سجل مرشح الإساءة

التفاصيل لمدخلة السجل 4٬534٬419

17:12، 1 أكتوبر 2020: 159.255.163.242 (نقاش) أطلق المرشح 134; مؤديا الفعل "edit" في مكرم رشيد الطالباني. الأفعال المتخذة: وسم; وصف المرشح: وضع وسم nowiki في المقالات (افحص)

التغييرات التي أجريت في التعديل



قلت :
قلت :

ـ : عزيزي حكيم أين هي النهاية ؟

قال : ـ بلاد العشق (عشقستان).. منبع الحب والعطف والحنان والحقيقة والوجدان وجلّ الأخلاق الطيبة ، الأخلاق الجميلة. حيث لاوجود هناك للكذب والنفاق والزيف والرياء والأنانية. حيث تسكرك خمر البراءة، ولن يلدغك عقارب الخطيئة ولا أفاعي الجريمة.

قلت :ـ أرغب في المجيء، ولكن لن يسعني المكان.

قال : سأحملك فوق كتفي، تعال وتخلص من هذه الدنيا مرتع الإستعلام والخوف ومبعث الملل.. دعك من هذه الخربة مرتع القوادين والفضلات والمزابل، ماذا تفعل بين هؤلاء الافاقين المشعوذين؟ كدت أطير فرحاً، لم تكد قدماي يتلمسان الأرض، كانت عيناي تذرفان دموع الفرح مدراراً، حلقت في الفضاء لأحط على كتفه. وصلت عتبة باب (عشقستان). إستقبلني الحكيم بمزيد من الترحيب والتقدير حتى غدوت تبراً. وصافحنا بحرار. أرتفعت شعاع ناظرينا نحو قمة المنارة. كان الناس ينظرون إلينا كيف لنا ونحن نتحدث مع بعضنا بلغة النظرات .

ـ أخي العزيز لم يغمض لي جفن الليلة البارحة .

ـ لماذا.. لماذا عزيزي الحكيم ؟

كم من مرة كنت أغمض فيها عيني وفي كل مرة كان حبيب الله يأتيني في منامي في هيئة مغايرة ليأخذ الغفوة من ناظري. مرة رأيته وقد أمتطى صهوة حصان العاصفة ليحلق نحو عنان السماء. ومرة أخرى كنت أراه وقد أصبح رائداً لجمع من الحواري وهن ينهمكن في غرس السيوف في جوف عفريت ذي سبعة رؤوس. ومرة أخرى رأيته يرتدي ثياباً خضراء كاملة وهو يقترب من رأسي ليهمس في أذني :

ـ إن الشيطان يوشك أن يدخل قلبك..أطرده .

ـ قلت كيف؟ قال برائحة خمر (ألست) .

وهكذا كنت أراه في هيئة مغايرة حتى أطفأ نبراس إستراحتي كاملاً. مسدت رأسه فعرفت بأن سهام العشق قد أصابته، ولكن ليس بشكل يمتعه حتى درجة الفناء، لذا نفخت في فمه وقلت له:

ـ حكيمي العزيز من أجل أن تصل إلى هدفك عليك بأرتشاف الخمر ليل نهار، أسكر..أسكر ثم أسكر حتى يغدو قلبك منبعاً للحق، عندئذ ستعرف مقدار الرغد في كلتا وجهي هذه الدنيا. إحتضنني الحكيم بحرارة وعصرني بشدة. كنت أشعر بأن عسل المحبة يتدفق رويداً رويداً من عملية العصر هذه.

أردف قائلاً: ـ عزيزي أذكر لي عنوانك كي نمضي بعض الوقت سوياً كل يوم .

قلت: ـ أكتب : حلبجة، مقبرة (كولان)، قاطع (القلوب)، الرقم (زهرة الليلك).

فنقشه بأظافره فوق صدره، ومن ثم بسط لي كلتا يديه مرحباً بي للدخول.

ومن عتبة الباب نظرت إلى الجمع الغفير، كي أتأكد من عدم تسلل دخيل، كذاب، فاسق، أناني، مرائي إلى صفوفهم دون علم الحكيم، فإن كان من بينهم مثل هؤلاء كي أقوم بفضحه، كي أرجمه بصقاً، كي أقول له إن لم تطهر نفسك من كل أوزارك لايجوز لك التوجه إلى هنا. إن عشقستان مرتع الطاهرين، مرتع هؤلاء الذين أستقر نور الرب في أعماقهم، الذين وضعوا مصلحتهم الخاصة جانباً وهم يناضلون بحق وصدق من أجل الشعب والوطن .

ومن حسن الحظ لم أرَ أي أخطبوط مثل هؤلاء، لذا فقد ذهبت وجلست متقرفصاً على ركبتي قبالة المحراب بوقار، وكنت أعدد أسماء العشاق بحبات مسبحتي مثلما أعتدت على ذلك دوماً. ولحظة إنهاء الأسماء أشغل الملا (مبارك) السماعة وفتح سفره العتيق وبدأ بتلاوة بعض مقاطعه بصوت حزين :

( ـ أيها الشعب طهّروا قلوبكم * توجهوا إلى مرتع العشق * وذوبوا في اتون العشق * أنصحوا الناس كي يبتعدوا عن الضلال * أءتوا بالماء من سفر السراب * إرووا به ورود الحقيقة * أبحثوا عن الطهر * كونوا مرشدين للإحسان دوماً * كونوا ترابيين مهما إستطعتم إلى ذلك سبيلاً * كونوا ذو نشاط دائم * ألا يملأ الشيطان نفوسكم بالخداع والأكاذيب والتلفيق * إن ذلك المنافق اللعين * عدو لدود للدين * عائق في طريق العشق * يضرم النار في حدائق العشق * ويزرع أشواك الحقد والكراهية * ويغرق حقول الحق * أيها الناس إن كنتم عشاقاً * تعشقون هيفاء الحبيبة * عليكم كالعشاق القدامى * السير في هذا الصراط المستقيم).

حين كفّت حمامة الملا (مبارك) عن المناجاة ، بدأ الصمت يخيم بمظلته علينا، صمت مليء بالجلبة، لأننا كنا نتكلم جميعاً دون همس. وكان موضوعنا موضوع تطهير البلد وزرع أشجار العفّة في جميع الشوارع والأزقة والمنازل. وتغيير جميع بحيرات الكذب بماء الزمزم .والقضاء على جميع مروجي التلفيق الجربة. والقضاء على أكدار النفاق وزرع بذور التوحد ذي اللون الواحد عوضاً عنها. وتوزيع عطر ورود فُرُش جامع عشقستان وتزيين جدران المدن والقرى باللوحات المرسومة على سجاجيد الصلاة. وإنارة الزوايا المظلمة بنور مسبحة فاطمة ملا عزيز بريس. وزرع المرايا في أزقة القنوط الضيقة بجلوة (لا تقنطوا)، وتشييد ضريح الملا (الجزيري) بشعاع (وحدة الوجود) وإذابة جليد الجرم بضياء إحدى قصائد (محوي) الغزلية وإعادة الحياة إلى مواقد القلوب بنظرة (عنبر خاتون). صمتنا المليء جلبة أوصلت حِملَ الوقت إلى المحطة الأخيرة. أقبل العشاق واحداً تلو الآخر ليقدموا لي مواساتهم. وقد أخرجتُ بدوري من كشكولي وردةً لكل منهم وقدمتها هديةً لهم، تلك الورود اللاهوتية التي كنت قد أتيت بها من إحدى سفراتي إلى النعيم .

إشارات

<nowiki>*</nowiki> الورداء: على وزن الثلاثاء والأربعاء ….يعمد القاص إلى إطلاق صفة خاصة لليوم والشهر والسنة.

<nowiki>*</nowiki> حكه: تصغير إسم (حكيم).

<nowiki>*</nowiki> الحكيم: الطبيب .

<nowiki>*</nowiki> الحروف : ع ي ش ق يعني العشق .

<nowiki>*</nowiki> فاطمة: والدة المؤلف وكانت من النساء الصوفيات.

<nowiki>*</nowiki> الجزيري : شاعر كوردي كلاسيكي صوفي.

<nowiki>*</nowiki> محوي : شاعر كوردي من فطاحل الشعراء .

<nowiki>*</nowiki> عنبر خاتون : زوجة الشاعر الكوردي عبد الرحيم مولوي.

عن مجلة (كاروان ) الكوردية، العدد (172)، نيسان 2003.


