انتقل إلى المحتوى

سجل مرشح الإساءة

التفاصيل لمدخلة السجل 3٬067٬884

13:50، 23 فبراير 2020: حسن كشاف (نقاش | مساهمات) أطلق المرشح 4; مؤديا الفعل "edit" في مستخدم:حسن كشاف. الأفعال المتخذة: عدم السماح; وصف المرشح: إزالة قوالب الشطب أو الحذف (افحص)

التغييرات التي أجريت في التعديل

👨‍🎓حسن كشاف
{{صمخ}}
✒قاص من المغرب
📖 بعض قصصه.

📌 قصة "السور" من مجموعة "دموع الفراولة" الصادرة عن دار تسراس سنة 2019.

بينما كان عبد الرحيم يهم بتناول وجبة الغداء رفقة زوجته وابنيه، رن هاتفه المحمول، فأسرعت ابنته إلى إحضاره، الرقم غير معروف، حسنا سأجيب، لا تعلم من قد يكون على الخط !!
ــــ السلام عليكم، سي عبد الرحيم، كيف حالك ؟ اعذرنا على الإزعاج..
ــــ لا بأس.. لا حاجة للاعتذار، من المتصل؟!
ــــ موظف بالجماعة!!
ــــ كيف أخدمكم سيدي.. ؟!
ــــ بما أنكم عون سلطة متقاعد، فإنكم ستتفهمون الأمر لاشك ..
ــــ ماذا..! ماذا تقصد؟!
ــــ أقصد السور..
ــــ عن أي سور تتحدث !!
ــــ السور الذي يحيط بقطعة أرض لكم بمنطقة أدوز ببني ملال، لا أظنك نسيت ذلك ؟ نخبركم أن السلطات المحلية ستهدمه هذا الأسبوع لتوسعة الطريق، ونعلم أنك شيدته بدون رخصة هيء..هيء، لكننا لن نحاسبك على ذلك اليوم، فأنت خدمت الدولة كثيرا، وقد غفرنا لك ذلك.. ها ها ها..
أحس بالامتعاض، بعد توصله إلى أنهم يعرفون عنه كل شيء، فتذكر طبيعة عمله، وكيف كان يلم بأدق التفاصيل، حول الأشخاص الذين يشرف على منطقتهم.
انتبه إلى أن الموظف لا يزال على الخط، فانتفض:
ـــ اعذرني سيدي.. لا أجد ما أقوله .. شكرا للإخبار..
ــــ سأتصل بك قريبا، لأخبرك عن وقت الهدم إن أردت أن تكون متواجدا بعين المكان، نعلم أنك تستقر الآن بالرباط ..
زوجته تسأله عن المتصل، لكنه كان كالمغشي عليه من وقع الصدمة: لا .. لا يمكنهم أن يهدموه، إلا هذا السور، يا الله أبعد عنا هذا البلاء، لقد سبق وأعلنت لك توبتي !! ألن تغفر لي!؟ أرجوك لا تفضحني ..
ــــ عبد الرحيم .. ماذا يجري ؟؟
ينتبه أخيرا أن زوجته تستفسر منذ لحظات: فيقطب حاجبيه ويزمجر: "أحمق من موظفي الجماعة، يريدون هدم السور لتوسيع الطريق.."
ــــ ولماذا أنت منفعل إلى هذا الحد ؟؟
ــــ هذا الأبله.. ويقهقه وأنا أحترق بنار الحسرة .. كيف يضحك وسوري سيهدم !!
ــــ فليهدموه، لا شك أنهم سيعيدون تشييده ..
ــــ هدم الله صحتك أيتها الحمقاء .. أغربي عني .. وإلا شوهت وجهك القبيح.. !!
دست زوجته رأسها بين كتفيها.. ولكنه صرخ من جديد:
ــــ أحضروا مسودة الأرقام أيها المناحيس ..
أمسك المسودة، ويداه ترتعدان، بينما تمتمت شفتاه بكلمات:
ــــ الكبير رئيس الجماعة .. الكبير رئيس الجماعة .. أين أنت أيها الثعلب؟ كيف تبعتك في رأيك المشؤوم، حتى حرمت لذة النوم طيلة أربع عشرة سنة، لا شيء غير الكوابيس تلو الكوابيس تقض مضجعي. ها هو رقمك الملعون، لنر كيف ستخرجنا من هذه الكارثة التي أوقعتنا فيها ؟
توجه إلى غرفة النوم، وأوصد الباب بإحكام، ثم أجرى الاتصال:
ــــ أجب أرجوك .. أكاد أفقد عقلي .. آلووو.. ألووو.. السلام عليكم !
ـــ وعليكم السلام..
ـــ سيدي الرئيس، كيف حالك ؟ الحمد لله أنك ما تزال محتفظا بنفس الرقم، اشتقنا لوجهكم الكريم ..
ـــ من معي !؟ لم أعرفك لحد الساعة !!
ـــ العون عبد الرحيم .. هيء .. هيء
ـــ لا أعتقد أني أعرف أحدا بهذا الاسم، للأسف ذاكرتي تخونني مؤخرا ..
ـــ لا .. أرجوك .. عليك أن تتذكرني.. !! حسنا سأساعدك؛ كنت تلقبني بيدك اليمنى، لا يمكن أن تنسى من خدمك لعشر سنوات، بتفان وإخلاص وتضحية ..
ـــ يبدو أنك أخطأت العنوان !! هل تحاول أن تتسلى برجل عجوز مقعد ؟ أجب أيها النتن ..
ـــ حاشا لله سيدي الرئيس، أنا يدك اليمنى .. حسنا هل تذكر قطعة الأرض التي وهبتني ؟ لاشك أنك تتذكر السور !! آه يا سيدي سيهدمونه، أجل أعلموني بذلك منذ قليل ..
ـــ يسعل بقوة: "وما دخلي بسورك!! فليهدموه فوق جمجمتك العنيدة إذن.."
ـــ ولكنهم قد يكتشفون الجثة يا سيدي
ـــ أي جثة، لا وفقك الله!!
ـــ جثة المترشح "السعدي" ؟!
ـــ أعتقد أنك مجنون أو ما شابه، أو أنك تتعمد الإجهاز على أيامي الأخيرة قبل أوانها، اسمع جيدا.. إذا عاودت الاتصال بهذا الرقم مجددا أيها المتطفل، سآمرهم باقتلاع رأسك من مكانه..
ــــ سيدي .. سيدي .. لا تغلق الخط أرجوك ..
لقد جاءت نهايتك يا عبد الرحيم، إنك تجني اليوم نتائج طيشك، كيف تقتل رجلا لا شأن لك به كي تحصل على بقعة أرضية، من سيحميك اليوم من برودة السجن !؟ سيكتب الجميع عن عون سلطة قتل مترشحا في الانتخابات، ثم دفنه وشيد فوقه سورا لأرضه ببرودة أعصاب..
أمسك برأسه وبدأ النواح كالثكلى، كان يتوقف ثم يغرق في ضحك هستيري .. ثم يعود للنواح، زوجته تطرق الباب، وتترجاه ليفتح، لكنه كان يواصل دون توقف.
فتح الباب أخيرا، وقد رسم بأدوات تجميل زوجته لحية وشاربا مشوها، كانت زوجته وابناه قد تسمروا أمام الباب دون حراك، وكأنهم صعقوا:
ــــ أبي .. أبي .. ما الذي تفعله بنفسك ؟
ــــ اسكتي أيتها البلهاء، حاذري أن يسمعك أحد، أنا لست أباك، ألا ترين أني متنكر؟! ولن يعرفني أحد، أو يقبض علي .. ابتعدوا عن طريقي سأخرج لأجرب، لن يعرفني أحد.. ها ها ها.. ما رأيك يا زوجتي هل أضيف بعضا من أحمر الشفاه، أظنه كافيا.. ها ها ها ..
لم تجب زوجته، انسابت دموعها، حاولت معانقته، إلا أنه أبعدها واندفع نحو الباب مرددا:
ــــ لن يعرفوني .. لن يعرفوني ..
رن هاتفه، فأسرعت زوجته واستقبلت المكالمة:
ــــ من المتصل ؟
ــــ أريد عبد الرحيم ..
ــــ عبد الرحيم، آ..آ.. موجود.. !لا.. !ليس الآن !! إنه متعب قليلا، يمر بوعكة صحية، لا يستطيع التواصل معك حاليا، من أنت لأخبره بذلك لاحقا !!
ــــ أنا جاره بالبادية، كنت قد مازحته منذ قليل حول هدم سوره، كانت دعابة هيء ..هيء، واتصلت به الآن لأخبره أن الحيلة انطلت عليه هي..هي..
ــــ ألست موظفا بالجماعة!!
ــــ أنا !! هيء..هيء ليتني كنت موظفا، بل جاره "التهامي" ها ها ..
ــــ أيها الكلب لتذهب إلى الجحيم، أنت ومزاحك اللعين..
أغلقت الهاتف، وأمرت ابنتها كي تحضر الجلباب، واتجهت مهرولة نحو باب البيت..
30/11/2018 (22:32)

📌 قصة "البناية الشيطان" من مجموعة "غرفة المجانين" عن جامعة المبدعين المغاربة وجمعية ملتقي الفن (الفائزة بجائزة زعرة زيراوي 2019).
منذ أن فتحت عيني في هذا الحي القريب من الغابة، وأنا أشهد تلك الصراعات التي تكاد لا تنتهي، صراعات تبدأ بالتفاهة وتنتهي بالمصائب.. ما كان يزيد دهشتي هي تلك المقارنة التي لا يتوانى جدي في عقدها سارحا بخياله في نوستالجيا بائسة:
ــــ كأن الناس أصابهم الصعار يا بني! أراهم كرسوا حياتهم لنهش بعضهم البعض، لم نكن هكذا أبد..؟ وكأن لعنة ما أصابت الناس!
وكما تعلمون أهل حينا ليست لهم مشاغل كثيرة يفعلونها؛ لهذا تجدهم يشغلون أنفسهم بتعميم ما يقع في الحي قبل متم اليوم، حتى أن أحدهم يشرع في سرد تلك القصص دون مبرر لذلك ولا سياق، وقد زادت حدة ذلك هذه الأيام، حتى تُجُوِّزَتِ النقاشات إلى مراهنات ما تنفك أن تتحول إلى صراعات وخصومات، والسبب بناية جديدة عملاقة، شرعت السلطات في تشييدها..
كانت أحلام سكان حينا تكبر كلما كبرت هذه البناية وشقت طريقها إلى عنان السماء، هذا يريدها ثانوية، والأخر يتجاوزه إلى الجامعة، آخرون يرجحون رأيهم بكونها مستشفى عملاقا، مستندين في ذلك إلى وعود السادة البرلمانيين.. ولأن أصحاب الافتراض من كبار السن والعجزة؛ فقد كانت غالبية الساكنة تنحو منحاهم، باستثناء أمي كانت تريدها شركة، أو حتى معملا يجعلني أستقيل من شغل وظيفة مراقبة العبارين والعابرات عند نهاية الزقاق، لكنني تمنيتها كالعجزة، مستشفى أعالج فيه أمي من أمراض كثيرة فرضها التقدم في السن وساعد في تأجيجها مطرح نفايات المدينة المجاور للحي.
ولأننا مشوشين وننفعل بسرعة، كانت جل هذه النقاشات تتحول إلى معارك.. فكان إشعال فتيل النار والخصومة بين اثنين أيسر من شرب كأس ماء عذب، مهمة اضطلع بها "احْمد العْوَرْ" شكل كوخه البلاستيكي محج جل شباب الحي؛ ولأن البناية موضوع الساعة فلا محيد عن الخوض فيه. قال أوسطهم وقد لقبوه ب"الرِّيَّالِي" لأنه يحب الفريق أكثر من أسرته:
ـــــ آه.. لو كانت ملعبا..! أو حتى قاعة رياضية مغطاة! لخرج من هذا الحي أبطال في كل الرياضات!
يرد آخر من خلفه متهكما:
ـــــ وماذا نفعل بالقاعة يا ذكي..؟! نأكل أطرافها الإسمنتية!! ستكون معملا.. لاشك في هذا.. ونظر إليهم واسترسل واثقا: فلتؤمنوا بنبوءتي يا جماعة!
ــــ هيء.. هيء.. سيدشنون "برنابيو" جديدا بدُوَّارِنَا، لا بل المعمل الدولي للزعفران ها..ها..ها.. كان هذا "احْمَدْ الأعْوَرْ" متهكما.. ثم وجدا نفسيهما أمام الدركي قد صفدت أيديهما بالأغلال، ودمائهما تسيل وكأن جيش ضباع جائع قد عبث بهما.
ولأن الدركي شديد الانفعال هو الآخر، فقد طفق يزمجر ويكيل لهم وابلا من السباب:
ـــــ ألن نشتغل إلا بخصوماتهم التافهة أيها الحمقى!
أحدهم يتململ في مكانه محاولا الرد لكنه ردعه:
ـــــ أنت! قف مكانك وأغلق فمك النتن.. أما أنت أيها الديك المكسيكي؛ حاذر أن أرى وجهك اللعين هنا مجدد!
ترجل من مكتبه نحوهما مزيلا أصفادهما، وهامسا في أذنيهما بصوت خافت:
ــــ لا تتقاتلا مرة أخرى على شيء سيكون سبب شقائكما هيء..هيء.. وأشار بيده نحو الباب، قبل أن يركل مؤخرة أحدها بينما تفاداها الثاني برشاقة، متوعدا إياهما في حالة العود..
انتهت الأشغال أخيرا، لكن الاحتمالات ما تزال مستمرة بين ساكنة الحي، في الوقت الذي شرع أعوان السلطة في الترويج لافتتاح البناية، طلبوا من الجميع الحضور، لا أريد التصريح بأنهم تجاوزا الترغيب إلى الترهيب، لأنكم تعرفون عواقب ذلك..
تجمهر سكان الحي بمختلف أطيافهم، تقدم أحد أصحاب ربطات العنق ليلقي كلمة الافتتاح.. ووقف الجميع مندهشين:
ــــ أليس هذا هو السيد بن كي..؟! أليس نفس الرجل الذي انتخبناه!!
ــــ بل هو بشحمه ولحمه.. غير أن لحيته ابيضت.. وبطنه انتفخت.. صاح أحدهم من الخلف..
ــــ إنه هو.. رغم هذا التغيير الذي لحقه، فأنا أستطيع تمييزه من بين ألف رجل!
رجل يجلس في المقدمة يصفق بحرارة، يلتفت نحونا، يدعونا لكي نحذو حذوه، كان إمام حينا..
في تلك اللحظات خاطبنا الرجل المهم الذي لم أتعرف على هويته لحدود الساعة بكلمات كبيرة، بدلت جهدا كبيرا للربط بينها، غير أنني لم أفلح، قبل أن يتقدم نحو ستارة كبيرة غطت الجزء الأوسط للبناية من الأعلى إلى الأسفل، يبذل جهدا لجرها، تتهاوى أخيرا، وينكشف باب حديدي عملاق.. أعلاه كتب عنوان كبير براق تهجيت حروفه "السج..ن المد..ني الم..حلي"
ساد الهرج والمرج.. شاب بجانبي يتلفظ بعبارات كثيرة، لا يصح كتابتها هنا، وجهها إلى الرجل المهم.. في الوقت الذي صاح "بوعزة" المجنون من الخلف؛ وقد رمى نعله في اتجاه المنصة:
ــــ "تجار الدين..! لصوص..! خنازير.! خنا..."
هراوة أحد رجال الأمن تحول دونه والشتيمة الأخيرة. تصفيقات تأتي من الصفوف الأولى، وينطلق التدشين بالتصفيق الحار..
10/04/2019 (00:37)

📌 قصة "ثورة" من مجموعة عندما ينطق الحرف (مجموعة مؤلفين) عن دار لوتس للنشر الحر.
كنت أبدل قصارى جهدي لأتأكد من طبيعة الوضع الذي أُوجَدُ فيه:
ــــ هل أنا في حلم أم أنها الحقيقة؟!
كانت الكلمات تُوَشْوِشُ لبعضها البعض بعد أن تجمعت فوق الصفحة البيضاء، مُشَكِّلَةً بذلك حلقات دائرية هنا وهناك، قادني الاستغراب إلى تقليب الصفحات تباعا، كانت الأسطر قد اختفت هي الأخرى، لا شيء غير حلقيات لا تنتهي.
بعد أن عجزت عن تسويغ ما يجري، تخليت عن كبريائي وقررت التجسس، فما يحصل الآن يدخل في النفوس الريبة.
كانت هناك كلمة تقف وسط تلك الحلقية، تحرض البقية على الصمود، قبل أن تعلن القرار المتوصل إليه:
ــــ أيتها الكلمات المناضلة المبدئية.. وِفْقًا لمخرجات هذه الحلقية التقريرية، فقد خلصنا إلى ما يلي: سنضرب.. ونعلنها ثورة الكَلِمَة!
علمت عندها سبب اختفاء الكلمات من على الورق، بقيت مشدوها من وقع الصدمة:
ــــ يا إلهي ماذا يعني أن تثور الكلمات!؟ لا كتابة بعد اليوم..!
فكرت في كتبي، في مقالاتي، وفي نصوصيَ القصصية، لكن مصيرهم هان علي عندما فكرت في مصائب غيري، ورحت أطرح عبثا عشرات الأسئلة دون أن أجد لها أية إجابات أو حلول:
ــــ ماذا سيفعل الوزراء والملوك الذين تُحَضَّرُ خطبهم قبل أن يلقوها على مسامع رعاياهم في مناسبات تمجيد حكمهم الزاخر بالعدالة والديمقراطية والعيش الرغد!
ابتسمت دون أن أدري وأنا أتمتم:
ــــ الحمد لله.. سنرتاح من قرفهم أخيرا! أعتقد أنهم لن يتحدثوا بعد اليوم! أما إن ركبوا هواهم كما العادة؛ فالشعوب هذه الأيام لا تتقن سوى التهكم والسخرية! سيكون الأمر قاسيا، بما أن الهراوات، والرشاشات، غير قادرة على إيقاف ذلك.
لكنني لم ألبت أن أشفقت على الناس من جديد، فإذا كان احتمال أن يركن الملوك للسكوت مطروحا بقوة؛ فالسياسيون لا يطيقون ذلك. سرحت في التذكر بينما اعْتَمَلَتْ نفسي قصص تكاد تميت من الضحك:
ــــ كيف سيتكلمون في البرلمان يا ترى؟! وهم الذين يرتكبون جرائما في حق اللغة والتعبير عندما يتهجون ما كتب لهم، فبالأحرى أن تعلن الكلمات الإضراب، كان علي أن أستثني أحد الأحزاب، فسياسيوه يتقنون سرد النكت والطرائف، ولأن الناس يحبون ذلك فيهم، فهم يواصلون نسج نكتهم دون أن يهتموا لعَيِّنَة من المتهكمين الحاقدين، والذين يحسدون الناس حتى عندما يضحكون ويكونوا سعداء جراء خفة دم ممثليهم..
كان علي أن أبدي أكبر قدر من الحزم مع هذه الكلمات الثائرة، فكما تعلمون يجب الضرب بيد من حديد على يد كل الثائرين حتى لا ينتشر الداء، حتى وإن كانت لك القدرة على تحقيق مطالبهم، إياك أن تفعل ذلك! العواقب تكون دائما إنجاب ثائرين جدد..
كانت الكلمات تقف دون حركة وكأنها تنتظر ردة فعلي، حركت كتفي في لا مبالاة وكأني غير متأثر بما يحصل وقلت متوعدا:
ــــ أراكم قلة! ستدفعون ثمن إثارتكم للبلبلة! وسينالكم الإهمال! قلت ذلك وأنا أعلم أنهم جيوش لا تحصى، لكن لا ينبغي أن تشعر الثّوَّارَ بحجم قوتهم، بل عليك أن تبادر إلى تبخيسها كي تحشرهم في الزاوية وتدخلهم في متاهات لا تنتهي من الشك.
ساد بينهم هرج ومرج، واجتمعوا من جديد مشكلين حلقيات للنقاش، حتى استغربت كيف أن لكلماتي كل هذا التأثير؟ كان لتوعدي وقع إيقاظ الخوف والانتهازية في نفس عدد كبير من الكلمات المنساقة، والمستعدة للتراجع في أية لحظة. كنت على وعي تام بضرورة استهداف هذه الفئة بأية وسيلة كانت؛ ترغيبا أو ترهيبا..
عاد ممثلهم من جديد وخاطبني متحديا:
ــــ الجماهير الثائرة تنصحك ألا تهددها من جديد! الإضراب سيستمر وسنحشد له كل الكلمات المبدئية..
بدأت الفكرة تؤرقني أكثر فأكثر، دفعني هذا الأرق إلى التلصص من جديد لمعرفة مخططاتهم، صدقوني كانت أفكارهم شيطانية، النواسخ هي الأخرى تؤيد الإضراب، حروف الجر بزعامة "من" و"إلى" تنظمان للإضراب وتنوبان عن كل الحروف بمداخلة:
ـــــ لن نجر بعد اليوم، تعبنا من الجر!
الأسماء الموصولة تشاطرهم الرأي وتدعم أيضا:
ـــــ نحتاج حشد المؤيدين والداعمين، لما لا ندعوا الأقلام الحرة المناضلة والأوراق الطاهرة، هي الأخرى متضررة من تفاهاتهم، ومن تلطيخ سمعتهما في وحل الركاكة والميوعة والخزعبلات!
أدركت عندها أن الخطر محذق، لأنهم انتقلوا من التهديد إلى التنظيم ثم التطبيق.
كنت أحاول تحقيق أكبر قدر من الاتزان، اتزان تسعى للتشبث به عندما تحس أنك في حلم تريد الخلاص منه بأية طريقة، لتكتشف أنك عبثا كنت تحاول، ثم تضطر لمواصلة عيش ذلك الكابوس المرعب.
كان علي أن أخلص نفسي، دفعت الأوراق التي بين يدي إلى جانب آخر من المكتب، سحبت قلما آخر، بسطت ورقة جديدة، كتبت باعتباطية مطلقة:
ــــ الكلمات تعلنها ثورة! كانت الورقة بيضاء تماما كالحليب، تبتلع كل ما أخطه عليها، وجدتني أردد بلاَ شُعُورِ مصدومٍ:
ــــ يا إلهي! إنها تختفي.. إنها تختفي تماما؟!
قلبت الورقة، نفضتها، لا حرف سقط من تناياها، أدعك عَيْنَيَّ عسى أن تكون غشاوة، أفتحها من جديد، فإذا بالورقة اختفت هي الأخرى، أتأمل القلم هو يتسرب عدما من بين يدي.
أرمق في أفق ذلك الحلم المشوش، كل الملوك والوزراء والبرلمانيين يواصلون قراءة أوراقهم بتلكؤ، وآلاف الرجال والنساء يواصلون رسم الكلمات دون توقف، بينما عصتني كلماتي وأقلامي وأوراقي..! الحقيقة أن عددا ليس باليسير من الكلمات الانبطاحية كسرت معركة الكلمات المبدئية، ليتم الاستفراد بالأخيرة وتنال نصيبها من السحل والتنكيل.
في خضم هذا الأرق القاتل فتحت عيني، يبدو أنني غفوت في الوقت الذي كنت أكتب هذه القصة، تأملت الكلمات في جزع؛ كانت في مكانها كما رسمتها، لكنها حنت رأسها ذليلة خاضعة، باستثناء واحدة ــــ ثورة ــــ ظلت صامدة رافعة رأسها وهي تصيح بهستيرية: "أيتها الكلمات الذليلة هنيئا لك الاقتران بكل مكتوب رذيل بخس.
كان باب بيتي يهتز وكأنه سيقتلع من مكانه:
ــــ افتحِ البابَ قبلَ أنْ نَكْسِرَهُ!
لم يكن أمامي غير الإسراع في تناول تلك الأوراق بعد أن قطعتها إربا إربا، شرعت أبتلعها دون مضغ كاف، فالباب لن يصمد أكثر، في الوقت نفسه أسرعت يدي تخط خطاب ولاء وتمجيد.

