خرج فيها بنفسه 27 غزوة، قاتل في 9 منها بنفسه،[222] وعدد سراياه 47 سريّة،[222][223][معلومة 12] وفي تلك الغزوات كلّها لم يقتل محمدٌ بيده قطّ أحدًا إلا أبي بن خلف.[224]

رسم فارسي يصوّر غزوة بدر الكبرى أبرز الغزوات في العصر النبوي.
«اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله،
اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليدًا»[225]
محمد بن عبد الله

كانت أوّل السّرايا، سرية حمزة بن عبد المطلب،[226] في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من الهجرة، في 30 رجلاً من المهاجرين، خرجوا يعترضون عيرًا لقريش فلم تقع حرب،[227] ثم سرية عبيدة بن الحارث، ثم سرية سعد بن أبي وقاص.[223] ثم في صفر سنة 2 هـ وعلى رأس اثني عشر شهرًا من الهجرة، خرج النبي محمد في أول غزوة يغزوها بنفسه[223] وهي غزوة الأبواء أو غزوة ودّان، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب، واستخلف على المدينة سعد بن عبادة.[222] تلتها غزوة بواط، وغزوة العشيرة وغزوة بدر الأولى.

وفي 17 رمضان سنة 2 هـ الموافق مارس عام 624م، حدثت غزوة بدر الكبرى، إذ عزم المسلمون بقيادة محمد، على اعتراض قافلة تجارية قوامها 1000 بعير لقريش يقودها أبو سفيان بعد أن أفلتت منهم في طريق ذهابها إلى الشام.[228] ففي 8 رمضان أو 12 رمضان خرج محمد ومعه 305 رجل،[229][230] بالإضافة إلى 8 رجال تخلفوا لعذر، فحُسبوا ضمن المشاركين، فكان مجموعهم 313 رجلاً.[229] وقد خرجوا غير مستعدين لحرب،[228] فلم يكن معهم إلا فرس أو فرسان، وسبعون من الإبل.[230] فلمَّا علم بهم أبو سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل وأرسل إلى أهل مكة يستنفرهم، فخرج 1000 مقاتل،[231] بقيادة أبي جهل، ومعهم 100 من الفرس، وجمال كثيرة.[228] والتقى الجمعان عند ماء بدر يوم الجمعة صبيحة 17 رمضان سنة 2 هـ،[229] وكان محمد يحضّ المسلمين على القتال قائلاً «والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل فيُقتَل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، ومن قتَل قتيلًا فله سَلَبُهُ»،[232] وقد ورد في القرآن ما يؤكّد مشاركة الملائكة في المعركة لصالح المسلمين في آية  إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ  . ولم يمض وقت طويل حتى انتصر جيش المسلمين، وكانت حصيلة المعركة أن قُتل من المسلمين 14 شخصًا، وقُتل من المشركين 70 منهم أبو جهل وأمية بن خلف، وأُسِر 70 شخصًا،[232] وأسلم من الأسرى 16، وكان يُفادي بهم على قدر أموالهم، ومن لم يكن عنده فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلمهم جزاء حرّيته.[230] لاحقًا قام محمد بطرد يهود بني قينقاع في غزوة بني قينقاع، إثر قيام أحدهم بكشف عورة إحدى المسلمات في أحد الأسواق، فقام أحد المسلمين فقتله، فتكالب عليه يهود بني قينقاع حتى قتلوه وتحصنوا في حصنهم، فحاصرهم المسلمون يوم السبت 15 شوال سنة 2 هـ، مدة 15 ليلة،[233] ثم تركهم محمد بدون أن يقتلهم وأمر بهم أن يخرجوا من المدينة.[234]

الشِّق في جبل أحد الذي احتمى فيه محمد وبعض أصحابه بعد أن أصيبوا في غزوة أحد.

سعت قريش للانتقام إثر هزيمتها في غزوة بدر، فخرجت مع عدد من القبائل في 3000 مقاتل و200 فرس و3000 بعير،[235] وقائدهم يومئذٍ أبو سفيان بن حرب. ولما بلغ خبرهم لمحمد اجتمع بأتباعه واقترح عليهم أن يبقوا بالمدينة ويتحصنوا بها، لكنه سرعان ما قرر الخروج للقتال نزولاً على رأي الشباب. فخرج في 1000 من أصحابه، ثم في الطريق انسحب عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الجيش (وهم ممن يُسمَّون بـ "المافقين").[236] ثم تابع المسلمون سيرهم ونزلوا في موقع بين جبل أحد وجبل عينين، وجعل على جبل عينين (وهو جبل الرماة) 50 من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير موصيًا لهم أن «قوموا على مصافّكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، وإن رأيتمونا نُقتَل فلا تنصرونا».[235] وبدأت غزوة أحد يوم السبت 7 شوال سنة 3 هـ،[235][237] واقتتل الفريقان حتى بدت المعركة لصالح المسلمين بهروب قريش، فظنّ الرماة انتهاء المعركة فترك معظمهم مواقعهم مخالفين أمر محمد، واستغل خالد بن الوليد هذه الحال، فالتف على الجيش، وتغيّرت موازين المعركة لصالح قريش، وأوجعوا في المسلمين قتلاً شديدًا، وولّى من وّلى منهم يومئذ، وثبت مع محمد 14 رجلاً من أصحابه فيهم أبو بكر،[235] بينما يرى الشيعة أنه لم يثبت معه أحد إلا عليّ.[238] وقد أصيب محمد وقتئذٍ، فكُسرت رباعيته اليمنى السفلى وجُرحت شفته السفلى، وجرح في وجهه فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل يمسح الدم وهو يقول «كيف يُفلح قومٌ خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربّهم»[239]، ودخلت حلقتان من حِلَق المغفر في وجنته ووقع في حفرة، وضربه "ابن قمئة" بالسيف على عاتقه الأيمن، فأُشيع أن محمدًا قد قتل،[237] فلما عرف المسلمون بأنه ما زال حيًا نهضوا به نحو شِقّ في جبل أحد للاحتماء فيه، وحاول أعداؤهم الوصول إليه ففشلوا فأوقفوا القتال مكتفين بانتصارهم هذا. كان من نتيجة المعركة أن قُتل حمزة بن عبد المطلب على يد وحشي بن حرب، ومثّلت به هند بنت عتبة فشقت بطنه عن كبده وجدعت أنفه وأذناه، فسُمي حينها بأسد الله وأسد رسوله.[236]

جبل أحد والذي حدثت عنده غزوة أحد في سنة 3 هـ.

ولما كان يوم غد الأحد 8 شوال، أمر محمد أصحابه ممن شارك في غزوة أحد بالخروج في طلب قريش في غزوة حمراء الأسد، مرهبًا قريش ليظنّوا به قوة،[240] فخرجوا حتى عسركوا في منطقة "حمراء الأسد" وأوقدوا فيها 500 نارًا، وكان أبو سفيان يوم الأحد أراد الرجوع إلى المدينة ليستأصل بقية المسلمين، فنصحهم صفوان بن أمية بن خلف بالرجوع إلى مكة عندما سمع نبأ خروج محمد وأصحابه، فرجعوا، فعاد محمد وأصحابه إلى المدينة يوم الأربعاء بلا قتال.[236]

ثم في وقت لاحق في شهر ربيع الأول سنة 4 هـ،[241] حدثت غزوة بني النضير بعد أن همّ يهود بنو النضير بالغدر وقتل محمد، فنقضوا بذلك الصحيفة، فأمهلهم محمد 10 أيام ليغادروا المدينة،[241] فرفضوا وتحصنوا بحصن لهم، فحاصرهم محمد 15 يومًا،[241] وقيل 6 ليال،[242] ثم أجلاهم عن المدينة وحملوا النساء والصبيان وتحملوا على 600 بعير، فلحقوا بخيبر، وغنم من أموالهم ما تركوه وراءهم.[243]

حصار المدينة

«اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب،
اللهم اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم»[244]
محمد بن عبد الله
خريطة توضّح غزوة الخندق ومكان تمركز الفريقين في المدينة المنورة.

لما أُجلي بنو النضير، وساروا إلى خيبر، خرج نفر من وجهائهم فحرّضوا قريشًا وغطفان ودعوهم إلى حرب محمد وعاهدوهم على قتاله، فوافقوهم.[245] وتجهزت قريش فجمعوا 4000 شخص، ومعهم 300 فرس. وانضم إليهم أعدادًا من بني سليم وبني أسد، وفزارة، وغطفان، وبني مرة. فكان جميعهم 10,000 سُمّوا بـ الأحزاب، وكان قائدهم أبو سفيان، فكانت ما عُرف بـ غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب،[246] وكانت في شوال سنة 5 هـ[247] وقيل في ذي القعدة.[248] فلما سمع بهم محمد، عسكر بثلاثة آلاف من المسلمين إلى سفح جبل سلع، وكان شعارهم «حَم، لَا يُنْصَرُونَ»،[249] وجعل النساء والأطفال في آطام (حصون)، ثم حفر الخندق على المدينة بمشورة سلمان الفارسي، وكان يعمل فيه بيده، فانتهوا منه بعد 6 أيام.[248]

ملف:Muhammad Swords.JPG
من الأعلى، "المأثور" و"القضيب" أحد سيوف النبي محمد والمحفوظة في متحف الباب العالي في إسطنبول.

ولما انتهوا من الخندق، أقبلت قريش ومن معهم من الأحزاب وحاصروا المدينة حصارًا شديدًا،[249] وفي أثناء ذلك وافق يهود بني قريظة على أن يسمحوا للأحزاب بدخول المدينة من الجزء الخاص بهم بعد أن فاوضهم حيي بن الأخطب القادم مع الأحزاب، لكن ذلك لم يتم بسبب حيلة استخدمها الصحابي "نعيم بن مسعود الغطفاني" للإيقاء من بني قريظة والأحزاب.[246] واشتد الحصار على المسلمين ودبّ فيهم الخوف والرعب، فنزلت آيات من سورة الأحزاب تصف ما حدث  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا  إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا  .[250] وأقام المسلمون والأحزاب 24 ليلة لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصار.[248] حتى جاءت ريح شديدة لمعسكر الأحزاب، فارتحلوا على إثراها. كان من نتيجة هذا الحصار أن قُتل 8 من المسلمين، و4 من الأحزاب.[247] ولما انصرف الأحزاب عن المدينة، قال محمد لأصحابه: «لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا، ولكنكم تغزونهم»،[251] فلم تغزهم قريش بعد ذلك، وكان هو الذي يغزوها، وذلك حتى فتح مكة.[245]

بعد انتهاء المعركة، رجعت بنو قريظة فتحصنوا بحصونهم، ووضع محمد السلاح. فجاءه جبريل في صورة دحية الكلبي فقال: «أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟» قال «نعم» فقال جبريل «فما وضعت الملائكة السلاح بعد وما رجعت الآن إلا من طلب القوم. إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة فإنّي عامد إليهم فمزلزل بهم» فأمر محمد أصحابه بالرحيل إليهم 7 ذو القعدة 5 هـ،[252] فكانت غزوة بني قريظة، فحاصرهم المسلمون وهم يومئذ 3000،[253] 25 ليلة حتى أتعبهم الحصار. فأعلن بنو قريظة استسلامهم، فقام محمد بتحكيم سعد بن معاذ فيهم فحكم بقتلهم وتفريق نسائهم وأبنائهم عبيدًا بين المسلمين، فقال محمد «لقد حكمتَ فيهم بحكم الله».[254] فأمر محمد بتنفيذ الحكم وتم إعدام ما بين 700 إلى 900 شخص.

صلح الحديبية

لما كتبوا الكتاب (الصلح)، كتبوا: «هذا ما قاضى عليه
محمد رسول الله»، فقال سهيل: «لا نقرّ لك بهذا، لو
نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئًا، ولكن أنت محمد
بن عبد الله». فقال: «أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد
الله». ثم قال لعلي بن أبي طالب: «امحُ رسول الله».
قال علي: «لا والله لا أمحوك أبدًا»، فأخذ رسول الله
الكتاب، وليس يحسن يكتب، فكتب: «هذا ما
قاضى عليه محمد بن عبد الله».[255]

وقد استنبط علماء الشافعية والحنفية وبعض المالكية
من قول علي أنّ الأدب مقدّم على الاتباع،[256] قال
الشوكاني «فتقريره له على الامتناع من امتثال الأمر
تأدبًا مُشعِر بأولويته».
نيل الأوطار - الشوكاني
قطعة أثرية لرسالة النبي محمد إلى المقوقس حاكم مصر يدعوه إلى الإسلام، أحد نتائج صلح الحديبية، وهي محفوظة في متحف الباب العالي في إسطنبول.

في شهر ذي القعدة سنة 6 هـ الموافق 628 م، أمر محمد أتباعه باتخاذ الاستعدادات لأداء مناسك العمرة في مكة، بعد أن رأى في منامه أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام، وطافوا واعتمروا. واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، فخرج منها يوم الإثنين غرّة ذي القعدة سنة 6 هـ، في 1400 أو 1500،[257] ولم يخرج بسلاح، إلا سلاح المسافر (السيوف في القُرُب)، وساق معه الهدي 70 بدنة.[258][معلومة 13] ولمّا علمت قريش بذلك، قررت منعه عن الكعبة، فأرسلوا 200 فارس بقيادة خالد بن الوليد للطريق الرئيسي إلى مكة. لكنَّ محمدًا اتخذ طريقًا أكثر صعوبة لتفادي مواجهتهم،[259] حتى وصل إلى الحديبية على بعد 9 أميال من مكة،[257] فجاءه نفر من خزاعة ناصحين له، فقال لهم محمد «إنّا لم نجيء لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب وأضرّت بهم، فإن شاءوا ماددتهم، ويخلّوا بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جَمُّوا، وإن هم أبَوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذنّ الله أمره».[260] فعادوا إلى قريش موصلين تلك الرسالة، فبعثت قريش عروة بن مسعود الثقفي، ليفاوض المسلمين، فأعاد محمد عليه نفس العرض، فعاد لمكة قائلاً:[260]

محمد والله ما رأيتُ ملكًا يعظّمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله ما تَنَخَّمَ نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيمًا له، وقد عرض عليكم خطة رُشْدٍ فاقبلوها محمد
الختم الذي كان يختم به النبي محمد رسائله للملوك، لما قيل له «يا رسول الله، إن الملوك لا يقرأون كتابًا إلا مختومًا» فاتخذ من يومئذ خاتمًا من فضة، نقشه ثلاثة أسطر "محمد رسول الله".[261]

ثم أرسل محمد عثمان بن عفان إلى قريش ليفاوضهم، فتأخر في مكة حتى سرت إشاعة أنه قد قُتل.[259] فقرر محمد أخذ البيعة من المسلمين على أن لا يفرّوا، فيما عرف ببيعة الرضوان، فلم يتخلّف عن هذه البيعة أحد إلا جد بن قيس،[258] ونزلت آيات من القرآن  لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا  . خلال هذا وصلت أنباء عن سلامة عثمان، وأرسلت قريش سهيل بن عمرو لتوقيع اتفاق مصالحة عرف بصلح الحديبية، ونصّت بنوده على عدم أداء المسلمين للعمرة ذلك العام على أن يعودوا لأدائها العام التالي، كما نصّت على أن يرد المسلمون أي شخص يذهب إليهم من مكة بدون إذن، في حين لا ترد قريش من يذهب إليهم من المدينة. واتفقوا أن تسري هذه المعاهدة لمدة 10 سنوات، وبإمكان أي قبيلة أخرى الدخول في حلف أحد الطرفين لتسري عليهم المعاهدة.[257] فلما فرغوا من الكتاب انطلق سهيل وأصحابه، عمّ المسلمين الحزن الشديد بسبب بنود الصلح، وعدم تمكنهم من أداء العمرة، فقال لهم محمد «قوموا فانحروا» ثلاثًا فما قام منهم أحد، ثم قام محمد ولم يكلّم أحدًا منهم حتى نحر بُدْنَه، ودعا خراش بن أمية فحلق له رأسه،[259] فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا.[260] وأقاموا بالحديبية بضعة عشر يومًا ويقال عشرين يومًا، ثم انصرفوا.

