محمد علي العابد: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[مراجعة غير مفحوصة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسمان: تعديلات طويلة تحرير مرئي
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V2.5
سطر 28: سطر 28:
'''محمد علي العابد''' (ولد:[[1867]] في دمشق - الوفاة:[[1939]] في باريس)، [[سياسي]] و[[دبلوماسي]] [[عرب|عربي]] [[سوريون|سوري]]، هو أول رئيس [[الجمهورية السورية الأولى|للجمهورية السورية]] بين 11 يونيو 1932 و21 ديسمبر 1936، وثامن حاكم منذ سقوط [[سوريا العثمانية]]، وأول رئيس ل[[سوريا]] يتم انتخابه ولايتم تعيينه. كان العابد يمثل عند انتخابه "الأرستقراطية الدمشقية والمتقدمة في العمر، إذ كان يبلغ عند انتخابه السبعين من عمره".<ref>سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، ستيفن لونغريج، ترجمة بيار عقل، دار الحقيقة، ص.222</ref> درس العابد في [[دمشق]] التي غادرها طفلاً وفي [[بيروت]] و[[اسطنبول]] و[[باريس]]، وعمل في وزارة الخارجية العثمانية وعيّن سفيرًا في [[الولايات المتحدة]]، وبعد [[الانقلاب العثماني 1909|الانقلاب]] على [[السلطان]] [[عبد الحميد الثاني]] لم يعد وعائلته إلى [[الدولة العثمانية]] مطلقًا بل تنقلت العائلة في أرجاء [[أوروبا]] حتى نهاية [[الحرب العالمية الأولى|الحرب العالمية الأولى،]] ثم استقرّ العابد في [[مصر]] قبل أن يعود إلى [[دمشق]] بعد بدء [[الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان|الانتداب]]. في سياسته كان العابد محايدًا ذا علاقات جيدة مع موالي الانتداب من ناحية ومع [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] من ناحية ثانية، وهو ما ساهم في وصوله لمقام الرئاسة في 13 يونيو 1932، وكان أول من حمل لقب «رئيس الجمهورية» في سوريا، إذ إن من سبقوه سمّوا رؤساء الدولة لعدم وجود دستور يتبنى النظام الجمهوري. بموجب الدستور فإن ولاية الرئيس تمتد لخمسة سنوات، إلا أنه استقال عام 1936 بداعي السن وتمهيدًا لتدشين حكم الكتلة الوطنية بعد توقيع [[المعاهدة السورية الفرنسية 1936|المعاهدة السورية الفرنسية]]؛ وقد تتالى خلال رئاسته أربع حكومات.
'''محمد علي العابد''' (ولد:[[1867]] في دمشق - الوفاة:[[1939]] في باريس)، [[سياسي]] و[[دبلوماسي]] [[عرب|عربي]] [[سوريون|سوري]]، هو أول رئيس [[الجمهورية السورية الأولى|للجمهورية السورية]] بين 11 يونيو 1932 و21 ديسمبر 1936، وثامن حاكم منذ سقوط [[سوريا العثمانية]]، وأول رئيس ل[[سوريا]] يتم انتخابه ولايتم تعيينه. كان العابد يمثل عند انتخابه "الأرستقراطية الدمشقية والمتقدمة في العمر، إذ كان يبلغ عند انتخابه السبعين من عمره".<ref>سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، ستيفن لونغريج، ترجمة بيار عقل، دار الحقيقة، ص.222</ref> درس العابد في [[دمشق]] التي غادرها طفلاً وفي [[بيروت]] و[[اسطنبول]] و[[باريس]]، وعمل في وزارة الخارجية العثمانية وعيّن سفيرًا في [[الولايات المتحدة]]، وبعد [[الانقلاب العثماني 1909|الانقلاب]] على [[السلطان]] [[عبد الحميد الثاني]] لم يعد وعائلته إلى [[الدولة العثمانية]] مطلقًا بل تنقلت العائلة في أرجاء [[أوروبا]] حتى نهاية [[الحرب العالمية الأولى|الحرب العالمية الأولى،]] ثم استقرّ العابد في [[مصر]] قبل أن يعود إلى [[دمشق]] بعد بدء [[الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان|الانتداب]]. في سياسته كان العابد محايدًا ذا علاقات جيدة مع موالي الانتداب من ناحية ومع [[الكتلة الوطنية (سوريا)|الكتلة الوطنية]] من ناحية ثانية، وهو ما ساهم في وصوله لمقام الرئاسة في 13 يونيو 1932، وكان أول من حمل لقب «رئيس الجمهورية» في سوريا، إذ إن من سبقوه سمّوا رؤساء الدولة لعدم وجود دستور يتبنى النظام الجمهوري. بموجب الدستور فإن ولاية الرئيس تمتد لخمسة سنوات، إلا أنه استقال عام 1936 بداعي السن وتمهيدًا لتدشين حكم الكتلة الوطنية بعد توقيع [[المعاهدة السورية الفرنسية 1936|المعاهدة السورية الفرنسية]]؛ وقد تتالى خلال رئاسته أربع حكومات.


كان يجيد عدا عن لغته [[لغة عربية|العربية]] الأم، اللغة [[لغة تركية|التركية]] كلاً من [[لغة فرنسية|الفرنسية]] و[[لغة إنجليزية|الإنجليزية]] و[[لغة فارسية|الفارسية]] وعرف عنه ولعه بالأدب الفرنسي وبالعلوم الاقتصادية. عائلة "العابد" من عائلات دمشق الغنية والمرموقة، استقرت في دمشق على يد هولو العابد جد والد العابد، ويعود نسبه لقبيلة الموالي إحدى [[قبائل سوريا]] التي استوطنتها إبان [[خلافة عباسية|العهد العباسي]].<ref name="محمد">[http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=162867 محمد علي العابد]، الموسوعة العربية، 23 أغسطس 2011.</ref> عرف العابد بوصفه "من أغنى رجال سوريا، إن لم يكن أغنى رجل سوري على الإطلاق" في عصره.<ref name="ReferenceA">سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.426</ref>
كان يجيد عدا عن لغته [[لغة عربية|العربية]] الأم، اللغة [[لغة تركية|التركية]] كلاً من [[لغة فرنسية|الفرنسية]] و[[لغة إنجليزية|الإنجليزية]] و[[لغة فارسية|الفارسية]] وعرف عنه ولعه بالأدب الفرنسي وبالعلوم الاقتصادية. عائلة "العابد" من عائلات دمشق الغنية والمرموقة، استقرت في دمشق على يد هولو العابد جد والد العابد، ويعود نسبه لقبيلة الموالي إحدى [[قبائل سوريا]] التي استوطنتها إبان [[خلافة عباسية|العهد العباسي]].<ref name="محمد">[http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=162867 محمد علي العابد]، الموسوعة العربية، 23 أغسطس 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180116193359/http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=162867 |date=16 يناير 2018}}</ref> عرف العابد بوصفه "من أغنى رجال سوريا، إن لم يكن أغنى رجل سوري على الإطلاق" في عصره.<ref name="ReferenceA">سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.426</ref>


== حياته المبكرة ==
== حياته المبكرة ==
سطر 37: سطر 37:


