رواقية: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
تحديث
لا ملخص تعديل
وسمان: كتابة ألفاظ نابية أو شخبطة تحرير مرئي
سطر 37: سطر 37:


يعتقد الفلاسفة الرواقيون أن الفلسفة ليست مجرد علم تسلية أو علم بل طريقة في الحياة. يعرفون الفلسفة كتمرين أو كممارسة في التخصص المهتم بذلك الذي يفيد.
يعتقد الفلاسفة الرواقيون أن الفلسفة ليست مجرد علم تسلية أو علم بل طريقة في الحياة. يعرفون الفلسفة كتمرين أو كممارسة في التخصص المهتم بذلك الذي يفيد.

الفلسفة في الرواقية هي محبة الحكمة وممارستها، والحكمة هي العلم بالأشياء الإلهية والإنسانية، وتنقسم إلى المنطقوالطبيعيات والأخلاق ، وهي تشبه الحقل الخصيب، أشجاره العلم الطبيعي وثماره الأخلاق، وسياجه المنطق. والغاية الرئيسية من الفلسفة أن تكون فلسفة عملية أخلاقية، وبذلك تميزت الرواقية بثلاث سمات: الأولى أن الفلسفة الحقيقية هي الفلسفة العملية، والثانية أن الفلسفة العملية هي التي تقوم على العمل المطابق للعقل، والثالثة أن العمل المطابق للعقل هو الذي يجري بمقتضى قوانين الطبيعة، فالحياة يجب أن تعاش وفق الطبيعة، وهذا هو أنموذج كل إنسان عاقل.

'''الأخلاق'''

ينظر الرواقيون إلى الفلسفة على أنها الأخلاق، لأن موضوع الفلسفة هو الفضيلة وما فروع الفلسفة المختلفة إلا أنواع متعددة للفضيلة، فيصنفون الأخلاق في المرتبة العليا من هرم  العلوم الفلسفية، لأن الفعل الأخلاقي لا يكون صحيحاً إلا  إذا كان موافقاً لما تقتضيه قوانين الطبيعة.  وكل فعل أخلاقي إنما يكون عن طريق الممارسة، والممارسة لا تكون إلا على أساس النظرية  لأن الأصل في كل نظر عندهم هو العمل؛ إذن فالنظرية هي المبدأ الأول الذي يقوم عليه العمل الأخلاقي، أو بعبارة أخرى الغاية من كل تجربة أو فعل أخلاقي هو تحقيق قانون الطبيعة. والمركز الأول للطبيعيات وليس للأخلاق.

ويختلف الرواقيون في ترتيب العلوم وأوليتها؛ فزينون وإقلينتيوس مثلاً، اهتما بالطبيعة أكثر من الأخلاق، أما في  الطور الثاني ، فقد طغت النزعة العملية، ثم أصبحت الفلسفة الرواقية في  الدور الروماني عملية صرفة، لا تكاد تتجاوز في شيء أنواع الأعمال والقواعد المرتبطة بأنواع الأعمال التي يجب أن يؤديها الإنسان حتى يصل إلى الحياة السعيدة، وبهذا احتلت الأخلاق  المرتبة الأولى وكان للطبيعيات مرتبة  ثانوية.

ولا مجال عند الرواقية للاختيار أو الحرية؛ فالأفعال الإنسانية متصفة بصفة السوية أو التساوي أو الحياد، و كل فعل أخلاقي هو في ذاته لا قيمة له ولا اعتبار، وإنما القيمة الأخلاقية للفعل هي دائما في الموقف النفسي الذي يقفه الإنسان إزاء هذا الفعل، وهذا أشبه ما يكون بفكرة الكسب عند الأشاعرة، من حيث أن الأفعال مقدرة أزلياً تقديراً مطلقاً، وليس على العبد إلا أن يكتسب صفة الفعل، وهذا كل نصيبه في الفعل الأخلاقي.