كان من نتائج الصلح أن بعث محمد رسائل إلى العديد من الملوك في العالم، داعيًا إياهم إلى اعتناق الإسلام، واختار من أصحابه رسلاً لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك في شهر ذي الحجة سنة 6 هـ،[261] وقيل بل في بداية شهر المحرم سنة 7 هـ قبل غزوة خيبر بأيام.[262] فكان أول رسول عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة، فلما وصله الكتاب، وضعه على عينيه ونزل من سريره فجلس على الأرض تواضعًا، فأسلم على يد جعفر بن أبي طالب وقال «لو كنت أستطيع أن آتيه لأتيته».[263] وأرسل دحية الكلبي إلى قيصر (هرقل) ملك الروم، وعبد الله بن حذافة إلى كسرى ملك فارس، فلما وصله الكتاب مزّقه، فقال في ذلك محمد «اللهم مزّق مُلكَه». وأرسل حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك مصر، فلما وصله الكتاب بعث لمحمد كهدية جاريتين هما مارية القبطية (والتي أخذها لنفسه فولدت له إبراهيم)، وأختها سيرين بنت شمعون (والتي أعطاها لحسان بن ثابت) وبغلة (دُلدُل)، ولكن المقوقس لم يُسلِم. وأرسل شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني، وأرسل سليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي الحنفي ملك اليمامة. وبعث آخرين إلى ملوك عدة غيرهم.[261]

غزوتا خيبر ومؤتة

مرقد جعفر بن أبي طالب في الكرك جنوب الأردن، كان آخر كلامه قبل موته في غزوة مؤتة «يا حبّذا الجنّة واقترابها ** طيّبة وبارد شرابها ** والروم روم قد دنا عذابها ** كافرة بعيدة أنسابها ** عليّ إن لاقيتها ضرابها».[264]
بقايا لآثار بُنيت على الأرض التي حدثت عليها غزوة مؤتة، موجودة حاليًا في الكرك جنوب الأردن.

بعدما أمن محمد قريشًا بعد الحديبية، أراد أن يحاسب اليهود لتحريضهم القبائل في غزوة الأحزاب،[265] فخرج في شهر محرم 7 هـ[266] في غزوة خيبر، بشكل سريّ مباغتةً لليهود، وكان معه 1500 مقاتل هم أصحاب بيعة الرضوان، وأعطى الراية إلى علي بن أبي طالب،[267] وشعارهم يومئذ «يا منصُور أمِت أمِت».[268] فلما علم أهل خيبر، أرسلوا إلى غطفان يستمدونهم مقابل نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين.[265] فلما وصل المسلمون قريبًا من خيبر ليلاً باتوا ليلتهم ولا تشعر بهم اليهود، حتى إذا أصبحوا وركبوا رأوهم عمال خيبر، فهربوا وتحصنوا بحصون لهم، فقال محمد «الله أكبر، خربت خيبر، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم، فسَاء صباح المنذَرين».[269] وبدأ المسلمون يفتحون حصونهم حصنًا حصنًا، يأخدون منهم سبايا، فكان منهنّ صفية بنت حيي بن أخطب والتي أسلمت وتزوجها محمد فيما بعد.[268] وكان آخر الحصون فتحًا "الوطيح" و"السلالم"، فحاصرها المسلمون بضع عشرة ليلة، حتى انتصروا. وكان محمد يريد أن يجلي اليهود من خيبر، لكن محمد اتفق معهم على أن يعطوه نصف محصولهم كل عام على أن يبقيهم في أراضيهم.[265] ولما رجع محمد من خيبر، قدم جعفر بن أبي طالب ومن معه من أرض الحبشة وهم آخر من كانوا هناك، فتلقّاه محمد فرحًا وقال «ما أدري أنا بفتح خيبر أفرح أم بقدوم جعفر».[270] بعد ذلك أقام محمد بالمدينة 8 أشهر، ثم خرج في ذي القعدة 7 هـ، قاصدًا للعمرة، فكانت "عمرة القضاء"، على ما اتفق عليه مع قريشًا في صلح الحديبية. فأتم عمرته، وتزوج هنالك ميمونة بنت الحارث، خالة ابن عباس وخالد بن الوليد.[267]

ثم في جمادي الأولى سنة 8 هـ، كانت غزوة مؤتة في جنوب الأردن، كان سببها قتل الغساسنة لرسول النبي محمد الحارث بن عمير الأزدي الذي أرسله بكتاب إلى ملك بصرى يدعوه إلى الإسلام،[264] فأرسل محمد جيشًا قوامه 3000 مقاتل قائلاً بقيادة زيد بن حارثة يليه جعفر بن أبي طالب إن قُتل، ثم عبد الله بن رواحة إن قُتل الأوّلان،[271] وكان في مقابلهم جيش الروم بقيادة هرقل قوامه 100,000 مقاتل. فالتقى الجيشان، فقُتل قادة المسلمين الثلاثة، ثم استلم القيادة خالد بن الوليد، واستطاع بحيلة منه أن ينسحب بجيش المسلمين عائدًا إلى المدينة المنورة، فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين جعلوا يحثون في وجوههم التراب ويقولون «يا فُرّار، أفَرَرتم في سبيل الله؟» فيقول محمد «ليسوا بُفرّار، ولكنهم كُرّار إن شاء الله».[272]

فتح مكة

كان من نتائج صلح الحديبية أن دخلت قبيلة خزاعة في حلف محمد، وبنو بكر في حلف قريش،[257] وكان بين بني بكر وخزاعة حروب وقتلى في الجاهلية، فتشاغلوا عن ذلك لما ظهر الإسلام،[273] فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرًا،[274] ثم أغارت بنو بكر على خزاعة على ماء لهم يقال له "الوتير" ليلاً، فقتلوا منهم أناس، وأمدت قريش بني بكر بالسّلاح وقاتل بعضهم معهم.[274] فلما انقضت الحرب خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على محمد وهو جالس في المسجد فقال:[273]

«إنّ مكة حرّمها الله ولم يحرّمها الناس، لا يحلّ لامرئ
يؤمن الله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد
بها شجرًا، فإن أحد ترخّص لقتال رسول الله فيها،
فقولوا له: إنّ الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي
فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها
بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب»[275]
محمد بن عبد الله
يَـا رَبّ إنّي نَاشِدٌ مُحَمّدًا
حِلفَ أبِينَا وأبِيهِ الأتْلَدَا
قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنّا وَالِدًا[معلومة 14]
ثُمّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا
فَانْصُرْ هَدَاك اللّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا
وَادْعُ عِبَادَ اللّهِ يَأْتُوا مَدَدَا
إنّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا
هُمْ بَيّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجّدًا
وَقَتَلُونَا رُكّعًا وَسُجّدَا
وزَعَمُوا أنْ لَستُ أَدعُو أَحَدًا
وَهُـم أَذَلُّ وَأَقَـلُّ عَـدَدًا

فقال له محمد «نُصِرتَ يا عمرو»،[273] ثم جاء أبو سفيان بن حرب قادمًا من مكة يريد تجديد الصلح، فُقوبل بالرفض. ثم أمر محمد بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة وهو يكتم ذلك حتى يبغت قريشًا،[276] واستنفر الأعراب والقبائل المسلمة، فخرج في 10,000 مقاتل يوم 10 رمضان 9 هـ،[277] والناس يومئذ صائمون. ولما كان بالجحفة لقيه عمه العباس بن عبد المطلب، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلمًا مهاجرًا، ثم لما كان بالأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث وابن عمته عبد الله بن أبي أمية فأسلما، ثم عسكر بالجيش في مر الظهران وأُوقدت 10,000 نار، فجاء أبو سفيان بن حرب يتحسس، فلقيه العباس بن عبد المطلب وجاء به إلى محمد فأسلم أبو سفيان.[276] وفي يوم الثلاثاء 17 رمضان سنة 8 هـ،[277] تابع الجيش مسيره إلى مكة. في أثناء ذلك مرّ سعد بن معاذ بأبي سفيان قائلاً: «اليوم يوم الملحمة، اليوم تُسْتَحَلُّ الكعبة» فلما بلغ ذلك القول محمدًا قال «كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، يوم تُكسَى فيه الكعبة».[278]

الكعبة في عام 1910م، والتي كان حولها 360 صنمًا هدمها محمد في فتح مكة وهو يتلو آيات من القرآن ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً.
رسم فارسي لبلال بن رباح وهو يؤذن من على سطح الكعبة بعد فتح مكة عام 8 هـ.

ثم رجع أبو سفيان إلى مكة وجعل ينادي بكلمات أعطاها له محمد «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! ومن أغلق عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن».[279] ثم دخل الجيش مكة موزعين، فدخلها خالد بن الوليد ومن معه من أسفلها، ودخلها الزبير بن العوام ومن معه من أعلاها، ودخلها أبو عبيدة بن الجراح من بطن الوادي.[277] وأمرهم أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم،[280] وأهدر يومئذ دماء تسعة نفر، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة،[معلومة 15][281] فلم يحصل قتال إلا ما كان من خالد بن الوليد ومن معه فقد قتلوا 12 رجلاً.[277] ثم وصل الجيش الكعبة، فدخلوا المسجد، فأقبل محمد إلى الحجر الأسود، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحول البيت 360 صنمًا، فجعل يطعنها بالقوس ويقول ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا[282] والأصنام تتساقط على وجوهها.[274] ثم خاطب قريشًا فقال « يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا «خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم»، فقال «فإني أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطُلَقَاء».[283] ثم أتى جبل الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه، والأنصار تحته يقول بعضهم لبعض «أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته». فجاءه الوحي بما يقولون، فقال «يا معشر الأنصار، قلتم "أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته"؟» قالوا: «قلنا ذلك يا رسول الله» قال «فما اسمى إذن، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم» فأقبل إليه الأنصار يبكون.[280]

الصراع مع القبائل العربية

«كُنّا إذا حمي البَأس، ولقي القوم القوم،
اتّقينا برسول الله ، فما يكون أحد
أقرب إلى العدوّ منه»[284]
علي بن أبي طالب

بعد وقت قصير من فتح مكة، تحالفت قبائل هوزان وثقيف وبعضٌ من بني هلال،[285] وعزموا أمرهم على حرب المسلمين، فخرجوا ومعهم أموالهم وعيالهم ونساؤهم، ما يجعلهم يقاتلون حتى الموت.[286] فلما سمع بهم محمد وهو في مكة خرج في غزوة حنين يوم السبت 6 شوال سنة 8 هـ،[285] وكان ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله مكة،[287] وخرج معه 12,000 مقاتل،[288] فأصاب بعضهم العُجب لكثرة الجيش فقالوا «لن نُغلَب اليوم من قِلّة».[289] ولما وصل المسلمون "وادي حُنين" بغتتهم هوزان وهاجموهم بفخّ كانوا قد نصبوه لهم،[286] فهرب المسلمون وثبت محمد ونفر من المهاجرين وأهل بيته،[288][معلومة 16] فجعل محمد ينادي «أنا النَّبيُّ لا كذب، أنا ابنُ عبدِ المُطَّلب»،[290] فعطف المسلمون عليه راجعين بسيوفهم ورماحهم، ثم أخذ حصيات فرمى بهن وجوه هوزان، ثم قال «انهزموا وربَّ مُحمّد!»،[291] ثم انهزمت هوزان وثقيف وهرب معظمهم إلى الطائف.[287] وأُنزل من القرآن  لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ  ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ  .

أنفق عثمان بن عفان في تجهيز "جيش العسرة" نفقة لم ينفق أحد مثلها،[292] بلغت 900 بعير و100 فرس و1000 دينار،[293] حتى قال عنه محمد «اللهم ارضَ عن عثمان، فإنّي عنه راض».[294]

بعد أن فرغ محمد من غزوة حنين، وفي الشهر نفسه،[295] توجّه إلى الطائف مطاردًا هوزان وثقيف بعد أن تحصنوا فيها، فكانت غزوة الطائف، فحاصرتهم الجيوش الإسلامية 40 يومًا،[296] فاستعصوا وتمنعوا، وقتلوا جماعة من المسلمين بالنبل وغيره. فلما طال الحصار قال محمد «لم يُؤذَن لنا حتى الآن فيهم، وما أظن أن نفتحها الآن»،[297] وأمر الناس بالرجوع وفكّ الحصار،[298] حتى وصلوا "الجعرانة"، فأتاه وفد هوازن هنالك مسلمين.[295]

في رجب سنة 9 هـ،[299] حدثت غزوة تبوك آخر غزوات محمد،[300] بعد أن وصلت أخبار من بلاد الروم تفيد أنَّ ملك الروم وحلفاءه من العرب من لخم وجذام وغسان وعاملة،[301] قد هيؤوا جيشًا لمهاجمة الدولة الإسلامية.[292]، فحثّ الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا بسبب الحرّ الشديد والسفر البعيد،[299] وأرسل إلى القبائل العربية يستنفرهم على قتال الروم، فخرج في 30,000 مقاتل،[302] تصحبهم 10,000 فرس، واستخلف محمد بن مسلمة على المدينة المنورة،[301] وتخلف عدد من المسلمين بلا عذر منهم كعب بن مالك وهلال بن ربيع ومرارة بن الربيع وأبو خيثمة السالمي وأبو ذر الغفاري (وقد لحق به أبو ذر وأبو خيثمة لاحقًا)،[303] وقطعوا آلاف الأميال عانوا خلالها العطش والجوع والحرّ وقلّة وسائل الركوب،[303] قسُميت لذلك "غزوة العُسرة"، والجيش بـ "جيش العُسرة".[292] فلما وصل تبوك، أقام فيها 20 ليلةً،[303] فلما سمع الرومان وحلفاؤهم بزحف الجيوش الإسلامية أخذهم الرعب، وتفرقوا في البلاد في داخل حدودهم،[293] ثم انصرف جيش المسلمين من تبوك بلا قتال، وقدم المدينة المنورة في شهر رمضان سنة 9 هـ،[299] وجعل المسلمون يبيعون أسلحتهم ويقولون «قد انقطع الجهاد»، فبلغ ذلك محمد فنهاهم وقال «لا تزال عصابةٌ من أمّتي يجاهدون على الحقّ حتى يخرج الدجال».[301] وقد نزلت آيات كثيرة من سورة التوبة حول تلك الغزوة وظروفها.[293] ويشكك العديد من المؤرخين بحدوث هذه الغزوة مستندين على عدم وجود ذكر لها في أي مصادر غير إسلامية.[304]

رسم يدوي مطابق لما تبقى من الحجر الأسود.

وفي نفس شهر رمضان، قدم وفد من ثقيف المدينة المنورة مسلمين.[305] ثم في ذي القعدة أو ذي الحجة من سنة 9 هـ بعث محمد أبا بكر أميرًا على الحج، ليقيم بالمسلمين المناسك. فخرج في 300 رجل من المدينة وبعث معه محمد 20 بَدَنة.[306] وفي تلك الفترة بدأت مختلف قبائل العرب بالوفود على محمد في المدينة وإعلان إسلامها،[293] والتي كان لغزوة تبوك وإسلام ثقيف ومن قبل فتح مكة السبب الأكبر في تلك الوفود.[307] فجاء ما يقارب السبعين وفدًا بين عامي 9 هـ و10 هـ للمدينة لإعلان إسلامهم،[308] حتى سُمّي عام 9 هـ بعام الوفود.[307] فكان ممن جاءوا وفد قبيلة عبد القيس، وقبيلة دَوس، وقبيلة همدان، ووفد نجران، وبنو عذرة، وقبيلة بَلِي، وبني حنيفة، وبني عامر بن صعصعة، وقبيلة طيء، وبنو تجيب، وغيرهم.[308]

حجة الوداع

ورد في يوم غدير خم عن النبي محمد أنه قال «من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه».[309]

في شهر ذي القعدة سنة 10 هـ عزم محمد على أداء مناسك الحج، بعد أن مكث في المدينة المنورة 9 سنوات لم يحج فيها أبدًا. فأذّن في الناس أنه خارج، فقدم المدينة بشرٌ كثيرٌ كلّهم يلتمس أن يأتم بمحمد.[310] فكانت حجة الوداع أو حجّة البلاغ أو حجّة الإسلام،[311] لأنه ودّع الناس فيها ولم يحجّ بعدها، ولأنه ذكر لهم ما يحلّ وما يحرم وقال لهم «هل بلغت؟»،[312] ولأنه لم يحج من المدينة غيرها، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها.[313] وفي يوم السبت 25 ذو القعدة[314] سنة 10 هـ خرج محمد على ناقته «القصواء» إلى مكة للحج،[315] وخرج معه حوالي 100,000 من المسلمين من الرجال والنساء، واستعمل على المدينة أبا دُجانة.[311] فلما وصل ذا الحليفة أحرم هناك وصلى العصر ثم أكمل مسيره ملبيًا «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».[312]

دخل محمد مكة ضحى يوم الأحد 4 ذو الحجة،[314] من الثنية العليا، ودخل المسجد الحرام صبحًا من "باب عبد مناف" المعروف الآن بـ "باب السلام"،[310] ولما أبصر الكعبة قال «اللهم زِد هذا البيتَ تشريفًا وتعظيمًا ومهابةً وبرًا، وزِد مَن شَرَّفه وكرَّمه ممن حجّه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًا».[316] ثم دخل المسجد فبدأ بالحجر الأسود فاستلمه وبكى، ثم طاف بالبيت سبعًا، ثم صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم،[317] ثم دخل زمزم فنزع له دلو فشرب منه ثم مجّ فيه ثم أفرغها في زمزم.[312] ثم سعى بين الصفا والمروة سبعًا.[317] وفي 8 ذو الحجة توجه إلى منى فبات فيها.[317] وفي 9 ذو الحجة توجه إلى عرفة فصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم، ثم خطب فيهم "خُطبة الوداع"، جاء فيها:[315]

محمد إنّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ. فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنّ بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرّح. ولهنّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله وأنتم تُسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدّيت ونصحت. فقال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات محمد

وفي ذلك الموقف على جبل عرفة،[318] نزلت الآية القرآنية ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا،[313] بينما يؤمن الشيعة أنّ هذه الآية نزلت في يوم غدير خم في معرض الحديث عن فضائل علي بن أبي طالب.

