انحياز أكاديمي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الانحياز الأكاديمي (في الإنجليزية: Academic bias)، هو الانحياز الواضح أو المدرك الذي يمارسه الباحثون عندما يسمحون لمعتقداتهم في التأثير على أبحاثهم والمجتمع العلمي. قد يشير المصطلح إلى عدة أنواع من الانحياز الأكاديمي، مثل: المركزية الصوتية، المركزية اللغوية، المركزية الإثنية، والاعتقاد بامتلاك بعض العلوم والتخصصات مرتبة أعلى من غيرها. غالبًا ما ترتبط ادعاءات الانحياز -في الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص- بالسياسيين المحافظين والمسيحيين المتدينين.[1] تركز هذه الادعاءات على ما يقوله المحافظون -مثل ديفيد هورويتز- أنه تمييز ضد أولئك الذين يحملون أيديولوجية محافظة، والحجة القائلة بأن الأبحاث قد أُفسدَت بسبب الرغبة في الترويج لأجندة تقدمية. يقول باري أميس وآخرون -جون لي وهنري جيروكس- بأن هذه الادعاءات تستند إلى أدلة متناقلة لا تشير بشكل موثوق إلى الانحياز المنهجي.[2][3][4] يوضّح راسل جاكوبي بأن ادعاءات التحيز الأكاديمي تُستَخدَم لدفع الإجراءات التي تنتهك الحرية الأكاديمية.[5]

وفقًا لمجلة القضايا الأكاديمية -وهي مجلة ذات وجهة نظر محافظة- فإن الأدلة على التحيز الأكاديمي تشمل وجود عدد أكبر من الأكاديميين ذوي التوجهات السياسية التقدمية [6][7] و/أو غير المتدينين.[8][9][10] يجادل النشطاء المحافظون مثل هورويتز بأن هذا الخلل يرجع إلى خلق الأكاديميين بشكل عام أجواءً غير مضيافةٍ للمحافظين.[11][12] وقد اقترح أميس ونيل غروس أن هذه الفجوة ترجع إلى الاختيار الذاتي؛ فبدلاً من عدم مشاركة المحافظين في الأوساط الأكاديمية بسبب التمييز، تشير هذه النظرية إلى أن المحافظين ببساطة يميلون بشكل أكبر لعدم اختيار مهنة أكاديمية.[2][13]

الدعم التجريبي للانحياز الأكاديمي[عدل]

تدعم بعض الأبحاث وجود تحيز أكاديمي تجاه المحافظين السياسيين والمتدينين. تشير أحد الدراسات الميدانية إلى أن الدخول في برنامج الدراسات العليا لعلم النفس السريري يتأثر سلبًا إذا كان مقدم الطلب من البروتستانت المحافظين.[14] وبالاطلاع على التعليقات التي أدلى بها أعضاء لجان القبول في كليات الطب، لوحظ أن المرشحين المتدينين قد استُجوبوا عن كثب بسبب معتقداتهم.[15] تشير أبحاث أخرى إلى استعداد الأكاديميين للاعتراف علنًا بأنهم أقل ميلًا لتوظيف زميل ما لهم إذا اكتشفوا أنه محافظ دينيًا أو سياسيًا.[16][17] يُعد بحث جورج يانسي مهمًا بشكل خاص لأنه يجد أن الأكاديميين –من مجموعة متنوعة من التخصصات- منفتحون حول تمييزهم الموجه نحو الأصوليين والإنجيليين، وإلى حد أقل نحو الجمهوريين. تشير الأبحاث كذلك إلى أن بعض أنواع المحافظين هم أكثر عرضة للمعاناة من التحيز الأكاديمي المحتمل. يشير تحليل ستانلي روثمان ووروبرت ليتشر إلى أن الوظائف الأكاديمية للمحافظين في السياسة الاقتصادية والخارجية لا تتأثر على ما يبدو بآرائهم وتوجهاتهم المحافظة.[18] يجادل يانسي أيضًا بأن تسمية الجمهوريين أو المسيحيين قد لا تكون كافية لإثارة التحيز، لكن تشدد البعض وتطرفهم قد يحرض على التمييز والانحياز.[19] إضافةً إلى ذلك، يبدو أن الدليل على التحيز الأكاديمي أقوى في العلوم الاجتماعية والإنسانية منه في العلوم الطبيعية.[7][16] وفقًا لجورج يانسي، تشير هذه النتائج إلى أنّ التحيز أكاديمي –إن كان موجودًا- يتطلب سياق ثقافي معين.[19]

