افحص التغييرات الفردية

تسمح لك هذه الصفحة بفحص المتغيرات التي تم إنشاؤها بواسطة عامل تصفية إساءة الاستخدام لإجراء تغيير فردي.

المتغيرات المولدة لهذا التغيير

متغيرقيمة
عدد التعديلات للمستخدم (user_editcount)
null
اسم حساب المستخدم (user_name)
'195.114.29.17'
عمر حساب المستخدم (user_age)
0
المجموعات (متضمنة غير المباشرة) التي المستخدم فيها (user_groups)
[ 0 => '*' ]
ما إذا كان المستخدم يعدل عبر واجهة المحمول (user_mobile)
false
هوية الصفحة (page_id)
113231
نطاق الصفحة (page_namespace)
0
عنوان الصفحة (بدون نطاق) (page_title)
'محمد الفاتح'
عنوان الصفحة الكامل (page_prefixedtitle)
'محمد الفاتح'
آخر عشرة مساهمين في الصفحة (page_recent_contributors)
[ 0 => 'باسم', 1 => '2A02:8421:13E5:F600:B06D:5BF3:6DA3:2B28', 2 => '87.109.27.40', 3 => 'Jobas', 4 => '77.31.54.23', 5 => 'محمد عصام', 6 => '94.59.98.24', 7 => 'بومحمد الشحي', 8 => 'Bo hessin', 9 => '41.130.212.84' ]
فعل (action)
'edit'
ملخص التعديل/السبب (summary)
'/* إخبار نبي الإسلام عنه */ '
ما إذا كان التعديل معلم عليه كطفيف (لا مزيد من الاستخدام) (minor_edit)
false
نص الويكي القديم للصفحة، قبل التعديل (old_wikitext)
'{{معلومات سلطان عثماني |اسم_السلطان = محمد الثاني "الفاتح" بن مراد الثاني |الاسم_الكامل = محمد الثاني بن مراد الثاني |لقب = خان |لقب2 = |ألقاب أخرى = الفاتح، أبو الفتوح، الغازي، صاحب النبوءة. |صورة = Portrait of Mehmed II by Gentile Bellini (Cropped).png |صورة_طغراء = Tughra of Mehmed II.JPG |تعليق = رسم للسلطان محمد الثاني الفاتح للرسام "[[جنتيلي بلليني]]"، [[1480]] |العهد = عروج الدولة العثمانية |مدة_الحكم = 1444–1446 |مدة_الحكم2 = 1451–1481 |التتويج = |سبقه = [[مراد الثاني]] |خلفه = [[مراد الثاني]] |سنوات = |سبقه2 = [[مراد الثاني]] |خلفه2 = [[بايزيد الثاني]] |سنوات2 = |نوع_الخلافة = وراثية ظاهرة |وريث = |والدة_السلطان = أمينة "گلبهار" خاتون |زوجة = |زوجة 1 = |زوجة 2 = |زوجة 3 = |زوجة 4 = |زوجة 5 = |زوجة 6 = |حدث_بارز = |النشيد الملكي = |الأب = [[مراد الثاني]] |الأم = خديجة "هما" خاتون |تاريخ الولادة = [[20 أبريل]] [[1429]]<ref name="babinger30">Babinger, Franz, (2003)''Time''and Fatih Sultan Mehmed, Istanbul: Capricorn Publishing, ISBN 975-329-417-4, p.30</ref> |مكان الولادة = [[أدرنة]]، [[تراقيا]]، [[ملف:Flag of the Ottoman Sultanate (1299-1453).svg|20px]] [[الدولة العثمانية]] |تاريخ الوفاة = [[3 مايو]] [[1481]] (53 عاما)<ref name="babinger347">Babinger, Franz age''s.'' 347</ref> |مكان الوفاة = دريقا، [[كوكالي (محافظة)|كوكالي]]، |تاريخ الدفن = |مكان الدفن = مسجد السلطان محمد الفاتح، [[إسطنبول]] |}} '''السلطان الغازي محمد الثاني الفاتح''' ([[لغة تركية عثمانية|بالتركية العثمانية]]: {{نستعليق|فاتح سلطان محمد خان ثانى}}؛ و[[لغة تركية|بالتركية الحديثة]]: '''Fatih Sultan Mehmed Han II''' أو '''II. Mehmed''') والذي عُرف في [[أوروبا]] خلال [[عصر النهضة]] باسم "'''''Mahomet II'''''"، وهو ذات اللفظ الذي كان الأوربيون يلفظون به اسم [[محمد|نبي الإسلام]]،<ref>"''Dates of Epoch-Making Events''", The Nuttall Encyclopaedia. ([http://www.gutenberg.net/etext/12342 Gutenberg version])</ref><ref>Related to the ''Mahomet'' [[إماتة|archaisms]] used for [[محمد|Mohammad]]. See ''[[النظرة المسيحية عن محمد في العصور الوسطى|Medieval Christian view of Muhammad]]'' for more information.</ref> هو سابع [[سلاطين الدولة العثمانية|سلاطين]] [[الدولة العثمانية]] وسلالة [[عثمانيون|آل عثمان]]، يُلقب، إلى جانب "'''الفاتح'''"، '''بأبي الفتوح''' و'''أبو الخيرات'''، وبعد فتح [[القسطنطينية]] أضيف لقب "[[قيصر]]" إلى ألقابه وألقاب باقي السلاطين الذين تلوه.<ref>[http://www.osmanli700.gen.tr/padisahlar/07idari.html İDARİ DÜZENLEMELER: Fatih Sultan Mehmed, klasik manada Osmanlı devletinin idari kurucusu sayılabilir.]</ref> حكم ما يقرب من ثلاثين عامًا عرفت توسعًا كبيرًا [[خلافة إسلامية|للخلافة الإسلامية]]. يُعرف هذا السلطان بأنه هو من قضى نهائيًا على [[الإمبراطورية البيزنطية]] بعد أن استمرّت أحد عشر قرنًا ونيفًا، ويعتبر الكثير من المؤرخين هذا الحدث خاتمة [[العصور الوسطى]] وبداية العصور الحديثة،<ref>المصوّر في التاريخ، الجزء السادس، تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان، دار العلم للملايين - بيروت، الطبعة التاسعة، تشرين الثاني/نوفمبر 1992؛ النتائج التي ترتبت على سقوط القسطنطينية، صفحة 124</ref><ref>Oxford Dictionary of Turkce 2e, Oxford University Press, 2003, "Middle Ages" article</ref> وعند [[أتراك|الأتراك]] فهذا الحدث هو "فاتحة عصر الملوك" (بالتركية: çağ açan hükümdar). تابع السلطان محمد فتوحاته في [[آسيا]]، فوحّد ممالك [[الأناضول]]، وتوغّل في [[أوروبا]] حتى [[بلغراد]]. من أبرز أعماله الإدارية دمجه للإدارات البيزنطية القديمة في جسم الدولة العثمانية المتوسعة آنذاك. يُلاحظ أن محمد الثاني لم يكن أول حاكم تركي للقسطنطينية، فقد كان أحد الأباطرة [[روم|الروم]] السابقين، والمدعو "ليون الرابع" ([[لغة يونانية|باليونانية]]: Λέων Δ΄) من أصول [[خزر]]ية، وهؤلاء قوم من [[ترك|الترك]] شبه رحّل كانوا يقطنون سهول شمال [[القوقاز]]. كان محمد الثاني عالي الثقافة ومحبًا [[علوم|للعلم]] و[[عالم|العلماء]]، وقد تكلّم عدداً من [[لغة|اللغات]] إلى جانب [[اللغة التركية]]، وهي: [[لغة فرنسية|الفرنسية]]، [[لغة لاتينية|اللاتينية]]، [[لغة يونانية|اليونانية]]، [[لغة صربية|الصربية]]، [[لغة فارسية|الفارسية]]، [[لغة عربية|العربية]]، و[[لغة عبرية|العبرية]].<ref name="Norwich 1995 413–416">{{cite book | last = Norwich | first = John Julius | authorlink = John Julius Norwich | year = 1995 | title = Byzantium:The Decline and Fall | pages = 413–416 | publisher = Alfred A. Knopf | location = New York | isbn = 0-679-41650-1}}</ref><ref name="Runciman 1965 56">{{cite book | last = Runciman| first = Steven | authorlink = Steven Runciman | year = 1965 | title = The Fall of Constantinople: 1453 | pages = 56| publisher = Cambridge University Press | location = London | isbn = 0-521-39832-0}}</ref> == بداية حياته == === إخبار نبي الإسلام عنه === [[ملف:Hagia Sophia - Muhammad's prophecy.jpg|تصغير|نبوءة النبي محمد حول [[فتح القسطنطينية]]، منقوشة على إحدى بوابات [[آيا صوفيا]].]] يؤمن [[مسلمون|المسلمون]] بأن [[نبي|النبي]] [[محمد|محمد بن عبد الله]] تحدث عن [[أمير]] من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح [[القسطنطينية]] ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، فقد ورد في مسند [[أحمد بن حنبل]] في الحديث رقم 18189: {{اقتباس خاص|حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ <ref>رواه [[البخاري]] في التاريخ الكبير عن بشر الغنوي، 2/81. ورواه [[ابن عبد البر]] في الاستيعاب عن بشر الغنوي، 1/250.</ref>}} === مولده ونشأته === [[ملف:رسم بيد محمد الفاتح.jpg|تصغير|يمين|180بك|رسم بيد السلطان محمد الثاني مأخوذ من كتاب رسوماته عندما كان صبيّا، وتظهر في الأعلى طغرائه المكونة من حروف متشابكة.]] وُلد محمد الثاني، للسلطان "[[مراد الثاني]]" و"هما خاتون"،<ref name="babinger30"/><ref name="Fatih Sultan Mehmed">{{cite web|son =Afyoncu |ilk =Erhan | tarih =Mayıs 2007 |url=http://www.nationalgeographic.com.tr/ngm/0705/konu.aspx?Konu=1 | title = Fatih Sultan Mehmed |yayımcı=nationalgeographic.com.tr |erişimtarihi=23 Mart |erişimyılı=2008 }}</ref> فجر يوم الأحد بتاريخ [[20 أبريل]]، [[1429|1429 م]]، الموافق في [[26 رجب]] سنة [[833 هـ]] في مدينة [[أدرنة]]، عاصمة [[الدولة العثمانية]] آنذاك.