= خرافات نظارة جدّي =
= خرافات نظارة جدّي =

محددات الفعل

متغيرقيمة
عدد التعديلات للمستخدم (user_editcount)
null
اسم حساب المستخدم (user_name)
'159.255.163.242'
عمر حساب المستخدم (user_age)
0
المجموعات (متضمنة غير المباشرة) التي المستخدم فيها (user_groups)
[ 0 => '*' ]
المجموعات العامة التي ينتمي إليها الحساب (global_user_groups)
[]
ما إذا كان المستخدم يعدل من تطبيق المحمول (user_app)
false
ما إذا كان المستخدم يعدل عبر واجهة المحمول (user_mobile)
false
هوية الصفحة (page_id)
1810803
نطاق الصفحة (page_namespace)
0
عنوان الصفحة (بدون نطاق) (page_title)
'مكرم رشيد الطالباني'
عنوان الصفحة الكامل (page_prefixedtitle)
'مكرم رشيد الطالباني'
آخر عشرة مساهمين في الصفحة (page_recent_contributors)
[ 0 => 'JarBot', 1 => '159.255.163.242', 2 => '185.106.31.154', 3 => 'شيماء' ]
عمر الصفحة (بالثواني) (page_age)
219152025
فعل (action)
'edit'
ملخص التعديل/السبب (summary)
'/* في مجلس عزائي */ إضافة'
نموذج المحتوى القديم (old_content_model)
'wikitext'
نموذج المحتوى الجديد (new_content_model)
'wikitext'
نص الويكي القديم للصفحة، قبل التعديل (old_wikitext)
'{{لا مصدر|تاريخ=مارس 2016}} {{مقالة غير مراجعة|تاريخ=أكتوبر 2013}} {{يتيمة|تاريخ=يناير 2016}} {{ميز|مكرم الطالباني}} {{صندوق معلومات شخص}} '''مكرم رشيد الطالباني''' شاعر وكاتب [[كرد|كردي]] من إقليم [[كردستان العراق]] يقيم في [[أربيل]] [[عاصمة]] الإقليم . ==نشأته== هو مكرم بن شيَخ رشيد شيخ جميل الطالباني، ولد في منطقة بنكورة التابعة لقضاء [[خانقين]] عام 1951. . أكمل المرحلة الابتدائية عام 1963 في مدرسة قرية كوره شلة الابتدائية للبنين على ضفاف نهر سيروان. . أكمل المرحلتين المتوسطة والإعدادية في مدينة خانقين عام 1969 ـ 1970. . التحق عام 1970 [[اللغة الكردية|بالقسم الكردي]] بكلية الآداب ب[[جامعة بغداد]] ونال شهادة البكالوريوس في اللغة والأدب الكرديين عام 1974. ==اعماله== . يكتبُ منذ عام 1970. نشر نتاجاته الأدبية من قصائد ومواضيع ومقالات متنوعة في الصحف والمجلات الكوردية وترجم العديد من نتاجات الشعراء والقصصيين الكرد إلى [[اللغة العربية]] ونشرها في الصحف والمجلات وفي المواقع الإلكترونية. == مؤلفاته == مؤلفات شعرية ===كتب=== # .ديوان أمواج الألحان، [[بغداد]]، 1978، بالكردية # .ديوان رماد النجوى، [[بغداد]]، 1980، بالكردية. # .ديوان المعبر، بغداد، 1986، بالكردية. # . قصة العاشق غريب، ترجمة، مشترك، 1987، إلى الكوردية. # . ديوان الغزلْ، هولير، 1997، بالكوردية. # . ديوان أسطورة التفاح، هولير، 2005، بالكوردية. # . الإعراب في اللغة الكوردية، هولير، 2008، باللغة الكوردية. # . نصيحة الأم، قصص مترجمة إلى اللغة الكوردية للأطفال، هولير،2010. # . عقد الؤلؤ، قصص من تراث الشعوب، ترجمة إلى اللغة الكوردية، هولير، 2010. # . حورية الغابة، قصص من تراث الشعوب، ترجمة إلى الكوردية، هولير، 2010. # . مجموعة الرعد القصصية، باللغة الكوردية، منشورات وزارة الثقافة والشباب في إقليم كوردستان، هولير، 2011. # . رواية (الثلج يأتي من النافذة) لـ(حنا مينة)، ترجمة إلى الكوردية، هولير، 2011. # . ديوان (كذبة أخرى) للشاعر (زانا خليل)، ترجمة إلى اللغة العربية، هولير، 2011. # . مجموعة رهيل الشعرية ـ الأعمال الشعرية الكاملة ـ على نفقته الخاصة، مطبعة شهاب، هولير 2012. # . (شدو القبج)، ترجمة قصائد كوردية إلى العربية، دار الغاوون، بيروت، لبنان، 2012. # . حقوق المعلمين وواجباتهم: تأليف كنيث إيرلاند، ترجمة عن العربية، مطبعة وزارة التربية، هولير 2012. # . مجموعة (ابن الجبال) القصصية، وهي مجموعة قصص مترجمة من اللغة الفارسية والعربية، وزارة الثقافة والشباب في حكومة إقليم كوردستان، مطبعة وزارة الثقافة، هولير، 2012. # . مجموعة قصص كوردية مترجمة إلى العربية، المركز العام لإتحاد الكتاب الكورد، هولير، 2012. # رواية (عندما تتداعى الجبال، العروس الخالدة)، جنكيز أيتماتوف، مترجمة عن العربية، دار جيني للطباعة والنشر، هولير، 2013. # . رواية (جاوة زار ـ التعويذة) باللغة الكوردية من تأليفه ومترجمة من قبله إلى العربية أيضاً، معدة للطبع. # . رواية (السيد الرئيس) ميغيل أنخل استورياس، مترجمة عن العربية، معدة للطبع. # . رواية (بروكلين هايتس)، للكاتبة المصرية ميرال الطحاوي، عن العربية، معدة للطبع. # . ترجمة رواية جسر على نهر درينا، لإيفو آندريج، أربيل 2011. دار موكرياني. #. ترجمة رواية الفناء الملعون إيفو آندريج.أربيل، دار موكرياني، 2011. #. ترجمة رواية الصخب والعنف، لفوكنر. أربيل 2015، دار آوير. #. ترجمة رواية رقص رقص رقص لهاروكي موراكامي، أربيل 2017، دار آوير. # . ترجمة قصة إختطاف، غابرلي غارسيا ماركيز، دار آوير، أربيل،2015. #. ترجمة رواية 1q84 الكتاب الأول 2016والثاني 2020والثالث 2020 للروائي هاروكي موراكامي. منشورات دار روسا. #. ترجمة رواية بعد الظلام للروائي هاروكي موراكامي. 2017.منشورات دار آوير. #. ترجمة رواية خريف البطريرك لغابريل غارسيا ماركيز.أربيل، 2014. دار آوير. #. ترجمة رواية السيد الرئيس لميغيل أنخل أستورياس. الطبعة الأولى 2014 والطبعة الثانية 2015.دار موكرياني. #. ترجمة رواية الأسود يليق بك لأحلام مستغانمي. أربيل، 2013. دار آوير. #. ترجمة حين تتداعي الجبال، العروس الخالدة لجنكيز إيتماتوف. 2013، دار جيني. #. ترجمة كتاب حكمة الكذب لسولخان سابا أوربيليان. أربيل، 2016 ، دار روسا. #. ترجمة رواية بروكلين هايتس، لميرال الطحاوي. #. ترجمة فرانكشتاين في بغداد لأحمد سعداوي.دار آوير، أربيل 2015. #. ترجمة رواية المرأة العسراء لبيتر هاندكة. دار روسا، أربيل 2017. #. ترجمة رواية غرفة مثالية لرجل مريض ليوكو أوغاوا. أربيل 2017، دار روسا. #. ترجمة رواية المفتاح لجونيشيرو تانيزاكي.أربيل 2015، دار جيني. #. رواية سوء تفاهم في موسكو لسيمون دي بوفوار. أربيل 2016، دار روسا. #. ترجمة الحرافيش لنجيب محفوظ. دار آوير، أربيل، 2016. #. ترجمة مذكرات كلب عراقي لعبد الهادي السعدون. دار آوير، أربيل 2017. #. ترجمة كتاب ثورة أكتوبر 1917 لآلان مورهيد. أربيل، 2018، دار آوير. #. ترجمة رواية فتاة عادية، آرثر ميلر، مكتبة زانين، أربيل 2018. #. طبع ديوان آخر كلمات القمر، باللغتين الكوردية والعربية، أربيل 2019. #. ترجمة رواية شارع إبليس، أمين الزاوي، دار آوير، أربيل 2020. #. ترجمة أحزان السَنَة العراقية، خزعل الماجدي، أربيل 2020، دار موكرياني. #. ترجمة رواية مقتل الكومنداتور، هاروكي موراكامي، الجزء الأول، 2020، معد للطبع. . عمل صحفياً في دار الثقافة والنشر الكوردية ب[[بغداد]] من 1976 لغاية 1989 بصفة مترجم. . نقل عام 1989 ليشغل مسؤول فرع الدار في [[أربيل]]. . أنتسب بعد انتفاضة ربيع عام 1991 إلى وزارة الثقافة في إقليم [[كردستان]]. . نقل عام 1992 إلى وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان بعنوان مدرس اللغة والأدب الكرديين وقام بالتدريس في إعدادية صناعة أربيل وإعدادية ميديا للبنات. . نسب عام 1994 للعمل في مجلة آفاق تربوية الشهرية باللغة الكوردية والعربية بوزارة التربية. . نقل عام 2007 خدماته نهائياً إلى مجلة التربية والتعليم بديوان وزارة التربية. . شغل مدير التحرير في المجلة أعلاه. . عمل منذ عام 2003 محرراً للأخبار في القسم العربي ب[[فضائية كردستان]] ويعمل حالياً في قسم الأخبار باللغة الكردية بفضائية كوردستان. من قصائد الشاعر مترجمة من الكوردية إلى العربية: '''البحر''' حبِلَتْ بحيرة من بحرٍ انقضى ثلاثون قرناً وثلاثون عقداً وثلاثون عاماً وثلاثون شهراً وثلاثون أسبوعاً وثلاثون يوماً وثلاثون ساعة ليولدَ بحرٌ من بحيرةٍ أنتفض بحرٌ في حضن بحرٍ في تاريخ بحرٍ أبتلع بحرٌ بحراً قَرصَ بحرٌ فخذَ بحرٍ غرق بحرٌ في أمواج بحرٍ طالعَ بحرٌ تاريخَ بحرٍ خاصمَ بحرٌ جغرافيةَ بحرٍ ردمَ بحرٌ ينابيعَ بحرٍ تخندق بحرٌ ضد بحرٍ ثار بحرٌ على بحرٍ قَدِمَ بحرٌ وأرتاد مقهى بحرٍ أجتاز بحرٌ شارع قلعة بحرٍ لم يعجبه أرصفة بحرٍ أستدار حول الشارع الستيني لبحرٍ مرتشفاً فنجان قهوة في ليالي البحرِ أمضى الليل حارساً حول قلعة البحرِ لم يعجبه أسلاك الكهرباء والهواتف الممددة دون إنتظام على الأعمدة وجدران منازل الأحياء مشوهةً منظرَ أزقةِ وشوارعِ عاصمة البحرِ نفرَ من مشهد جل العربات التي لا تفسح الطريق للمارة كي يتجولوا في بحرِ بحرٍ ويقوموا بجولات بحرية تَفقّدَ بحرٌ نقاطَ سيطرةِ مدينةِ بحرٍ لم تنبس واحدةٌ منها بسؤال من أين قدِمتْ إلى أين تذهبَ أين هويتكَ من أي مدينةٍ أنتَ ماذا تفعل أمواجكَ متى تنتفض أمواجكَ ومتى يغرقنَ السفن وكيف يلقين القبض على قراصنة البحر وكيف يسهرنَ وكيف يفتشنَ المنازل المشبوهة وكيف يطمئننَ قاطني الاحياء التي تعاني شحة المياه بوصول مياه الإفراز إليهم ممن يحلمونَ بشوارعٍ معبدةٍ ومدينةٍ نظيفةٍ وعاصمةٍ خاليةٍ من المواشي والأغنام والماعز والأكباش والتيوس والدواجن والديوك والكتاكيت والشوارع المليئة حفراً من دون كهرباء ولا ماء سأل بحرٌ بحراً حلِمَ بحرٌ بهامة بحرٍ قدم بحرٌ لخطوبة بحيرةٍ طلب والداها كيلوغراماً من الذهب عيار واحد وعشرين قيراطاً لم يرض البحرُ ولم يُعد شدّ رحالَهُ ليغضب من جزرِ سومطرة منتفضاً، رافعاً عقيرته ليقلب أعالي الجزر سافلها ويغرق العديد من أبناء بحرٍ مغيباً العديد منهم ملقياً بالعديد منهم في غياهب المجهول مجتاحاً العديد منهم واضعاً العديد منهم تحت إبطيه دون أن ينحسر حتى أغرق ندّه البحرَ تحت مياه البحرِ تقزّز بحرٌ من بحرٍ جلس على ساحل بحرٍ لم يلتفت إلى البحرِ قرص بحرٌ أُذن بحرٍ مهدداً إياه الاّ يقرص بحراً أرتقى بحرٌ سطح منزل بحرٍ أختلس النظر نحو فتاة بحرٍ قدم البحرُ شكوى لدى الشرطة ليتم تحديد يوم المحاكمة تصدى بحرٌ لبحرٍ أرتدى بحرٌ الملابس الرياضية لبحرٍ آخر وبدأ اللعب في ساحة ملعب بحرٍ تجول بحرٌ في حدائق بحرٍ أدركه العطش فشرب من حنفية حانوت البحرِ أصاب العطش بحراً بالعمى في صحراء بحرٍ أطربَ بحرٌ لبحرٍ كي يقدم له شربة ماء أجتاح بحرٌ سرير عرس بحرٍ طرق بحرٌ باب بحرٍ طالباً طنجرة ماءٍ من مياه إسالة الإفراز أنطفأ التيار الكهربائي لحي بحرٍ أوقد البحرُ شموع بحرٍ حطم بحرٌ عِرنينَ بحرٍ لم يقدم البحرُ لتسجيل الشكوى لدى الشرطة منَّ اللهُ على بحرٍ ولداً فأغرقهُ في اليَمِّ جلس بحرٌ في مطعم العاصمة طالباً كأسين من مياه البحر شاهدَ بحرٌ زورقَ سفينةِ بحرٍ لم يَقُم بأداء التحية داعياً حراس السواحل كي يوثقوه في معتقل ساحل جزيرة البحرِ دلف بحرٌ من نافذة بحرٍ لم يجد شيئاً غير البحرِ قطع بحرٌ تذكرة وشاهد فيلم بحرٍ كان يحكي قصة غرق بحرٍ كان بطله بحراً لم يكن قد شاهد ساحل البحرِ تناول بحرٌ لحم شقيق بحرٍ لم يستطع هضمه جرجر بحرٌ جديلة بحيرةٍ فسقطتْ في بحرٍ وأبتلّتْ ثيابها عاتبته والدتها سافر بحرٌ إلى العاصمة فأختطفه بحرٌ في نقطة تفتيش بحرٍ طالباً فديةً مقدارها بحراً من الدولارات لم يستطع البحرُ دفع الفدية فجزّ البحرُ رأسَهُ سالتْ دماء البحر لتلوث بحرَ بحرٍ ولم يقدموا له رشفة من ماء البحر إبتاع بحرٌ من محلات بحرٍ جهاز إستقبال فضائيات البحرِ يفتح القنوات المشفرة لم يستطع إستقبال قناة البحرِ ولجَ بحرٌ من بوابة مكتب إنترنيتِ بحرٍ ليطلع على موقع بحرِ البحرِ أستقبل بحراً من الإيميلات من صديقته البحيرة لم يطلع عليها وقام بحذفها زار بحرٌ منزل ابن عمه البحر كان ابن عمه البحر في العمل فلم تدعوه زوجته للجلوس حلمَ بحرٌ أن يغدو بحراً ليبتلع حلمَ بحرٍ كان بحرٌ منهمكاً في كتابة قصيدة بحرٍ مختبئاً بين سطور بحرٍ كَمَنَ بحرٌ في حديقة قصيدة بحرٍ فأبتلّ جل بحور العروض تثائب بحرٌ في حضن بحرٍ مددوه فوق سرير بحرٍ رأى بحراً من الأحلام الغريبة ذاب بحرٌ في كفِّ بحرٍ وغدا قطرة بحرٍ عادت إلى البحرِ شاهد بحرٌ بحيرة فبكى ملء بحرٍ كي يزفوها إليه قدمَ بحرٌ لخطبة بحيرة لم يوافق والديها ليسعد بالزواج منها أنشد بحرٌ نشيد بحرٍ فغرق في بحار الألحان لم يشعر به وتّار البحرِ قدمَ بحرٌ لرؤية هلال بحرٍ فتاه في ساحل بحرٍ قدمَ بحرٌ يسأل عن بحرِ بحرٍ استدلوه إلى منزل بحرِ بحرٍ طارده أطفال الحارة في حي البحرِ أستعجل وتوارى في لجة بحرٍ غدا بحرُ بحرٍ بحراً جاعلاً بحرَ البحرِ بحراً!! عن ديوان (أسطورة التفاح)، مطبعة شهاب، هولير آب 2005 = كلمات في حضور الحبيبة = <blockquote>أنتِ قصيدةٌ مكتوبة بلا عنوان بلا صدى، بلا الحان في تواريخ اشعاري !! أنتِ خواطرٌ حمرٌ تحترقُ في صومعةِ أفكاري !! وبكاءٌ غارقٌ في عيونِ الأنهارِ وليلكِ الدّامِسْ شبحٌ خرافيٌ بين غاباتِ الاخبارِ فيا غزالة متمردة كيفَ ليَّ التمرّدُ من قوقعةِ الرتابةِ في ثنايا الاطوارِ ؟! يا مظلةً شتويةً، يا ممزقةَ الصدرِ فوق وجهي وجسدي العاري !! أنا نارٌ في نارٍ في ناري أحترقُ بلا رماد، بلا دخان في صمتٍ موحشٍ في ظلمة الغارِ بين شواطيء عينيكِ وإنتظار مقلتيكِ وحيداً، غريباً في تطوافي وأسفاري ! أغدو طائراً دفينَ الرغباتِ اكتب إسمي وتاريخ ميلادي وعشقي الأخضر على صفحات فؤادٍ ممزق الأوتارِ راسماً وجهَ جوادي خارطةً، رمزاً لحبيَ المدمى في حقائبِ البعدِ وهدايا لتذكاري فحذارِ إن القلبَ فارسٌ مقدامٌ حزينٌ غريبُ الأطوارِ نارٌ تشتعلُ في النارِ تنقضُّ على عالمكِ الخرافي وتختفي كألقٍ صوفي بين جبين السماء وبقايا الغبارِ ! </blockquote> = قصائد قصار = 1- الليل خاصمتني ليلة فجاءها البكاء تحت شجرة الصمت تذرف دموع النسيان !! 2- هوى هويتها نظرت إليها رأيتها تسابق ريح الأحزان تسافر في مجاهل البلدان حبست أنفاسي كي ألتقيها في الأماسي لكنها غادرتنا وغادر معها السلوان 3- جدول ألتوي كجداول قريتي من الآلام وأحزان البعاد أسير الهوينا كنهر اتعبه المسير تنهمر أحزاني مطراً في جدول عشق نسيه الغدير !! 4- الكنز عيناكِ قمران يضيئان دروب حياتي لا أرى فيهما حزناً بل كنزاً من الذكريات عيناكِ قمران في سماء الوجد سهام وصلهما يصيبان عين الكبد 5- خوف خوفي عليكِ أن تطاردكِ الخريف خوفي عليكِ أن تختطفك الأضواء خوفي عليكِ أن تبللكِ أمطار الأهواء خوفي عليكِ أن أجدكِ تحتضرين وأنتِ في أحضان السماء 6- جدال بوابة الحزن موارب على الرحيل وعين الرغبات تمتشق سيف التنهد على وصل طال به السبيل والجدال بيننا طير يحن إلى الرفرفة إلى عش الأنغام والهديل !! 7- اليوم الثامن سآتيكِ في اليوم الثامن من الأسبوع سآتيكِ لأترنم نشيد الشهر الثالث عشر لعشق الحقيقة سآتيكِ كي أبلغكِ أن الساعة الخامسة والعشرين من يوم العشق حان وقد أضاء شمس عشقنا المكان !! 8- النسيان لن أنسى سويعات الحب ولا شبابيك الهوى ولا مرارة النوى ولا ما عانيناه سوى بأيدي جلاوزة السلطان في قعر الجب !!! 26-1-2007 بيرمام = أنهار = <blockquote>زلزال قريتنا اهتزت وانتشر الذعر بين النوارس وما من أثرٍ لزلزال كتابة كثيَراً ما تراودني الكتابة عن أطفال الزيتون لكن من الجنون أن أقلع عن التفكير في المنون أنهار لم أر الأنهار التي عشقت النهار وراحت تجري ليل نهار علها تشق الجدار لتلتقي بعاشقة الديار المدينة أحببتها من كل قلبي منحتها مشاعل حبي وألحان قيثارتي وعسل كلماتي ووجدتني أبكي دماءً من أجل عينيها يا لها من مجحفة وناكرة للجميل فقد رمتني في أحضان البؤس ونفق النسيان الطويل من دون ذنب ولا وشاية أو دليل هوى هويتها وكان هواي سرمديا فلم أجد لهواي مسمعاً ولا رطباً جنيا تخيل أتخيلها طريقاً مزداناً بالخيلاء وجنينة مزدانة بالكبرياء أتخيلها عشقاً لا يمسه الجنون ونظرة ثاقبة في وجه المنون رحيل أرحل في كلمات القصيدة باحثاً عن وجه الحبيبة أرحل في حروف الكلمات باحثاً عن قامتها المديدة أرحل في الجمل الوحيدة عن قولتها السديدة الحلم ليتني لم أرها ولم أقابلها ولم أتمم بها ولم أغازلها ولم أنبس ببنت شفة معها كونها حلم من الأحلام وعين لا تنام ودنيا من الهيام لا تنفك تبحث في لغة الكلام عن عبق جمل الوعود وأنا المتيم بأناشيد النهود لن أمسها سوى في أحضان الأحلام</blockquote> = محطات الهموم والهوى = <blockquote>1- عريشة في سماء الزمن السرمدي أمتطي صهوة الهمومِ أسير صوب نهر العشق في هدي النجوم طائراً بجناحي المدمى فوق منازل السحب وعرائش الغيومِ وحيداً فريداً باحثاً عن دفءِ حضنٍ عن وجه حزين عن ظل عريشة عن فيء شجرة عن ملاذٍ أمين يأويني عن عاشقة الشمس تطل عليّ شعاعاً من علٍ من قمة عاطفة من وادي التلاقي تأتيني لكن رياح الهوى تراوغ ريش جناحي فلا عريشة تستقبلني ولا ظل خرافي يأويني ! 2- مدينة النوى شوارع هذه المدينة الغريبة لا تعرف وقع خطواتي ولا بسمة شفتي ولا لون عيني ولا خصلة من شعر رأسي ولا يومي وغدي وأمسي شوارع تنأى بي عن جدائل الحبيبة ومناظر حدائقها القشيبة وضحكاتها العجيبة لأغدو صنواً للفراق ورديفاً للأحزان وصفحة بيضاء للنسيان وطفلاً هزيلاً تتقاذفه مهازل الزمان ! 3- إنتظار كلما أنتظرتكِ كلما أسرع وقت الإنتظار رغبة في اللقاء تحت شمس أشرقت دون سماء ! 4- هوى أهوى السباحة في نهر نهديكِ أهوى الغرق في بحار عينيكِ أهوى قطف الورود من حدائق وجنتيكِ أهوى لذة سرمدية تكمن في شفتيكِ أهوى التسلل إلى مخدع رغبة رهينة في يديكِ أهوى الموت والإنبعاث تارة أخرى في جنة تكمن بين قدميكِ !! 5- نسيان لن أنسى حكايات السنين الخوالي لن أنسى سمر الليالي لن أنسى حديث الأربعاء لن أنسى ما تم وما لم يتم من لقاء لن أنسى عسل الأماسي وما فاح من عطر الأنفاسِ لن أنسى ما دار بيننا من همسات وما مرت بنا من مآسي لن أنسى كلماتكِ الحزينة ولا راية رغباتكِ الدفينة لن أنسى وعود القبلِ ولا نظرات المقلِ لن أنسى الأيام الخوالي مهما بعدتِ عني وابتعدت الأماني !! 6- مطر أنا أرض عطشى أنتظر موسم هطولكِ فأرويني أنا حقل أجرد أنتظر غيم وعودكِ فأمنحيني عطف الهطول أمنحيني أنا سهل عشق مترامي الارجاء أنتظر رذاذ عهودكِ فأغسليني بماء العشق أغسليني تعالي ايتها الغيمة القصية أقتربي أقتربي من سمائي المنسية تعالي وأهطلي مدراراً على أديم وجنتي كي تحيا قبلات شفتيكِ دوماً في حضن شفتيّ !! 6-3-2007</blockquote> = حزن في مهب الرغبات = <blockquote>ليت الريح تتنهد على طريق الآلام ليت الشبابيك تنفتح في وجه الأيام ليت الشموس تبزغ في ليالي دامسة الظلام ليت حبيبتي تأتي وفي جيدها قلائد الوئام ليت الموعد يناديني وفي شفتيه بشرى السلام ليت الرغبات تزين عرائس الأحلام ليت الخوف في زمن الخوف يسترد الجرأة من أفواه الكلام ليت الشعر يعود سيفاً وفي جعبته صوراً للأقلام ليت الأناشيد تطول لحناً وصوراً وتغدو قلائد في جيد السلام ليت حبـي يعود طفلاً يناغي العشق في حضن الهيام ليت العمر يعود القهقري إلى زمن الطفولة الباكرة المترعة بالأنغام ليت الأمنيات تسابق الدهر وتنبت ثانية في حدائق القلب زاهية الألوان والأصناف فواحة بعطر الإلهام ليت طريق عشقنا يمتد على شواطيء اللقاء ترفرف على جنبيه رايات القبلات كالأعلام ليت القُبَلُُ تعود على شفاه العشق ناراً ترتفع لظى حنينها بمرور الأيام ليت نهديكِ تفاحتان نضاختان بعبق يسكر الأنام ليت نهديكِ لا تتمرّدان على أناملٍ تواقة للولوج في بساتين الأحلام ليت همساتكِ ريحُ صبا تناجيني في عشقٍ يحسده اللئام ليت نظراتكِ وروداً تفوحُ بعبقِ عشقٍ أزلي لا ينال منه السفلة والأقزام ليتكِ تعودين طفلةً مرصعةً بنجوم الحب توزعين قبلاتكِ الوردية على شفتي التعبتين تناجين حضني الدافيء يحسدني عليها جل التجار والأغنياء ومن لم ير مثيلاً لها حتى في جنان الأحلام!!!</blockquote> = أنهار = <blockquote>زلزال قريتنا اهتزت وانتشر الذعر بين النوارس وما من أثرٍ لزلزال كتابة كثيَراً ما تراودني الكتابة عن أطفال الزيتون لكن من الجنون أن أقلع عن التفكير في المنون أنهار لم أر الأنهار التي عشقت النهار وراحت تجري ليل نهار علها تشق الجدار لتلتقي بعاشقة الديار المدينة أحببتها من كل قلبي منحتها مشاعل حبي وألحان قيثارتي وعسل كلماتي ووجدتني أبكي دماءً من أجل عينيها يا لها من مجحفة وناكرة للجميل فقد رمتني في أحضان البؤس ونفق النسيان الطويل من دون ذنب ولا وشاية أو دليل هوى هويتها وكان هواي سرمديا فلم أجد لهواي مسمعاً ولا رطباً جنيا تخيل أتخيلها طريقاً مزداناً بالخيلاء وجنينة مزدانة بالكبرياء أتخيلها عشقاً لا يمسه الجنون ونظرة ثاقبة في وجه المنون رحيل أرحل في كلمات القصيدة باحثاً عن وجه الحبيبة أرحل في حروف الكلمات باحثاً عن قامتها المديدة أرحل في الجمل الوحيدة عن قولتها السديدة الحلم ليتني لم أرها ولم أقابلها ولم أتمم بها ولم أغازلها ولم أنبس ببنت شفة معها كونها حلم من الأحلام وعين لا تنام ودنيا من الهيام لا تنفك تبحث في لغة الكلام عن عبق جمل الوعود وأنا المتيم بأناشيد النهود لن أمسها سوى في أحضان الأحلام </blockquote> = كراسٍ فارغة = <blockquote>كراسٍ فارغة تنتظرُ من يجلسُ عليها لهنيهة أو يستريحَ للحظاتٍ طرقٌ معبدةٌ عند أطرافِ القرية لم يسلكها إنسان سماءٌ صافيةٌ تنتظر قدوم غيومِ خريفٍ متأخرٍ جدولٌ رفيعٌ يشتكى قلةَ تردّد العصافير على مياهه الرقراقة عيونٌ جاحظةٌ تندهشُ من هولِ الصدمة ينابيعٌ تعبى تسترقُ السمعَ لحكاياتِ فتياتِ القرية وهنّ يسردن مغامراتهن في زمن الطفولة شبابيكٌ ملونةٌ تزدان بظلالِ أشجار السرو مفتوحة على مصاريعها في وجه رياح الأحبة أبواب مواربة قليلاً في إنتظار مرور عشاق ما زالوا خارجاً دموعٌ منهمرة ٌ راسمةً رسالةَ وداعٍ على وجناتٍ وخدودٍ لم تمسها شفاه القُبل شفاهٌ يابسةٌ عطشى على قارعةِ طريقِ الوعد ترنو نحو ينبوع العشق لترتوي من عسلِ الوجد أمنياتٌ عجلى تسير وسط شارعِ الرغبةِ للإلتحاق بمترو البشرى أسرابٌ من زرازير الوجد تملأ أفق الإنتظار لترفرف في سماء اللقاء أغانٍ لم تكتب بعدُ تبحثُ عن ملحنٍ أضاعَ معطفهُ الصوفي في مترو أنفاق قصائدٌ متشردةٌ تطاردها شرطة النقد لتزج بها في سجن النسيان ألحانٌ قديمة تقبعُ فوقَ رفوفِ ازمنةٍ يعلوها غبارُ الهجران كلماتٌ من دون حروفٍ تستلقي بين صفحاتِ قاموسٍ بلا عنوان حقولٌ متراميةٌ من رغبات آنيةٍ تسورها أسيجةٌ من تقاليدٍ باليةٍ قبلٌ عطشى تتهالكُ في أزقةٍ تسلكها عاشقاتٌ هائماتٌ يبحثن عن جسدِ قمرٍ ورِثَ الأغنيات أسرابُ حمامٍ تحوم في سماءٍ تلبدها غيومُ حزنِ رحيلِ نجمةَ المساءِ لهيبٌ من نيرانِ الفراق تحذر من قدومِ شتاء النسيان في موسمٍ تهاجر فيه طيورُ الحلمِ إلى غاباتِ أملٍ تسقيها أنهار الزمان </blockquote> = قصائد قصار = === قناع === الآن تضع قناع الحاضر على وجهك لتعيد صياغة أحداث الماضي وفق هوى اليوم! === الشاعر === بعد رحيلي ما الفائدة حين تسمون شارعاً ومدرسة إبتدائية وقاعة ثقافية بإسمي وتخصصون راتباً تقاعدياً مغرياً لعائلتي وأنا لا أملك الآن سكناً يضمني وإياهم تحت فيئه!! === تمثال === لم يكن شاعراً ولا ناقداً ولا كاتباً ولا فناناً كان يتسكع في كل شارع وزقاق تعرفه الحانات والموبقات تنهره الكلمات والقوافي وتكرهه البحور والجمهور لكن حين غادر غير مأسوف عليه حاملاً أوزاره على ظهره صنعوا له تمثالاً وضعوه في مركز المدينة سموه نفاقاً يبصق عليه كل من يمر بجنبه === اليقين === سأصعد هذه التلة وكلي يقين أنه وبعد تعب وجهد جهيد أنني سأنزل كما صعدت !!! و علينا تعلم هذه الحكمة عند ارتفاع وإنحدار الطريق!! === معرفة النفس === هل تعرف نفسك؟ منذ سبعين عاماً تنبش هذه السطور ولما تعلم بتلك القبور التي تحفر وراء السور لتضم رفاة من كانوا من ضمن الحبور!!! === عقول من حجر === أحمل معولاً خارجاً من إحدى قصائدي الغاضبة لأحطم أصنامَ دجالين يربون عقولاً من حجر ويزيتون لحايا من تقاليد بالية. أخرج من سطر غاضب لإحدى قصائدي الغاضبة لأضرم النار في لحايا رجالٍ معزان يقتلون نصف الحياة في دهاليز عقول متحجرة<blockquote></blockquote> = ورثتُ الكلمات!! = <blockquote>أورثني أبي كوناً من الكلمات وعالماً من التحايا أورثني حبي لأرضي ومكارم السجايا!! أورثني أبي أحضاناً ملؤها الكواكب والنجوم وسماءً ملؤها الأقمار دون تخوم!! أورثني ماطاب من الأثمار وحزم فكر تتلألأ بالأنوار أورثني خواطر فياضة تتماوج في عيون الأخبار!! أورثني ابي أزاهير فواحة من التجارب والحكم أرشدني الطريق الذي يفضي للواحة الوارفة بالشمم منحني مفاتيح من الإخلاص كي افتتح أبواب الكلم!! أورثني أبي أحباراً للمداد أورثني ما يحتويه الفكر وأسرار السطور أورثني لغة تمتد عبر العصور أنشد بها الترانيم وأخبار الدهور لأفتح طلاسم الأجداد!! أورثني أبي الشعر آخذاً بيدي نحو قصور الأوزان وزخارف الأبيات مؤشراً خبايا الأفكار وأسرار الكلمات حتى أمسيت في مضارب الجدود ليس بيني وبين القوافي والصور أيما حدود! أورثني أبي إسمه التليد ومجده المكين أسير الهوينا في الأرض مرفوع الجبين ينادونني يا ابن الرشيد مالك وقد أستسلمت لك أمواج القصيد! </blockquote> = الأخ الأكبر = <blockquote>لي أخ أكبر لم أره في حياتي ولم يشهد ولادتي وليس من صلب أبي!!! ولا من أمي!! ولم ألعب معه ولم أرافقه للمدرسة ولم أفتخر به لم أره البتة ولا أريد رؤيته البتة أكرهه، أمقته أنزعج منه لا شكل له لا رأس له لا قامة له لا مسكن له!! في مواسم القحط يهيم في الفيافي وفي مواسم الفيضان يحط في السهول عند العبور ينتظر عند ضفاف الأنهار وفي الحروب يقف على قمم الجبال ممتطياً ظهر الأوبئة نافخاً في مزامير النار التي تصدر أصواتاً تكرهها الآذان وتنشر تراتيل تقشعر لها الأبدان!! لي أخ أكبر لا أود إستقباله ولا أود قدومه ولا حتى مناداته أو السلام عليه إنني أكرهه وأمقته ولا أريد رؤية وجهه القبيح الذي لم يره أحد ولن يره أحد ولن تروه أنتم ولا رأيته ولم يره أبي ولم تره أمي لكنه موجود يقولون سيصل يوماً ربما مساء أو صباحاً أو فجراً أو حتى عند قيلولة الظهر لكنني أكره وصوله مثلما تكرهون أنتم وصول أخيكم الأكبر الذي ليس من صلب أبيكم ولا من أمكم لكنه موجود وسيصل يوماً لكننا جميعاً نكرهه ونحتقره نتمى له الفناء ولا نود له الوصول أو الحضور أبداً!!!</blockquote> = الشاعر = <blockquote>قال الشاعر: إني الآن لا أملك شيئاً لا منزلاً ولا شقة ولا مزرعة ولا عربة حديثة الطراز ولا قطعة أرض ولا موضع قبرٍ ولا رصيد في البنوك لا أملك سوى يراعي وأوراق بيضاء وكون من الكلمات أطرز بها همومي وأزين بها دموعي وأحزاني غير مبالٍ بما تؤول إليها الأقوال قال الشاعر الرجاء لا تزعجوني بعد مماتي ولا تزوروا عائلتي ولا تقدموا لها العزاء ولا تبنوا لها قصراً فخماً ولا تخصصوا لها راتباً تقاعدياً ولا تعينوا أبنائي وبناتي في وظائف هامة ولا ترسلوهم إلى بلاد بعيدة سعياً للدراسة أو الإستجمام أو مهام رسمية قال الشاعر الرجاء لا تزعجوني بعد مماتي لا تتعبوا أنفسكم في إقامة أربعينية كاذبة وتقديم كلمات الإشادة المجانية وسيل من الوعود الفارغة ولا تقيموا لي تمثالاً من البرونز أو تقيموا حفل تأبيني سنوي ولا تطبعوا دواويني وقصائدي ونتاجاتي ولا تجعموا ما نشر منها في الصحف والمجلات ولا تقيموا ندوات أو أماسي عني وعن أشعاري وخفايا أسراري ولا تطلقوا إسمي على شوارع أو مدارس أو مراكز للثقافة أو العلوم أو الفنون أو التراث فقد مللت في حياتي ولم يسأل أحد عني ولم يساعدني أحد فيما كنتُ أعانيه فتحملت شدة الحرّ وبرودة القرّ وضيم العيش ومتُّ من القهر مكسور الظهر!! قال الشاعر رجاء أثبتوا بعد الآن إنكم لستم قوماً تقدرون الموتى وتهملون الأحياء حتى يموتوا لتقيموا لهم حفلات التأبين وذكرى الرحيل فالأحياء أولى بذلك وليس من ماتوا عقب نهار دامسٍ وليل أسودٍ طويل!!!</blockquote>2 ـ خونة<blockquote>بيننا خونة يتجاذبون الحديث معنا يتناولون الفطور والغذاء معنا يبتسمون في وجوهنا يشاركوننا الضحك يحضرون مسراتنا ويحزنون حين يداهمنا الأحزان يبحرون معنا حتى آخر الموانيء ويشربون من مياه ينابيعنا حد الإرتواء ويستظلون أفياء أشجار البلوط ويتسامرون في أماسي الربيع ويتسلقون جبال وعينا ويمتطون صهوة أحصنة أفكارنا يتقاسمون عيشنا صيفاً وشتاءً وينهلون من خيراتنا يتظاهرون أنهم أخوةٌ لنا وأنهم سندٌ لنا وأنهم حامي الحمى وأنهم حماة الدار وأنهم لا يقر لهم قرار حين تداهمنا الشدائد والنكد والأحزان غير أنهم يتجسسون علينا وعلى أفكارنا وتعابيرنا وأفراحنا ويعدون تنهداتنا وأنفاسنا وكافة حركاتنا ويراقبون ضحكاتنا ومرح أطفالنا وغناء شبابنا وبشاشة شيوخنا ونشاط نسائنا إنهم خونة لديهم أسيادهم يرفعون لهم تقارير مزركشة عن نعاجنا وخيولنا وأغنامنا وخططنا المستقبلية والطرق التي سنعبدها والجسور التي سنشيدها والقلاع التي سنبنيها والرايات التي سنرفعها والمدن التي سنعمّرها والآبار التي سنحفرها والأنفاق التي سنقيمها والحدود التي سنرسمها والخطط التي سنصيغها والعقول التي سنسورها ويتقاضون عن تقاريرهم أثماناً بخسة ينعتون بها أبداً إنهم خونة يعيشون بيننا ويقتاتون على أرزاقنا ويرتوون من مياهنا وأنهارنا ويسلكون دروبنا وطرقنا ويتسكعون في شوارع مدننا ويتدفأون من شمسنا ويسترشدون من أنوار قمرنا وهم يديرون ظهورهم لنا ووجوههم نحو اسيادهم يتسلمون ثمن خيانتهم للأرض والتراب إنهم خونة يعيثون فساداً في الأرض ولن يفيدهم شرع ولا عِرض!! إنهم خونة يخونون تاريخنا يخونون أرضنا يخونون ترابنا يخونون جبالنا يخونون أنهارنا وأمجادنا لن تثنيهم الخيانة أن يندموا أن يعودوا أن يعقلوا فهي متجذرة في أعماقهم وكريات دمائهم لن تفيدهم الندم مصيرهم الخزي والعار ومزبلة التاريخ!!!</blockquote> = صور = حين تسير في غابات الحياة لا تترك رفيق الطريق وحيداً من المحتمل أن يكون هناك ذئب مسعور في حالة ترقب في أحضان هذه الحياة لا تكن متكبراً متعالياً لأن الأيام لا أمان لها مليئة بالمنحدرات والمقابر من كل الجهات!! حين تنظر إلى نفسك من خلال شقوق المرآة ليحتمل قلبك الصدمة لأن قلب المرآة سينكسر ولن يبق أي إطار يفتح أحضانه لك! لا تبصق في الينابيع لأن هناك عصافير عطشى تريد الإرتواء من مياهها! في الطريق .. أرسل نظرك للبعيد وواصل السير بخطوات هادئة لئلا تتعثر من الحفر التي أمامك!! لا تصرخ من خلال حنجرة صراخك لئلا يبح صوتك وتبقى لوحدك في وادٍ دون أن ينجدك أحدٌ!! عند ضفاف الأنهار لا تمتطي ظهر حصان الجنون وأعبر من على المعابر لأن هناك دوامة عميقة تزبدُ حقدها وغضبها جداً!! ها قد حل الشتاء فلا تحجب الشمس عن أحد لأن هناك بالقرب منكَ نسوةٌ ورجال مسنون يرتجفون برداً لا تمتطي فرساً ما لم تسرجه بنفسك فيسرع بك وتسقط بين أقدامه فتتحطم إلى الأبد!! = المطر لن يغسل جراح الأيام الخوالي = هل تذكرين.. حين كنا نحلق بأجنحة القبلات في سماء الرغبات! آخذين تواقيع أنامل (مم) و(زين) الخيال.. في حدائق الذكريات الزاهية! أتذكرين.. كان الكون في نظرنا ربيعاً كان في خضم حياة العشق نهراً نجتازه بزوارق الرغبات الجامحة! وكان القلب طفلاً يرقص ويرقص جذلاناً! حين حطمتِ تماثيل الذكريات بمعاول الجفاء والقيتِ بها في العراء غدتْ جراحاً في جسد السعادة فأنبتت في مزارع الحسراِت آلاماً!! حين غدت آثار أقدام عشقكِ على خارطة أيامنا الخوالي بكاءً فلا أستطاع مطر البشرى والسؤدد غسل جراح سهام ذكرياتكِ من على صفحات حياتي الماضية ولا أستطاعت الحيتان شرب مياه بحار سهري العميق فما أستطاعت يارفيقتي فما أستطاعت!!! = صوتُ نداء بلا تخوم = رفاقي، لنكن جميعاً نهراً نتمرّد على جغرافية عادات وتقاليد سحب الماضي السوداء! وندع مياه الراحة لشعاع الأفكار وذاكرة مئات من الزملاء النضج! لنكن ربيعاً تسبح نسائم أفكارنا على مزارع السطور! لنستعجل باقات البنفسج الزاهية فينا لمئات الأحضان! لنكن سيفاً وخنجراً لنا سيماؤنا! لنكن معبراً ونردع المحتال الصلف ألاّ يعبر على ظهر كرامتنا وألاّ يرقص في عرس عريسنا! لنكن هضاباً لا تتراكم على وجوهنا الأتربة الصفراء لليرات (الخليفة) العتيقات!! لنكن صخرة لا تقلع عيون الطرق المتجهمة جذورنا الصلدة! لنكن لهيباً لا تزلزل مياه الصراخات العكرة جمراتُ أصوات أعذارنا ولا تخنق أصوات أفكارنا! لنكن كلمة ننبعث في الحناجر ولا نذوب في صيف المنابر!! المعبر سنوات وأنا مسافرٌ لم يغمض لي جفنٌ في المرآة المشروخة للتاريخ المرير ولن يغمض لي جفنٌ في أعماق فؤادي ودواخلي غابة من الآمال والأحلام!! قافلةٌ أنا.. رأسي المتعب يملأه القلق لمئات الطرقِ معبراً! جسدي الواهن في ثنايا معجم العدم وفؤادي الطري جذعٌ مهتريء لغابة محترقة بلا رؤى وعنواني البارز في سطور الأخبار بلا موقع ولا مكان بلا طريق ولا مجال! سنوات وصرختي في أحضان الكلمات المتوهجة في أحضان معاني تعابير الأعماق مدوية..! بجمل الدم أملأ المدينة صوتاً مدوياً فلن يخرج لإستقبال ندائي أي مسافر أي ريبع أية ضفة!! لن يتعرف الأفق على سيمائي ولن ترفرف الظلال بأجنحة الراحة لي والمياسم تغلق الطرق في وجهي والاسوار لن تعلق صورتي في بوابة ذكرى واحدة! سنوات وفتاة الحظ، ملاك الأمل تقول سآتي حالاً وأنا في الإنتظار دون أن تأتي!! وإنتظاري نهرٌ شلالاته متجهة نحو البحر والبحر ساكنٌ عميق بلا هسيس ولا ضجيج لا حدود لعمقه!! سنوات وأنا احلم في سهوب الأحاسيس المحروقة ولم يغمض لي جفنٌ على أجنحة تاريخ الحسرات ولن يغمض لي جفنُ في غابات الفكر الثرة!! وأنا انتظر قافلة انا.. رائحاً غادياً نهرٌ واثقٌ أنا، أفيض واثباً وقد خطوتُ بخطى آمالي لكن شمس حظوظي لن تجيء!! <nowiki>***</nowiki> سنوات وأسارير الأسئلة تتفتح لكنها تغلق بمسامير شتى وخطوات الإنتظار تكلّ ولن يمرّ النور ولا ملاك الحلم يخرج من ظلمة القلقِ ابداً!! 20-1-1986 = تمثال = أستيقظت في زاوية إحدى قصائدي باكياً فلم أجد أبي ولا أمي ولا إخوتي وكانت الأمطار تضرب الأرض مدراراً فأبتلت ثيابي فلجأت إلى أحد الحان إيقاع القصيدة واشعلتُ ناراً تحت خيمةٍ كنتً قد أحضرتها لتوي من حانوت الجملة الأخيرة من القصيدة وتدفأت بها وأستعدت نشاطي وهممت بالرحيل وتوجست خيفة من الطريق الحالك ولشدة إندهاشي أستيقظتُ مذعوراً من صرخات إحدى كلمات القصيدة فلم أجد أبي ولا أمي ولا إخوتي ولا الخيمة عينها ولا القصيدة وكلماتها وأدركتُ أن قطار الصباح قد فاتني لأنني كنتُ مسافراً لحضور حفلٍ كان يقام فيه تمثالاً للشعر!!! 19/11/2018 = ثلاث قصائد قصيرة = 1 ـ جواز سفر جوازُ سفري عشقٌ أخضرٌ إمتدتْ جذوره عميقاً في أعماق الفؤاد والجسد المنتفض إن ضاعتْ، أو تمزقتْ إن لم تُمنحْ، أو أحترقتْ جلَّ جوازات السفر فإن جواز سفري هو عشقٌ مقدسٌ يثبتُ في موقعه أبداً 2 ـ العقد الحب والعشق ليسا عقداً يُزَركَشُ جيدكِ فتتركينه جانباً، أو ترتدينهُ تارة أو تخبئينهُ تارة أخرى إنها أشياء مقدسة تكمنُ في ثنايا النفس لتمكثَ دوماً في أعماق الروح! 3 ـ بيني وبينكِ بيني وبينكِ أخضرّت شجرة العشق وتوثقت أوراق علاقتها جداً فأسرعي إذن لنقطفَ ثمارها ما دام في الروح عزمٌ والقلب نشط!! = القلب يحتضنكِ = مثلما تغور قطرات المطر في أعماق الأرض لتصل جذور الأشجار العطشى فإنني سآتي كالمطر وأهطل على صدر ونهود عطشكِ لأروي عطش قلبكِ للسنين الخوالي!! هل تعلمين كيف تحتضن الأم المخلصة الأم القلقة طفلها الضائع بعد عودته!؟ إنني كذلك فبعد البعاد بعد الخريف بعد تساقط أوراق الشجر أضعكِ أنتِ الشجرة في حضن الحضنِ ليفتح لكِ القلبُ حضنه كي تترعرعي من جديد!! = الاحتراق = في سهوب الأحلام والحياة يشاهد دخاناً كثيفاً ألأنه موسم اللهيب الداكن أم إنه الربيع في مدار المواسم غاضباً، متجهماً، ضجراً؟! أسمعُ صوتاً من صدر عقيدتي يخفقُ من مزارع رُكبـي الخضر أسمعُ صوت غناءٍ وأناشيد تؤدى بحناجر الأيام ولهف الساهر نحو ضفاف وسع الآمال هل إنه سيماء أنهار الغابات وقد صبتْ في نوافذ الهموم وهو الطبيب والدواء لكل داء؟!! أرأيتَ.. أرأيتَ ذلك النهر أبلق العينين .. ملتوي العنق؟! لا يأخذ قسطاً من الراحة لا في الليل ولا في النهار لن يغض له عين الهموم سائراً نحو الجنوب؟! اذلك قلبـي أنا بفعل مسامير عدم وفاء الفاتنات ممزقاً ضجراً من الحياة في أحضان العشق قلقاً؟! أم إنه موعد لقاء عدم وفاء .. مدللة وهي في قاموس عشقها خجلة؟!! افكر فيكِ متى ألقاكِ؟ ليكرع لهف بُعدي مياه شفاه بُعدكِ؟! لتصب جداول الشهد في النهر!! أفكرُ فيكِ متى أنثر بيادر أحلامي بين يدي رغباتكِ؟!! متى أقالكِ لأدفنَ جراحي بين مقدم دلالكِ؟! لأمشط جدائل كلماتي في مرآة عهدٍ لأزفّ لكِ بشرى سعادة قبلةٍ جديدة؟! حين أعود.. أحملُ لكِ في كون فؤادي وسع القبلات الجديدة حين أعود اغدو حلماً آخر في خيال الأفكار الدقيقة منبعثاً في حياتكِ المتلهفة!! عزيزتي الكونُ دونكِ غصنُ شجرة هشيم مابعد الربيع في مهب لهيب حسراتي تضترم فيه نيران العشق محترقاً إلى الأبد!! = مع الطبيعة = تحدثتُ إلى المطر فهطلت علي مدراراً أحتميتُ بالصور فأنقطعت عني عيون السهر <nowiki>***</nowiki> صادفتُ نملة تحمل عبء يوم لا تقوى على حملها في طريق يغالبها عثرات النوم <nowiki>***</nowiki> الأنوار ترسل مخبريها في الأنحاء يجمعون عنا أسرار المساء لذرها في عيون الأخبار <nowiki>***</nowiki> تعبَ البدر في غابات السماء أطفأ ضوئه وأستراح في ظل الرجاء <nowiki>***</nowiki> أخبرني النهر بقدوم الفجر لملمتُ دثاري وأقتفيتُ الأثر <nowiki>***</nowiki> = الصمت = صمتي یقلقني لا خیار لي سوف أدلف إلی حزني وأتسكع علی قارعة وحدتي لأتسلق هامة الوجد رافعاً عقیرة العصر فوق مهماز النسیان لیتني لم أقبل قدوم اللیل فالنهار أولی بعیون الزمان هالة الورد توشك أن تقتفي إثر الإحسان!! = قصائد قصيرة = 1-النهج كلاّ لن أطرق على بابِ شعوركِ كلاّ لن أرنو إلى غمزةِ نظراتكِ كلاّ لن أوجه إليكِ لحاظَ القلقِ كلاّ لن أوقف شهقاتُ أحلامكِ عند عتبة الإنتظارِ كلاّ لن ألتقط لكِ صور للذكرى إني أحمل حضناً من الكلمات أسيرُ في طريقي لن ألتفتَ لأي بابٍ أو نافذةِ إنتظار هذا نهجُ حلُمٍي وقد صممتُ أن أجتازه!! 2. الفأس كنتُ أقف في المطبخِ وإذا بقطٍ يموء كان قادماً ليقتسمَ معي ميراثَ والدي وهو فأس كليل لم يكن ليقطع غرساً!! 3. الخسارة دون أن تشحذ سكيناً دون أن تخرج الخنجر من نصله دون أن تشهر سيفاً قبل أن تستعد لإطلاق رصاصة خسرتَ المعركة!! 4.الطريق إلى أين يوصلنا الطريق؟ إلى أين يسير بنا الطريق؟ ماذا يحل بمصيرنا الطريق؟ من يصادفنا على الطريق؟ بمن يُعرّفنا الطريق؟ كم يتعبنا الطريق؟ كم يأخذ من سنين عمرنا الطريق؟ لقد قطعناً طرقاً كثيرة وبقينا زمناً طويلاً ولم يردُّ الطريق على أسئلتنا!! 5. لا تثرثر!! لا تثرثر ستدفعُ الثمن غالياً!! لا تثرثر ستكلُّ جُمَلُكَ!! لا تثرثر ستستهلكُ كلماتُك!! لا تثرثر ستتشوه أقوالُكَ!! لا ثترثر ستحترق شعاراتكَ!! لا تثرثر إن ثرثرتَ... ستثرثرَ أكثرً!! 6. العمر ذبُلَتْ أوراق العمر أصفرّتْ جنابذ العمر أرتدى العمرُ الرداء الأسود أرتشف العمرُ سموم الماضي صرخ العمرُ كم حاولَ العمرُ ألا يمسكَ الشيخوخة يديه ألا يرسلَ إلى أحضان النسيان ألا يدون إسمه في سجل الذكريات ولكن.. ولكن أخيراً توقف الكَدّ في المحطة الأخيرة ولم يلتفتُ إليه أحد!! من ديوان (آخر كلمات القمر، 2019). الساعة لو كان هذا الحجر.. ساعةً لو كانت هذه الساعة حجراً وهذا الوقت شهقةً والشهقةُ وقتاً فالحجر والوقت والشهقة ليست أصدقاء الشمس والشمس لا تحتضن الشعاع فيما الحضن يزعجُه سيماء الظلام والسيماء يعتبر الساعةَ حجراً والحجرُ لا يفهمُ السيماء والساعةُ تعلنُ الإضرابَ فيما الإضرابُ لا يمنحُ المُهَل والمهلُ لا تتسكعُ في شوارع الحظرِ فالشارع في إنتظار حظرِ المُهَلِ الحظرُ بطاقةُ المُهَلِ والبطاقة لا تعرفُ المُهَلِ فيما الرياح لا تعرفُ أيب منها والرياحُ لن تهبَّ من الجنوبِ من أجل البطاقة فيما الجنوب يحظر ريحَهُ من النسيم والحظرُ قلادة تتلاعبُ بها البطاقةُ والمُهَلُ في إنتظار حبات القلادة واحدة إثر أخرى والقلادةُ في ججيدِ الحظرِ والحظرُ يُحظِرُ نفسه من الحظرِ والحظرُ ساعة تُحظِرُ الثواني والدقائق من الحظرِ تتمددُ الثواني في أحضان الدقائق فيما لا تدور الدقائقُ في مداراتها والمدار يندهشُ من مدار المدارِ فيما تختنق الدهشة أمام المدارِ الساعةُ حجرٌ والحجرُ ساعةٌ عداد الحجرِ وقتٌ والوقتُ عدادُ الحجرِ!! العمر ذبلتْ أوراق العمرِ أصفرّتْ براعم العمرِ أرتدى العمر دثار السواد أرتشفَ العمرُ سموم الماضي صرخ العمرُ حاول العمرُ ألاّ تمسهُ أيادي الشيخوخة ألاّ يُجرّ إلى أحضان النسيان ألاّ يدون اسمُهُ في سجل الذكرياتِ ولكن.. ولكن ذهبتِ الجهودُ سدى وتوقف في المحطة الأخيرة ولم يلتفتَ إليه أحد!! ندين ذلك الشاعر ندين الشاعر الذي سرق الجملة الرئيسية العسلية من النحلِ وهو يسبح في نهر الكتبِ دون أن يعظَ أصابعَ الندم ويسحق أزاهير القصائدِ ليغرسها في الجملة التابعة وهو يعرّي الطبيعة من دثارها ليحملها لأطفاله القرود ويُغيّر لون الأنهار في ميادين الإستعارة دون أن يسمع دموع لحاظِ القوافي ندينُ ذلك الشاعر الذي أخجلَ جملة النحل وأزف بشرى الموتِ للربيع ونحطمُ مكتبة أحلامه ندين ذلك الشاعر الذي لم يَهدهد طفلة الطبيعة ونكأ جراحه ندين ذلك الشاعر ونضرم نيران الإنتقام في شوارب ولحايا حيله ونرمي بأوراقه البالية ونجعله عبرة لعالم الشعر والشعراء والكلمة والصورة وقوافي العصر. أنت لستَ شاعراً؟ أنتَ لستَ شاعراً في كرشكَ بقرةُ حقدٍ تخور!! أنتَ لستَ شاعراً في أعماقكَ كلبُ إنتقامٍ ينبحُ؟ أنتَ لستَ شاعراً في قلبكَ ذئبُ ضغينة يريد إنتهاز الفرص صيفاً وشتاءً ليعوي!! أنتَ لستَ شاعراً في شفتيكَ بحارُ شتائمٍ وكلّ شتيمةٍ يطلُّ برأسها لتنشر السموم!! أنتَ لستَ شاعراً لكنكَ تمتطي ظهر القصيدِ لتحطم ظهر الجُمل والصور والإستعارة !ّ! أنتَ لستَ شاعراً تحطم قصور القوافي والوزنِ!! وتتسبّبَ في إنهيار قمة الإبداعِ!! أنتَ لستَ شاعراً إمزق جواز سفركَ تخلّ عن عروس القصيد أجمع مؤلفاتك وأضرمَ فيها نيران العصرِ!! الناظر لن أرنوَ إلى ناظريكِ أرى فيهما مصيري!! لن أرنوَ إلى ناظريكِ أري فيهاما لياليّ لن أرنوَ إلى ناظريكِ لنْ أنتظرَ فراشاً خالياً ولن أنحنيَ لنوافذ الإنتظار لن أرنوَ إلى ناظريكِ لنْ أُطعِمَ أحصنةِ التوقعاتِ ولن أتخلى عن لجام الدموعِ لن أرنوَ إلى ناظريكِ أمددُ إلأيهما أنامل الحنينِ لن أنكأ جراج الجراحِ في أتون الجراحِ لن أرنوَ إلى ناظريكِ ليستا مرآةِ أملٍ لأرى فيهما قامتي وأدور حول قمرِ الدواء وأتلوى في آلامِ العهودِ لحاظكِ سيفا نظراتِ تنكأ جراحي!! قصائد قصیرة 1 . السماء أنتِ ترنو السماءُ ليستْ سماؤكِ والقمر والنجوم لن تتلألأ والأيامُ ليستْ أيامكِ والشمسُ والآفاق لن توزع إبتساماتها البابُ ليست بابكِ الشبابيكُ والنوافذُ مغلقةٌ والحدائقُ ليستْ حدائقكِ وجنابذ الورود لا تبتسمُ بدوركِ تحملينَ قلادة الهمومِ لتفتحي ياقة الدموعِ تحت سماءٍ بلا سماء لتحملَ هموم الهمومِ لأم الهمومِ رويداً رويداً!! 2 . الفراشة فراشاتكِ قطيعُ غزلان متمرّدة ترفرفُ بأجنحة السعادةِ في لوحاتي أمنياتُكِ قطيعُ أحصنةٍ تعبى تركضُ في حقولِ أحلامي كلماتُكِ سربُ سنونوات تائهاتٍ تطيرُ من أجل الإجابة على سؤال العشقِ عهودكِ بالونات في أيدي أطفال الحيّ تحملها رياح الجنوب نحو قممِ الجبالِ!! 3 . اللوحة سأرسمُ لكِ لوحةً ملأى بالفراشات والأسماك الصغيرة سأرسمُ لكِ صورةً لا تتعرّفي فيها على نفسكِ تعلقينها في إطارها الذهبي على جدار الذكرياتِ!! 4 . تنفس قلتِ إنني أتنفس بالهواء الذي يهبُ من جهتكَ قلتِ ساضعُ يدي على صدرِ ذلك الوفاء الذي تبديه قلتِ سأغدو صديقة البحر الذي تهدهده قلتِ إنني سأمسح تلك الدموع التي تنزل على خديك قلتِ إنني أحبذُ العصيرَ الذي يروي عطش شفتيك قلتِ إنني أريد تلك الحياة التي تعيش فيها بسعادة قلتِ .. قلتِ.. خرجتْ كلماتكِ من شفتيكِ وأصبحتْ بخاراً تذروه الرياح!! أنا موجود!! (أنا أفكرُ، إذاً أنا موجود)!!(*) أنا أشكُ، إذاً أنا موجود!! أنا أكتبُ، إذاً أنا موجود!! أنا أقرأ، إذاً أنا موجود!! أنا أعملُ، إذاً أنا موجود!! أنا أسيرُ، إذاً أنا موجود!! أنا أتحركُ، إذاً أنا موجود!! أنا أعيش، إذاً أنا موجود!! أنا أتكلمُ، إذاً أنا موجود!! أنا ألعبُ، إذاً أنا موجود!! أنا أغضبُ، إذاً أنا موجود!! أنا أجادلُ، إذاً أنا موجود!! أنا أصارعُ، إذاً أنا موجود!! أنا أسافرُ، إذاً أنا موجود!! أنا أناقشُ، إذاً أنا موجود!! أنا أضحكُ، إذاً أنا موجود!! أنا أحللُ، إذاً أنا موجود!! أنا أحاربُ، إذاً أنا موجود!! أنا لا أعرف الهزائم، إذاً أنا موجود!! أنا أخلدُ للنوم، إذاً أنا موجود!! أنا أستيقظُ من النوم، إذاً أنا موجود!! أنا أتغدى، إذاً أنا موجود!! أنا أتعشى، إذاً أنا موجود!!(*) أنا أفتحُ الأبواب، إذاً أنا موجود!! أنا أغلقُ الأبواب والنوافذ، إذاً أنا موجود!! أنا أكره الطغاة، إذاً أنا موجود!! أنا أعشقُ الحرية، إذاً أنا موجود!! أنا أتواصلُ، إذاً أنا موجود!! أنا أناضلُ، إذاً أنا موجود!! أنا أبكي على وجودي، إذاً أنا موجود!! أنا موجود، ووجودي مرتبطٌ بالحياة!! بل هو الحياةُ بعينها وعدمه هو الفناءُ بعينه!! (*) مقولة (رينيه ديكارت) الشهيرة السقوط السقوط طريقٌ ذي مخرجين السقوط طريقٌ ذي مخرجين مخرج يستمر دون أن يعود والمخرج الثاني لن يعود ليظل مستمراً السقوط أستضافني لمراتٍ ثلاث دون أن التفتَ إليه مرةً سقطتُ من على ظهر حصان الحظ فتماسكتُ بلجام الزمن ومرةً سقطتُ في الإمتحان الشهري في درس العشق فعبرتُ بكتاب رسالة دموع ومرة عبرتُ منحدر التعلم وصدمتُ عمود مرآب الخروج فتدربتُ أسبوعاً لأنقذ نفسي!! ومن يومها توترت العلاقة بيني وبين السقوطِ ليولي هارباً = من ترجماته = = قراءة في ديوان فان إيروتيك للشاعر قوباد جلي زادة = بقلم : مكرم رشيد الطالباني عن دار آراس للطباعة والنشر في مدينة أربيل صدر للشاعر قوباد جلي زادة ديوان (فان إيروتيك) وهو ديوان شعري أنيق في الإخراج والتصميم والطباعة، وغني في المحتوى والمضمون، جل قصائد الديوان كالمقاطع الشعرية اليابانية أو السوناتا الشعرية، قوية في إختزال الصور وغنية في مغزاها تشبه البرق في إصابة الهدف أو إصابة نظر المرء، وقد أزدانت صفحات الديوان بصور تخطيطية ملونة من عمل الفنان رستم آغاله، حيث أعتبر الشاعر والفنان هذا العمل عملاً مشتركاً لهما، وقد أصدر الشاعر قبل عمله هذا ديوان إعدامات الجنة حيث قام الفنان رستم آغاله برسم التخطيطات لهذا الديوان، كما قام الفنان آغاله بعمل غلاف مجموعة الشاعر الشعرية المعنونة بإعدامات الجنة يمتاز عمل الشاعر هذا بالتعبير والجمل القصيرة والمعاني القوية التي تصدم المتلقي وتؤثر فيه ليشعر بجمال تلك التعابير والإبداع الشاعري الجميل المتفرد الذي يدفعه إلى التفاعل مع الصور المعبرة والإندهاش والإنبهار بها، ويقول الشاعر والفنان في مقدمة مشتركة لهذا العمل المشترك أنهما حاولا عن طريق الكلمة والصورة التعبير عن خلجات الإنسان ورفع الخجل عنه وخاصة في المجتمع الذي ينتميان إليه الذي يخفي وجهه الحقيقي منذ قديم الأزمان والإفصاح عن هذا الوجه الحقيقي له من خلال الكلمات والصور القوية التي تصيب أهداف الشاعر والتخطيطات المعبرة التي تحول الكلمات وخلجات النفس البشرية إلى صور، كثيراً ما يتمناه الشاعر أو بالأحرى الفرد المنتمي لهذا المجتمع الحديث القديم، وقد يقولان أنهما حاولا تحرير النصف الآخر مثلما حاولا في عملهما هذا تحرير الرجل أيضاً من العقد والخلجات التي يشعر به! ا ويريد التعبير عنها أو التمني بفعلها وهو يعيش في هذا المجتمع الذي يخفي العديد من الصفات التي تجعله ينبهر لرؤية صورة تخطيطية عارية أو قصيدة عارية مليئة بالصور المعبرة التي تدفعه إلى التمني برؤيتها . هذا ويتكون هذا الديوان من محاور ثلاثة، المحور الأول عن فان ملكة الجمال والعشق ويخصص الشاعر لها مستهلاً من ثلاث نجوى وإحدى عشر ليرة عبارة عن مقاطع شعرية والمحور الثاني من أثنين وعشرين مقطعاً والمحور الثالث من مقاطع مختلفة قصيرة نحاول ترجتمتها كاملةً : فان .. خرجت ذات صباح (فان) ملكة الجمال والعشق من كهف شاندر(1) ورفعت جيدها الأهيف وتوجهت بنظراتها للشمس وقالت : إلهي ... أن اللحظات التي تمنحها لإرهابي، كي يذبح فيها طفلاً، لم لا تمنها للعشاق المتلهفين .. ليمارسوا فيها العشق !؟؟ إلهي .. إن الأراضي الواسعة التي تمنحها لإرهابي كي يلغمها لإغتيال العشق، لماذا لا تمنح شبراً منها لعبادك العشاق .. كي يزرعوا فيها العشق والورود !؟ إلهي.. إن بحار السموم المترامية ، التي تضعها يومياً في قبضة إرهابي، كي يعدم فيها الجمال، لماذا لا تجعلها نبع سكرٍ وتبتل به ريق رضيع يتيم !؟؟ فان.. وقبل أن تعود إلى الكهف نثرت جعبة من ليرات العشق عند أقدامها، منحتها لها شاعر عاشق أشيب الرأس في موعد لقاء ليلة ظلماء ! الليرة الأولى أعطني كأساً من خمر شفتيكِ كي أمتلأ زقزقة الشباب !! الليرة الثانية أنسجي من خصلات شعركِ الذهبية جناحاً لي كي أطير به نحو حدائق السؤدد المعلقة !! الليرة الرابعة أعطني .. أعطني باقة من طيف نهديكِ كي أبحث في الليالي الحالكة السواد عن ورود السعادة الضائعة . الليرة الخامسة أعطني من جرة عينيكِ السكرتين كأساً كي أرى امرأة الأعناب عارية ! الليرة السادسة أعطني خنجراً للإنبعاث ثانية ومعولاً كي أحفر به ضريح الخلود في شط العشق الليلة السابعة أعطني الليلة طفلاً مؤنفلاً أمنحيني قدراً من الرحمة الليرة الثامنة لقد سمُلَتْ عيني أعطني كأساً من النوم ! الليرة التاسعة خذيني تحت هطول أمطار ناظريكِ لكي ينبعث صحراء الروح في أتون السَكرِ ! الليرة العاشرة أتركي يدي سوف أجد بنفسي تلك الطرق التي تؤدي إلى الفراق ! الليرة الحادية عشرة أيتها الرضيعة لا تمسكي يدي إنني خبرت كافة بساتين التوقد مد مجنون ذي لحية رثة ممزق الثياب رأسه نحو فوهة الكهف وغنى أغنيات ثلاث لـ(فان ) : 1 نحن نقتل الرجال علناً ونمارس القبل في السرّ 2 في طفولتنا.. قبحوا صورة الرب والمرأة في نظرنا الإله سيف والمرأة العورة 3 خلق الرب فان في ست ليالٍ وأستولى على جمالها ثم أستراح 28 من الشهر (فان) .... من كهف شاندر إلى زاوية جميلة في سرجنار(2) 1 سرجنار غارقة في النور يقولون أن نجمة قد هوت فوق تلة ! 2 من يوطيء بقدميه على التلة .. تهطل الورد والقطن والعسل والطيف واللذة معاً ! 3 تلك التلة.. التي تسمع وقع خطواتنا تغدو شجرة باسقة و نتحول نحن الأثنان إلى حمامتين بيضاوين ؟ 4 ملأتِ ناظري جمالاً إلى أي من أعضاء جسدي تتدفقين بعد 5 لو لم يكن هناك ثقل جمال (فان) لكانت الأرض تدور أسرع حول الشمس ! 6 لو لم تكن فان لكانت الأحلام بالأبيض والأسود ! 7 تنام الشمس في شعرها والقمر على صدرها ليلاً ! 8 بقي لفان شبراً كي تصل يدها للسماء ! 9 في تلك الليلة كانت فان أطول قامة من جل أشجار سرجنار ! 10 لم يكن فماً كان موقد جمرٍ أحرقت شفتي تارة وتارة لساني ! 11 غدت قبلاتنا جدولاً من الألوان ليصب في نهير سرجنار ! 12 غسلتني فان بالعسل وجففتني بالطيف وغطتني بالشعرِ 13 من ناظريها السكرتين تندلق جرتين من الشراب في روحي 14 من طيف صدر فان وشعري الأبيض تهطل أمطاراً فضية ! 15 لو لم يكن نور فان لكانت شفتاي واناملي العشر تضيع في الليالي الحالكة ! 16 حتى أن لملمت فان عسل التلابيب المندلق وطيف النهود المتناثر وعقد القبل المنفرطة فقد أقبل منتصف الليل 17 لا زالت أصابعي تتوهج إنها توهج طيف نهود فان النورانية 18 وقبل أن تهم فان بالنزول وضعت قلبي في حقيبتها اليدوية لتفرّ به ! 19 يفوح مني عبق فان أخاف دخول البيت سأنام الليلة ... في سيارتي ! 20 وحيداً سأعود إلى التلة فتسأل التلة عن أخبار فان سيمتلأ كأسي دموعاً ويمتلأ حضنها قبلاً ذابلة ! 21 هذه التلة تعلمت العشق منا فمنذ المساء وحتى طلوع الشمس تتبادل الرسائل مع التلة المقابلة 22 سافرت فان.. لذا تراني إلى الأبد في هذه التلة المهمومة شجرة من أشجار سرجنار الكدرات القبلة القبلة موقد تطير الروح من الخطايا الموج النهر يغتسل بمياه الامطار ورغوة الأمواج الصغيرة ثوب يرتدي النهر دوماً ستياناً طويلاً وخفيفاً تشمس فتح الماء أزار صدره وبدأ يتشمس الوداع نواظر السحب تذرف الدموع البستان مهموم والريح مصاب بالخدر أنه موسم رحيل الأوراق الشراب قال العنب : أن سبب مرارتي وملوحتي هو حقداً من ضيق وحلكة الجرة ! حجاب حين تكون الشمس في السماء يتحجب القمر بحجاب الخجل ! عشق أندلقت نجمة على سرداق امرأة ! نبع إنه جرح قلب الارض الذي ينزف دوماً ! فلذة كبد الشمس زوج القمر والنجوم فلذات كبديهما ! خليج النهر شاب طويل القامة ، رفيع الخصر يسير على عجل حاملاً باقة من الورود تنتظرها في الطرف الآخر من العالم امرأة ذات عينين زرقاوين اللص يتلصص القمر من منافذ الهوادج على عرينا ! ملاك الغيم رجل أشيب ماسوشي لن يقر له قرار حتى ما ان تعمد الملائكة إلى ضرب ظهره وخصره بالسياط نيزك النيزك طفل السماء المجهض ! الكلة كي لا تراهما النجوم عاريين يلتقي القمر والشمس في ناموسية السحب ! العريس كيف يقوم البرعم بكل رقته هذا بتزريف فروع أشجاره ؟! تفتح حكت النحلة نكتة للبرعم ! اللون بلل المطر جناح فراشة غدت الفراشة قطعة من الألوان ! قلادة صفصافة طرية سقطتت قلادتها في النهر فأبتلعت كل سمكة خرزة منها ! بذور الذي يتساقط من السماء لقاح يملأ رحم الأرض برضع الأوراق والزهور ! رضيع تلك الريح لا زالت لم تنمو لها جناح تلعب مع أوراق الشارع المتهاوية ! ربيب النجوم الأصطناعية التي تمر مسرعة في كبد السماء ارباب القمر اربعة عشر حين يشعر القمر أن السمنة قد أدركته يمارس رياضة الحبال يومياً وفي الليالي يمارس السباحة في البحار والمحيطات حتى يدركه التعب جنبذة لقد نزعت كل هذه الورود حجابها غير أن هذه الجنبذة تشبه فتاة أفغانية محجبة تخجل من أن تنزع حجابها ! رغوة في هذه البحيرة الصغيرة ترى نجمتان تغسلان الظهر الأملس للقمر برغوة الشعاع عطف تمسك الريح بساعد ورقة سقطت على الارض تريد إعادتها من ساق الشجرة إلى حيث الفروع ! ستيان فتشت الريح وجدت جيوبها مليئة بحاملات النهود سروال عكس الإنسان فإن السماء وقبل أن تهم بالتبول تلبس سروال الغيوم ! الوسن جراء آهات الأوراق المتساقطة ومعاناة الشجر لا القمر يخلد إلى النوم ولا قطة تتثاءب ! استراحة في كل ليلة أفرش لباداً من حرير الشعر = قوس قزح = شعر: محمد أمين بنجويني ترجمة: مكرم رشيد الطالباني (1) لو تحدثت الأيدي مع الأيدي الأخرى<blockquote>لو لو تحدثت الأيدي مع الأيدي الأخرى لو أضاءت الأعين مع الأعين الأخرى لو نبتت القلوب في القلوب الأخرى سيخلق الأمان والعشق والحياة نعيماً وتتزين الحدائق وترتفع قهقهات سمفونية الضحك إلى عنان السماء (2) القمر يحلم أحد الفقراء بأن القمر غدا رغيف خبز يحلم أحد الأغنياء بالقمر متى يشترى قطعة منه ليبني عليه غرفة للتجارة ويحلم أحد الأطفال أن القمر قد غدا أمه والحواريات منهمكات في تجميلها حلم العروسان أنهما يتجهان في هودجهما نحو القمر وذاقا طعم شهر العسل هناك بدوري حلمت أن القمر غدا جبيبتي وقد غطتها سحابة سوداء (3) أنا طوال عمري لم أؤذ أحداً غير أنهم يلكزونني بالإبر يومياً طوال حياتي لم أطلق النار على أحد غير أنهم يرمونني بالرصاص يومياً طوال حياتي ما ذبحت طيراً غير أنهم يقدمونني قرباناً كل لحظة فهل هذا هو دعاء أمي لازال يلاحقني ؟ هل هذا دعاء أمي وقد تحقق جراء مشاكستي أم إنني ملاك تزول عني خطاياي جراء هذا التعذيب ؟ (4) العيون أعشق العيون كثيراً حين تتلألأ كالنجوم وكثيراً ما حللت ضيفاً على النجوم وحدث مرة أن قامت نجمتان بإيوائي وقامتا بهدهدتي بتلألأهما وكأنني طفل رضيع وشدياني بشعاع نورهما وبعد مضي فترة أصاب العمى العيون.. وغربت وسقطت بدوري من السماء وبعد ثلاث سنوات حللت في مضيف نجمتين أسعدتاني ليلاً وقامتا تطمئناني فؤادي الجريح والمخطوف وفجأة أختبأتا خلف غمامة سوداء كنت طيراً شريداً وقعت في شرك صياد ماهر ومنذئذ بدأت الحرب بيني وبين النجوم النجوم هناك في الأعالي منهن يضحكن إستهزاءاً بي وأنا قابع على الأرض وقد جن جنوني لازلت ابكي وأولول (5) قوس قزح حين أشاهد قوس قزح أتذكر ربطة المهد التي كانت والدتي تشدني وأخوتي وأخواتي بها حين كنت طفلاً عشقت القوس قزح كنت صغيراً حين كنت أراه فوق قمم الجبال كنت أود التشبث به لأرتقي إلى السماء هل إن ذلك كان من اجل أن أتحرر من لحد وقيود أربطة المهد أم إن لون المهد ورباط المهد مستمد منه ! (6) اللحد والمهد بين اللحد والمهد تباين نسبي المهد يقضي على هواء الحرية والنفس والروح واللحد يمتص جسدك وجثتك وعظامك لذا تجد الكورد عصبيو المزاج أفظاظاً لأنهم ذاقوا عذاب لحد المهد ! (7) الروح تسافر روحي مع الغيوم حتى تصل إلى البلاد على أمل أن تتساقط من خلال قطرة مطر على مدينتا كي يلهو بها الأطفال ! (8) الشموع الشموع تشاركني البكاء حتى الصباح إنها تعطف علي بلهيبها وفؤادي يعطف عليها إنهن يذرفن دموعاً حمر أما انا فأذرف دموعاً عفصي اللون وكلانا نحترق فغدون بدورهن شموعاً أما أنا فقد استحلتُ فحماً !</blockquote> = أوراق على الرصيف = أوراق على الرصيف شعر: دلشاد عبد الله ترجمة: مكرم رشيد الطالباني الدفتر لكل دفتره ليس الذي يدون فيه الملاك على كتفيه خيره وشره وليس دفتر النفوس وليس دفتر الأرباح ورأس المال دفتر سجل فيه البكاء منذ الطفولة ودون على كل صفحة حكمة ما: أيها الرب إن أكبر رأسمال والذي لا ينضب أبداً هو دموعي أنا! الرسالة الأولى لم يتم إثبات سر الرسالة منها رسائل الأصدقاء والأحبة منها رسائل الغرباء وأجملها هي لهؤلاء الذين يظلون مجهولين بعد رحيلهم لا يعرف أحد لمن كتبتْ الرسالة 2 تنقل الرسائل في طرود إنها خفيفة الوزن فجلها فراشات محترقات النقد أحول العينين ينظر إلى شيء لكنه يرى شيئاً آخر زعل كثيراً ما يطلبون الأشياء الكبيرة واللامعقولة نتوجس خيفة أن تزعل منا الأشياء الصغيرة فما قيمة السحب بلا مطر؟ وما قيمة أوراق الشجر دون الغابات؟ الضفاف ليست الضفاف حدوداً للنهر بل جدائله الخط امرأة نائمة حمام النساء سماء ليلة مظلمة والنجوم تتلألأ هناك جمع لكل شيء جمع إلا الإنسان لا جمع له الذهب الشمس جل أشياء الذهب وقلبه أيضاً الحلم فراشة عمرها لحظات قليلة السر دن الخمر إن أحكم إغلاقه يعطي مذاقاًلا أطيب الصحيفة سحابة تفقد أمطارها الرماد ليس للعنقاء رماد سيجارة ليلة تمضي قبالة شمعة وهي تذوب الشفة شراب في كأس إن لم تذقها لن تدرك لذتها الزي سحابة مهما كانت شفافة يغدو سمائه أكثر مذاقاً العلو أنا والطيور ألفنا الأمكنة الشاهقة المنية ترتفع المنية أحياناً وتغدو شمساً وتغادر الحياة البائسة في السهول الخاوية دعاء لو كان بإمكاني لسميت السحب دعاء وعند هطولها تبلل كل شيء جراء دموعها القمر يسع طاسة ماء فالجمال لن يقاس بالأحجام كبيراً أو صغيراً كان الضوء ينام القمر في قارورة الخمر لذى ترى ضوءه سكراً دوماً الصمت حين تنضج الوردة تفتح وريقاتها والرمان ترمي بقشرتها والشفاه حين تنضج تُغلق قراءة حين تقرأ كتاباً تصبح نديماً له وحين تقرأه كثيراً فإنه يبحث كي يقرأ الهاتف ليس شرطاً أن يكون الآخر الذي على الخط أن يكون شخصاً يحتمل أن تكون خوخة حزينة وهي تهاتف من أقاصي الدنيا تمثال ينهمر علي كل هذا المطر لكن لا يناولي أحدهم مظلة ما القلب بيت بلا جدران ذات ألوف البيبان كرميان هويتها النساء المتشحات بالسواد بحيرة كانت خيالاً لم تصب في أية مياه أخرى فأصابها الجفاف الأوراق الحمراء أين وجدت الأوراق الحمراء إنها آثار أقدام الرب الدماء من بين كل الألوان أختارت لون تلك الشجرة التي حرمها الرب همدان همدان ملأى بأشجار الأسفنديار الحمراء وأكثرها إحمراراً رباعية لبابا طاهر نزلت من أجل فاطمة القبر ليلة ليلاء أبدية المسيح إلى متى يبقى ذلك الرجل على الصليب؟ قابيل حين توفي قابيل أصبح أنتشر في مياه الينابيع نوستاليجيا في كل ليلة يقدم حلمٌ وياخذني إلى زمن الطفولة حين أعود فجراً تملأ الورود البرية طريقي فأحمل منها ملء حضني لمزهرية يوم جديد رأس المال الحلم أفضل رأسمال لن ينضب ابداً الخيال مهما كانت الدنيا صغيرة فإنها تتسع للخيال عن ديوان (الوصول إلى النار)، الصادر عن دار آراس للطباعة والنشر، 2008. = سورة البحث عن عنوان القصيدة = شعر: لطيف هلمت ترجمة: مكرم رشيد الطالباني طاهرٌ أنا كضالٍ إجعليني مذنباً بالقبلِ مذنبٌ أنا كصوفيٍ طهريني بالقبلِ <nowiki>***</nowiki> أحلمُ أحياناً إنها تقطعُ أناملَ يدها اليسرى الخمسَ لتقدمها لي فأجعل منها بدوري خمسةَ أوتارِ لفؤادٍ جعلتهُ قيثارةٍَ لإمرأةٍ سميتها ربيعاً <nowiki>***</nowiki> أحلمً إنها تغدو قفصاً أغدو فيه طيراً امرأةٌ سميتها ربيعاً <nowiki>***</nowiki> في يوم ميلادي يولد همٌ جديدٌ في يوم ميلادي يولد أنا آخر في يوم ميلادي يكونُ مولدى أعقدُ ذكرى ذكرياتي تهددني في ذكرى ميلادي في ذكرى ميلادي أخلقُ محيطاً آخر بأسلئتي <nowiki>***</nowiki> حين تعقبوها غدتْ طائرَ نقارة الخشب وأختفتْ في شق شجرة عملاقة حين قطعوا الشجرة العملاقة غدتْ سمكةً لتختفيَ في نهرٍ حين قاموا بإعتراض النهر دخلتْ في جيبِ الصياد حينما دلفَ الصياد يدهُ إلى جيبه جراء البرد غدتْ جمرةً من النار لتدفيء يد الصياد ومنذئذ كلما تجمد يد أي صيادٍ جراء البرد يدلفَ يده في جيبه <nowiki>***</nowiki> لديّ ثلاثة أصدقاء أنتِ وأنا وذاتي لديّ ثلاثةُ أعداءٍ ذاتي وأنا وأنتِ <nowiki>***</nowiki> لو لم يكن الأسود من كان يمكنه التعرف على الأبيض لو لم يكن الكذبُ من ذا الذي كان يصادق الحقيقة <nowiki>***</nowiki> إبني أربعة جدران أقم سقفاً ستولد غرفةٌ غير إن غرفة الشعر لن تبنى هكذا <nowiki>***</nowiki> إنتِ تعرفينَ لماذا هربتُ مبكراً من أحضان أمي كي أنتظركِ <nowiki>***</nowiki> ليست تلك التي ترتدينها في أذنيكِ قرطاً بل فؤادي وقد قطعتيه إلى نصفين إنظري إنهما تنزفان دماً <nowiki>***</nowiki> منذ قرنٍ أنتظرُ نفسيَ منذ قرنٍ تنتظرينَ نفسكِ لننتظربعضنا بعضاً قرناً <nowiki>***</nowiki> منذ ألف عامٍ نعشق بعضناً بعضاً منذ ألف عامٍ والعشقُ يمنعنا من أن نموت منذ ألف عامٍ والعشق لن يفسح لنا الفرصة لرؤية بعضينا <nowiki>***</nowiki> كوني كلمةً يمكن لأحد العشاق أن يحفرَكِ على صخرةٍ ما <nowiki>***</nowiki> جسدُكِ لن يتكلّمْ لكنه يناديني بمائةِ لغةٍ ولغة <nowiki>***</nowiki> في كل مرّةٍ أعثرُ في ذلك المكان على نثار زجاج وبقايا بارود أعتقدُ إنها نثارُ قُبُلاتنا <nowiki>***</nowiki> ثغركِ فانوس لياليّ جدائلكِ أوتارُ قيثارةَ قلبيّ <nowiki>***</nowiki> أدركَ الشيبُ جديّ وشاخ شاخ وشاخ غير أن كتابهُ لا زال في ريعان الشباب <nowiki>***</nowiki> تمعني هناكَ درجٌ نحو كلّ نجمةٍ يمكنُ أنه صنع من الريح <nowiki>***</nowiki> تمعني هناك درجٌ نحو كل بلدٍ يمكن أنه صنعَ من الضباب لكن ليس هناك أي طريقٍ نحو فؤاد بعضينا <nowiki>***</nowiki> الريحُ زوج الغابة يكنس غرفها دوماً المطرُ صديق الغابة يجلبُ لها العصافير دوماً الخريفُ ملك الغابة يقتلُ الأشجارَ ويحييها كلَّ مرّة <nowiki>***</nowiki> حين قرر ستالين معاداة الشعرِ قام فوراً بصنعِ سيوفٍ طويلةٍ حين أراد أوسيب ماندلشتام أن يكتبَ أجمل قصائده كتبها بدمهِ تحت سيفِ ستالين ... عن (ملحق الأدب والفن) لصحيفة (كوردستاني نوي) العدد (5266) الخميس (26/8/2010). = سيماء البعد ... عبق الوحدة = شعر: بزار حكيم ترجمة: مكرم رشيد الطالباني مهداة لـ: قلقِ إبتسامةٍ ما 1 إن حياتي على تلك الشاكلة: كنوع ٍ من الموسيقي الرتيبة 2 ولدتُ وحيداً حين أموتُ، سيموتُ معيَ إسميَ أيضاً إذن لن أموتَ وحيداً! 3 بعد عشر سنوات سيغدو عمري مثل حذائي، الرقم عينه حينئذ، سأنظم لهما إحتفالات بعيد الميلاد 4 لقد تغيّر كلُّ شيء حتى، الموت لا أدركُ لماذا! 5 إن سيجارتي.. تحترق لأجلكِ إشتياقاً، أكثر مني إشتياقاً أكثر مني 6 منذ رحلتِ لـمْ تعد الشمسُ تشرقُ أيضاً! 7 جراء بكاء أمي ستغرقُ الزقاقُ تحت فيضٍ من المياه تحت فيضٍ من المياه 8 أحبكِ، حتى وإن كنتُ ميتاً لأنني أتركُ فؤادي لديكِ 9 سأصبغُ جدران غرفتي بالبكاء كم أنا محظوظٌٌ؟ 10 سأبني من قشور البرتقال أعشاشاً للقُبَلِ 11 بعيداً بعيداً أكثرُ بعداً أرنو إلى نفسي ما أقصر البعدُ في ذاتي أنا؟ 12 لقد فزتُ بالـ(خسارة) الخسارة وحدها بقدرِ عدد سنين وجودي 13 سأخفي قصيدة امرأة مع رقمها السرّّي في محمولي خوفاً من أصدقائي! 14 سنسافر سنغني سنكتبُ معاً قصيدةً سنبصقُ على المستقبل سنبصقُ! 15 يجب أن أذهب.. سيتحدث أحد أصدقائي معي سموماً إنتظروني، سأعودُ سريعاً جثة هامدة! 16 لقد نسيتُ قصائدي في ذلك اليخت الذي أستخدمه لاجيءٌ شرقيٌ للوصول إلى أوروبا فلم أعثر على قصائدي ولم يعد اللاجيء من حيثُ أتى 17 إنكِ لا تعرفينَ .. إن مستقبلي هو شريطٌ مشدودٌ بجدائلكِ 18 أنا ووالدي نحبُ إنساناً له زوجة ولي أمي   19 في إنتظاري تحولتْ امرأةٌ إلى جرّة تتساقط منها البعاد قطرة فقطرة! 20 الدنيا تسير وتغرق مثل تلك السفينة التي يسمونها: Titanic 21 دائماً أحب هذه الأشياء: الكلاب ، الأعداء، النكود 22 لقد إمتلأت حقيبتي بالرِحلات فلن أفتحها بعد الآن 23 منذ ثماني سنوات ولم نسقي الزهور في اللوحة المعلقة في منزلنا أنا المذنب 24 حين لا تكونين موجودة هنا تكون كلّ الأشياء في نظري: أسود اللون ويكون للوجود معنى فارغاً 25 ضيعتُ أزراري واحداً إثر الآخر في أتون اللذة 26 إبتعدي عني عندها تدركين كم كيلومتراً تبعدين عن السعادة 27 حين أنظر إليكِ تصغر الدنيا صغراً صغراً صغراً 28 لا تُعَرِّفي الحياة إنكِ جميلةٌ ببساطتكِ تلك لقد أحببتكِ لأنكِ لا تعرفين ماذا يعني الحب <nowiki>***</nowiki> مهداة لسمر دياب العلاقة بيننا هي إننا لا نعرف بعضنا بعضاً لا نتبادل الأحاديث فيما بيننا لا نتقابل مع بعضنا بعضاً كم أنتِِ مهمةٌ لديّ في أتون القصائد. = أنا والريح = شعر: كريم دشتي ترجمة : مكرم رشيد الطالباني (1) أنا والريح دلفنا إلى منزل (مولانا) العتيق فصرخنا معاً أين هو أين هو دفوفك يا مولانا أين فغمرنا شعاع ضريحٍ قديمٍ نوراً فعدنا بذلك الشوق إلى بيت الرّب (2) كتبنا بندى الفجر على أوراق الحشائش أنا والريح كلانا من عنصر الزجاج قريبين من التشقق والتهشم الأبدي غالباً ما نفرش فراشنا في منزل العرموط ونهرب أحياناً إلى الأبد (3) عرجتُ على منزل الندى المائي وقلتُ له أن يكتب سرّ ذلك النجوى على أوراق الحشائش بالندى وحين أعود بنفسي إلى المياه أكتبُ تلك الحكمة بلون أوراق النعناع على صخور الحواف (4) أنا والريح صوتٌ نرتقيَ في روح الرّب ونُسكِرُ في رخيم المطر وفي جسد الحشائش نجتاز مدار السماء حتى قمة الجنون (5) أنا والريح ندلف من خلال الماء إلى منزل الضباب الرغوي نحمل حفنة من الأمواج الفضية ومن الغابة باقة من التلألؤ إلى السماء (6) حين كنا نسير في عتمة الجمال قرأنا كتاب المنية فأعادنا عبق العطر والزعتر إلى بساتين بخارا (7) أنا والريح من عنصر عشقٍ تتريٍ نحمل من بين أسراب الطيور وعورة قرون الغزلان من منزل الحشائش عروس الندى للفجرِ (8) دوننا بندى الفجر على أوراق الحشائش وعدنا إلى إرتقاء صخور الحواف والسفوح وكلّمنا أوراق الأشجار بقطرات المطرِ (9) أنا والريح رحلتنا طويلة أحياناً نعرجُ على منزل فراشات الخريف فارشين بعض رشفات الماء وصرخة من الأمواج وتحليقاً من الطيور وحضناً من هسهسة الحشائش ندركُ أنه سيأتي يوم كالزجاج ونعود إلى حضن شرخٍ أبدي (10) أنت أيها الشعر، يا نسيجاً في كف الأسرار ألستَ الذي يود العودة إلى السماء؟ ألستَ الذي تنادي على الروح وتريد إشعال النار في جسد الرّب؟ (11) أيها الشعر يا بيانو السيماء والعبق ذلك اليوم في صفار الأفق الدائري كان الريح ملتفاً حول جدائل الكون بدوري كنتُ مفتوناً بوسوسة جمالك (12) أيتها الريح يا ريح الآخر كنتُ أستطيع أن أفهمَ سرّكِ؟ لو لم تكون أنت أيها الشعر يا نقشاً يزين جيد غزلان ماني (13) مرة أفشتْ ريحُ الأزلِ سرّاً صغيراً لقلبـيَ ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن يقتاتُ قلبـيَ هذا على التراب في مدار البركان (14) أنتِ أيتها الرّيح، يا ريحَ الزجاج والعتابِ أنا منكِ، وأنتِ من الرّب هلمّي لنذهبَ بعيداَ بعيداً لئلا تقضيَ الوحدةُ على شعريَ لستُ إلهاً كي أبقى وحيداً وحيداً فقط عن مجلة (رامان) الكوردية . العدد (146) الصادر في 5/7/2009 = نتفٌ من المطر ... نتفٌ من العشق = شعر: إدريس علي ترجمة: مكرم رشيد الطالباني سأسميكِ: إرباً من القمر نصف فؤادي إرباً من الشمس مجموعةُ نجومٍ متناثرةٍ حول حوضٍ فماذ تطلقينَ أنتِ عليَّ من اسمٍ؟ <nowiki>***</nowiki> سأناديكِ السيدة سيوه خان الست مطر خرير الماء... صفير الريح ممرضة العشقِ العصفورة الأمّ فبأيّ اسمٍ تنادينَ عليَّ أنتِ؟ <nowiki>***</nowiki> سأقتربُ من نافذتكِ سأقفزُ منقلباً على رأسيَ فوق عشبِ حديقتكم سأشربُ من مياه المطرِ المتجمعة في حفرةِ زقاقكم أمّا أنتِ فإلى أيّ موقعِ من وحدتي تسكنين؟ في أي موقعٍ من هذه القصيدة تقفينَ حاملة مظلةً؟ <nowiki>***</nowiki> دونكِ أغلقُ البابَ في وجه الغناءِ وأقطعُ المياهَ عن الرياحينِ أتركُ ذاتيَ أتركُ الكتبَ والشرابَ ... وأنتِ قولي لي ماذا تقعلينَ من أجلي ؟ <nowiki>***</nowiki> من أجلكِ سأغدو عطاراً خرفاً سأغدو خادماً للمسجدِ سأغدو حارساً للعتمة سأشرع بطرد الحمائم سأصادق الذئاب سأكفِّلَ الحشرات سأتذوق السُّمَّ لن أغمضَ عينيَّ! أمّا أنتِ قولي أنتِ من أجليَ متى تطفئينَ فانوس الوحدة هذه؟ <nowiki>***</nowiki> دونكِ أبتعدُ عن الحضرِ سأسيرُ مع الزنابير بين ألغام أحاديثِ الناسِ لأصلَ إلى أكثرِ التخوم ِِ بعداً سأُغَيِّرَ جنسيتي وسأغدو مواطنَ الجحيمِ أما أنتِ هلاّ تفعلينَ شيئاً من أجلي؟ <nowiki>***</nowiki> بعدكِ سأغدو قمراً مخسوفاً سأحتجبُ عندَ منعطفِ غيمةٍ سأغدو حكاية ولّى زمنها سأغدو نكتة ممتعة سأغدو ناراً تحتَ التبنِ أما أنتِ فماذا تغدينَ بعديَ؟ <nowiki>***</nowiki> من أجلكِ سأُغيّرَ لون موقد منزلي إلى لون أحمرٍ عدا فؤادي الذي دفعتيه كي ييئس من الحياة <nowiki>***</nowiki> سأفتتح قرب منزلكم حانوتاً سأُخفيَ نفسي كبقالٍ حيّالِ خلفَ البرتقالاتِ سأُمطِرُ بابكمُ بحباتِ الكرزِ... بدوركِ هلاّ تأتينَ عصرَ أحدِ الأيّام لتعودينَ بكليوغرامٍ من الهمومِ الوردية؟ عن مجلة (هنار) العدد (68)، أيلول 2011، من إصدارات مديرية الطباعة والنشر ـ السليمانية. = من القصص التي ترجمها = = صيد الدراج = قصة وترجمة: مكرم رشيد الطالباني كنا جمعاً من الناس مجتمعين في بيت العم كريم وكان العم أحمد قد نزل في إستضافتهم، ذهبنا لمعرفة احوال أقاربنا الذين يسكنون والعم احمد في المدينة نفسها، بعد الترحيب والتحية والسؤال، فتحت ابواب أحاديث كثيرة، وكانت لحوادث الماضي حصة الأسد، وكنا نحن متلهفين لسماع مثل تلك المواضيع، حيث نصغي لها بإحترام بالغ . كان العم كريم ينفث في سيجارته ويتصاعد دخانها، ولم يكن يهدر فرصته في الحديث، فبدأ قائلاً : ـ كان لصيد الدراج نشاط بارز في تلك القرية، لذا كان الآغا قد جمع اعوانه حوله، وكان لكل شخص بندقية صيد ومسدس وخنجر، على الكتف وتحت الحزام تباعاً، إضافة إلى السلوقي والمكوار . وأستمر في الحديث: عندما كان يحين صيد الدراج، لم يكن الآغا ليمهل احداً، فيأخذ معه جميع أهل القرية للصيد، حيث كان يسلب جميع ما يصطادونه قسراً، ولم يكن ليستطيع احد أن يتفوه ولو بكلمة واحدة، يؤخذ الدراج إلى بيت الآغا ويقلى بالدهن، حيث يجلس الآغا وأعوانه وهم يتناولون لحم الدراج كالذئاب المفترسة، من جانب آخر كان الصيادون ينظرون في بيوتهم بقلق ويتنهد أطفالهم بحسرة . وأستمر العم كريم قائلاً: في ذلك العام كنت أصبحت لتوي إماماً لجامع القرية، كنت وعائلتي نسكن في صريفة من القصب اهداها لي أحد أقاربي، حيث كانت النسائم العليلة تهب علينا، في أحد الأيام كان الجو مشمساً ومن جهة نهر سيروان كانت تهب رياح دافئة تهتز على إثرها أوراق الأشجار، أعلن عن موعد بدء صيد الدراج، فبدأ الآغا وأعوانه وأهالي القرية التوجه نحو الغابة، وكنت حديث العهد ولم أرَ الصيد في حياتي، فهذه أول مرة أجرب فيه حظي وذاتي، وكان رأسي يهتز بين رؤوس أهل القرية. عند وصولنا الغابة، أطلقت كلاب الصيد فأستعدنا حيث حدث هرج ومرج، لم يمض وقت طويل إلا وسمعت منادياً ينادي: أمسكوا به.. فنظرت إلى ما فوق رؤوس القصب المنتشرة، وهناك رأيت دراجاً متجهاً نحوي، جاء ليحط بالقرب مني مختفياً بين الأدغال، هرعت دون أن أحدث جلبة أو أثير إنتباه أحد وأمسكت به بسهولة، ورميت به في جعبتي، أقترب مني أحدهم قائلاً: ألم تره، أنه حط هنا. قلت له لا أدري إلى أين ذهب. قال: إحتمال أنه أختفى بين الادغال . فأبتعد عني الرجل، تنفست الصعداء وأطمئن قلبي. وهنا بدأ أحد الأطفال مجهشاً بالبكاء، توقف العم كريم عن الحديث فأنتهز الفرصة ليأخذ نفثاً من سيجارته، أنقطع الطفل عن البكاء بعد تهدئته وأستمر العم كريم قائلاً : ـ أبتعدت عن موقعي قليلاً، كنت ابحث بين الأحراش والقصب فسمعت تارة أخرى: أمسكوا به . فنظرت حيث شاهدت دراجاً آخر متجهاً نحوي وفجأة أقترب مني وحط على الارض أمامي، فأستخدمت مكواري لكنني أخطأته لأسرع وجريت وراءه وتمكنت من الأمساك به بشق الأنفس، رميته في جعبتي أيضاً، وكاد احد الجذوع ان يبقر بطني. كان الآغا وأعوانه على صهوات الخيول، وهم ينظرون بإتجاهي حيث شاهدوني وقتما أمسكت بالدراج فأجتمعوا حولي، قال احدهم: أين الدراج الذي امسكت به؟ إن لم تخرجه لنا فإننا سنلقنك درساً لن تنساه. فأخرجتهما أمام انظارهم وقمت بذبحهما، ورميت بهما في جعبتي، حينما شاهد الآغا ما بدر مني، غضب وأمر بأخذهما مني قسراً، لكنني حلفت بالإيمان الغليظة بأنه لا يمكن لأحد أن يأخذهما مني، كوني لدي ولد مريض بحاجة إلى لحم، واللحم هو دواء مرضه، لذا ترونني فأني سآخذهما له، فغضبت بدوري وتركت المكان متجهاً نحو القرية، حيث تركوني وشأني، وعند وصولي البيت قامت زوجتي بتنظيفهما وبدأت بقليهما بالدهن . كان الآغا وأعوانه قد وصلوا القرية أيضاً، وجمعوا كل ما اصطاده الرجال من الدراج، حتى أن العم فرج كان قد اخذ دراجاً وخوفاً من الآغا أدعى بأن السلوقي قد ألتهمه. وأستمر العم كريم في روايته : ـ كان الدراجان في المقلاة على النار، أرسل الآغا رجلاً من أعوانه في طلبي قائلاً لي: ـ إن الآغا يأمرك بإرسال الدراجين له، ولم يحضر بنفسه لأن المقريء عباس هو الآن في إستضافته . فقلت له : ـ عد فإني سوف أجلبهما له بنفسي . ذهب الرجل وكنت جذلاً لحضور المقريء مجلس الآغا، فقلت في نفسي هذه هي فرصتي يجب الآ ادعها تهدر . وما أن انزلنا الدراجين المقليين من على النار حتى عاد رجل الآغا ثانية حيث قلت له : تفضل خذ هذا الفخذ من نصيبك . غضب الرجل وقال : إنك تستهزء بنا . وقفل لوحده راجعاً . بعدما تناولنا لحم الدراجين، تهيأت وذهبت إلى دار الآغا، ودخلت الديوان، كان هناك جمع غفير من الحاضرين، وكان الآغا جالساً واضعاً إحدى ساقيه على الأخرى وهو يهز إحداهما، أديت التحية والسلام، فلم يردوا التحية، وقفت ولم يجرؤ أحد منهم أن يقول لي: تفضل وأسترح. إلى ان قال المقريء عباس تفضل.. أسترح . وما ان جلست، وعوضاً عن الترحيب بي بدأ الآغا موجهاً كلامه لي قائلاً : ـ كريم، كيف يمكن لآغيين ان يعيشا في قرية واحدة ؟ ـ قلت له : أيها الآغا، إن قصدك واضح وضوح الشمس، لكنني لست بآغاً، وفيما يتعلق بالدراج، إني اقول إننا نحن الذين نقوم بإصطياد الدراج، لذا فإن لحمه محرم عليك كلحم الخنزير، والسبب واضح فلو بقر غصن أو جذع شجرة بطني، فإن الدراج يكون ثمناً لدمي، أنني لست على إستعداد لمنح الدراج الذي أصطاده لك، في حين يتنهد عليه اطفالي حسرة . فرد الآغا: حالك حال الآخرين، مثلك مثلهم. فقلت له: كنت في حياتي صادقاً، أمر بالقرب من الأسد ولن أهابه، إنك شره في تناول لحم الدراج فإذا اصطاد القوم دراجاً عليك أن تشتريه منهم.. لا ان تسلبه منهم قسراً وبالإكراه .. إن الله لا يقبل منك ذلك. إنني على يقين لو حدث مكروه لأحدهم فسوف تهمله ولن تسأل عنه ويذهب دمه سدى . واستمر العم كريم قائلاً : وجهت كلامي للمقريء عباس وسألته السؤال التالي: هل أن في كلامي هذا خطأ ؟ فتحدث المقريء عباس مستشهداً بالأدلة موضحاً أن لحم تلكم الدراج حرام على الآغا كلحم الخنزير، ولا يجوز له أن يسلبهم إياه قسراً. عندما سمع الآغا هذا الحديث سكن وهدأ، لكن بقي الغيض في قلبه تجاهي، وعندما حل الشتاء قال لي : ـ لا يمكن لآغايين البقاء في قرية واحدة !! فأدركت ما يعنيه بكلامه هذا ورحلت عن القرية إلى قرية أخرى وهناك تزوجت امرأة اخرى . = زحام وفيضان = قصة وترجمة: مكرم رشيد الطالباني كان زحام السابلة والمارة في مركز المدينة خلية الزنابير، وكانت أرصفة الجانبين تزدحم بالباعة المتجولين والشوارع بعربات بائعي الفواكه والسكر والرز والحلويات والخضراوات والتمور والمشروبات الروحية وبائعي البطاطس، وفي الرصيف الآخر كان عدد من الأطفال من باعة الصحف وقد قاموا برفع أعمدة خيم الصحف والمجلات وقد تجمع حولها مجاميع من الناس، وكانت العناوين الرئيسة للصحف تخرج لسان انباء ملفقة، ومن ثم ياتي الموقع التالي الذي كان بائعو الحليب والصرّافين والإسكافيين قد احتلوه ليسجلوه بأسمائهم منذ زمن بعيد، وكانت أفراد شرطة المرور تنظر هناك دون أن تستطع فعل شيء يذكر، وكانت السابلة والمارة لا تفسح الطريق لمرور السيارات المختلفة، حتى إنها كانت لا تجرؤ في استخدام صفاراتها التي أدركها الخجل بدورها، في حين كانت إشارات المرور قد اعلنت الإضراب لأجل غير مسمى، في وقت أنتحر فيه قانون المرور بدوره!! وكان البطل في عجلة من أمره يود سرعة الوصول إلى الحي الذي يسكن فيه ليقوم بإنهاء اعماله وهو يحمل باقة من الكتب والمجلات تحت إبطه أحتار في إختيار اي منها ليمزقها بسكين المطالعةـ وكان الجمع الحاشد قد اغلق الطرق والمنافذ، ولو إنك لرميت بإبرة ما فإنها لم تكن لتقع على رأس أحد، لأن الاطفال كانوا يتلقفونها بيسر. إنزعج البطل وأعتبر هذه الجموع المتمردة عائقاً ومعرقلاً لتطبيق القوانين والتقاليد الحضارية، وها هو القانون يبدأ في كل مرة ليشهر بندقيته وسيفه وحرابه ليسترد بطلقات بنوده وفقراته هذا الخندق ليحتفل وسط الطريق والأرصفة ويعمد إلى الرقص والغناء لمدة سبعة أيام وسبع ليالٍ، غير انه وفي غمضة عين حين تغادر شرطة المرور عند حلول الظلام وتختفي وراء الإشارات المرورية، تحتل العربات اليدوية والباعة المتجولون وبائعي السلع والمواد الغذائية التالفة والمنتهية الصلاحية وسط الشوارع والأرصفة ليكرزوا حبات عباد شمس بنود القوانين وليلتهموا حتى قشورها! كانت هناك سيارة تتقدم البطل وتزحف بين امواج السابلة والعربات اليدوية، وكانت تجدف مجداف زحفها نحو الأمام بصعوبة بالغة، وكان السائق يعزف على كمان الغضب وقد امتلأ صدره بالشتائم، وكانت الشتائم تتناثر على الأرصفة المزدحمة ووسط الطرق الملأى بعربات الباعة المتجولين، لتنزل على وجوههم، وتثير فيهم الدغدغة ليقهقهوا ضاحكين عازفين الناي لإشارات المرور. في هذه الاثناء حطم البطل اسلاك الصمت وأردف يقول للمتجمهرين حول أحد باعة السكائر : لو كان بإمكاني فقد كنت آتي بسيارات الأطفاء، وكنت ارش مياهها على العربات والباعة المتجولين وباعة الطحين والسكر لأبللهم وعندها كنت أود أن أعرف من هو الذي يتجرأ ليقترب من مركز المدينة ؟! أندفع بين الزحام ليقطع مسافة طريق من الشارع المزدحم الآخر، ليبتلعه زقاق ما، ليدلف من احد الأبواب وكان الضنى قد اخذ منه مأخذاً، حين فتح السرير له احضانه! أصدر اوامره للعمال والسواق والجرافات والكريدرات واستعد المهندسون، كما اصطفت سيارات الحمل والعربات التي تجرها الجرارت الزراعية وامتطى أفواج الشرطة سيارات البيكاب، ليتجهوا في ذلك الصباح الباكر إلى مركز المدينة، ومن ناحية اخرى وصل عدد من سيارت الأطفاء لتعلو أصوات صفاراتها وتقف جانباً، ووصل قائد شرطة المدينة وحراسه! جاء رئيس البلدية بمكبرة صوت لينفخ فيها : ـ أيها الأخوة، يا سكان مدينتنا الأعزاء، إننا نقدم على هذا العمل من اجلكم، إن مركز الشارع هذا هو مركز عاصمتنا الحبيبة، إنه طريقنا جميعاً، لا يجوز لأحد إحتلاله وقد خصصه القانون لمرور السيارات والسابلة والمشاة، لذا ارجو من الجميع سحب عرباتهم اليدوية والإبتعاد عن المكان، كي لا تنالها أمواج المياه واشداق الجرافات . وكان الباعة المتجولون والباعة الأطفال قد وضعوا وقر اللامبالاة في آذانهم ولم يكونوا ليسمعوا شيئاً ويتحركوا من المكان ! أصدر رئيس البلدية اوامره للجرافات وسيارات الأطفاء، وعمدت الجرافات إلى استخدام اشداقها وكانت اصوات محركاتها تسمع من مسافة بعيدة، لتهاجم العربات وهي تقوم برفعها وما عليها من مواد من سكر وصوابين وفواكه ومواد اخرى لتفرغها في القلابات، وسارع الباعة المتجولون كل منهم لينقذوا عرباتهم، وحدث هرج ومرج، وارتفع الغبار إلى عنان السماء ليحجز رؤية الشمس، وتجمهر الناس على الارصفة، واخرجت سيارات الأطفاء خراطيم مياهها الطويلة وتفتح مياهها السريعة على العربات والباعة المتجولون الذين لم يصمدوا في المكان، وارتفع مناسيب مياه الفيضان لتجرف معها أكياس الطحين والسكر والرز والشاي والفواكه وتتلاطم الأمواج في شارع السينما وشوهدت عدد من الأطفال من باعة البيض مع صناديق بيضهم وهم يطفون فوق أمواج الفيضان وهم على وشك ان يغرقوا! كان الفيضان كبيراً، لدرجة أندفع نحو الشارع الذي يحاذي النادي القديم متجهاً نحو حي اليهود وكانت العربات اليدوية وإطاراتها والمواد والسلع التي جرفها الفيضان تصطدم ببعضها البعض، لتشاهد جنوب المدينة عربات يدوية متكسرة محطمة وسلع مبللة تالفة وقد أنزاحت على جانبي مجرى الوادي الذي يخرج من جنوب غرب المدينة. في هذه الأثناء شعر رئيس البلدية بالزهو والتفاخر، كان يشعر بأن القانون فوق الجميع، وان القانون يستطيع فعل كل شيء وهو ينظر إلى حديقة المدينة والميدان الكبير والشوارع القريبة نظيفاً وخالياً من المارة والعربات المتمردة، وهو يبتسم في سرّه ليقول : هذه هي المدينة الحقة، هذه هي العاصمة، هذا هو القانون! فبإمكان القانون وحده فعل هذا وإحراز هذا النصر الكبير! وكان ظهره للجمهور، حين التفت شاهد مجموعة من الباعة المتجولين مع عرباتهم متجهين نحوهم، وهم يحملون اسلحتهم من مصيادات الطيور والمكاوير والبيض الفاسد مكشرين عن اسنانهم وشرر الغضب يتطاير من وجوههم، كانوا يقتربون رويداً رويداً وهم يهاجمون بأسلحتهم ليمطروا رئيس البلدية بوابل من الحجارة ويرمون العمال بالبيض الفاسد مما جعل العمال يهرعون لمغادرة المكان والإسراع في الإرتماء إلى داخل سياراتهم والفرار من المكان! وكان رئيس البلدية مندهشاً لهذا التطور المفاجيء الذي لم يحسب حسابه فاغراً فاهه! فاقتربت الجماهير الغاضبة ليرمونه بوابل من الحجارة والبيض الفاسد لتصيب الحجارة رأسه والبيض الفاسد وجهه لتنزلق السائل على وجهه، كان البطل يراقب الموقف مندهشاً فاغراً فاه التعجب، حين اصابه عدد من البيض الفاسد مد يده لتنظيفها، عندها اصابه حجر في رأسه آلمه كثيراً، ومن شدة الضربة أنتفض من رقاده ليسقط من على السرير، ليفتح عينيه ويقرأ هذه الجملة في سقف الغرفة : ـ لقد تم إحتلال مركز المدينة دون إطلاق رصاصة واحدة!! = زوجات خليفة الفاتنات!! = قصة: جليل كاكة ويس ترجمة: مكرم رشيد الطالباني يقع منزلنا عند أطراف المدينة، جوار دار خليفة ذي اللحية الحمراء، ومنذ صباي كنت اشتاق لمعرفة أصل ذي اللحية الحمراء هذا وموطنه . يسترسل البعض من مجايليه حتى الآن بأنه قدم من بلاد القفقاس سائحاً فأستطاب له المقام ولم يقفل راجعاً . ويدعي آخرون إنه كان في الحرب العالمية الثانية هارباً من الخدمة العسكرية في الجيش الأنجليزي فأستقر به المقام في هذه المدينة وإضافة إلى إشتغاله في أعمال الصياغة فإنه كان يخلو لوحده بين حين وآخر، غير أنه وحتى الآن فإن أحداً لا يعرف تماماً أصل ذي اللحية الحمراء هذا، لذا يكفي الإنسان الإعتياد على شيء ومن ثم التفاعل معه ومن ثم يتركه بعد ذلك. والآن فأن قدوم وظهور ذي اللحية الحمراء في ذاكرة مجايليه بقي غامضاً ولن يعرفه الجيل الجديد بأي شكل كان . ذي اللحية الحمراء رجل متوسط القامة ذو لحية تمرية اللون تتلألأ لحيته في ضوء الشمس كأنها كتلة من اللهب ملتصقة بوجهه. فمظهره وسيرته الخفية غدتا أسطورة وشركاً يحيران الإنسان. لو سألوه من اين أنت؟ سيقول وإبتسامة هزلية ترتسم على شفتيه ( لقد ولدت في مدينة جابولقا. فجابولقا مسقط رأسي وموطني يقع خلف الجبال الوعرة. وهناك لن يهدأ الإنسان، ليس الرجال مسلطون ولا النساء، لا وجود للملوك ولا الفقراء، لا وجود للأيام ولا الزمن، لا وجود للجوع ولا الشبع. هناك في موطني الحبيب يكون الإنسان خفيف الظل وكأنك تنفخ في ريشة، سيصل مع الريح إلى أي مكان يبتغيه). لذي اللحية الحمراء أربع زوجات فاتنات، يقال بأن زوجاته لازلن حتى الآن عذراوات، لأنه يعتقد بأن المرأة الفاتنة زهرة يجب عدم المساس بها وألاّ تنجب أطفالاً أبداً وتدمى تلابيبها. كانت كلمات ذي اللحية الحمراء هذه تلين رغبات المراهقين، كالشمع والسمن. ومنذ لحظتئذ أذوب جسداً ورغبة بفعل تلك الكلمات واغدو بخاراً ومن ثم أعود إلى سيرتي الأولى. جراء تلك الكلمات اصبحت المرأة الفاتنة في نظري تمثالاً سحرياً، تمثال ترنو إليه دون ان ترتوي، تمثال لا ينبس ببنت شفة ولا يتحرك، دون أن ينقص أو يزيد. حين قام خليفة بزيارة منزلنا لأول مرة، شعر بسعادة غامرة لمشهد المنزل، وكان منزلنا متحفاً في حد ذاته، خاصة إنه كان يشبه منزل الصيادين القدماء، فكانت البنادق القديمة والخناجر الصدئة وجلود السلوقي المليئة تبناً معلقات، وكانت الجدران مزدانة بجلود الغزلان والأرانب البرية والضباع، حين كان المرء يعرج على منزلنا لأول وهلة، كان الفزع يتملكه لفترة، من جهة ينتابه الدهشة جراء المشاهد وتجحظ عيناه، ومن جهة اخرى يصاب بالدوار جراء روائح الجلود والفراء. اعتبر نفسك بأنك ستتجه الآن إلى منزلنا هذا، فبعد ان تفيق سيقع نظرك مباشرة على فرو أنثى الضبع معلقاً على ذلك الجدار المبني من البلوك الذي لم يتم تبيضه، ستشاهد خرزة زرقاء تم تثبيتها بالخيط في فتحة الفرو، فما عليك سوى ان تصغي، فتتناهى أصوات عويل وتأوهات وانين إلى أسماعك، ولو أصغيت جيداً فإنك ستسمع من بين تلك الأصوات صوتاً مبهماً كأنه صادر من اعماق نفق طويل (نحن نشبه بعضنا بعضاً أباً عن جد، بذاتينا وخطايانا، بحربنا وسلمنا، بحبنا وزعلنا نشبه بعضنا البعض، وإن كنا في عصر ما مختلفين من حيث الهيئة والمظهر، فإننا لا نختلف قيد شعرة في سلوكنا. نحن دوليٌ يبلغ عمرنا آلاف السنين). وحتى الآن يرن في اذني الصوت الصادر من أتون فرو الضبع هذا وحفظت حروفه وكلماته عن ظهر قلب. ومن ثم تصور، بأن (خليفة) ذي اللحية الحمراء قد قدم إلى منزلنا، واسعده المشهد وذلك الصوت، فالآن أنا ومشهد منزلنا والصوت الصادر من الفرو كنزٌ وقد اكتشفنا لتونا لنقع تحت تصرف ذي اللحية الحمراء حيث لن يستطيع من فرط السعادة لملمة شفتيه لأنه في هذا العمر الذي يزيد عن السبعين ليس لديه رفيق في مثل سنه، لهذا يرغب أن يعاشر الشباب، ولن يدركه الشيب ابداً وان لحيته النارية تشبه لحية شاب ما بعد سن الرشد، فالشاب الذي يزور منزله مرة واحدة سيدركه الخمول جراء أقواله، ويتبخر جسده ويعود ثانية إلى سيرته الأولى، إنه يرحب بالشباب بشكل لن يلقوا الترحيب مثله في مكان آخر. إن منزله عبارة عن متحف كمنزلنا، أعتبر نفسك تتجه الآن إلى منزله، ستجد كافة الغرف وجل الحيطان مغطاة بفراء الثعالب، حيث شدت العديد من فراء الثعالب ذات اللون الرمادي والمائل للأصفر والأحمر والرمادي إلى بعضها البعض مكونة بساطاً في الغرفة . حين يجلس المرء على فراء الثعالب هذه، يشعر بحرارة سحر ما وتتحرك في اعماقه سلوك وتصرفات ثعلبية من تلقاء نفسه. فالشاب الذي يتوجه لأول وهلة إلى تلك الغرفة المغطاة بفراء الثعالب ستتجدد رغبات جل عمره الدفينة هناك، لأن زوجات ذي اللحية الحمراء الأربع سيحطن به بكل ابخرة وعرق أجسادهن الأنثوية وثيابهن المزركشة، وهن يحملن في ايديهن أذيال الثعالب عوضاً عن المهفات وهن يهفنها بصمت وغنج ودلال ويتفرسن فيه بلحاظ سكرة دون الترحيب به . وقتما توجهت للوهلة الأولى إلى منزل ذي اللحية الحمراء وفي خضم محاصرة زوجاته الأربع الفاتنات كنت اتصبب عرقاً من شدة الاستحياء، كنت ادرك بأن تلك الزوجات أصبن بالغثيان في بيت مغطى بالثعالب، وهن يخسرن عمرهن سدى . كنت أدرك بأن هناك صياداً أختبأ في جمجمة رؤوسهن يتربص بسنهن وسن حديثات البلوغ، فكنت اتصبب عرق الخجل مراراً، لم اكن أعرف كيف اتنفس في خضم روائح فراء الثعالب وابخرة أجساد زوجات ذي اللحية الحمراء الأربع! أو كيف لي التصرف في دنيا من الجمال واللوحات الأزلية! في مكان غير مرئي من ذلك المنزل كان هناك خوفٌ يقضمني من أعماقي: (هذه الزوجات هن مقدسات خليفة ذي اللحية الحمراء، إنهن التماثيل المقدسة التي يجب ان تنحني لها إجلالاً، وحسب تعبيره إنهن زهور يجب الاَ يمسن، ألاَ يخلفن ذرية فاسدة وتدمى تلابيبهن . وحسب تعبيره فإن الذرية عدو المرء، عدو الجمال، مبعث المشاكل .. المشاكل) . كنت ارى في كل واحدة منهن كانت العيون لوحدها، وقمة الصدور لوحدها، والسواعد والزنود التي لم تحف زغبها لوحدها والشهقات الملأى حسرة لوحدها تطالب بالتعويض عن العمر الذي ذهب سدى ادراج الرياح. وهكذا وفي هذا الطقس السحري لم ادري بدوري كيف خرجت من منزل خليفة ذي اللحية الحمراء. وقتما وصلت إلى منزلنا، كانت روائح وابخرة أجساد زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء لا تزال لم تنقطع عن حاسة شمي، كنت اشعر بوجود الروائح نفسها ها هنا، وكانت المشاهد تشبه بعضها، وكان الفرق الوحيد هو شمشمة رائحة فراء الثعالب في منزل ذي اللحية الحمراء وشمشمة رائحة فراء الغزلان والأرانب البرية وانثى الضباع في منزلنا، ومنذئذ وكأن تغييراً قد حدث في نظام حاسة الشم لدي فقد كانت روائح منزل ذي اللحية الحمراء لا تكاد تنقطع عن حاسة شمي دوماً، أينما ذهبت كنت أتشممها، بل إن رائحة فراء الثعالب والأبخرة النسائية كانت تُشَمُّ من يدي وثيابي، لذا أينما حللتُ كانت تلك الرائحة تجذبني دون إرادتي. وفي المرة الثانية حين اتجهت إلى منزل ذي اللحية الحمراء، لم يكن ذهابي وفق رغبتي، بل جذبتني الروائح، فقد وجدت نفسي واقفاً عند عتبة منزل ذي اللحية الحمراء، طرقت الباب متردداً، وقد فتح ذي اللحية الحمراء الباب لي بمودة واردف قائلاً: (يار علي كنت متأكداً بأنك ستعود ثانية). ومع فتح الباب أسترقت لحيته الحمراء ماء ناظري ككتلة نار حمراء. تطلعت إلى لحيته النارية لبرهة وأنا فاغر فاهي. لكن يبدو أنه يفهم كل شيء ويدرك متى يكون المرء مضطرباً ومتى يكون طبيعياً، أمسك بي من ذراعي كأحد اقربائه وقادني إلى غرفة الضيوف. وهناك أستقبلنا من قبل مجموعة من الناس ولم يستقر بي المقام حتى أحاطت بيّ زوجات خليفة الأربع الفاتنات وهن يمسكن بأيديهن أذيال الثعالب وبدأن بتهفيفي. فأزداد إنزعاجي هذه المرة مما سبق، ففي هذه المرة كان يجلس هناك سبعة اشخاص آخرين، عدا الزوجات الأربع إضافة إلى خليفة ذي اللحية الحمراء نفسه. ومن خلال حصار الزوجات جلتُ بنظري إليهم بطرف عين، وكأنهم في غفلة من وجودي، كانوا مشغولين في أمورهم، فزادني المشهد إثارة، حيث أراني الشك نفسه الآن كشبح، كنت اظن بأن شركاً قد تم حبكه حولي وهو يزداد قوة بمضي الوقت ويلتف حول جسدي، لهذا كنت اعتقد بأنني بين فردوس وجحيم ما، فمن جهة كان عطر وشذى وابخرة زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات أسكرتني إلى درجة، كانت ذكوريتي تتجسد امامي، ومن جهة اخرى كان مشهد الأشخاص السبعة يلغي ذكوريتي وكنت أعتبر نفسي مخصياً بلا ذرية. كنت اتوقع إنه بعد هنيهة أو أخرى وفي اعقاب خطيئة ما سيرمى بيّ كآدم من الفردوس إلى أعماق الجحيم. كنت في توجساتي هذه حين تم وضع قدح من الشاي امام خليفة ذي اللحية الحمراء، فأرتشف نصف القدح من الشاي وقال بصوت رقيق ( فليكن نصف القدح من الشاي هذا ليار علي، لكي يتطهر من ادران الدنيا) وعقب قوله هذا وضع احد من الأشخاص الستة القدح المليء إلى نصفه شاياً امامي، ومن ثم لم يعد لهم اي شان بيّ، وكان ذي اللحية الحمراء مستمراً في حديثه دون توقف، كنت أنظر إليهم بطرف عين وكنت أتصبب عرق الخجل بين ابخرة أجساد الزوجات، حين افقتُ وجدتُ القدح المليء لنصفه شاياً قد وضع امامي، بيد غير راضية ناولت القدح المليء لنصفه شاياً وقربته من شفتيّ وفي تلك اللحظة كان الشك جلاداً وقد اخرج برأسه من خلال القدح المليء لنصفه شاياً، وكان الشرر يتطاير من عينيه، ذو لحية حمراء بارزة ككتلة من النار، وكان يماثل من حيث المظهر الخليفة ذي اللحية الحمراء، كنت اشعر بأنه يقول لي : (إذن أرتشفه، لن تدوم الذكورة لأحد، فالخصي طوال حياته ينتظر كل ذكر، فأحياناً يواجهه مبكراً، ويمكن أن يواجهه في نهاية العمر، إذن إغمض عينيك وارتشفه، وأدخل بدورك إلى حلقة الخليفة ذي اللحية الحمراء وطهر نفسك من الخطايا. إذن ماذا تنتظر! فكل الذين جاءوا قبلك إلى هنا لم يعاند أي منهم كما تعاند، فهم الآن مرتاحو البال والسكينة، هؤلاء ليسوا ذكوراً ولا إناثاً، إذن إغمض عينيك وأرتشفه). كنت قد أغمضت ناظري، ولم اكن قد وضعتُ شفتي على حافة القدح بعدُ، وفجأة شعرتُ بأحدهم يقف قبالتي في تلك الغرفة وهو يحمل كأساً من السموم يحيط به أناس مختلفون قلت له: (من أنت؟) قال (أنا سقراط، وهؤلاء الذين يحيطون بيّ، هم الجلادون، وأولئك هم وجهاء أثينا، وهؤلاء هم تلامذتي). كان هادئاً جداً إلى درجة وكأن ليس في ضيافته أحد. كنت اسمعهم يقولون: إذن سيدي قل شيئاً ولا ترتشف السم، وآخرون كانوا ينادون بصوت عالٍ ويقولون: لا تقل شيئاً وأرتشفه. كنت لا أزال مغمض العينين، شعرت بأن سقراط قد دنى مني كثيراً وهو يهمس في اذني (فكر في نفسك ولا شأن لك بيّ، إني أرتشف سم عصري وأنت ترتشف سم عصرك. وأعلم بأن لكل عصر سمه الخاص به والموت الخاص به. إضافة لذلك فلو أستغرق قبض روحي ساعة واحدة فقط فأن قبض روحك ستستغرق عصوراً طويلة، لأن جلادي عصري ليسوا من المهرة وقد تم إختيارهم من بين البلهاء الذين لا يفهمون معنى ربيع موتي، ولكن جلادي سمك هم من المهرة الذين يعرفون كيف يمحون الموت وأهمية الموت معاً. يا يار علي فكر قبل أن ترتشف القدح المليء لنصفه شاياً الذي تحمله. أتعرف لماذا أصر على موتي لكي أسكب ماءً وألاَ أُبطِّلَ سحر العقاب، ولكن سحر العقاب وتعبير الموت في عصرك بطُلَ منذ زمن بعيد ولن ينتج دروساً وعبر، لذا يستوجب أن تكون واعياً وتفكر، فكر يا يار علي فكر..). كنت مغمض العينين، وكنت أرى سقراط بكل أحاسيسي وهو يقف قبالتي ولم يكن قد ارتشف كأس السم بعد، ولم أكن اعرف هل إنه كان ينتظر إشارة الجلادين، أم إنه كان يريد أن أصدر قراري أنا، وددت أن أنتهز الفرصة قبل أن يرتشف السم واتعلم منه درساً في الخلود، أو على الاقل أن احكي له عن همومي، قلت له( أيها العظيم المغدور سقراط، كيف لي أن اموت موتتك، إن لموتك معنى كونياً، لكن دقق أنت في هذا، إن مادة الموت في عصرك هو السم لوحده، إذن فذلك هو السم يجب على المرء أن يتجنبه، أما في عصري، إضافة إلى السم الطبيعي، تجد جميع الاشياء مسمومة، فأنا الآن في أجواء مسمومة؛ فالمرء، والفكر، والسلوك، والجمال، وأفتن النساء، وأنبل الرجال مسمومون جميعاً، وحتى الجمل والكلمات والحروف في عصري مسمومة، فالقدح المليء لنصفه بالشاي الذي احمله أشك في أن تم تسميمه، لهذا تجدني لم اشرع في إرتشافه بعد، أخاف أن أرتشفه واغدو ثعلباً، وإن غدوت ثعلباً عندها علي الهرب دوماً وأكون بالمرصاد، حيث يتبعني الكلاب ما زلت حياً، ويجب علي سلوك المتعرجات والملتويات خوفاً من الكلاب دوماً، وعدم السير بملء إرادتي ورغبتي في الطرق المستقيمة، يا سقراط العظيم اخاف أن أرتشف القدح المليء لنصفه شاياً هذا وأغدو حصاناً مخصياً لن يستخدمونني ما حييت سوى لنقل الأحمال. أخاف .. أخاف، لأن كل شيء في عصري غدا جثة ذلك الضبع الذي حلِّلَ نصفه وحرِّم نصفه الآخر، لذا لا يؤكل أي منهما لأنهما مقززان ومنفران ..لا .. لا..!). فتحت ناظريّ قليلاً وأغمضتهما، كان سقراط لا يزال واقفاً قبالتي، وكان لايزال يحمل الكأس في يده، كنت في عجلة من امري، وقبل فوات الأوان، كان عليّ أن أحذره من الخطر المتوقع، أو على الأقل التعبير عن حزني ومواساتي، لأنني كنت اشعر بأننا نشترك في شيء واحد الا وهو الموت، وقد همست فيه بصوت غير مسموع قائلاً: (يا سقراط العظيم، إني أعرف إنك الآن مشغول البال بقضية موتك وليس لديك الوقت لسماع ثرثرتي هذه، ولكن أدرك بأن موتك سيفزع ألوف البلهاء أمثالي. إن قدومك في مثل هذه الساعة إلى هنا بالنسبة لي هو ذلك الدرس والعبرة من أن استفيق من نوم عميق . الآن أدركت أن الذين أرتشفوا نصف القدح من الشاي قبلي بين حصار زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات وشذى وابخرة أجسادهن الأنثوية، كانوا يعانون طوال حياتهم من آلام خصاهم، لأن الشاي المسموم ليس له أي أثر على الجسد والروح، لأنه يسير في جوف المرء حتى يستقر في الخصية، كظالم وعارف للغة يجعل الخصية ملاذه السرمدي، وهناك يقوم بإفناء كل الأحياء وكل رجال المستقبل رويداً رويداً، حتى يصبحون رواسب وعلقة خائضة، وهكذا تغدو الخصية خراباً محروقاً. يا سقراط العظيم إن الذين وعقب إرتشافهم نصف القدح من الشاي هذا لم يكونوا ليجرؤا رفع أنظارهم إزاء ذي اللحية الحمراء ولم يبق لديهم حاسة الشم ليشمشموا بها شذى وابخرة أجساد تلك الزوجات الفاتنات الطرية. أعتقد بأن هذا هو اللقاء الأخير بيننا والحديث الأخير الذي يجري بيننا، فإلى أمل اللقاء في عصر آخر وموت آخر) فتحت ناظريّ، كنت لا زلت احمل القدح المليء لنصفه شاياً في يدي، نظرت فلم اجد زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات هناك، ولا الضيوف الستة ولا الخليفة ذي اللحية الحمراء نفسه، فألتفت حولي مندهشاً فاغراً فاهي لبعض الوقت، لم اكد أعرف ما الخطب . كأنني كنت أحلم، فقد سارت الأحداث كالبرق وأنتهت، لا مشهد الموت البطولي لسقراط ولا زوجات خليفة الفاتنات ولا الضيوف ولا خليفة نفسه لم يكن لهم أثر يذكر، وقد سُكِبَ القدح المليء نصفه شاياً الذي كنت أحمله في يدي منذ أمد بعيد، الآن هناك في هذا المكان أذيال أربعة ثعالب مرمية على الأرض حولي، وقبالتي في مكان خليفة ذي اللحية الحمراء، كان هناك ثعلب كبير ذي لون يميل للإحمرار يجلس القرفصاء يهز ذيله ويتفرس فيّ بعينين عبوسين كتومين . عن مجلة (رآمان) الكوردية ، العدد(61) تشرين الثاني 2002 . = باقة نرجس على ضريحي = قصة: الدكتورة وهبية شوكت محمد ترجمة: مكرم رشيد الطالباني تُحدث الكثير من الوقائع، فلن نقوم بدراستها في حينها بصورة جيدة، غير أنه يتضح فيما بعد بأن تلك الواقعة غريبة، فلم تدرس وتمحص في حينها؟ كنت أدرس خارج الوطن وفي كل عام كنت أنا والطلبة الكورد نحتفل بعيد نوروز. وكنت دوماً أحصل على باقات النرجس واشم منها عبق نوروز بمنأى عن الكون ففي إحدى السنين كنت في إحدى المدن.. وكنا قد قررنا في تلك السنة تأجيل الإحتفال بعيد نوروز لمدة ثلاثة ايام . رغم إني كنت وحيدة فقد قررت الإحتفال بعيد نوروز في حينه.. لم احصل على النرجس في المدينة .. لكنني لم أيأس.. فقد انهيت أعمالي في ذلك اليوم مبكراً وتوجهت إلى مدينة اخرى تبعد عشرة كيلومترات وهناك حصلت على النرجس وأشتريته. نظمت باقة النرجس على مهل ووضعتها في مزهرية.. جلست أرتشف فنجان قهوة.. فذهبت بي عبق وعطر نوروز والنرجس بعيداً نحو ذكريات السنين الخوالي. رغم ان نرجس أوروبا زاهية وبديعة غير أنها لا تمنح عبق نرجس جبالنا ذي العبق الطيب الطري. على أية حال فورود النرجس هذه هي التي جعلتني أتذكر ذكريات أول سنة بعيداً عن وطني الحبيب والتي جعلتني أتذكر ذكريات أول سنة بعيداً عن وطني الحبيب والتي جعلتني احتفل لأول مرة وكانت لأول مرة ايضاً أحصل على باقة نرجس. وكان صاحب تلك الباقة من النرجس شاباً هادئاًٍ لطيفاً ذو مشاعر وأحاسيس طاهرة، يعشق الحياة .. بدر... دون شك ان الاسم هذا ليس إسماً كوردياً .. نعم كان بدر شاباً وكنت أتعرف عليه لأول مرة في مكتبة الجامعة. كنت أنا وبعض صديقاتي واقفات في الطابور الطويل ليأتي دورنا للحصول على الكتب.. كان الطابور طويلاً جداً وكنا نحن في مؤخرة الطابور عقب جميع الطلبة.. وكان في المقدمة شاب أسمر قصير القامة قليلاً خفيف الدم واقفاً مع شاب أفغاني كنت أعرفه فاتقترب مني من بعيد ضاحكاً وقال لي: ـ الأخت عربية طبعاً. أنا وقد استفزني هذا السؤال، اجبته قائلة: ـ لا.. طبعاً.. كوردية. فلم تتغير ملامح الشاب بهذا الجواب، فضحك ثانية وقال: لتكوني كوردية وليس عربية فإنني لا أرى اي إختلاف وليس مهماً لدي.. تفضلي وقفي في المقدمة سيأتي دوري مبكراً لكي لا تنتظري طويلاً. فندمت كثيراً على جوابي الذي أجبته غاضبة.. أجتذب إنتباهي شكل واسلوب كلامه وهدوئه ومن ثم أستلمنا سوية الكتب وغدونا اصحاباً، فغدونا أصدقاءاً من تلك اللحظة أنا وبدر.. رغم أنه كان كويتياً وكنت كوردية، لكنه كان شاباً وديعاً مؤدباً، وكان العديد من الطلبة يعتقدون بأننا شقيق وشقيقة من اب وام واحدة. كان إحتفالنا بنوروز في السنة الأولى بهيجاً.. فدعوت بدوري عدداً غفيراً من الطلبة الأجانب شباناً وشابات، لكن في الحقيقة كنت قد نسيت بدراً.. أو إنه لم يحضر من تلقاء نفسه. في صباح نوروز الباكر أستيقظت مبكراً وقمت بإيقاظ صديقتي ديمترا، وكانت فتاة يونانية، كانت في غرفتنا وكانت فتاة طيبة وصديقتي الحميمة، كنا نملك سماوراً كهربائياً صغيراً... في ذلك الصباح سخنت السماور.. فكنت وديمترا نتناول الفطور حين سمعنا طرقاً على الباب.. حين فتحت الباب وجدته بدراً وهو يحمل باقة ورد من النرجس الزاهي البديع واقفاً قبالة الباب، وحين رآني قدم لي باقة النرجس. أرتبكت.. وفرحت بها كثيراً ورحبت ببدر بحرارة.. في الحقيقة فقد أستلمت العديد من باقات الورد والنرجس من الأصدقاء والمعارف حتى اللحظة، لكنها جميعاً لم تكن كتلك الباقة من النرجس جميلة وإيذاء للقلب، فمن المحتمل لأنها كانت بسب إن بدراً لم يكن كوردياً.. أو لأنني كنت قد نسيت بدراً في عيد نوروز..؟ أو بسبب إنها كانت أول باقة ورد تقدم لي خارج الوطن؟ حين شاهدني بدر وديمترا أنفتحت اساريري بسبب باقة النرجس طلبا مني التحدث عن نوروز.. ومن ثم أردفت ديمترا قائلة: ـ في بلادنا لورد النرجس علاقة بأسطورة أغريقية قديمة. فأضطرت ديمترا بإلحاح مني ومن بدر أن تتحدث لنا عن تلك الأسطورة، قالت ديمترا: يقال بأن أحد آلهة الأغريق القديمة كان يكنى بـ(نرجس).. وكان هذا شاباً وسيماً جداً.. كان يسير مرة في الطريق.. صادف نهراً.. كان النهر صافياً رائقاً جداً.. فجلس ليغسل وجهه بماء النهر.. عندما شاهد نفسه في الماء، من تلك اللحظة بدأ يفكر في جمال نفسه، وغدا لايأكل ولا يشرب بل ينظر إلى نفسه حتى أدركه الهزال والضعف يوماً بعد يوم وشحب لونه، فتحاول جميع آلهة الأغريق الاخرى معالجته لكن دون جدوى، ومن ثم قررت الآلهة جميعاً أن تحول نرجس إلى وردة وغرسها في ضفاف الأنهار. لهذا نرى ورود النرجس جميلة وطرية وذات عبق فواح... فصمت بدر لحظة ومن ثم اقترب على مهل من باقة النرجس وشممها بعمق وقال : بالله عليكم لو مت أنا ضعوا باقة من النرجس على ضريحي. فقال ديمترا ضاحكة: ـ بدر إنك تعشق الحياة أكثر من اي شخص آخر.. إنك تعلقت بالحياة بامل وسؤدد ..ومن المحتمل الا تموت مبكراً حتى تشيخ.. ومن الممكن أن نموت نحن وتبقى أنت حياً ترزق . ورغم أن بدراً قال قولته هذا بهزل.. لكن لا اعرف لماذا كنت لا استسيغه جداً...فقلت بعد لحظات صمت: ـ يا بدر لو فارقت الحياة قبلي عهد عليّ أن احقق أمنيتك هذه. فتخرجنا أنا وبدر من الجامعة وعاد بدر إلى الكويت وذهبت بدوري إلى بلد أجنبي آخر.. وأنقطعت أخبارنا عن بعضنا البعض.. وبعد سنتين ارسل لي احد الأصدقاء رسالة أخبرني بأسف بأن بدراً قد غرق اثناء ما كان يسبح. نعم كان بدر قد أدرك بغريزته أنه سيترك الحياة مبكراً ويودع كل ما على الأرض ويتهرأ جماله تحت الثرى. ها إنني ودعت نوروز عشر مرات... وذبلت لدي عشر باقات من النرجس ورغماً عن انني بقيت على عهدي...ولكن أسفاً فمن أين آت بضريح بدر لأضع عليه باقة النرجس..فربما في يوم من الأيام يوصل الفلك القاسي طريقي إلى ضريح بدر لأعيد له باقة نرجسه. عن مجلة كاروان الكوردية العدد 24 أيلول 1984 = في مجلس عزائي = كنت أنقل خطواتي على الرصيف على مهل نحو مكتبة (العشاق) للسلام على جلّ تلك الكتب الملأى بالكلمات الجميلة، المليئة بدورها بسحر الجُمل، والمليئة بشروح وتفاسير أسرار القلوب. وكانت طيور الخيال المختلفة تزقزق في أعشاش ذاكرتي، وقد أثقلتْ في الحقيقة كاهل رأسي، لذا كانت رقبتي تعاني من آلام حمل رأسي كثيراُ. وكان قُبج كتابة القصة الطائر الوحيد الذي كان لا يغرد بين تلك الأسراب من الطيور. وحين وصلت في تجوالي إلى مفترق (دقات القلب) كان يجب عليّ العبور إلى الرصيف الثاني. وفي منتصف الشارع وقع نظري على لافتة سوداء اللون كانت قد علقتْ على جدار القلعة. ومع نقل خطواتي نحو الرصيف المقابل رأيت وقد دون فيها: ( إنا لله وإنا إليه راجعون ببالغ الحزن والأسى نعلن نبأ وفاة حبيب الله (حكيم ملا صالح) الذي وافاه الأجل إثر مرض العشق العضال يوم الورداء المصادف للثالث ربيع، الشهر السابع بنفسج، العام ألفين ترنيمة، حاملاً متاعه إلى جنان الخلد. تقام الفاتحة على روحه في جامع (عشقستان). حين رأيت هذا لَحِق قبج القصة ببقية الطيور وبدأ بالتغريد. وفي مهد ذاكرتي بدأ طفل قصةٍ يرغو. وكان هناك سحرٌ ما يترجم كلمات الرضيع ويقول : ـ أستعجل..قم وأكتبني..بالله عليك قم بكتابتي كي أخرج من هذا المعتقل..فقد أدركتني الرهبة. وبعد أن داهمني حزن وأسى عميقين توجهت نحو الجامع وشاطرتني في ذهابي ملاك القصة (آه أيها التعس..يامن لم تسعد في دنياك هذه.. ولم تمد يدك إلى وردةٍ ما لم تنغرس خمسة أشواك في رؤوس أناملك.. لم أر قط غيوم الحظ يوماُ ترسل زخاتها على حقول حياتك.. أيها المسكين، كنت مغرماُ بكل الخديجات غير إنهن لم ينظرن إليك يوماُ وكأنك (سيامند)، بل كنّ يدعونك (حكة)(6) المجنون ،(حكة) القبيح ،(حكة) المنكود. كم من مرة أخبرتك ألاّ تسلك ذلك الطريق بكل إشتياق، ولا تسبب لنفسك الذل والخذلان، غير إنك لم تصغ إليّ حتى أدى بك إلى التهلكة والخسران. وعند ردك على ماكنت أقوله لك كل مرّة، كانت الإبتسامة ترتسم على شفتيك وكنت تقول:( الحياة من دون عشق لاتساوي شيئاُ، هذه الخرابة التي سميت الدنيا سوف تًعَمَّر بشعاع شمس العشق فقط، وإلاّ فإنها تشبه غابة ملأى وحوشاُ، فلولا وجود حنين العشق فيها فإنها ستغدو أكثرعفونة وأكثر قذارة من المزابل. لذا لن أرضى أن تناقشني بعد الآن حول هذه الطريقة الطاهرة) . حين وصولي عتبة الجامع رأيت حكمياً واقفاُ عند الباب، وهو يقوم بفحص قلب كل من يروم الدخول، فمن لم يكن قلبه عامراُ بالوجدان والعاطفة والحنان لم يكن ليسمح له أن يجتاز العتبة . فحص أحدهم قبل أن يأتي دوري قائلاُ له : ـ يجب عليك ألاّ تدخل. قال: لماذا؟ رد قائلاُ: لأن قلبك أصابه السواد ونخره التعفن، وهو مليءٌ بالرياء والكذب والنفاق والخدع السياسية. أنت وزملاؤك لا وجود لذرة من حب الله والشعب والوطن في قلوبكم، إنكم تقومون بدرس أشواك الأنانية، إنكم مارستم خدعاً ومكراً كثيراً، وأصبحت قلوبكم صواناً. لا أسمح أبداً لأي منكم بدخول (عشقستان) هذه. تراجع.. تراجع وتواري عن ناظري قبل أن أشوه وجهك بهذا المبضع. وكنت بدوري غير آبه لفحوصات الحكيم، كنت أدرك ما زرعته وما غرسته من بذور. حين وقفت أمامه لم يساورني أي شك أو خوف إزاء نفسي، لأن قلبي لم يكن مليئاً بكل ذلك فحسب بل أصبح بحد ذاته عاصمة للوجدان، وكان أمير العاطفة يمارس فيه الحكم وكانت ملكة الحنان تبث منها رسائل وبرامج العشق. فحصني الحكيم قائلاً: ـ إن دقات قلبك سريعة جداً حتى يكاد قلبك أن يخترق صدرك .إنه يستعر عشقاً. قلت :نعم أعرف ذلك..هلاّ تراني إن كل كياني يرتجف. إني لست ممن يرتجفون، ولست أعاني برداً ، ولست أعاني من الحمّى، ولا يمتلكني الخوف، بل إنها دقات قلبي التي تهز كياني وكل جسدي، وإن شجرة جسدي تهتز بصبا فؤادي المليء عشقاً. أيها الحكيم العزيز إن قلبي ليس كقلوب الكوادر الأغبياء، إن فؤادي لوحة تم رسمها بدماء العشق. تفتح ثغر الحكيم عن نسيم ابتسامة، ليضع على مهل باقة النرجس التي كان يحملها، في مزهرية كتفي وبدأ يقول: ـ تفضل.. تفضل..عزيزي تقدم وأقعد في صدر المجلس.. أمام المحراب.. أطلب منك أن تصلي بعد قراءة سورة الفاتحة ركعتي صلاة العشق بصوت جهوري.. كي أصغي من هنا إلى صدى آياتك، أنا عاشق أيضاً. إن أعماق نفسي مزدانة بأزاهير العشق والرب والشمس والتراب، إني أعشق الأنغام والنجوى والدلال أيضاً، أعاني من جراء الحياة والآلام والمصائب، أعشق كل شيء يشرق جمالاً، ذلك الجمال الذي يفتديه عارفو الرب والشعب والوطن. بهت سيماء الحكيم وبدأت شفتاه ترتجفان عند التفوه بتلك الكلمات، وكذلك أنا. فقد سرت في جسدينا الجذبة. أدت الجذبة إلى فورة شلال دمانا . كانت الجذبة قوية بحيث كنا نصرخ بذكر خفي ملء الكون يا شيخنا الحلاج مدد، يا شيخ خاني أنجدنا، ياحضرة لوركا، تعالوا وأنجدوا هؤلاء الناس، تعالوا..لتجعلوا تلك القلوب التي نخرتها السواد بفعل الخداع والتزوير والخدع السياسية والأنانية وأصبحت حجراً أسوداً، أجعلوها رقيقة .. رقيقة حتى تذوب كالجليد تحت أقدام السالكين المخلصين.. رقيقة كفتاة الندى حين تضربها أشعة الشمس تفديها بروحها. أقدموا وقولوا للحبيبات ذوات القلوب الجامدة العفنة وعديمات الشعور والأحاسيس: إذن كيف لي أنا التعس ألاّ أبكي حين تجرح خاطري مائة مرة لم لا ينسكب الراح والكأس مثلوم مائة ثلمة عانقنا أنا والحكيم بعضنا بعضاً ووضعنا رأسينا فوق كتف بعضنا البعض وبكينا، بكاءً حاراً ندياً .وذرفنا من أصداف العيون دموعاً غزيرة حتى أصبحت عتبة جامع (عشقستان) معارض للحُلي والمجوهرات، وكنا قد ذبنا في بوتقة الجذبة تلك حتى غدا العالم وما فيه نوراً، نور العبادة الحقة، نور حب الشعب حباً طاهراً. غبنا عن الوعي، وحلقنا بروحينا نحو العرش الأعلى، وهناك عند مقر الباري كنا ندعو إلى استصدار قرار بعقاب الذين كانت مياه قلوبهم وألسنتهم لا تصب في مجرى واحد. هؤلاء الذين لم تكن دماء العشق لتسري في أجسادهم وقد أصبحوا خرّاغات للخضرة ، هؤلاء الذين كانوا يضحون بكل (إسماعيل) من أجل عشقٍ مزيفٍ. ومع حالتنا هذه كانت رياح سموم الوقت تذوي خضرة اليوم الأول للعزاء. وكنا لا ندري بتلك الاسرار والأحداث وأصبح الزمن عندنا صفراً. وكنا فقط يتناهى إلى أسماعنا، حين كان حرف (العين) يقول لنا (الرب في الأعالي). والياء يصرخ (كونوا أحبة). وحرف الشين ينادي (أعشقوا الوطن) . وحرف القاف ينادي (أفدوا بأنفسكم الشعب). كان منجل تلك الحروف الأربعة يحصد حقلَ حنطةِ وَعينا، إن قطع الوعي عن هذه الدنيا الخاوية له مذاق خاص، الدنيا خرابة.. خرابة، إنها تصلح لأن تأتي سفينة نورٍ وتختار الصالحين فيها وتذهب بهم كالنبي عيسى لتدور وتحلق بهم في الفضاء الفسيحة، ليسبحوا هناك مع النجوم في مدارات الكون، كنا لا نشعر بما يجري حولنا، حيث ظهر بأن الذين اتوا وهؤلاء الذين انهوا مراسيم العزاء فد خرجوا جميعاً ليتجمعوا حولي وحول الحكيم في حلقة دائرية، وكنا لا نزال ننثر الدرر والجواهر فيجمعونها بدورهم. كانوا يستغربون من هل إن نثر كل هذه الدرر والجواهر ليس من معجزات قيام الساعة. وكان هناك حكيماً بينهم أتى وبدأ يصغي إلى دقات قلبينا .وحينما علم بأننا كنا نردد(فليعش العشق الحقيقي ، ولترفرف راية العشق) . حينها أفشى بالسرّ لكل من كانوا يتحلقن حولنا. وكانوا بدورهم وفي سبيل الحصول على المزيد من اللآليء بدأوا بترديد هاتين الجملتين لمرّات عديدة، وبصوت عالٍ. وحين سمعتُ والحكيم تلك الأصوات الصارخة حتى عنان السماء: (يا خالق العشق أنجدنا ..يا رائد العشاق أنجدنا ..يا ولي الدراويش أنجدنا بكرمك) . ومن ثم أتخذنا والناس أجمعين من كلمة العشق شعاراً لنا وبدأنا بترديدها ونحن نتفرّق نحو المدينة. وفي تلك الليلة وحتى إقتراب توهج عيون الفجر إنتشرت كلمة العشق في جميع أرجاء المدينة، وغدت المدينة بأكملها ساحة للعشق (عشقستان). وأُشعلت نيران العشق فوق أعلى موقع للقلعة، لتنير ظلام الليل. وليلتها ودون أن يدركنا التعب، ودون أن نتوجس خيفة من رجال الجندرمة الذين لا يعرفون القانون، تجولنا في جميع الشوارع والأزقة وأحرقنا تلك الدكاكين التي كانت تروج للخداع، وتبيع الرياء بأبخس الأثمان. وتلك التي كانت تمنح الأنانية للناس بثمن بخس. وهكذا قمنا بتطهير المدينة وعند الفجر أخذتنا غفوة في أحضان فتاة استراحة ما كي ندير مجلس العزاء في اليوم التالي بكل فخر وإعتزاز. اليوم الثاني كنت أول من أستيقظت من النوم فأتجهت إلى الجامع، كنت قد أعدت الحلم الذي كنت قد رأيته في منامي إلى مرأى ناظري (رأيت نهراً فضياً، يتصارع مع ضفتيه، كانت أمواجه تتماوج وتتصارع كحركة أقدام البراق، حين كانت كـ(ذوالفقار) تضرب هذه الضفة أو تلك، كانت تصدر لحناً، لحناً سحرياً ربانياً، يحول الكبد والنفس إلى جبل (طور) كان لحناً عذباً سرمدياً إلى حد ملأ كياني دغدغاتٍ وآمالاً وإبتسامات ،.فأمتلكتني الدهشة، وبدأت أتساءل يا إلهي ماذا يمكن أن يكون هذا الصوت الملائكي؟ في بلادنا أنهارٌ كثيرةٌ وكنت قد زرت جميعها كل أربعاء الورد، فلماذا إذن لم أسمع هذا اللحن السحري منها؟ كان النهر يردد اللحن وكنت بدوري أرد الجواب : ( إلهي لست للفردوس أهلاً ولا أقوى على نار الجحيم فهب لي ذلتي وأغفر ذنوبي فإنك غافر الذنب العظيم ). وفجأة رأيت في أعلى النهر (حكيم)اً قد أقبل وهو يمتطي صهوة قارب صغير يتسع له ولكشكوله فقط. رأيت الأمواج واحدة فأخرى كسجادة حريرية تقف صامتة لمقدمه. رأيت النهر وقد كف عن تقاذف الأمواج ورأيت كافة الطيور المغردة ذات الأصوات الشجية وقد وقفت صفاً واحداً على الضفتين وبدأت بملأ أصواتها تردد له الاغاني ورأيت الأشجار في الضفتين تدنوا بأغصانها لتمنحه ظلالها. حين أقترب أخذ يناديني : ـ تعال عزيزي حكيم، تعال وأمتطي القارب بدورك. إن هذا هو نهر العشق وأن كل من كان يعشق الباري والشمس والتراب بحق يستطيع بيسر السير فوقه حتى النهاية . قلت : = خرافات نظارة جدّي = الكاتب يوسف عز الدين ترجمة مكرم طالباني (لم أكن أرغب في تذكر شيء من ذلك الحلم.. الذي لم أكن واثقاً متى وكيف كنتُ قد رأيته؟! ولكن الشيء الذي كان واضحاً لديّ، هو تحطم نظارة جدّي في منتصف الحلم.. وما كنت لأدرك لم كان يجب أن تتحطم نظارته في منتصف الحلم! أو لماذا كنت اتذكر هذا المشهد بعينه دون غيره وتختفي لديّ بداية ونهاية الحلم). أخبرني جدّي قبل رحيله: (يا بني الشيء الوحيد الذي سأرثك إياه ويجب عليك أن تعدني بالمحافظة عليه هو هذه النظارة... أحذر حين ترتديها يجب الاّ ترفعها إلاّ عندما تخلد للنوم... إن تاريخ هذه النظارة قديمٌ، لقد حصلت عليها بنفسي من احد الرحالة، الذي قبل أن يغادر هذه البلاد ويعود عن طريق البحر إلى بلاده، دعاني في مساء ماطر، واخبرني بكل بساطة: أرغب في أن أترك لديك تذكاراً، الذي يجب عليك عدم الإفراط به والمحافظة عليه بمرور الأيام). وبعد ان انهى حديثه، سال من فم جدّي زبد بيضاء اللون ليغمر البطانيات والألبدة وأفرشة الغرفة بأسرها من هذا الزبد الأبيض.. والذي كان يتزايد دون إنقطاع وقبل أن يصل إلى مستوى يده اليمنى التي كان يمسك بها نظارته، أخرجها بحذر شديد.. وكأنه غير راضٍ من ان يمنحني ميراثه الوحيد في آخر لحظة.. يبدو أنه تراجع عن وعده.. والغريب في الأمر هو انه ما كان ليرغب في التخلي عن تلك النظارة حتى وهو ميتٌ، والتي كانت دون شك تخفي وراءها سرّاً أو طلسماً ما!؟ وبمساعدة من رجال الحي الأغيار، واريت جدي الثرى حسب وصيته في منطقة منعزلة وعرة.. وبعد إنقضاء عدة اسابيع أخرجتُ النظارة من الصندوق الخشبي المزدان بالياقوت والأصداف والخرز والؤلؤ بأنواعها.. حدقت النظر إليها فوجدتها وقد تغير لونها.. وكان يبدو بأن هذا هو أحد اسرار تلك النظارة، وكانت صورة جدي لا تزال تشاهد في عدستيها.. فأمعنت فيها النظر بدقة، كانت عينا جدي السوداوين ينظران إليّ خلف العدستين... فوضعتها في مكانها على عجل ووضعت الصندوق في النافذة التي تم وضع الكتاب المقدس فوقها.. والذي كان جدي يقول عنه دوماً: يا بنيّ إن الرب يروي تاريخنا في هذا الكتاب... سيأتي زمانٌ، يتطلب منك العودة إليه، ولكن يجب عليك ألاّ تسمح لأي كائن كان بتصفحه. ومن ثم فإن كل هؤلاء الذين كانوا على معرفة بجديّ عن قرب، رووا لي حكاية تلك النظارة بأساليب مختلفة، وكان معظمهم يعتقد، بانه في تلك الفترة التي كان جدّي يدرس فيها في الكلية الحربية باسطنبول، أهداها إليه رجل يهودي، كان صديقاً لجدي في تلك الفترة وكان يحبه حباً جماً.. والشخص الوحيد الذي كان له رأي مخالف كانت عجوزاً ساحرة، التي كانت تزور جدي بإستمرار وكان بينهما الكثير من الااسرار والخفايا... حيث أخبرتني: يا بني إن هذا في غير حاجة لأي تردد، إن هذه النظارة هي نظارة (الميجر سون).. والتي لا أعرف متى وكيف تمت سرقتها ووصلت إلى أيدي جدك... أو فليسامحني الرب، كما يقولون بأن جدك سلبها من السارق قسراً، وهناك إحتمال بأنه كان قد اشتراها منه... واعرف كذلك بأن للنظارة خفايا وأسرارها الخاصة بها، والتي لايمكن لي أن أخبرك عنها شيئاً، ،. لهذا فأياًّ كان تاريخ وحكاية النظارة.. فقد أصبح بالنسبة لي دافعاً للسأم والقلق، لأنه كان عليّ أن احافظ عليها بإستمرار وأن ارتديها بإستمرار حسب ما أوصاني به جديّ، غير إنني لم اكن لأجرؤ على إرتدائها حتى ذلك الوقت!؟! ولأجل الاّ أحيد عن وصيته.. راجعت الطبيب وقمت بفحص النظر.. والذي لم اكن حتى ذلك الوقت لأرى أي نقص في نظري ولم اكن لأعرف كيف أجعل الطبيب يوافق على تشخيص عدسة ذات درجة دنيا لأجل إرتداء نظارة جدّي، ولكن بعد أن فحص نظري وقام بمعاينته بدقة... وبعد ان قام بفحص عدسة النظارة.. أخبرني دون تردد: تنسجم هذه العدسات مع نظرك وان درجة نظرك لم تتغير، ، فأخبرته بقلق متزايد: ,, دكتور هذه النظارة تعود لجدي وهي تصلح لنظره هو فقط، ،. فأجابني: أخي إنني لن امزح معك.. إن عدستها تنسجم تماماً مع درجة نظرك.. ولن تحتاج إلى أي تغيير، ،. في ذلك المساء الذي كنت قد تركت العيادة فيه، كانت الأجواء مغبرة.. بحيث كانت الأسواق والمحلات التجارية قد أغلقت.. وكنت ترى بين حين وآخر أحد المارة وهو يمر مسرعاً.. يحتمل أن تاريخ هذه المدينة لم يشهد هطول غبار كهذا.. والأغرب من ذلك هو إزدياد أعداد ال?لاب في المدينة. فكان يشاهد أزواجاً أو ثلاثاً ثلاثاً منها عند مخابيء البيوت والدكاكين والدور الخربة.. إضافة إلى كونها كانت تطارد بعضها البعض بين حين وآخر لبعض الوقت في شوارع المدينة.. ومن ثم تجالس كلباً أغبر مع كلبة بيضاء.. وسط إحدى الساحات! أنتظرت كثيراً فلم يكن الكلب ليتخلى عن الكلبة ويتركها.. فرميتهما بكسرة حجر وهتفت إستهزاءاً منهما، وحدث أن تقابل مؤخرة الكلب مع مؤخرة الكلبة دون أن يستطيعا الإنفصال عن بعضهما.. وكان منظرهما غريباً جداً، لم اره من قبل.. لم أكن لأعرف بان تجانس الكلاب هو بهذا الشكل!؟ ومن ثم أسترق قلبي فتركتهما.. وكنت قلقاً حول إرتداء النظارة، لأنني لم ادرك كنه خفاياها وأسرارها ولم أكن لأعرف ماذا سيحدث، إضافة إلى أنني كنت أتوجس خيفة عقب إرتداءها بأن ترتطم بالأرض في زحام ما وتنشطر من وسطها إلى نصفين وتتهشم، خاصة وأنني كنت مولعاً بحضور المهرجانات والمناسبات والإحتفالات والمراسيم.. لدافع لم اكن لأستطيع تحديده بدقة أو أدرك كنهه؟ من المحتمل أن يكون سبب ذلك هو أنه في إحدى المناسبات تلك جلست بجنبي فتاة سمراء سوداء العينين وكانت تلتصق بي أكثر رويداً رويداً ومن ثم قالت لي أخيراً: منذ مدة طويلة وأنا أراقبك وقد احببتك منذ زمن بعيد، ، حين دققت النظر فيها تذكرت مشاهد لوحات (غوغان).. كنت أشعر بإمتلاء جسدها ودفء حضنها.. كانت تتحدث قليلاً، ولكن حينما كانت تفتح ثغرها، كان هناك إعوجاج طفيف في أسنانها.. الذي أصبح سبباً من اسباب جمالها الأخاذ كنت أحب فيها أكثر مصمصة شفتيها وكان هذا يثير فيّ رغبة جنسية غريبة جداً.. كنت اتخيل بأنني أحد الرحالة والمكتشفين القدماء وقد أكتشفت جزيرة مسحورة، مليئة عن آخرها باشجار الموز وأنا والفتاة هذه، التي كنت اناديها لوحدي ودون أن اسألها عن اسمها، بـ (تلار).. كنا متمددين سوية في أرجوحة شبكية معلقة بين شجرتين، تحت افياء الأشجار.. وكانت حين تريد التعبير عن شيء دون أن تستطيع ذلك، كانت ببغاوات تلك الجزيرة تعبر بكلمات متقطعة عن رغبات وميول (تلار) وكنت أنتظر دوماً، أن تمتلأ عيناها دموعاً وتجهش بالبكاء.. دونما أدنى سبب يحتمل أن يكون ذلك البكاء من مخلفات ذلك الوقت الذي سقطت فيه من ظهر حصان ابيض والذي أحدث في ساقها اليمنى جرحاً غائراً.. ولكن حين كنت تمعن انظر فيه كان أقرب منه إلى آثار الحرق! رأيت تلك الفتاة في مناسبتين ومراسيمين ليس إلاّ، والتي كنت أطلق عليها لوحدي اسم (تلار).. ومن ثم لم أجد لها اثراً.. ولهذا كنت احضر جميع إحتفالات ومناسبات ومراسيم وكذلك جميع أمور مدينتي المختلفة، ولهذا كنت قد تعرفت عن بعد على جميع أولئك الشخصيات الذين كانوا يقومون في المناسبات والإحتفالات والمراسيم المختلفة بإستمرار وكانوا يقدمون الكلمات والأحاديث والنكات المتنوعة.. وكانت قد اعجبتني شخصية الرجل المهرج والذي كان يحضر دوماً بملابس وأساليب متنوعة.. وكان يقوم في بداية المناسبات والمراسيم ليقرأ كلمة طويلة ومن ثم كان يقهقه ضاحكاً حتى يتحول وجهه إلى صفين من الأسنان البيضاء الكبيرة.. التي كانت تدخل الرعب في نفوس الحاضرين ومن ثم كان لابد لنا التصفيق له وكل من كان ينسى التصفيق في تلك اللحظة.. أو كان يصفق على مهل.. فبعد إنتهاء المناسبة أو المراسيم.. كان يحضر رجال ملثمين ليلاً ليأخذوه من داره.. ولم يكن ليجد أحدُ لبعض هؤلاء بعد ذلك من أثر والذين كانوا يعودون كانوا يحجمون عن قول شيء ويخفون أسرار فقدان هؤلاء ومن ثم كانوا يجلسون في الصفوف الأولى دوماً في المناسبات والمراسيم والإحتفالات وهم يصفقون بلا إنقطاع وكان البعض منهم يهتفون وكان المسنون منهم يتعلمون الرقص!؟ كان قد مضى عام على وفاة جدي، ولم اكن قد ارتديت النظارة بعدُ.. لم اكن لأرغب في وضع نفسي تحت رحمة وأسرار وخفايا شيء مجهول مخبوء في النظارة، كنت أرغب بإستمرار الهروب من الأوهام والخرافات التي كان جدي قد قام بسردها لي وللناس الآخرين، الذين كانوا يقومون بسردها لي بأساليب مختلفة.. ولكن لم يمض طويل وقت حتى قامت العجوز الساحرة بتغيير برنامج حياتي وجعلت مني ومن النظارة توأم بعضنا البعض.. وفي وقت متأخر من إحدى الليالي جاءتني وهي ترتدي ثوباً وردياً وقد حنت يديها وقدميها، وكانت نهداها المغضنان عاريتين حتى نصفيهما وقد صبغت شفتيها باللون الوردي.. وكانت أسنانها قد أسودت بعض الشيء.. وكانت قد صبغت موضع شامة على خدها بالاسود وكحلت عينيها الزرقاوين، أزاحت بوشاحها الأبيض وبدأت تسرد لي بهدوء حلماً ما، كانت تدعي بأنه كان يتكرر لثلاثة ليالٍ متتالية، وكان الحلم غريباً ومتنوعاً ولا رابط بين احداثها، وكان يتعدى أكثر من ان يكون مجرد حلم واحد.. وكان يلتقي في نقطة واحدة.. وكان ذلك حضور جدي، الذي كان موجوداً في جميع فصول ومقاطع الحلم.. في إحدى فصول حلم العجوز: (يقترن جدي بالعجوز ليأخذها على صهوة فرس بيضاء إلى مملكة اخرى، ومن ثم يقتل جدي على ايدي بعض من رجال العصابات وقطاع الطرق وتختطف العجوز) وفي موقع آخر من حلم العجوز: (لجدي ثماني عشرة زوجة ولكل منها لونها وشكلها وملامحها الخاصة بها.. وحتى لغاتهن وجنسياتهن مختلفات حيث يبقى له من ذريتهن جميعاً ابنٌ وحيد وهو أنا، وحسب قول العجوز، سأصبح أنا بدوري حاكم هذه المدينة، وفي مرحلة تالية تلي مرحلتي يتم وضع صورتي في موقع ستراتيجي من المدينة وسيطلق إسمي على جيل من أبناء المدينة). أما أهم جزء من حلم العجوز فهو: (في يوم ماطر، وبعد أن أقوم بتنفيذ وصية جدي وأقوم بإرتداء نظارته.. تتزوجني تلك الفتاة السمراء والتي كنت اطلق عليها اسم (تلار) التي كنت قد تعرفت عليها من قبل في المناسبات والإحتفالات، ومن ثم عن طريق الصدفة وبعد عدة سنين أنتسب إلى صفوف شبكة سرية بواسطة أحد اقاربها.. فأشتهر سريعاً وبحكم خفايا وأسرار نظارتي أغدو شخصية مشهورة ومن ثم اصبح حاكماً لهذه المدينة) لقد سئمت كثيراً من كل تلك الحكايات والقصص التي كانت العجوز ترويها وكأنها حلم.. إضافة إلى الروائح التي كانت العجوز قد جلبتها إلى الغرفة معها وكانت تزداد بمرور الوقت.. فقد أغمي عليّ لبعض الوقت.. وحين أستعدتُ وعي كانت العجوز قد غادرت الغرفة.. لكن الشيء الذي أثار إنتباهي هو أن منامتي كانت قد نزعت.. وكنت أتمدد عاري العورة... وعلى أي حال أمضيت تلك الليلة، وعندما هلّ الصباح، رأيت مجموعة من الأوراق ملفوفة كالتعاويذ.. وقد كتب فيها: (نفِّذ وصية جدك وقم بإرتداء النظارة.. ولكن احذر ألا تنظر إلى أي شيء دون نظارته). وبعد ذلك فقدت صبري وطول أناتي.. حتى إنني لم اكن استطيع مواصلة مهنتي كمدرس، إلى درجة كنت لا أميز بين الدروس وكثيراً ما كنت والطلاب نخلد إلى النوم في الصف ومن ثم كنا نروي أحلامنا لبعضنا البعض وكنت امنح أعلى درجة لمن كان يحلم منهم حلماً أكثر غرابة.. وكانت ملامح الطلبة تتغير أمام انظاري بمرور الوقت وكنت أراهم في عمر أكبر من اعمارهم.. كان الفتيان يبدون أكثر سمرة وأكثر طولاً، أما الفتيات وإن كن صغيرات السن، لكنني كنت أشعر بأن نهودهن تكبر بمرور الوقت.. حتى أنني في كثير من الأحيان كنت أمد يدي نحوهن.. وكان الطلبة الذكور يقلدونني فيما بعد.. وفي أحايين أخرى خاصة حين كنت أتكلم لهم عن التاريخ، كانوا يقعدون في أحضان بعضهم البعض.. ومنذ ذلك اليوم أصبحت هذه الظاهرة (عادة) لدى الطلاب، حين كنت أتحدث لهم عن تلك الفترة حين قتل خالد بن الوليد.. مسيلمة.. ومن ثم وعند رواية أي حدث تاريخي، كانوا يقومون بأفعال غريبة.. حتى ذلك اليوم الذي كنت قد رفعتُ عصا المدير.. وقلت لهم: كفى، كفى... ألا تدركون بأنني في ورطة كبيرة.. إنكم لن ترأفوا بيّ.. لا تورطوني في مشكلة أكبر... أحبتي تصرفوا بأدب.. إنني لا زلت لم أنفذ وصية جدي بعدُ..إني أمريء غير نافع.. وبشع.. وشرير.. إنني لا أنفع في أن اعلمكم شيئاً، لآنني في حد ذاتي لا أعرف شيئاً، الكلمات التي أنطقها لكم.. ليست كلماتي.. إنها كلمات تلك العجوز الساحرة، ثقوا، إنني لست واثقاً من تلك الدروس التي ألقيها عليكم.. يحتمل أن تكون كلمات المدير صحيحة.. وليس من الضروري أن يكون كذلك؟! يحتمل أن تزوره ليلاً ساحرة ما وتنزع منامته بدورها، ، لم أكن قد انهيت حديثي بعد حين دلف المدير إلى الفصل وهو يعرج.. ويقف خلفي.. أستطردت في حديثي قائلاً: لو لم تكن حبسة خان النقيب.. لمّا فتحت مدارس البنات، ينبغي علينا جميعاً أن نعلق في بيوتنا صورة لحبسة خان النقيب. وينبغي علينا الإلمام بتاريخ حياتها ونطالع جميع كتاباتها، ،. ربت المدير على ظهري وقال لي بوجه باسم: أحسنت أيها الأستاذ.. أنت نموذج للأخلاق الحميدة ومبعث فخر وإعتزاز لمدرستنا.. ولكن عساك ان تنفذ وصية جدك وترتدي نظارته.. فدون شك عندها كانت ستتغير شخصيتك.. أو كان من االمحتمل أن يحدث تغيير في منصبك ايضاً.. أيها الأستاذ، قرأت أمس في مجلة إنجليزية، موضوعاً عن متحف بريطاني... والخاص بنياشين واسلحة وخناجر وأمتعة جدك.. وواضح انه منح أغلبها لشجاعته.. يا له من رجل فحل!!،،. وفجأة دخل الفصل ثلاثة رجال جلف وجه مهندمهم كلامه إلى المدير قائلاً: ألاّ يغادر أحد، توجهوا حالاً نحو ساحة المدينة الرئيسية.. وبهذه المناسبة الهامة، سيضاف خمس درجات للطلاب فوق مجموع درجاتهم، ،. أستعد الطلاب جميعاً وقبيل أن يتركوا الفصل الدراسي.. أنزل الرجل المهندم الصورة المعلقة فوق السبورة وبكل ما أوتي من قوة ضربها ارضاً فتهشمت زجاجها أما الآخران فقاما بإخراج الصورة واضرما فيها النار بقداحة المدير ومن ثم ضحك الجميع للحظات!! وبعد ذلك اختلطنا في ساحة المدينة الرئيسية بزحام الناس المحتشدين، ونتيجة للزحام والفوضى أصبحت في المقدمة كانت (تلار) أو الفتاة التي كنت أطلق عليها هذا الاسم.. عريفة حفل تلك المناسبة التاريخية الهامة.. كانت تقرأ الكلمات الحماسية بإستمرار وكانت الجموع الغفيرة تهم بالتصفيق بعد إنتهاء الكلمات، وحتى قبل أن تنهي كلامها.. ولم اكن ادري كيف.. ومن المحتمل أن يكون بسبب الاّّ تتحطم نظارة جدي في جيبي أثناء ذلك الزحام.. ودون قصد مني قمت بإخراجها ومن ثم إرتدائها... أمعنت النظر.. كان الجميع يحدقون في بحذر وإحترام كبيرين.. وكان هناك عدد من الحراس يحيطون بيّ وكأنهم من الحرس الخاص بيّ.. فقلتُ في نفسي: من الممكن إنهم يدركون قيمة وأهمية تلك النظارة لهذا يريدون القيام بحراستي... لئلا يدنو مني احد، ،. أستملكتني سعادة غامرة بسبب السحر الذي احدثته النظارة على معظم الحضور.. إضافة إلى ذلك زال كل قلقي وترددي الباطني.. في ذلك اليوم التاريخي الهام، والذي لم اكن لأعرف ذكرى أي يوم وسنة، أو شخصية، أو حتى أية مناسبة.. ولكن الشيء الذي كان يهمني، هو إنه وبعد فترة من المعاندة والصراع ومخالفة وصية جدي.. قد نفذت الآن وصيته بكل سهوله وأسلمتُ نفسي لتأثير خرافات نظارة جدي. لم يمض طويل وقتٍ أقتربتْ الفتاة السمراء أو لنقول التي كنت أطلق عليها اسم (تلار).. من المايكروفون لتقول على مهل: ,, يا جماهير مدينتا الشرفاء.. نسعد اليوم بالمدير الجديد لمدينتا.. الذي من الواضح بأنه شخصية شهيرة ومن عائلة شهيرة ايضاً.. إنني كقرينة تلك الشخصية الشهيرة أعلن بإعتزاز بأنه مستعد للذود عنكم ولا يتوانى عن عمل كل شيء يستطيع عمله في سبيل خدمتكم.. أيها الأعزاء.. كونوا مطمئنين بانه من الآن فصاعداً لن تجدوا أطفالكم عراة أو موائدكم فارغة.. إن الرجل العظيم الذي سيصبح حاكم مدينتا، هو اعظم بكثير من ان أستطيع التعريف به هنا.. والآن نطلب من سيادته أن يأتي إلى هنا ليقدم لكم كلمة، ،. أرتفعت اصوات التصفيق لدرجة، أوشكتْ أن تطرش أذني، أو يغمى عليّ جراء ذلك.. فسح الحراس لي الطريق قائلين تفضل.. تفضل.. وقامت مجموعة ما يسمى بكبار الشخصيات وممثلي المجالس البلدية والأطباء والمحامين و..... ألخ.. يقبلوني من كلا وجنتي وأخذوني دون إرادتي إلى المنصة وحين واجهت كل تلك الوجوه أمتلكني خوف وخجلت وبدأت بالتفكير، يا ترى ما الذي حدث.. هل ياترى وقد تحققت كلام الساحرة، وهل يكون هذا هو السر المخبوء لسنين عديدة في نظارة جدي... عدت إلى حلمي وتذكرت بدايته، نعم كان هكذا تماماً، كالوضع الذي أنا فيه الآن.. نعم إن تلك المرأة صادقة فهي زوجتي بموجب الحلم وأنا بدوري أحد ابطال هذه المدينة.. ودون وعي مني كنت اقوم بسرد الحلم للحضور وجموع الجماهير الغفيرة.. وفجأة تناهت إلى أسماعي أصوات الدفوف والتهاليل والذكر وبادرت أسأل: (ماذا حدث؟!). أخبرتني زوجتي: كل هذا هو بسبب كونهم أطمأنوا بأنك شخص مؤمن ونوراني وكنت تملك من قبل قوة خارقة وتوقعت حدوث الأمور. ماكنت أرغب في هذا الأمر، ولكن لكي لا أحيد عن وصية جدي عدتُ إلى حلمي وألقيت عليهم الكلمة التي كنت قد رأيتها في بداية الحلم.. وقلت بصوت اجش: (لا أريد أحداً أن يتفاداني ويتملكه الخوف مني.. فإنني ساصبح حاكم المدينة لمدة أربع وعشرين ساعة حسب ما جاء في وصية جدي.. يجب أن ينام الجميع خلال تلك الأربع والعشرين ساعة ويحلموا بمدينة بيضاء.. التي يجب ان يمنع درس التاريخ في مدارسها ويدرس بدله الجغرافيا. وبدون شك يجب أن يتم تنقيح الدروس الأخرى.. أرى من الأفضل تصغير الكتب الكبيرة الحجم وجعلها عدة صفحات.. لأن جميع صفحاتها زائدة وقراءتها دون فائدة تذكر). حين استعدت وعي، عرفت بانها ليست كلمة حلمي... بل كانت إنشاءً، كنت قد كتبته للطلاب من قبل، لم اجد في ذلك حرجاً ودخلت إلى حلمي والقيت عليهم الكلمة بنصها: (يجب أن يكون درس التاريخ الدرس الأساسي ويجعل حجم كتابه أربعة أضعاف ما هو عليه الآن ويهمل بقية الدروس!؟، لأننا لا نملك غير التاريخ، كي نفتخر به.كما أطالب أن يجعل من تاريخ جدي، فصلاً رئيسياً في درس التاريخ، ويُجعل من ذلك الفصل مصدر الأسئلة الوحيد للطلاب عند حلول الإمتحانات.. إذن منذ اليوم سنعود إلى سراديب التاريخ المظلمة.. يجب ان نرتدي ثيابهم ونتاول طعاماً كأطعمتهم.. يجب ان نقيم تماثيل لجدي وزوجاته الثمانية عشر في هذا الميدان). سحرتني اصوات التصفيق وكنت اسمع الهتافات السحرية وهي تتعالى.. وبعد إرتداء النظارة، كنت أرى الناس أقزاماً.. وكانت الوجوه تتراءى لي وهي مشوهة!!؟ = لهيب بانميل = قصة: أحلام منصور ترجمة: مكرم رشيد الطالباني وصلنا بسيارة حكيم العتيقة من بغداد إلى السعدية، وكان الركاب يطربون لتمضية الوقت وتقليل ملل الطريق، وكانوا يتجاذبون اطراف الحديث أحياناً وينهون ذلك الشجار الذي لا معنى له بينهم بسخرية. كنت أرنو نحو الأشجار والبساتين المنتشرة على جانبي الطريق المتعرج، لم ارغب في إغماض عيني لئلا أحرم من تلك المناظر البديعة وعبق قداح البرتقال. منذ مدة وأنا لم أزر مديني المقدسة خانقين ولم أكن مطلعاً على تلك الملاحم التي كانت تحدث فيها بإستمرار بسبب بعدي عنها. كنت في نظر الركاب أجنبياً غريباً، ولم يسألني أحدهم حيث كانوا يروون النكات العجيبة وقد اعتبرت راكباً منهم وذلك بإختلاط دخان سكائرنا. كانت قوافل تلك السيارات الكبيرة والصغيرة الحجم جاعلة طريق المدينة صراطاً كصراط يوم القيامة، وكنا قلقين من إنزلاق سيارتنا تحت عجلات سيارات نقل النفط الطويلة وتدعسنا بعجلاتها لتختلط دماؤنا بالنفط وتغدو عظامنا رماداً. حين تركنا نقطة تفتيش السعدية كان الطريق يضيق وتشق سيارتنا طريقها بصعوبة فقد كنا نجعل عند كل مطبة وكان حكيم السائق يكيل علي مدير البلدية بسيل من الشتائم: ـ يا ابن الزانية، لقد خلق لشرب الخمر واخذ الرشوة. وكان الركاب يتلقفون منه ويكيلون بدورهم الشتائم لبعض أقارب علي ويشهدون بأن علي هو السارق الذي يقوم بخداع قائممقامي المدينة الواحد تلو الآخر معبدين شوارع المدينة بأكاذيبهم. وكان إبراهيم الشرطي الذي كانوا يسمونه إباو قد صب جام شتائمه على سابع جد علة وكان الركاب يسخرون منه: ـ إباو لو كان علة يعرف بأنك ستزور بغداد أول مرة فإنه كان يقوم بتبليط الطريق قبل ذلك بأسبوع ولكن وا أسفاه! كانت قطرات المطر تتساقط على زجاج سيارتنا المتكسر وكان الزجاج المترب يغدو نظيفاً رويداَ رويداً لتتشكل عليه رسوم وصور عجيبة. كنا قلقين كي لا يغضب الوند فجأة ويهدم مدينتنا بفيضانه. كم كانت السيارة مسرعة وهي تتجه نحو المدينة وترتقي التلول فكان إبراهيم أكثر تلهفاً منها. لم يكن ليصبر، أنتفض في وجه السماء وكاد يمزق ثيابه خوفاً من الفيضان وكان صوته يرتفع بإستمرار وهو يصرخ: في العام الذي مضى أتانا نهر سيروان ويأتي هذه السنة من السماء ويشردنا فإلى أين نولي وجوهنا مع الحشد من أطفالنا؟ فغضب حكيم السائق وأردف قائلاً: ـ بالله فالفيضان وحده سيكون كفيلاً للقضاء علينا. في العام الماضي تهدمت المقبرة. فقل للرب أين سيذهب الموتى؟ في السنة المنصرمة أصبح الموتى أسماكاً. وقد جاء دورنا هذه السنة ومن يدعي بأننا سوف نحصل على جدث؟ سيجرفنا الفيضان دون كفن ومراسيم الفاتحة والدفن، يا ابن الزانية علة لم يأتي بالرمل والحصو كي يسد به منافذ الوند؟ والنتيجة ماذا نفعل؟ إنه غني.. ما باله.. لديه قصر شامخ، والطامة الكبرى لنا نحن ستغدو بيوتنا الطينية أجداثاً. لم يبق لدى إبراهيم شعور، كان مطمئناً بأن زوجته فريدة تثير الحي بصراخها وعويلها وهي تقول هلعاً : سأموت.. جاءني المخاض.. الآن.. الآن.. فأتوا بالقابلة.. الطفل يصعد فوق قلبي.. سأموت .. القابلة.. أتوا بإبراهيم. كفر إبراهيم حين قال:ـ مسكينة فريدة إنها الآن تخاف من المطر كثيراً إلى حد لا يصدق. كان بيننا راكباً إسمه حسن.. حين تناهى إلى أسماعه آخر كلمة من كلمات إباو وكأنه قد صب عليه البنزين حيث وجه سيلاً من الشتائم لزوجته فريدة: ـ المتحشفة، لقد حبلت كالقطة؟ قسماً بإلله أن أطفالهم ليسوا من صلبهم.. أنت وزوجتك فريدة كشقيق وشقيقة، ليقبض الله روحكما أنتما واطفالكما القذرين. قل لي يا إبراهيم ماذا أعجبك من فريدة؟ ليست جميلة، وليست ذات معرفة.. تفووو.. على ساقيها الهزيلتين؟ إني اقسم بالله إنك حين تحتضنها تغمض عينيك.. يا ذا الحظ النكد قل لي.. إن حسن ليس صادقاً ؟ تحامل إبراهيم وقال متأففاً : ـ أنه حظي النكد! فهي ابنة عمي.. إنني مضطر ان اعتني بها حيث لصقت بي ولن تبارحني، أين أولي وجهي منها؟ سيمزقني عمي. أقسم بضريح والدي إنها الآن قد ازعجت خانقين، لن تستطيع مدينة بأكملها الوقوف في وجهها. ـ لأنك لست رجلاً، خسئت .. إنك تخاف منها كالكلب. ـ كلا. إنها تخاف من شيئين.. الجن ومن ثم المطر.. حيث تريد ليلاً الذهاب لقضاء حاجاتها فتقول لي قف عند الباب، غير انني أسخر وأستهزء بها، وحين يتساقط المطر ويكون المخاض قد جاءها حيث تصرخ وتصرخ لتصم آذاني.. لذا تراني يوم تمطر وكأنني افجع بفاجعة، حيث حظي النكد يجعلها أن يأتيها المخاض يوم الفيضان لتولد.. وقبل الفيضان بيومين لا يستكين الطفل في بطنها، أود أن تنجب طفلاً سأرسله في العام الثاني من عمره إلى المدرسة. فلطم حسن لطمة على رأس إباو وأردف يقول: ـ فليقبض الله روحك.. لماذا لا تعرف بأن المرأة تنجب بعد تسعة أشهر من الحمل.. إنها تخدعك لكي تقوم بإحتضانك. ضغط حكيم السائق على دواسة الوقود وكان يمسح زجاج السيارة تباعاً من الداخل.. مغيراً من الموضوع: ـ كفوا عن ذلك فالدنيا جاءها المخاض والرجال أيضاً، هذا ليس مطراً؟ كاد المطر أن ينفذ من زجاج السيارة كالرصاص. وكانت التلول على الجانبين ترتفع رويداَ رويداً، فتح (إباو) نافذة السيارة وكأنه لم ير المدينة منذ مائة عام، وهو يشم عبق الأرض حيث قال: ـ أف ما اعذب عبق خانقين.. لن استبدلها بالكون كله. أمتزجت رائحة نفط شركة خانقين ـ بانميل ـ بأزهار جبال وتلول وسهول المدينة، وكانت نيران نفط بانميل ترتفع من بعيد وكان المطر يتساقط مدراراً على المنطقة .. حين شاهد الركاب من بعيد لهيب بانميل المرتفع نحو السماء وأزدادت دردشتهم قدر حرارة تلك النيران حول النفط والأنجليز، وزبدت افواههم وتصبب العرق من وجوههم. فصرخ إباو : ـ يمعود وماذا أستفدنا نحن من النفط ؟ فإن أبو ناجي مهيمن ومسيطر بقبضته عليه. ـ مادام النفط ينبع من أرضنا فإن خيراته ستكون لنا فأنظروا إلى نيرانه، يقال بأن هذه المدينة ستنتج النفط لمدة ألف عام، يقال سيأتي يوم ويغدو النفط كالوند، ولكن من يستطيع الآن التحدث معهم فإن أبناء الكلاب هؤلاء سيصبون نفطنا على رؤوسنا ليحقرونا. ـ لماذا اهو هوانطة ؟ وهل هذه المدينة دون أصحاب ؟ وكل مطلق العنان لنفسه. ـ ولكن وا أسفاه وهل يستطيع أحد التصارع مع أبو ناجي؟ ـ لقد ولى ذلك الزمان، إننا سنقضي عليهم غداً أو بعد غد فالمدينة ليست ملكاً لآبائهم. ـ مادام ستخرج النفط بنفسه فيعتبره ملكاً له. ـ سوف تشهد بأننا سنغرس أصابعنا في عيونهم غداً أو بعد غد .. صحيح أنهم يمتصون الآن دمانا ونفطنا سوية ولكن الدنيا ليست اليوم فقط .. فأنتظر وأدرك ماذا سيحدث غداً أو بعد غد. وددت ان أقول شيئاً لكن سيارتنا وصلت إلى قمة آخر تلة على الطريق ومن ثم نزلت مباشرة بتأن لتقف عند نقطة التفتيش فدلف الشرطي كريم ساغ أولصي برأسه إلى داخل السيارة وهو يغطي راسه بقطعة من الغرارة وقال لإباو: ـ قرة عينك يا إباو لقد رزقك الله ولداً ولا تخف لقد هبت المدينة كلها لنجدة زوجتك. ـ فأغرورقت عينا إباو بالدموع وقال بصوته الأجش: ـ قسماً بإلله فإني سأرسله من الآن إلى المدرسة وأكشف له كل أسرار الأنجليز. (*) بانميل منطقة في خانقين، فيها مصفى للنفط بإسم مصفى الوند، قام النظام السابق بإغلاقها ونقل محتوياتها إلى منشآت نفطية أخرى. إباو: كلمة تصغير لإبراهيم. علة: كلمة تصغير لعلي. أبو ناجي: الإنكليز. هوانطة: يعني كل على هواه. = الصورة = قصة: أحلام منصور ترجمة: مكرم رشيد الطالباني حين كان القمر يلطم من اجلي ومن أجل العشاق، لم تشرع أية وردة وشمعة وفراشة بالبكاء من أجل شيرين وفرهاد، والآن لن تشرع أية نجمة بالبكاء من أجل العشاق. أن القمر يدرك أن العشق هو داء السرطان، لذا فقد تحولت تماثيل العشاق الراحلون الخالدون إلى عرائس ثلجية وذابت بفعل نيران شمس العدم وغدت دخان السكائر التي لا تنفك من مرافقتي دوماً لتنجدني عند إنتصاف الليالي. نعم إن القمر يشرع بالبكاء كل لحظة على شاكلة مغايرة ويلطم وخاصة للقصائد والروايات والرسائل البنفسجية التي ذابت في دمائي الطاهرة والتي امتزجت بجهودي التي ذهبت سدى وحسراتي وآهاتي. من المدهش أنني لم أشرع بالبكاء معه، هل يا ترى أن عيناي أصبحتا كهفاً وقد كمنت فيه عشرات من الأشرطة الصوتية وأقراص السيدي وأفلام تجاربي؟ الأمر هكذا ففي عيني اليسرى التي هي أضعف من عيني اليمنى يختبأ جبل. يتكون أساسه من حجر ثقيل وصلد وشاسع، ولن يطلق على ذلك الحجر حجر الصبر، كذلك فلا اسم يطلق على حجر أساس الجبل الكامن في عيني اليسرى، لأن بياض عينيّ لم يكن شاشة للسينما، فقد تحولت الجبال إلى طاقة، ولن يستطيع أي عالم للآثار كشف أسرار مفتاح تلك الحروف. إنها كالروح والنفس والأحاسيس غير مرئية، لقد أغلقت مزلاج بؤبؤة عيني بمفتاح ذهبي، ورميت به في أتون كلماتي، ومن ثم وكما تقول الأغنية الروسية: (كلانا ضفتي نهر لن يمكننا الألتقاء ولا الإفتراق). وهكذا أصبحت أنا والعشق ضفتي نهر مدمى. في يوم مخيف، قارس البرد، والزمهرير، أيقظني القمر وقام يشرع بالبكاء من أجلي فقط، وقال: لقد ضحكوا عليكِ... إني أبكي من أجل جهودكِ التي ذهبت سدى وآهاتكِ.وفجأة شعرت بأنامله الرقيقة وقد وضعت الحجر الأساس لجبل آخر في فؤادي. فتحت الشمس عينيها صباحاً لتبارك لي ومنحت الحرية لورود وعشب وفواكه ذلك الجبل، وحين قدم الليل ليسدل الظلام على قلبي، بدأ القمر يشرع بالبكاء ثانية. وكان التيار الكهربائي مقطوعاً. وكنت بدوري أخدع نفسي. أسدلت الستائر وأشعلت عدداً من الشموع فبدأنا نبكي حتى الفجر، وكنا ندرك أن الشمس ستمنحنا الأمل من جديد وتُفند القمر وتقوم بتكويك الكرة الأرضية وستخضر حقول عشقي وتقوم النوارس بتقبيل أمواج قصائدي وتهدل حمامات رسائلي وحتى أن الذباب تتقافز فوق ظهر بعضها البعض. ومن ثم فإن شعاعاَ من أشعة الشمس ملأ إنائي بالسكر، وقام شعاع آخر بتخدير الشاي لي عوضاً عن الغاز فتزينت حيث أرسلت لي مرآتي عفطة طويلة، أضطررت أن أدير لها ظهري والنظر إلى حجم ظلي. وقد ضربني بالمغرفة على قفاي بدوره. فبقيت لوحدي معكم، ومن المحتمل أن يقولوا كما قالوا دائماً (إنها تقعد في المنزل وأدركت روحها التعب وانها أختارت لنفسها الصمت، لا عمل لها غير التفكير)، لن ارد عليكم لأن عشقي يمارس الحب مع العشق. تجربتي هذه جبل شاهق وأن الكون قد وضح الحجر الأساس في قلب روحي، لذا فقد تحولت شراييني إلى أنهار، وقلبي ذهبي المعدن لن يدركه الصدأ أبداً. وحتى في هذه اللحظة فإن القمر لا يزال يبكي، بأي قصص يمكنني أن أجفف دموعه؟! أعتقد أن القمر يرتشف خمور اليأس، وأن صفحاتي ترتشف الدماء، وقد علق صورته نفسه في جبيني، وأنتم ترتدون القناع دوماً ولن تروا الصورة جيداً. لن أندم أبداً من خطواتي الماضية ولن اسأل فرجينيا وولف ِلمَ ألقت بنفسها في نهر التايمر أو فيم كانت تفكر سيمون دي بوفوار حينما أدركتها المنية، إن الصورة التي على جبيني ليست كالسابق عبارة عن خريطة كوردستان، ولم يدون فيها شعار الحرية والمجتمع المدني وأكاذيب ساسة كوردستان، كما لم تكتب تحت الصورة أية جملة بأية لغة كانت. لإني احبكم، غير أنكم تكرهونني بدوركم، كنتم ترمونني بالحجارة. والآن فإن تاريخ الإنسانية ترميكم بالحجارة، لقد أنمحت صوركم في ذاكرتي. دعوها فإنها معادلة غير معقولة. إن اعينكم ككاميرات المخبرين، هل تودون أن تعرفوا من هو صاحب الصورة؟ أحي أم ميت؟ أشيخ هو أم في ريعان الشباب؟ ليست هناك صورة في أي حافظة للصور تشبه صورته، فلا تتعبوا أنفسكم، لا تنسوا إنكم شرطة، ستعمدون إلى تقليب صفحات دفاتري القديمة وتغدو قضية الصور لديكم لغزاً، ومن المحتمل أن تمطوا شفاهكم وتقولوا بدون أدنى مبالاة: (لقد ادركتكِ الشيخوخة)، إن صدى تلك الصورة هو لحن حياتي، على أية حال لا تراهنوا عيلها، أقلبوا الصفحات إذن، وأنظروا إلى صور الشعراء والروائيين والفنانين والفلاسفة و...و...و... وللمرة الثالثة لازال القمر يجهش بالبكاء، ففي هذه المرة لثكله، لأنه بعكسي فهو نادم جداً على أعماله وكان دوماً شيطاناً يفرق بين العاشقين ويستغرب مني كوني لن ابكي. ها أن الشمس توشك ان تبدأ بالبكاء، والسحب والسماء تذرف الدموع مدراراً، غير أن الصورة فوق جبيني تضحك منهم. فإنكم لن تجدون صاحبها حتى ترحلون، ومن الممكن أن تكون حمامة وتعمدون لذبحها، أو أن تكون عصفوراً تحبسونه في قفص، ويمكن أن تكون وردة تنثرون وريقاتها، أو فراشة تحرقون جناحيها، ومن الممكن أن تكون نوطة لن يكون في إمكانكم عزفها بآلات موسيقية، أو أن تكون قطعة موسيقية لن تنسجم مع خطواتكم ومن الممكن أن تكون لحناً لن تدركوا كنهه، أو أن تكون كلمة لن تستطيعوا إمساك حروفها بالعسل، إنها جميعاً وليست أي منها، ليست صورة الدموع لوحدها، وليس صورة الحجر، وحتماً ليست صورة ذوي السلطة، هل ترى أن تكون صورة مرآة القيد والأمن وقناني المخابرات؟! كلا، يمكن أن تكون إسماً لإحدى الروايات، لكنها ليست حتماً صورة للدولار، ويمكن أن تكون صورة لإرادة شوبنهاور أو سوبرمان نيتشة، لكن ليس ممثلاً سينمائياً ومسرحياً ولا رساماً ولا موسيقياً، غير أنه أبرعكم فناً، ويمكن أن تكون صورة ورق اللعب والكأس والحبوب المنومة والمهدئة، ليكن الحديث بيننا، إن الصورة هي صورة رجل وهي صورة إعتيادية لكنها ملفتة للنظر قليلاً. ومن الممكن أن لا تكون قراءتي لهذه الصورة قراءة فلسفية. لا زالت الشموع هذه المرة كما كانت، وكذلك النوارس والأمواج لكن ها أن خضر الحي مجهش بالبكاء، لتبكي الأوقات، والنجوم، والتماثيل، والورود، والطيور والأشجار، لكنني لن أبكي أنا ولا الصورة على جبيني، ولست نرجسياً إلى حد لكي تعرفوا أن الصورة أما تكون صورتي أو صورة ظلي أو الصورة التي في مرآتي؟! كلا، إن الصورة صورة رجل جميل، وهل يوجد بين الكورد رجال حسان؟! كلا لا يوجد. الجبل القديم في عيني اليسرى يتقاتل مع الجبل الذي في عيني اليمنى، ها أن إطار الصورة يوشك أن يثبت على جبيني، وتوشك أن تغدو عينا الصورة بحراً دموياً. ويوشك أنفه أن يتحول إلى عصاً، كلا يوشك أن يغدو مجدافاً، إنني لن أُقهر أبداً، لأن يراعي هو عصاي دوماً، وماذ يمكن أن تتحول الإبتسامات المرتسمة على شفتيه؟! ستغدو محيطاً، وقد خرج لغلوغه من فيهه، وهو يستهزء بكم. لا لا لم تتحول الصورة إلى كاريكاتير، لأن ذقنها يوشك أن يتحول إلى سجادة تصلي عليها كلماتي. ها أن القمر يذرف الدموع، وقد أغمضت الشمس ناظريها، وأن الشيطان وخضر الحي يقومان بإعدام نفسيهما بحبال المشنقة. وحدها دموعي لا تبكي، أنا الفاتنة والقبيحة، المهمومة والسعيدة، الطاعنة في السن والصغيرة في السن، التمثال والدم، الحية الميتة، فأي صورة تتحول إلى مرآة لي، أنا الخنثى الذي أتكون من مليار شخص ولازلت نفسي ذاته. من بقي؟ الرب باقٍ لوحده، ولن يبكي الرب من أجلي ولن يضحك مني، لأن الرب أيضاً لا يعرف صاحب الصورة وأنه لم يخلق إنساناً هكذا أبداً، وليس تأثير الصورة حشيشة وإنني لم أدمن عليها أبداً. هل تودون أن أحل لغز هذه الصورة، الرجاء أغمسوا الفرشاة في الأصباغ وأرسموا على جبيني لوحة مرآتية لتلك الصورة، لأجعل تفاصيل هذه اللقطات لكم مفتاحاً مرئياً، ومن ثم أرسموا صورتكم حسب هذه الخصائص على جبيني.ليكون الرأس والشعر كرأس وشعر بريخت، وليكون جبينه كجبين بودلير، وكذلك عيناه الباكيتان، وبابيونه، لنعد إلى الحاجب، الرجاء أن يكون حاجبيه كحاجبي صادق هيدايت، ومن ثم أرسموا أنفه كأنف رامبو، عودوا إلى رموش ستاندال، ومن ثم ارسموا خدي بلزاك، نعود إلى الشاربين، الرجاء إلصاق شاربي سلفادور دالي فوق شفتي الدكتور حقي إسماعيل كذلك أرسموا صورة أسنانه، أطلقوا لسان ميلر وألصقوا ذقن دورينمات بلحية أنكلز، نعود ثانية إلى ملامح وسيماء الصورة التي يجب أن تكون على شاكلة ملامح أنشتاين. ووضع نظارات جيخوف على عيني سان جون بيرس لينظر برؤيا كويستاف فلوبير إلى العالم ومن ثم الصقوا اذني فان كوخ على يسار ويمين رأس الصورة، ليكن رقبته كرقبة الإمام علي وكتفيه ككتفي رونالدو ألصقوهما بيدي ألان ديلون. وألصقوا ظهر ميلان كونديرا ببطن أدغار ألان بو، نعود إلى قفاه حيث يجب رسم صورة قفا فوكو، وأرسموا عضواً ذكرياً في المقدمة كعضو فرويد على خصيتي وليم رايش، كذلك ألصقوا صورة فخذي إيريك فروم مع ركبتي ماركيز، وساقي باسترناك وقدمي وليم فوكنر بباقي الأعضاء، ضعوا قلب كونراد بدقاته في صدره الذي يشابه صدر نزار قباني، ليكن رائحة دم الصورة كرائحة دم لوركا، وليكن بوله عكس بولي، ليكن خياله كخيال بروست وذكائه كذكاء جيمس جويس، ليكن البايب بين شفتيه كبايب جان بول سارتر، ولتكن عصاه كعصى جارلي جابلن وربطة عنقة كربطة عنق إيتالو كالفينو وحزامه كحزام محمد زفزاف، وجوربه كجورب نجيب محفوظ وقامته كقامة العفيف الأخضر وحذائيه كحذاء مورتي وأحلامه كأحلام محمد عمر عثمان، وكفره ككفر سلمان رشدي وآماله كآمال ماركس، ولا تنسوا البنطال يجب ان يكون بنطاله كبنطال بيرانديلو وقميصه كقميص ماياكوفسكي وسترته كسترة كافكا، وأن تكون أحاديثه حلوة وطيبة كأحاديث الأستاذ هيمن وأن يكون هدوئه كهدوء الطرابيشي ويكتب الشعر لي كإيليوت ويقول الشعر لي كأدونيس، ويكون وسيماً كألفيس بريسلي ويغني لي كمحمد عبد الوهاب ويغضب دوماً كبتهوفن وأن يمارس العادة السرية دوماً ويعزف على البيانو كموزارت وأن يكون مجنوناَ كنيتشه وأن يرسم اللوحات كبيكاسو ولتكن أظافر آلان روب كري فوق أنامله ويكون في صحراء كلود سيمون وليبحث عن سراب ناظري محمد بن عبد الله. ليكون كعبه كعب آشيل وتكون خطواته كخطوات إبسن وأن يكون قد سرق بؤبؤ عينيه من تولستوي وله إبتسامة بول إيلوار وتكون روحه كروح فرلين ودموعه دموع كامو، وألبسوه جلود واتينغوش وأمنحوه أفكار آكير وكور وساوا التصويرية وأن يكون له عظمة هيرمان هيسة ويراع شكسبير وله إنتظار سورين كير كيغارد وكآبة صاموئيل بيكيت وصبر غرامشي وشفقة أديسون وتكون كلماته كشعر جاك بريفير وحداثويةً مثلي. لم تكتمل الصورة لكن لأقوم بإكمالها، ومن أجل الا تكون لروحها قبر كروح جواهر لال نهرو، الرجاء احرقوا الصورة واخلطوا رمادها برماد سجائر صباح مساء أيامي وليالي. وليبكي القمر من أجل نفسه ومن أجلي وتموت الشمس. ==روابط خارجية== * http://www.alriyadh.com/2012/06/07/article742413.html * http://iraqiwriter.com/iraqiwriter/Iraqi_Writers_folder/Site_writers/mukaram_talabani/mukaram_talabani.htm * http://www.poetrybook.biz/2013/05/blog-post_3669.html * http://iktab.com/bookstore/author/author_detail/182 *http://www.iraqiartist.com/iraqiwriter/Iraqi_Writers_folder/site_writers/mukaram_talabani/mukaram_talabani_128.htm {{شريط بوابات|العراق|أعلام}} [[تصنيف:أشخاص من محافظة ديالى]] [[تصنيف:أشخاص يحتمل أن يكونوا أحياء]] [[تصنيف:أكراد العراق]] [[تصنيف:خريجو جامعة بغداد]] [[تصنيف:شعراء أكراد]] [[تصنيف:شعراء عراقيون في القرن 20]] [[تصنيف:شعراء عراقيون في القرن 21]] [[تصنيف:صحفيون أكراد]] [[تصنيف:صحفيون عراقيون]] [[تصنيف:كتاب قصة قصيرة عراقيون]] [[تصنيف:مواليد 1951]]'
نص الويكي الجديد للصفحة، بعد التعديل (new_wikitext)
'{{لا مصدر|تاريخ=مارس 2016}} {{مقالة غير مراجعة|تاريخ=أكتوبر 2013}} {{يتيمة|تاريخ=يناير 2016}} {{ميز|مكرم الطالباني}} {{صندوق معلومات شخص}} '''مكرم رشيد الطالباني''' شاعر وكاتب [[كرد|كردي]] من إقليم [[كردستان العراق]] يقيم في [[أربيل]] [[عاصمة]] الإقليم . ==نشأته== هو مكرم بن شيَخ رشيد شيخ جميل الطالباني، ولد في منطقة بنكورة التابعة لقضاء [[خانقين]] عام 1951. . أكمل المرحلة الابتدائية عام 1963 في مدرسة قرية كوره شلة الابتدائية للبنين على ضفاف نهر سيروان. . أكمل المرحلتين المتوسطة والإعدادية في مدينة خانقين عام 1969 ـ 1970. . التحق عام 1970 [[اللغة الكردية|بالقسم الكردي]] بكلية الآداب ب[[جامعة بغداد]] ونال شهادة البكالوريوس في اللغة والأدب الكرديين عام 1974. ==اعماله== . يكتبُ منذ عام 1970. نشر نتاجاته الأدبية من قصائد ومواضيع ومقالات متنوعة في الصحف والمجلات الكوردية وترجم العديد من نتاجات الشعراء والقصصيين الكرد إلى [[اللغة العربية]] ونشرها في الصحف والمجلات وفي المواقع الإلكترونية. == مؤلفاته == مؤلفات شعرية ===كتب=== # .ديوان أمواج الألحان، [[بغداد]]، 1978، بالكردية # .ديوان رماد النجوى، [[بغداد]]، 1980، بالكردية. # .ديوان المعبر، بغداد، 1986، بالكردية. # . قصة العاشق غريب، ترجمة، مشترك، 1987، إلى الكوردية. # . ديوان الغزلْ، هولير، 1997، بالكوردية. # . ديوان أسطورة التفاح، هولير، 2005، بالكوردية. # . الإعراب في اللغة الكوردية، هولير، 2008، باللغة الكوردية. # . نصيحة الأم، قصص مترجمة إلى اللغة الكوردية للأطفال، هولير،2010. # . عقد الؤلؤ، قصص من تراث الشعوب، ترجمة إلى اللغة الكوردية، هولير، 2010. # . حورية الغابة، قصص من تراث الشعوب، ترجمة إلى الكوردية، هولير، 2010. # . مجموعة الرعد القصصية، باللغة الكوردية، منشورات وزارة الثقافة والشباب في إقليم كوردستان، هولير، 2011. # . رواية (الثلج يأتي من النافذة) لـ(حنا مينة)، ترجمة إلى الكوردية، هولير، 2011. # . ديوان (كذبة أخرى) للشاعر (زانا خليل)، ترجمة إلى اللغة العربية، هولير، 2011. # . مجموعة رهيل الشعرية ـ الأعمال الشعرية الكاملة ـ على نفقته الخاصة، مطبعة شهاب، هولير 2012. # . (شدو القبج)، ترجمة قصائد كوردية إلى العربية، دار الغاوون، بيروت، لبنان، 2012. # . حقوق المعلمين وواجباتهم: تأليف كنيث إيرلاند، ترجمة عن العربية، مطبعة وزارة التربية، هولير 2012. # . مجموعة (ابن الجبال) القصصية، وهي مجموعة قصص مترجمة من اللغة الفارسية والعربية، وزارة الثقافة والشباب في حكومة إقليم كوردستان، مطبعة وزارة الثقافة، هولير، 2012. # . مجموعة قصص كوردية مترجمة إلى العربية، المركز العام لإتحاد الكتاب الكورد، هولير، 2012. # رواية (عندما تتداعى الجبال، العروس الخالدة)، جنكيز أيتماتوف، مترجمة عن العربية، دار جيني للطباعة والنشر، هولير، 2013. # . رواية (جاوة زار ـ التعويذة) باللغة الكوردية من تأليفه ومترجمة من قبله إلى العربية أيضاً، معدة للطبع. # . رواية (السيد الرئيس) ميغيل أنخل استورياس، مترجمة عن العربية، معدة للطبع. # . رواية (بروكلين هايتس)، للكاتبة المصرية ميرال الطحاوي، عن العربية، معدة للطبع. # . ترجمة رواية جسر على نهر درينا، لإيفو آندريج، أربيل 2011. دار موكرياني. #. ترجمة رواية الفناء الملعون إيفو آندريج.أربيل، دار موكرياني، 2011. #. ترجمة رواية الصخب والعنف، لفوكنر. أربيل 2015، دار آوير. #. ترجمة رواية رقص رقص رقص لهاروكي موراكامي، أربيل 2017، دار آوير. # . ترجمة قصة إختطاف، غابرلي غارسيا ماركيز، دار آوير، أربيل،2015. #. ترجمة رواية 1q84 الكتاب الأول 2016والثاني 2020والثالث 2020 للروائي هاروكي موراكامي. منشورات دار روسا. #. ترجمة رواية بعد الظلام للروائي هاروكي موراكامي. 2017.منشورات دار آوير. #. ترجمة رواية خريف البطريرك لغابريل غارسيا ماركيز.أربيل، 2014. دار آوير. #. ترجمة رواية السيد الرئيس لميغيل أنخل أستورياس. الطبعة الأولى 2014 والطبعة الثانية 2015.دار موكرياني. #. ترجمة رواية الأسود يليق بك لأحلام مستغانمي. أربيل، 2013. دار آوير. #. ترجمة حين تتداعي الجبال، العروس الخالدة لجنكيز إيتماتوف. 2013، دار جيني. #. ترجمة كتاب حكمة الكذب لسولخان سابا أوربيليان. أربيل، 2016 ، دار روسا. #. ترجمة رواية بروكلين هايتس، لميرال الطحاوي. #. ترجمة فرانكشتاين في بغداد لأحمد سعداوي.دار آوير، أربيل 2015. #. ترجمة رواية المرأة العسراء لبيتر هاندكة. دار روسا، أربيل 2017. #. ترجمة رواية غرفة مثالية لرجل مريض ليوكو أوغاوا. أربيل 2017، دار روسا. #. ترجمة رواية المفتاح لجونيشيرو تانيزاكي.أربيل 2015، دار جيني. #. رواية سوء تفاهم في موسكو لسيمون دي بوفوار. أربيل 2016، دار روسا. #. ترجمة الحرافيش لنجيب محفوظ. دار آوير، أربيل، 2016. #. ترجمة مذكرات كلب عراقي لعبد الهادي السعدون. دار آوير، أربيل 2017. #. ترجمة كتاب ثورة أكتوبر 1917 لآلان مورهيد. أربيل، 2018، دار آوير. #. ترجمة رواية فتاة عادية، آرثر ميلر، مكتبة زانين، أربيل 2018. #. طبع ديوان آخر كلمات القمر، باللغتين الكوردية والعربية، أربيل 2019. #. ترجمة رواية شارع إبليس، أمين الزاوي، دار آوير، أربيل 2020. #. ترجمة أحزان السَنَة العراقية، خزعل الماجدي، أربيل 2020، دار موكرياني. #. ترجمة رواية مقتل الكومنداتور، هاروكي موراكامي، الجزء الأول، 2020، معد للطبع. . عمل صحفياً في دار الثقافة والنشر الكوردية ب[[بغداد]] من 1976 لغاية 1989 بصفة مترجم. . نقل عام 1989 ليشغل مسؤول فرع الدار في [[أربيل]]. . أنتسب بعد انتفاضة ربيع عام 1991 إلى وزارة الثقافة في إقليم [[كردستان]]. . نقل عام 1992 إلى وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان بعنوان مدرس اللغة والأدب الكرديين وقام بالتدريس في إعدادية صناعة أربيل وإعدادية ميديا للبنات. . نسب عام 1994 للعمل في مجلة آفاق تربوية الشهرية باللغة الكوردية والعربية بوزارة التربية. . نقل عام 2007 خدماته نهائياً إلى مجلة التربية والتعليم بديوان وزارة التربية. . شغل مدير التحرير في المجلة أعلاه. . عمل منذ عام 2003 محرراً للأخبار في القسم العربي ب[[فضائية كردستان]] ويعمل حالياً في قسم الأخبار باللغة الكردية بفضائية كوردستان. من قصائد الشاعر مترجمة من الكوردية إلى العربية: '''البحر''' حبِلَتْ بحيرة من بحرٍ انقضى ثلاثون قرناً وثلاثون عقداً وثلاثون عاماً وثلاثون شهراً وثلاثون أسبوعاً وثلاثون يوماً وثلاثون ساعة ليولدَ بحرٌ من بحيرةٍ أنتفض بحرٌ في حضن بحرٍ في تاريخ بحرٍ أبتلع بحرٌ بحراً قَرصَ بحرٌ فخذَ بحرٍ غرق بحرٌ في أمواج بحرٍ طالعَ بحرٌ تاريخَ بحرٍ خاصمَ بحرٌ جغرافيةَ بحرٍ ردمَ بحرٌ ينابيعَ بحرٍ تخندق بحرٌ ضد بحرٍ ثار بحرٌ على بحرٍ قَدِمَ بحرٌ وأرتاد مقهى بحرٍ أجتاز بحرٌ شارع قلعة بحرٍ لم يعجبه أرصفة بحرٍ أستدار حول الشارع الستيني لبحرٍ مرتشفاً فنجان قهوة في ليالي البحرِ أمضى الليل حارساً حول قلعة البحرِ لم يعجبه أسلاك الكهرباء والهواتف الممددة دون إنتظام على الأعمدة وجدران منازل الأحياء مشوهةً منظرَ أزقةِ وشوارعِ عاصمة البحرِ نفرَ من مشهد جل العربات التي لا تفسح الطريق للمارة كي يتجولوا في بحرِ بحرٍ ويقوموا بجولات بحرية تَفقّدَ بحرٌ نقاطَ سيطرةِ مدينةِ بحرٍ لم تنبس واحدةٌ منها بسؤال من أين قدِمتْ إلى أين تذهبَ أين هويتكَ من أي مدينةٍ أنتَ ماذا تفعل أمواجكَ متى تنتفض أمواجكَ ومتى يغرقنَ السفن وكيف يلقين القبض على قراصنة البحر وكيف يسهرنَ وكيف يفتشنَ المنازل المشبوهة وكيف يطمئننَ قاطني الاحياء التي تعاني شحة المياه بوصول مياه الإفراز إليهم ممن يحلمونَ بشوارعٍ معبدةٍ ومدينةٍ نظيفةٍ وعاصمةٍ خاليةٍ من المواشي والأغنام والماعز والأكباش والتيوس والدواجن والديوك والكتاكيت والشوارع المليئة حفراً من دون كهرباء ولا ماء سأل بحرٌ بحراً حلِمَ بحرٌ بهامة بحرٍ قدم بحرٌ لخطوبة بحيرةٍ طلب والداها كيلوغراماً من الذهب عيار واحد وعشرين قيراطاً لم يرض البحرُ ولم يُعد شدّ رحالَهُ ليغضب من جزرِ سومطرة منتفضاً، رافعاً عقيرته ليقلب أعالي الجزر سافلها ويغرق العديد من أبناء بحرٍ مغيباً العديد منهم ملقياً بالعديد منهم في غياهب المجهول مجتاحاً العديد منهم واضعاً العديد منهم تحت إبطيه دون أن ينحسر حتى أغرق ندّه البحرَ تحت مياه البحرِ تقزّز بحرٌ من بحرٍ جلس على ساحل بحرٍ لم يلتفت إلى البحرِ قرص بحرٌ أُذن بحرٍ مهدداً إياه الاّ يقرص بحراً أرتقى بحرٌ سطح منزل بحرٍ أختلس النظر نحو فتاة بحرٍ قدم البحرُ شكوى لدى الشرطة ليتم تحديد يوم المحاكمة تصدى بحرٌ لبحرٍ أرتدى بحرٌ الملابس الرياضية لبحرٍ آخر وبدأ اللعب في ساحة ملعب بحرٍ تجول بحرٌ في حدائق بحرٍ أدركه العطش فشرب من حنفية حانوت البحرِ أصاب العطش بحراً بالعمى في صحراء بحرٍ أطربَ بحرٌ لبحرٍ كي يقدم له شربة ماء أجتاح بحرٌ سرير عرس بحرٍ طرق بحرٌ باب بحرٍ طالباً طنجرة ماءٍ من مياه إسالة الإفراز أنطفأ التيار الكهربائي لحي بحرٍ أوقد البحرُ شموع بحرٍ حطم بحرٌ عِرنينَ بحرٍ لم يقدم البحرُ لتسجيل الشكوى لدى الشرطة منَّ اللهُ على بحرٍ ولداً فأغرقهُ في اليَمِّ جلس بحرٌ في مطعم العاصمة طالباً كأسين من مياه البحر شاهدَ بحرٌ زورقَ سفينةِ بحرٍ لم يَقُم بأداء التحية داعياً حراس السواحل كي يوثقوه في معتقل ساحل جزيرة البحرِ دلف بحرٌ من نافذة بحرٍ لم يجد شيئاً غير البحرِ قطع بحرٌ تذكرة وشاهد فيلم بحرٍ كان يحكي قصة غرق بحرٍ كان بطله بحراً لم يكن قد شاهد ساحل البحرِ تناول بحرٌ لحم شقيق بحرٍ لم يستطع هضمه جرجر بحرٌ جديلة بحيرةٍ فسقطتْ في بحرٍ وأبتلّتْ ثيابها عاتبته والدتها سافر بحرٌ إلى العاصمة فأختطفه بحرٌ في نقطة تفتيش بحرٍ طالباً فديةً مقدارها بحراً من الدولارات لم يستطع البحرُ دفع الفدية فجزّ البحرُ رأسَهُ سالتْ دماء البحر لتلوث بحرَ بحرٍ ولم يقدموا له رشفة من ماء البحر إبتاع بحرٌ من محلات بحرٍ جهاز إستقبال فضائيات البحرِ يفتح القنوات المشفرة لم يستطع إستقبال قناة البحرِ ولجَ بحرٌ من بوابة مكتب إنترنيتِ بحرٍ ليطلع على موقع بحرِ البحرِ أستقبل بحراً من الإيميلات من صديقته البحيرة لم يطلع عليها وقام بحذفها زار بحرٌ منزل ابن عمه البحر كان ابن عمه البحر في العمل فلم تدعوه زوجته للجلوس حلمَ بحرٌ أن يغدو بحراً ليبتلع حلمَ بحرٍ كان بحرٌ منهمكاً في كتابة قصيدة بحرٍ مختبئاً بين سطور بحرٍ كَمَنَ بحرٌ في حديقة قصيدة بحرٍ فأبتلّ جل بحور العروض تثائب بحرٌ في حضن بحرٍ مددوه فوق سرير بحرٍ رأى بحراً من الأحلام الغريبة ذاب بحرٌ في كفِّ بحرٍ وغدا قطرة بحرٍ عادت إلى البحرِ شاهد بحرٌ بحيرة فبكى ملء بحرٍ كي يزفوها إليه قدمَ بحرٌ لخطبة بحيرة لم يوافق والديها ليسعد بالزواج منها أنشد بحرٌ نشيد بحرٍ فغرق في بحار الألحان لم يشعر به وتّار البحرِ قدمَ بحرٌ لرؤية هلال بحرٍ فتاه في ساحل بحرٍ قدمَ بحرٌ يسأل عن بحرِ بحرٍ استدلوه إلى منزل بحرِ بحرٍ طارده أطفال الحارة في حي البحرِ أستعجل وتوارى في لجة بحرٍ غدا بحرُ بحرٍ بحراً جاعلاً بحرَ البحرِ بحراً!! عن ديوان (أسطورة التفاح)، مطبعة شهاب، هولير آب 2005 = كلمات في حضور الحبيبة = <blockquote>أنتِ قصيدةٌ مكتوبة بلا عنوان بلا صدى، بلا الحان في تواريخ اشعاري !! أنتِ خواطرٌ حمرٌ تحترقُ في صومعةِ أفكاري !! وبكاءٌ غارقٌ في عيونِ الأنهارِ وليلكِ الدّامِسْ شبحٌ خرافيٌ بين غاباتِ الاخبارِ فيا غزالة متمردة كيفَ ليَّ التمرّدُ من قوقعةِ الرتابةِ في ثنايا الاطوارِ ؟! يا مظلةً شتويةً، يا ممزقةَ الصدرِ فوق وجهي وجسدي العاري !! أنا نارٌ في نارٍ في ناري أحترقُ بلا رماد، بلا دخان في صمتٍ موحشٍ في ظلمة الغارِ بين شواطيء عينيكِ وإنتظار مقلتيكِ وحيداً، غريباً في تطوافي وأسفاري ! أغدو طائراً دفينَ الرغباتِ اكتب إسمي وتاريخ ميلادي وعشقي الأخضر على صفحات فؤادٍ ممزق الأوتارِ راسماً وجهَ جوادي خارطةً، رمزاً لحبيَ المدمى في حقائبِ البعدِ وهدايا لتذكاري فحذارِ إن القلبَ فارسٌ مقدامٌ حزينٌ غريبُ الأطوارِ نارٌ تشتعلُ في النارِ تنقضُّ على عالمكِ الخرافي وتختفي كألقٍ صوفي بين جبين السماء وبقايا الغبارِ ! </blockquote> = قصائد قصار = 1- الليل خاصمتني ليلة فجاءها البكاء تحت شجرة الصمت تذرف دموع النسيان !! 2- هوى هويتها نظرت إليها رأيتها تسابق ريح الأحزان تسافر في مجاهل البلدان حبست أنفاسي كي ألتقيها في الأماسي لكنها غادرتنا وغادر معها السلوان 3- جدول ألتوي كجداول قريتي من الآلام وأحزان البعاد أسير الهوينا كنهر اتعبه المسير تنهمر أحزاني مطراً في جدول عشق نسيه الغدير !! 4- الكنز عيناكِ قمران يضيئان دروب حياتي لا أرى فيهما حزناً بل كنزاً من الذكريات عيناكِ قمران في سماء الوجد سهام وصلهما يصيبان عين الكبد 5- خوف خوفي عليكِ أن تطاردكِ الخريف خوفي عليكِ أن تختطفك الأضواء خوفي عليكِ أن تبللكِ أمطار الأهواء خوفي عليكِ أن أجدكِ تحتضرين وأنتِ في أحضان السماء 6- جدال بوابة الحزن موارب على الرحيل وعين الرغبات تمتشق سيف التنهد على وصل طال به السبيل والجدال بيننا طير يحن إلى الرفرفة إلى عش الأنغام والهديل !! 7- اليوم الثامن سآتيكِ في اليوم الثامن من الأسبوع سآتيكِ لأترنم نشيد الشهر الثالث عشر لعشق الحقيقة سآتيكِ كي أبلغكِ أن الساعة الخامسة والعشرين من يوم العشق حان وقد أضاء شمس عشقنا المكان !! 8- النسيان لن أنسى سويعات الحب ولا شبابيك الهوى ولا مرارة النوى ولا ما عانيناه سوى بأيدي جلاوزة السلطان في قعر الجب !!! 26-1-2007 بيرمام = أنهار = <blockquote>زلزال قريتنا اهتزت وانتشر الذعر بين النوارس وما من أثرٍ لزلزال كتابة كثيَراً ما تراودني الكتابة عن أطفال الزيتون لكن من الجنون أن أقلع عن التفكير في المنون أنهار لم أر الأنهار التي عشقت النهار وراحت تجري ليل نهار علها تشق الجدار لتلتقي بعاشقة الديار المدينة أحببتها من كل قلبي منحتها مشاعل حبي وألحان قيثارتي وعسل كلماتي ووجدتني أبكي دماءً من أجل عينيها يا لها من مجحفة وناكرة للجميل فقد رمتني في أحضان البؤس ونفق النسيان الطويل من دون ذنب ولا وشاية أو دليل هوى هويتها وكان هواي سرمديا فلم أجد لهواي مسمعاً ولا رطباً جنيا تخيل أتخيلها طريقاً مزداناً بالخيلاء وجنينة مزدانة بالكبرياء أتخيلها عشقاً لا يمسه الجنون ونظرة ثاقبة في وجه المنون رحيل أرحل في كلمات القصيدة باحثاً عن وجه الحبيبة أرحل في حروف الكلمات باحثاً عن قامتها المديدة أرحل في الجمل الوحيدة عن قولتها السديدة الحلم ليتني لم أرها ولم أقابلها ولم أتمم بها ولم أغازلها ولم أنبس ببنت شفة معها كونها حلم من الأحلام وعين لا تنام ودنيا من الهيام لا تنفك تبحث في لغة الكلام عن عبق جمل الوعود وأنا المتيم بأناشيد النهود لن أمسها سوى في أحضان الأحلام</blockquote> = محطات الهموم والهوى = <blockquote>1- عريشة في سماء الزمن السرمدي أمتطي صهوة الهمومِ أسير صوب نهر العشق في هدي النجوم طائراً بجناحي المدمى فوق منازل السحب وعرائش الغيومِ وحيداً فريداً باحثاً عن دفءِ حضنٍ عن وجه حزين عن ظل عريشة عن فيء شجرة عن ملاذٍ أمين يأويني عن عاشقة الشمس تطل عليّ شعاعاً من علٍ من قمة عاطفة من وادي التلاقي تأتيني لكن رياح الهوى تراوغ ريش جناحي فلا عريشة تستقبلني ولا ظل خرافي يأويني ! 2- مدينة النوى شوارع هذه المدينة الغريبة لا تعرف وقع خطواتي ولا بسمة شفتي ولا لون عيني ولا خصلة من شعر رأسي ولا يومي وغدي وأمسي شوارع تنأى بي عن جدائل الحبيبة ومناظر حدائقها القشيبة وضحكاتها العجيبة لأغدو صنواً للفراق ورديفاً للأحزان وصفحة بيضاء للنسيان وطفلاً هزيلاً تتقاذفه مهازل الزمان ! 3- إنتظار كلما أنتظرتكِ كلما أسرع وقت الإنتظار رغبة في اللقاء تحت شمس أشرقت دون سماء ! 4- هوى أهوى السباحة في نهر نهديكِ أهوى الغرق في بحار عينيكِ أهوى قطف الورود من حدائق وجنتيكِ أهوى لذة سرمدية تكمن في شفتيكِ أهوى التسلل إلى مخدع رغبة رهينة في يديكِ أهوى الموت والإنبعاث تارة أخرى في جنة تكمن بين قدميكِ !! 5- نسيان لن أنسى حكايات السنين الخوالي لن أنسى سمر الليالي لن أنسى حديث الأربعاء لن أنسى ما تم وما لم يتم من لقاء لن أنسى عسل الأماسي وما فاح من عطر الأنفاسِ لن أنسى ما دار بيننا من همسات وما مرت بنا من مآسي لن أنسى كلماتكِ الحزينة ولا راية رغباتكِ الدفينة لن أنسى وعود القبلِ ولا نظرات المقلِ لن أنسى الأيام الخوالي مهما بعدتِ عني وابتعدت الأماني !! 6- مطر أنا أرض عطشى أنتظر موسم هطولكِ فأرويني أنا حقل أجرد أنتظر غيم وعودكِ فأمنحيني عطف الهطول أمنحيني أنا سهل عشق مترامي الارجاء أنتظر رذاذ عهودكِ فأغسليني بماء العشق أغسليني تعالي ايتها الغيمة القصية أقتربي أقتربي من سمائي المنسية تعالي وأهطلي مدراراً على أديم وجنتي كي تحيا قبلات شفتيكِ دوماً في حضن شفتيّ !! 6-3-2007</blockquote> = حزن في مهب الرغبات = <blockquote>ليت الريح تتنهد على طريق الآلام ليت الشبابيك تنفتح في وجه الأيام ليت الشموس تبزغ في ليالي دامسة الظلام ليت حبيبتي تأتي وفي جيدها قلائد الوئام ليت الموعد يناديني وفي شفتيه بشرى السلام ليت الرغبات تزين عرائس الأحلام ليت الخوف في زمن الخوف يسترد الجرأة من أفواه الكلام ليت الشعر يعود سيفاً وفي جعبته صوراً للأقلام ليت الأناشيد تطول لحناً وصوراً وتغدو قلائد في جيد السلام ليت حبـي يعود طفلاً يناغي العشق في حضن الهيام ليت العمر يعود القهقري إلى زمن الطفولة الباكرة المترعة بالأنغام ليت الأمنيات تسابق الدهر وتنبت ثانية في حدائق القلب زاهية الألوان والأصناف فواحة بعطر الإلهام ليت طريق عشقنا يمتد على شواطيء اللقاء ترفرف على جنبيه رايات القبلات كالأعلام ليت القُبَلُُ تعود على شفاه العشق ناراً ترتفع لظى حنينها بمرور الأيام ليت نهديكِ تفاحتان نضاختان بعبق يسكر الأنام ليت نهديكِ لا تتمرّدان على أناملٍ تواقة للولوج في بساتين الأحلام ليت همساتكِ ريحُ صبا تناجيني في عشقٍ يحسده اللئام ليت نظراتكِ وروداً تفوحُ بعبقِ عشقٍ أزلي لا ينال منه السفلة والأقزام ليتكِ تعودين طفلةً مرصعةً بنجوم الحب توزعين قبلاتكِ الوردية على شفتي التعبتين تناجين حضني الدافيء يحسدني عليها جل التجار والأغنياء ومن لم ير مثيلاً لها حتى في جنان الأحلام!!!</blockquote> = أنهار = <blockquote>زلزال قريتنا اهتزت وانتشر الذعر بين النوارس وما من أثرٍ لزلزال كتابة كثيَراً ما تراودني الكتابة عن أطفال الزيتون لكن من الجنون أن أقلع عن التفكير في المنون أنهار لم أر الأنهار التي عشقت النهار وراحت تجري ليل نهار علها تشق الجدار لتلتقي بعاشقة الديار المدينة أحببتها من كل قلبي منحتها مشاعل حبي وألحان قيثارتي وعسل كلماتي ووجدتني أبكي دماءً من أجل عينيها يا لها من مجحفة وناكرة للجميل فقد رمتني في أحضان البؤس ونفق النسيان الطويل من دون ذنب ولا وشاية أو دليل هوى هويتها وكان هواي سرمديا فلم أجد لهواي مسمعاً ولا رطباً جنيا تخيل أتخيلها طريقاً مزداناً بالخيلاء وجنينة مزدانة بالكبرياء أتخيلها عشقاً لا يمسه الجنون ونظرة ثاقبة في وجه المنون رحيل أرحل في كلمات القصيدة باحثاً عن وجه الحبيبة أرحل في حروف الكلمات باحثاً عن قامتها المديدة أرحل في الجمل الوحيدة عن قولتها السديدة الحلم ليتني لم أرها ولم أقابلها ولم أتمم بها ولم أغازلها ولم أنبس ببنت شفة معها كونها حلم من الأحلام وعين لا تنام ودنيا من الهيام لا تنفك تبحث في لغة الكلام عن عبق جمل الوعود وأنا المتيم بأناشيد النهود لن أمسها سوى في أحضان الأحلام </blockquote> = كراسٍ فارغة = <blockquote>كراسٍ فارغة تنتظرُ من يجلسُ عليها لهنيهة أو يستريحَ للحظاتٍ طرقٌ معبدةٌ عند أطرافِ القرية لم يسلكها إنسان سماءٌ صافيةٌ تنتظر قدوم غيومِ خريفٍ متأخرٍ جدولٌ رفيعٌ يشتكى قلةَ تردّد العصافير على مياهه الرقراقة عيونٌ جاحظةٌ تندهشُ من هولِ الصدمة ينابيعٌ تعبى تسترقُ السمعَ لحكاياتِ فتياتِ القرية وهنّ يسردن مغامراتهن في زمن الطفولة شبابيكٌ ملونةٌ تزدان بظلالِ أشجار السرو مفتوحة على مصاريعها في وجه رياح الأحبة أبواب مواربة قليلاً في إنتظار مرور عشاق ما زالوا خارجاً دموعٌ منهمرة ٌ راسمةً رسالةَ وداعٍ على وجناتٍ وخدودٍ لم تمسها شفاه القُبل شفاهٌ يابسةٌ عطشى على قارعةِ طريقِ الوعد ترنو نحو ينبوع العشق لترتوي من عسلِ الوجد أمنياتٌ عجلى تسير وسط شارعِ الرغبةِ للإلتحاق بمترو البشرى أسرابٌ من زرازير الوجد تملأ أفق الإنتظار لترفرف في سماء اللقاء أغانٍ لم تكتب بعدُ تبحثُ عن ملحنٍ أضاعَ معطفهُ الصوفي في مترو أنفاق قصائدٌ متشردةٌ تطاردها شرطة النقد لتزج بها في سجن النسيان ألحانٌ قديمة تقبعُ فوقَ رفوفِ ازمنةٍ يعلوها غبارُ الهجران كلماتٌ من دون حروفٍ تستلقي بين صفحاتِ قاموسٍ بلا عنوان حقولٌ متراميةٌ من رغبات آنيةٍ تسورها أسيجةٌ من تقاليدٍ باليةٍ قبلٌ عطشى تتهالكُ في أزقةٍ تسلكها عاشقاتٌ هائماتٌ يبحثن عن جسدِ قمرٍ ورِثَ الأغنيات أسرابُ حمامٍ تحوم في سماءٍ تلبدها غيومُ حزنِ رحيلِ نجمةَ المساءِ لهيبٌ من نيرانِ الفراق تحذر من قدومِ شتاء النسيان في موسمٍ تهاجر فيه طيورُ الحلمِ إلى غاباتِ أملٍ تسقيها أنهار الزمان </blockquote> = قصائد قصار = === قناع === الآن تضع قناع الحاضر على وجهك لتعيد صياغة أحداث الماضي وفق هوى اليوم! === الشاعر === بعد رحيلي ما الفائدة حين تسمون شارعاً ومدرسة إبتدائية وقاعة ثقافية بإسمي وتخصصون راتباً تقاعدياً مغرياً لعائلتي وأنا لا أملك الآن سكناً يضمني وإياهم تحت فيئه!! === تمثال === لم يكن شاعراً ولا ناقداً ولا كاتباً ولا فناناً كان يتسكع في كل شارع وزقاق تعرفه الحانات والموبقات تنهره الكلمات والقوافي وتكرهه البحور والجمهور لكن حين غادر غير مأسوف عليه حاملاً أوزاره على ظهره صنعوا له تمثالاً وضعوه في مركز المدينة سموه نفاقاً يبصق عليه كل من يمر بجنبه === اليقين === سأصعد هذه التلة وكلي يقين أنه وبعد تعب وجهد جهيد أنني سأنزل كما صعدت !!! و علينا تعلم هذه الحكمة عند ارتفاع وإنحدار الطريق!! === معرفة النفس === هل تعرف نفسك؟ منذ سبعين عاماً تنبش هذه السطور ولما تعلم بتلك القبور التي تحفر وراء السور لتضم رفاة من كانوا من ضمن الحبور!!! === عقول من حجر === أحمل معولاً خارجاً من إحدى قصائدي الغاضبة لأحطم أصنامَ دجالين يربون عقولاً من حجر ويزيتون لحايا من تقاليد بالية. أخرج من سطر غاضب لإحدى قصائدي الغاضبة لأضرم النار في لحايا رجالٍ معزان يقتلون نصف الحياة في دهاليز عقول متحجرة<blockquote></blockquote> = ورثتُ الكلمات!! = <blockquote>أورثني أبي كوناً من الكلمات وعالماً من التحايا أورثني حبي لأرضي ومكارم السجايا!! أورثني أبي أحضاناً ملؤها الكواكب والنجوم وسماءً ملؤها الأقمار دون تخوم!! أورثني ماطاب من الأثمار وحزم فكر تتلألأ بالأنوار أورثني خواطر فياضة تتماوج في عيون الأخبار!! أورثني ابي أزاهير فواحة من التجارب والحكم أرشدني الطريق الذي يفضي للواحة الوارفة بالشمم منحني مفاتيح من الإخلاص كي افتتح أبواب الكلم!! أورثني أبي أحباراً للمداد أورثني ما يحتويه الفكر وأسرار السطور أورثني لغة تمتد عبر العصور أنشد بها الترانيم وأخبار الدهور لأفتح طلاسم الأجداد!! أورثني أبي الشعر آخذاً بيدي نحو قصور الأوزان وزخارف الأبيات مؤشراً خبايا الأفكار وأسرار الكلمات حتى أمسيت في مضارب الجدود ليس بيني وبين القوافي والصور أيما حدود! أورثني أبي إسمه التليد ومجده المكين أسير الهوينا في الأرض مرفوع الجبين ينادونني يا ابن الرشيد مالك وقد أستسلمت لك أمواج القصيد! </blockquote> = الأخ الأكبر = <blockquote>لي أخ أكبر لم أره في حياتي ولم يشهد ولادتي وليس من صلب أبي!!! ولا من أمي!! ولم ألعب معه ولم أرافقه للمدرسة ولم أفتخر به لم أره البتة ولا أريد رؤيته البتة أكرهه، أمقته أنزعج منه لا شكل له لا رأس له لا قامة له لا مسكن له!! في مواسم القحط يهيم في الفيافي وفي مواسم الفيضان يحط في السهول عند العبور ينتظر عند ضفاف الأنهار وفي الحروب يقف على قمم الجبال ممتطياً ظهر الأوبئة نافخاً في مزامير النار التي تصدر أصواتاً تكرهها الآذان وتنشر تراتيل تقشعر لها الأبدان!! لي أخ أكبر لا أود إستقباله ولا أود قدومه ولا حتى مناداته أو السلام عليه إنني أكرهه وأمقته ولا أريد رؤية وجهه القبيح الذي لم يره أحد ولن يره أحد ولن تروه أنتم ولا رأيته ولم يره أبي ولم تره أمي لكنه موجود يقولون سيصل يوماً ربما مساء أو صباحاً أو فجراً أو حتى عند قيلولة الظهر لكنني أكره وصوله مثلما تكرهون أنتم وصول أخيكم الأكبر الذي ليس من صلب أبيكم ولا من أمكم لكنه موجود وسيصل يوماً لكننا جميعاً نكرهه ونحتقره نتمى له الفناء ولا نود له الوصول أو الحضور أبداً!!!</blockquote> = الشاعر = <blockquote>قال الشاعر: إني الآن لا أملك شيئاً لا منزلاً ولا شقة ولا مزرعة ولا عربة حديثة الطراز ولا قطعة أرض ولا موضع قبرٍ ولا رصيد في البنوك لا أملك سوى يراعي وأوراق بيضاء وكون من الكلمات أطرز بها همومي وأزين بها دموعي وأحزاني غير مبالٍ بما تؤول إليها الأقوال قال الشاعر الرجاء لا تزعجوني بعد مماتي ولا تزوروا عائلتي ولا تقدموا لها العزاء ولا تبنوا لها قصراً فخماً ولا تخصصوا لها راتباً تقاعدياً ولا تعينوا أبنائي وبناتي في وظائف هامة ولا ترسلوهم إلى بلاد بعيدة سعياً للدراسة أو الإستجمام أو مهام رسمية قال الشاعر الرجاء لا تزعجوني بعد مماتي لا تتعبوا أنفسكم في إقامة أربعينية كاذبة وتقديم كلمات الإشادة المجانية وسيل من الوعود الفارغة ولا تقيموا لي تمثالاً من البرونز أو تقيموا حفل تأبيني سنوي ولا تطبعوا دواويني وقصائدي ونتاجاتي ولا تجعموا ما نشر منها في الصحف والمجلات ولا تقيموا ندوات أو أماسي عني وعن أشعاري وخفايا أسراري ولا تطلقوا إسمي على شوارع أو مدارس أو مراكز للثقافة أو العلوم أو الفنون أو التراث فقد مللت في حياتي ولم يسأل أحد عني ولم يساعدني أحد فيما كنتُ أعانيه فتحملت شدة الحرّ وبرودة القرّ وضيم العيش ومتُّ من القهر مكسور الظهر!! قال الشاعر رجاء أثبتوا بعد الآن إنكم لستم قوماً تقدرون الموتى وتهملون الأحياء حتى يموتوا لتقيموا لهم حفلات التأبين وذكرى الرحيل فالأحياء أولى بذلك وليس من ماتوا عقب نهار دامسٍ وليل أسودٍ طويل!!!</blockquote>2 ـ خونة<blockquote>بيننا خونة يتجاذبون الحديث معنا يتناولون الفطور والغذاء معنا يبتسمون في وجوهنا يشاركوننا الضحك يحضرون مسراتنا ويحزنون حين يداهمنا الأحزان يبحرون معنا حتى آخر الموانيء ويشربون من مياه ينابيعنا حد الإرتواء ويستظلون أفياء أشجار البلوط ويتسامرون في أماسي الربيع ويتسلقون جبال وعينا ويمتطون صهوة أحصنة أفكارنا يتقاسمون عيشنا صيفاً وشتاءً وينهلون من خيراتنا يتظاهرون أنهم أخوةٌ لنا وأنهم سندٌ لنا وأنهم حامي الحمى وأنهم حماة الدار وأنهم لا يقر لهم قرار حين تداهمنا الشدائد والنكد والأحزان غير أنهم يتجسسون علينا وعلى أفكارنا وتعابيرنا وأفراحنا ويعدون تنهداتنا وأنفاسنا وكافة حركاتنا ويراقبون ضحكاتنا ومرح أطفالنا وغناء شبابنا وبشاشة شيوخنا ونشاط نسائنا إنهم خونة لديهم أسيادهم يرفعون لهم تقارير مزركشة عن نعاجنا وخيولنا وأغنامنا وخططنا المستقبلية والطرق التي سنعبدها والجسور التي سنشيدها والقلاع التي سنبنيها والرايات التي سنرفعها والمدن التي سنعمّرها والآبار التي سنحفرها والأنفاق التي سنقيمها والحدود التي سنرسمها والخطط التي سنصيغها والعقول التي سنسورها ويتقاضون عن تقاريرهم أثماناً بخسة ينعتون بها أبداً إنهم خونة يعيشون بيننا ويقتاتون على أرزاقنا ويرتوون من مياهنا وأنهارنا ويسلكون دروبنا وطرقنا ويتسكعون في شوارع مدننا ويتدفأون من شمسنا ويسترشدون من أنوار قمرنا وهم يديرون ظهورهم لنا ووجوههم نحو اسيادهم يتسلمون ثمن خيانتهم للأرض والتراب إنهم خونة يعيثون فساداً في الأرض ولن يفيدهم شرع ولا عِرض!! إنهم خونة يخونون تاريخنا يخونون أرضنا يخونون ترابنا يخونون جبالنا يخونون أنهارنا وأمجادنا لن تثنيهم الخيانة أن يندموا أن يعودوا أن يعقلوا فهي متجذرة في أعماقهم وكريات دمائهم لن تفيدهم الندم مصيرهم الخزي والعار ومزبلة التاريخ!!!</blockquote> = صور = حين تسير في غابات الحياة لا تترك رفيق الطريق وحيداً من المحتمل أن يكون هناك ذئب مسعور في حالة ترقب في أحضان هذه الحياة لا تكن متكبراً متعالياً لأن الأيام لا أمان لها مليئة بالمنحدرات والمقابر من كل الجهات!! حين تنظر إلى نفسك من خلال شقوق المرآة ليحتمل قلبك الصدمة لأن قلب المرآة سينكسر ولن يبق أي إطار يفتح أحضانه لك! لا تبصق في الينابيع لأن هناك عصافير عطشى تريد الإرتواء من مياهها! في الطريق .. أرسل نظرك للبعيد وواصل السير بخطوات هادئة لئلا تتعثر من الحفر التي أمامك!! لا تصرخ من خلال حنجرة صراخك لئلا يبح صوتك وتبقى لوحدك في وادٍ دون أن ينجدك أحدٌ!! عند ضفاف الأنهار لا تمتطي ظهر حصان الجنون وأعبر من على المعابر لأن هناك دوامة عميقة تزبدُ حقدها وغضبها جداً!! ها قد حل الشتاء فلا تحجب الشمس عن أحد لأن هناك بالقرب منكَ نسوةٌ ورجال مسنون يرتجفون برداً لا تمتطي فرساً ما لم تسرجه بنفسك فيسرع بك وتسقط بين أقدامه فتتحطم إلى الأبد!! = المطر لن يغسل جراح الأيام الخوالي = هل تذكرين.. حين كنا نحلق بأجنحة القبلات في سماء الرغبات! آخذين تواقيع أنامل (مم) و(زين) الخيال.. في حدائق الذكريات الزاهية! أتذكرين.. كان الكون في نظرنا ربيعاً كان في خضم حياة العشق نهراً نجتازه بزوارق الرغبات الجامحة! وكان القلب طفلاً يرقص ويرقص جذلاناً! حين حطمتِ تماثيل الذكريات بمعاول الجفاء والقيتِ بها في العراء غدتْ جراحاً في جسد السعادة فأنبتت في مزارع الحسراِت آلاماً!! حين غدت آثار أقدام عشقكِ على خارطة أيامنا الخوالي بكاءً فلا أستطاع مطر البشرى والسؤدد غسل جراح سهام ذكرياتكِ من على صفحات حياتي الماضية ولا أستطاعت الحيتان شرب مياه بحار سهري العميق فما أستطاعت يارفيقتي فما أستطاعت!!! = صوتُ نداء بلا تخوم = رفاقي، لنكن جميعاً نهراً نتمرّد على جغرافية عادات وتقاليد سحب الماضي السوداء! وندع مياه الراحة لشعاع الأفكار وذاكرة مئات من الزملاء النضج! لنكن ربيعاً تسبح نسائم أفكارنا على مزارع السطور! لنستعجل باقات البنفسج الزاهية فينا لمئات الأحضان! لنكن سيفاً وخنجراً لنا سيماؤنا! لنكن معبراً ونردع المحتال الصلف ألاّ يعبر على ظهر كرامتنا وألاّ يرقص في عرس عريسنا! لنكن هضاباً لا تتراكم على وجوهنا الأتربة الصفراء لليرات (الخليفة) العتيقات!! لنكن صخرة لا تقلع عيون الطرق المتجهمة جذورنا الصلدة! لنكن لهيباً لا تزلزل مياه الصراخات العكرة جمراتُ أصوات أعذارنا ولا تخنق أصوات أفكارنا! لنكن كلمة ننبعث في الحناجر ولا نذوب في صيف المنابر!! المعبر سنوات وأنا مسافرٌ لم يغمض لي جفنٌ في المرآة المشروخة للتاريخ المرير ولن يغمض لي جفنٌ في أعماق فؤادي ودواخلي غابة من الآمال والأحلام!! قافلةٌ أنا.. رأسي المتعب يملأه القلق لمئات الطرقِ معبراً! جسدي الواهن في ثنايا معجم العدم وفؤادي الطري جذعٌ مهتريء لغابة محترقة بلا رؤى وعنواني البارز في سطور الأخبار بلا موقع ولا مكان بلا طريق ولا مجال! سنوات وصرختي في أحضان الكلمات المتوهجة في أحضان معاني تعابير الأعماق مدوية..! بجمل الدم أملأ المدينة صوتاً مدوياً فلن يخرج لإستقبال ندائي أي مسافر أي ريبع أية ضفة!! لن يتعرف الأفق على سيمائي ولن ترفرف الظلال بأجنحة الراحة لي والمياسم تغلق الطرق في وجهي والاسوار لن تعلق صورتي في بوابة ذكرى واحدة! سنوات وفتاة الحظ، ملاك الأمل تقول سآتي حالاً وأنا في الإنتظار دون أن تأتي!! وإنتظاري نهرٌ شلالاته متجهة نحو البحر والبحر ساكنٌ عميق بلا هسيس ولا ضجيج لا حدود لعمقه!! سنوات وأنا احلم في سهوب الأحاسيس المحروقة ولم يغمض لي جفنٌ على أجنحة تاريخ الحسرات ولن يغمض لي جفنُ في غابات الفكر الثرة!! وأنا انتظر قافلة انا.. رائحاً غادياً نهرٌ واثقٌ أنا، أفيض واثباً وقد خطوتُ بخطى آمالي لكن شمس حظوظي لن تجيء!! <nowiki>***</nowiki> سنوات وأسارير الأسئلة تتفتح لكنها تغلق بمسامير شتى وخطوات الإنتظار تكلّ ولن يمرّ النور ولا ملاك الحلم يخرج من ظلمة القلقِ ابداً!! 20-1-1986 = تمثال = أستيقظت في زاوية إحدى قصائدي باكياً فلم أجد أبي ولا أمي ولا إخوتي وكانت الأمطار تضرب الأرض مدراراً فأبتلت ثيابي فلجأت إلى أحد الحان إيقاع القصيدة واشعلتُ ناراً تحت خيمةٍ كنتً قد أحضرتها لتوي من حانوت الجملة الأخيرة من القصيدة وتدفأت بها وأستعدت نشاطي وهممت بالرحيل وتوجست خيفة من الطريق الحالك ولشدة إندهاشي أستيقظتُ مذعوراً من صرخات إحدى كلمات القصيدة فلم أجد أبي ولا أمي ولا إخوتي ولا الخيمة عينها ولا القصيدة وكلماتها وأدركتُ أن قطار الصباح قد فاتني لأنني كنتُ مسافراً لحضور حفلٍ كان يقام فيه تمثالاً للشعر!!! 19/11/2018 = ثلاث قصائد قصيرة = 1 ـ جواز سفر جوازُ سفري عشقٌ أخضرٌ إمتدتْ جذوره عميقاً في أعماق الفؤاد والجسد المنتفض إن ضاعتْ، أو تمزقتْ إن لم تُمنحْ، أو أحترقتْ جلَّ جوازات السفر فإن جواز سفري هو عشقٌ مقدسٌ يثبتُ في موقعه أبداً 2 ـ العقد الحب والعشق ليسا عقداً يُزَركَشُ جيدكِ فتتركينه جانباً، أو ترتدينهُ تارة أو تخبئينهُ تارة أخرى إنها أشياء مقدسة تكمنُ في ثنايا النفس لتمكثَ دوماً في أعماق الروح! 3 ـ بيني وبينكِ بيني وبينكِ أخضرّت شجرة العشق وتوثقت أوراق علاقتها جداً فأسرعي إذن لنقطفَ ثمارها ما دام في الروح عزمٌ والقلب نشط!! = القلب يحتضنكِ = مثلما تغور قطرات المطر في أعماق الأرض لتصل جذور الأشجار العطشى فإنني سآتي كالمطر وأهطل على صدر ونهود عطشكِ لأروي عطش قلبكِ للسنين الخوالي!! هل تعلمين كيف تحتضن الأم المخلصة الأم القلقة طفلها الضائع بعد عودته!؟ إنني كذلك فبعد البعاد بعد الخريف بعد تساقط أوراق الشجر أضعكِ أنتِ الشجرة في حضن الحضنِ ليفتح لكِ القلبُ حضنه كي تترعرعي من جديد!! = الاحتراق = في سهوب الأحلام والحياة يشاهد دخاناً كثيفاً ألأنه موسم اللهيب الداكن أم إنه الربيع في مدار المواسم غاضباً، متجهماً، ضجراً؟! أسمعُ صوتاً من صدر عقيدتي يخفقُ من مزارع رُكبـي الخضر أسمعُ صوت غناءٍ وأناشيد تؤدى بحناجر الأيام ولهف الساهر نحو ضفاف وسع الآمال هل إنه سيماء أنهار الغابات وقد صبتْ في نوافذ الهموم وهو الطبيب والدواء لكل داء؟!! أرأيتَ.. أرأيتَ ذلك النهر أبلق العينين .. ملتوي العنق؟! لا يأخذ قسطاً من الراحة لا في الليل ولا في النهار لن يغض له عين الهموم سائراً نحو الجنوب؟! اذلك قلبـي أنا بفعل مسامير عدم وفاء الفاتنات ممزقاً ضجراً من الحياة في أحضان العشق قلقاً؟! أم إنه موعد لقاء عدم وفاء .. مدللة وهي في قاموس عشقها خجلة؟!! افكر فيكِ متى ألقاكِ؟ ليكرع لهف بُعدي مياه شفاه بُعدكِ؟! لتصب جداول الشهد في النهر!! أفكرُ فيكِ متى أنثر بيادر أحلامي بين يدي رغباتكِ؟!! متى أقالكِ لأدفنَ جراحي بين مقدم دلالكِ؟! لأمشط جدائل كلماتي في مرآة عهدٍ لأزفّ لكِ بشرى سعادة قبلةٍ جديدة؟! حين أعود.. أحملُ لكِ في كون فؤادي وسع القبلات الجديدة حين أعود اغدو حلماً آخر في خيال الأفكار الدقيقة منبعثاً في حياتكِ المتلهفة!! عزيزتي الكونُ دونكِ غصنُ شجرة هشيم مابعد الربيع في مهب لهيب حسراتي تضترم فيه نيران العشق محترقاً إلى الأبد!! = مع الطبيعة = تحدثتُ إلى المطر فهطلت علي مدراراً أحتميتُ بالصور فأنقطعت عني عيون السهر <nowiki>***</nowiki> صادفتُ نملة تحمل عبء يوم لا تقوى على حملها في طريق يغالبها عثرات النوم <nowiki>***</nowiki> الأنوار ترسل مخبريها في الأنحاء يجمعون عنا أسرار المساء لذرها في عيون الأخبار <nowiki>***</nowiki> تعبَ البدر في غابات السماء أطفأ ضوئه وأستراح في ظل الرجاء <nowiki>***</nowiki> أخبرني النهر بقدوم الفجر لملمتُ دثاري وأقتفيتُ الأثر <nowiki>***</nowiki> = الصمت = صمتي یقلقني لا خیار لي سوف أدلف إلی حزني وأتسكع علی قارعة وحدتي لأتسلق هامة الوجد رافعاً عقیرة العصر فوق مهماز النسیان لیتني لم أقبل قدوم اللیل فالنهار أولی بعیون الزمان هالة الورد توشك أن تقتفي إثر الإحسان!! = قصائد قصيرة = 1-النهج كلاّ لن أطرق على بابِ شعوركِ كلاّ لن أرنو إلى غمزةِ نظراتكِ كلاّ لن أوجه إليكِ لحاظَ القلقِ كلاّ لن أوقف شهقاتُ أحلامكِ عند عتبة الإنتظارِ كلاّ لن ألتقط لكِ صور للذكرى إني أحمل حضناً من الكلمات أسيرُ في طريقي لن ألتفتَ لأي بابٍ أو نافذةِ إنتظار هذا نهجُ حلُمٍي وقد صممتُ أن أجتازه!! 2. الفأس كنتُ أقف في المطبخِ وإذا بقطٍ يموء كان قادماً ليقتسمَ معي ميراثَ والدي وهو فأس كليل لم يكن ليقطع غرساً!! 3. الخسارة دون أن تشحذ سكيناً دون أن تخرج الخنجر من نصله دون أن تشهر سيفاً قبل أن تستعد لإطلاق رصاصة خسرتَ المعركة!! 4.الطريق إلى أين يوصلنا الطريق؟ إلى أين يسير بنا الطريق؟ ماذا يحل بمصيرنا الطريق؟ من يصادفنا على الطريق؟ بمن يُعرّفنا الطريق؟ كم يتعبنا الطريق؟ كم يأخذ من سنين عمرنا الطريق؟ لقد قطعناً طرقاً كثيرة وبقينا زمناً طويلاً ولم يردُّ الطريق على أسئلتنا!! 5. لا تثرثر!! لا تثرثر ستدفعُ الثمن غالياً!! لا تثرثر ستكلُّ جُمَلُكَ!! لا تثرثر ستستهلكُ كلماتُك!! لا تثرثر ستتشوه أقوالُكَ!! لا ثترثر ستحترق شعاراتكَ!! لا تثرثر إن ثرثرتَ... ستثرثرَ أكثرً!! 6. العمر ذبُلَتْ أوراق العمر أصفرّتْ جنابذ العمر أرتدى العمرُ الرداء الأسود أرتشف العمرُ سموم الماضي صرخ العمرُ كم حاولَ العمرُ ألا يمسكَ الشيخوخة يديه ألا يرسلَ إلى أحضان النسيان ألا يدون إسمه في سجل الذكريات ولكن.. ولكن أخيراً توقف الكَدّ في المحطة الأخيرة ولم يلتفتُ إليه أحد!! من ديوان (آخر كلمات القمر، 2019). الساعة لو كان هذا الحجر.. ساعةً لو كانت هذه الساعة حجراً وهذا الوقت شهقةً والشهقةُ وقتاً فالحجر والوقت والشهقة ليست أصدقاء الشمس والشمس لا تحتضن الشعاع فيما الحضن يزعجُه سيماء الظلام والسيماء يعتبر الساعةَ حجراً والحجرُ لا يفهمُ السيماء والساعةُ تعلنُ الإضرابَ فيما الإضرابُ لا يمنحُ المُهَل والمهلُ لا تتسكعُ في شوارع الحظرِ فالشارع في إنتظار حظرِ المُهَلِ الحظرُ بطاقةُ المُهَلِ والبطاقة لا تعرفُ المُهَلِ فيما الرياح لا تعرفُ أيب منها والرياحُ لن تهبَّ من الجنوبِ من أجل البطاقة فيما الجنوب يحظر ريحَهُ من النسيم والحظرُ قلادة تتلاعبُ بها البطاقةُ والمُهَلُ في إنتظار حبات القلادة واحدة إثر أخرى والقلادةُ في ججيدِ الحظرِ والحظرُ يُحظِرُ نفسه من الحظرِ والحظرُ ساعة تُحظِرُ الثواني والدقائق من الحظرِ تتمددُ الثواني في أحضان الدقائق فيما لا تدور الدقائقُ في مداراتها والمدار يندهشُ من مدار المدارِ فيما تختنق الدهشة أمام المدارِ الساعةُ حجرٌ والحجرُ ساعةٌ عداد الحجرِ وقتٌ والوقتُ عدادُ الحجرِ!! العمر ذبلتْ أوراق العمرِ أصفرّتْ براعم العمرِ أرتدى العمر دثار السواد أرتشفَ العمرُ سموم الماضي صرخ العمرُ حاول العمرُ ألاّ تمسهُ أيادي الشيخوخة ألاّ يُجرّ إلى أحضان النسيان ألاّ يدون اسمُهُ في سجل الذكرياتِ ولكن.. ولكن ذهبتِ الجهودُ سدى وتوقف في المحطة الأخيرة ولم يلتفتَ إليه أحد!! ندين ذلك الشاعر ندين الشاعر الذي سرق الجملة الرئيسية العسلية من النحلِ وهو يسبح في نهر الكتبِ دون أن يعظَ أصابعَ الندم ويسحق أزاهير القصائدِ ليغرسها في الجملة التابعة وهو يعرّي الطبيعة من دثارها ليحملها لأطفاله القرود ويُغيّر لون الأنهار في ميادين الإستعارة دون أن يسمع دموع لحاظِ القوافي ندينُ ذلك الشاعر الذي أخجلَ جملة النحل وأزف بشرى الموتِ للربيع ونحطمُ مكتبة أحلامه ندين ذلك الشاعر الذي لم يَهدهد طفلة الطبيعة ونكأ جراحه ندين ذلك الشاعر ونضرم نيران الإنتقام في شوارب ولحايا حيله ونرمي بأوراقه البالية ونجعله عبرة لعالم الشعر والشعراء والكلمة والصورة وقوافي العصر. أنت لستَ شاعراً؟ أنتَ لستَ شاعراً في كرشكَ بقرةُ حقدٍ تخور!! أنتَ لستَ شاعراً في أعماقكَ كلبُ إنتقامٍ ينبحُ؟ أنتَ لستَ شاعراً في قلبكَ ذئبُ ضغينة يريد إنتهاز الفرص صيفاً وشتاءً ليعوي!! أنتَ لستَ شاعراً في شفتيكَ بحارُ شتائمٍ وكلّ شتيمةٍ يطلُّ برأسها لتنشر السموم!! أنتَ لستَ شاعراً لكنكَ تمتطي ظهر القصيدِ لتحطم ظهر الجُمل والصور والإستعارة !ّ! أنتَ لستَ شاعراً تحطم قصور القوافي والوزنِ!! وتتسبّبَ في إنهيار قمة الإبداعِ!! أنتَ لستَ شاعراً إمزق جواز سفركَ تخلّ عن عروس القصيد أجمع مؤلفاتك وأضرمَ فيها نيران العصرِ!! الناظر لن أرنوَ إلى ناظريكِ أرى فيهما مصيري!! لن أرنوَ إلى ناظريكِ أري فيهاما لياليّ لن أرنوَ إلى ناظريكِ لنْ أنتظرَ فراشاً خالياً ولن أنحنيَ لنوافذ الإنتظار لن أرنوَ إلى ناظريكِ لنْ أُطعِمَ أحصنةِ التوقعاتِ ولن أتخلى عن لجام الدموعِ لن أرنوَ إلى ناظريكِ أمددُ إلأيهما أنامل الحنينِ لن أنكأ جراج الجراحِ في أتون الجراحِ لن أرنوَ إلى ناظريكِ ليستا مرآةِ أملٍ لأرى فيهما قامتي وأدور حول قمرِ الدواء وأتلوى في آلامِ العهودِ لحاظكِ سيفا نظراتِ تنكأ جراحي!! قصائد قصیرة 1 . السماء أنتِ ترنو السماءُ ليستْ سماؤكِ والقمر والنجوم لن تتلألأ والأيامُ ليستْ أيامكِ والشمسُ والآفاق لن توزع إبتساماتها البابُ ليست بابكِ الشبابيكُ والنوافذُ مغلقةٌ والحدائقُ ليستْ حدائقكِ وجنابذ الورود لا تبتسمُ بدوركِ تحملينَ قلادة الهمومِ لتفتحي ياقة الدموعِ تحت سماءٍ بلا سماء لتحملَ هموم الهمومِ لأم الهمومِ رويداً رويداً!! 2 . الفراشة فراشاتكِ قطيعُ غزلان متمرّدة ترفرفُ بأجنحة السعادةِ في لوحاتي أمنياتُكِ قطيعُ أحصنةٍ تعبى تركضُ في حقولِ أحلامي كلماتُكِ سربُ سنونوات تائهاتٍ تطيرُ من أجل الإجابة على سؤال العشقِ عهودكِ بالونات في أيدي أطفال الحيّ تحملها رياح الجنوب نحو قممِ الجبالِ!! 3 . اللوحة سأرسمُ لكِ لوحةً ملأى بالفراشات والأسماك الصغيرة سأرسمُ لكِ صورةً لا تتعرّفي فيها على نفسكِ تعلقينها في إطارها الذهبي على جدار الذكرياتِ!! 4 . تنفس قلتِ إنني أتنفس بالهواء الذي يهبُ من جهتكَ قلتِ ساضعُ يدي على صدرِ ذلك الوفاء الذي تبديه قلتِ سأغدو صديقة البحر الذي تهدهده قلتِ إنني سأمسح تلك الدموع التي تنزل على خديك قلتِ إنني أحبذُ العصيرَ الذي يروي عطش شفتيك قلتِ إنني أريد تلك الحياة التي تعيش فيها بسعادة قلتِ .. قلتِ.. خرجتْ كلماتكِ من شفتيكِ وأصبحتْ بخاراً تذروه الرياح!! أنا موجود!! (أنا أفكرُ، إذاً أنا موجود)!!(*) أنا أشكُ، إذاً أنا موجود!! أنا أكتبُ، إذاً أنا موجود!! أنا أقرأ، إذاً أنا موجود!! أنا أعملُ، إذاً أنا موجود!! أنا أسيرُ، إذاً أنا موجود!! أنا أتحركُ، إذاً أنا موجود!! أنا أعيش، إذاً أنا موجود!! أنا أتكلمُ، إذاً أنا موجود!! أنا ألعبُ، إذاً أنا موجود!! أنا أغضبُ، إذاً أنا موجود!! أنا أجادلُ، إذاً أنا موجود!! أنا أصارعُ، إذاً أنا موجود!! أنا أسافرُ، إذاً أنا موجود!! أنا أناقشُ، إذاً أنا موجود!! أنا أضحكُ، إذاً أنا موجود!! أنا أحللُ، إذاً أنا موجود!! أنا أحاربُ، إذاً أنا موجود!! أنا لا أعرف الهزائم، إذاً أنا موجود!! أنا أخلدُ للنوم، إذاً أنا موجود!! أنا أستيقظُ من النوم، إذاً أنا موجود!! أنا أتغدى، إذاً أنا موجود!! أنا أتعشى، إذاً أنا موجود!!(*) أنا أفتحُ الأبواب، إذاً أنا موجود!! أنا أغلقُ الأبواب والنوافذ، إذاً أنا موجود!! أنا أكره الطغاة، إذاً أنا موجود!! أنا أعشقُ الحرية، إذاً أنا موجود!! أنا أتواصلُ، إذاً أنا موجود!! أنا أناضلُ، إذاً أنا موجود!! أنا أبكي على وجودي، إذاً أنا موجود!! أنا موجود، ووجودي مرتبطٌ بالحياة!! بل هو الحياةُ بعينها وعدمه هو الفناءُ بعينه!! (*) مقولة (رينيه ديكارت) الشهيرة السقوط السقوط طريقٌ ذي مخرجين السقوط طريقٌ ذي مخرجين مخرج يستمر دون أن يعود والمخرج الثاني لن يعود ليظل مستمراً السقوط أستضافني لمراتٍ ثلاث دون أن التفتَ إليه مرةً سقطتُ من على ظهر حصان الحظ فتماسكتُ بلجام الزمن ومرةً سقطتُ في الإمتحان الشهري في درس العشق فعبرتُ بكتاب رسالة دموع ومرة عبرتُ منحدر التعلم وصدمتُ عمود مرآب الخروج فتدربتُ أسبوعاً لأنقذ نفسي!! ومن يومها توترت العلاقة بيني وبين السقوطِ ليولي هارباً = من ترجماته = = قراءة في ديوان فان إيروتيك للشاعر قوباد جلي زادة = بقلم : مكرم رشيد الطالباني عن دار آراس للطباعة والنشر في مدينة أربيل صدر للشاعر قوباد جلي زادة ديوان (فان إيروتيك) وهو ديوان شعري أنيق في الإخراج والتصميم والطباعة، وغني في المحتوى والمضمون، جل قصائد الديوان كالمقاطع الشعرية اليابانية أو السوناتا الشعرية، قوية في إختزال الصور وغنية في مغزاها تشبه البرق في إصابة الهدف أو إصابة نظر المرء، وقد أزدانت صفحات الديوان بصور تخطيطية ملونة من عمل الفنان رستم آغاله، حيث أعتبر الشاعر والفنان هذا العمل عملاً مشتركاً لهما، وقد أصدر الشاعر قبل عمله هذا ديوان إعدامات الجنة حيث قام الفنان رستم آغاله برسم التخطيطات لهذا الديوان، كما قام الفنان آغاله بعمل غلاف مجموعة الشاعر الشعرية المعنونة بإعدامات الجنة يمتاز عمل الشاعر هذا بالتعبير والجمل القصيرة والمعاني القوية التي تصدم المتلقي وتؤثر فيه ليشعر بجمال تلك التعابير والإبداع الشاعري الجميل المتفرد الذي يدفعه إلى التفاعل مع الصور المعبرة والإندهاش والإنبهار بها، ويقول الشاعر والفنان في مقدمة مشتركة لهذا العمل المشترك أنهما حاولا عن طريق الكلمة والصورة التعبير عن خلجات الإنسان ورفع الخجل عنه وخاصة في المجتمع الذي ينتميان إليه الذي يخفي وجهه الحقيقي منذ قديم الأزمان والإفصاح عن هذا الوجه الحقيقي له من خلال الكلمات والصور القوية التي تصيب أهداف الشاعر والتخطيطات المعبرة التي تحول الكلمات وخلجات النفس البشرية إلى صور، كثيراً ما يتمناه الشاعر أو بالأحرى الفرد المنتمي لهذا المجتمع الحديث القديم، وقد يقولان أنهما حاولا تحرير النصف الآخر مثلما حاولا في عملهما هذا تحرير الرجل أيضاً من العقد والخلجات التي يشعر به! ا ويريد التعبير عنها أو التمني بفعلها وهو يعيش في هذا المجتمع الذي يخفي العديد من الصفات التي تجعله ينبهر لرؤية صورة تخطيطية عارية أو قصيدة عارية مليئة بالصور المعبرة التي تدفعه إلى التمني برؤيتها . هذا ويتكون هذا الديوان من محاور ثلاثة، المحور الأول عن فان ملكة الجمال والعشق ويخصص الشاعر لها مستهلاً من ثلاث نجوى وإحدى عشر ليرة عبارة عن مقاطع شعرية والمحور الثاني من أثنين وعشرين مقطعاً والمحور الثالث من مقاطع مختلفة قصيرة نحاول ترجتمتها كاملةً : فان .. خرجت ذات صباح (فان) ملكة الجمال والعشق من كهف شاندر(1) ورفعت جيدها الأهيف وتوجهت بنظراتها للشمس وقالت : إلهي ... أن اللحظات التي تمنحها لإرهابي، كي يذبح فيها طفلاً، لم لا تمنها للعشاق المتلهفين .. ليمارسوا فيها العشق !؟؟ إلهي .. إن الأراضي الواسعة التي تمنحها لإرهابي كي يلغمها لإغتيال العشق، لماذا لا تمنح شبراً منها لعبادك العشاق .. كي يزرعوا فيها العشق والورود !؟ إلهي.. إن بحار السموم المترامية ، التي تضعها يومياً في قبضة إرهابي، كي يعدم فيها الجمال، لماذا لا تجعلها نبع سكرٍ وتبتل به ريق رضيع يتيم !؟؟ فان.. وقبل أن تعود إلى الكهف نثرت جعبة من ليرات العشق عند أقدامها، منحتها لها شاعر عاشق أشيب الرأس في موعد لقاء ليلة ظلماء ! الليرة الأولى أعطني كأساً من خمر شفتيكِ كي أمتلأ زقزقة الشباب !! الليرة الثانية أنسجي من خصلات شعركِ الذهبية جناحاً لي كي أطير به نحو حدائق السؤدد المعلقة !! الليرة الرابعة أعطني .. أعطني باقة من طيف نهديكِ كي أبحث في الليالي الحالكة السواد عن ورود السعادة الضائعة . الليرة الخامسة أعطني من جرة عينيكِ السكرتين كأساً كي أرى امرأة الأعناب عارية ! الليرة السادسة أعطني خنجراً للإنبعاث ثانية ومعولاً كي أحفر به ضريح الخلود في شط العشق الليلة السابعة أعطني الليلة طفلاً مؤنفلاً أمنحيني قدراً من الرحمة الليرة الثامنة لقد سمُلَتْ عيني أعطني كأساً من النوم ! الليرة التاسعة خذيني تحت هطول أمطار ناظريكِ لكي ينبعث صحراء الروح في أتون السَكرِ ! الليرة العاشرة أتركي يدي سوف أجد بنفسي تلك الطرق التي تؤدي إلى الفراق ! الليرة الحادية عشرة أيتها الرضيعة لا تمسكي يدي إنني خبرت كافة بساتين التوقد مد مجنون ذي لحية رثة ممزق الثياب رأسه نحو فوهة الكهف وغنى أغنيات ثلاث لـ(فان ) : 1 نحن نقتل الرجال علناً ونمارس القبل في السرّ 2 في طفولتنا.. قبحوا صورة الرب والمرأة في نظرنا الإله سيف والمرأة العورة 3 خلق الرب فان في ست ليالٍ وأستولى على جمالها ثم أستراح 28 من الشهر (فان) .... من كهف شاندر إلى زاوية جميلة في سرجنار(2) 1 سرجنار غارقة في النور يقولون أن نجمة قد هوت فوق تلة ! 2 من يوطيء بقدميه على التلة .. تهطل الورد والقطن والعسل والطيف واللذة معاً ! 3 تلك التلة.. التي تسمع وقع خطواتنا تغدو شجرة باسقة و نتحول نحن الأثنان إلى حمامتين بيضاوين ؟ 4 ملأتِ ناظري جمالاً إلى أي من أعضاء جسدي تتدفقين بعد 5 لو لم يكن هناك ثقل جمال (فان) لكانت الأرض تدور أسرع حول الشمس ! 6 لو لم تكن فان لكانت الأحلام بالأبيض والأسود ! 7 تنام الشمس في شعرها والقمر على صدرها ليلاً ! 8 بقي لفان شبراً كي تصل يدها للسماء ! 9 في تلك الليلة كانت فان أطول قامة من جل أشجار سرجنار ! 10 لم يكن فماً كان موقد جمرٍ أحرقت شفتي تارة وتارة لساني ! 11 غدت قبلاتنا جدولاً من الألوان ليصب في نهير سرجنار ! 12 غسلتني فان بالعسل وجففتني بالطيف وغطتني بالشعرِ 13 من ناظريها السكرتين تندلق جرتين من الشراب في روحي 14 من طيف صدر فان وشعري الأبيض تهطل أمطاراً فضية ! 15 لو لم يكن نور فان لكانت شفتاي واناملي العشر تضيع في الليالي الحالكة ! 