الحديث المعضل

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الحديث المعضل هو ما سقط من إسناده اثنان فأكثر[1] بشرط التوالى.[2] من ذلك قول مالك وغيره من تابعي التابعين قال رسول الله وكقول الشافعي وغيره من أتباع الأتباع قال أبو بكر أو عمر ويسمى منقطعا[3] كما سبق ويسمى مرسلا عند جماعة.

سبب التسمية[عدل]

المعضل بصيغة اسم المفعول لغة مأخوذ من قوله أعضله فلان إذا أعياه أمره ، سمي الحديث بذلك لأن المحدث الذي حدث به كأنه أعضله وأعياه فلم ينتفع به من يرويه.[4]

حكمه[عدل]

وَحكمه انه من أَقسَام الضَّعِيف.[4]

مِثَال على الحديث المعضل[عدل]

ومثاله: قول الإمام مالك:[5] بلغني أن أبا هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل إلا ما يُطيق "، فهذا الحديث معضل لكنه جاء متصلاً عند مسلم في كتاب الإيمان من صحيحه: عن مالك بن أنس، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، فالإعضال كان في إسقاط محمد بن عجلان وأبيه.[4]

مسألة الانقلاب الدلالي للـمُـعضَل[عدل]

وقد اعترض الباحث إدريس العبد على إدراج مصطلح الحديث المعضل في مباحث الانقطاع من علوم الحديث[6][7][8][9][10] وذكر في كتابه الانقلاب الدلالي للمعضل في تعريف الحاكم عن تطبيقات مَن سَبَقَهُ من الأئمَّة والتطوُّر الدلالي لتعريفه عند مَن جاء بعدَه[11] أنَّ المصطلح قد انقلَبَت دلالته على مُدخِلِه الأوَّل في كتب علوم الحديث وهو أبو عبد الله الحاكم، وأنَّه حينَ نظَرَ في الاختلاف بين الرواة في إسناد حديثٍ ما، وصَلَه بعضُهم ورواه بعضُهم منقطِعًا، استنبطَ كون الإعضال- من صنف الاختلاف- يُطلَقُ على الناقصِ من الإسنادَينِ- براويين أو أكثر- من[12]، بينما كان مَن تقدَّمَهُ يُطلقُه على التامِّ المتَّصل من الإسنادَين إذا كان الوهم فيه غيرَ مُحتمَل[13][14]، وأنَّ مصطلح (الحديث المعضَل) ليس له علاقة بالحديث المنقطع، وإنَّما هو من مباحث العلل[15]، وهو الذي تدلُّ عليه مادَّة (ع ض ل) في أصل اللغة التي لا مدخل للسقط فيها، بل دلالتها على شدَّة والتواء في الأمر[16]، والحاكم اضطرب في التعريف النظري للمعضل، ففي حين قال إنَّ المعضَل غيرُ المرسَل، وأنَّ المرسلَ للتابعين دون غيرهم[17]، قال في كتاب آخر: المراسيل: وهو قول الإمام التابعي أو تابع التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[18] ، وكذلك تناقَضَ في التطبيق، فحَكَمَ بالإعضال على ما لا مجال للانقطاع فيه[19]، وأما وَفق تطبيقات المحدِّثين الذين تقدَّموا الحاكم فيكون الحديث المعضل: ما وقع فيه خلل مستغلق لا يُعرف وجه الصواب في الحديث معه[20]، ويكون في الاختلاف وكذلك في التفرُّد المستنكَر غير المحتمَل، وانتهى الباحثُ إلى نتيجةٍ مفادها: أنَّ معنى الإعضال الاصطلاحي قريبٌ من معنى المنكر عند المحدِّثين الأوَّلين[21]، وقد جاء عن الإمام البخاري في موضع وصف الراوي بكونه (معضل الحديث)[22]، وفي موضع آخر: (منكر الحديث)[23]، وعند ابن حِبَّان عادةً ما تُقترن المعضَلات بالبواطيل والموضوعات.[24]

انظر أيضاً[عدل]

المراجع[عدل]