<ref>تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 160 ISBN 9953-18-084-9</ref> عندما بلغ محمد الثاني ربيعه الحادي عشر أرسله والده السلطان إلى [[أماسيا]] ليكون حاكمًا عليها وليكتسب شيءًا من الخبرة اللازمة لحكم الدولة، كما كانت عليه عادة الحكّام العثمانيين قبل ذلك العهد. فمارس محمد الأعمال السلطانية في حياة أبيه، ومنذ تلك الفترة وهو يعايش صراع [[الدولة البيزنطية]] في الظروف المختلفة، كما كان على اطلاع تام بالمحاولات العثمانية السابقة لفتح القسطنطينية، بل ويعلم بما سبقها من محاولات متكررة في العصور الإسلامية المختلفة.<ref name="الفتوح الإسلامية عبر العصور">الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 358-359</ref> وخلال الفترة التي قضاها حاكماً على [[أماسيا]]، كان السلطان مراد الثاني قد أرسل إليه عددًا من المعلمين لكنه لم يمتثل لأمرهم، ولم يقرأ شيئاً، حتى أنه لم يختم [[القرآن الكريم]]، الأمر الذي كان يُعد ذا أهمية كبرى، فطلب السلطان المذكور، رجلاً له مهابةٌ وحدّة، فذكر له المولى "[[أحمد الكوراني|أحمد بن إسماعيل الكوراني]]"، فجعله معلمًا لولده وأعطاه قضيبًا يضربه به إذا خالف أمره، فذهب إليه، ودخل عليه والقضيب بيده، فقال: "أرسلني والدك للتعليم والضرب إذا خالفت أمري"، فضحك السلطان محمد الثاني من ذلك الكلام، فضربه المولى الكوراني في ذلك المجلس ضربًا شديدًا، حتى خاف منه السلطان محمد، وختم القرآن في مدة يسيرة.<ref>الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية، صفحة 52 نقلاً عن تاريخ الدولة العثمانية، صفحة 43.</ref> هذه التربية [[إسلام|الإسلامية]] كان لها الأثر الأكبر في تكوين شخصية محمد الفاتح، فجعلته مسلمًا مؤمنًا ملتزمًا بحدود [[شريعة إسلامية|الشريعة]]، مقيدًا بالأوامر والنواهي، معظمًا لها ومدافعًا عن إجراءات تطبيقها، فتأثر بالعلماء الربانيين، وبشكل خاص معلمه المولى "الكوراني" وانتهج منهجهم.<ref>تاريخ الدولة العثمانية، د.علي حسون، صفحة 43.</ref> وبرز دور الشيخ "[[آق شمس الدين]]" في تكوين شخصية محمد الفاتح وبث فيه منذ صغره أمرين هما: مضاعفة حركة الجهاد العثمانية، والإيحاء دومًا لمحمد منذ صغره بأنه الأمير المقصود [[حديث نبوي|بالحديث النبوي]]، لذلك كان الفاتح يطمع أن ينطبق عليه حديث نبي الإسلام.<ref name="الفتوح الإسلامية عبر العصور"/> === اعتلاؤه العرش للمرة الأولى وتنازله عنه === {{مقال تفصيلي|مراد الثاني|معركة فارنا|الإمبراطورية النمساوية المجرية}} [[ملف:Murat II.jpg|تصغير|يمين|السلطان مراد الثاني، والد السلطان محمد الفاتح.]] [[ملف:Battle of Varna 1444.PNG|تصغير|200بك|معركة فارنا، بريشة "يان ماتيكو".]] في [[13 يوليو]] سنة [[1444]] م، الموافق [[26 ربيع الأول]] سنة [[848 هـ]]، أبرم السلطان [[مراد الثاني]] معاهدة سلام مع [[إمارة قرمان]] [[الأناضول|بالأناضول]]، وعقب ذلك توفي أكبر أولاد السلطان واسمه علاء الدين، فحزن عليه والده حزنًا شديدًا وسئم الحياة،<ref name="inalcik1s56">İnalcık, Halil (1995)''I''Fatih Period on Tests and Vesika s.56-57</ref><ref name=" babinger40">"> Babinger, Franz''''s.40 age-41</ref> فتنازل عن الملك لابنه محمد البالغ من العمر أربع عشرة سنة، وسافر إلى ولاية [[أيدين (محافظة)|أيدين]] للإقامة بعيدًا عن هموم الدنيا وغمومها.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 157 ISBN 9953-18-084-9</ref> لكنه لم يمكث في خلوته بضعة أشهر حتى أتاه خبر غدر [[المجر]] وإغارتهم على بلاد [[بلغار|البلغار]] غير مراعين شروط الهدنة اعتمادًا على تغرير [[كاردينال|الكاردينال]] "سيزاريني"، مندوب [[البابا]]، وإفهامه لملك المجر أن عدم رعاية الذمة والعهود مع المسلمين لا تُعد حنثًا ولا نقضًا.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية"/> وكان السلطان محمد الثاني قد كتب إلى والده يطلب منه العودة ليتربع على عرش السلطنة تحسبًا لوقوع معركة مع المجر، إلا أن مراد رفض هذا الطلب. فرد محمد الثاني الفاتح : {{اقتباس مضمن|إن كنت أنت السلطان فتعال وقف على قيادة جيشك ورياسة دولتك وإن كنت أنا السلطان فإني آمرك بقيادة الجيش}}. وبناءً على هذه الرسالة، عاد السلطان مراد الثاني وقاد [[عثمانيون|الجيش العثماني]] في [[معركة فارنا]]، التي كان فيها النصر الحاسم للمسلمين بتاريخ [[10 نوفمبر]] سنة [[1444]] م، الموافق في [[28 رجب]] سنة [[848 هـ]].<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 2">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 158 ISBN 9953-18-084-9</ref> لم تطل إقامته أكثر من ثلاثة أشهر إذ اضطر للعودة إلى أدرنة قاعدة الدولة حيث استصغر قادة الجيش العثمانيين من الانكشارية السلطان الصغير، إذ عصوا أمره، ونهبوا المدينة، ووصل السلطان فأدب القادة وأشغلهم بالقتال في بلاد اليونان<ref>شاكر، محمود (2000). التاريخ الاسلامي، العهد العثماني، المجلد الثامن. المكتب الإسلامي. ص 82</ref>. يُقال بأن عودة السلطان مراد الثاني إلى الحكم كان سببها أيضًا الضغط الذي مارسه عليه [[الصدر الأعظم]] "خليل جندرلي باشا"، الذي لم يكن مولعًا بحكم محمد الثاني، بما أن الأخير كان متأثرًا بمعلمه المولى "الكوراني" ويتخذ منه قدوة، وكان الكوراني على خلاف مع [[باشا|الباشا]]. == الفترة في مانيسا (1446-1451) == [[ملف:Latrans-Turkey location Manisa.svg|تصغير|موقع مانيسا في [[تركيا]].]] انتقل السلطان محمد الثاني إلى [[مانيسا (مدينة)|مانيسا]] الواقعة بغرب [[الأناضول]] بعد ثورة [[الإنكشارية]] عليه، وبعد أن جمعهم والده وانتقل لخوض [[حرب|حروبه]] في [[أوروبا]]. ليس هناك من معلومات كثيرة تفيد بالذي قام به السلطان محمد في الفترة التي قضاها في مدينة [[مانيسا (مدينة)|مانيسا]]، ولكن يُعرف أنه خلال هذه الفترة، تزوج السلطان بوالدة ولي العهد، كما كان يُطلق على زوجات السلاطين، "أمينة گلبهار" ذات الجذور [[اليونان]]ية النبيلة،<ref name = Lowry/> من قرية "دوفيرا" في [[طرابزون]]،<ref name=Lowry>The Nature of the Early Ottoman State, Heath W. Lowry, State University of New York Press (SUNY Press), p.153</ref> والتي توفيت بعد ذلك عام [[1492]] بعد أن أنجبت السلطان [[بايزيد الثاني]].<ref name="babinger62">Babinger, Franz a.g'' 'e''p.62</ref> وكان السلطان مراد الثاني قد عاد إلى عزلته مرة أخرى بعد أن انتصر على المجر واستخلص مدينة فارنا منهم، لكنه لم يلبث فيها هذه المرة أيضا، لأن عساكر [[إنكشارية|الإنكشارية]] ازدروا ملكهم الفتى محمد الثاني وعصوه ونهبوا مدينة [[أدرنة]] عاصمة الدولة، فرجع إليهم السلطان مراد الثاني في أوائل سنة [[1445]] وأخمد فتنتهم. وخوفًا من رجوعهم إلى إقلاق راحة الدولة، أراد أن يشغلهم بالحرب، فأغار على بلاد [[اليونان]] و[[الصرب]] طيلة سنواته الباقية، وفتح عددًا من المدن والإمارات وضمها إلى الدولة العثمانية.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 2"/> تزوج السلطان محمد في هذه الفترة أيضا بزوجته الثانية "ستّي مكرم خاتون" الأميرة من سلالة ذي القدر [[تركمان|التركمانية]].<ref name="babinger67">Babinger, Franz''''s.67 age</ref><ref>[http://nauplion.net/M2-SittHatun.jpg Wedding portrait]</ref> قام محمد الفاتح خلال المدة التي قضاها في [[مانيسا (مدينة)|مانيسا]]، بضرب النقود [[سلاجقة|السلجوقية]] باسمه،<ref name="babinger68">Babinger, Franz''''s.68 age</ref> وفي أغسطس أو سبتمبر من عام [[1449]]، توفيت والدته،<ref name="babinger69">Babinger, Franz age''''p.69</ref> وبعد هذا بسنة، أي في عام [[1450]]، أبرم والده صلحًا مع "اسكندر بك"، أحد أولاد "جورج كستريو" أمير [[ألبانيا]] الشمالية الذين كان السلطان مراد الثاني قد أخذهم رهائن وضمّ بلاد أبيهم إليه بعد موته. وكان اسكندر المذكور قد أسلم، أو بالأحرى تظاهر بالإسلام لنوال ما يكنه صدره وأظهر الإخلاص للسلطان حتى قرّبه إليه، ثم انقلب عليه أثناء انشغاله بمحاربة الصرب والمجر، وبعد عدد من المعارك لم يستطع الجيش العثماني المنهك استرجاع أكثر من مدينتين ألبانيتين،<ref>Barletius, Noli 1947, etc</ref> فرأى السلطان مصالحة البك ريثما يعود ليستجمع جيشه قوته ثم يعود لفتح مدينة "آق حصار".