وفاته

المسجد النبوي، حيث يقع قبر النبي محمد في المبنى ذي القبة الخضراء، والذي يقول عنه «من زار قبري وجبت له شفاعتي».[319]
شباك الحجرة النبوية في المسجد النبوي حيث دُفن النبي محمد، وأبو بكر، وعُمر.
"خوخة أبي بكر" في المسجد النبوي.

كان أوّل ما أُعلم به النبي محمد باقتراب أجله ما أُنزل عليه في فتح مكة،[320] من سورة النصر:  إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ  .[321] وكان ابتداءُ مرضه الذي تُوفي فيه أواخر شهر صفر سنة 11 هـ بعد أن أمر أسامة بن زيد بالمسير إلى أرض فلسطين، لمحاربة الروم،[322] فاستبطأ الناس في الخروج لوجع محمد. وكان أول ما ابتدىء به من وجعه أنه خرج إلى البقيع ليلاً فاستغفر لهم ثم رجع إلى أهله، فلما أصبح ابتدىء وجعه، وكان صداع الرأس مع حمّى،[320] ويُروى أنّ سبب مرضه كان السمّ الذي دُسّ له في طعام وهو في خيبر،[323] وكان من شدّة وجعه أن كان يُغمى عليه في اليوم الواحد مرات عديدة.[324] حتى دعا نساءه يستأذنهن في أن يُمرّض في بيت عائشة بنت أبي بكر، فانتقل إلى بيتها يمشي بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب.[322]

وفي أحد الأيام خرج محمد على أصحابه عاصبًا رأسه، حتى جلس على المنبر فقال «عبدٌ خيّره الله بين أن يؤتيَه زهرةَ الدنيا وبين ما عنده، فاختارَ ما عنده»، ففهم أبو بكر وبكى وقال «فديناك بآبائنا وأمّهاتنا»، فقال محمد «إنّ أمنّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً، لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلاً، ولكن إخوة الإسلام. لا تبقينَّ في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر»،[325][معلومة 17] ثم خطب فيهم مرات عديدة دعا فيها إلى إنفاذ جيش أسامة بن زيد، وأوصى المسلمين بالأنصار خيرًا.[326] ولما ثقُل عليه المرض، أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، وعاد جيش أسامة بن زيد إلى المدينة بعد أن عسكر خارجها منتظرًا ماذا يحلّ بمحمد.[326] وقبل وفاته بستة أيام تجمع عنده عدد من الصحابة فقال لهم وهو يبكي «مرحبًا بكم وحيّاكم الله، حفظكم الله، آواكم الله، نصركم الله، رفعكم الله، هداكم الله، رزقكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، وأستخلفه عليكم».[327] وكانت عامة وصيته حين حضره الموت «الصلاة، وما ملكت أيمانكم».[328]

«لما قُبض رسول الله أظلمت المدينة
حتى لم ينظر بعضنا إلى بعض، وكان أحدنا
يبسط يده فلا يراها أو لا يبصرها وما فرغنا
من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا»[329]
أنس بن مالك

ولما كان يوم الإثنين الذي توفي فيه، بعد 13 يومًا على مرضه،[320] خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح ففرحوا به، ثم رجع فاضطجع في حجر عائشة بنت أبي بكر، فتُوفي وهو يقول «بل الرفيق الأعلى من الجنة»، وكان ذلك ضحى يوم الإثنين ربيع الأول سنة 11 هـ،[326] الموافق 8 يونيو سنة 632م وقد تّم له 63 سنة.‏[330] فلما توفي قام عمر بن الخطاب، فقال «والله ما مات رسول الله ، وليبعثنه الله فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم»،[331] وجاء أبو بكر مسرعًا فكشف عن وجهه وقبّله، وقال «بأبي أنت وأمّي، طبتَ حيًا و ميّتًا»، ثم خرج وخطب بالنّاس قائلاً «ألا من كان يعبد محمدًا ، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت»، وقرأ  وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ  .[331] قيل «فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ».[322] وقالت ابنته فاطمة الزهراء «يا أبتاه، أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه».[332]

ثم أقبل الناس يوم الثلاثاء على تجهيز محمد، فقام علي بن أبي طالب والعباس بن عبدالمطلب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى محمد، بتغسيله وعليه ثيابه.[333] ثم قام الصحابة برفع فراش محمد الذي توفي عليه في بيت عائشة، فحفر أبو طلحة الأنصاري له قبرًا تحته. ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالاً، دخل الرجال، ثم النساء، ثم الصبيان، ولم يؤم الناس أحد. ثم أنزله القبرَ عليّ والعباس وولداه الفضل وقُثَم، ورشّ قبره بلال بالماء، ورُفع قبره عن الأرض قدر شبر،[334] وكان ذلك في جوف الليل من ليلة الأربعاء.[322]

بعد وفاته

«يَا مُحمّدَاه» شعار المسلمين في معركة اليمامة بقيادة خالد بن الوليد بعد أن ارتدّ بنو حنيفة عن الإسلام عقب وفاة النبي محمد، وادّعى مسيلمة بن حبيب النبوة.[335]

بعد وفاة محمد اختلف أتباعه على هوية الشخص الذي سيخلفه في الحكم،[336] حيث اجتمع جماعة من المسلمين في سقيفة بني ساعدة فرشح سعد بن عبادة نفسه وأيده في ذلك الأنصار،[337] في حين رشح عمر بن الخطاب أبا بكر مؤكدًا على أحقية المهاجرين في الخلافة. ولقي هذا الترشيح تأييد المسلمين ممن كانوا في السقيفة.[338] في حين تأخرت بيعة من كان من الصحابة بصحبة علي بن أبي طالب والذي كانوا منشغلين بتجهيز جثمان محمد ودفنه، فتأخرت بيعتهم يومًا واحدًا[339] عتبًا على أبي بكر لعدم أخذ المشورة منهم،[339] بينما يرى الشيعة أن عليًا ومن معه قد بايعوا أبا بكر مجبَرين، لما يرونه أن عليًا كان أحق من أبي بكر بالخلافة.[340] نشأ من تلك الحادثة الخلاف التاريخي بين طائفتي السنة والشيعة.

بعد استقرار الأمر لأبي بكر في المدينة، عمل على حماية المدينة ومحاربة بعض القبائل التي ارتدت عن الإسلام ومنعت الزكاة،[341] وبعض ممن اعتبرهم المسلمون مدعي النبوة، فيما عرف تاريخيًا بحروب الردّة، مثل معركة اليمامة لقتال بني حنيفة والذي ادّعى فيهم مسيلمة بن حبيب النبوة.[342] كما أرسل أبو بكر جيش أسامة بن زيد لمحاربة الروم رغم اعتراض البعض لصغر سن قائدها ولانتشار الردة في بعض الصفوف.[341] ثم سار أسامة فكان لا يمرّ بقبيلة انتشر فيها الارتداد إلا أرجعها إلى الإسلام. ولما وصل أسامة إلى بلاد الروم قاتلوهم وانتصر المسلمون.[341] كما عمل أبو بكر على توسيع نفوذ الدولة بإرسال قوات عسكرية إلى مختلف المناطق.[343]

معجزاته

يؤمن المسلمون جميعًا بأن المعجزة الكبرى للنبي محمد والتي تحدّى بها الناس هي القرآن.[344] ثم أثبت أغلبهم معجزات حسيّة أخرى لمحمد منسوبة إليه في كتب الحديث، وقد عارضها قومٌ لِمَا نزل في القرآن بأنّ محمدًا لم يُؤتَ معجزات إلا القرآن،[345] في آية  وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا  .[346] بينما تمسّك الأخرون بإثباتها باعتبار أنه لم يُقصَد بها التحدّي وإقامة الحجّة على صدق محمد، بل كانت تكريمًا له وتأييدًا، وعناية به.[344]

القرآن

المصحف العثماني، أقدم نسخة من القرآن.

بحسب اعتقاد المسلمين، فإنَّ القرآن هو معجزة النبي محمد الأساسية التي لم يستطع أحد على مر العصور أن يأتي بمثله بالرغم من تحدّيه بذلك،[347] حيث ورد في القرآن  قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا  . ويتمثل إعجاز القرآن بشكل أساسي في بلاغته وفصاحته، فكان الإعجاز اللغوي هو أول وأهم أسباب إعجاز القرآن، والذي يشمل عدة أوجه، منها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته، ومنها صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له.[347] ومن وجوه الإعجاز الأخرى ما انطوى عليه من الأخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد، وما أنبأ به من أخبار القرون الماضية والشرائع السالفة.[347] وحديثًا ظهر تيار يعتقد بوجود إعجاز علمي في القرآن، حيث تفسر بعض الآيات على أنها تثبت نظريات علمية لم يكتشفها العالم إلا بعد فترة طويلة جدًا من ظهور القرآن.[348]

انشقاق القمر

صورة لأخدود وُجد على سطح القمر أُخدت من قبل طاقم أبولو 10،[349] ويعتقد علماء المسلمين بأنه نتيجة معجزة انشقاق القمر.[350]

أجمع المفسرون وأهل السنة من المسلمين على وقوع معجزة انشقاق القمر لأجل النبي محمد،[351] كإحدى المعجزات الباهرات،[352] وكان ذلك قبل الهجرة إلى المدينة المنورة.[352] قال عبد الله بن مسعود «انشق القمر على عهد رسول الله فرقتين؛ فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله : «اشهدوا». وقال المشركون: هذا سحرٌ سحركم ابن أبي كبشة، ولكن انظروا إلى من يقدم من السفّار فسلوهم، فقدِموا فسَألوهم فقالوا: رأيناه قد انشق».[353][354] وفي ذلك نزلت آية من القرآن  اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ  .[352] يرى معظم المؤرخين الغربيين عدم مصداقية هذه المعجزة محتجين إنكار القران نفسه بحدوث معجزات.[355][356] كما ينكر علماء الفضاء وجود دليل علمي على حدوث انشقاق في القمر.[357]

إخباره عن الغيب

نبوءة النبي محمد حول فتح القسطنطينية، منقوشة على إحدى بوابات آيا صوفيا: "لتفتحنّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش".

من ذلك إخباره يوم غزوة بدر بمصارع قريش، فلم يحد أحد منهم مصرعه الذي عيّنه،[358] وإخباره عن الحسن بن علي بن أبي طالب أن الله سيُصلح به بين فئتين من المسلمين.[359] وإخباره أن ابنته فاطمة أول أهله لحوقًا به بعد موته،[360] وإخباره بشأن كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بنية المسلمين بفتح مكة،[361] ومن ذلك إخباره عن فتح القسطنطينية، ومن ذلك ما قاله حذيفة بن اليمان «قام فينا رسول الله مقامًا فما ترك شيءًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حفظه من حفظه ونسيه من نسيه.. والله ما ترك رسول الله من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدًا إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه وقبيلته».[361]

نبوع الماء من بين أصابعه

الحجرة النبوية والتي كُتب حولها قصيدة تبقّى منها أبيات تشير لمعجزة نبوع الماء: «يَا مَن تفجّرتِ الأنهَارُ نابعةً ** مِن أُصبَعيهِ فَرَوَى الجَيشَ بالمدَدِ».

تروي كتب الحديث والسيرة وقوع معجزة نبوع الماء من بين أصابع النبي محمد ولم تكن لأحد قبله، والتي قد تكررت في عدة مواطن،[362] حتى عدّ فقهاء المسلمين أن ذلك الماء أشرف أنواع المياه.[363] يروي أنس بن مالك أحد تلك الحوادث قائلاً «رأيت رسول الله وحانت صلاة العصر، فالتمس الوضوء فلم يجدوه، فأتي رسول الله بوضوء، فوضع رسول الله يده في ذلك الإناء، فأمر الناس أن يتوضؤوا منه، فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم».[364][365]

حديثه مع الحيوانات والجمادات

من ذلك سماح صوت تسبيح الحصى في كفه،[366] وتكليم الذراع من الشاة التي سُمَّت بأنها مسمومة،[358] وتسليم الشجر والحجر عليه قبل أن يُبعث،[367] ومشي الشجر له، إذ يروي عمر بن الخطاب فيقول «أَمَر النبي فنادى شجرة من قِبل عَقبة أهل المدينة، فأقبلت تخدّ الأرض (تمشي مسرعة) حتى انتهت إليه فسلّمت عليه، ثم أمرها فرجعت إلى موضعها».[368] ومنها حنين الجذع الذي كان يخطب عليه حين اتخذ المنبر، فاحتضنه وكلّمه، وقال «لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة».[369] أما معجزاته مع الحيوانات، فمن ذلك قصة البعير الذي اشتكا لمحمد كثرة العمل وقلة العلف،[370] والجمل الذي بكى حين رأى محمدًا وشكا إليه أن صاحبه يجيعه،[371] وجمل آخر يُقبِل على محمد ويخرّ ساجدًا بين يديه بعد أن استصعب على صاحبه.[372]

إبراءه المرضى وذوي العاهات

من ذلك ما رُوي يوم أحد من ردّه عين الصحابي قتادة بن النعمان إلى مكانها بعد أن سالت حدقته على وجنته حتى عادت إلى حالها فكانت أحسن عينيه،[373] ونفثه في عين علي بن ابي طالب وقت غزوة خيبر عندما كان أرمد لا يكاد يبصر.[374] وخبر عثمان بن حنيف أنّ رجلاً ضريرًا جاء محمدًا يريد كشف بصره، فعلّمه أن يقول «اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضيها لي، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي»،[375] فأصبح ذلك الرجل بصيرًا.

حياته الشخصية

زوجاته

زوجات النبي محمد والمعروفات بأمهات المؤمنين.

زوجات محمد يُعرفن في الإسلام بأمهات المؤمنين، وقد اختُلف في عدد زوجات النبي اللاتي دَخَل بهنّ على قولين؛ أنهنّ إثنتا عشر أو إحدى عشر،[376] وسبب الاختلاف هو في مارية القبطية، هل هي زوجة له أم ملك يمين. فالمتَّفق عليه من زوجاته إحدى عشرة. القرشيات منهنّ ست، هن: خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم سلمة، وأم حبيبة.والعربيات من غير قريش أربع، هن: زينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وزينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث. وواحدة من غير العرب وهي صفية بنت حيي من بني إسرائيل. وتبقى مارية القبطية وهي من مصر. وتوفِّيت اثنتان من زوجات النبي محمد حال حياته، وهما خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة، وتُوفي هو عن تسع نسوة.[376]

أبناؤه

كان لمحمد من الأولاد ثلاثة بنين وأربع بنات، جميعهم من زوجته خديجة إلا إبراهيم فهو من مارية، وكل أولاده ماتوا في حياته إلا فاطمة فإنها توفيت بعده.[377] وأولاده البنين هم: القاسم (وبه يُكنّى، توفي وعمره عامان)[53] وعبد الله (الطّيّب الطاهر) وإبراهيم (عاش في المدينة سنة ونصف)،[53] وأما البنات فهنّ: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة. أما زينب فقد تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع قبل الهجرة، وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان الواحدة بعد الأخرى، وأما فاطمة فتزوجها علي بن أبي طالب بين بدر وأحد،[378] وليس في بناته من كانت لها ذرية إلا ما كان من ذرية فاطمة،[53] فكان لها الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.

مواليه وخدامه

امتلك محمد عددًا من الموالي، منهم: زيد بن حارثة (وكان قد تبنّاه قبل الإسلام قبل إلغاء التبني) وابنه أسامة، وثوبان بن بجدد وأبو هند، وأبو لبابة، وأبو رافع.[53] ومن الإماء امتلك مارية القبطية (على خلاف في أنه هل أعتقها فتزوجها أم لا)، وريحانة بنت زيد (إحدى سبايا بني قريظة).[378] وأما خدامه، فكان ألزمهم خدمة للنبي محمد أنس بن مالك، وكان يخدمه أيضًا بلال بن رباح، وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر الغفاري، وغيرهم.[53]

أسماؤه

أسماء النبي محمد مكتوبة على طول الجدار القبلي في المسجد النبوي.