الدعم التجريبي للاختيار الذاتي[عدل]

على أية حال، تتمحور الأسباب التي تدفع المحافظين إلى عدم اختيار الوظائف الأكاديمية حول تفضيلهم الحصول على وظائف ذات أجر أعلى.[20] ويمكن إيجاد أدلة تجريبية تدعم الاختيار الذاتي في أعمال نيل غروس.[13] أجرى غروس دراسة ميدانية أرسل فيها رسائلًا إلكترونية لمدراء برامج الخريجين، وفيها تلاعب في المحتوى ليوحي بدعم المتقدم للمرشح الجمهوري جون ماكين، أو المرشح الديمقراطي باراك أوباما، أو استخدم صيغة توحي بحيادية المتقدم. لم يجد غروس أية فرق في معاملة المدراء للمتقدمين بغض النظر عن توجههم السياسي، وهذا يدعم عدم وجود أي تمييز ممنهج ضد السياسيين المحافظين. [13]

الآثار المترتبة على الانحياز الأكاديمي[عدل]

يؤكّد برينت سيلفي وجيفري ريبر على أنّ الانحياز تجاه الألوهية يقصي بعض الرؤى الممكنة في مجال علم النفس.[21]

يقترح بحث أجراه المجلس الأمريكي للأمناء والخريجين -وهو مجموعة محافظة- أن مناهج المقررات الدراسية تنم عن انحياز تقدمي.[22] ومع ذلك، يقول جون لي أن هذا البحث لا يعتمد على عينة من الاحتمالات، وأنه يستخدم تصميمًا بحثيًا لا يمكن أن يستبعد تفسيرات غير التحيز السياسي. [3] إضافةً إلى ذلك، تشير الأبحاث إلى حركة يسارية قليلة أو معدومة بين طلاب الجامعات أثناء وجودهم في الكلية.[23]

يُقدَّم الانحياز الأكاديمي كمشكلة يواجهها الطلاب المحافظون. يشير أحد الأبحاث إلى أن المسيحيين المحافظين قد يواجهون التمييز في الكليات والجامعات، ولكن هذه الدراسات غير موضوعية وتعتمد على الرأي الشخصي في اختبار الشخص للتمييز. على سبيل المثال: تتضمن دراسة هاير على وجود صراع معتقدات وصعوبات في التواصل باعتبارها أحداثًا تمييزية،[24][25] وعلى أية حال تقترح دراسات أخرى مواجهة عدد قليل من الطلاب للتمييز اعتمادًا على معتقداتهم السياسية.[26]

يقول فيليب غراي بأنّ الانحياز الإيديولوجي في العلم السياسي يحمل المخاطرة بإنشاء «نقاط عمياء» حيث تُقبَل بعض الافتراضات والأفكار باعتبارها طبيعية وعادية دون تفكير. قد يعني ذلك –بحسب رأي غراي- أنّ المسائل المتعلقة بقضايا الإيديولوجيا المسيطرة قد تتلقى الكثير من التركيز، بينما لا تعتبر القضايا المتعلقة بالإيديولوجيا الأقل هيمنةً ذات أهمية، وبالتالي لا تُدرَس على نحوٍ جيد. ينتج عن هذه المخاطر حقل متجانس إيديولوجيًا حيث تُقبَل بعض المعطيات تلقائيًا، وبالتالي لا يتم تمحيصها أو اختبارها. وبرأي غراي هذا يعني عدم توفير بعض الدراسات اختبارًا كافيًا للمعطيات في حال أكدت أفكار إيديولوجيا المجموعة المهيمنة، وذلك حتى إذا كانت الدراسات معيبة. يجادل جراي كذلك بأن التحيز الإيديولوجي في الأوساط الأكاديمية يهدد بتصوير المجموعات السياسية الأخرى لا كمجموعة ذات معتقدات خاصة بل كتهديد (جاهل ومتحيز لدرجة عدم تمييزه لما هو جيد)، أو كخطر (يميل إلى أفعال وسياسات مدمرة). يؤدي ذلك إلى تصوير هذه المجموعات على أنها مختلة وظيفيًا وتتطلب تشخيصًا بدلاً من الفهم؛ بينما لا يعتقد غراي أن العلم السياسي «يميز» المجموعات الإيديولوجية الأخرى بشكل صارخ، إلا أنه يعتقد بوجود موقف «تشخيصي» ضمني تجاه المجموعات التي تتعارض مع وجهة نظر الأغلبية.[27]