<ref>تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 158 - 159 ISBN 9953-18-084-9</ref><ref name="Kinross, Lords.93">Kinross, Lord,''''s.93 age</ref> == اعتلاؤه العرش للمرة الثانية وفتح القسطنطينية == [[ملف:Hunername accession Mehmed II .jpg|تصغير|يمين|150بك|تربّع السلطان محمد الثاني على عرش الدولة العثمانية.]] [[ملف:Eastern Mediterranean 1450 - Arabic.PNG|تصغير|الدولة العثمانية والدول والإمارات المحيطة بها عام [[1450]]، أي قبل تربّع محمد الثاني على العرش بسنة واحدة.]] عاد السلطان مراد الثاني إلى [[أدرنة]]، عاصمة ممالكه ليُجهز جيوشًا جديدة كافية لقمع الثائر على الدولة، "اسكندر بك"، لكنه توفي في يوم [[7 فبراير]] سنة [[1451]]، الموافق في [[5 محرم]] سنة [[855هـ]]. وما أن وصلت أنباء وفاة السلطان إلى ابنه محمد الثاني، حتى ركب فوراً وعاد إلى أدرنة حيث توّج سلطانا للمرة الثانية في [[19 فبراير]] من نفس العام،<ref name="Maraş Savunması-1">{{cite book |last= Atilla Şahiner | title = "Osmanlı Tarihi" | publisher = Lacivert Yayınları| | year =2008 | pages =s. 80}}</ref> وأقام جنازة لوالده الراحل وأمر بنقل الجثمان إلى مدينة [[بورصة (مدينة)|بورصة]] لدفنه بها،<ref name="babinger73">Babinger, Franz''''s.73-74 age</ref> وأمر بإرجاع الأميرة "مارا" الصربية إلى والدها، أمير الصرب المدعو "جورج برنكوفيتش"، الذي زوّجها للسلطان مراد الثاني عندما أبرم معه معاهدة سلام قرابة عام [[1428]].<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 160 - 161 ISBN 9953-18-084-9</ref><ref>تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 145 ISBN 9953-18-084-9</ref> عندما تولى محمد الثاني الملك بعد أبيه لم يكن ب[[آسيا الصغرى]] خارجًا عن سلطانه إلا جزء من [[إمارة قرمان|بلاد القرمان]] ومدينة "[[سينوب]]" و[[طرابزون|مملكة طرابزون الروميّة]]. وصارت مملكة الروم الشرقية قاصرة على مدينة [[القسطنطينية]] وضواحيها. وكان إقليم "موره" مجزءاً بين [[البندقية|البنادقة]] وعدّة إمارات صغيرة يحكمها بعض أعيان [[روم|الروم]] أو [[إفرنج|الإفرنج]] الذين تخلفوا عن إخوانهم بعد انتهاء [[الحروب الصليبية]]، و[[ألبانيا|بلاد الأرنؤد]] وإيبيروس في حمى إسكندر بك سالف الذكر، و[[البوسنة|بلاد البشناق]] المستقلة، و[[الصرب]] التابعة للدولة العثمانية تبعية سيادية، وما بقي من [[البلقان|شبه جزيرة البلقان]] كان داخلاً تحت سلطة الدولة كذلك.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> === الإعداد للفتح === [[ملف:Twierdza Rumeli Istambuł RB1.jpg|تصغير|250بك|قلعة روملي حصار كما تبدو اليوم، كما يراها الناظر من مضيق البوسفور.]] أخذ السلطان محمد الثاني، بعد وفاة والده، يستعد لتتميم فتح ما بقي من [[البلقان|بلاد البلقان]] ومدينة [[القسطنطينية]] حتى تكون جميع أملاكه متصلة لا يتخللها عدو مهاجم أو صديق منافق، فبذل بداية الأمر جهودًا عظيمة في تقوية الجيش العثماني بالقوى البشرية حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون جندي، وهذا عدد كبير مقارنة بجيوش الدول في تلك الفترة، كما عني عناية خاصة بتدريب تلك الجموع على فنون القتال المختلفة وبمختلف أنواع الأسلحة التي تؤهلهم للغزو الكبير المنتظر، كما أعتنى الفاتح بإعدادهم إعدادًا معنويًا قويًا وغرس روح [[الجهاد]] فيهم، وتذكيرهم بثناء [[نبي|النبي]] [[محمد]] على الجيش الذي يفتح القسطنطينية وعسى أن يكونوا هم الجيش المقصود بذلك، مما أعطاهم قوة معنوية وشجاعة منقطعة النظير، كما كان لانتشار العلماء بين الجنود أثر كبير في تقوية عزائمهم.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> أراد السلطان، قبل أن يتعرض لفتح القسطنطينية أن يُحصّن [[مضيق البوسفور]] حتى لا يأتي لها مدد من مملكة طرابزون، وذلك بأن يُقيم قلعة على شاطئ المضيق في أضيق نقطة من الجانب الأوروبي منه مقابل القلعة التي أسست في عهد السلطان بايزيد في البر الآسيوي.<ref name="سلاطين آل عثمان">سلاطين آل عثمان، صفحة 26.</ref> ولمّا بلغ [[قسطنطين الحادي عشر|إمبراطور الروم]] هذا الخبر أرسل إلى السلطان سفيرًا يعرض عليه دفع [[جزية|الجزية]] التي يُقررها،<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> فرفض الفاتح طلبه وأصر على البناء لما يعلمه من أهمية عسكرية لهذا الموقع، حتى اكتملت [[قلعة]] عالية ومحصنة، وصل ارتفاعها إلى 82 مترًا، وأطلق عليها اسم "[[قلعة روملي حصار]]" (ب[[لغة تركية|التركية]]: Rumeli Hisarı)، وأصبحت القلعتان متقابلتين، ولا يفصل بينهما سوى 660 مترًا، تتحكمان في عبور السفن من شرقي البوسفور إلى غربه وتستطيع نيران [[مدفع|مدافعهما]] منع أية [[سفينة]] من الوصول إلى [[القسطنطينية]] من المناطق التي تقع شرقها مثل مملكة طرابزون وغيرها من الأماكن التي تستطيع دعم المدينة عند الحاجة.<ref name="سلاطين آل عثمان"/> كما فرض السلطان رسومًا على كل سفينة تمر في مجال المدافع العثمانية المنصوبة في القلعة، وكان أن رفضت إحدى سفن [[البندقية]] أن تتوقف بعد أن أعطى العثمانيون لها عدداً من الإشارات، فتمّ إغراقها بطلقة مدفعية واحدة فقط.<ref name="Silburn1912">Silburn, P. A. B. (1912).</ref> [[ملف:Dardanelles Gun Turkish Bronze 15c.png|تصغير|250بك|مدفع سلطاني عثماني مماثل للمدفع الذي استخدم عند حصار القسطنطينية. تمّ صب هذا المدفع عام [[1464]]، وهو الآن موجود في متحف الترسانة الملكية البريطانية.]] اعتنى السلطان عناية خاصة بجمع [[سلاح|الأسلحة]] اللازمة [[فتح القسطنطينية|لفتح القسطنطينية]]، ومن أهمها [[مدفع|المدافع]]، التي أخذت اهتمامًا خاصًا منه حيث أحضر مهندسًا مجريًا يدعى "أوربان" كان بارعًا في صناعة المدافع، فأحسن استقباله ووفر له جميع الإمكانيات المالية والمادية والبشرية. تمكن هذا المهندس من تصميم وتصنيع العديد من المدافع الضخمة كان على رأسها "المدفع السلطاني" المشهور، والذي ذكر أن وزنه كان يصل إلى مئات [[طن|الأطنان]] وأنه يحتاج إلى مئات [[ثور|الثيران]] القوية لتحريكه، وقد أشرف السلطان بنفسه على صناعة هذه المدافع وتجريبها.<ref>الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 361.</ref> ويُضاف إلى هذا الاستعداد ما بذله الفاتح من عناية خاصة [[أسطول|بالأسطول]] العثماني؛ حيث عمل على تقويته وتزويده بالسفن المختلفة ليكون مؤهلاً للقيام بدوره في الهجوم على القسطنطينية، تلك المدينة البحرية التي لا يكمل حصارها دون وجود قوة بحرية تقوم بهذه المهمة وقد ذُكر أن السفن التي أعدت لهذا الأمر بلغت أكثر من أربعمائة سفينة،<ref>محمد الفاتح، صفحة 90، سالم الرشيدي.</ref> بينما قال آخرون أن هذا الرقم مبالغ فيه وأن عدد السفن كان أقل من ذلك، حيث بلغت مائة وثمانين سفينة في الواقع.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> === عقد معاهدات === عمل الفاتح قبل هجومه على القسطنطينية على عقد معاهدات مع أعدائه المختلفين ليتفرغ لعدو واحد، فعقد معاهدة مع إمارة غلطة المجاورة للقسطنطينية من الشرق ويفصل بينهما [[القرن الذهبي|مضيق القرن الذهبي]]، كما عقد معاهدات مع [[جنوة]] و[[البندقية]] وهما من الإمارات الأوروبية المجاورة، ولكن هذه المعاهدات لم تصمد حينما بدأ الهجوم الفعلي على القسطنطينية، حيث وصلت قوات من تلك المدن وغيرها للمشاركة في الدفاع عن المدينة.<ref>تاريخ سلاطين آل عثمان، صفحة 58.</ref> في هذه الأثناء التي كان السلطان يعد العدة فيها للفتح، استمات الإمبراطور البيزنطي في محاولاته لثنيه عن هدفه، بتقديم الأموال والهدايا المختلفة إليه، وبمحاولة رشوة بعض مستشاريه ليؤثروا على قراره،<ref>فتح القسطنطينية، محمد صفوت، صفحة 69.</ref> ولكن السلطان كان عازمًا على تنفيذ مخططه ولم تثنه هذه الأمور عن هدفه، ولما رأى الإمبراطور البيزنطي شدة عزيمة السلطان على تنفيذ هدفه عمد إلى طلب المساعدات من مختلف [[دولة|الدول]] و[[مدينة|المدن]] الأوروبية وعلى رأسها [[البابا]] زعيم [[كاثوليكية|المذهب الكاثوليكي]]، في الوقت الذي كانت فيه كنائس الدولة البيزنطية وعلى رأسها القسطنطينية تابعة [[أرثوذكسية|للكنيسة الأرثوذكسية]] وكان بينهما عداء شديد، وقد اضطر الإمبراطور لمجاملة البابا بأن يتقرب إليه ويظهر له استعداده للعمل على توحيد الكنيستين الشرقية والغربية،<ref name="الحرب بين السلطان والإمبراطور">المصوّر في التاريخ، الجزء السادس، تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان، دار العلم للملايين، بيروت، الحرب بين السلطان والإمبراطور، صفحة: 123.