=== العمل الحكومي في الدولة العثمانية ===
=== العمل الحكومي في الدولة العثمانية ===
بعد تخرجه عاد العابد من باريس إلى اسطنبول حيث عيّن مستشارًا قضائيًا لوزارة الخارجية العثمانية، وبفضل نفوذ والده وقربه من السلطان عبد الحميد الثاني غدا سفير الدولة العثمانية لدى [[الولايات المتحدة الإمريكية|الولايات المتحدة الأمريكية]]، غير أن عمله كسفير في [[واشنطن]] لم يطل واستمر ستة أسابيع فقط بسبب الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني ويوم 23 يوليو 1908 أنهيت مهامه كسفير،<ref name="رجال">[http://www.asharqalarabi.org.uk/center/rijal-ali.htm محمد علي العابد]، رجال الشرق، 23 أغسطس 2011.</ref> وكذلك أقيل والده من منصبه في اسطنبول التي غادرها سرًا خوفًا على حياته. لم يعد محمد علي ومعه شقيقاه وزوجته إلى الدولة العثمانية أبدًا، بل انتقل من [[واشنطن]] إلى [[كاليفورنيا]] ثم نحو [[أوروبا]] حيث التقى والده، وتفرغ لإدارة أملاك العائلة الواسعة في سوريا وخارجها، كما تفرغ للأدب العربي والأدب الفرنسي الذين "شغف بهما". وأنفق العابد فترة [[الحرب العالمية الأولى]] على هذه الحال، متنقلاً بين [[سويسرا]]، و[[فرنسا]]، و[[إنكلترا]]، مخالطًا خلال جولاته عددًا من رجال السياسة والديبلوماسيين الأوروبيين، وهي فرصة قلّما سنحت لشخصية سورية غير حكومية في ذلك العهد. بعد نهاية الحرب انتقل العابد وأسرته إلى مصر وفيها توفي والده، ومنها عاد إلى دمشق مجددًا عام 1920 بعيد سقوط [[المملكة السورية العربية]]،<ref name="رجال"/> حيث نسج علاقات جيدة مع قادة [[انتداب فرنسي على سوريا|الانتداب الفرنسي]] واتهمه [[محمد كرد علي]] بوصفه محابيًا للفرنسيين عدوًا لوطنه؛<ref>سوريا والانتداب الفرنسي- سياسة القومية العربية، ص.427</ref> وفي [[الحكومة السورية (يونيو 1922)|حكومة بركات الأولى]] التي تشكلت في يونيو 1922 غدا العابد وزير المالية، وتلاه في [[الحكومة السورية (يناير 1925)|الحكومة التالية]] التي تشكلت في 1 يناير 1925 جلال زهدي.
بعد تخرجه عاد العابد من باريس إلى اسطنبول حيث عيّن مستشارًا قضائيًا لوزارة الخارجية العثمانية، وبفضل نفوذ والده وقربه من السلطان عبد الحميد الثاني غدا سفير الدولة العثمانية لدى [[الولايات المتحدة الإمريكية|الولايات المتحدة الأمريكية]]، غير أن عمله كسفير في [[واشنطن]] لم يطل واستمر ستة أسابيع فقط بسبب الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني ويوم 23 يوليو 1908 أنهيت مهامه كسفير،<ref name="رجال">[http://www.asharqalarabi.org.uk/center/rijal-ali.htm محمد علي العابد]، رجال الشرق، 23 أغسطس 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160303171428/http://www.asharqalarabi.org.uk/center/rijal-ali.htm |date=03 مارس 2016}}</ref> وكذلك أقيل والده من منصبه في اسطنبول التي غادرها سرًا خوفًا على حياته. لم يعد محمد علي ومعه شقيقاه وزوجته إلى الدولة العثمانية أبدًا، بل انتقل من [[واشنطن]] إلى [[كاليفورنيا]] ثم نحو [[أوروبا]] حيث التقى والده، وتفرغ لإدارة أملاك العائلة الواسعة في سوريا وخارجها، كما تفرغ للأدب العربي والأدب الفرنسي الذين "شغف بهما". وأنفق العابد فترة [[الحرب العالمية الأولى]] على هذه الحال، متنقلاً بين [[سويسرا]]، و[[فرنسا]]، و[[إنكلترا]]، مخالطًا خلال جولاته عددًا من رجال السياسة والديبلوماسيين الأوروبيين، وهي فرصة قلّما سنحت لشخصية سورية غير حكومية في ذلك العهد. بعد نهاية الحرب انتقل العابد وأسرته إلى مصر وفيها توفي والده، ومنها عاد إلى دمشق مجددًا عام 1920 بعيد سقوط [[المملكة السورية العربية]]،<ref name="رجال"/> حيث نسج علاقات جيدة مع قادة [[انتداب فرنسي على سوريا|الانتداب الفرنسي]] واتهمه [[محمد كرد علي]] بوصفه محابيًا للفرنسيين عدوًا لوطنه؛<ref>سوريا والانتداب الفرنسي- سياسة القومية العربية، ص.427</ref> وفي [[الحكومة السورية (يونيو 1922)|حكومة بركات الأولى]] التي تشكلت في يونيو 1922 غدا العابد وزير المالية، وتلاه في [[الحكومة السورية (يناير 1925)|الحكومة التالية]] التي تشكلت في 1 يناير 1925 جلال زهدي.


=== العمل الحكومي في سوريا ===
=== العمل الحكومي في سوريا ===
سطر 52: سطر 52:
عقد المجلس النيابي اجتماعه الأول في 7 يونيو، فوّض إليه انتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتبه إلى جانب رئيس الجمهورية والتصديق على نتائج الانتخابات النيابية وتحديد مخصصات النواب،<ref name="جديد">سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.229</ref> لم يكن العمل الحزبي قويًا في سوريا ولذلك كان أغلب النواب من المستقلين ومفروزين على أساس مناطقي: الكتلة الأولى بزعامة [[صبحي بركات]] وحولها أغلب نواب الشمال المعتدلين، والكتلة الثانية يتزعمها [[حقي بيك العظم|حقي العظم]] وأغلب نواب الجنوب المعتدلين، في حين أن ثالث الكتل هي الكتلة الوطنية المؤلفة من 17 نائبًا فقط يترأسها هاشم الأتاسي. بإيحاء من المفوضية الفرنسية انتخب المجلس في 11 يونيو صبحي بركات رئيسًا له، ثم جرى انتخاب مكتب المجلس الذي شغله أنصار بركات أيضًا، وأراد بركات الشروع بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة فانسحب نواب الكتلة (قيل اعتراضاً على نية بركات الترشح للرئاسة وهو الذي لايتقن الحديث بالعربية)، ولم يشأ بركات أن يؤجل الجلسة لصغر حجم الكتلة النيابية الوطنية فعليًا، غير أن الجنرال فيبر ممثل المفوض الفرنسي في دمشق، أصدر وقبل البدء بالانتخاب مرسومًا بتأجيل الجلسة بهدف بلورة اتفاق بين مختلف الكتل النيابية.<ref name="">سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.230</ref>
عقد المجلس النيابي اجتماعه الأول في 7 يونيو، فوّض إليه انتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتبه إلى جانب رئيس الجمهورية والتصديق على نتائج الانتخابات النيابية وتحديد مخصصات النواب،<ref name="جديد">سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.229</ref> لم يكن العمل الحزبي قويًا في سوريا ولذلك كان أغلب النواب من المستقلين ومفروزين على أساس مناطقي: الكتلة الأولى بزعامة [[صبحي بركات]] وحولها أغلب نواب الشمال المعتدلين، والكتلة الثانية يتزعمها [[حقي بيك العظم|حقي العظم]] وأغلب نواب الجنوب المعتدلين، في حين أن ثالث الكتل هي الكتلة الوطنية المؤلفة من 17 نائبًا فقط يترأسها هاشم الأتاسي. بإيحاء من المفوضية الفرنسية انتخب المجلس في 11 يونيو صبحي بركات رئيسًا له، ثم جرى انتخاب مكتب المجلس الذي شغله أنصار بركات أيضًا، وأراد بركات الشروع بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة فانسحب نواب الكتلة (قيل اعتراضاً على نية بركات الترشح للرئاسة وهو الذي لايتقن الحديث بالعربية)، ولم يشأ بركات أن يؤجل الجلسة لصغر حجم الكتلة النيابية الوطنية فعليًا، غير أن الجنرال فيبر ممثل المفوض الفرنسي في دمشق، أصدر وقبل البدء بالانتخاب مرسومًا بتأجيل الجلسة بهدف بلورة اتفاق بين مختلف الكتل النيابية.<ref name="">سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.230</ref>