الانحياز في أبعاد أخرى[عدل]

يوجد أدلة أخرى تشير إلى وجود انحياز أكاديمي لا يستند على الأبعاد الدينية والسياسية. تشير دراسة واحدة على الأقل إلى وجود الانحياز في قضايا مرتبطة بالعرق، الجنسانية، الطبقة الاجتماعية، والجنس أكثر من القضايا المرتبطة بالدين.[28] وفقًا لبحث يانسي، يبدو أن رغبة الأكاديميين في التمييز تجاه زملائهم ذات إقبال قليل، إلا إذا كان الهدف محافظًا من الناحية الدينية أو السياسية.[16]

المراجع[عدل]

  1. ^ 'Derrida'، Jacques (1998). Of Grammatology. The Johns Hopkins University Press. ص. 11–12.
  2. ^ أ ب Ames، Barry؛ Barker، David C؛ Bonneau، Chris W؛ Carman، Christopher J (2005)، "Hide the Republicans, the Christians, and the Women: A Response to "Politics and Professional Advancement Among College Faculty"The Forum، ج. 3، DOI:10.2202/1540-8884.1075، ISSN:1540-8884
  3. ^ أ ب Lee، John (نوفمبر 2006)، The "Faculty Bias" Studies: Science or Propaganda (PDF)، American Federation of Teachers، مؤرشف من الأصل (PDF) في 2013-12-17، اطلع عليه بتاريخ 2014-01-24
  4. ^ Giroux، Henry A. (2006)، "Academic Freedom Under Fire: The Case for Critical Pedagogy"، College Literature، ج. 33، ص. 1–42، DOI:10.1353/lit.2006.0051، ISSN:1542-4286
  5. ^ Jacoby، Russell (2005)، "So Universities Hire Liberal Faculty-This Is News?"، ذا نيشن، مؤرشف من الأصل في 2019-07-13، اطلع عليه بتاريخ 2014-01-24
  6. ^ Klein، Daniel B.؛ Stern، Carlotta؛ Western، Andrew (2005)، "Political diversity in six disciplines"، Academic Questions، ج. 18، ص. 40–52، DOI:10.1007/s12129-004-1031-4، ISSN:0895-4852
  7. ^ أ ب Zipp، J. F.؛ R. Fenwick (2006)، "Is the Academy a Liberal Hegemony?: The Political Orientations and Educational Values of Professors"، Public Opinion Quarterly، ج. 70، ص. 304–326، DOI:10.1093/poq/nfj009، ISSN:0033-362X
  8. ^ Ecklund، Elaine Howard؛ Scheitle، Christopher P (2007)، "Religion among Academic Scientists: Distinctions, Disciplines, and Demographics"، Social Problems، ج. 54، ص. 289–307، DOI:10.1525/sp.2007.54.2.289، ISSN:0037-7791
  9. ^ Larson، Edward J؛ Witham، Larry (1998)، "Leading scientists still reject God"، Nature، ج. 394، ص. 313–4، DOI:10.1038/28478، ISSN:0028-0836، PMID:9690462
  10. ^ Tobin، Gary A؛ Weinberg، Aryeh K (30 نوفمبر 2005)، Religious Beliefs & Behavior of College Faculty (PDF)، San Francisco: Institute for Jewish & Community Research، مؤرشف من الأصل (PDF) في 2018-12-13، اطلع عليه بتاريخ 2014-01-24
  11. ^ Horowitz، David (2006). The Professors. Washington, DC: Regnery Publishing. ISBN:978-0-89526-003-1.
  12. ^ Horowitz، David (2009). One-Party Classroom. New York: Crown Forum. ISBN:978-0307452559. مؤرشف من الأصل في 2020-04-14.
  13. ^ أ ب ت Gross، Neil (9 أبريل 2013)، Why Are Professors Liberal and Why Do Conservatives Care?، Cambridge: Harvard University Press، ISBN:978-0-674-07448-4، مؤرشف من الأصل في 2019-07-13، اطلع عليه بتاريخ 2014-01-24
  14. ^ Gartner، John D (1986)، "Antireligious prejudice in admissions to doctoral programs in clinical psychology"، Professional Psychology: Research and Practice، ج. 17، ص. 473–475، DOI:10.1037/0735-7028.17.5.473، ISSN:1939-1323
  15. ^ Gunn، Albert E؛ Zenner، George O Jr (1996)، "Religious Discrimination in the Selection of Medical Students: A Case Study"، Issues in Law & Medicine، ج. 11، ص. 363–78، PMID:8934858