ويفرق الرواقيون بين نوعين من الأخلاق: الأخلاق النظرية، وهي التي تحقق الفضيلة على صورتها العليا، أي أن يعلم المرء قوانين الطبيعة…. والأخلاق الشعبية أو العملية، وهي التي يحاول بها الإنسان التقرب من المثل الأعلى للفضيلة الرواقية. وهنا يفرق الرواقيون بين نوعين من الفضيلة: فضيلة هي الحكمة، وفضيلة هي الفطنة. فالحكمة هي الفضيلة مفهومة على النحو الأول، أي في الأخلاق النظرية، والفطنة هي محاولة الإنسان أن يحقق الفضيلة، ولهذا فإنهم يقولون أيضا بصفة وسط بين الخير والشر هي التي يسمونها صفة «الملائم»؛ وهو هذا الذي يجمع بين الخير والشر من حيث أنه ليس خيراً مطلقاً ولا شراً مطلقاً، وهنا يبرز التناقض الذي  وقع فيه الرواقيون، فهم يقولون بوحدة الفضيلة، وإن الفضيلة لا يمكن أن تكون إلا واحدة، فإما أن يعرف الإنسان الأشياء، وإما أن يجهلها، ولا وسط بين العلم والجهل مطلق.

ويجر هذا أيضا إلى تفرقة ثالثة قالوا بها، وهي التفرقة بين الغاية وبين الغرض، وهي تفرقة لها أثر كبير، وكانت موضع العناية لدى المدارس الرواقية على اختلافها.

'''المنطق'''

ينقسم المنطق عند الرواقيين إلى قسمين رئيسين: الأول هو الديالكتيك، والثاني هو الخطابة. وذلك حسب تقسيمهم الكلام إلى نوعين: نوع متسلسل ونوع منطق، النوع المتسلسل يتعلق به الديالكتيك، والنوع الآخر يتعلق به الخطابة. وقد عنوا عناية كبيرة بالناحية الشكلية الصرفة،أي ناحية الألفاظ والحدود أكثر من عنايتهم  بالبحث في العمليات المنطقية العقلية الحقيقية التي يقوم بها الذهن في أثناء التفكير الصحيح.

ويتفرع المنطق الديالكتيكي إلى فرعين تبعاً لانشطار المنطق إلى جانبين: جانب التسمية، وجانب المسمى، أو ناحية المحدد أو بعبارة أوضح: ناحية الأفكار أو التصورات، وناحية الألفاظ المعبرة عن هذه التصورات. وقد أولوا اهتماماً  خاصاً  بالناحية اللفظية.

وينقسم كلامهم في المنطق إلى عدة أبواب رئيسة: أحدها خاص بالمقولات، والثاني بالأحكام أو القضايا، والثالث بالأقيسة. فبالنسبة للمقولات، غيروا تغييراً  كبيراً في نظام المقولات عند أرسطو ، وأرجعوها إلى أربع: أولها مقولة الموضوع، ويليها مقولة الصفة، ثم مقولة الحال الخاصة، وأخيرا مقولة الحال النسبية.

وأما ما يخص القضايا والأحكام، فقد أبدعوا منطقاً للقضايا لا يقوم على الأحكام القطعية بل على الأحكام النسبية. وأنشأ الرواقيون ضروباً من ارتباط الأحكام، أشار إليها المنطق الحديث على أنها تضمين مادي، كما عنوا بالناحية اللغوية، ثم وجهوا عنايتهم إلى  القياس…. فجددوا كثيرا في أنواع الأقيسة، وركزوا كل اهتمامهم على الأقيسة الشرطية، وكادوا ينكرون  الأقيسة الحملية، إذ قالوا إن الأقيسة الشرطية هي وحدها الصحيحة من الناحية الصورية، أما الأقيسة الحملية فيمكن أن تكون صادقة من الناحية المادية، أما من الناحية الصورية فليست يقينية.

وقد فصلوا القول في القياس الشرطي فأخذوا بالأنواع الخمسة التي كشف عنها ثاوفرسطس  للأقيسة الشرطية من حيث تركيب الشرطيات بعضها مع بعض لتكوين الأقيسة المتصلة أو المنفصلة، وعنوا تفصيلاً بالأقيسة الشرطية المنفصلة. أي الأقيسة الاستثنائية المنفصلة، ولكنهم مع ذلك، وعلى الرغم من توسعهم في باب الأقيسة الشرطية، لم يأتوا بأشياء جديدة حقا من حيث بيان العمليات الفكرية المنطقية في الأقيسة الشرطية والقضايا الشرطية. لقد غلبت الناحية الشكلية على منطقهم، فغفلوا عن طبيعة المنطق الحقيقية،وهي تبيان العمليات الفكرية التي يتم بها التفكير السليم، فكان المنطق عندهم أقرب إلى الآلة منه إلى العلم، أو أقرب إلى الفن منه إلى النظر.