كانت المفوضية الفرنسية تدعم وصول حقي العظم إلى رئاسة الجمهورية، وخلال المباحثات بين قادة الكتل النيابية، تم التوصل إلى صيغة تتخلى فيها الكتلة الوطنية عن مرشحها هاشم الأتاسي، لقاء تخلي الفرنسيين عن ترشيح حقي العظم، وانتخاب محمد علي العابد، رئيسًا للجمهورية؛ وهو ما تم بأغلبية 36 صوتًا مقابل 32 صوتاً لصبحي بركات؛ وانتقل إلى مقر الرئاسة محاطًا بحراسة "الشباب الوطني"، وجرت مراسم تسلّمه الرئاسة في باحة القصر بإطلاق المدفعية سبعة عشر طلقة إيذانًا ببدء العهد الجمهوري ورفع خلاله [[علم سوريا|العلم السوري الجديد]]، المستوحى من ألوان علم [[الثورة العربية الكبرى]] نفسه، وإنما مع ثلاثة كواكب حمراء في الوسط، بدلاً من المثلث الأحمر.<ref>سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.425</ref> أما المرشحين المحتملين الآخرين الذين تداولت الصحافة السورية أسماءهم فكانوا كلاً من الداماد [[أحمد نامي]] رئيس الدولة السابق، و[[إبراهيم هنانو]].<ref name="تاريخ">[http://www.asharqalarabi.org.uk/mu-sa/b-mushacat-1857.htm تاريخ سوريا الجزء الرابع]، رجال الشرق، 23 أغسطس 2011.</ref> عمومًا فإن الاتفاق الذي عقد ضمن للمعتدلين منصب رئيس المجلس النيابي بشخص صبحي بركات، وأن تكون الحكومة مناصفة بين الكتلة الوطنية والمعتدلين، على أن يشكلها حقي العظم.<ref>سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، 396</ref>
كانت المفوضية الفرنسية تدعم وصول حقي العظم إلى رئاسة الجمهورية، وخلال المباحثات بين قادة الكتل النيابية، تم التوصل إلى صيغة تتخلى فيها الكتلة الوطنية عن مرشحها هاشم الأتاسي، لقاء تخلي الفرنسيين عن ترشيح حقي العظم، وانتخاب محمد علي العابد، رئيسًا للجمهورية؛ وهو ما تم بأغلبية 36 صوتًا مقابل 32 صوتاً لصبحي بركات؛ وانتقل إلى مقر الرئاسة محاطًا بحراسة "الشباب الوطني"، وجرت مراسم تسلّمه الرئاسة في باحة القصر بإطلاق المدفعية سبعة عشر طلقة إيذانًا ببدء العهد الجمهوري ورفع خلاله [[علم سوريا|العلم السوري الجديد]]، المستوحى من ألوان علم [[الثورة العربية الكبرى]] نفسه، وإنما مع ثلاثة كواكب حمراء في الوسط، بدلاً من المثلث الأحمر.<ref>سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.425</ref> أما المرشحين المحتملين الآخرين الذين تداولت الصحافة السورية أسماءهم فكانوا كلاً من الداماد [[أحمد نامي]] رئيس الدولة السابق، و[[إبراهيم هنانو]].<ref name="تاريخ">[http://www.asharqalarabi.org.uk/mu-sa/b-mushacat-1857.htm تاريخ سوريا الجزء الرابع]، رجال الشرق، 23 أغسطس 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160304192421/http://www.asharqalarabi.org.uk/mu-sa/b-mushacat-1857.htm |date=04 مارس 2016}}</ref> عمومًا فإن الاتفاق الذي عقد ضمن للمعتدلين منصب رئيس المجلس النيابي بشخص صبحي بركات، وأن تكون الحكومة مناصفة بين الكتلة الوطنية والمعتدلين، على أن يشكلها حقي العظم.<ref>سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، 396</ref>


== رئاسته ==
== رئاسته ==
سطر 89: سطر 89:
اشتهر العابد بكونه "أغنى رجل في دمشق، إن لم يكن في سوريا كلّها" في زمانه، وقدرت ثروته بمليون ليرة إنكليزية ذهبية؛<ref>سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.427</ref> كانت ثروته متوزعة بين أسهم يملكها في [[قناة السويس]]، ومجموعة عقارات منتشرة في أوروبا، وأراضٍ زراعية واسعة بما فيها من قرى في [[غوطة دمشق]] لاسيّما في [[منطقة دوما]]، وعلى حدائق في [[حي القنوات]]، فضلاً عن [[فندق فيكتوريا]]، أقدم فنادق دمشق وأشهرها، والذي كان يدرّ دخلاً سنويًا كبيرًا. ثروة العابد المالية كان يحتفظ بها في بنوك أوروبية وأمريكية، وهو ما عرّضه لنقد صحفي شديد بوصفه "بخيل" و"غير وطني" لعدم نقله ثروته إلى داخل سوريا وعدم توسيع استثماراته فيها بالداخل. وحسبما يذكره المؤرخ فيليب خوري فإنّ استثماراته في سوريا لم تتم إلا بعد ضغط من رجال الكتلة الوطنية عليه، لإقناعه بأهمية الاستثمار، فأصبح مساهمًا رئيسيًا في شركة الإسمنت الوطنية إحدى أبرز مشاريع الكتلة الاقتصادية، كما دعم صحيفة الأيام لصاحبها نجيب الأرمنازي بشراءه حصة فيها بقيمة 5000 جنيه استرليني.<ref>سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.428</ref>
اشتهر العابد بكونه "أغنى رجل في دمشق، إن لم يكن في سوريا كلّها" في زمانه، وقدرت ثروته بمليون ليرة إنكليزية ذهبية؛<ref>سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.427</ref> كانت ثروته متوزعة بين أسهم يملكها في [[قناة السويس]]، ومجموعة عقارات منتشرة في أوروبا، وأراضٍ زراعية واسعة بما فيها من قرى في [[غوطة دمشق]] لاسيّما في [[منطقة دوما]]، وعلى حدائق في [[حي القنوات]]، فضلاً عن [[فندق فيكتوريا]]، أقدم فنادق دمشق وأشهرها، والذي كان يدرّ دخلاً سنويًا كبيرًا. ثروة العابد المالية كان يحتفظ بها في بنوك أوروبية وأمريكية، وهو ما عرّضه لنقد صحفي شديد بوصفه "بخيل" و"غير وطني" لعدم نقله ثروته إلى داخل سوريا وعدم توسيع استثماراته فيها بالداخل. وحسبما يذكره المؤرخ فيليب خوري فإنّ استثماراته في سوريا لم تتم إلا بعد ضغط من رجال الكتلة الوطنية عليه، لإقناعه بأهمية الاستثمار، فأصبح مساهمًا رئيسيًا في شركة الإسمنت الوطنية إحدى أبرز مشاريع الكتلة الاقتصادية، كما دعم صحيفة الأيام لصاحبها نجيب الأرمنازي بشراءه حصة فيها بقيمة 5000 جنيه استرليني.<ref>سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.428</ref>