16 حتى أن لملمت فان عسل التلابيب المندلق وطيف النهود المتناثر وعقد القبل المنفرطة فقد أقبل منتصف الليل 17 لا زالت أصابعي تتوهج إنها توهج طيف نهود فان النورانية 18 وقبل أن تهم فان بالنزول وضعت قلبي في حقيبتها اليدوية لتفرّ به ! 19 يفوح مني عبق فان أخاف دخول البيت سأنام الليلة ... في سيارتي ! 20 وحيداً سأعود إلى التلة فتسأل التلة عن أخبار فان سيمتلأ كأسي دموعاً ويمتلأ حضنها قبلاً ذابلة ! 21 هذه التلة تعلمت العشق منا فمنذ المساء وحتى طلوع الشمس تتبادل الرسائل مع التلة المقابلة 22 سافرت فان.. لذا تراني إلى الأبد في هذه التلة المهمومة شجرة من أشجار سرجنار الكدرات القبلة القبلة موقد تطير الروح من الخطايا الموج النهر يغتسل بمياه الامطار ورغوة الأمواج الصغيرة ثوب يرتدي النهر دوماً ستياناً طويلاً وخفيفاً تشمس فتح الماء أزار صدره وبدأ يتشمس الوداع نواظر السحب تذرف الدموع البستان مهموم والريح مصاب بالخدر أنه موسم رحيل الأوراق الشراب قال العنب : أن سبب مرارتي وملوحتي هو حقداً من ضيق وحلكة الجرة ! حجاب حين تكون الشمس في السماء يتحجب القمر بحجاب الخجل ! عشق أندلقت نجمة على سرداق امرأة ! نبع إنه جرح قلب الارض الذي ينزف دوماً ! فلذة كبد الشمس زوج القمر والنجوم فلذات كبديهما ! خليج النهر شاب طويل القامة ، رفيع الخصر يسير على عجل حاملاً باقة من الورود تنتظرها في الطرف الآخر من العالم امرأة ذات عينين زرقاوين اللص يتلصص القمر من منافذ الهوادج على عرينا ! ملاك الغيم رجل أشيب ماسوشي لن يقر له قرار حتى ما ان تعمد الملائكة إلى ضرب ظهره وخصره بالسياط نيزك النيزك طفل السماء المجهض ! الكلة كي لا تراهما النجوم عاريين يلتقي القمر والشمس في ناموسية السحب ! العريس كيف يقوم البرعم بكل رقته هذا بتزريف فروع أشجاره ؟! تفتح حكت النحلة نكتة للبرعم ! اللون بلل المطر جناح فراشة غدت الفراشة قطعة من الألوان ! قلادة صفصافة طرية سقطتت قلادتها في النهر فأبتلعت كل سمكة خرزة منها ! بذور الذي يتساقط من السماء لقاح يملأ رحم الأرض برضع الأوراق والزهور ! رضيع تلك الريح لا زالت لم تنمو لها جناح تلعب مع أوراق الشارع المتهاوية ! ربيب النجوم الأصطناعية التي تمر مسرعة في كبد السماء ارباب القمر اربعة عشر حين يشعر القمر أن السمنة قد أدركته يمارس رياضة الحبال يومياً وفي الليالي يمارس السباحة في البحار والمحيطات حتى يدركه التعب جنبذة لقد نزعت كل هذه الورود حجابها غير أن هذه الجنبذة تشبه فتاة أفغانية محجبة تخجل من أن تنزع حجابها ! رغوة في هذه البحيرة الصغيرة ترى نجمتان تغسلان الظهر الأملس للقمر برغوة الشعاع عطف تمسك الريح بساعد ورقة سقطت على الارض تريد إعادتها من ساق الشجرة إلى حيث الفروع ! ستيان فتشت الريح وجدت جيوبها مليئة بحاملات النهود سروال عكس الإنسان فإن السماء وقبل أن تهم بالتبول تلبس سروال الغيوم ! الوسن جراء آهات الأوراق المتساقطة ومعاناة الشجر لا القمر يخلد إلى النوم ولا قطة تتثاءب ! استراحة في كل ليلة أفرش لباداً من حرير الشعر = قوس قزح = شعر: محمد أمين بنجويني ترجمة: مكرم رشيد الطالباني (1) لو تحدثت الأيدي مع الأيدي الأخرى<blockquote>لو لو تحدثت الأيدي مع الأيدي الأخرى لو أضاءت الأعين مع الأعين الأخرى لو نبتت القلوب في القلوب الأخرى سيخلق الأمان والعشق والحياة نعيماً وتتزين الحدائق وترتفع قهقهات سمفونية الضحك إلى عنان السماء (2) القمر يحلم أحد الفقراء بأن القمر غدا رغيف خبز يحلم أحد الأغنياء بالقمر متى يشترى قطعة منه ليبني عليه غرفة للتجارة ويحلم أحد الأطفال أن القمر قد غدا أمه والحواريات منهمكات في تجميلها حلم العروسان أنهما يتجهان في هودجهما نحو القمر وذاقا طعم شهر العسل هناك بدوري حلمت أن القمر غدا جبيبتي وقد غطتها سحابة سوداء (3) أنا طوال عمري لم أؤذ أحداً غير أنهم يلكزونني بالإبر يومياً طوال حياتي لم أطلق النار على أحد غير أنهم يرمونني بالرصاص يومياً طوال حياتي ما ذبحت طيراً غير أنهم يقدمونني قرباناً كل لحظة فهل هذا هو دعاء أمي لازال يلاحقني ؟ هل هذا دعاء أمي وقد تحقق جراء مشاكستي أم إنني ملاك تزول عني خطاياي جراء هذا التعذيب ؟ (4) العيون أعشق العيون كثيراً حين تتلألأ كالنجوم وكثيراً ما حللت ضيفاً على النجوم وحدث مرة أن قامت نجمتان بإيوائي وقامتا بهدهدتي بتلألأهما وكأنني طفل رضيع وشدياني بشعاع نورهما وبعد مضي فترة أصاب العمى العيون.. وغربت وسقطت بدوري من السماء وبعد ثلاث سنوات حللت في مضيف نجمتين أسعدتاني ليلاً وقامتا تطمئناني فؤادي الجريح والمخطوف وفجأة أختبأتا خلف غمامة سوداء كنت طيراً شريداً وقعت في شرك صياد ماهر ومنذئذ بدأت الحرب بيني وبين النجوم النجوم هناك في الأعالي منهن يضحكن إستهزاءاً بي وأنا قابع على الأرض وقد جن جنوني لازلت ابكي وأولول (5) قوس قزح حين أشاهد قوس قزح أتذكر ربطة المهد التي كانت والدتي تشدني وأخوتي وأخواتي بها حين كنت طفلاً عشقت القوس قزح كنت صغيراً حين كنت أراه فوق قمم الجبال كنت أود التشبث به لأرتقي إلى السماء هل إن ذلك كان من اجل أن أتحرر من لحد وقيود أربطة المهد أم إن لون المهد ورباط المهد مستمد منه ! (6) اللحد والمهد بين اللحد والمهد تباين نسبي المهد يقضي على هواء الحرية والنفس والروح واللحد يمتص جسدك وجثتك وعظامك لذا تجد الكورد عصبيو المزاج أفظاظاً لأنهم ذاقوا عذاب لحد المهد ! (7) الروح تسافر روحي مع الغيوم حتى تصل إلى البلاد على أمل أن تتساقط من خلال قطرة مطر على مدينتا كي يلهو بها الأطفال ! (8) الشموع الشموع تشاركني البكاء حتى الصباح إنها تعطف علي بلهيبها وفؤادي يعطف عليها إنهن يذرفن دموعاً حمر أما انا فأذرف دموعاً عفصي اللون وكلانا نحترق فغدون بدورهن شموعاً أما أنا فقد استحلتُ فحماً !</blockquote> = أوراق على الرصيف = أوراق على الرصيف شعر: دلشاد عبد الله ترجمة: مكرم رشيد الطالباني الدفتر لكل دفتره ليس الذي يدون فيه الملاك على كتفيه خيره وشره وليس دفتر النفوس وليس دفتر الأرباح ورأس المال دفتر سجل فيه البكاء منذ الطفولة ودون على كل صفحة حكمة ما: أيها الرب إن أكبر رأسمال والذي لا ينضب أبداً هو دموعي أنا! الرسالة الأولى لم يتم إثبات سر الرسالة منها رسائل الأصدقاء والأحبة منها رسائل الغرباء وأجملها هي لهؤلاء الذين يظلون مجهولين بعد رحيلهم لا يعرف أحد لمن كتبتْ الرسالة 2 تنقل الرسائل في طرود إنها خفيفة الوزن فجلها فراشات محترقات النقد أحول العينين ينظر إلى شيء لكنه يرى شيئاً آخر زعل كثيراً ما يطلبون الأشياء الكبيرة واللامعقولة نتوجس خيفة أن تزعل منا الأشياء الصغيرة فما قيمة السحب بلا مطر؟ وما قيمة أوراق الشجر دون الغابات؟ الضفاف ليست الضفاف حدوداً للنهر بل جدائله الخط امرأة نائمة حمام النساء سماء ليلة مظلمة والنجوم تتلألأ هناك جمع لكل شيء جمع إلا الإنسان لا جمع له الذهب الشمس جل أشياء الذهب وقلبه أيضاً الحلم فراشة عمرها لحظات قليلة السر دن الخمر إن أحكم إغلاقه يعطي مذاقاًلا أطيب الصحيفة سحابة تفقد أمطارها الرماد ليس للعنقاء رماد سيجارة ليلة تمضي قبالة شمعة وهي تذوب الشفة شراب في كأس إن لم تذقها لن تدرك لذتها الزي سحابة مهما كانت شفافة يغدو سمائه أكثر مذاقاً العلو أنا والطيور ألفنا الأمكنة الشاهقة المنية ترتفع المنية أحياناً وتغدو شمساً وتغادر الحياة البائسة في السهول الخاوية دعاء لو كان بإمكاني لسميت السحب دعاء وعند هطولها تبلل كل شيء جراء دموعها القمر يسع طاسة ماء فالجمال لن يقاس بالأحجام كبيراً أو صغيراً كان الضوء ينام القمر في قارورة الخمر لذى ترى ضوءه سكراً دوماً الصمت حين تنضج الوردة تفتح وريقاتها والرمان ترمي بقشرتها والشفاه حين تنضج تُغلق قراءة حين تقرأ كتاباً تصبح نديماً له وحين تقرأه كثيراً فإنه يبحث كي يقرأ الهاتف ليس شرطاً أن يكون الآخر الذي على الخط أن يكون شخصاً يحتمل أن تكون خوخة حزينة وهي تهاتف من أقاصي الدنيا تمثال ينهمر علي كل هذا المطر لكن لا يناولي أحدهم مظلة ما القلب بيت بلا جدران ذات ألوف البيبان كرميان هويتها النساء المتشحات بالسواد بحيرة كانت خيالاً لم تصب في أية مياه أخرى فأصابها الجفاف الأوراق الحمراء أين وجدت الأوراق الحمراء إنها آثار أقدام الرب الدماء من بين كل الألوان أختارت لون تلك الشجرة التي حرمها الرب همدان همدان ملأى بأشجار الأسفنديار الحمراء وأكثرها إحمراراً رباعية لبابا طاهر نزلت من أجل فاطمة القبر ليلة ليلاء أبدية المسيح إلى متى يبقى ذلك الرجل على الصليب؟ قابيل حين توفي قابيل أصبح أنتشر في مياه الينابيع نوستاليجيا في كل ليلة يقدم حلمٌ وياخذني إلى زمن الطفولة حين أعود فجراً تملأ الورود البرية طريقي فأحمل منها ملء حضني لمزهرية يوم جديد رأس المال الحلم أفضل رأسمال لن ينضب ابداً الخيال مهما كانت الدنيا صغيرة فإنها تتسع للخيال عن ديوان (الوصول إلى النار)، الصادر عن دار آراس للطباعة والنشر، 2008. = سورة البحث عن عنوان القصيدة = شعر: لطيف هلمت ترجمة: مكرم رشيد الطالباني طاهرٌ أنا كضالٍ إجعليني مذنباً بالقبلِ مذنبٌ أنا كصوفيٍ طهريني بالقبلِ <nowiki>***</nowiki> أحلمُ أحياناً إنها تقطعُ أناملَ يدها اليسرى الخمسَ لتقدمها لي فأجعل منها بدوري خمسةَ أوتارِ لفؤادٍ جعلتهُ قيثارةٍَ لإمرأةٍ سميتها ربيعاً <nowiki>***</nowiki> أحلمً إنها تغدو قفصاً أغدو فيه طيراً امرأةٌ سميتها ربيعاً <nowiki>***</nowiki> في يوم ميلادي يولد همٌ جديدٌ في يوم ميلادي يولد أنا آخر في يوم ميلادي يكونُ مولدى أعقدُ ذكرى ذكرياتي تهددني في ذكرى ميلادي في ذكرى ميلادي أخلقُ محيطاً آخر بأسلئتي <nowiki>***</nowiki> حين تعقبوها غدتْ طائرَ نقارة الخشب وأختفتْ في شق شجرة عملاقة حين قطعوا الشجرة العملاقة غدتْ سمكةً لتختفيَ في نهرٍ حين قاموا بإعتراض النهر دخلتْ في جيبِ الصياد حينما دلفَ الصياد يدهُ إلى جيبه جراء البرد غدتْ جمرةً من النار لتدفيء يد الصياد ومنذئذ كلما تجمد يد أي صيادٍ جراء البرد يدلفَ يده في جيبه <nowiki>***</nowiki> لديّ ثلاثة أصدقاء أنتِ وأنا وذاتي لديّ ثلاثةُ أعداءٍ ذاتي وأنا وأنتِ <nowiki>***</nowiki> لو لم يكن الأسود من كان يمكنه التعرف على الأبيض لو لم يكن الكذبُ من ذا الذي كان يصادق الحقيقة <nowiki>***</nowiki> إبني أربعة جدران أقم سقفاً ستولد غرفةٌ غير إن غرفة الشعر لن تبنى هكذا <nowiki>***</nowiki> إنتِ تعرفينَ لماذا هربتُ مبكراً من أحضان أمي كي أنتظركِ <nowiki>***</nowiki> ليست تلك التي ترتدينها في أذنيكِ قرطاً بل فؤادي وقد قطعتيه إلى نصفين إنظري إنهما تنزفان دماً <nowiki>***</nowiki> منذ قرنٍ أنتظرُ نفسيَ منذ قرنٍ تنتظرينَ نفسكِ لننتظربعضنا بعضاً قرناً <nowiki>***</nowiki> منذ ألف عامٍ نعشق بعضناً بعضاً منذ ألف عامٍ والعشقُ يمنعنا من أن نموت منذ ألف عامٍ والعشق لن يفسح لنا الفرصة لرؤية بعضينا <nowiki>***</nowiki> كوني كلمةً يمكن لأحد العشاق أن يحفرَكِ على صخرةٍ ما <nowiki>***</nowiki> جسدُكِ لن يتكلّمْ لكنه يناديني بمائةِ لغةٍ ولغة <nowiki>***</nowiki> في كل مرّةٍ أعثرُ في ذلك المكان على نثار زجاج وبقايا بارود أعتقدُ إنها نثارُ قُبُلاتنا <nowiki>***</nowiki> ثغركِ فانوس لياليّ جدائلكِ أوتارُ قيثارةَ قلبيّ <nowiki>***</nowiki> أدركَ الشيبُ جديّ وشاخ شاخ وشاخ غير أن كتابهُ لا زال في ريعان الشباب <nowiki>***</nowiki> تمعني هناكَ درجٌ نحو كلّ نجمةٍ يمكنُ أنه صنع من الريح <nowiki>***</nowiki> تمعني هناك درجٌ نحو كل بلدٍ يمكن أنه صنعَ من الضباب لكن ليس هناك أي طريقٍ نحو فؤاد بعضينا <nowiki>***</nowiki> الريحُ زوج الغابة يكنس غرفها دوماً المطرُ صديق الغابة يجلبُ لها العصافير دوماً الخريفُ ملك الغابة يقتلُ الأشجارَ ويحييها كلَّ مرّة <nowiki>***</nowiki> حين قرر ستالين معاداة الشعرِ قام فوراً بصنعِ سيوفٍ طويلةٍ حين أراد أوسيب ماندلشتام أن يكتبَ أجمل قصائده كتبها بدمهِ تحت سيفِ ستالين ... عن (ملحق الأدب والفن) لصحيفة (كوردستاني نوي) العدد (5266) الخميس (26/8/2010). = سيماء البعد ... عبق الوحدة = شعر: بزار حكيم ترجمة: مكرم رشيد الطالباني مهداة لـ: قلقِ إبتسامةٍ ما 1 إن حياتي على تلك الشاكلة: كنوع ٍ من الموسيقي الرتيبة 2 ولدتُ وحيداً حين أموتُ، سيموتُ معيَ إسميَ أيضاً إذن لن أموتَ وحيداً! 3 بعد عشر سنوات سيغدو عمري مثل حذائي، الرقم عينه حينئذ، سأنظم لهما إحتفالات بعيد الميلاد 4 لقد تغيّر كلُّ شيء حتى، الموت لا أدركُ لماذا! 5 إن سيجارتي.. تحترق لأجلكِ إشتياقاً، أكثر مني إشتياقاً أكثر مني 6 منذ رحلتِ لـمْ تعد الشمسُ تشرقُ أيضاً! 7 جراء بكاء أمي ستغرقُ الزقاقُ تحت فيضٍ من المياه تحت فيضٍ من المياه 8 أحبكِ، حتى وإن كنتُ ميتاً لأنني أتركُ فؤادي لديكِ 9 سأصبغُ جدران غرفتي بالبكاء كم أنا محظوظٌٌ؟ 10 سأبني من قشور البرتقال أعشاشاً للقُبَلِ 11 بعيداً بعيداً أكثرُ بعداً أرنو إلى نفسي ما أقصر البعدُ في ذاتي أنا؟ 12 لقد فزتُ بالـ(خسارة) الخسارة وحدها بقدرِ عدد سنين وجودي 13 سأخفي قصيدة امرأة مع رقمها السرّّي في محمولي خوفاً من أصدقائي! 14 سنسافر سنغني سنكتبُ معاً قصيدةً سنبصقُ على المستقبل سنبصقُ! 15 يجب أن أذهب.. سيتحدث أحد أصدقائي معي سموماً إنتظروني، سأعودُ سريعاً جثة هامدة! 16 لقد نسيتُ قصائدي في ذلك اليخت الذي أستخدمه لاجيءٌ شرقيٌ للوصول إلى أوروبا فلم أعثر على قصائدي ولم يعد اللاجيء من حيثُ أتى 17 إنكِ لا تعرفينَ .. إن مستقبلي هو شريطٌ مشدودٌ بجدائلكِ 18 أنا ووالدي نحبُ إنساناً له زوجة ولي أمي   19 في إنتظاري تحولتْ امرأةٌ إلى جرّة تتساقط منها البعاد قطرة فقطرة! 20 الدنيا تسير وتغرق مثل تلك السفينة التي يسمونها: Titanic 21 دائماً أحب هذه الأشياء: الكلاب ، الأعداء، النكود 22 لقد إمتلأت حقيبتي بالرِحلات فلن أفتحها بعد الآن 23 منذ ثماني سنوات ولم نسقي الزهور في اللوحة المعلقة في منزلنا أنا المذنب 24 حين لا تكونين موجودة هنا تكون كلّ الأشياء في نظري: أسود اللون ويكون للوجود معنى فارغاً 25 ضيعتُ أزراري واحداً إثر الآخر في أتون اللذة 26 إبتعدي عني عندها تدركين كم كيلومتراً تبعدين عن السعادة 27 حين أنظر إليكِ تصغر الدنيا صغراً صغراً صغراً 28 لا تُعَرِّفي الحياة إنكِ جميلةٌ ببساطتكِ تلك لقد أحببتكِ لأنكِ لا تعرفين ماذا يعني الحب <nowiki>***</nowiki> مهداة لسمر دياب العلاقة بيننا هي إننا لا نعرف بعضنا بعضاً لا نتبادل الأحاديث فيما بيننا لا نتقابل مع بعضنا بعضاً كم أنتِِ مهمةٌ لديّ في أتون القصائد. = أنا والريح = شعر: كريم دشتي ترجمة : مكرم رشيد الطالباني (1) أنا والريح دلفنا إلى منزل (مولانا) العتيق فصرخنا معاً أين هو أين هو دفوفك يا مولانا أين فغمرنا شعاع ضريحٍ قديمٍ نوراً فعدنا بذلك الشوق إلى بيت الرّب (2) كتبنا بندى الفجر على أوراق الحشائش أنا والريح كلانا من عنصر الزجاج قريبين من التشقق والتهشم الأبدي غالباً ما نفرش فراشنا في منزل العرموط ونهرب أحياناً إلى الأبد (3) عرجتُ على منزل الندى المائي وقلتُ له أن يكتب سرّ ذلك النجوى على أوراق الحشائش بالندى وحين أعود بنفسي إلى المياه أكتبُ تلك الحكمة بلون أوراق النعناع على صخور الحواف (4) أنا والريح صوتٌ نرتقيَ في روح الرّب ونُسكِرُ في رخيم المطر وفي جسد الحشائش نجتاز مدار السماء حتى قمة الجنون (5) أنا والريح ندلف من خلال الماء إلى منزل الضباب الرغوي نحمل حفنة من الأمواج الفضية ومن الغابة باقة من التلألؤ إلى السماء (6) حين كنا نسير في عتمة الجمال قرأنا كتاب المنية فأعادنا عبق العطر والزعتر إلى بساتين بخارا (7) أنا والريح من عنصر عشقٍ تتريٍ نحمل من بين أسراب الطيور وعورة قرون الغزلان من منزل الحشائش عروس الندى للفجرِ (8) دوننا بندى الفجر على أوراق الحشائش وعدنا إلى إرتقاء صخور الحواف والسفوح وكلّمنا أوراق الأشجار بقطرات المطرِ (9) أنا والريح رحلتنا طويلة أحياناً نعرجُ على منزل فراشات الخريف فارشين بعض رشفات الماء وصرخة من الأمواج وتحليقاً من الطيور وحضناً من هسهسة الحشائش ندركُ أنه سيأتي يوم كالزجاج ونعود إلى حضن شرخٍ أبدي (10) أنت أيها الشعر، يا نسيجاً في كف الأسرار ألستَ الذي يود العودة إلى السماء؟ ألستَ الذي تنادي على الروح وتريد إشعال النار في جسد الرّب؟ (11) أيها الشعر يا بيانو السيماء والعبق ذلك اليوم في صفار الأفق الدائري كان الريح ملتفاً حول جدائل الكون بدوري كنتُ مفتوناً بوسوسة جمالك (12) أيتها الريح يا ريح الآخر كنتُ أستطيع أن أفهمَ سرّكِ؟ لو لم تكون أنت أيها الشعر يا نقشاً يزين جيد غزلان ماني (13) مرة أفشتْ ريحُ الأزلِ سرّاً صغيراً لقلبـيَ ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن يقتاتُ قلبـيَ هذا على التراب في مدار البركان (14) أنتِ أيتها الرّيح، يا ريحَ الزجاج والعتابِ أنا منكِ، وأنتِ من الرّب هلمّي لنذهبَ بعيداَ بعيداً لئلا تقضيَ الوحدةُ على شعريَ لستُ إلهاً كي أبقى وحيداً وحيداً فقط عن مجلة (رامان) الكوردية . العدد (146) الصادر في 5/7/2009 = نتفٌ من المطر ... نتفٌ من العشق = شعر: إدريس علي ترجمة: مكرم رشيد الطالباني سأسميكِ: إرباً من القمر نصف فؤادي إرباً من الشمس مجموعةُ نجومٍ متناثرةٍ حول حوضٍ فماذ تطلقينَ أنتِ عليَّ من اسمٍ؟ <nowiki>***</nowiki> سأناديكِ السيدة سيوه خان الست مطر خرير الماء... صفير الريح ممرضة العشقِ العصفورة الأمّ فبأيّ اسمٍ تنادينَ عليَّ أنتِ؟ <nowiki>***</nowiki> سأقتربُ من نافذتكِ سأقفزُ منقلباً على رأسيَ فوق عشبِ حديقتكم سأشربُ من مياه المطرِ المتجمعة في حفرةِ زقاقكم أمّا أنتِ فإلى أيّ موقعِ من وحدتي تسكنين؟ في أي موقعٍ من هذه القصيدة تقفينَ حاملة مظلةً؟ <nowiki>***</nowiki> دونكِ أغلقُ البابَ في وجه الغناءِ وأقطعُ المياهَ عن الرياحينِ أتركُ ذاتيَ أتركُ الكتبَ والشرابَ ... وأنتِ قولي لي ماذا تقعلينَ من أجلي ؟ <nowiki>***</nowiki> من أجلكِ سأغدو عطاراً خرفاً سأغدو خادماً للمسجدِ سأغدو حارساً للعتمة سأشرع بطرد الحمائم سأصادق الذئاب سأكفِّلَ الحشرات سأتذوق السُّمَّ لن أغمضَ عينيَّ! أمّا أنتِ قولي أنتِ من أجليَ متى تطفئينَ فانوس الوحدة هذه؟ <nowiki>***</nowiki> دونكِ أبتعدُ عن الحضرِ سأسيرُ مع الزنابير بين ألغام أحاديثِ الناسِ لأصلَ إلى أكثرِ التخوم ِِ بعداً سأُغَيِّرَ جنسيتي وسأغدو مواطنَ الجحيمِ أما أنتِ هلاّ تفعلينَ شيئاً من أجلي؟ <nowiki>***</nowiki> بعدكِ سأغدو قمراً مخسوفاً سأحتجبُ عندَ منعطفِ غيمةٍ سأغدو حكاية ولّى زمنها سأغدو نكتة ممتعة سأغدو ناراً تحتَ التبنِ أما أنتِ فماذا تغدينَ بعديَ؟ <nowiki>***</nowiki> من أجلكِ سأُغيّرَ لون موقد منزلي إلى لون أحمرٍ عدا فؤادي الذي دفعتيه كي ييئس من الحياة <nowiki>***</nowiki> سأفتتح قرب منزلكم حانوتاً سأُخفيَ نفسي كبقالٍ حيّالِ خلفَ البرتقالاتِ سأُمطِرُ بابكمُ بحباتِ الكرزِ... بدوركِ هلاّ تأتينَ عصرَ أحدِ الأيّام لتعودينَ بكليوغرامٍ من الهمومِ الوردية؟ عن مجلة (هنار) العدد (68)، أيلول 2011، من إصدارات مديرية الطباعة والنشر ـ السليمانية. = من القصص التي ترجمها = = صيد الدراج = قصة وترجمة: مكرم رشيد الطالباني كنا جمعاً من الناس مجتمعين في بيت العم كريم وكان العم أحمد قد نزل في إستضافتهم، ذهبنا لمعرفة احوال أقاربنا الذين يسكنون والعم احمد في المدينة نفسها، بعد الترحيب والتحية والسؤال، فتحت ابواب أحاديث كثيرة، وكانت لحوادث الماضي حصة الأسد، وكنا نحن متلهفين لسماع مثل تلك المواضيع، حيث نصغي لها بإحترام بالغ . كان العم كريم ينفث في سيجارته ويتصاعد دخانها، ولم يكن يهدر فرصته في الحديث، فبدأ قائلاً : ـ كان لصيد الدراج نشاط بارز في تلك القرية، لذا كان الآغا قد جمع اعوانه حوله، وكان لكل شخص بندقية صيد ومسدس وخنجر، على الكتف وتحت الحزام تباعاً، إضافة إلى السلوقي والمكوار . وأستمر في الحديث: عندما كان يحين صيد الدراج، لم يكن الآغا ليمهل احداً، فيأخذ معه جميع أهل القرية للصيد، حيث كان يسلب جميع ما يصطادونه قسراً، ولم يكن ليستطيع احد أن يتفوه ولو بكلمة واحدة، يؤخذ الدراج إلى بيت الآغا ويقلى بالدهن، حيث يجلس الآغا وأعوانه وهم يتناولون لحم الدراج كالذئاب المفترسة، من جانب آخر كان الصيادون ينظرون في بيوتهم بقلق ويتنهد أطفالهم بحسرة . وأستمر العم كريم قائلاً: في ذلك العام كنت أصبحت لتوي إماماً لجامع القرية، كنت وعائلتي نسكن في صريفة من القصب اهداها لي أحد أقاربي، حيث كانت النسائم العليلة تهب علينا، في أحد الأيام كان الجو مشمساً ومن جهة نهر سيروان كانت تهب رياح دافئة تهتز على إثرها أوراق الأشجار، أعلن عن موعد بدء صيد الدراج، فبدأ الآغا وأعوانه وأهالي القرية التوجه نحو الغابة، وكنت حديث العهد ولم أرَ الصيد في حياتي، فهذه أول مرة أجرب فيه حظي وذاتي، وكان رأسي يهتز بين رؤوس أهل القرية. عند وصولنا الغابة، أطلقت كلاب الصيد فأستعدنا حيث حدث هرج ومرج، لم يمض وقت طويل إلا وسمعت منادياً ينادي: أمسكوا به.. فنظرت إلى ما فوق رؤوس القصب المنتشرة، وهناك رأيت دراجاً متجهاً نحوي، جاء ليحط بالقرب مني مختفياً بين الأدغال، هرعت دون أن أحدث جلبة أو أثير إنتباه أحد وأمسكت به بسهولة، ورميت به في جعبتي، أقترب مني أحدهم قائلاً: ألم تره، أنه حط هنا. قلت له لا أدري إلى أين ذهب. قال: إحتمال أنه أختفى بين الادغال . فأبتعد عني الرجل، تنفست الصعداء وأطمئن قلبي. وهنا بدأ أحد الأطفال مجهشاً بالبكاء، توقف العم كريم عن الحديث فأنتهز الفرصة ليأخذ نفثاً من سيجارته، أنقطع الطفل عن البكاء بعد تهدئته وأستمر العم كريم قائلاً : ـ أبتعدت عن موقعي قليلاً، كنت ابحث بين الأحراش والقصب فسمعت تارة أخرى: أمسكوا به . فنظرت حيث شاهدت دراجاً آخر متجهاً نحوي وفجأة أقترب مني وحط على الارض أمامي، فأستخدمت مكواري لكنني أخطأته لأسرع وجريت وراءه وتمكنت من الأمساك به بشق الأنفس، رميته في جعبتي أيضاً، وكاد احد الجذوع ان يبقر بطني. كان الآغا وأعوانه على صهوات الخيول، وهم ينظرون بإتجاهي حيث شاهدوني وقتما أمسكت بالدراج فأجتمعوا حولي، قال احدهم: أين الدراج الذي امسكت به؟ إن لم تخرجه لنا فإننا سنلقنك درساً لن تنساه. فأخرجتهما أمام انظارهم وقمت بذبحهما، ورميت بهما في جعبتي، حينما شاهد الآغا ما بدر مني، غضب وأمر بأخذهما مني قسراً، لكنني حلفت بالإيمان الغليظة بأنه لا يمكن لأحد أن يأخذهما مني، كوني لدي ولد مريض بحاجة إلى لحم، واللحم هو دواء مرضه، لذا ترونني فأني سآخذهما له، فغضبت بدوري وتركت المكان متجهاً نحو القرية، حيث تركوني وشأني، وعند وصولي البيت قامت زوجتي بتنظيفهما وبدأت بقليهما بالدهن . كان الآغا وأعوانه قد وصلوا القرية أيضاً، وجمعوا كل ما اصطاده الرجال من الدراج، حتى أن العم فرج كان قد اخذ دراجاً وخوفاً من الآغا أدعى بأن السلوقي قد ألتهمه. وأستمر العم كريم في روايته : ـ كان الدراجان في المقلاة على النار، أرسل الآغا رجلاً من أعوانه في طلبي قائلاً لي: ـ إن الآغا يأمرك بإرسال الدراجين له، ولم يحضر بنفسه لأن المقريء عباس هو الآن في إستضافته . فقلت له : ـ عد فإني سوف أجلبهما له بنفسي . ذهب الرجل وكنت جذلاً لحضور المقريء مجلس الآغا، فقلت في نفسي هذه هي فرصتي يجب الآ ادعها تهدر . وما أن انزلنا الدراجين المقليين من على النار حتى عاد رجل الآغا ثانية حيث قلت له : تفضل خذ هذا الفخذ من نصيبك . غضب الرجل وقال : إنك تستهزء بنا . وقفل لوحده راجعاً . بعدما تناولنا لحم الدراجين، تهيأت وذهبت إلى دار الآغا، ودخلت الديوان، كان هناك جمع غفير من الحاضرين، وكان الآغا جالساً واضعاً إحدى ساقيه على الأخرى وهو يهز إحداهما، أديت التحية والسلام، فلم يردوا التحية، وقفت ولم يجرؤ أحد منهم أن يقول لي: تفضل وأسترح. إلى ان قال المقريء عباس تفضل.. أسترح . وما ان جلست، وعوضاً عن الترحيب بي بدأ الآغا موجهاً كلامه لي قائلاً : ـ كريم، كيف يمكن لآغيين ان يعيشا في قرية واحدة ؟ ـ قلت له : أيها الآغا، إن قصدك واضح وضوح الشمس، لكنني لست بآغاً، وفيما يتعلق بالدراج، إني اقول إننا نحن الذين نقوم بإصطياد الدراج، لذا فإن لحمه محرم عليك كلحم الخنزير، والسبب واضح فلو بقر غصن أو جذع شجرة بطني، فإن الدراج يكون ثمناً لدمي، أنني لست على إستعداد لمنح الدراج الذي أصطاده لك، في حين يتنهد عليه اطفالي حسرة . فرد الآغا: حالك حال الآخرين، مثلك مثلهم. فقلت له: كنت في حياتي صادقاً، أمر بالقرب من الأسد ولن أهابه، إنك شره في تناول لحم الدراج فإذا اصطاد القوم دراجاً عليك أن تشتريه منهم.. لا ان تسلبه منهم قسراً وبالإكراه .. إن الله لا يقبل منك ذلك. إنني على يقين لو حدث مكروه لأحدهم فسوف تهمله ولن تسأل عنه ويذهب دمه سدى . واستمر العم كريم قائلاً : وجهت كلامي للمقريء عباس وسألته السؤال التالي: هل أن في كلامي هذا خطأ ؟ فتحدث المقريء عباس مستشهداً بالأدلة موضحاً أن لحم تلكم الدراج حرام على الآغا كلحم الخنزير، ولا يجوز له أن يسلبهم إياه قسراً. عندما سمع الآغا هذا الحديث سكن وهدأ، لكن بقي الغيض في قلبه تجاهي، وعندما حل الشتاء قال لي : ـ لا يمكن لآغايين البقاء في قرية واحدة !! فأدركت ما يعنيه بكلامه هذا ورحلت عن القرية إلى قرية أخرى وهناك تزوجت امرأة اخرى . = زحام وفيضان = قصة وترجمة: مكرم رشيد الطالباني كان زحام السابلة والمارة في مركز المدينة خلية الزنابير، وكانت أرصفة الجانبين تزدحم بالباعة المتجولين والشوارع بعربات بائعي الفواكه والسكر والرز والحلويات والخضراوات والتمور والمشروبات الروحية وبائعي البطاطس، وفي الرصيف الآخر كان عدد من الأطفال من باعة الصحف وقد قاموا برفع أعمدة خيم الصحف والمجلات وقد تجمع حولها مجاميع من الناس، وكانت العناوين الرئيسة للصحف تخرج لسان انباء ملفقة، ومن ثم ياتي الموقع التالي الذي كان بائعو الحليب والصرّافين والإسكافيين قد احتلوه ليسجلوه بأسمائهم منذ زمن بعيد، وكانت أفراد شرطة المرور تنظر هناك دون أن تستطع فعل شيء يذكر، وكانت السابلة والمارة لا تفسح الطريق لمرور السيارات المختلفة، حتى إنها كانت لا تجرؤ في استخدام صفاراتها التي أدركها الخجل بدورها، في حين كانت إشارات المرور قد اعلنت الإضراب لأجل غير مسمى، في وقت أنتحر فيه قانون المرور بدوره!! وكان البطل في عجلة من أمره يود سرعة الوصول إلى الحي الذي يسكن فيه ليقوم بإنهاء اعماله وهو يحمل باقة من الكتب والمجلات تحت إبطه أحتار في إختيار اي منها ليمزقها بسكين المطالعةـ وكان الجمع الحاشد قد اغلق الطرق والمنافذ، ولو إنك لرميت بإبرة ما فإنها لم تكن لتقع على رأس أحد، لأن الاطفال كانوا يتلقفونها بيسر. إنزعج البطل وأعتبر هذه الجموع المتمردة عائقاً ومعرقلاً لتطبيق القوانين والتقاليد الحضارية، وها هو القانون يبدأ في كل مرة ليشهر بندقيته وسيفه وحرابه ليسترد بطلقات بنوده وفقراته هذا الخندق ليحتفل وسط الطريق والأرصفة ويعمد إلى الرقص والغناء لمدة سبعة أيام وسبع ليالٍ، غير انه وفي غمضة عين حين تغادر شرطة المرور عند حلول الظلام وتختفي وراء الإشارات المرورية، تحتل العربات اليدوية والباعة المتجولون وبائعي السلع والمواد الغذائية التالفة والمنتهية الصلاحية وسط الشوارع والأرصفة ليكرزوا حبات عباد شمس بنود القوانين وليلتهموا حتى قشورها! كانت هناك سيارة تتقدم البطل وتزحف بين امواج السابلة والعربات اليدوية، وكانت تجدف مجداف زحفها نحو الأمام بصعوبة بالغة، وكان السائق يعزف على كمان الغضب وقد امتلأ صدره بالشتائم، وكانت الشتائم تتناثر على الأرصفة المزدحمة ووسط الطرق الملأى بعربات الباعة المتجولين، لتنزل على وجوههم، وتثير فيهم الدغدغة ليقهقهوا ضاحكين عازفين الناي لإشارات المرور. في هذه الاثناء حطم البطل اسلاك الصمت وأردف يقول للمتجمهرين حول أحد باعة السكائر : لو كان بإمكاني فقد كنت آتي بسيارات الأطفاء، وكنت ارش مياهها على العربات والباعة المتجولين وباعة الطحين والسكر لأبللهم وعندها كنت أود أن أعرف من هو الذي يتجرأ ليقترب من مركز المدينة ؟! أندفع بين الزحام ليقطع مسافة طريق من الشارع المزدحم الآخر، ليبتلعه زقاق ما، ليدلف من احد الأبواب وكان الضنى قد اخذ منه مأخذاً، حين فتح السرير له احضانه! أصدر اوامره للعمال والسواق والجرافات والكريدرات واستعد المهندسون، كما اصطفت سيارات الحمل والعربات التي تجرها الجرارت الزراعية وامتطى أفواج الشرطة سيارات البيكاب، ليتجهوا في ذلك الصباح الباكر إلى مركز المدينة، ومن ناحية اخرى وصل عدد من سيارت الأطفاء لتعلو أصوات صفاراتها وتقف جانباً، ووصل قائد شرطة المدينة وحراسه! جاء رئيس البلدية بمكبرة صوت لينفخ فيها : ـ أيها الأخوة، يا سكان مدينتنا الأعزاء، إننا نقدم على هذا العمل من اجلكم، إن مركز الشارع هذا هو مركز عاصمتنا الحبيبة، إنه طريقنا جميعاً، لا يجوز لأحد إحتلاله وقد خصصه القانون لمرور السيارات والسابلة والمشاة، لذا ارجو من الجميع سحب عرباتهم اليدوية والإبتعاد عن المكان، كي لا تنالها أمواج المياه واشداق الجرافات . وكان الباعة المتجولون والباعة الأطفال قد وضعوا وقر اللامبالاة في آذانهم ولم يكونوا ليسمعوا شيئاً ويتحركوا من المكان ! أصدر رئيس البلدية اوامره للجرافات وسيارات الأطفاء، وعمدت الجرافات إلى استخدام اشداقها وكانت اصوات محركاتها تسمع من مسافة بعيدة، لتهاجم العربات وهي تقوم برفعها وما عليها من مواد من سكر وصوابين وفواكه ومواد اخرى لتفرغها في القلابات، وسارع الباعة المتجولون كل منهم لينقذوا عرباتهم، وحدث هرج ومرج، وارتفع الغبار إلى عنان السماء ليحجز رؤية الشمس، وتجمهر الناس على الارصفة، واخرجت سيارات الأطفاء خراطيم مياهها الطويلة وتفتح مياهها السريعة على العربات والباعة المتجولون الذين لم يصمدوا في المكان، وارتفع مناسيب مياه الفيضان لتجرف معها أكياس الطحين والسكر والرز والشاي والفواكه وتتلاطم الأمواج في شارع السينما وشوهدت عدد من الأطفال من باعة البيض مع صناديق بيضهم وهم يطفون فوق أمواج الفيضان وهم على وشك ان يغرقوا! كان الفيضان كبيراً، لدرجة أندفع نحو الشارع الذي يحاذي النادي القديم متجهاً نحو حي اليهود وكانت العربات اليدوية وإطاراتها والمواد والسلع التي جرفها الفيضان تصطدم ببعضها البعض، لتشاهد جنوب المدينة عربات يدوية متكسرة محطمة وسلع مبللة تالفة وقد أنزاحت على جانبي مجرى الوادي الذي يخرج من جنوب غرب المدينة. في هذه الأثناء شعر رئيس البلدية بالزهو والتفاخر، كان يشعر بأن القانون فوق الجميع، وان القانون يستطيع فعل كل شيء وهو ينظر إلى حديقة المدينة والميدان الكبير والشوارع القريبة نظيفاً وخالياً من المارة والعربات المتمردة، وهو يبتسم في سرّه ليقول : هذه هي المدينة الحقة، هذه هي العاصمة، هذا هو القانون! فبإمكان القانون وحده فعل هذا وإحراز هذا النصر الكبير! وكان ظهره للجمهور، حين التفت شاهد مجموعة من الباعة المتجولين مع عرباتهم متجهين نحوهم، وهم يحملون اسلحتهم من مصيادات الطيور والمكاوير والبيض الفاسد مكشرين عن اسنانهم وشرر الغضب يتطاير من وجوههم، كانوا يقتربون رويداً رويداً وهم يهاجمون بأسلحتهم ليمطروا رئيس البلدية بوابل من الحجارة ويرمون العمال بالبيض الفاسد مما جعل العمال يهرعون لمغادرة المكان والإسراع في الإرتماء إلى داخل سياراتهم والفرار من المكان! وكان رئيس البلدية مندهشاً لهذا التطور المفاجيء الذي لم يحسب حسابه فاغراً فاهه! فاقتربت الجماهير الغاضبة ليرمونه بوابل من الحجارة والبيض الفاسد لتصيب الحجارة رأسه والبيض الفاسد وجهه لتنزلق السائل على وجهه، كان البطل يراقب الموقف مندهشاً فاغراً فاه التعجب، حين اصابه عدد من البيض الفاسد مد يده لتنظيفها، عندها اصابه حجر في رأسه آلمه كثيراً، ومن شدة الضربة أنتفض من رقاده ليسقط من على السرير، ليفتح عينيه ويقرأ هذه الجملة في سقف الغرفة : ـ لقد تم إحتلال مركز المدينة دون إطلاق رصاصة واحدة!! = زوجات خليفة الفاتنات!! = قصة: جليل كاكة ويس ترجمة: مكرم رشيد الطالباني يقع منزلنا عند أطراف المدينة، جوار دار خليفة ذي اللحية الحمراء، ومنذ صباي كنت اشتاق لمعرفة أصل ذي اللحية الحمراء هذا وموطنه . يسترسل البعض من مجايليه حتى الآن بأنه قدم من بلاد القفقاس سائحاً فأستطاب له المقام ولم يقفل راجعاً . ويدعي آخرون إنه كان في الحرب العالمية الثانية هارباً من الخدمة العسكرية في الجيش الأنجليزي فأستقر به المقام في هذه المدينة وإضافة إلى إشتغاله في أعمال الصياغة فإنه كان يخلو لوحده بين حين وآخر، غير أنه وحتى الآن فإن أحداً لا يعرف تماماً أصل ذي اللحية الحمراء هذا، لذا يكفي الإنسان الإعتياد على شيء ومن ثم التفاعل معه ومن ثم يتركه بعد ذلك. والآن فأن قدوم وظهور ذي اللحية الحمراء في ذاكرة مجايليه بقي غامضاً ولن يعرفه الجيل الجديد بأي شكل كان . ذي اللحية الحمراء رجل متوسط القامة ذو لحية تمرية اللون تتلألأ لحيته في ضوء الشمس كأنها كتلة من اللهب ملتصقة بوجهه. فمظهره وسيرته الخفية غدتا أسطورة وشركاً يحيران الإنسان. لو سألوه من اين أنت؟ سيقول وإبتسامة هزلية ترتسم على شفتيه ( لقد ولدت في مدينة جابولقا. فجابولقا مسقط رأسي وموطني يقع خلف الجبال الوعرة. وهناك لن يهدأ الإنسان، ليس الرجال مسلطون ولا النساء، لا وجود للملوك ولا الفقراء، لا وجود للأيام ولا الزمن، لا وجود للجوع ولا الشبع. هناك في موطني الحبيب يكون الإنسان خفيف الظل وكأنك تنفخ في ريشة، سيصل مع الريح إلى أي مكان يبتغيه). لذي اللحية الحمراء أربع زوجات فاتنات، يقال بأن زوجاته لازلن حتى الآن عذراوات، لأنه يعتقد بأن المرأة الفاتنة زهرة يجب عدم المساس بها وألاّ تنجب أطفالاً أبداً وتدمى تلابيبها. كانت كلمات ذي اللحية الحمراء هذه تلين رغبات المراهقين، كالشمع والسمن. ومنذ لحظتئذ أذوب جسداً ورغبة بفعل تلك الكلمات واغدو بخاراً ومن ثم أعود إلى سيرتي الأولى. جراء تلك الكلمات اصبحت المرأة الفاتنة في نظري تمثالاً سحرياً، تمثال ترنو إليه دون ان ترتوي، تمثال لا ينبس ببنت شفة ولا يتحرك، دون أن ينقص أو يزيد. حين قام خليفة بزيارة منزلنا لأول مرة، شعر بسعادة غامرة لمشهد المنزل، وكان منزلنا متحفاً في حد ذاته، خاصة إنه كان يشبه منزل الصيادين القدماء، فكانت البنادق القديمة والخناجر الصدئة وجلود السلوقي المليئة تبناً معلقات، وكانت الجدران مزدانة بجلود الغزلان والأرانب البرية والضباع، حين كان المرء يعرج على منزلنا لأول وهلة، كان الفزع يتملكه لفترة، من جهة ينتابه الدهشة جراء المشاهد وتجحظ عيناه، ومن جهة اخرى يصاب بالدوار جراء روائح الجلود والفراء. اعتبر نفسك بأنك ستتجه الآن إلى منزلنا هذا، فبعد ان تفيق سيقع نظرك مباشرة على فرو أنثى الضبع معلقاً على ذلك الجدار المبني من البلوك الذي لم يتم تبيضه، ستشاهد خرزة زرقاء تم تثبيتها بالخيط في فتحة الفرو، فما عليك سوى ان تصغي، فتتناهى أصوات عويل وتأوهات وانين إلى أسماعك، ولو أصغيت جيداً فإنك ستسمع من بين تلك الأصوات صوتاً مبهماً كأنه صادر من اعماق نفق طويل (نحن نشبه بعضنا بعضاً أباً عن جد، بذاتينا وخطايانا، بحربنا وسلمنا، بحبنا وزعلنا نشبه بعضنا البعض، وإن كنا في عصر ما مختلفين من حيث الهيئة والمظهر، فإننا لا نختلف قيد شعرة في سلوكنا. نحن دوليٌ يبلغ عمرنا آلاف السنين). وحتى الآن يرن في اذني الصوت الصادر من أتون فرو الضبع هذا وحفظت حروفه وكلماته عن ظهر قلب. ومن ثم تصور، بأن (خليفة) ذي اللحية الحمراء قد قدم إلى منزلنا، واسعده المشهد وذلك الصوت، فالآن أنا ومشهد منزلنا والصوت الصادر من الفرو كنزٌ وقد اكتشفنا لتونا لنقع تحت تصرف ذي اللحية الحمراء حيث لن يستطيع من فرط السعادة لملمة شفتيه لأنه في هذا العمر الذي يزيد عن السبعين ليس لديه رفيق في مثل سنه، لهذا يرغب أن يعاشر الشباب، ولن يدركه الشيب ابداً وان لحيته النارية تشبه لحية شاب ما بعد سن الرشد، فالشاب الذي يزور منزله مرة واحدة سيدركه الخمول جراء أقواله، ويتبخر جسده ويعود ثانية إلى سيرته الأولى، إنه يرحب بالشباب بشكل لن يلقوا الترحيب مثله في مكان آخر. إن منزله عبارة عن متحف كمنزلنا، أعتبر نفسك تتجه الآن إلى منزله، ستجد كافة الغرف وجل الحيطان مغطاة بفراء الثعالب، حيث شدت العديد من فراء الثعالب ذات اللون الرمادي والمائل للأصفر والأحمر والرمادي إلى بعضها البعض مكونة بساطاً في الغرفة . حين يجلس المرء على فراء الثعالب هذه، يشعر بحرارة سحر ما وتتحرك في اعماقه سلوك وتصرفات ثعلبية من تلقاء نفسه. فالشاب الذي يتوجه لأول وهلة إلى تلك الغرفة المغطاة بفراء الثعالب ستتجدد رغبات جل عمره الدفينة هناك، لأن زوجات ذي اللحية الحمراء الأربع سيحطن به بكل ابخرة وعرق أجسادهن الأنثوية وثيابهن المزركشة، وهن يحملن في ايديهن أذيال الثعالب عوضاً عن المهفات وهن يهفنها بصمت وغنج ودلال ويتفرسن فيه بلحاظ سكرة دون الترحيب به . وقتما توجهت للوهلة الأولى إلى منزل ذي اللحية الحمراء وفي خضم محاصرة زوجاته الأربع الفاتنات كنت اتصبب عرقاً من شدة الاستحياء، كنت ادرك بأن تلك الزوجات أصبن بالغثيان في بيت مغطى بالثعالب، وهن يخسرن عمرهن سدى . كنت أدرك بأن هناك صياداً أختبأ في جمجمة رؤوسهن يتربص بسنهن وسن حديثات البلوغ، فكنت اتصبب عرق الخجل مراراً، لم اكن أعرف كيف اتنفس في خضم روائح فراء الثعالب وابخرة أجساد زوجات ذي اللحية الحمراء الأربع! أو كيف لي التصرف في دنيا من الجمال واللوحات الأزلية! في مكان غير مرئي من ذلك المنزل كان هناك خوفٌ يقضمني من أعماقي: (هذه الزوجات هن مقدسات خليفة ذي اللحية الحمراء، إنهن التماثيل المقدسة التي يجب ان تنحني لها إجلالاً، وحسب تعبيره إنهن زهور يجب الاَ يمسن، ألاَ يخلفن ذرية فاسدة وتدمى تلابيبهن . وحسب تعبيره فإن الذرية عدو المرء، عدو الجمال، مبعث المشاكل .. المشاكل) . كنت ارى في كل واحدة منهن كانت العيون لوحدها، وقمة الصدور لوحدها، والسواعد والزنود التي لم تحف زغبها لوحدها والشهقات الملأى حسرة لوحدها تطالب بالتعويض عن العمر الذي ذهب سدى ادراج الرياح. وهكذا وفي هذا الطقس السحري لم ادري بدوري كيف خرجت من منزل خليفة ذي اللحية الحمراء. وقتما وصلت إلى منزلنا، كانت روائح وابخرة أجساد زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء لا تزال لم تنقطع عن حاسة شمي، كنت اشعر بوجود الروائح نفسها ها هنا، وكانت المشاهد تشبه بعضها، وكان الفرق الوحيد هو شمشمة رائحة فراء الثعالب في منزل ذي اللحية الحمراء وشمشمة رائحة فراء الغزلان والأرانب البرية وانثى الضباع في منزلنا، ومنذئذ وكأن تغييراً قد حدث في نظام حاسة الشم لدي فقد كانت روائح منزل ذي اللحية الحمراء لا تكاد تنقطع عن حاسة شمي دوماً، أينما ذهبت كنت أتشممها، بل إن رائحة فراء الثعالب والأبخرة النسائية كانت تُشَمُّ من يدي وثيابي، لذا أينما حللتُ كانت تلك الرائحة تجذبني دون إرادتي. وفي المرة الثانية حين اتجهت إلى منزل ذي اللحية الحمراء، لم يكن ذهابي وفق رغبتي، بل جذبتني الروائح، فقد وجدت نفسي واقفاً عند عتبة منزل ذي اللحية الحمراء، طرقت الباب متردداً، وقد فتح ذي اللحية الحمراء الباب لي بمودة واردف قائلاً: (يار علي كنت متأكداً بأنك ستعود ثانية). ومع فتح الباب أسترقت لحيته الحمراء ماء ناظري ككتلة نار حمراء. تطلعت إلى لحيته النارية لبرهة وأنا فاغر فاهي. لكن يبدو أنه يفهم كل شيء ويدرك متى يكون المرء مضطرباً ومتى يكون طبيعياً، أمسك بي من ذراعي كأحد اقربائه وقادني إلى غرفة الضيوف. وهناك أستقبلنا من قبل مجموعة من الناس ولم يستقر بي المقام حتى أحاطت بيّ زوجات خليفة الأربع الفاتنات وهن يمسكن بأيديهن أذيال الثعالب وبدأن بتهفيفي. فأزداد إنزعاجي هذه المرة مما سبق، ففي هذه المرة كان يجلس هناك سبعة اشخاص آخرين، عدا الزوجات الأربع إضافة إلى خليفة ذي اللحية الحمراء نفسه. ومن خلال حصار الزوجات جلتُ بنظري إليهم بطرف عين، وكأنهم في غفلة من وجودي، كانوا مشغولين في أمورهم، فزادني المشهد إثارة، حيث أراني الشك نفسه الآن كشبح، كنت اظن بأن شركاً قد تم حبكه حولي وهو يزداد قوة بمضي الوقت ويلتف حول جسدي، لهذا كنت اعتقد بأنني بين فردوس وجحيم ما، فمن جهة كان عطر وشذى وابخرة زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات أسكرتني إلى درجة، كانت ذكوريتي تتجسد امامي، ومن جهة اخرى كان مشهد الأشخاص السبعة يلغي ذكوريتي وكنت أعتبر نفسي مخصياً بلا ذرية. كنت اتوقع إنه بعد هنيهة أو أخرى وفي اعقاب خطيئة ما سيرمى بيّ كآدم من الفردوس إلى أعماق الجحيم. كنت في توجساتي هذه حين تم وضع قدح من الشاي امام خليفة ذي اللحية الحمراء، فأرتشف نصف القدح من الشاي وقال بصوت رقيق ( فليكن نصف القدح من الشاي هذا ليار علي، لكي يتطهر من ادران الدنيا) وعقب قوله هذا وضع احد من الأشخاص الستة القدح المليء إلى نصفه شاياً امامي، ومن ثم لم يعد لهم اي شان بيّ، وكان ذي اللحية الحمراء مستمراً في حديثه دون توقف، كنت أنظر إليهم بطرف عين وكنت أتصبب عرق الخجل بين ابخرة أجساد الزوجات، حين افقتُ وجدتُ القدح المليء لنصفه شاياً قد وضع امامي، بيد غير راضية ناولت القدح المليء لنصفه شاياً وقربته من شفتيّ وفي تلك اللحظة كان الشك جلاداً وقد اخرج برأسه من خلال القدح المليء لنصفه شاياً، وكان الشرر يتطاير من عينيه، ذو لحية حمراء بارزة ككتلة من النار، وكان يماثل من حيث المظهر الخليفة ذي اللحية الحمراء، كنت اشعر بأنه يقول لي : (إذن أرتشفه، لن تدوم الذكورة لأحد، فالخصي طوال حياته ينتظر كل ذكر، فأحياناً يواجهه مبكراً، ويمكن أن يواجهه في نهاية العمر، إذن إغمض عينيك وارتشفه، وأدخل بدورك إلى حلقة الخليفة ذي اللحية الحمراء وطهر نفسك من الخطايا. إذن ماذا تنتظر! فكل الذين جاءوا قبلك إلى هنا لم يعاند أي منهم كما تعاند، فهم الآن مرتاحو البال والسكينة، هؤلاء ليسوا ذكوراً ولا إناثاً، إذن إغمض عينيك وأرتشفه). كنت قد أغمضت ناظري، ولم اكن قد وضعتُ شفتي على حافة القدح بعدُ، وفجأة شعرتُ بأحدهم يقف قبالتي في تلك الغرفة وهو يحمل كأساً من السموم يحيط به أناس مختلفون قلت له: (من أنت؟) قال (أنا سقراط، وهؤلاء الذين يحيطون بيّ، هم الجلادون، وأولئك هم وجهاء أثينا، وهؤلاء هم تلامذتي). كان هادئاً جداً إلى درجة وكأن ليس في ضيافته أحد. كنت اسمعهم يقولون: إذن سيدي قل شيئاً ولا ترتشف السم، وآخرون كانوا ينادون بصوت عالٍ ويقولون: لا تقل شيئاً وأرتشفه. كنت لا أزال مغمض العينين، شعرت بأن سقراط قد دنى مني كثيراً وهو يهمس في اذني (فكر في نفسك ولا شأن لك بيّ، إني أرتشف سم عصري وأنت ترتشف سم عصرك. وأعلم بأن لكل عصر سمه الخاص به والموت الخاص به. إضافة لذلك فلو أستغرق قبض روحي ساعة واحدة فقط فأن قبض روحك ستستغرق عصوراً طويلة، لأن جلادي عصري ليسوا من المهرة وقد تم إختيارهم من بين البلهاء الذين لا يفهمون معنى ربيع موتي، ولكن جلادي سمك هم من المهرة الذين يعرفون كيف يمحون الموت وأهمية الموت معاً. يا يار علي فكر قبل أن ترتشف القدح المليء لنصفه شاياً الذي تحمله. أتعرف لماذا أصر على موتي لكي أسكب ماءً وألاَ أُبطِّلَ سحر العقاب، ولكن سحر العقاب وتعبير الموت في عصرك بطُلَ منذ زمن بعيد ولن ينتج دروساً وعبر، لذا يستوجب أن تكون واعياً وتفكر، فكر يا يار علي فكر..). كنت مغمض العينين، وكنت أرى سقراط بكل أحاسيسي وهو يقف قبالتي ولم يكن قد ارتشف كأس السم بعد، ولم أكن اعرف هل إنه كان ينتظر إشارة الجلادين، أم إنه كان يريد أن أصدر قراري أنا، وددت أن أنتهز الفرصة قبل أن يرتشف السم واتعلم منه درساً في الخلود، أو على الاقل أن احكي له عن همومي، قلت له( أيها العظيم المغدور سقراط، كيف لي أن اموت موتتك، إن لموتك معنى كونياً، لكن دقق أنت في هذا، إن مادة الموت في عصرك هو السم لوحده، إذن فذلك هو السم يجب على المرء أن يتجنبه، أما في عصري، إضافة إلى السم الطبيعي، تجد جميع الاشياء مسمومة، فأنا الآن في أجواء مسمومة؛ فالمرء، والفكر، والسلوك، والجمال، وأفتن النساء، وأنبل الرجال مسمومون جميعاً، وحتى الجمل والكلمات والحروف في عصري مسمومة، فالقدح المليء لنصفه بالشاي الذي احمله أشك في أن تم تسميمه، لهذا تجدني لم اشرع في إرتشافه بعد، أخاف أن أرتشفه واغدو ثعلباً، وإن غدوت ثعلباً عندها علي الهرب دوماً وأكون بالمرصاد، حيث يتبعني الكلاب ما زلت حياً، ويجب علي سلوك المتعرجات والملتويات خوفاً من الكلاب دوماً، وعدم السير بملء إرادتي ورغبتي في الطرق المستقيمة، يا سقراط العظيم اخاف أن أرتشف القدح المليء لنصفه شاياً هذا وأغدو حصاناً مخصياً لن يستخدمونني ما حييت سوى لنقل الأحمال. أخاف .. أخاف، لأن كل شيء في عصري غدا جثة ذلك الضبع الذي حلِّلَ نصفه وحرِّم نصفه الآخر، لذا لا يؤكل أي منهما لأنهما مقززان ومنفران ..لا .. لا..!). فتحت ناظريّ قليلاً وأغمضتهما، كان سقراط لا يزال واقفاً قبالتي، وكان لايزال يحمل الكأس في يده، كنت في عجلة من امري، وقبل فوات الأوان، كان عليّ أن أحذره من الخطر المتوقع، أو على الأقل التعبير عن حزني ومواساتي، لأنني كنت اشعر بأننا نشترك في شيء واحد الا وهو الموت، وقد همست فيه بصوت غير مسموع قائلاً: (يا سقراط العظيم، إني أعرف إنك الآن مشغول البال بقضية موتك وليس لديك الوقت لسماع ثرثرتي هذه، ولكن أدرك بأن موتك سيفزع ألوف البلهاء أمثالي. إن قدومك في مثل هذه الساعة إلى هنا بالنسبة لي هو ذلك الدرس والعبرة من أن استفيق من نوم عميق . الآن أدركت أن الذين أرتشفوا نصف القدح من الشاي قبلي بين حصار زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات وشذى وابخرة أجسادهن الأنثوية، كانوا يعانون طوال حياتهم من آلام خصاهم، لأن الشاي المسموم ليس له أي أثر على الجسد والروح، لأنه يسير في جوف المرء حتى يستقر في الخصية، كظالم وعارف للغة يجعل الخصية ملاذه السرمدي، وهناك يقوم بإفناء كل الأحياء وكل رجال المستقبل رويداً رويداً، حتى يصبحون رواسب وعلقة خائضة، وهكذا تغدو الخصية خراباً محروقاً. يا سقراط العظيم إن الذين وعقب إرتشافهم نصف القدح من الشاي هذا لم يكونوا ليجرؤا رفع أنظارهم إزاء ذي اللحية الحمراء ولم يبق لديهم حاسة الشم ليشمشموا بها شذى وابخرة أجساد تلك الزوجات الفاتنات الطرية. أعتقد بأن هذا هو اللقاء الأخير بيننا والحديث الأخير الذي يجري بيننا، فإلى أمل اللقاء في عصر آخر وموت آخر) فتحت ناظريّ، كنت لا زلت احمل القدح المليء لنصفه شاياً في يدي، نظرت فلم اجد زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات هناك، ولا الضيوف الستة ولا الخليفة ذي اللحية الحمراء نفسه، فألتفت حولي مندهشاً فاغراً فاهي لبعض الوقت، لم اكد أعرف ما الخطب . كأنني كنت أحلم، فقد سارت الأحداث كالبرق وأنتهت، لا مشهد الموت البطولي لسقراط ولا زوجات خليفة الفاتنات ولا الضيوف ولا خليفة نفسه لم يكن لهم أثر يذكر، وقد سُكِبَ القدح المليء نصفه شاياً الذي كنت أحمله في يدي منذ أمد بعيد، الآن هناك في هذا المكان أذيال أربعة ثعالب مرمية على الأرض حولي، وقبالتي في مكان خليفة ذي اللحية الحمراء، كان هناك ثعلب كبير ذي لون يميل للإحمرار يجلس القرفصاء يهز ذيله ويتفرس فيّ بعينين عبوسين كتومين . عن مجلة (رآمان) الكوردية ، العدد(61) تشرين الثاني 2002 . = باقة نرجس على ضريحي = قصة: الدكتورة وهبية شوكت محمد ترجمة: مكرم رشيد الطالباني تُحدث الكثير من الوقائع، فلن نقوم بدراستها في حينها بصورة جيدة، غير أنه يتضح فيما بعد بأن تلك الواقعة غريبة، فلم تدرس وتمحص في حينها؟ كنت أدرس خارج الوطن وفي كل عام كنت أنا والطلبة الكورد نحتفل بعيد نوروز. وكنت دوماً أحصل على باقات النرجس واشم منها عبق نوروز بمنأى عن الكون ففي إحدى السنين كنت في إحدى المدن.. وكنا قد قررنا في تلك السنة تأجيل الإحتفال بعيد نوروز لمدة ثلاثة ايام . رغم إني كنت وحيدة فقد قررت الإحتفال بعيد نوروز في حينه.. لم احصل على النرجس في المدينة .. لكنني لم أيأس.. فقد انهيت أعمالي في ذلك اليوم مبكراً وتوجهت إلى مدينة اخرى تبعد عشرة كيلومترات وهناك حصلت على النرجس وأشتريته. نظمت باقة النرجس على مهل ووضعتها في مزهرية.. جلست أرتشف فنجان قهوة.. فذهبت بي عبق وعطر نوروز والنرجس بعيداً نحو ذكريات السنين الخوالي. رغم ان نرجس أوروبا زاهية وبديعة غير أنها لا تمنح عبق نرجس جبالنا ذي العبق الطيب الطري. على أية حال فورود النرجس هذه هي التي جعلتني أتذكر ذكريات أول سنة بعيداً عن وطني الحبيب والتي جعلتني أتذكر ذكريات أول سنة بعيداً عن وطني الحبيب والتي جعلتني احتفل لأول مرة وكانت لأول مرة ايضاً أحصل على باقة نرجس. وكان صاحب تلك الباقة من النرجس شاباً هادئاًٍ لطيفاً ذو مشاعر وأحاسيس طاهرة، يعشق الحياة .. بدر... دون شك ان الاسم هذا ليس إسماً كوردياً .. نعم كان بدر شاباً وكنت أتعرف عليه لأول مرة في مكتبة الجامعة. كنت أنا وبعض صديقاتي واقفات في الطابور الطويل ليأتي دورنا للحصول على الكتب.. كان الطابور طويلاً جداً وكنا نحن في مؤخرة الطابور عقب جميع الطلبة.. وكان في المقدمة شاب أسمر قصير القامة قليلاً خفيف الدم واقفاً مع شاب أفغاني كنت أعرفه فاتقترب مني من بعيد ضاحكاً وقال لي: ـ الأخت عربية طبعاً. أنا وقد استفزني هذا السؤال، اجبته قائلة: ـ لا.. طبعاً.. كوردية. فلم تتغير ملامح الشاب بهذا الجواب، فضحك ثانية وقال: لتكوني كوردية وليس عربية فإنني لا أرى اي إختلاف وليس مهماً لدي.. تفضلي وقفي في المقدمة سيأتي دوري مبكراً لكي لا تنتظري طويلاً. فندمت كثيراً على جوابي الذي أجبته غاضبة.. أجتذب إنتباهي شكل واسلوب كلامه وهدوئه ومن ثم أستلمنا سوية الكتب وغدونا اصحاباً، فغدونا أصدقاءاً من تلك اللحظة أنا وبدر.. رغم أنه كان كويتياً وكنت كوردية، لكنه كان شاباً وديعاً مؤدباً، وكان العديد من الطلبة يعتقدون بأننا شقيق وشقيقة من اب وام واحدة. كان إحتفالنا بنوروز في السنة الأولى بهيجاً.. فدعوت بدوري عدداً غفيراً من الطلبة الأجانب شباناً وشابات، لكن في الحقيقة كنت قد نسيت بدراً.. أو إنه لم يحضر من تلقاء نفسه. في صباح نوروز الباكر أستيقظت مبكراً وقمت بإيقاظ صديقتي ديمترا، وكانت فتاة يونانية، كانت في غرفتنا وكانت فتاة طيبة وصديقتي الحميمة، كنا نملك سماوراً كهربائياً صغيراً... في ذلك الصباح سخنت السماور.. فكنت وديمترا نتناول الفطور حين سمعنا طرقاً على الباب.. حين فتحت الباب وجدته بدراً وهو يحمل باقة ورد من النرجس الزاهي البديع واقفاً قبالة الباب، وحين رآني قدم لي باقة النرجس. أرتبكت.. وفرحت بها كثيراً ورحبت ببدر بحرارة.. في الحقيقة فقد أستلمت العديد من باقات الورد والنرجس من الأصدقاء والمعارف حتى اللحظة، لكنها جميعاً لم تكن كتلك الباقة من النرجس جميلة وإيذاء للقلب، فمن المحتمل لأنها كانت بسب إن بدراً لم يكن كوردياً.. أو لأنني كنت قد نسيت بدراً في عيد نوروز..؟ أو بسبب إنها كانت أول باقة ورد تقدم لي خارج الوطن؟ حين شاهدني بدر وديمترا أنفتحت اساريري بسبب باقة النرجس طلبا مني التحدث عن نوروز.. ومن ثم أردفت ديمترا قائلة: ـ في بلادنا لورد النرجس علاقة بأسطورة أغريقية قديمة. فأضطرت ديمترا بإلحاح مني ومن بدر أن تتحدث لنا عن تلك الأسطورة، قالت ديمترا: يقال بأن أحد آلهة الأغريق القديمة كان يكنى بـ(نرجس).. وكان هذا شاباً وسيماً جداً.. كان يسير مرة في الطريق.. صادف نهراً.. كان النهر صافياً رائقاً جداً.. فجلس ليغسل وجهه بماء النهر.. عندما شاهد نفسه في الماء، من تلك اللحظة بدأ يفكر في جمال نفسه، وغدا لايأكل ولا يشرب بل ينظر إلى نفسه حتى أدركه الهزال والضعف يوماً بعد يوم وشحب لونه، فتحاول جميع آلهة الأغريق الاخرى معالجته لكن دون جدوى، ومن ثم قررت الآلهة جميعاً أن تحول نرجس إلى وردة وغرسها في ضفاف الأنهار. لهذا نرى ورود النرجس جميلة وطرية وذات عبق فواح... فصمت بدر لحظة ومن ثم اقترب على مهل من باقة النرجس وشممها بعمق وقال : بالله عليكم لو مت أنا ضعوا باقة من النرجس على ضريحي. فقال ديمترا ضاحكة: ـ بدر إنك تعشق الحياة أكثر من اي شخص آخر.. إنك تعلقت بالحياة بامل وسؤدد ..ومن المحتمل الا تموت مبكراً حتى تشيخ.. ومن الممكن أن نموت نحن وتبقى أنت حياً ترزق . ورغم أن بدراً قال قولته هذا بهزل.. لكن لا اعرف لماذا كنت لا استسيغه جداً...فقلت بعد لحظات صمت: ـ يا بدر لو فارقت الحياة قبلي عهد عليّ أن احقق أمنيتك هذه. فتخرجنا أنا وبدر من الجامعة وعاد بدر إلى الكويت وذهبت بدوري إلى بلد أجنبي آخر.. وأنقطعت أخبارنا عن بعضنا البعض.. وبعد سنتين ارسل لي احد الأصدقاء رسالة أخبرني بأسف بأن بدراً قد غرق اثناء ما كان يسبح. نعم كان بدر قد أدرك بغريزته أنه سيترك الحياة مبكراً ويودع كل ما على الأرض ويتهرأ جماله تحت الثرى. ها إنني ودعت نوروز عشر مرات... وذبلت لدي عشر باقات من النرجس ورغماً عن انني بقيت على عهدي...ولكن أسفاً فمن أين آت بضريح بدر لأضع عليه باقة النرجس..فربما في يوم من الأيام يوصل الفلك القاسي طريقي إلى ضريح بدر لأعيد له باقة نرجسه. عن مجلة كاروان الكوردية العدد 24 أيلول 1984 = في مجلس عزائي = كنت أنقل خطواتي على الرصيف على مهل نحو مكتبة (العشاق) للسلام على جلّ تلك الكتب الملأى بالكلمات الجميلة، المليئة بدورها بسحر الجُمل، والمليئة بشروح وتفاسير أسرار القلوب. وكانت طيور الخيال المختلفة تزقزق في أعشاش ذاكرتي، وقد أثقلتْ في الحقيقة كاهل رأسي، لذا كانت رقبتي تعاني من آلام حمل رأسي كثيراُ. وكان قُبج كتابة القصة الطائر الوحيد الذي كان لا يغرد بين تلك الأسراب من الطيور. وحين وصلت في تجوالي إلى مفترق (دقات القلب) كان يجب عليّ العبور إلى الرصيف الثاني. وفي منتصف الشارع وقع نظري على لافتة سوداء اللون كانت قد علقتْ على جدار القلعة. ومع نقل خطواتي نحو الرصيف المقابل رأيت وقد دون فيها: ( إنا لله وإنا إليه راجعون ببالغ الحزن والأسى نعلن نبأ وفاة حبيب الله (حكيم ملا صالح) الذي وافاه الأجل إثر مرض العشق العضال يوم الورداء المصادف للثالث ربيع، الشهر السابع بنفسج، العام ألفين ترنيمة، حاملاً متاعه إلى جنان الخلد. تقام الفاتحة على روحه في جامع (عشقستان). حين رأيت هذا لَحِق قبج القصة ببقية الطيور وبدأ بالتغريد. وفي مهد ذاكرتي بدأ طفل قصةٍ يرغو. وكان هناك سحرٌ ما يترجم كلمات الرضيع ويقول : ـ أستعجل..قم وأكتبني..بالله عليك قم بكتابتي كي أخرج من هذا المعتقل..فقد أدركتني الرهبة. وبعد أن داهمني حزن وأسى عميقين توجهت نحو الجامع وشاطرتني في ذهابي ملاك القصة (آه أيها التعس..يامن لم تسعد في دنياك هذه.. ولم تمد يدك إلى وردةٍ ما لم تنغرس خمسة أشواك في رؤوس أناملك.. لم أر قط غيوم الحظ يوماُ ترسل زخاتها على حقول حياتك.. أيها المسكين، كنت مغرماُ بكل الخديجات غير إنهن لم ينظرن إليك يوماُ وكأنك (سيامند)، بل كنّ يدعونك (حكة)(6) المجنون ،(حكة) القبيح ،(حكة) المنكود. كم من مرة أخبرتك ألاّ تسلك ذلك الطريق بكل إشتياق، ولا تسبب لنفسك الذل والخذلان، غير إنك لم تصغ إليّ حتى أدى بك إلى التهلكة والخسران. وعند ردك على ماكنت أقوله لك كل مرّة، كانت الإبتسامة ترتسم على شفتيك وكنت تقول:( الحياة من دون عشق لاتساوي شيئاُ، هذه الخرابة التي سميت الدنيا سوف تًعَمَّر بشعاع شمس العشق فقط، وإلاّ فإنها تشبه غابة ملأى وحوشاُ، فلولا وجود حنين العشق فيها فإنها ستغدو أكثرعفونة وأكثر قذارة من المزابل. لذا لن أرضى أن تناقشني بعد الآن حول هذه الطريقة الطاهرة) . حين وصولي عتبة الجامع رأيت حكمياً واقفاُ عند الباب، وهو يقوم بفحص قلب كل من يروم الدخول، فمن لم يكن قلبه عامراُ بالوجدان والعاطفة والحنان لم يكن ليسمح له أن يجتاز العتبة . فحص أحدهم قبل أن يأتي دوري قائلاُ له : ـ يجب عليك ألاّ تدخل. قال: لماذا؟ رد قائلاُ: لأن قلبك أصابه السواد ونخره التعفن، وهو مليءٌ بالرياء والكذب والنفاق والخدع السياسية. أنت وزملاؤك لا وجود لذرة من حب الله والشعب والوطن في قلوبكم، إنكم تقومون بدرس أشواك الأنانية، إنكم مارستم خدعاً ومكراً كثيراً، وأصبحت قلوبكم صواناً. لا أسمح أبداً لأي منكم بدخول (عشقستان) هذه. تراجع.. تراجع وتواري عن ناظري قبل أن أشوه وجهك بهذا المبضع. وكنت بدوري غير آبه لفحوصات الحكيم، كنت أدرك ما زرعته وما غرسته من بذور. حين وقفت أمامه لم يساورني أي شك أو خوف إزاء نفسي، لأن قلبي لم يكن مليئاً بكل ذلك فحسب بل أصبح بحد ذاته عاصمة للوجدان، وكان أمير العاطفة يمارس فيه الحكم وكانت ملكة الحنان تبث منها رسائل وبرامج العشق. فحصني الحكيم قائلاً: ـ إن دقات قلبك سريعة جداً حتى يكاد قلبك أن يخترق صدرك .إنه يستعر عشقاً. قلت :نعم أعرف ذلك..هلاّ تراني إن كل كياني يرتجف. إني لست ممن يرتجفون، ولست أعاني برداً ، ولست أعاني من الحمّى، ولا يمتلكني الخوف، بل إنها دقات قلبي التي تهز كياني وكل جسدي، وإن شجرة جسدي تهتز بصبا فؤادي المليء عشقاً. أيها الحكيم العزيز إن قلبي ليس كقلوب الكوادر الأغبياء، إن فؤادي لوحة تم رسمها بدماء العشق. تفتح ثغر الحكيم عن نسيم ابتسامة، ليضع على مهل باقة النرجس التي كان يحملها، في مزهرية كتفي وبدأ يقول: ـ تفضل.. تفضل..عزيزي تقدم وأقعد في صدر المجلس.. أمام المحراب.. أطلب منك أن تصلي بعد قراءة سورة الفاتحة ركعتي صلاة العشق بصوت جهوري.. كي أصغي من هنا إلى صدى آياتك، أنا عاشق أيضاً. إن أعماق نفسي مزدانة بأزاهير العشق والرب والشمس والتراب، إني أعشق الأنغام والنجوى والدلال أيضاً، أعاني من جراء الحياة والآلام والمصائب، أعشق كل شيء يشرق جمالاً، ذلك الجمال الذي يفتديه عارفو الرب والشعب والوطن. بهت سيماء الحكيم وبدأت شفتاه ترتجفان عند التفوه بتلك الكلمات، وكذلك أنا. فقد سرت في جسدينا الجذبة. أدت الجذبة إلى فورة شلال دمانا . كانت الجذبة قوية بحيث كنا نصرخ بذكر خفي ملء الكون يا شيخنا الحلاج مدد، يا شيخ خاني أنجدنا، ياحضرة لوركا، تعالوا وأنجدوا هؤلاء الناس، تعالوا..لتجعلوا تلك القلوب التي نخرتها السواد بفعل الخداع والتزوير والخدع السياسية والأنانية وأصبحت حجراً أسوداً، أجعلوها رقيقة .. رقيقة حتى تذوب كالجليد تحت أقدام السالكين المخلصين.. رقيقة كفتاة الندى حين تضربها أشعة الشمس تفديها بروحها. أقدموا وقولوا للحبيبات ذوات القلوب الجامدة العفنة وعديمات الشعور والأحاسيس: إذن كيف لي أنا التعس ألاّ أبكي حين تجرح خاطري مائة مرة لم لا ينسكب الراح والكأس مثلوم مائة ثلمة عانقنا أنا والحكيم بعضنا بعضاً ووضعنا رأسينا فوق كتف بعضنا البعض وبكينا، بكاءً حاراً ندياً .وذرفنا من أصداف العيون دموعاً غزيرة حتى أصبحت عتبة جامع (عشقستان) معارض للحُلي والمجوهرات، وكنا قد ذبنا في بوتقة الجذبة تلك حتى غدا العالم وما فيه نوراً، نور العبادة الحقة، نور حب الشعب حباً طاهراً. غبنا عن الوعي، وحلقنا بروحينا نحو العرش الأعلى، وهناك عند مقر الباري كنا ندعو إلى استصدار قرار بعقاب الذين كانت مياه قلوبهم وألسنتهم لا تصب في مجرى واحد. هؤلاء الذين لم تكن دماء العشق لتسري في أجسادهم وقد أصبحوا خرّاغات للخضرة ، هؤلاء الذين كانوا يضحون بكل (إسماعيل) من أجل عشقٍ مزيفٍ. ومع حالتنا هذه كانت رياح سموم الوقت تذوي خضرة اليوم الأول للعزاء. وكنا لا ندري بتلك الاسرار والأحداث وأصبح الزمن عندنا صفراً. وكنا فقط يتناهى إلى أسماعنا، حين كان حرف (العين) يقول لنا (الرب في الأعالي). والياء يصرخ (كونوا أحبة). وحرف الشين ينادي (أعشقوا الوطن) . وحرف القاف ينادي (أفدوا بأنفسكم الشعب). كان منجل تلك الحروف الأربعة يحصد حقلَ حنطةِ وَعينا، إن قطع الوعي عن هذه الدنيا الخاوية له مذاق خاص، الدنيا خرابة.. خرابة، إنها تصلح لأن تأتي سفينة نورٍ وتختار الصالحين فيها وتذهب بهم كالنبي عيسى لتدور وتحلق بهم في الفضاء الفسيحة، ليسبحوا هناك مع النجوم في مدارات الكون، كنا لا نشعر بما يجري حولنا، حيث ظهر بأن الذين اتوا وهؤلاء الذين انهوا مراسيم العزاء فد خرجوا جميعاً ليتجمعوا حولي وحول الحكيم في حلقة دائرية، وكنا لا نزال ننثر الدرر والجواهر فيجمعونها بدورهم. كانوا يستغربون من هل إن نثر كل هذه الدرر والجواهر ليس من معجزات قيام الساعة. وكان هناك حكيماً بينهم أتى وبدأ يصغي إلى دقات قلبينا .وحينما علم بأننا كنا نردد(فليعش العشق الحقيقي ، ولترفرف راية العشق) . حينها أفشى بالسرّ لكل من كانوا يتحلقن حولنا. وكانوا بدورهم وفي سبيل الحصول على المزيد من اللآليء بدأوا بترديد هاتين الجملتين لمرّات عديدة، وبصوت عالٍ. وحين سمعتُ والحكيم تلك الأصوات الصارخة حتى عنان السماء: (يا خالق العشق أنجدنا ..يا رائد العشاق أنجدنا ..يا ولي الدراويش أنجدنا بكرمك) . ومن ثم أتخذنا والناس أجمعين من كلمة العشق شعاراً لنا وبدأنا بترديدها ونحن نتفرّق نحو المدينة. وفي تلك الليلة وحتى إقتراب توهج عيون الفجر إنتشرت كلمة العشق في جميع أرجاء المدينة، وغدت المدينة بأكملها ساحة للعشق (عشقستان). وأُشعلت نيران العشق فوق أعلى موقع للقلعة، لتنير ظلام الليل. وليلتها ودون أن يدركنا التعب، ودون أن نتوجس خيفة من رجال الجندرمة الذين لا يعرفون القانون، تجولنا في جميع الشوارع والأزقة وأحرقنا تلك الدكاكين التي كانت تروج للخداع، وتبيع الرياء بأبخس الأثمان. وتلك التي كانت تمنح الأنانية للناس بثمن بخس. وهكذا قمنا بتطهير المدينة وعند الفجر أخذتنا غفوة في أحضان فتاة استراحة ما كي ندير مجلس العزاء في اليوم التالي بكل فخر وإعتزاز. اليوم الثاني كنت أول من أستيقظت من النوم فأتجهت إلى الجامع، كنت قد أعدت الحلم الذي كنت قد رأيته في منامي إلى مرأى ناظري (رأيت نهراً فضياً، يتصارع مع ضفتيه، كانت أمواجه تتماوج وتتصارع كحركة أقدام البراق، حين كانت كـ(ذوالفقار) تضرب هذه الضفة أو تلك، كانت تصدر لحناً، لحناً سحرياً ربانياً، يحول الكبد والنفس إلى جبل (طور) كان لحناً عذباً سرمدياً إلى حد ملأ كياني دغدغاتٍ وآمالاً وإبتسامات ،.فأمتلكتني الدهشة، وبدأت أتساءل يا إلهي ماذا يمكن أن يكون هذا الصوت الملائكي؟ في بلادنا أنهارٌ كثيرةٌ وكنت قد زرت جميعها كل أربعاء الورد، فلماذا إذن لم أسمع هذا اللحن السحري منها؟ كان النهر يردد اللحن وكنت بدوري أرد الجواب : ( إلهي لست للفردوس أهلاً ولا أقوى على نار الجحيم فهب لي ذلتي وأغفر ذنوبي فإنك غافر الذنب العظيم ). وفجأة رأيت في أعلى النهر (حكيم)اً قد أقبل وهو يمتطي صهوة قارب صغير يتسع له ولكشكوله فقط. رأيت الأمواج واحدة فأخرى كسجادة حريرية تقف صامتة لمقدمه. رأيت النهر وقد كف عن تقاذف الأمواج ورأيت كافة الطيور المغردة ذات الأصوات الشجية وقد وقفت صفاً واحداً على الضفتين وبدأت بملأ أصواتها تردد له الاغاني ورأيت الأشجار في الضفتين تدنوا بأغصانها لتمنحه ظلالها. حين أقترب أخذ يناديني : ـ تعال عزيزي حكيم، تعال وأمتطي القارب بدورك. إن هذا هو نهر العشق وأن كل من كان يعشق الباري والشمس والتراب بحق يستطيع بيسر السير فوقه حتى النهاية . قلت : ـ : عزيزي حكيم أين هي النهاية ؟ قال : ـ بلاد العشق (عشقستان).. منبع الحب والعطف والحنان والحقيقة والوجدان وجلّ الأخلاق الطيبة ، الأخلاق الجميلة. حيث لاوجود هناك للكذب والنفاق والزيف والرياء والأنانية. حيث تسكرك خمر البراءة، ولن يلدغك عقارب الخطيئة ولا أفاعي الجريمة. قلت :ـ أرغب في المجيء، ولكن لن يسعني المكان. قال : سأحملك فوق كتفي، تعال وتخلص من هذه الدنيا مرتع الإستعلام والخوف ومبعث الملل.. دعك من هذه الخربة مرتع القوادين والفضلات والمزابل، ماذا تفعل بين هؤلاء الافاقين المشعوذين؟ كدت أطير فرحاً، لم تكد قدماي يتلمسان الأرض، كانت عيناي تذرفان دموع الفرح مدراراً، حلقت في الفضاء لأحط على كتفه. وصلت عتبة باب (عشقستان). إستقبلني الحكيم بمزيد من الترحيب والتقدير حتى غدوت تبراً. وصافحنا بحرار. أرتفعت شعاع ناظرينا نحو قمة المنارة. كان الناس ينظرون إلينا كيف لنا ونحن نتحدث مع بعضنا بلغة النظرات . ـ أخي العزيز لم يغمض لي جفن الليلة البارحة . ـ لماذا.. لماذا عزيزي الحكيم ؟ كم من مرة كنت أغمض فيها عيني وفي كل مرة كان حبيب الله يأتيني في منامي في هيئة مغايرة ليأخذ الغفوة من ناظري. مرة رأيته وقد أمتطى صهوة حصان العاصفة ليحلق نحو عنان السماء. ومرة أخرى كنت أراه وقد أصبح رائداً لجمع من الحواري وهن ينهمكن في غرس السيوف في جوف عفريت ذي سبعة رؤوس. ومرة أخرى رأيته يرتدي ثياباً خضراء كاملة وهو يقترب من رأسي ليهمس في أذني : ـ إن الشيطان يوشك أن يدخل قلبك..أطرده . ـ قلت كيف؟ قال برائحة خمر (ألست) . وهكذا كنت أراه في هيئة مغايرة حتى أطفأ نبراس إستراحتي كاملاً. مسدت رأسه فعرفت بأن سهام العشق قد أصابته، ولكن ليس بشكل يمتعه حتى درجة الفناء، لذا نفخت في فمه وقلت له: ـ حكيمي العزيز من أجل أن تصل إلى هدفك عليك بأرتشاف الخمر ليل نهار، أسكر..أسكر ثم أسكر حتى يغدو قلبك منبعاً للحق، عندئذ ستعرف مقدار الرغد في كلتا وجهي هذه الدنيا. إحتضنني الحكيم بحرارة وعصرني بشدة. كنت أشعر بأن عسل المحبة يتدفق رويداً رويداً من عملية العصر هذه. أردف قائلاً: ـ عزيزي أذكر لي عنوانك كي نمضي بعض الوقت سوياً كل يوم . قلت: ـ أكتب : حلبجة، مقبرة (كولان)، قاطع (القلوب)، الرقم (زهرة الليلك). فنقشه بأظافره فوق صدره، ومن ثم بسط لي كلتا يديه مرحباً بي للدخول. ومن عتبة الباب نظرت إلى الجمع الغفير، كي أتأكد من عدم تسلل دخيل، كذاب، فاسق، أناني، مرائي إلى صفوفهم دون علم الحكيم، فإن كان من بينهم مثل هؤلاء كي أقوم بفضحه، كي أرجمه بصقاً، كي أقول له إن لم تطهر نفسك من كل أوزارك لايجوز لك التوجه إلى هنا. إن عشقستان مرتع الطاهرين، مرتع هؤلاء الذين أستقر نور الرب في أعماقهم، الذين وضعوا مصلحتهم الخاصة جانباً وهم يناضلون بحق وصدق من أجل الشعب والوطن . ومن حسن الحظ لم أرَ أي أخطبوط مثل هؤلاء، لذا فقد ذهبت وجلست متقرفصاً على ركبتي قبالة المحراب بوقار، وكنت أعدد أسماء العشاق بحبات مسبحتي مثلما أعتدت على ذلك دوماً. ولحظة إنهاء الأسماء أشغل الملا (مبارك) السماعة وفتح سفره العتيق وبدأ بتلاوة بعض مقاطعه بصوت حزين : ( ـ أيها الشعب طهّروا قلوبكم * توجهوا إلى مرتع العشق * وذوبوا في اتون العشق * أنصحوا الناس كي يبتعدوا عن الضلال * أءتوا بالماء من سفر السراب * إرووا به ورود الحقيقة * أبحثوا عن الطهر * كونوا مرشدين للإحسان دوماً * كونوا ترابيين مهما إستطعتم إلى ذلك سبيلاً * كونوا ذو نشاط دائم * ألا يملأ الشيطان نفوسكم بالخداع والأكاذيب والتلفيق * إن ذلك المنافق اللعين * عدو لدود للدين * عائق في طريق العشق * يضرم النار في حدائق العشق * ويزرع أشواك الحقد والكراهية * ويغرق حقول الحق * أيها الناس إن كنتم عشاقاً * تعشقون هيفاء الحبيبة * عليكم كالعشاق القدامى * السير في هذا الصراط المستقيم). حين كفّت حمامة الملا (مبارك) عن المناجاة ، بدأ الصمت يخيم بمظلته علينا، صمت مليء بالجلبة، لأننا كنا نتكلم جميعاً دون همس. وكان موضوعنا موضوع تطهير البلد وزرع أشجار العفّة في جميع الشوارع والأزقة والمنازل. وتغيير جميع بحيرات الكذب بماء الزمزم .والقضاء على جميع مروجي التلفيق الجربة. والقضاء على أكدار النفاق وزرع بذور التوحد ذي اللون الواحد عوضاً عنها. وتوزيع عطر ورود فُرُش جامع عشقستان وتزيين جدران المدن والقرى باللوحات المرسومة على سجاجيد الصلاة. وإنارة الزوايا المظلمة بنور مسبحة فاطمة ملا عزيز بريس. وزرع المرايا في أزقة القنوط الضيقة بجلوة (لا تقنطوا)، وتشييد ضريح الملا (الجزيري) بشعاع (وحدة الوجود) وإذابة جليد الجرم بضياء إحدى قصائد (محوي) الغزلية وإعادة الحياة إلى مواقد القلوب بنظرة (عنبر خاتون). صمتنا المليء جلبة أوصلت حِملَ الوقت إلى المحطة الأخيرة. أقبل العشاق واحداً تلو الآخر ليقدموا لي مواساتهم. وقد أخرجتُ بدوري من كشكولي وردةً لكل منهم وقدمتها هديةً لهم، تلك الورود اللاهوتية التي كنت قد أتيت بها من إحدى سفراتي إلى النعيم . إشارات <nowiki>*</nowiki> الورداء: على وزن الثلاثاء والأربعاء ….يعمد القاص إلى إطلاق صفة خاصة لليوم والشهر والسنة. <nowiki>*</nowiki> حكه: تصغير إسم (حكيم). <nowiki>*</nowiki> الحكيم: الطبيب . <nowiki>*</nowiki> الحروف : ع ي ش ق يعني العشق . <nowiki>*</nowiki> فاطمة: والدة المؤلف وكانت من النساء الصوفيات. <nowiki>*</nowiki> الجزيري : شاعر كوردي كلاسيكي صوفي. <nowiki>*</nowiki> محوي : شاعر كوردي من فطاحل الشعراء . <nowiki>*</nowiki> عنبر خاتون : زوجة الشاعر الكوردي عبد الرحيم مولوي. عن مجلة (كاروان ) الكوردية، العدد (172)، نيسان 2003. = خرافات نظارة جدّي = الكاتب يوسف عز الدين ترجمة مكرم طالباني (لم أكن أرغب في تذكر شيء من ذلك الحلم.. الذي لم أكن واثقاً متى وكيف كنتُ قد رأيته؟! ولكن الشيء الذي كان واضحاً لديّ، هو تحطم نظارة جدّي في منتصف الحلم.. وما كنت لأدرك لم كان يجب أن تتحطم نظارته في منتصف الحلم! أو لماذا كنت اتذكر هذا المشهد بعينه دون غيره وتختفي لديّ بداية ونهاية الحلم). أخبرني جدّي قبل رحيله: (يا بني الشيء الوحيد الذي سأرثك إياه ويجب عليك أن تعدني بالمحافظة عليه هو هذه النظارة... أحذر حين ترتديها يجب الاّ ترفعها إلاّ عندما تخلد للنوم... إن تاريخ هذه النظارة قديمٌ، لقد حصلت عليها بنفسي من احد الرحالة، الذي قبل أن يغادر هذه البلاد ويعود عن طريق البحر إلى بلاده، دعاني في مساء ماطر، واخبرني بكل بساطة: أرغب في أن أترك لديك تذكاراً، الذي يجب عليك عدم الإفراط به والمحافظة عليه بمرور الأيام). وبعد ان انهى حديثه، سال من فم جدّي زبد بيضاء اللون ليغمر البطانيات والألبدة وأفرشة الغرفة بأسرها من هذا الزبد الأبيض.. والذي كان يتزايد دون إنقطاع وقبل أن يصل إلى مستوى يده اليمنى التي كان يمسك بها نظارته، أخرجها بحذر شديد.. وكأنه غير راضٍ من ان يمنحني ميراثه الوحيد في آخر لحظة.. يبدو أنه تراجع عن وعده.. والغريب في الأمر هو انه ما كان ليرغب في التخلي عن تلك النظارة حتى وهو ميتٌ، والتي كانت دون شك تخفي وراءها سرّاً أو طلسماً ما!؟ وبمساعدة من رجال الحي الأغيار، واريت جدي الثرى حسب وصيته في منطقة منعزلة وعرة.. وبعد إنقضاء عدة اسابيع أخرجتُ النظارة من الصندوق الخشبي المزدان بالياقوت والأصداف والخرز والؤلؤ بأنواعها.. حدقت النظر إليها فوجدتها وقد تغير لونها.. وكان يبدو بأن هذا هو أحد اسرار تلك النظارة، وكانت صورة جدي لا تزال تشاهد في عدستيها.. فأمعنت فيها النظر بدقة، كانت عينا جدي السوداوين ينظران إليّ خلف العدستين... فوضعتها في مكانها على عجل ووضعت الصندوق في النافذة التي تم وضع الكتاب المقدس فوقها.. والذي كان جدي يقول عنه دوماً: يا بنيّ إن الرب يروي تاريخنا في هذا الكتاب... سيأتي زمانٌ، يتطلب منك العودة إليه، ولكن يجب عليك ألاّ تسمح لأي كائن كان بتصفحه. ومن ثم فإن كل هؤلاء الذين كانوا على معرفة بجديّ عن قرب، رووا لي حكاية تلك النظارة بأساليب مختلفة، وكان معظمهم يعتقد، بانه في تلك الفترة التي كان جدّي يدرس فيها في الكلية الحربية باسطنبول، أهداها إليه رجل يهودي، كان صديقاً لجدي في تلك الفترة وكان يحبه حباً جماً.. والشخص الوحيد الذي كان له رأي مخالف كانت عجوزاً ساحرة، التي كانت تزور جدي بإستمرار وكان بينهما الكثير من الااسرار والخفايا... حيث أخبرتني: يا بني إن هذا في غير حاجة لأي تردد، إن هذه النظارة هي نظارة (الميجر سون).. والتي لا أعرف متى وكيف تمت سرقتها ووصلت إلى أيدي جدك... أو فليسامحني الرب، كما يقولون بأن جدك سلبها من السارق قسراً، وهناك إحتمال بأنه كان قد اشتراها منه... واعرف كذلك بأن للنظارة خفايا وأسرارها الخاصة بها، والتي لايمكن لي أن أخبرك عنها شيئاً، ،. لهذا فأياًّ كان تاريخ وحكاية النظارة.. فقد أصبح بالنسبة لي دافعاً للسأم والقلق، لأنه كان عليّ أن احافظ عليها بإستمرار وأن ارتديها بإستمرار حسب ما أوصاني به جديّ، غير إنني لم اكن لأجرؤ على إرتدائها حتى ذلك الوقت!؟! ولأجل الاّ أحيد عن وصيته.. راجعت الطبيب وقمت بفحص النظر.. والذي لم اكن حتى ذلك الوقت لأرى أي نقص في نظري ولم اكن لأعرف كيف أجعل الطبيب يوافق على تشخيص عدسة ذات درجة دنيا لأجل إرتداء نظارة جدّي، ولكن بعد أن فحص نظري وقام بمعاينته بدقة... وبعد ان قام بفحص عدسة النظارة.. أخبرني دون تردد: تنسجم هذه العدسات مع نظرك وان درجة نظرك لم تتغير، ، فأخبرته بقلق متزايد: ,, دكتور هذه النظارة تعود لجدي وهي تصلح لنظره هو فقط، ،. فأجابني: أخي إنني لن امزح معك.. إن عدستها تنسجم تماماً مع درجة نظرك.. ولن تحتاج إلى أي تغيير، ،. في ذلك المساء الذي كنت قد تركت العيادة فيه، كانت الأجواء مغبرة.. بحيث كانت الأسواق والمحلات التجارية قد أغلقت.. وكنت ترى بين حين وآخر أحد المارة وهو يمر مسرعاً.. يحتمل أن تاريخ هذه المدينة لم يشهد هطول غبار كهذا.. والأغرب من ذلك هو إزدياد أعداد ال?لاب في المدينة. فكان يشاهد أزواجاً أو ثلاثاً ثلاثاً منها عند مخابيء البيوت والدكاكين والدور الخربة.. إضافة إلى كونها كانت تطارد بعضها البعض بين حين وآخر لبعض الوقت في شوارع المدينة.. ومن ثم تجالس كلباً أغبر مع كلبة بيضاء.. وسط إحدى الساحات! أنتظرت كثيراً فلم يكن الكلب ليتخلى عن الكلبة ويتركها.. فرميتهما بكسرة حجر وهتفت إستهزاءاً منهما، وحدث أن تقابل مؤخرة الكلب مع مؤخرة الكلبة دون أن يستطيعا الإنفصال عن بعضهما.. وكان منظرهما غريباً جداً، لم اره من قبل.. لم أكن لأعرف بان تجانس الكلاب هو بهذا الشكل!؟ ومن ثم أسترق قلبي فتركتهما.. وكنت قلقاً حول إرتداء النظارة، لأنني لم ادرك كنه خفاياها وأسرارها ولم أكن لأعرف ماذا سيحدث، إضافة إلى أنني كنت أتوجس خيفة عقب إرتداءها بأن ترتطم بالأرض في زحام ما وتنشطر من وسطها إلى نصفين وتتهشم، خاصة وأنني كنت مولعاً بحضور المهرجانات والمناسبات والإحتفالات والمراسيم.. لدافع لم اكن لأستطيع تحديده بدقة أو أدرك كنهه؟ من المحتمل أن يكون سبب ذلك هو أنه في إحدى المناسبات تلك جلست بجنبي فتاة سمراء سوداء العينين وكانت تلتصق بي أكثر رويداً رويداً ومن ثم قالت لي أخيراً: منذ مدة طويلة وأنا أراقبك وقد احببتك منذ زمن بعيد، ، حين دققت النظر فيها تذكرت مشاهد لوحات (غوغان).. كنت أشعر بإمتلاء جسدها ودفء حضنها.. كانت تتحدث قليلاً، ولكن حينما كانت تفتح ثغرها، كان هناك إعوجاج طفيف في أسنانها.. الذي أصبح سبباً من اسباب جمالها الأخاذ كنت أحب فيها أكثر مصمصة شفتيها وكان هذا يثير فيّ رغبة جنسية غريبة جداً.. كنت اتخيل بأنني أحد الرحالة والمكتشفين القدماء وقد أكتشفت جزيرة مسحورة، مليئة عن آخرها باشجار الموز وأنا والفتاة هذه، التي كنت اناديها لوحدي ودون أن اسألها عن اسمها، بـ (تلار).. كنا متمددين سوية في أرجوحة شبكية معلقة بين شجرتين، تحت افياء الأشجار.. وكانت حين تريد التعبير عن شيء دون أن تستطيع ذلك، كانت ببغاوات تلك الجزيرة تعبر بكلمات متقطعة عن رغبات وميول (تلار) وكنت أنتظر دوماً، أن تمتلأ عيناها دموعاً وتجهش بالبكاء.. دونما أدنى سبب يحتمل أن يكون ذلك البكاء من مخلفات ذلك الوقت الذي سقطت فيه من ظهر حصان ابيض والذي أحدث في ساقها اليمنى جرحاً غائراً.. ولكن حين كنت تمعن انظر فيه كان أقرب منه إلى آثار الحرق! رأيت تلك الفتاة في مناسبتين ومراسيمين ليس إلاّ، والتي كنت أطلق عليها لوحدي اسم (تلار).. ومن ثم لم أجد لها اثراً.. ولهذا كنت احضر جميع إحتفالات ومناسبات ومراسيم وكذلك جميع أمور مدينتي المختلفة، ولهذا كنت قد تعرفت عن بعد على جميع أولئك الشخصيات الذين كانوا يقومون في المناسبات والإحتفالات والمراسيم المختلفة بإستمرار وكانوا يقدمون الكلمات والأحاديث والنكات المتنوعة.. وكانت قد اعجبتني شخصية الرجل المهرج والذي كان يحضر دوماً بملابس وأساليب متنوعة.. وكان يقوم في بداية المناسبات والمراسيم ليقرأ كلمة طويلة ومن ثم كان يقهقه ضاحكاً حتى يتحول وجهه إلى صفين من الأسنان البيضاء الكبيرة.. التي كانت تدخل الرعب في نفوس الحاضرين ومن ثم كان لابد لنا التصفيق له وكل من كان ينسى التصفيق في تلك اللحظة.. أو كان يصفق على مهل.. فبعد إنتهاء المناسبة أو المراسيم.. كان يحضر رجال ملثمين ليلاً ليأخذوه من داره.. ولم يكن ليجد أحدُ لبعض هؤلاء بعد ذلك من أثر والذين كانوا يعودون كانوا يحجمون عن قول شيء ويخفون أسرار فقدان هؤلاء ومن ثم كانوا يجلسون في الصفوف الأولى دوماً في المناسبات والمراسيم والإحتفالات وهم يصفقون بلا إنقطاع وكان البعض منهم يهتفون وكان المسنون منهم يتعلمون الرقص!؟ كان قد مضى عام على وفاة جدي، ولم اكن قد ارتديت النظارة بعدُ.. لم اكن لأرغب في وضع نفسي تحت رحمة وأسرار وخفايا شيء مجهول مخبوء في النظارة، كنت أرغب بإستمرار الهروب من الأوهام والخرافات التي كان جدي قد قام بسردها لي وللناس الآخرين، الذين كانوا يقومون بسردها لي بأساليب مختلفة.. ولكن لم يمض طويل وقت حتى قامت العجوز الساحرة بتغيير برنامج حياتي وجعلت مني ومن النظارة توأم بعضنا البعض.. وفي وقت متأخر من إحدى الليالي جاءتني وهي ترتدي ثوباً وردياً وقد حنت يديها وقدميها، وكانت نهداها المغضنان عاريتين حتى نصفيهما وقد صبغت شفتيها باللون الوردي.. وكانت أسنانها قد أسودت بعض الشيء.. وكانت قد صبغت موضع شامة على خدها بالاسود وكحلت عينيها الزرقاوين، أزاحت بوشاحها الأبيض وبدأت تسرد لي بهدوء حلماً ما، كانت تدعي بأنه كان يتكرر لثلاثة ليالٍ متتالية، وكان الحلم غريباً ومتنوعاً ولا رابط بين احداثها، وكان يتعدى أكثر من ان يكون مجرد حلم واحد.. وكان يلتقي في نقطة واحدة.. وكان ذلك حضور جدي، الذي كان موجوداً في جميع فصول ومقاطع الحلم.. في إحدى فصول حلم العجوز: (يقترن جدي بالعجوز ليأخذها على صهوة فرس بيضاء إلى مملكة اخرى، ومن ثم يقتل جدي على ايدي بعض من رجال العصابات وقطاع الطرق وتختطف العجوز) وفي موقع آخر من حلم العجوز: (لجدي ثماني عشرة زوجة ولكل منها لونها وشكلها وملامحها الخاصة بها.. وحتى لغاتهن وجنسياتهن مختلفات حيث يبقى له من ذريتهن جميعاً ابنٌ وحيد وهو أنا، وحسب قول العجوز، سأصبح أنا بدوري حاكم هذه المدينة، وفي مرحلة تالية تلي مرحلتي يتم وضع صورتي في موقع ستراتيجي من المدينة وسيطلق إسمي على جيل من أبناء المدينة). أما أهم جزء من حلم العجوز فهو: (في يوم ماطر، وبعد أن أقوم بتنفيذ وصية جدي وأقوم بإرتداء نظارته.. تتزوجني تلك الفتاة السمراء والتي كنت اطلق عليها اسم (تلار) التي كنت قد تعرفت عليها من قبل في المناسبات والإحتفالات، ومن ثم عن طريق الصدفة وبعد عدة سنين أنتسب إلى صفوف شبكة سرية بواسطة أحد اقاربها.. فأشتهر سريعاً وبحكم خفايا وأسرار نظارتي أغدو شخصية مشهورة ومن ثم اصبح حاكماً لهذه المدينة) لقد سئمت كثيراً من كل تلك الحكايات والقصص التي كانت العجوز ترويها وكأنها حلم.. إضافة إلى الروائح التي كانت العجوز قد جلبتها إلى الغرفة معها وكانت تزداد بمرور الوقت.. فقد أغمي عليّ لبعض الوقت.. وحين أستعدتُ وعي كانت العجوز قد غادرت الغرفة.. لكن الشيء الذي أثار إنتباهي هو أن منامتي كانت قد نزعت.. وكنت أتمدد عاري العورة... وعلى أي حال أمضيت تلك الليلة، وعندما هلّ الصباح، رأيت مجموعة من الأوراق ملفوفة كالتعاويذ.. وقد كتب فيها: (نفِّذ وصية جدك وقم بإرتداء النظارة.. ولكن احذر ألا تنظر إلى أي شيء دون نظارته). وبعد ذلك فقدت صبري وطول أناتي.. حتى إنني لم اكن استطيع مواصلة مهنتي كمدرس، إلى درجة كنت لا أميز بين الدروس وكثيراً ما كنت والطلاب نخلد إلى النوم في الصف ومن ثم كنا نروي أحلامنا لبعضنا البعض وكنت امنح أعلى درجة لمن كان يحلم منهم حلماً أكثر غرابة.. وكانت ملامح الطلبة تتغير أمام انظاري بمرور الوقت وكنت أراهم في عمر أكبر من اعمارهم.. كان الفتيان يبدون أكثر سمرة وأكثر طولاً، أما الفتيات وإن كن صغيرات السن، لكنني كنت أشعر بأن نهودهن تكبر بمرور الوقت.. حتى أنني في كثير من الأحيان كنت أمد يدي نحوهن.. وكان الطلبة الذكور يقلدونني فيما بعد.. وفي أحايين أخرى خاصة حين كنت أتكلم لهم عن التاريخ، كانوا يقعدون في أحضان بعضهم البعض.. ومنذ ذلك اليوم أصبحت هذه الظاهرة (عادة) لدى الطلاب، حين كنت أتحدث لهم عن تلك الفترة حين قتل خالد بن الوليد.. مسيلمة.. ومن ثم وعند رواية أي حدث تاريخي، كانوا يقومون بأفعال غريبة.. حتى ذلك اليوم الذي كنت قد رفعتُ عصا المدير.. وقلت لهم: كفى، كفى... ألا تدركون بأنني في ورطة كبيرة.. إنكم لن ترأفوا بيّ.. لا تورطوني في مشكلة أكبر... أحبتي تصرفوا بأدب.. إنني لا زلت لم أنفذ وصية جدي بعدُ..إني أمريء غير نافع.. وبشع.. وشرير.. إنني لا أنفع في أن اعلمكم شيئاً، لآنني في حد ذاتي لا أعرف شيئاً، الكلمات التي أنطقها لكم.. ليست كلماتي.. إنها كلمات تلك العجوز الساحرة، ثقوا، إنني لست واثقاً من تلك الدروس التي ألقيها عليكم.. يحتمل أن تكون كلمات المدير صحيحة.. وليس من الضروري أن يكون كذلك؟! يحتمل أن تزوره ليلاً ساحرة ما وتنزع منامته بدورها، ، لم أكن قد انهيت حديثي بعد حين دلف المدير إلى الفصل وهو يعرج.. ويقف خلفي.. أستطردت في حديثي قائلاً: لو لم تكن حبسة خان النقيب.. لمّا فتحت مدارس البنات، ينبغي علينا جميعاً أن نعلق في بيوتنا صورة لحبسة خان النقيب. وينبغي علينا الإلمام بتاريخ حياتها ونطالع جميع كتاباتها، ،. ربت المدير على ظهري وقال لي بوجه باسم: أحسنت أيها الأستاذ.. أنت نموذج للأخلاق الحميدة ومبعث فخر وإعتزاز لمدرستنا.. ولكن عساك ان تنفذ وصية جدك وترتدي نظارته.. فدون شك عندها كانت ستتغير شخصيتك.. أو كان من االمحتمل أن يحدث تغيير في منصبك ايضاً.. أيها الأستاذ، قرأت أمس في مجلة إنجليزية، موضوعاً عن متحف بريطاني... والخاص بنياشين واسلحة وخناجر وأمتعة جدك.. وواضح انه منح أغلبها لشجاعته.. يا له من رجل فحل!!،،. وفجأة دخل الفصل ثلاثة رجال جلف وجه مهندمهم كلامه إلى المدير قائلاً: ألاّ يغادر أحد، توجهوا حالاً نحو ساحة المدينة الرئيسية.. وبهذه المناسبة الهامة، سيضاف خمس درجات للطلاب فوق مجموع درجاتهم، ،. أستعد الطلاب جميعاً وقبيل أن يتركوا الفصل الدراسي.. أنزل الرجل المهندم الصورة المعلقة فوق السبورة وبكل ما أوتي من قوة ضربها ارضاً فتهشمت زجاجها أما الآخران فقاما بإخراج الصورة واضرما فيها النار بقداحة المدير ومن ثم ضحك الجميع للحظات!! وبعد ذلك اختلطنا في ساحة المدينة الرئيسية بزحام الناس المحتشدين، ونتيجة للزحام والفوضى أصبحت في المقدمة كانت (تلار) أو الفتاة التي كنت أطلق عليها هذا الاسم.. عريفة حفل تلك المناسبة التاريخية الهامة.. كانت تقرأ الكلمات الحماسية بإستمرار وكانت الجموع الغفيرة تهم بالتصفيق بعد إنتهاء الكلمات، وحتى قبل أن تنهي كلامها.. ولم اكن ادري كيف.. ومن المحتمل أن يكون بسبب الاّّ تتحطم نظارة جدي في جيبي أثناء ذلك الزحام.. ودون قصد مني قمت بإخراجها ومن ثم إرتدائها... أمعنت النظر.. كان الجميع يحدقون في بحذر وإحترام كبيرين.. وكان هناك عدد من الحراس يحيطون بيّ وكأنهم من الحرس الخاص بيّ.. فقلتُ في نفسي: من الممكن إنهم يدركون قيمة وأهمية تلك النظارة لهذا يريدون القيام بحراستي... لئلا يدنو مني احد، ،. أستملكتني سعادة غامرة بسبب السحر الذي احدثته النظارة على معظم الحضور.. إضافة إلى ذلك زال كل قلقي وترددي الباطني.. في ذلك اليوم التاريخي الهام، والذي لم اكن لأعرف ذكرى أي يوم وسنة، أو شخصية، أو حتى أية مناسبة.. ولكن الشيء الذي كان يهمني، هو إنه وبعد فترة من المعاندة والصراع ومخالفة وصية جدي.. قد نفذت الآن وصيته بكل سهوله وأسلمتُ نفسي لتأثير خرافات نظارة جدي. لم يمض طويل وقتٍ أقتربتْ الفتاة السمراء أو لنقول التي كنت أطلق عليها اسم (تلار).. من المايكروفون لتقول على مهل: ,, يا جماهير مدينتا الشرفاء.. نسعد اليوم بالمدير الجديد لمدينتا.. الذي من الواضح بأنه شخصية شهيرة ومن عائلة شهيرة ايضاً.. إنني كقرينة تلك الشخصية الشهيرة أعلن بإعتزاز بأنه مستعد للذود عنكم ولا يتوانى عن عمل كل شيء يستطيع عمله في سبيل خدمتكم.. أيها الأعزاء.. كونوا مطمئنين بانه من الآن فصاعداً لن تجدوا أطفالكم عراة أو موائدكم فارغة.. إن الرجل العظيم الذي سيصبح حاكم مدينتا، هو اعظم بكثير من ان أستطيع التعريف به هنا.. والآن نطلب من سيادته أن يأتي إلى هنا ليقدم لكم كلمة، ،. أرتفعت اصوات التصفيق لدرجة، أوشكتْ أن تطرش أذني، أو يغمى عليّ جراء ذلك.. فسح الحراس لي الطريق قائلين تفضل.. تفضل.. وقامت مجموعة ما يسمى بكبار الشخصيات وممثلي المجالس البلدية والأطباء والمحامين و..... ألخ.. يقبلوني من كلا وجنتي وأخذوني دون إرادتي إلى المنصة وحين واجهت كل تلك الوجوه أمتلكني خوف وخجلت وبدأت بالتفكير، يا ترى ما الذي حدث.. هل ياترى وقد تحققت كلام الساحرة، وهل يكون هذا هو السر المخبوء لسنين عديدة في نظارة جدي... عدت إلى حلمي وتذكرت بدايته، نعم كان هكذا تماماً، كالوضع الذي أنا فيه الآن.. نعم إن تلك المرأة صادقة فهي زوجتي بموجب الحلم وأنا بدوري أحد ابطال هذه المدينة.. ودون وعي مني كنت اقوم بسرد الحلم للحضور وجموع الجماهير الغفيرة.. وفجأة تناهت إلى أسماعي أصوات الدفوف والتهاليل والذكر وبادرت أسأل: (ماذا حدث؟!). أخبرتني زوجتي: كل هذا هو بسبب كونهم أطمأنوا بأنك شخص مؤمن ونوراني وكنت تملك من قبل قوة خارقة وتوقعت حدوث الأمور. ماكنت أرغب في هذا الأمر، ولكن لكي لا أحيد عن وصية جدي عدتُ إلى حلمي وألقيت عليهم الكلمة التي كنت قد رأيتها في بداية الحلم.. وقلت بصوت اجش: (لا أريد أحداً أن يتفاداني ويتملكه الخوف مني.. فإنني ساصبح حاكم المدينة لمدة أربع وعشرين ساعة حسب ما جاء في وصية جدي.. يجب أن ينام الجميع خلال تلك الأربع والعشرين ساعة ويحلموا بمدينة بيضاء.. التي يجب ان يمنع درس التاريخ في مدارسها ويدرس بدله الجغرافيا. وبدون شك يجب أن يتم تنقيح الدروس الأخرى.. أرى من الأفضل تصغير الكتب الكبيرة الحجم وجعلها عدة صفحات.. لأن جميع صفحاتها زائدة وقراءتها دون فائدة تذكر). حين استعدت وعي، عرفت بانها ليست كلمة حلمي... بل كانت إنشاءً، كنت قد كتبته للطلاب من قبل، لم اجد في ذلك حرجاً ودخلت إلى حلمي والقيت عليهم الكلمة بنصها: (يجب أن يكون درس التاريخ الدرس الأساسي ويجعل حجم كتابه أربعة أضعاف ما هو عليه الآن ويهمل بقية الدروس!؟، لأننا لا نملك غير التاريخ، كي نفتخر به.كما أطالب أن يجعل من تاريخ جدي، فصلاً رئيسياً في درس التاريخ، ويُجعل من ذلك الفصل مصدر الأسئلة الوحيد للطلاب عند حلول الإمتحانات.. إذن منذ اليوم سنعود إلى سراديب التاريخ المظلمة.. يجب ان نرتدي ثيابهم ونتاول طعاماً كأطعمتهم.. يجب ان نقيم تماثيل لجدي وزوجاته الثمانية عشر في هذا الميدان). سحرتني اصوات التصفيق وكنت اسمع الهتافات السحرية وهي تتعالى.. وبعد إرتداء النظارة، كنت أرى الناس أقزاماً.. وكانت الوجوه تتراءى لي وهي مشوهة!!؟ = لهيب بانميل = قصة: أحلام منصور ترجمة: مكرم رشيد الطالباني وصلنا بسيارة حكيم العتيقة من بغداد إلى السعدية، وكان الركاب يطربون لتمضية الوقت وتقليل ملل الطريق، وكانوا يتجاذبون اطراف الحديث أحياناً وينهون ذلك الشجار الذي لا معنى له بينهم بسخرية. كنت أرنو نحو الأشجار والبساتين المنتشرة على جانبي الطريق المتعرج، لم ارغب في إغماض عيني لئلا أحرم من تلك المناظر البديعة وعبق قداح البرتقال. منذ مدة وأنا لم أزر مديني المقدسة خانقين ولم أكن مطلعاً على تلك الملاحم التي كانت تحدث فيها بإستمرار بسبب بعدي عنها. كنت في نظر الركاب أجنبياً غريباً، ولم يسألني أحدهم حيث كانوا يروون النكات العجيبة وقد اعتبرت راكباً منهم وذلك بإختلاط دخان سكائرنا. كانت قوافل تلك السيارات الكبيرة والصغيرة الحجم جاعلة طريق المدينة صراطاً كصراط يوم القيامة، وكنا قلقين من إنزلاق سيارتنا تحت عجلات سيارات نقل النفط الطويلة وتدعسنا بعجلاتها لتختلط دماؤنا بالنفط وتغدو عظامنا رماداً. حين تركنا نقطة تفتيش السعدية كان الطريق يضيق وتشق سيارتنا طريقها بصعوبة فقد كنا نجعل عند كل مطبة وكان حكيم السائق يكيل علي مدير البلدية بسيل من الشتائم: ـ يا ابن الزانية، لقد خلق لشرب الخمر واخذ الرشوة. وكان الركاب يتلقفون منه ويكيلون بدورهم الشتائم لبعض أقارب علي ويشهدون بأن علي هو السارق الذي يقوم بخداع قائممقامي المدينة الواحد تلو الآخر معبدين شوارع المدينة بأكاذيبهم. وكان إبراهيم الشرطي الذي كانوا يسمونه إباو قد صب جام شتائمه على سابع جد علة وكان الركاب يسخرون منه: ـ إباو لو كان علة يعرف بأنك ستزور بغداد أول مرة فإنه كان يقوم بتبليط الطريق قبل ذلك بأسبوع ولكن وا أسفاه! كانت قطرات المطر تتساقط على زجاج سيارتنا المتكسر وكان الزجاج المترب يغدو نظيفاً رويداَ رويداً لتتشكل عليه رسوم وصور عجيبة. كنا قلقين كي لا يغضب الوند فجأة ويهدم مدينتنا بفيضانه. كم كانت السيارة مسرعة وهي تتجه نحو المدينة وترتقي التلول فكان إبراهيم أكثر تلهفاً منها. لم يكن ليصبر، أنتفض في وجه السماء وكاد يمزق ثيابه خوفاً من الفيضان وكان صوته يرتفع بإستمرار وهو يصرخ: في العام الذي مضى أتانا نهر سيروان ويأتي هذه السنة من السماء ويشردنا فإلى أين نولي وجوهنا مع الحشد من أطفالنا؟ فغضب حكيم السائق وأردف قائلاً: ـ بالله فالفيضان وحده سيكون كفيلاً للقضاء علينا. في العام الماضي تهدمت المقبرة. فقل للرب أين سيذهب الموتى؟ في السنة المنصرمة أصبح الموتى أسماكاً. وقد جاء دورنا هذه السنة ومن يدعي بأننا سوف نحصل على جدث؟ سيجرفنا الفيضان دون كفن ومراسيم الفاتحة والدفن، يا ابن الزانية علة لم يأتي بالرمل والحصو كي يسد به منافذ الوند؟ والنتيجة ماذا نفعل؟ إنه غني.. ما باله.. لديه قصر شامخ، والطامة الكبرى لنا نحن ستغدو بيوتنا الطينية أجداثاً. لم يبق لدى إبراهيم شعور، كان مطمئناً بأن زوجته فريدة تثير الحي بصراخها وعويلها وهي تقول هلعاً : سأموت.. جاءني المخاض.. الآن.. الآن.. فأتوا بالقابلة.. الطفل يصعد فوق قلبي.. سأموت .. القابلة.. أتوا بإبراهيم. كفر إبراهيم حين قال:ـ مسكينة فريدة إنها الآن تخاف من المطر كثيراً إلى حد لا يصدق. كان بيننا راكباً إسمه حسن.. حين تناهى إلى أسماعه آخر كلمة من كلمات إباو وكأنه قد صب عليه البنزين حيث وجه سيلاً من الشتائم لزوجته فريدة: ـ المتحشفة، لقد حبلت كالقطة؟ قسماً بإلله أن أطفالهم ليسوا من صلبهم.. أنت وزوجتك فريدة كشقيق وشقيقة، ليقبض الله روحكما أنتما واطفالكما القذرين. قل لي يا إبراهيم ماذا أعجبك من فريدة؟ ليست جميلة، وليست ذات معرفة.. تفووو.. على ساقيها الهزيلتين؟ إني اقسم بالله إنك حين تحتضنها تغمض عينيك.. يا ذا الحظ النكد قل لي.. إن حسن ليس صادقاً ؟ تحامل إبراهيم وقال متأففاً : ـ أنه حظي النكد! فهي ابنة عمي.. إنني مضطر ان اعتني بها حيث لصقت بي ولن تبارحني، أين أولي وجهي منها؟ سيمزقني عمي. أقسم بضريح والدي إنها الآن قد ازعجت خانقين، لن تستطيع مدينة بأكملها الوقوف في وجهها. ـ لأنك لست رجلاً، خسئت .. إنك تخاف منها كالكلب. ـ كلا. إنها تخاف من شيئين.. الجن ومن ثم المطر.. حيث تريد ليلاً الذهاب لقضاء حاجاتها فتقول لي قف عند الباب، غير انني أسخر وأستهزء بها، وحين يتساقط المطر ويكون المخاض قد جاءها حيث تصرخ وتصرخ لتصم آذاني.. لذا تراني يوم تمطر وكأنني افجع بفاجعة، حيث حظي النكد يجعلها أن يأتيها المخاض يوم الفيضان لتولد.. وقبل الفيضان بيومين لا يستكين الطفل في بطنها، أود أن تنجب طفلاً سأرسله في العام الثاني من عمره إلى المدرسة. فلطم حسن لطمة على رأس إباو وأردف يقول: ـ فليقبض الله روحك.. لماذا لا تعرف بأن المرأة تنجب بعد تسعة أشهر من الحمل.. إنها تخدعك لكي تقوم بإحتضانك. ضغط حكيم السائق على دواسة الوقود وكان يمسح زجاج السيارة تباعاً من الداخل.. مغيراً من الموضوع: ـ كفوا عن ذلك فالدنيا جاءها المخاض والرجال أيضاً، هذا ليس مطراً؟ كاد المطر أن ينفذ من زجاج السيارة كالرصاص. وكانت التلول على الجانبين ترتفع رويداَ رويداً، فتح (إباو) نافذة السيارة وكأنه لم ير المدينة منذ مائة عام، وهو يشم عبق الأرض حيث قال: ـ أف ما اعذب عبق خانقين.. لن استبدلها بالكون كله. أمتزجت رائحة نفط شركة خانقين ـ بانميل ـ بأزهار جبال وتلول وسهول المدينة، وكانت نيران نفط بانميل ترتفع من بعيد وكان المطر يتساقط مدراراً على المنطقة .. حين شاهد الركاب من بعيد لهيب بانميل المرتفع نحو السماء وأزدادت دردشتهم قدر حرارة تلك النيران حول النفط والأنجليز، وزبدت افواههم وتصبب العرق من وجوههم. فصرخ إباو : ـ يمعود وماذا أستفدنا نحن من النفط ؟ فإن أبو ناجي مهيمن ومسيطر بقبضته عليه. ـ مادام النفط ينبع من أرضنا فإن خيراته ستكون لنا فأنظروا إلى نيرانه، يقال بأن هذه المدينة ستنتج النفط لمدة ألف عام، يقال سيأتي يوم ويغدو النفط كالوند، ولكن من يستطيع الآن التحدث معهم فإن أبناء الكلاب هؤلاء سيصبون نفطنا على رؤوسنا ليحقرونا. ـ لماذا اهو هوانطة ؟ وهل هذه المدينة دون أصحاب ؟ وكل مطلق العنان لنفسه. ـ ولكن وا أسفاه وهل يستطيع أحد التصارع مع أبو ناجي؟ ـ لقد ولى ذلك الزمان، إننا سنقضي عليهم غداً أو بعد غد فالمدينة ليست ملكاً لآبائهم. ـ مادام ستخرج النفط بنفسه فيعتبره ملكاً له. ـ سوف تشهد بأننا سنغرس أصابعنا في عيونهم غداً أو بعد غد .. صحيح أنهم يمتصون الآن دمانا ونفطنا سوية ولكن الدنيا ليست اليوم فقط .. فأنتظر وأدرك ماذا سيحدث غداً أو بعد غد. وددت ان أقول شيئاً لكن سيارتنا وصلت إلى قمة آخر تلة على الطريق ومن ثم نزلت مباشرة بتأن لتقف عند نقطة التفتيش فدلف الشرطي كريم ساغ أولصي برأسه إلى داخل السيارة وهو يغطي راسه بقطعة من الغرارة وقال لإباو: ـ قرة عينك يا إباو لقد رزقك الله ولداً ولا تخف لقد هبت المدينة كلها لنجدة زوجتك. ـ فأغرورقت عينا إباو بالدموع وقال بصوته الأجش: ـ قسماً بإلله فإني سأرسله من الآن إلى المدرسة وأكشف له كل أسرار الأنجليز. (*) بانميل منطقة في خانقين، فيها مصفى للنفط بإسم مصفى الوند، قام النظام السابق بإغلاقها ونقل محتوياتها إلى منشآت نفطية أخرى. إباو: كلمة تصغير لإبراهيم. علة: كلمة تصغير لعلي. أبو ناجي: الإنكليز. هوانطة: يعني كل على هواه. = الصورة = قصة: أحلام منصور ترجمة: مكرم رشيد الطالباني حين كان القمر يلطم من اجلي ومن أجل العشاق، لم تشرع أية وردة وشمعة وفراشة بالبكاء من أجل شيرين وفرهاد، والآن لن تشرع أية نجمة بالبكاء من أجل العشاق. أن القمر يدرك أن العشق هو داء السرطان، لذا فقد تحولت تماثيل العشاق الراحلون الخالدون إلى عرائس ثلجية وذابت بفعل نيران شمس العدم وغدت دخان السكائر التي لا تنفك من مرافقتي دوماً لتنجدني عند إنتصاف الليالي. نعم إن القمر يشرع بالبكاء كل لحظة على شاكلة مغايرة ويلطم وخاصة للقصائد والروايات والرسائل البنفسجية التي ذابت في دمائي الطاهرة والتي امتزجت بجهودي التي ذهبت سدى وحسراتي وآهاتي. من المدهش أنني لم أشرع بالبكاء معه، هل يا ترى أن عيناي أصبحتا كهفاً وقد كمنت فيه عشرات من الأشرطة الصوتية وأقراص السيدي وأفلام تجاربي؟ الأمر هكذا ففي عيني اليسرى التي هي أضعف من عيني اليمنى يختبأ جبل. يتكون أساسه من حجر ثقيل وصلد وشاسع، ولن يطلق على ذلك الحجر حجر الصبر، كذلك فلا اسم يطلق على حجر أساس الجبل الكامن في عيني اليسرى، لأن بياض عينيّ لم يكن شاشة للسينما، فقد تحولت الجبال إلى طاقة، ولن يستطيع أي عالم للآثار كشف أسرار مفتاح تلك الحروف. إنها كالروح والنفس والأحاسيس غير مرئية، لقد أغلقت مزلاج بؤبؤة عيني بمفتاح ذهبي، ورميت به في أتون كلماتي، ومن ثم وكما تقول الأغنية الروسية: (كلانا ضفتي نهر لن يمكننا الألتقاء ولا الإفتراق). وهكذا أصبحت أنا والعشق ضفتي نهر مدمى. في يوم مخيف، قارس البرد، والزمهرير، أيقظني القمر وقام يشرع بالبكاء من أجلي فقط، وقال: لقد ضحكوا عليكِ... إني أبكي من أجل جهودكِ التي ذهبت سدى وآهاتكِ.وفجأة شعرت بأنامله الرقيقة وقد وضعت الحجر الأساس لجبل آخر في فؤادي. فتحت الشمس عينيها صباحاً لتبارك لي ومنحت الحرية لورود وعشب وفواكه ذلك الجبل، وحين قدم الليل ليسدل الظلام على قلبي، بدأ القمر يشرع بالبكاء ثانية. وكان التيار الكهربائي مقطوعاً. وكنت بدوري أخدع نفسي. أسدلت الستائر وأشعلت عدداً من الشموع فبدأنا نبكي حتى الفجر، وكنا ندرك أن الشمس ستمنحنا الأمل من جديد وتُفند القمر وتقوم بتكويك الكرة الأرضية وستخضر حقول عشقي وتقوم النوارس بتقبيل أمواج قصائدي وتهدل حمامات رسائلي وحتى أن الذباب تتقافز فوق ظهر بعضها البعض. ومن ثم فإن شعاعاَ من أشعة الشمس ملأ إنائي بالسكر، وقام شعاع آخر بتخدير الشاي لي عوضاً عن الغاز فتزينت حيث أرسلت لي مرآتي عفطة طويلة، أضطررت أن أدير لها ظهري والنظر إلى حجم ظلي. وقد ضربني بالمغرفة على قفاي بدوره. فبقيت لوحدي معكم، ومن المحتمل أن يقولوا كما قالوا دائماً (إنها تقعد في المنزل وأدركت روحها التعب وانها أختارت لنفسها الصمت، لا عمل لها غير التفكير)، لن ارد عليكم لأن عشقي يمارس الحب مع العشق. تجربتي هذه جبل شاهق وأن الكون قد وضح الحجر الأساس في قلب روحي، لذا فقد تحولت شراييني إلى أنهار، وقلبي ذهبي المعدن لن يدركه الصدأ أبداً. وحتى في هذه اللحظة فإن القمر لا يزال يبكي، بأي قصص يمكنني أن أجفف دموعه؟! أعتقد أن القمر يرتشف خمور اليأس، وأن صفحاتي ترتشف الدماء، وقد علق صورته نفسه في جبيني، وأنتم ترتدون القناع دوماً ولن تروا الصورة جيداً. لن أندم أبداً من خطواتي الماضية ولن اسأل فرجينيا وولف ِلمَ ألقت بنفسها في نهر التايمر أو فيم كانت تفكر سيمون دي بوفوار حينما أدركتها المنية، إن الصورة التي على جبيني ليست كالسابق عبارة عن خريطة كوردستان، ولم يدون فيها شعار الحرية والمجتمع المدني وأكاذيب ساسة كوردستان، كما لم تكتب تحت الصورة أية جملة بأية لغة كانت. لإني احبكم، غير أنكم تكرهونني بدوركم، كنتم ترمونني بالحجارة. والآن فإن تاريخ الإنسانية ترميكم بالحجارة، لقد أنمحت صوركم في ذاكرتي. دعوها فإنها معادلة غير معقولة. إن اعينكم ككاميرات المخبرين، هل تودون أن تعرفوا من هو صاحب الصورة؟ أحي أم ميت؟ أشيخ هو أم في ريعان الشباب؟ ليست هناك صورة في أي حافظة للصور تشبه صورته، فلا تتعبوا أنفسكم، لا تنسوا إنكم شرطة، ستعمدون إلى تقليب صفحات دفاتري القديمة وتغدو قضية الصور لديكم لغزاً، ومن المحتمل أن تمطوا شفاهكم وتقولوا بدون أدنى مبالاة: (لقد ادركتكِ الشيخوخة)، إن صدى تلك الصورة هو لحن حياتي، على أية حال لا تراهنوا عيلها، أقلبوا الصفحات إذن، وأنظروا إلى صور الشعراء والروائيين والفنانين والفلاسفة و...و...و... وللمرة الثالثة لازال القمر يجهش بالبكاء، ففي هذه المرة لثكله، لأنه بعكسي فهو نادم جداً على أعماله وكان دوماً شيطاناً يفرق بين العاشقين ويستغرب مني كوني لن ابكي. ها أن الشمس توشك ان تبدأ بالبكاء، والسحب والسماء تذرف الدموع مدراراً، غير أن الصورة فوق جبيني تضحك منهم. فإنكم لن تجدون صاحبها حتى ترحلون، ومن الممكن أن تكون حمامة وتعمدون لذبحها، أو أن تكون عصفوراً تحبسونه في قفص، ويمكن أن تكون وردة تنثرون وريقاتها، أو فراشة تحرقون جناحيها، ومن الممكن أن تكون نوطة لن يكون في إمكانكم عزفها بآلات موسيقية، أو أن تكون قطعة موسيقية لن تنسجم مع خطواتكم ومن الممكن أن تكون لحناً لن تدركوا كنهه، أو أن تكون كلمة لن تستطيعوا إمساك حروفها بالعسل، إنها جميعاً وليست أي منها، ليست صورة الدموع لوحدها، وليس صورة الحجر، وحتماً ليست صورة ذوي السلطة، هل ترى أن تكون صورة مرآة القيد والأمن وقناني المخابرات؟! كلا، يمكن أن تكون إسماً لإحدى الروايات، لكنها ليست حتماً صورة للدولار، ويمكن أن تكون صورة لإرادة شوبنهاور أو سوبرمان نيتشة، لكن ليس ممثلاً سينمائياً ومسرحياً ولا رساماً ولا موسيقياً، غير أنه أبرعكم فناً، ويمكن أن تكون صورة ورق اللعب والكأس والحبوب المنومة والمهدئة، ليكن الحديث بيننا، إن الصورة هي صورة رجل وهي صورة إعتيادية لكنها ملفتة للنظر قليلاً. ومن الممكن أن لا تكون قراءتي لهذه الصورة قراءة فلسفية. لا زالت الشموع هذه المرة كما كانت، وكذلك النوارس والأمواج لكن ها أن خضر الحي مجهش بالبكاء، لتبكي الأوقات، والنجوم، والتماثيل، والورود، والطيور والأشجار، لكنني لن أبكي أنا ولا الصورة على جبيني، ولست نرجسياً إلى حد لكي تعرفوا أن الصورة أما تكون صورتي أو صورة ظلي أو الصورة التي في مرآتي؟! كلا، إن الصورة صورة رجل جميل، وهل يوجد بين الكورد رجال حسان؟! كلا لا يوجد. الجبل القديم في عيني اليسرى يتقاتل مع الجبل الذي في عيني اليمنى، ها أن إطار الصورة يوشك أن يثبت على جبيني، وتوشك أن تغدو عينا الصورة بحراً دموياً. ويوشك أنفه أن يتحول إلى عصاً، كلا يوشك أن يغدو مجدافاً، إنني لن أُقهر أبداً، لأن يراعي هو عصاي دوماً، وماذ يمكن أن تتحول الإبتسامات المرتسمة على شفتيه؟! ستغدو محيطاً، وقد خرج لغلوغه من فيهه، وهو يستهزء بكم. لا لا لم تتحول الصورة إلى كاريكاتير، لأن ذقنها يوشك أن يتحول إلى سجادة تصلي عليها كلماتي. ها أن القمر يذرف الدموع، وقد أغمضت الشمس ناظريها، وأن الشيطان وخضر الحي يقومان بإعدام نفسيهما بحبال المشنقة. وحدها دموعي لا تبكي، أنا الفاتنة والقبيحة، المهمومة والسعيدة، الطاعنة في السن والصغيرة في السن، التمثال والدم، الحية الميتة، فأي صورة تتحول إلى مرآة لي، أنا الخنثى الذي أتكون من مليار شخص ولازلت نفسي ذاته. من بقي؟ الرب باقٍ لوحده، ولن يبكي الرب من أجلي ولن يضحك مني، لأن الرب أيضاً لا يعرف صاحب الصورة وأنه لم يخلق إنساناً هكذا أبداً، وليس تأثير الصورة حشيشة وإنني لم أدمن عليها أبداً. هل تودون أن أحل لغز هذه الصورة، الرجاء أغمسوا الفرشاة في الأصباغ وأرسموا على جبيني لوحة مرآتية لتلك الصورة، لأجعل تفاصيل هذه اللقطات لكم مفتاحاً مرئياً، ومن ثم أرسموا صورتكم حسب هذه الخصائص على جبيني.ليكون الرأس والشعر كرأس وشعر بريخت، وليكون جبينه كجبين بودلير، وكذلك عيناه الباكيتان، وبابيونه، لنعد إلى الحاجب، الرجاء أن يكون حاجبيه كحاجبي صادق هيدايت، ومن ثم أرسموا أنفه كأنف رامبو، عودوا إلى رموش ستاندال، ومن ثم ارسموا خدي بلزاك، نعود إلى الشاربين، الرجاء إلصاق شاربي سلفادور دالي فوق شفتي الدكتور حقي إسماعيل كذلك أرسموا صورة أسنانه، أطلقوا لسان ميلر وألصقوا ذقن دورينمات بلحية أنكلز، نعود ثانية إلى ملامح وسيماء الصورة التي يجب أن تكون على شاكلة ملامح أنشتاين. ووضع نظارات جيخوف على عيني سان جون بيرس لينظر برؤيا كويستاف فلوبير إلى العالم ومن ثم الصقوا اذني فان كوخ على يسار ويمين رأس الصورة، ليكن رقبته كرقبة الإمام علي وكتفيه ككتفي رونالدو ألصقوهما بيدي ألان ديلون. وألصقوا ظهر ميلان كونديرا ببطن أدغار ألان بو، نعود إلى قفاه حيث يجب رسم صورة قفا فوكو، وأرسموا عضواً ذكرياً في المقدمة كعضو فرويد على خصيتي وليم رايش، كذلك ألصقوا صورة فخذي إيريك فروم مع ركبتي ماركيز، وساقي باسترناك وقدمي وليم فوكنر بباقي الأعضاء، ضعوا قلب كونراد بدقاته في صدره الذي يشابه صدر نزار قباني، ليكن رائحة دم الصورة كرائحة دم لوركا، وليكن بوله عكس بولي، ليكن خياله كخيال بروست وذكائه كذكاء جيمس جويس، ليكن البايب بين شفتيه كبايب جان بول سارتر، ولتكن عصاه كعصى جارلي جابلن وربطة عنقة كربطة عنق إيتالو كالفينو وحزامه كحزام محمد زفزاف، وجوربه كجورب نجيب محفوظ وقامته كقامة العفيف الأخضر وحذائيه كحذاء مورتي وأحلامه كأحلام محمد عمر عثمان، وكفره ككفر سلمان رشدي وآماله كآمال ماركس، ولا تنسوا البنطال يجب ان يكون بنطاله كبنطال بيرانديلو وقميصه كقميص ماياكوفسكي وسترته كسترة كافكا، وأن تكون أحاديثه حلوة وطيبة كأحاديث الأستاذ هيمن وأن يكون هدوئه كهدوء الطرابيشي ويكتب الشعر لي كإيليوت ويقول الشعر لي كأدونيس، ويكون وسيماً كألفيس بريسلي ويغني لي كمحمد عبد الوهاب ويغضب دوماً كبتهوفن وأن يمارس العادة السرية دوماً ويعزف على البيانو كموزارت وأن يكون مجنوناَ كنيتشه وأن يرسم اللوحات كبيكاسو ولتكن أظافر آلان روب كري فوق أنامله ويكون في صحراء كلود سيمون وليبحث عن سراب ناظري محمد بن عبد الله. ليكون كعبه كعب آشيل وتكون خطواته كخطوات إبسن وأن يكون قد سرق بؤبؤ عينيه من تولستوي وله إبتسامة بول إيلوار وتكون روحه كروح فرلين ودموعه دموع كامو، وألبسوه جلود واتينغوش وأمنحوه أفكار آكير وكور وساوا التصويرية وأن يكون له عظمة هيرمان هيسة ويراع شكسبير وله إنتظار سورين كير كيغارد وكآبة صاموئيل بيكيت وصبر غرامشي وشفقة أديسون وتكون كلماته كشعر جاك بريفير وحداثويةً مثلي. لم تكتمل الصورة لكن لأقوم بإكمالها، ومن أجل الا تكون لروحها قبر كروح جواهر لال نهرو، الرجاء احرقوا الصورة واخلطوا رمادها برماد سجائر صباح مساء أيامي وليالي. وليبكي القمر من أجل نفسه ومن أجلي وتموت الشمس. ==روابط خارجية== * http://www.alriyadh.com/2012/06/07/article742413.html * http://iraqiwriter.com/iraqiwriter/Iraqi_Writers_folder/Site_writers/mukaram_talabani/mukaram_talabani.htm * http://www.poetrybook.biz/2013/05/blog-post_3669.html * http://iktab.com/bookstore/author/author_detail/182 *http://www.iraqiartist.com/iraqiwriter/Iraqi_Writers_folder/site_writers/mukaram_talabani/mukaram_talabani_128.htm {{شريط بوابات|العراق|أعلام}} [[تصنيف:أشخاص من محافظة ديالى]] [[تصنيف:أشخاص يحتمل أن يكونوا أحياء]] [[تصنيف:أكراد العراق]] [[تصنيف:خريجو جامعة بغداد]] [[تصنيف:شعراء أكراد]] [[تصنيف:شعراء عراقيون في القرن 20]] [[تصنيف:شعراء عراقيون في القرن 21]] [[تصنيف:صحفيون أكراد]] [[تصنيف:صحفيون عراقيون]] [[تصنيف:كتاب قصة قصيرة عراقيون]] [[تصنيف:مواليد 1951]]'