</ref> في الوقت الذي لم يكن الأرثوذكس يرغبون في ذلك. قام البابا بناءً على ذلك بإرسال مندوب منه إلى القسطنطينية، خطب في [[كنيسة]] [[آيا صوفيا]] ودعا للبابا وأعلن توحيد الكنيستين، مما أغضب جمهور الأرثوذكس في المدينة، وجعلهم يقومون بحركة مضادة لهذا العمل الإمبراطوري الكاثوليكي المشترك، حتى قال بعض زعماء الأرثوذكس: "إنني أفضل أن أشاهد في ديار البيزنط عمائم [[ترك|الترك]] على أن أشاهد [[قبعة|القبعة]] اللاتينية".<ref>محمد الفاتح، صفحة 89، سالم الرشيدي.</ref> === الهجوم والغزو === {{مقال تفصيلي|فتح القسطنطينية}} [[ملف:Edirne Kusatma Zonaro.jpg|thumb|320px|محمد الفاتح يقود جيش [[المسلمين]] في حصار القسطنطينية.]] سعى السلطان، بعد كل هذه الاستعدادات، في إيجاد سبب لفتح باب [[حرب|الحرب]]، ولم يلبث أن وجد هذا السبب بتعدي [[عثمانيون|الجنود العثمانيين]] على بعض قرى [[روم|الروم]] ودفاع هؤلاء عن أنفسهم، حيث قُتل البعض من الفريقين.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> عمل السلطان على تمهيد الطريق بين [[أدرنة]] و[[القسطنطينية]] لكي تكون صالحة لجر المدافع العملاقة خلالها إلى القسطنطينية، وقد تحركت المدافع من أدرنة إلى قرب القسطنطينية، في مدة شهرين حيث تمت حمايتها بقسم الجيش حتى وصلت الأجناد العثمانية يقودها الفاتح بنفسه إلى مشارف القسطنطينية في يوم الخميس [[6 أبريل]]، [[1453|1453 م]]، الموافق [[26 ربيع الأول]]، [[857 هـ]]، فجمع الجند وكانوا قرابة مائتين وخمسين ألف جندي أي ربع مليون،<ref>أطلس التاريخ الحديث. صفحة 69</ref> فخطب فيهم خطبة قوية حثهم فيها على [[جهاد|الجهاد]] وطلب النصر أو الشهادة، وذكّرهم فيها بالتضحية وصدق القتال عند اللقاء، وقرأ عليهم [[قرآن|الآيات القرآنية]] التي تحث على ذلك، كما ذكر لهم [[حديث نبوي|الأحاديث النبوية]] التي تبشر بفتح القسطنطينية وفضل الجيش الفاتح لها وأميره، وما في فتحها من عز [[إسلام|للإسلام]] و[[مسلمين|المسلمين]]، وقد بادر الجيش بالتهليل والتكبير والدعاء.<ref>سلاطين آل عثمان، صفحة 24-25.</ref><ref name="أطلس التاريخ الحديث.ص69">أطلس التاريخ الحديث.صفحة69.اعداد:د.سيف الدين الكاتب، طبعة 2008 ISBN 9953-61-129-7</ref> وبهذا ضرب السلطان الحصار على المدينة بجنوده من ناحية البر، وبأسطوله من ناحية البحر، وأقام حول المدينة أربع عشرة [[بطارية مدفعية]] وضع بها المدافع الجسيمة التي صنعها "أوربان" والتي قيل بأنها كانت تقذف كرات من [[حجر|الحجارة]] زنة كل واحدة منها اثنا عشر [[قنطار|قنطارًا]] إلى مسافة [[ميل]]، إلا أن المؤرخين المعاصرين يقولون أن هذا الرقم مبالغ فيه بوضوح، فإنه ولو وُجد في ذلك الزمان آلة تستطيع أن تقذف هذا [[وزن|الوزن]] الكبير، فإنه لا يوجد أناس قادرين على رفع هذا الوزن ليضعوه في المدفع، فالقنطار يساوي 250 [[كيلوغرام]]ا، فوزن القذيفة على هذا الاعتبار يكون 3000 كيلوغراما، وبالتالي فلعلّ المقصود كان 12 [[رطل]]ا وليس قنطارا.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> وفي أثناء الحصار اكتُشف [[قبر]] "[[أبو أيوب الأنصاري|أبي أيوب الأنصاري]]" الذي استشهد حين حاصر القسطنطينية في سنة [[52 هـ]] في خلافة [[معاوية بن أبي سفيان]] [[خلافة أموية|الأموي]].<ref>تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 162 ISBN 9953-18-084-9</ref> [[ملف:Byzantine Constantinople eng.png|تصغير|يمين|خريطة تُظهر سور القسطنطينية وميناءها.]] [[ملف:Kusatma Zonaro.jpg|تصغير|يمين|السلطان محمد الثاني يُشرف على جرّ السفن برًا إلى داخل مضيق القرن الذهبي.]] وفي هذا الوقت كان البيزنطيين قد قاموا بسد مداخل [[ميناء]] القسطنطينية [[سلسلة|بسلاسل]] [[حديد]]ية غليظة حالت بين السفن العثمانية والوصول إلى [[القرن الذهبي]]، بل دمرت كل سفينة حاولت الدنو والاقتراب.<ref name="الحرب بين السلطان والإمبراطور"/> إلا أن الأسطول العثماني نجح على الرغم من ذلك في الاستيلاء على [[جزر الأمراء]] في [[بحر مرمرة]].<ref>محمد الفاتح، صفحة 98؛ العثمانيون والبلقان، صفحة 89.</ref> استنجد [[إمبراطور|الإمبراطور]] [[قسطنطين الحادي عشر|قسطنطين]]، آخر ملوك [[روم|الروم]]، [[أوروبا|بأوروبا]]، فلبّى طلبه أهالي [[جنوة]] وأرسلوا له إمدادات مكونة من خمس سفن وكان يقودها القائد الجنوي "جوستنياني" يُرافقه سبعمائة مقاتل متطوع من دول أوروبية متعددة، فأتى هذا القائد بمراكبه وأراد الدخول إلى ميناء القسطنطينية، فاعترضته السفن العثمانية ونشبت بينهما معركة هائلة في يوم [[21 أبريل]]، [[1453]] م، الموافق يوم [[11 ربيع الثاني]]، [[857 هـ]]، انتهت بفوز جوستنياني ودخوله الميناء بعد أن رفع المحاصرون السلاسل الحديدية ثم أعادوها بعد مرور السفن الأوروبية كما كانت.<ref>العثمانيون والبلقان، د.علي حسون، صفحة 92.</ref> حاولت القوات البحرية العثمانية تخطي السلاسل الضخمة التي تتحكم في مدخل القرن الذهبي والوصول بالسفن الإسلامية إليه، وأطلقوا [[سهم|سهامهم]] على السفن الأوروبية والبيزنطية ولكنهم فشلوا في تحقيق مرادهم في البداية، فارتفعت بهذا الروح المعنوية للمدافعين عن المدينة.<ref>محمد الفاتح، سالم الرشيدي، صفحة 120.</ref> بعد هذا الأمر، أخذ السلطان يُفكر في طريقة لدخول مراكبه إلى ال[[ميناء]] لإتمام الحصار برّاً وبحراً، فخطر بباله فكر غريب، وهو أن ينقل المراكب على البر ليجتازوا السلاسل الموضوعة لمنعها، وتمّ هذا الأمر المستغرب بأن مهدت الأرض وسويت في ساعات قليلة وأتي بألواح من [[خشب|الخشب]] دهنت [[زيت|بالزيت]] وال[[دهون|شحم]]، ثم وضعت على الطريق الممهد بطريقة يسهل بها انزلاج السفن وجرها،<ref>السلطان محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 100.</ref> وبهذه الكيفية أمكن نقل نحو سبعين سفينة وإنزالها في [[القرن الذهبي]] على حين غفلة من البيزنطيين.<ref name="الفتوح الإسلامية عبر العصور">الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 370.</ref> [[ملف:ConstantinoXI.jpg|تصغير|[[قسطنطين الحادي عشر]]، آخر أباطرة [[الدولة البيزنطية]]، حكم في الفترة الممتدة من [[6 يناير]] [[1449]] إلى [[29 مايو]] [[1453]].]] [[ملف:Zonaro GatesofConst.jpg|تصغير|السلطان محمد الثاني يدخل إلى القسطنطينية، بريشة "فوستو زونارو".]] استيقظ أهل المدينة صباح يوم [[22 أبريل]] وفوجئوا بالسفن العثمانية وهي تسيطر على ذلك المعبر المائي، ولم يعد هناك حاجز مائي بين المدافعين عن القسطنطينية وبين الجنود العثمانيين،<ref name="الفتوح الإسلامية عبر العصور"/><ref>السلطان محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 102.</ref> ولقد عبّر أحد المؤرخين البيزنطيين عن عجبهم من هذا العمل فقال: {{اقتباس مضمن|ما رأينا ولا سمعنا من قبل بمثل هذا الشيء الخارق، محمد الفاتح يحول [[الأرض]] إلى [[بحر|بحار]] وتعبر سفنه فوق قمم [[جبل|الجبال]] بدلاً من [[موجة|الأمواج]]، لقد فاق محمد الثاني بهذا العمل [[الأسكندر الأكبر]]}}.<ref>تاريخ الدولة العثمانية، يلماز أوزنتونا، صفحة 135.</ref> أيقن المحاصرون عند هذا أن لا مناص من نصر العثمانيين عليهم، لكن لم تخمد عزائمهم بل ازدادوا إقداماً وصمموا على الدفاع عن مدينتهم حتى الممات. وفي يوم [[24 مايو]] سنة [[1453]]م، الموافق [[15 جمادى الأولى]] سنة [[857هـ]]، أرسل السلطان محمد إلى الإمبراطور قسطنطين رسالة دعاه فيها إلى تسليم المدينة دون إراقة [[دم]]اء، وعرض عليه تأمين خروجه وعائلته وأعوانه وكل من يرغب من سكان المدينة إلى حيث يشاؤون بأمان،<ref>محمد الفاتح للرشيدي، صفحة 119.</ref> وأن تحقن دماء الناس في المدينة ولا يتعرضوا لأي أذى وأعطاهم الخيار بالبقاء في المدينة أو الرحيل عنها، ولما وصلت الرسالة إلى الإمبراطور جمع المستشارين وعرض عليهم الأمر، فمال بعضهم إلى التسليم وأصر آخرون على استمرار الدفاع عن المدينة حتى الموت، فمال الامبراطور إلى رأي القائلين بالقتال حتى آخر لحظة، فرد الامبراطور رسول الفاتح برسالة قال فيها إنه يشكر [[الله]] إذ جنح السلطان إلى [[سلام|السلم]] وأنه يرضى أن يدفع له الجزية أما [[القسطنطينية]] فإنه أقسم أن يدافع عنها إلى آخر نفس في حياته فإما أن يحفظ عرشه أو يُدفن تحت أسوارها،<ref>محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 116.