لايزال قصر محمد علي العابد إلى اليوم في [[ساروجة|حي ساروجة]] ضمن [[دمشق القديمة]] ويرجع عمره لحوالي 350 عاماً،<ref name="بيت">[http://www.esyria.sy/edamascus/index.php?p=stories&category=ruins&filename=200904121030021 65 مفتاحًا لقصر أول رئيس سوري]، سوريا الإلكترونية، 23 أغسطس 2011.</ref> ويعود تاريخ اقتنائه لهولو العابد جد والد محمد علي العابد، واعتبر في بداية رئاسته قصرًا جمهوريًا واستمر كذلك ستة أشهر فقط، حتى تم الانتهاء من القصر الجمهوري الحالي في منطقة المهاجرين بدمشق. وبعد فاة العابد حوّل القصر عام 1942 إلى سليم اليازجي الذي قام بتحويله إلى مدرسة ثانوية حتى عام 1970، حين تم تأميم المدارس الخاصة في سوريا، وأتبع البناء لملكية وزارة التربية التي حولته لمديرية تربية،<ref name="بيت"/> وقد أهمل القصر وأتلفت الكثير من محتوياته وسرق بعضها الآخر لاسيّما الأسقف العجمية، وفي عام 1995 استعاد اليازجي ملكيته، كما تعرض في عام 2006 لحريق قضى على أحد طوابقه.<ref name="بيت"/>
لايزال قصر محمد علي العابد إلى اليوم في [[ساروجة|حي ساروجة]] ضمن [[دمشق القديمة]] ويرجع عمره لحوالي 350 عاماً،<ref name="بيت">[http://www.esyria.sy/edamascus/index.php?p=stories&category=ruins&filename=200904121030021 65 مفتاحًا لقصر أول رئيس سوري]، سوريا الإلكترونية، 23 أغسطس 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150924002957/http://www.esyria.sy/edamascus/index.php?p=stories&category=ruins&filename=200904121030021 |date=24 سبتمبر 2015}}</ref> ويعود تاريخ اقتنائه لهولو العابد جد والد محمد علي العابد، واعتبر في بداية رئاسته قصرًا جمهوريًا واستمر كذلك ستة أشهر فقط، حتى تم الانتهاء من القصر الجمهوري الحالي في منطقة المهاجرين بدمشق. وبعد فاة العابد حوّل القصر عام 1942 إلى سليم اليازجي الذي قام بتحويله إلى مدرسة ثانوية حتى عام 1970، حين تم تأميم المدارس الخاصة في سوريا، وأتبع البناء لملكية وزارة التربية التي حولته لمديرية تربية،<ref name="بيت"/> وقد أهمل القصر وأتلفت الكثير من محتوياته وسرق بعضها الآخر لاسيّما الأسقف العجمية، وفي عام 1995 استعاد اليازجي ملكيته، كما تعرض في عام 2006 لحريق قضى على أحد طوابقه.<ref name="بيت"/>


== انظر أيضًا ==
== انظر أيضًا ==

نسخة 00:58، 28 فبراير 2018

محمد علي العابد

رئيس الجمهورية السورية الأول
في المنصب
13 يونيو 193221 ديسمبر 1936
رئيس الوزراء حقي العظم

تاج الدين الحسني
عطا الأيوبي

وزير المالية
في المنصب
28 يونيو 19221 يناير 1925
الرئيس صبحي بركات
معلومات شخصية
الميلاد 1867
دمشق، ولاية سوريا،  الدولة العثمانية
الوفاة 1939
باريس،  فرنسا
سبب الوفاة نوبة قلبية[1][2][3]  تعديل قيمة خاصية (P509) في ويكي بيانات
مواطنة الدولة العثمانية
سوريا  تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات
الديانة مسلم
الزوجة زهرة اليوسف
الأب أحمد عزت العابد  تعديل قيمة خاصية (P22) في ويكي بيانات
الحياة العملية
المدرسة الأم ثانوية غلطة سراي  تعديل قيمة خاصية (P69) في ويكي بيانات
المهنة دبلوماسي،  وسياسي  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات
الحزب مستقل
اللغة الأم العربية  تعديل قيمة خاصية (P103) في ويكي بيانات
اللغات العربية  تعديل قيمة خاصية (P1412) في ويكي بيانات
الجوائز

محمد علي العابد (ولد:1867 في دمشق - الوفاة:1939 في باريس)، سياسي ودبلوماسي عربي سوري، هو أول رئيس للجمهورية السورية بين 11 يونيو 1932 و21 ديسمبر 1936، وثامن حاكم منذ سقوط سوريا العثمانية، وأول رئيس لسوريا يتم انتخابه ولايتم تعيينه. كان العابد يمثل عند انتخابه "الأرستقراطية الدمشقية والمتقدمة في العمر، إذ كان يبلغ عند انتخابه السبعين من عمره".[5] درس العابد في دمشق التي غادرها طفلاً وفي بيروت واسطنبول وباريس، وعمل في وزارة الخارجية العثمانية وعيّن سفيرًا في الولايات المتحدة، وبعد الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني لم يعد وعائلته إلى الدولة العثمانية مطلقًا بل تنقلت العائلة في أرجاء أوروبا حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم استقرّ العابد في مصر قبل أن يعود إلى دمشق بعد بدء الانتداب. في سياسته كان العابد محايدًا ذا علاقات جيدة مع موالي الانتداب من ناحية ومع الكتلة الوطنية من ناحية ثانية، وهو ما ساهم في وصوله لمقام الرئاسة في 13 يونيو 1932، وكان أول من حمل لقب «رئيس الجمهورية» في سوريا، إذ إن من سبقوه سمّوا رؤساء الدولة لعدم وجود دستور يتبنى النظام الجمهوري. بموجب الدستور فإن ولاية الرئيس تمتد لخمسة سنوات، إلا أنه استقال عام 1936 بداعي السن وتمهيدًا لتدشين حكم الكتلة الوطنية بعد توقيع المعاهدة السورية الفرنسية؛ وقد تتالى خلال رئاسته أربع حكومات.