فرق موحد للتغييرات المصنوعة بواسطة التعديل (edit_diff)
'@@ -5788,4 +5788,60 @@ قلت : + +ـ : عزيزي حكيم أين هي النهاية ؟ + +قال : ـ بلاد العشق (عشقستان).. منبع الحب والعطف والحنان والحقيقة والوجدان وجلّ الأخلاق الطيبة ، الأخلاق الجميلة. حيث لاوجود هناك للكذب والنفاق والزيف والرياء والأنانية. حيث تسكرك خمر البراءة، ولن يلدغك عقارب الخطيئة ولا أفاعي الجريمة. + +قلت :ـ أرغب في المجيء، ولكن لن يسعني المكان. + +قال : سأحملك فوق كتفي، تعال وتخلص من هذه الدنيا مرتع الإستعلام والخوف ومبعث الملل.. دعك من هذه الخربة مرتع القوادين والفضلات والمزابل، ماذا تفعل بين هؤلاء الافاقين المشعوذين؟ كدت أطير فرحاً، لم تكد قدماي يتلمسان الأرض، كانت عيناي تذرفان دموع الفرح مدراراً، حلقت في الفضاء لأحط على كتفه. وصلت عتبة باب (عشقستان). إستقبلني الحكيم بمزيد من الترحيب والتقدير حتى غدوت تبراً. وصافحنا بحرار. أرتفعت شعاع ناظرينا نحو قمة المنارة. كان الناس ينظرون إلينا كيف لنا ونحن نتحدث مع بعضنا بلغة النظرات . + +ـ أخي العزيز لم يغمض لي جفن الليلة البارحة . + +ـ لماذا.. لماذا عزيزي الحكيم ؟ + +كم من مرة كنت أغمض فيها عيني وفي كل مرة كان حبيب الله يأتيني في منامي في هيئة مغايرة ليأخذ الغفوة من ناظري. مرة رأيته وقد أمتطى صهوة حصان العاصفة ليحلق نحو عنان السماء. ومرة أخرى كنت أراه وقد أصبح رائداً لجمع من الحواري وهن ينهمكن في غرس السيوف في جوف عفريت ذي سبعة رؤوس. ومرة أخرى رأيته يرتدي ثياباً خضراء كاملة وهو يقترب من رأسي ليهمس في أذني : + +ـ إن الشيطان يوشك أن يدخل قلبك..أطرده . + +ـ قلت كيف؟ قال برائحة خمر (ألست) . + +وهكذا كنت أراه في هيئة مغايرة حتى أطفأ نبراس إستراحتي كاملاً. مسدت رأسه فعرفت بأن سهام العشق قد أصابته، ولكن ليس بشكل يمتعه حتى درجة الفناء، لذا نفخت في فمه وقلت له: + +ـ حكيمي العزيز من أجل أن تصل إلى هدفك عليك بأرتشاف الخمر ليل نهار، أسكر..أسكر ثم أسكر حتى يغدو قلبك منبعاً للحق، عندئذ ستعرف مقدار الرغد في كلتا وجهي هذه الدنيا. إحتضنني الحكيم بحرارة وعصرني بشدة. كنت أشعر بأن عسل المحبة يتدفق رويداً رويداً من عملية العصر هذه. + +أردف قائلاً: ـ عزيزي أذكر لي عنوانك كي نمضي بعض الوقت سوياً كل يوم . + +قلت: ـ أكتب : حلبجة، مقبرة (كولان)، قاطع (القلوب)، الرقم (زهرة الليلك). + +فنقشه بأظافره فوق صدره، ومن ثم بسط لي كلتا يديه مرحباً بي للدخول. + +ومن عتبة الباب نظرت إلى الجمع الغفير، كي أتأكد من عدم تسلل دخيل، كذاب، فاسق، أناني، مرائي إلى صفوفهم دون علم الحكيم، فإن كان من بينهم مثل هؤلاء كي أقوم بفضحه، كي أرجمه بصقاً، كي أقول له إن لم تطهر نفسك من كل أوزارك لايجوز لك التوجه إلى هنا. إن عشقستان مرتع الطاهرين، مرتع هؤلاء الذين أستقر نور الرب في أعماقهم، الذين وضعوا مصلحتهم الخاصة جانباً وهم يناضلون بحق وصدق من أجل الشعب والوطن . + +ومن حسن الحظ لم أرَ أي أخطبوط مثل هؤلاء، لذا فقد ذهبت وجلست متقرفصاً على ركبتي قبالة المحراب بوقار، وكنت أعدد أسماء العشاق بحبات مسبحتي مثلما أعتدت على ذلك دوماً. ولحظة إنهاء الأسماء أشغل الملا (مبارك) السماعة وفتح سفره العتيق وبدأ بتلاوة بعض مقاطعه بصوت حزين : + +( ـ أيها الشعب طهّروا قلوبكم * توجهوا إلى مرتع العشق * وذوبوا في اتون العشق * أنصحوا الناس كي يبتعدوا عن الضلال * أءتوا بالماء من سفر السراب * إرووا به ورود الحقيقة * أبحثوا عن الطهر * كونوا مرشدين للإحسان دوماً * كونوا ترابيين مهما إستطعتم إلى ذلك سبيلاً * كونوا ذو نشاط دائم * ألا يملأ الشيطان نفوسكم بالخداع والأكاذيب والتلفيق * إن ذلك المنافق اللعين * عدو لدود للدين * عائق في طريق العشق * يضرم النار في حدائق العشق * ويزرع أشواك الحقد والكراهية * ويغرق حقول الحق * أيها الناس إن كنتم عشاقاً * تعشقون هيفاء الحبيبة * عليكم كالعشاق القدامى * السير في هذا الصراط المستقيم). + +حين كفّت حمامة الملا (مبارك) عن المناجاة ، بدأ الصمت يخيم بمظلته علينا، صمت مليء بالجلبة، لأننا كنا نتكلم جميعاً دون همس. وكان موضوعنا موضوع تطهير البلد وزرع أشجار العفّة في جميع الشوارع والأزقة والمنازل. وتغيير جميع بحيرات الكذب بماء الزمزم .والقضاء على جميع مروجي التلفيق الجربة. والقضاء على أكدار النفاق وزرع بذور التوحد ذي اللون الواحد عوضاً عنها. وتوزيع عطر ورود فُرُش جامع عشقستان وتزيين جدران المدن والقرى باللوحات المرسومة على سجاجيد الصلاة. وإنارة الزوايا المظلمة بنور مسبحة فاطمة ملا عزيز بريس. وزرع المرايا في أزقة القنوط الضيقة بجلوة (لا تقنطوا)، وتشييد ضريح الملا (الجزيري) بشعاع (وحدة الوجود) وإذابة جليد الجرم بضياء إحدى قصائد (محوي) الغزلية وإعادة الحياة إلى مواقد القلوب بنظرة (عنبر خاتون). صمتنا المليء جلبة أوصلت حِملَ الوقت إلى المحطة الأخيرة. أقبل العشاق واحداً تلو الآخر ليقدموا لي مواساتهم. وقد أخرجتُ بدوري من كشكولي وردةً لكل منهم وقدمتها هديةً لهم، تلك الورود اللاهوتية التي كنت قد أتيت بها من إحدى سفراتي إلى النعيم . + +إشارات + +<nowiki>*</nowiki> الورداء: على وزن الثلاثاء والأربعاء ….يعمد القاص إلى إطلاق صفة خاصة لليوم والشهر والسنة. + +<nowiki>*</nowiki> حكه: تصغير إسم (حكيم). + +<nowiki>*</nowiki> الحكيم: الطبيب . + +<nowiki>*</nowiki> الحروف : ع ي ش ق يعني العشق . + +<nowiki>*</nowiki> فاطمة: والدة المؤلف وكانت من النساء الصوفيات. + +<nowiki>*</nowiki> الجزيري : شاعر كوردي كلاسيكي صوفي. + +<nowiki>*</nowiki> محوي : شاعر كوردي من فطاحل الشعراء . + +<nowiki>*</nowiki> عنبر خاتون : زوجة الشاعر الكوردي عبد الرحيم مولوي. + +عن مجلة (كاروان ) الكوردية، العدد (172)، نيسان 2003. = خرافات نظارة جدّي = '
حجم الصفحة الجديد (new_size)
231626
حجم الصفحة القديم (old_size)
223421
الحجم المتغير في التعديل (edit_delta)
8205
السطور المضافة في التعديل (added_lines)
[ 0 => '', 1 => 'ـ : عزيزي حكيم أين هي النهاية ؟', 2 => '', 3 => 'قال : ـ بلاد العشق (عشقستان).. منبع الحب والعطف والحنان والحقيقة والوجدان وجلّ الأخلاق الطيبة ، الأخلاق الجميلة. حيث لاوجود هناك للكذب والنفاق والزيف والرياء والأنانية. حيث تسكرك خمر البراءة، ولن يلدغك عقارب الخطيئة ولا أفاعي الجريمة.', 4 => '', 5 => 'قلت :ـ أرغب في المجيء، ولكن لن يسعني المكان.', 6 => '', 7 => 'قال : سأحملك فوق كتفي، تعال وتخلص من هذه الدنيا مرتع الإستعلام والخوف ومبعث الملل.. دعك من هذه الخربة مرتع القوادين والفضلات والمزابل، ماذا تفعل بين هؤلاء الافاقين المشعوذين؟ كدت أطير فرحاً، لم تكد قدماي يتلمسان الأرض، كانت عيناي تذرفان دموع الفرح مدراراً، حلقت في الفضاء لأحط على كتفه. وصلت عتبة باب (عشقستان). إستقبلني الحكيم بمزيد من الترحيب والتقدير حتى غدوت تبراً. وصافحنا بحرار. أرتفعت شعاع ناظرينا نحو قمة المنارة. كان الناس ينظرون إلينا كيف لنا ونحن نتحدث مع بعضنا بلغة النظرات .', 8 => '', 9 => 'ـ أخي العزيز لم يغمض لي جفن الليلة البارحة .', 10 => '', 11 => 'ـ لماذا.. لماذا عزيزي الحكيم ؟', 12 => '', 13 => 'كم من مرة كنت أغمض فيها عيني وفي كل مرة كان حبيب الله يأتيني في منامي في هيئة مغايرة ليأخذ الغفوة من ناظري. مرة رأيته وقد أمتطى صهوة حصان العاصفة ليحلق نحو عنان السماء. ومرة أخرى كنت أراه وقد أصبح رائداً لجمع من الحواري وهن ينهمكن في غرس السيوف في جوف عفريت ذي سبعة رؤوس. ومرة أخرى رأيته يرتدي ثياباً خضراء كاملة وهو يقترب من رأسي ليهمس في أذني :', 14 => '', 15 => 'ـ إن الشيطان يوشك أن يدخل قلبك..أطرده .', 16 => '', 17 => 'ـ قلت كيف؟ قال برائحة خمر (ألست) .', 18 => '', 19 => 'وهكذا كنت أراه في هيئة مغايرة حتى أطفأ نبراس إستراحتي كاملاً. مسدت رأسه فعرفت بأن سهام العشق قد أصابته، ولكن ليس بشكل يمتعه حتى درجة الفناء، لذا نفخت في فمه وقلت له:', 20 => '', 21 => 'ـ حكيمي العزيز من أجل أن تصل إلى هدفك عليك بأرتشاف الخمر ليل نهار، أسكر..أسكر ثم أسكر حتى يغدو قلبك منبعاً للحق، عندئذ ستعرف مقدار الرغد في كلتا وجهي هذه الدنيا. إحتضنني الحكيم بحرارة وعصرني بشدة. كنت أشعر بأن عسل المحبة يتدفق رويداً رويداً من عملية العصر هذه.', 22 => '', 23 => 'أردف قائلاً: ـ عزيزي أذكر لي عنوانك كي نمضي بعض الوقت سوياً كل يوم .', 24 => '', 25 => 'قلت: ـ أكتب : حلبجة، مقبرة (كولان)، قاطع (القلوب)، الرقم (زهرة الليلك).', 26 => '', 27 => 'فنقشه بأظافره فوق صدره، ومن ثم بسط لي كلتا يديه مرحباً بي للدخول.', 28 => '', 29 => 'ومن عتبة الباب نظرت إلى الجمع الغفير، كي أتأكد من عدم تسلل دخيل، كذاب، فاسق، أناني، مرائي إلى صفوفهم دون علم الحكيم، فإن كان من بينهم مثل هؤلاء كي أقوم بفضحه، كي أرجمه بصقاً، كي أقول له إن لم تطهر نفسك من كل أوزارك لايجوز لك التوجه إلى هنا. إن عشقستان مرتع الطاهرين، مرتع هؤلاء الذين أستقر نور الرب في أعماقهم، الذين وضعوا مصلحتهم الخاصة جانباً وهم يناضلون بحق وصدق من أجل الشعب والوطن .', 30 => '', 31 => 'ومن حسن الحظ لم أرَ أي أخطبوط مثل هؤلاء، لذا فقد ذهبت وجلست متقرفصاً على ركبتي قبالة المحراب بوقار، وكنت أعدد أسماء العشاق بحبات مسبحتي مثلما أعتدت على ذلك دوماً. ولحظة إنهاء الأسماء أشغل الملا (مبارك) السماعة وفتح سفره العتيق وبدأ بتلاوة بعض مقاطعه بصوت حزين :', 32 => '', 33 => '( ـ أيها الشعب طهّروا قلوبكم * توجهوا إلى مرتع العشق * وذوبوا في اتون العشق * أنصحوا الناس كي يبتعدوا عن الضلال * أءتوا بالماء من سفر السراب * إرووا به ورود الحقيقة * أبحثوا عن الطهر * كونوا مرشدين للإحسان دوماً * كونوا ترابيين مهما إستطعتم إلى ذلك سبيلاً * كونوا ذو نشاط دائم * ألا يملأ الشيطان نفوسكم بالخداع والأكاذيب والتلفيق * إن ذلك المنافق اللعين * عدو لدود للدين * عائق في طريق العشق * يضرم النار في حدائق العشق * ويزرع أشواك الحقد والكراهية * ويغرق حقول الحق * أيها الناس إن كنتم عشاقاً * تعشقون هيفاء الحبيبة * عليكم كالعشاق القدامى * السير في هذا الصراط المستقيم).', 34 => '', 35 => 'حين كفّت حمامة الملا (مبارك) عن المناجاة ، بدأ الصمت يخيم بمظلته علينا، صمت مليء بالجلبة، لأننا كنا نتكلم جميعاً دون همس. وكان موضوعنا موضوع تطهير البلد وزرع أشجار العفّة في جميع الشوارع والأزقة والمنازل. وتغيير جميع بحيرات الكذب بماء الزمزم .والقضاء على جميع مروجي التلفيق الجربة. والقضاء على أكدار النفاق وزرع بذور التوحد ذي اللون الواحد عوضاً عنها. وتوزيع عطر ورود فُرُش جامع عشقستان وتزيين جدران المدن والقرى باللوحات المرسومة على سجاجيد الصلاة. وإنارة الزوايا المظلمة بنور مسبحة فاطمة ملا عزيز بريس. وزرع المرايا في أزقة القنوط الضيقة بجلوة (لا تقنطوا)، وتشييد ضريح الملا (الجزيري) بشعاع (وحدة الوجود) وإذابة جليد الجرم بضياء إحدى قصائد (محوي) الغزلية وإعادة الحياة إلى مواقد القلوب بنظرة (عنبر خاتون). صمتنا المليء جلبة أوصلت حِملَ الوقت إلى المحطة الأخيرة. أقبل العشاق واحداً تلو الآخر ليقدموا لي مواساتهم. وقد أخرجتُ بدوري من كشكولي وردةً لكل منهم وقدمتها هديةً لهم، تلك الورود اللاهوتية التي كنت قد أتيت بها من إحدى سفراتي إلى النعيم .', 36 => '', 37 => 'إشارات', 38 => '', 39 => '<nowiki>*</nowiki> الورداء: على وزن الثلاثاء والأربعاء ….يعمد القاص إلى إطلاق صفة خاصة لليوم والشهر والسنة.', 40 => '', 41 => '<nowiki>*</nowiki> حكه: تصغير إسم (حكيم).', 42 => '', 43 => '<nowiki>*</nowiki> الحكيم: الطبيب .', 44 => '', 45 => '<nowiki>*</nowiki> الحروف : ع ي ش ق يعني العشق .', 46 => '', 47 => '<nowiki>*</nowiki> فاطمة: والدة المؤلف وكانت من النساء الصوفيات.', 48 => '', 49 => '<nowiki>*</nowiki> الجزيري : شاعر كوردي كلاسيكي صوفي.', 50 => '', 51 => '<nowiki>*</nowiki> محوي : شاعر كوردي من فطاحل الشعراء .', 52 => '', 53 => '<nowiki>*</nowiki> عنبر خاتون : زوجة الشاعر الكوردي عبد الرحيم مولوي.', 54 => '', 55 => 'عن مجلة (كاروان ) الكوردية، العدد (172)، نيسان 2003.' ]
السطور المزالة في التعديل (removed_lines)
[]
نص الصفحة الجديد، مجردا من أية تهيئة (new_text)
' يفتقر محتوى هذه المقالة إلى الاستشهاد بمصادر. فضلاً، ساهم في تطوير هذه المقالة من خلال إضافة مصادر موثوقة. أي معلومات غير موثقة يمكن التشكيك بها وإزالتها. (مارس 2016) هذه مقالة غير مراجعة. ينبغي أن يزال هذا القالب بعد أن يراجعها محرر مغاير للذي أنشأها؛ إذا لزم الأمر فيجب أن توسم المقالة بقوالب الصيانة المناسبة. يمكن أيضاً تقديم طلب لمراجعة المقالة في الصفحة المُخصصة لذلك. (أكتوبر 2013) هذه المقالة يتيمة إذ لا تصل إليها مقالة أخرى. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها. (يناير 2016) ميّز عن مكرم الطالباني. مكرم رشيد الطالباني معلومات شخصية الميلاد سنة 1951 (العمر 68&#8211;69 سنة)&#160; مواطنة العراق&#160; الحياة العملية المدرسة الأم جامعة بغداد&#160; المهنة شاعر&#160; تعديل مصدري - تعديل &#160; مكرم رشيد الطالباني شاعر وكاتب كردي من إقليم كردستان العراق يقيم في أربيل عاصمة الإقليم . محتويات 1 نشأته 2 اعماله 3 مؤلفاته 3.1 كتب 4 كلمات في حضور الحبيبة 5 قصائد قصار 6 أنهار 7 محطات الهموم والهوى 8 حزن في مهب الرغبات 9 أنهار 10 كراسٍ فارغة 11 قصائد قصار 11.1 قناع 11.2 الشاعر 11.3 تمثال 11.4 اليقين 11.5 معرفة النفس 11.6 عقول من حجر 12 ورثتُ الكلمات!! 13 الأخ الأكبر 14 الشاعر 15 صور 16 المطر لن يغسل جراح الأيام الخوالي 17 صوتُ نداء بلا تخوم 18 تمثال 19 ثلاث قصائد قصيرة 20 القلب يحتضنكِ 21 الاحتراق 22 مع الطبيعة 23 الصمت 24 قصائد قصيرة 25 من ترجماته 26 قراءة في ديوان فان إيروتيك للشاعر قوباد جلي زادة 27 قوس قزح 28 أوراق على الرصيف 29 سورة البحث عن عنوان القصيدة 30 سيماء البعد ... عبق الوحدة 31 أنا والريح 32 نتفٌ من المطر ... نتفٌ من العشق 33 من القصص التي ترجمها 34 صيد الدراج 35 زحام وفيضان 36 زوجات خليفة الفاتنات!! 37 باقة نرجس على ضريحي 38 في مجلس عزائي 39 خرافات نظارة جدّي 40 لهيب بانميل 41 الصورة 41.1 روابط خارجية نشأته[عدل] هو مكرم بن شيَخ رشيد شيخ جميل الطالباني، ولد في منطقة بنكورة التابعة لقضاء خانقين عام 1951. . أكمل المرحلة الابتدائية عام 1963 في مدرسة قرية كوره شلة الابتدائية للبنين على ضفاف نهر سيروان. . أكمل المرحلتين المتوسطة والإعدادية في مدينة خانقين عام 1969 ـ 1970. . التحق عام 1970 بالقسم الكردي بكلية الآداب بجامعة بغداد ونال شهادة البكالوريوس في اللغة والأدب الكرديين عام 1974. اعماله[عدل] . يكتبُ منذ عام 1970. نشر نتاجاته الأدبية من قصائد ومواضيع ومقالات متنوعة في الصحف والمجلات الكوردية وترجم العديد من نتاجات الشعراء والقصصيين الكرد إلى اللغة العربية ونشرها في الصحف والمجلات وفي المواقع الإلكترونية. مؤلفاته[عدل] مؤلفات شعرية كتب[عدل] .ديوان أمواج الألحان، بغداد، 1978، بالكردية .ديوان رماد النجوى، بغداد، 1980، بالكردية. .ديوان المعبر، بغداد، 1986، بالكردية. . قصة العاشق غريب، ترجمة، مشترك، 1987، إلى الكوردية. . ديوان الغزلْ، هولير، 1997، بالكوردية. . ديوان أسطورة التفاح، هولير، 2005، بالكوردية. . الإعراب في اللغة الكوردية، هولير، 2008، باللغة الكوردية. . نصيحة الأم، قصص مترجمة إلى اللغة الكوردية للأطفال، هولير،2010. . عقد الؤلؤ، قصص من تراث الشعوب، ترجمة إلى اللغة الكوردية، هولير، 2010. . حورية الغابة، قصص من تراث الشعوب، ترجمة إلى الكوردية، هولير، 2010. . مجموعة الرعد القصصية، باللغة الكوردية، منشورات وزارة الثقافة والشباب في إقليم كوردستان، هولير، 2011. . رواية (الثلج يأتي من النافذة) لـ(حنا مينة)، ترجمة إلى الكوردية، هولير، 2011. . ديوان (كذبة أخرى) للشاعر (زانا خليل)، ترجمة إلى اللغة العربية، هولير، 2011. . مجموعة رهيل الشعرية ـ الأعمال الشعرية الكاملة ـ على نفقته الخاصة، مطبعة شهاب، هولير 2012. . (شدو القبج)، ترجمة قصائد كوردية إلى العربية، دار الغاوون، بيروت، لبنان، 2012. . حقوق المعلمين وواجباتهم: تأليف كنيث إيرلاند، ترجمة عن العربية، مطبعة وزارة التربية، هولير 2012. . مجموعة (ابن الجبال) القصصية، وهي مجموعة قصص مترجمة من اللغة الفارسية والعربية، وزارة الثقافة والشباب في حكومة إقليم كوردستان، مطبعة وزارة الثقافة، هولير، 2012. . مجموعة قصص كوردية مترجمة إلى العربية، المركز العام لإتحاد الكتاب الكورد، هولير، 2012. رواية (عندما تتداعى الجبال، العروس الخالدة)، جنكيز أيتماتوف، مترجمة عن العربية، دار جيني للطباعة والنشر، هولير، 2013. . رواية (جاوة زار ـ التعويذة) باللغة الكوردية من تأليفه ومترجمة من قبله إلى العربية أيضاً، معدة للطبع. . رواية (السيد الرئيس) ميغيل أنخل استورياس، مترجمة عن العربية، معدة للطبع. . رواية (بروكلين هايتس)، للكاتبة المصرية ميرال الطحاوي، عن العربية، معدة للطبع. . ترجمة رواية جسر على نهر درينا، لإيفو آندريج، أربيل 2011. دار موكرياني. . ترجمة رواية الفناء الملعون إيفو آندريج.أربيل، دار موكرياني، 2011. . ترجمة رواية الصخب والعنف، لفوكنر. أربيل 2015، دار آوير. . ترجمة رواية رقص رقص رقص لهاروكي موراكامي، أربيل 2017، دار آوير. . ترجمة قصة إختطاف، غابرلي غارسيا ماركيز، دار آوير، أربيل،2015. . ترجمة رواية 1q84 الكتاب الأول 2016والثاني 2020والثالث 2020 للروائي هاروكي موراكامي. منشورات دار روسا. . ترجمة رواية بعد الظلام للروائي هاروكي موراكامي. 2017.منشورات دار آوير. . ترجمة رواية خريف البطريرك لغابريل غارسيا ماركيز.أربيل، 2014. دار آوير. . ترجمة رواية السيد الرئيس لميغيل أنخل أستورياس. الطبعة الأولى 2014 والطبعة الثانية 2015.دار موكرياني. . ترجمة رواية الأسود يليق بك لأحلام مستغانمي. أربيل، 2013. دار آوير. . ترجمة حين تتداعي الجبال، العروس الخالدة لجنكيز إيتماتوف. 2013، دار جيني. . ترجمة كتاب حكمة الكذب لسولخان سابا أوربيليان. أربيل، 2016 ، دار روسا. . ترجمة رواية بروكلين هايتس، لميرال الطحاوي. . ترجمة فرانكشتاين في بغداد لأحمد سعداوي.دار آوير، أربيل 2015. . ترجمة رواية المرأة العسراء لبيتر هاندكة. دار روسا، أربيل 2017. . ترجمة رواية غرفة مثالية لرجل مريض ليوكو أوغاوا. أربيل 2017، دار روسا. . ترجمة رواية المفتاح لجونيشيرو تانيزاكي.أربيل 2015، دار جيني. . رواية سوء تفاهم في موسكو لسيمون دي بوفوار. أربيل 2016، دار روسا. . ترجمة الحرافيش لنجيب محفوظ. دار آوير، أربيل، 2016. . ترجمة مذكرات كلب عراقي لعبد&#160;الهادي السعدون. دار آوير، أربيل 2017. . ترجمة كتاب ثورة أكتوبر 1917 لآلان مورهيد. أربيل، 2018، دار آوير. . ترجمة رواية فتاة عادية، آرثر ميلر، مكتبة زانين، أربيل 2018. . طبع ديوان آخر كلمات القمر، باللغتين الكوردية والعربية، أربيل 2019. . ترجمة رواية شارع إبليس، أمين الزاوي، دار آوير، أربيل 2020. . ترجمة أحزان السَنَة العراقية، خزعل الماجدي، أربيل 2020، دار موكرياني. . ترجمة رواية مقتل الكومنداتور، هاروكي موراكامي، الجزء الأول، 2020، معد للطبع. . عمل صحفياً في دار الثقافة والنشر الكوردية ببغداد من 1976 لغاية 1989 بصفة مترجم. . نقل عام 1989 ليشغل مسؤول فرع الدار في أربيل. . أنتسب بعد انتفاضة ربيع عام 1991 إلى وزارة الثقافة في إقليم كردستان. . نقل عام 1992 إلى وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان بعنوان مدرس اللغة والأدب الكرديين وقام بالتدريس في إعدادية صناعة أربيل وإعدادية ميديا للبنات. . نسب عام 1994 للعمل في مجلة آفاق تربوية الشهرية باللغة الكوردية والعربية بوزارة التربية. . نقل عام 2007 خدماته نهائياً إلى مجلة التربية والتعليم بديوان وزارة التربية. . شغل مدير التحرير في المجلة أعلاه. . عمل منذ عام 2003 محرراً للأخبار في القسم العربي بفضائية كردستان ويعمل حالياً في قسم الأخبار باللغة الكردية بفضائية كوردستان. من قصائد الشاعر مترجمة من الكوردية إلى العربية: البحر حبِلَتْ بحيرة من بحرٍ انقضى ثلاثون قرناً وثلاثون عقداً وثلاثون عاماً وثلاثون شهراً وثلاثون أسبوعاً وثلاثون يوماً وثلاثون ساعة ليولدَ بحرٌ من بحيرةٍ أنتفض بحرٌ في حضن بحرٍ في تاريخ بحرٍ أبتلع بحرٌ بحراً قَرصَ بحرٌ فخذَ بحرٍ غرق بحرٌ في أمواج بحرٍ طالعَ بحرٌ تاريخَ بحرٍ خاصمَ بحرٌ جغرافيةَ بحرٍ ردمَ بحرٌ ينابيعَ بحرٍ تخندق بحرٌ ضد بحرٍ ثار بحرٌ على بحرٍ قَدِمَ بحرٌ وأرتاد مقهى بحرٍ أجتاز بحرٌ شارع قلعة بحرٍ لم يعجبه أرصفة بحرٍ أستدار حول الشارع الستيني لبحرٍ مرتشفاً فنجان قهوة في ليالي البحرِ أمضى الليل حارساً حول قلعة البحرِ لم يعجبه أسلاك الكهرباء والهواتف الممددة دون إنتظام على الأعمدة وجدران منازل الأحياء مشوهةً منظرَ أزقةِ وشوارعِ عاصمة البحرِ نفرَ من مشهد جل العربات التي لا تفسح الطريق للمارة كي يتجولوا في بحرِ بحرٍ ويقوموا بجولات بحرية تَفقّدَ بحرٌ نقاطَ سيطرةِ مدينةِ بحرٍ لم تنبس واحدةٌ منها بسؤال من أين قدِمتْ إلى أين تذهبَ أين هويتكَ من أي مدينةٍ أنتَ ماذا تفعل أمواجكَ متى تنتفض أمواجكَ ومتى يغرقنَ السفن وكيف يلقين القبض على قراصنة البحر وكيف يسهرنَ وكيف يفتشنَ المنازل المشبوهة وكيف يطمئننَ قاطني الاحياء التي تعاني شحة المياه بوصول مياه الإفراز إليهم ممن يحلمونَ بشوارعٍ معبدةٍ ومدينةٍ نظيفةٍ وعاصمةٍ خاليةٍ من المواشي والأغنام والماعز والأكباش والتيوس والدواجن والديوك والكتاكيت والشوارع المليئة حفراً من دون كهرباء ولا ماء سأل بحرٌ بحراً حلِمَ بحرٌ بهامة بحرٍ قدم بحرٌ لخطوبة بحيرةٍ طلب والداها كيلوغراماً من الذهب عيار واحد وعشرين قيراطاً لم يرض البحرُ ولم يُعد شدّ رحالَهُ ليغضب من جزرِ سومطرة منتفضاً، رافعاً عقيرته ليقلب أعالي الجزر سافلها ويغرق العديد من أبناء بحرٍ مغيباً العديد منهم ملقياً بالعديد منهم في غياهب المجهول مجتاحاً العديد منهم واضعاً العديد منهم تحت إبطيه دون أن ينحسر حتى أغرق ندّه البحرَ تحت مياه البحرِ تقزّز بحرٌ من بحرٍ جلس على ساحل بحرٍ لم يلتفت إلى البحرِ قرص بحرٌ أُذن بحرٍ مهدداً إياه الاّ يقرص بحراً أرتقى بحرٌ سطح منزل بحرٍ أختلس النظر نحو فتاة بحرٍ قدم البحرُ شكوى لدى الشرطة ليتم تحديد يوم المحاكمة تصدى بحرٌ لبحرٍ أرتدى بحرٌ الملابس الرياضية لبحرٍ آخر وبدأ اللعب في ساحة ملعب بحرٍ تجول بحرٌ في حدائق بحرٍ أدركه العطش فشرب من حنفية حانوت البحرِ أصاب العطش بحراً بالعمى في صحراء بحرٍ أطربَ بحرٌ لبحرٍ كي يقدم له شربة ماء أجتاح بحرٌ سرير عرس بحرٍ طرق بحرٌ باب بحرٍ طالباً طنجرة ماءٍ من مياه إسالة الإفراز أنطفأ التيار الكهربائي لحي بحرٍ أوقد البحرُ شموع بحرٍ حطم بحرٌ عِرنينَ بحرٍ لم يقدم البحرُ لتسجيل الشكوى لدى الشرطة منَّ اللهُ على بحرٍ ولداً فأغرقهُ في اليَمِّ جلس بحرٌ في مطعم العاصمة طالباً كأسين من مياه البحر شاهدَ بحرٌ زورقَ سفينةِ بحرٍ لم يَقُم بأداء التحية داعياً حراس السواحل كي يوثقوه في معتقل ساحل جزيرة البحرِ دلف بحرٌ من نافذة بحرٍ لم يجد شيئاً غير البحرِ قطع بحرٌ تذكرة وشاهد فيلم بحرٍ كان يحكي قصة غرق بحرٍ كان بطله بحراً لم يكن قد شاهد ساحل البحرِ تناول بحرٌ لحم شقيق بحرٍ لم يستطع هضمه جرجر بحرٌ جديلة بحيرةٍ فسقطتْ في بحرٍ وأبتلّتْ ثيابها عاتبته والدتها سافر بحرٌ إلى العاصمة فأختطفه بحرٌ في نقطة تفتيش بحرٍ طالباً فديةً مقدارها بحراً من الدولارات لم يستطع البحرُ دفع الفدية فجزّ البحرُ رأسَهُ سالتْ دماء البحر لتلوث بحرَ بحرٍ ولم يقدموا له رشفة من ماء البحر إبتاع بحرٌ من محلات بحرٍ جهاز إستقبال فضائيات البحرِ يفتح القنوات المشفرة لم يستطع إستقبال قناة البحرِ ولجَ بحرٌ من بوابة مكتب إنترنيتِ بحرٍ ليطلع على موقع بحرِ البحرِ أستقبل بحراً من الإيميلات من صديقته البحيرة لم يطلع عليها وقام بحذفها زار بحرٌ منزل ابن عمه البحر كان ابن عمه البحر في العمل فلم تدعوه زوجته للجلوس حلمَ بحرٌ أن يغدو بحراً ليبتلع حلمَ بحرٍ كان بحرٌ منهمكاً في كتابة قصيدة بحرٍ مختبئاً بين سطور بحرٍ كَمَنَ بحرٌ في حديقة قصيدة بحرٍ فأبتلّ جل بحور العروض تثائب بحرٌ في حضن بحرٍ مددوه فوق سرير بحرٍ رأى بحراً من الأحلام الغريبة ذاب بحرٌ في كفِّ بحرٍ وغدا قطرة بحرٍ عادت إلى البحرِ شاهد بحرٌ بحيرة فبكى ملء بحرٍ كي يزفوها إليه قدمَ بحرٌ لخطبة بحيرة لم يوافق والديها ليسعد بالزواج منها أنشد بحرٌ نشيد بحرٍ فغرق في بحار الألحان لم يشعر به وتّار البحرِ قدمَ بحرٌ لرؤية هلال بحرٍ فتاه في ساحل بحرٍ قدمَ بحرٌ يسأل عن بحرِ بحرٍ استدلوه إلى منزل بحرِ بحرٍ طارده أطفال الحارة في حي البحرِ أستعجل وتوارى في لجة بحرٍ غدا بحرُ بحرٍ بحراً جاعلاً بحرَ البحرِ بحراً!! عن ديوان (أسطورة التفاح)، مطبعة شهاب، هولير آب 2005 كلمات في حضور الحبيبة[عدل] أنتِ قصيدةٌ مكتوبة بلا عنوان بلا صدى، بلا الحان في تواريخ اشعاري&#160;!! أنتِ خواطرٌ حمرٌ تحترقُ في صومعةِ أفكاري&#160;!! وبكاءٌ غارقٌ في عيونِ الأنهارِ وليلكِ الدّامِسْ شبحٌ خرافيٌ بين غاباتِ الاخبارِ فيا غزالة متمردة كيفَ ليَّ التمرّدُ من قوقعةِ الرتابةِ في ثنايا الاطوارِ ؟! يا مظلةً شتويةً، يا ممزقةَ الصدرِ فوق وجهي وجسدي العاري&#160;!! أنا نارٌ في نارٍ في ناري أحترقُ بلا رماد، بلا دخان في صمتٍ موحشٍ في ظلمة الغارِ بين شواطيء عينيكِ وإنتظار مقلتيكِ وحيداً، غريباً في تطوافي وأسفاري&#160;! أغدو طائراً دفينَ الرغباتِ اكتب إسمي وتاريخ ميلادي وعشقي الأخضر على صفحات فؤادٍ ممزق الأوتارِ راسماً وجهَ جوادي خارطةً، رمزاً لحبيَ المدمى في حقائبِ البعدِ وهدايا لتذكاري فحذارِ إن القلبَ فارسٌ مقدامٌ حزينٌ غريبُ الأطوارِ نارٌ تشتعلُ في النارِ تنقضُّ على عالمكِ الخرافي وتختفي كألقٍ صوفي بين جبين السماء وبقايا الغبارِ&#160;! قصائد قصار[عدل] 1- الليل خاصمتني ليلة فجاءها البكاء تحت شجرة الصمت تذرف دموع النسيان&#160;!! 2- هوى هويتها نظرت إليها رأيتها تسابق ريح الأحزان تسافر في مجاهل البلدان حبست أنفاسي كي ألتقيها في الأماسي لكنها غادرتنا وغادر معها السلوان 3- جدول ألتوي كجداول قريتي من الآلام وأحزان البعاد أسير الهوينا كنهر اتعبه المسير تنهمر أحزاني مطراً في جدول عشق نسيه الغدير&#160;!! 4- الكنز عيناكِ قمران يضيئان دروب حياتي لا أرى فيهما حزناً بل كنزاً من الذكريات عيناكِ قمران في سماء الوجد سهام وصلهما يصيبان عين الكبد 5- خوف خوفي عليكِ أن تطاردكِ الخريف خوفي عليكِ أن تختطفك الأضواء خوفي عليكِ أن تبللكِ أمطار الأهواء خوفي عليكِ أن أجدكِ تحتضرين وأنتِ في أحضان السماء 6- جدال بوابة الحزن موارب على الرحيل وعين الرغبات تمتشق سيف التنهد على وصل طال به السبيل والجدال بيننا طير يحن إلى الرفرفة إلى عش الأنغام والهديل&#160;!! 7- اليوم الثامن سآتيكِ في اليوم الثامن من الأسبوع سآتيكِ لأترنم نشيد الشهر الثالث عشر لعشق الحقيقة سآتيكِ كي أبلغكِ أن الساعة الخامسة والعشرين من يوم العشق حان وقد أضاء شمس عشقنا المكان&#160;!! 8- النسيان لن أنسى سويعات الحب ولا شبابيك الهوى ولا مرارة النوى ولا ما عانيناه سوى بأيدي جلاوزة السلطان في قعر الجب&#160;!!! 26-1-2007 بيرمام أنهار[عدل] زلزال قريتنا اهتزت وانتشر الذعر بين النوارس وما من أثرٍ لزلزال كتابة كثيَراً ما تراودني الكتابة عن أطفال الزيتون لكن من الجنون أن أقلع عن التفكير في المنون أنهار لم أر الأنهار التي عشقت النهار وراحت تجري ليل نهار علها تشق الجدار لتلتقي بعاشقة الديار المدينة أحببتها من كل قلبي منحتها مشاعل حبي وألحان قيثارتي وعسل كلماتي ووجدتني أبكي دماءً من أجل عينيها يا لها من مجحفة وناكرة للجميل فقد رمتني في أحضان البؤس ونفق النسيان الطويل من دون ذنب ولا وشاية أو دليل هوى هويتها وكان هواي سرمديا فلم أجد لهواي مسمعاً ولا رطباً جنيا تخيل أتخيلها طريقاً مزداناً بالخيلاء وجنينة مزدانة بالكبرياء أتخيلها عشقاً لا يمسه الجنون ونظرة ثاقبة في وجه المنون رحيل أرحل في كلمات القصيدة باحثاً عن وجه الحبيبة أرحل في حروف الكلمات باحثاً عن قامتها المديدة أرحل في الجمل الوحيدة عن قولتها السديدة الحلم ليتني لم أرها ولم أقابلها ولم أتمم بها ولم أغازلها ولم أنبس ببنت شفة معها كونها حلم من الأحلام وعين لا تنام ودنيا من الهيام لا تنفك تبحث في لغة الكلام عن عبق جمل الوعود وأنا المتيم بأناشيد النهود لن أمسها سوى في أحضان الأحلام محطات الهموم والهوى[عدل] 1- عريشة في سماء الزمن السرمدي أمتطي صهوة الهمومِ أسير صوب نهر العشق في هدي النجوم طائراً بجناحي المدمى فوق منازل السحب وعرائش الغيومِ وحيداً فريداً باحثاً عن دفءِ حضنٍ عن وجه حزين عن ظل عريشة عن فيء شجرة عن ملاذٍ أمين يأويني عن عاشقة الشمس تطل عليّ شعاعاً من علٍ من قمة عاطفة من وادي التلاقي تأتيني لكن رياح الهوى تراوغ ريش جناحي فلا عريشة تستقبلني ولا ظل خرافي يأويني&#160;! 2- مدينة النوى شوارع هذه المدينة الغريبة لا تعرف وقع خطواتي ولا بسمة شفتي ولا لون عيني ولا خصلة من شعر رأسي ولا يومي وغدي وأمسي شوارع تنأى بي عن جدائل الحبيبة ومناظر حدائقها القشيبة وضحكاتها العجيبة لأغدو صنواً للفراق ورديفاً للأحزان وصفحة بيضاء للنسيان وطفلاً هزيلاً تتقاذفه مهازل الزمان&#160;! 3- إنتظار كلما أنتظرتكِ كلما أسرع وقت الإنتظار رغبة في اللقاء تحت شمس أشرقت دون سماء&#160;! 4- هوى أهوى السباحة في نهر نهديكِ أهوى الغرق في بحار عينيكِ أهوى قطف الورود من حدائق وجنتيكِ أهوى لذة سرمدية تكمن في شفتيكِ أهوى التسلل إلى مخدع رغبة رهينة في يديكِ أهوى الموت والإنبعاث تارة أخرى في جنة تكمن بين قدميكِ&#160;!! 5- نسيان لن أنسى حكايات السنين الخوالي لن أنسى سمر الليالي لن أنسى حديث الأربعاء لن أنسى ما تم وما لم يتم من لقاء لن أنسى عسل الأماسي وما فاح من عطر الأنفاسِ لن أنسى ما دار بيننا من همسات وما مرت بنا من مآسي لن أنسى كلماتكِ الحزينة ولا راية رغباتكِ الدفينة لن أنسى وعود القبلِ ولا نظرات المقلِ لن أنسى الأيام الخوالي مهما بعدتِ عني وابتعدت الأماني&#160;!! 6- مطر أنا أرض عطشى أنتظر موسم هطولكِ فأرويني أنا حقل أجرد أنتظر غيم وعودكِ فأمنحيني عطف الهطول أمنحيني أنا سهل عشق مترامي الارجاء أنتظر رذاذ عهودكِ فأغسليني بماء العشق أغسليني تعالي ايتها الغيمة القصية أقتربي أقتربي من سمائي المنسية تعالي وأهطلي مدراراً على أديم وجنتي كي تحيا قبلات شفتيكِ دوماً في حضن شفتيّ&#160;!! 6-3-2007 حزن في مهب الرغبات[عدل] ليت الريح تتنهد على طريق الآلام ليت الشبابيك تنفتح في وجه الأيام ليت الشموس تبزغ في ليالي دامسة الظلام ليت حبيبتي تأتي وفي جيدها قلائد الوئام ليت الموعد يناديني وفي شفتيه بشرى السلام ليت الرغبات تزين عرائس الأحلام ليت الخوف في زمن الخوف يسترد الجرأة من أفواه الكلام ليت الشعر يعود سيفاً وفي جعبته صوراً للأقلام ليت الأناشيد تطول لحناً وصوراً وتغدو قلائد في جيد السلام ليت حبـي يعود طفلاً يناغي العشق في حضن الهيام ليت العمر يعود القهقري إلى زمن الطفولة الباكرة المترعة بالأنغام ليت الأمنيات تسابق الدهر وتنبت ثانية في حدائق القلب زاهية الألوان والأصناف فواحة بعطر الإلهام ليت طريق عشقنا يمتد على شواطيء اللقاء ترفرف على جنبيه رايات القبلات كالأعلام ليت القُبَلُُ تعود على شفاه العشق ناراً ترتفع لظى حنينها بمرور الأيام ليت نهديكِ تفاحتان نضاختان بعبق يسكر الأنام ليت نهديكِ لا تتمرّدان على أناملٍ تواقة للولوج في بساتين الأحلام ليت همساتكِ ريحُ صبا تناجيني في عشقٍ يحسده اللئام ليت نظراتكِ وروداً تفوحُ بعبقِ عشقٍ أزلي لا ينال منه السفلة والأقزام ليتكِ تعودين طفلةً مرصعةً بنجوم الحب توزعين قبلاتكِ الوردية على شفتي التعبتين تناجين حضني الدافيء يحسدني عليها جل التجار والأغنياء ومن لم ير مثيلاً لها حتى في جنان الأحلام!!! أنهار[عدل] زلزال قريتنا اهتزت وانتشر الذعر بين النوارس وما من أثرٍ لزلزال كتابة كثيَراً ما تراودني الكتابة عن أطفال الزيتون لكن من الجنون أن أقلع عن التفكير في المنون أنهار لم أر الأنهار التي عشقت النهار وراحت تجري ليل نهار علها تشق الجدار لتلتقي بعاشقة الديار المدينة أحببتها من كل قلبي منحتها مشاعل حبي وألحان قيثارتي وعسل كلماتي ووجدتني أبكي دماءً من أجل عينيها يا لها من مجحفة وناكرة للجميل فقد رمتني في أحضان البؤس ونفق النسيان الطويل من دون ذنب ولا وشاية أو دليل هوى هويتها وكان هواي سرمديا فلم أجد لهواي مسمعاً ولا رطباً جنيا تخيل أتخيلها طريقاً مزداناً بالخيلاء وجنينة مزدانة بالكبرياء أتخيلها عشقاً لا يمسه الجنون ونظرة ثاقبة في وجه المنون رحيل أرحل في كلمات القصيدة باحثاً عن وجه الحبيبة أرحل في حروف الكلمات باحثاً عن قامتها المديدة أرحل في الجمل الوحيدة عن قولتها السديدة الحلم ليتني لم أرها ولم أقابلها ولم أتمم بها ولم أغازلها ولم أنبس ببنت شفة معها كونها حلم من الأحلام وعين لا تنام ودنيا من الهيام لا تنفك تبحث في لغة الكلام عن عبق جمل الوعود وأنا المتيم بأناشيد النهود لن أمسها سوى في أحضان الأحلام كراسٍ فارغة[عدل] كراسٍ فارغة تنتظرُ من يجلسُ عليها لهنيهة أو يستريحَ للحظاتٍ طرقٌ معبدةٌ عند أطرافِ القرية لم يسلكها إنسان سماءٌ صافيةٌ تنتظر قدوم غيومِ خريفٍ متأخرٍ جدولٌ رفيعٌ يشتكى قلةَ تردّد العصافير على مياهه الرقراقة عيونٌ جاحظةٌ تندهشُ من هولِ الصدمة ينابيعٌ تعبى تسترقُ السمعَ لحكاياتِ فتياتِ القرية وهنّ يسردن مغامراتهن في زمن الطفولة شبابيكٌ ملونةٌ تزدان بظلالِ أشجار السرو مفتوحة على مصاريعها في وجه رياح الأحبة أبواب مواربة قليلاً في إنتظار مرور عشاق ما زالوا خارجاً دموعٌ منهمرة ٌ راسمةً رسالةَ وداعٍ على وجناتٍ وخدودٍ لم تمسها شفاه القُبل شفاهٌ يابسةٌ عطشى على قارعةِ طريقِ الوعد ترنو نحو ينبوع العشق لترتوي من عسلِ الوجد أمنياتٌ عجلى تسير وسط شارعِ الرغبةِ للإلتحاق بمترو البشرى أسرابٌ من زرازير الوجد تملأ أفق الإنتظار لترفرف في سماء اللقاء أغانٍ لم تكتب بعدُ تبحثُ عن ملحنٍ أضاعَ معطفهُ الصوفي في مترو أنفاق قصائدٌ متشردةٌ تطاردها شرطة النقد لتزج بها في سجن النسيان ألحانٌ قديمة تقبعُ فوقَ رفوفِ ازمنةٍ يعلوها غبارُ الهجران كلماتٌ من دون حروفٍ تستلقي بين صفحاتِ قاموسٍ بلا عنوان حقولٌ متراميةٌ من رغبات آنيةٍ تسورها أسيجةٌ من تقاليدٍ باليةٍ قبلٌ عطشى تتهالكُ في أزقةٍ تسلكها عاشقاتٌ هائماتٌ يبحثن عن جسدِ قمرٍ ورِثَ الأغنيات أسرابُ حمامٍ تحوم في سماءٍ تلبدها غيومُ حزنِ رحيلِ نجمةَ المساءِ لهيبٌ من نيرانِ الفراق تحذر من قدومِ شتاء النسيان في موسمٍ تهاجر فيه طيورُ الحلمِ إلى غاباتِ أملٍ تسقيها أنهار الزمان قصائد قصار[عدل] قناع[عدل] الآن تضع قناع الحاضر على وجهك لتعيد صياغة أحداث الماضي وفق هوى اليوم! الشاعر[عدل] بعد رحيلي ما الفائدة حين تسمون شارعاً ومدرسة إبتدائية وقاعة ثقافية بإسمي وتخصصون راتباً تقاعدياً مغرياً لعائلتي وأنا لا أملك الآن سكناً يضمني وإياهم تحت فيئه!! تمثال[عدل] لم يكن شاعراً ولا ناقداً ولا كاتباً ولا فناناً كان يتسكع في كل شارع وزقاق تعرفه الحانات والموبقات تنهره الكلمات والقوافي وتكرهه البحور والجمهور لكن حين غادر غير مأسوف عليه حاملاً أوزاره على ظهره صنعوا له تمثالاً وضعوه في مركز المدينة سموه نفاقاً يبصق عليه كل من يمر بجنبه اليقين[عدل] سأصعد هذه التلة وكلي يقين أنه وبعد تعب وجهد جهيد أنني سأنزل كما صعدت&#160;!!! و علينا تعلم هذه الحكمة عند ارتفاع وإنحدار الطريق!! معرفة النفس[عدل] هل تعرف نفسك؟ منذ سبعين عاماً تنبش هذه السطور ولما تعلم بتلك القبور التي تحفر وراء السور لتضم رفاة من كانوا من ضمن الحبور!!! عقول من حجر[عدل] أحمل معولاً خارجاً من إحدى قصائدي الغاضبة لأحطم أصنامَ دجالين يربون عقولاً من حجر ويزيتون لحايا من تقاليد بالية. أخرج من سطر غاضب لإحدى قصائدي الغاضبة لأضرم النار في لحايا رجالٍ معزان يقتلون نصف الحياة في دهاليز عقول متحجرة ورثتُ الكلمات!![عدل] أورثني أبي كوناً من الكلمات وعالماً من التحايا أورثني حبي لأرضي ومكارم السجايا!! أورثني أبي أحضاناً ملؤها الكواكب والنجوم وسماءً ملؤها الأقمار دون تخوم!! أورثني ماطاب من الأثمار وحزم فكر تتلألأ بالأنوار أورثني خواطر فياضة تتماوج في عيون الأخبار!! أورثني ابي أزاهير فواحة من التجارب والحكم أرشدني الطريق الذي يفضي للواحة الوارفة بالشمم منحني مفاتيح من الإخلاص كي افتتح أبواب الكلم!! أورثني أبي أحباراً للمداد أورثني ما يحتويه الفكر وأسرار السطور أورثني لغة تمتد عبر العصور أنشد بها الترانيم وأخبار الدهور لأفتح طلاسم الأجداد!! أورثني أبي الشعر آخذاً بيدي نحو قصور الأوزان وزخارف الأبيات مؤشراً خبايا الأفكار وأسرار الكلمات حتى أمسيت في مضارب الجدود ليس بيني وبين القوافي والصور أيما حدود! أورثني أبي إسمه التليد ومجده المكين أسير الهوينا في الأرض مرفوع الجبين ينادونني يا ابن الرشيد مالك وقد أستسلمت لك أمواج القصيد! الأخ الأكبر[عدل] لي أخ أكبر لم أره في حياتي ولم يشهد ولادتي وليس من صلب أبي!!! ولا من أمي!! ولم ألعب معه ولم أرافقه للمدرسة ولم أفتخر به لم أره البتة ولا أريد رؤيته البتة أكرهه، أمقته أنزعج منه لا شكل له لا رأس له لا قامة له لا مسكن له!! في مواسم القحط يهيم في الفيافي وفي مواسم الفيضان يحط في السهول عند العبور ينتظر عند ضفاف الأنهار وفي الحروب يقف على قمم الجبال ممتطياً ظهر الأوبئة نافخاً في مزامير النار التي تصدر أصواتاً تكرهها الآذان وتنشر تراتيل تقشعر لها الأبدان!! لي أخ أكبر لا أود إستقباله ولا أود قدومه ولا حتى مناداته أو السلام عليه إنني أكرهه وأمقته ولا أريد رؤية وجهه القبيح الذي لم يره أحد ولن يره أحد ولن تروه أنتم ولا رأيته ولم يره أبي ولم تره أمي لكنه موجود يقولون سيصل يوماً ربما مساء أو صباحاً أو فجراً أو حتى عند قيلولة الظهر لكنني أكره وصوله مثلما تكرهون أنتم وصول أخيكم الأكبر الذي ليس من صلب أبيكم ولا من أمكم لكنه موجود وسيصل يوماً لكننا جميعاً نكرهه ونحتقره نتمى له الفناء ولا نود له الوصول أو الحضور أبداً!!! الشاعر[عدل] قال الشاعر: إني الآن لا أملك شيئاً لا منزلاً ولا شقة ولا مزرعة ولا عربة حديثة الطراز ولا قطعة أرض ولا موضع قبرٍ ولا رصيد في البنوك لا أملك سوى يراعي وأوراق بيضاء وكون من الكلمات أطرز بها همومي وأزين بها دموعي وأحزاني غير مبالٍ بما تؤول إليها الأقوال قال الشاعر الرجاء لا تزعجوني بعد مماتي ولا تزوروا عائلتي ولا تقدموا لها العزاء ولا تبنوا لها قصراً فخماً ولا تخصصوا لها راتباً تقاعدياً ولا تعينوا أبنائي وبناتي في وظائف هامة ولا ترسلوهم إلى بلاد بعيدة سعياً للدراسة أو الإستجمام أو مهام رسمية قال الشاعر الرجاء لا تزعجوني بعد مماتي لا تتعبوا أنفسكم في إقامة أربعينية كاذبة وتقديم كلمات الإشادة المجانية وسيل من الوعود الفارغة ولا تقيموا لي تمثالاً من البرونز أو تقيموا حفل تأبيني سنوي ولا تطبعوا دواويني وقصائدي ونتاجاتي ولا تجعموا ما نشر منها في الصحف والمجلات ولا تقيموا ندوات أو أماسي عني وعن أشعاري وخفايا أسراري ولا تطلقوا إسمي على شوارع أو مدارس أو مراكز للثقافة أو العلوم أو الفنون أو التراث فقد مللت في حياتي ولم يسأل أحد عني ولم يساعدني أحد فيما كنتُ أعانيه فتحملت شدة الحرّ وبرودة القرّ وضيم العيش ومتُّ من القهر مكسور الظهر!! قال الشاعر رجاء أثبتوا بعد الآن إنكم لستم قوماً تقدرون الموتى وتهملون الأحياء حتى يموتوا لتقيموا لهم حفلات التأبين وذكرى الرحيل فالأحياء أولى بذلك وليس من ماتوا عقب نهار دامسٍ وليل أسودٍ طويل!!!2 ـ خونةبيننا خونة يتجاذبون الحديث معنا يتناولون الفطور والغذاء معنا يبتسمون في وجوهنا يشاركوننا الضحك يحضرون مسراتنا ويحزنون حين يداهمنا الأحزان يبحرون معنا حتى آخر الموانيء ويشربون من مياه ينابيعنا حد الإرتواء ويستظلون أفياء أشجار البلوط ويتسامرون في أماسي الربيع ويتسلقون جبال وعينا ويمتطون صهوة أحصنة أفكارنا يتقاسمون عيشنا صيفاً وشتاءً وينهلون من خيراتنا يتظاهرون أنهم أخوةٌ لنا وأنهم سندٌ لنا وأنهم حامي الحمى وأنهم حماة الدار وأنهم لا يقر لهم قرار حين تداهمنا الشدائد والنكد والأحزان غير أنهم يتجسسون علينا وعلى أفكارنا وتعابيرنا وأفراحنا ويعدون تنهداتنا وأنفاسنا وكافة حركاتنا ويراقبون ضحكاتنا ومرح أطفالنا وغناء شبابنا وبشاشة شيوخنا ونشاط نسائنا إنهم خونة لديهم أسيادهم يرفعون لهم تقارير مزركشة عن نعاجنا وخيولنا وأغنامنا وخططنا المستقبلية والطرق التي سنعبدها والجسور التي سنشيدها والقلاع التي سنبنيها والرايات التي سنرفعها والمدن التي سنعمّرها والآبار التي سنحفرها والأنفاق التي سنقيمها والحدود التي سنرسمها والخطط التي سنصيغها والعقول التي سنسورها ويتقاضون عن تقاريرهم أثماناً بخسة ينعتون بها أبداً إنهم خونة يعيشون بيننا ويقتاتون على أرزاقنا ويرتوون من مياهنا وأنهارنا ويسلكون دروبنا وطرقنا ويتسكعون في شوارع مدننا ويتدفأون من شمسنا ويسترشدون من أنوار قمرنا وهم يديرون ظهورهم لنا ووجوههم نحو اسيادهم يتسلمون ثمن خيانتهم للأرض والتراب إنهم خونة يعيثون فساداً في الأرض ولن يفيدهم شرع ولا عِرض!! إنهم خونة يخونون تاريخنا يخونون أرضنا يخونون ترابنا يخونون جبالنا يخونون أنهارنا وأمجادنا لن تثنيهم الخيانة أن يندموا أن يعودوا أن يعقلوا فهي متجذرة في أعماقهم وكريات دمائهم لن تفيدهم الندم مصيرهم الخزي والعار ومزبلة التاريخ!!! صور[عدل] حين تسير في غابات الحياة لا تترك رفيق الطريق وحيداً من المحتمل أن يكون هناك ذئب مسعور في حالة ترقب في أحضان هذه الحياة لا تكن متكبراً متعالياً لأن الأيام لا أمان لها مليئة بالمنحدرات والمقابر من كل الجهات!! حين تنظر إلى نفسك من خلال شقوق المرآة ليحتمل قلبك الصدمة لأن قلب المرآة سينكسر ولن يبق أي إطار يفتح أحضانه لك! لا تبصق في الينابيع لأن هناك عصافير عطشى تريد الإرتواء من مياهها! في الطريق .. أرسل نظرك للبعيد وواصل السير بخطوات هادئة لئلا تتعثر من الحفر التي أمامك!! لا تصرخ من خلال حنجرة صراخك لئلا يبح صوتك وتبقى لوحدك في وادٍ دون أن ينجدك أحدٌ!! عند ضفاف الأنهار لا تمتطي ظهر حصان الجنون وأعبر من على المعابر لأن هناك دوامة عميقة تزبدُ حقدها وغضبها جداً!! ها قد حل الشتاء فلا تحجب الشمس عن أحد لأن هناك بالقرب منكَ نسوةٌ ورجال مسنون يرتجفون برداً لا تمتطي فرساً ما لم تسرجه بنفسك فيسرع بك وتسقط بين أقدامه فتتحطم إلى الأبد!! المطر لن يغسل جراح الأيام الخوالي[عدل] هل تذكرين.. حين كنا نحلق بأجنحة القبلات في سماء الرغبات! آخذين تواقيع أنامل (مم) و(زين) الخيال.. في حدائق الذكريات الزاهية! أتذكرين.. كان الكون في نظرنا ربيعاً كان في خضم حياة العشق نهراً نجتازه بزوارق الرغبات الجامحة! وكان القلب طفلاً يرقص ويرقص جذلاناً! حين حطمتِ تماثيل الذكريات بمعاول الجفاء والقيتِ بها في العراء غدتْ جراحاً في جسد السعادة فأنبتت في مزارع الحسراِت آلاماً!! حين غدت آثار أقدام عشقكِ على خارطة أيامنا الخوالي بكاءً فلا أستطاع مطر البشرى والسؤدد غسل جراح سهام ذكرياتكِ من على صفحات حياتي الماضية ولا أستطاعت الحيتان شرب مياه بحار سهري العميق فما أستطاعت يارفيقتي فما أستطاعت!!! صوتُ نداء بلا تخوم[عدل] رفاقي، لنكن جميعاً نهراً نتمرّد على جغرافية عادات وتقاليد سحب الماضي السوداء! وندع مياه الراحة لشعاع الأفكار وذاكرة مئات من الزملاء النضج! لنكن ربيعاً تسبح نسائم أفكارنا على مزارع السطور! لنستعجل باقات البنفسج الزاهية فينا لمئات الأحضان! لنكن سيفاً وخنجراً لنا سيماؤنا! لنكن معبراً ونردع المحتال الصلف ألاّ يعبر على ظهر كرامتنا وألاّ يرقص في عرس عريسنا! لنكن هضاباً لا تتراكم على وجوهنا الأتربة الصفراء لليرات (الخليفة) العتيقات!! لنكن صخرة لا تقلع عيون الطرق المتجهمة جذورنا الصلدة! لنكن لهيباً لا تزلزل مياه الصراخات العكرة جمراتُ أصوات أعذارنا ولا تخنق أصوات أفكارنا! لنكن كلمة ننبعث في الحناجر ولا نذوب في صيف المنابر!! المعبر سنوات وأنا مسافرٌ لم يغمض لي جفنٌ في المرآة المشروخة للتاريخ المرير ولن يغمض لي جفنٌ في أعماق فؤادي ودواخلي غابة من الآمال والأحلام!! قافلةٌ أنا.. رأسي المتعب يملأه القلق لمئات الطرقِ معبراً! جسدي الواهن في ثنايا معجم العدم وفؤادي الطري جذعٌ مهتريء لغابة محترقة بلا رؤى وعنواني البارز في سطور الأخبار بلا موقع ولا مكان بلا طريق ولا مجال! سنوات وصرختي في أحضان الكلمات المتوهجة في أحضان معاني تعابير الأعماق مدوية..! بجمل الدم أملأ المدينة صوتاً مدوياً فلن يخرج لإستقبال ندائي أي مسافر أي ريبع أية ضفة!! لن يتعرف الأفق على سيمائي ولن ترفرف الظلال بأجنحة الراحة لي والمياسم تغلق الطرق في وجهي والاسوار لن تعلق صورتي في بوابة ذكرى واحدة! سنوات وفتاة الحظ، ملاك الأمل تقول سآتي حالاً وأنا في الإنتظار دون أن تأتي!! وإنتظاري نهرٌ شلالاته متجهة نحو البحر والبحر ساكنٌ عميق بلا هسيس ولا ضجيج لا حدود لعمقه!! سنوات وأنا احلم في سهوب الأحاسيس المحروقة ولم يغمض لي جفنٌ على أجنحة تاريخ الحسرات ولن يغمض لي جفنُ في غابات الفكر الثرة!! وأنا انتظر قافلة انا.. رائحاً غادياً نهرٌ واثقٌ أنا، أفيض واثباً وقد خطوتُ بخطى آمالي لكن شمس حظوظي لن تجيء!! *** سنوات وأسارير الأسئلة تتفتح لكنها تغلق بمسامير شتى وخطوات الإنتظار تكلّ ولن يمرّ النور ولا ملاك الحلم يخرج من ظلمة القلقِ ابداً!! 20-1-1986 تمثال[عدل] أستيقظت في زاوية إحدى قصائدي باكياً فلم أجد أبي ولا أمي ولا إخوتي وكانت الأمطار تضرب الأرض مدراراً فأبتلت ثيابي فلجأت إلى أحد الحان إيقاع القصيدة واشعلتُ ناراً تحت خيمةٍ كنتً قد أحضرتها لتوي من حانوت الجملة الأخيرة من القصيدة وتدفأت بها وأستعدت نشاطي وهممت بالرحيل وتوجست خيفة من الطريق الحالك ولشدة إندهاشي أستيقظتُ مذعوراً من صرخات إحدى كلمات القصيدة فلم أجد أبي ولا أمي ولا إخوتي ولا الخيمة عينها ولا القصيدة وكلماتها وأدركتُ أن قطار الصباح قد فاتني لأنني كنتُ مسافراً لحضور حفلٍ كان يقام فيه تمثالاً للشعر!!! 19/11/2018 ثلاث قصائد قصيرة[عدل] 1 ـ جواز سفر جوازُ سفري عشقٌ أخضرٌ إمتدتْ جذوره عميقاً في أعماق الفؤاد والجسد المنتفض إن ضاعتْ، أو تمزقتْ إن لم تُمنحْ، أو أحترقتْ جلَّ جوازات السفر فإن جواز سفري هو عشقٌ مقدسٌ يثبتُ في موقعه أبداً 2 ـ العقد الحب والعشق ليسا عقداً يُزَركَشُ جيدكِ فتتركينه جانباً، أو ترتدينهُ تارة أو تخبئينهُ تارة أخرى إنها أشياء مقدسة تكمنُ في ثنايا النفس لتمكثَ دوماً في أعماق الروح! 3 ـ بيني وبينكِ بيني وبينكِ أخضرّت شجرة العشق وتوثقت أوراق علاقتها جداً فأسرعي إذن لنقطفَ ثمارها ما دام في الروح عزمٌ والقلب نشط!! القلب يحتضنكِ[عدل] مثلما تغور قطرات المطر في أعماق الأرض لتصل جذور الأشجار العطشى فإنني سآتي كالمطر وأهطل على صدر ونهود عطشكِ لأروي عطش قلبكِ للسنين الخوالي!! هل تعلمين كيف تحتضن الأم المخلصة الأم القلقة طفلها الضائع بعد عودته!؟ إنني كذلك فبعد البعاد بعد الخريف بعد تساقط أوراق الشجر أضعكِ أنتِ الشجرة في حضن الحضنِ ليفتح لكِ القلبُ حضنه كي تترعرعي من جديد!! الاحتراق[عدل] في سهوب الأحلام والحياة يشاهد دخاناً كثيفاً ألأنه موسم اللهيب الداكن أم إنه الربيع في مدار المواسم غاضباً، متجهماً، ضجراً؟! أسمعُ صوتاً من صدر عقيدتي يخفقُ من مزارع رُكبـي الخضر أسمعُ صوت غناءٍ وأناشيد تؤدى بحناجر الأيام ولهف الساهر نحو ضفاف وسع الآمال هل إنه سيماء أنهار الغابات وقد صبتْ في نوافذ الهموم وهو الطبيب والدواء لكل داء؟!! أرأيتَ.. أرأيتَ ذلك النهر أبلق العينين .. ملتوي العنق؟! لا يأخذ قسطاً من الراحة لا في الليل ولا في النهار لن يغض له عين الهموم سائراً نحو الجنوب؟! اذلك قلبـي أنا بفعل مسامير عدم وفاء الفاتنات ممزقاً ضجراً من الحياة في أحضان العشق قلقاً؟! أم إنه موعد لقاء عدم وفاء .. مدللة وهي في قاموس عشقها خجلة؟!! افكر فيكِ متى ألقاكِ؟ ليكرع لهف بُعدي مياه شفاه بُعدكِ؟! لتصب جداول الشهد في النهر!! أفكرُ فيكِ متى أنثر بيادر أحلامي بين يدي رغباتكِ؟!! متى أقالكِ لأدفنَ جراحي بين مقدم دلالكِ؟! لأمشط جدائل كلماتي في مرآة عهدٍ لأزفّ لكِ بشرى سعادة قبلةٍ جديدة؟! حين أعود.. أحملُ لكِ في كون فؤادي وسع القبلات الجديدة حين أعود اغدو حلماً آخر في خيال الأفكار الدقيقة منبعثاً في حياتكِ المتلهفة!! عزيزتي الكونُ دونكِ غصنُ شجرة هشيم مابعد الربيع في مهب لهيب حسراتي تضترم فيه نيران العشق محترقاً إلى الأبد!! مع الطبيعة[عدل] تحدثتُ إلى المطر فهطلت علي مدراراً أحتميتُ بالصور فأنقطعت عني عيون السهر *** صادفتُ نملة تحمل عبء يوم لا تقوى على حملها في طريق يغالبها عثرات النوم *** الأنوار ترسل مخبريها في الأنحاء يجمعون عنا أسرار المساء لذرها في عيون الأخبار *** تعبَ البدر في غابات السماء أطفأ ضوئه وأستراح في ظل الرجاء *** أخبرني النهر بقدوم الفجر لملمتُ دثاري وأقتفيتُ الأثر *** الصمت[عدل] صمتي یقلقني لا خیار لي سوف أدلف إلی حزني وأتسكع علی قارعة وحدتي لأتسلق هامة الوجد رافعاً عقیرة العصر فوق مهماز النسیان لیتني لم أقبل قدوم اللیل فالنهار أولی بعیون الزمان هالة الورد توشك أن تقتفي إثر الإحسان!! قصائد قصيرة[عدل] 1-النهج كلاّ لن أطرق على بابِ شعوركِ كلاّ لن أرنو إلى غمزةِ نظراتكِ كلاّ لن أوجه إليكِ لحاظَ القلقِ كلاّ لن أوقف شهقاتُ أحلامكِ عند عتبة الإنتظارِ كلاّ لن ألتقط لكِ صور للذكرى إني أحمل حضناً من الكلمات أسيرُ في طريقي لن ألتفتَ لأي بابٍ أو نافذةِ إنتظار هذا نهجُ حلُمٍي وقد صممتُ أن أجتازه!! 2. الفأس كنتُ أقف في المطبخِ وإذا بقطٍ يموء كان قادماً ليقتسمَ معي ميراثَ والدي وهو فأس كليل لم يكن ليقطع غرساً!! 3. الخسارة دون أن تشحذ سكيناً دون أن تخرج الخنجر من نصله دون أن تشهر سيفاً قبل أن تستعد لإطلاق رصاصة خسرتَ المعركة!! 4.الطريق إلى أين يوصلنا الطريق؟ إلى أين يسير بنا الطريق؟ ماذا يحل بمصيرنا الطريق؟ من يصادفنا على الطريق؟ بمن يُعرّفنا الطريق؟ كم يتعبنا الطريق؟ كم يأخذ من سنين عمرنا الطريق؟ لقد قطعناً طرقاً كثيرة وبقينا زمناً طويلاً ولم يردُّ الطريق على أسئلتنا!! 5. لا تثرثر!! لا تثرثر ستدفعُ الثمن غالياً!! لا تثرثر ستكلُّ جُمَلُكَ!! لا تثرثر ستستهلكُ كلماتُك!! لا تثرثر ستتشوه أقوالُكَ!! لا ثترثر ستحترق شعاراتكَ!! لا تثرثر إن ثرثرتَ... ستثرثرَ أكثرً!! 6. العمر ذبُلَتْ أوراق العمر أصفرّتْ جنابذ العمر أرتدى العمرُ الرداء الأسود أرتشف العمرُ سموم الماضي صرخ العمرُ كم حاولَ العمرُ ألا يمسكَ الشيخوخة يديه ألا يرسلَ إلى أحضان النسيان ألا يدون إسمه في سجل الذكريات ولكن.. ولكن أخيراً توقف الكَدّ في المحطة الأخيرة ولم يلتفتُ إليه أحد!! من ديوان (آخر كلمات القمر، 2019). الساعة لو كان هذا الحجر.. ساعةً لو كانت هذه الساعة حجراً وهذا الوقت شهقةً والشهقةُ وقتاً فالحجر والوقت والشهقة ليست أصدقاء الشمس والشمس لا تحتضن الشعاع فيما الحضن يزعجُه سيماء الظلام والسيماء يعتبر الساعةَ حجراً والحجرُ لا يفهمُ السيماء والساعةُ تعلنُ الإضرابَ فيما الإضرابُ لا يمنحُ المُهَل والمهلُ لا تتسكعُ في شوارع الحظرِ فالشارع في إنتظار حظرِ المُهَلِ الحظرُ بطاقةُ المُهَلِ والبطاقة لا تعرفُ المُهَلِ فيما الرياح لا تعرفُ أيب منها والرياحُ لن تهبَّ من الجنوبِ من أجل البطاقة فيما الجنوب يحظر ريحَهُ من النسيم والحظرُ قلادة تتلاعبُ بها البطاقةُ والمُهَلُ في إنتظار حبات القلادة واحدة إثر أخرى والقلادةُ في ججيدِ الحظرِ والحظرُ يُحظِرُ نفسه من الحظرِ والحظرُ ساعة تُحظِرُ الثواني والدقائق من الحظرِ تتمددُ الثواني في أحضان الدقائق فيما لا تدور الدقائقُ في مداراتها والمدار يندهشُ من مدار المدارِ فيما تختنق الدهشة أمام المدارِ الساعةُ حجرٌ والحجرُ ساعةٌ عداد الحجرِ وقتٌ والوقتُ عدادُ الحجرِ!! العمر ذبلتْ أوراق العمرِ أصفرّتْ براعم العمرِ أرتدى العمر دثار السواد أرتشفَ العمرُ سموم الماضي صرخ العمرُ حاول العمرُ ألاّ تمسهُ أيادي الشيخوخة ألاّ يُجرّ إلى أحضان النسيان ألاّ يدون اسمُهُ في سجل الذكرياتِ ولكن.. ولكن ذهبتِ الجهودُ سدى وتوقف في المحطة الأخيرة ولم يلتفتَ إليه أحد!! ندين ذلك الشاعر ندين الشاعر الذي سرق الجملة الرئيسية العسلية من النحلِ وهو يسبح في نهر الكتبِ دون أن يعظَ أصابعَ الندم ويسحق أزاهير القصائدِ ليغرسها في الجملة التابعة وهو يعرّي الطبيعة من دثارها ليحملها لأطفاله القرود ويُغيّر لون الأنهار في ميادين الإستعارة دون أن يسمع دموع لحاظِ القوافي ندينُ ذلك الشاعر الذي أخجلَ جملة النحل وأزف بشرى الموتِ للربيع ونحطمُ مكتبة أحلامه ندين ذلك الشاعر الذي لم يَهدهد طفلة الطبيعة ونكأ جراحه ندين ذلك الشاعر ونضرم نيران الإنتقام في شوارب ولحايا حيله ونرمي بأوراقه البالية ونجعله عبرة لعالم الشعر والشعراء والكلمة والصورة وقوافي العصر. أنت لستَ شاعراً؟ أنتَ لستَ شاعراً في كرشكَ بقرةُ حقدٍ تخور!! أنتَ لستَ شاعراً في أعماقكَ كلبُ إنتقامٍ ينبحُ؟ أنتَ لستَ شاعراً في قلبكَ ذئبُ ضغينة يريد إنتهاز الفرص صيفاً وشتاءً ليعوي!! أنتَ لستَ شاعراً في شفتيكَ بحارُ شتائمٍ وكلّ شتيمةٍ يطلُّ برأسها لتنشر السموم!! أنتَ لستَ شاعراً لكنكَ تمتطي ظهر القصيدِ لتحطم ظهر الجُمل والصور والإستعارة&#160;!ّ! أنتَ لستَ شاعراً تحطم قصور القوافي والوزنِ!! وتتسبّبَ في إنهيار قمة الإبداعِ!! أنتَ لستَ شاعراً إمزق جواز سفركَ تخلّ عن عروس القصيد أجمع مؤلفاتك وأضرمَ فيها نيران العصرِ!! الناظر لن أرنوَ إلى ناظريكِ أرى فيهما مصيري!! لن أرنوَ إلى ناظريكِ أري فيهاما لياليّ لن أرنوَ إلى ناظريكِ لنْ أنتظرَ فراشاً خالياً ولن أنحنيَ لنوافذ الإنتظار لن أرنوَ إلى ناظريكِ لنْ أُطعِمَ أحصنةِ التوقعاتِ ولن أتخلى عن لجام الدموعِ لن أرنوَ إلى ناظريكِ أمددُ إلأيهما أنامل الحنينِ لن أنكأ جراج الجراحِ في أتون الجراحِ لن أرنوَ إلى ناظريكِ ليستا مرآةِ أملٍ لأرى فيهما قامتي وأدور حول قمرِ الدواء وأتلوى في آلامِ العهودِ لحاظكِ سيفا نظراتِ تنكأ جراحي!! قصائد قصیرة 1 . السماء أنتِ ترنو السماءُ ليستْ سماؤكِ والقمر والنجوم لن تتلألأ والأيامُ ليستْ أيامكِ والشمسُ والآفاق لن توزع إبتساماتها البابُ ليست بابكِ الشبابيكُ والنوافذُ مغلقةٌ والحدائقُ ليستْ حدائقكِ وجنابذ الورود لا تبتسمُ بدوركِ تحملينَ قلادة الهمومِ لتفتحي ياقة الدموعِ تحت سماءٍ بلا سماء لتحملَ هموم الهمومِ لأم الهمومِ رويداً رويداً!! 2 . الفراشة فراشاتكِ قطيعُ غزلان متمرّدة ترفرفُ بأجنحة السعادةِ في لوحاتي أمنياتُكِ قطيعُ أحصنةٍ تعبى تركضُ في حقولِ أحلامي كلماتُكِ سربُ سنونوات تائهاتٍ تطيرُ من أجل الإجابة على سؤال العشقِ عهودكِ بالونات في أيدي أطفال الحيّ تحملها رياح الجنوب نحو قممِ الجبالِ!! 3 . اللوحة سأرسمُ لكِ لوحةً ملأى بالفراشات والأسماك الصغيرة سأرسمُ لكِ صورةً لا تتعرّفي فيها على نفسكِ تعلقينها في إطارها الذهبي على جدار الذكرياتِ!! 4 . تنفس قلتِ إنني أتنفس بالهواء الذي يهبُ من جهتكَ قلتِ ساضعُ يدي على صدرِ ذلك الوفاء الذي تبديه قلتِ سأغدو صديقة البحر الذي تهدهده قلتِ إنني سأمسح تلك الدموع التي تنزل على خديك قلتِ إنني أحبذُ العصيرَ الذي يروي عطش شفتيك قلتِ إنني أريد تلك الحياة التي تعيش فيها بسعادة قلتِ .. قلتِ.. خرجتْ كلماتكِ من شفتيكِ وأصبحتْ بخاراً تذروه الرياح!! أنا موجود!! (أنا أفكرُ، إذاً أنا موجود)!!(*) أنا أشكُ، إذاً أنا موجود!! أنا أكتبُ، إذاً أنا موجود!! أنا أقرأ، إذاً أنا موجود!! أنا أعملُ، إذاً أنا موجود!! أنا أسيرُ، إذاً أنا موجود!! أنا أتحركُ، إذاً أنا موجود!! أنا أعيش، إذاً أنا موجود!! أنا أتكلمُ، إذاً أنا موجود!! أنا ألعبُ، إذاً أنا موجود!! أنا أغضبُ، إذاً أنا موجود!! أنا أجادلُ، إذاً أنا موجود!! أنا أصارعُ، إذاً أنا موجود!! أنا أسافرُ، إذاً أنا موجود!! أنا أناقشُ، إذاً أنا موجود!! أنا أضحكُ، إذاً أنا موجود!! أنا أحللُ، إذاً أنا موجود!! أنا أحاربُ، إذاً أنا موجود!! أنا لا أعرف الهزائم، إذاً أنا موجود!! أنا أخلدُ للنوم، إذاً أنا موجود!! أنا أستيقظُ من النوم، إذاً أنا موجود!! أنا أتغدى، إذاً أنا موجود!! أنا أتعشى، إذاً أنا موجود!!(*) أنا أفتحُ الأبواب، إذاً أنا موجود!! أنا أغلقُ الأبواب والنوافذ، إذاً أنا موجود!! أنا أكره الطغاة، إذاً أنا موجود!! أنا أعشقُ الحرية، إذاً أنا موجود!! أنا أتواصلُ، إذاً أنا موجود!! أنا أناضلُ، إذاً أنا موجود!! أنا أبكي على وجودي، إذاً أنا موجود!! أنا موجود، ووجودي مرتبطٌ بالحياة!! بل هو الحياةُ بعينها وعدمه هو الفناءُ بعينه!! (*) مقولة (رينيه ديكارت) الشهيرة السقوط السقوط طريقٌ ذي مخرجين السقوط طريقٌ ذي مخرجين مخرج يستمر دون أن يعود والمخرج الثاني لن يعود ليظل مستمراً السقوط أستضافني لمراتٍ ثلاث دون أن التفتَ إليه مرةً سقطتُ من على ظهر حصان الحظ فتماسكتُ بلجام الزمن ومرةً سقطتُ في الإمتحان الشهري في درس العشق فعبرتُ بكتاب رسالة دموع ومرة عبرتُ منحدر التعلم وصدمتُ عمود مرآب الخروج فتدربتُ أسبوعاً لأنقذ نفسي!! ومن يومها توترت العلاقة بيني وبين السقوطِ ليولي هارباً من ترجماته[عدل] قراءة في ديوان فان إيروتيك للشاعر قوباد جلي زادة[عدل] بقلم&#160;: مكرم رشيد الطالباني عن دار آراس للطباعة والنشر في مدينة أربيل صدر للشاعر قوباد جلي زادة ديوان (فان إيروتيك) وهو ديوان شعري أنيق في الإخراج والتصميم والطباعة، وغني في المحتوى والمضمون، جل قصائد الديوان كالمقاطع الشعرية اليابانية أو السوناتا الشعرية، قوية في إختزال الصور وغنية في مغزاها تشبه البرق في إصابة الهدف أو إصابة نظر المرء، وقد أزدانت صفحات الديوان بصور تخطيطية ملونة من عمل الفنان رستم آغاله، حيث أعتبر الشاعر والفنان هذا العمل عملاً مشتركاً لهما، وقد أصدر الشاعر قبل عمله هذا ديوان إعدامات الجنة حيث قام الفنان رستم آغاله برسم التخطيطات لهذا الديوان، كما قام الفنان آغاله بعمل غلاف مجموعة الشاعر الشعرية المعنونة بإعدامات الجنة يمتاز عمل الشاعر هذا بالتعبير والجمل القصيرة والمعاني القوية التي تصدم المتلقي وتؤثر فيه ليشعر بجمال تلك التعابير والإبداع الشاعري الجميل المتفرد الذي يدفعه إلى التفاعل مع الصور المعبرة والإندهاش والإنبهار بها، ويقول الشاعر والفنان في مقدمة مشتركة لهذا العمل المشترك أنهما حاولا عن طريق الكلمة والصورة التعبير عن خلجات الإنسان ورفع الخجل عنه وخاصة في المجتمع الذي ينتميان إليه الذي يخفي وجهه الحقيقي منذ قديم الأزمان والإفصاح عن هذا الوجه الحقيقي له من خلال الكلمات والصور القوية التي تصيب أهداف الشاعر والتخطيطات المعبرة التي تحول الكلمات وخلجات النفس البشرية إلى صور، كثيراً ما يتمناه الشاعر أو بالأحرى الفرد المنتمي لهذا المجتمع الحديث القديم، وقد يقولان أنهما حاولا تحرير النصف الآخر مثلما حاولا في عملهما هذا تحرير الرجل أيضاً من العقد والخلجات التي يشعر به! ا ويريد التعبير عنها أو التمني بفعلها وهو يعيش في هذا المجتمع الذي يخفي العديد من الصفات التي تجعله ينبهر لرؤية صورة تخطيطية عارية أو قصيدة عارية مليئة بالصور المعبرة التي تدفعه إلى التمني برؤيتها . هذا ويتكون هذا الديوان من محاور ثلاثة، المحور الأول عن فان ملكة الجمال والعشق ويخصص الشاعر لها مستهلاً من ثلاث نجوى وإحدى عشر ليرة عبارة عن مقاطع شعرية والمحور الثاني من أثنين وعشرين مقطعاً والمحور الثالث من مقاطع مختلفة قصيرة نحاول ترجتمتها كاملةً&#160;: فان .. خرجت ذات صباح (فان) ملكة الجمال والعشق من كهف شاندر(1) ورفعت جيدها الأهيف وتوجهت بنظراتها للشمس وقالت&#160;: إلهي ... أن اللحظات التي تمنحها لإرهابي، كي يذبح فيها طفلاً، لم لا تمنها للعشاق المتلهفين .. ليمارسوا فيها العشق&#160;!؟؟ إلهي .. إن الأراضي الواسعة التي تمنحها لإرهابي كي يلغمها لإغتيال العشق، لماذا لا تمنح شبراً منها لعبادك العشاق .. كي يزرعوا فيها العشق والورود&#160;!؟ إلهي.. إن بحار السموم المترامية ، التي تضعها يومياً في قبضة إرهابي، كي يعدم فيها الجمال، لماذا لا تجعلها نبع سكرٍ وتبتل به ريق رضيع يتيم&#160;!؟؟ فان.. وقبل أن تعود إلى الكهف نثرت جعبة من ليرات العشق عند أقدامها، منحتها لها شاعر عاشق أشيب الرأس في موعد لقاء ليلة ظلماء&#160;! الليرة الأولى أعطني كأساً من خمر شفتيكِ كي أمتلأ زقزقة الشباب&#160;!! الليرة الثانية أنسجي من خصلات شعركِ الذهبية جناحاً لي كي أطير به نحو حدائق السؤدد المعلقة&#160;!! الليرة الرابعة أعطني .. أعطني باقة من طيف نهديكِ كي أبحث في الليالي الحالكة السواد عن ورود السعادة الضائعة . الليرة الخامسة أعطني من جرة عينيكِ السكرتين كأساً كي أرى امرأة الأعناب عارية&#160;! الليرة السادسة أعطني خنجراً للإنبعاث ثانية ومعولاً كي أحفر به ضريح الخلود في شط العشق الليلة السابعة أعطني الليلة طفلاً مؤنفلاً أمنحيني قدراً من الرحمة الليرة الثامنة لقد سمُلَتْ عيني أعطني كأساً من النوم&#160;! الليرة التاسعة خذيني تحت هطول أمطار ناظريكِ لكي ينبعث صحراء الروح في أتون السَكرِ&#160;! الليرة العاشرة أتركي يدي سوف أجد بنفسي تلك الطرق التي تؤدي إلى الفراق&#160;! الليرة الحادية عشرة أيتها الرضيعة لا تمسكي يدي إنني خبرت كافة بساتين التوقد مد مجنون ذي لحية رثة ممزق الثياب رأسه نحو فوهة الكهف وغنى أغنيات ثلاث لـ(فان )&#160;: 1 نحن نقتل الرجال علناً ونمارس القبل في السرّ 2 في طفولتنا.. قبحوا صورة الرب والمرأة في نظرنا الإله سيف والمرأة العورة 3 خلق الرب فان في ست ليالٍ وأستولى على جمالها ثم أستراح 28 من الشهر (فان) .... من كهف شاندر إلى زاوية جميلة في سرجنار(2) 1 سرجنار غارقة في النور يقولون أن نجمة قد هوت فوق تلة&#160;! 2 من يوطيء بقدميه على التلة .. تهطل الورد والقطن والعسل والطيف واللذة معاً&#160;! 3 تلك التلة.. التي تسمع وقع خطواتنا تغدو شجرة باسقة و نتحول نحن الأثنان إلى حمامتين بيضاوين ؟ 4 ملأتِ ناظري جمالاً إلى أي من أعضاء جسدي تتدفقين بعد 5 لو لم يكن هناك ثقل جمال (فان) لكانت الأرض تدور أسرع حول الشمس&#160;! 6 لو لم تكن فان لكانت الأحلام بالأبيض والأسود&#160;! 7 تنام الشمس في شعرها والقمر على صدرها ليلاً&#160;! 8 بقي لفان شبراً كي تصل يدها للسماء&#160;! 9 في تلك الليلة كانت فان أطول قامة من جل أشجار سرجنار&#160;! 10 لم يكن فماً كان موقد جمرٍ أحرقت شفتي تارة وتارة لساني&#160;! 11 غدت قبلاتنا جدولاً من الألوان ليصب في نهير سرجنار&#160;! 12 غسلتني فان بالعسل وجففتني بالطيف وغطتني بالشعرِ 13 من ناظريها السكرتين تندلق جرتين من الشراب في روحي 14 من طيف صدر فان وشعري الأبيض تهطل أمطاراً فضية&#160;! 15 لو لم يكن نور فان لكانت شفتاي واناملي العشر تضيع في الليالي الحالكة&#160;! 16 حتى أن لملمت فان عسل التلابيب المندلق وطيف النهود المتناثر وعقد القبل المنفرطة فقد أقبل منتصف الليل 17 لا زالت أصابعي تتوهج إنها توهج طيف نهود فان النورانية 18 وقبل أن تهم فان بالنزول وضعت قلبي في حقيبتها اليدوية لتفرّ به&#160;! 19 يفوح مني عبق فان أخاف دخول البيت سأنام الليلة ... في سيارتي&#160;! 20 وحيداً سأعود إلى التلة فتسأل التلة عن أخبار فان سيمتلأ كأسي دموعاً ويمتلأ حضنها قبلاً ذابلة&#160;! 21 هذه التلة تعلمت العشق منا فمنذ المساء وحتى طلوع الشمس تتبادل الرسائل مع التلة المقابلة 22 سافرت فان.. لذا تراني إلى الأبد في هذه التلة المهمومة شجرة من أشجار سرجنار الكدرات القبلة القبلة موقد تطير الروح من الخطايا الموج النهر يغتسل بمياه الامطار ورغوة الأمواج الصغيرة ثوب يرتدي النهر دوماً ستياناً طويلاً وخفيفاً تشمس فتح الماء أزار صدره وبدأ يتشمس الوداع نواظر السحب تذرف الدموع البستان مهموم والريح مصاب بالخدر أنه موسم رحيل الأوراق الشراب قال العنب&#160;: أن سبب مرارتي وملوحتي هو حقداً من ضيق وحلكة الجرة&#160;! حجاب حين تكون الشمس في السماء يتحجب القمر بحجاب الخجل&#160;! عشق أندلقت نجمة على سرداق امرأة&#160;! نبع إنه جرح قلب الارض الذي ينزف دوماً&#160;! فلذة كبد الشمس زوج القمر والنجوم فلذات كبديهما&#160;! خليج النهر شاب طويل القامة ، رفيع الخصر يسير على عجل حاملاً باقة من الورود تنتظرها في الطرف الآخر من العالم امرأة ذات عينين زرقاوين اللص يتلصص القمر من منافذ الهوادج على عرينا&#160;! ملاك الغيم رجل أشيب ماسوشي لن يقر له قرار حتى ما ان تعمد الملائكة إلى ضرب ظهره وخصره بالسياط نيزك النيزك طفل السماء المجهض&#160;! الكلة كي لا تراهما النجوم عاريين يلتقي القمر والشمس في ناموسية السحب&#160;! العريس كيف يقوم البرعم بكل رقته هذا بتزريف فروع أشجاره ؟! تفتح حكت النحلة نكتة للبرعم&#160;! اللون بلل المطر جناح فراشة غدت الفراشة قطعة من الألوان&#160;! قلادة صفصافة طرية سقطتت قلادتها في النهر فأبتلعت كل سمكة خرزة منها&#160;! بذور الذي يتساقط من السماء لقاح يملأ رحم الأرض برضع الأوراق والزهور&#160;! رضيع تلك الريح لا زالت لم تنمو لها جناح تلعب مع أوراق الشارع المتهاوية&#160;! ربيب النجوم الأصطناعية التي تمر مسرعة في كبد السماء ارباب القمر اربعة عشر حين يشعر القمر أن السمنة قد أدركته يمارس رياضة الحبال يومياً وفي الليالي يمارس السباحة في البحار والمحيطات حتى يدركه التعب جنبذة لقد نزعت كل هذه الورود حجابها غير أن هذه الجنبذة تشبه فتاة أفغانية محجبة تخجل من أن تنزع حجابها&#160;! رغوة في هذه البحيرة الصغيرة ترى نجمتان تغسلان الظهر الأملس للقمر برغوة الشعاع عطف تمسك الريح بساعد ورقة سقطت على الارض تريد إعادتها من ساق الشجرة إلى حيث الفروع&#160;! ستيان فتشت الريح وجدت جيوبها مليئة بحاملات النهود سروال عكس الإنسان فإن السماء وقبل أن تهم بالتبول تلبس سروال الغيوم&#160;! الوسن جراء آهات الأوراق المتساقطة ومعاناة الشجر لا القمر يخلد إلى النوم ولا قطة تتثاءب&#160;! استراحة في كل ليلة أفرش لباداً من حرير الشعر قوس قزح[عدل] شعر: محمد أمين بنجويني ترجمة: مكرم رشيد الطالباني (1) لو تحدثت الأيدي مع الأيدي الأخرىلو لو تحدثت الأيدي مع الأيدي الأخرى لو أضاءت الأعين مع الأعين الأخرى لو نبتت القلوب في القلوب الأخرى سيخلق الأمان والعشق والحياة نعيماً وتتزين الحدائق وترتفع قهقهات سمفونية الضحك إلى عنان السماء (2) القمر يحلم أحد الفقراء بأن القمر غدا رغيف خبز يحلم أحد الأغنياء بالقمر متى يشترى قطعة منه ليبني عليه غرفة للتجارة ويحلم أحد الأطفال أن القمر قد غدا أمه والحواريات منهمكات في تجميلها حلم العروسان أنهما يتجهان في هودجهما نحو القمر وذاقا طعم شهر العسل هناك بدوري حلمت أن القمر غدا جبيبتي وقد غطتها سحابة سوداء (3) أنا طوال عمري لم أؤذ أحداً غير أنهم يلكزونني بالإبر يومياً طوال حياتي لم أطلق النار على أحد غير أنهم يرمونني بالرصاص يومياً طوال حياتي ما ذبحت طيراً غير أنهم يقدمونني قرباناً كل لحظة فهل هذا هو دعاء أمي لازال يلاحقني ؟ هل هذا دعاء أمي وقد تحقق جراء مشاكستي أم إنني ملاك تزول عني خطاياي جراء هذا التعذيب ؟ (4) العيون أعشق العيون كثيراً حين تتلألأ كالنجوم وكثيراً ما حللت ضيفاً على النجوم وحدث مرة أن قامت نجمتان بإيوائي وقامتا بهدهدتي بتلألأهما وكأنني طفل رضيع وشدياني بشعاع نورهما وبعد مضي فترة أصاب العمى العيون.. وغربت وسقطت بدوري من السماء وبعد ثلاث سنوات حللت في مضيف نجمتين أسعدتاني ليلاً وقامتا تطمئناني فؤادي الجريح والمخطوف وفجأة أختبأتا خلف غمامة سوداء كنت طيراً شريداً وقعت في شرك صياد ماهر ومنذئذ بدأت الحرب بيني وبين النجوم النجوم هناك في الأعالي منهن يضحكن إستهزاءاً بي وأنا قابع على الأرض وقد جن جنوني لازلت ابكي وأولول (5) قوس قزح حين أشاهد قوس قزح أتذكر ربطة المهد التي كانت والدتي تشدني وأخوتي وأخواتي بها حين كنت طفلاً عشقت القوس قزح كنت صغيراً حين كنت أراه فوق قمم الجبال كنت أود التشبث به لأرتقي إلى السماء هل إن ذلك كان من اجل أن أتحرر من لحد وقيود أربطة المهد أم إن لون المهد ورباط المهد مستمد منه&#160;! (6) اللحد والمهد بين اللحد والمهد تباين نسبي المهد يقضي على هواء الحرية والنفس والروح واللحد يمتص جسدك وجثتك وعظامك لذا تجد الكورد عصبيو المزاج أفظاظاً لأنهم ذاقوا عذاب لحد المهد&#160;! (7) الروح تسافر روحي مع الغيوم حتى تصل إلى البلاد على أمل أن تتساقط من خلال قطرة مطر على مدينتا كي يلهو بها الأطفال&#160;! (8) الشموع الشموع تشاركني البكاء حتى الصباح إنها تعطف علي بلهيبها وفؤادي يعطف عليها إنهن يذرفن دموعاً حمر أما انا فأذرف دموعاً عفصي اللون وكلانا نحترق فغدون بدورهن شموعاً أما أنا فقد استحلتُ فحماً&#160;! أوراق على الرصيف[عدل] أوراق على الرصيف شعر: دلشاد عبد&#160;الله ترجمة: مكرم رشيد الطالباني الدفتر لكل دفتره ليس الذي يدون فيه الملاك على كتفيه خيره وشره وليس دفتر النفوس وليس دفتر الأرباح ورأس المال دفتر سجل فيه البكاء منذ الطفولة ودون على كل صفحة حكمة ما: أيها الرب إن أكبر رأسمال والذي لا ينضب أبداً هو دموعي أنا! الرسالة الأولى لم يتم إثبات سر الرسالة منها رسائل الأصدقاء والأحبة منها رسائل الغرباء وأجملها هي لهؤلاء الذين يظلون مجهولين بعد رحيلهم لا يعرف أحد لمن كتبتْ الرسالة 2 تنقل الرسائل في طرود إنها خفيفة الوزن فجلها فراشات محترقات النقد أحول العينين ينظر إلى شيء لكنه يرى شيئاً آخر زعل كثيراً ما يطلبون الأشياء الكبيرة واللامعقولة نتوجس خيفة أن تزعل منا الأشياء الصغيرة فما قيمة السحب بلا مطر؟ وما قيمة أوراق الشجر دون الغابات؟ الضفاف ليست الضفاف حدوداً للنهر بل جدائله الخط امرأة نائمة حمام النساء سماء ليلة مظلمة والنجوم تتلألأ هناك جمع لكل شيء جمع إلا الإنسان لا جمع له الذهب الشمس جل أشياء الذهب وقلبه أيضاً الحلم فراشة عمرها لحظات قليلة السر دن الخمر إن أحكم إغلاقه يعطي مذاقاًلا أطيب الصحيفة سحابة تفقد أمطارها الرماد ليس للعنقاء رماد سيجارة ليلة تمضي قبالة شمعة وهي تذوب الشفة شراب في كأس إن لم تذقها لن تدرك لذتها الزي سحابة مهما كانت شفافة يغدو سمائه أكثر مذاقاً العلو أنا والطيور ألفنا الأمكنة الشاهقة المنية ترتفع المنية أحياناً وتغدو شمساً وتغادر الحياة البائسة في السهول الخاوية دعاء لو كان بإمكاني لسميت السحب دعاء وعند هطولها تبلل كل شيء جراء دموعها القمر يسع طاسة ماء فالجمال لن يقاس بالأحجام كبيراً أو صغيراً كان الضوء ينام القمر في قارورة الخمر لذى ترى ضوءه سكراً دوماً الصمت حين تنضج الوردة تفتح وريقاتها والرمان ترمي بقشرتها والشفاه حين تنضج تُغلق قراءة حين تقرأ كتاباً تصبح نديماً له وحين تقرأه كثيراً فإنه يبحث كي يقرأ الهاتف ليس شرطاً أن يكون الآخر الذي على الخط أن يكون شخصاً يحتمل أن تكون خوخة حزينة وهي تهاتف من أقاصي الدنيا تمثال ينهمر علي كل هذا المطر لكن لا يناولي أحدهم مظلة ما القلب بيت بلا جدران ذات ألوف البيبان كرميان هويتها النساء المتشحات بالسواد بحيرة كانت خيالاً لم تصب في أية مياه أخرى فأصابها الجفاف الأوراق الحمراء أين وجدت الأوراق الحمراء إنها آثار أقدام الرب الدماء من بين كل الألوان أختارت لون تلك الشجرة التي حرمها الرب همدان همدان ملأى بأشجار الأسفنديار الحمراء وأكثرها إحمراراً رباعية لبابا طاهر نزلت من أجل فاطمة القبر ليلة ليلاء أبدية المسيح إلى متى يبقى ذلك الرجل على الصليب؟ قابيل حين توفي قابيل أصبح أنتشر في مياه الينابيع نوستاليجيا في كل ليلة يقدم حلمٌ وياخذني إلى زمن الطفولة حين أعود فجراً تملأ الورود البرية طريقي فأحمل منها ملء حضني لمزهرية يوم جديد رأس المال الحلم أفضل رأسمال لن ينضب ابداً الخيال مهما كانت الدنيا صغيرة فإنها تتسع للخيال عن ديوان (الوصول إلى النار)، الصادر عن دار آراس للطباعة والنشر، 2008. سورة البحث عن عنوان القصيدة[عدل] شعر: لطيف هلمت ترجمة: مكرم رشيد الطالباني طاهرٌ أنا كضالٍ إجعليني مذنباً بالقبلِ مذنبٌ أنا كصوفيٍ طهريني بالقبلِ *** أحلمُ أحياناً إنها تقطعُ أناملَ يدها اليسرى الخمسَ لتقدمها لي فأجعل منها بدوري خمسةَ أوتارِ لفؤادٍ جعلتهُ قيثارةٍَ لإمرأةٍ سميتها ربيعاً *** أحلمً إنها تغدو قفصاً أغدو فيه طيراً امرأةٌ سميتها ربيعاً *** في يوم ميلادي يولد همٌ جديدٌ في يوم ميلادي يولد أنا آخر في يوم ميلادي يكونُ مولدى أعقدُ ذكرى ذكرياتي تهددني في ذكرى ميلادي في ذكرى ميلادي أخلقُ محيطاً آخر بأسلئتي *** حين تعقبوها غدتْ طائرَ نقارة الخشب وأختفتْ في شق شجرة عملاقة حين قطعوا الشجرة العملاقة غدتْ سمكةً لتختفيَ في نهرٍ حين قاموا بإعتراض النهر دخلتْ في جيبِ الصياد حينما دلفَ الصياد يدهُ إلى جيبه جراء البرد غدتْ جمرةً من النار لتدفيء يد الصياد ومنذئذ كلما تجمد يد أي صيادٍ جراء البرد يدلفَ يده في جيبه *** لديّ ثلاثة أصدقاء أنتِ وأنا وذاتي لديّ ثلاثةُ أعداءٍ ذاتي وأنا وأنتِ *** لو لم يكن الأسود من كان يمكنه التعرف على الأبيض لو لم يكن الكذبُ من ذا الذي كان يصادق الحقيقة *** إبني أربعة جدران أقم سقفاً ستولد غرفةٌ غير إن غرفة الشعر لن تبنى هكذا *** إنتِ تعرفينَ لماذا هربتُ مبكراً من أحضان أمي كي أنتظركِ *** ليست تلك التي ترتدينها في أذنيكِ قرطاً بل فؤادي وقد قطعتيه إلى نصفين إنظري إنهما تنزفان دماً *** منذ قرنٍ أنتظرُ نفسيَ منذ قرنٍ تنتظرينَ نفسكِ لننتظربعضنا بعضاً قرناً *** منذ ألف عامٍ نعشق بعضناً بعضاً منذ ألف عامٍ والعشقُ يمنعنا من أن نموت منذ ألف عامٍ والعشق لن يفسح لنا الفرصة لرؤية بعضينا *** كوني كلمةً يمكن لأحد العشاق أن يحفرَكِ على صخرةٍ ما *** جسدُكِ لن يتكلّمْ لكنه يناديني بمائةِ لغةٍ ولغة *** في كل مرّةٍ أعثرُ في ذلك المكان على نثار زجاج وبقايا بارود أعتقدُ إنها نثارُ قُبُلاتنا *** ثغركِ فانوس لياليّ جدائلكِ أوتارُ قيثارةَ قلبيّ *** أدركَ الشيبُ جديّ وشاخ شاخ وشاخ غير أن كتابهُ لا زال في ريعان الشباب *** تمعني هناكَ درجٌ نحو كلّ نجمةٍ يمكنُ أنه صنع من الريح *** تمعني هناك درجٌ نحو كل بلدٍ يمكن أنه صنعَ من الضباب لكن ليس هناك أي طريقٍ نحو فؤاد بعضينا *** الريحُ زوج الغابة يكنس غرفها دوماً المطرُ صديق الغابة يجلبُ لها العصافير دوماً الخريفُ ملك الغابة يقتلُ الأشجارَ ويحييها كلَّ مرّة *** حين قرر ستالين معاداة الشعرِ قام فوراً بصنعِ سيوفٍ طويلةٍ حين أراد أوسيب ماندلشتام أن يكتبَ أجمل قصائده كتبها بدمهِ تحت سيفِ ستالين ... عن (ملحق الأدب والفن) لصحيفة (كوردستاني نوي) العدد (5266) الخميس (26/8/2010). سيماء البعد ... عبق الوحدة[عدل] شعر: بزار حكيم ترجمة: مكرم رشيد الطالباني مهداة لـ: قلقِ إبتسامةٍ ما 1 إن حياتي على تلك الشاكلة: كنوع ٍ من الموسيقي الرتيبة 2 ولدتُ وحيداً حين أموتُ، سيموتُ معيَ إسميَ أيضاً إذن لن أموتَ وحيداً! 3 بعد عشر سنوات سيغدو عمري مثل حذائي، الرقم عينه حينئذ، سأنظم لهما إحتفالات بعيد الميلاد 4 لقد تغيّر كلُّ شيء حتى، الموت لا أدركُ لماذا! 5 إن سيجارتي.. تحترق لأجلكِ إشتياقاً، أكثر مني إشتياقاً أكثر مني 6 منذ رحلتِ لـمْ تعد الشمسُ تشرقُ أيضاً! 7 جراء بكاء أمي ستغرقُ الزقاقُ تحت فيضٍ من المياه تحت فيضٍ من المياه 8 أحبكِ، حتى وإن كنتُ ميتاً لأنني أتركُ فؤادي لديكِ 9 سأصبغُ جدران غرفتي بالبكاء كم أنا محظوظٌٌ؟ 10 سأبني من قشور البرتقال أعشاشاً للقُبَلِ 11 بعيداً بعيداً أكثرُ بعداً أرنو إلى نفسي ما أقصر البعدُ في ذاتي أنا؟ 12 لقد فزتُ بالـ(خسارة) الخسارة وحدها بقدرِ عدد سنين وجودي 13 سأخفي قصيدة امرأة مع رقمها السرّّي في محمولي خوفاً من أصدقائي! 14 سنسافر سنغني سنكتبُ معاً قصيدةً سنبصقُ على المستقبل سنبصقُ! 15 يجب أن أذهب.. سيتحدث أحد أصدقائي معي سموماً إنتظروني، سأعودُ سريعاً جثة هامدة! 16 لقد نسيتُ قصائدي في ذلك اليخت الذي أستخدمه لاجيءٌ شرقيٌ للوصول إلى أوروبا فلم أعثر على قصائدي ولم يعد اللاجيء من حيثُ أتى 17 إنكِ لا تعرفينَ .. إن مستقبلي هو شريطٌ مشدودٌ بجدائلكِ 18 أنا ووالدي نحبُ إنساناً له زوجة ولي أمي &#160; 19 في إنتظاري تحولتْ امرأةٌ إلى جرّة تتساقط منها البعاد قطرة فقطرة! 20 الدنيا تسير وتغرق مثل تلك السفينة التي يسمونها: Titanic 21 دائماً أحب هذه الأشياء: الكلاب ، الأعداء، النكود 22 لقد إمتلأت حقيبتي بالرِحلات فلن أفتحها بعد الآن 23 منذ ثماني سنوات ولم نسقي الزهور في اللوحة المعلقة في منزلنا أنا المذنب 24 حين لا تكونين موجودة هنا تكون كلّ الأشياء في نظري: أسود اللون ويكون للوجود معنى فارغاً 25 ضيعتُ أزراري واحداً إثر الآخر في أتون اللذة 26 إبتعدي عني عندها تدركين كم كيلومتراً تبعدين عن السعادة 27 حين أنظر إليكِ تصغر الدنيا صغراً صغراً صغراً 28 لا تُعَرِّفي الحياة إنكِ جميلةٌ ببساطتكِ تلك لقد أحببتكِ لأنكِ لا تعرفين ماذا يعني الحب *** مهداة لسمر دياب العلاقة بيننا هي إننا لا نعرف بعضنا بعضاً لا نتبادل الأحاديث فيما بيننا لا نتقابل مع بعضنا بعضاً كم أنتِِ مهمةٌ لديّ في أتون القصائد. أنا والريح[عدل] شعر: كريم دشتي ترجمة&#160;: مكرم رشيد الطالباني (1) أنا والريح دلفنا إلى منزل (مولانا) العتيق فصرخنا معاً أين هو أين هو دفوفك يا مولانا أين فغمرنا شعاع ضريحٍ قديمٍ نوراً فعدنا بذلك الشوق إلى بيت الرّب (2) كتبنا بندى الفجر على أوراق الحشائش أنا والريح كلانا من عنصر الزجاج قريبين من التشقق والتهشم الأبدي غالباً ما نفرش فراشنا في منزل العرموط ونهرب أحياناً إلى الأبد (3) عرجتُ على منزل الندى المائي وقلتُ له أن يكتب سرّ ذلك النجوى على أوراق الحشائش بالندى وحين أعود بنفسي إلى المياه أكتبُ تلك الحكمة بلون أوراق النعناع على صخور الحواف (4) أنا والريح صوتٌ نرتقيَ في روح الرّب ونُسكِرُ في رخيم المطر وفي جسد الحشائش نجتاز مدار السماء حتى قمة الجنون (5) أنا والريح ندلف من خلال الماء إلى منزل الضباب الرغوي نحمل حفنة من الأمواج الفضية ومن الغابة باقة من التلألؤ إلى السماء (6) حين كنا نسير في عتمة الجمال قرأنا كتاب المنية فأعادنا عبق العطر والزعتر إلى بساتين بخارا (7) أنا والريح من عنصر عشقٍ تتريٍ نحمل من بين أسراب الطيور وعورة قرون الغزلان من منزل الحشائش عروس الندى للفجرِ (8) دوننا بندى الفجر على أوراق الحشائش وعدنا إلى إرتقاء صخور الحواف والسفوح وكلّمنا أوراق الأشجار بقطرات المطرِ (9) أنا والريح رحلتنا طويلة أحياناً نعرجُ على منزل فراشات الخريف فارشين بعض رشفات الماء وصرخة من الأمواج وتحليقاً من الطيور وحضناً من هسهسة الحشائش ندركُ أنه سيأتي يوم كالزجاج ونعود إلى حضن شرخٍ أبدي (10) أنت أيها الشعر، يا نسيجاً في كف الأسرار ألستَ الذي يود العودة إلى السماء؟ ألستَ الذي تنادي على الروح وتريد إشعال النار في جسد الرّب؟ (11) أيها الشعر يا بيانو السيماء والعبق ذلك اليوم في صفار الأفق الدائري كان الريح ملتفاً حول جدائل الكون بدوري كنتُ مفتوناً بوسوسة جمالك (12) أيتها الريح يا ريح الآخر كنتُ أستطيع أن أفهمَ سرّكِ؟ لو لم تكون أنت أيها الشعر يا نقشاً يزين جيد غزلان ماني (13) مرة أفشتْ ريحُ الأزلِ سرّاً صغيراً لقلبـيَ ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن يقتاتُ قلبـيَ هذا على التراب في مدار البركان (14) أنتِ أيتها الرّيح، يا ريحَ الزجاج والعتابِ أنا منكِ، وأنتِ من الرّب هلمّي لنذهبَ بعيداَ بعيداً لئلا تقضيَ الوحدةُ على شعريَ لستُ إلهاً كي أبقى وحيداً وحيداً فقط عن مجلة (رامان) الكوردية . العدد (146) الصادر في 5/7/2009 نتفٌ من المطر ... نتفٌ من العشق[عدل] شعر: إدريس علي ترجمة: مكرم رشيد الطالباني سأسميكِ: إرباً من القمر نصف فؤادي إرباً من الشمس مجموعةُ نجومٍ متناثرةٍ حول حوضٍ فماذ تطلقينَ أنتِ عليَّ من اسمٍ؟ *** سأناديكِ السيدة سيوه خان الست مطر خرير الماء... صفير الريح ممرضة العشقِ العصفورة الأمّ فبأيّ اسمٍ تنادينَ عليَّ أنتِ؟ *** سأقتربُ من نافذتكِ سأقفزُ منقلباً على رأسيَ فوق عشبِ حديقتكم سأشربُ من مياه المطرِ المتجمعة في حفرةِ زقاقكم أمّا أنتِ فإلى أيّ موقعِ من وحدتي تسكنين؟ في أي موقعٍ من هذه القصيدة تقفينَ حاملة مظلةً؟ *** دونكِ أغلقُ البابَ في وجه الغناءِ وأقطعُ المياهَ عن الرياحينِ أتركُ ذاتيَ أتركُ الكتبَ والشرابَ ... وأنتِ قولي لي ماذا تقعلينَ من أجلي ؟ *** من أجلكِ سأغدو عطاراً خرفاً سأغدو خادماً للمسجدِ سأغدو حارساً للعتمة سأشرع بطرد الحمائم سأصادق الذئاب سأكفِّلَ الحشرات سأتذوق السُّمَّ لن أغمضَ عينيَّ! أمّا أنتِ قولي أنتِ من أجليَ متى تطفئينَ فانوس الوحدة هذه؟ *** دونكِ أبتعدُ عن الحضرِ سأسيرُ مع الزنابير بين ألغام أحاديثِ الناسِ لأصلَ إلى أكثرِ التخوم ِِ بعداً سأُغَيِّرَ جنسيتي وسأغدو مواطنَ الجحيمِ أما أنتِ هلاّ تفعلينَ شيئاً من أجلي؟ *** بعدكِ سأغدو قمراً مخسوفاً سأحتجبُ عندَ منعطفِ غيمةٍ سأغدو حكاية ولّى زمنها سأغدو نكتة ممتعة سأغدو ناراً تحتَ التبنِ أما أنتِ فماذا تغدينَ بعديَ؟ *** من أجلكِ سأُغيّرَ لون موقد منزلي إلى لون أحمرٍ عدا فؤادي الذي دفعتيه كي ييئس من الحياة *** سأفتتح قرب منزلكم حانوتاً سأُخفيَ نفسي كبقالٍ حيّالِ خلفَ البرتقالاتِ سأُمطِرُ بابكمُ بحباتِ الكرزِ... بدوركِ هلاّ تأتينَ عصرَ أحدِ الأيّام لتعودينَ بكليوغرامٍ من الهمومِ الوردية؟ عن مجلة (هنار) العدد (68)، أيلول 2011، من إصدارات مديرية الطباعة والنشر ـ السليمانية. من القصص التي ترجمها[عدل] صيد الدراج[عدل] قصة وترجمة: مكرم رشيد الطالباني كنا جمعاً من الناس مجتمعين في بيت العم كريم وكان العم أحمد قد نزل في إستضافتهم، ذهبنا لمعرفة احوال أقاربنا الذين يسكنون والعم احمد في المدينة نفسها، بعد الترحيب والتحية والسؤال، فتحت ابواب أحاديث كثيرة، وكانت لحوادث الماضي حصة الأسد، وكنا نحن متلهفين لسماع مثل تلك المواضيع، حيث نصغي لها بإحترام بالغ . كان العم كريم ينفث في سيجارته ويتصاعد دخانها، ولم يكن يهدر فرصته في الحديث، فبدأ قائلاً&#160;: ـ كان لصيد الدراج نشاط بارز في تلك القرية، لذا كان الآغا قد جمع اعوانه حوله، وكان لكل شخص بندقية صيد ومسدس وخنجر، على الكتف وتحت الحزام تباعاً، إضافة إلى السلوقي والمكوار . وأستمر في الحديث: عندما كان يحين صيد الدراج، لم يكن الآغا ليمهل احداً، فيأخذ معه جميع أهل القرية للصيد، حيث كان يسلب جميع ما يصطادونه قسراً، ولم يكن ليستطيع احد أن يتفوه ولو بكلمة واحدة، يؤخذ الدراج إلى بيت الآغا ويقلى بالدهن، حيث يجلس الآغا وأعوانه وهم يتناولون لحم الدراج كالذئاب المفترسة، من جانب آخر كان الصيادون ينظرون في بيوتهم بقلق ويتنهد أطفالهم بحسرة . وأستمر العم كريم قائلاً: في ذلك العام كنت أصبحت لتوي إماماً لجامع القرية، كنت وعائلتي نسكن في صريفة من القصب اهداها لي أحد أقاربي، حيث كانت النسائم العليلة تهب علينا، في أحد الأيام كان الجو مشمساً ومن جهة نهر سيروان كانت تهب رياح دافئة تهتز على إثرها أوراق الأشجار، أعلن عن موعد بدء صيد الدراج، فبدأ الآغا وأعوانه وأهالي القرية التوجه نحو الغابة، وكنت حديث العهد ولم أرَ الصيد في حياتي، فهذه أول مرة أجرب فيه حظي وذاتي، وكان رأسي يهتز بين رؤوس أهل القرية. عند وصولنا الغابة، أطلقت كلاب الصيد فأستعدنا حيث حدث هرج ومرج، لم يمض وقت طويل إلا وسمعت منادياً ينادي: أمسكوا به.. فنظرت إلى ما فوق رؤوس القصب المنتشرة، وهناك رأيت دراجاً متجهاً نحوي، جاء ليحط بالقرب مني مختفياً بين الأدغال، هرعت دون أن أحدث جلبة أو أثير إنتباه أحد وأمسكت به بسهولة، ورميت به في جعبتي، أقترب مني أحدهم قائلاً: ألم تره، أنه حط هنا. قلت له لا أدري إلى أين ذهب. قال: إحتمال أنه أختفى بين الادغال . فأبتعد عني الرجل، تنفست الصعداء وأطمئن قلبي. وهنا بدأ أحد الأطفال مجهشاً بالبكاء، توقف العم كريم عن الحديث فأنتهز الفرصة ليأخذ نفثاً من سيجارته، أنقطع الطفل عن البكاء بعد تهدئته وأستمر العم كريم قائلاً&#160;: ـ أبتعدت عن موقعي قليلاً، كنت ابحث بين الأحراش والقصب فسمعت تارة أخرى: أمسكوا به . فنظرت حيث شاهدت دراجاً آخر متجهاً نحوي وفجأة أقترب مني وحط على الارض أمامي، فأستخدمت مكواري لكنني أخطأته لأسرع وجريت وراءه وتمكنت من الأمساك به بشق الأنفس، رميته في جعبتي أيضاً، وكاد احد الجذوع ان يبقر بطني. كان الآغا وأعوانه على صهوات الخيول، وهم ينظرون بإتجاهي حيث شاهدوني وقتما أمسكت بالدراج فأجتمعوا حولي، قال احدهم: أين الدراج الذي امسكت به؟ إن لم تخرجه لنا فإننا سنلقنك درساً لن تنساه. فأخرجتهما أمام انظارهم وقمت بذبحهما، ورميت بهما في جعبتي، حينما شاهد الآغا ما بدر مني، غضب وأمر بأخذهما مني قسراً، لكنني حلفت بالإيمان الغليظة بأنه لا يمكن لأحد أن يأخذهما مني، كوني لدي ولد مريض بحاجة إلى لحم، واللحم هو دواء مرضه، لذا ترونني فأني سآخذهما له، فغضبت بدوري وتركت المكان متجهاً نحو القرية، حيث تركوني وشأني، وعند وصولي البيت قامت زوجتي بتنظيفهما وبدأت بقليهما بالدهن . كان الآغا وأعوانه قد وصلوا القرية أيضاً، وجمعوا كل ما اصطاده الرجال من الدراج، حتى أن العم فرج كان قد اخذ دراجاً وخوفاً من الآغا أدعى بأن السلوقي قد ألتهمه. وأستمر العم كريم في روايته&#160;: ـ كان الدراجان في المقلاة على النار، أرسل الآغا رجلاً من أعوانه في طلبي قائلاً لي: ـ إن الآغا يأمرك بإرسال الدراجين له، ولم يحضر بنفسه لأن المقريء عباس هو الآن في إستضافته . فقلت له&#160;: ـ عد فإني سوف أجلبهما له بنفسي . ذهب الرجل وكنت جذلاً لحضور المقريء مجلس الآغا، فقلت في نفسي هذه هي فرصتي يجب الآ ادعها تهدر . وما أن انزلنا الدراجين المقليين من على النار حتى عاد رجل الآغا ثانية حيث قلت له&#160;: تفضل خذ هذا الفخذ من نصيبك . غضب الرجل وقال&#160;: إنك تستهزء بنا . وقفل لوحده راجعاً . بعدما تناولنا لحم الدراجين، تهيأت وذهبت إلى دار الآغا، ودخلت الديوان، كان هناك جمع غفير من الحاضرين، وكان الآغا جالساً واضعاً إحدى ساقيه على الأخرى وهو يهز إحداهما، أديت التحية والسلام، فلم يردوا التحية، وقفت ولم يجرؤ أحد منهم أن يقول لي: تفضل وأسترح. إلى ان قال المقريء عباس تفضل.. أسترح . وما ان جلست، وعوضاً عن الترحيب بي بدأ الآغا موجهاً كلامه لي قائلاً&#160;: ـ كريم، كيف يمكن لآغيين ان يعيشا في قرية واحدة ؟ ـ قلت له&#160;: أيها الآغا، إن قصدك واضح وضوح الشمس، لكنني لست بآغاً، وفيما يتعلق بالدراج، إني اقول إننا نحن الذين نقوم بإصطياد الدراج، لذا فإن لحمه محرم عليك كلحم الخنزير، والسبب واضح فلو بقر غصن أو جذع شجرة بطني، فإن الدراج يكون ثمناً لدمي، أنني لست على إستعداد لمنح الدراج الذي أصطاده لك، في حين يتنهد عليه اطفالي حسرة . فرد الآغا: حالك حال الآخرين، مثلك مثلهم. فقلت له: كنت في حياتي صادقاً، أمر بالقرب من الأسد ولن أهابه، إنك شره في تناول لحم الدراج فإذا اصطاد القوم دراجاً عليك أن تشتريه منهم.. لا ان تسلبه منهم قسراً وبالإكراه .. إن الله لا يقبل منك ذلك. إنني على يقين لو حدث مكروه لأحدهم فسوف تهمله ولن تسأل عنه ويذهب دمه سدى . واستمر العم كريم قائلاً&#160;: وجهت كلامي للمقريء عباس وسألته السؤال التالي: هل أن في كلامي هذا خطأ ؟ فتحدث المقريء عباس مستشهداً بالأدلة موضحاً أن لحم تلكم الدراج حرام على الآغا كلحم الخنزير، ولا يجوز له أن يسلبهم إياه قسراً. عندما سمع الآغا هذا الحديث سكن وهدأ، لكن بقي الغيض في قلبه تجاهي، وعندما حل الشتاء قال لي&#160;: ـ لا يمكن لآغايين البقاء في قرية واحدة&#160;!! فأدركت ما يعنيه بكلامه هذا ورحلت عن القرية إلى قرية أخرى وهناك تزوجت امرأة اخرى . زحام وفيضان[عدل] قصة وترجمة: مكرم رشيد الطالباني كان زحام السابلة والمارة في مركز المدينة خلية الزنابير، وكانت أرصفة الجانبين تزدحم بالباعة المتجولين والشوارع بعربات بائعي الفواكه والسكر والرز والحلويات والخضراوات والتمور والمشروبات الروحية وبائعي البطاطس، وفي الرصيف الآخر كان عدد من الأطفال من باعة الصحف وقد قاموا برفع أعمدة خيم الصحف والمجلات وقد تجمع حولها مجاميع من الناس، وكانت العناوين الرئيسة للصحف تخرج لسان انباء ملفقة، ومن ثم ياتي الموقع التالي الذي كان بائعو الحليب والصرّافين والإسكافيين قد احتلوه ليسجلوه بأسمائهم منذ زمن بعيد، وكانت أفراد شرطة المرور تنظر هناك دون أن تستطع فعل شيء يذكر، وكانت السابلة والمارة لا تفسح الطريق لمرور السيارات المختلفة، حتى إنها كانت لا تجرؤ في استخدام صفاراتها التي أدركها الخجل بدورها، في حين كانت إشارات المرور قد اعلنت الإضراب لأجل غير مسمى، في وقت أنتحر فيه قانون المرور بدوره!! وكان البطل في عجلة من أمره يود سرعة الوصول إلى الحي الذي يسكن فيه ليقوم بإنهاء اعماله وهو يحمل باقة من الكتب والمجلات تحت إبطه أحتار في إختيار اي منها ليمزقها بسكين المطالعةـ وكان الجمع الحاشد قد اغلق الطرق والمنافذ، ولو إنك لرميت بإبرة ما فإنها لم تكن لتقع على رأس أحد، لأن الاطفال كانوا يتلقفونها بيسر. إنزعج البطل وأعتبر هذه الجموع المتمردة عائقاً ومعرقلاً لتطبيق القوانين والتقاليد الحضارية، وها هو القانون يبدأ في كل مرة ليشهر بندقيته وسيفه وحرابه ليسترد بطلقات بنوده وفقراته هذا الخندق ليحتفل وسط الطريق والأرصفة ويعمد إلى الرقص والغناء لمدة سبعة أيام وسبع ليالٍ، غير انه وفي غمضة عين حين تغادر شرطة المرور عند حلول الظلام وتختفي وراء الإشارات المرورية، تحتل العربات اليدوية والباعة المتجولون وبائعي السلع والمواد الغذائية التالفة والمنتهية الصلاحية وسط الشوارع والأرصفة ليكرزوا حبات عباد شمس بنود القوانين وليلتهموا حتى قشورها! كانت هناك سيارة تتقدم البطل وتزحف بين امواج السابلة والعربات اليدوية، وكانت تجدف مجداف زحفها نحو الأمام بصعوبة بالغة، وكان السائق يعزف على كمان الغضب وقد امتلأ صدره بالشتائم، وكانت الشتائم تتناثر على الأرصفة المزدحمة ووسط الطرق الملأى بعربات الباعة المتجولين، لتنزل على وجوههم، وتثير فيهم الدغدغة ليقهقهوا ضاحكين عازفين الناي لإشارات المرور. في هذه الاثناء حطم البطل اسلاك الصمت وأردف يقول للمتجمهرين حول أحد باعة السكائر&#160;: لو كان بإمكاني فقد كنت آتي بسيارات الأطفاء، وكنت ارش مياهها على العربات والباعة المتجولين وباعة الطحين والسكر لأبللهم وعندها كنت أود أن أعرف من هو الذي يتجرأ ليقترب من مركز المدينة ؟! أندفع بين الزحام ليقطع مسافة طريق من الشارع المزدحم الآخر، ليبتلعه زقاق ما، ليدلف من احد الأبواب وكان الضنى قد اخذ منه مأخذاً، حين فتح السرير له احضانه! أصدر اوامره للعمال والسواق والجرافات والكريدرات واستعد المهندسون، كما اصطفت سيارات الحمل والعربات التي تجرها الجرارت الزراعية وامتطى أفواج الشرطة سيارات البيكاب، ليتجهوا في ذلك الصباح الباكر إلى مركز المدينة، ومن ناحية اخرى وصل عدد من سيارت الأطفاء لتعلو أصوات صفاراتها وتقف جانباً، ووصل قائد شرطة المدينة وحراسه! جاء رئيس البلدية بمكبرة صوت لينفخ فيها&#160;: ـ أيها الأخوة، يا سكان مدينتنا الأعزاء، إننا نقدم على هذا العمل من اجلكم، إن مركز الشارع هذا هو مركز عاصمتنا الحبيبة، إنه طريقنا جميعاً، لا يجوز لأحد إحتلاله وقد خصصه القانون لمرور السيارات والسابلة والمشاة، لذا ارجو من الجميع سحب عرباتهم اليدوية والإبتعاد عن المكان، كي لا تنالها أمواج المياه واشداق الجرافات . وكان الباعة المتجولون والباعة الأطفال قد وضعوا وقر اللامبالاة في آذانهم ولم يكونوا ليسمعوا شيئاً ويتحركوا من المكان&#160;! أصدر رئيس البلدية اوامره للجرافات وسيارات الأطفاء، وعمدت الجرافات إلى استخدام اشداقها وكانت اصوات محركاتها تسمع من مسافة بعيدة، لتهاجم العربات وهي تقوم برفعها وما عليها من مواد من سكر وصوابين وفواكه ومواد اخرى لتفرغها في القلابات، وسارع الباعة المتجولون كل منهم لينقذوا عرباتهم، وحدث هرج ومرج، وارتفع الغبار إلى عنان السماء ليحجز رؤية الشمس، وتجمهر الناس على الارصفة، واخرجت سيارات الأطفاء خراطيم مياهها الطويلة وتفتح مياهها السريعة على العربات والباعة المتجولون الذين لم يصمدوا في المكان، وارتفع مناسيب مياه الفيضان لتجرف معها أكياس الطحين والسكر والرز والشاي والفواكه وتتلاطم الأمواج في شارع السينما وشوهدت عدد من الأطفال من باعة البيض مع صناديق بيضهم وهم يطفون فوق أمواج الفيضان وهم على وشك ان يغرقوا! كان الفيضان كبيراً، لدرجة أندفع نحو الشارع الذي يحاذي النادي القديم متجهاً نحو حي اليهود وكانت العربات اليدوية وإطاراتها والمواد والسلع التي جرفها الفيضان تصطدم ببعضها البعض، لتشاهد جنوب المدينة عربات يدوية متكسرة محطمة وسلع مبللة تالفة وقد أنزاحت على جانبي مجرى الوادي الذي يخرج من جنوب غرب المدينة. في هذه الأثناء شعر رئيس البلدية بالزهو والتفاخر، كان يشعر بأن القانون فوق الجميع، وان القانون يستطيع فعل كل شيء وهو ينظر إلى حديقة المدينة والميدان الكبير والشوارع القريبة نظيفاً وخالياً من المارة والعربات المتمردة، وهو يبتسم في سرّه ليقول&#160;: هذه هي المدينة الحقة، هذه هي العاصمة، هذا هو القانون! فبإمكان القانون وحده فعل هذا وإحراز هذا النصر الكبير! وكان ظهره للجمهور، حين التفت شاهد مجموعة من الباعة المتجولين مع عرباتهم متجهين نحوهم، وهم يحملون اسلحتهم من مصيادات الطيور والمكاوير والبيض الفاسد مكشرين عن اسنانهم وشرر الغضب يتطاير من وجوههم، كانوا يقتربون رويداً رويداً وهم يهاجمون بأسلحتهم ليمطروا رئيس البلدية بوابل من الحجارة ويرمون العمال بالبيض الفاسد مما جعل العمال يهرعون لمغادرة المكان والإسراع في الإرتماء إلى داخل سياراتهم والفرار من المكان! وكان رئيس البلدية مندهشاً لهذا التطور المفاجيء الذي لم يحسب حسابه فاغراً فاهه! فاقتربت الجماهير الغاضبة ليرمونه بوابل من الحجارة والبيض الفاسد لتصيب الحجارة رأسه والبيض الفاسد وجهه لتنزلق السائل على وجهه، كان البطل يراقب الموقف مندهشاً فاغراً فاه التعجب، حين اصابه عدد من البيض الفاسد مد يده لتنظيفها، عندها اصابه حجر في رأسه آلمه كثيراً، ومن شدة الضربة أنتفض من رقاده ليسقط من على السرير، ليفتح عينيه ويقرأ هذه الجملة في سقف الغرفة&#160;: ـ لقد تم إحتلال مركز المدينة دون إطلاق رصاصة واحدة!! زوجات خليفة الفاتنات!![عدل] قصة: جليل كاكة ويس ترجمة: مكرم رشيد الطالباني يقع منزلنا عند أطراف المدينة، جوار دار خليفة ذي اللحية الحمراء، ومنذ صباي كنت اشتاق لمعرفة أصل ذي اللحية الحمراء هذا وموطنه . يسترسل البعض من مجايليه حتى الآن بأنه قدم من بلاد القفقاس سائحاً فأستطاب له المقام ولم يقفل راجعاً . ويدعي آخرون إنه كان في الحرب العالمية الثانية هارباً من الخدمة العسكرية في الجيش الأنجليزي فأستقر به المقام في هذه المدينة وإضافة إلى إشتغاله في أعمال الصياغة فإنه كان يخلو لوحده بين حين وآخر، غير أنه وحتى الآن فإن أحداً لا يعرف تماماً أصل ذي اللحية الحمراء هذا، لذا يكفي الإنسان الإعتياد على شيء ومن ثم التفاعل معه ومن ثم يتركه بعد ذلك. والآن فأن قدوم وظهور ذي اللحية الحمراء في ذاكرة مجايليه بقي غامضاً ولن يعرفه الجيل الجديد بأي شكل كان . ذي اللحية الحمراء رجل متوسط القامة ذو لحية تمرية اللون تتلألأ لحيته في ضوء الشمس كأنها كتلة من اللهب ملتصقة بوجهه. فمظهره وسيرته الخفية غدتا أسطورة وشركاً يحيران الإنسان. لو سألوه من اين أنت؟ سيقول وإبتسامة هزلية ترتسم على شفتيه ( لقد ولدت في مدينة جابولقا. فجابولقا مسقط رأسي وموطني يقع خلف الجبال الوعرة. وهناك لن يهدأ الإنسان، ليس الرجال مسلطون ولا النساء، لا وجود للملوك ولا الفقراء، لا وجود للأيام ولا الزمن، لا وجود للجوع ولا الشبع. هناك في موطني الحبيب يكون الإنسان خفيف الظل وكأنك تنفخ في ريشة، سيصل مع الريح إلى أي مكان يبتغيه). لذي اللحية الحمراء أربع زوجات فاتنات، يقال بأن زوجاته لازلن حتى الآن عذراوات، لأنه يعتقد بأن المرأة الفاتنة زهرة يجب عدم المساس بها وألاّ تنجب أطفالاً أبداً وتدمى تلابيبها. كانت كلمات ذي اللحية الحمراء هذه تلين رغبات المراهقين، كالشمع والسمن. ومنذ لحظتئذ أذوب جسداً ورغبة بفعل تلك الكلمات واغدو بخاراً ومن ثم أعود إلى سيرتي الأولى. جراء تلك الكلمات اصبحت المرأة الفاتنة في نظري تمثالاً سحرياً، تمثال ترنو إليه دون ان ترتوي، تمثال لا ينبس ببنت شفة ولا يتحرك، دون أن ينقص أو يزيد. حين قام خليفة بزيارة منزلنا لأول مرة، شعر بسعادة غامرة لمشهد المنزل، وكان منزلنا متحفاً في حد ذاته، خاصة إنه كان يشبه منزل الصيادين القدماء، فكانت البنادق القديمة والخناجر الصدئة وجلود السلوقي المليئة تبناً معلقات، وكانت الجدران مزدانة بجلود الغزلان والأرانب البرية والضباع، حين كان المرء يعرج على منزلنا لأول وهلة، كان الفزع يتملكه لفترة، من جهة ينتابه الدهشة جراء المشاهد وتجحظ عيناه، ومن جهة اخرى يصاب بالدوار جراء روائح الجلود والفراء. اعتبر نفسك بأنك ستتجه الآن إلى منزلنا هذا، فبعد ان تفيق سيقع نظرك مباشرة على فرو أنثى الضبع معلقاً على ذلك الجدار المبني من البلوك الذي لم يتم تبيضه، ستشاهد خرزة زرقاء تم تثبيتها بالخيط في فتحة الفرو، فما عليك سوى ان تصغي، فتتناهى أصوات عويل وتأوهات وانين إلى أسماعك، ولو أصغيت جيداً فإنك ستسمع من بين تلك الأصوات صوتاً مبهماً كأنه صادر من اعماق نفق طويل (نحن نشبه بعضنا بعضاً أباً عن جد، بذاتينا وخطايانا، بحربنا وسلمنا، بحبنا وزعلنا نشبه بعضنا البعض، وإن كنا في عصر ما مختلفين من حيث الهيئة والمظهر، فإننا لا نختلف قيد شعرة في سلوكنا. نحن دوليٌ يبلغ عمرنا آلاف السنين). وحتى الآن يرن في اذني الصوت الصادر من أتون فرو الضبع هذا وحفظت حروفه وكلماته عن ظهر قلب. ومن ثم تصور، بأن (خليفة) ذي اللحية الحمراء قد قدم إلى منزلنا، واسعده المشهد وذلك الصوت، فالآن أنا ومشهد منزلنا والصوت الصادر من الفرو كنزٌ وقد اكتشفنا لتونا لنقع تحت تصرف ذي اللحية الحمراء حيث لن يستطيع من فرط السعادة لملمة شفتيه لأنه في هذا العمر الذي يزيد عن السبعين ليس لديه رفيق في مثل سنه، لهذا يرغب أن يعاشر الشباب، ولن يدركه الشيب ابداً وان لحيته النارية تشبه لحية شاب ما بعد سن الرشد، فالشاب الذي يزور منزله مرة واحدة سيدركه الخمول جراء أقواله، ويتبخر جسده ويعود ثانية إلى سيرته الأولى، إنه يرحب بالشباب بشكل لن يلقوا الترحيب مثله في مكان آخر. إن منزله عبارة عن متحف كمنزلنا، أعتبر نفسك تتجه الآن إلى منزله، ستجد كافة الغرف وجل الحيطان مغطاة بفراء الثعالب، حيث شدت العديد من فراء الثعالب ذات اللون الرمادي والمائل للأصفر والأحمر والرمادي إلى بعضها البعض مكونة بساطاً في الغرفة . حين يجلس المرء على فراء الثعالب هذه، يشعر بحرارة سحر ما وتتحرك في اعماقه سلوك وتصرفات ثعلبية من تلقاء نفسه. فالشاب الذي يتوجه لأول وهلة إلى تلك الغرفة المغطاة بفراء الثعالب ستتجدد رغبات جل عمره الدفينة هناك، لأن زوجات ذي اللحية الحمراء الأربع سيحطن به بكل ابخرة وعرق أجسادهن الأنثوية وثيابهن المزركشة، وهن يحملن في ايديهن أذيال الثعالب عوضاً عن المهفات وهن يهفنها بصمت وغنج ودلال ويتفرسن فيه بلحاظ سكرة دون الترحيب به . وقتما توجهت للوهلة الأولى إلى منزل ذي اللحية الحمراء وفي خضم محاصرة زوجاته الأربع الفاتنات كنت اتصبب عرقاً من شدة الاستحياء، كنت ادرك بأن تلك الزوجات أصبن بالغثيان في بيت مغطى بالثعالب، وهن يخسرن عمرهن سدى . كنت أدرك بأن هناك صياداً أختبأ في جمجمة رؤوسهن يتربص بسنهن وسن حديثات البلوغ، فكنت اتصبب عرق الخجل مراراً، لم اكن أعرف كيف اتنفس في خضم روائح فراء الثعالب وابخرة أجساد زوجات ذي اللحية الحمراء الأربع! أو كيف لي التصرف في دنيا من الجمال واللوحات الأزلية! في مكان غير مرئي من ذلك المنزل كان هناك خوفٌ يقضمني من أعماقي: (هذه الزوجات هن مقدسات خليفة ذي اللحية الحمراء، إنهن التماثيل المقدسة التي يجب ان تنحني لها إجلالاً، وحسب تعبيره إنهن زهور يجب الاَ يمسن، ألاَ يخلفن ذرية فاسدة وتدمى تلابيبهن . وحسب تعبيره فإن الذرية عدو المرء، عدو الجمال، مبعث المشاكل .. المشاكل) . كنت ارى في كل واحدة منهن كانت العيون لوحدها، وقمة الصدور لوحدها، والسواعد والزنود التي لم تحف زغبها لوحدها والشهقات الملأى حسرة لوحدها تطالب بالتعويض عن العمر الذي ذهب سدى ادراج الرياح. وهكذا وفي هذا الطقس السحري لم ادري بدوري كيف خرجت من منزل خليفة ذي اللحية الحمراء. وقتما وصلت إلى منزلنا، كانت روائح وابخرة أجساد زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء لا تزال لم تنقطع عن حاسة شمي، كنت اشعر بوجود الروائح نفسها ها هنا، وكانت المشاهد تشبه بعضها، وكان الفرق الوحيد هو شمشمة رائحة فراء الثعالب في منزل ذي اللحية الحمراء وشمشمة رائحة فراء الغزلان والأرانب البرية وانثى الضباع في منزلنا، ومنذئذ وكأن تغييراً قد حدث في نظام حاسة الشم لدي فقد كانت روائح منزل ذي اللحية الحمراء لا تكاد تنقطع عن حاسة شمي دوماً، أينما ذهبت كنت أتشممها، بل إن رائحة فراء الثعالب والأبخرة النسائية كانت تُشَمُّ من يدي وثيابي، لذا أينما حللتُ كانت تلك الرائحة تجذبني دون إرادتي. وفي المرة الثانية حين اتجهت إلى منزل ذي اللحية الحمراء، لم يكن ذهابي وفق رغبتي، بل جذبتني الروائح، فقد وجدت نفسي واقفاً عند عتبة منزل ذي اللحية الحمراء، طرقت الباب متردداً، وقد فتح ذي اللحية الحمراء الباب لي بمودة واردف قائلاً: (يار علي كنت متأكداً بأنك ستعود ثانية). ومع فتح الباب أسترقت لحيته الحمراء ماء ناظري ككتلة نار حمراء. تطلعت إلى لحيته النارية لبرهة وأنا فاغر فاهي. لكن يبدو أنه يفهم كل شيء ويدرك متى يكون المرء مضطرباً ومتى يكون طبيعياً، أمسك بي من ذراعي كأحد اقربائه وقادني إلى غرفة الضيوف. وهناك أستقبلنا من قبل مجموعة من الناس ولم يستقر بي المقام حتى أحاطت بيّ زوجات خليفة الأربع الفاتنات وهن يمسكن بأيديهن أذيال الثعالب وبدأن بتهفيفي. فأزداد إنزعاجي هذه المرة مما سبق، ففي هذه المرة كان يجلس هناك سبعة اشخاص آخرين، عدا الزوجات الأربع إضافة إلى خليفة ذي اللحية الحمراء نفسه. ومن خلال حصار الزوجات جلتُ بنظري إليهم بطرف عين، وكأنهم في غفلة من وجودي، كانوا مشغولين في أمورهم، فزادني المشهد إثارة، حيث أراني الشك نفسه الآن كشبح، كنت اظن بأن شركاً قد تم حبكه حولي وهو يزداد قوة بمضي الوقت ويلتف حول جسدي، لهذا كنت اعتقد بأنني بين فردوس وجحيم ما، فمن جهة كان عطر وشذى وابخرة زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات أسكرتني إلى درجة، كانت ذكوريتي تتجسد امامي، ومن جهة اخرى كان مشهد الأشخاص السبعة يلغي ذكوريتي وكنت أعتبر نفسي مخصياً بلا ذرية. كنت اتوقع إنه بعد هنيهة أو أخرى وفي اعقاب خطيئة ما سيرمى بيّ كآدم من الفردوس إلى أعماق الجحيم. كنت في توجساتي هذه حين تم وضع قدح من الشاي امام خليفة ذي اللحية الحمراء، فأرتشف نصف القدح من الشاي وقال بصوت رقيق ( فليكن نصف القدح من الشاي هذا ليار علي، لكي يتطهر من ادران الدنيا) وعقب قوله هذا وضع احد من الأشخاص الستة القدح المليء إلى نصفه شاياً امامي، ومن ثم لم يعد لهم اي شان بيّ، وكان ذي اللحية الحمراء مستمراً في حديثه دون توقف، كنت أنظر إليهم بطرف عين وكنت أتصبب عرق الخجل بين ابخرة أجساد الزوجات، حين افقتُ وجدتُ القدح المليء لنصفه شاياً قد وضع امامي، بيد غير راضية ناولت القدح المليء لنصفه شاياً وقربته من شفتيّ وفي تلك اللحظة كان الشك جلاداً وقد اخرج برأسه من خلال القدح المليء لنصفه شاياً، وكان الشرر يتطاير من عينيه، ذو لحية حمراء بارزة ككتلة من النار، وكان يماثل من حيث المظهر الخليفة ذي اللحية الحمراء، كنت اشعر بأنه يقول لي&#160;: (إذن أرتشفه، لن تدوم الذكورة لأحد، فالخصي طوال حياته ينتظر كل ذكر، فأحياناً يواجهه مبكراً، ويمكن أن يواجهه في نهاية العمر، إذن إغمض عينيك وارتشفه، وأدخل بدورك إلى حلقة الخليفة ذي اللحية الحمراء وطهر نفسك من الخطايا. إذن ماذا تنتظر! فكل الذين جاءوا قبلك إلى هنا لم يعاند أي منهم كما تعاند، فهم الآن مرتاحو البال والسكينة، هؤلاء ليسوا ذكوراً ولا إناثاً، إذن إغمض عينيك وأرتشفه). كنت قد أغمضت ناظري، ولم اكن قد وضعتُ شفتي على حافة القدح بعدُ، وفجأة شعرتُ بأحدهم يقف قبالتي في تلك الغرفة وهو يحمل كأساً من السموم يحيط به أناس مختلفون قلت له: (من أنت؟) قال (أنا سقراط، وهؤلاء الذين يحيطون بيّ، هم الجلادون، وأولئك هم وجهاء أثينا، وهؤلاء هم تلامذتي). كان هادئاً جداً إلى درجة وكأن ليس في ضيافته أحد. كنت اسمعهم يقولون: إذن سيدي قل شيئاً ولا ترتشف السم، وآخرون كانوا ينادون بصوت عالٍ ويقولون: لا تقل شيئاً وأرتشفه. كنت لا أزال مغمض العينين، شعرت بأن سقراط قد دنى مني كثيراً وهو يهمس في اذني (فكر في نفسك ولا شأن لك بيّ، إني أرتشف سم عصري وأنت ترتشف سم عصرك. وأعلم بأن لكل عصر سمه الخاص به والموت الخاص به. إضافة لذلك فلو أستغرق قبض روحي ساعة واحدة فقط فأن قبض روحك ستستغرق عصوراً طويلة، لأن جلادي عصري ليسوا من المهرة وقد تم إختيارهم من بين البلهاء الذين لا يفهمون معنى ربيع موتي، ولكن جلادي سمك هم من المهرة الذين يعرفون كيف يمحون الموت وأهمية الموت معاً. يا يار علي فكر قبل أن ترتشف القدح المليء لنصفه شاياً الذي تحمله. أتعرف لماذا أصر على موتي لكي أسكب ماءً وألاَ أُبطِّلَ سحر العقاب، ولكن سحر العقاب وتعبير الموت في عصرك بطُلَ منذ زمن بعيد ولن ينتج دروساً وعبر، لذا يستوجب أن تكون واعياً وتفكر، فكر يا يار علي فكر..). كنت مغمض العينين، وكنت أرى سقراط بكل أحاسيسي وهو يقف قبالتي ولم يكن قد ارتشف كأس السم بعد، ولم أكن اعرف هل إنه كان ينتظر إشارة الجلادين، أم إنه كان يريد أن أصدر قراري أنا، وددت أن أنتهز الفرصة قبل أن يرتشف السم واتعلم منه درساً في الخلود، أو على الاقل أن احكي له عن همومي، قلت له( أيها العظيم المغدور سقراط، كيف لي أن اموت موتتك، إن لموتك معنى كونياً، لكن دقق أنت في هذا، إن مادة الموت في عصرك هو السم لوحده، إذن فذلك هو السم يجب على المرء أن يتجنبه، أما في عصري، إضافة إلى السم الطبيعي، تجد جميع الاشياء مسمومة، فأنا الآن في أجواء مسمومة؛ فالمرء، والفكر، والسلوك، والجمال، وأفتن النساء، وأنبل الرجال مسمومون جميعاً، وحتى الجمل والكلمات والحروف في عصري مسمومة، فالقدح المليء لنصفه بالشاي الذي احمله أشك في أن تم تسميمه، لهذا تجدني لم اشرع في إرتشافه بعد، أخاف أن أرتشفه واغدو ثعلباً، وإن غدوت ثعلباً عندها علي الهرب دوماً وأكون بالمرصاد، حيث يتبعني الكلاب ما زلت حياً، ويجب علي سلوك المتعرجات والملتويات خوفاً من الكلاب دوماً، وعدم السير بملء إرادتي ورغبتي في الطرق المستقيمة، يا سقراط العظيم اخاف أن أرتشف القدح المليء لنصفه شاياً هذا وأغدو حصاناً مخصياً لن يستخدمونني ما حييت سوى لنقل الأحمال. أخاف .. أخاف، لأن كل شيء في عصري غدا جثة ذلك الضبع الذي حلِّلَ نصفه وحرِّم نصفه الآخر، لذا لا يؤكل أي منهما لأنهما مقززان ومنفران ..لا .. لا..!). فتحت ناظريّ قليلاً وأغمضتهما، كان سقراط لا يزال واقفاً قبالتي، وكان لايزال يحمل الكأس في يده، كنت في عجلة من امري، وقبل فوات الأوان، كان عليّ أن أحذره من الخطر المتوقع، أو على الأقل التعبير عن حزني ومواساتي، لأنني كنت اشعر بأننا نشترك في شيء واحد الا وهو الموت، وقد همست فيه بصوت غير مسموع قائلاً: (يا سقراط العظيم، إني أعرف إنك الآن مشغول البال بقضية موتك وليس لديك الوقت لسماع ثرثرتي هذه، ولكن أدرك بأن موتك سيفزع ألوف البلهاء أمثالي. إن قدومك في مثل هذه الساعة إلى هنا بالنسبة لي هو ذلك الدرس والعبرة من أن استفيق من نوم عميق . الآن أدركت أن الذين أرتشفوا نصف القدح من الشاي قبلي بين حصار زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات وشذى وابخرة أجسادهن الأنثوية، كانوا يعانون طوال حياتهم من آلام خصاهم، لأن الشاي المسموم ليس له أي أثر على الجسد والروح، لأنه يسير في جوف المرء حتى يستقر في الخصية، كظالم وعارف للغة يجعل الخصية ملاذه السرمدي، وهناك يقوم بإفناء كل الأحياء وكل رجال المستقبل رويداً رويداً، حتى يصبحون رواسب وعلقة خائضة، وهكذا تغدو الخصية خراباً محروقاً. يا سقراط العظيم إن الذين وعقب إرتشافهم نصف القدح من الشاي هذا لم يكونوا ليجرؤا رفع أنظارهم إزاء ذي اللحية الحمراء ولم يبق لديهم حاسة الشم ليشمشموا بها شذى وابخرة أجساد تلك الزوجات الفاتنات الطرية. أعتقد بأن هذا هو اللقاء الأخير بيننا والحديث الأخير الذي يجري بيننا، فإلى أمل اللقاء في عصر آخر وموت آخر) فتحت ناظريّ، كنت لا زلت احمل القدح المليء لنصفه شاياً في يدي، نظرت فلم اجد زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات هناك، ولا الضيوف الستة ولا الخليفة ذي اللحية الحمراء نفسه، فألتفت حولي مندهشاً فاغراً فاهي لبعض الوقت، لم اكد أعرف ما الخطب . كأنني كنت أحلم، فقد سارت الأحداث كالبرق وأنتهت، لا مشهد الموت البطولي لسقراط ولا زوجات خليفة الفاتنات ولا الضيوف ولا خليفة نفسه لم يكن لهم أثر يذكر، وقد سُكِبَ القدح المليء نصفه شاياً الذي كنت أحمله في يدي منذ أمد بعيد، الآن هناك في هذا المكان أذيال أربعة ثعالب مرمية على الأرض حولي، وقبالتي في مكان خليفة ذي اللحية الحمراء، كان هناك ثعلب كبير ذي لون يميل للإحمرار يجلس القرفصاء يهز ذيله ويتفرس فيّ بعينين عبوسين كتومين . عن مجلة (رآمان) الكوردية ، العدد(61) تشرين الثاني 2002 . باقة نرجس على ضريحي[عدل] قصة: الدكتورة وهبية شوكت محمد ترجمة: مكرم رشيد الطالباني تُحدث الكثير من الوقائع، فلن نقوم بدراستها في حينها بصورة جيدة، غير أنه يتضح فيما بعد بأن تلك الواقعة غريبة، فلم تدرس وتمحص في حينها؟ كنت أدرس خارج الوطن وفي كل عام كنت أنا والطلبة الكورد نحتفل بعيد نوروز. وكنت دوماً أحصل على باقات النرجس واشم منها عبق نوروز بمنأى عن الكون ففي إحدى السنين كنت في إحدى المدن.. وكنا قد قررنا في تلك السنة تأجيل الإحتفال بعيد نوروز لمدة ثلاثة ايام . رغم إني كنت وحيدة فقد قررت الإحتفال بعيد نوروز في حينه.. لم احصل على النرجس في المدينة .. لكنني لم أيأس.. فقد انهيت أعمالي في ذلك اليوم مبكراً وتوجهت إلى مدينة اخرى تبعد عشرة كيلومترات وهناك حصلت على النرجس وأشتريته. نظمت باقة النرجس على مهل ووضعتها في مزهرية.. جلست أرتشف فنجان قهوة.. فذهبت بي عبق وعطر نوروز والنرجس بعيداً نحو ذكريات السنين الخوالي. رغم ان نرجس أوروبا زاهية وبديعة غير أنها لا تمنح عبق نرجس جبالنا ذي العبق الطيب الطري. على أية حال فورود النرجس هذه هي التي جعلتني أتذكر ذكريات أول سنة بعيداً عن وطني الحبيب والتي جعلتني أتذكر ذكريات أول سنة بعيداً عن وطني الحبيب والتي جعلتني احتفل لأول مرة وكانت لأول مرة ايضاً أحصل على باقة نرجس. وكان صاحب تلك الباقة من النرجس شاباً هادئاًٍ لطيفاً ذو مشاعر وأحاسيس طاهرة، يعشق الحياة .. بدر... دون شك ان الاسم هذا ليس إسماً كوردياً .. نعم كان بدر شاباً وكنت أتعرف عليه لأول مرة في مكتبة الجامعة. كنت أنا وبعض صديقاتي واقفات في الطابور الطويل ليأتي دورنا للحصول على الكتب.. كان الطابور طويلاً جداً وكنا نحن في مؤخرة الطابور عقب جميع الطلبة.. وكان في المقدمة شاب أسمر قصير القامة قليلاً خفيف الدم واقفاً مع شاب أفغاني كنت أعرفه فاتقترب مني من بعيد ضاحكاً وقال لي: ـ الأخت عربية طبعاً. أنا وقد استفزني هذا السؤال، اجبته قائلة: ـ لا.. طبعاً.. كوردية. فلم تتغير ملامح الشاب بهذا الجواب، فضحك ثانية وقال: لتكوني كوردية وليس عربية فإنني لا أرى اي إختلاف وليس مهماً لدي.. تفضلي وقفي في المقدمة سيأتي دوري مبكراً لكي لا تنتظري طويلاً. فندمت كثيراً على جوابي الذي أجبته غاضبة.. أجتذب إنتباهي شكل واسلوب كلامه وهدوئه ومن ثم أستلمنا سوية الكتب وغدونا اصحاباً، فغدونا أصدقاءاً من تلك اللحظة أنا وبدر.. رغم أنه كان كويتياً وكنت كوردية، لكنه كان شاباً وديعاً مؤدباً، وكان العديد من الطلبة يعتقدون بأننا شقيق وشقيقة من اب وام واحدة. كان إحتفالنا بنوروز في السنة الأولى بهيجاً.. فدعوت بدوري عدداً غفيراً من الطلبة الأجانب شباناً وشابات، لكن في الحقيقة كنت قد نسيت بدراً.. أو إنه لم يحضر من تلقاء نفسه. في صباح نوروز الباكر أستيقظت مبكراً وقمت بإيقاظ صديقتي ديمترا، وكانت فتاة يونانية، كانت في غرفتنا وكانت فتاة طيبة وصديقتي الحميمة، كنا نملك سماوراً كهربائياً صغيراً... في ذلك الصباح سخنت السماور.. فكنت وديمترا نتناول الفطور حين سمعنا طرقاً على الباب.. حين فتحت الباب وجدته بدراً وهو يحمل باقة ورد من النرجس الزاهي البديع واقفاً قبالة الباب، وحين رآني قدم لي باقة النرجس. أرتبكت.. وفرحت بها كثيراً ورحبت ببدر بحرارة.. في الحقيقة فقد أستلمت العديد من باقات الورد والنرجس من الأصدقاء والمعارف حتى اللحظة، لكنها جميعاً لم تكن كتلك الباقة من النرجس جميلة وإيذاء للقلب، فمن المحتمل لأنها كانت بسب إن بدراً لم يكن كوردياً.. أو لأنني كنت قد نسيت بدراً في عيد نوروز..؟ أو بسبب إنها كانت أول باقة ورد تقدم لي خارج الوطن؟ حين شاهدني بدر وديمترا أنفتحت اساريري بسبب باقة النرجس طلبا مني التحدث عن نوروز.. ومن ثم أردفت ديمترا قائلة: ـ في بلادنا لورد النرجس علاقة بأسطورة أغريقية قديمة. فأضطرت ديمترا بإلحاح مني ومن بدر أن تتحدث لنا عن تلك الأسطورة، قالت ديمترا: يقال بأن أحد آلهة الأغريق القديمة كان يكنى بـ(نرجس).. وكان هذا شاباً وسيماً جداً.. كان يسير مرة في الطريق.. صادف نهراً.. كان النهر صافياً رائقاً جداً.. فجلس ليغسل وجهه بماء النهر.. عندما شاهد نفسه في الماء، من تلك اللحظة بدأ يفكر في جمال نفسه، وغدا لايأكل ولا يشرب بل ينظر إلى نفسه حتى أدركه الهزال والضعف يوماً بعد يوم وشحب لونه، فتحاول جميع آلهة الأغريق الاخرى معالجته لكن دون جدوى، ومن ثم قررت الآلهة جميعاً أن تحول نرجس إلى وردة وغرسها في ضفاف الأنهار. لهذا نرى ورود النرجس جميلة وطرية وذات عبق فواح... فصمت بدر لحظة ومن ثم اقترب على مهل من باقة النرجس وشممها بعمق وقال&#160;: بالله عليكم لو مت أنا ضعوا باقة من النرجس على ضريحي. فقال ديمترا ضاحكة: ـ بدر إنك تعشق الحياة أكثر من اي شخص آخر.. إنك تعلقت بالحياة بامل وسؤدد ..ومن المحتمل الا تموت مبكراً حتى تشيخ.. ومن الممكن أن نموت نحن وتبقى أنت حياً ترزق . ورغم أن بدراً قال قولته هذا بهزل.. لكن لا اعرف لماذا كنت لا استسيغه جداً...فقلت بعد لحظات صمت: ـ يا بدر لو فارقت الحياة قبلي عهد عليّ أن احقق أمنيتك هذه. فتخرجنا أنا وبدر من الجامعة وعاد بدر إلى الكويت وذهبت بدوري إلى بلد أجنبي آخر.. وأنقطعت أخبارنا عن بعضنا البعض.. وبعد سنتين ارسل لي احد الأصدقاء رسالة أخبرني بأسف بأن بدراً قد غرق اثناء ما كان يسبح. نعم كان بدر قد أدرك بغريزته أنه سيترك الحياة مبكراً ويودع كل ما على الأرض ويتهرأ جماله تحت الثرى. ها إنني ودعت نوروز عشر مرات... وذبلت لدي عشر باقات من النرجس ورغماً عن انني بقيت على عهدي...ولكن أسفاً فمن أين آت بضريح بدر لأضع عليه باقة النرجس..فربما في يوم من الأيام يوصل الفلك القاسي طريقي إلى ضريح بدر لأعيد له باقة نرجسه. عن مجلة كاروان الكوردية العدد 24 أيلول 1984 في مجلس عزائي[عدل] كنت أنقل خطواتي على الرصيف على مهل نحو مكتبة (العشاق) للسلام على جلّ تلك الكتب الملأى بالكلمات الجميلة، المليئة بدورها بسحر الجُمل، والمليئة بشروح وتفاسير أسرار القلوب. وكانت طيور الخيال المختلفة تزقزق في أعشاش ذاكرتي، وقد أثقلتْ في الحقيقة كاهل رأسي، لذا كانت رقبتي تعاني من آلام حمل رأسي كثيراُ. وكان قُبج كتابة القصة الطائر الوحيد الذي كان لا يغرد بين تلك الأسراب من الطيور. وحين وصلت في تجوالي إلى مفترق (دقات القلب) كان يجب عليّ العبور إلى الرصيف الثاني. وفي منتصف الشارع وقع نظري على لافتة سوداء اللون كانت قد علقتْ على جدار القلعة. ومع نقل خطواتي نحو الرصيف المقابل رأيت وقد دون فيها: ( إنا لله وإنا إليه راجعون ببالغ الحزن والأسى نعلن نبأ وفاة حبيب الله (حكيم ملا صالح) الذي وافاه الأجل إثر مرض العشق العضال يوم الورداء المصادف للثالث ربيع، الشهر السابع بنفسج، العام ألفين ترنيمة، حاملاً متاعه إلى جنان الخلد. تقام الفاتحة على روحه في جامع (عشقستان). حين رأيت هذا لَحِق قبج القصة ببقية الطيور وبدأ بالتغريد. وفي مهد ذاكرتي بدأ طفل قصةٍ يرغو. وكان هناك سحرٌ ما يترجم كلمات الرضيع ويقول&#160;: ـ أستعجل..قم وأكتبني..بالله عليك قم بكتابتي كي أخرج من هذا المعتقل..فقد أدركتني الرهبة. وبعد أن داهمني حزن وأسى عميقين توجهت نحو الجامع وشاطرتني في ذهابي ملاك القصة (آه أيها التعس..يامن لم تسعد في دنياك هذه.. ولم تمد يدك إلى وردةٍ ما لم تنغرس خمسة أشواك في رؤوس أناملك.. لم أر قط غيوم الحظ يوماُ ترسل زخاتها على حقول حياتك.. أيها المسكين، كنت مغرماُ بكل الخديجات غير إنهن لم ينظرن إليك يوماُ وكأنك (سيامند)، بل كنّ يدعونك (حكة)(6) المجنون ،(حكة) القبيح ،(حكة) المنكود. كم من مرة أخبرتك ألاّ تسلك ذلك الطريق بكل إشتياق، ولا تسبب لنفسك الذل والخذلان، غير إنك لم تصغ إليّ حتى أدى بك إلى التهلكة والخسران. وعند ردك على ماكنت أقوله لك كل مرّة، كانت الإبتسامة ترتسم على شفتيك وكنت تقول:( الحياة من دون عشق لاتساوي شيئاُ، هذه الخرابة التي سميت الدنيا سوف تًعَمَّر بشعاع شمس العشق فقط، وإلاّ فإنها تشبه غابة ملأى وحوشاُ، فلولا وجود حنين العشق فيها فإنها ستغدو أكثرعفونة وأكثر قذارة من المزابل. لذا لن أرضى أن تناقشني بعد الآن حول هذه الطريقة الطاهرة) . حين وصولي عتبة الجامع رأيت حكمياً واقفاُ عند الباب، وهو يقوم بفحص قلب كل من يروم الدخول، فمن لم يكن قلبه عامراُ بالوجدان والعاطفة والحنان لم يكن ليسمح له أن يجتاز العتبة . فحص أحدهم قبل أن يأتي دوري قائلاُ له&#160;: ـ يجب عليك ألاّ تدخل. قال: لماذا؟ رد قائلاُ: لأن قلبك أصابه السواد ونخره التعفن، وهو مليءٌ بالرياء والكذب والنفاق والخدع السياسية. أنت وزملاؤك لا وجود لذرة من حب الله والشعب والوطن في قلوبكم، إنكم تقومون بدرس أشواك الأنانية، إنكم مارستم خدعاً ومكراً كثيراً، وأصبحت قلوبكم صواناً. لا أسمح أبداً لأي منكم بدخول (عشقستان) هذه. تراجع.. تراجع وتواري عن ناظري قبل أن أشوه وجهك بهذا المبضع. وكنت بدوري غير آبه لفحوصات الحكيم، كنت أدرك ما زرعته وما غرسته من بذور. حين وقفت أمامه لم يساورني أي شك أو خوف إزاء نفسي، لأن قلبي لم يكن مليئاً بكل ذلك فحسب بل أصبح بحد ذاته عاصمة للوجدان، وكان أمير العاطفة يمارس فيه الحكم وكانت ملكة الحنان تبث منها رسائل وبرامج العشق. فحصني الحكيم قائلاً: ـ إن دقات قلبك سريعة جداً حتى يكاد قلبك أن يخترق صدرك .إنه يستعر عشقاً. قلت :نعم أعرف ذلك..هلاّ تراني إن كل كياني يرتجف. إني لست ممن يرتجفون، ولست أعاني برداً ، ولست أعاني من الحمّى، ولا يمتلكني الخوف، بل إنها دقات قلبي التي تهز كياني وكل جسدي، وإن شجرة جسدي تهتز بصبا فؤادي المليء عشقاً. أيها الحكيم العزيز إن قلبي ليس كقلوب الكوادر الأغبياء، إن فؤادي لوحة تم رسمها بدماء العشق. تفتح ثغر الحكيم عن نسيم ابتسامة، ليضع على مهل باقة النرجس التي كان يحملها، في مزهرية كتفي وبدأ يقول: ـ تفضل.. تفضل..عزيزي تقدم وأقعد في صدر المجلس.. أمام المحراب.. أطلب منك أن تصلي بعد قراءة سورة الفاتحة ركعتي صلاة العشق بصوت جهوري.. كي أصغي من هنا إلى صدى آياتك، أنا عاشق أيضاً. إن أعماق نفسي مزدانة بأزاهير العشق والرب والشمس والتراب، إني أعشق الأنغام والنجوى والدلال أيضاً، أعاني من جراء الحياة والآلام والمصائب، أعشق كل شيء يشرق جمالاً، ذلك الجمال الذي يفتديه عارفو الرب والشعب والوطن. بهت سيماء الحكيم وبدأت شفتاه ترتجفان عند التفوه بتلك الكلمات، وكذلك أنا. فقد سرت في جسدينا الجذبة. أدت الجذبة إلى فورة شلال دمانا . كانت الجذبة قوية بحيث كنا نصرخ بذكر خفي ملء الكون يا شيخنا الحلاج مدد، يا شيخ خاني أنجدنا، ياحضرة لوركا، تعالوا وأنجدوا هؤلاء الناس، تعالوا..لتجعلوا تلك القلوب التي نخرتها السواد بفعل الخداع والتزوير والخدع السياسية والأنانية وأصبحت حجراً أسوداً، أجعلوها رقيقة .. رقيقة حتى تذوب كالجليد تحت أقدام السالكين المخلصين.. رقيقة كفتاة الندى حين تضربها أشعة الشمس تفديها بروحها. أقدموا وقولوا للحبيبات ذوات القلوب الجامدة العفنة وعديمات الشعور والأحاسيس: إذن كيف لي أنا التعس ألاّ أبكي حين تجرح خاطري مائة مرة لم لا ينسكب الراح والكأس مثلوم مائة ثلمة عانقنا أنا والحكيم بعضنا بعضاً ووضعنا رأسينا فوق كتف بعضنا البعض وبكينا، بكاءً حاراً ندياً .وذرفنا من أصداف العيون دموعاً غزيرة حتى أصبحت عتبة جامع (عشقستان) معارض للحُلي والمجوهرات، وكنا قد ذبنا في بوتقة الجذبة تلك حتى غدا العالم وما فيه نوراً، نور العبادة الحقة، نور حب الشعب حباً طاهراً. غبنا عن الوعي، وحلقنا بروحينا نحو العرش الأعلى، وهناك عند مقر الباري كنا ندعو إلى استصدار قرار بعقاب الذين كانت مياه قلوبهم وألسنتهم لا تصب في مجرى واحد. هؤلاء الذين لم تكن دماء العشق لتسري في أجسادهم وقد أصبحوا خرّاغات للخضرة ، هؤلاء الذين كانوا يضحون بكل (إسماعيل) من أجل عشقٍ مزيفٍ. ومع حالتنا هذه كانت رياح سموم الوقت تذوي خضرة اليوم الأول للعزاء. وكنا لا ندري بتلك الاسرار والأحداث وأصبح الزمن عندنا صفراً. وكنا فقط يتناهى إلى أسماعنا، حين كان حرف (العين) يقول لنا (الرب في الأعالي). والياء يصرخ (كونوا أحبة). وحرف الشين ينادي (أعشقوا الوطن) . وحرف القاف ينادي (أفدوا بأنفسكم الشعب). كان منجل تلك الحروف الأربعة يحصد حقلَ حنطةِ وَعينا، إن قطع الوعي عن هذه الدنيا الخاوية له مذاق خاص، الدنيا خرابة.. خرابة، إنها تصلح لأن تأتي سفينة نورٍ وتختار الصالحين فيها وتذهب بهم كالنبي عيسى لتدور وتحلق بهم في الفضاء الفسيحة، ليسبحوا هناك مع النجوم في مدارات الكون، كنا لا نشعر بما يجري حولنا، حيث ظهر بأن الذين اتوا وهؤلاء الذين انهوا مراسيم العزاء فد خرجوا جميعاً ليتجمعوا حولي وحول الحكيم في حلقة دائرية، وكنا لا نزال ننثر الدرر والجواهر فيجمعونها بدورهم. كانوا يستغربون من هل إن نثر كل هذه الدرر والجواهر ليس من معجزات قيام الساعة. وكان هناك حكيماً بينهم أتى وبدأ يصغي إلى دقات قلبينا .وحينما علم بأننا كنا نردد(فليعش العشق الحقيقي ، ولترفرف راية العشق) . حينها أفشى بالسرّ لكل من كانوا يتحلقن حولنا. وكانوا بدورهم وفي سبيل الحصول على المزيد من اللآليء بدأوا بترديد هاتين الجملتين لمرّات عديدة، وبصوت عالٍ. وحين سمعتُ والحكيم تلك الأصوات الصارخة حتى عنان السماء: (يا خالق العشق أنجدنا ..يا رائد العشاق أنجدنا ..يا ولي الدراويش أنجدنا بكرمك) . ومن ثم أتخذنا والناس أجمعين من كلمة العشق شعاراً لنا وبدأنا بترديدها ونحن نتفرّق نحو المدينة. وفي تلك الليلة وحتى إقتراب توهج عيون الفجر إنتشرت كلمة العشق في جميع أرجاء المدينة، وغدت المدينة بأكملها ساحة للعشق (عشقستان). وأُشعلت نيران العشق فوق أعلى موقع للقلعة، لتنير ظلام الليل. وليلتها ودون أن يدركنا التعب، ودون أن نتوجس خيفة من رجال الجندرمة الذين لا يعرفون القانون، تجولنا في جميع الشوارع والأزقة وأحرقنا تلك الدكاكين التي كانت تروج للخداع، وتبيع الرياء بأبخس الأثمان. وتلك التي كانت تمنح الأنانية للناس بثمن بخس. وهكذا قمنا بتطهير المدينة وعند الفجر أخذتنا غفوة في أحضان فتاة استراحة ما كي ندير مجلس العزاء في اليوم التالي بكل فخر وإعتزاز. اليوم الثاني كنت أول من أستيقظت من النوم فأتجهت إلى الجامع، كنت قد أعدت الحلم الذي كنت قد رأيته في منامي إلى مرأى ناظري (رأيت نهراً فضياً، يتصارع مع ضفتيه، كانت أمواجه تتماوج وتتصارع كحركة أقدام البراق، حين كانت كـ(ذوالفقار) تضرب هذه الضفة أو تلك، كانت تصدر لحناً، لحناً سحرياً ربانياً، يحول الكبد والنفس إلى جبل (طور) كان لحناً عذباً سرمدياً إلى حد ملأ كياني دغدغاتٍ وآمالاً وإبتسامات ،.فأمتلكتني الدهشة، وبدأت أتساءل يا إلهي ماذا يمكن أن يكون هذا الصوت الملائكي؟ في بلادنا أنهارٌ كثيرةٌ وكنت قد زرت جميعها كل أربعاء الورد، فلماذا إذن لم أسمع هذا اللحن السحري منها؟ كان النهر يردد اللحن وكنت بدوري أرد الجواب&#160;: ( إلهي لست للفردوس أهلاً ولا أقوى على نار الجحيم فهب لي ذلتي وأغفر ذنوبي فإنك غافر الذنب العظيم ). وفجأة رأيت في أعلى النهر (حكيم)اً قد أقبل وهو يمتطي صهوة قارب صغير يتسع له ولكشكوله فقط. رأيت الأمواج واحدة فأخرى كسجادة حريرية تقف صامتة لمقدمه. رأيت النهر وقد كف عن تقاذف الأمواج ورأيت كافة الطيور المغردة ذات الأصوات الشجية وقد وقفت صفاً واحداً على الضفتين وبدأت بملأ أصواتها تردد له الاغاني ورأيت الأشجار في الضفتين تدنوا بأغصانها لتمنحه ظلالها. حين أقترب أخذ يناديني&#160;: ـ تعال عزيزي حكيم، تعال وأمتطي القارب بدورك. إن هذا هو نهر العشق وأن كل من كان يعشق الباري والشمس والتراب بحق يستطيع بيسر السير فوقه حتى النهاية . قلت&#160;: ـ&#160;: عزيزي حكيم أين هي النهاية ؟ قال&#160;: ـ بلاد العشق (عشقستان).. منبع الحب والعطف والحنان والحقيقة والوجدان وجلّ الأخلاق الطيبة ، الأخلاق الجميلة. حيث لاوجود هناك للكذب والنفاق والزيف والرياء والأنانية. حيث تسكرك خمر البراءة، ولن يلدغك عقارب الخطيئة ولا أفاعي الجريمة. قلت :ـ أرغب في المجيء، ولكن لن يسعني المكان. قال&#160;: سأحملك فوق كتفي، تعال وتخلص من هذه الدنيا مرتع الإستعلام والخوف ومبعث الملل.. دعك من هذه الخربة مرتع القوادين والفضلات والمزابل، ماذا تفعل بين هؤلاء الافاقين المشعوذين؟ كدت أطير فرحاً، لم تكد قدماي يتلمسان الأرض، كانت عيناي تذرفان دموع الفرح مدراراً، حلقت في الفضاء لأحط على كتفه. وصلت عتبة باب (عشقستان). إستقبلني الحكيم بمزيد من الترحيب والتقدير حتى غدوت تبراً. وصافحنا بحرار. أرتفعت شعاع ناظرينا نحو قمة المنارة. كان الناس ينظرون إلينا كيف لنا ونحن نتحدث مع بعضنا بلغة النظرات . ـ أخي العزيز لم يغمض لي جفن الليلة البارحة . ـ لماذا.. لماذا عزيزي الحكيم ؟ كم من مرة كنت أغمض فيها عيني وفي كل مرة كان حبيب الله يأتيني في منامي في هيئة مغايرة ليأخذ الغفوة من ناظري. مرة رأيته وقد أمتطى صهوة حصان العاصفة ليحلق نحو عنان السماء. ومرة أخرى كنت أراه وقد أصبح رائداً لجمع من الحواري وهن ينهمكن في غرس السيوف في جوف عفريت ذي سبعة رؤوس. ومرة أخرى رأيته يرتدي ثياباً خضراء كاملة وهو يقترب من رأسي ليهمس في أذني&#160;: ـ إن الشيطان يوشك أن يدخل قلبك..أطرده . ـ قلت كيف؟ قال برائحة خمر (ألست) . وهكذا كنت أراه في هيئة مغايرة حتى أطفأ نبراس إستراحتي كاملاً. مسدت رأسه فعرفت بأن سهام العشق قد أصابته، ولكن ليس بشكل يمتعه حتى درجة الفناء، لذا نفخت في فمه وقلت له: ـ حكيمي العزيز من أجل أن تصل إلى هدفك عليك بأرتشاف الخمر ليل نهار، أسكر..أسكر ثم أسكر حتى يغدو قلبك منبعاً للحق، عندئذ ستعرف مقدار الرغد في كلتا وجهي هذه الدنيا. إحتضنني الحكيم بحرارة وعصرني بشدة. كنت أشعر بأن عسل المحبة يتدفق رويداً رويداً من عملية العصر هذه. أردف قائلاً: ـ عزيزي أذكر لي عنوانك كي نمضي بعض الوقت سوياً كل يوم . قلت: ـ أكتب&#160;: حلبجة، مقبرة (كولان)، قاطع (القلوب)، الرقم (زهرة الليلك). فنقشه بأظافره فوق صدره، ومن ثم بسط لي كلتا يديه مرحباً بي للدخول. ومن عتبة الباب نظرت إلى الجمع الغفير، كي أتأكد من عدم تسلل دخيل، كذاب، فاسق، أناني، مرائي إلى صفوفهم دون علم الحكيم، فإن كان من بينهم مثل هؤلاء كي أقوم بفضحه، كي أرجمه بصقاً، كي أقول له إن لم تطهر نفسك من كل أوزارك لايجوز لك التوجه إلى هنا. إن عشقستان مرتع الطاهرين، مرتع هؤلاء الذين أستقر نور الرب في أعماقهم، الذين وضعوا مصلحتهم الخاصة جانباً وهم يناضلون بحق وصدق من أجل الشعب والوطن . ومن حسن الحظ لم أرَ أي أخطبوط مثل هؤلاء، لذا فقد ذهبت وجلست متقرفصاً على ركبتي قبالة المحراب بوقار، وكنت أعدد أسماء العشاق بحبات مسبحتي مثلما أعتدت على ذلك دوماً. ولحظة إنهاء الأسماء أشغل الملا (مبارك) السماعة وفتح سفره العتيق وبدأ بتلاوة بعض مقاطعه بصوت حزين&#160;: ( ـ أيها الشعب طهّروا قلوبكم * توجهوا إلى مرتع العشق * وذوبوا في اتون العشق * أنصحوا الناس كي يبتعدوا عن الضلال * أءتوا بالماء من سفر السراب * إرووا به ورود الحقيقة * أبحثوا عن الطهر * كونوا مرشدين للإحسان دوماً * كونوا ترابيين مهما إستطعتم إلى ذلك سبيلاً * كونوا ذو نشاط دائم * ألا يملأ الشيطان نفوسكم بالخداع والأكاذيب والتلفيق * إن ذلك المنافق اللعين * عدو لدود للدين * عائق في طريق العشق * يضرم النار في حدائق العشق * ويزرع أشواك الحقد والكراهية * ويغرق حقول الحق * أيها الناس إن كنتم عشاقاً * تعشقون هيفاء الحبيبة * عليكم كالعشاق القدامى * السير في هذا الصراط المستقيم). حين كفّت حمامة الملا (مبارك) عن المناجاة ، بدأ الصمت يخيم بمظلته علينا، صمت مليء بالجلبة، لأننا كنا نتكلم جميعاً دون همس. وكان موضوعنا موضوع تطهير البلد وزرع أشجار العفّة في جميع الشوارع والأزقة والمنازل. وتغيير جميع بحيرات الكذب بماء الزمزم .والقضاء على جميع مروجي التلفيق الجربة. والقضاء على أكدار النفاق وزرع بذور التوحد ذي اللون الواحد عوضاً عنها. وتوزيع عطر ورود فُرُش جامع عشقستان وتزيين جدران المدن والقرى باللوحات المرسومة على سجاجيد الصلاة. وإنارة الزوايا المظلمة بنور مسبحة فاطمة ملا عزيز بريس. وزرع المرايا في أزقة القنوط الضيقة بجلوة (لا تقنطوا)، وتشييد ضريح الملا (الجزيري) بشعاع (وحدة الوجود) وإذابة جليد الجرم بضياء إحدى قصائد (محوي) الغزلية وإعادة الحياة إلى مواقد القلوب بنظرة (عنبر خاتون). صمتنا المليء جلبة أوصلت حِملَ الوقت إلى المحطة الأخيرة. أقبل العشاق واحداً تلو الآخر ليقدموا لي مواساتهم. وقد أخرجتُ بدوري من كشكولي وردةً لكل منهم وقدمتها هديةً لهم، تلك الورود اللاهوتية التي كنت قد أتيت بها من إحدى سفراتي إلى النعيم . إشارات * الورداء: على وزن الثلاثاء والأربعاء ….يعمد القاص إلى إطلاق صفة خاصة لليوم والشهر والسنة. * حكه: تصغير إسم (حكيم). * الحكيم: الطبيب . * الحروف&#160;: ع ي ش ق يعني العشق . * فاطمة: والدة المؤلف وكانت من النساء الصوفيات. * الجزيري&#160;: شاعر كوردي كلاسيكي صوفي. * محوي&#160;: شاعر كوردي من فطاحل الشعراء . * عنبر خاتون&#160;: زوجة الشاعر الكوردي عبد الرحيم مولوي. عن مجلة (كاروان ) الكوردية، العدد (172)، نيسان 2003. خرافات نظارة جدّي[عدل] الكاتب يوسف عز الدين ترجمة مكرم طالباني (لم أكن أرغب في تذكر شيء من ذلك الحلم.. الذي لم أكن واثقاً متى وكيف كنتُ قد رأيته؟! ولكن الشيء الذي كان واضحاً لديّ، هو تحطم نظارة جدّي في منتصف الحلم.. وما كنت لأدرك لم كان يجب أن تتحطم نظارته في منتصف الحلم! أو لماذا كنت اتذكر هذا المشهد بعينه دون غيره وتختفي لديّ بداية ونهاية الحلم). أخبرني جدّي قبل رحيله: (يا بني الشيء الوحيد الذي سأرثك إياه ويجب عليك أن تعدني بالمحافظة عليه هو هذه النظارة... أحذر حين ترتديها يجب الاّ ترفعها إلاّ عندما تخلد للنوم... إن تاريخ هذه النظارة قديمٌ، لقد حصلت عليها بنفسي من احد الرحالة، الذي قبل أن يغادر هذه البلاد ويعود عن طريق البحر إلى بلاده، دعاني في مساء ماطر، واخبرني بكل بساطة: أرغب في أن أترك لديك تذكاراً، الذي يجب عليك عدم الإفراط به والمحافظة عليه بمرور الأيام). وبعد ان انهى حديثه، سال من فم جدّي زبد بيضاء اللون ليغمر البطانيات والألبدة وأفرشة الغرفة بأسرها من هذا الزبد الأبيض.. والذي كان يتزايد دون إنقطاع وقبل أن يصل إلى مستوى يده اليمنى التي كان يمسك بها نظارته، أخرجها بحذر شديد.. وكأنه غير راضٍ من ان يمنحني ميراثه الوحيد في آخر لحظة.. يبدو أنه تراجع عن وعده.. والغريب في الأمر هو انه ما كان ليرغب في التخلي عن تلك النظارة حتى وهو ميتٌ، والتي كانت دون شك تخفي وراءها سرّاً أو طلسماً ما!؟ وبمساعدة من رجال الحي الأغيار، واريت جدي الثرى حسب وصيته في منطقة منعزلة وعرة.. وبعد إنقضاء عدة اسابيع أخرجتُ النظارة من الصندوق الخشبي المزدان بالياقوت والأصداف والخرز والؤلؤ بأنواعها.. حدقت النظر إليها فوجدتها وقد تغير لونها.. وكان يبدو بأن هذا هو أحد اسرار تلك النظارة، وكانت صورة جدي لا تزال تشاهد في عدستيها.. فأمعنت فيها النظر بدقة، كانت عينا جدي السوداوين ينظران إليّ خلف العدستين... فوضعتها في مكانها على عجل ووضعت الصندوق في النافذة التي تم وضع الكتاب المقدس فوقها.. والذي كان جدي يقول عنه دوماً: يا بنيّ إن الرب يروي تاريخنا في هذا الكتاب... سيأتي زمانٌ، يتطلب منك العودة إليه، ولكن يجب عليك ألاّ تسمح لأي كائن كان بتصفحه. ومن ثم فإن كل هؤلاء الذين كانوا على معرفة بجديّ عن قرب، رووا لي حكاية تلك النظارة بأساليب مختلفة، وكان معظمهم يعتقد، بانه في تلك الفترة التي كان جدّي يدرس فيها في الكلية الحربية باسطنبول، أهداها إليه رجل يهودي، كان صديقاً لجدي في تلك الفترة وكان يحبه حباً جماً.. والشخص الوحيد الذي كان له رأي مخالف كانت عجوزاً ساحرة، التي كانت تزور جدي بإستمرار وكان بينهما الكثير من الااسرار والخفايا... حيث أخبرتني: يا بني إن هذا في غير حاجة لأي تردد، إن هذه النظارة هي نظارة (الميجر سون).. والتي لا أعرف متى وكيف تمت سرقتها ووصلت إلى أيدي جدك... أو فليسامحني الرب، كما يقولون بأن جدك سلبها من السارق قسراً، وهناك إحتمال بأنه كان قد اشتراها منه... واعرف كذلك بأن للنظارة خفايا وأسرارها الخاصة بها، والتي لايمكن لي أن أخبرك عنها شيئاً، ،. لهذا فأياًّ كان تاريخ وحكاية النظارة.. فقد أصبح بالنسبة لي دافعاً للسأم والقلق، لأنه كان عليّ أن احافظ عليها بإستمرار وأن ارتديها بإستمرار حسب ما أوصاني به جديّ، غير إنني لم اكن لأجرؤ على إرتدائها حتى ذلك الوقت!؟! ولأجل الاّ أحيد عن وصيته.. راجعت الطبيب وقمت بفحص النظر.. والذي لم اكن حتى ذلك الوقت لأرى أي نقص في نظري ولم اكن لأعرف كيف أجعل الطبيب يوافق على تشخيص عدسة ذات درجة دنيا لأجل إرتداء نظارة جدّي، ولكن بعد أن فحص نظري وقام بمعاينته بدقة... وبعد ان قام بفحص عدسة النظارة.. أخبرني دون تردد: تنسجم هذه العدسات مع نظرك وان درجة نظرك لم تتغير، ، فأخبرته بقلق متزايد: ,, دكتور هذه النظارة تعود لجدي وهي تصلح لنظره هو فقط، ،. فأجابني: أخي إنني لن امزح معك.. إن عدستها تنسجم تماماً مع درجة نظرك.. ولن تحتاج إلى أي تغيير، ،. في ذلك المساء الذي كنت قد تركت العيادة فيه، كانت الأجواء مغبرة.. بحيث كانت الأسواق والمحلات التجارية قد أغلقت.. وكنت ترى بين حين وآخر أحد المارة وهو يمر مسرعاً.. يحتمل أن تاريخ هذه المدينة لم يشهد هطول غبار كهذا.. والأغرب من ذلك هو إزدياد أعداد ال?لاب في المدينة. فكان يشاهد أزواجاً أو ثلاثاً ثلاثاً منها عند مخابيء البيوت والدكاكين والدور الخربة.. إضافة إلى كونها كانت تطارد بعضها البعض بين حين وآخر لبعض الوقت في شوارع المدينة.. ومن ثم تجالس كلباً أغبر مع كلبة بيضاء.. وسط إحدى الساحات! أنتظرت كثيراً فلم يكن الكلب ليتخلى عن الكلبة ويتركها.. فرميتهما بكسرة حجر وهتفت إستهزاءاً منهما، وحدث أن تقابل مؤخرة الكلب مع مؤخرة الكلبة دون أن يستطيعا الإنفصال عن بعضهما.. وكان منظرهما غريباً جداً، لم اره من قبل.. لم أكن لأعرف بان تجانس الكلاب هو بهذا الشكل!؟ ومن ثم أسترق قلبي فتركتهما.. وكنت قلقاً حول إرتداء النظارة، لأنني لم ادرك كنه خفاياها وأسرارها ولم أكن لأعرف ماذا سيحدث، إضافة إلى أنني كنت أتوجس خيفة عقب إرتداءها بأن ترتطم بالأرض في زحام ما وتنشطر من وسطها إلى نصفين وتتهشم، خاصة وأنني كنت مولعاً بحضور المهرجانات والمناسبات والإحتفالات والمراسيم.. لدافع لم اكن لأستطيع تحديده بدقة أو أدرك كنهه؟ من المحتمل أن يكون سبب ذلك هو أنه في إحدى المناسبات تلك جلست بجنبي فتاة سمراء سوداء العينين وكانت تلتصق بي أكثر رويداً رويداً ومن ثم قالت لي أخيراً: منذ مدة طويلة وأنا أراقبك وقد احببتك منذ زمن بعيد، ، حين دققت النظر فيها تذكرت مشاهد لوحات (غوغان).. كنت أشعر بإمتلاء جسدها ودفء حضنها.. كانت تتحدث قليلاً، ولكن حينما كانت تفتح ثغرها، كان هناك إعوجاج طفيف في أسنانها.. الذي أصبح سبباً من اسباب جمالها الأخاذ كنت أحب فيها أكثر مصمصة شفتيها وكان هذا يثير فيّ رغبة جنسية غريبة جداً.. كنت اتخيل بأنني أحد الرحالة والمكتشفين القدماء وقد أكتشفت جزيرة مسحورة، مليئة عن آخرها باشجار الموز وأنا والفتاة هذه، التي كنت اناديها لوحدي ودون أن اسألها عن اسمها، بـ (تلار).. كنا متمددين سوية في أرجوحة شبكية معلقة بين شجرتين، تحت افياء الأشجار.. وكانت حين تريد التعبير عن شيء دون أن تستطيع ذلك، كانت ببغاوات تلك الجزيرة تعبر بكلمات متقطعة عن رغبات وميول (تلار) وكنت أنتظر دوماً، أن تمتلأ عيناها دموعاً وتجهش بالبكاء.. دونما أدنى سبب يحتمل أن يكون ذلك البكاء من مخلفات ذلك الوقت الذي سقطت فيه من ظهر حصان ابيض والذي أحدث في ساقها اليمنى جرحاً غائراً.. ولكن حين كنت تمعن انظر فيه كان أقرب منه إلى آثار الحرق! رأيت تلك الفتاة في مناسبتين ومراسيمين ليس إلاّ، والتي كنت أطلق عليها لوحدي اسم (تلار).. ومن ثم لم أجد لها اثراً.. ولهذا كنت احضر جميع إحتفالات ومناسبات ومراسيم وكذلك جميع أمور مدينتي المختلفة، ولهذا كنت قد تعرفت عن بعد على جميع أولئك الشخصيات الذين كانوا يقومون في المناسبات والإحتفالات والمراسيم المختلفة بإستمرار وكانوا يقدمون الكلمات والأحاديث والنكات المتنوعة.. وكانت قد اعجبتني شخصية الرجل المهرج والذي كان يحضر دوماً بملابس وأساليب متنوعة.. وكان يقوم في بداية المناسبات والمراسيم ليقرأ كلمة طويلة ومن ثم كان يقهقه ضاحكاً حتى يتحول وجهه إلى صفين من الأسنان البيضاء الكبيرة.. التي كانت تدخل الرعب في نفوس الحاضرين ومن ثم كان لابد لنا التصفيق له وكل من كان ينسى التصفيق في تلك اللحظة.. أو كان يصفق على مهل.. فبعد إنتهاء المناسبة أو المراسيم.. كان يحضر رجال ملثمين ليلاً ليأخذوه من داره.. ولم يكن ليجد أحدُ لبعض هؤلاء بعد ذلك من أثر والذين كانوا يعودون كانوا يحجمون عن قول شيء ويخفون أسرار فقدان هؤلاء ومن ثم كانوا يجلسون في الصفوف الأولى دوماً في المناسبات والمراسيم والإحتفالات وهم يصفقون بلا إنقطاع وكان البعض منهم يهتفون وكان المسنون منهم يتعلمون الرقص!؟ كان قد مضى عام على وفاة جدي، ولم اكن قد ارتديت النظارة بعدُ.. لم اكن لأرغب في وضع نفسي تحت رحمة وأسرار وخفايا شيء مجهول مخبوء في النظارة، كنت أرغب بإستمرار الهروب من الأوهام والخرافات التي كان جدي قد قام بسردها لي وللناس الآخرين، الذين كانوا يقومون بسردها لي بأساليب مختلفة.. ولكن لم يمض طويل وقت حتى قامت العجوز الساحرة بتغيير برنامج حياتي وجعلت مني ومن النظارة توأم بعضنا البعض.. وفي وقت متأخر من إحدى الليالي جاءتني وهي ترتدي ثوباً وردياً وقد حنت يديها وقدميها، وكانت نهداها المغضنان عاريتين حتى نصفيهما وقد صبغت شفتيها باللون الوردي.. وكانت أسنانها قد أسودت بعض الشيء.. وكانت قد صبغت موضع شامة على خدها بالاسود وكحلت عينيها الزرقاوين، أزاحت بوشاحها الأبيض وبدأت تسرد لي بهدوء حلماً ما، كانت تدعي بأنه كان يتكرر لثلاثة ليالٍ متتالية، وكان الحلم غريباً ومتنوعاً ولا رابط بين احداثها، وكان يتعدى أكثر من ان يكون مجرد حلم واحد.. وكان يلتقي في نقطة واحدة.. وكان ذلك حضور جدي، الذي كان موجوداً في جميع فصول ومقاطع الحلم.. في إحدى فصول حلم العجوز: (يقترن جدي بالعجوز ليأخذها على صهوة فرس بيضاء إلى مملكة اخرى، ومن ثم يقتل جدي على ايدي بعض من رجال العصابات وقطاع الطرق وتختطف العجوز) وفي موقع آخر من حلم العجوز: (لجدي ثماني عشرة زوجة ولكل منها لونها وشكلها وملامحها الخاصة بها.. وحتى لغاتهن وجنسياتهن مختلفات حيث يبقى له من ذريتهن جميعاً ابنٌ وحيد وهو أنا، وحسب قول العجوز، سأصبح أنا بدوري حاكم هذه المدينة، وفي مرحلة تالية تلي مرحلتي يتم وضع صورتي في موقع ستراتيجي من المدينة وسيطلق إسمي على جيل من أبناء المدينة). أما أهم جزء من حلم العجوز فهو: (في يوم ماطر، وبعد أن أقوم بتنفيذ وصية جدي وأقوم بإرتداء نظارته.. تتزوجني تلك الفتاة السمراء والتي كنت اطلق عليها اسم (تلار) التي كنت قد تعرفت عليها من قبل في المناسبات والإحتفالات، ومن ثم عن طريق الصدفة وبعد عدة سنين أنتسب إلى صفوف شبكة سرية بواسطة أحد اقاربها.. فأشتهر سريعاً وبحكم خفايا وأسرار نظارتي أغدو شخصية مشهورة ومن ثم اصبح حاكماً لهذه المدينة) لقد سئمت كثيراً من كل تلك الحكايات والقصص التي كانت العجوز ترويها وكأنها حلم.. إضافة إلى الروائح التي كانت العجوز قد جلبتها إلى الغرفة معها وكانت تزداد بمرور الوقت.. فقد أغمي عليّ لبعض الوقت.. وحين أستعدتُ وعي كانت العجوز قد غادرت الغرفة.. لكن الشيء الذي أثار إنتباهي هو أن منامتي كانت قد نزعت.. وكنت أتمدد عاري العورة... وعلى أي حال أمضيت تلك الليلة، وعندما هلّ الصباح، رأيت مجموعة من الأوراق ملفوفة كالتعاويذ.. وقد كتب فيها: (نفِّذ وصية جدك وقم بإرتداء النظارة.. ولكن احذر ألا تنظر إلى أي شيء دون نظارته). وبعد ذلك فقدت صبري وطول أناتي.. حتى إنني لم اكن استطيع مواصلة مهنتي كمدرس، إلى درجة كنت لا أميز بين الدروس وكثيراً ما كنت والطلاب نخلد إلى النوم في الصف ومن ثم كنا نروي أحلامنا لبعضنا البعض وكنت امنح أعلى درجة لمن كان يحلم منهم حلماً أكثر غرابة.. وكانت ملامح الطلبة تتغير أمام انظاري بمرور الوقت وكنت أراهم في عمر أكبر من اعمارهم.. كان الفتيان يبدون أكثر سمرة وأكثر طولاً، أما الفتيات وإن كن صغيرات السن، لكنني كنت أشعر بأن نهودهن تكبر بمرور الوقت.. حتى أنني في كثير من الأحيان كنت أمد يدي نحوهن.. وكان الطلبة الذكور يقلدونني فيما بعد.. وفي أحايين أخرى خاصة حين كنت أتكلم لهم عن التاريخ، كانوا يقعدون في أحضان بعضهم البعض.. ومنذ ذلك اليوم أصبحت هذه الظاهرة (عادة) لدى الطلاب، حين كنت أتحدث لهم عن تلك الفترة حين قتل خالد بن الوليد.. مسيلمة.. ومن ثم وعند رواية أي حدث تاريخي، كانوا يقومون بأفعال غريبة.. حتى ذلك اليوم الذي كنت قد رفعتُ عصا المدير.. وقلت لهم: كفى، كفى... ألا تدركون بأنني في ورطة كبيرة.. إنكم لن ترأفوا بيّ.. لا تورطوني في مشكلة أكبر... أحبتي تصرفوا بأدب.. إنني لا زلت لم أنفذ وصية جدي بعدُ..إني أمريء غير نافع.. وبشع.. وشرير.. إنني لا أنفع في أن اعلمكم شيئاً، لآنني في حد ذاتي لا أعرف شيئاً، الكلمات التي أنطقها لكم.. ليست كلماتي.. إنها كلمات تلك العجوز الساحرة، ثقوا، إنني لست واثقاً من تلك الدروس التي ألقيها عليكم.. يحتمل أن تكون كلمات المدير صحيحة.. وليس من الضروري أن يكون كذلك؟! يحتمل أن تزوره ليلاً ساحرة ما وتنزع منامته بدورها، ، لم أكن قد انهيت حديثي بعد حين دلف المدير إلى الفصل وهو يعرج.. ويقف خلفي.. أستطردت في حديثي قائلاً: لو لم تكن حبسة خان النقيب.. لمّا فتحت مدارس البنات، ينبغي علينا جميعاً أن نعلق في بيوتنا صورة لحبسة خان النقيب. وينبغي علينا الإلمام بتاريخ حياتها ونطالع جميع كتاباتها، ،. ربت المدير على ظهري وقال لي بوجه باسم: أحسنت أيها الأستاذ.. أنت نموذج للأخلاق الحميدة ومبعث فخر وإعتزاز لمدرستنا.. ولكن عساك ان تنفذ وصية جدك وترتدي نظارته.. فدون شك عندها كانت ستتغير شخصيتك.. أو كان من االمحتمل أن يحدث تغيير في منصبك ايضاً.. أيها الأستاذ، قرأت أمس في مجلة إنجليزية، موضوعاً عن متحف بريطاني... والخاص بنياشين واسلحة وخناجر وأمتعة جدك.. وواضح انه منح أغلبها لشجاعته.. يا له من رجل فحل!!،،. وفجأة دخل الفصل ثلاثة رجال جلف وجه مهندمهم كلامه إلى المدير قائلاً: ألاّ يغادر أحد، توجهوا حالاً نحو ساحة المدينة الرئيسية.. وبهذه المناسبة الهامة، سيضاف خمس درجات للطلاب فوق مجموع درجاتهم، ،. أستعد الطلاب جميعاً وقبيل أن يتركوا الفصل الدراسي.. أنزل الرجل المهندم الصورة المعلقة فوق السبورة وبكل ما أوتي من قوة ضربها ارضاً فتهشمت زجاجها أما الآخران فقاما بإخراج الصورة واضرما فيها النار بقداحة المدير ومن ثم ضحك الجميع للحظات!! وبعد ذلك اختلطنا في ساحة المدينة الرئيسية بزحام الناس المحتشدين، ونتيجة للزحام والفوضى أصبحت في المقدمة كانت (تلار) أو الفتاة التي كنت أطلق عليها هذا الاسم.. عريفة حفل تلك المناسبة التاريخية الهامة.. كانت تقرأ الكلمات الحماسية بإستمرار وكانت الجموع الغفيرة تهم بالتصفيق بعد إنتهاء الكلمات، وحتى قبل أن تنهي كلامها.. ولم اكن ادري كيف.. ومن المحتمل أن يكون بسبب الاّّ تتحطم نظارة جدي في جيبي أثناء ذلك الزحام.. ودون قصد مني قمت بإخراجها ومن ثم إرتدائها... أمعنت النظر.. كان الجميع يحدقون في بحذر وإحترام كبيرين.. وكان هناك عدد من الحراس يحيطون بيّ وكأنهم من الحرس الخاص بيّ.. فقلتُ في نفسي: من الممكن إنهم يدركون قيمة وأهمية تلك النظارة لهذا يريدون القيام بحراستي... لئلا يدنو مني احد، ،. أستملكتني سعادة غامرة بسبب السحر الذي احدثته النظارة على معظم الحضور.. إضافة إلى ذلك زال كل قلقي وترددي الباطني.. في ذلك اليوم التاريخي الهام، والذي لم اكن لأعرف ذكرى أي يوم وسنة، أو شخصية، أو حتى أية مناسبة.. ولكن الشيء الذي كان يهمني، هو إنه وبعد فترة من المعاندة والصراع ومخالفة وصية جدي.. قد نفذت الآن وصيته بكل سهوله وأسلمتُ نفسي لتأثير خرافات نظارة جدي. لم يمض طويل وقتٍ أقتربتْ الفتاة السمراء أو لنقول التي كنت أطلق عليها اسم (تلار).. من المايكروفون لتقول على مهل: ,, يا جماهير مدينتا الشرفاء.. نسعد اليوم بالمدير الجديد لمدينتا.. الذي من الواضح بأنه شخصية شهيرة ومن عائلة شهيرة ايضاً.. إنني كقرينة تلك الشخصية الشهيرة أعلن بإعتزاز بأنه مستعد للذود عنكم ولا يتوانى عن عمل كل شيء يستطيع عمله في سبيل خدمتكم.. أيها الأعزاء.. كونوا مطمئنين بانه من الآن فصاعداً لن تجدوا أطفالكم عراة أو موائدكم فارغة.. إن الرجل العظيم الذي سيصبح حاكم مدينتا، هو اعظم بكثير من ان أستطيع التعريف به هنا.. والآن نطلب من سيادته أن يأتي إلى هنا ليقدم لكم كلمة، ،. أرتفعت اصوات التصفيق لدرجة، أوشكتْ أن تطرش أذني، أو يغمى عليّ جراء ذلك.. فسح الحراس لي الطريق قائلين تفضل.. تفضل.. وقامت مجموعة ما يسمى بكبار الشخصيات وممثلي المجالس البلدية والأطباء والمحامين و..... ألخ.. يقبلوني من كلا وجنتي وأخذوني دون إرادتي إلى المنصة وحين واجهت كل تلك الوجوه أمتلكني خوف وخجلت وبدأت بالتفكير، يا ترى ما الذي حدث.. هل ياترى وقد تحققت كلام الساحرة، وهل يكون هذا هو السر المخبوء لسنين عديدة في نظارة جدي... عدت إلى حلمي وتذكرت بدايته، نعم كان هكذا تماماً، كالوضع الذي أنا فيه الآن.. نعم إن تلك المرأة صادقة فهي زوجتي بموجب الحلم وأنا بدوري أحد ابطال هذه المدينة.. ودون وعي مني كنت اقوم بسرد الحلم للحضور وجموع الجماهير الغفيرة.. وفجأة تناهت إلى أسماعي أصوات الدفوف والتهاليل والذكر وبادرت أسأل: (ماذا حدث؟!). أخبرتني زوجتي: كل هذا هو بسبب كونهم أطمأنوا بأنك شخص مؤمن ونوراني وكنت تملك من قبل قوة خارقة وتوقعت حدوث الأمور. ماكنت أرغب في هذا الأمر، ولكن لكي لا أحيد عن وصية جدي عدتُ إلى حلمي وألقيت عليهم الكلمة التي كنت قد رأيتها في بداية الحلم.. وقلت بصوت اجش: (لا أريد أحداً أن يتفاداني ويتملكه الخوف مني.. فإنني ساصبح حاكم المدينة لمدة أربع وعشرين ساعة حسب ما جاء في وصية جدي.. يجب أن ينام الجميع خلال تلك الأربع والعشرين ساعة ويحلموا بمدينة بيضاء.. التي يجب ان يمنع درس التاريخ في مدارسها ويدرس بدله الجغرافيا. وبدون شك يجب أن يتم تنقيح الدروس الأخرى.. أرى من الأفضل تصغير الكتب الكبيرة الحجم وجعلها عدة صفحات.. لأن جميع صفحاتها زائدة وقراءتها دون فائدة تذكر). حين استعدت وعي، عرفت بانها ليست كلمة حلمي... بل كانت إنشاءً، كنت قد كتبته للطلاب من قبل، لم اجد في ذلك حرجاً ودخلت إلى حلمي والقيت عليهم الكلمة بنصها: (يجب أن يكون درس التاريخ الدرس الأساسي ويجعل حجم كتابه أربعة أضعاف ما هو عليه الآن ويهمل بقية الدروس!؟، لأننا لا نملك غير التاريخ، كي نفتخر به.كما أطالب أن يجعل من تاريخ جدي، فصلاً رئيسياً في درس التاريخ، ويُجعل من ذلك الفصل مصدر الأسئلة الوحيد للطلاب عند حلول الإمتحانات.. إذن منذ اليوم سنعود إلى سراديب التاريخ المظلمة.. يجب ان نرتدي ثيابهم ونتاول طعاماً كأطعمتهم.. يجب ان نقيم تماثيل لجدي وزوجاته الثمانية عشر في هذا الميدان). سحرتني اصوات التصفيق وكنت اسمع الهتافات السحرية وهي تتعالى.. وبعد إرتداء النظارة، كنت أرى الناس أقزاماً.. وكانت الوجوه تتراءى لي وهي مشوهة!!؟ لهيب بانميل[عدل] قصة: أحلام منصور ترجمة: مكرم رشيد الطالباني وصلنا بسيارة حكيم العتيقة من بغداد إلى السعدية، وكان الركاب يطربون لتمضية الوقت وتقليل ملل الطريق، وكانوا يتجاذبون اطراف الحديث أحياناً وينهون ذلك الشجار الذي لا معنى له بينهم بسخرية. كنت أرنو نحو الأشجار والبساتين المنتشرة على جانبي الطريق المتعرج، لم ارغب في إغماض عيني لئلا أحرم من تلك المناظر البديعة وعبق قداح البرتقال. منذ مدة وأنا لم أزر مديني المقدسة خانقين ولم أكن مطلعاً على تلك الملاحم التي كانت تحدث فيها بإستمرار بسبب بعدي عنها. كنت في نظر الركاب أجنبياً غريباً، ولم يسألني أحدهم حيث كانوا يروون النكات العجيبة وقد اعتبرت راكباً منهم وذلك بإختلاط دخان سكائرنا. كانت قوافل تلك السيارات الكبيرة والصغيرة الحجم جاعلة طريق المدينة صراطاً كصراط يوم القيامة، وكنا قلقين من إنزلاق سيارتنا تحت عجلات سيارات نقل النفط الطويلة وتدعسنا بعجلاتها لتختلط دماؤنا بالنفط وتغدو عظامنا رماداً. حين تركنا نقطة تفتيش السعدية كان الطريق يضيق وتشق سيارتنا طريقها بصعوبة فقد كنا نجعل عند كل مطبة وكان حكيم السائق يكيل علي مدير البلدية بسيل من الشتائم: ـ يا ابن الزانية، لقد خلق لشرب الخمر واخذ الرشوة. وكان الركاب يتلقفون منه ويكيلون بدورهم الشتائم لبعض أقارب علي ويشهدون بأن علي هو السارق الذي يقوم بخداع قائممقامي المدينة الواحد تلو الآخر معبدين شوارع المدينة بأكاذيبهم. وكان إبراهيم الشرطي الذي كانوا يسمونه إباو قد صب جام شتائمه على سابع جد علة وكان الركاب يسخرون منه: ـ إباو لو كان علة يعرف بأنك ستزور بغداد أول مرة فإنه كان يقوم بتبليط الطريق قبل ذلك بأسبوع ولكن وا أسفاه! كانت قطرات المطر تتساقط على زجاج سيارتنا المتكسر وكان الزجاج المترب يغدو نظيفاً رويداَ رويداً لتتشكل عليه رسوم وصور عجيبة. كنا قلقين كي لا يغضب الوند فجأة ويهدم مدينتنا بفيضانه. كم كانت السيارة مسرعة وهي تتجه نحو المدينة وترتقي التلول فكان إبراهيم أكثر تلهفاً منها. لم يكن ليصبر، أنتفض في وجه السماء وكاد يمزق ثيابه خوفاً من الفيضان وكان صوته يرتفع بإستمرار وهو يصرخ: في العام الذي مضى أتانا نهر سيروان ويأتي هذه السنة من السماء ويشردنا فإلى أين نولي وجوهنا مع الحشد من أطفالنا؟ فغضب حكيم السائق وأردف قائلاً: ـ بالله فالفيضان وحده سيكون كفيلاً للقضاء علينا. في العام الماضي تهدمت المقبرة. فقل للرب أين سيذهب الموتى؟ في السنة المنصرمة أصبح الموتى أسماكاً. وقد جاء دورنا هذه السنة ومن يدعي بأننا سوف نحصل على جدث؟ سيجرفنا الفيضان دون كفن ومراسيم الفاتحة والدفن، يا ابن الزانية علة لم يأتي بالرمل والحصو كي يسد به منافذ الوند؟ والنتيجة ماذا نفعل؟ إنه غني.. ما باله.. لديه قصر شامخ، والطامة الكبرى لنا نحن ستغدو بيوتنا الطينية أجداثاً. لم يبق لدى إبراهيم شعور، كان مطمئناً بأن زوجته فريدة تثير الحي بصراخها وعويلها وهي تقول هلعاً&#160;: سأموت.. جاءني المخاض.. الآن.. الآن.. فأتوا بالقابلة.. الطفل يصعد فوق قلبي.. سأموت .. القابلة.. أتوا بإبراهيم. كفر إبراهيم حين قال:ـ مسكينة فريدة إنها الآن تخاف من المطر كثيراً إلى حد لا يصدق. كان بيننا راكباً إسمه حسن.. حين تناهى إلى أسماعه آخر كلمة من كلمات إباو وكأنه قد صب عليه البنزين حيث وجه سيلاً من الشتائم لزوجته فريدة: ـ المتحشفة، لقد حبلت كالقطة؟ قسماً بإلله أن أطفالهم ليسوا من صلبهم.. أنت وزوجتك فريدة كشقيق وشقيقة، ليقبض الله روحكما أنتما واطفالكما القذرين. قل لي يا إبراهيم ماذا أعجبك من فريدة؟ ليست جميلة، وليست ذات معرفة.. تفووو.. على ساقيها الهزيلتين؟ إني اقسم بالله إنك حين تحتضنها تغمض عينيك.. يا ذا الحظ النكد قل لي.. إن حسن ليس صادقاً ؟ تحامل إبراهيم وقال متأففاً&#160;: ـ أنه حظي النكد! فهي ابنة عمي.. إنني مضطر ان اعتني بها حيث لصقت بي ولن تبارحني، أين أولي وجهي منها؟ سيمزقني عمي. أقسم بضريح والدي إنها الآن قد ازعجت خانقين، لن تستطيع مدينة بأكملها الوقوف في وجهها. ـ لأنك لست رجلاً، خسئت .. إنك تخاف منها كالكلب. ـ كلا. إنها تخاف من شيئين.. الجن ومن ثم المطر.. حيث تريد ليلاً الذهاب لقضاء حاجاتها فتقول لي قف عند الباب، غير انني أسخر وأستهزء بها، وحين يتساقط المطر ويكون المخاض قد جاءها حيث تصرخ وتصرخ لتصم آذاني.. لذا تراني يوم تمطر وكأنني افجع بفاجعة، حيث حظي النكد يجعلها أن يأتيها المخاض يوم الفيضان لتولد.. وقبل الفيضان بيومين لا يستكين الطفل في بطنها، أود أن تنجب طفلاً سأرسله في العام الثاني من عمره إلى المدرسة. فلطم حسن لطمة على رأس إباو وأردف يقول: ـ فليقبض الله روحك.. لماذا لا تعرف بأن المرأة تنجب بعد تسعة أشهر من الحمل.. إنها تخدعك لكي تقوم بإحتضانك. ضغط حكيم السائق على دواسة الوقود وكان يمسح زجاج السيارة تباعاً من الداخل.. مغيراً من الموضوع: ـ كفوا عن ذلك فالدنيا جاءها المخاض والرجال أيضاً، هذا ليس مطراً؟ كاد المطر أن ينفذ من زجاج السيارة كالرصاص. وكانت التلول على الجانبين ترتفع رويداَ رويداً، فتح (إباو) نافذة السيارة وكأنه لم ير المدينة منذ مائة عام، وهو يشم عبق الأرض حيث قال: ـ أف ما اعذب عبق خانقين.. لن استبدلها بالكون كله. أمتزجت رائحة نفط شركة خانقين ـ بانميل ـ بأزهار جبال وتلول وسهول المدينة، وكانت نيران نفط بانميل ترتفع من بعيد وكان المطر يتساقط مدراراً على المنطقة .. حين شاهد الركاب من بعيد لهيب بانميل المرتفع نحو السماء وأزدادت دردشتهم قدر حرارة تلك النيران حول النفط والأنجليز، وزبدت افواههم وتصبب العرق من وجوههم. فصرخ إباو&#160;: ـ يمعود وماذا أستفدنا نحن من النفط ؟ فإن أبو ناجي مهيمن ومسيطر بقبضته عليه. ـ مادام النفط ينبع من أرضنا فإن خيراته ستكون لنا فأنظروا إلى نيرانه، يقال بأن هذه المدينة ستنتج النفط لمدة ألف عام، يقال سيأتي يوم ويغدو النفط كالوند، ولكن من يستطيع الآن التحدث معهم فإن أبناء الكلاب هؤلاء سيصبون نفطنا على رؤوسنا ليحقرونا. ـ لماذا اهو هوانطة ؟ وهل هذه المدينة دون أصحاب ؟ وكل مطلق العنان لنفسه. ـ ولكن وا أسفاه وهل يستطيع أحد التصارع مع أبو ناجي؟ ـ لقد ولى ذلك الزمان، إننا سنقضي عليهم غداً أو بعد غد فالمدينة ليست ملكاً لآبائهم. ـ مادام ستخرج النفط بنفسه فيعتبره ملكاً له. ـ سوف تشهد بأننا سنغرس أصابعنا في عيونهم غداً أو بعد غد .. صحيح أنهم يمتصون الآن دمانا ونفطنا سوية ولكن الدنيا ليست اليوم فقط .. فأنتظر وأدرك ماذا سيحدث غداً أو بعد غد. وددت ان أقول شيئاً لكن سيارتنا وصلت إلى قمة آخر تلة على الطريق ومن ثم نزلت مباشرة بتأن لتقف عند نقطة التفتيش فدلف الشرطي كريم ساغ أولصي برأسه إلى داخل السيارة وهو يغطي راسه بقطعة من الغرارة وقال لإباو: ـ قرة عينك يا إباو لقد رزقك الله ولداً ولا تخف لقد هبت المدينة كلها لنجدة زوجتك. ـ فأغرورقت عينا إباو بالدموع وقال بصوته الأجش: ـ قسماً بإلله فإني سأرسله من الآن إلى المدرسة وأكشف له كل أسرار الأنجليز. (*) بانميل منطقة في خانقين، فيها مصفى للنفط بإسم مصفى الوند، قام النظام السابق بإغلاقها ونقل محتوياتها إلى منشآت نفطية أخرى. إباو: كلمة تصغير لإبراهيم. علة: كلمة تصغير لعلي. أبو ناجي: الإنكليز. هوانطة: يعني كل على هواه. الصورة[عدل] قصة: أحلام منصور ترجمة: مكرم رشيد الطالباني حين كان القمر يلطم من اجلي ومن أجل العشاق، لم تشرع أية وردة وشمعة وفراشة بالبكاء من أجل شيرين وفرهاد، والآن لن تشرع أية نجمة بالبكاء من أجل العشاق. أن القمر يدرك أن العشق هو داء السرطان، لذا فقد تحولت تماثيل العشاق الراحلون الخالدون إلى عرائس ثلجية وذابت بفعل نيران شمس العدم وغدت دخان السكائر التي لا تنفك من مرافقتي دوماً لتنجدني عند إنتصاف الليالي. نعم إن القمر يشرع بالبكاء كل لحظة على شاكلة مغايرة ويلطم وخاصة للقصائد والروايات والرسائل البنفسجية التي ذابت في دمائي الطاهرة والتي امتزجت بجهودي التي ذهبت سدى وحسراتي وآهاتي. من المدهش أنني لم أشرع بالبكاء معه، هل يا ترى أن عيناي أصبحتا كهفاً وقد كمنت فيه عشرات من الأشرطة الصوتية وأقراص السيدي وأفلام تجاربي؟ الأمر هكذا ففي عيني اليسرى التي هي أضعف من عيني اليمنى يختبأ جبل. يتكون أساسه من حجر ثقيل وصلد وشاسع، ولن يطلق على ذلك الحجر حجر الصبر، كذلك فلا اسم يطلق على حجر أساس الجبل الكامن في عيني اليسرى، لأن بياض عينيّ لم يكن شاشة للسينما، فقد تحولت الجبال إلى طاقة، ولن يستطيع أي عالم للآثار كشف أسرار مفتاح تلك الحروف. إنها كالروح والنفس والأحاسيس غير مرئية، لقد أغلقت مزلاج بؤبؤة عيني بمفتاح ذهبي، ورميت به في أتون كلماتي، ومن ثم وكما تقول الأغنية الروسية: (كلانا ضفتي نهر لن يمكننا الألتقاء ولا الإفتراق). وهكذا أصبحت أنا والعشق ضفتي نهر مدمى. في يوم مخيف، قارس البرد، والزمهرير، أيقظني القمر وقام يشرع بالبكاء من أجلي فقط، وقال: لقد ضحكوا عليكِ... إني أبكي من أجل جهودكِ التي ذهبت سدى وآهاتكِ.وفجأة شعرت بأنامله الرقيقة وقد وضعت الحجر الأساس لجبل آخر في فؤادي. فتحت الشمس عينيها صباحاً لتبارك لي ومنحت الحرية لورود وعشب وفواكه ذلك الجبل، وحين قدم الليل ليسدل الظلام على قلبي، بدأ القمر يشرع بالبكاء ثانية. وكان التيار الكهربائي مقطوعاً. وكنت بدوري أخدع نفسي. أسدلت الستائر وأشعلت عدداً من الشموع فبدأنا نبكي حتى الفجر، وكنا ندرك أن الشمس ستمنحنا الأمل من جديد وتُفند القمر وتقوم بتكويك الكرة الأرضية وستخضر حقول عشقي وتقوم النوارس بتقبيل أمواج قصائدي وتهدل حمامات رسائلي وحتى أن الذباب تتقافز فوق ظهر بعضها البعض. ومن ثم فإن شعاعاَ من أشعة الشمس ملأ إنائي بالسكر، وقام شعاع آخر بتخدير الشاي لي عوضاً عن الغاز فتزينت حيث أرسلت لي مرآتي عفطة طويلة، أضطررت أن أدير لها ظهري والنظر إلى حجم ظلي. وقد ضربني بالمغرفة على قفاي بدوره. فبقيت لوحدي معكم، ومن المحتمل أن يقولوا كما قالوا دائماً (إنها تقعد في المنزل وأدركت روحها التعب وانها أختارت لنفسها الصمت، لا عمل لها غير التفكير)، لن ارد عليكم لأن عشقي يمارس الحب مع العشق. تجربتي هذه جبل شاهق وأن الكون قد وضح الحجر الأساس في قلب روحي، لذا فقد تحولت شراييني إلى أنهار، وقلبي ذهبي المعدن لن يدركه الصدأ أبداً. وحتى في هذه اللحظة فإن القمر لا يزال يبكي، بأي قصص يمكنني أن أجفف دموعه؟! أعتقد أن القمر يرتشف خمور اليأس، وأن صفحاتي ترتشف الدماء، وقد علق صورته نفسه في جبيني، وأنتم ترتدون القناع دوماً ولن تروا الصورة جيداً. لن أندم أبداً من خطواتي الماضية ولن اسأل فرجينيا وولف ِلمَ ألقت بنفسها في نهر التايمر أو فيم كانت تفكر سيمون دي بوفوار حينما أدركتها المنية، إن الصورة التي على جبيني ليست كالسابق عبارة عن خريطة كوردستان، ولم يدون فيها شعار الحرية والمجتمع المدني وأكاذيب ساسة كوردستان، كما لم تكتب تحت الصورة أية جملة بأية لغة كانت. لإني احبكم، غير أنكم تكرهونني بدوركم، كنتم ترمونني بالحجارة. والآن فإن تاريخ الإنسانية ترميكم بالحجارة، لقد أنمحت صوركم في ذاكرتي. دعوها فإنها معادلة غير معقولة. إن اعينكم ككاميرات المخبرين، هل تودون أن تعرفوا من هو صاحب الصورة؟ أحي أم ميت؟ أشيخ هو أم في ريعان الشباب؟ ليست هناك صورة في أي حافظة للصور تشبه صورته، فلا تتعبوا أنفسكم، لا تنسوا إنكم شرطة، ستعمدون إلى تقليب صفحات دفاتري القديمة وتغدو قضية الصور لديكم لغزاً، ومن المحتمل أن تمطوا شفاهكم وتقولوا بدون أدنى مبالاة: (لقد ادركتكِ الشيخوخة)، إن صدى تلك الصورة هو لحن حياتي، على أية حال لا تراهنوا عيلها، أقلبوا الصفحات إذن، وأنظروا إلى صور الشعراء والروائيين والفنانين والفلاسفة و...و...و... وللمرة الثالثة لازال القمر يجهش بالبكاء، ففي هذه المرة لثكله، لأنه بعكسي فهو نادم جداً على أعماله وكان دوماً شيطاناً يفرق بين العاشقين ويستغرب مني كوني لن ابكي. ها أن الشمس توشك ان تبدأ بالبكاء، والسحب والسماء تذرف الدموع مدراراً، غير أن الصورة فوق جبيني تضحك منهم. فإنكم لن تجدون صاحبها حتى ترحلون، ومن الممكن أن تكون حمامة وتعمدون لذبحها، أو أن تكون عصفوراً تحبسونه في قفص، ويمكن أن تكون وردة تنثرون وريقاتها، أو فراشة تحرقون جناحيها، ومن الممكن أن تكون نوطة لن يكون في إمكانكم عزفها بآلات موسيقية، أو أن تكون قطعة موسيقية لن تنسجم مع خطواتكم ومن الممكن أن تكون لحناً لن تدركوا كنهه، أو أن تكون كلمة لن تستطيعوا إمساك حروفها بالعسل، إنها جميعاً وليست أي منها، ليست صورة الدموع لوحدها، وليس صورة الحجر، وحتماً ليست صورة ذوي السلطة، هل ترى أن تكون صورة مرآة القيد والأمن وقناني المخابرات؟! كلا، يمكن أن تكون إسماً لإحدى الروايات، لكنها ليست حتماً صورة للدولار، ويمكن أن تكون صورة لإرادة شوبنهاور أو سوبرمان نيتشة، لكن ليس ممثلاً سينمائياً ومسرحياً ولا رساماً ولا موسيقياً، غير أنه أبرعكم فناً، ويمكن أن تكون صورة ورق اللعب والكأس والحبوب المنومة والمهدئة، ليكن الحديث بيننا، إن الصورة هي صورة رجل وهي صورة إعتيادية لكنها ملفتة للنظر قليلاً. ومن الممكن أن لا تكون قراءتي لهذه الصورة قراءة فلسفية. لا زالت الشموع هذه المرة كما كانت، وكذلك النوارس والأمواج لكن ها أن خضر الحي مجهش بالبكاء، لتبكي الأوقات، والنجوم، والتماثيل، والورود، والطيور والأشجار، لكنني لن أبكي أنا ولا الصورة على جبيني، ولست نرجسياً إلى حد لكي تعرفوا أن الصورة أما تكون صورتي أو صورة ظلي أو الصورة التي في مرآتي؟! كلا، إن الصورة صورة رجل جميل، وهل يوجد بين الكورد رجال حسان؟! كلا لا يوجد. الجبل القديم في عيني اليسرى يتقاتل مع الجبل الذي في عيني اليمنى، ها أن إطار الصورة يوشك أن يثبت على جبيني، وتوشك أن تغدو عينا الصورة بحراً دموياً. ويوشك أنفه أن يتحول إلى عصاً، كلا يوشك أن يغدو مجدافاً، إنني لن أُقهر أبداً، لأن يراعي هو عصاي دوماً، وماذ يمكن أن تتحول الإبتسامات المرتسمة على شفتيه؟! ستغدو محيطاً، وقد خرج لغلوغه من فيهه، وهو يستهزء بكم. لا لا لم تتحول الصورة إلى كاريكاتير، لأن ذقنها يوشك أن يتحول إلى سجادة تصلي عليها كلماتي. ها أن القمر يذرف الدموع، وقد أغمضت الشمس ناظريها، وأن الشيطان وخضر الحي يقومان بإعدام نفسيهما بحبال المشنقة. وحدها دموعي لا تبكي، أنا الفاتنة والقبيحة، المهمومة والسعيدة، الطاعنة في السن والصغيرة في السن، التمثال والدم، الحية الميتة، فأي صورة تتحول إلى مرآة لي، أنا الخنثى الذي أتكون من مليار شخص ولازلت نفسي ذاته. من بقي؟ الرب باقٍ لوحده، ولن يبكي الرب من أجلي ولن يضحك مني، لأن الرب أيضاً لا يعرف صاحب الصورة وأنه لم يخلق إنساناً هكذا أبداً، وليس تأثير الصورة حشيشة وإنني لم أدمن عليها أبداً. هل تودون أن أحل لغز هذه الصورة، الرجاء أغمسوا الفرشاة في الأصباغ وأرسموا على جبيني لوحة مرآتية لتلك الصورة، لأجعل تفاصيل هذه اللقطات لكم مفتاحاً مرئياً، ومن ثم أرسموا صورتكم حسب هذه الخصائص على جبيني.ليكون الرأس والشعر كرأس وشعر بريخت، وليكون جبينه كجبين بودلير، وكذلك عيناه الباكيتان، وبابيونه، لنعد إلى الحاجب، الرجاء أن يكون حاجبيه كحاجبي صادق هيدايت، ومن ثم أرسموا أنفه كأنف رامبو، عودوا إلى رموش ستاندال، ومن ثم ارسموا خدي بلزاك، نعود إلى الشاربين، الرجاء إلصاق شاربي سلفادور دالي فوق شفتي الدكتور حقي إسماعيل كذلك أرسموا صورة أسنانه، أطلقوا لسان ميلر وألصقوا ذقن دورينمات بلحية أنكلز، نعود ثانية إلى ملامح وسيماء الصورة التي يجب أن تكون على شاكلة ملامح أنشتاين. ووضع نظارات جيخوف على عيني سان جون بيرس لينظر برؤيا كويستاف فلوبير إلى العالم ومن ثم الصقوا اذني فان كوخ على يسار ويمين رأس الصورة، ليكن رقبته كرقبة الإمام علي وكتفيه ككتفي رونالدو ألصقوهما بيدي ألان ديلون. وألصقوا ظهر ميلان كونديرا ببطن أدغار ألان بو، نعود إلى قفاه حيث يجب رسم صورة قفا فوكو، وأرسموا عضواً ذكرياً في المقدمة كعضو فرويد على خصيتي وليم رايش، كذلك ألصقوا صورة فخذي إيريك فروم مع ركبتي ماركيز، وساقي باسترناك وقدمي وليم فوكنر بباقي الأعضاء، ضعوا قلب كونراد بدقاته في صدره الذي يشابه صدر نزار قباني، ليكن رائحة دم الصورة كرائحة دم لوركا، وليكن بوله عكس بولي، ليكن خياله كخيال بروست وذكائه كذكاء جيمس جويس، ليكن البايب بين شفتيه كبايب جان بول سارتر، ولتكن عصاه كعصى جارلي جابلن وربطة عنقة كربطة عنق إيتالو كالفينو وحزامه كحزام محمد زفزاف، وجوربه كجورب نجيب محفوظ وقامته كقامة العفيف الأخضر وحذائيه كحذاء مورتي وأحلامه كأحلام محمد عمر عثمان، وكفره ككفر سلمان رشدي وآماله كآمال ماركس، ولا تنسوا البنطال يجب ان يكون بنطاله كبنطال بيرانديلو وقميصه كقميص ماياكوفسكي وسترته كسترة كافكا، وأن تكون أحاديثه حلوة وطيبة كأحاديث الأستاذ هيمن وأن يكون هدوئه كهدوء الطرابيشي ويكتب الشعر لي كإيليوت ويقول الشعر لي كأدونيس، ويكون وسيماً كألفيس بريسلي ويغني لي كمحمد عبد&#160;الوهاب ويغضب دوماً كبتهوفن وأن يمارس العادة السرية دوماً ويعزف على البيانو كموزارت وأن يكون مجنوناَ كنيتشه وأن يرسم اللوحات كبيكاسو ولتكن أظافر آلان روب كري فوق أنامله ويكون في صحراء كلود سيمون وليبحث عن سراب ناظري محمد بن عبد&#160;الله. ليكون كعبه كعب آشيل وتكون خطواته كخطوات إبسن وأن يكون قد سرق بؤبؤ عينيه من تولستوي وله إبتسامة بول إيلوار وتكون روحه كروح فرلين ودموعه دموع كامو، وألبسوه جلود واتينغوش وأمنحوه أفكار آكير وكور وساوا التصويرية وأن يكون له عظمة هيرمان هيسة ويراع شكسبير وله إنتظار سورين كير كيغارد وكآبة صاموئيل بيكيت وصبر غرامشي وشفقة أديسون وتكون كلماته كشعر جاك بريفير وحداثويةً مثلي. لم تكتمل الصورة لكن لأقوم بإكمالها، ومن أجل الا تكون لروحها قبر كروح جواهر لال نهرو، الرجاء احرقوا الصورة واخلطوا رمادها برماد سجائر صباح مساء أيامي وليالي. وليبكي القمر من أجل نفسه ومن أجلي وتموت الشمس. روابط خارجية[عدل] http://www.alriyadh.com/2012/06/07/article742413.html http://iraqiwriter.com/iraqiwriter/Iraqi_Writers_folder/Site_writers/mukaram_talabani/mukaram_talabani.htm http://www.poetrybook.biz/2013/05/blog-post_3669.html http://iktab.com/bookstore/author/author_detail/182 http://www.iraqiartist.com/iraqiwriter/Iraqi_Writers_folder/site_writers/mukaram_talabani/mukaram_talabani_128.htm بوابة العراق بوابة أعلام'
مصدر HTML المعروض للمراجعة الجديدة (new_html)
'<div class="mw-parser-output"><div class="إعلام محتوى" style="محتوى"><div class="صورة" style="display:inline"><a href="/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Question_book-new.svg" class="image"><img alt="Question book-new.svg" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/99/Question_book-new.svg/50px-Question_book-new.svg.png" decoding="async" width="50" height="39" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/99/Question_book-new.svg/75px-Question_book-new.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/99/Question_book-new.svg/100px-Question_book-new.svg.png 2x" data-file-width="262" data-file-height="204" /></a></div> <div style="display:inline"><span style="float:left;"><a href="/wiki/%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A8:%D9%84%D8%A7_%D9%85%D8%B5%D8%AF%D8%B1" title="تعرَّف على طريقة التعامل مع هذه المسألة من أجل إزالة هذا القالب."><img alt="تعرَّف على طريقة التعامل مع هذه المسألة من أجل إزالة هذا القالب." src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e9/Breezeicons-actions-22-help-about.svg/22px-Breezeicons-actions-22-help-about.svg.png" decoding="async" width="22" height="22" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e9/Breezeicons-actions-22-help-about.svg/33px-Breezeicons-actions-22-help-about.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e9/Breezeicons-actions-22-help-about.svg/44px-Breezeicons-actions-22-help-about.svg.png 2x" data-file-width="512" data-file-height="512" /></a></span><b>يفتقر</b> محتوى هذه المقالة <b>إلى <a href="/wiki/%D9%88%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7:%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D9%87%D8%A7%D8%AF_%D8%A8%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1" title="ويكيبيديا:الاستشهاد بمصادر">الاستشهاد بمصادر</a></b>. فضلاً، ساهم في <a class="external text" href="https://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit">تطوير هذه المقالة</a> من خلال إضافة <b><a href="/wiki/%D9%88%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7:%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1_%D9%85%D9%88%D8%AB%D9%88%D9%82%D8%A9" title="ويكيبيديا:مصادر موثوقة">مصادر موثوقة</a></b>. أي معلومات غير <a href="/wiki/%D9%88%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7:%D9%85%D9%88%D8%AB%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%A9" title="ويكيبيديا:موثوقية">موثقة</a> يمكن التشكيك بها و<b>إزالتها</b>. <small>(مارس 2016)</small></div></div> <div class="إعلام محتوى" style="محتوى"><div class="صورة" style="display:inline"><a href="/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:N_write.svg" class="image"><img alt="N write.svg" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/a/a5/N_write.svg/40px-N_write.svg.png" decoding="async" width="40" height="40" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/a/a5/N_write.svg/60px-N_write.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/a/a5/N_write.svg/80px-N_write.svg.png 2x" data-file-width="44" data-file-height="44" /></a></div> <div style="display:inline"><span style="float:left;"><a href="/wiki/%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A8:%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9_%D8%BA%D9%8A%D8%B1_%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A9" title="تعرَّف على طريقة التعامل مع هذه المسألة من أجل إزالة هذا القالب."><img alt="تعرَّف على طريقة التعامل مع هذه المسألة من أجل إزالة هذا القالب." src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e9/Breezeicons-actions-22-help-about.svg/22px-Breezeicons-actions-22-help-about.svg.png" decoding="async" width="22" height="22" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e9/Breezeicons-actions-22-help-about.svg/33px-Breezeicons-actions-22-help-about.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e9/Breezeicons-actions-22-help-about.svg/44px-Breezeicons-actions-22-help-about.svg.png 2x" data-file-width="512" data-file-height="512" /></a></span>هذه <b>مقالة غير مراجعة</b>. ينبغي أن يزال هذا القالب بعد أن <a href="/wiki/%D9%88%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7:%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA_%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A9" title="ويكيبيديا:مراجعات معلمة">يراجعها</a> محرر مغاير للذي أنشأها؛ إذا لزم الأمر فيجب أن توسم المقالة <a href="/wiki/%D9%88%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7:%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8_%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%86%D8%A9" title="ويكيبيديا:قوالب صيانة">بقوالب الصيانة</a> المناسبة. يمكن أيضاً تقديم <b><a href="/wiki/%D9%88%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7:%D8%B7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AA_%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA" title="ويكيبيديا:طلبات مراجعة المقالات">طلب لمراجعة المقالة</a></b> في الصفحة المُخصصة لذلك. <small>(أكتوبر 2013)</small></div></div> <div class="إعلام أسلوب مخفي" style="display:none"><div class="صورة" style="display:inline"><a href="/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Icone_Puzzle.svg" class="image"><img alt="Icone Puzzle.svg" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/c/c4/Icone_Puzzle.svg/30px-Icone_Puzzle.svg.png" decoding="async" width="30" height="30" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/c/c4/Icone_Puzzle.svg/45px-Icone_Puzzle.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/c/c4/Icone_Puzzle.svg/60px-Icone_Puzzle.svg.png 2x" data-file-width="371" data-file-height="371" /></a></div> <div style="display:inline">هذه المقالة <a href="/wiki/%D9%88%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7:%D9%8A%D8%AA%D9%8A%D9%85%D8%A9" title="ويكيبيديا:يتيمة">يتيمة</a> إذ <a class="external text" href="https://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AE%D8%A7%D8%B5:%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7_%D9%8A%D8%B5%D9%84_%D9%87%D9%86%D8%A7&amp;target=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;namespace=0">لا تصل إليها</a> مقالة أخرى. ساعد بإضافة <a href="/wiki/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9:%D9%88%D8%B5%D9%84%D8%A9" title="مساعدة:وصلة">وصلة</a> إليها في مقالة متعلقة بها. (يناير 2016)</div></div> <div><div class="إعلام dablink" style=""><div class="صورة" style="display:inline"></div> <div style="display:inline"><a href="/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Disambigua_compass.svg" class="image"><img alt="Disambigua compass.svg" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/4/46/Disambigua_compass.svg/20px-Disambigua_compass.svg.png" decoding="async" width="20" height="20" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/4/46/Disambigua_compass.svg/30px-Disambigua_compass.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/4/46/Disambigua_compass.svg/40px-Disambigua_compass.svg.png 2x" data-file-width="200" data-file-height="200" /></a> ميّز عن <b><a href="/wiki/%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A" title="مكرم الطالباني">مكرم الطالباني</a></b>.</div></div></div> <table class="infobox infobox_v2" cellspacing="3px"> <tbody><tr> <th scope="col" colspan="2" class="entete humain" style="line-height:1.5em; background-color:#C0C0C0;color:#000000">مكرم رشيد الطالباني </th></tr> <tr><th colspan="2" style="text-align:center;background-color:#E1E1E1;color:#000000"> معلومات شخصية </th> </tr><tr> <th style="text-align: right; background-color:#F3F3F3;" scope="row">الميلاد</th> <td style="">سنة <a href="/wiki/1951" title="1951">1951</a> (العمر 68&#8211;69 سنة)&#160;<span class="noprint"> <a href="https://www.wikidata.org/wiki/Q16128477#P569" title="تعديل قيمة خاصية (P569) في ويكي بيانات"><img alt="تعديل قيمة خاصية (P569) في ويكي بيانات" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/13px-Twemoji_270f.svg.png" decoding="async" width="13" height="13" style="vertical-align: baseline" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/20px-Twemoji_270f.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/26px-Twemoji_270f.svg.png 2x" data-file-width="512" data-file-height="512" /></a></span></td> </tr><tr> <th style="text-align: right; background-color:#F3F3F3;" scope="row">مواطنة</th> <td style=""><a href="/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Flag_of_Iraq.svg" class="image"><img alt="Flag of Iraq.svg" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f6/Flag_of_Iraq.svg/20px-Flag_of_Iraq.svg.png" decoding="async" width="20" height="13" class="thumbborder" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f6/Flag_of_Iraq.svg/30px-Flag_of_Iraq.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f6/Flag_of_Iraq.svg/40px-Flag_of_Iraq.svg.png 2x" data-file-width="900" data-file-height="600" /></a> <a href="/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82" title="العراق">العراق</a>&#160;<span class="noprint"> <a href="https://www.wikidata.org/wiki/Q16128477#P27" title="تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات"><img alt="تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/13px-Twemoji_270f.svg.png" decoding="async" width="13" height="13" style="vertical-align: baseline" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/20px-Twemoji_270f.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/26px-Twemoji_270f.svg.png 2x" data-file-width="512" data-file-height="512" /></a></span></td> </tr><tr> <th scope="col" colspan="2" style="text-align:center;background-color:#E1E1E1;color:#000000"> الحياة العملية </th> </tr><tr> <th style="text-align: right; background-color:#F3F3F3;" scope="row"><a href="/wiki/%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%B3%D8%A9_%D8%A3%D9%85" title="مدرسة أم">المدرسة الأم</a></th> <td style=""><a href="/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF" title="جامعة بغداد">جامعة بغداد</a>&#160;<span class="noprint"> <a href="https://www.wikidata.org/wiki/Q16128477#P69" title="تعديل قيمة خاصية (P69) في ويكي بيانات"><img alt="تعديل قيمة خاصية (P69) في ويكي بيانات" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/13px-Twemoji_270f.svg.png" decoding="async" width="13" height="13" style="vertical-align: baseline" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/20px-Twemoji_270f.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/26px-Twemoji_270f.svg.png 2x" data-file-width="512" data-file-height="512" /></a></span></td> </tr><tr> <th style="text-align: right; background-color:#F3F3F3;" scope="row"><a href="/wiki/%D9%85%D9%87%D9%86%D8%A9" title="مهنة">المهنة</a></th> <td style=""><a href="/wiki/%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1" title="شاعر">شاعر</a>&#160;<span class="noprint"> <a href="https://www.wikidata.org/wiki/Q16128477#P106" title="تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات"><img alt="تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/13px-Twemoji_270f.svg.png" decoding="async" width="13" height="13" style="vertical-align: baseline" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/20px-Twemoji_270f.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f4/Twemoji_270f.svg/26px-Twemoji_270f.svg.png 2x" data-file-width="512" data-file-height="512" /></a></span></td> </tr><tr> <td colspan="2" style="text-align:center;background-color:#F9F9F9;color:#000000;"></td> </tr><tr> <td colspan="2" style="text-align:right;background-color:#F9F9F9;color:#000000;"></td> </tr><tr> <td class="navigation-only" colspan="2" style="border-top: 2px #E1E1E1 dotted; font-size: 80%; background:inherit; text-align: left;"><span class="plainlinks" style="float:right;"><a class="external text" href="https://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=0"><span style="color:#555;">تعديل مصدري</span></a> - <a class="external text" href="https://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;veaction=edit"><span style="color:#555;">تعديل</span></a> </span>&#160;<a href="//ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A8:%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82_%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA_%D8%B4%D8%AE%D8%B5" title="طالع توثيق القالب"><img alt="طالع توثيق القالب" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/3/38/Info_Simple.svg/12px-Info_Simple.svg.png" decoding="async" width="12" height="12" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/3/38/Info_Simple.svg/18px-Info_Simple.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/3/38/Info_Simple.svg/24px-Info_Simple.svg.png 2x" data-file-width="512" data-file-height="512" /></a></td></tr> </tbody></table> <p><b>مكرم رشيد الطالباني</b> شاعر وكاتب <a href="/wiki/%D9%83%D8%B1%D8%AF" title="كرد">كردي</a> من إقليم <a href="/wiki/%D9%83%D8%B1%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82" title="كردستان العراق">كردستان العراق</a> يقيم في <a href="/wiki/%D8%A3%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D9%84" title="أربيل">أربيل</a> <a href="/wiki/%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%85%D8%A9" title="عاصمة">عاصمة</a> الإقليم . </p> <div id="toc" class="toc" role="navigation" aria-labelledby="mw-toc-heading"><input type="checkbox" role="button" id="toctogglecheckbox" class="toctogglecheckbox" style="display:none" /><div class="toctitle" lang="ar" dir="rtl"><h2 id="mw-toc-heading">محتويات</h2><span class="toctogglespan"><label class="toctogglelabel" for="toctogglecheckbox"></label></span></div> <ul> <li class="toclevel-1 tocsection-1"><a href="#نشأته"><span class="tocnumber">1</span> <span class="toctext">نشأته</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-2"><a href="#اعماله"><span class="tocnumber">2</span> <span class="toctext">اعماله</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-3"><a href="#مؤلفاته"><span class="tocnumber">3</span> <span class="toctext">مؤلفاته</span></a> <ul> <li class="toclevel-2 tocsection-4"><a href="#كتب"><span class="tocnumber">3.1</span> <span class="toctext">كتب</span></a></li> </ul> </li> <li class="toclevel-1 tocsection-5"><a href="#كلمات_في_حضور_الحبيبة"><span class="tocnumber">4</span> <span class="toctext">كلمات في حضور الحبيبة</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-6"><a href="#قصائد_قصار"><span class="tocnumber">5</span> <span class="toctext">قصائد قصار</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-7"><a href="#أنهار"><span class="tocnumber">6</span> <span class="toctext">أنهار</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-8"><a href="#محطات_الهموم_والهوى"><span class="tocnumber">7</span> <span class="toctext">محطات الهموم والهوى</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-9"><a href="#حزن_في_مهب_الرغبات"><span class="tocnumber">8</span> <span class="toctext">حزن في مهب الرغبات</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-10"><a href="#أنهار_2"><span class="tocnumber">9</span> <span class="toctext">أنهار</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-11"><a href="#كراسٍ_فارغة"><span class="tocnumber">10</span> <span class="toctext">كراسٍ فارغة</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-12"><a href="#قصائد_قصار_2"><span class="tocnumber">11</span> <span class="toctext">قصائد قصار</span></a> <ul> <li class="toclevel-2 tocsection-13"><a href="#قناع"><span class="tocnumber">11.1</span> <span class="toctext">قناع</span></a></li> <li class="toclevel-2 tocsection-14"><a href="#الشاعر"><span class="tocnumber">11.2</span> <span class="toctext">الشاعر</span></a></li> <li class="toclevel-2 tocsection-15"><a href="#تمثال"><span class="tocnumber">11.3</span> <span class="toctext">تمثال</span></a></li> <li class="toclevel-2 tocsection-16"><a href="#اليقين"><span class="tocnumber">11.4</span> <span class="toctext">اليقين</span></a></li> <li class="toclevel-2 tocsection-17"><a href="#معرفة_النفس"><span class="tocnumber">11.5</span> <span class="toctext">معرفة النفس</span></a></li> <li class="toclevel-2 tocsection-18"><a href="#عقول_من_حجر"><span class="tocnumber">11.6</span> <span class="toctext">عقول من حجر</span></a></li> </ul> </li> <li class="toclevel-1 tocsection-19"><a href="#ورثتُ_الكلمات!!"><span class="tocnumber">12</span> <span class="toctext">ورثتُ الكلمات!!</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-20"><a href="#الأخ_الأكبر"><span class="tocnumber">13</span> <span class="toctext">الأخ الأكبر</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-21"><a href="#الشاعر_2"><span class="tocnumber">14</span> <span class="toctext">الشاعر</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-22"><a href="#صور"><span class="tocnumber">15</span> <span class="toctext">صور</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-23"><a href="#المطر_لن_يغسل_جراح_الأيام_الخوالي"><span class="tocnumber">16</span> <span class="toctext">المطر لن يغسل جراح الأيام الخوالي</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-24"><a href="#صوتُ_نداء_بلا_تخوم"><span class="tocnumber">17</span> <span class="toctext">صوتُ نداء بلا تخوم</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-25"><a href="#تمثال_2"><span class="tocnumber">18</span> <span class="toctext">تمثال</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-26"><a href="#ثلاث_قصائد_قصيرة"><span class="tocnumber">19</span> <span class="toctext">ثلاث قصائد قصيرة</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-27"><a href="#القلب_يحتضنكِ"><span class="tocnumber">20</span> <span class="toctext">القلب يحتضنكِ</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-28"><a href="#الاحتراق"><span class="tocnumber">21</span> <span class="toctext">الاحتراق</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-29"><a href="#مع_الطبيعة"><span class="tocnumber">22</span> <span class="toctext">مع الطبيعة</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-30"><a href="#الصمت"><span class="tocnumber">23</span> <span class="toctext">الصمت</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-31"><a href="#قصائد_قصيرة"><span class="tocnumber">24</span> <span class="toctext">قصائد قصيرة</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-32"><a href="#من_ترجماته"><span class="tocnumber">25</span> <span class="toctext">من ترجماته</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-33"><a href="#قراءة_في_ديوان_فان_إيروتيك_للشاعر_قوباد_جلي_زادة"><span class="tocnumber">26</span> <span class="toctext">قراءة في ديوان فان إيروتيك للشاعر قوباد جلي زادة</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-34"><a href="#قوس_قزح"><span class="tocnumber">27</span> <span class="toctext">قوس قزح</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-35"><a href="#أوراق_على_الرصيف"><span class="tocnumber">28</span> <span class="toctext">أوراق على الرصيف</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-36"><a href="#سورة_البحث_عن_عنوان_القصيدة"><span class="tocnumber">29</span> <span class="toctext">سورة البحث عن عنوان القصيدة</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-37"><a href="#سيماء_البعد_..._عبق_الوحدة"><span class="tocnumber">30</span> <span class="toctext">سيماء البعد ... عبق الوحدة</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-38"><a href="#أنا_والريح"><span class="tocnumber">31</span> <span class="toctext">أنا والريح</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-39"><a href="#نتفٌ_من_المطر_..._نتفٌ_من_العشق"><span class="tocnumber">32</span> <span class="toctext">نتفٌ من المطر ... نتفٌ من العشق</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-40"><a href="#من_القصص_التي_ترجمها"><span class="tocnumber">33</span> <span class="toctext">من القصص التي ترجمها</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-41"><a href="#صيد_الدراج"><span class="tocnumber">34</span> <span class="toctext">صيد الدراج</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-42"><a href="#زحام_وفيضان"><span class="tocnumber">35</span> <span class="toctext">زحام وفيضان</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-43"><a href="#زوجات_خليفة_الفاتنات!!"><span class="tocnumber">36</span> <span class="toctext">زوجات خليفة الفاتنات!!</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-44"><a href="#باقة_نرجس_على_ضريحي"><span class="tocnumber">37</span> <span class="toctext">باقة نرجس على ضريحي</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-45"><a href="#في_مجلس_عزائي"><span class="tocnumber">38</span> <span class="toctext">في مجلس عزائي</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-46"><a href="#خرافات_نظارة_جدّي"><span class="tocnumber">39</span> <span class="toctext">خرافات نظارة جدّي</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-47"><a href="#لهيب_بانميل"><span class="tocnumber">40</span> <span class="toctext">لهيب بانميل</span></a></li> <li class="toclevel-1 tocsection-48"><a href="#الصورة"><span class="tocnumber">41</span> <span class="toctext">الصورة</span></a> <ul> <li class="toclevel-2 tocsection-49"><a href="#روابط_خارجية"><span class="tocnumber">41.1</span> <span class="toctext">روابط خارجية</span></a></li> </ul> </li> </ul> </div> <h2><span id=".D9.86.D8.B4.D8.A3.D8.AA.D9.87"></span><span class="mw-headline" id="نشأته">نشأته</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=1" title="عدل القسم: نشأته">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h2> <p>هو مكرم بن شيَخ رشيد شيخ جميل الطالباني، ولد في منطقة بنكورة التابعة لقضاء <a href="/wiki/%D8%AE%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%8A%D9%86" title="خانقين">خانقين</a> عام 1951. . أكمل المرحلة الابتدائية عام 1963 في مدرسة قرية كوره شلة الابتدائية للبنين على ضفاف نهر سيروان. . أكمل المرحلتين المتوسطة والإعدادية في مدينة خانقين عام 1969 ـ 1970. . التحق عام 1970 <a href="/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A9" title="اللغة الكردية">بالقسم الكردي</a> بكلية الآداب <a href="/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF" title="جامعة بغداد">بجامعة بغداد</a> ونال شهادة البكالوريوس في اللغة والأدب الكرديين عام 1974. </p> <h2><span id=".D8.A7.D8.B9.D9.85.D8.A7.D9.84.D9.87"></span><span class="mw-headline" id="اعماله">اعماله</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=2" title="عدل القسم: اعماله">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h2> <p>. يكتبُ منذ عام 1970. نشر نتاجاته الأدبية من قصائد ومواضيع ومقالات متنوعة في الصحف والمجلات الكوردية وترجم العديد من نتاجات الشعراء والقصصيين الكرد إلى <a href="/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9" title="اللغة العربية">اللغة العربية</a> ونشرها في الصحف والمجلات وفي المواقع الإلكترونية. </p> <h2><span id=".D9.85.D8.A4.D9.84.D9.81.D8.A7.D8.AA.D9.87"></span><span class="mw-headline" id="مؤلفاته">مؤلفاته</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=3" title="عدل القسم: مؤلفاته">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h2> <p>مؤلفات شعرية </p><p><br /> </p> <h3><span id=".D9.83.D8.AA.D8.A8"></span><span class="mw-headline" id="كتب">كتب</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=4" title="عدل القسم: كتب">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h3> <ol><li>.