  1. ^ معرفة أنواع علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح) ، المؤلف: عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري تقي الدين ابن الصلاح ، المحقق: نور الدين عتر ، سنة النشر: 1406 – 1986 ، ص 59.
  2. ^ عمرو عبد المنعم سليم. تيسير علوم الحديث للمبتدئين. دار الضياء. ص. 45.
  3. ^ التذكرة في علوم الحديث ،المؤلف : الشيخ عمر بن علي، المعروف بابن الملقن ، 1 / 31 .
  4. ^ أ ب ت التقريرات السنية شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث ،المؤلف: حسن بن محمد المشاط المالكي ،المحقق: فواز أحمد زمرلي ،الناشر: دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان ،الطبعة: الرابعة، 1417هـ - 1996م ، ص 69.
  5. ^ موطأ الإمام مالك ،المؤلف : مالك بن أنس أبو عبدالله الأصبحي ،الناشر : دار إحياء التراث العربي - مصر تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي ، 2/ 980 ، برقم 1769 .
  6. ^ الخطيب البغدادي, أحمد بن علي، الكفاية في علم الرواية، تحقيق: أبو عبد الله السورتي وآخرين، (حيدر آباد الدكن: دائرة المعارف العثمانيّة، 1938)، ص21
  7. ^ ابن دقيق العيد, محمد بن علي، الاقتراح في بيان الاصطلاح، تحقيق: عامر حسن صبري، (بيروت: دار البشائر الإسلامية، ط2، 2006)، ص208
  8. ^ النووي, يحيى بن شرف، التقريب, مطبوع مع تدريب الراوي للسيوطي، تحقيق: طارق بن عوض الله (الرياض: دار العاصمة، ط1، 2003)، 1/324-325
  9. ^ الذهبيّ, محمد بن أحمد، المـوقظة، تحقيق: عبد الفتَّاح أبو غدَّة، (بيروت: دار البشائر الإسلاميّة، 1991)، ص40
  10. ^ ابن كثير, إسماعيل بن عمر، اختصار علوم الحديث, مطبوع مع الباعث الحثيث، تحقيق: أحمد شاكر، (بيروت: دار الكتب العلميّة، ط2، د. ت)، ص51
  11. ^ الانقلاب الدلالي للمعضل عند الحاكم عن تطبيقات مَن سبقه من الأئمّة. 7 أغسطس 2022.
  12. ^ الحاكم، محمد بن عبد الله، معرفة علوم الحديث، تحقيق: معظّم حسين، (بيروت: دار الكتب العلميَّة، ط2، 1397هـ/ 1977م)، ص36.
  13. ^ ابن عدي، أحمد بن عبد الله، الكامل في ضعفاء الرجال، تحقيق: مازن السرساوي، (الرياض: مكتبة الرشد ناشرون، د. ت)، 2/ 93.
  14. ^ ابن عبد البرّ, أبو عمرو يوسف بن عبد الله النّمري, التمهيد لِما في الموطّأ من المعاني والأسانيد, تحقيق: مصطفى بن أحمد العلويّ ومحمد عبد الكبير البكريّ، (الرباط: وزارة الأوقاف المغربيّة، 1967)، 8/ 320- 321
  15. ^ إدريس العبد، الانقلاب الدلالي للمعضل في تعريف الحاكم عن تطبيقات مَن سَبَقَهُ من الأئمَّة والتطوُّر الدلالي لتعريفه عند مَن جاء بعدَه، (عمَّان: دار الرنيم، ط1، 2020م)، ص83- 101.
  16. ^ ابن فارس، أحمد بن فارس، مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون، (بيروت: دار الفكر، 1979م)، 4/ 345، مادَّة (عضل).
  17. ^ الحاكم، محمد بن عبد الله، معرفة علوم الحديث، تحقيق: معظّم حسين، (بيروت: دار الكتب العلميَّة، ط2، 1977م)، ص36
  18. ^ الحاكم، محمد بن عبد الله، المدخل إلى كتاب الإكليل، تحقيق: فؤاد عبد المنعم، (الإسكندرية: دار الدعوة، د. ت) ص43
  19. ^ الحاكم، محمد بن عبد الله، المدخل إلى الصحيح، تحقيق: ربيع المدخلي، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1984)، ص172، 175، 193
  20. ^ إدريس العبد، الانقلاب الدلالي للمعضل في تعريف الحاكم عن تطبيقات مَن سَبَقَهُ من الأئمَّة والتطوُّر الدلالي لتعريفه عند مَن جاء بعدَه، (عمَّان: دار الرنيم، ط1، 2020)، ص74
  21. ^ إدريس العبد، الانقلاب الدلالي للمعضل في تعريف الحاكم عن تطبيقات مَن سَبَقَهُ من الأئمَّة والتطوُّر الدلالي لتعريفه عند مَن جاء بعدَه، (عمَّان: دار الرنيم، ط1، 2020م)، ص76
  22. ^ البخاري، محمد بن إسماعيل، التاريخ الأوسط, تحقيق: محمود إبراهيم زايد، (حلب: دار الوعي ومكتبة التراث، 1977)، 2/ 259
  23. ^ البخاري، محمد بن إسماعيل، التاريخ الكبير، تحقيق: العلّامة عبد الرحمن بن يحيى المعلِّمي اليماني، (حيدر آباد الدكن: دائرة المعارف العثمانية، 1942) تصوير: (بيروت: دار الفكر، 1986)، 6/ 185.
  24. ^ ابن حِبّان، محمد بن حِبّان، المجروحين، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، (حلب: دار الوعي، ط1، 1976)، 2/ 101