كان يجيد عدا عن لغته العربية الأم، اللغة التركية كلاً من الفرنسية والإنجليزية والفارسية وعرف عنه ولعه بالأدب الفرنسي وبالعلوم الاقتصادية. عائلة "العابد" من عائلات دمشق الغنية والمرموقة، استقرت في دمشق على يد هولو العابد جد والد العابد، ويعود نسبه لقبيلة الموالي إحدى قبائل سوريا التي استوطنتها إبان العهد العباسي.[6] عرف العابد بوصفه "من أغنى رجال سوريا، إن لم يكن أغنى رجل سوري على الإطلاق" في عصره.[7]

حياته المبكرة

اسمه ونسبه وأصله

هو محمد علي بن أحمد عزة باشا بن هولو باشا العابد ، ينتمي إلى عشيرة المشارفة إحدى فروع قبيلة الموالي العربية التي استوطنت بادية الشام منذ الفترة العباسية، وهي ذات أصول عريقة تعود إلى قبيلة بكر بن وائل العربية.[6]

نشأته وتعليمه

ولد محمد علي العابد في دمشق عام 1867، وتعتبر عائلته جزءًا من الإقطاع أو الطبقة البرجوازية السوريّة التي شكلّت الحكم المحلي في ظل الدولة العثمانية؛ وشكل آل العابد مع آل العظم وآل اليوسف، أنسبائه، صفوة المجتمع العربي العثماني في دمشق كما ذكر فيليب خوري؛[7] لعب جدّه الأكبر عمر آغا دورًا في وأد الفتنة وإغاثة الناجين خلال مجازر 1860، وجده المباشر هولو باشا عيّن متصرفًا في عدد من المناطق والأقضية ثم رئيسًا للمجلس الإداري في ولاية سوريا خلال تسعينات القرن التاسع عشر، أما والده أحمد عزة باشا فكان "السكرتير الثاني" للسلطان عبد الحميد الثاني، وأحد مقربيه القلائل، والمهلم بمشروع الخط الحديدي الحجازي، والعربي الأكثر نفوذَا في البلاط العثماني في عهد السلطان عبد الحميد، وعيّن بعد خلع السلطان عام 1908 في مراتب رفيعة كرئيس محاكم بلاد الشام. في هذه البيئة الأرستقراطية نشأ محمد علي العابد وتلقى علومه الابتدائية في دمشق ثم انتقل عام 1885 إلى بيروت فأقام بها قسطًا من الزمن وتتلمذ على يد الشيخ محمد عبده،[6] وانتقل مع أسرته إلى اسطنبول بعد استدعاء والده إليها، فدخل مدرسة غلطة سراي السلطانية وكانت بمنزلة مدرسة لأولاد الذوات، وبعدما أنهى الثانوية أوفد إلى باريس حيث درس الحقوق، والتشريع الروماني، ومبادئ الفقه الإسلامي؛ ومنها تخرّج عام 1905.[6]

العمل الحكومي في الدولة العثمانية

بعد تخرجه عاد العابد من باريس إلى اسطنبول حيث عيّن مستشارًا قضائيًا لوزارة الخارجية العثمانية، وبفضل نفوذ والده وقربه من السلطان عبد الحميد الثاني غدا سفير الدولة العثمانية لدى الولايات المتحدة الأمريكية، غير أن عمله كسفير في واشنطن لم يطل واستمر ستة أسابيع فقط بسبب الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني ويوم 23 يوليو 1908 أنهيت مهامه كسفير،[8] وكذلك أقيل والده من منصبه في اسطنبول التي غادرها سرًا خوفًا على حياته. لم يعد محمد علي ومعه شقيقاه وزوجته إلى الدولة العثمانية أبدًا، بل انتقل من واشنطن إلى كاليفورنيا ثم نحو أوروبا حيث التقى والده، وتفرغ لإدارة أملاك العائلة الواسعة في سوريا وخارجها، كما تفرغ للأدب العربي والأدب الفرنسي الذين "شغف بهما". وأنفق العابد فترة الحرب العالمية الأولى على هذه الحال، متنقلاً بين سويسرا، وفرنسا، وإنكلترا، مخالطًا خلال جولاته عددًا من رجال السياسة والديبلوماسيين الأوروبيين، وهي فرصة قلّما سنحت لشخصية سورية غير حكومية في ذلك العهد. بعد نهاية الحرب انتقل العابد وأسرته إلى مصر وفيها توفي والده، ومنها عاد إلى دمشق مجددًا عام 1920 بعيد سقوط المملكة السورية العربية،[8] حيث نسج علاقات جيدة مع قادة الانتداب الفرنسي واتهمه محمد كرد علي بوصفه محابيًا للفرنسيين عدوًا لوطنه؛[9] وفي حكومة بركات الأولى التي تشكلت في يونيو 1922 غدا العابد وزير المالية، وتلاه في الحكومة التالية التي تشكلت في 1 يناير 1925 جلال زهدي.

العمل الحكومي في سوريا

في 28 يونيو 1922 تم إعلان الاتحاد السوري بين دولة دمشق ودولة حلب ودولة جبل العلويين على أن يكون اتحادًا فيدراليًا كخطوة أولى نحو الوحدة السورية، وكان المجلس التأسيسي الذي أنشأه الجنرال هنري غورو مؤلفاً من خمسة عشر عضوًا خمس عن كل دولة ويشكل الهيئة التشريعية العليا في البلاد، وبموجب دستور الاتحاد الذي نشره غورو أيضًا كان من المفترض انتخاب أعضاء المجلس إلا أنه تعذر إجراء انتخابات نيابية حينئذ، فعيّن بنفسه أعضاءه، وكان من بين الأعضاء المعينين محمد علي العابد ممثلاً عن دمشق.[10]

في اليوم نفسه الذي أعلن فيه الاتحاد، التأم المجلس الاتحادي في حلب وانتخب بالإجماع صبحي بركات رئيسًا لمدة عام، وقد شكّل بركات حكومته الأولى مسندًا وزارة المالية للعابد.[10] عمت البلاد السورية الراحة في أعقاب إعلان الاتحاد، وعادت الثقة بالمعتدلين، وقد مكث العابد وزيرًا للمالية حتى 1 يناير 1925 وخلال وزارته الطويلة تم إقرار اتفاقية "مصرف سورية ولبنان الكبير" ليكون بمثابة مصرفٍ مركزي يتم إصدار الليرة السورية من خلاله، وذلك في 1 أغسطس 1922؛ وعلى الصعيد الشخصي فقد تزوج رئيس الاتحاد صبحي بركات بليلى العابد ابنة الوزير، غير أن الزواج كان قصيرًا وانتهى بالطلاق، فانتهت بذلك كما يقول يوسف الحكيم الذي عاصر تلك الفترة "صلات المودة والصداقة بين الرئيس والوزير"، رغم ذلك لم يستقل العابد،[11] لكنه وكما يوضح الحكيم أيضًا، أصبح منزله ملتقى لجميع معارضي بركات، خصوصًا رجال الكتلة الوطنية لاحقًا، وكان لهذه الصداقة أثر بالغ في إيصال العابد لسدة الرئاسة لاحقًا عام 1932 كمرشح توافقي بين مختلف الأطياف.

الصعود إلى السلطة

الانتخابات النيابية

لم يضطلع العابد بأي عمل سياسي خلال الفترة بين عامي 1925 و1932، وكفل له خروجه المبكر من حكومة بركات عدم خسارة تأييد الكتلة الوطنية وفرنسا في الوقت ذاته، وقضى هذه الفترة كما يذكر يوسف الحكيم في الأعمال الخيرية، وعندما أقرّ الدستور السوري عام 1930 قرر العابد الترشح عن دمشق ونال دعم الرئيس الأسبق أحمد نامي ويقول الحكيم إن العابد خلال دعايته الانتخابية نشط أعماله الخيرية فقدم إعانة مالية كبيرة لجمعية الإسعاف الخيرية، وشارك مع رجال المال بتأسيس مصرف وطني، وعقد تفاهمًا مع رجال الكتلة الوطنية كيلا تتضارب الأصوات في دمشق، وزار المؤسسات الروحية لمختلف الطوائف بدمشق مقدمًا في كل زيارةٍ إعاناتٍ مالية لتقوم المساجد والكنائس بتوزيعها على الفقراء والمحتاجين خاصةً لقرب الأعياد الدينية حينها.[12] ونتيجة الانتخابات -التي جرت مرحلتها الأولى في ديسمبر 1931 والثانية في يناير 1932- انتخب العابد نائبًا وفق النتائج القطعية التي صدرت في 9 أبريل.