ورد في التراث الإسلامي أنه كان لمحمد عدّة أسماء، فكان يقول عن نفسه «إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب»،[379] وقال أيضًا «أنا نبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة».[380] وقد اختلف علماء الدين الإسلامي في أسماء كثيرة أخرى، فجعلها بعضهم كعدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسمًا، وعدّ منها الجزولي في "دلائل الخيرات" 200 اسم، وأوصلها ابن دحية إلى 300 اسم. وقد كان من أهم أسباب الخلاف أن بعضهم رأى كل وصف وُصف به النبي في القرآن من أسمائه. في حين قال آخرون إن هذه أوصاف وليست أسماء أعلام.[381] قال النووي: «بعض هذه المذكورات صفات، فإطلاق الأسماء عليها إنما هو مجاز».[382]

صفته الشكلية

يمين: يُعتقد أن الأثر الموجود على الحجر هو أثر كف النبي محمد نفسه، وهو موجود بمسجد إبراهيم الدسوقي بمدينة دسوق المصرية.
يسار: رسم على البلاط لأثر قدم النبي محمد والذي تركه على "الصخرة" التي عرج منها إلى السماء في رحلة الإسراء والمعراج، يعود تاريخها للعام 1706، وهي محفوظة الآن في متحف بيناكي للفن الإسلامي في أثينا في اليونان.[383] حيث يعتقد بعض المسلمون بأن قدمه تترك أثرًا دائمًا أينما جاب.[384]

جمع المسلمون ما توارثوه عن الصحابة من وصف خلقة نبيّهم في كتب كثيرة عرفت بكتب الشمائل، وأشهر هذه الكتب هو "الشمائل المحمديةللترمذي. حيث ذكر فيه أحاديث كثيرة في وصفه، وكان مما جاء فيه مفرقًا:[385]

  • جسمه: كان فخمًا مفخمًا،[386] مربوعًا ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب،[387] ولم يكن يماشي أحدًا إلا طاله. وقد كان أزهر اللون،[386] ليس بالأبيض الأمهق، ولا بالأسمر.[388]
  • رأسه وشعره: كان ضخم الرأس، عظيم الهامة، شديد سواد الشعر،[387] ولم يكن شعره شديد الجعودة ولا مرسل، بل كان فيه تثن قليل.[389] وقد كان كثّ اللحية، تُوفي وليس في رأسه ولحيته 20 شعرة بيضاء،[388]
  • ذراعاه ويداه: كان طويل الذراعين كثيرا الشعر، رحب الراحة غليظ الكفين والقدمين،[389] طويل الأطراف، ضخم المفاصل.
  • إبطاه: كان أبيض الإبطين، وهي من علامات نبوته بحسب المسلمين.
  • منكباه وصدره وبطنه: كان منكباه واسعين، كثيري الشعر، وكذا أعالي الصدر. وكان عاري الثديين والبطن، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، طويل المسربة موصول ما بين اللبة (النقرة التي فوق الصدر) والسرة بشعر يجري كالخيط.
  • خاتم النبوة: هي غُدّة حمراء مثل بيضة الحمامة،[390] أو مثل الهلال، فيها شعرات مجتمعات كانت بين كتفيه. وهي من علامات نبوته بحسب المسلمين.
  • وجهه وجبينه: كان مستو الوجه سهل الخدين،[387] ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، وكان واسع الجبين[386] مستويًا.
  • عيناه وحاجباه: كان طويل شِق العينين،[391] شديد سواد العينين،[389] في بياضها حمرة، وكانت عيناه واسعتين ذات أهداب طويلة كثيرة. وكان حاجباه قويين مقوَّسين، متّصلين اتصالاً خفيفًا، بينهما عرق يدرّه الغضب.
  • أنفه: كان أنفه مستقيمًا، أقنى (طويلاً في وسطه بعض ارتفاع)، مع دقة في أرنبته (طرف الأنف).
  • فمه وأسنانه: كان واسع الفم،[391] في أسنانه رقة وتحدد، يقول واصفه «إذا تكلّم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه».
  • قدماه: كان ضخم القدمين‏، يطأ الأرض بقدمه كلها ليس لها أخمص (الجزء المرتفع عن الأرض من القدم)،[387] وكان منهوس العقبين (قليل لحم العَقِب).[391]

مقتنياته وآثاره

قطار الأمانات المقدسة الذي حمل أثار للنبي محمد لتركيا أثناء الحرب العالمية الأولى.
الغرفة التي تحوي بردة النبي محمد، في متحف الباب العالي في تركيا.

كان من عادة النبي محمد تسمية دوابّه وسلاحه ومتاعه،[392] فكان اسم رايته‏ «العقاب‏»، واسم سيفه الذي يشهد به الحروب‏ «ذو الفقار‏»، وكان له سيوف غيره مثل «الرسوب‏» و«القضيب‏»، وكانت قبضة سيفه محلاة بالفضة‏، وكان اسم قوسه‏ «الكتوم‏».‏ واسم ناقته‏ «القصواء»، واسم بغلته‏ «دُلدُل‏»، واسم حماره «يعفور»، واسم شاته التي يشرب لبنها «عينة». وكان له مطهرة من فخار يتوضأ فيها ويشرب منها، فيرسل الناس أولادهم الصغار فيدخلون عليه فإذا وجدوا في المطهرة ماء شربوا منه ومسحوا على وجوههم وأجسادهم يبتغون بذلك البركة‏.‏[392] وقد احتفظ المسلمون ببعض هذه المقتنيات عبر التاريخ، فكانت في مصر في مسجد أثر النبي في جنوب القاهرة. وقد ظلّت هناك حتى وقعت الفتح العثماني عام 1517م حين دخل القاهرة السلطان العثماني سليم الأول فأخذ معه كل أثر النبي إلى إسطنبول، وبقيت هناك محفوظة إلى الآن في متحف الباب العالي.

أما ما يتعلق بالمشاهد والآثار في المدينة المنورة ومكة، فقد قام المسلمون بالحفاظ عليها إلى وقت ظهور الحركة الوهابية في نجد في عصر الخلافة العثمانية، إذ أقدمت الوهابية بعد سيطرتها على الحجاز على هدم معظم الآثار النبوية بدعوى خوف الشرك وسدا للذريعة،[393] ما جعل كثير من علماء السنة والشيعة ينادون بضرورة المحافظة على ما تبقى منها وعدم السماح لهدمها.[394][395][396] من هذه الآثار التي هُدمت: «مسجد بني قريظة»، الذي صلى فيه محمد أثناء حصار بني قريظة، و«مسجد أبي بكر الصديق»، الذي رابط عنده أبو بكر أثناء غزوة الخندق.[397] ومكان ولادة النبي محمد، ومكان عيشه في مكة، وبستان الصحابي سلمان الفارسي حيث كانت هناك نخلة غرسها محمد، وبيت الصحابي أبو أيوب الأنصاري، وبئر العين الزرقاء، وبئر أريس (بئر الخاتم)، وبئر حاء.[398]

جانب من حياته

يروي صحابته عنه أنه كان أحلم الناس وأشجع الناس وأعدل الناس وأعف الناس وأسخى الناس، لا يبيت عنده دينار ولا درهم، وكان يخصف النعل ويرقع الثوب،[399] وما عاب مضجعًا، إن فرشوا له اضطجع وإن لم يُفرَش له اضطجع على الأرض، يمزح ولا يقول إلا حقًا، يضحك من غير قهقهة. وكان لا يثبت بصره في وجه أحد، وكان يقبل الهدية ويكافيء عليها، ولا يأكل الصدقة، يجيب الوليمة، ويعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم، ويجالسهم ويؤاكلهم، ويتبع جنائزهم، ولا يصلي عليهم أحد غيره،[400] وكان يمشي وحده بين أعدائه بلا حارس، يقبل معذرة المعتذر إليه. وما شَتَم أحدًا من المؤمنين، وكان لا يصارح أحدًا بما يكرهه، وما ضرب شيءًا قط بيده، ولا امرأةً، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله،[401] وما انتقم من شيء صُنع إليه قط إلا أن تُنتَهك حرمة الله، وما خُيّر بين أمرين قطّ إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه إثم أو قطيعة رحم.

«خدمت رسول الله عشر سنين، فما قال
لي لشيء فعلتُه، "لم فعلتَه؟"، ولا لشيء لم أفعله،
"ألا فعلته؟"، وكان بعض أهله إذا عتبني على شيء
يقول "دعوه فلو قُضي شيء لكان"»[402]
أنس بن مالك

وكان أبعد الناس غضبًا وأسرعهم رضًا. وكان يبدأ من لقيه بالسلام، وكان يمرّ على الصبيان فيسلم عليهم، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله، وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعًا ويمسك بيديه عليهما شبه الحبوة، وما رُؤي قطّ مادًا رجليه بين أصحابه إلا أن يكون المكان واسعاً لا ضيق فيه، وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة، ولم تكن تُرفَع في مجلسه الأصوات، وكان لا يدعوه أحد من أصحابه وغيرهم إلا قال‏ "لبيك"، ولا يُسأل شيءًا إلا أعطاه، وكان يجلس بين أصحابه مختلطًا بهم كأنه أحدهم، وكان أصحابه لا يقومون له لما عرفوا من كراهته لذلك، وكان أكثر الناس تبسمًا وضحكًا في وجوه أصحابه.[403] وكان يأكل مما يليه ويأكل بأصابعه الثلاث وربما استعان بالرابعة، وكان أحب الفواكه إليه البطيخ والعنب، وكان أكثر طعامه الماء والتمر، وكان أحب الطعام إليه اللحم، وكان يحب من الشاة الذراع، وكان لا يأكل الثوم ولا البصل، وما عاب طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه.[404] وكان يلعق أصابعه من الطعام حتى تحمرّ، وكان يشرب في ثلاث دفعات وله فيها ثلاث تسميات وفي أواخرها ثلاث تحميدات، وكان في بيته لا يسألهم طعامًا ولا يتشهاه عليهم إن أطعموه أكل وما أعطوه قبل وما سقوه شرب.[403] وكان يعصب الحجر على بطنه مرة من الجوع. كان يتكلم بجوامع الكلم لا فضول ولا تقصير، وكان جهير الصوت، لا يتكلم في غير حاجة ولا يقول المنكر، ولا يقول في الرضا والغضب إلا الحق، ويكنّي عما اضطره الكلام إليه مما يكره.[403]

وجهات النظر حول محمد

وجهة نظر المسلمين

«ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد
يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع
يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يحرك حِلَق الجنة
فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر،
وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر»[405]
محمد بن عبد الله

بحسب تعاليم الإسلام فإنّ محمدًا هو أشرف المخلوقات وسيّد البشر جميعًا،[2][406] وأنه آخر الأنبياء والمرسلين، وأن الإيمان به وتصديق نبوّته واجب على المسلمين لا يتم إيمانٌ إلا به ولا يصحّ إسلامٌ إلا معه،[407] وأن طاعته وامتثال أمره واجب عليهم، باعتبارها من طاعة الله، وأنه مجمع الآداب كلّها،[408] والأسوة الحسنة التي ينبغي على كل إنسان التأسي بها،[409] وأنه باب الله الأعظم ووسيلته الكبرى التي لا يصل بدونه أحد إلى الله، يقول الجنيد «الطرق كلها مسدودة على الخلق، إلا على مَن اقتفى أثر الرسول واتَّبع سُنَّته ولزمَ طريقته؛ فإن طُرُقَ الخيرات كلها مفتوحة عليه».[410] وقد توعّد الإسلام المسلمين بالخذلان والعذاب على من خالف أمره وبدّل سنّته.[411] ويعتبر الإسلام الاحتكامَ إليه والرضى بحكمه شرطًا للإيمان.[412][413] وقد أجمع المسلمون على حرمة أذيّته، وقتل منتقصيه وسابّه من المسلمين تصريحًا كان أو تعريضًا.[414] وكذلك أجمعوا على عصمته من الشيطان وكفايته منه في كل أحواله،[414] وأنه إنسان كامل من كلِّ النواحي، منزَّه عن كلِّ عيبٍ أو نقصٍ، وأنه أُعطي الحسن والجمال كلّه.[3] قال البوصيري في قصيدة البردة:

فـهْـوَ الـذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه
ثـمَّ اصْـطَفَاهُ حَبيباً بارِىءُ النَّسَمِ
مُـنَـزَّهٌ عَـنْ شَرِيكٍ في محاسِنِهِ
فَـجَـوْهَرُ الحُسْنِ فيه غيرُ مُنْقَسِمِ
قصيدة البردة والتي اعتبرها كثير من المسلمين أنها أشهر قصيدة في المديح النبوي،[415][416] وقيل إنها أشهر قصيدة في الشعر العربي بين العامة والخاصة،[417] كتبها البوصيري في أوائل القرن 7 الهجري الموافق القرن 11 الميلادي.
ملف:DAROOD.JPG
«الصلاة الإبراهيمية»، أحد الصيغ المنتشرة عند كل المسلمين في الصلاة على النبي.[418]

وقد وردت نصوص في كتب الحديث تفيد بأنه كان يَرى من خلفه كما يرى من أمامه،[419] وأنه يرى في الليل كما يرى بالنهار،[420] وأنه لم يكن له ظلّ، وأنه أُعطي مفاتيح خزائن الأرض، وأن كل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا سببه ونسبه،[421] وأنه يشفع للمسلمين يوم القيامة في إدخالهم الجنة،[420] وأنه حيّ في قبره،[422] يردّ السّلام على من يسلّم عليه،[423] وأن أعمال المسلمين تُعرض عليه فيستغفر لسيئها ويستحسن حسنها،[424] وأن الصلاة في مسجده تعدل 1000 صلاة،[425] وقد اعتبر عدد من علماء أهل السنة زيارةَ قبره من أقرب القُرُبات إلى الله،[426][427][428] وأن قبره هو أفضل بقعة على الأرض بالإجماع كما نقله القاضي عياض،[429][430][431] ويعتقد بعض المسلمين بأن الله قد خلق العالم كله من أجله.[432] وكذلك انتشر بين المسلمين التوسل به في دعائهم، معتقدين أن ذلك أرجى لاستجابة دعائهم من الله لما لمحمد من جاه ومكانة عند الله،[433] وبعض هذه الأقوال رفضها علماء السلفية، حيث ينكر ابن تيمية وابن عبد البر الإجماع الذي حكاه القاضي عياض في فضل قبر النبي على سائر البقاع وينحصر اعتقادهم في أن القبر قد شرف بمقام النبي،[434][435] كما لا يرون جواز تخصيص قبر النبي بالزيارة مستندين لأقوال للإمام مالك وعدد من علماء المالكية والشافعية والحنابلة على حرمة السفر لزيارة القبور.[436] فيما يرى ابن باز القول بأن الله خلق الخليقة لأجل النبي من أقوال العامة وهو كلام باطل فاسد لا أساس له، وأن الله ما خلق الخليقة إلا لأجل عبادته.[437]

ويعتبر الإسلام محبّةَ محمدٍ أصلاً من أصول الإسلام، وأحدَ شروط صحة الإيمان، وأن المسلمَ لا يبلغُ كمالَ الإيمانِ حتى يحبّ محمدًا أكثر من أي شيء آخر، يقول عن نفسه «لا يؤمن أحدكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والده وولده والنَّاس أجمعين».[438] لذلك أحبه أصحابه والمسلمون حبًا شديدًا، حتى سُئل علي بن أبي طالب يومًا عن حبّهم لمحمد فقال «كان والله أحبَّ إلينا من أموالنا وأولادنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظَّمأ»،[439] ولما احتضر بلال بن رباح أخذ يقول وهو يموت «واطرباه، غدًا ألقى الأحبّة، محمدًا وحزبه»، وكان أصحابه بعد موته لا يذكرونه إلا خشعوا واقشعرت جلودهم وبكوا، حبًا وشوقًا له.[439] وكان يقول محمد عن محبة أتباعه له من بعده «من أشدّ أمّتي لي حُبًا، ناسٌ يكونون بعدي، يودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله».[440]

محراب النبي محمد الذي كان يصلي فيه في المسجد النبوي، والذي يتدافع المسلمون عنده حرصًا منهم على الصلاة فيه.
اسم النبي محمد منقوشًا على جميع بوابات المسجد النبوي.