</ref> فلما وصلت الرسالة إلى الفاتح قال: {{اقتباس مضمن|حسناً عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر}}.<ref>الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 376.</ref> عند الساعة الواحدة صباحاً من يوم الثلاثاء [[29 مايو]]، [[1453]]م، الموافق [[20 جمادى الأولى]] سنة [[857 هـ]] بدأ الهجوم العام على [[مدينة|المدينة]]، فهجم مائة وخمسون ألف جندي وتسلقوا الأسوار حتى دخلوا المدينة من كل فج وأعملوا [[سيف|السيف]] فيمن عارضهم واحتلوا المدينة شيءًا فشيئًا إلى أن سقطت بأيديهم، بعد 53 يومًا من الحصار.<ref name="Silburn1912" /> أما [[قسطنطين الحادي عشر|الإمبراطور قسطنطين]] فقاتل حتى مات في الدفاع عن وطنه كما وعد، ولم يهرب أو يتخاذل.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 4"/><ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 5">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 164 ISBN 9953-18-084-9</ref> ثم دخل السلطان المدينة عند الظهر فوجد الجنود مشتغلة بالسلب والنهب، فأصدر أمره بمنع كل اعتداء، فساد الأمن حالاً. ثم توجه إلى [[كنيسة]] [[آيا صوفيا]] وقد اجتمع فيها خلق كبير من الناس ومعهم [[قس|القسس]] والرهبان الذين كانوا يتلون عليهم [[صلاة (مسيحية)|صلواتهم]] وأدعيتهم، وعندما اقترب من أبوابها خاف [[مسيحيون|المسيحيون]] داخلها خوفاً عظيماً، وقام أحد الرهبان بفتح الأبواب له فطلب من الراهب تهدئة الناس وطمأنتهم والعودة إلى بيوتهم بأمان، فأطمأن الناس وكان بعض الرهبان مختبئين في سراديب الكنيسة فلما رأوا تسامح الفاتح وعفوه خرجوا وأعلنوا إسلامهم، وقد أمر الفاتح بعد ذلك بأن [[أذان|يؤذن]] في الكنيسة [[صلاة (إسلام)|بالصلاة]] إعلانًا بجعلها [[مسجد|مسجدًا]].<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 4">محمد الفاتح، صفحة 139.</ref><ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 5"/> وقد أعطى السلطان للنصارى حرية إقامة الشعائر الدينية واختيار رؤسائهم الدينين الذين لهم حق الحكم في النظر بالقضايا المدنية، كما أعطى هذا الحق لرجال الكنيسة في الأقاليم الأخرى ولكنه في الوقت نفسه فرض الجزية على الجميع.<ref>الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 384.</ref> ثم قام بجمع رجال الدين المسيحيين لينتخبوا [[بطريرك|بطريركًا]] لهم، فاختاروا "جورجيوس كورتيسيوس سكولاريوس" ([[لغة يونانية|باليونانية]]:Γεώργιος Κουρτέσιος Σχολάριος)، وأعطاهم نصف الكنائس الموجودة في المدينة، أما النصف الأخر فجعله جوامع للمسلمين.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 4"/> وبتمام فتح المدينة، نقل السلطان محمد مركز العاصمة إليها، وسُميت "[[إسطنبول|إسلامبول]]"، أي "تخت الإسلام" أو "مدينة الإسلام".<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 5"/> === ما بعد الفتح === [[ملف:Gennadios II and Mehmed II.jpg|تصغير|السلطان محمد الثاني مع البطريرك جورجيوس سكولاريوس.]] بعد تمام النصر والفتح، اتخذ السلطان لقب "'''الفاتح'''" و"'''قيصر الروم'''" ([[لغة تركية|بالتركية]]: Kayser-i Rûm)، على الرغم من أن هذا اللقب الأخير لم تعترف به بطركيّة القسطنطينية ولا [[أوروبا]] [[مسيحية|المسيحية]]. وكان السبب الذي جعل السلطان يتخذ هذا اللقب هو أن القسطنطينية كانت عاصمة [[الإمبراطورية الرومانية]]، بعد أن نُقل مركز الحكم إليها عام [[330]] بعد سقوط [[الإمبراطورية الرومانية الغربية]]، وكونه هو سلطان المدينة فكان من حقه أن يحمل هذا اللقب. وكان للسلطان رابطة دم بالأسرة الملكية البيزنطية، بما أن كثيرا من أسلافه، كالسلطان [[أورخان غازي|أورخان الأول]]، تزوجوا بأميرات بيزنطيات. ولم يكن السلطان هو الوحيد الذي حمل لقب [[قيصر|القيصر]] في أيامه، إذ أن إمبراطور [[الإمبراطورية الرومانية المقدسة]] في [[أوروبا الغربية]]، "فريدريش الثالث"، قال آنذاك بأنه يتحدر مباشرة من [[شارلمان]]، الذي حصل على لقب "قيصر" عندما توّجه [[البابا]] "ليو الثالث" عام [[800]]، على الرغم من عدم اعتراف [[الإمبراطورية البيزنطية]] بهذا الأمر عندئذ. وكان السلطان قد أمر بحبس [[الصدر الأعظم]] "خليل جندرلي باشا"، الذي اتهم أثناء حصار القسطنطينية بالتعامل مع العدو أو تلقيه [[رشوة]] منهم لفضح تحركات الجيش العثماني، فحُبس لمدة أربعين يومًا وسُملت [[عين]]اه، ثم حُكم عليه [[إعدام|بالإعدام]] فأعدم.<ref name="babinger103">Babinger, Franz''''s.103 age</ref> تُفيد بعض المصادر أن السلطان محمد الفاتح قصد الموقع الذي بُنيت فيه مدينة [[طروادة]] في قديم الزمان، بعد 10 سنوات من فتح القسطنطينية، حيث قال أنه انتقم للطرواديين أخيراً، بعد أن قضى على [[إغريق|الإغريق]]، أي البيزنطينين، وغزاهم كما غزوا طروادة.<ref name=turks>[http://www.turks.org.uk/index.php?pid=38 TURKS :: Ottomans<!-- Bot generated title -->]</ref> يروي [[تاريخ|المؤرخ]] [[بريطانيا|البريطاني]] "ستيفن رونسيمان" قصة منقولة عن المؤرخ البيزنطي "دوكاس"، المعروف بإضفائه النكهة [[دراما|الدرامية]] والمواصفات المؤثرة على كتاباته،<ref>{{cite book | last = Crowley | first = Roger | year = 2006 | location = Oxford | title = Constantinople: The Last Great Siege, 1453 | publisher = A.P.R.I.L. Publishing }}</ref> أنه عندما دخل محمد الثاني القسطنطينية، أمر بإحضار الابن الوسيم للدوق الأكبر "لوكاس نوتاراس" البالغ من العمر 14 ربيعًا، ليُشبع معه [[مثلية جنسية|شهوته]]، وعندما رفض الأب تسليم ولده إلى السلطان، أمر الأخير بقطع رأس كليهما حيث وقفا.<ref>Steven Runciman, ''The Fall of Constantinople 1453''. Cambridge University Press, 1965.</ref> يروي عالم [[لاهوت|اللاهوت]] ورئيس أساقفة ميتيليني "ليونارد الصاقيزي" نفس القصة في رسالة أرسلها إلى [[البابا]] نيقولا الخامس.<ref>J.R. Melville Jones, trans., "The Siege of Constantinople 1453: Seven Contemporary Accounts"</ref> يرى المؤرخون المعتدلون والمؤرخون المسلمون، أن هذه الرواية عارية عن الصحة، وأن سببها كان الصدمة العنيفة التي تعرض لها [[عالم مسيحي|العالم الأوروبي المسيحي]] عند سقوط المدينة المقدسة بيد المسلمين، حيث بذل [[شاعر|الشعراء]] و[[أديب|الأدباء]] ما في وسعهم لتأجيج نار الحقد وبراكين الغضب في نفوس النصارى ضد المسلمين، وعقد الأمراء والملوك اجتماعات طويلة ومستمرة وتنادوا إلى نبذ الخلافات والحزازات والتوحد ضد العثمانيين. وكان البابا نيقولا الخامس أشد الناس تأثراً بنبأ سقوط القسطنطينية، وعمل جهده وصرف وقته في توحيد الدول الإيطالية وتشجيعها على قتال المسلمين، وترأس مؤتمرًا عُقد في [[روما]]، أعلنت فيه الدول المشاركة عزمها على التعاون فيما بينها وتوجيه جميع جهودها وقوتها ضد العدو المشترك. وأوشك هذا الحلف أن يتحقق إلا أن الموت عاجل البابا في [[25 مارس]] سنة [[1455]]، فلم تتم أي من هذه الخطط.<ref>السلطان محمد الفاتح، صفحة 136-137.</ref> == الفتوحات التالية == === فتح بلاد موره ومحاربة المجر === [[ملف:Iancu Hunedoara.jpg|تصغير|[[إيوان دي هونيدوارا|يوحنا هونياد]]، حاكم [[مملكة المجر]] ([[1446]]–[[1453]]) و[[ترانسلفانيا]] ([[1441]]-[[1446]]).<ref name="Britannica">"János Hunyadi". [[Encyclopædia Britannica]]. 2010.