'''المعرفة'''

بحث الرواقيون في الأسس التي تقوم عليها المعرفة،وفي مصادر المعرفة، وفي المعيار الذي يتخذ من أجل التمييز بين المعرفة الصحيحة والمعرفة الباطلة، فكانوا ماديين، لأن المعرفة عندهم معرفة حسية، فالشيء يطبع صورته في العقل، وتتكون له صورة عقلية يصدقها العقل ويفهمها ويستقر به معناها، ومن الإدراكات الجزئية والمعاني الكلية يقوم العلم.  لهذا ميزوا بين الصور الحسية وبين الإدراك الحسي، وارتأوا أن الصور الحسية صادرة مباشرة عن المحسوسات؛ والمحسوسات هي الأصل في كل معرفة، ففسروا الإحساس تفسيراً مادياً قائلين إن الإحساس هو انطباع أثر المحسوس في النفس كانطباع نقش الخاتم على الشمع تماماً.

وللمعرفة مصدر آخر، سموه التذكر؛ فالإنسان بعد أن يجمع عدة تصورات حسية، يتكون له عنها تصور كلي، ليس غير مجموعة التصورات الحسية الصرفة. أي هناك تصورات كلية، بالمعنى  الذهني الصرف الخارج عن كل إدراك حسي خارجي، ومجموعة التصورات الكلية هي التي تكوّن العلم في هذه الحالة.  وهذه  التصورات لا مادية، قريبة من الكليات كما تصورها أفلاطون، أو على الأقل كما تصورها أرسطو.  وتعد نظرية المعرفة الرواقية استمرار لمذهب الكلبيين الذي يريد أن يجعل المعرفة حسية أو صادرة عن الحس مباشرة.

'''العلم الطبيعي'''

مذهب الرواقية  في الطبيعيات مذهب مادي صرف،  ينقسم  أولاً إلى البحث عن علل الوجود الأولى، وثانيا عن نشأة الكون وصفاته، وثالثاً عن الطبيعة غير العاقلة، ورابعاً وأخيراً عن الإنسان.

وأساس هذه المادية الرواقية مبدأ أفلاطوني صرف؛ فأفلاطون يذكر في محاورة«السفسطائي» أن الموجود الحقيقي هو الذي يفعل أو هو ماله قدرة على الفعل، ومع هذا فقد اختلف الرواقيون مع أرسطو وأفلاطون في النتائج التي استخلصوها، فقالوا إن ما هو مادي هو وحده الذي يحدث الأثر.

ويمكن إرجاع هذه المادية إلى نظريتهم  في المعرفة، فمن حيث أن الحس لا يدرك غير الماديات فالعالم كله أو  الوجود كله جسماني أو مادي خالص، وهم بهذا متأثرين بالمذاهب السابقة، مذاهب الطبيعيين الأقدمين والمذاهب المعاصرة أي مذهب المشَائين.

ويتماثل علمهم الطبيعي مع اعتقادهم الديني، فالله هو خالق كل الأشياء، والمنسق بينها جميعاً، وله الأسماء كلها، فهو زيوس، والنار الحية، والأثير، واللوغوس، والعقل، والروح، وقانون الطبيعة، والعناية، والقدر، والنظام. والرواقيون موحدون، فالأشياء لا تحدث في الزمان، لأن الزمان عندهم بعد الأشياء، وحركة التاريخ دورية وليست للأمام أو الخلف.