ثم إن المسلمين قد دأبوا على تعظيم محمد وإجلاله وإكرامه وتوقيره اتباعًا لأوامر الإسلام،[441] فكانوا في حياته لا ينادونه باسمه مجردًا،[414][442] ولا يرفعون أصواتهم فوق صوته،[443] وكانوا في مجلسه كأنما على رؤوسهم الطير من الهيبة.[444] وكان من مظاهر تعظيمهم له أن كانوا يتبركون به وبآثاره،[معلومة 18] فكانوا يتبركون بفضل ماء وضوءه، وبعرقه، وبثيابه، وآنيته، وبمسّ جسده، وبموضع قدمه[445] وبماء جبّته، وبشعراته، وكانوا يستشفون بها من المرض.[446][447] وكان خالد بن الوليد يحتفظ بشعرات للنبي محمد في مقدمة قلنسوته،[448] وكانت أسماء بنت أبي بكر تحتفظ بجبّته بعد موته وتقول «كان النبي يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يُستشفى بها».[449] وكان عبد الله بن عمر يتتبع الأماكن التي كان يصلي بها النبي محمد، فيصلي فيها.[450][451]

ويُكثر المسلمون من تسمية أبناءهم باسم «محمد»، إذ تشير الإحصائيات بأن اسم «محمد» هو الاسم الأكثر شيوعًا في العالم،[452] وأكثر الأسماء للمواليد الجدد في بريطانيا سنة 2009.[453] وقد اعتاد معظم المسلمين في كل البلاد الإسلامية منذ القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي، على الاحتفال بمولد محمد،[454] فيقيمون مجالسَ لسماع سيرته، والصلاة والسلام عليه، وسماع المدائح في حقه، وذلك في كل أوقات العام وعند كل فرصة يقع فيها فرح أو سرور، ويزداد ذلك في شهر مولده ربيع الأول، وفي يوم مولده وهو الإثنين،[455] فيما ينكر أتباع السلفية مثل هذه الاحتفالات باعتبارها بدعة دخيلة على الإسلام. وكذلك انتشر بين المسلمين لون من ألوان الشعر العربي الخاص بمدح محمد وذكر خصائصه وفضائله ونظم سيرته، ما عُرف بالمديح النبوي، حيث يُرجع الباحثون نشأته في حياة محمد، إذ كان يمدحه أصحابه مثل حسان بن ثابت وكعب بن زهير،[456] ولكنه ازدهر مع الشعراء المتأخرىن وخاصة مع البوصيري في القرن السابع الهجري بقصيدته البردة،[457] والتي تُعد من أهم قصائد المديح، وأكثرها انتشارًا،[456] وقد ازدادت شهرتها إلى أن صار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن.[458] ويعمل المسلمون على تمييز اسم محمد عند حديثهم عنه، فعادة ما يُشار إليه "رسول الله" أو "سيّدنا محمد" أو "النبي"، ويتبعون اسمه بالصلاة والسلام عليه بقولهم "عليه الصلاة والسلام" أو "صلّى الله عليه وسلّم" أو "صلى الله عليه وآله وسلم" وغيرها من الصلوات الأخرى، اتباعًا لأمر قرآني بالصلاة عليه فضلاً عن وجود أحاديث تحثّ على ذلك وتحذّر من تركها،[459] قال «أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة».[460]

وجهة نظر اليهودية

يوجد تقليد في اليهودية يعترف بوجود أنبياء غير يهود ارسلهم الله من أجل هداية شعوبهم، ومنهم مثلاً بلعام وأيوب الذين لم يكونا من العبرانيين. وقد اختلفت وجهات نظر كبار علماء الدين اليهود في محمد بدرجة كبيرة، فرأى العالم اليهودي اليمني نثنائيل ابن الفيومي في كتابه "بستان العقول" أن الله قد يرسل أنبياء لا تتفق رسالتهم مع المعتقدات التي أتى بها الأنبياء اليهود. ويعتبر الفيومي محمد نبياً صادقاً غير أن رسالته موجهة إلى العرب بشكل خاص وليست لليهود وذلك لتعارضها مع التوراة.[461][462] غير أنه من الملاحظ أن نظرة الفيومي لم تلق قبولاً واسعاً بين اليهود في عصره.[463]

ويرى موسى بن ميمون أهم اللاهوتيين اليهود في العصور الوسطى أن محمدا قد انتقى بعض التعاليم اليهودية في رسالته وأضاف إليها عبادات أخرى. ويرى ميمون أن محمداً كان نبياً كاذباً ويعتبر ادعاءه النبوة غير ذي مصداقية لأنه يخالف التقليد التوراتي اليهودي.[464] كما يرى أن كون الرسول أمياً يمنعه من الوصول لمرتبة الأنبياء.[465]

وجهة نظر المسيحية

يعتبر يوحنا الدمشقي (676-749 م) أول من أعطى رأيًا مسيحيًا عنه، ففي كتابه "ينبوع الحكمة" اعتبره نبيًا كاذبًا تأثر بالهرطقة الآريوسية بعد لقائه بالراهب بحيرى واستعمل القرآن لتغطية آثامه.[466] وتعتبر أعماله هي الأساس الذي أعتمد عليه اللاهوتيون الغربيون في انتقاد الإسلام. غير أن النظرة المشرقية لمحمد اتسمت بانفتاح أكبر، فعندما سأل الخليفة العباسي المهدي بطريرك كنيسة المشرق طيماثيوس الأول عن رأيه في محمد، أجاب:"كان يمشي على خطا الأنبياء".[467] كما أثنى طيماثيوس على محمد لكونه "أعدل شعبه عن عبادة الأوثان إلى معرفة الله الواحد".[468] غير أن الصدامات اللاحقة مع المسلمين في الأندلس وفلسطين أدت إلى ظهور تيار مغالي في انتقاد الإسلام واشتد هذا التيار بعد حروب الأوروبيين مع العثمانيين خاصة لدى المصلحين البروتستانت؛ فقارن مارتن لوثر محمدًا ببابا روما من حيث السوء ووصفه "بالابن البكر للشيطان".[469]

وصف الدفاعيون الكاثوليك محمدًا في مطلع القرن العشرين على أنه مصلح اجتماعي، غير أن رسالته انطلقت من فهم خاطيء لليهودية والمسيحية. وأشاد "هيلير بيلوك" أحد أبرز الدفاعيين الكاثوليك في مطلع القرن العشرين برسالة الرسول التي وضعت مكانة خاصة للمسيح وأمه مريم، غير أنه اعتبر أنه لم يأت بديانة جديدة بل رأى أن الإسلام هرطقة يهودية/مسيحية دمجت بها بعض من ديانات العرب.[470] ومنذ انعقاد المجمع الفاتيكاني الثاني ظهرت أصوات داخل الكنيسة الكاثوليكية تدعو للاعتراف بنبوة محمد في ظل التقاليد المسيحية وذلك لخلق فرصة أكبر للحوار مع الإسلام. ويشبه مونتغمري وات محمد بأنبياء العبرانيين في كتابه "حقيقة دينية لعصرنا":[471]

«كان محمد نبيًا يمكن مشابهته بأنبياء العهد القديم، على أن وظيفته اختلفت قليلًا. فبينما انتقد هؤلاء حياد العبرانيين عن ديانتهم، كان على محمد أن يجلب معرفة الله لأشخاص لم يكن لهم سابقًا علم بها. فبهذا المنطلق تشبه وظيفته وظيفة موسى حيث تم بواسطتهما نقل شريعة إلهية لشعبيهما.»

وجهة نظر الغرب

تقول الناقدة والباحثة السورية "رنا قباني" أنه خلال القرون الوسطى لم تكن الحرب بين أوروبا والإسلام عسكرية منحصرة في تركيا أو إسبانيا، بل كانت حربًا ثقافية أيضًا، فالغرب دأب منذ القرن الثاني عشر على اختبار الإسلام ليس كحضارة بل كقوة غازية،[472] فأدّى ذلك بالإضافة إلى انتشار الجهل وغياب الدقة في الترجمة واختلاق الأساطير والميل نحو المثير - كما تبرر قباني - إلى إنتاج موروث أدبي معاد للإسلام كان أحد أوجهه الاعتقاد بكون النبي محمد "عدو للمسيح[473] وتصويره بطريقة مُسفة تحمل في ثناياها مقدارًا كبيرًا من الإمعان في الأسطورة، وتعزيز لنظرية العداوة.[472] حتى أنّ "جيرالد الويلزي" أحد أوائل الإنكليز الذين كتبوا حول الإسلام، قال بأنه ثمّة خطة إسلامية للقضاء على المسيحية.[472]

مع عصر التنوير في القرن السابع عشر وظهور العلاقات التجارية المميزة بين أوروبا والدولة العثمانية، وما رافقها من زيارات لأوروبيين أو تجار إلى مدن الشرق أخذت الصورة عن الإسلام والنبي تتغير، وأخذت أوروبا تنتج موروثًا جديدًا، قال "فيكتور هوغو" عام 1829 «إنّ الدراسات عن الشرق تمضي قدمًا، وبينما كنا في السابق إغريقيي الهوى أصبحنا استشراقيين»،[474] وهذه "الدراسات عن الشرق" التي عاصرت ميلاد الحركة العلمية والنقدية في أوروبا أنصفت النبي محمد، فقد قال عنه الشاعر الفرنسي ألفونس دي لامارتين «أترون أن محمدًا كان صاحب خداع وتدليس، وصاحب باطل وكذب؟! كلا. بعدما وعينا تاريخه، ودرسنا حياته، فإنَّ الخداع والتدليس والباطل والإفك، كل تلك الصفات هي ألصق بمن وصف محمدًا بها».[475] وقال عنه المؤرّخ الإنجليزي "وليم موير" «امتاز محمد بوضوح كلامه، ويسر دينه، وأنه أتم من الأعمال ما أدهش الألباب، لم يشهد التاريخ مصلحًا أيقظ النفوس، وأحيا الأخلاق الحسنة، ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل محمد».[475][476] وهذا لا ينفي أن بضعًا من البحّاثة الأوروبيين ظل محتفظًا وبنسب متفاوتة بصورة القرون الوسطى التقليدية، غير أن أهميتها وتأثيرها على الشارع العام أخذ بالانحسار.[474] واستمرّ ذلك خلال القرن العشرين، إلا أنه وفي أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر تصاعدت موجة خوف من الإسلام بسبب الخلط بين تصرفات المتطرفين الإسلاميين ورسالة الإسلام بشكل عام.[477][478] فظهر فئات من الغرب يُرجعون سبب العنف الموجود في العالم الإسلامي إلى تعاليم محمد، فأنتجوا أعمالاً ينتقدون فيها محمدًا مثل كتاب نبي الخراب، وفيلم فتنة، والرسوم الكاريكاتورية في صحيفة يولاندس بوستن.

وجهات نظر أخرى

مقالات ذات صلة

المصادر

قالب:ثبت المراجع وإطار

معلومات

  1. ^ في لسان العرب: «الشِّعب (بكسر الشين): ما انفرج بين جبلين، وقيل هو الطريق في الجبل».
  2. ^ في موسوعة الشبكة المعرفية الريفية: «نيكلسون: مستشرق إنجليزي يُعدّ، بعد ماسينيون، أكبر الباحثين في التصوف الإسلامي».
  3. ^ في المعجم الوسيط، ج1، ص14: «الأرضة: دويبة تأكل الخشب ونحوه».
  4. ^ في معجم النهاية في غريب الأثر، ج1، ص462: «الحائط هنا: البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار».
  5. ^ في فقه السيرة النبوية، للبوطي، ص108، دار الفكر، ط2005.: «الإسراء: الرحلة التي قام بها النبي محمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والمعراج: ما أعقب هذه الرحلة من العروج إلى السماوات العلا حتى الوصول إلى سدرة المنتهى، كل ذلك في ليلة واحدة».
  6. ^ في صحيح البخاري، رقم: 162: «البراق: هو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه».
  7. ^ في السيرة النبوية، لابن هشام، ج2، ص277-278: «وهم: أسعد بن زرارة، وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك، وقُطبَة بن عامر بن حديدة، وعُقبة بن عامر بن نابي، وجابر بن عبد الله».
  8. ^ في مقدمة ابن خلدون، ص108: «البيعة: هي العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أنه يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين، لا ينازغه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره».
  9. ^ في خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى، للسمهودي، ج1، ص84: «بيعة النساء: أي على وفق بيعة النساء التي نزلت بعد الفتح ﴿على أن لا يشركن بالله شيءًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف ولم يكن أمرٌ بالقتال».
  10. ^ في سيرة ابن هشام، ج3، ص5: «دارالندوة:هي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرًا إلا فيها».
  11. ^ في السيرة الحلبية، ج2، ص236: «المربد: المحل الذي يجفف فيه التمر»
  12. ^ في السيرة الحلبية، ج3، ص134: «ما كان فيه رسول الله يُقال له غزوة، وما خلا عنه يُقال له سريّة، وربما سمّوا بعض السرايا "غزوة" كما في مؤتة حيث قالوا غزوة مؤتة. وظاهر كلامهم أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون إرسال ذلك لقتال أو لغير قتال كتجسس الأخبار أو لتعليمهم الشرائع أو للتجارة».
  13. ^ في لسان العرب «البَدْنةُ: ناقة أو بقرة تُنْحَرُ بمكة، سُميت بذلك لأَنهم كانوا يُسمِّنونها».
  14. ^ في الروض الأنف، للسهيلي، ج4، ص146: «يريد أن بني عبد مناف بن قصي أمّهم من خزاعة، وكذلك قصي بن كلاب أمّه "فاطمة بنت سعد الخزاعية" و"الوُلْد" بمعنى الوَلَد».
  15. ^ في زاد المعاد، لابن القيم، ج3، ص361: «وهم عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعكرمة بن أبي جهل، والحارث بن نفيل بن وهب، ومقيس بن صبابة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن الأخطل، كانت تغنيان بهجو النبي ، وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب».
  16. ^ في سيرة ابن هشام، ج5، ص111: «فيمن لبث معه من المهاجرين: أبو بكر وعمر. ومن أهل بيته: علي بن أبي طالب والعباس وأبو سفيان بن الحارث وابنه والفضل بن العباس وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وأيمن ابن أم أيمن وقُتل يومئذ».
  17. ^ في لسان العرب لابن منظور، ج3، ص14: «الخوخة: بابٌ صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين يُنصب عليها باب».
  18. ^ في أسرار الآثار النبوية، لعماد الدين الحسيني، ص5: «التبرّك اصطلاحًا هو طلب الحصول على الخير والبركة على وجه السبب».