27/06/2019 (12:19)



📌نبدة تعريفية عن الكاتب:
حسن كشاف:
- قاص مغربي من مواليد مدينة الشماعية إقليم اليوسفية سنة 1991. مقيم حاليا في مدينة الدار البيضاء.
ـــ يشتغل مدرسا للغة العربية.
ـــ البريد الإلكتروني: kechafhassan2014@gmail.com

مساره الدراسي:
• 2015 - 2017 | كلية علوم التربية، الرباط العرفان.
◇ شهادة الماستر في تدريسية اللغة العربية، بميزة حسن.
• 2015 - 2016 | المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، الرباط العرفان.
◇ شهادة التأهيل في مهن التدريس، تخصص اللغة العربية، بميزة حسن.
• 2014 - 2015 | المدرسة العليا للأساتذة بتطوان.
◇ الإجازة المهنية للتأهيل في مهن التدريس، تخصص تدريس اللغة العربية، بميزة حسن.
• 2011 - 2014 | كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء.
◇ شهادة الإجازة الأساسية في اللغة العربية تخصص لسانيات، بميزة مستحسن.
• 2010 - 2011 | ثانويـة وادي الدهب التأهيلية.
◇ شهادة الباكالوريا تخصص علوم إنسانية، بميزة مستحسن.
بعض أعماله:
 الفردية:
- المجموعة القصصية الموسومة ب "غرفة المجانين" صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة، والفائزة بجائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019.
- المجموعة القصصية الموسومة ب "دموع الفراولة" صادرة عن دار تسراس للنشر والتوزيع 2019.
 الجماعية:
- مجوعة قصصية مشتركة عن المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الموسومة ب «الكلام المباح » المغرب 2019.
- مجوعة قصصية مشتركة عن دار لوتس للنشر الحر الموسومة ب «عندما ينطق الحرف» مصر 2019 .
- مجوعة قصصية مشتركة موسومة ب "حكايات عبر الزمن" العدد2، منشورات دار تويتة للنشر والتوزيع مصر 2019.
- مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 2 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2019.
- مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 1 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2018.

 الدراسات:
- كتاب تربوي بعنوان: "صعوبات تدريس العروض بالثانوي التأهيلي" منشورات شبكة الألوكة، 2017.
- دراسة بعنوان "ضعف التعبير الكتابي عند متعلمي الثانوي الإعدادي الأسباب والنتائج ثم الحلول" منشورات شبكة الألوكة، 2016.
- نشرت له العديد من القصص في جرائد ومجلات ورقية وطنية وعربية وفي منابر إعلامية إلكترونية.
ــــ شارك في العديد من الملتقيات الثقافية الجهوية والوطنية حول السرد عموما والقصة على وجه التحديد.

بعض اهتماماته:
- فاعل جمعوي.
- يعمل مدققا ومراجعا لغويا في مجموعة من دور النشر العربية (دار لوتس للنشر الحر، دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، دار خطوط للنشر والتوزيع، دار البرهان للنشر والتوزيع)
- عضو فريق دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع.
- عضو لجنة القراءة والتحكيم لبعض مسابقات جوائز القصة القصيرة محليا وعربيا .
- عضو مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب.
- مصمم إعلانات وأغلفة بعض دور النشر المصرية.
- شارك في العديد من الملتقيات الثقافية المهتمة بالسرد عموما والقصة خصوصا.

جوائزه:
 الجوائز:
- جائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019، عن المجموعة القصصية "غرفة المجانين"، صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة.
- جائزة الدار البيضاء للشباب المبدع في القصة القصيرة 2019.

 المسابقات:
ـــــ فائز بمسابقة قصص وحكايات للقصة القصيرة عن دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، (العدد الأول (2018) والثاني (2019).
ـــــ فائز بمسابقة دار لوتس للقصة القصيرة 2019.
ـــــ فائز بمسابقة دار تويتة للقصة القصيرة 2019.
ـــــ فائز بمسابقة المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث، دورة "محمد شكري2019.