أثرت الفلسفة الرواقية ـ مع منافاة مبادئها للعقائد المسيحية ـ على مفكري اللاهوت المسيحيين لما جاءت به من تفصيل القول في الفضائل والرذائل، وفي صفات الله، وفي العناية الإلهية، وتسرب كثير من آرائها إلى الفلسفة الإسلامية، ففي رسائل إخوان الصفا مثلا،ً طائفة منها في وحدة الطبيعة وفي القدر والحرية والأخلاق والتنجيم. وما الأخلاق عند ديكارت إلا الأخلاق الرواقية. وما مذهب اسبينوزا إلا المذهب الرواقي في ثوب ديكارتي. وما الأخلاق عند كنت إلا أخلاق الرواقيين في لغة جديدة.

http://www.arab-ency.com/_/details.php?full=1&nid=10525


== مراجع ==
== مراجع ==

نسخة 19:30، 5 سبتمبر 2016

الرواقية مذهب فلسفي، ويعّد واحداً من الفلسفات المستجدة في الحضارة الهلنستية، أنشأه الفيلسوف اليوناني زينون السيشومي. وهو يقول: "إن العالم كلٌّ عضويّ، تتخلله قوة الله الفاعلة، وإن رأس الحكمة معرفة هذا الكل، مع التأكيد أن الإنسان، لا يستطيع أن يلتمس هذه المعرفة، إلاّ إذا كبح جماح عواطفه، وتحرر من الانفعال". والرواقيون يدعون إلى التناغم مع الطبيعة، والصبر على المشاق، والأخذ بأهداب الفضيلة، لأن الفضيلة هي إرادة الله. بحيث تركز الفلسفة الرواقية على التناغم كإطار لفهم طبيعة الاشياء وكأسلوب للتخلص من الكدر الذي تسببه الاحاسيس. وقد اطلق عليهم لقب الرواقيون لانهم عقدوا اجتماعاتهم في الاروقة في مدينة اثينا، حيث نشأت هذه الفلسفة هناك، حوالي عام 300 ق.م. كما اطلق عليهم المسلمون اسم أصحاب المظلة، وحكماء المظال، وأصحاب الأصطوان.[1]

اعتقد الرواقيون أن المشاعر الهدامة، مثل الخوف والحسد، والحب الملتهب والجنس المتقد، هم بذاتهم، أو ما تبثق عنهم، هم أحكام خاطئة، وأن الإنسان الحكيم، أو الشخص الذي حقق كمالا اخلاقيا وفكريا، ليكون فد وصل الى درجة لا الخضوع بها لهذه المشاعر. وبالتالي، فإن ما يدل على نفسية ودرجة ادراك الفرد هي تصرفاته واعماله وليس اقواله.[2] . ولكي يحيا المرء حياة صالحة، عليه ان يستوعب قوانين الطبيعة.[3] ومن أشهر الرواقيين المتأخرين، في عهد الرومان، لوكيوس سنيكا و ماركوس أوريليوس. اللذان أكداً ان الفضيلة هي ضرورة للسعادة، وبالتالي، فان للمرء الحكيم مناعة ضد النحس والمحن.[4] وقد انتشرت الرواقية لدى اتباع كثر في اليونان الرومانية وبقية انحاء الامبراطورية الرومانية واستمرت حتي اغلاق كل مدارس الفلسفة الملحدة في عام 529 الميلادية بأوامر من الامبراطور جستينيان الأول الذي اعتبرهم مخالفون للشريعة المسيحية. [5][6] وبتأثر من جوستن لبسيوس، تطورت الرواقية المحدثة بدمج الافكار بين المسيحية والرواقية التقليدية.

مراحل الرواقية

مرت الرواقية بثلاث مراحل [7]:

  • المرحلة الاولى، في القرن الثالث قبل الميلاد ومن روادها زينون وكليانثس؛
  • المرحلة الثانية وتسمى الرواقية المتوسطة في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد: من روادها ديوجين السليوسي، وبانيتيس الروديسي وخريسيبوس؛
  • المرحلة الثالثة وتعرف بالرواقية الرومانية المتأخرة في القرنين الأول والثاني الميلاديين ومن روادها سنيكا وإيبكتيتوس والامبرطور ماركوس أوريليوس. معظم الكتابات التي وصلت اتت من هذه المرحلة.