</ref>]] [[ملف:Siege of Nándorfehérvár.jpg|تصغير|يمين|حصار بلغراد من قبل الجيش العثماني.]] بعد إتمامه لترتيباته وبناء ما هُدم من أسوار القسطنطينية وتحصينها، أمر السلطان ببناء [[مسجد]] بالقرب من [[قبر]] [[أبو أيوب الأنصاري|أبي أيوب الأنصاري]]، جرت العادة فيما بعد أن يتقلد كل سلطان جديد [[سيف]] [[عثمان الأول|عثمان الغازي الأول]] في هذا المسجد،<ref name="توحيد الأناضول">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 168 ISBN 9953-18-084-9</ref> ثم سافر بجنوده لفتح بلاد جديدة، فقصد بلاد موره، لكن لم ينتظر أميراها "دمتريوس" و"توماس"، أخوا [[قسطنطين الحادي عشر|قسطنطين]]، قدومه، بل أرسلا إليه يُخبرانه بقبولهما دفع [[جزية]] سنوية قدرها إثنا عشر ألف دوكا. فقبل السلطان ذلك، وغيّر وجهته قاصدًا [[الصرب|بلاد الصرب]]، فأتى "[[إيوان دي هونيدوارا|هونياد]]" الشجاع المجري، الملقب "بالفارس الأبيض"،<ref>White Knight (Clear waters rising: a mountain walk across Europe by Nicholas Crane, Viking, 1996, p. 320), White Knight of Wallachia [http://books.google.ro/books?id=xcp7OXQE0FMC&pg=PA53&lpg=PA53&dq=%22white+knight+of+wallachia%22&source=bl&ots=ZMFi3V9rqD&sig=GXAnsPJU_DiGNCTBeV2CczjtrhU#v=onepage&q=%22white%20knight%20of%20wallachia][http://www.r3.org/bookcase/de_commynes/decom_9.html] or White Knight of Hungary (Encyclopedia of the undead, p. 67, Career Press, 2006, Jihad in the West: Muslim conquests from the 7th to the 21st centuries By Paul Fregosi, p. 244., Prometheus Books, 1998 ) depending on sources</ref> وردّ عن الصرب مقدمة الجيوش العثمانية،<ref name=Britannica/> إلا أن الصرب لم يرغبوا في مساعدة [[المجر]] لهم لاختلاف [[مذهب]]هم، حيث كان المجر [[كاثوليكية|كاثوليكيين]] تابعين لبابا [[روما]]، والصرب [[أرثوذكسية|أرثوذكسيين]] لا يذعنون لسلطة [[البابا]] بل كانوا يفضلون تسلط المسلمين عليهم لما رأوه من عدم تعرضهم للدين مطلقًا. ولذلك أبرم أمير الصرب الصلح مع السلطان محمد الثاني على أن يدفع له سنويًا ثمانين ألف دوكا، وذلك في سنة [[1454]].<ref name="توحيد الأناضول"/> وفي السنة التالية أعاد السلطان الكرّة على الصرب من جديد، بجيش مؤلف من خمسين ألف مقاتل وثلاثمائة [[مدفع]]، ومر بجيوشه من جنوب تلك البلاد إلى شمالها بدون أن يلقى أقل معارضة حتى وصل مدينة [[بلغراد]] الواقعة على [[نهر الدانوب]] وحاصرها من جهة البر والنهر. وكان هونياد المجري دخل المدينة قبل إتمام الحصار عليها ودافع عنها دفاع الأبطال حتى يئس السلطان من فتحها ورفع عنها الحصار سنة [[1455]]. لكن وإن لم يتمكن العثمانيون من فتح عاصمة الصرب إلا أنهم أصابوا هونياد بجراح بليغة توفي بسببها بعد رفع الحصار عن المدينة بنحو عشرين يومًا. ولما علم السلطان بموته أرسل [[الصدر الأعظم]] "محمود باشا" لإتمام فتح بلاد الصرب فأتمّ فتحها من سنة [[1458]] إلى سنة [[1460]].<ref name="توحيد الأناضول"/> وفي هذه الأثناء تمّ فتح بلاد موره. ففي سنة [[1458]] فتح السلطان مدينة "كورنته" وما جاورها من بلاد [[اليونان]] حتى جرّد "طوماس باليولوج" أخا قسطنطين من جميع بلاده ولم يترك إقليم موره لأخيه دمتريوس إلا بشرط دفع الجزية. وبمجرّد ما رجع السلطان بجيوشه ثار طوماس وحارب [[أتراك|الأتراك]] وأخاه معاً، فاستنجد دمتريوس بالسلطان فرجع بجيش عرمرم ولم يعد حتى تمّ فتح إقليم موره سنة [[1460]] فهرب طوماس إلى [[إيطاليا]]، ونُفي دمتريوس في إحدى [[جزيرة|جزر]] [[أرخبيل|الأرخبيل]]. وفي ذلك الوقت فُتحت جزر تاسوس والبروس وغيرها من جزر [[بحر الروم]].<ref name="توحيد الأناضول"/><ref>السلطان محمد الفاتح، صفحة 140.</ref> === توحيد الأناضول === وبعد عودة السلطان من بلاد [[اليونان]] أبرم صلحًا مع إسكندر بك وترك له إقليما [[ألبانيا]] وإيبيروس، ثم حوّل أنظاره إلى [[آسيا الصغرى]] ليفتح ما بقي منها، فسار بجيشه دون أن يُعلم أحدًا بوجهته في أوائل سنة [[1461]]، فهاجم أولاً [[ميناء]] [[بلدة]] أماستريس، وكانت مركز [[تجارة]] أهالي [[جنوة]] النازلين بهذه الأصقاع.<ref name="توحيد الأناضول"/> ولكون سكانها تجّارًا يُحافظون على أموالهم ولا يهمهم [[دين]] أو [[جنسية]] متبوعهم ما دام غير متعرّض لأموالهم ولا أرواحهم، فتحوا أبواب المدينة ودخلها [[عثمانيون|العثمانيون]] بغير حرب. ثم أرسل إلى "اسفنديار" أمير مدينة [[سينوب]] يطلب منه تسليم بلده والخضوع له. ولأجل تعزيز هذا الطلب أرسل أحد قوّاده ومعه عدد عظيم من المراكب لحصار الميناء، فسلمها إليه الأمير وأقطعه السلطان أراض واسعة بأقليم "بيثينيا" مكافأة له على خضوعه. ثم قصد بنفسه مدينة [[طرابزون]] ودخلها دون مقاومة شديدة وقبض على الملك وأولاده وزوجته وأرسلهم إلى [[القسطنطينية]].<ref name="توحيد الأناضول"/> === محاربة أمير الفلاخ === [[ملف:Vlad Tepes 002.jpg|تصغير|الصورة الأشهر لأمير الفلاخ، [[فلاد الثالث المخوزق]]، على الرغم من أنها رُسمت بعد وفاته.<ref name=Florescu>{{cite book | title = Dracula: Prince of many faces | author = Florescu, Radu R. and McNally, Raymond T. | year = 1989 | publisher = Little, Brown and Company | isbn = 0-316-28656-7}}</ref><ref name=Ambras>Ibid., see caption next to black and white photograph of this painting that appears in the set of illustrations between pages 74 and 75.</ref>]] ما أن عاد السلطان إلى [[القسطنطينية]] حتى جهز [[جيش|جيشًا]] لمحاربة أمير الفلاخ المدعو "[[فلاد الثالث المخوزق|فلاد دراكول الثالث المخوزق]]"، لمعاقبته على ما ارتكبه من الفظائع مع أهالي بلاده والتعدّي على التجار العثمانيين النازلين بها. فلمّا قرب منها، أرسل إليه هذا الأمير وفدا يعرض على السلطان دفع [[جزية]] سنوية قدرها عشرة آلاف دوكا بشرط أن يُصادق على جميع الشروط الواردة بالمعاهدة التي أبرمت في سنة [[1393]] بين أمير الفلاخ آنذاك والسلطان [[بايزيد الأول]]، فقبل السلطان محمد الثاني هذا الاقتراح وعاد بجيوشه. ولم يقصد أمير الفلاخ بهذه المعاهدة إلا التمكن من الاتحاد مع ملك المجر "متياس كورفينوس" ومحاربة العثمانيين.<ref name=explore>[http://www.exploringromania.com/vlad-the-impaler-3.html exploringromania.com]</ref> فلمّا علم السلطان باتحادهما أرسل إليه مندوبين يسألانه عن الحقيقة، فقبض عليهما وقتلهما بوضعهما على عمود محدد من [[خشب|الخشب]]، الذي يُعرف بالخازوق.<ref name=nightattack>[http://en.wikipedia.org/wiki/The_Night_Attack The Night Attack]</ref> وأغار بعدها على بلاد [[بلغاريا]] التابعة [[الدولة العثمانية|للدولة العثمانية]] وعاث فيها فسادًا، ورجع بخمسة وعشرين ألف أسير، فأرسل إليه السلطان رسلاً يدعونه إلى الطاعة وإخلاء سبيل الأسرى، فلمّا مثل الرسل أمامه أمرهم برفع [[عمامة|عمائمهم]] لتعظيمه، وعند إبائهم طلبه لمخالفته لعوائدهم، أمر بأن تُسمّر عمائمهم على رؤسهم [[مسمار|بمسامير]] من حديد.<ref name="محاربة أمير الفلاخ">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 170 ISBN 9953-18-084-9</ref> [[ملف:AtaculdeNoapte.jpg|تصغير|لوحة "المعركة بالمشاعل"، المناوشة الليلية بين الجيش العثماني والفلاخي، بريشة "ثيودور آمان".]] فلمّا وصلت هذه الأخبار إلى السلطان محمد استشاط غضباً وسار على الفور بحوالي 60,000 جندي نظامي و 30,000 غير نظامي،<ref>مؤرخون آخرون، مثل مايكل دوغاس وإحسان حقي، يقولون بأن عدد الجنود العثمانيين وصل إلى 150,000 جندي، وآخرون يقولون أن العدد بلغ 250,000 جندي.</ref> فوصل بسرعة إلى مدينة "[[بوخارست]]"، عاصمة الأمير، بعد أن هزمه وفرّق جيوشه، لكنه لم يتمكن من القبض عليه لمجازاته على ما اقترفه بحق [[عثمانيون|العثمانيين]] و[[بلغار|البلغار]]، لهروبه والتجائه إلى [[ملك]] [[المجر]]، فنادى السلطان بعزله ونصب مكانه أخاه "راؤول" لثقته به بما أنه تربّى في [[حضانة]] السلطان منذ [[طفولة|نعومة أظفاره]]، وبذا ضُمّت بلاد الفلاخ إلى الدولة العثمانية. ويُقال أنه عند وصول السلطان محمد إلى ضواحي [[بوخارست]]، وجد حول المدينة غابة من الخوازيق التي عُلّقت عليها جثث الأسرى الذين أتى بهم أمير الفلاخ من بلاد [[بلغاريا]]، وقتلهم عن آخرهم بما فيهم [[طفل|الأطفال]] و[[امرأة|النساء]]، وكذلك الجنود العثمانيين الذين كان قد قبض عليهم إثر مناوشة ليلية، وكان عددهم جميعا عشرين ألفاً.