أكيومينوبوليس

تحتاج هذه المقالة إلى مصادر أكثر.
هذه المقالة أو أجزاء منها بحاجة لإعادة كتابة.
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تبلور مفهوم المدينة العالمية أو أكيومينوبوليس (بالإنجليزية: Ecumenopolis)‏ أو القارة الحضرية كما يطلق عليها أحيانا من قبل الباحث اليوناني دوكسياديس في مركز أثينا لعلم المستقرات البشرية (Ekisticis) التابع لمعهد أثينا التكنولوجي عام 1961 بوصفها مدينة قادمة ستغطي كامل الأرض تتألف من العديد من المدن (الخلايا) والمراكز البشرية المتصلة تتخذ شكل مستوطنة عالمية.[1]

ويشير العمار اليوناني دوكسياديس أنه مع كل بناء نشيّده وكل طريق نمهدها وكل قطعة أرض نشتريها نتخذ قرارات حضرية تقودنا إلى المستقبل، وبهذه الطريقة نبني مدينة المستقبل حتى بدون التفكير في الموضوع أو فهمه، ويمكن القول: أن المدن في غضون القرن القادم بعد 150 سنة من الآن سوف تصبح مدينة عالمية (Ecumenic City) أو مدينة لكل سكان الأرض الاكيومينوبوليس (Ecumenopolis).

ويؤكّد دوكسيادس أن المدن الحالية تتطور على أنظمة معقدة جدًا بدءًا من المدينة الساكنة، والتي تتطور في دوائر متحدة المركز نحو المدينة الديناميكية (Dynapolis)حتى تصل الحدود الخارجية للمدينة على طول الشريان الرئيسي (اتجاه نمو أحادي)، والذي يربطه مع أقرب مدينة أو ميناء أو ساحل. وهكذا تنتقل المدينة إلى نظام من المدن المترابطة مع بعضها البعض بحيث تشكّل مجمّع أو مركّب حضري (Urban Complex) أو حاضرة (Metropolis) مع عدد كبير من السكان، وهذا يقود في النهاية إلى استنتاج أنه تحت الضغوط المتزايدة للقوى المختلفة (الإقتصادية، السكانية، الحيوية،... إلخ) ينشأ بشكل تدريجي نظام أكبر وأكبر من المستوطنات؛ إذ أن نظام المدن الذي يترك للنمو بصورة عشوائية سوف يؤدي في النهاية إلى كارثة؛ لأنه سيفرض أبعاد عالمية سريعة جدًا من ميجالوبوليس أو حواضر مهولة أو مناطق مدن ضخمة(Megalopolises) إلى مدن تمتد عبر القارات ومن هناك إلى مدينة عالمية (Ecumenopolis) ساكنة؛ إذ ستكون عبارة عن مركّب حضري مهول والوصول إليها بات أمرًا حتميًا أو لا مفر منه؛ إذ يظهر التحليل الدقيق أنه لا يوجد شيء منطقي أو عقلاني يمكن القيام به لتفادي ذلك، ويمكن الإستنتاج فقط أن هذه المدينة إذا كانت على هيئة مدن اليوم، فإنه وفقا للإتجاهات المعاصرة سوف تكون مدينة محكوم عليها بالدمار كما أشار لذلك لويس ممفرد (Lewis Mumford) بوصفها مقبرة كبيرة (Necropolis) أو مدينة ميتة (Dead City).

وفيما يلي الصيغة لتطور ظهور المدينة العالمية من الوقت الحاضر:

  1. تطوّر منطقة المدينة الكبرى أو المتروبوليتان إلى ميجالوبوليس أو حاضرة مدن ضخمة (سوبر-ميترو) (Metropolis to Megalopolis (Super-Metro.
  2. تطوّر الميجالوبوليس إلى مدينة لكل الأرض أو مدينة عالمية أو قارة حضرية.
  3. شبكة جديدة لربط هذه المستقرات الحضرية معا، والتي سوف تغطي الأرض كلها.

يجب أن تستند مدينة المستقبل على أساس شبكة جديدة من المراكز وخطوط الطرق والاتصالات، التي من شأنها أن تكون قادرة على تحمل ضغوط ومطالب احتياجات السكان المتزايدة. وبطبيعة الحال، هذه الشبكة العالمية سيكون لديها مسافات فيما بينها عادة المناطق الريفية والأراضي المخصصة للزراعة وتربية الماشية.

المدينة العالمية هي بالفعل في طوّر الإنشاء وسوف تمتص تقريبا كل المدن ذات الشأن في الوقت الحاضر بحيث ستنمو تدريجيا بفعل نموها الديناميكي، إضافة إلى إنشاء مستوطنات جديدة وسوف تتركّب تقريبًا من جميع المدن الرئيسية في الماضي والحاضر، وسوف تمتد على نطاق واسع عبر السهول والوديان الكبرى وخاصة بالقرب من: المحيطات، والبحار، والبحيرات العظمى، والأنهار، وسيكون أكثر العوامل مساهمة في تشكيلها وجود الماء، وحتى عندما يمكن استخدام المياه المالحة للأغراض الحضرية، ستكون متاحة فقط بالقرب من مستوى المحيطات والبحيرات، فهي ستجذب المدينة كما جذبت الأنهار الصغرى المستوطنات القديمة من قبل.