انتخابه

عقد المجلس النيابي اجتماعه الأول في 7 يونيو، فوّض إليه انتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتبه إلى جانب رئيس الجمهورية والتصديق على نتائج الانتخابات النيابية وتحديد مخصصات النواب،[13] لم يكن العمل الحزبي قويًا في سوريا ولذلك كان أغلب النواب من المستقلين ومفروزين على أساس مناطقي: الكتلة الأولى بزعامة صبحي بركات وحولها أغلب نواب الشمال المعتدلين، والكتلة الثانية يتزعمها حقي العظم وأغلب نواب الجنوب المعتدلين، في حين أن ثالث الكتل هي الكتلة الوطنية المؤلفة من 17 نائبًا فقط يترأسها هاشم الأتاسي. بإيحاء من المفوضية الفرنسية انتخب المجلس في 11 يونيو صبحي بركات رئيسًا له، ثم جرى انتخاب مكتب المجلس الذي شغله أنصار بركات أيضًا، وأراد بركات الشروع بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة فانسحب نواب الكتلة (قيل اعتراضاً على نية بركات الترشح للرئاسة وهو الذي لايتقن الحديث بالعربية)، ولم يشأ بركات أن يؤجل الجلسة لصغر حجم الكتلة النيابية الوطنية فعليًا، غير أن الجنرال فيبر ممثل المفوض الفرنسي في دمشق، أصدر وقبل البدء بالانتخاب مرسومًا بتأجيل الجلسة بهدف بلورة اتفاق بين مختلف الكتل النيابية.[14]

كانت المفوضية الفرنسية تدعم وصول حقي العظم إلى رئاسة الجمهورية، وخلال المباحثات بين قادة الكتل النيابية، تم التوصل إلى صيغة تتخلى فيها الكتلة الوطنية عن مرشحها هاشم الأتاسي، لقاء تخلي الفرنسيين عن ترشيح حقي العظم، وانتخاب محمد علي العابد، رئيسًا للجمهورية؛ وهو ما تم بأغلبية 36 صوتًا مقابل 32 صوتاً لصبحي بركات؛ وانتقل إلى مقر الرئاسة محاطًا بحراسة "الشباب الوطني"، وجرت مراسم تسلّمه الرئاسة في باحة القصر بإطلاق المدفعية سبعة عشر طلقة إيذانًا ببدء العهد الجمهوري ورفع خلاله العلم السوري الجديد، المستوحى من ألوان علم الثورة العربية الكبرى نفسه، وإنما مع ثلاثة كواكب حمراء في الوسط، بدلاً من المثلث الأحمر.[15] أما المرشحين المحتملين الآخرين الذين تداولت الصحافة السورية أسماءهم فكانوا كلاً من الداماد أحمد نامي رئيس الدولة السابق، وإبراهيم هنانو.[16] عمومًا فإن الاتفاق الذي عقد ضمن للمعتدلين منصب رئيس المجلس النيابي بشخص صبحي بركات، وأن تكون الحكومة مناصفة بين الكتلة الوطنية والمعتدلين، على أن يشكلها حقي العظم.[17]

رئاسته

محمد علي العابد إني أعمل بما توحيه إليّ معرفتي لمصلحة بلدي محمد علي العابد

—محمد علي العابد.

حكوماته

أول حكومات عهد العابد كانت حكومة حقي العظم وتألفت من أربعة وزراء فقط مناصفة بين الكتلة الوطنية والمعتدلين في 14 يونيو، وكان عهد هذه الحكومة هادئًا فلم يكن يعارض حكم الرئيس العابد خلال العام الأول من رئاسته سوى قلة.[18] وبعد عام في 3 يونيو 1933 استقالت حكومة العظم وتألفت حكومة ثانية برئاسته غير أنها خلت من وجوه الكتلة الوطنية فكانت "وزارة انتدابية" بتوافق العابد مع المفوض الفرنسي بونسو في أعقاب قلاقل معاهدة الصداقة والتحالف مع فرنسا. على الرغم من خروج الكتلة الوطنية من الحكم إلا أنها احتفظت بعلاقاتها الجيدة مع العابد عبر نجيب الأرمنازي؛ كبير أمناء القصر الجمهوري من ناحية، وعديل جميل مردم؛ أحد أركان الكتلة الوطنية من ناحية ثانية، فشكل بذلك الأرمنازي صلة الوصل بين الكتلة والعابد. دامت حكومة العظم الثانية قرابة عام كامل. في يوليو 1933 أنهيت مهام هنري بونصو كمفوض فرنسي سامٍ في سوريا، وعيّن سفير فرنسا في الصين كونت دامين دو مارتيل خلفًا له، وعندما وصل بيروت في 12 أكتوبر 1933 عُقد مؤتمر صافيتا من قبل وجهاء الطائفة العلوية طالبوا فيه بالوحدة والانضمام للجمهورية السورية، كما شهدت دمشق خلال الفترة ذاتها اعتصامًا قام به شبّان دروز للهدف ذاته.[19]

طال عهد العظم في رئاسة الحكومة ما يقرب السنتين، وقبل أن يبدأ عامه الثالث ومع استمرار القطيعة بين رجال الكتلة والحكومة وتجدد المظاهرات في مختلف المدن السورية مطالبة بإنهاء الانتداب وما عزي للحكومة من ضعف تجاه سلطات الانتداب، اتفق دي مارتيل مع العابد على الإيعاز للعظم بالاستقالة، وتكليف الرئيس الدولة السابق تاج الدين الحسني برئاسة الوزارة، فشكل في يوم واحد ثالث حكومات العابد والتي لم تعرض على البرلمان لنيل الثقة لتعليق اجتماعاته بقرار من المفوض الفرنسي؛[20] واستمرت عامًا ونصف العام قبل أن تسقط نتيجة الإضراب الستيني (فبراير/1936) لتليها حكومة عطا الأيوبي التي وصفت في برنامجها بالحيادية والمؤقتة، والهادفة لإجراء انتخابات.

العمل الإداري

انتهجت الحكومات المتعاقبة خلال عهد العابد سياسة الترشيد الاقتصادي، وحافظت على الحياد والنزاهة واستطاعت ضمن سياستها هذه تخفيض أصول الديون السوريّة من الدين العام العثماني وذلك من 70 مليون ليرة تركية مستحقة لفرنسا إلى 24 مليونًا،[21] ولم يفلح أمام هذه الإنجازات الهامة رجال الكتلة في خلق معارضة شعبية قوية للحكومة، فاقتصر الأمر على المعارضة البرلمانية؛[21] والتي لم تنفجر إلا على خلفيات سياسية كمعاهدة التحالف والصداقة مع فرنسا. في مايو 1935 شكلت لجنة مستقلة لوضع قانونين للأحوال الشخصية والتجارة وذلك بهدف إنهاء العمل بمجلة الأحكام العدلية الصادرة عن الدولة العثمانية عام 1876، وقد تداول اعتماد المذاهب الأربعة كمصدر للتشريع فيما يتعلق بالمسلمين بدلاً من حصرها بالمذهب الحنفي، غير أنه ما أعاق العمل فعليًا كون أغلب القضاة والحقوقيين المعينين بحكم مواقعهم في اللجنة من مناصري الكتلة الوطنية، ولذلك لم يشهد العمل أي جديّة بهدف منع صدور القانون خلال وزارة الشيخ التاج "الانتدابية".