الفلاسفة الرواقيون

الرواقيون هم دعاة مدرسة فلسفية انتشرت في إطار الثقافة اليونانية في القرن الرابع قبل الميلاد، تحت تأثير الأفكار التي تدعو إلى المواطنة العالمية، وتحت تأثير الأفكار ذات النزعة الفردية، وتحت تأثير التطورات التقنية التي فرضها التوسع في المعرفة الرياضية، وكان زينون وكريسيبوس أكبر الدعاة البارزين للمدرسة في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد وقد تحدد دور العلوم لديهم على النحو التالي:

  • المنطق هو السور، الفيزياء هي التربة الخصبة، الأخلاق هي ثمرتها.

والمهمة الرئيسية للفلسفة تخص الأخلاق، وليست المعرفة أكثر من وسيلة اكتساب الحكمة والمهارة في الحياة، ويذهب الرواقيون إلى أن الحياة يجب أن تعاش وفق الطبيعة، وتقوم السعادة في البلادة أو التحرر الانفعالي، وفي سلام العقل وفي رباطة الجأش، والقدر يحدد كل شيء في الحياة ومن يتقبل هذا يرضيه القدر، ومن يقاوم يرغمه القدر.

وكان الرواقيون ماديين في تصورهم للطبيعة، ويقولون بأن كل ما في العالم أجسام ذات كثافة مختلفة، والحقيقي يجب تمييزه من الحق، ولا شيء سوى الأجسام يوجد حقاًَ، والحقيقي من جهة أخرى غير متجسد ولا يوجد، والحقيقي ليس سوى عبارة.

وعند الرواقيين تتحد المادية بالمذهب الأسمى، والحواس تفهم الواقع على أنه أشياء جزئية، والعلم يسعى إلى فهم العام، غير أن هذا العام على هذا النحو لا يوجد في العالم، وقد سلم الرواقيون بوجود أربع مقولات وهي:

  • القوام (الموجود)، الكيف، الحالة (أي «الكينونة»)، الحالة النسبية («الوجود إلى يمين شيء ما»)

والرواقيون، على عكس منطق المحمولات، ابدعوا منطقاً للقضايا لا يقوم على الأحكام القطعية بل على الأحكام النسبية، وأنشأ الرواقيون ضروباً من ارتباط الأحكام أشار إليها المنطق الحديث على أنها تضمين مادي.

وأبرز الرواقيون هم :

يعتبر زينون الرواقي (334 ق.م - 262 ق.م) مؤسس الفلسفة الرواقية.

ويليه كليانثس (330 ق.م - 30 ق.م) وخريسيبوس ( 279 ق.م - 206 ق.م) كروَّاد هذه الفلسفة الأوائل.

كتب خريسيبوس بغزارة أكثر من غيره، حيث الف ما يزيد عن 165 عملاً، لكن لم يبقَ من مؤلفاته إلا القليل.

أماالفلاسفة الرواقيين الذين وصلت إلينا أعمالهم الكاملة هم أولئك الذين عاشوا في الحقبة أزمنة الأمبراطورية سينكا الأصغر (4 ق.م - 65 م)، أبكتاتوس ( 55 م - 135 م)، والإمبراطور ماركوس لوريليوس (121 م - 180 م).

مواضيع الفلسفة الرواقية

الفلسفة والحياة

يعتقد الفلاسفة الرواقيون أن الفلسفة ليست مجرد علم تسلية أو علم بل طريقة في الحياة. يعرفون الفلسفة كتمرين أو كممارسة في التخصص المهتم بذلك الذي يفيد.

الفلسفة في الرواقية هي محبة الحكمة وممارستها، والحكمة هي العلم بالأشياء الإلهية والإنسانية، وتنقسم إلى المنطقوالطبيعيات والأخلاق ، وهي تشبه الحقل الخصيب، أشجاره العلم الطبيعي وثماره الأخلاق، وسياجه المنطق. والغاية الرئيسية من الفلسفة أن تكون فلسفة عملية أخلاقية، وبذلك تميزت الرواقية بثلاث سمات: الأولى أن الفلسفة الحقيقية هي الفلسفة العملية، والثانية أن الفلسفة العملية هي التي تقوم على العمل المطابق للعقل، والثالثة أن العمل المطابق للعقل هو الذي يجري بمقتضى قوانين الطبيعة، فالحياة يجب أن تعاش وفق الطبيعة، وهذا هو أنموذج كل إنسان عاقل.

