|
|
|
| معالم = |
|
| معالم = |
|
}} |
|
}} |
|
'''الْمُعْتَزِلَةُ''' (والمفرد: مُعْتَزِلِيّ) فرقة [[علم الكلام|كلامية]] ظهرت في بداية القرن الثاني الهجري في [[البصرة]] في أواخر [[الدولة الأموية|العصر الأموي]]، وقد ازدهرت في [[الدولة العباسية|العصر العباسي]].<ref name="الموسوعة الميسرة">(1418 هـ). ''الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة''. ردمك 9960-616-03-7.</ref> وقد لعبت دوراً رئيسياً سواء على المستوى [[دين (معتقد)|الديني]] و[[سياسة|السياسي]]، ولقد غلبت على المعتزلة النزعة ال[[عقل]]ية فاعتمدوا على العقل في تأسيس عقائدهم وقدموه على النقل، وقالوا بالفكر قبل السمع، ورفضوا [[حديث نبوي|الأحاديث]] التي لا يقرها العقل حسب وصفهم، وقالوا بوجوب معرفة [[الله]] بالعقل ولو لم يرد شرع بذلك، وإذا تعارض النص مع العقل قدموا العقل لأنه أصل النص، ولا يتقدم الفرع على الأصل، و[[الحسن والقبح العقليين|الحسن والقبح]] يجب معرفتهما بالعقل، فالعقل بذلك موجب وآمر وناه، لذلك فإنهم قد تطرفوا وغالوا في استخدام ال[[عقل]] وجعلوه حاكماً على النص، بعكس [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] الذين استخدموا العقل وسيلة لفهم النص وليس حاكماً عليه.<ref>د. إبراهيم مدكور، في الفلسفة الإسلامية، ج2، ص: 37، وجولد تسيهر، العقيدة والشريعة، ص: 112، ود. أبو الوفا التفتازاني، علم الكلام ومشكلاته.</ref> |
|
'''الْمُعْتَزِلَةُ''' (والمفرد: مُعْتَزِلِيّ) فرقة [[علم الكلام|كلامية]] ظهرت في بداية القرن الثاني الهجري في [[البصرة]] في أواخر [[الدولة الأموية|العصر الأموي]]، وقد ازدهرت في [[الدولة العباسية|العصر العباسي]].<ref name="الموسوعة الميسرة">(1418 هـ). ''الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة''. ردمك 9960-616-03-7.</ref> وقد لعبت دوراً رئيسياً سواء على المستوى [[دين (معتقد)|الديني]] و[[سياسة|السياسي]]، ولقد غلبت على المعتزلة النزعة ال[[عقل]]ية فاعتمدوا على العقل في تأسيس عقائدهم وقدموه على النقل، وقالوا بالفكر قبل السمع، ورفضوا [[حديث نبوي|الأحاديث]] التي لا يقرها العقل حسب وصفهم، وقالوا بوجوب معرفة [[الله]] بالعقل ولو لم يرد شرع بذلك، وإذا تعارض النص مع العقل قدموا العقل لأنه أصل النص، ولا يتقدم الفرع على الأصل، و[[الحسن والقبح العقليين|الحسن والقبح]] يجب معرفتهما بالعقل، فالعقل بذلك موجب، وآمر وناه، لذلك فإنهم قد تطرفوا وغالوا في استخدام ال[[عقل]] وجعلوه حاكماً على النص، بعكس [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] الذين استخدموا العقل وسيلة لفهم النص وليس حاكماً عليه.<ref>د. إبراهيم مدكور، في الفلسفة الإسلامية، ج2، ص: 37، وجولد تسيهر، العقيدة والشريعة، ص: 112، ود. أبو الوفا التفتازاني، علم الكلام ومشكلاته.</ref> |
|
|
|
|
|
{{شريط جانبي الجاحظ}} |
|
{{شريط جانبي الجاحظ}} |
|