محددات الفعل

متغيرقيمة
عدد التعديلات للمستخدم (user_editcount)
1
اسم حساب المستخدم (user_name)
'حسن كشاف'
عمر حساب المستخدم (user_age)
43224
المجموعات (متضمنة غير المباشرة) التي المستخدم فيها (user_groups)
[ 0 => '*', 1 => 'user' ]
المجموعات العامة التي ينتمي إليها الحساب (global_user_groups)
[]
ما إذا كان المستخدم يعدل من تطبيق المحمول (user_app)
false
ما إذا كان المستخدم يعدل عبر واجهة المحمول (user_mobile)
true
هوية الصفحة (page_id)
7298182
نطاق الصفحة (page_namespace)
2
عنوان الصفحة (بدون نطاق) (page_title)
'حسن كشاف'
عنوان الصفحة الكامل (page_prefixedtitle)
'مستخدم:حسن كشاف'
فعل (action)
'edit'
ملخص التعديل/السبب (summary)
'اختياري'
نموذج المحتوى القديم (old_content_model)
'wikitext'
نموذج المحتوى الجديد (new_content_model)
'wikitext'
نص الويكي القديم للصفحة، قبل التعديل (old_wikitext)
'{{صمخ}}'
نص الويكي الجديد للصفحة، بعد التعديل (new_wikitext)
'👨‍🎓حسن كشاف ✒قاص من المغرب 📖 بعض قصصه. 📌 قصة "السور" من مجموعة "دموع الفراولة" الصادرة عن دار تسراس سنة 2019. بينما كان عبد الرحيم يهم بتناول وجبة الغداء رفقة زوجته وابنيه، رن هاتفه المحمول، فأسرعت ابنته إلى إحضاره، الرقم غير معروف، حسنا سأجيب، لا تعلم من قد يكون على الخط !! ــــ السلام عليكم، سي عبد الرحيم، كيف حالك ؟ اعذرنا على الإزعاج.. ــــ لا بأس.. لا حاجة للاعتذار، من المتصل؟! ــــ موظف بالجماعة!! ــــ كيف أخدمكم سيدي.. ؟! ــــ بما أنكم عون سلطة متقاعد، فإنكم ستتفهمون الأمر لاشك .. ــــ ماذا..! ماذا تقصد؟! ــــ أقصد السور.. ــــ عن أي سور تتحدث !! ــــ السور الذي يحيط بقطعة أرض لكم بمنطقة أدوز ببني ملال، لا أظنك نسيت ذلك ؟ نخبركم أن السلطات المحلية ستهدمه هذا الأسبوع لتوسعة الطريق، ونعلم أنك شيدته بدون رخصة هيء..هيء، لكننا لن نحاسبك على ذلك اليوم، فأنت خدمت الدولة كثيرا، وقد غفرنا لك ذلك.. ها ها ها.. أحس بالامتعاض، بعد توصله إلى أنهم يعرفون عنه كل شيء، فتذكر طبيعة عمله، وكيف كان يلم بأدق التفاصيل، حول الأشخاص الذين يشرف على منطقتهم. انتبه إلى أن الموظف لا يزال على الخط، فانتفض: ـــ اعذرني سيدي.. لا أجد ما أقوله .. شكرا للإخبار.. ــــ سأتصل بك قريبا، لأخبرك عن وقت الهدم إن أردت أن تكون متواجدا بعين المكان، نعلم أنك تستقر الآن بالرباط .. زوجته تسأله عن المتصل، لكنه كان كالمغشي عليه من وقع الصدمة: لا .. لا يمكنهم أن يهدموه، إلا هذا السور، يا الله أبعد عنا هذا البلاء، لقد سبق وأعلنت لك توبتي !! ألن تغفر لي!؟ أرجوك لا تفضحني .. ــــ عبد الرحيم .. ماذا يجري ؟؟ ينتبه أخيرا أن زوجته تستفسر منذ لحظات: فيقطب حاجبيه ويزمجر: "أحمق من موظفي الجماعة، يريدون هدم السور لتوسيع الطريق.." ــــ ولماذا أنت منفعل إلى هذا الحد ؟؟ ــــ هذا الأبله.. ويقهقه وأنا أحترق بنار الحسرة .. كيف يضحك وسوري سيهدم !! ــــ فليهدموه، لا شك أنهم سيعيدون تشييده .. ــــ هدم الله صحتك أيتها الحمقاء .. أغربي عني .. وإلا شوهت وجهك القبيح.. !! دست زوجته رأسها بين كتفيها.. ولكنه صرخ من جديد: ــــ أحضروا مسودة الأرقام أيها المناحيس .. أمسك المسودة، ويداه ترتعدان، بينما تمتمت شفتاه بكلمات: ــــ الكبير رئيس الجماعة .. الكبير رئيس الجماعة .. أين أنت أيها الثعلب؟ كيف تبعتك في رأيك المشؤوم، حتى حرمت لذة النوم طيلة أربع عشرة سنة، لا شيء غير الكوابيس تلو الكوابيس تقض مضجعي. ها هو رقمك الملعون، لنر كيف ستخرجنا من هذه الكارثة التي أوقعتنا فيها ؟ توجه إلى غرفة النوم، وأوصد الباب بإحكام، ثم أجرى الاتصال: ــــ أجب أرجوك .. أكاد أفقد عقلي .. آلووو.. ألووو.. السلام عليكم ! ـــ وعليكم السلام.. ـــ سيدي الرئيس، كيف حالك ؟ الحمد لله أنك ما تزال محتفظا بنفس الرقم، اشتقنا لوجهكم الكريم .. ـــ من معي !؟ لم أعرفك لحد الساعة !! ـــ العون عبد الرحيم .. هيء .. هيء ـــ لا أعتقد أني أعرف أحدا بهذا الاسم، للأسف ذاكرتي تخونني مؤخرا .. ـــ لا .. أرجوك .. عليك أن تتذكرني.. !! حسنا سأساعدك؛ كنت تلقبني بيدك اليمنى، لا يمكن أن تنسى من خدمك لعشر سنوات، بتفان وإخلاص وتضحية .. ـــ يبدو أنك أخطأت العنوان !! هل تحاول أن تتسلى برجل عجوز مقعد ؟ أجب أيها النتن .. ـــ حاشا لله سيدي الرئيس، أنا يدك اليمنى .. حسنا هل تذكر قطعة الأرض التي وهبتني ؟ لاشك أنك تتذكر السور !! آه يا سيدي سيهدمونه، أجل أعلموني بذلك منذ قليل .. ـــ يسعل بقوة: "وما دخلي بسورك!! فليهدموه فوق جمجمتك العنيدة إذن.." ـــ ولكنهم قد يكتشفون الجثة يا سيدي ـــ أي جثة، لا وفقك الله!! ـــ جثة المترشح "السعدي" ؟! ـــ أعتقد أنك مجنون أو ما شابه، أو أنك تتعمد الإجهاز على أيامي الأخيرة قبل أوانها، اسمع جيدا.. إذا عاودت الاتصال بهذا الرقم مجددا أيها المتطفل، سآمرهم باقتلاع رأسك من مكانه.. ــــ سيدي .. سيدي .. لا تغلق الخط أرجوك .. لقد جاءت نهايتك يا عبد الرحيم، إنك تجني اليوم نتائج طيشك، كيف تقتل رجلا لا شأن لك به كي تحصل على بقعة أرضية، من سيحميك اليوم من برودة السجن !؟ سيكتب الجميع عن عون سلطة قتل مترشحا في الانتخابات، ثم دفنه وشيد فوقه سورا لأرضه ببرودة أعصاب.. أمسك برأسه وبدأ النواح كالثكلى، كان يتوقف ثم يغرق في ضحك هستيري .. ثم يعود للنواح، زوجته تطرق الباب، وتترجاه ليفتح، لكنه كان يواصل دون توقف. فتح الباب أخيرا، وقد رسم بأدوات تجميل زوجته لحية وشاربا مشوها، كانت زوجته وابناه قد تسمروا أمام الباب دون حراك، وكأنهم صعقوا: ــــ أبي .. أبي .. ما الذي تفعله بنفسك ؟ ــــ اسكتي أيتها البلهاء، حاذري أن يسمعك أحد، أنا لست أباك، ألا ترين أني متنكر؟! ولن يعرفني أحد، أو يقبض علي .. ابتعدوا عن طريقي سأخرج لأجرب، لن يعرفني أحد.. ها ها ها.. ما رأيك يا زوجتي هل أضيف بعضا من أحمر الشفاه، أظنه كافيا.. ها ها ها .. لم تجب زوجته، انسابت دموعها، حاولت معانقته، إلا أنه أبعدها واندفع نحو الباب مرددا: ــــ لن يعرفوني .. لن يعرفوني .. رن هاتفه، فأسرعت زوجته واستقبلت المكالمة: ــــ من المتصل ؟ ــــ أريد عبد الرحيم .. ــــ عبد الرحيم، آ..آ.. موجود.. !لا.. !ليس الآن !! إنه متعب قليلا، يمر بوعكة صحية، لا يستطيع التواصل معك حاليا، من أنت لأخبره بذلك لاحقا !! ــــ أنا جاره بالبادية، كنت قد مازحته منذ قليل حول هدم سوره، كانت دعابة هيء ..هيء، واتصلت به الآن لأخبره أن الحيلة انطلت عليه هي..هي.. ــــ ألست موظفا بالجماعة!! ــــ أنا !! هيء..هيء ليتني كنت موظفا، بل جاره "التهامي" ها ها .. ــــ أيها الكلب لتذهب إلى الجحيم، أنت ومزاحك اللعين.. أغلقت الهاتف، وأمرت ابنتها كي تحضر الجلباب، واتجهت مهرولة نحو باب البيت.. 30/11/2018 (22:32) 📌 قصة "البناية الشيطان" من مجموعة "غرفة المجانين" عن جامعة المبدعين المغاربة وجمعية ملتقي الفن (الفائزة بجائزة زعرة زيراوي 2019). منذ أن فتحت عيني في هذا الحي القريب من الغابة، وأنا أشهد تلك الصراعات التي تكاد لا تنتهي، صراعات تبدأ بالتفاهة وتنتهي بالمصائب.. ما كان يزيد دهشتي هي تلك المقارنة التي لا يتوانى جدي في عقدها سارحا بخياله في نوستالجيا بائسة: ــــ كأن الناس أصابهم الصعار يا بني! أراهم كرسوا حياتهم لنهش بعضهم البعض، لم نكن هكذا أبد..؟ وكأن لعنة ما أصابت الناس! وكما تعلمون أهل حينا ليست لهم مشاغل كثيرة يفعلونها؛ لهذا تجدهم يشغلون أنفسهم بتعميم ما يقع في الحي قبل متم اليوم، حتى أن أحدهم يشرع في سرد تلك القصص دون مبرر لذلك ولا سياق، وقد زادت حدة ذلك هذه الأيام، حتى تُجُوِّزَتِ النقاشات إلى مراهنات ما تنفك أن تتحول إلى صراعات وخصومات، والسبب بناية جديدة عملاقة، شرعت السلطات في تشييدها.. كانت أحلام سكان حينا تكبر كلما كبرت هذه البناية وشقت طريقها إلى عنان السماء، هذا يريدها ثانوية، والأخر يتجاوزه إلى الجامعة، آخرون يرجحون رأيهم بكونها مستشفى عملاقا، مستندين في ذلك إلى وعود السادة البرلمانيين.. ولأن أصحاب الافتراض من كبار السن والعجزة؛ فقد كانت غالبية الساكنة تنحو منحاهم، باستثناء أمي كانت تريدها شركة، أو حتى معملا يجعلني أستقيل من شغل وظيفة مراقبة العبارين والعابرات عند نهاية الزقاق، لكنني تمنيتها كالعجزة، مستشفى أعالج فيه أمي من أمراض كثيرة فرضها التقدم في السن وساعد في تأجيجها مطرح نفايات المدينة المجاور للحي. ولأننا مشوشين وننفعل بسرعة، كانت جل هذه النقاشات تتحول إلى معارك.. فكان إشعال فتيل النار والخصومة بين اثنين أيسر من شرب كأس ماء عذب، مهمة اضطلع بها "احْمد العْوَرْ" شكل كوخه البلاستيكي محج جل شباب الحي؛ ولأن البناية موضوع الساعة فلا محيد عن الخوض فيه. قال أوسطهم وقد لقبوه ب"الرِّيَّالِي" لأنه يحب الفريق أكثر من أسرته: ـــــ آه.. لو كانت ملعبا..! أو حتى قاعة رياضية مغطاة! لخرج من هذا الحي أبطال في كل الرياضات! يرد آخر من خلفه متهكما: ـــــ وماذا نفعل بالقاعة يا ذكي..؟! نأكل أطرافها الإسمنتية!! ستكون معملا.. لاشك في هذا.. ونظر إليهم واسترسل واثقا: فلتؤمنوا بنبوءتي يا جماعة! ــــ هيء.. هيء.. سيدشنون "برنابيو" جديدا بدُوَّارِنَا، لا بل المعمل الدولي للزعفران ها..ها..ها.. كان هذا "احْمَدْ الأعْوَرْ" متهكما.. ثم وجدا نفسيهما أمام الدركي قد صفدت أيديهما بالأغلال، ودمائهما تسيل وكأن جيش ضباع جائع قد عبث بهما. ولأن الدركي شديد الانفعال هو الآخر، فقد طفق يزمجر ويكيل لهم وابلا من السباب: ـــــ ألن نشتغل إلا بخصوماتهم التافهة أيها الحمقى! أحدهم يتململ في مكانه محاولا الرد لكنه ردعه: ـــــ أنت! قف مكانك وأغلق فمك النتن.. أما أنت أيها الديك المكسيكي؛ حاذر أن أرى وجهك اللعين هنا مجدد! ترجل من مكتبه نحوهما مزيلا أصفادهما، وهامسا في أذنيهما بصوت خافت: ــــ لا تتقاتلا مرة أخرى على شيء سيكون سبب شقائكما هيء..هيء.. وأشار بيده نحو الباب، قبل أن يركل مؤخرة أحدها بينما تفاداها الثاني برشاقة، متوعدا إياهما في حالة العود.. انتهت الأشغال أخيرا، لكن الاحتمالات ما تزال مستمرة بين ساكنة الحي، في الوقت الذي شرع أعوان السلطة في الترويج لافتتاح البناية، طلبوا من الجميع الحضور، لا أريد التصريح بأنهم تجاوزا الترغيب إلى الترهيب، لأنكم تعرفون عواقب ذلك.. تجمهر سكان الحي بمختلف أطيافهم، تقدم أحد أصحاب ربطات العنق ليلقي كلمة الافتتاح.. ووقف الجميع مندهشين: ــــ أليس هذا هو السيد بن كي..؟! أليس نفس الرجل الذي انتخبناه!! ــــ بل هو بشحمه ولحمه.. غير أن لحيته ابيضت.. وبطنه انتفخت.. صاح أحدهم من الخلف.. ــــ إنه هو.. رغم هذا التغيير الذي لحقه، فأنا أستطيع تمييزه من بين ألف رجل! رجل يجلس في المقدمة يصفق بحرارة، يلتفت نحونا، يدعونا لكي نحذو حذوه، كان إمام حينا.. في تلك اللحظات خاطبنا الرجل المهم الذي لم أتعرف على هويته لحدود الساعة بكلمات كبيرة، بدلت جهدا كبيرا للربط بينها، غير أنني لم أفلح، قبل أن يتقدم نحو ستارة كبيرة غطت الجزء الأوسط للبناية من الأعلى إلى الأسفل، يبذل جهدا لجرها، تتهاوى أخيرا، وينكشف باب حديدي عملاق.. أعلاه كتب عنوان كبير براق تهجيت حروفه "السج..ن المد..ني الم..حلي" ساد الهرج والمرج.. شاب بجانبي يتلفظ بعبارات كثيرة، لا يصح كتابتها هنا، وجهها إلى الرجل المهم.. في الوقت الذي صاح "بوعزة" المجنون من الخلف؛ وقد رمى نعله في اتجاه المنصة: ــــ "تجار الدين..! لصوص..! خنازير.! خنا..." هراوة أحد رجال الأمن تحول دونه والشتيمة الأخيرة. تصفيقات تأتي من الصفوف الأولى، وينطلق التدشين بالتصفيق الحار.. 10/04/2019 (00:37) 📌 قصة "ثورة" من مجموعة عندما ينطق الحرف (مجموعة مؤلفين) عن دار لوتس للنشر الحر. كنت أبدل قصارى جهدي لأتأكد من طبيعة الوضع الذي أُوجَدُ فيه: ــــ هل أنا في حلم أم أنها الحقيقة؟! كانت الكلمات تُوَشْوِشُ لبعضها البعض بعد أن تجمعت فوق الصفحة البيضاء، مُشَكِّلَةً بذلك حلقات دائرية هنا وهناك، قادني الاستغراب إلى تقليب الصفحات تباعا، كانت الأسطر قد اختفت هي الأخرى، لا شيء غير حلقيات لا تنتهي. بعد أن عجزت عن تسويغ ما يجري، تخليت عن كبريائي وقررت التجسس، فما يحصل الآن يدخل في النفوس الريبة. كانت هناك كلمة تقف وسط تلك الحلقية، تحرض البقية على الصمود، قبل أن تعلن القرار المتوصل إليه: ــــ أيتها الكلمات المناضلة المبدئية.. وِفْقًا لمخرجات هذه الحلقية التقريرية، فقد خلصنا إلى ما يلي: سنضرب.. ونعلنها ثورة الكَلِمَة! علمت عندها سبب اختفاء الكلمات من على الورق، بقيت مشدوها من وقع الصدمة: ــــ يا إلهي ماذا يعني أن تثور الكلمات!؟ لا كتابة بعد اليوم..! فكرت في كتبي، في مقالاتي، وفي نصوصيَ القصصية، لكن مصيرهم هان علي عندما فكرت في مصائب غيري، ورحت أطرح عبثا عشرات الأسئلة دون أن أجد لها أية إجابات أو حلول: ــــ ماذا سيفعل الوزراء والملوك الذين تُحَضَّرُ خطبهم قبل أن يلقوها على مسامع رعاياهم في مناسبات تمجيد حكمهم الزاخر بالعدالة والديمقراطية والعيش الرغد! ابتسمت دون أن أدري وأنا أتمتم: ــــ الحمد لله.. سنرتاح من قرفهم أخيرا! أعتقد أنهم لن يتحدثوا بعد اليوم! أما إن ركبوا هواهم كما العادة؛ فالشعوب هذه الأيام لا تتقن سوى التهكم والسخرية! سيكون الأمر قاسيا، بما أن الهراوات، والرشاشات، غير قادرة على إيقاف ذلك. لكنني لم ألبت أن أشفقت على الناس من جديد، فإذا كان احتمال أن يركن الملوك للسكوت مطروحا بقوة؛ فالسياسيون لا يطيقون ذلك. سرحت في التذكر بينما اعْتَمَلَتْ نفسي قصص تكاد تميت من الضحك: ــــ كيف سيتكلمون في البرلمان يا ترى؟! وهم الذين يرتكبون جرائما في حق اللغة والتعبير عندما يتهجون ما كتب لهم، فبالأحرى أن تعلن الكلمات الإضراب، كان علي أن أستثني أحد الأحزاب، فسياسيوه يتقنون سرد النكت والطرائف، ولأن الناس يحبون ذلك فيهم، فهم يواصلون نسج نكتهم دون أن يهتموا لعَيِّنَة من المتهكمين الحاقدين، والذين يحسدون الناس حتى عندما يضحكون ويكونوا سعداء جراء خفة دم ممثليهم.. كان علي أن أبدي أكبر قدر من الحزم مع هذه الكلمات الثائرة، فكما تعلمون يجب الضرب بيد من حديد على يد كل الثائرين حتى لا ينتشر الداء، حتى وإن كانت لك القدرة على تحقيق مطالبهم، إياك أن تفعل ذلك! العواقب تكون دائما إنجاب ثائرين جدد.. كانت الكلمات تقف دون حركة وكأنها تنتظر ردة فعلي، حركت كتفي في لا مبالاة وكأني غير متأثر بما يحصل وقلت متوعدا: ــــ أراكم قلة! ستدفعون ثمن إثارتكم للبلبلة! وسينالكم الإهمال! قلت ذلك وأنا أعلم أنهم جيوش لا تحصى، لكن لا ينبغي أن تشعر الثّوَّارَ بحجم قوتهم، بل عليك أن تبادر إلى تبخيسها كي تحشرهم في الزاوية وتدخلهم في متاهات لا تنتهي من الشك. ساد بينهم هرج ومرج، واجتمعوا من جديد مشكلين حلقيات للنقاش، حتى استغربت كيف أن لكلماتي كل هذا التأثير؟ كان لتوعدي وقع إيقاظ الخوف والانتهازية في نفس عدد كبير من الكلمات المنساقة، والمستعدة للتراجع في أية لحظة. كنت على وعي تام بضرورة استهداف هذه الفئة بأية وسيلة كانت؛ ترغيبا أو ترهيبا.. عاد ممثلهم من جديد وخاطبني متحديا: ــــ الجماهير الثائرة تنصحك ألا تهددها من جديد! الإضراب سيستمر وسنحشد له كل الكلمات المبدئية.. بدأت الفكرة تؤرقني أكثر فأكثر، دفعني هذا الأرق إلى التلصص من جديد لمعرفة مخططاتهم، صدقوني كانت أفكارهم شيطانية، النواسخ هي الأخرى تؤيد الإضراب، حروف الجر بزعامة "من" و"إلى" تنظمان للإضراب وتنوبان عن كل الحروف بمداخلة: ـــــ لن نجر بعد اليوم، تعبنا من الجر! الأسماء الموصولة تشاطرهم الرأي وتدعم أيضا: ـــــ نحتاج حشد المؤيدين والداعمين، لما لا ندعوا الأقلام الحرة المناضلة والأوراق الطاهرة، هي الأخرى متضررة من تفاهاتهم، ومن تلطيخ سمعتهما في وحل الركاكة والميوعة والخزعبلات! أدركت عندها أن الخطر محذق، لأنهم انتقلوا من التهديد إلى التنظيم ثم التطبيق. كنت أحاول تحقيق أكبر قدر من الاتزان، اتزان تسعى للتشبث به عندما تحس أنك في حلم تريد الخلاص منه بأية طريقة، لتكتشف أنك عبثا كنت تحاول، ثم تضطر لمواصلة عيش ذلك الكابوس المرعب. كان علي أن أخلص نفسي، دفعت الأوراق التي بين يدي إلى جانب آخر من المكتب، سحبت قلما آخر، بسطت ورقة جديدة، كتبت باعتباطية مطلقة: ــــ الكلمات تعلنها ثورة! كانت الورقة بيضاء تماما كالحليب، تبتلع كل ما أخطه عليها، وجدتني أردد بلاَ شُعُورِ مصدومٍ: ــــ يا إلهي! إنها تختفي.. إنها تختفي تماما؟! قلبت الورقة، نفضتها، لا حرف سقط من تناياها، أدعك عَيْنَيَّ عسى أن تكون غشاوة، أفتحها من جديد، فإذا بالورقة اختفت هي الأخرى، أتأمل القلم هو يتسرب عدما من بين يدي. أرمق في أفق ذلك الحلم المشوش، كل الملوك والوزراء والبرلمانيين يواصلون قراءة أوراقهم بتلكؤ، وآلاف الرجال والنساء يواصلون رسم الكلمات دون توقف، بينما عصتني كلماتي وأقلامي وأوراقي..! الحقيقة أن عددا ليس باليسير من الكلمات الانبطاحية كسرت معركة الكلمات المبدئية، ليتم الاستفراد بالأخيرة وتنال نصيبها من السحل والتنكيل. في خضم هذا الأرق القاتل فتحت عيني، يبدو أنني غفوت في الوقت الذي كنت أكتب هذه القصة، تأملت الكلمات في جزع؛ كانت في مكانها كما رسمتها، لكنها حنت رأسها ذليلة خاضعة، باستثناء واحدة ــــ ثورة ــــ ظلت صامدة رافعة رأسها وهي تصيح بهستيرية: "أيتها الكلمات الذليلة هنيئا لك الاقتران بكل مكتوب رذيل بخس. كان باب بيتي يهتز وكأنه سيقتلع من مكانه: ــــ افتحِ البابَ قبلَ أنْ نَكْسِرَهُ! لم يكن أمامي غير الإسراع في تناول تلك الأوراق بعد أن قطعتها إربا إربا، شرعت أبتلعها دون مضغ كاف، فالباب لن يصمد أكثر، في الوقت نفسه أسرعت يدي تخط خطاب ولاء وتمجيد. 