الأخلاق

ينظر الرواقيون إلى الفلسفة على أنها الأخلاق، لأن موضوع الفلسفة هو الفضيلة وما فروع الفلسفة المختلفة إلا أنواع متعددة للفضيلة، فيصنفون الأخلاق في المرتبة العليا من هرم  العلوم الفلسفية، لأن الفعل الأخلاقي لا يكون صحيحاً إلا  إذا كان موافقاً لما تقتضيه قوانين الطبيعة.  وكل فعل أخلاقي إنما يكون عن طريق الممارسة، والممارسة لا تكون إلا على أساس النظرية  لأن الأصل في كل نظر عندهم هو العمل؛ إذن فالنظرية هي المبدأ الأول الذي يقوم عليه العمل الأخلاقي، أو بعبارة أخرى الغاية من كل تجربة أو فعل أخلاقي هو تحقيق قانون الطبيعة. والمركز الأول للطبيعيات وليس للأخلاق.

ويختلف الرواقيون في ترتيب العلوم وأوليتها؛ فزينون وإقلينتيوس مثلاً، اهتما بالطبيعة أكثر من الأخلاق، أما في  الطور الثاني ، فقد طغت النزعة العملية، ثم أصبحت الفلسفة الرواقية في  الدور الروماني عملية صرفة، لا تكاد تتجاوز في شيء أنواع الأعمال والقواعد المرتبطة بأنواع الأعمال التي يجب أن يؤديها الإنسان حتى يصل إلى الحياة السعيدة، وبهذا احتلت الأخلاق  المرتبة الأولى وكان للطبيعيات مرتبة  ثانوية.

ولا مجال عند الرواقية للاختيار أو الحرية؛ فالأفعال الإنسانية متصفة بصفة السوية أو التساوي أو الحياد، و كل فعل أخلاقي هو في ذاته لا قيمة له ولا اعتبار، وإنما القيمة الأخلاقية للفعل هي دائما في الموقف النفسي الذي يقفه الإنسان إزاء هذا الفعل، وهذا أشبه ما يكون بفكرة الكسب عند الأشاعرة، من حيث أن الأفعال مقدرة أزلياً تقديراً مطلقاً، وليس على العبد إلا أن يكتسب صفة الفعل، وهذا كل نصيبه في الفعل الأخلاقي.

ويفرق الرواقيون بين نوعين من الأخلاق: الأخلاق النظرية، وهي التي تحقق الفضيلة على صورتها العليا، أي أن يعلم المرء قوانين الطبيعة…. والأخلاق الشعبية أو العملية، وهي التي يحاول بها الإنسان التقرب من المثل الأعلى للفضيلة الرواقية. وهنا يفرق الرواقيون بين نوعين من الفضيلة: فضيلة هي الحكمة، وفضيلة هي الفطنة. فالحكمة هي الفضيلة مفهومة على النحو الأول، أي في الأخلاق النظرية، والفطنة هي محاولة الإنسان أن يحقق الفضيلة، ولهذا فإنهم يقولون أيضا بصفة وسط بين الخير والشر هي التي يسمونها صفة «الملائم»؛ وهو هذا الذي يجمع بين الخير والشر من حيث أنه ليس خيراً مطلقاً ولا شراً مطلقاً، وهنا يبرز التناقض الذي  وقع فيه الرواقيون، فهم يقولون بوحدة الفضيلة، وإن الفضيلة لا يمكن أن تكون إلا واحدة، فإما أن يعرف الإنسان الأشياء، وإما أن يجهلها، ولا وسط بين العلم والجهل مطلق.

ويجر هذا أيضا إلى تفرقة ثالثة قالوا بها، وهي التفرقة بين الغاية وبين الغرض، وهي تفرقة لها أثر كبير، وكانت موضع العناية لدى المدارس الرواقية على اختلافها.