ومن أشهر المعتزلة [[الزمخشري]] صاحب تفسير [[الكشاف (تفسير)|الكشاف]]، و[[الجاحظ]]، والخليفة [[عبد الله المأمون|المأمون]]، و[[القاضي عبد الجبار]]. كما كان تأكيد المعتزلة على [[التوحيد في الإسلام|التوحيد]]، ويعتقد أن أول ظهور للمعتزلة كان في [[البصرة]] في العراق ثم انتشرت أفكارهم في مختلف مناطق الدولة الإسلامية [[خراسان الكبرى|كخراسان]] و[[ترمذ]] و[[اليمن]] و[[شبه الجزيرة العربية|الجزيرة العربية]] و[[الكوفة]] و[[أرمينيا]] إضافة إلى [[بغداد]]. وبقي القليل من آثار المعتزلة لقرون ولم يعرف عنه سوى من كتابات آخرين سواء من أشاروا إليهم عبورا أو من عارضوهم، إلى أن اكتشفت البعثة المصرية في اليمن قبل بضعة عقود أهم كتاب في مذهب الاعتزال وهو "المغني في أبواب التوحيد والعدل" [[القاضي عبد الجبار|للقاضي عبد الجبار]] وله أيضا كتاب شرح الأصول الخمسة. |
|
ومن أشهر المعتزلة [[الزمخشري]] صاحب تفسير [[الكشاف (تفسير)|الكشاف]]، و[[الجاحظ]]، والخليفة [[عبد الله المأمون|المأمون]]، و[[القاضي عبد الجبار]]. كما كان تأكيد المعتزلة على [[التوحيد في الإسلام|التوحيد]]، ويعتقد أن أول ظهور للمعتزلة كان في [[البصرة]] في العراق، ثم انتشرت أفكارهم في مختلف مناطق الدولة الإسلامية [[خراسان الكبرى|كخراسان]] و[[ترمذ]] و[[اليمن]] و[[شبه الجزيرة العربية|الجزيرة العربية]] و[[الكوفة]] و[[أرمينيا]] إضافة إلى [[بغداد]]. وبقي القليل من آثار المعتزلة لقرون ولم يعرف عنه سوى من كتابات آخرين سواء من أشاروا إليهم عبوراً أو من عارضوهم، إلى أن اكتشفت البعثة المصرية في اليمن قبل بضعة عقود أهم كتاب في مذهب الاعتزال وهو "المغني في أبواب التوحيد والعدل" [[القاضي عبد الجبار|للقاضي عبد الجبار]] وله أيضاً كتاب شرح الأصول الخمسة. |
|
|
|
|
|
وصلت الحركة إلى ذروتها السياسية خلال الخلافة العباسية خلال [[محنة خلق القرآن]]، وهي فترة الاضطهاد الديني التي أسسها الخليفة العباسي [[المأمون]] حيث عاقب علماء الدين، أو سجنوا أو حتى القتل ما لم امتثلوا لعقيدة المعتزلة. واستمرت هذه السياسة في عهد [[المعتصم]] و[[الواثق]].<ref name="Zaman1997b">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Muhammad Qasim Zaman|عنوان=Religion and Politics Under the Early ?Abbasids: The Emergence of the Proto-Sunni Elite|مسار= https://books.google.com/books?id=0xkpdl6UVOwC&pg=PA106|سنة=1997|ناشر=BRILL|isbn=978-90-04-10678-9|صفحات=106–112|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200421104724/https://books.google.com/books?id=0xkpdl6UVOwC&pg=PA106|تاريخ أرشيف=2020-04-21}}</ref> |
|
وصلت الحركة إلى ذروتها السياسية خلال الخلافة العباسية خلال [[محنة خلق القرآن]]، وهي فترة الاضطهاد الديني التي أسسها الخليفة العباسي [[المأمون]] حيث عاقب علماء الدين، أو سجنوا أو حتى القتل ما لم يمتثلوا لعقيدة المعتزلة. واستمرت هذه السياسة في عهد [[المعتصم]] و[[الواثق]].<ref name="Zaman1997b">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Muhammad Qasim Zaman|عنوان=Religion and Politics Under the Early ?Abbasids: The Emergence of the Proto-Sunni Elite|مسار= https://books.google.com/books?id=0xkpdl6UVOwC&pg=PA106|سنة=1997|ناشر=BRILL|isbn=978-90-04-10678-9|صفحات=106–112|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200421104724/https://books.google.com/books?id=0xkpdl6UVOwC&pg=PA106|تاريخ أرشيف=2020-04-21}}</ref> |