وصلات خارجية

مواقع إنترنت

مدائح

كتب

قالب:المعصومون عند الشيعة الاثنا عشرية

قالب:وصلة مقالة جيدة قالب:وصلة مقالة جيدة قالب:وصلة مقالة جيدة

قالب:وصلة مقالة مختارة قالب:وصلة مقالة مختارة

  1. ^ في القرآن  مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا  ، سورة الأحزاب، آية: 40.
  2. ^ أ ب الفتاوى الحديثية، ابن حجر الهيتمي، ص346-349، تحقيق: أحمد عناية، دار التقوى، ط2008.
  3. ^ أ ب محمد الإنسان الكامل، محمد علوي المالكي، ص8-19، ط1990.
  4. ^ صلوات الثناء على سيد الأنبياء، يوسف النبهاني، ص30-38، المقطم للنشر والتوزيع، ط2006.
  5. ^ الخالدون المائة، مايكل هارت، ترجمة: أنيس منصور، ص13، المكتب المصري الحديث.
  6. ^ السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص96-98، مكتبة العلوم والحكم، ط1993.
  7. ^ أ ب السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص104.
  8. ^ "Muhmmad," Encyclopedia of Islam and the Muslim world
  9. ^ انظر المراجع:
    • Holt (1977a), p.57
    • Lapidus (2002), pp 0.31 and 32
  10. ^ الشبكة الإسلامية: أهم مصادر السيرة النبوية، أكرم ضياء العمري
  11. ^ أ ب مصادر تلقي السيرة النبوية، محمد أنور البكري، ص1-31، مجمع الملك فهد.
  12. ^ السيرة النبوية دروس وعبر، مصطفى السباعي، ص22-29، المكتب الإسلامي.
  13. ^ أ ب مسائل في منهج دراسة السيرة النبوية، محمد بن صامل السلمي
  14. ^ دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
  15. ^ دلالة القرآن المبين على أن النبي أفضل العالمين، عبد الله بن الصديق الغماري، ص1-13.
  16. ^ مصادر السيرة النبوية، ضيف الله بن يحي الزهراني، ص1-64، مجمع الملك فهد.
  17. ^ علم المغازي بين الرواية والتدوين بين القرنين الأول والثاني الهجري، محمد أنور البكري، ج1، ص34-40.
  18. ^ سيرة الرسول ، محمد عزة دروزة، ج2، ص269، المكتبة العصرية.
  19. ^ السيرة النبوية - موقع وزارة الأوقاف المغربية.
  20. ^ أ ب ت ث السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، محمد بن محمد أبو شهبة، ج1، ص27-28، دار القلم، ط1988.
  21. ^ أ ب ت ث ج فقه السيرة، محمد سعيد رمضان البوطي، ص21، دار الفكر، ط1978. وسم <ref> غير صالح؛ الاسم "البوطي-مقدمات" معرف أكثر من مرة بمحتويات مختلفة.
  22. ^ أ ب ت ث مصادر السيرة النبوية وتقويمها، فاروق حمادة، ص36-43، دار الثقافة، ط1980.
  23. ^ صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، ج4، ص1453، تحقيق: مصطفى البغا، دار القلم، ط1981.
  24. ^ دراسة تحليلية للسيرة النبوية، عباس زرياب خوئي
  25. ^ حول مصادر السيرة النبوية، محمد بن علي الحبشي
  26. ^ وفيات الأعيان، ابن خلكان، ج1، ص290.
  27. ^ أ ب S. A. Nigosian(2004), p. 6
  28. ^ Watt (1953), p.xv
  29. ^ محمد حسن الددو: محبة النبي : الضوابط والأسباب والآداب
  30. ^ مصادر تلقي السيرة النبوية، محمد أنور البكري، ص31-39، مجمع الملك فهد.
  31. ^ أ ب ت السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص21-52، مكتبة العلوم والحكم، ط1993.
  32. ^ منتهى السول على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول ، عبد الله بن سعيد محمد عبادي اللحجي، ج1، ص31-32، دار طوق النجاة، ط1998.
  33. ^ تثبيت دلائل النبوة، عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، ج1، ص5، دار الفكر العربية.
  34. ^ أ ب السيرة من موقع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية
  35. ^ Philip K. Hitti, History of the Arabs, 10th edition (1970), p.112.
  36. ^ Seeing Islam as others saw it: a survey and evaluation of Christian, Jewish, Robert G. Hoyland‏ p.22
  37. ^ الرحيق المختوم، المباركفوري، ص19.
  38. ^ أ ب ت ث ج الشبكة الإسلامية: الجزيرة العربية "الحالة السياسية والاقتصادية" عند ظهور الإسلام - أكرم ضياء العمري تاريخ الوصول 28 يونيو 2011.
  39. ^ أ ب السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص77-82، مكتبة العبيكان، ط2005.
  40. ^ أ ب ت الرحيق المختوم، المباركفوري، ص20-25.
  41. ^ أ ب ت الشبكة الإسلامية: الجزيرة العربية "الحالة الدينية" عند ظهور الإسلام - أكرم ضياء العمري تاريخ الوصول 28 يونيو 2011.
  42. ^ أ ب ت ث ج ح خ الرحيق المختوم، المباركفوري، ص1-48.
  43. ^ أ ب ت الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص63-68، دار السيرة، بيروت، ط1995.
  44. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن ابن عباس، رقم:4818.
  45. ^ أ ب ت ث ج فقه السيرة النبوية، محمد سعيد رمضان البوطي، ص69-102، دار الفكر المعاصر، ط1991.
  46. ^ رواه الهيثمي في مجمع الزوائد، عن علي بن أبي طالب، ج8، ص217.
  47. ^ رواه مسلم في صحيحه، عن واثلة بن الأسقع، رقم: 2276.
  48. ^ رواه السيوطي في الجامع الصغير، عن العباس بن عبد المطلب، رقم: 1735.
  49. ^ أ ب جامع الأحاديث، السيوطي، رقم:44432.
  50. ^ الروض الأنف، السهيلي، ج1، ص22-34.
  51. ^ جمهرة أنساب أمهات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الحسين بن حيدر الهاشمي، ص1-58.
  52. ^ أم النبي عليه الصلاة والسلام، عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطيء)، ص67، دار الهلال، ط1999.
  53. ^ أ ب ت ث ج ح ألفية السيرة النبوية، عبد الرحيم العراقي، تحقيق: محمد علوي المالكي، ص130-139، دار المنهاج، ط2005.
  54. ^ أ ب ت السيرة النبوية، ابن حبان، ص1-63.
  55. ^ الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص159-163، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.
  56. ^ رواه الترمذي في سننه، رقم: 3752، وقال عنه: حسن غريب.
  57. ^ مختصر الجامع في السيرة النبوية، سميرة زايد، ج1، ص103-110، المطبعة العلمية، ط1995.
  58. ^ أ ب ت ث الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص94-108، دار صادر، بيروت.
  59. ^ أعلام النبوة، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، ص240، دار الكتاب العربي، ط1987.
  60. ^ في البداية والنهاية، ابن كثير، ج2، ص323: «قال الواقدي: هذا هو أثبت الأقاويل في وفاة عبد الله وسنّه عندنا».
  61. ^ السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج1، ص78، دار المعرفة.
  62. ^ أ ب تاريخ الرسل والملوك، الطبري، ج1، ص327-328.
  63. ^ أ ب ت ث ج نور اليقين في سيرة سيّد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص7-21، دار المعرفة، ط2004.
  64. ^ ويكيمابيا: مكتبة الحرم ومكان ولادة الرسول (مكة المكرمة) خريطة المكان.
  65. ^ صحيفة مكة الإلكترونية: شعب بني هاشم، محمد بن حسين الحارثي تاريخ الوصول: 16 يونيو 2011م.
  66. ^ روى الطبري في تاريخه، ج2، ص293: «أن رسول الله سُئل عن يوم الإثنين، فقال "ذلك يوم ولدتُ فيه ويوم بُعثتُ فيه وأُنزل عليّ فيه"».
  67. ^ في البداية والنهاية، ابن كثير، ج2، ص320: «حكاه الحميدي، عن ابن حزم، ورواه مالك، وعقيل، ويونس بن يزيد، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، ونقل ابن عبد البر عن أصحاب التاريخ أنهم صححوه، وقطع به الحافظ الكبير محمد بن موسى الخوارزمي، ورجحه الحافظ أبو الخطاب ابن دحية».
  68. ^ أ ب ت ث حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار، محمد بن عمر بحرق الحضرمي، ص105-122، دار الحاوي، ط1998.
  69. ^ قال ابن كثير في البداية والنهاية، ج2، ص320: «وهذا هو المشهور عند الجمهور».
  70. ^ أ ب ت البداية والنهاية، ابن كثير، ج2، ص319-332.
  71. ^ أ ب ت الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ابن عبد البر، ج1، ص10-17.
  72. ^ Watt (1974)، p. 7.
  73. ^ أ ب ت الروض الأنف، السهيلي، ج1، ص278-296.
  74. ^ الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض، ج1، ص167-168، دار الفكر، بيروت، ط1988.
  75. ^ دلائل النبوة، البيهقي، ج5، ص354، رقم: 2022.
  76. ^ مستدرك الحاكم ج3 ص327.
  77. ^ رواه ابن تيمية في الردّ على البكري، عن العرباض بن سارية، رقم:61.
  78. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن هشام، ج2، ص295-298، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  79. ^ أ ب ت ث ألفية السيرة النبوية، عبد الرحيم العراقي، ص1-3.
  80. ^ رواه البخاري في صحيحه، وهو قول عروة بن الزبير، رقم:5101.
  81. ^ أ ب ت ث السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، علي الصلابي، ص14-96.
  82. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج8، ص224، دار صادر، بيروت.
  83. ^ أ ب ت ث ج السيرة النبوية سير وعبر، مصطفى السباعي، ص13-29، المكتب الإسلامي.
  84. ^ أ ب ت ث الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص83-98، دار السيرة، بيروت، ط1995.
  85. ^ رواه مسلم في صحيحه، عن أنس بن مالك، ج1، ص101، رقم:162.
  86. ^ السيرة النبوية، أبو فارس، ص101.
  87. ^ رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، رقم: 2262.
  88. ^ أ ب ت المختصر الكبير في سيرة الرسول، عز الدين بن جماعة الكتاني، ص1-13.
  89. ^ تاريخ الطبري، الطبري، ج2، ص287.
  90. ^ دلائل النبوة، أبو نعيم الأصبهاني، ج1، ص125.
  91. ^ أ ب السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج1، ص127-129، دار المعرفة.
  92. ^ رواه ابن الملقن في البدر المنير، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، ج7، ص325.
  93. ^ الفصول في اختصار سيرة الرسول، إسماعيل بن كثير
  94. ^ أ ب ت ث أسد الغابة في معرفة الصحابة، ابن الأثير الجزري، ج1، ص1337-1338. وسم <ref> غير صالح؛ الاسم "أسد الغابة-قبل البعثة" معرف أكثر من مرة بمحتويات مختلفة.
  95. ^ عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، ابن سيد الناس، ج1، ص71، مؤسسة عز الدين، بيروت، ط1986.
  96. ^ ثقات ابن حبان، ابن حبان، ج1، 47.
  97. ^ أ ب البداية والنهاية، ابن كثير، ج2، ص358-274.
  98. ^ الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء، سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي، ج1، ص114، عالم الكتب، بيروت، ط1996.
  99. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج2، ص361.
  100. ^ في عيون الأثر، ابن سيد الناس، ج1، 72: «قال الواقدي: الثبت عندنا المحفوظ من أهل العلم ان أباها "خويلد بن أسد" مات قبل الفِجَار وأن عمها "عمرو بن أسد" زوّجها رسول الله ».
  101. ^ أصول الكافي، الكليني، ج5، ص374.
  102. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص132، دار صادر، بيروت.
  103. ^ دلائل النبوة للبيهقي ج 2 ص 71، حيث صحح البيهقي أنه خديجة توفيت وعمرها خمسون سنة يرجح الروايات القائلة أنها تزوجت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمرها خمس وعشرون سنة، أي خمسة عشر سنة قبل البعثة وعشر سنوات بعد البعثة.
  104. ^ المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري، ج11، ص157.
  105. ^ الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص105-125، دار السيرة، بيروت، ط1995.
  106. ^ أ ب الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، ج8، ص78، دار الجيل، بيروت.
  107. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج8، ص223، دار صادر، بيروت.
  108. ^ زاد المعاد في هَدْي خير العباد، ابن القيم، ج1، ص82.
  109. ^ رواه مسلم في صحيحه، رقم: 1771.
  110. ^ في تفسير ابن كثير، سورة الأنعام: «قال علي بن أبي طالب وابن عمه عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما: "ما بعث الله نبيًا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بعث محمّد وهو حيّ ليؤمننّ به ولينصرنّه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمّته لئن بعث محمّد وهم أحياء ليؤمننّ به ولينصرنّه»
  111. ^ رواه السيوطي في الجامع الصغير، عن عبادة بن الصامت، رقم:2703، وقال عنه: حسن.
  112. ^ أ ب ت البداية والنهاية، ابن كثير، ج2، ص374-386.
  113. ^ الخصائص الكبرى، السيوطي، ص40، دار الكتب العلمية، بيروت.
  114. ^ أ ب تاريخ الأمم والملوك، الطبري، ج1، ص526-535، دار الكتب العلمية، ط1987.
  115. ^ صحيح مسلم، عن جابر بن سمرة، رقم:2277.
  116. ^ أ ب ت البداية والنهاية، ابن كثير، ج3، ص5-33.
  117. ^ أ ب الرحيق المختوم، المباركفوري، دار المؤيد، ص65.
  118. ^ عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، ابن سيد الناس، ج1، ص109-120، مؤسسة عز الدين، بيروت]]، ط1986.
  119. ^ في صحيح مسلم، عن أبي قتادي الأنصاري، رقم:1162: «سُئل النبي عن صوم الإثنين؟ قال "ذاك يومٌ ولدت فيه، ويومٌ بُعثت (أو أنزل عليّ) فيه"».
  120. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص190-198، دار صادر، بيروت.
  121. ^ في مسند أحمد، ج4، ص107، والجامع الصغير، للسيوطي، رقم:2734، وحسّنه: «أن رسول الله قال: "أُنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان"».
  122. ^ الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص243-252، دار السيرة، بيروت، ط1995.
  123. ^ الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص296، دار السيرة، بيروت، ط1995.
  124. ^ صحيح البخاري، ص3.
  125. ^ فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، ج1، ص31.
  126. ^ الدرر في اختصار المغازي والسير، ابن عبد البر
  127. ^ رواه ابن خزيمة في التوحيد، ج1، ص358، عن عائشة بنت أبي بكر، وأشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح.
  128. ^ في فتح الباري، لابن حجر العسقلاني، ج7، ص204-205، دار المعرفة، بيروت، ط1959: «وقد استنكر بعضهم وقوع شق الصدر ليلة الإسراء وقال إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد، ولا إنكار في ذلك، فقد تواردت الروايات به وثبت شق الصدر أيضًا عند البعثة كما أخرجه أبو نعيم في الدلائل، وجميع ما ورد من شق الصدر واستخراج القلب وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة مما يجب التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته لصلاحية القدرة فلا يستحيل شيء».
  129. ^ دلائل النبوة، أبو نعيم الأصبهاني، في ذكر بدء الوحي.
  130. ^ أ ب ت عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، ابن سيد الناس، ج1، ص123-130، مؤسسة عز الدين، بيروت، ط1986.
  131. ^ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن الحسن البصري، رقم: 2697، وقال عنه: مرسل حسن.
  132. ^ أ ب الرحيق المختوم، المباركفوري، ص55-58.
  133. ^ في عيون الأثر، لابن سيد الناس، ج1، ص123: «قال ابن إسحق: "كانت خديجة أول من آمنت بالله ورسوله وصدّقت ما جاء من عند الله عز وجل وآزرته على أمره، فخفف الله بذلك عن رسوله"».
  134. ^ في تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، ج7، ص195: «قال ابن إسحاق: أول من آمن بالله ورسوله من الرجال علي بن أبي طالب، وهو قول ابن شهاب، إلا أنه قال: من الرجال بعد خديجة، وهو قول الجميع في خديجة وهو قول عبد الله بن محمد بن عقيل وقتادة ومحمد بن كعب القرظى وروى أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال "كان عليّ أول من آمن بالله من الناس بعد خديجة"».
  135. ^ الغدير في الكتاب والسنّة والأدب، عبد الحسين الأميني، ج3، ص95.
  136. ^ أ ب السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص132-141، مكتبة العبيكان، ط2005.
  137. ^ فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، ج7، ص174.
  138. ^ أ ب ت الروض الأنف، السهيلي، ج1، ص414-437.
  139. ^ ألفية السيرة النبوية، عبد الرحيم العراقي، ص4-11.
  140. ^ أ ب الفصول في سيرة الرسول ، ابن كثير، ج1، ص9-20.
  141. ^ في البداية والنهاية، لابن كثير، ج3، ص39: «وقد أجاب أبو حنيفة رضي الله عنه بالجمع بين هذه الأقوال بأن أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن الغلمان علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين».
  142. ^ في تاريخ الأمم والملوك، للطبري، ج1، ص541: «قال الواقدي: اجتمع أصحابنا على أن أول أهل القبلة استجاب لرسول الله خديجة بنت خويلد ثم اختلف عندنا في ثلاثة نفر في أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة أيّهم أسلم أوّل».
  143. ^ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، الذهبي، ج1، ص136، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1987.
  144. ^ أ ب ت ث فقه السيرة النبوية، محمد سعيد رمضان البوطي، ص62-85، دار الفكر المعاصر، ط2006.
  145. ^ السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج1، ص457، دار المعرفة.
  146. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص199، دار صادر، بيروت.
  147. ^ رواه أحمد بن حنبل في مسنده، عن علي بن أبي طالب، ج2، ص165، وصححه أحمد شاكر.
  148. ^ رواه الشوكاني في در السحابة في مناقب القرابة والصحابة، عن علي بن أبي طالب، رقم أو صفحة:149، وقال عنه: إسناده جيد.
  149. ^ شبكة الشيعة العالمية: الإمامة وأهل البيت
  150. ^ أ ب ت الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص199-206، دار صادر، بيروت.
  151. ^ أ ب سيرة ابن هشام، ابن هشام، ج2، ص92-163.
  152. ^ الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، ج4، ص335.
  153. ^ رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رقم: 4815.
  154. ^ رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود، رقم: 520.
  155. ^ دلائل النبوة، البيهقي، ج2، ص63.
  156. ^ الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء، سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي، ج1، ص163، عالم الكتب، بيروت، ط1996.
  157. ^ فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، ج7، ص188-189.
  158. ^ أ ب سيرة ابن هشام، ج1، ص321-340.
  159. ^ أ ب ت ث السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص168-181، مكتبة العبيكان، ط2005.
  160. ^ أ ب ت الرحيق المختوم، المباركفوري، ص74-78.