العلاقة مع المفوضية الفرنسية

كونه أول رئيس للجمهورية السورية، فقد منحه الرئيس الفرنسي ألبير فرانسوا لوبرون وسام الجمهورية الفرنسية في أكتوبر 1932، وتسلمه عن طريق المفوض الفرنسي هنري بونسو؛[22] أصدر العابد في الفترة ذاتها عفوًا عامًا عن أعمال الشغب التي حصلت خلال الانتخابات النيابية أواخر عام 1931، لكن العفو لم يشمل كبار الشخصيات الثورية مثل سلطان الأطرش وعبد الرحمن شهبندر وعادل أرسلان التي نفيت بعد الثورة السورية الكبرى (25-1926)، والتي لم يشملها أيضًا العفو الأسبق، نتيجة اعتراض المفوضية الفرنسية.[23] منذ ديسمبر 1932 تولى العابد، تعاونه الحكومة، بموجب الدستور مهمة التفاوض حول معاهدة صداقة وتحالف مع فرنسا التي مثلتها المفوضية الفرنسية برئاسة هنري بونسو، والتي كان يفترض أن تنهي الانتداب، وتحوله إلى معاهدة شبيهة بالمعاهدة العراقية-البريطانية عام 1930، غير أنّ فرنسا لم تحذ حذو بريطانيا في معاهدتها مع العراق، وتصلبت في مواقفها بينما قبل العابد معظم الشروط الفرنسية، مما خلق فعليًا نقمة الكتلة الوطنية والجماهير التي أضربت وسيّرت مظاهرات خلال فترة المفاوضات التي استمرت طيلة النصف الأول من 1933، وأفضت إلى تأجيل اجتماعات البرلمان خشية رفضه التصديق على المعاهدة عند العرض عليه؛ وقبل أن يتأزم الوضع كان ألبير الأول ملك بلجيكا قد قام في أبريل 1933 بزيارة دمشق وتدمر، ليكون بذلك أول رئيس دولة خارجية رفيعة، يزور سوريا منذ عقود.[24]

في نوفمبر 1933 عرض دي مارتيل نص معاهدة التحالف والصداقة بين الجمهورية السورية وفرنسا بعدما أقرتها الحكومة ودعمها العابد، غير أن البرلمان رفض التصديق عليها وردها بأغلبية 46 نائباً (أكثر من ثلثي المجلس) لأنها لاتحوي مواد تتعلق بالسيادة والوحدة والاستقلال، فما كان من دي مارتيل إلا أن حلّ دورة المجلس في 24 نوفمبر وأوقف اجتماعاته طول ذاك الفصل التشريعي. ثالث حكومات عهد العابد شكلها رئيس الدولة السورية السابق تاج الدين الحسني وذلك في 17 مايو 1934 بعدما استقالت حكومة العظم الثانية بإيعاز من دي مارتيل.[25]

القلاقل الأمنية

اضطرابات حلب

في مايو 1934 أدت جولة قام بها رئيس الجمهورية يرافقه رئيس الوزراء إلى شمال سوريا لخروج مظاهرات قوية، وتعرّض العابد للسباب والشتيمة في الجامع الأموي بحلب أثناء وجوده فيه، وانتشرت المظاهرات وإضراب الأسواق، وإلقاء القنابل، والمصادمة مع رجال الشرطة بحلب طيلة فترة الزيارة؛ وقد اعتقل إثرها عدد كبير من المتهمين بينهم قيادات هامة مثل سعد الله الجابري.[26] في حين هرع محامون من كل أنحاء سوريا للدفاع عنهم، وتجددت الاضطرابات في ذكرى المولد النبوي. كان العابد أصدر عفوًا خاصًا عن المتهم بإطلاق النار على إبراهيم هنانو الزعيم الحلبي والوطني وهو ما سبب الاضطرابات؛[27] إلى جانب النقمة الشعبية على شخصية رئيس الوزراء الشيخ التاج.

الإضراب الستيني

في 21 ديسمبر 1935 نظمت الكتلة الوطنية حفل تأبين كبير بمناسبة ذكرى أربعين وفاة إبراهيم هنانو سكرتير الكتلة الوطنية على مدرج الجامعة السورية بدمشق، وأعلن فارس الخوري خلال الحفل "الميثاق الوطني"، وبدأت في أعقابه الإضرابات والاضطرابات الأمنية الدامية، بينما عجز العابد ومعه حكومة الشيخ التاج عن قمعها. وقد أغلقت في أعقاب هذه الاحتجاجات مكاتب الكتلة الوطنية في دمشق وحلب واعتقل عدد من قادتها كسعد الله الجابري، فردّ الشعب بإضراب شامل دام في دمشق ومدن أخرى ستين يوماً، ووصف بأنه أطول إضراب جرى في العالم حتى تاريخه، واضطر الجيش الفرنسي للانتشار في شوارع المدن الرئيسية وهدد دي مارتيل بقصف دمشق كما حصل عام 1925، وشهدت العراق ولبنان والأردن وفلسطين ومصر مظاهرات مؤيدة للشعب السوري فضلاً عن دعم من بريطانيا، وبنتيجة الضغط الدولي اضطر المفوض الفرنسي للالتقاء بهاشم الأتاسي رئيس الكتلة الوطنية، واتفق معه على تشكيل حكومة جديدة وتشكيل وفد سوري يسافر إلى فرنسا للتفاوض حول معاهدة جديدة تضمن حقوق السوريين، وبنتيجة الاتفاق شكلت حكومة عطا الأيوبي وقد شملت وجوهًا محايدة وكانت مهمتها الأساسية إدارة المرحلة الانتقالية.[28]

بعد حوالي شهر في 21 مارس غادر وفد الكتلة الوطنية إلى فرنسا وبقيت المفاوضات ستة أشهر حتى سبتمبر حين أعلن عن الاتفاق بين الوفد والحكومة الفرنسية في 9 سبتمبر ونشرت نصوص مسودة الاتفاق في 22 أكتوبر على أن توقع قبل نهاية العام. ودعا العابد لانتخابات نيابية هي الثانية في تاريخ سوريا فازت بها الكتلة بالأغلبية الساحقة، وكان من النتائج المباشرة للاتفاق بين الكتلة وفرنسا، عودة ارتباط دولة جبل العلويين ودولة جبل الدروز بالجمهورية السورية في 5 ديسمبر 1936، مقابل احتفاظهما بالاستقلال الإداري والمالي، غير أن نائب جبلة علي أديب عضو برلمان حكومة اللاذقية أعلن التنازل عن استقلالها المالي والإداري لتكون "متساوية مع سائر المحافاظت السورية"، وأيدّه في ذلك سائر النواب وعيّن مظهر باشا رسلان أحد أركان الكتلة الوطنية محافظًا عليها.[29] افتتح البرلمان الجديد أعماله في 21 ديسمبر 1936 وفي اليوم نفسه أرسل العابد كتاب استقالته إلى المجلس فقبلها، وقد علل العابد سبب استقالته لأسباب صحيّة بينما وجد عدد من المؤرخين أن السبب يرجع لفوز الكتلة الوطنية وعدم تمكن رئيس محايد من الاستمرار إثر فوز الكتلة بأغلبية ساحقة، ورأى خالد العظم في مذكراته أن استقالة العابد جاءت بسبب الضغط الكبير من الكتلة الوطنية لترشيح زعيمها هاشم الأتاسي الذي انتخب الرئيس اللاحق، وقال يوسف الحكيم إنّ كبير أمناء الرئيس نجيب الأرمنازي نصحه بالاستقالة بعد إعلان نتائج الانتخابات لإفساح المجال أمام الكتلة الوطنية لإكمال ما بدأت به من تفاهم مع فرنسا.[30]