|
|
|
|
|
{{إسلام}} |
|
{{إسلام}} |
|
|
|
اختلف المؤرخون في بواعث ظهور مذهب المعتزلة، واتجهت رؤية العلماء إلى: |
|
اختلف المؤرخون في بواعث ظهور مذهب المعتزلة، واتجهت رؤية العلماء إلى: |
|
|
|
|
|
* '''سبب ديني ''': الاعتزال حدث بسبب اختلاف في بعض الأحكام الدينية كالحكم على مرتكب الكبيرة. كما أن السبب الرئيسي فيه هو توسع [[الدولة العباسية]] في الفتوحات الإسلامية وبدأت خلال هذا التوسع تتسرب أفكار فلسفية يونانية عند نهاية القرن الأول كان قد توسع ودخلت أمم عديدة وشعوب كثيرة في الإسلام ودخلت معها ثقافات مختلفة ودخلت الفلسفة، ويعتقد العلماء المؤيدون لهذه أن سبب التسمية هي: |
|
* '''سبب ديني ''': الاعتزال حدث بسبب اختلاف في بعض الأحكام الدينية كالحكم على مرتكب الكبيرة. كما أن السبب الرئيسي فيه هو توسع [[الدولة العباسية]] في الفتوحات الإسلامية، وبدأت خلال هذا التوسع تتسرب أفكار فلسفية يونانية. عند نهاية القرن الأول كان قد توسع ودخلت أمم عديدة وشعوب كثيرة في الإسلام ودخلت معها ثقافات مختلفة ودخلت الفلسفة، ويعتقد العلماء المؤيدون لهذه أن سبب التسمية هي: |
|
::وتمثله الرواية الشائعة في اعتزال [[واصل بن عطاء]] عن شيخه [[الحسن البصري]] في مجلسه العلمي في الحكم على مرتكب الكبيرة، وكان الحكم أنه ليس بكافر. وتقول الرواية أن واصل بن عطاء لم ترقه هذه العبارة وقال هو في (منزلة بين منزلتين)، أي لا مؤمن ولا [[لادينية|كافر]]. وبسبب هذه الإجابة اعتزل مجلس الحسن البصري وكوّن لنفسه حلقة دراسية وفق ما يفهم ويقال حين ذاك أن الحسن البصري أطلق عبارة (اعْتزَلنا واصل).<ref name="الموسوعة الميسرة"/> |
|
::وتمثله الرواية الشائعة في اعتزال [[واصل بن عطاء]] عن شيخه [[الحسن البصري]] في مجلسه العلمي في الحكم على مرتكب الكبيرة، وكان الحكم أنه ليس بكافر. وتقول الرواية أن واصل بن عطاء لم ترقه هذه العبارة وقال هو في (منزلة بين منزلتين)، أي لا مؤمن ولا [[لادينية|كافر]]. وبسبب هذه الإجابة اعتزل مجلس الحسن البصري وكوّن لنفسه حلقة دراسية وفق ما يفهم ويقال حين ذاك أن الحسن البصري أطلق عبارة (اعْتزَلنا واصل).<ref name="الموسوعة الميسرة"/> |
|
|
|
|
|
* '''سبب سياسي ''': يعتقد بعض العلماء أن الداعي لظهور هذه الفرقة ظرف [[حضارة|حضاري]] أو [[التاريخ|تاريخي]] لأن [[إسلام|الإسلام]] عند نهاية [[القرن 1|القرن الأول]] كان قد توسع ودخلت أمم عديدة وشعوب كثيرة في [[إسلام|الإسلام]] ودخلت معها ثقافات مختلفة ودخلت [[فلسفة|الفلسفة]] ولم يعد المنهج النصي التقليدي النقلي يفي حاجات المسلمين العقلية في جدالهم. والمنهج الذي يصلح لذلك هو المنهج الطبيعي العقلي والذي سيصبح أهم المذاهب الكلامية من الناحية الخالصة فهو أكثر المذاهب إغراقا وتعلقا بالمذهب العقلاني. |
|