27/06/2019 (12:19) 📌نبدة تعريفية عن الكاتب: حسن كشاف: - قاص مغربي من مواليد مدينة الشماعية إقليم اليوسفية سنة 1991. مقيم حاليا في مدينة الدار البيضاء. ـــ يشتغل مدرسا للغة العربية. ـــ البريد الإلكتروني: kechafhassan2014@gmail.com مساره الدراسي: • 2015 - 2017 | كلية علوم التربية، الرباط العرفان. ◇ شهادة الماستر في تدريسية اللغة العربية، بميزة حسن. • 2015 - 2016 | المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، الرباط العرفان. ◇ شهادة التأهيل في مهن التدريس، تخصص اللغة العربية، بميزة حسن. • 2014 - 2015 | المدرسة العليا للأساتذة بتطوان. ◇ الإجازة المهنية للتأهيل في مهن التدريس، تخصص تدريس اللغة العربية، بميزة حسن. • 2011 - 2014 | كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء. ◇ شهادة الإجازة الأساسية في اللغة العربية تخصص لسانيات، بميزة مستحسن. • 2010 - 2011 | ثانويـة وادي الدهب التأهيلية. ◇ شهادة الباكالوريا تخصص علوم إنسانية، بميزة مستحسن. بعض أعماله:  الفردية: - المجموعة القصصية الموسومة ب "غرفة المجانين" صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة، والفائزة بجائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019. - المجموعة القصصية الموسومة ب "دموع الفراولة" صادرة عن دار تسراس للنشر والتوزيع 2019.  الجماعية: - مجوعة قصصية مشتركة عن المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الموسومة ب «الكلام المباح » المغرب 2019. - مجوعة قصصية مشتركة عن دار لوتس للنشر الحر الموسومة ب «عندما ينطق الحرف» مصر 2019 . - مجوعة قصصية مشتركة موسومة ب "حكايات عبر الزمن" العدد2، منشورات دار تويتة للنشر والتوزيع مصر 2019. - مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 2 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2019. - مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 1 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2018.  الدراسات: - كتاب تربوي بعنوان: "صعوبات تدريس العروض بالثانوي التأهيلي" منشورات شبكة الألوكة، 2017. - دراسة بعنوان "ضعف التعبير الكتابي عند متعلمي الثانوي الإعدادي الأسباب والنتائج ثم الحلول" منشورات شبكة الألوكة، 2016. - نشرت له العديد من القصص في جرائد ومجلات ورقية وطنية وعربية وفي منابر إعلامية إلكترونية. ــــ شارك في العديد من الملتقيات الثقافية الجهوية والوطنية حول السرد عموما والقصة على وجه التحديد. بعض اهتماماته: - فاعل جمعوي. - يعمل مدققا ومراجعا لغويا في مجموعة من دور النشر العربية (دار لوتس للنشر الحر، دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، دار خطوط للنشر والتوزيع، دار البرهان للنشر والتوزيع) - عضو فريق دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع. - عضو لجنة القراءة والتحكيم لبعض مسابقات جوائز القصة القصيرة محليا وعربيا . - عضو مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب. - مصمم إعلانات وأغلفة بعض دور النشر المصرية. - شارك في العديد من الملتقيات الثقافية المهتمة بالسرد عموما والقصة خصوصا. جوائزه:  الجوائز: - جائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019، عن المجموعة القصصية "غرفة المجانين"، صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة. - جائزة الدار البيضاء للشباب المبدع في القصة القصيرة 2019.  المسابقات: ـــــ فائز بمسابقة قصص وحكايات للقصة القصيرة عن دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، (العدد الأول (2018) والثاني (2019). ـــــ فائز بمسابقة دار لوتس للقصة القصيرة 2019. ـــــ فائز بمسابقة دار تويتة للقصة القصيرة 2019. ـــــ فائز بمسابقة المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث، دورة "محمد شكري2019.'
فرق موحد للتغييرات المصنوعة بواسطة التعديل (edit_diff)
'@@ -1,1 +1,189 @@ -{{صمخ}} +👨‍🎓حسن كشاف +✒قاص من المغرب +📖 بعض قصصه. + +📌 قصة "السور" من مجموعة "دموع الفراولة" الصادرة عن دار تسراس سنة 2019. + + بينما كان عبد الرحيم يهم بتناول وجبة الغداء رفقة زوجته وابنيه، رن هاتفه المحمول، فأسرعت ابنته إلى إحضاره، الرقم غير معروف، حسنا سأجيب، لا تعلم من قد يكون على الخط !! +ــــ السلام عليكم، سي عبد الرحيم، كيف حالك ؟ اعذرنا على الإزعاج.. +ــــ لا بأس.. لا حاجة للاعتذار، من المتصل؟! +ــــ موظف بالجماعة!! +ــــ كيف أخدمكم سيدي.. ؟! +ــــ بما أنكم عون سلطة متقاعد، فإنكم ستتفهمون الأمر لاشك .. +ــــ ماذا..! ماذا تقصد؟! +ــــ أقصد السور.. +ــــ عن أي سور تتحدث !! +ــــ السور الذي يحيط بقطعة أرض لكم بمنطقة أدوز ببني ملال، لا أظنك نسيت ذلك ؟ نخبركم أن السلطات المحلية ستهدمه هذا الأسبوع لتوسعة الطريق، ونعلم أنك شيدته بدون رخصة هيء..هيء، لكننا لن نحاسبك على ذلك اليوم، فأنت خدمت الدولة كثيرا، وقد غفرنا لك ذلك.. ها ها ها.. + أحس بالامتعاض، بعد توصله إلى أنهم يعرفون عنه كل شيء، فتذكر طبيعة عمله، وكيف كان يلم بأدق التفاصيل، حول الأشخاص الذين يشرف على منطقتهم. + انتبه إلى أن الموظف لا يزال على الخط، فانتفض: +ـــ اعذرني سيدي.. لا أجد ما أقوله .. شكرا للإخبار.. +ــــ سأتصل بك قريبا، لأخبرك عن وقت الهدم إن أردت أن تكون متواجدا بعين المكان، نعلم أنك تستقر الآن بالرباط .. + زوجته تسأله عن المتصل، لكنه كان كالمغشي عليه من وقع الصدمة: لا .. لا يمكنهم أن يهدموه، إلا هذا السور، يا الله أبعد عنا هذا البلاء، لقد سبق وأعلنت لك توبتي !! ألن تغفر لي!؟ أرجوك لا تفضحني .. +ــــ عبد الرحيم .. ماذا يجري ؟؟ +ينتبه أخيرا أن زوجته تستفسر منذ لحظات: فيقطب حاجبيه ويزمجر: "أحمق من موظفي الجماعة، يريدون هدم السور لتوسيع الطريق.." +ــــ ولماذا أنت منفعل إلى هذا الحد ؟؟ +ــــ هذا الأبله.. ويقهقه وأنا أحترق بنار الحسرة .. كيف يضحك وسوري سيهدم !! +ــــ فليهدموه، لا شك أنهم سيعيدون تشييده .. +ــــ هدم الله صحتك أيتها الحمقاء .. أغربي عني .. وإلا شوهت وجهك القبيح.. !! +دست زوجته رأسها بين كتفيها.. ولكنه صرخ من جديد: +ــــ أحضروا مسودة الأرقام أيها المناحيس .. +أمسك المسودة، ويداه ترتعدان، بينما تمتمت شفتاه بكلمات: +ــــ الكبير رئيس الجماعة .. الكبير رئيس الجماعة .. أين أنت أيها الثعلب؟ كيف تبعتك في رأيك المشؤوم، حتى حرمت لذة النوم طيلة أربع عشرة سنة، لا شيء غير الكوابيس تلو الكوابيس تقض مضجعي. ها هو رقمك الملعون، لنر كيف ستخرجنا من هذه الكارثة التي أوقعتنا فيها ؟ +توجه إلى غرفة النوم، وأوصد الباب بإحكام، ثم أجرى الاتصال: +ــــ أجب أرجوك .. أكاد أفقد عقلي .. آلووو.. ألووو.. السلام عليكم ! +ـــ وعليكم السلام.. +ـــ سيدي الرئيس، كيف حالك ؟ الحمد لله أنك ما تزال محتفظا بنفس الرقم، اشتقنا لوجهكم الكريم .. +ـــ من معي !؟ لم أعرفك لحد الساعة !! +ـــ العون عبد الرحيم .. هيء .. هيء +ـــ لا أعتقد أني أعرف أحدا بهذا الاسم، للأسف ذاكرتي تخونني مؤخرا .. +ـــ لا .. أرجوك .. عليك أن تتذكرني.. !! حسنا سأساعدك؛ كنت تلقبني بيدك اليمنى، لا يمكن أن تنسى من خدمك لعشر سنوات، بتفان وإخلاص وتضحية .. +ـــ يبدو أنك أخطأت العنوان !! هل تحاول أن تتسلى برجل عجوز مقعد ؟ أجب أيها النتن .. +ـــ حاشا لله سيدي الرئيس، أنا يدك اليمنى .. حسنا هل تذكر قطعة الأرض التي وهبتني ؟ لاشك أنك تتذكر السور !! آه يا سيدي سيهدمونه، أجل أعلموني بذلك منذ قليل .. +ـــ يسعل بقوة: "وما دخلي بسورك!! فليهدموه فوق جمجمتك العنيدة إذن.." +ـــ ولكنهم قد يكتشفون الجثة يا سيدي +ـــ أي جثة، لا وفقك الله!! +ـــ جثة المترشح "السعدي" ؟! +ـــ أعتقد أنك مجنون أو ما شابه، أو أنك تتعمد الإجهاز على أيامي الأخيرة قبل أوانها، اسمع جيدا.. إذا عاودت الاتصال بهذا الرقم مجددا أيها المتطفل، سآمرهم باقتلاع رأسك من مكانه.. +ــــ سيدي .. سيدي .. لا تغلق الخط أرجوك .. + لقد جاءت نهايتك يا عبد الرحيم، إنك تجني اليوم نتائج طيشك، كيف تقتل رجلا لا شأن لك به كي تحصل على بقعة أرضية، من سيحميك اليوم من برودة السجن !؟ سيكتب الجميع عن عون سلطة قتل مترشحا في الانتخابات، ثم دفنه وشيد فوقه سورا لأرضه ببرودة أعصاب.. + أمسك برأسه وبدأ النواح كالثكلى، كان يتوقف ثم يغرق في ضحك هستيري .. ثم يعود للنواح، زوجته تطرق الباب، وتترجاه ليفتح، لكنه كان يواصل دون توقف. + فتح الباب أخيرا، وقد رسم بأدوات تجميل زوجته لحية وشاربا مشوها، كانت زوجته وابناه قد تسمروا أمام الباب دون حراك، وكأنهم صعقوا: +ــــ أبي .. أبي .. ما الذي تفعله بنفسك ؟ +ــــ اسكتي أيتها البلهاء، حاذري أن يسمعك أحد، أنا لست أباك، ألا ترين أني متنكر؟! ولن يعرفني أحد، أو يقبض علي .. ابتعدوا عن طريقي سأخرج لأجرب، لن يعرفني أحد.. ها ها ها.. ما رأيك يا زوجتي هل أضيف بعضا من أحمر الشفاه، أظنه كافيا.. ها ها ها .. +لم تجب زوجته، انسابت دموعها، حاولت معانقته، إلا أنه أبعدها واندفع نحو الباب مرددا: +ــــ لن يعرفوني .. لن يعرفوني .. +رن هاتفه، فأسرعت زوجته واستقبلت المكالمة: +ــــ من المتصل ؟ +ــــ أريد عبد الرحيم .. +ــــ عبد الرحيم، آ..آ.. موجود.. !لا.. !ليس الآن !! إنه متعب قليلا، يمر بوعكة صحية، لا يستطيع التواصل معك حاليا، من أنت لأخبره بذلك لاحقا !! +ــــ أنا جاره بالبادية، كنت قد مازحته منذ قليل حول هدم سوره، كانت دعابة هيء ..هيء، واتصلت به الآن لأخبره أن الحيلة انطلت عليه هي..هي.. +ــــ ألست موظفا بالجماعة!! +ــــ أنا !! هيء..هيء ليتني كنت موظفا، بل جاره "التهامي" ها ها .. +ــــ أيها الكلب لتذهب إلى الجحيم، أنت ومزاحك اللعين.. + أغلقت الهاتف، وأمرت ابنتها كي تحضر الجلباب، واتجهت مهرولة نحو باب البيت.. + 30/11/2018 (22:32) + +📌 قصة "البناية الشيطان" من مجموعة "غرفة المجانين" عن جامعة المبدعين المغاربة وجمعية ملتقي الفن (الفائزة بجائزة زعرة زيراوي 2019). + منذ أن فتحت عيني في هذا الحي القريب من الغابة، وأنا أشهد تلك الصراعات التي تكاد لا تنتهي، صراعات تبدأ بالتفاهة وتنتهي بالمصائب.. ما كان يزيد دهشتي هي تلك المقارنة التي لا يتوانى جدي في عقدها سارحا بخياله في نوستالجيا بائسة: +ــــ كأن الناس أصابهم الصعار يا بني! أراهم كرسوا حياتهم لنهش بعضهم البعض، لم نكن هكذا أبد..؟ وكأن لعنة ما أصابت الناس! + وكما تعلمون أهل حينا ليست لهم مشاغل كثيرة يفعلونها؛ لهذا تجدهم يشغلون أنفسهم بتعميم ما يقع في الحي قبل متم اليوم، حتى أن أحدهم يشرع في سرد تلك القصص دون مبرر لذلك ولا سياق، وقد زادت حدة ذلك هذه الأيام، حتى تُجُوِّزَتِ النقاشات إلى مراهنات ما تنفك أن تتحول إلى صراعات وخصومات، والسبب بناية جديدة عملاقة، شرعت السلطات في تشييدها.. + كانت أحلام سكان حينا تكبر كلما كبرت هذه البناية وشقت طريقها إلى عنان السماء، هذا يريدها ثانوية، والأخر يتجاوزه إلى الجامعة، آخرون يرجحون رأيهم بكونها مستشفى عملاقا، مستندين في ذلك إلى وعود السادة البرلمانيين.. ولأن أصحاب الافتراض من كبار السن والعجزة؛ فقد كانت غالبية الساكنة تنحو منحاهم، باستثناء أمي كانت تريدها شركة، أو حتى معملا يجعلني أستقيل من شغل وظيفة مراقبة العبارين والعابرات عند نهاية الزقاق، لكنني تمنيتها كالعجزة، مستشفى أعالج فيه أمي من أمراض كثيرة فرضها التقدم في السن وساعد في تأجيجها مطرح نفايات المدينة المجاور للحي. + ولأننا مشوشين وننفعل بسرعة، كانت جل هذه النقاشات تتحول إلى معارك.. فكان إشعال فتيل النار والخصومة بين اثنين أيسر من شرب كأس ماء عذب، مهمة اضطلع بها "احْمد العْوَرْ" شكل كوخه البلاستيكي محج جل شباب الحي؛ ولأن البناية موضوع الساعة فلا محيد عن الخوض فيه. قال أوسطهم وقد لقبوه ب"الرِّيَّالِي" لأنه يحب الفريق أكثر من أسرته: +ـــــ آه.. لو كانت ملعبا..! أو حتى قاعة رياضية مغطاة! لخرج من هذا الحي أبطال في كل الرياضات! +يرد آخر من خلفه متهكما: +ـــــ وماذا نفعل بالقاعة يا ذكي..؟! نأكل أطرافها الإسمنتية!! ستكون معملا.. لاشك في هذا.. ونظر إليهم واسترسل واثقا: فلتؤمنوا بنبوءتي يا جماعة! +ــــ هيء.. هيء.. سيدشنون "برنابيو" جديدا بدُوَّارِنَا، لا بل المعمل الدولي للزعفران ها..ها..ها.. كان هذا "احْمَدْ الأعْوَرْ" متهكما.. ثم وجدا نفسيهما أمام الدركي قد صفدت أيديهما بالأغلال، ودمائهما تسيل وكأن جيش ضباع جائع قد عبث بهما. +ولأن الدركي شديد الانفعال هو الآخر، فقد طفق يزمجر ويكيل لهم وابلا من السباب: +ـــــ ألن نشتغل إلا بخصوماتهم التافهة أيها الحمقى! +أحدهم يتململ في مكانه محاولا الرد لكنه ردعه: +ـــــ أنت! قف مكانك وأغلق فمك النتن.. أما أنت أيها الديك المكسيكي؛ حاذر أن أرى وجهك اللعين هنا مجدد! + ترجل من مكتبه نحوهما مزيلا أصفادهما، وهامسا في أذنيهما بصوت خافت: +ــــ لا تتقاتلا مرة أخرى على شيء سيكون سبب شقائكما هيء..هيء.. وأشار بيده نحو الباب، قبل أن يركل مؤخرة أحدها بينما تفاداها الثاني برشاقة، متوعدا إياهما في حالة العود.. + انتهت الأشغال أخيرا، لكن الاحتمالات ما تزال مستمرة بين ساكنة الحي، في الوقت الذي شرع أعوان السلطة في الترويج لافتتاح البناية، طلبوا من الجميع الحضور، لا أريد التصريح بأنهم تجاوزا الترغيب إلى الترهيب، لأنكم تعرفون عواقب ذلك.. + تجمهر سكان الحي بمختلف أطيافهم، تقدم أحد أصحاب ربطات العنق ليلقي كلمة الافتتاح.. ووقف الجميع مندهشين: +ــــ أليس هذا هو السيد بن كي..؟! أليس نفس الرجل الذي انتخبناه!! +ــــ بل هو بشحمه ولحمه.. غير أن لحيته ابيضت.. وبطنه انتفخت.. صاح أحدهم من الخلف.. +ــــ إنه هو.. رغم هذا التغيير الذي لحقه، فأنا أستطيع تمييزه من بين ألف رجل! + رجل يجلس في المقدمة يصفق بحرارة، يلتفت نحونا، يدعونا لكي نحذو حذوه، كان إمام حينا.. +في تلك اللحظات خاطبنا الرجل المهم الذي لم أتعرف على هويته لحدود الساعة بكلمات كبيرة، بدلت جهدا كبيرا للربط بينها، غير أنني لم أفلح، قبل أن يتقدم نحو ستارة كبيرة غطت الجزء الأوسط للبناية من الأعلى إلى الأسفل، يبذل جهدا لجرها، تتهاوى أخيرا، وينكشف باب حديدي عملاق.. أعلاه كتب عنوان كبير براق تهجيت حروفه "السج..ن المد..ني الم..حلي" + ساد الهرج والمرج.. شاب بجانبي يتلفظ بعبارات كثيرة، لا يصح كتابتها هنا، وجهها إلى الرجل المهم.. في الوقت الذي صاح "بوعزة" المجنون من الخلف؛ وقد رمى نعله في اتجاه المنصة: +ــــ "تجار الدين..! لصوص..! خنازير.! خنا..." +هراوة أحد رجال الأمن تحول دونه والشتيمة الأخيرة. تصفيقات تأتي من الصفوف الأولى، وينطلق التدشين بالتصفيق الحار.. + +10/04/2019 (00:37) + +📌 قصة "ثورة" من مجموعة عندما ينطق الحرف (مجموعة مؤلفين) عن دار لوتس للنشر الحر. + كنت أبدل قصارى جهدي لأتأكد من طبيعة الوضع الذي أُوجَدُ فيه: +ــــ هل أنا في حلم أم أنها الحقيقة؟! + كانت الكلمات تُوَشْوِشُ لبعضها البعض بعد أن تجمعت فوق الصفحة البيضاء، مُشَكِّلَةً بذلك حلقات دائرية هنا وهناك، قادني الاستغراب إلى تقليب الصفحات تباعا، كانت الأسطر قد اختفت هي الأخرى، لا شيء غير حلقيات لا تنتهي. + بعد أن عجزت عن تسويغ ما يجري، تخليت عن كبريائي وقررت التجسس، فما يحصل الآن يدخل في النفوس الريبة. + كانت هناك كلمة تقف وسط تلك الحلقية، تحرض البقية على الصمود، قبل أن تعلن القرار المتوصل إليه: +ــــ أيتها الكلمات المناضلة المبدئية.. وِفْقًا لمخرجات هذه الحلقية التقريرية، فقد خلصنا إلى ما يلي: سنضرب.. ونعلنها ثورة الكَلِمَة! +علمت عندها سبب اختفاء الكلمات من على الورق، بقيت مشدوها من وقع الصدمة: +ــــ يا إلهي ماذا يعني أن تثور الكلمات!؟ لا كتابة بعد اليوم..! + فكرت في كتبي، في مقالاتي، وفي نصوصيَ القصصية، لكن مصيرهم هان علي عندما فكرت في مصائب غيري، ورحت أطرح عبثا عشرات الأسئلة دون أن أجد لها أية إجابات أو حلول: +ــــ ماذا سيفعل الوزراء والملوك الذين تُحَضَّرُ خطبهم قبل أن يلقوها على مسامع رعاياهم في مناسبات تمجيد حكمهم الزاخر بالعدالة والديمقراطية والعيش الرغد! +ابتسمت دون أن أدري وأنا أتمتم: +ــــ الحمد لله.. سنرتاح من قرفهم أخيرا! أعتقد أنهم لن يتحدثوا بعد اليوم! أما إن ركبوا هواهم كما العادة؛ فالشعوب هذه الأيام لا تتقن سوى التهكم والسخرية! سيكون الأمر قاسيا، بما أن الهراوات، والرشاشات، غير قادرة على إيقاف ذلك. + لكنني لم ألبت أن أشفقت على الناس من جديد، فإذا كان احتمال أن يركن الملوك للسكوت مطروحا بقوة؛ فالسياسيون لا يطيقون ذلك. سرحت في التذكر بينما اعْتَمَلَتْ نفسي قصص تكاد تميت من الضحك: +ــــ كيف سيتكلمون في البرلمان يا ترى؟! وهم الذين يرتكبون جرائما في حق اللغة والتعبير عندما يتهجون ما كتب لهم، فبالأحرى أن تعلن الكلمات الإضراب، كان علي أن أستثني أحد الأحزاب، فسياسيوه يتقنون سرد النكت والطرائف، ولأن الناس يحبون ذلك فيهم، فهم يواصلون نسج نكتهم دون أن يهتموا لعَيِّنَة من المتهكمين الحاقدين، والذين يحسدون الناس حتى عندما يضحكون ويكونوا سعداء جراء خفة دم ممثليهم.. + كان علي أن أبدي أكبر قدر من الحزم مع هذه الكلمات الثائرة، فكما تعلمون يجب الضرب بيد من حديد على يد كل الثائرين حتى لا ينتشر الداء، حتى وإن كانت لك القدرة على تحقيق مطالبهم، إياك أن تفعل ذلك! العواقب تكون دائما إنجاب ثائرين جدد.. +كانت الكلمات تقف دون حركة وكأنها تنتظر ردة فعلي، حركت كتفي في لا مبالاة وكأني غير متأثر بما يحصل وقلت متوعدا: +ــــ أراكم قلة! ستدفعون ثمن إثارتكم للبلبلة! وسينالكم الإهمال! قلت ذلك وأنا أعلم أنهم جيوش لا تحصى، لكن لا ينبغي أن تشعر الثّوَّارَ بحجم قوتهم، بل عليك أن تبادر إلى تبخيسها كي تحشرهم في الزاوية وتدخلهم في متاهات لا تنتهي من الشك. + ساد بينهم هرج ومرج، واجتمعوا من جديد مشكلين حلقيات للنقاش، حتى استغربت كيف أن لكلماتي كل هذا التأثير؟ كان لتوعدي وقع إيقاظ الخوف والانتهازية في نفس عدد كبير من الكلمات المنساقة، والمستعدة للتراجع في أية لحظة. كنت على وعي تام بضرورة استهداف هذه الفئة بأية وسيلة كانت؛ ترغيبا أو ترهيبا.. +عاد ممثلهم من جديد وخاطبني متحديا: +ــــ الجماهير الثائرة تنصحك ألا تهددها من جديد! الإضراب سيستمر وسنحشد له كل الكلمات المبدئية.. + بدأت الفكرة تؤرقني أكثر فأكثر، دفعني هذا الأرق إلى التلصص من جديد لمعرفة مخططاتهم، صدقوني كانت أفكارهم شيطانية، النواسخ هي الأخرى تؤيد الإضراب، حروف الجر بزعامة "من" و"إلى" تنظمان للإضراب وتنوبان عن كل الحروف بمداخلة: +ـــــ لن نجر بعد اليوم، تعبنا من الجر! +الأسماء الموصولة تشاطرهم الرأي وتدعم أيضا: +ـــــ نحتاج حشد المؤيدين والداعمين، لما لا ندعوا الأقلام الحرة المناضلة والأوراق الطاهرة، هي الأخرى متضررة من تفاهاتهم، ومن تلطيخ سمعتهما في وحل الركاكة والميوعة والخزعبلات! +أدركت عندها أن الخطر محذق، لأنهم انتقلوا من التهديد إلى التنظيم ثم التطبيق. + كنت أحاول تحقيق أكبر قدر من الاتزان، اتزان تسعى للتشبث به عندما تحس أنك في حلم تريد الخلاص منه بأية طريقة، لتكتشف أنك عبثا كنت تحاول، ثم تضطر لمواصلة عيش ذلك الكابوس المرعب. + كان علي أن أخلص نفسي، دفعت الأوراق التي بين يدي إلى جانب آخر من المكتب، سحبت قلما آخر، بسطت ورقة جديدة، كتبت باعتباطية مطلقة: +ــــ الكلمات تعلنها ثورة! كانت الورقة بيضاء تماما كالحليب، تبتلع كل ما أخطه عليها، وجدتني أردد بلاَ شُعُورِ مصدومٍ: +ــــ يا إلهي! إنها تختفي.. إنها تختفي تماما؟! + قلبت الورقة، نفضتها، لا حرف سقط من تناياها، أدعك عَيْنَيَّ عسى أن تكون غشاوة، أفتحها من جديد، فإذا بالورقة اختفت هي الأخرى، أتأمل القلم هو يتسرب عدما من بين يدي. + أرمق في أفق ذلك الحلم المشوش، كل الملوك والوزراء والبرلمانيين يواصلون قراءة أوراقهم بتلكؤ، وآلاف الرجال والنساء يواصلون رسم الكلمات دون توقف، بينما عصتني كلماتي وأقلامي وأوراقي..! الحقيقة أن عددا ليس باليسير من الكلمات الانبطاحية كسرت معركة الكلمات المبدئية، ليتم الاستفراد بالأخيرة وتنال نصيبها من السحل والتنكيل. + في خضم هذا الأرق القاتل فتحت عيني، يبدو أنني غفوت في الوقت الذي كنت أكتب هذه القصة، تأملت الكلمات في جزع؛ كانت في مكانها كما رسمتها، لكنها حنت رأسها ذليلة خاضعة، باستثناء واحدة ــــ ثورة ــــ ظلت صامدة رافعة رأسها وهي تصيح بهستيرية: "أيتها الكلمات الذليلة هنيئا لك الاقتران بكل مكتوب رذيل بخس. + كان باب بيتي يهتز وكأنه سيقتلع من مكانه: +ــــ افتحِ البابَ قبلَ أنْ نَكْسِرَهُ! + لم يكن أمامي غير الإسراع في تناول تلك الأوراق بعد أن قطعتها إربا إربا، شرعت أبتلعها دون مضغ كاف، فالباب لن يصمد أكثر، في الوقت نفسه أسرعت يدي تخط خطاب ولاء وتمجيد. + +27/06/2019 (12:19) + + + + +📌نبدة تعريفية عن الكاتب: +حسن كشاف: +- قاص مغربي من مواليد مدينة الشماعية إقليم اليوسفية سنة 1991. مقيم حاليا في مدينة الدار البيضاء. +ـــ يشتغل مدرسا للغة العربية. +ـــ البريد الإلكتروني: kechafhassan2014@gmail.com + +مساره الدراسي: +• 2015 - 2017 | كلية علوم التربية، الرباط العرفان. +◇ شهادة الماستر في تدريسية اللغة العربية، بميزة حسن. +• 2015 - 2016 | المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، الرباط العرفان. +◇ شهادة التأهيل في مهن التدريس، تخصص اللغة العربية، بميزة حسن. +• 2014 - 2015 | المدرسة العليا للأساتذة بتطوان. +◇ الإجازة المهنية للتأهيل في مهن التدريس، تخصص تدريس اللغة العربية، بميزة حسن. +• 2011 - 2014 | كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء. +◇ شهادة الإجازة الأساسية في اللغة العربية تخصص لسانيات، بميزة مستحسن. +• 2010 - 2011 | ثانويـة وادي الدهب التأهيلية. +◇ شهادة الباكالوريا تخصص علوم إنسانية، بميزة مستحسن. +بعض أعماله: + الفردية: +- المجموعة القصصية الموسومة ب "غرفة المجانين" صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة، والفائزة بجائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019. +- المجموعة القصصية الموسومة ب "دموع الفراولة" صادرة عن دار تسراس للنشر والتوزيع 2019. + الجماعية: +- مجوعة قصصية مشتركة عن المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الموسومة ب «الكلام المباح » المغرب 2019. +- مجوعة قصصية مشتركة عن دار لوتس للنشر الحر الموسومة ب «عندما ينطق الحرف» مصر 2019 . +- مجوعة قصصية مشتركة موسومة ب "حكايات عبر الزمن" العدد2، منشورات دار تويتة للنشر والتوزيع مصر 2019. +- مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 2 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2019. +- مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 1 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2018. + + الدراسات: +- كتاب تربوي بعنوان: "صعوبات تدريس العروض بالثانوي التأهيلي" منشورات شبكة الألوكة، 2017. +- دراسة بعنوان "ضعف التعبير الكتابي عند متعلمي الثانوي الإعدادي الأسباب والنتائج ثم الحلول" منشورات شبكة الألوكة، 2016. +- نشرت له العديد من القصص في جرائد ومجلات ورقية وطنية وعربية وفي منابر إعلامية إلكترونية. +ــــ شارك في العديد من الملتقيات الثقافية الجهوية والوطنية حول السرد عموما والقصة على وجه التحديد. + +بعض اهتماماته: +- فاعل جمعوي. +- يعمل مدققا ومراجعا لغويا في مجموعة من دور النشر العربية (دار لوتس للنشر الحر، دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، دار خطوط للنشر والتوزيع، دار البرهان للنشر والتوزيع) +- عضو فريق دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع. +- عضو لجنة القراءة والتحكيم لبعض مسابقات جوائز القصة القصيرة محليا وعربيا . +- عضو مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب. +- مصمم إعلانات وأغلفة بعض دور النشر المصرية. +- شارك في العديد من الملتقيات الثقافية المهتمة بالسرد عموما والقصة خصوصا. + +جوائزه: + الجوائز: +- جائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019، عن المجموعة القصصية "غرفة المجانين"، صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة. +- جائزة الدار البيضاء للشباب المبدع في القصة القصيرة 2019. + + المسابقات: +ـــــ فائز بمسابقة قصص وحكايات للقصة القصيرة عن دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، (العدد الأول (2018) والثاني (2019). +ـــــ فائز بمسابقة دار لوتس للقصة القصيرة 2019. +ـــــ فائز بمسابقة دار تويتة للقصة القصيرة 2019. +ـــــ فائز بمسابقة المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث، دورة "محمد شكري2019. '
حجم الصفحة الجديد (new_size)
30061
حجم الصفحة القديم (old_size)
10
الحجم المتغير في التعديل (edit_delta)
30051
السطور المضافة في التعديل (added_lines)
[ 0 => '👨‍🎓حسن كشاف', 1 => '✒قاص من المغرب', 2 => '📖 بعض قصصه.', 3 => '', 4 => '📌 قصة "السور" من مجموعة "دموع الفراولة" الصادرة عن دار تسراس سنة 2019.', 5 => '', 6 => ' بينما كان عبد الرحيم يهم بتناول وجبة الغداء رفقة زوجته وابنيه، رن هاتفه المحمول، فأسرعت ابنته إلى إحضاره، الرقم غير معروف، حسنا سأجيب، لا تعلم من قد يكون على الخط !! ', 7 => 'ــــ السلام عليكم، سي عبد الرحيم، كيف حالك ؟ اعذرنا على الإزعاج..', 8 => 'ــــ لا بأس.. لا حاجة للاعتذار، من المتصل؟!', 9 => 'ــــ موظف بالجماعة!!', 10 => 'ــــ كيف أخدمكم سيدي.. ؟!', 11 => 'ــــ بما أنكم عون سلطة متقاعد، فإنكم ستتفهمون الأمر لاشك ..', 12 => 'ــــ ماذا..! ماذا تقصد؟!', 13 => 'ــــ أقصد السور.. ', 14 => 'ــــ عن أي سور تتحدث !!', 15 => 'ــــ السور الذي يحيط بقطعة أرض لكم بمنطقة أدوز ببني ملال، لا أظنك نسيت ذلك ؟ نخبركم أن السلطات المحلية ستهدمه هذا الأسبوع لتوسعة الطريق، ونعلم أنك شيدته بدون رخصة هيء..هيء، لكننا لن نحاسبك على ذلك اليوم، فأنت خدمت الدولة كثيرا، وقد غفرنا لك ذلك.. ها ها ها..', 16 => ' أحس بالامتعاض، بعد توصله إلى أنهم يعرفون عنه كل شيء، فتذكر طبيعة عمله، وكيف كان يلم بأدق التفاصيل، حول الأشخاص الذين يشرف على منطقتهم. ', 17 => ' انتبه إلى أن الموظف لا يزال على الخط، فانتفض:', 18 => 'ـــ اعذرني سيدي.. لا أجد ما أقوله .. شكرا للإخبار.. ', 19 => 'ــــ سأتصل بك قريبا، لأخبرك عن وقت الهدم إن أردت أن تكون متواجدا بعين المكان، نعلم أنك تستقر الآن بالرباط ..', 20 => ' زوجته تسأله عن المتصل، لكنه كان كالمغشي عليه من وقع الصدمة: لا .. لا يمكنهم أن يهدموه، إلا هذا السور، يا الله أبعد عنا هذا البلاء، لقد سبق وأعلنت لك توبتي !! ألن تغفر لي!؟ أرجوك لا تفضحني ..', 21 => 'ــــ عبد الرحيم .. ماذا يجري ؟؟', 22 => 'ينتبه أخيرا أن زوجته تستفسر منذ لحظات: فيقطب حاجبيه ويزمجر: "أحمق من موظفي الجماعة، يريدون هدم السور لتوسيع الطريق.."', 23 => 'ــــ ولماذا أنت منفعل إلى هذا الحد ؟؟', 24 => 'ــــ هذا الأبله.. ويقهقه وأنا أحترق بنار الحسرة .. كيف يضحك وسوري سيهدم !!', 25 => 'ــــ فليهدموه، لا شك أنهم سيعيدون تشييده ..', 26 => 'ــــ هدم الله صحتك أيتها الحمقاء .. أغربي عني .. وإلا شوهت وجهك القبيح.. !! ', 27 => 'دست زوجته رأسها بين كتفيها.. ولكنه صرخ من جديد:', 28 => 'ــــ أحضروا مسودة الأرقام أيها المناحيس ..', 29 => 'أمسك المسودة، ويداه ترتعدان، بينما تمتمت شفتاه بكلمات:', 30 => 'ــــ الكبير رئيس الجماعة .. الكبير رئيس الجماعة .. أين أنت أيها الثعلب؟ كيف تبعتك في رأيك المشؤوم، حتى حرمت لذة النوم طيلة أربع عشرة سنة، لا شيء غير الكوابيس تلو الكوابيس تقض مضجعي. ها هو رقمك الملعون، لنر كيف ستخرجنا من هذه الكارثة التي أوقعتنا فيها ؟ ', 31 => 'توجه إلى غرفة النوم، وأوصد الباب بإحكام، ثم أجرى الاتصال: ', 32 => 'ــــ أجب أرجوك .. أكاد أفقد عقلي .. آلووو.. ألووو.. السلام عليكم !', 33 => 'ـــ وعليكم السلام..', 34 => 'ـــ سيدي الرئيس، كيف حالك ؟ الحمد لله أنك ما تزال محتفظا بنفس الرقم، اشتقنا لوجهكم الكريم ..', 35 => 'ـــ من معي !؟ لم أعرفك لحد الساعة !!', 36 => 'ـــ العون عبد الرحيم .. هيء .. هيء', 37 => 'ـــ لا أعتقد أني أعرف أحدا بهذا الاسم، للأسف ذاكرتي تخونني مؤخرا ..', 38 => 'ـــ لا .. أرجوك .. عليك أن تتذكرني.. !! حسنا سأساعدك؛ كنت تلقبني بيدك اليمنى، لا يمكن أن تنسى من خدمك لعشر سنوات، بتفان وإخلاص وتضحية ..', 39 => 'ـــ يبدو أنك أخطأت العنوان !! هل تحاول أن تتسلى برجل عجوز مقعد ؟ أجب أيها النتن ..', 40 => 'ـــ حاشا لله سيدي الرئيس، أنا يدك اليمنى .. حسنا هل تذكر قطعة الأرض التي وهبتني ؟ لاشك أنك تتذكر السور !! آه يا سيدي سيهدمونه، أجل أعلموني بذلك منذ قليل ..', 41 => 'ـــ يسعل بقوة: "وما دخلي بسورك!! فليهدموه فوق جمجمتك العنيدة إذن.."', 42 => 'ـــ ولكنهم قد يكتشفون الجثة يا سيدي ', 43 => 'ـــ أي جثة، لا وفقك الله!!', 44 => 'ـــ جثة المترشح "السعدي" ؟!', 45 => 'ـــ أعتقد أنك مجنون أو ما شابه، أو أنك تتعمد الإجهاز على أيامي الأخيرة قبل أوانها، اسمع جيدا.. إذا عاودت الاتصال بهذا الرقم مجددا أيها المتطفل، سآمرهم باقتلاع رأسك من مكانه..', 46 => 'ــــ سيدي .. سيدي .. لا تغلق الخط أرجوك ..', 47 => ' لقد جاءت نهايتك يا عبد الرحيم، إنك تجني اليوم نتائج طيشك، كيف تقتل رجلا لا شأن لك به كي تحصل على بقعة أرضية، من سيحميك اليوم من برودة السجن !؟ سيكتب الجميع عن عون سلطة قتل مترشحا في الانتخابات، ثم دفنه وشيد فوقه سورا لأرضه ببرودة أعصاب..', 48 => ' أمسك برأسه وبدأ النواح كالثكلى، كان يتوقف ثم يغرق في ضحك هستيري .. ثم يعود للنواح، زوجته تطرق الباب، وتترجاه ليفتح، لكنه كان يواصل دون توقف.', 49 => ' فتح الباب أخيرا، وقد رسم بأدوات تجميل زوجته لحية وشاربا مشوها، كانت زوجته وابناه قد تسمروا أمام الباب دون حراك، وكأنهم صعقوا:', 50 => 'ــــ أبي .. أبي .. ما الذي تفعله بنفسك ؟', 51 => 'ــــ اسكتي أيتها البلهاء، حاذري أن يسمعك أحد، أنا لست أباك، ألا ترين أني متنكر؟! ولن يعرفني أحد، أو يقبض علي .. ابتعدوا عن طريقي سأخرج لأجرب، لن يعرفني أحد.. ها ها ها.. ما رأيك يا زوجتي هل أضيف بعضا من أحمر الشفاه، أظنه كافيا.. ها ها ها ..', 52 => 'لم تجب زوجته، انسابت دموعها، حاولت معانقته، إلا أنه أبعدها واندفع نحو الباب مرددا:', 53 => 'ــــ لن يعرفوني .. لن يعرفوني ..', 54 => 'رن هاتفه، فأسرعت زوجته واستقبلت المكالمة:', 55 => 'ــــ من المتصل ؟', 56 => 'ــــ أريد عبد الرحيم .. ', 57 => 'ــــ عبد الرحيم، آ..آ.. موجود.. !لا.. !ليس الآن !! إنه متعب قليلا، يمر بوعكة صحية، لا يستطيع التواصل معك حاليا، من أنت لأخبره بذلك لاحقا !!', 58 => 'ــــ أنا جاره بالبادية، كنت قد مازحته منذ قليل حول هدم سوره، كانت دعابة هيء ..هيء، واتصلت به الآن لأخبره أن الحيلة انطلت عليه هي..هي..', 59 => 'ــــ ألست موظفا بالجماعة!!', 60 => 'ــــ أنا !! هيء..هيء ليتني كنت موظفا، بل جاره "التهامي" ها ها ..', 61 => 'ــــ أيها الكلب لتذهب إلى الجحيم، أنت ومزاحك اللعين.. ', 62 => ' أغلقت الهاتف، وأمرت ابنتها كي تحضر الجلباب، واتجهت مهرولة نحو باب البيت.. ', 63 => ' 30/11/2018 (22:32) ', 64 => '', 65 => '📌 قصة "البناية الشيطان" من مجموعة "غرفة المجانين" عن جامعة المبدعين المغاربة وجمعية ملتقي الفن (الفائزة بجائزة زعرة زيراوي 2019).', 66 => ' منذ أن فتحت عيني في هذا الحي القريب من الغابة، وأنا أشهد تلك الصراعات التي تكاد لا تنتهي، صراعات تبدأ بالتفاهة وتنتهي بالمصائب.. ما كان يزيد دهشتي هي تلك المقارنة التي لا يتوانى جدي في عقدها سارحا بخياله في نوستالجيا بائسة:', 67 => 'ــــ كأن الناس أصابهم الصعار يا بني! أراهم كرسوا حياتهم لنهش بعضهم البعض، لم نكن هكذا أبد..؟ وكأن لعنة ما أصابت الناس!', 68 => ' وكما تعلمون أهل حينا ليست لهم مشاغل كثيرة يفعلونها؛ لهذا تجدهم يشغلون أنفسهم بتعميم ما يقع في الحي قبل متم اليوم، حتى أن أحدهم يشرع في سرد تلك القصص دون مبرر لذلك ولا سياق، وقد زادت حدة ذلك هذه الأيام، حتى تُجُوِّزَتِ النقاشات إلى مراهنات ما تنفك أن تتحول إلى صراعات وخصومات، والسبب بناية جديدة عملاقة، شرعت السلطات في تشييدها..', 69 => ' كانت أحلام سكان حينا تكبر كلما كبرت هذه البناية وشقت طريقها إلى عنان السماء، هذا يريدها ثانوية، والأخر يتجاوزه إلى الجامعة، آخرون يرجحون رأيهم بكونها مستشفى عملاقا، مستندين في ذلك إلى وعود السادة البرلمانيين.. ولأن أصحاب الافتراض من كبار السن والعجزة؛ فقد كانت غالبية الساكنة تنحو منحاهم، باستثناء أمي كانت تريدها شركة، أو حتى معملا يجعلني أستقيل من شغل وظيفة مراقبة العبارين والعابرات عند نهاية الزقاق، لكنني تمنيتها كالعجزة، مستشفى أعالج فيه أمي من أمراض كثيرة فرضها التقدم في السن وساعد في تأجيجها مطرح نفايات المدينة المجاور للحي. ', 70 => ' ولأننا مشوشين وننفعل بسرعة، كانت جل هذه النقاشات تتحول إلى معارك.. فكان إشعال فتيل النار والخصومة بين اثنين أيسر من شرب كأس ماء عذب، مهمة اضطلع بها "احْمد العْوَرْ" شكل كوخه البلاستيكي محج جل شباب الحي؛ ولأن البناية موضوع الساعة فلا محيد عن الخوض فيه. قال أوسطهم وقد لقبوه ب"الرِّيَّالِي" لأنه يحب الفريق أكثر من أسرته:', 71 => 'ـــــ آه.. لو كانت ملعبا..! أو حتى قاعة رياضية مغطاة! لخرج من هذا الحي أبطال في كل الرياضات!', 72 => 'يرد آخر من خلفه متهكما:', 73 => 'ـــــ وماذا نفعل بالقاعة يا ذكي..؟! نأكل أطرافها الإسمنتية!! ستكون معملا.. لاشك في هذا.. ونظر إليهم واسترسل واثقا: فلتؤمنوا بنبوءتي يا جماعة!', 74 => 'ــــ هيء.. هيء.. سيدشنون "برنابيو" جديدا بدُوَّارِنَا، لا بل المعمل الدولي للزعفران ها..ها..ها.. كان هذا "احْمَدْ الأعْوَرْ" متهكما.. ثم وجدا نفسيهما أمام الدركي قد صفدت أيديهما بالأغلال، ودمائهما تسيل وكأن جيش ضباع جائع قد عبث بهما.', 75 => 'ولأن الدركي شديد الانفعال هو الآخر، فقد طفق يزمجر ويكيل لهم وابلا من السباب:', 76 => 'ـــــ ألن نشتغل إلا بخصوماتهم التافهة أيها الحمقى!', 77 => 'أحدهم يتململ في مكانه محاولا الرد لكنه ردعه:', 78 => 'ـــــ أنت! قف مكانك وأغلق فمك النتن.. أما أنت أيها الديك المكسيكي؛ حاذر أن أرى وجهك اللعين هنا مجدد! ', 79 => ' ترجل من مكتبه نحوهما مزيلا أصفادهما، وهامسا في أذنيهما بصوت خافت:', 80 => 'ــــ لا تتقاتلا مرة أخرى على شيء سيكون سبب شقائكما هيء..هيء.. وأشار بيده نحو الباب، قبل أن يركل مؤخرة أحدها بينما تفاداها الثاني برشاقة، متوعدا إياهما في حالة العود..', 81 => ' انتهت الأشغال أخيرا، لكن الاحتمالات ما تزال مستمرة بين ساكنة الحي، في الوقت الذي شرع أعوان السلطة في الترويج لافتتاح البناية، طلبوا من الجميع الحضور، لا أريد التصريح بأنهم تجاوزا الترغيب إلى الترهيب، لأنكم تعرفون عواقب ذلك..', 82 => ' تجمهر سكان الحي بمختلف أطيافهم، تقدم أحد أصحاب ربطات العنق ليلقي كلمة الافتتاح.. ووقف الجميع مندهشين:', 83 => 'ــــ أليس هذا هو السيد بن كي..؟! أليس نفس الرجل الذي انتخبناه!! ', 84 => 'ــــ بل هو بشحمه ولحمه.. غير أن لحيته ابيضت.. وبطنه انتفخت.. صاح أحدهم من الخلف..', 85 => 'ــــ إنه هو.. رغم هذا التغيير الذي لحقه، فأنا أستطيع تمييزه من بين ألف رجل!', 86 => ' رجل يجلس في المقدمة يصفق بحرارة، يلتفت نحونا، يدعونا لكي نحذو حذوه، كان إمام حينا.. ', 87 => 'في تلك اللحظات خاطبنا الرجل المهم الذي لم أتعرف على هويته لحدود الساعة بكلمات كبيرة، بدلت جهدا كبيرا للربط بينها، غير أنني لم أفلح، قبل أن يتقدم نحو ستارة كبيرة غطت الجزء الأوسط للبناية من الأعلى إلى الأسفل، يبذل جهدا لجرها، تتهاوى أخيرا، وينكشف باب حديدي عملاق.. أعلاه كتب عنوان كبير براق تهجيت حروفه "السج..