<ref name="محاربة أمير الفلاخ"/><ref>[http://www.royalty.nu/Europe/Balkan/Dracula.html The Real Prince Dracula]</ref> === فتح البوسنة والعداء مع البندقية === [[ملف:Mehmed II ferman.jpg|تصغير|الفرمان الذي أرسله السلطان محمد الثاني إلى أهالي البوسنة الفرنسيسكان.]] في سنة [[1462]]، حارب السلطان بلاد [[البوسنة]] لامتناع أميرها "استيفان توماسفيتش" عن دفع الخراج،<ref>[http://www.ottomanonline.net/sultans/7.html Ottoman online net, Sultans: SULTAN MEHMED THE CONQUEROR (1432 - 1481)]</ref> وأسره بعد معركة هو وولده وأمر بقتلهما، فدانت له جميع [[البوسنة والهرسك|بلاد البشناق]]. وأرسل [[فرمان عثماني|فرمانا]] إلى الفرنسيسكان من سكان تلك البلاد يُطمئنهم بعدم تعرّض أي منهم للاضطهاد بسبب معتقداتهم الدينية، فقال:<ref>[http://www.croatianhistory.net/etf/ahd.html Croatia and Ottoman Empire, Ahdnama, Sultan Mehemt II<!-- Bot generated title -->]</ref><ref>[http://www.lightmillennium.org/2004_14th_issue/eihsanoglu_stevens.html Light Millennium: A Culture of Peaceful Coexistence: The Ottoman Turkish Example; by Prof. Dr. Ekmeleddin IHSANOGLU<!-- Bot generated title -->]</ref> <blockquote>'''"'''{{بسملة}}</blockquote> <blockquote>أنا السلطان محمد [[خان]] الفاتح،</blockquote> <blockquote>أعلن للعالم أجمع أن،</blockquote> <blockquote>أهل البوسنة الفرنسيسكان قد مُنحوا بموجب هذا [[فرمان عثماني|الفرمان]] السلطاني حماية جلالتي. ونحن نأمر بأن:</blockquote> <blockquote>لا يتعرض أحد لهؤلاء الناس ولا لكنائسهم وصلبهم ! وبأنهم سيعيشون بسلام في دولتي. وبأن أولئك الذين هجروا ديارهم منهم، سيحظون بالأمان والحرية. وسيُسمح لهم بالعودة إلى أديرتهم الواقعة ضمن حدود دولتنا العليّة.</blockquote> <blockquote>لا أحد من دولتنا سواء كان نبيلاً، [[وزير]]ا، رجل دين، أو من خدمنا سيتعرض لهم في شرفهم وفي أنفسهم !</blockquote> <blockquote>لا أحد سوف يهدد، أو يتعرض لهؤلاء الناس في أنفسهم، ممتلكاتهم، وكنائسهم !</blockquote> <blockquote>وسيحظى كل ما أحضروه معهم من متاع من بلادهم بنفس الحماية...</blockquote> <blockquote>وبإعلان هذا ال[[فرمان عثماني|فرمان]]، أقسم [[الله|بالله]] العظيم الذي خلق الأرض في ستة أيام ورفع السماء بلا عمد، وبسيدنا [[محمد]] عبده ورسوله، وجميع الأنبياء والصالحين أجمعين، بأنه؛ لن نسمح بأن يُخالف أي من أفراد رعيتنا أمر هذا [[فرمان عثماني|الفرمان]] !'''"''' </blockquote> وفي سنة [[1464]]، أراد "متياس كورفينوس" ملك [[المجر]] استخلاص البوسنة من العثمانيين، فهُزم بعد أن قُتل معظم جيشه، وكانت عاقبة تدخله أن جُعلت البوسنة ولاية كباقي ولايات الدولة، وسُلبت ما كان مُنح لها من الامتيازات،<ref name="محاربة أمير الفلاخ"/> ودخل في [[جيش]] [[إنكشارية|الإنكشارية]] ثلاثون ألفاً من شبانها و[[إسلام|أسلم]] أغلب أشراف أهاليها.<ref name="Imamovic">Imamović, Mustafa (1996). Historija Bošnjaka. Sarajevo: BZK Preporod. ISBN 9958-815-00-1</ref> هذا وكانت قد ابتدأت حركات العدوان في سنة [[1463]] بين العثمانيين والبنادقة بسبب هروب أحد [[عبودية|الرقيق]] إلى "كورون" التابعة للبندقية، وامتناعهم عن تسليمه بحجة أنه اعتنق [[مسيحية|المسيحية]] دينًا. فاتخذ العثمانيون ذلك سببًا للاستيلاء على مدينة [[آرغوس]] وغيرها.<ref name="العداء مع البنادقة"/> فاستنجد البنادقة بحكومتهم، فأرسلت إليهم عدداً من السفن محملة بالجنود، وأنزلتهم إلى بلاد موره، فثار سكانها وقاتلوا الجنود العثمانيين المحافظين على بلادهم وأقاموا ما كان قد تهدم من سور برزخ كورون لمنع وصول المدد من [[الدولة العثمانية]]، وحاصروا المدينة نفسها واستخلصوا مدينة آرغوس من [[أتراك|الأتراك]]. لكن لما علموا بقدوم السلطان مع جيش يبلغ عدده ثمانين ألف مقاتل، تركوا البرزخ راجعين على أعقابهم، فدخل العثمانيون بلاد موره بدون معارضة كبيرة واسترجعوا كل ما أخذوه وأرجعوا السكينة إلى البلاد. وفي السنة التالية أعاد البنادقة الكرّة على بلاد موره دون فائدة.<ref name="العداء مع البنادقة">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 171-172 ISBN 9953-18-084-9</ref> [[ملف:Gjergj Kastrioti.jpg|تصغير|رسم لاسكندر بك من متحف الأوفيزي، [[فلورنسا]].]] [[ملف:Skanderbeg woodcut.jpg|تصغير|250بك|يمين|حفر على خشب يُظهر معركة بين قوات اسكندر بك والسلطان محمد الفاتح.]] وبعد ذلك حاول البابا "بيوس الثاني" بكل ما أوتي من مهارة وقدرة سياسية تركيز جهوده في ناحيتين اثنتين: حاول أولاً أن يقنع الأتراك باعتناق الدين المسيحي، ولم يقم بإرسال [[تبشير|بعثات تبشيرية]] لذلك الغرض وانما اقتصر على إرسال خطاب إلى السلطان محمد الفاتح يطلب منه أن يعتنق المسيحية، كما اعتنقها قبله [[قسطنطين الأول]] وكلوفيس ووعده بأنه سيكفر عنه خطاياه إن هو اعتنق المسيحية مخلصًا، ووعده بمنحه بركته واحتضانه ومنحه صكًا بدخول [[الجنة]]. ولما فشل البابا في خطته هذه لجأ إلى الخطة الثانية، خطة التهديد والوعيد واستعمال القوة، فحاول تأجيج الحقد [[حملات صليبية|الصليبي]] في نفوس النصارى شعوبًا وملوكًا، قادة وجنودًا، واستعدت بعض الدول لتحقيق فكرة البابا الهادفة للقضاء على العثمانيين، ولكن لما حان وقت النفير اعتذرت دول [[أوروبا]] بسبب متاعبها الداخلية المختلفة.<ref>السلطان محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 141.</ref> وعالج [[موت|المنون]] البابا بعد هذا بفترة قصيرة، إلا أن تحريضاته كانت قد أثرت في إسكندر بك الألباني، فحارب الجنود العثمانيين وحصل بينهما عدّة وقائع أريقت فيها كثير من [[دم|الدماء]]، وكانت [[حرب|الحرب]] فيها سجالاً. وفي سنة [[1467]] توفي إسكندر بك بعد أن حارب الدولة العثمانية 25 سنة دون أن تتمكن من قمعه.<ref name="العداء مع البنادقة"/> ثمّ بعد هدنة استمرت سنة واحدة، عادت الحروب بين العثمانيين والبنادقة وكانت نتيجتها أن فتح العثمانيون [[جزيرة]] "نجر بونت"، وتُسمى في كتب [[ترك|الترك]] "أغريبوس"، وتُعرف حاليًا باسم "إيبويا"، وهي مركز مستعمرات البنادقة في جزر الروم، وتمّ فتحها في سنة [[1470]].<ref name="العداء مع البنادقة"/> === فتح إمارة قرمان ومحاربة المغول === بعد أن ساد الأمن في أنحاء [[أوروبا]]، حوّل السلطان أنظاره إلى [[إمارة قرمان|بلاد القرمان]] ب[[الأناضول|آسيا الصغرى]] ووجد سبيلا سهلا للتدخل، وهو أن أميرها المدعو "إبراهيم" أوصى بعد موته بالحكم إلى أحد أولاده واسمه الأمير إسحق، ولكونه كان لديه إخوة لأب أكبر منه سنا، يرغب كل منهم بالحكم بطبيعة الأمر، تدخل السلطان محمد الثاني وحارب إسحق وهزمه وولى محله أكبر إخوته، وعاد إلى أوروبا لمحاربة اسكندر بك، الذي كان ما زال على قيد الحياة آنذاك، فانتهز الأمير إسحق غياب السلطان وعاود الكرّة على [[قونية]]، عاصمة القرمان، لاسترداد ما أوصى به إليه أبوه من البلاد، فرجع إليه السلطان وقهره. وليستريح باله من هذه الجهة أيضا، ضمّ [[إمارة قرمان]] إلى بلاده وغضب على [[وزير]]ه "محمود باشا" الذي عارضه في هذا الأمر.<ref name="العداء مع البنادقة"/> وبعد ذلك بقليل زحف "أوزون حسن"، [[سلطان]] [[آق قويونلو|دولة الخروف الأبيض]] ([[لغة تركية عثمانية|بالتركية العثمانية]]: آق قوینلو؛ [[لغة تركية|بالتركية]]: Akkoyunlu)، وهو أحد خلفاء [[تيمورلنك]]، الذي كان سلطانه ممتدا على كافة البلاد والأقاليم الواقعة بين نهري [[جيحون]] و[[الفرات]]، وفتح مدينة "توقات" عنوة ونهب أهلها.<ref>[http://www.naqshbandi.org/ottomans/history/1453.htm Ottoman History: 1453-1511]</ref> فأخذ السلطان في تجهيز جيش جرّار وأرسل لأولاده "داوود باشا" بكلر بك الأناضول، و"مصطفى باشا" حاكم القرمان، يأمرهما بالمسير لمحاربة العدوّ، فسارا بجيوشهما إليه وقابلا جيش "أوزون حسن" على حدود إقليم الحميد، وهزماه شر هزيمة في معركة بالقرب من مدينة "[[إرزينجان]]" سنة [[1471]]. وبعدها، في أواخر صيف عام [[1473]]، سار إليه السلطان نفسه ومعه مائة ألف جندي وأجهز على ما بقي معه من الجنود بالقرب من مدينة "گنجه"،<ref>{{cite book | last = Babinger | first = Franz | authorlink = Franz Babinger | others = ed. by William C. Hickman, trans. by Ralph Manheim | title = Mehmed the Conqueror and his Time | series = Bollingen Series XCVI | publisher = Princeton University Press | date = 1978 | pages = 314–315 | isbn = 0691099006 }}</ref> ولم يعد "أوزون حسن" لمحاربة [[الدولة العثمانية]] بعد ذلك، إذ أن هذه المعركة كانت قد قضت على سلطة دولته، ولم يعد للعثمانيين من عدو لجهة الشرق، حتى بروز الشاه "[[إسماعيل الصفوي]]" و[[الدولة الصفوية]] في وقت لاحق.