  161. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن مسعود، رقم: 1070.
  162. ^ رواه أحمد بن حنبل في مسنده، عن عبد الله بن مسعود، ج5، ص307، وصححه أحمد شاكر.
  163. ^ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، الذهبي، ج1، ص193، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1987.
  164. ^ البدء والتاريخ، ابن المطهر، ج1، ص231.
  165. ^ أ ب ت السيرة النبوية، ابن هشام، ج2، ص195-199، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  166. ^ أ ب ت ث الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص47-49، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.
  167. ^ أ ب ت فقه السيرة النبوية، محمد سعيد رمضان البوطي، ص86-99، دار الفكر المعاصر، ط2006.
  168. ^ أ ب ت ث الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص208-210، دار صادر، بيروت.
  169. ^ أ ب ألفية السيرة النبوية، عبد الرحيم العراقي، ص60-63، دار المنهاج، ط2005.
  170. ^ أ ب ت الروض الأنف، السهيلي، ج2، ص159-167.
  171. ^ أ ب ت ث مختصر الجامع في السيرة النبوية، سميرة زايد، ج1، ص195-208، المطبعة العلمية، ط1995.
  172. ^ أ ب ت السيرة النبوية، ابن هشام، ج2، ص263-266، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  173. ^ الغدير في الكتاب والسنّة والأدب، عبد الحسين الأميني، ج7، ص384.
  174. ^ صحيح البخاري ج5، ص71.
  175. ^ أ ب ت ث السيرة النبوية، ابن هشام، ج2، ص266-269، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  176. ^ أ ب ت ث الرحيق المختوم، المباركفوري، ص100-101.
  177. ^ مختصر الجامع في السيرة النبوية، سميرة زايد، ج1، ص209-212، المطبعة العلمية، ط1995.
  178. ^ أ ب ت ث الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص210-212، دار صادر، بيروت.
  179. ^ أ ب الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص49-51، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.
  180. ^ فقه السيرة النبوية، محمد سعيد رمضان البوطي، ص100-101، دار الفكر المعاصر، ط2006.
  181. ^ السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص185-187، مكتبة العبيكان، ط2005.
  182. ^ الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج4، ص35، المركز الإسلامي للدراسات، ط2005.
  183. ^ مسند أحمد، أحمد بن حنبل، ج4، ص235.
  184. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن عائشة بنت أبي بكر، رقم: 3231.
  185. ^ أ ب فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، ج7، ص196-218.
  186. ^ أ ب الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص213-215، دار صادر، بيروت.
  187. ^ أ ب الخصائص الكبرى، السيوطي، ج1، ص303-306، دار الكتب العلمية، ط1985.
  188. ^ أ ب الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص51، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.
  189. ^ السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص188-192، مكتبة العبيكان، ط2005.
  190. ^ أ ب الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء، السيوطي، دار الحديث، القاهرة، ط1988.
  191. ^ في السيرة الحلبية، لعلي بن برهان الدين الحلبي، ج1، ص138-139، دار المعرفة: «اختُلف في رؤيته لربه تبارك وتعالى تلك الليلة، فأكثر العلماء على وقوع ذلك، أي أنه رآه عز وجل بعين رأسه. وأنكرتها عائشة رضي الله تعالى عنها وقالت "من زعم أن محمد رأى ربه أى بعين رأسه فقد أعظم الفرية على الله عز وجل"».
  192. ^ دلائل النبوة، البيهقي، ج2، ص356.
  193. ^ أ ب ت السيرة النبوية، ابن هشام، ج2، ص270-313، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  194. ^ أ ب ت البداية والنهاية، ابن كثير، ج3، ص179-206.
  195. ^ أ ب الرحيق المختوم، المباركفوري، ص106-123.
  196. ^ أ ب رواه الوادعي في الصحيح والمسند، عن جابر بن عبد الله، رقم: 222.
  197. ^ أ ب تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، الذهبي، ج1، ص297-309، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1987.
  198. ^ السيرة النبوية، ابن حبان، ص118.
  199. ^ رواه الترمذي في سننه، رقم: 3618.
  200. ^ السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص237، دار المعرفة.
  201. ^ أ ب ت ث ج الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص224-238، دار صادر، بيروت.
  202. ^ أ ب ت الروض الأنف، السهيلي، ج2، ص312-332.
  203. ^ أ ب ت ث ج الرحيق المختوم، المباركفوري، ص127-136.
  204. ^ السيرة النبوية، ابن كثير، ج2، ص236.
  205. ^ أ ب ت ث السيرة النبوية، ابن هشام، ج3، ص5-24، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  206. ^ في الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج2، ص6: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حين هاجر من مكة يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، وهو المجتمع عليه».
  207. ^ السيرة النبوية، ابن هشام، ج3، ص135، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  208. ^ مجمع الزوائد، الهيثمي، عن أنس بن مالك، ج10، ص45.
  209. ^ نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص91، دار المعرفة، بيروت، ط2004.
  210. ^ الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج4، ص178، دار السيرة، بيروت، ط1995.
  211. ^ السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص353-354، دار المعرفة، بيروت.
  212. ^ أ ب الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص60-61، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.
  213. ^ أ ب الرحيق المختوم، المباركفوري، ص143-148.
  214. ^ أ ب الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص238-257، دار صادر، بيروت.
  215. ^ أ ب الروض الأنف، السهيلي، ج2، ص338-369.
  216. ^ أنساب الأشراف، البلاذري، ج1، ص270.
  217. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن هشام، ج3، ص31-39، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  218. ^ الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج3، ص345، دار السيرة، بيروت، ط1995.
  219. ^ أ ب ت السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج1، ص240-298، مكتبة العبيكان، ط2005.
  220. ^ موقع رسول الله: دستور المدينة نموذجًا.
  221. ^ رواه أحمد بن حنبل في مسنده، عن عبد الله بن عباس، ج3، ص262، وصححه أحمد شاكر.
  222. ^ أ ب ت الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج2، ص5-10، دار صادر، بيروت.
  223. ^ أ ب ت الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص61-82، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.
  224. ^ السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص413، دار المعرفة.
  225. ^ رواه مسلم في صحيحه، عن بريدة بن الحصيب، رقم: 1731.
  226. ^ السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة، بريك بن محمد العمري، ص78-191، دار ابن الجوزي، ط1996.
  227. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3، ص286-308.
  228. ^ أ ب ت الرحيق المختوم، المباركفوري، ص156-195.
  229. ^ أ ب ت المغازي، الواقدي، ج1، ص19-172، عالم الكتب، بيروت.
  230. ^ أ ب ت عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، ابن سيد الناس، ج1، ص321-380، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت، ط1986.
  231. ^ شرح النووي على صحيح مسلم، ج12، ص443.
  232. ^ أ ب نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص82-94، دار المعرفة، بيروت، ط2004.
  233. ^ السيرة النبوية، تأليف: ابن هشام
  234. ^ المغازي، الواقدي، ج1، ص176-180، عالم الكتب، بيروت.
  235. ^ أ ب ت ث الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج2، ص36-49، دار صادر، بيروت.
  236. ^ أ ب ت السيرة النبوية، ابن هشام، ج4، ص5-120، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  237. ^ أ ب الرحيق المختوم، المباركفوري، ص208-263.
  238. ^ دلائل الصدق لنهج الحق، محمد حسن المظفر، ج2، ص357.
  239. ^ صحيح ابن ماجه، الألباني، رقم: 3269.
  240. ^ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، الذهبي، ج2، ص223-228، دار الكتاب العربي، ط1987.
  241. ^ أ ب ت المغازي، الواقدي، ج1، ص363-380، عالم الكتب، بيروت.
  242. ^ الرحيق المختوم، المباركفوري، ص269-270.
  243. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج2، ص57-58، دار صادر، بيروت.
  244. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن أبي أوفى، رقم: 2933.
  245. ^ أ ب الروض الأنف، السهيلي، ج3، ص415-458.
  246. ^ أ ب تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، الذهبي، ج2، ص283-305، دار الكتاب العربي، ط1987.
  247. ^ أ ب السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري، ج2، ص418-433، مكتبة العلوم والحكم، ط1993.
  248. ^ أ ب ت الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج2، ص65-77، دار صادر، بيروت.
  249. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن هشام، ج4، ص170-215، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  250. ^ سورة الأحزاب، آية: 9-11.
  251. ^ تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ج6، ص396.
  252. ^ المغازي، الواقدي، ج2، ص496-521، عالم الكتب، بيروت.
  253. ^ الرحيق المختوم، المباركفوري، ص279-281.
  254. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، ج7، ص476.
  255. ^ رواه البخاري، في صحيحه، عن البراء بن عازب، رقم: 4251.
  256. ^ دار الإفتاء المصرية: السيادة لرسول الله في الأذان والتشهد في الصلاة تاريخ الوصول 1 يوليو 2011.
  257. ^ أ ب ت ث الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج2، ص95-105، دار صادر، بيروت.
  258. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن هشام، ج4، ص275-296، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  259. ^ أ ب ت جوامع السيرة، ابن حزم، ص207-211، دار المعارف، مصر، ط1900.
  260. ^ أ ب ت صحيح البخاري، البخاري، عن المسور بن مخرمة، رقم: 2731.
  261. ^ أ ب ت الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص258-290، دار صادر، بيروت.
  262. ^ الرحيق المختوم، المباركفوري، ص313-324.
  263. ^ تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل، أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله، ج45، ص45، دار الفكر، بيروت، ط1995.
  264. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن كثير، ج3، ص455-480.
  265. ^ أ ب ت الرحيق المختوم، المباركفوري، ص325-354.
  266. ^ السيرة النبوية، ابن حبان، ص300.
  267. ^ أ ب جوامع السيرة، ابن حزم، ص211-218، دار المعارف، ط1900. وسم <ref> غير صالح؛ الاسم "ابن حزم-خيبر" معرف أكثر من مرة بمحتويات مختلفة.
  268. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن هشام، ج4، ص297-331، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  269. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك، رقم: 371.
  270. ^ تخريج مشكاة المصابيح، ابن حجر العسقلاني، عن جعفر بن أبي طالب، ج4، ص331.
  271. ^ رواه الهيثمي في محمع الزوائد، عن عبد الله بن جعفر، ج6، ص159.
  272. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج2، ص128-130، دار صادر، بيروت.
  273. ^ أ ب ت فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، ج7، ص592.
  274. ^ أ ب ت الخصائص الكبرى، جلال الدين السيوطي، ج1، ص439-447، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1985.
  275. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن أبي شريح العدوي، رقم: 4295.
  276. ^ أ ب الروض الأنف، السهيلي، ج4، ص140-203.
  277. ^ أ ب ت ث الرحيق المختوم، المباركفوري، ص372-394.
  278. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن عروة بن الزبير، رقم: 4280.
  279. ^ السيرة النبوية، ابن حبان، ص315.
  280. ^ أ ب عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، ابن سيد الناس، ج2، ص194، مؤسسة عز الدين، بيروت، ط1986.
  281. ^ دلائل النبوة، البيهقي، ج5، ص84، رقم: 1792.
  282. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن مسعود، رقم: 4720.
  283. ^ السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج3، ص49، دار المعرفة.
  284. ^ إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، ج4، ص476، وصححه عبد الرحيم العراقي.
  285. ^ أ ب المغازي، الواقدي، ج3، ص885-921، عالم الكتب، بيروت.
  286. ^ أ ب عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، ابن سيد الناس، ج2، ص213-228، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت، ط1986.
  287. ^ أ ب الرحيق المختوم، المباركفوري، ص397-407.
  288. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص104-129، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  289. ^ مختصر البزار، ابن حجر العسقلاني، ج2، ص45.
  290. ^ رواه البخاري، في صحيحه، عن البراء بن عازب، رقم: 2874.
  291. ^ رواه البخاري، في صحيحه، عن العباس بن عبد المطلب، رقم: 1775.
  292. ^ أ ب ت السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص195-221، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  293. ^ أ ب ت ث الرحيق المختوم، المباركفوري، ص417-430.
  294. ^ رواه الترمذي في سننه عن عبد الرحمن بن سمرة، رقم: 3701.
  295. ^ أ ب الروض الأنف، السهيلي، ج4، ص248-276.
  296. ^ رواه مسلم، في صحيحه، عن أنس بن مالك، رقم: 1059.
  297. ^ الخصائص الكبرى، السيوطي، ص453-454، دار الكتب العلمية، بيروت.
  298. ^ الفصول في سيرة الرسول ، ابن كثير، ص84-85.
  299. ^ أ ب ت المغازي، الواقدي، ج3، ص989-1075، عالم الكتب، بيروت.
  300. ^ دلائل النبوة، البيهقي، ج5، ص362، رقم: 2028.
  301. ^ أ ب ت الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج2، ص165-167، دار صادر، بيروت.
  302. ^ الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء، السيوطي، ص46، دار الحديث، القاهرة، ط1988.
  303. ^ أ ب ت غزوات الرسول وسراياه، ابن سعد، ص80-82.
  304. ^ See, for example, Bowersock, Glen Warren, Peter Robert Lamont Brown and Oleg Grabar Late Antiquity: A Guide to the Postclassical World (1999, Harvard University Press) p. 597, which notes that many of the details surrounding Muhammad's life as given in the biographies, are "problematic in certain respects, the most important of which is that they represent a tradition of living narrative that is likely to have developed orally for a considerable period before it was given even a relatively fixed written form. Ideally, one would like to be able to check such accounts against contemporary evidence... however, there is no relevant archaeological, epigraphic, or numismatic evidence dating from the time of Muhammad, nor are there any references to him in non-Muslim sources dating from the period before 632." Also cf. El-Cheikh, Nadia Maria Byzantium Viewed by the Arabs (2004, Harvard University Press) p. 5, "One major challenge to examining initial contacts between Byzantium and the early Muslim umma arises from the controversy surrounding the traditional Islamic account......sources are not contemporaneous with the events they purport to relate and sometimes were written many centuries later. These sources contain internal complexities, anachronisms, discrepancies, and contradictions. Moreover, many of them provide evidence of embellishment and invention that were introduced to serve the purposes of political or religious apologetic."
  305. ^ السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص222-228، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  306. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج2، ص168، دار صادر، بيروت.
  307. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن هشام، ج5، ص248، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  308. ^ أ ب الرحيق المختوم، المباركفوري، ص436-452.
  309. ^ رواه أحمد بن حنبل في مسنده، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ج2، ص199، وصححه أحمد شاكر.
  310. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن حبان، ص384.
  311. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن هشام، ج6، ص5-12، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  312. ^ أ ب ت السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج3، ص307-340، دار المعرفة، بيروت.
  313. ^ أ ب السيرة النبوية، ابن كثير، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، ج4، ص211-413، دار المعرفة، بيروت، ط1971.
  314. ^ أ ب فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، ج8، ص104، دار المعرفة، بيروت، ط1959.
  315. ^ أ ب رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله، رقم:1218.
  316. ^ مسند الشافعي، محمد بن إدريس الشافعي، ص125، رقم: 585، دار الكتب العلمية، بيروت.
  317. ^ أ ب ت نور اليقين في سيرة سيّد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص190-192، دار المعرفة، ط2004.
  318. ^ في صحيح مسلم، حديث رقم 3017: قال عمر بن الخطاب «نزلت ليلة جمع ونحن مع رسول الله بعرفات».
  319. ^ رواه الدارقطني في سننه، عن نافع بن عمر، ج2، ص278، رقم: 194، تحقيق: عبد الله هاشم يماني المدني، دار المعرفة، بيروت، ط1966. وقال عنه ابن الملقن في البدر المنير، ج6، ص296: إسناده حسن.