بعد الرئاسة

إرث العابد

في الجلسة التي قبلت فيها الاستقالة انتخب هاشم الأتاسي رئيسًا، أما العابد فقد غادر سوريا إلى باريس وقيل خوفًا من الاغتيال، وبقي فيها إلى أن وافته المنية عام 1939 حين نقل جثمانه إلى دمشق ودفن فيها.[29] حاليًا، يوجد شارع راقٍ باسمه في دمشق بقرب شارع الحمراء يمتاز بوجود بعض الأبنية ذات الطراز المعماري الفرنسي من فترة الانتداب. قيّم المؤرخ والسياسي السوري يوسف الحكيم، شخصية العابد بوصفه كان يتمتع بمزايا عالية من العلم والخبرة الاقتصادية والحياة السياسية والاجتماعية فضلاً عن "مكارم الأخلاق" إلى جانب "التواضع".[31] ويمكن القول عن فترة العابد:[16]

إن فترة محمد العابد كانت أشبه ما يكون بالهدوء الذي جاء بالعاصفة، امتاز عهده بتحدّي القوى الوطنية لسلطة الاحتلال وظهور الكتلة الوطنية الواضح، والتي تقدّمت على حزب الشعب الذي أسسه الدكتور عبد الرحمن الشهبندر عام 1925، والتي استطاعت فيه الكتلة الوطنية تحريك الشارع لإرغام الاحتلال للإذعان للتوقيع على مُعاهدة الاستقلال وبطلان الانتداب الفرنسي، وهو ما لم يتم في عهده.

ثروته

جسر فيكتوريا على نهر بردى ويظهر جزء من فندق فكتوريا أكبر فنادق دمشق، والمملوك لعائلة العابد.

اشتهر العابد بكونه "أغنى رجل في دمشق، إن لم يكن في سوريا كلّها" في زمانه، وقدرت ثروته بمليون ليرة إنكليزية ذهبية؛[32] كانت ثروته متوزعة بين أسهم يملكها في قناة السويس، ومجموعة عقارات منتشرة في أوروبا، وأراضٍ زراعية واسعة بما فيها من قرى في غوطة دمشق لاسيّما في منطقة دوما، وعلى حدائق في حي القنوات، فضلاً عن فندق فيكتوريا، أقدم فنادق دمشق وأشهرها، والذي كان يدرّ دخلاً سنويًا كبيرًا. ثروة العابد المالية كان يحتفظ بها في بنوك أوروبية وأمريكية، وهو ما عرّضه لنقد صحفي شديد بوصفه "بخيل" و"غير وطني" لعدم نقله ثروته إلى داخل سوريا وعدم توسيع استثماراته فيها بالداخل. وحسبما يذكره المؤرخ فيليب خوري فإنّ استثماراته في سوريا لم تتم إلا بعد ضغط من رجال الكتلة الوطنية عليه، لإقناعه بأهمية الاستثمار، فأصبح مساهمًا رئيسيًا في شركة الإسمنت الوطنية إحدى أبرز مشاريع الكتلة الاقتصادية، كما دعم صحيفة الأيام لصاحبها نجيب الأرمنازي بشراءه حصة فيها بقيمة 5000 جنيه استرليني.[33]

لايزال قصر محمد علي العابد إلى اليوم في حي ساروجة ضمن دمشق القديمة ويرجع عمره لحوالي 350 عاماً،[34] ويعود تاريخ اقتنائه لهولو العابد جد والد محمد علي العابد، واعتبر في بداية رئاسته قصرًا جمهوريًا واستمر كذلك ستة أشهر فقط، حتى تم الانتهاء من القصر الجمهوري الحالي في منطقة المهاجرين بدمشق. وبعد فاة العابد حوّل القصر عام 1942 إلى سليم اليازجي الذي قام بتحويله إلى مدرسة ثانوية حتى عام 1970، حين تم تأميم المدارس الخاصة في سوريا، وأتبع البناء لملكية وزارة التربية التي حولته لمديرية تربية،[34] وقد أهمل القصر وأتلفت الكثير من محتوياته وسرق بعضها الآخر لاسيّما الأسقف العجمية، وفي عام 1995 استعاد اليازجي ملكيته، كما تعرض في عام 2006 لحريق قضى على أحد طوابقه.[34]

انظر أيضًا

المراجع

  1. ^ New York Herald Tribune (بالإنجليزية), Paris, 23 Oct 1939, p. 3, QID:Q112064237{{استشهاد}}: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link)
  2. ^ L'Auto (بالفرنسية), 23 Oct 1939, QID:Q3202605
  3. ^ Ouest-Éclair (بالفرنسية), 23 Oct 1939, p. 3, OCLC:202004032468, QID:Q3204738 {{استشهاد}}: تأكد من صحة قيمة |oclc= (help)
  4. ^ Correspondance d'Orient (بالفرنسية), 1932-11, p. 230, QID:Q112063676 {{استشهاد}}: تحقق من التاريخ في: |publication-date= (help)
  5. ^ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، ستيفن لونغريج، ترجمة بيار عقل، دار الحقيقة، ص.222
  6. ^ أ ب ت ث محمد علي العابد، الموسوعة العربية، 23 أغسطس 2011. نسخة محفوظة 16 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ أ ب سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.426
  8. ^ أ ب محمد علي العابد، رجال الشرق، 23 أغسطس 2011. نسخة محفوظة 03 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  9. ^ سوريا والانتداب الفرنسي- سياسة القومية العربية، ص.427
  10. ^ أ ب سورية والانتداب الفرنسي، يوسف الحكيم، دار النهار، بيروت 1983، ص.88
  11. ^ سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.97
  12. ^ سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.228
  13. ^ سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.229
  14. ^ سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.230
  15. ^ سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.425
  16. ^ أ ب تاريخ سوريا الجزء الرابع، رجال الشرق، 23 أغسطس 2011. نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  17. ^ سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، 396
  18. ^ سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.234
  19. ^ سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.394
  20. ^ سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.242
  21. ^ أ ب سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.236
  22. ^ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.244
  23. ^ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.245
  24. ^ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.246
  25. ^ سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.397
  26. ^ سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.243
  27. ^ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.250
  28. ^ سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.398
  29. ^ أ ب سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.403
  30. ^ سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.265
  31. ^ سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.231
  32. ^ سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.427
  33. ^ سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.428
  34. ^ أ ب ت 65 مفتاحًا لقصر أول رئيس سوري، سوريا الإلكترونية، 23 أغسطس 2011. نسخة محفوظة 24 سبتمبر 2015 على موقع واي باك مشين.

مواقع خارجية

سبقه
تاج الدين الحسني
رئيس الجمهورية السورية

13 يونيو 1932 - 21 ديسمبر 1936

تبعه
هاشم الأتاسي