* '''سبب سياسي ''': يعتقد بعض العلماء أن الداعي لظهور هذه الفرقة ظرف [[حضارة|حضاري]] أو [[التاريخ|تاريخي]]، لأن [[إسلام|الإسلام]] عند نهاية [[القرن 1|القرن الأول]] كان قد توسع ودخلت أمم عديدة وشعوب كثيرة في [[إسلام|الإسلام]] ودخلت معها ثقافات مختلفة ودخلت [[فلسفة|الفلسفة]]، ولم يعد المنهج النصي التقليدي النقلي يفي حاجات المسلمين العقلية في جدالهم. والمنهج الذي يصلح لذلك هو المنهج الطبيعي العقلي، والذي سيصبح أهم المذاهب الكلامية من الناحية الخالصة، فهو أكثر المذاهب إغراقاً وتعلقاً بالمذهب العقلاني. |
|
|
|
|
|
== العقائد والأفكار == |
|
== العقائد والأفكار == |
|
بدأت المعتزلة بفكرة أو بعقيدة واحدة، ثم تطور خلافها فيما بعد، ولم يقف عند حدود تلك المسألة، بل تجاوزها ليشكل منظومة من العقائد والأفكار، والتي في مقدمتها الأصول الخمسة الشهيرة التي لا يعد معتزليا من لم يقل بها، كما ذكر أبو الحسين الخياط -أحد أئمة المعتزلة- أنه لا يستحق اسم الاعتزال حتى يجمع القول بالأصول الخمسة: التوحيد، العدل، الوعد والوعيد، المنزلة بين المنزلتين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأصول الخمسة تمثل الخط العام لفكر المعتزلة، وهم قد اتفقوا عليها، ولا يعني هذا انعدام الخلاف بينهم، فلقد كان هناك بعض الخلافيات في الفروع التي أنبنت على تلك الأصول، لكن هذه الأصول الخمسة تمثل الأساس العام لفكر المعتزلة، وهذه الأصول لم تتكون دفعة واحدة، بل مرت بمراحل نشأة المعتزلة وتطورها، وأولها من الناحية التاريخية هو أصل المنزلة بين المنزلتين.1 |
|
بدأت المعتزلة بفكرة أو بعقيدة واحدة، ثم تطور خلافها فيما بعد، ولم يقف عند حدود تلك المسألة، بل تجاوزها ليشكل منظومة من العقائد والأفكار، والتي في مقدمتها الأصول الخمسة الشهيرة التي لا يعد معتزلياً من لم يقل بها، كما ذكر أبو الحسين الخياط -أحد أئمة المعتزلة- أنه لا يستحق اسم الاعتزال حتى يجمع القول بالأصول الخمسة: التوحيد، العدل، الوعد والوعيد، المنزلة بين المنزلتين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والأصول الخمسة تمثل الخط العام لفكر المعتزلة، وهم قد اتفقوا عليها، ولا يعني هذا انعدام الخلاف بينهم، فلقد كان هناك بعض الخلافيات في الفروع التي بُنيت على تلك الأصول، لكن هذه الأصول الخمسة تمثل الأساس العام لفكر المعتزلة، وهذه الأصول لم تتكون دفعة واحدة، بل مرت بمراحل نشأة المعتزلة وتطورها، وأولها من الناحية التاريخية هو أصل المنزلة بين المنزلتين.1 |
|
|
|
|
|
والأصول الخمسة هي كالتالي: |
|
والأصول الخمسة هي كالتالي: |
|
|
|
|
|
1- '''التوحيد''': ويعنون به إثبات وحدانيةِ الله ونفي المثل عنه، وقالوا أن صفاته هي عين ذاته فهو عالم بذاته قادر بذاته... لا بصفات زائدة عن الذات، وقد درج مخالفوهم على تفسير ذلك بأنهم ينفون الصفات عن الله |
|
1- '''التوحيد''': ويعنون به إثبات وحدانيةِ الله ونفي المثل عنه، وقالوا أن صفاته هي عين ذاته فهو عالم بذاته قادر بذاته... لا بصفات زائدة عن الذات، وقد درج مخالفوهم على تفسير ذلك بأنهم ينفون الصفات عن الله. |
|
|
|
|
|