  320. ^ أ ب ت الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص575-595، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.
  321. ^ رواه أحمد بن حنبل في مسنده، عن عبد الله بن عباس، ج5، ص72، وصححه أحمد شاكر.
  322. ^ أ ب ت ث السيرة النبوية، ابن هشام، ج6، ص55-93، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  323. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن عائشة بنت أبي بكر، رقم: 4428.
  324. ^ السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، علي الصلابي، ج4، ص281.
  325. ^ رواه مسلم في صحيحه، عن أبي سعيد الخدري، رقم: 2382.
  326. ^ أ ب ت الروض الأنف، السهيلي، ج4، ص432-447.
  327. ^ رواه الهيثمي في مجمع الزوائد، عن عبد الله بن مسعود، ج9، ص27.
  328. ^ شرح صحيح البخاري، ابن الملقن، ج21، ص645.
  329. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج5، ص240.
  330. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج2، ص308، دار صادر، بيروت.
  331. ^ أ ب رواه البخاري في صحيحه، عن عائشة بنت أبي بكر، رقم: 3667.
  332. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك، رقم: 4462.
  333. ^ رواه أبو داود في سننه، عن عائشة بنت أبي بكر، رقم: 3141.
  334. ^ نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، ص205، دار المعرفة، بيروت، ط2004.
  335. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، تحقيق: علي شيري، ج6، ص357، دار إحياء التراث العربي، ط1988.
  336. ^ الرحيق المختوم، المباركفوري، ص457-470.
  337. ^ السيرة النبوية، ابن هشام، ج6، ص77-83، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط1990.
  338. ^ الروض الأنف، السهيلي، ج4، ص448-461.
  339. ^ أ ب البداية والنهاية، ابن كثير، تحقيق: علي شيري، ج5، ص270، دار إحياء التراث العربي، ط1988.
  340. ^ شبكة الشيعة العالمية: أجوبة مسائل جيش الصحابة - الشيخ علي الكوراني العاملي
  341. ^ أ ب ت فقه السيرة النبوية، محمد سعيد رمضان البوطي، ص511-513، دار الفكر، ط1991.
  342. ^ السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، ج2، ص509، دار المعرفة.
  343. ^ السيرة النبوية، ابن كثير، ج1، ص430.
  344. ^ أ ب القرضاوي: المعجزات الحسية في الهجرة النبوية تاريخ الوصول 19 يوليو 2011.
  345. ^ أهل القرآن: معجزات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الحسية بين النفي والإثبات تاريخ الوصول 19 يوليو 2011.
  346. ^ سورة الإسراء، آية: 59.
  347. ^ أ ب ت الخصائص الكبرى، السيوطي، ج1، ص192-195، دار الكتب العلمية، بيروت.
  348. ^ موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة: الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بين القبول والمعارضة تاريخ الوصول 2 يوليو 2011.
  349. ^ موقع ناسا: علم الفلك - صورة اليوم: الأخدود القمري
  350. ^ صيد الفوائد: المعجزات الحسية للرسول صلى الله عليه وسلم تاريخ الوصول 19 يوليو 2011.
  351. ^ الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص270-272، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.
  352. ^ أ ب ت تفسير ابن كثير، سورة القمر تاريخ الوصول 2 يوليو 2011.
  353. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن مسعود، رقم: 4864.
  354. ^ موافقة الخبر الخبر، ابن حجر العسقلاني، عن عبد الله بن مسعود، ج1، ص203، وقال: صحيح.
  355. ^ Wensinck, A.J. "Muʿd̲j̲iza." Encyclopaedia of Islam. Edited by: P. Bearman، Th. Bianquis، C.E. Bosworth، E. van Donzel and W.P. Heinrichs. Brill, 2007.
  356. ^ Denis Gril, Miracles, Encyclopedia of the Qur'an, Brill, 2007.
  357. ^ Q&A Lunar Sciences, NASA
  358. ^ أ ب خلاصة سير سيد البشر، المحبّ الطبري، ص107-107، تحقيق: طلال بن جميل الرفاعي، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط1997.
  359. ^ المطالب العالية، ابن حجر العسقلاني، ج4، ص262.
  360. ^ رواه مسلم في صحيحه عن عائشة بنت أبي بكر، رقم: 2450.
  361. ^ أ ب الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض، ج1، ص249-258، دار الفكر، بيروت، ط1988.
  362. ^ الخصائص الكبرى، السيوطي، ج1، ص412، دار الكتب العلمية، بيروت.
  363. ^ مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، محمد بن محمد بن عبد الرحمن (الحطاب) تاريخ الوصول 2 يوليو 2011.
  364. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك، رقم: 3573.
  365. ^ الخصائص الكبرى، السيوطي، ج2، ص62-71، دار الكتب العلمية، بيروت.
  366. ^ تفسير ابن كثير، عن أبي ذر الغفاري، ج5، ص76.
  367. ^ يروي الترمذي في سننه، رقم: 3626، عن علي بن أبي طالب «كنت مع النبي بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: "السّلام عليك يا رسول الله"»
  368. ^ دلائل النبوة، البيهقي، عن عمر بن الخطاب، ج6، ص138، رقم: 2260.
  369. ^ رواه أحمد بن حنبل في مسنده، عن عبد الله بن عباس، ج4، ص128، قال عنه أحمد شاكر: إسناده صحيح.
  370. ^ تخريج مشكاة المصابيح، ابن حجر العسقلاني، ج5، ص346.
  371. ^ رواه أبو داود، في سننه، عن عبد الله بن جعفر، رقم: 2549.
  372. ^ الزواجر، ابن حجر الهيتمي، عن أنس بن مالك، ج2، ص41.
  373. ^ دلائل النبوة، البيهقي، عن عاصم بن عمر بن قتادة، ج3، ص276، رقم: 1110.
  374. ^ رواه أحمد بن حنبل في مسنده، عن عمرو بن ميمون، ج5، ص25، قال عنه أحمد شاكر: إسناده صحيح.
  375. ^ دلائل النبوة، البيهقي، عن عثمان بن حنيف، ج6، ص325، رقم: 2415، وقال عنه: إسناده صحيح.
  376. ^ أ ب ألفية السيرة النبوية، عبد الرحيم العراقي، ص 132.
  377. ^ عدد أبناء وبنات النبي، الإسلام سؤال وجواب
  378. ^ أ ب الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركي، ص471-472.
  379. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن جبير بن مطعم، رقم: 4896.
  380. ^ نظرية العقد، ابن تيمية، ص37.
  381. ^ قال السيوطي في تنوير الحوالك شرح موطأ مالك، ج1، ص27: «وأكثرها صفات».
  382. ^ تهذيب الأسماء واللغات، النووي، ج1، ص49.
  383. ^ موقع سيراموبلس: أثر قدم النبي محمد تاريخ الوصول 26 يونيو 2011.
  384. ^ تايم: أهم 10 آثار دينية - أثر قدم النبي محمد تاريخ الوصول 9 يوليو 2011.
  385. ^ الشمائل المحمدية، تأليف: الحافظ الترمذي، ص2-14.
  386. ^ أ ب ت رواه السيوطي في كتابه الجامع الصغير عن هند بن أبي هالة، رقم:6493.
  387. ^ أ ب ت ث رواه ابن كثير في البداية والنهاية عن أبي هريرة، ج6، ص21.
  388. ^ أ ب رواه البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك، رقم: 3547.
  389. ^ أ ب ت رواه ابن عبد البر في كتابه الاستذكار عن علي بن أبي طالب، ج7، ص336.
  390. ^ رواه الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد عن سلمان الفارسي، ج9، ص343.
  391. ^ أ ب ت رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة، رقم:2339.
  392. ^ أ ب إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، ج2، ص376، دار المعرفة، بيروت.
  393. ^ جريدة الحجاز: جدل حول تدمير الوهابية لما تبقّى من آثار إسلامية - فؤاد المشاط تاريخ الوصول 7 يوليو 2011.
  394. ^ صحيفة عكاظ: مفتي مصر: الآثار النبوية عظيمة القيمة وتمثل تاريخ الإسلام تاريخ الوصول 7 يوليو 2011.
  395. ^ لا ذرائع لهدم آثار النبوة، عمر عبد الله كامل، ص2، دار بيرسان.
  396. ^ معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات: توصيات ومقترحات لمعالجة هدم الآثار، تاريخ الوصول 21 يوليو 2011.
  397. ^ لا ذرائع لهدم آثار النبوة، عمر عبد الله كامل، ص182-183، دار بيرسان.
  398. ^ نصيحة لأخواننا علماء نجد، يوسف الرفاعي، ص12.
  399. ^ صححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح، رقم: 5759.
  400. ^ رواه الوادعي في الصحيح المسند، رقم: 1476، وصححه.
  401. ^ رواه مسلم في صحيحه، رقم: 2328.
  402. ^ صححه ابن تيمية في درء التعارض، ج8، ص420.
  403. ^ أ ب ت إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، ج2، ص488-519، دار الفجر للتراث، ط1999.
  404. ^ رواه البخاري في صحيحه، رقم: 5409.
  405. ^ رواه الترمذي في سننه، عن عبد الله بن عباس، رقم: 3616.
  406. ^ قال النبي محمد «أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة»، رواه مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة، رقم: 2278.
  407. ^ الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض، ج2، ص3، دار الكتب العلمية، ط2006.
  408. ^ مجموعة رسائل الإمام الغزالي - روضة الطالبين وعمدة السالكين، أبو حامد الغزالي، ص107، المكتبة الوقفية.
  409. ^ في القرآن  لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا   سورة الأحزاب، آية: 21.
  410. ^ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصبهاني، ج10، ص257، دار الكتاب العربي، ط1984.
  411. ^ في القرآن  لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  ،سورة النور، آية: 63.
  412. ^ موقع التفسير: تفسير ابن كثير تاريخ الوصول 4 يوليو 2011.
  413. ^ في القرآن  فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا  ، سورة النساء، آية: 65.
  414. ^ أ ب ت مجموعة رسائل الإمام الغزالي - روضة الطالبين وعمدة السالكين، أبو حامد الغزالي، ص145-146، المكتبة الوقفية.
  415. ^ البلسم المريح من شفاء القلب الجريح، عمر عبد الله كامل، ص7.
  416. ^ بردة البوصيري ـ دراسة تاريخية، محمد خالد ثابت، ص12-13، المقطم للنشر والتوزيع، القاهرة، ط2006.
  417. ^ صحيفة حصاد الإلكترونية: المدائح النبوية تاريخ الوصول 4 يوليو 2011.
  418. ^ موقع محمد حسين فضل الله: الصلاة على آل النبي (ع) تاريخ الوصول 21 يوليو 2011.
  419. ^ رواه البخاري في صحيحه، رقم: 418.
  420. ^ أ ب الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص310-322، المطبعة الأدبية، بيروت، ط1892.
  421. ^ رواه الذهبي، في المهذب، ج5، ص2632، وقال عنه: إسناده صالح.
  422. ^ قال النبي محمد «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون»، رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك، رقم: 3089، وحسّنه. ورواه الألباني في السلسلة الصحيحة، رقم: 621 وقال عنه: إسناده قوي.
  423. ^ قال النبي محمد «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام» رواه النووي في المجموع، ج8، ص272، وصححه. وقال عنه ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: على شرط مسلم.
  424. ^ قال النبي محمد «حياتي خير لكم وموتي خير لكم، تُعرض علي أعمالكم فما كان من حسن حمدت الله عليه وما كان من سيئ استغفرت الله لكم»، رواه السيوطي، في الخصائص الكبرى، عن عبد الله بن مسعود، ج2، ص281، وصححه. وقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح.
  425. ^ رواه البخاري في صحيحه عن أبو هريرة، رقم: 1190.
  426. ^ الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض، ج2، ص74.
  427. ^ قال النووي في المجموع، ج8، ص204: «واعلم أن زيارة قبر رسول الله من أهم القربات وأنجح المساعي».
  428. ^ قال ابن قدامة المقدسي في المغني، ج3، ص599، دار الفكر، ط1984: «ويستحب زيارة قبل النبي لما روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي"».
  429. ^ قال القاضي عياض في الشفا بتعريف حقوق المصطفى، ج2، ص58، دار الكتب العلمية، ط2006: «ولا خلاف أن موضع قبره أفضل بقاع الأرض». قال النووي في المجموع شرح المهذب، ج8، ص476: «إنا حكينا أن القاضي عياض نقل الإجماع على أن موضع قبر النبي أفضل الأرض وأن الخلاف إنما هو فيما سواه، ولم أرَ لأصحابنا تعرّضَا لما نقله».
  430. ^ قال ابن عابدين في رد المحتار، ج9، ص169: «فما ضمّ أعضاءه الشريفة فهو أفضل بقاع الأرض بالإجماع».
  431. ^ قال السيوطي في الحاوي للفتاوى، ج1، ص289، تحقيق: عبد اللطيف حسن عبد الرحمن، دار الكتب العلمية، ط2000: «فالآيات والأحاديث دلت على أن البيت هو المقصود الأعظم وهو أشرف من عرفة وسائر البقاع إلا القبر الشريف النبوي».
  432. ^ قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى، ج11، ص96، دار الوفاء، ط2005: «محمد سيد ولد آدم، وأفضل الخلق وأكرمهم عليه، ومن هنا قال من قال: إن الله خلق من أجله العالم أو أنه لولا هو لما خلق عرشًا ولا كرسيًا ولا سماءً ولا أرضًا ولا شمسًا ولا قمرًا».
  433. ^ مفاهيم يجب أن تُصحح، محمد علوي المالكي، ص123-133.، ط2005.
  434. ^ فتاوى ابن تيمية » الفقه » الزيارة » مسألة تربة النبي أفضل من السموات والأرض أم الكعبة أفضل.
  435. ^ [نيل الأوطار » كتاب المناسك » أبواب ما يجتنبه المحرم وما يباح له » باب تفضيل مكة على سائر البلاد.]
  436. ^ حكم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم علوي بن عبد القادر السَّقَّاف.
  437. ^ الزعم بأن الدنيا بما فيها خلقت من أجل الرسول صلى الله عليه وسلم.
  438. ^ رواه البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك، رقم: 15.
  439. ^ أ ب الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض، ج2، ص15-17، دار الكتب العلمية، ط2006.
  440. ^ رواه مسلم في صحيحه، رقم: 2832.
  441. ^ في القرآن  إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا  لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا  ، سورة الفتح، آية: 8-9.
  442. ^ في القرآن  لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ   سورة النور، آية: 29.
  443. ^ في  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ   سورة الحجرات، آية: 2.
  444. ^ رواه النووي في الخلاصة، ج2، ص921.
  445. ^ مفاهيم يجب أن تُصحح، محمد علوي المالكي، ص232-257.، ط2005.
  446. ^ صحيح البخاري، رقم: 5896.
  447. ^ أسرار الآثار النبوية، عماد الدين جميل حليم الحسيني، ص6، دار المشاريع، ط2007.
  448. ^ سير أعلام النبلاء، الذهبي، ج2، ص402-410، دار البيان الحديثة.
  449. ^ رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن كيسان، رقم: 2069.
  450. ^ صحيح البخاري، رقم: 483.
  451. ^ فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني تاريخ الوصول 12 يوليو 2011.
  452. ^ ذا تايمز: محمد.. الاسم الأكثر شعبية في العالم؟ تاريخ الوصول 4 يوليو 2011.
  453. ^ تيليغراف: محمد هو الاسم الأكثر شعبية بالنسبة للأطفال الذكور في لندن تاريخ الوصول 4 يوليو 2011.
  454. ^ حسن المقصد في عمل المولد، جلال الدين السيوطي، ص5.
  455. ^ حول المولد النبوي الشريف، محمد علوي المالكي، ص11-12، دار جوامع الكلم، ط1997.
  456. ^ أ ب صحيفة الرياض: المدائح النبوية.. خيوط نورانية تصل ماضي الأدب العربي بحاضره تاريخ الوصول 13 يوليو 2011.
  457. ^ المدائح النبوية في الأدب العربي، زكي مبارك، ص17، منشورات المكتبة العصرية، صيدا بيروت، ط1935.
  458. ^ المنح المكية في شرح الهمزية للبوصيري، ابن حجر الهيتمي، ج1، ص106.
  459. ^ قال النبي محمد «من صلى عليّ صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى عليّ فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر» رواه الدمياطي، في المتجر الرابح، رقم: 246، وقال عنه: حسن.
  460. ^ رواه الترمذي في سننه، رقم: 484، وقال عنه: حسن غريب.
  461. ^ The Bustan al-Ukul, by Nathanael ibn al-Fayyumi, edited and translated by David Levine, Columbia University Oriental Studies Vol. VI, p. 105
  462. ^ Gan ha-Sekhalim, ed. Kafih (Jerusalem, 1984), ch. 6.
  463. ^ Abraham's children: Jews, Christians, and Muslims in conversation, by Norman Solomon, Richard Harries, Tim Winter, T&T Clark Int'l, 2006, ISBN 0-567-08161-3, p. 137 Netanel's work was virtually unknown beyond his native Yemen until modern times, so had little influence on later Jewish thought
  464. ^ Prophet: True or False?, Gil Student
  465. ^ Jewish Views on Islam, Marc B. Shapiro
  466. ^ St. John of Damascus’s Critique of Islam, Orthodox Christian Information Centre
  467. ^ Modern Western Christian theological understandings of Muslims since the Second Vatican council, Mahmut Aydin
  468. ^ Jenkins، Philip (2009). The Lost History of Christianity: The Thousand-Year Golden Age of the Church in the Middle East, Africa, and Asia--and How It Died. HarperCollins. ص. 185. ISBN:9780061472817.
  469. ^ Christian Polemics against Mohammedanism., Christian Classics Ethereal Library
  470. ^ The Great and Enduring Heresy of Mohammed, Hilaire Belloc
  471. ^ Modern Western Christian theological understandings of Muslims since the Second Vatican council, Mahmut Aydin
  472. ^ أ ب ت أساطير أوروبا عن الشرق: لفّق تسد، رنا قباني، ص35-39، دار طلاس، دمشق، ط1994.
  473. ^ أساطير أوروبا عن الشرق: لفّق تسد، رنا قباني، ص19، دار طلاس، دمشق، ط1994.
  474. ^ أ ب أساطير أوروبا عن الشرق: لفّق تسد، رنا قباني، ص107، دار طلاس، دمشق، ط1994.
  475. ^ أ ب شهادة المنصفين من الغربيين على صدق نبوة الرسول، تاريخ الوصول 19 يوليو 2011.
  476. ^ حياة محمد، وليم موير، ص31.
  477. ^ موقع اليوم: الغرب والإسلام فوبيا، رؤية المفكرين، تاريخ الوصول 20 يوليو 2011.
  478. ^ الجزيرة نت: المسلمون الأميركيون وآثار أحداث سبتمبر، تاريخ الوصول 20 يوليو 2011.
  479. ^ موقع الأحمدية: خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، تاريخ الوصول 20 يوليو 2011.
  480. ^ الجامعة البهائية العالمية: من تعاليم الدين البهائي، تاريخ الوصول 20 يوليو 2011.
  481. ^ قصة الإسلام: البابية، تاريخ الوصول 20 يوليو 2011.
  482. ^ Peter Teed (1992), p.424
  483. ^ A Latter-day Saint Perspective on Muhammad - James A. Toronto، تاريخ الوصول 19 نوفمبر 2007.