  16. ^ أ ب ت Yancey، George A (يناير 2011)، Compromising Scholarship: Religious and Political Bias in American Higher Education، Waco: Baylor University Press، ISBN:978-1-60258-268-2، مؤرشف من الأصل في 2019-07-13، اطلع عليه بتاريخ 2014-01-24
  17. ^ Inbar، Yoel؛ Lammers، Joris (2012)، "Political Diversity in Social and Personality Psychology"، Perspectives on Psychological Science، ج. 7، ص. 496–503، DOI:10.1177/1745691612448792، ISSN:1745-6916، PMID:26168506
  18. ^ Rothman, Stanley, and S. Robert Lichter. 2009. "The Vanishing Conservative--Is There a Glass Ceiling." In The Politically Correct University: Problem, Scope, and Reforms, edited by Robert Maranto, Richard E. Redding and Frederick M. Hess, 60-76. Washington, DC: The AEI Press.
  19. ^ أ ب Yancey، George (2012)، "Recalibrating Academic Bias"، Academic Questions، ج. 25، ص. 267–278، DOI:10.1007/s12129-012-9282-y، ISSN:0895-4852
  20. ^ Cohen، Patricia (18 يناير 2010)، "Professor Is a Label That Leans to the Left"، نيويورك تايمز، New York، ص. C1، مؤرشف من الأصل في 2019-07-13، اطلع عليه بتاريخ 2014-01-24
  21. ^ Slife، Brent D؛ Reber، Jeffrey S (2009)، "Is There a Pervasive Implicit Bias Against Theism in Psychology?"، Journal of Theoretical and Philosophical Psychology، ج. 29، ص. 63–79، DOI:10.1037/a0016985، ISSN:2151-3341
  22. ^ American Council of Trustees and Alumni (مايو 2006)، How Many Ward Churchills? (PDF)، مؤرشف من الأصل (PDF) في 2020-04-14
  23. ^ Mariani، Mack D.؛ Hewitt، Gordon J (2008)، "Indoctrination U.? Faculty Ideology and Changes in Student Political Orientation"، PS: Political Science & Politics، ج. 41، ص. 773–783، DOI:10.1017/S1049096508081031، ISSN:1049-0965
  24. ^ Hyers، Lauri L؛ Hyers، Conrad (2008)، "Everyday Discrimination Experienced by Conservative Christians at the Secular University"، Analyses of Social Issues and Public Policy، ج. 8، ص. 113–137، DOI:10.1111/j.1530-2415.2008.00162.x، ISSN:1529-7489
  25. ^ Rosik، Christopher H؛ Smith، Linda L (2009)، "Perceptions of religiously based discrimination among Christian students in secular and Christian university settings"، Psychology of Religion and Spirituality، ج. 1، ص. 207–217، DOI:10.1037/a0017076، ISSN:1943-1562
  26. ^ Rothman، Stanley؛ Kelley-Woessner، April؛ Woessner، Matthew (16 ديسمبر 2010)، The Still Divided Academy: How Competing Visions of Power, Politics, and Diversity Complicate the Mission of Higher Education، Rowman & Littlefield Publishers، ISBN:978-1-4422-0808-7، مؤرشف من الأصل في 2019-07-13، اطلع عليه بتاريخ 2014-01-24
  27. ^ Gray، Phillip W. (13 يونيو 2019). "Diagnosis versus Ideological Diversity".   [لغات أخرى]: 1–4. DOI:10.1017/S1049096519000660. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تأكد من صحة قيمة |صحيفة= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link)
  28. ^ Boysen، Guy A؛ Vogel، David L؛ Cope، Marissa A؛ Hubbard، Asale (2009)، "Incidents Of Bias in College Classrooms: Instructor and Student Perceptions"، Journal of Diversity in Higher Education، ج. 2، ص. 219–231، DOI:10.1037/a0017538، ISSN:1938-8934