2- '''العدل''': ويعنون به قياس أحكام الله على ما يقتضيه [[عقل|العقل]] و[[حكمة|الحكمة]]، وبناء على ذلك نفوا أمورا وأوجبوا أخرى، فنفوا أن يكون الله خالقا لأفعال عباده، وقالوا: إن العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم إن خيرا وإن شرا، قال [[ابن حزم الأندلسي|أبو محمد بن حزم]]:" قالت المعتزلة: بأسرها حاشا ضرار بن عبد الله الغطفاني الكوفي ومن وافقه [[حفص الفرد|كحفص الفرد]] وكلثوم وأصحابه إن جميع أفعال العباد من حركاتهم وسكونهم في أقوالهم وأفعالهم وعقودهم لم يخلقها الله عز وجل ". وأوجبوا على الخالق الله فعل الأصلح لعباده، قال [[أبو الفتح الشهرستاني|الشهرستاني]]:" اتفقوا -أي المعتزلة- على أن الله لا يفعل إلا الصلاح والخير، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد وأما الأصلح واللطف ففي وجوبه عندهم خلاف وسموا هذا النمط عدلا "، وقالوا أيضا بأن العقل مستقل بالتحسين والتقبيح، فما حسنه العقل كان حسنا، وما قبحه كان قبيحا، وأوجبوا الثواب على فعل ما استحسنه العقل، والعقاب على فعل ما استقبحه. |
|
2- '''العدل''': ويعنون به قياس أحكام الله على ما يقتضيه [[عقل|العقل]] و[[حكمة|الحكمة]]، وبناء على ذلك نفوا أموراً وأوجبوا أخرى، فنفوا أن يكون الله خالقاً لأفعال عباده، وقالوا: إن العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم إن خيراً وإن شراً، قال [[ابن حزم الأندلسي|أبو محمد بن حزم]]: "قالت المعتزلة: بأسرها حاشا ضرار بن عبد الله الغطفاني الكوفي ومن وافقه [[حفص الفرد|كحفص الفرد]] وكلثوم وأصحابه إن جميع أفعال العباد من حركاتهم وسكونهم في أقوالهم وأفعالهم وعقودهم لم يخلقها الله عز وجل". وأوجبوا على الخالق الله فعل الأصلح لعباده، قال [[أبو الفتح الشهرستاني|الشهرستاني]]: "اتفقوا -أي المعتزلة- على أن الله لا يفعل إلا الصلاح والخير، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد، وأما الأصلح واللطف ففي وجوبه عندهم خلاف وسموا هذا النمط عدلاً"، وقالوا أيضاً: بأن العقل مستقل بالتحسين والتقبيح، فما حسنه العقل كان حسناً، وما قبحه كان قبيحاً، وأوجبوا الثواب على فعل ما استحسنه العقل، والعقاب على فعل ما استقبحه. |
|
|
|
|
|
3- '''المنزلة بين المنزلتين''': وهذا الأصل يوضح حكم [[فاسق|الفاسق]] في الدنيا عند المعتزلة، وهي المسألة التي اختلف فيها [[واصل بن عطاء]] مع [[الحسن البصري]]، إذ يعتقد المعتزلة أن الفاسق في الدنيا لا يسمى مؤمنا بوجه من الوجوه، ولا يسمى كافرا بل هو في منزلة بين هاتين المنزلتين، فإن تاب رجع إلى إيمانه، وإن مات مصرا على فسقه كان من المخلدين في عذاب [[جهنم]]. |
|
3- '''المنزلة بين المنزلتين''': وهذا الأصل يوضح حكم [[فاسق|الفاسق]] في الدنيا عند المعتزلة، وهي المسألة التي اختلف فيها [[واصل بن عطاء]] مع [[الحسن البصري]]، إذ يعتقد المعتزلة أن الفاسق في الدنيا لا يسمى مؤمناً بوجه من الوجوه، ولا يسمى كافراً، بل هو في منزلة بين هاتين المنزلتين، فإن تاب رجع إلى إيمانه، وإن مات مُصِراً على فسقه كان من المخلدين في عذاب [[جهنم]]. |
|
|
|
|
|
4- '''الوعد والوعيد''': والمقصود به إنفاذ الوعيد في [[يوم القيامة في الإسلام|الآخرة]] على أصحاب [[كبيرة|الكبائر]] وأن الله لا يقبل فيهم [[شفاعة]]، ولا يخرج أحدا منهم من [[جهنم|النار]]، فهم كفار خارجون عن [[الإسلام|الملة]] مخلدون في نار [[جهنم]]، قال الشهرستاني:" واتفقوا - أي المعتزلة - على أن المؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض. وإذا خرج من غير [[توبة]] عن كبيرة ارتكبها استحق [[الخلود في النار]] لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار وسموا هذا النمط وعدا ووعيدا". |