ن المد..ني الم..حلي" ', 88 => ' ساد الهرج والمرج.. شاب بجانبي يتلفظ بعبارات كثيرة، لا يصح كتابتها هنا، وجهها إلى الرجل المهم.. في الوقت الذي صاح "بوعزة" المجنون من الخلف؛ وقد رمى نعله في اتجاه المنصة:', 89 => 'ــــ "تجار الدين..! لصوص..! خنازير.! خنا..." ', 90 => 'هراوة أحد رجال الأمن تحول دونه والشتيمة الأخيرة. تصفيقات تأتي من الصفوف الأولى، وينطلق التدشين بالتصفيق الحار..', 91 => ' ', 92 => '10/04/2019 (00:37)', 93 => '', 94 => '📌 قصة "ثورة" من مجموعة عندما ينطق الحرف (مجموعة مؤلفين) عن دار لوتس للنشر الحر.', 95 => ' كنت أبدل قصارى جهدي لأتأكد من طبيعة الوضع الذي أُوجَدُ فيه:', 96 => 'ــــ هل أنا في حلم أم أنها الحقيقة؟!', 97 => ' كانت الكلمات تُوَشْوِشُ لبعضها البعض بعد أن تجمعت فوق الصفحة البيضاء، مُشَكِّلَةً بذلك حلقات دائرية هنا وهناك، قادني الاستغراب إلى تقليب الصفحات تباعا، كانت الأسطر قد اختفت هي الأخرى، لا شيء غير حلقيات لا تنتهي.', 98 => ' بعد أن عجزت عن تسويغ ما يجري، تخليت عن كبريائي وقررت التجسس، فما يحصل الآن يدخل في النفوس الريبة.', 99 => ' كانت هناك كلمة تقف وسط تلك الحلقية، تحرض البقية على الصمود، قبل أن تعلن القرار المتوصل إليه:', 100 => 'ــــ أيتها الكلمات المناضلة المبدئية.. وِفْقًا لمخرجات هذه الحلقية التقريرية، فقد خلصنا إلى ما يلي: سنضرب.. ونعلنها ثورة الكَلِمَة! ', 101 => 'علمت عندها سبب اختفاء الكلمات من على الورق، بقيت مشدوها من وقع الصدمة:', 102 => 'ــــ يا إلهي ماذا يعني أن تثور الكلمات!؟ لا كتابة بعد اليوم..! ', 103 => ' فكرت في كتبي، في مقالاتي، وفي نصوصيَ القصصية، لكن مصيرهم هان علي عندما فكرت في مصائب غيري، ورحت أطرح عبثا عشرات الأسئلة دون أن أجد لها أية إجابات أو حلول:', 104 => 'ــــ ماذا سيفعل الوزراء والملوك الذين تُحَضَّرُ خطبهم قبل أن يلقوها على مسامع رعاياهم في مناسبات تمجيد حكمهم الزاخر بالعدالة والديمقراطية والعيش الرغد! ', 105 => 'ابتسمت دون أن أدري وأنا أتمتم:', 106 => 'ــــ الحمد لله.. سنرتاح من قرفهم أخيرا! أعتقد أنهم لن يتحدثوا بعد اليوم! أما إن ركبوا هواهم كما العادة؛ فالشعوب هذه الأيام لا تتقن سوى التهكم والسخرية! سيكون الأمر قاسيا، بما أن الهراوات، والرشاشات، غير قادرة على إيقاف ذلك. ', 107 => ' لكنني لم ألبت أن أشفقت على الناس من جديد، فإذا كان احتمال أن يركن الملوك للسكوت مطروحا بقوة؛ فالسياسيون لا يطيقون ذلك. سرحت في التذكر بينما اعْتَمَلَتْ نفسي قصص تكاد تميت من الضحك:', 108 => 'ــــ كيف سيتكلمون في البرلمان يا ترى؟! وهم الذين يرتكبون جرائما في حق اللغة والتعبير عندما يتهجون ما كتب لهم، فبالأحرى أن تعلن الكلمات الإضراب، كان علي أن أستثني أحد الأحزاب، فسياسيوه يتقنون سرد النكت والطرائف، ولأن الناس يحبون ذلك فيهم، فهم يواصلون نسج نكتهم دون أن يهتموا لعَيِّنَة من المتهكمين الحاقدين، والذين يحسدون الناس حتى عندما يضحكون ويكونوا سعداء جراء خفة دم ممثليهم..', 109 => ' كان علي أن أبدي أكبر قدر من الحزم مع هذه الكلمات الثائرة، فكما تعلمون يجب الضرب بيد من حديد على يد كل الثائرين حتى لا ينتشر الداء، حتى وإن كانت لك القدرة على تحقيق مطالبهم، إياك أن تفعل ذلك! العواقب تكون دائما إنجاب ثائرين جدد.. ', 110 => 'كانت الكلمات تقف دون حركة وكأنها تنتظر ردة فعلي، حركت كتفي في لا مبالاة وكأني غير متأثر بما يحصل وقلت متوعدا:', 111 => 'ــــ أراكم قلة! ستدفعون ثمن إثارتكم للبلبلة! وسينالكم الإهمال! قلت ذلك وأنا أعلم أنهم جيوش لا تحصى، لكن لا ينبغي أن تشعر الثّوَّارَ بحجم قوتهم، بل عليك أن تبادر إلى تبخيسها كي تحشرهم في الزاوية وتدخلهم في متاهات لا تنتهي من الشك.', 112 => ' ساد بينهم هرج ومرج، واجتمعوا من جديد مشكلين حلقيات للنقاش، حتى استغربت كيف أن لكلماتي كل هذا التأثير؟ كان لتوعدي وقع إيقاظ الخوف والانتهازية في نفس عدد كبير من الكلمات المنساقة، والمستعدة للتراجع في أية لحظة. كنت على وعي تام بضرورة استهداف هذه الفئة بأية وسيلة كانت؛ ترغيبا أو ترهيبا..', 113 => 'عاد ممثلهم من جديد وخاطبني متحديا:', 114 => 'ــــ الجماهير الثائرة تنصحك ألا تهددها من جديد! الإضراب سيستمر وسنحشد له كل الكلمات المبدئية..', 115 => ' بدأت الفكرة تؤرقني أكثر فأكثر، دفعني هذا الأرق إلى التلصص من جديد لمعرفة مخططاتهم، صدقوني كانت أفكارهم شيطانية، النواسخ هي الأخرى تؤيد الإضراب، حروف الجر بزعامة "من" و"إلى" تنظمان للإضراب وتنوبان عن كل الحروف بمداخلة:', 116 => 'ـــــ لن نجر بعد اليوم، تعبنا من الجر! ', 117 => 'الأسماء الموصولة تشاطرهم الرأي وتدعم أيضا:', 118 => 'ـــــ نحتاج حشد المؤيدين والداعمين، لما لا ندعوا الأقلام الحرة المناضلة والأوراق الطاهرة، هي الأخرى متضررة من تفاهاتهم، ومن تلطيخ سمعتهما في وحل الركاكة والميوعة والخزعبلات!', 119 => 'أدركت عندها أن الخطر محذق، لأنهم انتقلوا من التهديد إلى التنظيم ثم التطبيق.', 120 => ' كنت أحاول تحقيق أكبر قدر من الاتزان، اتزان تسعى للتشبث به عندما تحس أنك في حلم تريد الخلاص منه بأية طريقة، لتكتشف أنك عبثا كنت تحاول، ثم تضطر لمواصلة عيش ذلك الكابوس المرعب.', 121 => ' كان علي أن أخلص نفسي، دفعت الأوراق التي بين يدي إلى جانب آخر من المكتب، سحبت قلما آخر، بسطت ورقة جديدة، كتبت باعتباطية مطلقة: ', 122 => 'ــــ الكلمات تعلنها ثورة! كانت الورقة بيضاء تماما كالحليب، تبتلع كل ما أخطه عليها، وجدتني أردد بلاَ شُعُورِ مصدومٍ: ', 123 => 'ــــ يا إلهي! إنها تختفي.. إنها تختفي تماما؟! ', 124 => ' قلبت الورقة، نفضتها، لا حرف سقط من تناياها، أدعك عَيْنَيَّ عسى أن تكون غشاوة، أفتحها من جديد، فإذا بالورقة اختفت هي الأخرى، أتأمل القلم هو يتسرب عدما من بين يدي.', 125 => ' أرمق في أفق ذلك الحلم المشوش، كل الملوك والوزراء والبرلمانيين يواصلون قراءة أوراقهم بتلكؤ، وآلاف الرجال والنساء يواصلون رسم الكلمات دون توقف، بينما عصتني كلماتي وأقلامي وأوراقي..! الحقيقة أن عددا ليس باليسير من الكلمات الانبطاحية كسرت معركة الكلمات المبدئية، ليتم الاستفراد بالأخيرة وتنال نصيبها من السحل والتنكيل.', 126 => ' في خضم هذا الأرق القاتل فتحت عيني، يبدو أنني غفوت في الوقت الذي كنت أكتب هذه القصة، تأملت الكلمات في جزع؛ كانت في مكانها كما رسمتها، لكنها حنت رأسها ذليلة خاضعة، باستثناء واحدة ــــ ثورة ــــ ظلت صامدة رافعة رأسها وهي تصيح بهستيرية: "أيتها الكلمات الذليلة هنيئا لك الاقتران بكل مكتوب رذيل بخس.', 127 => ' كان باب بيتي يهتز وكأنه سيقتلع من مكانه:', 128 => 'ــــ افتحِ البابَ قبلَ أنْ نَكْسِرَهُ! ', 129 => ' لم يكن أمامي غير الإسراع في تناول تلك الأوراق بعد أن قطعتها إربا إربا، شرعت أبتلعها دون مضغ كاف، فالباب لن يصمد أكثر، في الوقت نفسه أسرعت يدي تخط خطاب ولاء وتمجيد.', 130 => '', 131 => '27/06/2019 (12:19) ', 132 => '', 133 => ' ', 134 => '', 135 => '', 136 => '📌نبدة تعريفية عن الكاتب:', 137 => 'حسن كشاف:', 138 => '- قاص مغربي من مواليد مدينة الشماعية إقليم اليوسفية سنة 1991. مقيم حاليا في مدينة الدار البيضاء.', 139 => 'ـــ يشتغل مدرسا للغة العربية.', 140 => 'ـــ البريد الإلكتروني: kechafhassan2014@gmail.com', 141 => '', 142 => 'مساره الدراسي: ', 143 => '• 2015 - 2017 | كلية علوم التربية، الرباط العرفان.', 144 => '◇ شهادة الماستر في تدريسية اللغة العربية، بميزة حسن.', 145 => '• 2015 - 2016 | المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، الرباط العرفان.', 146 => '◇ شهادة التأهيل في مهن التدريس، تخصص اللغة العربية، بميزة حسن.', 147 => '• 2014 - 2015 | المدرسة العليا للأساتذة بتطوان.', 148 => '◇ الإجازة المهنية للتأهيل في مهن التدريس، تخصص تدريس اللغة العربية، بميزة حسن.', 149 => '• 2011 - 2014 | كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء.', 150 => '◇ شهادة الإجازة الأساسية في اللغة العربية تخصص لسانيات، بميزة مستحسن.', 151 => '• 2010 - 2011 | ثانويـة وادي الدهب التأهيلية.', 152 => '◇ شهادة الباكالوريا تخصص علوم إنسانية، بميزة مستحسن.', 153 => 'بعض أعماله:', 154 => ' الفردية: ', 155 => '- المجموعة القصصية الموسومة ب "غرفة المجانين" صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة، والفائزة بجائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019.', 156 => '- المجموعة القصصية الموسومة ب "دموع الفراولة" صادرة عن دار تسراس للنشر والتوزيع 2019.', 157 => ' الجماعية:', 158 => '- مجوعة قصصية مشتركة عن المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الموسومة ب «الكلام المباح » المغرب 2019.', 159 => '- مجوعة قصصية مشتركة عن دار لوتس للنشر الحر الموسومة ب «عندما ينطق الحرف» مصر 2019 .', 160 => '- مجوعة قصصية مشتركة موسومة ب "حكايات عبر الزمن" العدد2، منشورات دار تويتة للنشر والتوزيع مصر 2019.', 161 => '- مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 2 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2019.', 162 => '- مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 1 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2018.', 163 => '', 164 => ' الدراسات: ', 165 => '- كتاب تربوي بعنوان: "صعوبات تدريس العروض بالثانوي التأهيلي" منشورات شبكة الألوكة، 2017.', 166 => '- دراسة بعنوان "ضعف التعبير الكتابي عند متعلمي الثانوي الإعدادي الأسباب والنتائج ثم الحلول" منشورات شبكة الألوكة، 2016.', 167 => '- نشرت له العديد من القصص في جرائد ومجلات ورقية وطنية وعربية وفي منابر إعلامية إلكترونية. ', 168 => 'ــــ شارك في العديد من الملتقيات الثقافية الجهوية والوطنية حول السرد عموما والقصة على وجه التحديد. ', 169 => '', 170 => 'بعض اهتماماته:', 171 => '- فاعل جمعوي.', 172 => '- يعمل مدققا ومراجعا لغويا في مجموعة من دور النشر العربية (دار لوتس للنشر الحر، دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، دار خطوط للنشر والتوزيع، دار البرهان للنشر والتوزيع)', 173 => '- عضو فريق دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع.', 174 => '- عضو لجنة القراءة والتحكيم لبعض مسابقات جوائز القصة القصيرة محليا وعربيا .', 175 => '- عضو مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب.', 176 => '- مصمم إعلانات وأغلفة بعض دور النشر المصرية.', 177 => '- شارك في العديد من الملتقيات الثقافية المهتمة بالسرد عموما والقصة خصوصا.', 178 => '', 179 => 'جوائزه:', 180 => ' الجوائز:', 181 => '- جائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019، عن المجموعة القصصية "غرفة المجانين"، صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة.', 182 => '- جائزة الدار البيضاء للشباب المبدع في القصة القصيرة 2019. ', 183 => '', 184 => ' المسابقات:', 185 => 'ـــــ فائز بمسابقة قصص وحكايات للقصة القصيرة عن دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، (العدد الأول (2018) والثاني (2019).', 186 => 'ـــــ فائز بمسابقة دار لوتس للقصة القصيرة 2019.', 187 => 'ـــــ فائز بمسابقة دار تويتة للقصة القصيرة 2019.', 188 => 'ـــــ فائز بمسابقة المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث، دورة "محمد شكري2019.' ]
السطور المزالة في التعديل (removed_lines)
[ 0 => '{{صمخ}}' ]
نص الصفحة الجديد، مجردا من أية تهيئة (new_text)
'👨‍🎓حسن كشاف ✒قاص من المغرب 📖 بعض قصصه. 📌 قصة "السور" من مجموعة "دموع الفراولة" الصادرة عن دار تسراس سنة 2019. بينما كان عبد الرحيم يهم بتناول وجبة الغداء رفقة زوجته وابنيه، رن هاتفه المحمول، فأسرعت ابنته إلى إحضاره، الرقم غير معروف، حسنا سأجيب، لا تعلم من قد يكون على الخط !! ــــ السلام عليكم، سي عبد الرحيم، كيف حالك ؟ اعذرنا على الإزعاج.. ــــ لا بأس.. لا حاجة للاعتذار، من المتصل؟! ــــ موظف بالجماعة!! ــــ كيف أخدمكم سيدي.. ؟! ــــ بما أنكم عون سلطة متقاعد، فإنكم ستتفهمون الأمر لاشك .. ــــ ماذا..! ماذا تقصد؟! ــــ أقصد السور.. ــــ عن أي سور تتحدث !! ــــ السور الذي يحيط بقطعة أرض لكم بمنطقة أدوز ببني ملال، لا أظنك نسيت ذلك ؟ نخبركم أن السلطات المحلية ستهدمه هذا الأسبوع لتوسعة الطريق، ونعلم أنك شيدته بدون رخصة هيء..هيء، لكننا لن نحاسبك على ذلك اليوم، فأنت خدمت الدولة كثيرا، وقد غفرنا لك ذلك.. ها ها ها.. أحس بالامتعاض، بعد توصله إلى أنهم يعرفون عنه كل شيء، فتذكر طبيعة عمله، وكيف كان يلم بأدق التفاصيل، حول الأشخاص الذين يشرف على منطقتهم. انتبه إلى أن الموظف لا يزال على الخط، فانتفض: ـــ اعذرني سيدي.. لا أجد ما أقوله .. شكرا للإخبار.. ــــ سأتصل بك قريبا، لأخبرك عن وقت الهدم إن أردت أن تكون متواجدا بعين المكان، نعلم أنك تستقر الآن بالرباط .. زوجته تسأله عن المتصل، لكنه كان كالمغشي عليه من وقع الصدمة: لا .. لا يمكنهم أن يهدموه، إلا هذا السور، يا الله أبعد عنا هذا البلاء، لقد سبق وأعلنت لك توبتي !! ألن تغفر لي!؟ أرجوك لا تفضحني .. ــــ عبد الرحيم .. ماذا يجري ؟؟ ينتبه أخيرا أن زوجته تستفسر منذ لحظات: فيقطب حاجبيه ويزمجر: "أحمق من موظفي الجماعة، يريدون هدم السور لتوسيع الطريق.." ــــ ولماذا أنت منفعل إلى هذا الحد ؟؟ ــــ هذا الأبله.. ويقهقه وأنا أحترق بنار الحسرة .. كيف يضحك وسوري سيهدم !! ــــ فليهدموه، لا شك أنهم سيعيدون تشييده .. ــــ هدم الله صحتك أيتها الحمقاء .. أغربي عني .. وإلا شوهت وجهك القبيح.. !! دست زوجته رأسها بين كتفيها.. ولكنه صرخ من جديد: ــــ أحضروا مسودة الأرقام أيها المناحيس .. أمسك المسودة، ويداه ترتعدان، بينما تمتمت شفتاه بكلمات: ــــ الكبير رئيس الجماعة .. الكبير رئيس الجماعة .. أين أنت أيها الثعلب؟ كيف تبعتك في رأيك المشؤوم، حتى حرمت لذة النوم طيلة أربع عشرة سنة، لا شيء غير الكوابيس تلو الكوابيس تقض مضجعي. ها هو رقمك الملعون، لنر كيف ستخرجنا من هذه الكارثة التي أوقعتنا فيها ؟ توجه إلى غرفة النوم، وأوصد الباب بإحكام، ثم أجرى الاتصال: ــــ أجب أرجوك .. أكاد أفقد عقلي .. آلووو.. ألووو.. السلام عليكم ! ـــ وعليكم السلام.. ـــ سيدي الرئيس، كيف حالك ؟ الحمد لله أنك ما تزال محتفظا بنفس الرقم، اشتقنا لوجهكم الكريم .. ـــ من معي !؟ لم أعرفك لحد الساعة !! ـــ العون عبد الرحيم .. هيء .. هيء ـــ لا أعتقد أني أعرف أحدا بهذا الاسم، للأسف ذاكرتي تخونني مؤخرا .. ـــ لا .. أرجوك .. عليك أن تتذكرني.. !! حسنا سأساعدك؛ كنت تلقبني بيدك اليمنى، لا يمكن أن تنسى من خدمك لعشر سنوات، بتفان وإخلاص وتضحية .. ـــ يبدو أنك أخطأت العنوان !! هل تحاول أن تتسلى برجل عجوز مقعد ؟ أجب أيها النتن .. ـــ حاشا لله سيدي الرئيس، أنا يدك اليمنى .. حسنا هل تذكر قطعة الأرض التي وهبتني ؟ لاشك أنك تتذكر السور !! آه يا سيدي سيهدمونه، أجل أعلموني بذلك منذ قليل .. ـــ يسعل بقوة: "وما دخلي بسورك!! فليهدموه فوق جمجمتك العنيدة إذن.." ـــ ولكنهم قد يكتشفون الجثة يا سيدي ـــ أي جثة، لا وفقك الله!! ـــ جثة المترشح "السعدي" ؟! ـــ أعتقد أنك مجنون أو ما شابه، أو أنك تتعمد الإجهاز على أيامي الأخيرة قبل أوانها، اسمع جيدا.. إذا عاودت الاتصال بهذا الرقم مجددا أيها المتطفل، سآمرهم باقتلاع رأسك من مكانه.. ــــ سيدي .. سيدي .. لا تغلق الخط أرجوك .. لقد جاءت نهايتك يا عبد الرحيم، إنك تجني اليوم نتائج طيشك، كيف تقتل رجلا لا شأن لك به كي تحصل على بقعة أرضية، من سيحميك اليوم من برودة السجن !؟ سيكتب الجميع عن عون سلطة قتل مترشحا في الانتخابات، ثم دفنه وشيد فوقه سورا لأرضه ببرودة أعصاب.. أمسك برأسه وبدأ النواح كالثكلى، كان يتوقف ثم يغرق في ضحك هستيري .. ثم يعود للنواح، زوجته تطرق الباب، وتترجاه ليفتح، لكنه كان يواصل دون توقف. فتح الباب أخيرا، وقد رسم بأدوات تجميل زوجته لحية وشاربا مشوها، كانت زوجته وابناه قد تسمروا أمام الباب دون حراك، وكأنهم صعقوا: ــــ أبي .. أبي .. ما الذي تفعله بنفسك ؟ ــــ اسكتي أيتها البلهاء، حاذري أن يسمعك أحد، أنا لست أباك، ألا ترين أني متنكر؟! ولن يعرفني أحد، أو يقبض علي .. ابتعدوا عن طريقي سأخرج لأجرب، لن يعرفني أحد.. ها ها ها.. ما رأيك يا زوجتي هل أضيف بعضا من أحمر الشفاه، أظنه كافيا.. ها ها ها .. لم تجب زوجته، انسابت دموعها، حاولت معانقته، إلا أنه أبعدها واندفع نحو الباب مرددا: ــــ لن يعرفوني .. لن يعرفوني .. رن هاتفه، فأسرعت زوجته واستقبلت المكالمة: ــــ من المتصل ؟ ــــ أريد عبد الرحيم .. ــــ عبد الرحيم، آ..آ.. موجود.. !لا.. !ليس الآن !! إنه متعب قليلا، يمر بوعكة صحية، لا يستطيع التواصل معك حاليا، من أنت لأخبره بذلك لاحقا !! ــــ أنا جاره بالبادية، كنت قد مازحته منذ قليل حول هدم سوره، كانت دعابة هيء ..هيء، واتصلت به الآن لأخبره أن الحيلة انطلت عليه هي..هي.. ــــ ألست موظفا بالجماعة!! ــــ أنا !! هيء..هيء ليتني كنت موظفا، بل جاره "التهامي" ها ها .. ــــ أيها الكلب لتذهب إلى الجحيم، أنت ومزاحك اللعين.. أغلقت الهاتف، وأمرت ابنتها كي تحضر الجلباب، واتجهت مهرولة نحو باب البيت.. 30/11/2018 (22:32) 📌 قصة "البناية الشيطان" من مجموعة "غرفة المجانين" عن جامعة المبدعين المغاربة وجمعية ملتقي الفن (الفائزة بجائزة زعرة زيراوي 2019). منذ أن فتحت عيني في هذا الحي القريب من الغابة، وأنا أشهد تلك الصراعات التي تكاد لا تنتهي، صراعات تبدأ بالتفاهة وتنتهي بالمصائب.. ما كان يزيد دهشتي هي تلك المقارنة التي لا يتوانى جدي في عقدها سارحا بخياله في نوستالجيا بائسة: ــــ كأن الناس أصابهم الصعار يا بني! أراهم كرسوا حياتهم لنهش بعضهم البعض، لم نكن هكذا أبد..؟ وكأن لعنة ما أصابت الناس! وكما تعلمون أهل حينا ليست لهم مشاغل كثيرة يفعلونها؛ لهذا تجدهم يشغلون أنفسهم بتعميم ما يقع في الحي قبل متم اليوم، حتى أن أحدهم يشرع في سرد تلك القصص دون مبرر لذلك ولا سياق، وقد زادت حدة ذلك هذه الأيام، حتى تُجُوِّزَتِ النقاشات إلى مراهنات ما تنفك أن تتحول إلى صراعات وخصومات، والسبب بناية جديدة عملاقة، شرعت السلطات في تشييدها.. كانت أحلام سكان حينا تكبر كلما كبرت هذه البناية وشقت طريقها إلى عنان السماء، هذا يريدها ثانوية، والأخر يتجاوزه إلى الجامعة، آخرون يرجحون رأيهم بكونها مستشفى عملاقا، مستندين في ذلك إلى وعود السادة البرلمانيين.. ولأن أصحاب الافتراض من كبار السن والعجزة؛ فقد كانت غالبية الساكنة تنحو منحاهم، باستثناء أمي كانت تريدها شركة، أو حتى معملا يجعلني أستقيل من شغل وظيفة مراقبة العبارين والعابرات عند نهاية الزقاق، لكنني تمنيتها كالعجزة، مستشفى أعالج فيه أمي من أمراض كثيرة فرضها التقدم في السن وساعد في تأجيجها مطرح نفايات المدينة المجاور للحي. ولأننا مشوشين وننفعل بسرعة، كانت جل هذه النقاشات تتحول إلى معارك.. فكان إشعال فتيل النار والخصومة بين اثنين أيسر من شرب كأس ماء عذب، مهمة اضطلع بها "احْمد العْوَرْ" شكل كوخه البلاستيكي محج جل شباب الحي؛ ولأن البناية موضوع الساعة فلا محيد عن الخوض فيه. قال أوسطهم وقد لقبوه ب"الرِّيَّالِي" لأنه يحب الفريق أكثر من أسرته: ـــــ آه.. لو كانت ملعبا..! أو حتى قاعة رياضية مغطاة! لخرج من هذا الحي أبطال في كل الرياضات! يرد آخر من خلفه متهكما: ـــــ وماذا نفعل بالقاعة يا ذكي..؟! نأكل أطرافها الإسمنتية!! ستكون معملا.. لاشك في هذا.. ونظر إليهم واسترسل واثقا: فلتؤمنوا بنبوءتي يا جماعة! ــــ هيء.. هيء.. سيدشنون "برنابيو" جديدا بدُوَّارِنَا، لا بل المعمل الدولي للزعفران ها..ها..ها.. كان هذا "احْمَدْ الأعْوَرْ" متهكما.. ثم وجدا نفسيهما أمام الدركي قد صفدت أيديهما بالأغلال، ودمائهما تسيل وكأن جيش ضباع جائع قد عبث بهما. ولأن الدركي شديد الانفعال هو الآخر، فقد طفق يزمجر ويكيل لهم وابلا من السباب: ـــــ ألن نشتغل إلا بخصوماتهم التافهة أيها الحمقى! أحدهم يتململ في مكانه محاولا الرد لكنه ردعه: ـــــ أنت! قف مكانك وأغلق فمك النتن.. أما أنت أيها الديك المكسيكي؛ حاذر أن أرى وجهك اللعين هنا مجدد! ترجل من مكتبه نحوهما مزيلا أصفادهما، وهامسا في أذنيهما بصوت خافت: ــــ لا تتقاتلا مرة أخرى على شيء سيكون سبب شقائكما هيء..هيء.. وأشار بيده نحو الباب، قبل أن يركل مؤخرة أحدها بينما تفاداها الثاني برشاقة، متوعدا إياهما في حالة العود.. انتهت الأشغال أخيرا، لكن الاحتمالات ما تزال مستمرة بين ساكنة الحي، في الوقت الذي شرع أعوان السلطة في الترويج لافتتاح البناية، طلبوا من الجميع الحضور، لا أريد التصريح بأنهم تجاوزا الترغيب إلى الترهيب، لأنكم تعرفون عواقب ذلك.. تجمهر سكان الحي بمختلف أطيافهم، تقدم أحد أصحاب ربطات العنق ليلقي كلمة الافتتاح.. ووقف الجميع مندهشين: ــــ أليس هذا هو السيد بن كي..؟! أليس نفس الرجل الذي انتخبناه!! ــــ بل هو بشحمه ولحمه.. غير أن لحيته ابيضت.. وبطنه انتفخت.. صاح أحدهم من الخلف.. ــــ إنه هو.. رغم هذا التغيير الذي لحقه، فأنا أستطيع تمييزه من بين ألف رجل! رجل يجلس في المقدمة يصفق بحرارة، يلتفت نحونا، يدعونا لكي نحذو حذوه، كان إمام حينا.. في تلك اللحظات خاطبنا الرجل المهم الذي لم أتعرف على هويته لحدود الساعة بكلمات كبيرة، بدلت جهدا كبيرا للربط بينها، غير أنني لم أفلح، قبل أن يتقدم نحو ستارة كبيرة غطت الجزء الأوسط للبناية من الأعلى إلى الأسفل، يبذل جهدا لجرها، تتهاوى أخيرا، وينكشف باب حديدي عملاق.. أعلاه كتب عنوان كبير براق تهجيت حروفه "السج..ن المد..ني الم..حلي" ساد الهرج والمرج.. شاب بجانبي يتلفظ بعبارات كثيرة، لا يصح كتابتها هنا، وجهها إلى الرجل المهم.. في الوقت الذي صاح "بوعزة" المجنون من الخلف؛ وقد رمى نعله في اتجاه المنصة: ــــ "تجار الدين..! لصوص..! خنازير.! خنا..." هراوة أحد رجال الأمن تحول دونه والشتيمة الأخيرة. تصفيقات تأتي من الصفوف الأولى، وينطلق التدشين بالتصفيق الحار.. 10/04/2019 (00:37) 📌 قصة "ثورة" من مجموعة عندما ينطق الحرف (مجموعة مؤلفين) عن دار لوتس للنشر الحر. كنت أبدل قصارى جهدي لأتأكد من طبيعة الوضع الذي أُوجَدُ فيه: ــــ هل أنا في حلم أم أنها الحقيقة؟! كانت الكلمات تُوَشْوِشُ لبعضها البعض بعد أن تجمعت فوق الصفحة البيضاء، مُشَكِّلَةً بذلك حلقات دائرية هنا وهناك، قادني الاستغراب إلى تقليب الصفحات تباعا، كانت الأسطر قد اختفت هي الأخرى، لا شيء غير حلقيات لا تنتهي. بعد أن عجزت عن تسويغ ما يجري، تخليت عن كبريائي وقررت التجسس، فما يحصل الآن يدخل في النفوس الريبة. كانت هناك كلمة تقف وسط تلك الحلقية، تحرض البقية على الصمود، قبل أن تعلن القرار المتوصل إليه: ــــ أيتها الكلمات المناضلة المبدئية.. وِفْقًا لمخرجات هذه الحلقية التقريرية، فقد خلصنا إلى ما يلي: سنضرب.. ونعلنها ثورة الكَلِمَة! علمت عندها سبب اختفاء الكلمات من على الورق، بقيت مشدوها من وقع الصدمة: ــــ يا إلهي ماذا يعني أن تثور الكلمات!؟ لا كتابة بعد اليوم..! فكرت في كتبي، في مقالاتي، وفي نصوصيَ القصصية، لكن مصيرهم هان علي عندما فكرت في مصائب غيري، ورحت أطرح عبثا عشرات الأسئلة دون أن أجد لها أية إجابات أو حلول: ــــ ماذا سيفعل الوزراء والملوك الذين تُحَضَّرُ خطبهم قبل أن يلقوها على مسامع رعاياهم في مناسبات تمجيد حكمهم الزاخر بالعدالة والديمقراطية والعيش الرغد! ابتسمت دون أن أدري وأنا أتمتم: ــــ الحمد لله.. سنرتاح من قرفهم أخيرا! أعتقد أنهم لن يتحدثوا بعد اليوم! أما إن ركبوا هواهم كما العادة؛ فالشعوب هذه الأيام لا تتقن سوى التهكم والسخرية! سيكون الأمر قاسيا، بما أن الهراوات، والرشاشات، غير قادرة على إيقاف ذلك. لكنني لم ألبت أن أشفقت على الناس من جديد، فإذا كان احتمال أن يركن الملوك للسكوت مطروحا بقوة؛ فالسياسيون لا يطيقون ذلك. سرحت في التذكر بينما اعْتَمَلَتْ نفسي قصص تكاد تميت من الضحك: ــــ كيف سيتكلمون في البرلمان يا ترى؟! وهم الذين يرتكبون جرائما في حق اللغة والتعبير عندما يتهجون ما كتب لهم، فبالأحرى أن تعلن الكلمات الإضراب، كان علي أن أستثني أحد الأحزاب، فسياسيوه يتقنون سرد النكت والطرائف، ولأن الناس يحبون ذلك فيهم، فهم يواصلون نسج نكتهم دون أن يهتموا لعَيِّنَة من المتهكمين الحاقدين، والذين يحسدون الناس حتى عندما يضحكون ويكونوا سعداء جراء خفة دم ممثليهم.. كان علي أن أبدي أكبر قدر من الحزم مع هذه الكلمات الثائرة، فكما تعلمون يجب الضرب بيد من حديد على يد كل الثائرين حتى لا ينتشر الداء، حتى وإن كانت لك القدرة على تحقيق مطالبهم، إياك أن تفعل ذلك! العواقب تكون دائما إنجاب ثائرين جدد.. كانت الكلمات تقف دون حركة وكأنها تنتظر ردة فعلي، حركت كتفي في لا مبالاة وكأني غير متأثر بما يحصل وقلت متوعدا: ــــ أراكم قلة! ستدفعون ثمن إثارتكم للبلبلة! وسينالكم الإهمال! قلت ذلك وأنا أعلم أنهم جيوش لا تحصى، لكن لا ينبغي أن تشعر الثّوَّارَ بحجم قوتهم، بل عليك أن تبادر إلى تبخيسها كي تحشرهم في الزاوية وتدخلهم في متاهات لا تنتهي من الشك. ساد بينهم هرج ومرج، واجتمعوا من جديد مشكلين حلقيات للنقاش، حتى استغربت كيف أن لكلماتي كل هذا التأثير؟ كان لتوعدي وقع إيقاظ الخوف والانتهازية في نفس عدد كبير من الكلمات المنساقة، والمستعدة للتراجع في أية لحظة. كنت على وعي تام بضرورة استهداف هذه الفئة بأية وسيلة كانت؛ ترغيبا أو ترهيبا.. عاد ممثلهم من جديد وخاطبني متحديا: ــــ الجماهير الثائرة تنصحك ألا تهددها من جديد! الإضراب سيستمر وسنحشد له كل الكلمات المبدئية.. بدأت الفكرة تؤرقني أكثر فأكثر، دفعني هذا الأرق إلى التلصص من جديد لمعرفة مخططاتهم، صدقوني كانت أفكارهم شيطانية، النواسخ هي الأخرى تؤيد الإضراب، حروف الجر بزعامة "من" و"إلى" تنظمان للإضراب وتنوبان عن كل الحروف بمداخلة: ـــــ لن نجر بعد اليوم، تعبنا من الجر! الأسماء الموصولة تشاطرهم الرأي وتدعم أيضا: ـــــ نحتاج حشد المؤيدين والداعمين، لما لا ندعوا الأقلام الحرة المناضلة والأوراق الطاهرة، هي الأخرى متضررة من تفاهاتهم، ومن تلطيخ سمعتهما في وحل الركاكة والميوعة والخزعبلات! أدركت عندها أن الخطر محذق، لأنهم انتقلوا من التهديد إلى التنظيم ثم التطبيق. كنت أحاول تحقيق أكبر قدر من الاتزان، اتزان تسعى للتشبث به عندما تحس أنك في حلم تريد الخلاص منه بأية طريقة، لتكتشف أنك عبثا كنت تحاول، ثم تضطر لمواصلة عيش ذلك الكابوس المرعب. كان علي أن أخلص نفسي، دفعت الأوراق التي بين يدي إلى جانب آخر من المكتب، سحبت قلما آخر، بسطت ورقة جديدة، كتبت باعتباطية مطلقة: ــــ الكلمات تعلنها ثورة! كانت الورقة بيضاء تماما كالحليب، تبتلع كل ما أخطه عليها، وجدتني أردد بلاَ شُعُورِ مصدومٍ: ــــ يا إلهي! إنها تختفي.. إنها تختفي تماما؟! قلبت الورقة، نفضتها، لا حرف سقط من تناياها، أدعك عَيْنَيَّ عسى أن تكون غشاوة، أفتحها من جديد، فإذا بالورقة اختفت هي الأخرى، أتأمل القلم هو يتسرب عدما من بين يدي. أرمق في أفق ذلك الحلم المشوش، كل الملوك والوزراء والبرلمانيين يواصلون قراءة أوراقهم بتلكؤ، وآلاف الرجال والنساء يواصلون رسم الكلمات دون توقف، بينما عصتني كلماتي وأقلامي وأوراقي..! الحقيقة أن عددا ليس باليسير من الكلمات الانبطاحية كسرت معركة الكلمات المبدئية، ليتم الاستفراد بالأخيرة وتنال نصيبها من السحل والتنكيل. في خضم هذا الأرق القاتل فتحت عيني، يبدو أنني غفوت في الوقت الذي كنت أكتب هذه القصة، تأملت الكلمات في جزع؛ كانت في مكانها كما رسمتها، لكنها حنت رأسها ذليلة خاضعة، باستثناء واحدة ــــ ثورة ــــ ظلت صامدة رافعة رأسها وهي تصيح بهستيرية: "أيتها الكلمات الذليلة هنيئا لك الاقتران بكل مكتوب رذيل بخس. كان باب بيتي يهتز وكأنه سيقتلع من مكانه: ــــ افتحِ البابَ قبلَ أنْ نَكْسِرَهُ! لم يكن أمامي غير الإسراع في تناول تلك الأوراق بعد أن قطعتها إربا إربا، شرعت أبتلعها دون مضغ كاف، فالباب لن يصمد أكثر، في الوقت نفسه أسرعت يدي تخط خطاب ولاء وتمجيد. 27/06/2019 (12:19) 📌نبدة تعريفية عن الكاتب: حسن كشاف: - قاص مغربي من مواليد مدينة الشماعية إقليم اليوسفية سنة 1991. مقيم حاليا في مدينة الدار البيضاء. ـــ يشتغل مدرسا للغة العربية. ـــ البريد الإلكتروني: kechafhassan2014@gmail.com مساره الدراسي: • 2015 - 2017 | كلية علوم التربية، الرباط العرفان. ◇ شهادة الماستر في تدريسية اللغة العربية، بميزة حسن. • 2015 - 2016 | المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، الرباط العرفان. ◇ شهادة التأهيل في مهن التدريس، تخصص اللغة العربية، بميزة حسن. • 2014 - 2015 | المدرسة العليا للأساتذة بتطوان. ◇ الإجازة المهنية للتأهيل في مهن التدريس، تخصص تدريس اللغة العربية، بميزة حسن. • 2011 - 2014 | كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء. ◇ شهادة الإجازة الأساسية في اللغة العربية تخصص لسانيات، بميزة مستحسن. • 2010 - 2011 | ثانويـة وادي الدهب التأهيلية. ◇ شهادة الباكالوريا تخصص علوم إنسانية، بميزة مستحسن. بعض أعماله:  الفردية: - المجموعة القصصية الموسومة ب "غرفة المجانين" صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة، والفائزة بجائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019. - المجموعة القصصية الموسومة ب "دموع الفراولة" صادرة عن دار تسراس للنشر والتوزيع 2019.  الجماعية: - مجوعة قصصية مشتركة عن المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الموسومة ب «الكلام المباح » المغرب 2019. - مجوعة قصصية مشتركة عن دار لوتس للنشر الحر الموسومة ب «عندما ينطق الحرف» مصر 2019 . - مجوعة قصصية مشتركة موسومة ب "حكايات عبر الزمن" العدد2، منشورات دار تويتة للنشر والتوزيع مصر 2019. - مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 2 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2019. - مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 1 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2018.  الدراسات: - كتاب تربوي بعنوان: "صعوبات تدريس العروض بالثانوي التأهيلي" منشورات شبكة الألوكة، 2017. - دراسة بعنوان "ضعف التعبير الكتابي عند متعلمي الثانوي الإعدادي الأسباب والنتائج ثم الحلول" منشورات شبكة الألوكة، 2016. - نشرت له العديد من القصص في جرائد ومجلات ورقية وطنية وعربية وفي منابر إعلامية إلكترونية. ــــ شارك في العديد من الملتقيات الثقافية الجهوية والوطنية حول السرد عموما والقصة على وجه التحديد. بعض اهتماماته: - فاعل جمعوي. - يعمل مدققا ومراجعا لغويا في مجموعة من دور النشر العربية (دار لوتس للنشر الحر، دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، دار خطوط للنشر والتوزيع، دار البرهان للنشر والتوزيع) - عضو فريق دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع. - عضو لجنة القراءة والتحكيم لبعض مسابقات جوائز القصة القصيرة محليا وعربيا . - عضو مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب. - مصمم إعلانات وأغلفة بعض دور النشر المصرية. - شارك في العديد من الملتقيات الثقافية المهتمة بالسرد عموما والقصة خصوصا. جوائزه:  الجوائز: - جائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019، عن المجموعة القصصية "غرفة المجانين"، صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة. - جائزة الدار البيضاء للشباب المبدع في القصة القصيرة 2019.  المسابقات: ـــــ فائز بمسابقة قصص وحكايات للقصة القصيرة عن دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، (العدد الأول (2018) والثاني (2019). ـــــ فائز بمسابقة دار لوتس للقصة القصيرة 2019. ـــــ فائز بمسابقة دار تويتة للقصة القصيرة 2019. ـــــ فائز بمسابقة المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث، دورة "محمد شكري2019.'
مصدر HTML المعروض للمراجعة الجديدة (new_html)
'<div class="mw-parser-output"><p>👨‍🎓حسن كشاف ✒قاص من المغرب 📖 بعض قصصه. </p><p>📌 قصة "السور" من مجموعة "دموع الفراولة" الصادرة عن دار تسراس سنة 2019. </p> <pre> بينما كان عبد الرحيم يهم بتناول وجبة الغداء رفقة زوجته وابنيه، رن هاتفه المحمول، فأسرعت ابنته إلى إحضاره، الرقم غير معروف، حسنا سأجيب، لا تعلم من قد يكون على الخط !! </pre> <p>ــــ السلام عليكم، سي عبد الرحيم، كيف حالك ؟ اعذرنا على الإزعاج.. ــــ لا بأس.. لا حاجة للاعتذار، من المتصل؟! ــــ موظف بالجماعة!! ــــ كيف أخدمكم سيدي.. ؟! ــــ بما أنكم عون سلطة متقاعد، فإنكم ستتفهمون الأمر لاشك .. ــــ ماذا..! ماذا تقصد؟! ــــ أقصد السور.. ــــ عن أي سور تتحدث&#160;!! ــــ السور الذي يحيط بقطعة أرض لكم بمنطقة أدوز ببني ملال، لا أظنك نسيت ذلك ؟ نخبركم أن السلطات المحلية ستهدمه هذا الأسبوع لتوسعة الطريق، ونعلم أنك شيدته بدون رخصة هيء..هيء، لكننا لن نحاسبك على ذلك اليوم، فأنت خدمت الدولة كثيرا، وقد غفرنا لك ذلك.. ها ها ها.. </p> <pre> أحس بالامتعاض، بعد توصله إلى أنهم يعرفون عنه كل شيء، فتذكر طبيعة عمله، وكيف كان يلم بأدق التفاصيل، حول الأشخاص الذين يشرف على منطقتهم. انتبه إلى أن الموظف لا يزال على الخط، فانتفض: </pre> <p>ـــ اعذرني سيدي.. لا أجد ما أقوله .. شكرا للإخبار.. ــــ سأتصل بك قريبا، لأخبرك عن وقت الهدم إن أردت أن تكون متواجدا بعين المكان، نعلم أنك تستقر الآن بالرباط .. </p> <pre> زوجته تسأله عن المتصل، لكنه كان كالمغشي عليه من وقع الصدمة: لا .. لا يمكنهم أن يهدموه، إلا هذا السور، يا الله أبعد عنا هذا البلاء، لقد سبق وأعلنت لك توبتي&#160;!! ألن تغفر لي!؟ أرجوك لا تفضحني .. </pre> <p>ــــ عبد الرحيم .. ماذا يجري ؟؟ ينتبه أخيرا أن زوجته تستفسر منذ لحظات: فيقطب حاجبيه ويزمجر: "أحمق من موظفي الجماعة، يريدون هدم السور لتوسيع الطريق.." ــــ ولماذا أنت منفعل إلى هذا الحد ؟؟ ــــ هذا الأبله.. ويقهقه وأنا أحترق بنار الحسرة .. كيف يضحك وسوري سيهدم&#160;!! ــــ فليهدموه، لا شك أنهم سيعيدون تشييده .. ــــ هدم الله صحتك أيتها الحمقاء .. أغربي عني .. وإلا شوهت وجهك القبيح..&#160;!! دست زوجته رأسها بين كتفيها.. ولكنه صرخ من جديد: ــــ أحضروا مسودة الأرقام أيها المناحيس .. أمسك المسودة، ويداه ترتعدان، بينما تمتمت شفتاه بكلمات: ــــ الكبير رئيس الجماعة .. الكبير رئيس الجماعة .. أين أنت أيها الثعلب؟ كيف تبعتك في رأيك المشؤوم، حتى حرمت لذة النوم طيلة أربع عشرة سنة، لا شيء غير الكوابيس تلو الكوابيس تقض مضجعي. ها هو رقمك الملعون، لنر كيف ستخرجنا من هذه الكارثة التي أوقعتنا فيها ؟ توجه إلى غرفة النوم، وأوصد الباب بإحكام، ثم أجرى الاتصال: ــــ أجب أرجوك .. أكاد أفقد عقلي .. آلووو.. ألووو.. السلام عليكم&#160;! ـــ وعليكم السلام.. ـــ سيدي الرئيس، كيف حالك ؟ الحمد لله أنك ما تزال محتفظا بنفس الرقم، اشتقنا لوجهكم الكريم .. ـــ من معي&#160;!؟ لم أعرفك لحد الساعة&#160;!! ـــ العون عبد الرحيم .. هيء .. هيء ـــ لا أعتقد أني أعرف أحدا بهذا الاسم، للأسف ذاكرتي تخونني مؤخرا .. ـــ لا .. أرجوك .. عليك أن تتذكرني..&#160;!! حسنا سأساعدك؛ كنت تلقبني بيدك اليمنى، لا يمكن أن تنسى من خدمك لعشر سنوات، بتفان وإخلاص وتضحية .. ـــ يبدو أنك أخطأت العنوان&#160;!! هل تحاول أن تتسلى برجل عجوز مقعد ؟ أجب أيها النتن .. ـــ حاشا لله سيدي الرئيس، أنا يدك اليمنى .. حسنا هل تذكر قطعة الأرض التي وهبتني ؟ لاشك أنك تتذكر السور&#160;!! آه يا سيدي سيهدمونه، أجل أعلموني بذلك منذ قليل .. ـــ يسعل بقوة: "وما دخلي بسورك!! فليهدموه فوق جمجمتك العنيدة إذن.." ـــ ولكنهم قد يكتشفون الجثة يا سيدي ـــ أي جثة، لا وفقك الله!! ـــ جثة المترشح "السعدي" ؟! ـــ أعتقد أنك مجنون أو ما شابه، أو أنك تتعمد الإجهاز على أيامي الأخيرة قبل أوانها، اسمع جيدا.. إذا عاودت الاتصال بهذا الرقم مجددا أيها المتطفل، سآمرهم باقتلاع رأسك من مكانه.. ــــ سيدي .. سيدي .. لا تغلق الخط أرجوك .. </p> <pre> لقد جاءت نهايتك يا عبد الرحيم، إنك تجني اليوم نتائج طيشك، كيف تقتل رجلا لا شأن لك به كي تحصل على بقعة أرضية، من سيحميك اليوم من برودة السجن&#160;!؟ سيكتب الجميع عن عون سلطة قتل مترشحا في الانتخابات، ثم دفنه وشيد فوقه سورا لأرضه ببرودة أعصاب.. أمسك برأسه وبدأ النواح كالثكلى، كان يتوقف ثم يغرق في ضحك هستيري .. ثم يعود للنواح، زوجته تطرق الباب، وتترجاه ليفتح، لكنه كان يواصل دون توقف. فتح الباب أخيرا، وقد رسم بأدوات تجميل زوجته لحية وشاربا مشوها، كانت زوجته وابناه قد تسمروا أمام الباب دون حراك، وكأنهم صعقوا: </pre> <p>ــــ أبي .. أبي .. ما الذي تفعله بنفسك ؟ ــــ اسكتي أيتها البلهاء، حاذري أن يسمعك أحد، أنا لست أباك، ألا ترين أني متنكر؟! ولن يعرفني أحد، أو يقبض علي .. ابتعدوا عن طريقي سأخرج لأجرب، لن يعرفني أحد.. ها ها ها.. ما رأيك يا زوجتي هل أضيف بعضا من أحمر الشفاه، أظنه كافيا.. ها ها ها .. لم تجب زوجته، انسابت دموعها، حاولت معانقته، إلا أنه أبعدها واندفع نحو الباب مرددا: ــــ لن يعرفوني .. لن يعرفوني .. رن هاتفه، فأسرعت زوجته واستقبلت المكالمة: ــــ من المتصل ؟ ــــ أريد عبد الرحيم .. ــــ عبد الرحيم، آ..آ.. موجود.. !لا.. !ليس الآن&#160;!! إنه متعب قليلا، يمر بوعكة صحية، لا يستطيع التواصل معك حاليا، من أنت لأخبره بذلك لاحقا&#160;!! ــــ أنا جاره بالبادية، كنت قد مازحته منذ قليل حول هدم سوره، كانت دعابة هيء ..هيء، واتصلت به الآن لأخبره أن الحيلة انطلت عليه هي..هي.. ــــ ألست موظفا بالجماعة!! ــــ أنا !! هيء..هيء ليتني كنت موظفا، بل جاره "التهامي" ها ها .. ــــ أيها الكلب لتذهب إلى الجحيم، أنت ومزاحك اللعين.. </p> <pre> أغلقت الهاتف، وأمرت ابنتها كي تحضر الجلباب، واتجهت مهرولة نحو باب البيت.. 30/11/2018 (22:32) </pre> <p>📌 قصة "البناية الشيطان" من مجموعة "غرفة المجانين" عن جامعة المبدعين المغاربة وجمعية ملتقي الفن (الفائزة بجائزة زعرة زيراوي 2019). </p> <pre> منذ أن فتحت عيني في هذا الحي القريب من الغابة، وأنا أشهد تلك الصراعات التي تكاد لا تنتهي، صراعات تبدأ بالتفاهة وتنتهي بالمصائب.. ما كان يزيد دهشتي هي تلك المقارنة التي لا يتوانى جدي في عقدها سارحا بخياله في نوستالجيا بائسة: </pre> <p>ــــ كأن الناس أصابهم الصعار يا بني! أراهم كرسوا حياتهم لنهش بعضهم البعض، لم نكن هكذا أبد..؟ وكأن لعنة ما أصابت الناس! </p> <pre> وكما تعلمون أهل حينا ليست لهم مشاغل كثيرة يفعلونها؛ لهذا تجدهم يشغلون أنفسهم بتعميم ما يقع في الحي قبل متم اليوم، حتى أن أحدهم يشرع في سرد تلك القصص دون مبرر لذلك ولا سياق، وقد زادت حدة ذلك هذه الأيام، حتى تُجُوِّزَتِ النقاشات إلى مراهنات ما تنفك أن تتحول إلى صراعات وخصومات، والسبب بناية جديدة عملاقة، شرعت السلطات في تشييدها.. كانت أحلام سكان حينا تكبر كلما كبرت هذه البناية وشقت طريقها إلى عنان السماء، هذا يريدها ثانوية، والأخر يتجاوزه إلى الجامعة، آخرون يرجحون رأيهم بكونها مستشفى عملاقا، مستندين في ذلك إلى وعود السادة البرلمانيين.. ولأن أصحاب الافتراض من كبار السن والعجزة؛ فقد كانت غالبية الساكنة تنحو منحاهم، باستثناء أمي كانت تريدها شركة، أو حتى معملا يجعلني أستقيل من شغل وظيفة مراقبة العبارين والعابرات عند نهاية الزقاق، لكنني تمنيتها كالعجزة، مستشفى أعالج فيه أمي من أمراض كثيرة فرضها التقدم في السن وساعد في تأجيجها مطرح نفايات المدينة المجاور للحي. ولأننا مشوشين وننفعل بسرعة، كانت جل هذه النقاشات تتحول إلى معارك.. فكان إشعال فتيل النار والخصومة بين اثنين أيسر من شرب كأس ماء عذب، مهمة اضطلع بها "احْمد العْوَرْ" شكل كوخه البلاستيكي محج جل شباب الحي؛ ولأن البناية موضوع الساعة فلا محيد عن الخوض فيه. قال أوسطهم وقد لقبوه ب"الرِّيَّالِي" لأنه يحب الفريق أكثر من أسرته: </pre> <p>ـــــ آه.. لو كانت ملعبا..! أو حتى قاعة رياضية مغطاة! لخرج من هذا الحي أبطال في كل الرياضات! يرد آخر من خلفه متهكما: ـــــ وماذا نفعل بالقاعة يا ذكي..؟! نأكل أطرافها الإسمنتية!! ستكون معملا.. لاشك في هذا.. ونظر إليهم واسترسل واثقا: فلتؤمنوا بنبوءتي يا جماعة! ــــ هيء.. هيء.. سيدشنون "برنابيو" جديدا بدُوَّارِنَا، لا بل المعمل الدولي للزعفران ها..ها..ها.. كان هذا "احْمَدْ الأعْوَرْ" متهكما.. ثم وجدا نفسيهما أمام الدركي قد صفدت أيديهما بالأغلال، ودمائهما تسيل وكأن جيش ضباع جائع قد عبث بهما. ولأن الدركي شديد الانفعال هو الآخر، فقد طفق يزمجر ويكيل لهم وابلا من السباب: ـــــ ألن نشتغل إلا بخصوماتهم التافهة أيها الحمقى! أحدهم يتململ في مكانه محاولا الرد لكنه ردعه: ـــــ أنت! قف مكانك وأغلق فمك النتن.. أما أنت أيها الديك المكسيكي؛ حاذر أن أرى وجهك اللعين هنا مجدد! </p> <pre> ترجل من مكتبه نحوهما مزيلا أصفادهما، وهامسا في أذنيهما بصوت خافت: </pre> <p>ــــ لا تتقاتلا مرة أخرى على شيء سيكون سبب شقائكما هيء..هيء.. وأشار بيده نحو الباب، قبل أن يركل مؤخرة أحدها بينما تفاداها الثاني برشاقة، متوعدا إياهما في حالة العود.. </p> <pre> انتهت الأشغال أخيرا، لكن الاحتمالات ما تزال مستمرة بين ساكنة الحي، في الوقت الذي شرع أعوان السلطة في الترويج لافتتاح البناية، طلبوا من الجميع الحضور، لا أريد التصريح بأنهم تجاوزا الترغيب إلى الترهيب، لأنكم تعرفون عواقب ذلك.. تجمهر سكان الحي بمختلف أطيافهم، تقدم أحد أصحاب ربطات العنق ليلقي كلمة الافتتاح.. ووقف الجميع مندهشين: </pre> <p>ــــ أليس هذا هو السيد بن كي..؟! أليس نفس الرجل الذي انتخبناه!! ــــ بل هو بشحمه ولحمه.. غير أن لحيته ابيضت.. وبطنه انتفخت.. صاح أحدهم من الخلف.. ــــ إنه هو.. رغم هذا التغيير الذي لحقه، فأنا أستطيع تمييزه من بين ألف رجل! </p> <pre>رجل يجلس في المقدمة يصفق بحرارة، يلتفت نحونا، يدعونا لكي نحذو حذوه، كان إمام حينا.. </pre> <p>في تلك اللحظات خاطبنا الرجل المهم الذي لم أتعرف على هويته لحدود الساعة بكلمات كبيرة، بدلت جهدا كبيرا للربط بينها، غير أنني لم أفلح، قبل أن يتقدم نحو ستارة كبيرة غطت الجزء الأوسط للبناية من الأعلى إلى الأسفل، يبذل جهدا لجرها، تتهاوى أخيرا، وينكشف باب حديدي عملاق.. أعلاه كتب عنوان كبير براق تهجيت حروفه "السج..ن المد..ني الم..حلي" </p> <pre> ساد الهرج والمرج.. شاب بجانبي يتلفظ بعبارات كثيرة، لا يصح كتابتها هنا، وجهها إلى الرجل المهم.. في الوقت الذي صاح "بوعزة" المجنون من الخلف؛ وقد رمى نعله في اتجاه المنصة: </pre> <p>ــــ "تجار الدين..! لصوص..! خنازير.! خنا..." هراوة أحد رجال الأمن تحول دونه والشتيمة الأخيرة. تصفيقات تأتي من الصفوف الأولى، وينطلق التدشين بالتصفيق الحار.. </p><p>10/04/2019 (00:37) </p><p>📌 قصة "ثورة" من مجموعة عندما ينطق الحرف (مجموعة مؤلفين) عن دار لوتس للنشر الحر. </p> <pre> كنت أبدل قصارى جهدي لأتأكد من طبيعة الوضع الذي أُوجَدُ فيه: </pre> <p>ــــ هل أنا في حلم أم أنها الحقيقة؟! </p> <pre> كانت الكلمات تُوَشْوِشُ لبعضها البعض بعد أن تجمعت فوق الصفحة البيضاء، مُشَكِّلَةً بذلك حلقات دائرية هنا وهناك، قادني الاستغراب إلى تقليب الصفحات تباعا، كانت الأسطر قد اختفت هي الأخرى، لا شيء غير حلقيات لا تنتهي. بعد أن عجزت عن تسويغ ما يجري، تخليت عن كبريائي وقررت التجسس، فما يحصل الآن يدخل في النفوس الريبة. كانت هناك كلمة تقف وسط تلك الحلقية، تحرض البقية على الصمود، قبل أن تعلن القرار المتوصل إليه: </pre> <p>ــــ أيتها الكلمات المناضلة المبدئية.. وِفْقًا لمخرجات هذه الحلقية التقريرية، فقد خلصنا إلى ما يلي: سنضرب.. ونعلنها ثورة الكَلِمَة! علمت عندها سبب اختفاء الكلمات من على الورق، بقيت مشدوها من وقع الصدمة: ــــ يا إلهي ماذا يعني أن تثور الكلمات!؟ لا كتابة بعد اليوم..! </p> <pre> فكرت في كتبي، في مقالاتي، وفي نصوصيَ القصصية، لكن مصيرهم هان علي عندما فكرت في مصائب غيري، ورحت أطرح عبثا عشرات الأسئلة دون أن أجد لها أية إجابات أو حلول: </pre> <p>ــــ ماذا سيفعل الوزراء والملوك الذين تُحَضَّرُ خطبهم قبل أن يلقوها على مسامع رعاياهم في مناسبات تمجيد حكمهم الزاخر بالعدالة والديمقراطية والعيش الرغد! ابتسمت دون أن أدري وأنا أتمتم: ــــ الحمد لله.. سنرتاح من قرفهم أخيرا! أعتقد أنهم لن يتحدثوا بعد اليوم! أما إن ركبوا هواهم كما العادة؛ فالشعوب هذه الأيام لا تتقن سوى التهكم والسخرية! سيكون الأمر قاسيا، بما أن الهراوات، والرشاشات، غير قادرة على إيقاف ذلك. </p> <pre> لكنني لم ألبت أن أشفقت على الناس من جديد، فإذا كان احتمال أن يركن الملوك للسكوت مطروحا بقوة؛ فالسياسيون لا يطيقون ذلك. سرحت في التذكر بينما اعْتَمَلَتْ نفسي قصص تكاد تميت من الضحك: </pre> <p>ــــ كيف سيتكلمون في البرلمان يا ترى؟! وهم الذين يرتكبون جرائما في حق اللغة والتعبير عندما يتهجون ما كتب لهم، فبالأحرى أن تعلن الكلمات الإضراب، كان علي أن أستثني أحد الأحزاب، فسياسيوه يتقنون سرد النكت والطرائف، ولأن الناس يحبون ذلك فيهم، فهم يواصلون نسج نكتهم دون أن يهتموا لعَيِّنَة من المتهكمين الحاقدين، والذين يحسدون الناس حتى عندما يضحكون ويكونوا سعداء جراء خفة دم ممثليهم.. </p> <pre> كان علي أن أبدي أكبر قدر من الحزم مع هذه الكلمات الثائرة، فكما تعلمون يجب الضرب بيد من حديد على يد كل الثائرين حتى لا ينتشر الداء، حتى وإن كانت لك القدرة على تحقيق مطالبهم، إياك أن تفعل ذلك! العواقب تكون دائما إنجاب ثائرين جدد.. </pre> <p>كانت الكلمات تقف دون حركة وكأنها تنتظر ردة فعلي، حركت كتفي في لا مبالاة وكأني غير متأثر بما يحصل وقلت متوعدا: ــــ أراكم قلة! ستدفعون ثمن إثارتكم للبلبلة! وسينالكم الإهمال! قلت ذلك وأنا أعلم أنهم جيوش لا تحصى، لكن لا ينبغي أن تشعر الثّوَّارَ بحجم قوتهم، بل عليك أن تبادر إلى تبخيسها كي تحشرهم في الزاوية وتدخلهم في متاهات لا تنتهي من الشك. </p> <pre> ساد بينهم هرج ومرج، واجتمعوا من جديد مشكلين حلقيات للنقاش، حتى استغربت كيف أن لكلماتي كل هذا التأثير؟ كان لتوعدي وقع إيقاظ الخوف والانتهازية في نفس عدد كبير من الكلمات المنساقة، والمستعدة للتراجع في أية لحظة. كنت على وعي تام بضرورة استهداف هذه الفئة بأية وسيلة كانت؛ ترغيبا أو ترهيبا.. </pre> <p>عاد ممثلهم من جديد وخاطبني متحديا: ــــ الجماهير الثائرة تنصحك ألا تهددها من جديد! الإضراب سيستمر وسنحشد له كل الكلمات المبدئية.. </p> <pre> بدأت الفكرة تؤرقني أكثر فأكثر، دفعني هذا الأرق إلى التلصص من جديد لمعرفة مخططاتهم، صدقوني كانت أفكارهم شيطانية، النواسخ هي الأخرى تؤيد الإضراب، حروف الجر بزعامة "من" و"إلى" تنظمان للإضراب وتنوبان عن كل الحروف بمداخلة: </pre> <p>ـــــ لن نجر بعد اليوم، تعبنا من الجر! الأسماء الموصولة تشاطرهم الرأي وتدعم أيضا: ـــــ نحتاج حشد المؤيدين والداعمين، لما لا ندعوا الأقلام الحرة المناضلة والأوراق الطاهرة، هي الأخرى متضررة من تفاهاتهم، ومن تلطيخ سمعتهما في وحل الركاكة والميوعة والخزعبلات! أدركت عندها أن الخطر محذق، لأنهم انتقلوا من التهديد إلى التنظيم ثم التطبيق. </p> <pre> كنت أحاول تحقيق أكبر قدر من الاتزان، اتزان تسعى للتشبث به عندما تحس أنك في حلم تريد الخلاص منه بأية طريقة، لتكتشف أنك عبثا كنت تحاول، ثم تضطر لمواصلة عيش ذلك الكابوس المرعب. كان علي أن أخلص نفسي، دفعت الأوراق التي بين يدي إلى جانب آخر من المكتب، سحبت قلما آخر، بسطت ورقة جديدة، كتبت باعتباطية مطلقة: </pre> <p>ــــ الكلمات تعلنها ثورة! كانت الورقة بيضاء تماما كالحليب، تبتلع كل ما أخطه عليها، وجدتني أردد بلاَ شُعُورِ مصدومٍ: ــــ يا إلهي! إنها تختفي.. إنها تختفي تماما؟! </p> <pre> قلبت الورقة، نفضتها، لا حرف سقط من تناياها، أدعك عَيْنَيَّ عسى أن تكون غشاوة، أفتحها من جديد، فإذا بالورقة اختفت هي الأخرى، أتأمل القلم هو يتسرب عدما من بين يدي. أرمق في أفق ذلك الحلم المشوش، كل الملوك والوزراء والبرلمانيين يواصلون قراءة أوراقهم بتلكؤ، وآلاف الرجال والنساء يواصلون رسم الكلمات دون توقف، بينما عصتني كلماتي وأقلامي وأوراقي..! الحقيقة أن عددا ليس باليسير من الكلمات الانبطاحية كسرت معركة الكلمات المبدئية، ليتم الاستفراد بالأخيرة وتنال نصيبها من السحل والتنكيل. في خضم هذا الأرق القاتل فتحت عيني، يبدو أنني غفوت في الوقت الذي كنت أكتب هذه القصة، تأملت الكلمات في جزع؛ كانت في مكانها كما رسمتها، لكنها حنت رأسها ذليلة خاضعة، باستثناء واحدة ــــ ثورة ــــ ظلت صامدة رافعة رأسها وهي تصيح بهستيرية: "أيتها الكلمات الذليلة هنيئا لك الاقتران بكل مكتوب رذيل بخس. كان باب بيتي يهتز وكأنه سيقتلع من مكانه: </pre> <p>ــــ افتحِ البابَ قبلَ أنْ نَكْسِرَهُ! </p> <pre> لم يكن أمامي غير الإسراع في تناول تلك الأوراق بعد أن قطعتها إربا إربا، شرعت أبتلعها دون مضغ كاف، فالباب لن يصمد أكثر، في الوقت نفسه أسرعت يدي تخط خطاب ولاء وتمجيد. </pre> <p>27/06/2019 (12:19) </p><p><br /> </p><p><br /> 📌نبدة تعريفية عن الكاتب: حسن كشاف: - قاص مغربي من مواليد مدينة الشماعية إقليم اليوسفية سنة 1991. مقيم حاليا في مدينة الدار البيضاء. ـــ يشتغل مدرسا للغة العربية. ـــ البريد الإلكتروني: kechafhassan2014@gmail.com </p><p>مساره الدراسي: • 2015 - 2017 | كلية علوم التربية، الرباط العرفان. ◇ شهادة الماستر في تدريسية اللغة العربية، بميزة حسن. • 2015 - 2016 | المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، الرباط العرفان. ◇ شهادة التأهيل في مهن التدريس، تخصص اللغة العربية، بميزة حسن. • 2014 - 2015 | المدرسة العليا للأساتذة بتطوان. ◇ الإجازة المهنية للتأهيل في مهن التدريس، تخصص تدريس اللغة العربية، بميزة حسن. • 2011 - 2014 | كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء. ◇ شهادة الإجازة الأساسية في اللغة العربية تخصص لسانيات، بميزة مستحسن. • 2010 - 2011 | ثانويـة وادي الدهب التأهيلية. ◇ شهادة الباكالوريا تخصص علوم إنسانية، بميزة مستحسن. بعض أعماله:  الفردية: - المجموعة القصصية الموسومة ب "غرفة المجانين" صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة، والفائزة بجائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019. - المجموعة القصصية الموسومة ب "دموع الفراولة" صادرة عن دار تسراس للنشر والتوزيع 2019.  الجماعية: - مجوعة قصصية مشتركة عن المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الموسومة ب «الكلام المباح&#160;» المغرب 2019. - مجوعة قصصية مشتركة عن دار لوتس للنشر الحر الموسومة ب «عندما ينطق الحرف» مصر 2019 . - مجوعة قصصية مشتركة موسومة ب "حكايات عبر الزمن" العدد2، منشورات دار تويتة للنشر والتوزيع مصر 2019. - مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 2 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2019. - مجوعة قصصية مشتركة عن دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع العدد 1 "قصص وحكايات" منشورات دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع 2018. </p><p> الدراسات: - كتاب تربوي بعنوان: "صعوبات تدريس العروض بالثانوي التأهيلي" منشورات شبكة الألوكة، 2017. - دراسة بعنوان "ضعف التعبير الكتابي عند متعلمي الثانوي الإعدادي الأسباب والنتائج ثم الحلول" منشورات شبكة الألوكة، 2016. - نشرت له العديد من القصص في جرائد ومجلات ورقية وطنية وعربية وفي منابر إعلامية إلكترونية. ــــ شارك في العديد من الملتقيات الثقافية الجهوية والوطنية حول السرد عموما والقصة على وجه التحديد. </p><p>بعض اهتماماته: - فاعل جمعوي. - يعمل مدققا ومراجعا لغويا في مجموعة من دور النشر العربية (دار لوتس للنشر الحر، دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، دار خطوط للنشر والتوزيع، دار البرهان للنشر والتوزيع) - عضو فريق دار قصص وحكايات للنشر والتوزيع. - عضو لجنة القراءة والتحكيم لبعض مسابقات جوائز القصة القصيرة محليا وعربيا . - عضو مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب. - مصمم إعلانات وأغلفة بعض دور النشر المصرية. - شارك في العديد من الملتقيات الثقافية المهتمة بالسرد عموما والقصة خصوصا. </p><p>جوائزه:  الجوائز: - جائزة زهرة زيراوي للإبداع الشبابي 2019، عن المجموعة القصصية "غرفة المجانين"، صادرة عن جامعة المبدعين المغاربة. - جائزة الدار البيضاء للشباب المبدع في القصة القصيرة 2019. </p><p> المسابقات: ـــــ فائز بمسابقة قصص وحكايات للقصة القصيرة عن دار قصص وحكايات للنشر الإلكتروني، (العدد الأول (2018) والثاني (2019). ـــــ فائز بمسابقة دار لوتس للقصة القصيرة 2019. ـــــ فائز بمسابقة دار تويتة للقصة القصيرة 2019. ـــــ فائز بمسابقة المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث، دورة "محمد شكري2019. </p> '
ما إذا كان التعديل قد تم عمله من خلال عقدة خروج تور (tor_exit_node)
false
طابع زمن التغيير ليونكس (timestamp)
1582465852