جامعات القرون الوسطى

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
مخطوطة من القرون الوسطى تعود لمنتصف القرن السادس عشر، تظهر اجتماع الأطباء في جامعة باريس.

جامعات القرون الوسطى هي جامعات أُنشأت خلال العصور الوسطى بهدف توفير التعليم العالي.

أنشأت هذه المؤسسات الأولى التي أعتبرت جامعات أولاً في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وإنجلترا في أواخر القرن الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر وذلك لدراسة اللاهوت والقانون والطب والفنون.[1] هذه الجامعات تطورت من خلال مدارس الكاتدرائية المسيحية والمدارس الرهبانية، وقد عملت هذه المدارس كمدارس لمثات من السنين قبل أو تتحول إلى جامعات في العصور الوسطى.[2] من الصعب تحديد التاريخ الدقيق الذي أصبحت فيه الجامعات مؤسسة جامعيّة حقيقية، على الرغم من أن القوائم الأولى للتعليم العالي في أوروبا الذي عقدت من قبل الفاتيكان تعتبر دليلاً مفيدًا.

في الفترة الحديثة المبكرة وصاعدًا، أخذ هذا الشكل التنظيمي على النمط الغربي في الانتشار تدريجيًا في العالم الغربي في العصور الوسطى اللاتينية وفي جميع أنحاء العالم، لتحل في نهاية المطاف محل جميع المؤسسات التعليم العالي الأخرى وتصبح نموذجًا بارزًا للتعليم العالي في كل مكان.[3]

تعود عمومًا الجامعة كمؤسسة للتعليم العالي إلى القرون الوسطى ويشير الباحثين إلى كون الجامعة ذات جذور مسيحية.[4][5] فقبل قيامها رسميًا، عملت العديد من الجامعات في العصور الوسطى لمئات السنين كمدارس المسيحية ومدارس رهبانية، وعلّم فيها الرهبان والراهبات، كذلك تعتبر منح الشهادة الجامعية بعد إنهاء التعليم نتاج مسيحي.[6] ويرى المؤرخ جيفري بلايني أن الجامعة أصبحت سمة مميزة للحضارة المسيحية.[7]

بدأت أوائل الجامعات التي أرتبطت بالكنيسة الكاثوليكية كمدرسة كاثدرائية أو مدرسة رهبانية ثم سرعان ما انفصلت مع زيادة عدد الطلاب ومن هذه الجامعات كانت[8] جامعة بولونيا، جامعة باريس، جامعة أوكسفورد، جامعة مودينا، جامعة بلنسية، جامعة كامبردج، جامعة سالامانكا، جامعة مونبلييه، جامعة بادوفا، جامعة تولوز، جامعة نيو اورليانز، جامعة سيينا، جامعة بودابست، جامعة كويمبرا، جامعة روما سابينزا وجامعة جاجيلونيان في كراكوف وشغل نسبة كبيرة من رجال الدين والرهبان المسيحيين مناصب كأساتذة في هذه الجامعات، كان يتم التدريس فيها كافة المواضيع كللاهوت والفلسفة والقانون والطب والعلوم الطبيعية.[6] وقد وضعت هذه الجامعات تحت رعاية الكنيسة الكاثوليكية عام 1229 على إثر وثيقة بابوية.[9]

وعلى الرغم من وجود مؤسسات تعليم عالٍ أخرى كانت قائمة في كل من اليونان القديمة وروما القديمة والإمبراطورية البيزنطية والعالم الإسلامي والهند، منها جامعة القرويين بمدينة فاس بالمغرب التي تأسست في القرن التاسع وكلية القسطنطينية في الإمبراطورية البيزنطية والتي تعتبر بحسب عدد من المؤرخين أقدم مؤسسة تعليم عالي في التاريخ،[1] الاّ أنّ عدد من المؤرخين يتفق على أنّ أقدم جامعة بالمفهوم الحديث للتعليم العالي هي جامعة بولونيا في إيطاليا والتي بنيت سنة 1088.[10]

اقتباسات حول أثر الجامعات القروسطية الأوروبية[عدل]

الجامعة كمؤسسة تعليمية كانت متجذرة تاريخياً في هذا المجتمع الأوروبي في القرون الوسطى التي بدورها أثرت على شكل الجامعة الحالي فبحسب المؤرخ روجر والتر في كتابه تاريخ الجامعات في أوروبا:

«الجامعة هي مؤسسة أوروبية، بل هو مؤسسة أوروبية بامتياز. هناك أسباب مختلفة لهذا الزعم. مجتمع من المعلمين والتدريس، منح حقوقاً معينة، مثل الحرية الأكاديمية وتحديد ووضع المناهج (المقررات الدراسية) وأهداف البحث، وكذلك منح الدرجة العلمية المعترف بها علناً، ساهمت في الزعم بأن الجامعات نشأت من أوروبا في العصور الوسطى حيث كانت أوروبا في ذلك الوقت بابوية مسيحية...