|
4- '''الوعد والوعيد''': والمقصود به إنفاذ الوعيد في [[يوم القيامة في الإسلام|الآخرة]] على أصحاب [[كبيرة|الكبائر]] وأن الله لا يقبل فيهم [[شفاعة]]، ولا يخرج أحداً منهم من [[جهنم|النار]]، فهم كفار خارجون عن [[الإسلام|الملة]] مخلدون في نار [[جهنم]]، قال الشهرستاني: "واتفقوا -أي المعتزلة- على أن المؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض. وإذا خرج من غير [[توبة]] عن كبيرة ارتكبها استحق [[الخلود في النار]]، لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار، وسموا هذا النمط وعداً ووعيداً". |
|
|
|
|
|
5- '''الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر''': وهذا الأصل يوضح موقف المعتزلة من أصحاب الكبائر سواء أكانوا حكاما أم محكومين، قال الأشعري في المقالات: "وأجمعت المعتزلة إلا الأصم على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع الإمكان والقدرة باللسان واليد والسيف كيف قدروا على ذلك" فهم يرون قتال أئمة الجور لمجرد فسقهم، ووجوب الخروج عليهم عند القدرة على ذلك وغلبة الظن بحصول الغلبة وإزالة المنكر. |
|
5- '''الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر''': وهذا الأصل يوضح موقف المعتزلة من أصحاب الكبائر سواءً أكانوا حكاماً أم محكومين، قال الأشعري في المقالات: "وأجمعت المعتزلة إلّا الأصم على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع الإمكان والقدرة باللسان واليد والسيف كيف قدروا على ذلك" فهم يرون قتال أئمة الجور لمجرد فسقهم، ووجوب الخروج عليهم عند القدرة على ذلك وغلبة الظن بحصول الغلبة وإزالة المنكر. |
|
|
|
|
|
هذه هي أصول المعتزلة الخمسة التي اتفقوا عليها، وهناك عقائد أخرى للمعتزلة منها ما هو محل اتفاق بينهم، ومنها ما اختلفوا فيه، فمن تلك العقائد: |
|
هذه هي أصول المعتزلة الخمسة التي اتفقوا عليها، وهناك عقائد أخرى للمعتزلة منها ما هو محل اتفاق بينهم، ومنها ما اختلفوا فيه، فمن تلك العقائد: |
|
|
|
|
|
|
|
=== أولا: التوحيد === |
|
=== أولا: التوحيد === |
|
وحدانية الله أصل من أصول الدين، بل هو أول وأهم أصل قام عليه الإسلام، وعندما يتمسك المعتزلة بهذا الأصل، فهم يحاولون إقراره في مواجهة منكريه من أصحاب الديانات المخالفة للإسلام وهم في سبيل تقرير ذلك يعطون صورة لتنزيه الله ووحدانيته بعيدة عن كل صور ال[[تجسيم]] والتشبيه، ويقاومون تلك النزعات التي تسربت داخل البيئة الإسلامية عند بعض فرق الغلاة المنتسبة إلى الإسلام، وإمعاناً في تأكيد ذلك التنزيه المطلق، نفوا أن تكون لله صفات قديمة حتى لا تشاركه في القدم، ولم تتوان المعتزلة في اتهام مخالفيهم من الفرق الإسلامية بنقض التوحيد، ومن أمثلة ذلك: |
|
