حديث صحيح

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الحديث الصحيح هو مصطلح من مصطلحات علم الحديث، وقد يقصد به المتواتر والصحيح لذاته والصحيح لغيره والحسن، يقول ابن حجر :«واعلم أن أكثر أهل الحديث لا يفردون الحسن من الصحيح»[1]، وقد يقصد به الصحيح لذاته والصحيح لغيره فقط.[2]

وحين يُقصد به الحديث الصحيح لذاته فهو الحديث المسند المتصل فلا يكون منقطعًا ولا مرسلًا بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه فلا يحتوي على رواة مجروحين، ولا يكون شاذًا، ولا معللًا.[3]

عند أهل السنة والجماعة[عدل]

الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف،[4] أما الحديث الصحيح، فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذا ولا معللا وفي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ وما فيه علة قادحة وما في راويه نوع جرح.

وكذلك إذا قالوا في حديث إنه غير صحيح، فليس ذلك قطعا بأنه كذب في نفس الأمر، إذ قد يكون صدقا في نفس الأمر، وإنما المراد به، أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور.

شروط الحديث الصحيح[عدل]

قال النووي : «إذا قيل في حديث إنه صحيح فمعناه ما ذكرنا، ولا يلزم أن يكون مقطوعا به في نفس الأمر وكذلك, وإذا قيل: إنه غير صحيح، فمعناه لم يصح إسناده على هذا الوجه المُعتبر، لا أنه كذب في نفس الأمر، وتتفاوت درجات الصحيح بحسب قوة شروطه.» وهي خمسة شروط :-

اتصال السند[عدل]

يقصد به أن لا يكون بين اثنين من رواة الحديث فجوة زمنية أو مكانية يتعذر معها اللقاء أو يستحيل التلقي، بمعنى أن يكون كل واحد من رواة الحديث قد سمعه ممن فوقه.

عدالة رواته[عدل]

  • العدالة: مَلَكَة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة ومجانبة الفسوق والابتداع، والراوي العدل هو من توفرت فيه الشروط التالية :
    • الإسلام : فلا تقبل رواية غير المسلم ولو كان كتابيا.
    • البلوغ : فلا تقبل رواية الصبي.
    • العقل : فلا تقبل رواية المجنون.
    • عدم الفسق : والفسق هو ارتكاب الكبائر أو الإصرار على الصغائر.
    • المروءة : وهي أن يتصرف الراوي بما يليق بأمثاله، فإذا كان عالمًا تصرف كما يليق بالعلماء ولا يتصرف كالباعة والمحدثون بهذا يركزون على الجانب الأخلاقي في الراوي الذي يتضمن صدقه وأمانته وبراءته من كل ما يتنافى مع مقام الرواية.

وهذا يعرف بالرجوع إلى أوصافهم عند علماء الجرح والتعديل.

الضبط[عدل]

  • وهو أن يحفظ كل واحد من الرواة الحديث إما في صدره وإما في كتابه ثم يستحضره عند الأداء، وينقسم إلى قسمين :
    • ضبط صَدْر :هو أن يحفظ الراوي ما سمعه بحيث يتمكن من أدائه كما سمع متى شاء.
    • ضبط كتاب :وهو صيانة الراوي لما كتب بعد تصحيحه وتحريره وتقريره, وصيانته كتابه عن أن تمتد إليه يد العبث أو التحريف منذ يكتبه إلى أن يؤديه كما كتبه وتلقاه.

السلامة من الشذوذ[عدل]

أن لا يكون الحديث شاذاً والشاذ هو ما رواه الثقة مخالفاً لمن هو أقوى منه، بأن يكون في رواية الثقة زيادة أو نقص ليس في رواية الأوثق بحيث لا يمكن الجمع أوالتوفيق بين ما اختلفا فيه ووجود هذه المخالفة يمنع من صحة الحديث.

السلامة من العلل[عدل]

أن لا يكون الحديث معللاً، والمعلل هو الحديث الذي اطلع فيه على علة خفية تقدح في صحته والظاهر السلامة منها، غير أنه يوجد سبب خفي لا يدركه إلا أكابر العلماء يمنع من الحكم عليه بالصحة، ومن ذلك أن يكون الحديث موقوفا فيروى مرفوعُا أو العكس، أو يكون في الإسناد راوٍ يروي عمن عاصره بلفظ (عن) موهمًا أنه سمعه بينما هو لم يسمع منه، ويشترط لصحة الحديث خلوه من العلل.

أقسام الصحيح من حيث كثرة الرواة وقلتهم[عدل]

أقسام الصحيح باعتبار ما خرجه الأئمة في تصانيفهم[عدل]

  • أولها صحيح أخرجه البخاري ومسلم.
  • الثاني صحيح انفرد به البخاري عن مسلم.
  • الثالث صحيح انفرد به مسلم عن البخاري.
  • الرابع صحيح على شرطهما لم يخرجاه.
  • الخامس صحيح على شرط البخاري لم يخرجه.
  • السادس صحيح على شرط مسلم لم يخرجه.
  • السابع صحيح عند غيرهما وليس على شرط واحد منهما.[5]

عند الشيعة الإمامية[عدل]

هو ما اتصل سنده إلى المعصوم بنقل العدل الضابط عن مثله في جميع الطبقات،[6] أما سلامته من الشذوذ والعلة فليس شرطاً من شروط صحة الحديث عند غالب الشيعة.[7][8]

أقسام الحديث الصحيح[عدل]

قسّم البعض الحديث الصحيح إلى ثلاثة أقسام: الأعلى، والأوسط، والأدنى.