المنطق

ينقسم المنطق عند الرواقيين إلى قسمين رئيسين: الأول هو الديالكتيك، والثاني هو الخطابة. وذلك حسب تقسيمهم الكلام إلى نوعين: نوع متسلسل ونوع منطق، النوع المتسلسل يتعلق به الديالكتيك، والنوع الآخر يتعلق به الخطابة. وقد عنوا عناية كبيرة بالناحية الشكلية الصرفة،أي ناحية الألفاظ والحدود أكثر من عنايتهم  بالبحث في العمليات المنطقية العقلية الحقيقية التي يقوم بها الذهن في أثناء التفكير الصحيح.

ويتفرع المنطق الديالكتيكي إلى فرعين تبعاً لانشطار المنطق إلى جانبين: جانب التسمية، وجانب المسمى، أو ناحية المحدد أو بعبارة أوضح: ناحية الأفكار أو التصورات، وناحية الألفاظ المعبرة عن هذه التصورات. وقد أولوا اهتماماً  خاصاً  بالناحية اللفظية.

وينقسم كلامهم في المنطق إلى عدة أبواب رئيسة: أحدها خاص بالمقولات، والثاني بالأحكام أو القضايا، والثالث بالأقيسة. فبالنسبة للمقولات، غيروا تغييراً  كبيراً في نظام المقولات عند أرسطو ، وأرجعوها إلى أربع: أولها مقولة الموضوع، ويليها مقولة الصفة، ثم مقولة الحال الخاصة، وأخيرا مقولة الحال النسبية.

وأما ما يخص القضايا والأحكام، فقد أبدعوا منطقاً للقضايا لا يقوم على الأحكام القطعية بل على الأحكام النسبية. وأنشأ الرواقيون ضروباً من ارتباط الأحكام، أشار إليها المنطق الحديث على أنها تضمين مادي، كما عنوا بالناحية اللغوية، ثم وجهوا عنايتهم إلى  القياس…. فجددوا كثيرا في أنواع الأقيسة، وركزوا كل اهتمامهم على الأقيسة الشرطية، وكادوا ينكرون  الأقيسة الحملية، إذ قالوا إن الأقيسة الشرطية هي وحدها الصحيحة من الناحية الصورية، أما الأقيسة الحملية فيمكن أن تكون صادقة من الناحية المادية، أما من الناحية الصورية فليست يقينية.

وقد فصلوا القول في القياس الشرطي فأخذوا بالأنواع الخمسة التي كشف عنها ثاوفرسطس  للأقيسة الشرطية من حيث تركيب الشرطيات بعضها مع بعض لتكوين الأقيسة المتصلة أو المنفصلة، وعنوا تفصيلاً بالأقيسة الشرطية المنفصلة. أي الأقيسة الاستثنائية المنفصلة، ولكنهم مع ذلك، وعلى الرغم من توسعهم في باب الأقيسة الشرطية، لم يأتوا بأشياء جديدة حقا من حيث بيان العمليات الفكرية المنطقية في الأقيسة الشرطية والقضايا الشرطية. لقد غلبت الناحية الشكلية على منطقهم، فغفلوا عن طبيعة المنطق الحقيقية،وهي تبيان العمليات الفكرية التي يتم بها التفكير السليم، فكان المنطق عندهم أقرب إلى الآلة منه إلى العلم، أو أقرب إلى الفن منه إلى النظر.

المعرفة

بحث الرواقيون في الأسس التي تقوم عليها المعرفة،وفي مصادر المعرفة، وفي المعيار الذي يتخذ من أجل التمييز بين المعرفة الصحيحة والمعرفة الباطلة، فكانوا ماديين، لأن المعرفة عندهم معرفة حسية، فالشيء يطبع صورته في العقل، وتتكون له صورة عقلية يصدقها العقل ويفهمها ويستقر به معناها، ومن الإدراكات الجزئية والمعاني الكلية يقوم العلم.  لهذا ميزوا بين الصور الحسية وبين الإدراك الحسي، وارتأوا أن الصور الحسية صادرة مباشرة عن المحسوسات؛ والمحسوسات هي الأصل في كل معرفة، ففسروا الإحساس تفسيراً مادياً قائلين إن الإحساس هو انطباع أثر المحسوس في النفس كانطباع نقش الخاتم على الشمع تماماً.