ديوان أمواج الألحان، <a href="/wiki/%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF" title="بغداد">بغداد</a>، 1978، بالكردية</li> <li>.ديوان رماد النجوى، <a href="/wiki/%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF" title="بغداد">بغداد</a>، 1980، بالكردية.</li> <li>.ديوان المعبر، بغداد، 1986، بالكردية.</li> <li>. قصة العاشق غريب، ترجمة، مشترك، 1987، إلى الكوردية.</li> <li>. ديوان الغزلْ، هولير، 1997، بالكوردية.</li> <li>. ديوان أسطورة التفاح، هولير، 2005، بالكوردية.</li> <li>. الإعراب في اللغة الكوردية، هولير، 2008، باللغة الكوردية.</li> <li>. نصيحة الأم، قصص مترجمة إلى اللغة الكوردية للأطفال، هولير،2010.</li> <li>. عقد الؤلؤ، قصص من تراث الشعوب، ترجمة إلى اللغة الكوردية، هولير، 2010.</li> <li>. حورية الغابة، قصص من تراث الشعوب، ترجمة إلى الكوردية، هولير، 2010.</li> <li>. مجموعة الرعد القصصية، باللغة الكوردية، منشورات وزارة الثقافة والشباب في إقليم كوردستان، هولير، 2011.</li> <li>. رواية (الثلج يأتي من النافذة) لـ(حنا مينة)، ترجمة إلى الكوردية، هولير، 2011.</li> <li>. ديوان (كذبة أخرى) للشاعر (زانا خليل)، ترجمة إلى اللغة العربية، هولير، 2011.</li> <li>. مجموعة رهيل الشعرية ـ الأعمال الشعرية الكاملة ـ على نفقته الخاصة، مطبعة شهاب، هولير 2012.</li> <li>. (شدو القبج)، ترجمة قصائد كوردية إلى العربية، دار الغاوون، بيروت، لبنان، 2012.</li> <li>. حقوق المعلمين وواجباتهم: تأليف كنيث إيرلاند، ترجمة عن العربية، مطبعة وزارة التربية، هولير 2012.</li> <li>. مجموعة (ابن الجبال) القصصية، وهي مجموعة قصص مترجمة من اللغة الفارسية والعربية، وزارة الثقافة والشباب في حكومة إقليم كوردستان، مطبعة وزارة الثقافة، هولير، 2012.</li> <li>. مجموعة قصص كوردية مترجمة إلى العربية، المركز العام لإتحاد الكتاب الكورد، هولير، 2012.</li> <li>رواية (عندما تتداعى الجبال، العروس الخالدة)، جنكيز أيتماتوف، مترجمة عن العربية، دار جيني للطباعة والنشر، هولير، 2013.</li> <li>. رواية (جاوة زار ـ التعويذة) باللغة الكوردية من تأليفه ومترجمة من قبله إلى العربية أيضاً، معدة للطبع.</li> <li>. رواية (السيد الرئيس) ميغيل أنخل استورياس، مترجمة عن العربية، معدة للطبع.</li> <li>. رواية (بروكلين هايتس)، للكاتبة المصرية ميرال الطحاوي، عن العربية، معدة للطبع.</li> <li>. ترجمة رواية جسر على نهر درينا، لإيفو آندريج، أربيل 2011. دار موكرياني.</li> <li>. ترجمة رواية الفناء الملعون إيفو آندريج.أربيل، دار موكرياني، 2011.</li> <li>. ترجمة رواية الصخب والعنف، لفوكنر. أربيل 2015، دار آوير.</li> <li>. ترجمة رواية رقص رقص رقص لهاروكي موراكامي، أربيل 2017، دار آوير.</li> <li>. ترجمة قصة إختطاف، غابرلي غارسيا ماركيز، دار آوير، أربيل،2015.</li> <li>. ترجمة رواية 1q84 الكتاب الأول 2016والثاني 2020والثالث 2020 للروائي هاروكي موراكامي. منشورات دار روسا.</li> <li>. ترجمة رواية بعد الظلام للروائي هاروكي موراكامي. 2017.منشورات دار آوير.</li> <li>. ترجمة رواية خريف البطريرك لغابريل غارسيا ماركيز.أربيل، 2014. دار آوير.</li> <li>. ترجمة رواية السيد الرئيس لميغيل أنخل أستورياس. الطبعة الأولى 2014 والطبعة الثانية 2015.دار موكرياني.</li> <li>. ترجمة رواية الأسود يليق بك لأحلام مستغانمي. أربيل، 2013. دار آوير.</li> <li>. ترجمة حين تتداعي الجبال، العروس الخالدة لجنكيز إيتماتوف. 2013، دار جيني.</li> <li>. ترجمة كتاب حكمة الكذب لسولخان سابا أوربيليان. أربيل، 2016 ، دار روسا.</li> <li>. ترجمة رواية بروكلين هايتس، لميرال الطحاوي.</li> <li>. ترجمة فرانكشتاين في بغداد لأحمد سعداوي.دار آوير، أربيل 2015.</li> <li>. ترجمة رواية المرأة العسراء لبيتر هاندكة. دار روسا، أربيل 2017.</li> <li>. ترجمة رواية غرفة مثالية لرجل مريض ليوكو أوغاوا. أربيل 2017، دار روسا.</li> <li>. ترجمة رواية المفتاح لجونيشيرو تانيزاكي.أربيل 2015، دار جيني.</li> <li>. رواية سوء تفاهم في موسكو لسيمون دي بوفوار. أربيل 2016، دار روسا.</li> <li>. ترجمة الحرافيش لنجيب محفوظ. دار آوير، أربيل، 2016.</li> <li>. ترجمة مذكرات كلب عراقي لعبد&#160;الهادي السعدون. دار آوير، أربيل 2017.</li> <li>. ترجمة كتاب ثورة أكتوبر 1917 لآلان مورهيد. أربيل، 2018، دار آوير.</li> <li>. ترجمة رواية فتاة عادية، آرثر ميلر، مكتبة زانين، أربيل 2018.</li> <li>. طبع ديوان آخر كلمات القمر، باللغتين الكوردية والعربية، أربيل 2019.</li> <li>. ترجمة رواية شارع إبليس، أمين الزاوي، دار آوير، أربيل 2020.</li> <li>. ترجمة أحزان السَنَة العراقية، خزعل الماجدي، أربيل 2020، دار موكرياني.</li> <li>. ترجمة رواية مقتل الكومنداتور، هاروكي موراكامي، الجزء الأول، 2020، معد للطبع.</li></ol> <p><br /> . عمل صحفياً في دار الثقافة والنشر الكوردية <a href="/wiki/%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF" title="بغداد">ببغداد</a> من 1976 لغاية 1989 بصفة مترجم. . نقل عام 1989 ليشغل مسؤول فرع الدار في <a href="/wiki/%D8%A3%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D9%84" title="أربيل">أربيل</a>. . أنتسب بعد انتفاضة ربيع عام 1991 إلى وزارة الثقافة في إقليم <a href="/wiki/%D9%83%D8%B1%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86" title="كردستان">كردستان</a>. . نقل عام 1992 إلى وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان بعنوان مدرس اللغة والأدب الكرديين وقام بالتدريس في إعدادية صناعة أربيل وإعدادية ميديا للبنات. . نسب عام 1994 للعمل في مجلة آفاق تربوية الشهرية باللغة الكوردية والعربية بوزارة التربية. . نقل عام 2007 خدماته نهائياً إلى مجلة التربية والتعليم بديوان وزارة التربية. . شغل مدير التحرير في المجلة أعلاه. . عمل منذ عام 2003 محرراً للأخبار في القسم العربي <a href="/w/index.php?title=%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9_%D9%83%D8%B1%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86&amp;action=edit&amp;redlink=1" class="new" title="فضائية كردستان (الصفحة غير موجودة)">بفضائية كردستان</a> ويعمل حالياً في قسم الأخبار باللغة الكردية بفضائية كوردستان. </p><p>من قصائد الشاعر مترجمة من الكوردية إلى العربية: </p><p><b>البحر</b> </p><p>حبِلَتْ بحيرة من بحرٍ </p><p>انقضى ثلاثون قرناً وثلاثون عقداً </p><p>وثلاثون عاماً وثلاثون شهراً وثلاثون أسبوعاً </p><p>وثلاثون يوماً وثلاثون ساعة </p><p>ليولدَ بحرٌ من بحيرةٍ </p><p>أنتفض بحرٌ في حضن بحرٍ </p><p>في تاريخ بحرٍ </p><p>أبتلع بحرٌ بحراً </p><p>قَرصَ بحرٌ فخذَ بحرٍ </p><p>غرق بحرٌ في أمواج بحرٍ </p><p>طالعَ بحرٌ تاريخَ بحرٍ </p><p>خاصمَ بحرٌ جغرافيةَ بحرٍ </p><p>ردمَ بحرٌ ينابيعَ بحرٍ </p><p>تخندق بحرٌ ضد بحرٍ </p><p>ثار بحرٌ على بحرٍ </p><p>قَدِمَ بحرٌ وأرتاد مقهى بحرٍ </p><p>أجتاز بحرٌ شارع قلعة بحرٍ </p><p>لم يعجبه أرصفة بحرٍ </p><p>أستدار حول الشارع الستيني لبحرٍ </p><p>مرتشفاً فنجان قهوة في ليالي البحرِ </p><p>أمضى الليل حارساً حول قلعة البحرِ </p><p>لم يعجبه أسلاك الكهرباء والهواتف </p><p>الممددة دون إنتظام على الأعمدة </p><p>وجدران منازل الأحياء </p><p>مشوهةً منظرَ أزقةِ وشوارعِ عاصمة البحرِ </p><p>نفرَ من مشهد جل العربات </p><p>التي لا تفسح الطريق للمارة </p><p>كي يتجولوا في بحرِ بحرٍ </p><p>ويقوموا بجولات بحرية </p><p>تَفقّدَ بحرٌ </p><p>نقاطَ سيطرةِ مدينةِ بحرٍ </p><p>لم تنبس واحدةٌ منها بسؤال </p><p>من أين قدِمتْ </p><p>إلى أين تذهبَ </p><p>أين هويتكَ </p><p>من أي مدينةٍ أنتَ </p><p>ماذا تفعل أمواجكَ </p><p>متى تنتفض أمواجكَ </p><p>ومتى يغرقنَ السفن </p><p>وكيف يلقين القبض على قراصنة البحر </p><p>وكيف يسهرنَ </p><p>وكيف يفتشنَ المنازل المشبوهة </p><p>وكيف يطمئننَ قاطني الاحياء </p><p>التي تعاني شحة المياه </p><p>بوصول مياه الإفراز إليهم </p><p>ممن يحلمونَ بشوارعٍ معبدةٍ ومدينةٍ نظيفةٍ </p><p>وعاصمةٍ خاليةٍ من المواشي والأغنام والماعز </p><p>والأكباش والتيوس </p><p>والدواجن والديوك والكتاكيت </p><p>والشوارع المليئة حفراً </p><p>من دون كهرباء ولا ماء </p><p>سأل بحرٌ بحراً </p><p>حلِمَ بحرٌ بهامة بحرٍ </p><p>قدم بحرٌ لخطوبة بحيرةٍ </p><p>طلب والداها </p><p>كيلوغراماً من الذهب </p><p>عيار واحد وعشرين قيراطاً </p><p>لم يرض البحرُ </p><p>ولم يُعد </p><p>شدّ رحالَهُ </p><p>ليغضب من جزرِ سومطرة </p><p>منتفضاً، رافعاً عقيرته </p><p>ليقلب أعالي الجزر سافلها </p><p>ويغرق العديد من أبناء بحرٍ </p><p>مغيباً العديد منهم </p><p>ملقياً بالعديد منهم في غياهب المجهول </p><p>مجتاحاً العديد منهم </p><p>واضعاً العديد منهم تحت إبطيه </p><p>دون أن ينحسر </p><p>حتى أغرق ندّه البحرَ تحت مياه البحرِ </p><p>تقزّز بحرٌ من بحرٍ </p><p>جلس على ساحل بحرٍ </p><p>لم يلتفت إلى البحرِ </p><p>قرص بحرٌ أُذن بحرٍ </p><p>مهدداً إياه الاّ يقرص بحراً </p><p>أرتقى بحرٌ سطح منزل بحرٍ </p><p>أختلس النظر نحو فتاة بحرٍ </p><p>قدم البحرُ شكوى لدى الشرطة </p><p>ليتم تحديد يوم المحاكمة </p><p>تصدى بحرٌ لبحرٍ </p><p>أرتدى بحرٌ الملابس الرياضية لبحرٍ آخر </p><p>وبدأ اللعب في ساحة ملعب بحرٍ </p><p>تجول بحرٌ في حدائق بحرٍ </p><p>أدركه العطش فشرب من حنفية حانوت البحرِ </p><p>أصاب العطش بحراً بالعمى في صحراء بحرٍ </p><p>أطربَ بحرٌ لبحرٍ </p><p>كي يقدم له شربة ماء </p><p>أجتاح بحرٌ سرير عرس بحرٍ </p><p>طرق بحرٌ باب بحرٍ </p><p>طالباً طنجرة ماءٍ من مياه إسالة الإفراز </p><p>أنطفأ التيار الكهربائي لحي بحرٍ </p><p>أوقد البحرُ شموع بحرٍ </p><p>حطم بحرٌ عِرنينَ بحرٍ </p><p>لم يقدم البحرُ لتسجيل الشكوى لدى الشرطة </p><p>منَّ اللهُ على بحرٍ ولداً فأغرقهُ في اليَمِّ </p><p>جلس بحرٌ في مطعم العاصمة </p><p>طالباً كأسين من مياه البحر </p><p>شاهدَ بحرٌ زورقَ سفينةِ بحرٍ </p><p>لم يَقُم بأداء التحية </p><p>داعياً حراس السواحل </p><p>كي يوثقوه في معتقل ساحل جزيرة البحرِ </p><p>دلف بحرٌ من نافذة بحرٍ </p><p>لم يجد شيئاً غير البحرِ </p><p>قطع بحرٌ تذكرة وشاهد فيلم بحرٍ </p><p>كان يحكي قصة غرق بحرٍ </p><p>كان بطله بحراً </p><p>لم يكن قد شاهد ساحل البحرِ </p><p>تناول بحرٌ لحم شقيق بحرٍ </p><p>لم يستطع هضمه </p><p>جرجر بحرٌ جديلة بحيرةٍ </p><p>فسقطتْ في بحرٍ </p><p>وأبتلّتْ ثيابها </p><p>عاتبته والدتها </p><p>سافر بحرٌ إلى العاصمة </p><p>فأختطفه بحرٌ </p><p>في نقطة تفتيش بحرٍ </p><p>طالباً فديةً مقدارها بحراً من الدولارات </p><p>لم يستطع البحرُ دفع الفدية </p><p>فجزّ البحرُ رأسَهُ </p><p>سالتْ دماء البحر </p><p>لتلوث بحرَ بحرٍ </p><p>ولم يقدموا له رشفة من ماء البحر </p><p>إبتاع بحرٌ من محلات بحرٍ </p><p>جهاز إستقبال فضائيات البحرِ يفتح القنوات المشفرة </p><p>لم يستطع إستقبال قناة البحرِ </p><p>ولجَ بحرٌ من بوابة مكتب إنترنيتِ بحرٍ </p><p>ليطلع على موقع بحرِ البحرِ </p><p>أستقبل بحراً من الإيميلات من صديقته البحيرة </p><p>لم يطلع عليها وقام بحذفها </p><p>زار بحرٌ منزل ابن عمه البحر </p><p>كان ابن عمه البحر في العمل </p><p>فلم تدعوه زوجته للجلوس </p><p>حلمَ بحرٌ أن يغدو بحراً </p><p>ليبتلع حلمَ بحرٍ </p><p>كان بحرٌ منهمكاً في كتابة قصيدة بحرٍ </p><p>مختبئاً بين سطور بحرٍ </p><p>كَمَنَ بحرٌ في حديقة قصيدة بحرٍ </p><p>فأبتلّ جل بحور العروض </p><p>تثائب بحرٌ في حضن بحرٍ </p><p>مددوه فوق سرير بحرٍ </p><p>رأى بحراً من الأحلام الغريبة </p><p>ذاب بحرٌ في كفِّ بحرٍ </p><p>وغدا قطرة بحرٍ </p><p>عادت إلى البحرِ </p><p>شاهد بحرٌ بحيرة </p><p>فبكى ملء بحرٍ </p><p>كي يزفوها إليه </p><p>قدمَ بحرٌ لخطبة بحيرة </p><p>لم يوافق والديها </p><p>ليسعد بالزواج منها </p><p>أنشد بحرٌ نشيد بحرٍ </p><p>فغرق في بحار الألحان </p><p>لم يشعر به وتّار البحرِ </p><p>قدمَ بحرٌ لرؤية هلال بحرٍ </p><p>فتاه في ساحل بحرٍ </p><p>قدمَ بحرٌ يسأل عن بحرِ بحرٍ </p><p>استدلوه إلى منزل بحرِ بحرٍ </p><p>طارده أطفال الحارة في حي البحرِ </p><p>أستعجل وتوارى في لجة بحرٍ </p><p>غدا بحرُ بحرٍ بحراً </p><p>جاعلاً بحرَ البحرِ بحراً!! </p><p>عن ديوان (أسطورة التفاح)، مطبعة شهاب، هولير آب 2005 </p> <h1><span id=".D9.83.D9.84.D9.85.D8.A7.D8.AA_.D9.81.D9.8A_.D8.AD.D8.B6.D9.88.D8.B1_.D8.A7.D9.84.D8.AD.D8.A8.D9.8A.D8.A8.D8.A9"></span><span class="mw-headline" id="كلمات_في_حضور_الحبيبة">كلمات في حضور الحبيبة</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=5" title="عدل القسم: كلمات في حضور الحبيبة">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <blockquote><p>أنتِ قصيدةٌ مكتوبة </p><p>بلا عنوان </p><p>بلا صدى، بلا الحان </p><p>في تواريخ اشعاري&#160;!! </p><p>أنتِ خواطرٌ حمرٌ </p><p>تحترقُ في صومعةِ أفكاري&#160;!! </p><p>وبكاءٌ غارقٌ في عيونِ الأنهارِ </p><p>وليلكِ الدّامِسْ </p><p>شبحٌ خرافيٌ </p><p>بين غاباتِ الاخبارِ </p><p>فيا غزالة متمردة </p><p>كيفَ ليَّ التمرّدُ من قوقعةِ الرتابةِ </p><p>في ثنايا الاطوارِ ؟! </p><p>يا مظلةً شتويةً، يا ممزقةَ الصدرِ </p><p>فوق وجهي وجسدي العاري&#160;!! </p><p>أنا نارٌ في نارٍ في ناري </p><p>أحترقُ بلا رماد، بلا دخان </p><p>في صمتٍ موحشٍ </p><p>في ظلمة الغارِ </p><p>بين شواطيء عينيكِ </p><p>وإنتظار مقلتيكِ </p><p>وحيداً، غريباً </p><p>في تطوافي وأسفاري&#160;! </p><p>أغدو طائراً دفينَ الرغباتِ </p><p>اكتب إسمي وتاريخ ميلادي </p><p>وعشقي الأخضر </p><p>على صفحات فؤادٍ ممزق الأوتارِ </p><p>راسماً وجهَ جوادي </p><p>خارطةً، رمزاً </p><p>لحبيَ المدمى في حقائبِ البعدِ </p><p>وهدايا لتذكاري </p><p>فحذارِ </p><p>إن القلبَ فارسٌ مقدامٌ </p><p>حزينٌ غريبُ الأطوارِ </p><p>نارٌ تشتعلُ في النارِ </p><p>تنقضُّ على عالمكِ الخرافي </p><p>وتختفي كألقٍ صوفي </p><p>بين جبين السماء </p><p>وبقايا الغبارِ&#160;! </p> </blockquote> <h1><span id=".D9.82.D8.B5.D8.A7.D8.A6.D8.AF_.D9.82.D8.B5.D8.A7.D8.B1"></span><span class="mw-headline" id="قصائد_قصار">قصائد قصار</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=6" title="عدل القسم: قصائد قصار">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>1- الليل </p><p>خاصمتني ليلة </p><p>فجاءها البكاء </p><p>تحت شجرة الصمت </p><p>تذرف دموع النسيان&#160;!! </p><p>2- هوى </p><p>هويتها </p><p>نظرت إليها </p><p>رأيتها </p><p>تسابق ريح الأحزان </p><p>تسافر في مجاهل البلدان </p><p>حبست أنفاسي </p><p>كي ألتقيها في الأماسي </p><p>لكنها غادرتنا </p><p>وغادر معها السلوان </p><p>3- جدول </p><p>ألتوي كجداول قريتي </p><p>من الآلام </p><p>وأحزان البعاد </p><p>أسير الهوينا </p><p>كنهر اتعبه المسير </p><p>تنهمر أحزاني مطراً </p><p>في جدول عشق </p><p>نسيه الغدير&#160;!! </p><p>4- الكنز </p><p>عيناكِ قمران </p><p>يضيئان دروب حياتي </p><p>لا أرى فيهما حزناً </p><p>بل كنزاً </p><p>من الذكريات </p><p>عيناكِ </p><p>قمران في سماء الوجد </p><p>سهام وصلهما </p><p>يصيبان عين الكبد </p><p>5- خوف </p><p>خوفي عليكِ </p><p>أن تطاردكِ الخريف </p><p>خوفي عليكِ </p><p>أن تختطفك الأضواء </p><p>خوفي عليكِ </p><p>أن تبللكِ أمطار الأهواء </p><p>خوفي عليكِ </p><p>أن أجدكِ </p><p>تحتضرين </p><p>وأنتِ في أحضان السماء </p><p>6- جدال </p><p>بوابة الحزن موارب </p><p>على الرحيل </p><p>وعين الرغبات </p><p>تمتشق سيف التنهد </p><p>على وصل </p><p>طال به السبيل </p><p>والجدال بيننا </p><p>طير يحن إلى الرفرفة </p><p>إلى عش الأنغام </p><p>والهديل&#160;!! </p><p>7- اليوم الثامن </p><p>سآتيكِ في اليوم الثامن من الأسبوع </p><p>سآتيكِ </p><p>لأترنم نشيد الشهر الثالث عشر </p><p>لعشق الحقيقة </p><p>سآتيكِ </p><p>كي أبلغكِ </p><p>أن الساعة الخامسة والعشرين </p><p>من يوم العشق </p><p>حان </p><p>وقد أضاء شمس عشقنا </p><p>المكان&#160;!! </p><p>8- النسيان </p><p>لن أنسى سويعات الحب </p><p>ولا شبابيك الهوى </p><p>ولا مرارة النوى </p><p>ولا ما عانيناه </p><p>سوى </p><p>بأيدي جلاوزة السلطان </p><p>في قعر الجب&#160;!!! </p><p>26-1-2007 </p><p>بيرمام </p> <h1><span id=".D8.A3.D9.86.D9.87.D8.A7.D8.B1"></span><span class="mw-headline" id="أنهار">أنهار</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=7" title="عدل القسم: أنهار">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <blockquote><p>زلزال </p><p><br /> قريتنا اهتزت </p><p>وانتشر الذعر بين النوارس </p><p>وما من أثرٍ لزلزال </p><p><br /> كتابة </p><p>كثيَراً ما تراودني الكتابة </p><p>عن أطفال الزيتون </p><p>لكن من الجنون </p><p>أن أقلع عن التفكير </p><p>في المنون </p><p><br /> أنهار </p><p>لم أر الأنهار </p><p>التي عشقت النهار </p><p>وراحت تجري ليل نهار </p><p>علها تشق الجدار </p><p>لتلتقي بعاشقة الديار </p><p><br /> المدينة </p><p><br /> أحببتها من كل قلبي </p><p>منحتها مشاعل حبي </p><p>وألحان قيثارتي وعسل كلماتي </p><p>ووجدتني أبكي دماءً </p><p>من أجل عينيها </p><p>يا لها من مجحفة وناكرة للجميل </p><p>فقد رمتني في أحضان البؤس </p><p>ونفق النسيان الطويل </p><p>من دون ذنب </p><p>ولا وشاية أو دليل </p><p><br /> هوى </p><p><br /> هويتها </p><p>وكان هواي سرمديا </p><p>فلم أجد لهواي مسمعاً </p><p>ولا رطباً جنيا </p><p><br /> تخيل </p><p><br /> أتخيلها </p><p>طريقاً مزداناً بالخيلاء </p><p>وجنينة مزدانة بالكبرياء </p><p>أتخيلها </p><p>عشقاً لا يمسه الجنون </p><p>ونظرة ثاقبة </p><p>في وجه المنون </p><p><br /> رحيل </p><p><br /> أرحل في كلمات القصيدة </p><p>باحثاً عن وجه الحبيبة </p><p>أرحل في حروف الكلمات </p><p>باحثاً عن قامتها المديدة </p><p>أرحل في الجمل الوحيدة </p><p>عن قولتها السديدة </p><p>الحلم </p><p><br /> ليتني لم أرها ولم أقابلها </p><p>ولم أتمم بها </p><p>ولم أغازلها </p><p>ولم أنبس ببنت شفة معها </p><p>كونها حلم من الأحلام </p><p>وعين لا تنام </p><p>ودنيا من الهيام </p><p>لا تنفك تبحث في لغة الكلام </p><p>عن عبق جمل الوعود </p><p>وأنا المتيم بأناشيد النهود </p><p>لن أمسها </p><p> سوى في أحضان الأحلام</p></blockquote> <h1><span id=".D9.85.D8.AD.D8.B7.D8.A7.D8.AA_.D8.A7.D9.84.D9.87.D9.85.D9.88.D9.85_.D9.88.D8.A7.D9.84.D9.87.D9.88.D9.89"></span><span class="mw-headline" id="محطات_الهموم_والهوى">محطات الهموم والهوى</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=8" title="عدل القسم: محطات الهموم والهوى">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <blockquote><p>1- </p><p><br /> عريشة </p><p>في سماء الزمن السرمدي </p><p>أمتطي صهوة الهمومِ </p><p>أسير صوب نهر العشق </p><p>في هدي النجوم </p><p>طائراً بجناحي المدمى </p><p>فوق منازل السحب </p><p>وعرائش الغيومِ </p><p>وحيداً </p><p>فريداً </p><p>باحثاً عن دفءِ حضنٍ </p><p>عن وجه حزين </p><p>عن ظل عريشة </p><p>عن فيء شجرة </p><p>عن ملاذٍ أمين </p><p>يأويني </p><p>عن عاشقة الشمس </p><p>تطل عليّ شعاعاً </p><p>من علٍ </p><p>من قمة عاطفة </p><p>من وادي التلاقي </p><p>تأتيني </p><p>لكن رياح الهوى </p><p>تراوغ ريش جناحي </p><p>فلا عريشة </p><p>تستقبلني </p><p>ولا ظل خرافي يأويني&#160;! </p><p>2- مدينة النوى </p><p>شوارع هذه المدينة الغريبة </p><p>لا تعرف وقع خطواتي </p><p>ولا بسمة شفتي </p><p>ولا لون عيني </p><p>ولا خصلة من شعر رأسي </p><p>ولا يومي </p><p>وغدي وأمسي </p><p>شوارع تنأى بي عن جدائل الحبيبة </p><p>ومناظر حدائقها القشيبة </p><p>وضحكاتها العجيبة </p><p>لأغدو صنواً للفراق </p><p>ورديفاً للأحزان </p><p>وصفحة بيضاء للنسيان </p><p>وطفلاً هزيلاً </p><p>تتقاذفه مهازل الزمان&#160;! </p><p>3- إنتظار </p><p><br /> كلما أنتظرتكِ </p><p>كلما أسرع وقت الإنتظار </p><p>رغبة في اللقاء </p><p>تحت شمس </p><p>أشرقت دون سماء&#160;! </p><p>4- هوى </p><p><br /> أهوى السباحة في نهر نهديكِ </p><p>أهوى الغرق </p><p>في بحار عينيكِ </p><p>أهوى قطف الورود </p><p>من حدائق وجنتيكِ </p><p>أهوى لذة سرمدية </p><p>تكمن في شفتيكِ </p><p>أهوى التسلل </p><p>إلى مخدع رغبة </p><p>رهينة في يديكِ </p><p>أهوى الموت والإنبعاث </p><p>تارة أخرى </p><p>في جنة تكمن بين قدميكِ&#160;!! </p><p>5- نسيان </p><p><br /> لن أنسى حكايات السنين الخوالي </p><p>لن أنسى سمر الليالي </p><p>لن أنسى حديث الأربعاء </p><p>لن أنسى ما تم وما لم يتم من لقاء </p><p>لن أنسى عسل الأماسي </p><p>وما فاح من عطر الأنفاسِ </p><p>لن أنسى ما دار بيننا من همسات </p><p>وما مرت بنا من مآسي </p><p>لن أنسى كلماتكِ الحزينة </p><p>ولا راية رغباتكِ الدفينة </p><p>لن أنسى وعود القبلِ </p><p>ولا نظرات المقلِ </p><p>لن أنسى الأيام الخوالي </p><p>مهما بعدتِ عني </p><p>وابتعدت الأماني&#160;!! </p><p>6- مطر </p><p><br /> أنا أرض عطشى </p><p>أنتظر موسم هطولكِ </p><p>فأرويني </p><p>أنا حقل أجرد </p><p>أنتظر غيم وعودكِ </p><p>فأمنحيني عطف الهطول </p><p>أمنحيني </p><p>أنا سهل عشق </p><p>مترامي الارجاء </p><p>أنتظر رذاذ عهودكِ </p><p>فأغسليني بماء العشق </p><p>أغسليني </p><p>تعالي ايتها الغيمة القصية </p><p>أقتربي </p><p>أقتربي من سمائي المنسية </p><p>تعالي وأهطلي مدراراً </p><p>على أديم وجنتي </p><p>كي تحيا قبلات شفتيكِ </p><p>دوماً في حضن شفتيّ&#160;!! </p><p><br /> </p><p> 6-3-2007</p></blockquote> <h1><span id=".D8.AD.D8.B2.D9.86_.D9.81.D9.8A_.D9.85.D9.87.D8.A8_.D8.A7.D9.84.D8.B1.D8.BA.D8.A8.D8.A7.D8.AA"></span><span class="mw-headline" id="حزن_في_مهب_الرغبات">حزن في مهب الرغبات</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=9" title="عدل القسم: حزن في مهب الرغبات">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <blockquote><p>ليت الريح تتنهد على طريق الآلام </p><p>ليت الشبابيك تنفتح في وجه الأيام </p><p>ليت الشموس تبزغ </p><p>في ليالي دامسة الظلام </p><p>ليت حبيبتي تأتي </p><p>وفي جيدها قلائد الوئام </p><p>ليت الموعد يناديني </p><p>وفي شفتيه بشرى السلام </p><p>ليت الرغبات تزين عرائس الأحلام </p><p>ليت الخوف في زمن الخوف </p><p>يسترد الجرأة من أفواه الكلام </p><p>ليت الشعر يعود سيفاً </p><p>وفي جعبته صوراً للأقلام </p><p>ليت الأناشيد تطول لحناً وصوراً </p><p>وتغدو قلائد في جيد السلام </p><p>ليت حبـي يعود طفلاً </p><p>يناغي العشق في حضن الهيام </p><p>ليت العمر يعود القهقري </p><p>إلى زمن الطفولة الباكرة المترعة بالأنغام </p><p>ليت الأمنيات تسابق الدهر </p><p>وتنبت ثانية في حدائق القلب </p><p>زاهية الألوان والأصناف </p><p>فواحة بعطر الإلهام </p><p>ليت طريق عشقنا </p><p>يمتد على شواطيء اللقاء </p><p>ترفرف على جنبيه </p><p>رايات القبلات كالأعلام </p><p>ليت القُبَلُُ </p><p>تعود على شفاه العشق </p><p>ناراً </p><p>ترتفع لظى حنينها </p><p>بمرور الأيام </p><p>ليت نهديكِ </p><p>تفاحتان نضاختان </p><p>بعبق يسكر الأنام </p><p>ليت نهديكِ </p><p>لا تتمرّدان على أناملٍ </p><p>تواقة للولوج في بساتين الأحلام </p><p>ليت همساتكِ </p><p>ريحُ صبا </p><p>تناجيني في عشقٍ </p><p>يحسده اللئام </p><p>ليت نظراتكِ وروداً </p><p>تفوحُ بعبقِ عشقٍ أزلي </p><p>لا ينال منه السفلة والأقزام </p><p>ليتكِ تعودين طفلةً مرصعةً بنجوم الحب </p><p>توزعين قبلاتكِ الوردية </p><p>على شفتي التعبتين </p><p>تناجين حضني الدافيء </p><p>يحسدني عليها </p><p>جل التجار والأغنياء </p><p>ومن لم ير مثيلاً لها </p><p> حتى في جنان الأحلام!!!</p></blockquote> <h1><span id=".D8.A3.D9.86.D9.87.D8.A7.D8.B1_2"></span><span class="mw-headline" id="أنهار_2">أنهار</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=10" title="عدل القسم: أنهار">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <blockquote><p>زلزال </p><p><br /> قريتنا اهتزت </p><p>وانتشر الذعر بين النوارس </p><p>وما من أثرٍ لزلزال </p><p><br /> كتابة </p><p>كثيَراً ما تراودني الكتابة </p><p>عن أطفال الزيتون </p><p>لكن من الجنون </p><p>أن أقلع عن التفكير </p><p>في المنون </p><p><br /> أنهار </p><p>لم أر الأنهار </p><p>التي عشقت النهار </p><p>وراحت تجري ليل نهار </p><p>علها تشق الجدار </p><p>لتلتقي بعاشقة الديار </p><p><br /> المدينة </p><p><br /> أحببتها من كل قلبي </p><p>منحتها مشاعل حبي </p><p>وألحان قيثارتي وعسل كلماتي </p><p>ووجدتني أبكي دماءً </p><p>من أجل عينيها </p><p>يا لها من مجحفة وناكرة للجميل </p><p>فقد رمتني في أحضان البؤس </p><p>ونفق النسيان الطويل </p><p>من دون ذنب </p><p>ولا وشاية أو دليل </p><p><br /> هوى </p><p><br /> هويتها </p><p>وكان هواي سرمديا </p><p>فلم أجد لهواي مسمعاً </p><p>ولا رطباً جنيا </p><p><br /> تخيل </p><p><br /> أتخيلها </p><p>طريقاً مزداناً بالخيلاء </p><p>وجنينة مزدانة بالكبرياء </p><p>أتخيلها </p><p>عشقاً لا يمسه الجنون </p><p>ونظرة ثاقبة </p><p>في وجه المنون </p><p><br /> رحيل </p><p><br /> أرحل في كلمات القصيدة </p><p>باحثاً عن وجه الحبيبة </p><p>أرحل في حروف الكلمات </p><p>باحثاً عن قامتها المديدة </p><p>أرحل في الجمل الوحيدة </p><p>عن قولتها السديدة </p><p>الحلم </p><p><br /> ليتني لم أرها ولم أقابلها </p><p>ولم أتمم بها </p><p>ولم أغازلها </p><p>ولم أنبس ببنت شفة معها </p><p>كونها حلم من الأحلام </p><p>وعين لا تنام </p><p>ودنيا من الهيام </p><p>لا تنفك تبحث في لغة الكلام </p><p>عن عبق جمل الوعود </p><p>وأنا المتيم بأناشيد النهود </p><p>لن أمسها </p><p>سوى في أحضان الأحلام </p> </blockquote> <h1><span id=".D9.83.D8.B1.D8.A7.D8.B3.D9.8D_.D9.81.D8.A7.D8.B1.D8.BA.D8.A9"></span><span class="mw-headline" id="كراسٍ_فارغة">كراسٍ فارغة</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=11" title="عدل القسم: كراسٍ فارغة">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <blockquote><p>كراسٍ فارغة </p><p>تنتظرُ من يجلسُ عليها لهنيهة </p><p>أو يستريحَ للحظاتٍ </p><p>طرقٌ معبدةٌ </p><p>عند أطرافِ القرية </p><p>لم يسلكها إنسان </p><p>سماءٌ صافيةٌ </p><p>تنتظر قدوم غيومِ خريفٍ متأخرٍ </p><p>جدولٌ رفيعٌ </p><p>يشتكى قلةَ تردّد العصافير </p><p>على مياهه الرقراقة </p><p>عيونٌ جاحظةٌ </p><p>تندهشُ من هولِ الصدمة </p><p>ينابيعٌ تعبى </p><p>تسترقُ السمعَ لحكاياتِ فتياتِ القرية </p><p>وهنّ يسردن مغامراتهن </p><p>في زمن الطفولة </p><p>شبابيكٌ ملونةٌ </p><p>تزدان بظلالِ أشجار السرو </p><p>مفتوحة على مصاريعها </p><p>في وجه رياح الأحبة </p><p>أبواب مواربة قليلاً </p><p>في إنتظار مرور عشاق </p><p>ما زالوا خارجاً </p><p>دموعٌ منهمرة ٌ </p><p>راسمةً رسالةَ وداعٍ </p><p>على وجناتٍ وخدودٍ </p><p>لم تمسها شفاه القُبل </p><p>شفاهٌ يابسةٌ عطشى </p><p>على قارعةِ طريقِ الوعد </p><p>ترنو نحو ينبوع العشق </p><p>لترتوي من عسلِ الوجد </p><p>أمنياتٌ عجلى </p><p>تسير وسط شارعِ الرغبةِ </p><p>للإلتحاق بمترو البشرى </p><p>أسرابٌ من زرازير الوجد </p><p>تملأ أفق الإنتظار </p><p>لترفرف في سماء اللقاء </p><p>أغانٍ لم تكتب بعدُ </p><p>تبحثُ عن ملحنٍ </p><p>أضاعَ معطفهُ الصوفي </p><p>في مترو أنفاق </p><p>قصائدٌ متشردةٌ </p><p>تطاردها شرطة النقد </p><p>لتزج بها في سجن النسيان </p><p>ألحانٌ قديمة </p><p>تقبعُ فوقَ رفوفِ ازمنةٍ </p><p>يعلوها غبارُ الهجران </p><p>كلماتٌ من دون حروفٍ </p><p>تستلقي بين صفحاتِ قاموسٍ </p><p>بلا عنوان </p><p>حقولٌ متراميةٌ </p><p>من رغبات آنيةٍ </p><p>تسورها أسيجةٌ </p><p>من تقاليدٍ باليةٍ </p><p>قبلٌ عطشى </p><p>تتهالكُ في أزقةٍ </p><p>تسلكها عاشقاتٌ هائماتٌ </p><p>يبحثن عن جسدِ قمرٍ </p><p>ورِثَ الأغنيات </p><p>أسرابُ حمامٍ </p><p>تحوم في سماءٍ </p><p>تلبدها غيومُ حزنِ </p><p>رحيلِ نجمةَ المساءِ </p><p>لهيبٌ من نيرانِ الفراق </p><p>تحذر من قدومِ شتاء النسيان </p><p>في موسمٍ </p><p>تهاجر فيه طيورُ الحلمِ </p><p>إلى غاباتِ أملٍ </p><p>تسقيها أنهار الزمان </p> </blockquote> <h1><span id=".D9.82.D8.B5.D8.A7.D8.A6.D8.AF_.D9.82.D8.B5.D8.A7.D8.B1_2"></span><span class="mw-headline" id="قصائد_قصار_2">قصائد قصار</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=12" title="عدل القسم: قصائد قصار">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <h3><span id=".D9.82.D9.86.D8.A7.D8.B9"></span><span class="mw-headline" id="قناع">قناع</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=13" title="عدل القسم: قناع">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h3> <p>الآن تضع قناع الحاضر على وجهك </p><p>لتعيد صياغة أحداث الماضي </p><p>وفق هوى اليوم! </p> <h3><span id=".D8.A7.D9.84.D8.B4.D8.A7.D8.B9.D8.B1"></span><span class="mw-headline" id="الشاعر">الشاعر</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=14" title="عدل القسم: الشاعر">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h3> <p>بعد رحيلي </p><p>ما الفائدة حين تسمون شارعاً </p><p>ومدرسة إبتدائية </p><p>وقاعة ثقافية </p><p>بإسمي </p><p>وتخصصون راتباً تقاعدياً مغرياً لعائلتي </p><p>وأنا لا أملك الآن سكناً </p><p>يضمني وإياهم تحت فيئه!! </p> <h3><span id=".D8.AA.D9.85.D8.AB.D8.A7.D9.84"></span><span class="mw-headline" id="تمثال">تمثال</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=15" title="عدل القسم: تمثال">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h3> <p>لم يكن شاعراً </p><p>ولا ناقداً </p><p>ولا كاتباً </p><p>ولا فناناً </p><p>كان يتسكع </p><p>في كل شارع وزقاق </p><p>تعرفه الحانات </p><p>والموبقات </p><p>تنهره الكلمات </p><p>والقوافي </p><p>وتكرهه البحور </p><p>والجمهور </p><p>لكن حين غادر غير مأسوف عليه </p><p>حاملاً أوزاره على ظهره </p><p>صنعوا له تمثالاً </p><p>وضعوه في مركز المدينة </p><p>سموه نفاقاً </p><p>يبصق عليه كل من يمر بجنبه </p> <h3><span id=".D8.A7.D9.84.D9.8A.D9.82.D9.8A.D9.86"></span><span class="mw-headline" id="اليقين">اليقين</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=16" title="عدل القسم: اليقين">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h3> <p>سأصعد هذه التلة </p><p>وكلي يقين </p><p>أنه وبعد تعب وجهد جهيد </p><p>أنني سأنزل </p><p>كما صعدت&#160;!!! </p><p>و علينا تعلم هذه الحكمة </p><p>عند ارتفاع وإنحدار الطريق!! </p> <h3><span id=".D9.85.D8.B9.D8.B1.D9.81.D8.A9_.D8.A7.D9.84.D9.86.D9.81.D8.B3"></span><span class="mw-headline" id="معرفة_النفس">معرفة النفس</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=17" title="عدل القسم: معرفة النفس">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h3> <p>هل تعرف نفسك؟ </p><p>منذ سبعين عاماً </p><p>تنبش هذه السطور </p><p>ولما تعلم بتلك القبور </p><p>التي تحفر وراء السور </p><p>لتضم رفاة </p><p>من كانوا من ضمن الحبور!!! </p> <h3><span id=".D8.B9.D9.82.D9.88.D9.84_.D9.85.D9.86_.D8.AD.D8.AC.D8.B1"></span><span class="mw-headline" id="عقول_من_حجر">عقول من حجر</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=18" title="عدل القسم: عقول من حجر">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h3> <p>أحمل معولاً </p><p>خارجاً من إحدى قصائدي الغاضبة </p><p>لأحطم </p><p>أصنامَ دجالين </p><p>يربون عقولاً من حجر </p><p>ويزيتون لحايا من تقاليد بالية. </p><p>أخرج من سطر غاضب </p><p>لإحدى قصائدي الغاضبة </p><p>لأضرم النار </p><p>في لحايا رجالٍ معزان </p><p>يقتلون نصف الحياة </p><p> في دهاليز عقول متحجرة</p><blockquote></blockquote> <h1><span id=".D9.88.D8.B1.D8.AB.D8.AA.D9.8F_.D8.A7.D9.84.D9.83.D9.84.D9.85.D8.A7.D8.AA.21.21"></span><span class="mw-headline" id="ورثتُ_الكلمات!!">ورثتُ الكلمات!!</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=19" title="عدل القسم: ورثتُ الكلمات!!">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <blockquote><p>أورثني أبي كوناً من الكلمات </p><p>وعالماً من التحايا </p><p>أورثني </p><p>حبي لأرضي ومكارم السجايا!! </p><p>أورثني أبي أحضاناً </p><p>ملؤها الكواكب والنجوم </p><p>وسماءً </p><p>ملؤها الأقمار </p><p>دون تخوم!! </p><p>أورثني ماطاب من الأثمار </p><p>وحزم فكر تتلألأ بالأنوار </p><p>أورثني خواطر فياضة </p><p>تتماوج في عيون الأخبار!! </p><p>أورثني ابي </p><p>أزاهير فواحة </p><p>من التجارب والحكم </p><p>أرشدني الطريق الذي يفضي للواحة </p><p>الوارفة بالشمم </p><p>منحني مفاتيح من الإخلاص </p><p>كي افتتح أبواب الكلم!! </p><p>أورثني أبي </p><p>أحباراً للمداد </p><p>أورثني ما يحتويه الفكر </p><p>وأسرار السطور </p><p>أورثني لغة تمتد عبر العصور </p><p>أنشد بها الترانيم وأخبار الدهور </p><p>لأفتح طلاسم الأجداد!! </p><p>أورثني أبي الشعر </p><p>آخذاً بيدي </p><p>نحو قصور الأوزان </p><p>وزخارف الأبيات </p><p>مؤشراً خبايا الأفكار </p><p>وأسرار الكلمات </p><p>حتى أمسيت في مضارب الجدود </p><p>ليس بيني وبين القوافي والصور </p><p>أيما حدود! </p><p>أورثني أبي إسمه التليد </p><p>ومجده المكين </p><p>أسير الهوينا في الأرض </p><p>مرفوع الجبين </p><p>ينادونني يا ابن الرشيد </p><p>مالك وقد أستسلمت لك </p><p>أمواج القصيد! </p> </blockquote> <h1><span id=".D8.A7.D9.84.D8.A3.D8.AE_.D8.A7.D9.84.D8.A3.D9.83.D8.A8.D8.B1"></span><span class="mw-headline" id="الأخ_الأكبر">الأخ الأكبر</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=20" title="عدل القسم: الأخ الأكبر">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <blockquote><p>لي أخ أكبر </p><p>لم أره في حياتي </p><p>ولم يشهد ولادتي </p><p>وليس من صلب أبي!!! </p><p>ولا من أمي!! </p><p>ولم ألعب معه </p><p>ولم أرافقه للمدرسة </p><p>ولم أفتخر به </p><p>لم أره البتة </p><p>ولا أريد رؤيته البتة </p><p>أكرهه، أمقته </p><p>أنزعج منه </p><p>لا شكل له </p><p>لا رأس له </p><p>لا قامة له </p><p>لا مسكن له!! </p><p>في مواسم القحط </p><p>يهيم في الفيافي </p><p>وفي مواسم الفيضان </p><p>يحط في السهول </p><p>عند العبور </p><p>ينتظر عند ضفاف الأنهار </p><p>وفي الحروب </p><p>يقف على قمم الجبال </p><p>ممتطياً ظهر الأوبئة </p><p>نافخاً في مزامير النار </p><p>التي تصدر أصواتاً تكرهها الآذان </p><p>وتنشر تراتيل </p><p>تقشعر لها الأبدان!! </p><p>لي أخ أكبر </p><p>لا أود إستقباله </p><p>ولا أود قدومه </p><p>ولا حتى مناداته </p><p>أو السلام عليه </p><p>إنني أكرهه وأمقته </p><p>ولا أريد رؤية وجهه القبيح </p><p>الذي لم يره أحد </p><p>ولن يره أحد </p><p>ولن تروه أنتم </p><p>ولا رأيته </p><p>ولم يره أبي </p><p>ولم تره أمي </p><p>لكنه موجود </p><p>يقولون سيصل يوماً </p><p>ربما مساء </p><p>أو صباحاً </p><p>أو فجراً </p><p>أو حتى عند قيلولة الظهر </p><p>لكنني أكره وصوله </p><p>مثلما تكرهون أنتم </p><p>وصول أخيكم الأكبر </p><p>الذي ليس من صلب أبيكم </p><p>ولا من أمكم </p><p>لكنه موجود </p><p>وسيصل يوماً </p><p>لكننا جميعاً نكرهه ونحتقره </p><p>نتمى له الفناء </p><p>ولا نود له الوصول </p><p> أو الحضور أبداً!!!</p></blockquote> <h1><span id=".D8.A7.D9.84.D8.B4.D8.A7.D8.B9.D8.B1_2"></span><span class="mw-headline" id="الشاعر_2">الشاعر</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=21" title="عدل القسم: الشاعر">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <blockquote><p>قال الشاعر: إني الآن لا أملك شيئاً </p><p>لا منزلاً </p><p>ولا شقة </p><p>ولا مزرعة </p><p>ولا عربة حديثة الطراز </p><p>ولا قطعة أرض </p><p>ولا موضع قبرٍ </p><p>ولا رصيد في البنوك </p><p>لا أملك </p><p>سوى يراعي </p><p>وأوراق بيضاء </p><p>وكون من الكلمات </p><p>أطرز بها همومي </p><p>وأزين بها دموعي </p><p>وأحزاني </p><p>غير مبالٍ </p><p>بما تؤول إليها الأقوال </p><p>قال الشاعر </p><p>الرجاء لا تزعجوني بعد مماتي </p><p>ولا تزوروا عائلتي </p><p>ولا تقدموا لها العزاء </p><p>ولا تبنوا لها قصراً فخماً </p><p>ولا تخصصوا لها راتباً تقاعدياً </p><p>ولا تعينوا أبنائي وبناتي </p><p>في وظائف هامة </p><p>ولا ترسلوهم إلى بلاد بعيدة </p><p>سعياً للدراسة </p><p>أو الإستجمام </p><p>أو مهام رسمية </p><p>قال الشاعر </p><p>الرجاء لا تزعجوني بعد مماتي </p><p>لا تتعبوا أنفسكم </p><p>في إقامة أربعينية كاذبة </p><p>وتقديم كلمات الإشادة المجانية </p><p>وسيل من الوعود الفارغة </p><p>ولا تقيموا لي تمثالاً من البرونز </p><p>أو تقيموا حفل تأبيني سنوي </p><p>ولا تطبعوا دواويني </p><p>وقصائدي </p><p>ونتاجاتي </p><p>ولا تجعموا ما نشر منها </p><p>في الصحف والمجلات </p><p>ولا تقيموا ندوات </p><p>أو أماسي عني وعن أشعاري </p><p>وخفايا أسراري </p><p>ولا تطلقوا إسمي على شوارع </p><p>أو مدارس </p><p>أو مراكز للثقافة </p><p>أو العلوم </p><p>أو الفنون </p><p>أو التراث </p><p>فقد مللت في حياتي </p><p>ولم يسأل أحد عني </p><p>ولم يساعدني أحد </p><p>فيما كنتُ أعانيه </p><p>فتحملت شدة الحرّ </p><p>وبرودة القرّ </p><p>وضيم العيش </p><p>ومتُّ من القهر </p><p>مكسور الظهر!! </p><p>قال الشاعر </p><p>رجاء أثبتوا بعد الآن </p><p>إنكم لستم قوماً </p><p>تقدرون الموتى </p><p>وتهملون الأحياء </p><p>حتى يموتوا </p><p>لتقيموا لهم حفلات التأبين </p><p>وذكرى الرحيل </p><p>فالأحياء أولى بذلك </p><p>وليس من ماتوا </p><p>عقب نهار دامسٍ </p><p> وليل أسودٍ طويل!!!</p></blockquote><p>2 ـ خونة</p><blockquote><p>بيننا خونة </p><p>يتجاذبون الحديث معنا </p><p>يتناولون الفطور والغذاء معنا </p><p>يبتسمون في وجوهنا </p><p>يشاركوننا الضحك </p><p>يحضرون مسراتنا </p><p>ويحزنون حين يداهمنا الأحزان </p><p>يبحرون معنا </p><p>حتى آخر الموانيء </p><p>ويشربون من مياه ينابيعنا </p><p>حد الإرتواء </p><p>ويستظلون أفياء أشجار البلوط </p><p>ويتسامرون في أماسي الربيع </p><p>ويتسلقون جبال وعينا </p><p>ويمتطون صهوة أحصنة أفكارنا </p><p>يتقاسمون عيشنا صيفاً وشتاءً </p><p>وينهلون من خيراتنا </p><p>يتظاهرون أنهم أخوةٌ لنا </p><p>وأنهم سندٌ لنا </p><p>وأنهم حامي الحمى </p><p>وأنهم حماة الدار </p><p>وأنهم لا يقر لهم قرار </p><p>حين تداهمنا الشدائد </p><p>والنكد والأحزان </p><p>غير أنهم يتجسسون علينا </p><p>وعلى أفكارنا </p><p>وتعابيرنا </p><p>وأفراحنا </p><p>ويعدون تنهداتنا </p><p>وأنفاسنا </p><p>وكافة حركاتنا </p><p>ويراقبون ضحكاتنا ومرح أطفالنا </p><p>وغناء شبابنا </p><p>وبشاشة شيوخنا </p><p>ونشاط نسائنا </p><p>إنهم خونة </p><p>لديهم أسيادهم </p><p>يرفعون لهم تقارير مزركشة </p><p>عن نعاجنا </p><p>وخيولنا </p><p>وأغنامنا </p><p>وخططنا المستقبلية </p><p>والطرق التي سنعبدها </p><p>والجسور التي سنشيدها </p><p>والقلاع التي سنبنيها </p><p>والرايات التي سنرفعها </p><p>والمدن التي سنعمّرها </p><p>والآبار التي سنحفرها </p><p>والأنفاق التي سنقيمها </p><p>والحدود التي سنرسمها </p><p>والخطط التي سنصيغها </p><p>والعقول التي سنسورها </p><p>ويتقاضون عن تقاريرهم </p><p>أثماناً بخسة </p><p>ينعتون بها أبداً </p><p>إنهم خونة </p><p>يعيشون بيننا </p><p>ويقتاتون على أرزاقنا </p><p>ويرتوون من مياهنا </p><p>وأنهارنا </p><p>ويسلكون دروبنا وطرقنا </p><p>ويتسكعون في شوارع مدننا </p><p>ويتدفأون من شمسنا </p><p>ويسترشدون من أنوار قمرنا </p><p>وهم يديرون ظهورهم لنا </p><p>ووجوههم نحو اسيادهم </p><p>يتسلمون ثمن خيانتهم </p><p>للأرض والتراب </p><p>إنهم خونة </p><p>يعيثون فساداً في الأرض </p><p>ولن يفيدهم شرع ولا عِرض!! </p><p>إنهم خونة </p><p>يخونون تاريخنا </p><p>يخونون أرضنا </p><p>يخونون ترابنا </p><p>يخونون جبالنا </p><p>يخونون أنهارنا </p><p>وأمجادنا </p><p>لن تثنيهم الخيانة </p><p>أن يندموا </p><p>أن يعودوا </p><p>أن يعقلوا </p><p>فهي متجذرة في أعماقهم </p><p>وكريات دمائهم </p><p>لن تفيدهم الندم </p><p>مصيرهم الخزي والعار </p><p> ومزبلة التاريخ!!!</p></blockquote> <h1><span id=".D8.B5.D9.88.D8.B1"></span><span class="mw-headline" id="صور">صور</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=22" title="عدل القسم: صور">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>حين تسير في غابات الحياة </p><p>لا تترك رفيق الطريق وحيداً </p><p>من المحتمل </p><p>أن يكون هناك ذئب مسعور </p><p>في حالة ترقب </p><p>في أحضان هذه الحياة </p><p>لا تكن متكبراً متعالياً </p><p>لأن الأيام </p><p>لا أمان لها </p><p>مليئة بالمنحدرات والمقابر </p><p>من كل الجهات!! </p><p>حين تنظر إلى نفسك </p><p>من خلال شقوق المرآة </p><p>ليحتمل قلبك الصدمة </p><p>لأن قلب المرآة سينكسر </p><p>ولن يبق أي إطار </p><p>يفتح أحضانه لك! </p><p>لا تبصق في الينابيع </p><p>لأن هناك </p><p>عصافير عطشى </p><p>تريد الإرتواء </p><p>من مياهها! </p><p>في الطريق .. أرسل نظرك للبعيد </p><p>وواصل السير </p><p>بخطوات هادئة </p><p>لئلا تتعثر </p><p>من الحفر </p><p>التي أمامك!! </p><p>لا تصرخ </p><p>من خلال حنجرة صراخك </p><p>لئلا يبح صوتك </p><p>وتبقى لوحدك في وادٍ </p><p>دون أن ينجدك أحدٌ!! </p><p>عند ضفاف الأنهار </p><p>لا تمتطي ظهر حصان الجنون </p><p>وأعبر من على المعابر </p><p>لأن هناك دوامة عميقة </p><p>تزبدُ حقدها وغضبها جداً!! </p><p>ها قد حل الشتاء </p><p>فلا تحجب الشمس </p><p>عن أحد </p><p>لأن هناك </p><p>بالقرب منكَ نسوةٌ </p><p>ورجال مسنون </p><p>يرتجفون برداً </p><p>لا تمتطي فرساً </p><p>ما لم تسرجه بنفسك </p><p>فيسرع بك </p><p>وتسقط بين أقدامه </p><p>فتتحطم إلى الأبد!! </p> <h1><span id=".D8.A7.D9.84.D9.85.D8.B7.D8.B1_.D9.84.D9.86_.D9.8A.D8.BA.D8.B3.D9.84_.D8.AC.D8.B1.D8.A7.D8.AD_.D8.A7.D9.84.D8.A3.D9.8A.D8.A7.D9.85_.D8.A7.D9.84.D8.AE.D9.88.D8.A7.D9.84.D9.8A"></span><span class="mw-headline" id="المطر_لن_يغسل_جراح_الأيام_الخوالي">المطر لن يغسل جراح الأيام الخوالي</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=23" title="عدل القسم: المطر لن يغسل جراح الأيام الخوالي">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>هل تذكرين.. </p><p>حين كنا نحلق بأجنحة القبلات </p><p>في سماء الرغبات! </p><p>آخذين تواقيع </p><p>أنامل </p><p>(مم) و(زين) الخيال.. </p><p>في حدائق الذكريات الزاهية! </p><p>أتذكرين.. </p><p>كان الكون في نظرنا </p><p>ربيعاً </p><p>كان في خضم حياة العشق </p><p>نهراً </p><p>نجتازه بزوارق الرغبات الجامحة! </p><p>وكان القلب طفلاً </p><p>يرقص ويرقص جذلاناً! </p><p>حين حطمتِ تماثيل الذكريات </p><p>بمعاول الجفاء </p><p>والقيتِ بها في العراء </p><p>غدتْ جراحاً </p><p>في جسد السعادة </p><p>فأنبتت في مزارع الحسراِت </p><p>آلاماً!! </p><p>حين غدت آثار أقدام عشقكِ </p><p>على خارطة أيامنا الخوالي </p><p>بكاءً </p><p>فلا أستطاع مطر البشرى والسؤدد </p><p>غسل جراح سهام ذكرياتكِ </p><p>من على صفحات حياتي الماضية </p><p>ولا أستطاعت الحيتان </p><p>شرب مياه بحار سهري العميق </p><p>فما أستطاعت يارفيقتي </p><p>فما أستطاعت!!! </p> <h1><span id=".D8.B5.D9.88.D8.AA.D9.8F_.D9.86.D8.AF.D8.A7.D8.A1_.D8.A8.D9.84.D8.A7_.D8.AA.D8.AE.D9.88.D9.85"></span><span class="mw-headline" id="صوتُ_نداء_بلا_تخوم">صوتُ نداء بلا تخوم</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=24" title="عدل القسم: صوتُ نداء بلا تخوم">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>رفاقي، لنكن جميعاً نهراً </p><p>نتمرّد على جغرافية عادات وتقاليد </p><p>سحب الماضي السوداء! </p><p>وندع </p><p>مياه الراحة </p><p>لشعاع الأفكار وذاكرة مئات </p><p>من الزملاء النضج! </p><p>لنكن ربيعاً </p><p>تسبح نسائم أفكارنا </p><p>على مزارع السطور! </p><p>لنستعجل باقات البنفسج الزاهية </p><p>فينا </p><p>لمئات الأحضان! </p><p>لنكن سيفاً </p><p>وخنجراً </p><p>لنا سيماؤنا! </p><p>لنكن معبراً </p><p>ونردع المحتال الصلف </p><p>ألاّ يعبر على ظهر كرامتنا </p><p>وألاّ يرقص </p><p>في عرس عريسنا! </p><p>لنكن هضاباً </p><p>لا تتراكم على وجوهنا </p><p>الأتربة الصفراء </p><p>لليرات (الخليفة) العتيقات!! </p><p>لنكن صخرة </p><p>لا تقلع عيون الطرق المتجهمة </p><p>جذورنا الصلدة! </p><p>لنكن لهيباً </p><p>لا تزلزل مياه الصراخات العكرة </p><p>جمراتُ أصوات أعذارنا </p><p>ولا تخنق </p><p>أصوات أفكارنا! </p><p>لنكن كلمة </p><p>ننبعث في الحناجر </p><p>ولا نذوب </p><p>في صيف المنابر!! </p><p><br /> المعبر </p><p><br /> سنوات وأنا مسافرٌ </p><p>لم يغمض لي جفنٌ </p><p>في المرآة المشروخة </p><p>للتاريخ المرير </p><p>ولن يغمض لي جفنٌ </p><p>في أعماق فؤادي </p><p>ودواخلي </p><p>غابة من الآمال والأحلام!! </p><p>قافلةٌ أنا.. </p><p>رأسي المتعب يملأه القلق </p><p>لمئات الطرقِ معبراً! </p><p>جسدي الواهن </p><p>في ثنايا معجم العدم </p><p>وفؤادي الطري </p><p>جذعٌ مهتريء </p><p>لغابة محترقة بلا رؤى </p><p>وعنواني البارز </p><p>في سطور الأخبار </p><p>بلا موقع ولا مكان </p><p>بلا طريق ولا مجال! </p><p>سنوات وصرختي </p><p>في أحضان الكلمات المتوهجة </p><p>في أحضان معاني تعابير الأعماق </p><p>مدوية..! </p><p>بجمل الدم </p><p>أملأ المدينة صوتاً مدوياً </p><p>فلن يخرج لإستقبال ندائي </p><p>أي مسافر </p><p>أي ريبع </p><p>أية ضفة!! </p><p>لن يتعرف الأفق على سيمائي </p><p>ولن ترفرف الظلال بأجنحة الراحة لي </p><p>والمياسم </p><p>تغلق الطرق في وجهي </p><p>والاسوار لن تعلق صورتي </p><p>في بوابة ذكرى واحدة! </p><p>سنوات وفتاة الحظ، ملاك الأمل </p><p>تقول سآتي حالاً </p><p>وأنا في الإنتظار </p><p>دون أن تأتي!! </p><p>وإنتظاري نهرٌ </p><p>شلالاته متجهة نحو البحر </p><p>والبحر ساكنٌ عميق </p><p>بلا هسيس ولا ضجيج </p><p>لا حدود لعمقه!! </p><p>سنوات </p><p>وأنا احلم في سهوب الأحاسيس المحروقة </p><p>ولم يغمض لي جفنٌ </p><p>على أجنحة تاريخ الحسرات </p><p>ولن يغمض لي جفنُ </p><p>في غابات الفكر الثرة!! </p><p>وأنا انتظر </p><p>قافلة انا.. رائحاً غادياً </p><p>نهرٌ واثقٌ أنا، أفيض واثباً </p><p>وقد خطوتُ بخطى آمالي </p><p>لكن شمس حظوظي </p><p>لن تجيء!! </p><p>*** </p><p>سنوات </p><p>وأسارير الأسئلة تتفتح </p><p>لكنها تغلق بمسامير شتى </p><p>وخطوات الإنتظار تكلّ </p><p>ولن يمرّ النور </p><p>ولا ملاك الحلم </p><p>يخرج من ظلمة القلقِ ابداً!! </p><p>20-1-1986 </p> <h1><span id=".D8.AA.D9.85.D8.AB.D8.A7.D9.84_2"></span><span class="mw-headline" id="تمثال_2">تمثال</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=25" title="عدل القسم: تمثال">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>أستيقظت في زاوية إحدى قصائدي </p><p>باكياً </p><p>فلم أجد أبي </p><p>ولا أمي </p><p>ولا إخوتي </p><p>وكانت الأمطار </p><p>تضرب الأرض مدراراً </p><p>فأبتلت ثيابي </p><p>فلجأت إلى أحد الحان إيقاع القصيدة </p><p>واشعلتُ ناراً </p><p>تحت خيمةٍ </p><p>كنتً قد أحضرتها لتوي </p><p>من حانوت الجملة الأخيرة </p><p>من القصيدة </p><p>وتدفأت بها </p><p>وأستعدت نشاطي </p><p>وهممت بالرحيل </p><p>وتوجست خيفة من الطريق الحالك </p><p>ولشدة إندهاشي </p><p>أستيقظتُ مذعوراً </p><p>من صرخات إحدى كلمات القصيدة </p><p>فلم أجد أبي </p><p>ولا أمي </p><p>ولا إخوتي </p><p>ولا الخيمة عينها </p><p>ولا القصيدة وكلماتها </p><p>وأدركتُ أن قطار الصباح </p><p>قد فاتني </p><p>لأنني كنتُ مسافراً </p><p>لحضور حفلٍ </p><p>كان يقام فيه </p><p>تمثالاً للشعر!!! </p><p>19/11/2018 </p> <h1><span id=".D8.AB.D9.84.D8.A7.D8.AB_.D9.82.D8.B5.D8.A7.D8.A6.D8.AF_.D9.82.D8.B5.D9.8A.D8.B1.D8.A9"></span><span class="mw-headline" id="ثلاث_قصائد_قصيرة">ثلاث قصائد قصيرة</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=26" title="عدل القسم: ثلاث قصائد قصيرة">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>1 ـ جواز سفر </p><p>جوازُ سفري </p><p>عشقٌ أخضرٌ </p><p>إمتدتْ جذوره عميقاً </p><p>في أعماق الفؤاد </p><p>والجسد المنتفض </p><p>إن ضاعتْ، أو تمزقتْ </p><p>إن لم تُمنحْ، أو أحترقتْ </p><p>جلَّ جوازات السفر </p><p>فإن جواز سفري هو عشقٌ مقدسٌ </p><p>يثبتُ في موقعه أبداً </p><p>2 ـ العقد </p><p>الحب والعشق </p><p>ليسا عقداً </p><p>يُزَركَشُ جيدكِ </p><p>فتتركينه جانباً، أو ترتدينهُ تارة </p><p>أو تخبئينهُ تارة أخرى </p><p>إنها أشياء مقدسة </p><p>تكمنُ في ثنايا النفس </p><p>لتمكثَ دوماً في أعماق الروح! </p><p>3 ـ بيني وبينكِ </p><p>بيني وبينكِ </p><p>أخضرّت شجرة العشق </p><p>وتوثقت أوراق علاقتها جداً </p><p>فأسرعي إذن </p><p>لنقطفَ ثمارها </p><p>ما دام في الروح عزمٌ </p><p>والقلب نشط!! </p> <h1><span id=".D8.A7.D9.84.D9.82.D9.84.D8.A8_.D9.8A.D8.AD.D8.AA.D8.B6.D9.86.D9.83.D9.90"></span><span class="mw-headline" id="القلب_يحتضنكِ">القلب يحتضنكِ</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=27" title="عدل القسم: القلب يحتضنكِ">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>مثلما تغور قطرات المطر </p><p>في أعماق الأرض </p><p>لتصل جذور الأشجار العطشى </p><p>فإنني سآتي كالمطر </p><p>وأهطل على صدر ونهود عطشكِ </p><p>لأروي عطش قلبكِ </p><p>للسنين الخوالي!! </p><p>هل تعلمين كيف تحتضن الأم المخلصة </p><p>الأم القلقة </p><p>طفلها الضائع بعد عودته!؟ </p><p>إنني كذلك </p><p>فبعد البعاد </p><p>بعد الخريف </p><p>بعد تساقط أوراق الشجر </p><p>أضعكِ أنتِ الشجرة </p><p>في حضن الحضنِ </p><p>ليفتح لكِ القلبُ حضنه </p><p>كي تترعرعي من جديد!! </p> <h1><span id=".D8.A7.D9.84.D8.A7.D8.AD.D8.AA.D8.B1.D8.A7.D9.82"></span><span class="mw-headline" id="الاحتراق">الاحتراق</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=28" title="عدل القسم: الاحتراق">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>في سهوب الأحلام والحياة </p><p>يشاهد دخاناً كثيفاً </p><p>ألأنه موسم اللهيب الداكن </p><p>أم إنه الربيع </p><p>في مدار المواسم </p><p>غاضباً، متجهماً، ضجراً؟! </p><p>أسمعُ صوتاً </p><p>من صدر عقيدتي يخفقُ </p><p>من مزارع رُكبـي الخضر </p><p>أسمعُ صوت غناءٍ وأناشيد </p><p>تؤدى بحناجر الأيام </p><p>ولهف الساهر </p><p>نحو ضفاف وسع الآمال </p><p>هل إنه سيماء أنهار الغابات </p><p>وقد صبتْ في نوافذ الهموم </p><p>وهو الطبيب والدواء </p><p>لكل داء؟!! </p><p>أرأيتَ.. </p><p>أرأيتَ ذلك النهر </p><p>أبلق العينين .. ملتوي العنق؟! </p><p>لا يأخذ قسطاً من الراحة </p><p>لا في الليل ولا في النهار </p><p>لن يغض له عين الهموم </p><p>سائراً نحو الجنوب؟! </p><p>اذلك قلبـي أنا </p><p>بفعل مسامير عدم وفاء الفاتنات </p><p>ممزقاً </p><p>ضجراً من الحياة </p><p>في أحضان العشق قلقاً؟! </p><p>أم إنه موعد لقاء </p><p>عدم وفاء .. مدللة </p><p>وهي في قاموس عشقها خجلة؟!! </p><p>افكر فيكِ </p><p>متى ألقاكِ؟ </p><p>ليكرع لهف بُعدي </p><p>مياه شفاه بُعدكِ؟! </p><p>لتصب جداول الشهد </p><p>في النهر!! </p><p>أفكرُ فيكِ </p><p>متى أنثر بيادر أحلامي </p><p>بين يدي رغباتكِ؟!! </p><p>متى أقالكِ </p><p>لأدفنَ جراحي </p><p>بين مقدم دلالكِ؟! </p><p>لأمشط جدائل كلماتي </p><p>في مرآة عهدٍ </p><p>لأزفّ لكِ </p><p>بشرى سعادة قبلةٍ جديدة؟! </p><p>حين أعود.. </p><p>أحملُ لكِ في كون فؤادي </p><p>وسع القبلات الجديدة </p><p>حين أعود </p><p>اغدو حلماً آخر </p><p>في خيال الأفكار الدقيقة </p><p>منبعثاً في حياتكِ المتلهفة!! </p><p>عزيزتي </p><p>الكونُ دونكِ </p><p>غصنُ شجرة هشيم مابعد الربيع </p><p>في مهب لهيب حسراتي </p><p>تضترم فيه نيران العشق </p><p>محترقاً إلى الأبد!! </p> <h1><span id=".D9.85.D8.B9_.D8.A7.D9.84.D8.B7.D8.A8.D9.8A.D8.B9.D8.A9"></span><span class="mw-headline" id="مع_الطبيعة">مع الطبيعة</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=29" title="عدل القسم: مع الطبيعة">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>تحدثتُ إلى المطر </p><p>فهطلت علي مدراراً </p><p>أحتميتُ بالصور </p><p>فأنقطعت عني عيون السهر </p><p>*** </p><p>صادفتُ نملة </p><p>تحمل عبء يوم </p><p>لا تقوى على حملها </p><p>في طريق يغالبها عثرات النوم </p><p>*** </p><p>الأنوار </p><p>ترسل مخبريها في الأنحاء </p><p>يجمعون عنا أسرار المساء </p><p>لذرها </p><p>في عيون الأخبار </p><p>*** </p><p>تعبَ البدر </p><p>في غابات السماء </p><p>أطفأ ضوئه </p><p>وأستراح في ظل الرجاء </p><p>*** </p><p>أخبرني النهر </p><p>بقدوم الفجر </p><p>لملمتُ دثاري </p><p>وأقتفيتُ الأثر </p><p>*** </p> <h1><span id=".D8.A7.D9.84.D8.B5.D9.85.D8.AA"></span><span class="mw-headline" id="الصمت">الصمت</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=30" title="عدل القسم: الصمت">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>صمتي یقلقني </p><p>لا خیار لي </p><p>سوف أدلف إلی حزني </p><p>وأتسكع علی قارعة وحدتي </p><p>لأتسلق هامة الوجد </p><p>رافعاً عقیرة العصر </p><p>فوق مهماز النسیان </p><p>لیتني لم أقبل قدوم اللیل </p><p>فالنهار أولی بعیون الزمان </p><p>هالة الورد توشك أن تقتفي </p><p>إثر الإحسان!! </p> <h1><span id=".D9.82.D8.B5.D8.A7.D8.A6.D8.AF_.D9.82.D8.B5.D9.8A.D8.B1.D8.A9"></span><span class="mw-headline" id="قصائد_قصيرة">قصائد قصيرة</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=31" title="عدل القسم: قصائد قصيرة">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>1-النهج </p><p>كلاّ لن أطرق على بابِ شعوركِ </p><p>كلاّ لن أرنو إلى غمزةِ نظراتكِ </p><p>كلاّ لن أوجه إليكِ لحاظَ القلقِ </p><p>كلاّ لن أوقف شهقاتُ أحلامكِ </p><p>عند عتبة الإنتظارِ </p><p>كلاّ لن ألتقط لكِ صور للذكرى </p><p>إني أحمل حضناً من الكلمات </p><p>أسيرُ في طريقي </p><p>لن ألتفتَ لأي بابٍ أو نافذةِ إنتظار </p><p>هذا نهجُ حلُمٍي </p><p>وقد صممتُ أن أجتازه!! </p><p>2. الفأس </p><p>كنتُ أقف في المطبخِ </p><p>وإذا بقطٍ يموء </p><p>كان قادماً </p><p>ليقتسمَ معي ميراثَ والدي </p><p>وهو فأس كليل </p><p>لم يكن ليقطع غرساً!! </p><p>3. الخسارة </p><p>دون أن تشحذ سكيناً </p><p>دون أن تخرج الخنجر من نصله </p><p>دون أن تشهر سيفاً </p><p>قبل أن تستعد لإطلاق رصاصة </p><p>خسرتَ المعركة!! </p><p>4.الطريق </p><p>إلى أين يوصلنا الطريق؟ </p><p>إلى أين يسير بنا الطريق؟ </p><p>ماذا يحل بمصيرنا الطريق؟ </p><p>من يصادفنا على الطريق؟ </p><p>بمن يُعرّفنا الطريق؟ </p><p>كم يتعبنا الطريق؟ </p><p>كم يأخذ من سنين عمرنا الطريق؟ </p><p>لقد قطعناً طرقاً كثيرة </p><p>وبقينا زمناً طويلاً </p><p>ولم يردُّ الطريق على أسئلتنا!! </p><p>5. لا تثرثر!! </p><p>لا تثرثر </p><p>ستدفعُ الثمن غالياً!! </p><p>لا تثرثر </p><p>ستكلُّ جُمَلُكَ!! </p><p>لا تثرثر </p><p>ستستهلكُ كلماتُك!! </p><p>لا تثرثر </p><p>ستتشوه أقوالُكَ!! </p><p>لا ثترثر </p><p>ستحترق شعاراتكَ!! </p><p>لا تثرثر </p><p>إن ثرثرتَ... ستثرثرَ أكثرً!! </p><p>6. العمر </p><p>ذبُلَتْ أوراق العمر </p><p>أصفرّتْ جنابذ العمر </p><p>أرتدى العمرُ الرداء الأسود </p><p>أرتشف العمرُ سموم الماضي </p><p>صرخ العمرُ </p><p>كم حاولَ العمرُ </p><p>ألا يمسكَ الشيخوخة </p><p>يديه </p><p>ألا يرسلَ إلى أحضان النسيان </p><p>ألا يدون إسمه في سجل الذكريات </p><p>ولكن.. ولكن </p><p>أخيراً توقف الكَدّ </p><p>في المحطة الأخيرة </p><p>ولم يلتفتُ إليه أحد!! </p><p>من ديوان (آخر كلمات القمر، 2019). </p><p>الساعة </p><p><br /> لو كان هذا الحجر.. ساعةً </p><p>لو كانت هذه الساعة حجراً </p><p>وهذا الوقت شهقةً </p><p>والشهقةُ وقتاً </p><p>فالحجر والوقت والشهقة </p><p>ليست أصدقاء الشمس </p><p>والشمس لا تحتضن الشعاع </p><p>فيما الحضن يزعجُه سيماء الظلام </p><p>والسيماء يعتبر الساعةَ حجراً </p><p>والحجرُ لا يفهمُ السيماء </p><p>والساعةُ تعلنُ الإضرابَ </p><p>فيما الإضرابُ لا يمنحُ المُهَل </p><p>والمهلُ لا تتسكعُ في شوارع الحظرِ </p><p>فالشارع في إنتظار حظرِ المُهَلِ </p><p>الحظرُ بطاقةُ المُهَلِ </p><p>والبطاقة لا تعرفُ المُهَلِ </p><p>فيما الرياح لا تعرفُ أيب منها </p><p>والرياحُ لن تهبَّ من الجنوبِ من أجل البطاقة </p><p>فيما الجنوب يحظر ريحَهُ من النسيم </p><p>والحظرُ قلادة تتلاعبُ بها البطاقةُ </p><p>والمُهَلُ في إنتظار حبات القلادة واحدة إثر أخرى </p><p>والقلادةُ في ججيدِ الحظرِ </p><p>والحظرُ يُحظِرُ نفسه من الحظرِ </p><p>والحظرُ ساعة </p><p>تُحظِرُ الثواني والدقائق من الحظرِ </p><p>تتمددُ الثواني في أحضان الدقائق </p><p>فيما لا تدور الدقائقُ في مداراتها </p><p>والمدار يندهشُ من مدار المدارِ </p><p>فيما تختنق الدهشة </p><p>أمام المدارِ </p><p>الساعةُ حجرٌ </p><p>والحجرُ ساعةٌ </p><p>عداد الحجرِ وقتٌ </p><p>والوقتُ عدادُ الحجرِ!! </p><p>العمر </p><p><br /> ذبلتْ أوراق العمرِ </p><p>أصفرّتْ براعم العمرِ </p><p>أرتدى العمر دثار السواد </p><p>أرتشفَ العمرُ سموم الماضي </p><p>صرخ العمرُ </p><p>حاول العمرُ </p><p>ألاّ تمسهُ أيادي الشيخوخة </p><p>ألاّ يُجرّ إلى أحضان النسيان </p><p>ألاّ يدون اسمُهُ في سجل الذكرياتِ </p><p>ولكن.. ولكن </p><p>ذهبتِ الجهودُ سدى </p><p>وتوقف في المحطة الأخيرة </p><p>ولم يلتفتَ إليه أحد!! </p><p>ندين ذلك الشاعر </p><p><br /> ندين الشاعر الذي </p><p>سرق الجملة الرئيسية العسلية </p><p>من النحلِ </p><p>وهو يسبح في نهر الكتبِ </p><p>دون أن يعظَ أصابعَ الندم </p><p>ويسحق أزاهير القصائدِ </p><p>ليغرسها في الجملة التابعة </p><p>وهو يعرّي الطبيعة من دثارها </p><p>ليحملها لأطفاله القرود </p><p>ويُغيّر لون الأنهار </p><p>في ميادين الإستعارة </p><p>دون أن يسمع دموع لحاظِ القوافي </p><p>ندينُ ذلك الشاعر </p><p>الذي أخجلَ جملة النحل </p><p>وأزف بشرى الموتِ للربيع </p><p>ونحطمُ مكتبة أحلامه </p><p>ندين ذلك الشاعر </p><p>الذي لم يَهدهد طفلة الطبيعة </p><p>ونكأ جراحه </p><p>ندين ذلك الشاعر </p><p>ونضرم نيران الإنتقام </p><p>في شوارب ولحايا حيله </p><p>ونرمي بأوراقه البالية </p><p>ونجعله عبرة لعالم الشعر والشعراء </p><p>والكلمة والصورة وقوافي العصر. </p><p>أنت لستَ شاعراً؟ </p><p><br /> أنتَ لستَ شاعراً </p><p>في كرشكَ </p><p>بقرةُ حقدٍ تخور!! </p><p>أنتَ لستَ شاعراً </p><p>في أعماقكَ كلبُ إنتقامٍ </p><p>ينبحُ؟ </p><p>أنتَ لستَ شاعراً </p><p>في قلبكَ ذئبُ ضغينة </p><p>يريد إنتهاز الفرص صيفاً وشتاءً </p><p>ليعوي!! </p><p>أنتَ لستَ شاعراً </p><p>في شفتيكَ بحارُ شتائمٍ </p><p>وكلّ شتيمةٍ يطلُّ برأسها </p><p>لتنشر السموم!! </p><p>أنتَ لستَ شاعراً </p><p>لكنكَ تمتطي ظهر القصيدِ </p><p>لتحطم ظهر الجُمل والصور والإستعارة&#160;!ّ! </p><p>أنتَ لستَ شاعراً </p><p>تحطم قصور القوافي والوزنِ!! </p><p>وتتسبّبَ في إنهيار قمة الإبداعِ!! </p><p>أنتَ لستَ شاعراً </p><p>إمزق جواز سفركَ </p><p>تخلّ عن عروس القصيد </p><p>أجمع مؤلفاتك </p><p>وأضرمَ فيها نيران العصرِ!! </p><p><br /> الناظر </p><p><br /> لن أرنوَ إلى ناظريكِ </p><p>أرى فيهما مصيري!! </p><p>لن أرنوَ إلى ناظريكِ </p><p>أري فيهاما لياليّ </p><p><br /> لن أرنوَ إلى ناظريكِ </p><p>لنْ أنتظرَ فراشاً خالياً </p><p>ولن أنحنيَ لنوافذ الإنتظار </p><p>لن أرنوَ إلى ناظريكِ </p><p>لنْ أُطعِمَ أحصنةِ التوقعاتِ </p><p>ولن أتخلى عن لجام الدموعِ </p><p>لن أرنوَ إلى ناظريكِ </p><p>أمددُ إلأيهما أنامل الحنينِ </p><p>لن أنكأ جراج الجراحِ </p><p>في أتون الجراحِ </p><p>لن أرنوَ إلى ناظريكِ </p><p>ليستا مرآةِ أملٍ </p><p>لأرى فيهما قامتي </p><p>وأدور حول قمرِ الدواء </p><p>وأتلوى في آلامِ العهودِ </p><p>لحاظكِ سيفا نظراتِ </p><p>تنكأ جراحي!! </p><p><br /> قصائد قصیرة </p><p><br /> 1 . السماء </p><p>أنتِ ترنو </p><p>السماءُ ليستْ سماؤكِ </p><p>والقمر والنجوم </p><p>لن تتلألأ </p><p>والأيامُ ليستْ أيامكِ </p><p>والشمسُ والآفاق </p><p>لن توزع إبتساماتها </p><p>البابُ ليست بابكِ </p><p>الشبابيكُ والنوافذُ </p><p>مغلقةٌ </p><p>والحدائقُ ليستْ حدائقكِ </p><p>وجنابذ الورود </p><p>لا تبتسمُ </p><p>بدوركِ تحملينَ قلادة الهمومِ </p><p>لتفتحي ياقة الدموعِ </p><p>تحت سماءٍ بلا سماء </p><p>لتحملَ هموم الهمومِ </p><p>لأم الهمومِ </p><p>رويداً رويداً!! </p><p>2 . الفراشة </p><p>فراشاتكِ </p><p>قطيعُ غزلان متمرّدة </p><p>ترفرفُ بأجنحة السعادةِ </p><p>في لوحاتي </p><p>أمنياتُكِ </p><p>قطيعُ أحصنةٍ تعبى </p><p>تركضُ في حقولِ أحلامي </p><p>كلماتُكِ سربُ سنونوات تائهاتٍ </p><p>تطيرُ </p><p>من أجل الإجابة على سؤال العشقِ </p><p>عهودكِ </p><p>بالونات في أيدي أطفال الحيّ </p><p>تحملها رياح الجنوب </p><p>نحو قممِ الجبالِ!! </p><p>3 . اللوحة </p><p>سأرسمُ لكِ لوحةً </p><p>ملأى بالفراشات والأسماك الصغيرة </p><p>سأرسمُ لكِ صورةً </p><p>لا تتعرّفي فيها على نفسكِ </p><p>تعلقينها في إطارها الذهبي </p><p>على جدار الذكرياتِ!! </p><p>4 . تنفس </p><p>قلتِ إنني أتنفس بالهواء </p><p>الذي يهبُ من جهتكَ </p><p>قلتِ ساضعُ يدي على صدرِ ذلك الوفاء </p><p>الذي تبديه </p><p>قلتِ سأغدو صديقة البحر </p><p>الذي تهدهده </p><p>قلتِ </p><p>إنني سأمسح تلك الدموع </p><p>التي تنزل على خديك </p><p>قلتِ </p><p>إنني أحبذُ العصيرَ </p><p>الذي يروي عطش شفتيك </p><p>قلتِ إنني أريد تلك الحياة </p><p>التي تعيش فيها بسعادة </p><p>قلتِ .. قلتِ.. </p><p>خرجتْ كلماتكِ </p><p>من شفتيكِ </p><p>وأصبحتْ بخاراً </p><p>تذروه الرياح!! </p><p><br /> </p><p>أنا موجود!! </p><p>(أنا أفكرُ، إذاً أنا موجود)!!(*) </p><p>أنا أشكُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أكتبُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أقرأ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أعملُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أسيرُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أتحركُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أعيش، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أتكلمُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا ألعبُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أغضبُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أجادلُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أصارعُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أسافرُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أناقشُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أضحكُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أحللُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أحاربُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا لا أعرف الهزائم، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أخلدُ للنوم، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أستيقظُ من النوم، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أتغدى، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أتعشى، إذاً أنا موجود!!(*) </p><p>أنا أفتحُ الأبواب، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أغلقُ الأبواب والنوافذ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أكره الطغاة، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أعشقُ الحرية، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أتواصلُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أناضلُ، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا أبكي على وجودي، إذاً أنا موجود!! </p><p>أنا موجود، ووجودي مرتبطٌ بالحياة!! </p><p>بل هو الحياةُ بعينها </p><p>وعدمه هو الفناءُ بعينه!! </p><p>(*) مقولة (رينيه ديكارت) الشهيرة </p><p><br /> السقوط </p><p>السقوط طريقٌ ذي مخرجين </p><p>السقوط طريقٌ ذي مخرجين </p><p>مخرج يستمر دون أن يعود </p><p>والمخرج الثاني لن يعود ليظل مستمراً </p><p>السقوط أستضافني لمراتٍ ثلاث </p><p>دون أن التفتَ إليه </p><p>مرةً سقطتُ من على ظهر حصان الحظ </p><p>فتماسكتُ بلجام الزمن </p><p>ومرةً سقطتُ في الإمتحان الشهري </p><p>في درس العشق </p><p>فعبرتُ بكتاب رسالة دموع </p><p>ومرة عبرتُ منحدر التعلم </p><p>وصدمتُ عمود مرآب الخروج </p><p>فتدربتُ أسبوعاً </p><p>لأنقذ نفسي!! </p><p>ومن يومها توترت العلاقة </p><p>بيني وبين السقوطِ </p><p>ليولي هارباً </p> <h1><span id=".D9.85.D9.86_.D8.AA.D8.B1.D8.AC.D9.85.D8.A7.D8.AA.D9.87"></span><span class="mw-headline" id="من_ترجماته">من ترجماته</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=32" title="عدل القسم: من ترجماته">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <h1><span id=".D9.82.D8.B1.D8.A7.D8.A1.D8.A9_.D9.81.D9.8A_.D8.AF.D9.8A.D9.88.D8.A7.D9.86_.D9.81.D8.A7.D9.86_.D8.A5.D9.8A.D8.B1.D9.88.D8.AA.D9.8A.D9.83_.D9.84.D9.84.D8.B4.D8.A7.D8.B9.D8.B1_.D9.82.D9.88.D8.A8.D8.A7.D8.AF_.D8.AC.D9.84.D9.8A_.D8.B2.D8.A7.D8.AF.D8.A9"></span><span class="mw-headline" id="قراءة_في_ديوان_فان_إيروتيك_للشاعر_قوباد_جلي_زادة">قراءة في ديوان فان إيروتيك للشاعر قوباد جلي زادة</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=33" title="عدل القسم: قراءة في ديوان فان إيروتيك للشاعر قوباد جلي زادة">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>بقلم&#160;: مكرم رشيد الطالباني </p><p>عن دار آراس للطباعة والنشر في مدينة أربيل صدر للشاعر قوباد جلي زادة ديوان (فان إيروتيك) وهو ديوان شعري أنيق في الإخراج والتصميم والطباعة، وغني في المحتوى والمضمون، جل قصائد الديوان كالمقاطع الشعرية اليابانية أو السوناتا الشعرية، قوية في إختزال الصور وغنية في مغزاها تشبه البرق في إصابة الهدف أو إصابة نظر المرء، وقد أزدانت صفحات الديوان بصور تخطيطية ملونة من عمل الفنان رستم آغاله، حيث أعتبر الشاعر والفنان هذا العمل عملاً مشتركاً لهما، وقد أصدر الشاعر قبل عمله هذا ديوان إعدامات الجنة حيث قام الفنان رستم آغاله برسم التخطيطات لهذا الديوان، كما قام الفنان آغاله بعمل غلاف مجموعة الشاعر الشعرية المعنونة بإعدامات الجنة </p><p>يمتاز عمل الشاعر هذا بالتعبير والجمل القصيرة والمعاني القوية التي تصدم المتلقي وتؤثر فيه ليشعر بجمال تلك التعابير والإبداع الشاعري الجميل المتفرد الذي يدفعه إلى التفاعل مع الصور المعبرة والإندهاش والإنبهار بها، ويقول الشاعر والفنان في مقدمة مشتركة لهذا العمل المشترك أنهما حاولا عن طريق الكلمة والصورة التعبير عن خلجات الإنسان ورفع الخجل عنه وخاصة في المجتمع الذي ينتميان إليه الذي يخفي وجهه الحقيقي منذ قديم الأزمان والإفصاح عن هذا الوجه الحقيقي له من خلال الكلمات والصور القوية التي تصيب أهداف الشاعر والتخطيطات المعبرة التي تحول الكلمات وخلجات النفس البشرية إلى صور، كثيراً ما يتمناه الشاعر أو بالأحرى الفرد المنتمي لهذا المجتمع الحديث القديم، وقد يقولان أنهما حاولا تحرير النصف الآخر مثلما حاولا في عملهما هذا تحرير الرجل أيضاً من العقد والخلجات التي يشعر به! ا ويريد التعبير عنها أو التمني بفعلها وهو يعيش في هذا المجتمع الذي يخفي العديد من الصفات التي تجعله ينبهر لرؤية صورة تخطيطية عارية أو قصيدة عارية مليئة بالصور المعبرة التي تدفعه إلى التمني برؤيتها . </p><p>هذا ويتكون هذا الديوان من محاور ثلاثة، المحور الأول عن فان ملكة الجمال والعشق ويخصص الشاعر لها مستهلاً من ثلاث نجوى وإحدى عشر ليرة عبارة عن مقاطع شعرية والمحور الثاني من أثنين وعشرين مقطعاً والمحور الثالث من مقاطع مختلفة قصيرة نحاول ترجتمتها كاملةً&#160;: </p><p>فان .. </p><p>خرجت ذات صباح (فان) ملكة الجمال والعشق من كهف شاندر(1) ورفعت جيدها الأهيف وتوجهت بنظراتها للشمس وقالت&#160;: </p><p>إلهي ... </p><p>أن اللحظات التي تمنحها لإرهابي، كي يذبح فيها طفلاً، لم لا تمنها للعشاق المتلهفين .. ليمارسوا فيها العشق&#160;!؟؟ </p><p>إلهي .. </p><p>إن الأراضي الواسعة التي تمنحها لإرهابي كي يلغمها لإغتيال العشق، لماذا لا تمنح شبراً منها لعبادك العشاق .. كي يزرعوا فيها العشق والورود&#160;!؟ </p><p>إلهي.. </p><p>إن بحار السموم المترامية ، التي تضعها يومياً في قبضة إرهابي، كي يعدم فيها الجمال، لماذا لا تجعلها نبع سكرٍ وتبتل به ريق رضيع يتيم&#160;!؟؟ </p><p>فان.. </p><p>وقبل أن تعود إلى الكهف نثرت جعبة من ليرات العشق عند أقدامها، منحتها لها شاعر عاشق أشيب الرأس في موعد لقاء ليلة ظلماء&#160;! </p><p>الليرة الأولى </p><p>أعطني كأساً من خمر شفتيكِ </p><p>كي أمتلأ </p><p>زقزقة الشباب&#160;!! </p><p>الليرة الثانية </p><p>أنسجي من خصلات شعركِ الذهبية </p><p>جناحاً لي </p><p>كي أطير به </p><p>نحو حدائق السؤدد المعلقة&#160;!! </p><p>الليرة الرابعة </p><p>أعطني .. </p><p>أعطني باقة من طيف نهديكِ </p><p>كي أبحث في الليالي الحالكة السواد </p><p>عن ورود السعادة الضائعة . </p><p>الليرة الخامسة </p><p>أعطني </p><p>من جرة عينيكِ السكرتين </p><p>كأساً </p><p>كي أرى امرأة الأعناب عارية&#160;! </p><p>الليرة السادسة </p><p>أعطني </p><p>خنجراً للإنبعاث ثانية </p><p>ومعولاً </p><p>كي أحفر به ضريح الخلود في شط العشق </p><p>الليلة السابعة </p><p>أعطني الليلة طفلاً مؤنفلاً </p><p>أمنحيني قدراً من الرحمة </p><p>الليرة الثامنة </p><p>لقد سمُلَتْ عيني </p><p>أعطني </p><p>كأساً من النوم&#160;! </p><p>الليرة التاسعة </p><p>خذيني تحت هطول أمطار ناظريكِ </p><p>لكي ينبعث </p><p>صحراء الروح </p><p>في أتون السَكرِ&#160;! </p><p>الليرة العاشرة </p><p>أتركي يدي </p><p>سوف أجد بنفسي تلك الطرق </p><p>التي تؤدي إلى الفراق&#160;! </p><p>الليرة الحادية عشرة </p><p>أيتها الرضيعة لا تمسكي يدي </p><p>إنني خبرت </p><p>كافة بساتين التوقد </p><p>مد مجنون ذي لحية رثة ممزق الثياب رأسه نحو فوهة الكهف وغنى أغنيات ثلاث لـ(فان )&#160;: </p><p>1 </p><p>نحن نقتل الرجال علناً </p><p>ونمارس القبل في السرّ </p><p>2 </p><p>في طفولتنا.. </p><p>قبحوا صورة الرب والمرأة </p><p>في نظرنا </p><p>الإله سيف </p><p>والمرأة العورة </p><p>3 </p><p>خلق الرب فان </p><p>في ست ليالٍ </p><p>وأستولى على جمالها </p><p>ثم أستراح </p><p>28 من الشهر </p><p>(فان) .... من كهف شاندر إلى زاوية جميلة في سرجنار(2) </p><p>1 </p><p>سرجنار غارقة في النور </p><p>يقولون أن نجمة قد هوت </p><p>فوق تلة&#160;! </p><p>2 </p><p>من يوطيء بقدميه على التلة .. </p><p>تهطل </p><p>الورد </p><p>والقطن </p><p>والعسل </p><p>والطيف </p><p>واللذة </p><p>معاً&#160;! </p><p>3 </p><p>تلك التلة.. </p><p>التي تسمع وقع خطواتنا </p><p>تغدو شجرة باسقة </p><p>و نتحول نحن الأثنان </p><p>إلى حمامتين بيضاوين ؟ </p><p>4 </p><p>ملأتِ ناظري جمالاً </p><p>إلى أي من أعضاء جسدي </p><p>تتدفقين بعد </p><p>5 </p><p>لو لم يكن هناك ثقل جمال (فان) </p><p>لكانت الأرض </p><p>تدور أسرع حول الشمس&#160;! </p><p>6 </p><p>لو لم تكن فان </p><p>لكانت الأحلام بالأبيض والأسود&#160;! </p><p>7 </p><p>تنام الشمس في شعرها </p><p>والقمر </p><p>على صدرها ليلاً&#160;! </p><p>8 </p><p>بقي لفان شبراً </p><p>كي تصل يدها للسماء&#160;! </p><p>9 </p><p>في تلك الليلة </p><p>كانت فان </p><p>أطول قامة من جل أشجار سرجنار&#160;! </p><p>10 </p><p>لم يكن فماً </p><p>كان موقد جمرٍ </p><p>أحرقت شفتي تارة </p><p>وتارة لساني&#160;! </p><p>11 </p><p>غدت قبلاتنا </p><p>جدولاً من الألوان </p><p>ليصب في نهير سرجنار&#160;! </p><p>12 </p><p>غسلتني فان بالعسل </p><p>وجففتني بالطيف </p><p>وغطتني بالشعرِ </p><p>13 </p><p>من ناظريها السكرتين </p><p>تندلق جرتين من الشراب </p><p>في روحي </p><p>14 </p><p>من طيف صدر فان </p><p>وشعري الأبيض </p><p>تهطل أمطاراً فضية&#160;! </p><p>15 </p><p>لو لم يكن نور فان </p><p>لكانت شفتاي </p><p>واناملي العشر </p><p>تضيع في الليالي الحالكة&#160;! </p><p>16 </p><p>حتى أن لملمت فان </p><p>عسل التلابيب المندلق </p><p>وطيف النهود المتناثر </p><p>وعقد القبل المنفرطة </p><p>فقد أقبل منتصف الليل </p><p>17 </p><p>لا زالت أصابعي تتوهج </p><p>إنها توهج طيف </p><p>نهود فان النورانية </p><p>18 </p><p>وقبل أن تهم فان بالنزول </p><p>وضعت قلبي في حقيبتها </p><p>اليدوية </p><p>لتفرّ به&#160;! </p><p>19 </p><p>يفوح مني عبق فان </p><p>أخاف دخول البيت </p><p>سأنام الليلة ... في سيارتي&#160;! </p><p>20 </p><p>وحيداً </p><p>سأعود إلى التلة </p><p>فتسأل التلة عن أخبار فان </p><p>سيمتلأ كأسي دموعاً </p><p>ويمتلأ حضنها </p><p>قبلاً ذابلة&#160;! </p><p>21 </p><p>هذه التلة </p><p>تعلمت العشق منا </p><p>فمنذ المساء وحتى طلوع الشمس </p><p>تتبادل الرسائل مع التلة المقابلة </p><p>22 </p><p>سافرت فان.. </p><p>لذا تراني إلى الأبد </p><p>في هذه التلة المهمومة </p><p>شجرة </p><p>من أشجار سرجنار الكدرات </p><p>القبلة </p><p>القبلة </p><p>موقد تطير الروح </p><p>من الخطايا </p><p>الموج </p><p>النهر </p><p>يغتسل بمياه الامطار </p><p>ورغوة الأمواج الصغيرة </p><p>ثوب </p><p>يرتدي النهر دوماً </p><p>ستياناً </p><p>طويلاً </p><p>وخفيفاً </p><p>تشمس </p><p>فتح الماء </p><p>أزار صدره </p><p>وبدأ يتشمس </p><p>الوداع </p><p>نواظر السحب تذرف الدموع </p><p>البستان مهموم </p><p>والريح مصاب بالخدر </p><p>أنه موسم رحيل الأوراق </p><p>الشراب </p><p>قال العنب&#160;: </p><p>أن سبب مرارتي وملوحتي </p><p>هو حقداً من ضيق وحلكة </p><p>الجرة&#160;! </p><p>حجاب </p><p>حين تكون الشمس في السماء </p><p>يتحجب القمر </p><p>بحجاب الخجل&#160;! </p><p>عشق </p><p>أندلقت نجمة </p><p>على سرداق </p><p>امرأة&#160;! </p><p>نبع </p><p>إنه جرح قلب الارض </p><p>الذي ينزف دوماً&#160;! </p><p>فلذة كبد </p><p>الشمس زوج القمر </p><p>والنجوم </p><p>فلذات كبديهما&#160;! </p><p>خليج </p><p>النهر </p><p>شاب طويل القامة ، رفيع الخصر </p><p>يسير على عجل </p><p>حاملاً باقة من الورود </p><p>تنتظرها في الطرف الآخر من العالم </p><p>امرأة ذات عينين زرقاوين </p><p>اللص </p><p>يتلصص القمر </p><p>من منافذ الهوادج </p><p>على عرينا&#160;! </p><p>ملاك </p><p>الغيم </p><p>رجل أشيب </p><p>ماسوشي </p><p>لن يقر له قرار </p><p>حتى ما ان تعمد الملائكة إلى ضرب </p><p>ظهره وخصره </p><p>بالسياط </p><p>نيزك </p><p>النيزك </p><p>طفل السماء </p><p>المجهض&#160;! </p><p>الكلة </p><p>كي لا تراهما النجوم عاريين </p><p>يلتقي القمر والشمس </p><p>في ناموسية السحب&#160;! </p><p>العريس </p><p>كيف يقوم البرعم </p><p>بكل رقته هذا </p><p>بتزريف فروع أشجاره ؟! </p><p>تفتح </p><p>حكت النحلة </p><p>نكتة للبرعم&#160;! </p><p>اللون </p><p>بلل المطر </p><p>جناح فراشة </p><p>غدت الفراشة </p><p>قطعة من الألوان&#160;! </p><p>قلادة </p><p>صفصافة طرية </p><p>سقطتت قلادتها </p><p>في النهر </p><p>فأبتلعت كل سمكة </p><p>خرزة منها&#160;! </p><p>بذور </p><p>الذي يتساقط من السماء </p><p>لقاح </p><p>يملأ </p><p>رحم الأرض </p><p>برضع الأوراق والزهور&#160;! </p><p>رضيع </p><p>تلك الريح </p><p>لا زالت لم تنمو لها جناح </p><p>تلعب مع أوراق الشارع المتهاوية&#160;! </p><p>ربيب </p><p>النجوم الأصطناعية </p><p>التي تمر مسرعة في كبد السماء </p><p>ارباب القمر </p><p>اربعة عشر </p><p>حين يشعر القمر </p><p>أن السمنة قد أدركته </p><p>يمارس رياضة الحبال يومياً </p><p>وفي الليالي </p><p>يمارس السباحة في البحار والمحيطات </p><p>حتى يدركه التعب </p><p>جنبذة </p><p>لقد نزعت كل هذه الورود حجابها </p><p>غير أن هذه الجنبذة </p><p>تشبه فتاة أفغانية محجبة </p><p>تخجل من أن تنزع حجابها&#160;! </p><p>رغوة </p><p>في هذه البحيرة الصغيرة </p><p>ترى نجمتان </p><p>تغسلان الظهر الأملس للقمر </p><p>برغوة الشعاع </p><p>عطف </p><p>تمسك الريح بساعد ورقة سقطت على الارض </p><p>تريد إعادتها من ساق الشجرة </p><p>إلى حيث الفروع&#160;! </p><p>ستيان </p><p>فتشت الريح </p><p>وجدت جيوبها مليئة </p><p>بحاملات النهود </p><p>سروال </p><p>عكس الإنسان </p><p>فإن السماء وقبل أن تهم بالتبول </p><p>تلبس سروال الغيوم&#160;! </p><p>الوسن </p><p>جراء آهات الأوراق المتساقطة </p><p>ومعاناة الشجر </p><p>لا القمر يخلد إلى النوم </p><p>ولا قطة تتثاءب&#160;! </p><p>استراحة </p><p>في كل ليلة </p><p>أفرش لباداً من حرير الشعر </p><p><br /> </p> <h1><span id=".D9.82.D9.88.D8.B3_.D9.82.D8.B2.D8.AD"></span><span class="mw-headline" id="قوس_قزح">قوس قزح</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=34" title="عدل القسم: قوس قزح">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>شعر: محمد أمين بنجويني </p><p>ترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>(1) </p><p>لو تحدثت الأيدي </p><p> مع الأيدي الأخرى</p><blockquote><p>لو </p><p>لو تحدثت الأيدي </p><p>مع الأيدي الأخرى </p><p>لو أضاءت الأعين </p><p>مع الأعين الأخرى </p><p>لو نبتت القلوب في القلوب الأخرى </p><p>سيخلق الأمان والعشق والحياة </p><p>نعيماً </p><p>وتتزين الحدائق </p><p>وترتفع قهقهات سمفونية الضحك </p><p>إلى عنان السماء </p><p>(2) </p><p>القمر </p><p>يحلم أحد الفقراء </p><p>بأن القمر غدا </p><p>رغيف خبز </p><p>يحلم أحد الأغنياء بالقمر </p><p>متى يشترى قطعة منه </p><p>ليبني عليه غرفة للتجارة </p><p>ويحلم أحد الأطفال </p><p>أن القمر قد غدا أمه </p><p>والحواريات منهمكات في تجميلها </p><p>حلم العروسان </p><p>أنهما يتجهان في هودجهما نحو القمر </p><p>وذاقا طعم شهر العسل هناك </p><p>بدوري حلمت أن القمر </p><p>غدا جبيبتي وقد غطتها سحابة سوداء </p><p>(3) </p><p>أنا </p><p>طوال عمري </p><p>لم أؤذ أحداً </p><p>غير أنهم يلكزونني بالإبر يومياً </p><p>طوال حياتي </p><p>لم أطلق النار على أحد </p><p>غير أنهم يرمونني بالرصاص يومياً </p><p>طوال حياتي </p><p>ما ذبحت طيراً </p><p>غير أنهم يقدمونني قرباناً </p><p>كل لحظة </p><p>فهل هذا هو دعاء أمي </p><p>لازال يلاحقني ؟ </p><p>هل هذا دعاء أمي </p><p>وقد تحقق جراء مشاكستي </p><p>أم إنني ملاك </p><p>تزول عني خطاياي جراء هذا التعذيب ؟ </p><p>(4) </p><p>العيون </p><p>أعشق العيون كثيراً </p><p>حين تتلألأ كالنجوم </p><p>وكثيراً ما حللت ضيفاً على النجوم </p><p>وحدث مرة أن قامت نجمتان بإيوائي </p><p>وقامتا بهدهدتي بتلألأهما وكأنني طفل رضيع </p><p>وشدياني بشعاع نورهما </p><p>وبعد مضي فترة أصاب العمى العيون.. وغربت </p><p>وسقطت بدوري من السماء </p><p>وبعد ثلاث سنوات </p><p>حللت في مضيف نجمتين </p><p>أسعدتاني ليلاً </p><p>وقامتا تطمئناني فؤادي الجريح والمخطوف </p><p>وفجأة </p><p>أختبأتا خلف غمامة سوداء </p><p>كنت طيراً شريداً </p><p>وقعت في شرك صياد ماهر </p><p>ومنذئذ بدأت الحرب بيني وبين النجوم </p><p>النجوم هناك في الأعالي </p><p>منهن يضحكن إستهزاءاً بي </p><p>وأنا قابع على الأرض </p><p>وقد جن جنوني </p><p>لازلت ابكي وأولول </p><p>(5) </p><p>قوس قزح </p><p>حين أشاهد قوس قزح </p><p>أتذكر ربطة المهد </p><p>التي كانت والدتي تشدني وأخوتي وأخواتي بها </p><p>حين كنت طفلاً </p><p>عشقت القوس قزح </p><p>كنت صغيراً </p><p>حين كنت أراه فوق قمم الجبال </p><p>كنت أود التشبث به </p><p>لأرتقي إلى السماء </p><p>هل إن ذلك كان من اجل </p><p>أن أتحرر من لحد وقيود أربطة المهد </p><p>أم إن لون المهد ورباط المهد </p><p>مستمد منه&#160;! </p><p>(6) </p><p>اللحد والمهد </p><p><br /> بين اللحد والمهد </p><p>تباين نسبي </p><p>المهد يقضي على هواء الحرية </p><p>والنفس والروح </p><p>واللحد يمتص جسدك </p><p>وجثتك وعظامك </p><p>لذا تجد الكورد عصبيو المزاج </p><p>أفظاظاً </p><p>لأنهم ذاقوا عذاب لحد المهد&#160;! </p><p>(7) </p><p>الروح </p><p><br /> تسافر روحي مع الغيوم </p><p>حتى تصل إلى البلاد </p><p>على أمل </p><p>أن تتساقط من خلال </p><p>قطرة مطر </p><p>على مدينتا </p><p>كي يلهو بها الأطفال&#160;! </p><p>(8) </p><p>الشموع </p><p><br /> الشموع </p><p>تشاركني البكاء </p><p>حتى الصباح </p><p>إنها تعطف علي بلهيبها </p><p>وفؤادي يعطف عليها </p><p>إنهن يذرفن دموعاً حمر </p><p>أما انا فأذرف دموعاً عفصي اللون </p><p>وكلانا نحترق </p><p>فغدون بدورهن شموعاً </p><p> أما أنا فقد استحلتُ فحماً&#160;!</p></blockquote> <h1><span id=".D8.A3.D9.88.D8.B1.D8.A7.D9.82_.D8.B9.D9.84.D9.89_.D8.A7.D9.84.D8.B1.D8.B5.D9.8A.D9.81"></span><span class="mw-headline" id="أوراق_على_الرصيف">أوراق على الرصيف</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=35" title="عدل القسم: أوراق على الرصيف">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>أوراق على الرصيف </p><p>شعر: دلشاد عبد&#160;الله ترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>الدفتر </p><p>لكل دفتره </p><p>ليس الذي يدون فيه الملاك على كتفيه خيره وشره </p><p>وليس دفتر النفوس </p><p>وليس دفتر الأرباح ورأس المال </p><p>دفتر </p><p>سجل فيه البكاء </p><p>منذ الطفولة </p><p>ودون على كل صفحة حكمة ما: </p><p>أيها الرب </p><p>إن أكبر رأسمال </p><p>والذي لا ينضب أبداً </p><p>هو دموعي أنا! </p><p>الرسالة الأولى </p><p>لم يتم إثبات سر الرسالة </p><p>منها رسائل الأصدقاء والأحبة </p><p>منها رسائل الغرباء </p><p>وأجملها </p><p>هي لهؤلاء الذين يظلون مجهولين </p><p>بعد رحيلهم </p><p>لا يعرف أحد لمن كتبتْ </p><p>الرسالة 2 </p><p>تنقل الرسائل في طرود </p><p>إنها خفيفة الوزن </p><p>فجلها فراشات محترقات </p><p>النقد </p><p>أحول العينين </p><p>ينظر إلى شيء </p><p>لكنه يرى شيئاً آخر </p><p>زعل </p><p>كثيراً ما يطلبون الأشياء الكبيرة </p><p>واللامعقولة </p><p>نتوجس خيفة أن تزعل منا </p><p>الأشياء الصغيرة </p><p>فما قيمة السحب بلا مطر؟ </p><p>وما قيمة أوراق الشجر دون الغابات؟ </p><p>الضفاف </p><p>ليست الضفاف </p><p>حدوداً للنهر </p><p>بل جدائله </p><p>الخط </p><p>امرأة نائمة </p><p>حمام النساء </p><p>سماء ليلة مظلمة </p><p>والنجوم </p><p>تتلألأ هناك </p><p>جمع </p><p>لكل شيء جمع </p><p>إلا الإنسان لا جمع له </p><p>الذهب </p><p>الشمس جل أشياء الذهب </p><p>وقلبه أيضاً </p><p>الحلم </p><p>فراشة </p><p>عمرها لحظات قليلة </p><p>السر </p><p>دن الخمر </p><p>إن أحكم إغلاقه </p><p>يعطي مذاقاًلا أطيب </p><p>الصحيفة </p><p>سحابة تفقد أمطارها </p><p>الرماد </p><p>ليس للعنقاء رماد </p><p>سيجارة </p><p>ليلة تمضي قبالة شمعة </p><p>وهي تذوب </p><p>الشفة </p><p>شراب في كأس </p><p>إن لم تذقها </p><p>لن تدرك لذتها </p><p>الزي </p><p>سحابة مهما كانت شفافة </p><p>يغدو سمائه </p><p>أكثر مذاقاً </p><p>العلو </p><p>أنا والطيور </p><p>ألفنا </p><p>الأمكنة الشاهقة </p><p>المنية </p><p>ترتفع المنية أحياناً </p><p>وتغدو شمساً </p><p>وتغادر الحياة البائسة </p><p>في السهول الخاوية </p><p>دعاء </p><p>لو كان بإمكاني </p><p>لسميت السحب دعاء </p><p>وعند هطولها </p><p>تبلل كل شيء جراء دموعها </p><p>القمر </p><p>يسع طاسة ماء </p><p>فالجمال لن يقاس بالأحجام </p><p>كبيراً </p><p>أو صغيراً كان </p><p>الضوء </p><p>ينام القمر في قارورة </p><p>الخمر </p><p>لذى ترى ضوءه سكراً </p><p>دوماً </p><p>الصمت </p><p>حين تنضج الوردة </p><p>تفتح وريقاتها </p><p>والرمان ترمي بقشرتها </p><p>والشفاه حين تنضج </p><p>تُغلق </p><p>قراءة </p><p>حين تقرأ كتاباً </p><p>تصبح نديماً له </p><p>وحين تقرأه كثيراً </p><p>فإنه يبحث </p><p>كي يقرأ </p><p>الهاتف </p><p>ليس شرطاً أن يكون الآخر </p><p>الذي على الخط </p><p>أن يكون شخصاً </p><p>يحتمل أن تكون خوخة حزينة </p><p>وهي تهاتف من أقاصي الدنيا </p><p>تمثال </p><p>ينهمر علي كل هذا المطر </p><p>لكن لا يناولي أحدهم </p><p>مظلة ما </p><p>القلب </p><p>بيت بلا جدران </p><p>ذات ألوف البيبان </p><p>كرميان </p><p>هويتها النساء </p><p>المتشحات بالسواد </p><p>بحيرة </p><p>كانت خيالاً </p><p>لم تصب في أية مياه أخرى </p><p>فأصابها الجفاف </p><p>الأوراق الحمراء </p><p>أين وجدت الأوراق الحمراء </p><p>إنها آثار أقدام الرب </p><p>الدماء </p><p>من بين كل الألوان </p><p>أختارت لون تلك الشجرة </p><p>التي حرمها الرب </p><p>همدان </p><p>همدان ملأى بأشجار الأسفنديار </p><p>الحمراء </p><p>وأكثرها إحمراراً </p><p>رباعية لبابا طاهر </p><p>نزلت من أجل فاطمة </p><p>القبر </p><p>ليلة ليلاء </p><p>أبدية </p><p>المسيح </p><p>إلى متى يبقى </p><p>ذلك الرجل </p><p>على الصليب؟ </p><p>قابيل </p><p>حين توفي قابيل </p><p>أصبح </p><p>أنتشر في مياه الينابيع </p><p>نوستاليجيا </p><p>في كل ليلة يقدم حلمٌ </p><p>وياخذني إلى زمن الطفولة </p><p>حين أعود فجراً </p><p>تملأ الورود البرية طريقي </p><p>فأحمل منها ملء حضني </p><p>لمزهرية يوم جديد </p><p>رأس المال </p><p>الحلم أفضل رأسمال </p><p>لن ينضب ابداً </p><p>الخيال </p><p>مهما كانت الدنيا صغيرة </p><p>فإنها تتسع للخيال </p><p>عن ديوان (الوصول إلى النار)، الصادر عن دار آراس للطباعة والنشر، 2008. </p><p><br /> </p> <h1><span id=".D8.B3.D9.88.D8.B1.D8.A9_.D8.A7.D9.84.D8.A8.D8.AD.D8.AB_.D8.B9.D9.86_.D8.B9.D9.86.D9.88.D8.A7.D9.86_.D8.A7.D9.84.D9.82.D8.B5.D9.8A.D8.AF.D8.A9"></span><span class="mw-headline" id="سورة_البحث_عن_عنوان_القصيدة">سورة البحث عن عنوان القصيدة</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=36" title="عدل القسم: سورة البحث عن عنوان القصيدة">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>شعر: لطيف هلمت </p><p>ترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>طاهرٌ أنا كضالٍ </p><p>إجعليني مذنباً </p><p>بالقبلِ </p><p>مذنبٌ أنا كصوفيٍ </p><p>طهريني </p><p>بالقبلِ </p><p>*** </p><p>أحلمُ أحياناً </p><p>إنها تقطعُ أناملَ يدها اليسرى الخمسَ </p><p>لتقدمها لي </p><p>فأجعل منها بدوري خمسةَ أوتارِ </p><p>لفؤادٍ جعلتهُ قيثارةٍَ </p><p>لإمرأةٍ سميتها ربيعاً </p><p>*** </p><p>أحلمً إنها تغدو قفصاً </p><p>أغدو فيه طيراً </p><p>امرأةٌ سميتها ربيعاً </p><p>*** </p><p>في يوم ميلادي </p><p>يولد </p><p>همٌ جديدٌ </p><p>في يوم ميلادي </p><p>يولد </p><p>أنا آخر </p><p>في يوم ميلادي </p><p>يكونُ مولدى </p><p>أعقدُ ذكرى </p><p>ذكرياتي </p><p>تهددني </p><p>في ذكرى ميلادي </p><p>في ذكرى ميلادي </p><p>أخلقُ محيطاً آخر </p><p>بأسلئتي </p><p>*** </p><p>حين تعقبوها </p><p>غدتْ طائرَ نقارة الخشب </p><p>وأختفتْ </p><p>في شق شجرة عملاقة </p><p>حين قطعوا الشجرة العملاقة </p><p>غدتْ سمكةً </p><p>لتختفيَ في نهرٍ </p><p>حين قاموا بإعتراض النهر </p><p>دخلتْ في جيبِ الصياد </p><p>حينما دلفَ الصياد يدهُ </p><p>إلى جيبه جراء البرد </p><p>غدتْ جمرةً من النار </p><p>لتدفيء يد الصياد </p><p>ومنذئذ كلما تجمد يد أي صيادٍ جراء البرد </p><p>يدلفَ يده في جيبه </p><p>*** </p><p>لديّ ثلاثة أصدقاء </p><p>أنتِ </p><p>وأنا </p><p>وذاتي </p><p>لديّ ثلاثةُ أعداءٍ </p><p>ذاتي </p><p>وأنا </p><p>وأنتِ </p><p>*** </p><p>لو لم يكن الأسود من كان يمكنه التعرف على الأبيض </p><p>لو لم يكن الكذبُ </p><p>من ذا الذي كان يصادق الحقيقة </p><p>*** </p><p>إبني أربعة جدران </p><p>أقم سقفاً </p><p>ستولد غرفةٌ </p><p>غير إن غرفة الشعر </p><p>لن تبنى هكذا </p><p>*** </p><p>إنتِ تعرفينَ </p><p>لماذا هربتُ مبكراً من أحضان أمي </p><p>كي أنتظركِ </p><p>*** </p><p>ليست تلك التي ترتدينها في أذنيكِ </p><p>قرطاً </p><p>بل فؤادي </p><p>وقد قطعتيه إلى نصفين </p><p>إنظري إنهما تنزفان دماً </p><p>*** </p><p>منذ قرنٍ أنتظرُ نفسيَ </p><p>منذ قرنٍ تنتظرينَ نفسكِ </p><p>لننتظربعضنا بعضاً قرناً </p><p>*** </p><p>منذ ألف عامٍ نعشق بعضناً بعضاً </p><p>منذ ألف عامٍ والعشقُ يمنعنا من أن نموت </p><p>منذ ألف عامٍ والعشق لن يفسح لنا الفرصة </p><p>لرؤية بعضينا </p><p>*** </p><p>كوني كلمةً </p><p>يمكن لأحد العشاق </p><p>أن يحفرَكِ </p><p>على صخرةٍ ما </p><p>*** </p><p>جسدُكِ لن يتكلّمْ </p><p>لكنه يناديني </p><p>بمائةِ لغةٍ ولغة </p><p>*** </p><p>في كل مرّةٍ </p><p>أعثرُ في ذلك المكان </p><p>على نثار زجاج وبقايا بارود </p><p>أعتقدُ </p><p>إنها نثارُ قُبُلاتنا </p><p>*** </p><p>ثغركِ </p><p>فانوس لياليّ </p><p>جدائلكِ </p><p>أوتارُ قيثارةَ قلبيّ </p><p>*** </p><p>أدركَ الشيبُ جديّ </p><p>وشاخ </p><p>شاخ </p><p>وشاخ </p><p>غير أن كتابهُ </p><p>لا زال في ريعان الشباب </p><p>*** </p><p>تمعني </p><p>هناكَ درجٌ </p><p>نحو كلّ نجمةٍ </p><p>يمكنُ أنه صنع من الريح </p><p>*** </p><p>تمعني </p><p>هناك درجٌ </p><p>نحو كل بلدٍ </p><p>يمكن أنه صنعَ من الضباب </p><p>لكن ليس هناك أي طريقٍ </p><p>نحو فؤاد بعضينا </p><p>*** </p><p>الريحُ </p><p>زوج الغابة </p><p>يكنس غرفها دوماً </p><p>المطرُ صديق الغابة </p><p>يجلبُ لها العصافير </p><p>دوماً </p><p>الخريفُ ملك الغابة </p><p>يقتلُ الأشجارَ </p><p>ويحييها كلَّ مرّة </p><p>*** </p><p>حين قرر ستالين </p><p>معاداة الشعرِ </p><p>قام فوراً </p><p>بصنعِ سيوفٍ طويلةٍ </p><p>حين أراد أوسيب ماندلشتام </p><p>أن يكتبَ أجمل قصائده </p><p>كتبها بدمهِ </p><p>تحت سيفِ ستالين ... </p><p>عن (ملحق الأدب والفن) لصحيفة (كوردستاني نوي) العدد (5266) الخميس (26/8/2010). </p> <h1><span id=".D8.B3.D9.8A.D9.85.D8.A7.D8.A1_.D8.A7.D9.84.D8.A8.D8.B9.D8.AF_..._.D8.B9.D8.A8.D9.82_.D8.A7.D9.84.D9.88.D8.AD.D8.AF.D8.A9"></span><span class="mw-headline" id="سيماء_البعد_..._عبق_الوحدة">سيماء البعد ... عبق الوحدة</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=37" title="عدل القسم: سيماء البعد ... عبق الوحدة">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>شعر: بزار حكيم </p><p>ترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>مهداة لـ: قلقِ إبتسامةٍ ما </p><p>1 </p><p>إن حياتي على تلك الشاكلة: </p><p>كنوع ٍ </p><p>من الموسيقي الرتيبة </p><p>2 </p><p>ولدتُ وحيداً </p><p>حين أموتُ، سيموتُ معيَ إسميَ أيضاً </p><p>إذن لن أموتَ </p><p>وحيداً! </p><p>3 </p><p>بعد عشر سنوات </p><p>سيغدو عمري مثل حذائي، الرقم عينه </p><p>حينئذ، سأنظم لهما إحتفالات </p><p>بعيد الميلاد </p><p>4 </p><p>لقد تغيّر كلُّ شيء </p><p>حتى، الموت </p><p>لا أدركُ </p><p>لماذا! </p><p>5 </p><p>إن سيجارتي.. </p><p>تحترق لأجلكِ إشتياقاً، أكثر مني </p><p>إشتياقاً أكثر مني </p><p>6 </p><p>منذ رحلتِ </p><p>لـمْ تعد الشمسُ </p><p>تشرقُ أيضاً! </p><p>7 </p><p>جراء بكاء أمي </p><p>ستغرقُ الزقاقُ تحت فيضٍ من المياه </p><p>تحت فيضٍ من المياه </p><p>8 </p><p>أحبكِ، حتى وإن كنتُ ميتاً </p><p>لأنني أتركُ فؤادي </p><p>لديكِ </p><p>9 </p><p>سأصبغُ جدران غرفتي </p><p>بالبكاء </p><p>كم أنا محظوظٌٌ؟ </p><p>10 </p><p>سأبني من قشور البرتقال </p><p>أعشاشاً </p><p>للقُبَلِ </p><p>11 </p><p>بعيداً بعيداً </p><p>أكثرُ بعداً أرنو إلى نفسي </p><p>ما أقصر البعدُ </p><p>في ذاتي أنا؟ </p><p>12 </p><p>لقد فزتُ بالـ(خسارة) </p><p>الخسارة </p><p>وحدها </p><p>بقدرِ عدد سنين وجودي </p><p>13 </p><p>سأخفي قصيدة </p><p>امرأة </p><p>مع رقمها السرّّي </p><p>في محمولي </p><p>خوفاً من أصدقائي! </p><p>14 </p><p>سنسافر </p><p>سنغني </p><p>سنكتبُ معاً قصيدةً </p><p>سنبصقُ على المستقبل </p><p>سنبصقُ! </p><p>15 </p><p>يجب أن أذهب.. </p><p>سيتحدث أحد أصدقائي معي سموماً </p><p>إنتظروني، سأعودُ سريعاً </p><p>جثة هامدة! </p><p>16 </p><p>لقد نسيتُ قصائدي </p><p>في ذلك اليخت </p><p>الذي أستخدمه لاجيءٌ شرقيٌ </p><p>للوصول إلى أوروبا </p><p>فلم أعثر على قصائدي </p><p>ولم يعد اللاجيء من حيثُ أتى </p><p>17 </p><p>إنكِ لا تعرفينَ .. </p><p>إن مستقبلي هو شريطٌ </p><p>مشدودٌ بجدائلكِ </p><p>18 </p><p>أنا ووالدي </p><p>نحبُ إنساناً </p><p>له زوجة </p><p>ولي أمي </p><p>&#160; 19 </p><p>في إنتظاري </p><p>تحولتْ امرأةٌ إلى جرّة </p><p>تتساقط منها البعاد </p><p>قطرة فقطرة! </p><p>20 </p><p>الدنيا تسير </p><p>وتغرق مثل تلك السفينة </p><p>التي يسمونها: </p><p>Titanic </p><p>21 </p><p>دائماً أحب هذه الأشياء: </p><p>الكلاب ، الأعداء، النكود </p><p>22 </p><p>لقد إمتلأت حقيبتي </p><p>بالرِحلات </p><p>فلن أفتحها بعد الآن </p><p>23 </p><p>منذ ثماني سنوات </p><p>ولم نسقي الزهور في اللوحة المعلقة </p><p>في منزلنا </p><p>أنا المذنب </p><p>24 </p><p>حين لا تكونين موجودة هنا </p><p>تكون كلّ الأشياء في نظري: </p><p>أسود اللون </p><p>ويكون للوجود معنى فارغاً </p><p>25 </p><p>ضيعتُ أزراري واحداً إثر الآخر </p><p>في أتون اللذة </p><p>26 </p><p>إبتعدي عني </p><p>عندها تدركين كم كيلومتراً </p><p>تبعدين عن السعادة </p><p>27 </p><p>حين أنظر إليكِ </p><p>تصغر الدنيا </p><p>صغراً صغراً صغراً </p><p>28 </p><p>لا تُعَرِّفي الحياة </p><p>إنكِ جميلةٌ ببساطتكِ تلك </p><p>لقد أحببتكِ </p><p>لأنكِ لا تعرفين ماذا يعني الحب </p><p>*** </p><p>مهداة لسمر دياب </p><p>العلاقة بيننا هي </p><p>إننا لا نعرف بعضنا بعضاً </p><p>لا نتبادل الأحاديث فيما بيننا </p><p>لا نتقابل مع بعضنا بعضاً </p><p>كم أنتِِ مهمةٌ لديّ </p><p>في أتون القصائد. </p> <h1><span id=".D8.A3.D9.86.D8.A7_.D9.88.D8.A7.D9.84.D8.B1.D9.8A.D8.AD"></span><span class="mw-headline" id="أنا_والريح">أنا والريح</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=38" title="عدل القسم: أنا والريح">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>شعر: كريم دشتي ترجمة&#160;: مكرم رشيد الطالباني </p><p>(1) </p><p>أنا والريح دلفنا إلى منزل (مولانا) العتيق </p><p>فصرخنا معاً أين هو </p><p>أين هو دفوفك يا مولانا أين </p><p>فغمرنا شعاع ضريحٍ قديمٍ نوراً </p><p>فعدنا بذلك الشوق إلى بيت الرّب </p><p>(2) </p><p>كتبنا بندى الفجر على أوراق الحشائش </p><p>أنا والريح كلانا من عنصر الزجاج </p><p>قريبين من التشقق والتهشم الأبدي </p><p>غالباً ما نفرش فراشنا في منزل العرموط </p><p>ونهرب أحياناً إلى الأبد </p><p>(3) </p><p>عرجتُ على منزل الندى المائي وقلتُ له </p><p>أن يكتب سرّ ذلك النجوى على أوراق الحشائش بالندى </p><p>وحين أعود بنفسي إلى المياه </p><p>أكتبُ تلك الحكمة </p><p>بلون أوراق النعناع على صخور الحواف </p><p>(4) </p><p>أنا والريح صوتٌ نرتقيَ في روح الرّب </p><p>ونُسكِرُ في رخيم المطر </p><p>وفي جسد الحشائش </p><p>نجتاز مدار السماء حتى قمة الجنون </p><p>(5) </p><p>أنا والريح ندلف من خلال الماء </p><p>إلى منزل الضباب الرغوي </p><p>نحمل حفنة من الأمواج الفضية </p><p>ومن الغابة باقة من التلألؤ إلى السماء </p><p>(6) </p><p>حين كنا نسير في عتمة الجمال </p><p>قرأنا كتاب المنية </p><p>فأعادنا عبق العطر والزعتر </p><p>إلى بساتين بخارا </p><p>(7) </p><p>أنا والريح من عنصر عشقٍ تتريٍ </p><p>نحمل من بين أسراب الطيور وعورة قرون الغزلان </p><p>من منزل الحشائش </p><p>عروس الندى للفجرِ </p><p>(8) </p><p>دوننا بندى الفجر على أوراق الحشائش </p><p>وعدنا إلى إرتقاء صخور الحواف والسفوح </p><p>وكلّمنا أوراق الأشجار بقطرات المطرِ </p><p>(9) </p><p>أنا والريح رحلتنا طويلة </p><p>أحياناً نعرجُ على منزل فراشات الخريف </p><p>فارشين بعض رشفات الماء </p><p>وصرخة من الأمواج </p><p>وتحليقاً من الطيور </p><p>وحضناً من هسهسة الحشائش </p><p>ندركُ أنه سيأتي يوم كالزجاج </p><p>ونعود إلى حضن شرخٍ أبدي </p><p>(10) </p><p>أنت أيها الشعر، يا نسيجاً في كف الأسرار </p><p>ألستَ الذي يود العودة إلى السماء؟ </p><p>ألستَ الذي تنادي على الروح </p><p>وتريد إشعال النار في جسد الرّب؟ </p><p>(11) </p><p>أيها الشعر يا بيانو السيماء والعبق </p><p>ذلك اليوم في صفار الأفق الدائري </p><p>كان الريح ملتفاً حول جدائل الكون </p><p>بدوري كنتُ مفتوناً بوسوسة جمالك </p><p>(12) </p><p>أيتها الريح يا ريح الآخر </p><p>كنتُ أستطيع أن أفهمَ سرّكِ؟ </p><p>لو لم تكون أنت أيها الشعر </p><p>يا نقشاً يزين جيد غزلان ماني </p><p>(13) </p><p>مرة أفشتْ ريحُ الأزلِ </p><p>سرّاً صغيراً لقلبـيَ </p><p>ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن </p><p>يقتاتُ قلبـيَ هذا على التراب في مدار البركان </p><p>(14) </p><p>أنتِ أيتها الرّيح، يا ريحَ الزجاج والعتابِ </p><p>أنا منكِ، وأنتِ من الرّب </p><p>هلمّي لنذهبَ بعيداَ بعيداً </p><p>لئلا تقضيَ الوحدةُ على شعريَ </p><p>لستُ إلهاً كي أبقى وحيداً وحيداً فقط </p><p>عن مجلة (رامان) الكوردية . العدد (146) الصادر في 5/7/2009 </p><p><br /> </p> <h1><span id=".D9.86.D8.AA.D9.81.D9.8C_.D9.85.D9.86_.D8.A7.D9.84.D9.85.D8.B7.D8.B1_..._.D9.86.D8.AA.D9.81.D9.8C_.D9.85.D9.86_.D8.A7.D9.84.D8.B9.D8.B4.D9.82"></span><span class="mw-headline" id="نتفٌ_من_المطر_..._نتفٌ_من_العشق">نتفٌ من المطر ... نتفٌ من العشق</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=39" title="عدل القسم: نتفٌ من المطر ... نتفٌ من العشق">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>شعر: إدريس علي </p><p>ترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>سأسميكِ: </p><p>إرباً من القمر </p><p>نصف فؤادي </p><p>إرباً من الشمس </p><p>مجموعةُ نجومٍ </p><p>متناثرةٍ </p><p>حول حوضٍ </p><p>فماذ تطلقينَ </p><p>أنتِ </p><p>عليَّ </p><p>من اسمٍ؟ </p><p>*** </p><p>سأناديكِ </p><p>السيدة سيوه خان </p><p>الست مطر </p><p>خرير الماء... صفير الريح </p><p>ممرضة العشقِ </p><p>العصفورة الأمّ </p><p>فبأيّ اسمٍ </p><p>تنادينَ </p><p>عليَّ </p><p>أنتِ؟ </p><p>*** </p><p>سأقتربُ من نافذتكِ </p><p>سأقفزُ منقلباً على رأسيَ </p><p>فوق عشبِ حديقتكم </p><p>سأشربُ من مياه المطرِ </p><p>المتجمعة في حفرةِ زقاقكم </p><p>أمّا أنتِ </p><p>فإلى أيّ موقعِ </p><p>من وحدتي تسكنين؟ </p><p>في أي موقعٍ من هذه القصيدة </p><p>تقفينَ حاملة مظلةً؟ </p><p>*** </p><p>دونكِ </p><p>أغلقُ البابَ في وجه الغناءِ </p><p>وأقطعُ المياهَ </p><p>عن الرياحينِ </p><p>أتركُ ذاتيَ </p><p>أتركُ الكتبَ </p><p>والشرابَ ... </p><p>وأنتِ </p><p>قولي لي </p><p>ماذا تقعلينَ من أجلي ؟ </p><p>*** </p><p>من أجلكِ </p><p>سأغدو عطاراً خرفاً </p><p>سأغدو خادماً للمسجدِ </p><p>سأغدو حارساً للعتمة </p><p>سأشرع بطرد الحمائم </p><p>سأصادق الذئاب </p><p>سأكفِّلَ الحشرات </p><p>سأتذوق السُّمَّ </p><p>لن أغمضَ عينيَّ! </p><p>أمّا أنتِ </p><p>قولي أنتِ </p><p>من أجليَ </p><p>متى تطفئينَ فانوس الوحدة هذه؟ </p><p>*** </p><p>دونكِ </p><p>أبتعدُ عن الحضرِ </p><p>سأسيرُ </p><p>مع الزنابير </p><p>بين ألغام أحاديثِ الناسِ </p><p>لأصلَ إلى أكثرِ التخوم ِِ بعداً </p><p>سأُغَيِّرَ جنسيتي </p><p>وسأغدو مواطنَ الجحيمِ </p><p>أما أنتِ </p><p>هلاّ تفعلينَ </p><p>شيئاً من أجلي؟ </p><p>*** </p><p>بعدكِ </p><p>سأغدو قمراً مخسوفاً </p><p>سأحتجبُ عندَ منعطفِ غيمةٍ </p><p>سأغدو حكاية ولّى زمنها </p><p>سأغدو نكتة ممتعة </p><p>سأغدو ناراً تحتَ التبنِ </p><p>أما أنتِ </p><p>فماذا تغدينَ بعديَ؟ </p><p>*** </p><p>من أجلكِ </p><p>سأُغيّرَ لون موقد منزلي </p><p>إلى لون أحمرٍ </p><p>عدا فؤادي </p><p>الذي دفعتيه </p><p>كي ييئس من الحياة </p><p>*** </p><p>سأفتتح قرب منزلكم </p><p>حانوتاً </p><p>سأُخفيَ نفسي كبقالٍ حيّالِ </p><p>خلفَ البرتقالاتِ </p><p>سأُمطِرُ بابكمُ بحباتِ الكرزِ... </p><p>بدوركِ </p><p>هلاّ تأتينَ </p><p>عصرَ أحدِ الأيّام </p><p>لتعودينَ بكليوغرامٍ من الهمومِ الوردية؟ </p><p>عن مجلة (هنار) العدد (68)، أيلول 2011، من إصدارات مديرية الطباعة والنشر ـ السليمانية. </p><p><br /> </p> <h1><span id=".D9.85.D9.86_.D8.A7.D9.84.D9.82.D8.B5.D8.B5_.D8.A7.D9.84.D8.AA.D9.8A_.D8.AA.D8.B1.D8.AC.D9.85.D9.87.D8.A7"></span><span class="mw-headline" id="من_القصص_التي_ترجمها">من القصص التي ترجمها</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=40" title="عدل القسم: من القصص التي ترجمها">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <h1><span id=".D8.B5.D9.8A.D8.AF_.D8.A7.D9.84.D8.AF.D8.B1.D8.A7.D8.AC"></span><span class="mw-headline" id="صيد_الدراج">صيد الدراج</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=41" title="عدل القسم: صيد الدراج">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>قصة وترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>كنا جمعاً من الناس مجتمعين في بيت العم كريم وكان العم أحمد قد نزل في إستضافتهم، ذهبنا لمعرفة احوال أقاربنا الذين يسكنون والعم احمد في المدينة نفسها، بعد الترحيب والتحية والسؤال، فتحت ابواب أحاديث كثيرة، وكانت لحوادث الماضي حصة الأسد، وكنا نحن متلهفين لسماع مثل تلك المواضيع، حيث نصغي لها بإحترام بالغ . </p><p>كان العم كريم ينفث في سيجارته ويتصاعد دخانها، ولم يكن يهدر فرصته في الحديث، فبدأ قائلاً&#160;: </p><p>ـ كان لصيد الدراج نشاط بارز في تلك القرية، لذا كان الآغا قد جمع اعوانه حوله، وكان لكل شخص بندقية صيد ومسدس وخنجر، على الكتف وتحت الحزام تباعاً، إضافة إلى السلوقي والمكوار . </p><p>وأستمر في الحديث: عندما كان يحين صيد الدراج، لم يكن الآغا ليمهل احداً، فيأخذ معه جميع أهل القرية للصيد، حيث كان يسلب جميع ما يصطادونه قسراً، ولم يكن ليستطيع احد أن يتفوه ولو بكلمة واحدة، يؤخذ الدراج إلى بيت الآغا ويقلى بالدهن، حيث يجلس الآغا وأعوانه وهم يتناولون لحم الدراج كالذئاب المفترسة، من جانب آخر كان الصيادون ينظرون في بيوتهم بقلق ويتنهد أطفالهم بحسرة . </p><p>وأستمر العم كريم قائلاً: في ذلك العام كنت أصبحت لتوي إماماً لجامع القرية، كنت وعائلتي نسكن في صريفة من القصب اهداها لي أحد أقاربي، حيث كانت النسائم العليلة تهب علينا، في أحد الأيام كان الجو مشمساً ومن جهة نهر سيروان كانت تهب رياح دافئة تهتز على إثرها أوراق الأشجار، أعلن عن موعد بدء صيد الدراج، فبدأ الآغا وأعوانه وأهالي القرية التوجه نحو الغابة، وكنت حديث العهد ولم أرَ الصيد في حياتي، فهذه أول مرة أجرب فيه حظي وذاتي، وكان رأسي يهتز بين رؤوس أهل القرية. </p><p>عند وصولنا الغابة، أطلقت كلاب الصيد فأستعدنا حيث حدث هرج ومرج، لم يمض وقت طويل إلا وسمعت منادياً ينادي: أمسكوا به.. فنظرت إلى ما فوق رؤوس القصب المنتشرة، وهناك رأيت دراجاً متجهاً نحوي، جاء ليحط بالقرب مني مختفياً بين الأدغال، هرعت دون أن أحدث جلبة أو أثير إنتباه أحد وأمسكت به بسهولة، ورميت به في جعبتي، أقترب مني أحدهم قائلاً: ألم تره، أنه حط هنا. قلت له لا أدري إلى أين ذهب. قال: إحتمال أنه أختفى بين الادغال . </p><p>فأبتعد عني الرجل، تنفست الصعداء وأطمئن قلبي. وهنا بدأ أحد الأطفال مجهشاً بالبكاء، توقف العم كريم عن الحديث فأنتهز الفرصة ليأخذ نفثاً من سيجارته، أنقطع الطفل عن البكاء بعد تهدئته وأستمر العم كريم قائلاً&#160;: </p><p>ـ أبتعدت عن موقعي قليلاً، كنت ابحث بين الأحراش والقصب فسمعت تارة أخرى: أمسكوا به . فنظرت حيث شاهدت دراجاً آخر متجهاً نحوي وفجأة أقترب مني وحط على الارض أمامي، فأستخدمت مكواري لكنني أخطأته لأسرع وجريت وراءه وتمكنت من الأمساك به بشق الأنفس، رميته في جعبتي أيضاً، وكاد احد الجذوع ان يبقر بطني. </p><p>كان الآغا وأعوانه على صهوات الخيول، وهم ينظرون بإتجاهي حيث شاهدوني وقتما أمسكت بالدراج فأجتمعوا حولي، قال احدهم: أين الدراج الذي امسكت به؟ إن لم تخرجه لنا فإننا سنلقنك درساً لن تنساه. </p><p>فأخرجتهما أمام انظارهم وقمت بذبحهما، ورميت بهما في جعبتي، حينما شاهد الآغا ما بدر مني، غضب وأمر بأخذهما مني قسراً، لكنني حلفت بالإيمان الغليظة بأنه لا يمكن لأحد أن يأخذهما مني، كوني لدي ولد مريض بحاجة إلى لحم، واللحم هو دواء مرضه، لذا ترونني فأني سآخذهما له، فغضبت بدوري وتركت المكان متجهاً نحو القرية، حيث تركوني وشأني، وعند وصولي البيت قامت زوجتي بتنظيفهما وبدأت بقليهما بالدهن . </p><p>كان الآغا وأعوانه قد وصلوا القرية أيضاً، وجمعوا كل ما اصطاده الرجال من الدراج، حتى أن العم فرج كان قد اخذ دراجاً وخوفاً من الآغا أدعى بأن السلوقي قد ألتهمه. </p><p>وأستمر العم كريم في روايته&#160;: </p><p>ـ كان الدراجان في المقلاة على النار، أرسل الآغا رجلاً من أعوانه في طلبي قائلاً لي: </p><p>ـ إن الآغا يأمرك بإرسال الدراجين له، ولم يحضر بنفسه لأن المقريء عباس هو الآن في إستضافته . </p><p>فقلت له&#160;: </p><p>ـ عد فإني سوف أجلبهما له بنفسي . </p><p>ذهب الرجل وكنت جذلاً لحضور المقريء مجلس الآغا، فقلت في نفسي هذه هي فرصتي يجب الآ ادعها تهدر . </p><p>وما أن انزلنا الدراجين المقليين من على النار حتى عاد رجل الآغا ثانية حيث قلت له&#160;: تفضل خذ هذا الفخذ من نصيبك . </p><p>غضب الرجل وقال&#160;: إنك تستهزء بنا . وقفل لوحده راجعاً . </p><p>بعدما تناولنا لحم الدراجين، تهيأت وذهبت إلى دار الآغا، ودخلت الديوان، كان هناك جمع غفير من الحاضرين، وكان الآغا جالساً واضعاً إحدى ساقيه على الأخرى وهو يهز إحداهما، أديت التحية والسلام، فلم يردوا التحية، وقفت ولم يجرؤ أحد منهم أن يقول لي: تفضل وأسترح. إلى ان قال المقريء عباس تفضل.. أسترح . </p><p>وما ان جلست، وعوضاً عن الترحيب بي بدأ الآغا موجهاً كلامه لي قائلاً&#160;: </p><p>ـ كريم، كيف يمكن لآغيين ان يعيشا في قرية واحدة ؟ </p><p>ـ قلت له&#160;: أيها الآغا، إن قصدك واضح وضوح الشمس، لكنني لست بآغاً، وفيما يتعلق بالدراج، إني اقول إننا نحن الذين نقوم بإصطياد الدراج، لذا فإن لحمه محرم عليك كلحم الخنزير، والسبب واضح فلو بقر غصن أو جذع شجرة بطني، فإن الدراج يكون ثمناً لدمي، أنني لست على إستعداد لمنح الدراج الذي أصطاده لك، في حين يتنهد عليه اطفالي حسرة . </p><p>فرد الآغا: حالك حال الآخرين، مثلك مثلهم. فقلت له: كنت في حياتي صادقاً، أمر بالقرب من الأسد ولن أهابه، إنك شره في تناول لحم الدراج فإذا اصطاد القوم دراجاً عليك أن تشتريه منهم.. لا ان تسلبه منهم قسراً وبالإكراه .. إن الله لا يقبل منك ذلك. إنني على يقين لو حدث مكروه لأحدهم فسوف تهمله ولن تسأل عنه ويذهب دمه سدى . </p><p>واستمر العم كريم قائلاً&#160;: وجهت كلامي للمقريء عباس وسألته السؤال التالي: هل أن في كلامي هذا خطأ ؟ </p><p>فتحدث المقريء عباس مستشهداً بالأدلة موضحاً أن لحم تلكم الدراج حرام على الآغا كلحم الخنزير، ولا يجوز له أن يسلبهم إياه قسراً. </p><p>عندما سمع الآغا هذا الحديث سكن وهدأ، لكن بقي الغيض في قلبه تجاهي، وعندما حل الشتاء قال لي&#160;: </p><p>ـ لا يمكن لآغايين البقاء في قرية واحدة&#160;!! </p><p>فأدركت ما يعنيه بكلامه هذا ورحلت عن القرية إلى قرية أخرى وهناك تزوجت امرأة اخرى . </p> <h1><span id=".D8.B2.D8.AD.D8.A7.D9.85_.D9.88.D9.81.D9.8A.D8.B6.D8.A7.D9.86"></span><span class="mw-headline" id="زحام_وفيضان">زحام وفيضان</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=42" title="عدل القسم: زحام وفيضان">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>قصة وترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>كان زحام السابلة والمارة في مركز المدينة خلية الزنابير، وكانت أرصفة الجانبين تزدحم بالباعة المتجولين والشوارع بعربات بائعي الفواكه والسكر والرز والحلويات والخضراوات والتمور والمشروبات الروحية وبائعي البطاطس، وفي الرصيف الآخر كان عدد من الأطفال من باعة الصحف وقد قاموا برفع أعمدة خيم الصحف والمجلات وقد تجمع حولها مجاميع من الناس، وكانت العناوين الرئيسة للصحف تخرج لسان انباء ملفقة، ومن ثم ياتي الموقع التالي الذي كان بائعو الحليب والصرّافين والإسكافيين قد احتلوه ليسجلوه بأسمائهم منذ زمن بعيد، وكانت أفراد شرطة المرور تنظر هناك دون أن تستطع فعل شيء يذكر، وكانت السابلة والمارة لا تفسح الطريق لمرور السيارات المختلفة، حتى إنها كانت لا تجرؤ في استخدام صفاراتها التي أدركها الخجل بدورها، في حين كانت إشارات المرور قد اعلنت الإضراب لأجل غير مسمى، في وقت أنتحر فيه قانون المرور بدوره!! وكان البطل في عجلة من أمره يود سرعة الوصول إلى الحي الذي يسكن فيه ليقوم بإنهاء اعماله وهو يحمل باقة من الكتب والمجلات تحت إبطه أحتار في إختيار اي منها ليمزقها بسكين المطالعةـ وكان الجمع الحاشد قد اغلق الطرق والمنافذ، ولو إنك لرميت بإبرة ما فإنها لم تكن لتقع على رأس أحد، لأن الاطفال كانوا يتلقفونها بيسر. </p><p>إنزعج البطل وأعتبر هذه الجموع المتمردة عائقاً ومعرقلاً لتطبيق القوانين والتقاليد الحضارية، وها هو القانون يبدأ في كل مرة ليشهر بندقيته وسيفه وحرابه ليسترد بطلقات بنوده وفقراته هذا الخندق ليحتفل وسط الطريق والأرصفة ويعمد إلى الرقص والغناء لمدة سبعة أيام وسبع ليالٍ، غير انه وفي غمضة عين حين تغادر شرطة المرور عند حلول الظلام وتختفي وراء الإشارات المرورية، تحتل العربات اليدوية والباعة المتجولون وبائعي السلع والمواد الغذائية التالفة والمنتهية الصلاحية وسط الشوارع والأرصفة ليكرزوا حبات عباد شمس بنود القوانين وليلتهموا حتى قشورها! كانت هناك سيارة تتقدم البطل وتزحف بين امواج السابلة والعربات اليدوية، وكانت تجدف مجداف زحفها نحو الأمام بصعوبة بالغة، وكان السائق يعزف على كمان الغضب وقد امتلأ صدره بالشتائم، وكانت الشتائم تتناثر على الأرصفة المزدحمة ووسط الطرق الملأى بعربات الباعة المتجولين، لتنزل على وجوههم، وتثير فيهم الدغدغة ليقهقهوا ضاحكين عازفين الناي لإشارات المرور. </p><p>في هذه الاثناء حطم البطل اسلاك الصمت وأردف يقول للمتجمهرين حول أحد باعة السكائر&#160;: لو كان بإمكاني فقد كنت آتي بسيارات الأطفاء، وكنت ارش مياهها على العربات والباعة المتجولين وباعة الطحين والسكر لأبللهم وعندها كنت أود أن أعرف من هو الذي يتجرأ ليقترب من مركز المدينة ؟! </p><p>أندفع بين الزحام ليقطع مسافة طريق من الشارع المزدحم الآخر، ليبتلعه زقاق ما، ليدلف من احد الأبواب وكان الضنى قد اخذ منه مأخذاً، حين فتح السرير له احضانه! </p><p>أصدر اوامره للعمال والسواق والجرافات والكريدرات واستعد المهندسون، كما اصطفت سيارات الحمل والعربات التي تجرها الجرارت الزراعية وامتطى أفواج الشرطة سيارات البيكاب، ليتجهوا في ذلك الصباح الباكر إلى مركز المدينة، ومن ناحية اخرى وصل عدد من سيارت الأطفاء لتعلو أصوات صفاراتها وتقف جانباً، ووصل قائد شرطة المدينة وحراسه! جاء رئيس البلدية بمكبرة صوت لينفخ فيها&#160;: </p><p>ـ أيها الأخوة، يا سكان مدينتنا الأعزاء، إننا نقدم على هذا العمل من اجلكم، إن مركز الشارع هذا هو مركز عاصمتنا الحبيبة، إنه طريقنا جميعاً، لا يجوز لأحد إحتلاله وقد خصصه القانون لمرور السيارات والسابلة والمشاة، لذا ارجو من الجميع سحب عرباتهم اليدوية والإبتعاد عن المكان، كي لا تنالها أمواج المياه واشداق الجرافات . </p><p>وكان الباعة المتجولون والباعة الأطفال قد وضعوا وقر اللامبالاة في آذانهم ولم يكونوا ليسمعوا شيئاً ويتحركوا من المكان&#160;! </p><p>أصدر رئيس البلدية اوامره للجرافات وسيارات الأطفاء، وعمدت الجرافات إلى استخدام اشداقها وكانت اصوات محركاتها تسمع من مسافة بعيدة، لتهاجم العربات وهي تقوم برفعها وما عليها من مواد من سكر وصوابين وفواكه ومواد اخرى لتفرغها في القلابات، وسارع الباعة المتجولون كل منهم لينقذوا عرباتهم، وحدث هرج ومرج، وارتفع الغبار إلى عنان السماء ليحجز رؤية الشمس، وتجمهر الناس على الارصفة، واخرجت سيارات الأطفاء خراطيم مياهها الطويلة وتفتح مياهها السريعة على العربات والباعة المتجولون الذين لم يصمدوا في المكان، وارتفع مناسيب مياه الفيضان لتجرف معها أكياس الطحين والسكر والرز والشاي والفواكه وتتلاطم الأمواج في شارع السينما وشوهدت عدد من الأطفال من باعة البيض مع صناديق بيضهم وهم يطفون فوق أمواج الفيضان وهم على وشك ان يغرقوا! </p><p>كان الفيضان كبيراً، لدرجة أندفع نحو الشارع الذي يحاذي النادي القديم متجهاً نحو حي اليهود وكانت العربات اليدوية وإطاراتها والمواد والسلع التي جرفها الفيضان تصطدم ببعضها البعض، لتشاهد جنوب المدينة عربات يدوية متكسرة محطمة وسلع مبللة تالفة وقد أنزاحت على جانبي مجرى الوادي الذي يخرج من جنوب غرب المدينة. </p><p>في هذه الأثناء شعر رئيس البلدية بالزهو والتفاخر، كان يشعر بأن القانون فوق الجميع، وان القانون يستطيع فعل كل شيء وهو ينظر إلى حديقة المدينة والميدان الكبير والشوارع القريبة نظيفاً وخالياً من المارة والعربات المتمردة، وهو يبتسم في سرّه ليقول&#160;: هذه هي المدينة الحقة، هذه هي العاصمة، هذا هو القانون! </p><p>فبإمكان القانون وحده فعل هذا وإحراز هذا النصر الكبير! </p><p>وكان ظهره للجمهور، حين التفت شاهد مجموعة من الباعة المتجولين مع عرباتهم متجهين نحوهم، وهم يحملون اسلحتهم من مصيادات الطيور والمكاوير والبيض الفاسد مكشرين عن اسنانهم وشرر الغضب يتطاير من وجوههم، كانوا يقتربون رويداً رويداً وهم يهاجمون بأسلحتهم ليمطروا رئيس البلدية بوابل من الحجارة ويرمون العمال بالبيض الفاسد مما جعل العمال يهرعون لمغادرة المكان والإسراع في الإرتماء إلى داخل سياراتهم والفرار من المكان! </p><p>وكان رئيس البلدية مندهشاً لهذا التطور المفاجيء الذي لم يحسب حسابه فاغراً فاهه! </p><p>فاقتربت الجماهير الغاضبة ليرمونه بوابل من الحجارة والبيض الفاسد لتصيب الحجارة رأسه والبيض الفاسد وجهه لتنزلق السائل على وجهه، كان البطل يراقب الموقف مندهشاً فاغراً فاه التعجب، حين اصابه عدد من البيض الفاسد مد يده لتنظيفها، عندها اصابه حجر في رأسه آلمه كثيراً، ومن شدة الضربة أنتفض من رقاده ليسقط من على السرير، ليفتح عينيه ويقرأ هذه الجملة في سقف الغرفة&#160;: </p><p>ـ لقد تم إحتلال مركز المدينة دون إطلاق رصاصة واحدة!! </p> <h1><span id=".D8.B2.D9.88.D8.AC.D8.A7.D8.AA_.D8.AE.D9.84.D9.8A.D9.81.D8.A9_.D8.A7.D9.84.D9.81.D8.A7.D8.AA.D9.86.D8.A7.D8.AA.21.21"></span><span class="mw-headline" id="زوجات_خليفة_الفاتنات!!">زوجات خليفة الفاتنات!!</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=43" title="عدل القسم: زوجات خليفة الفاتنات!!">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>قصة: جليل كاكة ويس </p><p>ترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>يقع منزلنا عند أطراف المدينة، جوار دار خليفة ذي اللحية الحمراء، ومنذ صباي كنت اشتاق لمعرفة أصل ذي اللحية الحمراء هذا وموطنه . يسترسل البعض من مجايليه حتى الآن بأنه قدم من بلاد القفقاس سائحاً فأستطاب له المقام ولم يقفل راجعاً . ويدعي آخرون إنه كان في الحرب العالمية الثانية هارباً من الخدمة العسكرية في الجيش الأنجليزي فأستقر به المقام في هذه المدينة وإضافة إلى إشتغاله في أعمال الصياغة فإنه كان يخلو لوحده بين حين وآخر، غير أنه وحتى الآن فإن أحداً لا يعرف تماماً أصل ذي اللحية الحمراء هذا، لذا يكفي الإنسان الإعتياد على شيء ومن ثم التفاعل معه ومن ثم يتركه بعد ذلك. والآن فأن قدوم وظهور ذي اللحية الحمراء في ذاكرة مجايليه بقي غامضاً ولن يعرفه الجيل الجديد بأي شكل كان . </p><p>ذي اللحية الحمراء رجل متوسط القامة ذو لحية تمرية اللون تتلألأ لحيته في ضوء الشمس كأنها كتلة من اللهب ملتصقة بوجهه. فمظهره وسيرته الخفية غدتا أسطورة وشركاً يحيران الإنسان. لو سألوه من اين أنت؟ سيقول وإبتسامة هزلية ترتسم على شفتيه ( لقد ولدت في مدينة جابولقا. فجابولقا مسقط رأسي وموطني يقع خلف الجبال الوعرة. وهناك لن يهدأ الإنسان، ليس الرجال مسلطون ولا النساء، لا وجود للملوك ولا الفقراء، لا وجود للأيام ولا الزمن، لا وجود للجوع ولا الشبع. هناك في موطني الحبيب يكون الإنسان خفيف الظل وكأنك تنفخ في ريشة، سيصل مع الريح إلى أي مكان يبتغيه). </p><p>لذي اللحية الحمراء أربع زوجات فاتنات، يقال بأن زوجاته لازلن حتى الآن عذراوات، لأنه يعتقد بأن المرأة الفاتنة زهرة يجب عدم المساس بها وألاّ تنجب أطفالاً أبداً وتدمى تلابيبها. كانت كلمات ذي اللحية الحمراء هذه تلين رغبات المراهقين، كالشمع والسمن. ومنذ لحظتئذ أذوب جسداً ورغبة بفعل تلك الكلمات واغدو بخاراً ومن ثم أعود إلى سيرتي الأولى. جراء تلك الكلمات اصبحت المرأة الفاتنة في نظري تمثالاً سحرياً، تمثال ترنو إليه دون ان ترتوي، تمثال لا ينبس ببنت شفة ولا يتحرك، دون أن ينقص أو يزيد. </p><p>حين قام خليفة بزيارة منزلنا لأول مرة، شعر بسعادة غامرة لمشهد المنزل، وكان منزلنا متحفاً في حد ذاته، خاصة إنه كان يشبه منزل الصيادين القدماء، فكانت البنادق القديمة والخناجر الصدئة وجلود السلوقي المليئة تبناً معلقات، وكانت الجدران مزدانة بجلود الغزلان والأرانب البرية والضباع، حين كان المرء يعرج على منزلنا لأول وهلة، كان الفزع يتملكه لفترة، من جهة ينتابه الدهشة جراء المشاهد وتجحظ عيناه، ومن جهة اخرى يصاب بالدوار جراء روائح الجلود والفراء. </p><p>اعتبر نفسك بأنك ستتجه الآن إلى منزلنا هذا، فبعد ان تفيق سيقع نظرك مباشرة على فرو أنثى الضبع معلقاً على ذلك الجدار المبني من البلوك الذي لم يتم تبيضه، ستشاهد خرزة زرقاء تم تثبيتها بالخيط في فتحة الفرو، فما عليك سوى ان تصغي، فتتناهى أصوات عويل وتأوهات وانين إلى أسماعك، ولو أصغيت جيداً فإنك ستسمع من بين تلك الأصوات صوتاً مبهماً كأنه صادر من اعماق نفق طويل (نحن نشبه بعضنا بعضاً أباً عن جد، بذاتينا وخطايانا، بحربنا وسلمنا، بحبنا وزعلنا نشبه بعضنا البعض، وإن كنا في عصر ما مختلفين من حيث الهيئة والمظهر، فإننا لا نختلف قيد شعرة في سلوكنا. نحن دوليٌ يبلغ عمرنا آلاف السنين). وحتى الآن يرن في اذني الصوت الصادر من أتون فرو الضبع هذا وحفظت حروفه وكلماته عن ظهر قلب. </p><p>ومن ثم تصور، بأن (خليفة) ذي اللحية الحمراء قد قدم إلى منزلنا، واسعده المشهد وذلك الصوت، فالآن أنا ومشهد منزلنا والصوت الصادر من الفرو كنزٌ وقد اكتشفنا لتونا لنقع تحت تصرف ذي اللحية الحمراء حيث لن يستطيع من فرط السعادة لملمة شفتيه لأنه في هذا العمر الذي يزيد عن السبعين ليس لديه رفيق في مثل سنه، لهذا يرغب أن يعاشر الشباب، ولن يدركه الشيب ابداً وان لحيته النارية تشبه لحية شاب ما بعد سن الرشد، فالشاب الذي يزور منزله مرة واحدة سيدركه الخمول جراء أقواله، ويتبخر جسده ويعود ثانية إلى سيرته الأولى، إنه يرحب بالشباب بشكل لن يلقوا الترحيب مثله في مكان آخر. إن منزله عبارة عن متحف كمنزلنا، أعتبر نفسك تتجه الآن إلى منزله، ستجد كافة الغرف وجل الحيطان مغطاة بفراء الثعالب، حيث شدت العديد من فراء الثعالب ذات اللون الرمادي والمائل للأصفر والأحمر والرمادي إلى بعضها البعض مكونة بساطاً في الغرفة . حين يجلس المرء على فراء الثعالب هذه، يشعر بحرارة سحر ما وتتحرك في اعماقه سلوك وتصرفات ثعلبية من تلقاء نفسه. فالشاب الذي يتوجه لأول وهلة إلى تلك الغرفة المغطاة بفراء الثعالب ستتجدد رغبات جل عمره الدفينة هناك، لأن زوجات ذي اللحية الحمراء الأربع سيحطن به بكل ابخرة وعرق أجسادهن الأنثوية وثيابهن المزركشة، وهن يحملن في ايديهن أذيال الثعالب عوضاً عن المهفات وهن يهفنها بصمت وغنج ودلال ويتفرسن فيه بلحاظ سكرة دون الترحيب به . </p><p>وقتما توجهت للوهلة الأولى إلى منزل ذي اللحية الحمراء وفي خضم محاصرة زوجاته الأربع الفاتنات كنت اتصبب عرقاً من شدة الاستحياء، كنت ادرك بأن تلك الزوجات أصبن بالغثيان في بيت مغطى بالثعالب، وهن يخسرن عمرهن سدى . كنت أدرك بأن هناك صياداً أختبأ في جمجمة رؤوسهن يتربص بسنهن وسن حديثات البلوغ، فكنت اتصبب عرق الخجل مراراً، لم اكن أعرف كيف اتنفس في خضم روائح فراء الثعالب وابخرة أجساد زوجات ذي اللحية الحمراء الأربع! أو كيف لي التصرف في دنيا من الجمال واللوحات الأزلية! في مكان غير مرئي من ذلك المنزل كان هناك خوفٌ يقضمني من أعماقي: (هذه الزوجات هن مقدسات خليفة ذي اللحية الحمراء، إنهن التماثيل المقدسة التي يجب ان تنحني لها إجلالاً، وحسب تعبيره إنهن زهور يجب الاَ يمسن، ألاَ يخلفن ذرية فاسدة وتدمى تلابيبهن . وحسب تعبيره فإن الذرية عدو المرء، عدو الجمال، مبعث المشاكل .. المشاكل) . كنت ارى في كل واحدة منهن كانت العيون لوحدها، وقمة الصدور لوحدها، والسواعد والزنود التي لم تحف زغبها لوحدها والشهقات الملأى حسرة لوحدها تطالب بالتعويض عن العمر الذي ذهب سدى ادراج الرياح. وهكذا وفي هذا الطقس السحري لم ادري بدوري كيف خرجت من منزل خليفة ذي اللحية الحمراء. </p><p>وقتما وصلت إلى منزلنا، كانت روائح وابخرة أجساد زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء لا تزال لم تنقطع عن حاسة شمي، كنت اشعر بوجود الروائح نفسها ها هنا، وكانت المشاهد تشبه بعضها، وكان الفرق الوحيد هو شمشمة رائحة فراء الثعالب في منزل ذي اللحية الحمراء وشمشمة رائحة فراء الغزلان والأرانب البرية وانثى الضباع في منزلنا، ومنذئذ وكأن تغييراً قد حدث في نظام حاسة الشم لدي فقد كانت روائح منزل ذي اللحية الحمراء لا تكاد تنقطع عن حاسة شمي دوماً، أينما ذهبت كنت أتشممها، بل إن رائحة فراء الثعالب والأبخرة النسائية كانت تُشَمُّ من يدي وثيابي، لذا أينما حللتُ كانت تلك الرائحة تجذبني دون إرادتي. </p><p>وفي المرة الثانية حين اتجهت إلى منزل ذي اللحية الحمراء، لم يكن ذهابي وفق رغبتي، بل جذبتني الروائح، فقد وجدت نفسي واقفاً عند عتبة منزل ذي اللحية الحمراء، طرقت الباب متردداً، وقد فتح ذي اللحية الحمراء الباب لي بمودة واردف قائلاً: (يار علي كنت متأكداً بأنك ستعود ثانية). ومع فتح الباب أسترقت لحيته الحمراء ماء ناظري ككتلة نار حمراء. تطلعت إلى لحيته النارية لبرهة وأنا فاغر فاهي. لكن يبدو أنه يفهم كل شيء ويدرك متى يكون المرء مضطرباً ومتى يكون طبيعياً، أمسك بي من ذراعي كأحد اقربائه وقادني إلى غرفة الضيوف. وهناك أستقبلنا من قبل مجموعة من الناس ولم يستقر بي المقام حتى أحاطت بيّ زوجات خليفة الأربع الفاتنات وهن يمسكن بأيديهن أذيال الثعالب وبدأن بتهفيفي. فأزداد إنزعاجي هذه المرة مما سبق، ففي هذه المرة كان يجلس هناك سبعة اشخاص آخرين، عدا الزوجات الأربع إضافة إلى خليفة ذي اللحية الحمراء نفسه. ومن خلال حصار الزوجات جلتُ بنظري إليهم بطرف عين، وكأنهم في غفلة من وجودي، كانوا مشغولين في أمورهم، فزادني المشهد إثارة، حيث أراني الشك نفسه الآن كشبح، كنت اظن بأن شركاً قد تم حبكه حولي وهو يزداد قوة بمضي الوقت ويلتف حول جسدي، لهذا كنت اعتقد بأنني بين فردوس وجحيم ما، فمن جهة كان عطر وشذى وابخرة زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات أسكرتني إلى درجة، كانت ذكوريتي تتجسد امامي، ومن جهة اخرى كان مشهد الأشخاص السبعة يلغي ذكوريتي وكنت أعتبر نفسي مخصياً بلا ذرية. كنت اتوقع إنه بعد هنيهة أو أخرى وفي اعقاب خطيئة ما سيرمى بيّ كآدم من الفردوس إلى أعماق الجحيم. </p><p>كنت في توجساتي هذه حين تم وضع قدح من الشاي امام خليفة ذي اللحية الحمراء، فأرتشف نصف القدح من الشاي وقال بصوت رقيق ( فليكن نصف القدح من الشاي هذا ليار علي، لكي يتطهر من ادران الدنيا) وعقب قوله هذا وضع احد من الأشخاص الستة القدح المليء إلى نصفه شاياً امامي، ومن ثم لم يعد لهم اي شان بيّ، وكان ذي اللحية الحمراء مستمراً في حديثه دون توقف، كنت أنظر إليهم بطرف عين وكنت أتصبب عرق الخجل بين ابخرة أجساد الزوجات، حين افقتُ وجدتُ القدح المليء لنصفه شاياً قد وضع امامي، بيد غير راضية ناولت القدح المليء لنصفه شاياً وقربته من شفتيّ وفي تلك اللحظة كان الشك جلاداً وقد اخرج برأسه من خلال القدح المليء لنصفه شاياً، وكان الشرر يتطاير من عينيه، ذو لحية حمراء بارزة ككتلة من النار، وكان يماثل من حيث المظهر الخليفة ذي اللحية الحمراء، كنت اشعر بأنه يقول لي&#160;: (إذن أرتشفه، لن تدوم الذكورة لأحد، فالخصي طوال حياته ينتظر كل ذكر، فأحياناً يواجهه مبكراً، ويمكن أن يواجهه في نهاية العمر، إذن إغمض عينيك وارتشفه، وأدخل بدورك إلى حلقة الخليفة ذي اللحية الحمراء وطهر نفسك من الخطايا. إذن ماذا تنتظر! فكل الذين جاءوا قبلك إلى هنا لم يعاند أي منهم كما تعاند، فهم الآن مرتاحو البال والسكينة، هؤلاء ليسوا ذكوراً ولا إناثاً، إذن إغمض عينيك وأرتشفه). </p><p>كنت قد أغمضت ناظري، ولم اكن قد وضعتُ شفتي على حافة القدح بعدُ، وفجأة شعرتُ بأحدهم يقف قبالتي في تلك الغرفة وهو يحمل كأساً من السموم يحيط به أناس مختلفون قلت له: (من أنت؟) قال (أنا سقراط، وهؤلاء الذين يحيطون بيّ، هم الجلادون، وأولئك هم وجهاء أثينا، وهؤلاء هم تلامذتي). كان هادئاً جداً إلى درجة وكأن ليس في ضيافته أحد. كنت اسمعهم يقولون: إذن سيدي قل شيئاً ولا ترتشف السم، وآخرون كانوا ينادون بصوت عالٍ ويقولون: لا تقل شيئاً وأرتشفه. </p><p>كنت لا أزال مغمض العينين، شعرت بأن سقراط قد دنى مني كثيراً وهو يهمس في اذني (فكر في نفسك ولا شأن لك بيّ، إني أرتشف سم عصري وأنت ترتشف سم عصرك. وأعلم بأن لكل عصر سمه الخاص به والموت الخاص به. إضافة لذلك فلو أستغرق قبض روحي ساعة واحدة فقط فأن قبض روحك ستستغرق عصوراً طويلة، لأن جلادي عصري ليسوا من المهرة وقد تم إختيارهم من بين البلهاء الذين لا يفهمون معنى ربيع موتي، ولكن جلادي سمك هم من المهرة الذين يعرفون كيف يمحون الموت وأهمية الموت معاً. يا يار علي فكر قبل أن ترتشف القدح المليء لنصفه شاياً الذي تحمله. أتعرف لماذا أصر على موتي لكي أسكب ماءً وألاَ أُبطِّلَ سحر العقاب، ولكن سحر العقاب وتعبير الموت في عصرك بطُلَ منذ زمن بعيد ولن ينتج دروساً وعبر، لذا يستوجب أن تكون واعياً وتفكر، فكر يا يار علي فكر..). </p><p>كنت مغمض العينين، وكنت أرى سقراط بكل أحاسيسي وهو يقف قبالتي ولم يكن قد ارتشف كأس السم بعد، ولم أكن اعرف هل إنه كان ينتظر إشارة الجلادين، أم إنه كان يريد أن أصدر قراري أنا، وددت أن أنتهز الفرصة قبل أن يرتشف السم واتعلم منه درساً في الخلود، أو على الاقل أن احكي له عن همومي، قلت له( أيها العظيم المغدور سقراط، كيف لي أن اموت موتتك، إن لموتك معنى كونياً، لكن دقق أنت في هذا، إن مادة الموت في عصرك هو السم لوحده، إذن فذلك هو السم يجب على المرء أن يتجنبه، أما في عصري، إضافة إلى السم الطبيعي، تجد جميع الاشياء مسمومة، فأنا الآن في أجواء مسمومة؛ فالمرء، والفكر، والسلوك، والجمال، وأفتن النساء، وأنبل الرجال مسمومون جميعاً، وحتى الجمل والكلمات والحروف في عصري مسمومة، فالقدح المليء لنصفه بالشاي الذي احمله أشك في أن تم تسميمه، لهذا تجدني لم اشرع في إرتشافه بعد، أخاف أن أرتشفه واغدو ثعلباً، وإن غدوت ثعلباً عندها علي الهرب دوماً وأكون بالمرصاد، حيث يتبعني الكلاب ما زلت حياً، ويجب علي سلوك المتعرجات والملتويات خوفاً من الكلاب دوماً، وعدم السير بملء إرادتي ورغبتي في الطرق المستقيمة، يا سقراط العظيم اخاف أن أرتشف القدح المليء لنصفه شاياً هذا وأغدو حصاناً مخصياً لن يستخدمونني ما حييت سوى لنقل الأحمال. أخاف .. أخاف، لأن كل شيء في عصري غدا جثة ذلك الضبع الذي حلِّلَ نصفه وحرِّم نصفه الآخر، لذا لا يؤكل أي منهما لأنهما مقززان ومنفران ..لا .. لا..!). </p><p>فتحت ناظريّ قليلاً وأغمضتهما، كان سقراط لا يزال واقفاً قبالتي، وكان لايزال يحمل الكأس في يده، كنت في عجلة من امري، وقبل فوات الأوان، كان عليّ أن أحذره من الخطر المتوقع، أو على الأقل التعبير عن حزني ومواساتي، لأنني كنت اشعر بأننا نشترك في شيء واحد الا وهو الموت، وقد همست فيه بصوت غير مسموع قائلاً: (يا سقراط العظيم، إني أعرف إنك الآن مشغول البال بقضية موتك وليس لديك الوقت لسماع ثرثرتي هذه، ولكن أدرك بأن موتك سيفزع ألوف البلهاء أمثالي. إن قدومك في مثل هذه الساعة إلى هنا بالنسبة لي هو ذلك الدرس والعبرة من أن استفيق من نوم عميق . الآن أدركت أن الذين أرتشفوا نصف القدح من الشاي قبلي بين حصار زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات وشذى وابخرة أجسادهن الأنثوية، كانوا يعانون طوال حياتهم من آلام خصاهم، لأن الشاي المسموم ليس له أي أثر على الجسد والروح، لأنه يسير في جوف المرء حتى يستقر في الخصية، كظالم وعارف للغة يجعل الخصية ملاذه السرمدي، وهناك يقوم بإفناء كل الأحياء وكل رجال المستقبل رويداً رويداً، حتى يصبحون رواسب وعلقة خائضة، وهكذا تغدو الخصية خراباً محروقاً. يا سقراط العظيم إن الذين وعقب إرتشافهم نصف القدح من الشاي هذا لم يكونوا ليجرؤا رفع أنظارهم إزاء ذي اللحية الحمراء ولم يبق لديهم حاسة الشم ليشمشموا بها شذى وابخرة أجساد تلك الزوجات الفاتنات الطرية. أعتقد بأن هذا هو اللقاء الأخير بيننا والحديث الأخير الذي يجري بيننا، فإلى أمل اللقاء في عصر آخر وموت آخر) </p><p>فتحت ناظريّ، كنت لا زلت احمل القدح المليء لنصفه شاياً في يدي، نظرت فلم اجد زوجات خليفة ذي اللحية الحمراء الفاتنات هناك، ولا الضيوف الستة ولا الخليفة ذي اللحية الحمراء نفسه، فألتفت حولي مندهشاً فاغراً فاهي لبعض الوقت، لم اكد أعرف ما الخطب . </p><p>كأنني كنت أحلم، فقد سارت الأحداث كالبرق وأنتهت، لا مشهد الموت البطولي لسقراط ولا زوجات خليفة الفاتنات ولا الضيوف ولا خليفة نفسه لم يكن لهم أثر يذكر، وقد سُكِبَ القدح المليء نصفه شاياً الذي كنت أحمله في يدي منذ أمد بعيد، الآن هناك في هذا المكان أذيال أربعة ثعالب مرمية على الأرض حولي، وقبالتي في مكان خليفة ذي اللحية الحمراء، كان هناك ثعلب كبير ذي لون يميل للإحمرار يجلس القرفصاء يهز ذيله ويتفرس فيّ بعينين عبوسين كتومين . </p><p>عن مجلة (رآمان) الكوردية ، العدد(61) تشرين الثاني 2002 . </p> <h1><span id=".D8.A8.D8.A7.D9.82.D8.A9_.D9.86.D8.B1.D8.AC.D8.B3_.D8.B9.D9.84.D9.89_.D8.B6.D8.B1.D9.8A.D8.AD.D9.8A"></span><span class="mw-headline" id="باقة_نرجس_على_ضريحي">باقة نرجس على ضريحي</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=44" title="عدل القسم: باقة نرجس على ضريحي">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>قصة: الدكتورة وهبية شوكت محمد </p><p>ترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>تُحدث الكثير من الوقائع، فلن نقوم بدراستها في حينها بصورة جيدة، غير أنه يتضح فيما بعد بأن تلك الواقعة غريبة، فلم تدرس وتمحص في حينها؟ </p><p>كنت أدرس خارج الوطن وفي كل عام كنت أنا والطلبة الكورد نحتفل بعيد نوروز. وكنت دوماً أحصل على باقات النرجس واشم منها عبق نوروز بمنأى عن الكون ففي إحدى السنين كنت في إحدى المدن.. وكنا قد قررنا في تلك السنة تأجيل الإحتفال بعيد نوروز لمدة ثلاثة ايام . </p><p>رغم إني كنت وحيدة فقد قررت الإحتفال بعيد نوروز في حينه.. لم احصل على النرجس في المدينة .. لكنني لم أيأس.. فقد انهيت أعمالي في ذلك اليوم مبكراً وتوجهت إلى مدينة اخرى تبعد عشرة كيلومترات وهناك حصلت على النرجس وأشتريته. </p><p>نظمت باقة النرجس على مهل ووضعتها في مزهرية.. جلست أرتشف فنجان قهوة.. فذهبت بي عبق وعطر نوروز والنرجس بعيداً نحو ذكريات السنين الخوالي. </p><p>رغم ان نرجس أوروبا زاهية وبديعة غير أنها لا تمنح عبق نرجس جبالنا ذي العبق الطيب الطري. على أية حال فورود النرجس هذه هي التي جعلتني أتذكر ذكريات أول سنة بعيداً عن وطني الحبيب والتي جعلتني أتذكر ذكريات أول سنة بعيداً عن وطني الحبيب والتي جعلتني احتفل لأول مرة وكانت لأول مرة ايضاً أحصل على باقة نرجس. </p><p>وكان صاحب تلك الباقة من النرجس شاباً هادئاًٍ لطيفاً ذو مشاعر وأحاسيس طاهرة، يعشق الحياة .. بدر... دون شك ان الاسم هذا ليس إسماً كوردياً .. نعم كان بدر شاباً وكنت أتعرف عليه لأول مرة في مكتبة الجامعة. </p><p>كنت أنا وبعض صديقاتي واقفات في الطابور الطويل ليأتي دورنا للحصول على الكتب.. كان الطابور طويلاً جداً وكنا نحن في مؤخرة الطابور عقب جميع الطلبة.. وكان في المقدمة شاب أسمر قصير القامة قليلاً خفيف الدم واقفاً مع شاب أفغاني كنت أعرفه فاتقترب مني من بعيد ضاحكاً وقال لي: </p><p>ـ الأخت عربية طبعاً. أنا وقد استفزني هذا السؤال، اجبته قائلة: </p><p>ـ لا.. طبعاً.. كوردية. فلم تتغير ملامح الشاب بهذا الجواب، فضحك ثانية وقال: لتكوني كوردية وليس عربية فإنني لا أرى اي إختلاف وليس مهماً لدي.. تفضلي وقفي في المقدمة سيأتي دوري مبكراً لكي لا تنتظري طويلاً. </p><p>فندمت كثيراً على جوابي الذي أجبته غاضبة.. أجتذب إنتباهي شكل واسلوب كلامه وهدوئه ومن ثم أستلمنا سوية الكتب وغدونا اصحاباً، فغدونا أصدقاءاً من تلك اللحظة أنا وبدر.. رغم أنه كان كويتياً وكنت كوردية، لكنه كان شاباً وديعاً مؤدباً، وكان العديد من الطلبة يعتقدون بأننا شقيق وشقيقة من اب وام واحدة. </p><p>كان إحتفالنا بنوروز في السنة الأولى بهيجاً.. فدعوت بدوري عدداً غفيراً من الطلبة الأجانب شباناً وشابات، لكن في الحقيقة كنت قد نسيت بدراً.. أو إنه لم يحضر من تلقاء نفسه. </p><p>في صباح نوروز الباكر أستيقظت مبكراً وقمت بإيقاظ صديقتي ديمترا، وكانت فتاة يونانية، كانت في غرفتنا وكانت فتاة طيبة وصديقتي الحميمة، كنا نملك سماوراً كهربائياً صغيراً... في ذلك الصباح سخنت السماور.. فكنت وديمترا نتناول الفطور حين سمعنا طرقاً على الباب.. حين فتحت الباب وجدته بدراً وهو يحمل باقة ورد من النرجس الزاهي البديع واقفاً قبالة الباب، وحين رآني قدم لي باقة النرجس. </p><p>أرتبكت.. وفرحت بها كثيراً ورحبت ببدر بحرارة.. في الحقيقة فقد أستلمت العديد من باقات الورد والنرجس من الأصدقاء والمعارف حتى اللحظة، لكنها جميعاً لم تكن كتلك الباقة من النرجس جميلة وإيذاء للقلب، فمن المحتمل لأنها كانت بسب إن بدراً لم يكن كوردياً.. أو لأنني كنت قد نسيت بدراً في عيد نوروز..؟ أو بسبب إنها كانت أول باقة ورد تقدم لي خارج الوطن؟ </p><p>حين شاهدني بدر وديمترا أنفتحت اساريري بسبب باقة النرجس طلبا مني التحدث عن نوروز.. ومن ثم أردفت ديمترا قائلة: </p><p>ـ في بلادنا لورد النرجس علاقة بأسطورة أغريقية قديمة. </p><p>فأضطرت ديمترا بإلحاح مني ومن بدر أن تتحدث لنا عن تلك الأسطورة، قالت ديمترا: يقال بأن أحد آلهة الأغريق القديمة كان يكنى بـ(نرجس).. وكان هذا شاباً وسيماً جداً.. كان يسير مرة في الطريق.. صادف نهراً.. كان النهر صافياً رائقاً جداً.. فجلس ليغسل وجهه بماء النهر.. عندما شاهد نفسه في الماء، من تلك اللحظة بدأ يفكر في جمال نفسه، وغدا لايأكل ولا يشرب بل ينظر إلى نفسه حتى أدركه الهزال والضعف يوماً بعد يوم وشحب لونه، فتحاول جميع آلهة الأغريق الاخرى معالجته لكن دون جدوى، ومن ثم قررت الآلهة جميعاً أن تحول نرجس إلى وردة وغرسها في ضفاف الأنهار. </p><p>لهذا نرى ورود النرجس جميلة وطرية وذات عبق فواح... فصمت بدر لحظة ومن ثم اقترب على مهل من باقة النرجس وشممها بعمق وقال&#160;: بالله عليكم لو مت أنا ضعوا باقة من النرجس على ضريحي. فقال ديمترا ضاحكة: </p><p>ـ بدر إنك تعشق الحياة أكثر من اي شخص آخر.. إنك تعلقت بالحياة بامل وسؤدد ..ومن المحتمل الا تموت مبكراً حتى تشيخ.. ومن الممكن أن نموت نحن وتبقى أنت حياً ترزق . </p><p>ورغم أن بدراً قال قولته هذا بهزل.. لكن لا اعرف لماذا كنت لا استسيغه جداً...فقلت بعد لحظات صمت: </p><p>ـ يا بدر لو فارقت الحياة قبلي عهد عليّ أن احقق أمنيتك هذه. </p><p>فتخرجنا أنا وبدر من الجامعة وعاد بدر إلى الكويت وذهبت بدوري إلى بلد أجنبي آخر.. وأنقطعت أخبارنا عن بعضنا البعض.. وبعد سنتين ارسل لي احد الأصدقاء رسالة أخبرني بأسف بأن بدراً قد غرق اثناء ما كان يسبح. </p><p>نعم كان بدر قد أدرك بغريزته أنه سيترك الحياة مبكراً ويودع كل ما على الأرض ويتهرأ جماله تحت الثرى. </p><p>ها إنني ودعت نوروز عشر مرات... وذبلت لدي عشر باقات من النرجس ورغماً عن انني بقيت على عهدي...ولكن أسفاً فمن أين آت بضريح بدر لأضع عليه باقة النرجس..فربما في يوم من الأيام يوصل الفلك القاسي طريقي إلى ضريح بدر لأعيد له باقة نرجسه. </p><p>عن مجلة كاروان الكوردية العدد 24 أيلول 1984 </p> <h1><span id=".D9.81.D9.8A_.D9.85.D8.AC.D9.84.D8.B3_.D8.B9.D8.B2.D8.A7.D8.A6.D9.8A"></span><span class="mw-headline" id="في_مجلس_عزائي">في مجلس عزائي</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=45" title="عدل القسم: في مجلس عزائي">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>كنت أنقل خطواتي على الرصيف على مهل نحو مكتبة (العشاق) للسلام على جلّ تلك الكتب الملأى بالكلمات الجميلة، المليئة بدورها بسحر الجُمل، والمليئة بشروح وتفاسير أسرار القلوب. وكانت طيور الخيال المختلفة تزقزق في أعشاش ذاكرتي، وقد أثقلتْ في الحقيقة كاهل رأسي، لذا كانت رقبتي تعاني من آلام حمل رأسي كثيراُ. وكان قُبج كتابة القصة الطائر الوحيد الذي كان لا يغرد بين تلك الأسراب من الطيور. وحين وصلت في تجوالي إلى مفترق (دقات القلب) كان يجب عليّ العبور إلى الرصيف الثاني. وفي منتصف الشارع وقع نظري على لافتة سوداء اللون كانت قد علقتْ على جدار القلعة. ومع نقل خطواتي نحو الرصيف المقابل رأيت وقد دون فيها: </p><p>( إنا لله وإنا إليه راجعون </p><p>ببالغ الحزن والأسى نعلن نبأ وفاة حبيب الله (حكيم ملا صالح) الذي وافاه الأجل إثر مرض العشق العضال يوم الورداء المصادف للثالث ربيع، الشهر السابع بنفسج، العام ألفين ترنيمة، حاملاً متاعه إلى جنان الخلد. تقام الفاتحة على روحه في جامع (عشقستان). </p><p>حين رأيت هذا لَحِق قبج القصة ببقية الطيور وبدأ بالتغريد. وفي مهد ذاكرتي بدأ طفل قصةٍ يرغو. وكان هناك سحرٌ ما يترجم كلمات الرضيع ويقول&#160;: </p><p>ـ أستعجل..قم وأكتبني..بالله عليك قم بكتابتي كي أخرج من هذا المعتقل..فقد أدركتني الرهبة. </p><p>وبعد أن داهمني حزن وأسى عميقين توجهت نحو الجامع وشاطرتني في ذهابي ملاك القصة (آه أيها التعس..يامن لم تسعد في دنياك هذه.. ولم تمد يدك إلى وردةٍ ما </p><p>لم تنغرس خمسة أشواك في رؤوس أناملك.. لم أر قط غيوم الحظ يوماُ ترسل زخاتها على حقول حياتك.. أيها المسكين، كنت مغرماُ بكل الخديجات غير إنهن لم ينظرن إليك يوماُ وكأنك (سيامند)، بل كنّ يدعونك (حكة)(6) المجنون ،(حكة) القبيح ،(حكة) المنكود. كم من مرة أخبرتك ألاّ تسلك ذلك الطريق بكل إشتياق، ولا تسبب لنفسك الذل والخذلان، غير إنك لم تصغ إليّ حتى أدى بك إلى التهلكة والخسران. وعند ردك على ماكنت أقوله لك كل مرّة، كانت الإبتسامة ترتسم على شفتيك وكنت تقول:( الحياة من دون عشق لاتساوي شيئاُ، هذه الخرابة التي سميت الدنيا سوف تًعَمَّر بشعاع شمس العشق فقط، وإلاّ فإنها تشبه غابة ملأى وحوشاُ، فلولا وجود حنين العشق فيها فإنها ستغدو أكثرعفونة وأكثر قذارة من المزابل. لذا لن أرضى أن تناقشني بعد الآن حول هذه الطريقة الطاهرة) . </p><p>حين وصولي عتبة الجامع رأيت حكمياً واقفاُ عند الباب، وهو يقوم بفحص قلب كل من يروم الدخول، فمن لم يكن قلبه عامراُ بالوجدان والعاطفة والحنان لم يكن ليسمح له أن يجتاز العتبة . فحص أحدهم قبل أن يأتي دوري قائلاُ له&#160;: </p><p>ـ يجب عليك ألاّ تدخل. </p><p>قال: لماذا؟ </p><p>رد قائلاُ: لأن قلبك أصابه السواد ونخره التعفن، وهو مليءٌ بالرياء والكذب والنفاق والخدع السياسية. أنت وزملاؤك لا وجود لذرة من حب الله والشعب والوطن في قلوبكم، إنكم تقومون بدرس أشواك الأنانية، إنكم مارستم خدعاً ومكراً كثيراً، وأصبحت قلوبكم صواناً. لا أسمح أبداً لأي منكم بدخول (عشقستان) هذه. تراجع.. تراجع وتواري عن ناظري قبل أن أشوه وجهك بهذا المبضع. </p><p>وكنت بدوري غير آبه لفحوصات الحكيم، كنت أدرك ما زرعته وما غرسته من بذور. حين وقفت أمامه لم يساورني أي شك أو خوف إزاء نفسي، لأن قلبي لم يكن مليئاً بكل ذلك فحسب بل أصبح بحد ذاته عاصمة للوجدان، وكان أمير العاطفة يمارس فيه الحكم وكانت ملكة الحنان تبث منها رسائل وبرامج العشق. فحصني الحكيم قائلاً: </p><p>ـ إن دقات قلبك سريعة جداً حتى يكاد قلبك أن يخترق صدرك .إنه يستعر عشقاً. </p><p>قلت :نعم أعرف ذلك..هلاّ تراني إن كل كياني يرتجف. إني لست ممن يرتجفون، ولست أعاني برداً ، ولست أعاني من الحمّى، ولا يمتلكني الخوف، بل إنها دقات قلبي التي تهز كياني وكل جسدي، وإن شجرة جسدي تهتز بصبا فؤادي المليء عشقاً. أيها الحكيم العزيز إن قلبي ليس كقلوب الكوادر الأغبياء، إن فؤادي لوحة تم رسمها بدماء العشق. </p><p>تفتح ثغر الحكيم عن نسيم ابتسامة، ليضع على مهل باقة النرجس التي كان يحملها، في مزهرية كتفي وبدأ يقول: </p><p>ـ تفضل.. تفضل..عزيزي تقدم وأقعد في صدر المجلس.. أمام المحراب.. أطلب منك أن تصلي بعد قراءة سورة الفاتحة ركعتي صلاة العشق بصوت جهوري.. كي أصغي من هنا إلى صدى آياتك، أنا عاشق أيضاً. إن أعماق نفسي مزدانة بأزاهير العشق والرب والشمس والتراب، إني أعشق الأنغام والنجوى والدلال أيضاً، أعاني من جراء الحياة والآلام والمصائب، أعشق كل شيء يشرق جمالاً، ذلك الجمال الذي يفتديه عارفو الرب والشعب والوطن. بهت سيماء الحكيم وبدأت شفتاه ترتجفان عند التفوه بتلك الكلمات، وكذلك أنا. فقد سرت في جسدينا الجذبة. أدت الجذبة إلى فورة شلال دمانا . كانت الجذبة قوية بحيث كنا نصرخ بذكر خفي ملء الكون يا شيخنا الحلاج مدد، يا شيخ خاني أنجدنا، ياحضرة لوركا، تعالوا وأنجدوا هؤلاء الناس، تعالوا..لتجعلوا تلك القلوب التي نخرتها السواد بفعل الخداع والتزوير والخدع السياسية والأنانية وأصبحت حجراً أسوداً، أجعلوها رقيقة .. رقيقة حتى تذوب كالجليد تحت أقدام السالكين المخلصين.. رقيقة كفتاة الندى حين تضربها أشعة الشمس تفديها بروحها. أقدموا وقولوا للحبيبات ذوات القلوب الجامدة العفنة وعديمات الشعور والأحاسيس: </p><p>إذن كيف لي أنا التعس </p><p>ألاّ أبكي حين تجرح خاطري مائة مرة </p><p>لم لا ينسكب الراح والكأس مثلوم مائة ثلمة </p><p>عانقنا أنا والحكيم بعضنا بعضاً ووضعنا رأسينا فوق كتف بعضنا البعض وبكينا، بكاءً حاراً ندياً .وذرفنا من أصداف العيون دموعاً غزيرة حتى أصبحت عتبة جامع (عشقستان) معارض للحُلي والمجوهرات، وكنا قد ذبنا في بوتقة الجذبة تلك حتى غدا العالم وما فيه نوراً، نور العبادة الحقة، نور حب الشعب حباً طاهراً. غبنا عن الوعي، وحلقنا بروحينا نحو العرش الأعلى، وهناك عند مقر الباري كنا ندعو إلى استصدار قرار بعقاب الذين كانت مياه قلوبهم وألسنتهم لا تصب في مجرى واحد. هؤلاء الذين لم تكن دماء العشق لتسري في أجسادهم وقد أصبحوا خرّاغات للخضرة ، هؤلاء الذين كانوا يضحون بكل (إسماعيل) من أجل عشقٍ مزيفٍ. </p><p>ومع حالتنا هذه كانت رياح سموم الوقت تذوي خضرة اليوم الأول للعزاء. وكنا لا ندري بتلك الاسرار والأحداث وأصبح الزمن عندنا صفراً. وكنا فقط يتناهى إلى أسماعنا، حين كان حرف (العين) يقول لنا (الرب في الأعالي). والياء يصرخ (كونوا أحبة). وحرف الشين ينادي (أعشقوا الوطن) . وحرف القاف ينادي (أفدوا بأنفسكم الشعب). كان منجل تلك الحروف الأربعة يحصد حقلَ حنطةِ وَعينا، إن قطع الوعي عن هذه الدنيا الخاوية له مذاق خاص، الدنيا خرابة.. خرابة، إنها تصلح لأن تأتي سفينة نورٍ وتختار الصالحين فيها وتذهب بهم كالنبي عيسى لتدور وتحلق بهم في الفضاء الفسيحة، ليسبحوا هناك مع النجوم في مدارات الكون، كنا لا نشعر بما يجري حولنا، حيث ظهر بأن الذين اتوا وهؤلاء الذين انهوا مراسيم العزاء فد خرجوا جميعاً ليتجمعوا حولي وحول الحكيم في حلقة دائرية، وكنا لا نزال ننثر الدرر والجواهر فيجمعونها بدورهم. كانوا يستغربون من هل إن نثر كل هذه الدرر والجواهر ليس من معجزات قيام الساعة. وكان هناك حكيماً بينهم أتى وبدأ يصغي إلى دقات قلبينا .وحينما علم بأننا كنا نردد(فليعش العشق الحقيقي ، ولترفرف راية العشق) . حينها أفشى بالسرّ لكل من كانوا يتحلقن حولنا. وكانوا بدورهم وفي سبيل الحصول على المزيد من اللآليء بدأوا بترديد هاتين الجملتين لمرّات عديدة، وبصوت عالٍ. وحين سمعتُ والحكيم تلك الأصوات الصارخة حتى عنان السماء: (يا خالق العشق أنجدنا ..يا رائد العشاق أنجدنا ..يا ولي الدراويش أنجدنا بكرمك) . </p><p>ومن ثم أتخذنا والناس أجمعين من كلمة العشق شعاراً لنا وبدأنا بترديدها ونحن نتفرّق نحو المدينة. وفي تلك الليلة وحتى إقتراب توهج عيون الفجر إنتشرت كلمة العشق في جميع أرجاء المدينة، وغدت المدينة بأكملها ساحة للعشق (عشقستان). وأُشعلت نيران العشق فوق أعلى موقع للقلعة، لتنير ظلام الليل. وليلتها ودون أن يدركنا التعب، ودون أن نتوجس خيفة من رجال الجندرمة الذين لا يعرفون القانون، تجولنا في جميع الشوارع والأزقة وأحرقنا تلك الدكاكين التي كانت تروج للخداع، وتبيع الرياء بأبخس الأثمان. وتلك التي كانت تمنح الأنانية للناس بثمن بخس. وهكذا قمنا بتطهير المدينة وعند الفجر أخذتنا غفوة في أحضان فتاة استراحة ما كي ندير مجلس العزاء في اليوم التالي بكل فخر وإعتزاز. </p><p>اليوم الثاني </p><p>كنت أول من أستيقظت من النوم فأتجهت إلى الجامع، كنت قد أعدت الحلم الذي كنت قد رأيته في منامي إلى مرأى ناظري (رأيت نهراً فضياً، يتصارع مع ضفتيه، كانت أمواجه تتماوج وتتصارع كحركة أقدام البراق، حين كانت كـ(ذوالفقار) تضرب هذه الضفة أو تلك، كانت تصدر لحناً، لحناً سحرياً ربانياً، يحول الكبد والنفس إلى جبل (طور) كان لحناً عذباً سرمدياً إلى حد ملأ كياني دغدغاتٍ وآمالاً وإبتسامات ،.فأمتلكتني الدهشة، وبدأت أتساءل يا إلهي ماذا يمكن أن يكون هذا الصوت الملائكي؟ في بلادنا أنهارٌ كثيرةٌ وكنت قد زرت جميعها كل أربعاء الورد، فلماذا إذن لم أسمع هذا اللحن السحري منها؟ كان النهر يردد اللحن وكنت بدوري أرد الجواب&#160;: </p><p>( إلهي لست للفردوس أهلاً ولا أقوى على نار الجحيم </p><p>فهب لي ذلتي وأغفر ذنوبي فإنك غافر الذنب العظيم ). </p><p>وفجأة رأيت في أعلى النهر (حكيم)اً قد أقبل وهو يمتطي صهوة قارب صغير يتسع له ولكشكوله فقط. رأيت الأمواج واحدة فأخرى كسجادة حريرية تقف صامتة لمقدمه. </p><p>رأيت النهر وقد كف عن تقاذف الأمواج ورأيت كافة الطيور المغردة ذات الأصوات الشجية وقد وقفت صفاً واحداً على الضفتين وبدأت بملأ أصواتها تردد له الاغاني ورأيت الأشجار في الضفتين تدنوا بأغصانها لتمنحه ظلالها. حين أقترب أخذ يناديني&#160;: </p><p>ـ تعال عزيزي حكيم، تعال وأمتطي القارب بدورك. إن هذا هو نهر العشق وأن كل من كان يعشق الباري والشمس والتراب بحق يستطيع بيسر السير فوقه حتى النهاية . </p><p>قلت&#160;: </p><p>ـ&#160;: عزيزي حكيم أين هي النهاية ؟ </p><p>قال&#160;: ـ بلاد العشق (عشقستان).. منبع الحب والعطف والحنان والحقيقة والوجدان وجلّ الأخلاق الطيبة ، الأخلاق الجميلة. حيث لاوجود هناك للكذب والنفاق والزيف والرياء والأنانية. حيث تسكرك خمر البراءة، ولن يلدغك عقارب الخطيئة ولا أفاعي الجريمة. </p><p>قلت :ـ أرغب في المجيء، ولكن لن يسعني المكان. </p><p>قال&#160;: سأحملك فوق كتفي، تعال وتخلص من هذه الدنيا مرتع الإستعلام والخوف ومبعث الملل.. دعك من هذه الخربة مرتع القوادين والفضلات والمزابل، ماذا تفعل بين هؤلاء الافاقين المشعوذين؟ كدت أطير فرحاً، لم تكد قدماي يتلمسان الأرض، كانت عيناي تذرفان دموع الفرح مدراراً، حلقت في الفضاء لأحط على كتفه. وصلت عتبة باب (عشقستان). إستقبلني الحكيم بمزيد من الترحيب والتقدير حتى غدوت تبراً. وصافحنا بحرار. أرتفعت شعاع ناظرينا نحو قمة المنارة. كان الناس ينظرون إلينا كيف لنا ونحن نتحدث مع بعضنا بلغة النظرات . </p><p>ـ أخي العزيز لم يغمض لي جفن الليلة البارحة . </p><p>ـ لماذا.. لماذا عزيزي الحكيم ؟ </p><p>كم من مرة كنت أغمض فيها عيني وفي كل مرة كان حبيب الله يأتيني في منامي في هيئة مغايرة ليأخذ الغفوة من ناظري. مرة رأيته وقد أمتطى صهوة حصان العاصفة ليحلق نحو عنان السماء. ومرة أخرى كنت أراه وقد أصبح رائداً لجمع من الحواري وهن ينهمكن في غرس السيوف في جوف عفريت ذي سبعة رؤوس. ومرة أخرى رأيته يرتدي ثياباً خضراء كاملة وهو يقترب من رأسي ليهمس في أذني&#160;: </p><p>ـ إن الشيطان يوشك أن يدخل قلبك..أطرده . </p><p>ـ قلت كيف؟ قال برائحة خمر (ألست) . </p><p>وهكذا كنت أراه في هيئة مغايرة حتى أطفأ نبراس إستراحتي كاملاً. مسدت رأسه فعرفت بأن سهام العشق قد أصابته، ولكن ليس بشكل يمتعه حتى درجة الفناء، لذا نفخت في فمه وقلت له: </p><p>ـ حكيمي العزيز من أجل أن تصل إلى هدفك عليك بأرتشاف الخمر ليل نهار، أسكر..أسكر ثم أسكر حتى يغدو قلبك منبعاً للحق، عندئذ ستعرف مقدار الرغد في كلتا وجهي هذه الدنيا. إحتضنني الحكيم بحرارة وعصرني بشدة. كنت أشعر بأن عسل المحبة يتدفق رويداً رويداً من عملية العصر هذه. </p><p>أردف قائلاً: ـ عزيزي أذكر لي عنوانك كي نمضي بعض الوقت سوياً كل يوم . </p><p>قلت: ـ أكتب&#160;: حلبجة، مقبرة (كولان)، قاطع (القلوب)، الرقم (زهرة الليلك). </p><p>فنقشه بأظافره فوق صدره، ومن ثم بسط لي كلتا يديه مرحباً بي للدخول. </p><p>ومن عتبة الباب نظرت إلى الجمع الغفير، كي أتأكد من عدم تسلل دخيل، كذاب، فاسق، أناني، مرائي إلى صفوفهم دون علم الحكيم، فإن كان من بينهم مثل هؤلاء كي أقوم بفضحه، كي أرجمه بصقاً، كي أقول له إن لم تطهر نفسك من كل أوزارك لايجوز لك التوجه إلى هنا. إن عشقستان مرتع الطاهرين، مرتع هؤلاء الذين أستقر نور الرب في أعماقهم، الذين وضعوا مصلحتهم الخاصة جانباً وهم يناضلون بحق وصدق من أجل الشعب والوطن . </p><p>ومن حسن الحظ لم أرَ أي أخطبوط مثل هؤلاء، لذا فقد ذهبت وجلست متقرفصاً على ركبتي قبالة المحراب بوقار، وكنت أعدد أسماء العشاق بحبات مسبحتي مثلما أعتدت على ذلك دوماً. ولحظة إنهاء الأسماء أشغل الملا (مبارك) السماعة وفتح سفره العتيق وبدأ بتلاوة بعض مقاطعه بصوت حزين&#160;: </p><p>( ـ أيها الشعب طهّروا قلوبكم * توجهوا إلى مرتع العشق * وذوبوا في اتون العشق * أنصحوا الناس كي يبتعدوا عن الضلال * أءتوا بالماء من سفر السراب * إرووا به ورود الحقيقة * أبحثوا عن الطهر * كونوا مرشدين للإحسان دوماً * كونوا ترابيين مهما إستطعتم إلى ذلك سبيلاً * كونوا ذو نشاط دائم * ألا يملأ الشيطان نفوسكم بالخداع والأكاذيب والتلفيق * إن ذلك المنافق اللعين * عدو لدود للدين * عائق في طريق العشق * يضرم النار في حدائق العشق * ويزرع أشواك الحقد والكراهية * ويغرق حقول الحق * أيها الناس إن كنتم عشاقاً * تعشقون هيفاء الحبيبة * عليكم كالعشاق القدامى * السير في هذا الصراط المستقيم). </p><p>حين كفّت حمامة الملا (مبارك) عن المناجاة ، بدأ الصمت يخيم بمظلته علينا، صمت مليء بالجلبة، لأننا كنا نتكلم جميعاً دون همس. وكان موضوعنا موضوع تطهير البلد وزرع أشجار العفّة في جميع الشوارع والأزقة والمنازل. وتغيير جميع بحيرات الكذب بماء الزمزم .والقضاء على جميع مروجي التلفيق الجربة. والقضاء على أكدار النفاق وزرع بذور التوحد ذي اللون الواحد عوضاً عنها. وتوزيع عطر ورود فُرُش جامع عشقستان وتزيين جدران المدن والقرى باللوحات المرسومة على سجاجيد الصلاة. وإنارة الزوايا المظلمة بنور مسبحة فاطمة ملا عزيز بريس. وزرع المرايا في أزقة القنوط الضيقة بجلوة (لا تقنطوا)، وتشييد ضريح الملا (الجزيري) بشعاع (وحدة الوجود) وإذابة جليد الجرم بضياء إحدى قصائد (محوي) الغزلية وإعادة الحياة إلى مواقد القلوب بنظرة (عنبر خاتون). صمتنا المليء جلبة أوصلت حِملَ الوقت إلى المحطة الأخيرة. أقبل العشاق واحداً تلو الآخر ليقدموا لي مواساتهم. وقد أخرجتُ بدوري من كشكولي وردةً لكل منهم وقدمتها هديةً لهم، تلك الورود اللاهوتية التي كنت قد أتيت بها من إحدى سفراتي إلى النعيم . </p><p>إشارات </p><p>* الورداء: على وزن الثلاثاء والأربعاء ….يعمد القاص إلى إطلاق صفة خاصة لليوم والشهر والسنة. </p><p>* حكه: تصغير إسم (حكيم). </p><p>* الحكيم: الطبيب . </p><p>* الحروف&#160;: ع ي ش ق يعني العشق . </p><p>* فاطمة: والدة المؤلف وكانت من النساء الصوفيات. </p><p>* الجزيري&#160;: شاعر كوردي كلاسيكي صوفي. </p><p>* محوي&#160;: شاعر كوردي من فطاحل الشعراء . </p><p>* عنبر خاتون&#160;: زوجة الشاعر الكوردي عبد الرحيم مولوي. </p><p>عن مجلة (كاروان ) الكوردية، العدد (172)، نيسان 2003. </p> <h1><span id=".D8.AE.D8.B1.D8.A7.D9.81.D8.A7.D8.AA_.D9.86.D8.B8.D8.A7.D8.B1.D8.A9_.D8.AC.D8.AF.D9.91.D9.8A"></span><span class="mw-headline" id="خرافات_نظارة_جدّي">خرافات نظارة جدّي</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=46" title="عدل القسم: خرافات نظارة جدّي">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>الكاتب يوسف عز الدين </p><p>ترجمة مكرم طالباني </p><p>(لم أكن أرغب في تذكر شيء من ذلك الحلم.. الذي لم أكن واثقاً متى وكيف كنتُ قد رأيته؟! ولكن الشيء الذي كان واضحاً لديّ، هو تحطم نظارة جدّي في منتصف الحلم.. وما كنت لأدرك لم كان يجب أن تتحطم نظارته في منتصف الحلم! أو لماذا كنت اتذكر هذا المشهد بعينه دون غيره وتختفي لديّ بداية ونهاية الحلم). </p><p>أخبرني جدّي قبل رحيله: </p><p>(يا بني الشيء الوحيد الذي سأرثك إياه ويجب عليك أن تعدني بالمحافظة عليه هو هذه النظارة... أحذر حين ترتديها يجب الاّ ترفعها إلاّ عندما تخلد للنوم... إن تاريخ هذه النظارة قديمٌ، لقد حصلت عليها بنفسي من احد الرحالة، الذي قبل أن يغادر هذه البلاد ويعود عن طريق البحر إلى بلاده، دعاني في مساء ماطر، واخبرني بكل بساطة: أرغب في أن أترك لديك تذكاراً، الذي يجب عليك عدم الإفراط به والمحافظة عليه بمرور الأيام). </p><p>وبعد ان انهى حديثه، سال من فم جدّي زبد بيضاء اللون ليغمر البطانيات والألبدة وأفرشة الغرفة بأسرها من هذا الزبد الأبيض.. والذي كان يتزايد دون إنقطاع وقبل أن يصل إلى مستوى يده اليمنى التي كان يمسك بها نظارته، أخرجها بحذر شديد.. وكأنه غير راضٍ من ان يمنحني ميراثه الوحيد في آخر لحظة.. يبدو أنه تراجع عن وعده.. والغريب في الأمر هو انه ما كان ليرغب في التخلي عن تلك النظارة حتى وهو ميتٌ، والتي كانت دون شك تخفي وراءها سرّاً أو طلسماً ما!؟ </p><p>وبمساعدة من رجال الحي الأغيار، واريت جدي الثرى حسب وصيته في منطقة منعزلة وعرة.. وبعد إنقضاء عدة اسابيع أخرجتُ النظارة من الصندوق الخشبي المزدان بالياقوت والأصداف والخرز والؤلؤ بأنواعها.. حدقت النظر إليها فوجدتها وقد تغير لونها.. وكان يبدو بأن هذا هو أحد اسرار تلك النظارة، وكانت صورة جدي لا تزال تشاهد في عدستيها.. فأمعنت فيها النظر بدقة، كانت عينا جدي السوداوين ينظران إليّ خلف العدستين... فوضعتها في مكانها على عجل ووضعت الصندوق في النافذة التي تم وضع الكتاب المقدس فوقها.. والذي كان جدي يقول عنه دوماً: </p><p>يا بنيّ إن الرب يروي تاريخنا في هذا الكتاب... سيأتي زمانٌ، يتطلب منك العودة إليه، ولكن يجب عليك ألاّ تسمح لأي كائن كان بتصفحه. </p><p>ومن ثم فإن كل هؤلاء الذين كانوا على معرفة بجديّ عن قرب، رووا لي حكاية تلك النظارة بأساليب مختلفة، وكان معظمهم يعتقد، بانه في تلك الفترة التي كان جدّي يدرس فيها في الكلية الحربية باسطنبول، أهداها إليه رجل يهودي، كان صديقاً لجدي في تلك الفترة وكان يحبه حباً جماً.. والشخص الوحيد الذي كان له رأي مخالف كانت عجوزاً ساحرة، التي كانت تزور جدي بإستمرار وكان بينهما الكثير من الااسرار والخفايا... حيث أخبرتني: </p><p>يا بني إن هذا في غير حاجة لأي تردد، إن هذه النظارة هي نظارة (الميجر سون).. والتي لا أعرف متى وكيف تمت سرقتها ووصلت إلى أيدي جدك... أو فليسامحني الرب، كما يقولون بأن جدك سلبها من السارق قسراً، وهناك إحتمال بأنه كان قد اشتراها منه... واعرف كذلك بأن للنظارة خفايا وأسرارها الخاصة بها، والتي لايمكن لي أن أخبرك عنها شيئاً، ،. </p><p>لهذا فأياًّ كان تاريخ وحكاية النظارة.. فقد أصبح بالنسبة لي دافعاً للسأم والقلق، لأنه كان عليّ أن احافظ عليها بإستمرار وأن ارتديها بإستمرار حسب ما أوصاني به جديّ، غير إنني لم اكن لأجرؤ على إرتدائها حتى ذلك الوقت!؟! </p><p>ولأجل الاّ أحيد عن وصيته.. راجعت الطبيب وقمت بفحص النظر.. والذي لم اكن حتى ذلك الوقت لأرى أي نقص في نظري ولم اكن لأعرف كيف أجعل الطبيب يوافق على تشخيص عدسة ذات درجة دنيا لأجل إرتداء نظارة جدّي، ولكن بعد أن فحص نظري وقام بمعاينته بدقة... وبعد ان قام بفحص عدسة النظارة.. أخبرني دون تردد: </p><p>تنسجم هذه العدسات مع نظرك وان درجة نظرك لم تتغير، ، فأخبرته بقلق متزايد: ,, دكتور هذه النظارة تعود لجدي وهي تصلح لنظره هو فقط، ،. فأجابني: </p><p>أخي إنني لن امزح معك.. إن عدستها تنسجم تماماً مع درجة نظرك.. ولن تحتاج إلى أي تغيير، ،. في ذلك المساء الذي كنت قد تركت العيادة فيه، كانت الأجواء مغبرة.. بحيث كانت الأسواق والمحلات التجارية قد أغلقت.. وكنت ترى بين حين وآخر أحد المارة وهو يمر مسرعاً.. يحتمل أن تاريخ هذه المدينة لم يشهد هطول غبار كهذا.. والأغرب من ذلك هو إزدياد أعداد ال?لاب في المدينة. فكان يشاهد أزواجاً أو ثلاثاً ثلاثاً منها عند مخابيء البيوت والدكاكين والدور الخربة.. إضافة إلى كونها كانت تطارد بعضها البعض بين حين وآخر لبعض الوقت في شوارع المدينة.. ومن ثم تجالس كلباً أغبر مع كلبة بيضاء.. وسط إحدى الساحات! أنتظرت كثيراً فلم يكن الكلب ليتخلى عن الكلبة ويتركها.. فرميتهما بكسرة حجر وهتفت إستهزاءاً منهما، وحدث أن تقابل مؤخرة الكلب مع مؤخرة الكلبة دون أن يستطيعا الإنفصال عن بعضهما.. وكان منظرهما غريباً جداً، لم اره من قبل.. لم أكن لأعرف بان تجانس الكلاب هو بهذا الشكل!؟ </p><p>ومن ثم أسترق قلبي فتركتهما.. وكنت قلقاً حول إرتداء النظارة، لأنني لم ادرك كنه خفاياها وأسرارها ولم أكن لأعرف ماذا سيحدث، إضافة إلى أنني كنت أتوجس خيفة عقب إرتداءها بأن ترتطم بالأرض في زحام ما وتنشطر من وسطها إلى نصفين وتتهشم، خاصة وأنني كنت مولعاً بحضور المهرجانات والمناسبات والإحتفالات والمراسيم.. لدافع لم اكن لأستطيع تحديده بدقة أو أدرك كنهه؟ </p><p>من المحتمل أن يكون سبب ذلك هو أنه في إحدى المناسبات تلك جلست بجنبي فتاة سمراء سوداء العينين وكانت تلتصق بي أكثر رويداً رويداً ومن ثم قالت لي أخيراً: </p><p>منذ مدة طويلة وأنا أراقبك وقد احببتك منذ زمن بعيد، ، حين دققت النظر فيها تذكرت مشاهد لوحات (غوغان).. كنت أشعر بإمتلاء جسدها ودفء حضنها.. كانت تتحدث قليلاً، ولكن حينما كانت تفتح ثغرها، كان هناك إعوجاج طفيف في أسنانها.. الذي أصبح سبباً من اسباب جمالها الأخاذ كنت أحب فيها أكثر مصمصة شفتيها وكان هذا يثير فيّ رغبة جنسية غريبة جداً.. كنت اتخيل بأنني أحد الرحالة والمكتشفين القدماء وقد أكتشفت جزيرة مسحورة، مليئة عن آخرها باشجار الموز وأنا والفتاة هذه، التي كنت اناديها لوحدي ودون أن اسألها عن اسمها، بـ (تلار).. كنا متمددين سوية في أرجوحة شبكية معلقة بين شجرتين، تحت افياء الأشجار.. وكانت حين تريد التعبير عن شيء دون أن تستطيع ذلك، كانت ببغاوات تلك الجزيرة تعبر بكلمات متقطعة عن رغبات وميول (تلار) وكنت أنتظر دوماً، أن تمتلأ عيناها دموعاً وتجهش بالبكاء.. دونما أدنى سبب يحتمل أن يكون ذلك البكاء من مخلفات ذلك الوقت الذي سقطت فيه من ظهر حصان ابيض والذي أحدث في ساقها اليمنى جرحاً غائراً.. ولكن حين كنت تمعن انظر فيه كان أقرب منه إلى آثار الحرق! </p><p>رأيت تلك الفتاة في مناسبتين ومراسيمين ليس إلاّ، والتي كنت أطلق عليها لوحدي اسم (تلار).. ومن ثم لم أجد لها اثراً.. ولهذا كنت احضر جميع إحتفالات ومناسبات ومراسيم وكذلك جميع أمور مدينتي المختلفة، ولهذا كنت قد تعرفت عن بعد على جميع أولئك الشخصيات الذين كانوا يقومون في المناسبات والإحتفالات والمراسيم المختلفة بإستمرار وكانوا يقدمون الكلمات والأحاديث والنكات المتنوعة.. وكانت قد اعجبتني شخصية الرجل المهرج والذي كان يحضر دوماً بملابس وأساليب متنوعة.. وكان يقوم في بداية المناسبات والمراسيم ليقرأ كلمة طويلة ومن ثم كان يقهقه ضاحكاً حتى يتحول وجهه إلى صفين من الأسنان البيضاء الكبيرة.. التي كانت تدخل الرعب في نفوس الحاضرين ومن ثم كان لابد لنا التصفيق له وكل من كان ينسى التصفيق في تلك اللحظة.. أو كان يصفق على مهل.. فبعد إنتهاء المناسبة أو المراسيم.. كان يحضر رجال ملثمين ليلاً ليأخذوه من داره.. ولم يكن ليجد أحدُ لبعض هؤلاء بعد ذلك من أثر والذين كانوا يعودون كانوا يحجمون عن قول شيء ويخفون أسرار فقدان هؤلاء ومن ثم كانوا يجلسون في الصفوف الأولى دوماً في المناسبات والمراسيم والإحتفالات وهم يصفقون بلا إنقطاع وكان البعض منهم يهتفون وكان المسنون منهم يتعلمون الرقص!؟ </p><p>كان قد مضى عام على وفاة جدي، ولم اكن قد ارتديت النظارة بعدُ.. لم اكن لأرغب في وضع نفسي تحت رحمة وأسرار وخفايا شيء مجهول مخبوء في النظارة، كنت أرغب بإستمرار الهروب من الأوهام والخرافات التي كان جدي قد قام بسردها لي وللناس الآخرين، الذين كانوا يقومون بسردها لي بأساليب مختلفة.. ولكن لم يمض طويل وقت حتى قامت العجوز الساحرة بتغيير برنامج حياتي وجعلت مني ومن النظارة توأم بعضنا البعض.. وفي وقت متأخر من إحدى الليالي جاءتني وهي ترتدي ثوباً وردياً وقد حنت يديها وقدميها، وكانت نهداها المغضنان عاريتين حتى نصفيهما وقد صبغت شفتيها باللون الوردي.. وكانت أسنانها قد أسودت بعض الشيء.. وكانت قد صبغت موضع شامة على خدها بالاسود وكحلت عينيها الزرقاوين، أزاحت بوشاحها الأبيض وبدأت تسرد لي بهدوء حلماً ما، كانت تدعي بأنه كان يتكرر لثلاثة ليالٍ متتالية، وكان الحلم غريباً ومتنوعاً ولا رابط بين احداثها، وكان يتعدى أكثر من ان يكون مجرد حلم واحد.. وكان يلتقي في نقطة واحدة.. وكان ذلك حضور جدي، الذي كان موجوداً في جميع فصول ومقاطع الحلم.. </p><p>في إحدى فصول حلم العجوز: </p><p>(يقترن جدي بالعجوز ليأخذها على صهوة فرس بيضاء إلى مملكة اخرى، ومن ثم يقتل جدي على ايدي بعض من رجال العصابات وقطاع الطرق وتختطف العجوز) وفي موقع آخر من حلم العجوز: </p><p>(لجدي ثماني عشرة زوجة ولكل منها لونها وشكلها وملامحها الخاصة بها.. وحتى لغاتهن وجنسياتهن مختلفات حيث يبقى له من ذريتهن جميعاً ابنٌ وحيد وهو أنا، وحسب قول العجوز، سأصبح أنا بدوري حاكم هذه المدينة، وفي مرحلة تالية تلي مرحلتي يتم وضع صورتي في موقع ستراتيجي من المدينة وسيطلق إسمي على جيل من أبناء المدينة). أما أهم جزء من حلم العجوز فهو: </p><p>(في يوم ماطر، وبعد أن أقوم بتنفيذ وصية جدي وأقوم بإرتداء نظارته.. تتزوجني تلك الفتاة السمراء والتي كنت اطلق عليها اسم (تلار) التي كنت قد تعرفت عليها من قبل في المناسبات والإحتفالات، ومن ثم عن طريق الصدفة وبعد عدة سنين أنتسب إلى صفوف شبكة سرية بواسطة أحد اقاربها.. فأشتهر سريعاً وبحكم خفايا وأسرار نظارتي أغدو شخصية مشهورة ومن ثم اصبح حاكماً لهذه المدينة) لقد سئمت كثيراً من كل تلك الحكايات والقصص التي كانت العجوز ترويها وكأنها حلم.. إضافة إلى الروائح التي كانت العجوز قد جلبتها إلى الغرفة معها وكانت تزداد بمرور الوقت.. فقد أغمي عليّ لبعض الوقت.. وحين أستعدتُ وعي كانت العجوز قد غادرت الغرفة.. لكن الشيء الذي أثار إنتباهي هو أن منامتي كانت قد نزعت.. وكنت أتمدد عاري العورة... وعلى أي حال أمضيت تلك الليلة، وعندما هلّ الصباح، رأيت مجموعة من الأوراق ملفوفة كالتعاويذ.. وقد كتب فيها: (نفِّذ وصية جدك وقم بإرتداء النظارة.. ولكن احذر ألا تنظر إلى أي شيء دون نظارته). </p><p>وبعد ذلك فقدت صبري وطول أناتي.. حتى إنني لم اكن استطيع مواصلة مهنتي كمدرس، إلى درجة كنت لا أميز بين الدروس وكثيراً ما كنت والطلاب نخلد إلى النوم في الصف ومن ثم كنا نروي أحلامنا لبعضنا البعض وكنت امنح أعلى درجة لمن كان يحلم منهم حلماً أكثر غرابة.. وكانت ملامح الطلبة تتغير أمام انظاري بمرور الوقت وكنت أراهم في عمر أكبر من اعمارهم.. كان الفتيان يبدون أكثر سمرة وأكثر طولاً، أما الفتيات وإن كن صغيرات السن، لكنني كنت أشعر بأن نهودهن تكبر بمرور الوقت.. حتى أنني في كثير من الأحيان كنت أمد يدي نحوهن.. وكان الطلبة الذكور يقلدونني فيما بعد.. وفي أحايين أخرى خاصة حين كنت أتكلم لهم عن التاريخ، كانوا يقعدون في أحضان بعضهم البعض.. ومنذ ذلك اليوم أصبحت هذه الظاهرة (عادة) لدى الطلاب، حين كنت أتحدث لهم عن تلك الفترة حين قتل خالد بن الوليد.. مسيلمة.. ومن ثم وعند رواية أي حدث تاريخي، كانوا يقومون بأفعال غريبة.. حتى ذلك اليوم الذي كنت قد رفعتُ عصا المدير.. وقلت لهم: </p><p>كفى، كفى... ألا تدركون بأنني في ورطة كبيرة.. إنكم لن ترأفوا بيّ.. لا تورطوني في مشكلة أكبر... أحبتي تصرفوا بأدب.. إنني لا زلت لم أنفذ وصية جدي بعدُ..إني أمريء غير نافع.. وبشع.. وشرير.. إنني لا أنفع في أن اعلمكم شيئاً، لآنني في حد ذاتي لا أعرف شيئاً، الكلمات التي أنطقها لكم.. ليست كلماتي.. إنها كلمات تلك العجوز الساحرة، ثقوا، إنني لست واثقاً من تلك الدروس التي ألقيها عليكم.. يحتمل أن تكون كلمات المدير صحيحة.. وليس من الضروري أن يكون كذلك؟! يحتمل أن تزوره ليلاً ساحرة ما وتنزع منامته بدورها، ، لم أكن قد انهيت حديثي بعد حين دلف المدير إلى الفصل وهو يعرج.. ويقف خلفي.. أستطردت في حديثي قائلاً: </p><p>لو لم تكن حبسة خان النقيب.. لمّا فتحت مدارس البنات، ينبغي علينا جميعاً أن نعلق في بيوتنا صورة لحبسة خان النقيب. وينبغي علينا الإلمام بتاريخ حياتها ونطالع جميع كتاباتها، ،. ربت المدير على ظهري وقال لي بوجه باسم: </p><p>أحسنت أيها الأستاذ.. أنت نموذج للأخلاق الحميدة ومبعث فخر وإعتزاز لمدرستنا.. ولكن عساك ان تنفذ وصية جدك وترتدي نظارته.. فدون شك عندها كانت ستتغير شخصيتك.. أو كان من االمحتمل أن يحدث تغيير في منصبك ايضاً.. أيها الأستاذ، قرأت أمس في مجلة إنجليزية، موضوعاً عن متحف بريطاني... والخاص بنياشين واسلحة وخناجر وأمتعة جدك.. وواضح انه منح أغلبها لشجاعته.. يا له من رجل فحل!!،،. </p><p>وفجأة دخل الفصل ثلاثة رجال جلف وجه مهندمهم كلامه إلى المدير قائلاً: </p><p>ألاّ يغادر أحد، توجهوا حالاً نحو ساحة المدينة الرئيسية.. وبهذه المناسبة الهامة، سيضاف خمس درجات للطلاب فوق مجموع درجاتهم، ،. أستعد الطلاب جميعاً وقبيل أن يتركوا الفصل الدراسي.. أنزل الرجل المهندم الصورة المعلقة فوق السبورة وبكل ما أوتي من قوة ضربها ارضاً فتهشمت زجاجها أما الآخران فقاما بإخراج الصورة واضرما فيها النار بقداحة المدير ومن ثم ضحك الجميع للحظات!! وبعد ذلك اختلطنا في ساحة المدينة الرئيسية بزحام الناس المحتشدين، ونتيجة للزحام والفوضى أصبحت في المقدمة كانت (تلار) أو الفتاة التي كنت أطلق عليها هذا الاسم.. عريفة حفل تلك المناسبة التاريخية الهامة.. كانت تقرأ الكلمات الحماسية بإستمرار وكانت الجموع الغفيرة تهم بالتصفيق بعد إنتهاء الكلمات، وحتى قبل أن تنهي كلامها.. ولم اكن ادري كيف.. ومن المحتمل أن يكون بسبب الاّّ تتحطم نظارة جدي في جيبي أثناء ذلك الزحام.. ودون قصد مني قمت بإخراجها ومن ثم إرتدائها... </p><p>أمعنت النظر.. كان الجميع يحدقون في بحذر وإحترام كبيرين.. وكان هناك عدد من الحراس يحيطون بيّ وكأنهم من الحرس الخاص بيّ.. فقلتُ في نفسي: </p><p>من الممكن إنهم يدركون قيمة وأهمية تلك النظارة لهذا يريدون القيام بحراستي... لئلا يدنو مني احد، ،. أستملكتني سعادة غامرة بسبب السحر الذي احدثته النظارة على معظم الحضور.. إضافة إلى ذلك زال كل قلقي وترددي الباطني.. في ذلك اليوم التاريخي الهام، والذي لم اكن لأعرف ذكرى أي يوم وسنة، أو شخصية، أو حتى أية مناسبة.. ولكن الشيء الذي كان يهمني، هو إنه وبعد فترة من المعاندة والصراع ومخالفة وصية جدي.. قد نفذت الآن وصيته بكل سهوله وأسلمتُ نفسي لتأثير خرافات نظارة جدي. </p><p>لم يمض طويل وقتٍ أقتربتْ الفتاة السمراء أو لنقول التي كنت أطلق عليها اسم (تلار).. من المايكروفون لتقول على مهل: ,, يا جماهير مدينتا الشرفاء.. نسعد اليوم بالمدير الجديد لمدينتا.. الذي من الواضح بأنه شخصية شهيرة ومن عائلة شهيرة ايضاً.. إنني كقرينة تلك الشخصية الشهيرة أعلن بإعتزاز بأنه مستعد للذود عنكم ولا يتوانى عن عمل كل شيء يستطيع عمله في سبيل خدمتكم.. أيها الأعزاء.. كونوا مطمئنين بانه من الآن فصاعداً لن تجدوا أطفالكم عراة أو موائدكم فارغة.. إن الرجل العظيم الذي سيصبح حاكم مدينتا، هو اعظم بكثير من ان أستطيع التعريف به هنا.. والآن نطلب من سيادته أن يأتي إلى هنا ليقدم لكم كلمة، ،. </p><p>أرتفعت اصوات التصفيق لدرجة، أوشكتْ أن تطرش أذني، أو يغمى عليّ جراء ذلك.. فسح الحراس لي الطريق قائلين تفضل.. تفضل.. وقامت مجموعة ما يسمى بكبار الشخصيات وممثلي المجالس البلدية والأطباء والمحامين و..... ألخ.. يقبلوني من كلا وجنتي وأخذوني دون إرادتي إلى المنصة وحين واجهت كل تلك الوجوه أمتلكني خوف وخجلت وبدأت بالتفكير، يا ترى ما الذي حدث.. هل ياترى وقد تحققت كلام الساحرة، وهل يكون هذا هو السر المخبوء لسنين عديدة في نظارة جدي... </p><p>عدت إلى حلمي وتذكرت بدايته، نعم كان هكذا تماماً، كالوضع الذي أنا فيه الآن.. نعم إن تلك المرأة صادقة فهي زوجتي بموجب الحلم وأنا بدوري أحد ابطال هذه المدينة.. ودون وعي مني كنت اقوم بسرد الحلم للحضور وجموع الجماهير الغفيرة.. وفجأة تناهت إلى أسماعي أصوات الدفوف والتهاليل والذكر وبادرت أسأل: (ماذا حدث؟!). </p><p>أخبرتني زوجتي: كل هذا هو بسبب كونهم أطمأنوا بأنك شخص مؤمن ونوراني وكنت تملك من قبل قوة خارقة وتوقعت حدوث الأمور. </p><p>ماكنت أرغب في هذا الأمر، ولكن لكي لا أحيد عن وصية جدي عدتُ إلى حلمي وألقيت عليهم الكلمة التي كنت قد رأيتها في بداية الحلم.. وقلت بصوت اجش: (لا أريد أحداً أن يتفاداني ويتملكه الخوف مني.. فإنني ساصبح حاكم المدينة لمدة أربع وعشرين ساعة حسب ما جاء في وصية جدي.. يجب أن ينام الجميع خلال تلك الأربع والعشرين ساعة ويحلموا بمدينة بيضاء.. التي يجب ان يمنع درس التاريخ في مدارسها ويدرس بدله الجغرافيا. وبدون شك يجب أن يتم تنقيح الدروس الأخرى.. أرى من الأفضل تصغير الكتب الكبيرة الحجم وجعلها عدة صفحات.. لأن جميع صفحاتها زائدة وقراءتها دون فائدة تذكر). </p><p>حين استعدت وعي، عرفت بانها ليست كلمة حلمي... بل كانت إنشاءً، كنت قد كتبته للطلاب من قبل، لم اجد في ذلك حرجاً ودخلت إلى حلمي والقيت عليهم الكلمة بنصها: (يجب أن يكون درس التاريخ الدرس الأساسي ويجعل حجم كتابه أربعة أضعاف ما هو عليه الآن ويهمل بقية الدروس!؟، لأننا لا نملك غير التاريخ، كي نفتخر به.كما أطالب أن يجعل من تاريخ جدي، فصلاً رئيسياً في درس التاريخ، ويُجعل من ذلك الفصل مصدر الأسئلة الوحيد للطلاب عند حلول الإمتحانات.. إذن منذ اليوم سنعود إلى سراديب التاريخ المظلمة.. يجب ان نرتدي ثيابهم ونتاول طعاماً كأطعمتهم.. يجب ان نقيم تماثيل لجدي وزوجاته الثمانية عشر في هذا الميدان). </p><p>سحرتني اصوات التصفيق وكنت اسمع الهتافات السحرية وهي تتعالى.. وبعد إرتداء النظارة، كنت أرى الناس أقزاماً.. وكانت الوجوه تتراءى لي وهي مشوهة!!؟ </p> <h1><span id=".D9.84.D9.87.D9.8A.D8.A8_.D8.A8.D8.A7.D9.86.D9.85.D9.8A.D9.84"></span><span class="mw-headline" id="لهيب_بانميل">لهيب بانميل</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=47" title="عدل القسم: لهيب بانميل">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>قصة: أحلام منصور ترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>وصلنا بسيارة حكيم العتيقة من بغداد إلى السعدية، وكان الركاب يطربون لتمضية الوقت وتقليل ملل الطريق، وكانوا يتجاذبون اطراف الحديث أحياناً وينهون ذلك الشجار الذي لا معنى له بينهم بسخرية. </p><p>كنت أرنو نحو الأشجار والبساتين المنتشرة على جانبي الطريق المتعرج، لم ارغب في إغماض عيني لئلا أحرم من تلك المناظر البديعة وعبق قداح البرتقال. منذ مدة وأنا لم أزر مديني المقدسة خانقين ولم أكن مطلعاً على تلك الملاحم التي كانت تحدث فيها بإستمرار بسبب بعدي عنها. </p><p>كنت في نظر الركاب أجنبياً غريباً، ولم يسألني أحدهم حيث كانوا يروون النكات العجيبة وقد اعتبرت راكباً منهم وذلك بإختلاط دخان سكائرنا. </p><p>كانت قوافل تلك السيارات الكبيرة والصغيرة الحجم جاعلة طريق المدينة صراطاً كصراط يوم القيامة، وكنا قلقين من إنزلاق سيارتنا تحت عجلات سيارات نقل النفط الطويلة وتدعسنا بعجلاتها لتختلط دماؤنا بالنفط وتغدو عظامنا رماداً. حين تركنا نقطة تفتيش السعدية كان الطريق يضيق وتشق سيارتنا طريقها بصعوبة فقد كنا نجعل عند كل مطبة وكان حكيم السائق يكيل علي مدير البلدية بسيل من الشتائم: </p><p>ـ يا ابن الزانية، لقد خلق لشرب الخمر واخذ الرشوة. </p><p>وكان الركاب يتلقفون منه ويكيلون بدورهم الشتائم لبعض أقارب علي ويشهدون بأن علي هو السارق الذي يقوم بخداع قائممقامي المدينة الواحد تلو الآخر معبدين شوارع المدينة بأكاذيبهم. وكان إبراهيم الشرطي الذي كانوا يسمونه إباو قد صب جام شتائمه على سابع جد علة وكان الركاب يسخرون منه: </p><p>ـ إباو لو كان علة يعرف بأنك ستزور بغداد أول مرة فإنه كان يقوم بتبليط الطريق قبل ذلك بأسبوع ولكن وا أسفاه! </p><p>كانت قطرات المطر تتساقط على زجاج سيارتنا المتكسر وكان الزجاج المترب يغدو نظيفاً رويداَ رويداً لتتشكل عليه رسوم وصور عجيبة. </p><p>كنا قلقين كي لا يغضب الوند فجأة ويهدم مدينتنا بفيضانه. كم كانت السيارة مسرعة وهي تتجه نحو المدينة وترتقي التلول فكان إبراهيم أكثر تلهفاً منها. لم يكن ليصبر، أنتفض في وجه السماء وكاد يمزق ثيابه خوفاً من الفيضان وكان صوته يرتفع بإستمرار وهو يصرخ: في العام الذي مضى أتانا نهر سيروان ويأتي هذه السنة من السماء ويشردنا فإلى أين نولي وجوهنا مع الحشد من أطفالنا؟ </p><p>فغضب حكيم السائق وأردف قائلاً: </p><p>ـ بالله فالفيضان وحده سيكون كفيلاً للقضاء علينا. في العام الماضي تهدمت المقبرة. فقل للرب أين سيذهب الموتى؟ في السنة المنصرمة أصبح الموتى أسماكاً. وقد جاء دورنا هذه السنة ومن يدعي بأننا سوف نحصل على جدث؟ سيجرفنا الفيضان دون كفن ومراسيم الفاتحة والدفن، يا ابن الزانية علة لم يأتي بالرمل والحصو كي يسد به منافذ الوند؟ والنتيجة ماذا نفعل؟ إنه غني.. ما باله.. لديه قصر شامخ، والطامة الكبرى لنا نحن ستغدو بيوتنا الطينية أجداثاً. </p><p>لم يبق لدى إبراهيم شعور، كان مطمئناً بأن زوجته فريدة تثير الحي بصراخها وعويلها وهي تقول هلعاً&#160;: سأموت.. جاءني المخاض.. الآن.. الآن.. فأتوا بالقابلة.. الطفل يصعد فوق قلبي.. سأموت .. القابلة.. أتوا بإبراهيم. </p><p>كفر إبراهيم حين قال:ـ مسكينة فريدة إنها الآن تخاف من المطر كثيراً إلى حد لا يصدق. </p><p>كان بيننا راكباً إسمه حسن.. حين تناهى إلى أسماعه آخر كلمة من كلمات إباو وكأنه قد صب عليه البنزين حيث وجه سيلاً من الشتائم لزوجته فريدة: </p><p>ـ المتحشفة، لقد حبلت كالقطة؟ قسماً بإلله أن أطفالهم ليسوا من صلبهم.. أنت وزوجتك فريدة كشقيق وشقيقة، ليقبض الله روحكما أنتما واطفالكما القذرين. قل لي يا إبراهيم ماذا أعجبك من فريدة؟ ليست جميلة، وليست ذات معرفة.. تفووو.. على ساقيها الهزيلتين؟ إني اقسم بالله إنك حين تحتضنها تغمض عينيك.. يا ذا الحظ النكد قل لي.. إن حسن ليس صادقاً ؟ تحامل إبراهيم وقال متأففاً&#160;: </p><p>ـ أنه حظي النكد! فهي ابنة عمي.. إنني مضطر ان اعتني بها حيث لصقت بي ولن تبارحني، أين أولي وجهي منها؟ سيمزقني عمي. أقسم بضريح والدي إنها الآن قد ازعجت خانقين، لن تستطيع مدينة بأكملها الوقوف في وجهها. </p><p>ـ لأنك لست رجلاً، خسئت .. إنك تخاف منها كالكلب. </p><p>ـ كلا. إنها تخاف من شيئين.. الجن ومن ثم المطر.. حيث تريد ليلاً الذهاب لقضاء حاجاتها فتقول لي قف عند الباب، غير انني أسخر وأستهزء بها، وحين يتساقط المطر ويكون المخاض قد جاءها حيث تصرخ وتصرخ لتصم آذاني.. لذا تراني يوم تمطر وكأنني افجع بفاجعة، حيث حظي النكد يجعلها أن يأتيها المخاض يوم الفيضان لتولد.. وقبل الفيضان بيومين لا يستكين الطفل في بطنها، أود أن تنجب طفلاً سأرسله في العام الثاني من عمره إلى المدرسة. </p><p>فلطم حسن لطمة على رأس إباو وأردف يقول: </p><p>ـ فليقبض الله روحك.. لماذا لا تعرف بأن المرأة تنجب بعد تسعة أشهر من الحمل.. إنها تخدعك لكي تقوم بإحتضانك. </p><p>ضغط حكيم السائق على دواسة الوقود وكان يمسح زجاج السيارة تباعاً من الداخل.. مغيراً من الموضوع: </p><p>ـ كفوا عن ذلك فالدنيا جاءها المخاض والرجال أيضاً، هذا ليس مطراً؟ </p><p>كاد المطر أن ينفذ من زجاج السيارة كالرصاص. وكانت التلول على الجانبين ترتفع رويداَ رويداً، فتح (إباو) نافذة السيارة وكأنه لم ير المدينة منذ مائة عام، وهو يشم عبق الأرض حيث قال: </p><p>ـ أف ما اعذب عبق خانقين.. لن استبدلها بالكون كله. </p><p>أمتزجت رائحة نفط شركة خانقين ـ بانميل ـ بأزهار جبال وتلول وسهول المدينة، وكانت نيران نفط بانميل ترتفع من بعيد وكان المطر يتساقط مدراراً على المنطقة .. حين شاهد الركاب من بعيد لهيب بانميل المرتفع نحو السماء وأزدادت دردشتهم قدر حرارة تلك النيران حول النفط والأنجليز، وزبدت افواههم وتصبب العرق من وجوههم. فصرخ إباو&#160;: </p><p>ـ يمعود وماذا أستفدنا نحن من النفط ؟ فإن أبو ناجي مهيمن ومسيطر بقبضته عليه. </p><p>ـ مادام النفط ينبع من أرضنا فإن خيراته ستكون لنا فأنظروا إلى نيرانه، يقال بأن هذه المدينة ستنتج النفط لمدة ألف عام، يقال سيأتي يوم ويغدو النفط كالوند، ولكن من يستطيع الآن التحدث معهم فإن أبناء الكلاب هؤلاء سيصبون نفطنا على رؤوسنا ليحقرونا. </p><p>ـ لماذا اهو هوانطة ؟ وهل هذه المدينة دون أصحاب ؟ </p><p>وكل مطلق العنان لنفسه. </p><p>ـ ولكن وا أسفاه وهل يستطيع أحد التصارع مع أبو ناجي؟ </p><p>ـ لقد ولى ذلك الزمان، إننا سنقضي عليهم غداً أو بعد غد فالمدينة ليست ملكاً لآبائهم. </p><p>ـ مادام ستخرج النفط بنفسه فيعتبره ملكاً له. </p><p>ـ سوف تشهد بأننا سنغرس أصابعنا في عيونهم غداً أو بعد غد .. صحيح أنهم يمتصون الآن دمانا ونفطنا سوية ولكن الدنيا ليست اليوم فقط .. فأنتظر وأدرك ماذا سيحدث غداً أو بعد غد. </p><p>وددت ان أقول شيئاً لكن سيارتنا وصلت إلى قمة آخر تلة على الطريق ومن ثم نزلت مباشرة بتأن لتقف عند نقطة التفتيش فدلف الشرطي كريم ساغ أولصي برأسه إلى داخل السيارة وهو يغطي راسه بقطعة من الغرارة وقال لإباو: </p><p>ـ قرة عينك يا إباو لقد رزقك الله ولداً ولا تخف لقد هبت المدينة كلها لنجدة زوجتك. </p><p>ـ فأغرورقت عينا إباو بالدموع وقال بصوته الأجش: </p><p>ـ قسماً بإلله فإني سأرسله من الآن إلى المدرسة وأكشف له كل أسرار الأنجليز. </p><p>(*) بانميل منطقة في خانقين، فيها مصفى للنفط بإسم مصفى الوند، قام النظام السابق بإغلاقها ونقل محتوياتها إلى منشآت نفطية أخرى. </p><p>إباو: كلمة تصغير لإبراهيم. </p><p>علة: كلمة تصغير لعلي. </p><p>أبو ناجي: الإنكليز. </p><p>هوانطة: يعني كل على هواه. </p> <h1><span id=".D8.A7.D9.84.D8.B5.D9.88.D8.B1.D8.A9"></span><span class="mw-headline" id="الصورة">الصورة</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=48" title="عدل القسم: الصورة">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h1> <p>قصة: أحلام منصور ترجمة: مكرم رشيد الطالباني </p><p>حين كان القمر يلطم من اجلي ومن أجل العشاق، لم تشرع أية وردة وشمعة وفراشة بالبكاء من أجل شيرين وفرهاد، والآن لن تشرع أية نجمة بالبكاء من أجل العشاق. أن القمر يدرك أن العشق هو داء السرطان، لذا فقد تحولت تماثيل العشاق الراحلون الخالدون إلى عرائس ثلجية وذابت بفعل نيران شمس العدم وغدت دخان السكائر التي لا تنفك من مرافقتي دوماً لتنجدني عند إنتصاف الليالي. نعم إن القمر يشرع بالبكاء كل لحظة على شاكلة مغايرة ويلطم وخاصة للقصائد والروايات والرسائل البنفسجية التي ذابت في دمائي الطاهرة والتي امتزجت بجهودي التي ذهبت سدى وحسراتي وآهاتي. </p><p>من المدهش أنني لم أشرع بالبكاء معه، هل يا ترى أن عيناي أصبحتا كهفاً وقد كمنت فيه عشرات من الأشرطة الصوتية وأقراص السيدي وأفلام تجاربي؟ الأمر هكذا ففي عيني اليسرى التي هي أضعف من عيني اليمنى يختبأ جبل. يتكون أساسه من حجر ثقيل وصلد وشاسع، ولن يطلق على ذلك الحجر حجر الصبر، كذلك فلا اسم يطلق على حجر أساس الجبل الكامن في عيني اليسرى، لأن بياض عينيّ لم يكن شاشة للسينما، فقد تحولت الجبال إلى طاقة، ولن يستطيع أي عالم للآثار كشف أسرار مفتاح تلك الحروف. </p><p>إنها كالروح والنفس والأحاسيس غير مرئية، لقد أغلقت مزلاج بؤبؤة عيني بمفتاح ذهبي، ورميت به في أتون كلماتي، ومن ثم وكما تقول الأغنية الروسية: (كلانا ضفتي نهر لن يمكننا الألتقاء ولا الإفتراق). وهكذا أصبحت أنا والعشق ضفتي نهر مدمى. </p><p>في يوم مخيف، قارس البرد، والزمهرير، أيقظني القمر وقام يشرع بالبكاء من أجلي فقط، وقال: لقد ضحكوا عليكِ... إني أبكي من أجل جهودكِ التي ذهبت سدى وآهاتكِ.وفجأة شعرت بأنامله الرقيقة وقد وضعت الحجر الأساس لجبل آخر في فؤادي. فتحت الشمس عينيها صباحاً لتبارك لي ومنحت الحرية لورود وعشب وفواكه ذلك الجبل، وحين قدم الليل ليسدل الظلام على قلبي، بدأ القمر يشرع بالبكاء ثانية. وكان التيار الكهربائي مقطوعاً. وكنت بدوري أخدع نفسي. </p><p>أسدلت الستائر وأشعلت عدداً من الشموع فبدأنا نبكي حتى الفجر، وكنا ندرك أن الشمس ستمنحنا الأمل من جديد وتُفند القمر وتقوم بتكويك الكرة الأرضية وستخضر حقول عشقي وتقوم النوارس بتقبيل أمواج قصائدي وتهدل حمامات رسائلي وحتى أن الذباب تتقافز فوق ظهر بعضها البعض. ومن ثم فإن شعاعاَ من أشعة الشمس ملأ إنائي بالسكر، وقام شعاع آخر بتخدير الشاي لي عوضاً عن الغاز فتزينت حيث أرسلت لي مرآتي عفطة طويلة، أضطررت أن أدير لها ظهري والنظر إلى حجم ظلي. وقد ضربني بالمغرفة على قفاي بدوره. فبقيت لوحدي معكم، ومن المحتمل أن يقولوا كما قالوا دائماً (إنها تقعد في المنزل وأدركت روحها التعب وانها أختارت لنفسها الصمت، لا عمل لها غير التفكير)، لن ارد عليكم لأن عشقي يمارس الحب مع العشق. </p><p>تجربتي هذه جبل شاهق وأن الكون قد وضح الحجر الأساس في قلب روحي، لذا فقد تحولت شراييني إلى أنهار، وقلبي ذهبي المعدن لن يدركه الصدأ أبداً. وحتى في هذه اللحظة فإن القمر لا يزال يبكي، بأي قصص يمكنني أن أجفف دموعه؟! أعتقد أن القمر يرتشف خمور اليأس، وأن صفحاتي ترتشف الدماء، وقد علق صورته نفسه في جبيني، وأنتم ترتدون القناع دوماً ولن تروا الصورة جيداً. لن أندم أبداً من خطواتي الماضية ولن اسأل فرجينيا وولف ِلمَ ألقت بنفسها في نهر التايمر أو فيم كانت تفكر سيمون دي بوفوار حينما أدركتها المنية، إن الصورة التي على جبيني ليست كالسابق عبارة عن خريطة كوردستان، ولم يدون فيها شعار الحرية والمجتمع المدني وأكاذيب ساسة كوردستان، كما لم تكتب تحت الصورة أية جملة بأية لغة كانت. لإني احبكم، غير أنكم تكرهونني بدوركم، كنتم ترمونني بالحجارة. والآن فإن تاريخ الإنسانية ترميكم بالحجارة، لقد أنمحت صوركم في ذاكرتي. دعوها فإنها معادلة غير معقولة. </p><p>إن اعينكم ككاميرات المخبرين، هل تودون أن تعرفوا من هو صاحب الصورة؟ أحي أم ميت؟ أشيخ هو أم في ريعان الشباب؟ ليست هناك صورة في أي حافظة للصور تشبه صورته، فلا تتعبوا أنفسكم، لا تنسوا إنكم شرطة، ستعمدون إلى تقليب صفحات دفاتري القديمة وتغدو قضية الصور لديكم لغزاً، ومن المحتمل أن تمطوا شفاهكم وتقولوا بدون أدنى مبالاة: (لقد ادركتكِ الشيخوخة)، إن صدى تلك الصورة هو لحن حياتي، على أية حال لا تراهنوا عيلها، أقلبوا الصفحات إذن، وأنظروا إلى صور الشعراء والروائيين والفنانين والفلاسفة و...و...و... </p><p>وللمرة الثالثة لازال القمر يجهش بالبكاء، ففي هذه المرة لثكله، لأنه بعكسي فهو نادم جداً على أعماله وكان دوماً شيطاناً يفرق بين العاشقين ويستغرب مني كوني لن ابكي. </p><p>ها أن الشمس توشك ان تبدأ بالبكاء، والسحب والسماء تذرف الدموع مدراراً، غير أن الصورة فوق جبيني تضحك منهم. </p><p>فإنكم لن تجدون صاحبها حتى ترحلون، ومن الممكن أن تكون حمامة وتعمدون لذبحها، أو أن تكون عصفوراً تحبسونه في قفص، ويمكن أن تكون وردة تنثرون وريقاتها، أو فراشة تحرقون جناحيها، ومن الممكن أن تكون نوطة لن يكون في إمكانكم عزفها بآلات موسيقية، أو أن تكون قطعة موسيقية لن تنسجم مع خطواتكم ومن الممكن أن تكون لحناً لن تدركوا كنهه، أو أن تكون كلمة لن تستطيعوا إمساك حروفها بالعسل، إنها جميعاً وليست أي منها، ليست صورة الدموع لوحدها، وليس صورة الحجر، وحتماً ليست صورة ذوي السلطة، هل ترى أن تكون صورة مرآة القيد والأمن وقناني المخابرات؟! كلا، يمكن أن تكون إسماً لإحدى الروايات، لكنها ليست حتماً صورة للدولار، ويمكن أن تكون صورة لإرادة شوبنهاور أو سوبرمان نيتشة، لكن ليس ممثلاً سينمائياً ومسرحياً ولا رساماً ولا موسيقياً، غير أنه أبرعكم فناً، ويمكن أن تكون صورة ورق اللعب والكأس والحبوب المنومة والمهدئة، ليكن الحديث بيننا، إن الصورة هي صورة رجل وهي صورة إعتيادية لكنها ملفتة للنظر قليلاً. ومن الممكن أن لا تكون قراءتي لهذه الصورة قراءة فلسفية. </p><p>لا زالت الشموع هذه المرة كما كانت، وكذلك النوارس والأمواج لكن ها أن خضر الحي مجهش بالبكاء، لتبكي الأوقات، والنجوم، والتماثيل، والورود، والطيور والأشجار، لكنني لن أبكي أنا ولا الصورة على جبيني، ولست نرجسياً إلى حد لكي تعرفوا أن الصورة أما تكون صورتي أو صورة ظلي أو الصورة التي في مرآتي؟! </p><p>كلا، إن الصورة صورة رجل جميل، وهل يوجد بين الكورد رجال حسان؟! كلا لا يوجد. </p><p>الجبل القديم في عيني اليسرى يتقاتل مع الجبل الذي في عيني اليمنى، ها أن إطار الصورة يوشك أن يثبت على جبيني، وتوشك أن تغدو عينا الصورة بحراً دموياً. ويوشك أنفه أن يتحول إلى عصاً، كلا يوشك أن يغدو مجدافاً، إنني لن أُقهر أبداً، لأن يراعي هو عصاي دوماً، وماذ يمكن أن تتحول الإبتسامات المرتسمة على شفتيه؟! ستغدو محيطاً، وقد خرج لغلوغه من فيهه، وهو يستهزء بكم. لا لا لم تتحول الصورة إلى كاريكاتير، لأن ذقنها يوشك أن يتحول إلى سجادة تصلي عليها كلماتي. </p><p>ها أن القمر يذرف الدموع، وقد أغمضت الشمس ناظريها، وأن الشيطان وخضر الحي يقومان بإعدام نفسيهما بحبال المشنقة. وحدها دموعي لا تبكي، أنا الفاتنة والقبيحة، المهمومة والسعيدة، الطاعنة في السن والصغيرة في السن، التمثال والدم، الحية الميتة، فأي صورة تتحول إلى مرآة لي، أنا الخنثى الذي أتكون من مليار شخص ولازلت نفسي ذاته. من بقي؟ الرب باقٍ لوحده، ولن يبكي الرب من أجلي ولن يضحك مني، لأن الرب أيضاً لا يعرف صاحب الصورة وأنه لم يخلق إنساناً هكذا أبداً، وليس تأثير الصورة حشيشة وإنني لم أدمن عليها أبداً. </p><p>هل تودون أن أحل لغز هذه الصورة، الرجاء أغمسوا الفرشاة في الأصباغ وأرسموا على جبيني لوحة مرآتية لتلك الصورة، لأجعل تفاصيل هذه اللقطات لكم مفتاحاً مرئياً، ومن ثم أرسموا صورتكم حسب هذه الخصائص على جبيني.ليكون الرأس والشعر كرأس وشعر بريخت، وليكون جبينه كجبين بودلير، وكذلك عيناه الباكيتان، وبابيونه، لنعد إلى الحاجب، الرجاء أن يكون حاجبيه كحاجبي صادق هيدايت، ومن ثم أرسموا أنفه كأنف رامبو، عودوا إلى رموش ستاندال، ومن ثم ارسموا خدي بلزاك، نعود إلى الشاربين، الرجاء إلصاق شاربي سلفادور دالي فوق شفتي الدكتور حقي إسماعيل كذلك أرسموا صورة أسنانه، أطلقوا لسان ميلر وألصقوا ذقن دورينمات بلحية أنكلز، نعود ثانية إلى ملامح وسيماء الصورة التي يجب أن تكون على شاكلة ملامح أنشتاين. ووضع نظارات جيخوف على عيني سان جون بيرس لينظر برؤيا كويستاف فلوبير إلى العالم ومن ثم الصقوا اذني فان كوخ على يسار ويمين رأس الصورة، ليكن رقبته كرقبة الإمام علي وكتفيه ككتفي رونالدو ألصقوهما بيدي ألان ديلون. وألصقوا ظهر ميلان كونديرا ببطن أدغار ألان بو، نعود إلى قفاه حيث يجب رسم صورة قفا فوكو، وأرسموا عضواً ذكرياً في المقدمة كعضو فرويد على خصيتي وليم رايش، كذلك ألصقوا صورة فخذي إيريك فروم مع ركبتي ماركيز، وساقي باسترناك وقدمي وليم فوكنر بباقي الأعضاء، ضعوا قلب كونراد بدقاته في صدره الذي يشابه صدر نزار قباني، ليكن رائحة دم الصورة كرائحة دم لوركا، وليكن بوله عكس بولي، ليكن خياله كخيال بروست وذكائه كذكاء جيمس جويس، ليكن البايب بين شفتيه كبايب جان بول سارتر، ولتكن عصاه كعصى جارلي جابلن وربطة عنقة كربطة عنق إيتالو كالفينو وحزامه كحزام محمد زفزاف، وجوربه كجورب نجيب محفوظ وقامته كقامة العفيف الأخضر وحذائيه كحذاء مورتي وأحلامه كأحلام محمد عمر عثمان، وكفره ككفر سلمان رشدي وآماله كآمال ماركس، ولا تنسوا البنطال يجب ان يكون بنطاله كبنطال بيرانديلو وقميصه كقميص ماياكوفسكي وسترته كسترة كافكا، وأن تكون أحاديثه حلوة وطيبة كأحاديث الأستاذ هيمن وأن يكون هدوئه كهدوء الطرابيشي ويكتب الشعر لي كإيليوت ويقول الشعر لي كأدونيس، ويكون وسيماً كألفيس بريسلي ويغني لي كمحمد عبد&#160;الوهاب ويغضب دوماً كبتهوفن وأن يمارس العادة السرية دوماً ويعزف على البيانو كموزارت وأن يكون مجنوناَ كنيتشه وأن يرسم اللوحات كبيكاسو ولتكن أظافر آلان روب كري فوق أنامله ويكون في صحراء كلود سيمون وليبحث عن سراب ناظري محمد بن عبد&#160;الله. </p><p>ليكون كعبه كعب آشيل وتكون خطواته كخطوات إبسن وأن يكون قد سرق بؤبؤ عينيه من تولستوي وله إبتسامة بول إيلوار وتكون روحه كروح فرلين ودموعه دموع كامو، وألبسوه جلود واتينغوش وأمنحوه أفكار آكير وكور وساوا التصويرية وأن يكون له عظمة هيرمان هيسة ويراع شكسبير وله إنتظار سورين كير كيغارد وكآبة صاموئيل بيكيت وصبر غرامشي وشفقة أديسون وتكون كلماته كشعر جاك بريفير وحداثويةً مثلي. لم تكتمل الصورة لكن لأقوم بإكمالها، ومن أجل الا تكون لروحها قبر كروح جواهر لال نهرو، الرجاء احرقوا الصورة واخلطوا رمادها برماد سجائر صباح مساء أيامي وليالي. وليبكي القمر من أجل نفسه ومن أجلي وتموت الشمس. </p><p><br /> </p><p><br /> </p><p><br /> </p> <h2><span id=".D8.B1.D9.88.D8.A7.D8.A8.D8.B7_.D8.AE.D8.A7.D8.B1.D8.AC.D9.8A.D8.A9"></span><span class="mw-headline" id="روابط_خارجية">روابط خارجية</span><span class="mw-editsection"><span class="mw-editsection-bracket">[</span><a href="/w/index.php?title=%D9%85%D9%83%D8%B1%D9%85_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A&amp;action=edit&amp;section=49" title="عدل القسم: روابط خارجية">عدل</a><span class="mw-editsection-bracket">]</span></span></h2> <ul><li><a rel="nofollow" class="external free" href="http://www.alriyadh.com/2012/06/07/article742413.html">http://www.alriyadh.com/2012/06/07/article742413.html</a></li> <li><a rel="nofollow" class="external free" href="http://iraqiwriter.com/iraqiwriter/Iraqi_Writers_folder/Site_writers/mukaram_talabani/mukaram_talabani.htm">http://iraqiwriter.com/iraqiwriter/Iraqi_Writers_folder/Site_writers/mukaram_talabani/mukaram_talabani.htm</a></li> <li><a rel="nofollow" class="external free" href="http://www.poetrybook.biz/2013/05/blog-post_3669.html">http://www.poetrybook.biz/2013/05/blog-post_3669.html</a></li> <li><a rel="nofollow" class="external free" href="http://iktab.com/bookstore/author/author_detail/182">http://iktab.com/bookstore/author/author_detail/182</a></li> <li><a rel="nofollow" class="external free" href="http://www.iraqiartist.com/iraqiwriter/Iraqi_Writers_folder/site_writers/mukaram_talabani/mukaram_talabani_128.htm">http://www.iraqiartist.com/iraqiwriter/Iraqi_Writers_folder/site_writers/mukaram_talabani/mukaram_talabani_128.htm</a></li></ul> <ul class="bandeau-portail إعلام" id="bandeau-portail"> <li class="bandeau-portail-element"><span class="bandeau-portail-icone" style="margin-right:1em"><a href="/wiki/%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%A9:%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82" title="بوابة:العراق"><img alt="أيقونة بوابة" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/06/Nuvola_Iraqi_flag.svg/28px-Nuvola_Iraqi_flag.svg.png" decoding="async" width="28" height="28" class="noviewer" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/06/Nuvola_Iraqi_flag.svg/42px-Nuvola_Iraqi_flag.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/06/Nuvola_Iraqi_flag.svg/56px-Nuvola_Iraqi_flag.svg.png 2x" data-file-width="60" data-file-height="60" /></a></span><span class="bandeau-portail-texte"><a href="/wiki/%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%A9:%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82" title="بوابة:العراق">بوابة العراق</a></span></li> <li class="bandeau-portail-element"><span class="bandeau-portail-icone" style="margin-right:1em"><a href="/wiki/%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%A9:%D8%A3%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85" title="بوابة:أعلام"><img alt="أيقونة بوابة" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/6/69/P_vip.svg/28px-P_vip.svg.png" decoding="async" width="28" height="28" class="noviewer" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/6/69/P_vip.svg/41px-P_vip.svg.png 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/6/69/P_vip.svg/55px-P_vip.svg.png 2x" data-file-width="1911" data-file-height="1944" /></a></span><span class="bandeau-portail-texte"><a href="/wiki/%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%A9:%D8%A3%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85" title="بوابة:أعلام">بوابة أعلام</a></span></li></ul> '
ما إذا كان التعديل قد تم عمله من خلال عقدة خروج تور (tor_exit_node)
false
طابع زمن التغيير ليونكس (timestamp)
1601572345