وتمر المدينة العالمية في مرحلتها الأولى والتي بدأت بالفعل، حيث سيعزز نمو المستوطنات الديناميكي من بناء المدينة بشكل تدريجي، وستتطور بشكل تلقائي إلى أشكال أكثر تقدمًا، حتى تصل إلى الحد الأقصى المحسوب من السكان والمساحة المقدّرة، فلا يعود بالإمكان التوسع أكثر من ذلك وفي هذه المرحلة سوف تخضع بعض التغيرات الثانوية التي لا غنى عنها لإعادة تكيّف السكان والاقتصاد والوظائف اللازمة للمدينة العالمية.

وستشكّل مدينة المستقبل شبكة عالمية ليس عن طريق المدن المترابطة ولكن عن طريق الأقاليم المترابطة، وسوف تحدّد مراكز المرتبة الأعلى بشكل رئيسي، والتركيز الأكبر للسكان سوف يكون في السهول العظمية التي تتمتع بأفضل مناخ وأفضل مصادر للمياه، وسوف تتبع الارتباطات بينها الخطوط الطبيعية المتصلة مع بعضها إضافة إلى بعض الأنفاق تحت الأرض، وأنفاق تحت سطح البحر، وممرات جوية، وتتضمن هذه الشبكة العالمية العديد من المراكز الرئيسية والثانوية؛ لذلك سوف يظهر بنية هرمية من المراكز في المدينة العالمية تتراوح من مراكز صغيرة جدًا، والتي يقابلها في الوقت الحاضر الأحياء إلى مراكز متوسطة الأهمية يتراوح عدد سكانها بين 5-10 مليون نسمة، والتي يقابلها حاليا مناطق المدن الكبرى أو ميتروبوليتان (Metropolitan or Metropolis)، إلى مراكز الرتبة الأعلى مع عدد سكان سائر نحو مئات الملايين، وهذه المراكز سوف تشكّل شبكات الرتب المختلفة ضمن الشبكة الرئيسية، والعديد من هذه المراكز سينطوي على جميع أنواع الوظائف كما أنها ستجهّز بالإدارة والنقل والثقافة والإنتاج والترفيه لمنطقة واسعة والبعض الآخر سيكون عبارة عن مراكز متخصصة تهتم بالعوامل المحلية الخاصة أو التقاليد، مثل: مدينة كامبيرج، وماسوشوستس، حيث ستجذب كل أنواع الوسائل التعليمية وستصبح مراكز متخصصة مهمة للتعليم لمراكز الرتبة العليا جدا في الشبكة في المدينة العالمية، بينما ستكون مراكز أخرى مهمة للثقافة وللسياسة أو للمتعة والترفيه.

ويمكن القول: أنه في غضون القرن القادم بعد 150 سنة من الآن سوف تصبح المدن مدينة عالمية مهولة، ويصبح واضحا الآن أن البشر سوف يواجهون طريقين بديلين؛ إما السماح للمدن العالمية أن تصبح غير إنسانية وهذا يقود إلى الموت الظاهري، أو تحويلها على الرغم من أبعادها البشرية جدًا إلى مدينة إنسانية جدًا، وهذا التحدي الكبير لا يمكن مواجهته دون أخذه على محمل الجد.

والواضح أن المدينة العالمية بهذه الأبعاد من ناحية الحجم والشكل لا تشكّل مصدرًا للقلق، وما يهم هو تحقيق التوازن الملائم بين العناصر التي ستشكّل المدينة العالمية، وهي: الطبيعة، والبشر، والمجتمع، والمباني، والشبكات المختلفة، مثل: (الطرق الرئيسية، وسكك الحديد، وأنظمة إمداد المياه والصرف الصحي والكهرباء، والاتصالات)، فعناصر الطبيعة يجب أن تحوّل إلى شبكة عملاقة تخترق كل أجزاء المدينة العالمية بحيث تصل لكل منطقة سكنية، ومنظومة الغابات سوف تتحول إلى متنزهات تتقاطع مع الطرق والحدائق ضمن سهولة وصول ميسّرة إلى المنازل، فإذا عرفنا كيف نتحكم في الجو فإننا نحافظ عليه من التلوث؛ إذ لا يشكّل معرفة كم سيكون حجم المدينة العالمية أو كيف سيكون شكلها أي مصدر قلق خاص، فهناك مدن صغيرة ولكنها تعاني من تلوث أجوائها بسبب عدد السيارات الكبير، وبالمقابل هناك مدن ضخمة لكن أجوائها نظيفة ونقية، فالمهم التأكّد من أن التلوث الناجم عن المنشآت الصناعية وحركة المرور تحت السيطرة؛ فلا ينبغي أن يكون حجم المدينة مشكلة عندما نتمكن من السيطرة على الغلاف الجوي وإبقاؤه غير ملوثا، فالمفتاح موجود في الحفاظ على العلاقة الجيدة بين العناصر.[2]

مراجع[عدل]

  1. ^ Pavle Stamenovic, Dunja Predic & Davor Eres (2015). "Transparency of Scale: Geographical Information Program (Google Earth) and the View from Beyond". Keeping Up with Technologies to Improve Places. Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing. ص. 44. ISBN:978-1-4438-7739-8. مؤرشف من الأصل في 2019-12-08. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |المحررين= تم تجاهله (مساعدة)
  2. ^ ثائر مطلق محمد عياصرة .(2015) مدخل إلى التخطيط الحضري : المفاهيم والنظرية والتطبيق ، دار حامد للنشر والتوزيع، عمان ، ص 234-283.