ما من مؤسسة أوروبية أخرى انتشرت في العالم كله بالطريقة التي انتشر بها الشكل التقليدي للجامعات الأوروبية. فالدرجات الأكاديمية التي منحتها الجامعات الأوروبية - البكالوريوس والليسانس والماجستير والدكتوراه - قد اعتُمدت في كافة المجتمعات حول العالم. أما الكليات الأربع التي كانت معروفة في العصور الوسطى بأشكالها المختلفة فهي: الفلسفة والآداب والفنون والعلوم والعلوم الإنسانية - القانون والطب واللاهوت، وقد تكون منها تخصصات فرعية عديدة خاصة العلوم الاجتماعية والدراسات التقنية.

علاوة على ذلك، الجامعة هي مؤسسة أوروبية لعبت دوراً اجتماعياً ووظائف معينة في كافة المجتمعات الأوروبية. وقد طورت وتقلا العلوم والمعرفة الأكاديمية وأساليب المعرفة التي نشأت وشكلت جزءاً من التقاليد الفكرية الأوروبية.[11]»

وبحسب المؤرخ جاك فرجر في كتابه تاريخ الجامعات في أوروبا: الجامعات في القرون الوسطى:[12]

«لا أحد يشكك اليوم في حقيقة أن الجامعات -حسب المفهوم المتعارف عليه لهذا الاصطلاح- قد نشأت في العصور الوسطى. وقد ظهرت للمرة الأولى بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر. فمما لا شك فيه أن الحضارات الأخرى التي قامت قبل ذلك التاريخ كالإمبراطورية الرومانية والامبراطورية البيزنطية والشرق الإسلامي والصين القديمة كانت تألف هذا النوع من التعليم العالي، وقد وصف المؤرخون ذلك أحياناً بالتعليم الجامعي. ولكن بإلقاء نظرةٍ فاحصةٍ نجد أن فكرة المؤسسة الجامعية أمر مختلف، وبغض النظر عما قيل حول الموضوع فلا توجد صلة حقيقية تسوغ ربطها بجامعات العصور الوسطى في الغرب، إلا إذا وجد دليل واضح على عكس ذلك، فإنه يجب اعتبار الحالة الثانية مصدراً وحيداً للنموذج الذي انتشر تدريجياً خلال أوروبا ثم عبر العالم. ومن هنا فنحن معنيون بمفهوم المؤسسة الأصلي، والذي يمكن تعريفه من خلال التحليل التاريخي وطريقة عملها في الظروف الملموسة»

مراجع[عدل]

  1. ^ أ ب de Ridder-Symoens 1992, pp. 47–55
  2. ^ Riché 1978، صفحات 126–7, 282–98
  3. ^ Rüegg, Walter (ed.): Geschichte der Universität in Europa, 3 vols., C.H. Beck, München 1993, ISBN 3-406-36956-1
  4. ^ Rüegg, Walter: "Foreword. The University as a European Institution", in: A History of the University in Europe. Vol. 1: Universities in the Middle Ages, Cambridge University Press, 1992, ISBN 0-521-36105-2, pp. XIX–XX
  5. ^ Verger 1999
  6. ^ أ ب Rüegg 1992, pp. XIX–XX
  7. ^ Geoffrey Blainey; A Short History of Christianity; Penguin Viking; 2011
  8. ^ Johnson, P. (2000). The Renaissance : a short history. Modern Library chronicles (Modern Library ed.). New York: Modern Library, p. 9.
  9. ^ Kemal Gürüz, Quality Assurance in a Globalized Higher Education Environment: An Historical Perspective, Istanbul, 2007, p. 5 نسخة محفوظة 29 مايو 2008 على موقع واي باك مشين.[وصلة مكسورة]
  10. ^ Pryds، Darleen (2000)، "Studia as Royal Offices: Mediterranean Universities of Medieval Europe"، في Courtenay، William J.؛ Miethke، Jürgen؛ Priest، David B. (المحررون)، Universities and Schooling in Medieval Society، Education and Society in the Middle Ages and Renaissance، Leiden: Brill، ج. 10، ص. 83، ISBN:90-04-11351-7، ISSN:0926-6070، In his magisterial work on European universities, Hastings Rashdall [considered that] the integrity of a university is preserved only when the institution evolved into an internally regulated corporation of scholars, be they students or masters.
  11. ^ Rüegg, Walter: "تصدير. الجامعة كمؤسسة أوروبية"، : A تاريخ الجامعات في أوروبا. الإصدار الأول: الجامعات في العصور الوسطى, مطبعة جامعة كامبريدج، 1992، ISBN 0-521-36105-2، الصفحات XIX–XX
  12. ^ Verger, Jacques: "Patterns", in: Ridder-Symoens, Hilde de (ed.): A History of the University in Europe. Vol. I: Universities in the Middle Ages, Cambridge University Press, 2003, ISBN 978-0-521-54113-8, pp. 35–76 (35):

مصادر[عدل]

انظر أيضًا[عدل]