اللباس في الإسلام

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


تعتبر قضية اللباس في الإسلام سواء للرجل أو للمرأة من القضايا الهامة في الفقه الإسلامي، كما أنها في أحد جوانبها ترتبط  بالعقيدة الإسلامية، وقد أهتم الإسلام بقضية اللباس اهتماما خاصا وأفردت لهذه القضية ولضوابطها أبواب في الفقه الإسلامي حيث جعل الإسلام ضوابط خاصة بلباس بالرجل وأخرى خاصة بالمرأة وضوابط مشتركة لكليهما.

من وجه نظر الإسلام، فإن التعري وكشف العورات يعتبر مقدمة لارتكاب الفواحش وكبائر المعاصي كالزنا وما ينتج عنه من انتشار للفواحش وهدم للأسر والمجتمعات واختلاط الأنساب وانتشار الأمراض، لذا فقد دعا الإسلام المسلمين إلى الفضيلة والعفاف وستر العورات، وحثَّ على التزين باللباس الساتر، وصون الأجساد من كل ما يؤذيها من حر أو برد.

مرجعية اللباس في الإسلام[عدل]

إن رمزية اللباس في الإسلام تنطلق مرجعيتها من قصة خلق آدم وزوجه حواء، فموضوع اللباس يرتبط ارتباطا وثيقا بوجود الإنسان، فمنذ أن خلق الله آدم وحواء جعل لهما لباسا يواري سوءاتهما، وكان لباسهما من ثياب الجنة وزينتها، وقد وسوس الشيطان لآدم وحواء بمخالفة كلام الله، والأكل من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل من ثمارها، فكانت النتيجة أن بدت عوراتهما. يقول الله في سورة طه: ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ۝١١٧ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى ۝١١٨ وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ۝١١٩ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ۝١٢٠ فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ۝١٢١ [طه:117–121] . يقول الطبري في تفسيره: فأكل آدم وحوّاء من الشجرة التي نُهيا عن الأكل منها، وأطاعا أمر إبليس، وخالفا أمر ربهما فانكشفت لهما عوراتهما، وكانت مستورة عن أعينهما.

وعندما ظهرت عوراتهما، شعر آدم وحواء بالخجل والحياء وأسرعا بالستر والتغطية. يقول الله في سورة طه:﴿فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وهذه الآية تشير إلى أن الأصل في الإنسان هو الستر والحياء وهو الأصل في الفطرة البشرية جميعها.

وقد حذر الله بني آدم من فتنة الشيطان، وما يفعله ويكيده من أجل أظهار العورات، وعد التعري ونزع الثياب من فتن الشيطان وأعماله يقول الله في سورة الأعراف: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ۝٢٧ [الأعراف:27]

تعريف اللباس لغة واصطلاحا[عدل]

اللباس: ما يلبس على الجسد ويستره والجمع ألبسة ولُبسُ، يقول الله في سورة الأعراف: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ۝٢٦ [الأعراف:26] وتطلق كلمة اللباس في اللغة على كل ما يغطي الإنسان عن قبيح.[1]

وقد ورد أستعمال كلمة «لباس» في لغة العرب على عدة معاني منها بمعنى الستر. يقول الله في سورة الكهف: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ۝٣١ [الكهف:31].

أما تعرف اللباس في الاصطلاح فهو: ما يواري به الإنسان جسده ويستر به سوأته ويتزين ويتجمل به بين الناس مما أباحت له الشريعة ولم يتعارض مع آداب الإسلام وأوامره ونواهيه.[1]

وهناك أيضا بعض المصطلحات التي تشترك مع كلمة اللباس من حيث المعنى وهي:

  • الريش والرياش: وهو في الأصل يطلق على ريش الطائر المعروف وقد استعير هذا المعنى لكل ما يستر الإنسان من ثياب أو معيشة وهو يطلق على اللباس أو ما يظهر من اللباس وهي تعبير عن وسائل الزينة وأدواتها. يقول الله في سورة الأعراف: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ۝٢٦ [الأعراف:26]. ومن هذا قول العرب: أعطه مائة من الإبل بريشها أي: بما عليها من اللباس والأحلاس.[2]
  • الزينة: وهي اسم أوسع من اللباس وهي اسم جامع لكل ما يتزين به.

أولاً: حكمة مشروعية اللباس[عدل]

  • لبس ما يقي الإنسان من الضرر في الحر والبرد، وذلك لحفظ النفوس وصيانة الأجسام من كل ما يؤذيها.
  • ستر عورة الرجل والمرأة، وذلك حماية للأخلاق وحفظاً للأعراض وصيانة للمجتمع من الانحلال والفساد وتكريماً للمرأة وصوناً لها.
  • إظهار نعمة الله وشكره على اللباس، وخاصة في المناسبات، والصلاة، والأعياد.
  • البعد عن الإسراف والخيلاء في اللباس، لما فيه من الِبر، وتضييع للمال وإنفاق له في غير وجهه الشرعي. قال النبي محمد: "" كُلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا، في غير إسراف ولا مخيلةٌ "" (صحيح البخاري، كتاب اللباس، باب قول القرآن: قل من حرم زينة الله.

ثانياً: أحكام اللباس[عدل]

  • يجب أن يكون اللباس ساتراً لعورة الرجل والمرأة، وعورة الرجل ما بين السرة والركبة، بالنسبة للمرأة ماعدا الوجه والكفين، قال الرسول محمد: ""يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يَصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه "" (سنن ابي داود، كتاب اللباس، باب في ما تبدي المرأة من زينتها.)
  • تحريم لبس ما فيه تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، لقول النبي محمد صلى الله عليه و سلم: ""لَعَنَ الله المتشبِّهات من النساء بالرجال والمتشبِّهين من الرجال بالنساء "" (صحيح البخاري، كتاب اللباس، باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال.)
  • أن يكون لباس المرأة واسعاً فضفاضاً، لا ضيقاً يُجسم أعضائها ولا شفافاً يظهرها فلا يسترها.
  • تحريم لبس الحرير والذهب على الرجال، لحديث علي بن أبي طالب: «أن رسول الله، أخذ حريراً فجعله في يمينه وأخذ ذهباً وجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أُمتي» (سنن أبي داود، كتاب اللباس.)

و يُعتقد أن الحكمة من تحريم لبس الذهب والحرير على الرجال دون النساء، لأن لبسهما يورث الفخر والعُجب، ولأنهما من مظاهر التّرف والإسراف للذكور، وعنوان زينة المرأة وتجملها، وفي لبسهما تشبه من الرجال بالنساء.

و الإسلام إذ يبيح للمرأة لبس الحرير والتحلي بالذهب فإنه إلى ضرورة الاعتدال فيهما، وعدم الإسراف والتبذير.

مراجع[عدل]

  1. ^ أ ب "لباس الرجل أحكامه وضوابطه في الفقه الإسلامي". مؤرشف من الأصل في 2020-09-04.
  2. ^ جواد علي (2001)، المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام، بيروت: دار الساقي، ج. 9، ص. 260، QID:Q120985941 – عبر المكتبة الشاملة