وللمعرفة مصدر آخر، سموه التذكر؛ فالإنسان بعد أن يجمع عدة تصورات حسية، يتكون له عنها تصور كلي، ليس غير مجموعة التصورات الحسية الصرفة. أي هناك تصورات كلية، بالمعنى  الذهني الصرف الخارج عن كل إدراك حسي خارجي، ومجموعة التصورات الكلية هي التي تكوّن العلم في هذه الحالة.  وهذه  التصورات لا مادية، قريبة من الكليات كما تصورها أفلاطون، أو على الأقل كما تصورها أرسطو.  وتعد نظرية المعرفة الرواقية استمرار لمذهب الكلبيين الذي يريد أن يجعل المعرفة حسية أو صادرة عن الحس مباشرة.

العلم الطبيعي

مذهب الرواقية  في الطبيعيات مذهب مادي صرف،  ينقسم  أولاً إلى البحث عن علل الوجود الأولى، وثانيا عن نشأة الكون وصفاته، وثالثاً عن الطبيعة غير العاقلة، ورابعاً وأخيراً عن الإنسان.

وأساس هذه المادية الرواقية مبدأ أفلاطوني صرف؛ فأفلاطون يذكر في محاورة«السفسطائي» أن الموجود الحقيقي هو الذي يفعل أو هو ماله قدرة على الفعل، ومع هذا فقد اختلف الرواقيون مع أرسطو وأفلاطون في النتائج التي استخلصوها، فقالوا إن ما هو مادي هو وحده الذي يحدث الأثر.

ويمكن إرجاع هذه المادية إلى نظريتهم  في المعرفة، فمن حيث أن الحس لا يدرك غير الماديات فالعالم كله أو  الوجود كله جسماني أو مادي خالص، وهم بهذا متأثرين بالمذاهب السابقة، مذاهب الطبيعيين الأقدمين والمذاهب المعاصرة أي مذهب المشَائين.

ويتماثل علمهم الطبيعي مع اعتقادهم الديني، فالله هو خالق كل الأشياء، والمنسق بينها جميعاً، وله الأسماء كلها، فهو زيوس، والنار الحية، والأثير، واللوغوس، والعقل، والروح، وقانون الطبيعة، والعناية، والقدر، والنظام. والرواقيون موحدون، فالأشياء لا تحدث في الزمان، لأن الزمان عندهم بعد الأشياء، وحركة التاريخ دورية وليست للأمام أو الخلف.

أثرت الفلسفة الرواقية ـ مع منافاة مبادئها للعقائد المسيحية ـ على مفكري اللاهوت المسيحيين لما جاءت به من تفصيل القول في الفضائل والرذائل، وفي صفات الله، وفي العناية الإلهية، وتسرب كثير من آرائها إلى الفلسفة الإسلامية، ففي رسائل إخوان الصفا مثلا،ً طائفة منها في وحدة الطبيعة وفي القدر والحرية والأخلاق والتنجيم. وما الأخلاق عند ديكارت إلا الأخلاق الرواقية. وما مذهب اسبينوزا إلا المذهب الرواقي في ثوب ديكارتي. وما الأخلاق عند كنت إلا أخلاق الرواقيين في لغة جديدة.

http://www.arab-ency.com/_/details.php?full=1&nid=10525

مراجع

  1. ^ عبد الرحمن بدوي، خريف الفكر اليوناني (النهضة المصرية،القاهرة1979)
  2. ^ Sellars, John, Stoicism (Berkeley: University of California Press, 2006)
  3. ^ Pollard, Elizabeth (2015). Worlds Together, Worlds Apart concise edition vol.1. New York: W.W. Norton & Company, Inc. p. 204. ISBN 9780393250930.
  4. ^ تعريف الرواقية في موسوعة ستانفورد الفلسفية. الرابط
  5. ^ Agathias. Histories, 2.31.
  6. ^ David، Sedley. "Ancient philosophy". في E. Craig (المحرر). Routledge Encyclopedia of Philosophy. اطلع عليه بتاريخ 2008-10-18.
  7. ^ ـ يوسف كرم، تاريخ الفلسفة اليونانية، دار القلم، بيروت.

انظر أيضا