  • الأعلى: ما كان اتصاف الجميع بالوثاقة والضبط والعدالة بالعلم، أو بشهادة عدلين، أو في البعض بالأول والبعض الآخر بالثاني.
  • الأوسط: ما كان اتصاف الجميع بالوثاقة والضبط والعدالة بقول عدل يفيد الظن المعتمد، أو كان اتصال بعضهم بشهادة عدلين أو بالعلم، والبعض الثاني بقول عدل.
  • الأدنى: ما كان اتصاف الجميع بالصحة بالظن الاجتهادي، وأيضاً إذا كان بعضهم بالظن الاجتهادي والبعض الآخر بالظن المعتمد، أو شهادة عدلين.[9]

مثال على الحديث الصحيح[عدل]

ما رواه الكليني: عن «محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر عليه السلام قال مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجل يغرس غرسا في حائط له فوقف له وقال ألا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع إيناعا وأطيب ثمرا وأبقى قال بلى فدلني يا رسول الله فقال إذا أصبحت وأمسيت فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإن لك إن قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة وهن من الباقيات الصالحات قال فقال الرجل فإني أشهدك يا رسول الله أن حائطي هذا صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين أهل الصدقة فأنزل الله عز وجل آيات من القرآن : ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ۝٥ ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ۝٦ ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ۝٧ [الليل:7]».[10] قال المجلسي: صحيح.[11]

صحة السند لا تستلزم دائماً صحة المتن[عدل]

لا يرى الشيعة أن كل حديث صحيح السند صحيح المتن، فيوجد أحاديث صحيحة السند ومخالفة للقرآن، كما أن الأحاديث ضعيفة السند فيها أحاديث صحيحة المتن وموافقة للقرآن، فالسند ليس إلا طريقة من طرق شتى لمعرفة صحة الحديث كموافقة القرآن وموافقة العقل.[12]

حجية الحديث الصحيح[عدل]

يرى الشيعة أن الحديث الصحيح الآحاد ظني الثبوت وليس قطعياً لذا هو حجة في الأحكام الفقهية فقط، أما العقائد فيجب أن تثبت بالقطع لا بالظن فيُستدل عليها من القرآن أو من الأحاديث المتواترة، وهذا أيضاً رأي المعتزلة والماتريدية والأشاعرة، أما السلفية فيرون حجية الحديث الصحيح في العقائد والأحكام.[13][14]

عند المعتزلة[عدل]

  • والحديث الصحيح عند المعتزلة: هو الحديث الذي يكون رجاله ثقات في المرتبة العليا من التوثيق ولا يعارضه شيء في القرآن أو في بعض الأحاديث الصحيحة وليس ممتنعاً عقلاً.
  • ويُنقل عن أبي علي الجبائي أنه لا يقبل خبر الواحد العادل إلا:
    • إذا عضده خبر آخر، أو وافق الكتاب.
    • أو نسب إليه خبر عدل آخر.
    • أو عمل به بعض الصحابة.

ويُنقل عنه: أنه لا يقبل الخبر إلا إذا رواه أربعة.[15]

هوامش[عدل]

علم مصطلح الحديث
متواتر متفق عليه مشهور عزيز غريب حسن
متصل صحيح منكر
مسند ← من حيث السند حديث من حيث المتن متروك
آحاد ضعيف مدرج
منقطع مضطرب مدلس موقوف منقطع موضوع



المراجع[عدل]

  1. ^ النكت (1/480)
  2. ^ شروط الحديث الصحيح نسخة محفوظة 08 مايو 2015 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ مقدمة ابن الصلاح (المكتبة الإسلامية) نسخة محفوظة 30 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ ما معنى الحديث الضعيف والحديث الموضوع والحديث الصحيح ؟ وهل معنى الحديث الضعيف والموضوع أن النبي صلى الله علية وسلم لم يرويهما ؟ أم ماذا ؟؟ ونشكر فضيلتكم على أجوبتكم الغالية ال... نسخة محفوظة 16 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ مقدمة ابن الصلاح
  6. ^ الشهيد الثاني، الدراية، ص19.
  7. ^ "مقباس الهداية في علم الدراية - ج1 ج2 - الشيخ عبد الله المامقاني - مكتبة مدرسة الفقاهة". ar.pdf.lib.eshia.ir. مؤرشف من الأصل في 2021-01-10. اطلع عليه بتاريخ 2021-01-10.
  8. ^ "مقباس الهداية في علم الدراية - ج1 ج2 - الشيخ عبد الله المامقاني - مكتبة مدرسة الفقاهة". ar.pdf.lib.eshia.ir. مؤرشف من الأصل في 2021-01-10. اطلع عليه بتاريخ 2021-01-10.
  9. ^ مقباس الهداية في علم الدراية - ج1 ج2 - الشيخ عبد الله المامقاني - مكتبة مدرسة الفقاهة نسخة محفوظة 10 يناير 2021 على موقع واي باك مشين.
  10. ^ الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٥٠٦ نسخة محفوظة 18 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول - العلامة المجلسي - مكتبة مدرسة الفقاهة نسخة محفوظة 10 يناير 2021 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ "ما تعريف الحديث الصحيح مع شروطه ؟ حيث يرد علينا كثير من المخالفين لمذهبنا بأنه... ؟". مركز الإشعاع الإسلامي. مؤرشف من الأصل في 2020-08-15. اطلع عليه بتاريخ 2021-01-10.
  13. ^ "»الإجابة على الأسئلة العقائدية »مركز الأبحاث العقائدية". www.aqaed.com. مؤرشف من الأصل في 2020-02-17. اطلع عليه بتاريخ 2021-01-10.
  14. ^ "المبحث الأول: الرد على الماتريدية في عدم الاحتجاج بخبر الآحاد في العقيدة". dorar.net. مؤرشف من الأصل في 2018-10-20. اطلع عليه بتاريخ 2021-01-10.
  15. ^ ((فتح الباري)) (16/360)