وحدانية الله أصل من أصول الدين، بل هو أول وأهم أصل قام عليه الإسلام، وعندما يتمسك المعتزلة بهذا الأصل، فهم يحاولون إقراره في مواجهة منكريه من أصحاب الديانات المخالفة للإسلام، وهم في سبيل تقرير ذلك يعطون صورة لتنزيه الله ووحدانيته بعيدة عن كل صور ال[[تجسيم]] والتشبيه، ويقاومون تلك النزعات التي تسربت داخل البيئة الإسلامية عند بعض فرق الغلاة المنتسبة إلى الإسلام، وإمعاناً في تأكيد ذلك التنزيه المطلق، نفوا أن تكون لله صفات قديمة حتى لا تشاركه في القدم، ولم تتوان المعتزلة في اتهام مخالفيهم من الفرق الإسلامية بنقض التوحيد، ومن أمثلة ذلك: ردهم على المشبهة والمجسمة وعلى القائلين بأكثر من إله: خاض المعتزلة معارك كلامية ومناقشات ضد القائلين بأكثر من إله والقائلين بالتجسيم أو الحلول والاتحاد، سواءً أكانوا من أصحاب الديانات الشرقية القديمة أو اليهودية والمسيحية، وهذه نماذج من تلك الردود: |
|
ردهم على المشبهة والمجسمة وعلى القائلين بأكثر من إله: خاض المعتزلة معارك كلامية ومناقشات ضد القائلين بأكثر من إله والقائلين بالتجسيم أو الحلول والاتحاد، سواء أكانوا من أصحاب الديانات الشرقية القديمة أو اليهودية والمسيحية، وهذه نماذج من تلك الردود: |
|
|
|
|
|
|
رد النظام على القائلين بالنور والظلمة، معتمدين على القول باستحالة صدور الخير والشر من واحد، وذلك بأن يلزمهم القول بعدم استحالة ذلك، فالإنسان الواحد قد يكذب في حال ويصدق في حال أخرى، وهذا يدل على أن الفاعل الواحد قد يكون منه شيئان مختلفان، ولقد ضرب النظام أمثلة تؤكد صدور الخير والشر من واحد. ولقد حاول النظام إبطال قول المنانية في امتزاج النور بالظلمة وأن منهما العالم، وهما في أنفسهما وفي أعمالهما مختلفان متضادان، فيرد عليهم أنه إذا كانا متضادان فكيف امتزجا وتداخلا واجتمعا من تلقاء أنفسهما، وليس فوقهما قاهر يقهرهما، ولا جامع جمعهما ومنعهما من أعمالهما إذ أن عملهما مختلفان، وهذا يعني أنه لابد للمتضادان من جامع يجمعهما على ما في طبعهما، وهذا دليل على أن للأشياء خالقاً خلقها ومدبراً دبرها فقهرها على ما أراد، ودبرها على ما أحب، وجمع منها ما أراد جمعه وفرق ما أراد تفريقه.<ref>الخياط، الانتصار، ص: 30-32، وردود النظام تتكرر فيما بعده من المتكلمين من كافة الاتجاهات.</ref> |
|
رد النظام على القائلين بالنور والظلمة، معتمدين على القول باستحالة صدور الخير والشر من واحد، وذلك بأن يلزمهم القول بعدم استحالة ذلك، فالإنسان الواحد قد يكذب في حال ويصدق في حال أخرى، وهذا يدل على أن الفاعل الواحد قد يكون منه شيئان مختلفان، ولقد ضرب النظام أمثلة تؤكد صدور الخير والشر من واحد. ولقد حاول النظام إبطال قول المنانية في امتزاج النور بالظلمة وأن منهما العالم، وهما في أنفسهما وفي أعمالهما مختلفان متضادان، فيرد عليهم أنه إذا كانا متضادان فكيف امتزجا وتداخلا واجتمعا من تلقاء أنفسهما، وليس فوقهما قاهر يقهرهما، ولا جامع جمعهما ومنعهما من أعمالهما إذ أن عملهما مختلفان، وهذا يعني أنه لابد للمتضادان من جامع يجمعهما على ما في طبعهما، وهذا دليل على أن للأشياء خالقاً خلقها ومدبراً دبرها فقهرها على ما أراد، ودبرها على ما أحب، وجمع منها ما أراد جمعه وفرق ما أراد تفريقه.<ref>الخياط، الانتصار، ص: 30-32، وردود النظام تتكرر فيما بعده من المتكلمين من كافة الاتجاهات.</ref> |