<ref>[http://www.uiai2005istanbul.org/uia2005istanbul.org_en/www.uia2005istanbul.org/engine3ffd.html?ID=190#2 History of Turkey; Turkish History in the Islamic Period]</ref> وفي هذه الأثناء كانت الحرب متقطعة بين العثمانيين والبنادقة الذين استعانوا [[بابا|ببابا]] [[روما]] وأمير [[نابولي]]، وكان النصر فيها دائماً للعثمانيين، ولم يتمكن البنادقة من استرجاع شيء مما أخذ منهم. === محاربة البغدان وإنهاء الصراع مع البنادقة === [[ملف:Vaslui Battle map-ar.svg|تصغير|خريطة لمعركة "فاسلوي" التي هُزم فيها الجيش العثماني.]] [[ملف:Stefan cel Mare.jpg|تصغير|القديس أسطفان الرابع الكبير.]] في سنة [[1475]] أراد السلطان فتح [[مولدوفا (إقليم)|بلاد البغدان]]، وهي المنطقة الشرقية من [[رومانيا]] المتاخمة لحدود [[روسيا]] والمعروفة أيضاً باسم "[[مولدوفا]]"، فأرسل إليها جيشاً بعد أن عرض دفع الجزية على أميرها المسمى "[[شتيفان الكبير|أسطفان الرابع]]" ولم يقبل. وقعت معركة عنيفة بين الطرفين بتاريخ [[10 يناير]] من نفس العام عُرفت بمعركة "فاسلوي"، كنية [[مدينة|بالمدينة]] القريبة من الموقع. وصل عدد الجنود العثمانيين إلى 120,000 جندي، بينما بلغ عدد الجنود البغدان 40,000 جندي، بالإضافة إلى بعض القوات المتحالفة الأصغر حجما وبعض [[مرتزقة|المرتزقة]].<ref>يذكر ''كورنيكا بولسكا'' أن عدد قوات البغدان وصل إلى 40,000 جندي؛ ويقول ''جينتس سيليسي أناليس'' أن عدد القوات العثمانية وصل إلى 120,000 جندي و"لم يكن هناك أكثر من" 40,000 جندي بغداني؛ وجاء في الرسالة التي بعثها أسطفان الرابع إلى الدول المسيحية، بتاريخ 25 يناير، 1475، أن الجيش العثماني وصل تعداد عناصره إلى 120,000 جندي؛ أنظر أيضا،''The Annals of Jan Długosz'', p. 588</ref> وبعد قتال عنيف قُتل فيه جنود كثر من الجيشين المتحاربين، انهزم الجيش العثماني وعاد دون فتح شيء من هذا الإقليم. ويذكر المؤرخون أن "أسطفان الرابع" قال أن هذه الهزيمة التي لحقت بالعثمانيين "هي أعظم هزيمة حققها [[صليب|الصليب]] على [[إسلام|الإسلام]]".<ref>''The Balkans: A History of Bulgaria, Serbia, Greece, Rumania, Turkey''</ref> وقالت الأميرة "مارا" التي كانت زوجةً للسلطان [[مراد الثاني]]، والد الفاتح، سابقاً، لمبعوث بندقي أن هذه الهزيمة هي أفظع الهزائم التي تعرّض لها العثمانيون في التاريخ.<ref name = "p. 133">''Istoria lui Ştefan cel Mare'', p. 133''</ref> وبذلك اشتهر "أسطفان الرابع" أمير البغدان بمقاومة العثمانيين، فخلع عليه البابا "[[سيكستوس الرابع]]" لقب "بطل [[مسيح|المسيح]]" {{لات|Athleta Christi}} و"الحامي الحقيقي للديانة المسيحية" {{لات|Verus christiane fidei aletha}}.<ref>''Saint Stephen the Great in his contemporary Europe (Respublica Christiana)'', p. 141</ref> ولما بلغ خبر هذه الهزيمة [[أذن|آذان]] السلطان عزم على فتح [[القرم (شبه جزيرة)|بلاد القرم]] حتى يستعين بفرسانها المشهورين في القتال على محاربة البغدان.<ref>[http://www.hansaray.org.ua/e_ist_bgcs.html Crimean Khans were appointed]</ref> وكان لجمهورية [[جنوة]] مستعمرة في [[شبه جزيرة القرم]]، هي مدينة "[[فيودوسيا|كافا]]<!--فيودوسيا هي نفسها ميناء ومدينة كاكا التابعة للقرم-->"، فأرسل السلطان إليها أسطولا بحريّا، ففتحها بعد حصار ستة أيام، وبعدها سقطت جميع الأماكن التابعة لجمهورية جنوة. وبذلك صارت جميع شواطئ [[القرم]] تابعة للدولة العثمانية ولم يُقاومها [[تتار|التتار]] النازلون بها، ولذلك اكتفى السلطان بفرض الجزية عليها.وبعد ذلك فتح الأسطول العثماني [[ميناء]] [[آق كرمان]] ومنها أقلعت السفن الحربية إلى مصاب [[نهر الدانوب]] لإعادة الكرّة على بلاد البغدان، بينما كان السلطان يجتاز نهر الدانوب من جهة البر بجيش عظيم، فتقهقر أمامه جيش البغدان، على الرغم من صدّه لعدّة هجمات عثمانية بنيرانه،<ref>Akademia, ''[http://www.akademia.ro/articole.php?view=26 Rolul distinctiv al artileriei în marile oşti moldoveneşti] (The special role of artillery in the larger Moldavian armies)'', April 2000</ref> لعدم إمكانية المحاربة في [[سهل|السهول]]، وتبعه الجيش العثماني حتى إذا أوغل خلفه في [[غابة]] كثيفة يجهل مفاوزها، انقض عليه الجيش البغداني، فاشتبك مع قوات [[إنكشارية|الإنكشارية]] التي هزمته شر هزيمة، في معركة أطلق عليها اسم {{وإو|لغ=en|تر=Battle of Valea Albă|عر=معركة الوادي الأبيض}} فانسحب "[[شتيفان الكبير|أسطفان الرابع]]" إلى أقصى شمال غربي بلاده، والبعض يقول أنه لجأ إلى [[بولندة|المملكة البولندية]]، حيث أخذ يجمع جيشا جديدا.<ref name="jn">[[Jurnalul Naţional]], ''[http://old.jurnalul.ro/articol.php?id=2790 Calendar 26 iulie 2005.Moment istoric] (Anniversaries on July 26 2005.A historical moment)''</ref> ولم يستطع السلطان محمد فتح الحصون الرئيسية البغدانية بسبب المناوشات الصغيرة المستمرة التي تعرض لها الجيش العثماني من قبل الجنود البغدان، ولانتشار [[مجاعة|المجاعة]] ثم [[طاعون|الطاعون]] بين أفراد الجيش، مما اضطر السلطان لأن يسحب قواته ويعود إلى [[القسطنطينية]] دون فتح البلاد.<ref name="ir">M. Barbulescu, D. Deletant, K. Hitchins, S. Papacostea, P. Teodor, ''Istoria României (History of Romania)'', Ed. Corint, Bucharest, 2002, ISBN 973-653-215-1, p. 157</ref> وفي سنة [[1477]] أغار السلطان على بلاد البنادقة ووصل إلى إقليم "[[فريولي]]" بعد أن مرّ بإقليميّ "[[كرواتيا]]" و"[[دالماسيا]]"، فخاف البنادقة على مدينتهم الأصلية وأبرموا الصلح معه تاركين له مدينة "كرويا"، التي كانت عاصمة "اسكندر بك" الشهير، فاحتلها السلطان ثم طلب منهم مدينة "إشقودره"، ولمّا رفضوا التنازل عنها إليه حاصرها وأطلق عليها [[مدفع|مدافعه]] ستة أسابيع متوالية بدون أن يُضعف قوّة سكانها وشجاعتهم،<ref name="إنهاء الصراع مع البنادقة">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 174-175 ISBN 9953-18-084-9</ref> فتركها لفرصة أخرى وفتح ما كان حولها للبنادقة من البلاد والقلاع حتى صارت مدينة "إشقودره" منفصلة كليّا عن باقي بلاد البنادقة، وكان لا بد من فتحها بعد قليل لعدم إمكان وصول المدد إليها، ولذا فضّل البنادقة أن يبرموا صلحاً جديداً مع السلطان ويتنازلوا عن "إشقودره" مقابل بعض الامتيازات التجارية.<ref name="إنهاء الصراع مع البنادقة"/> وتمّ الصلح بين الفريقين على ذلك وأمضيت به بينهما معاهدة في يوم [[28 يناير]] سنة [[1479]]م، الموافق [[5 ذو القعدة]] سنة [[883هـ]]، وكانت هذه أول خطوة خطتها [[الدولة العثمانية]] للتدخل في شؤون [[أوروبا]]، إذ كانت [[جمهورية]] [[البندقية]] حينذاك أهم دول أوروبا لا سيما في التجارة البحرية، وما كان يُعادلها في ذلك إلا جمهورية [[جنوة]]. === فتح جزر اليونان ومدينة أوترانت وحصار رودوس === [[ملف:Bombard-MortarOfTheKnightsOfSaintJohnOfJerusalemRhodes1480-1500.jpg|تصغير|يمين|[[هاون|مدفع هاون]] استخدمه فرسان القديس يوحنا الأورشليمي في قتال العثمانيين.]] بعد أن تم الصلح مع البنادقة، وُجهت الجيوش إلى بلاد [[المجر]] لفتح إقليم [[ترانسلفانيا]]، فقهرها "كينيس" [[كونت]] مدينة "تمسوار" بالقرب من مدينة "كرلسبرغ" في [[13 أكتوبر]] سنة [[1476]]، وقُتل في هذه الموقعة كثير من العثمانيين وارتكب المجر فظائع وحشية بعد الانتصار، فقتلوا جميع الأسرى ونصبوا موائدهم على جثثهم.<ref name="جزر اليونان">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 175-176 ISBN 9953-18-084-9</ref> وفي سنة [[1480]] فُتحت جزر [[اليونان]] الواقعة بين بلاد اليونان و[[إيطاليا]]، وبعدها سار [[أمير البحر]] {{وإو|لغ=en|تر=Gedik Ahmed Pasha|عر=كدك أحمد باشا}} بمراكبه لفتح مدينة [[أوترانت]] ب[[جنوب إيطاليا]]، التي كان عزم السلطان على فتحها جميعها. ويُقال أنه أقسم بأن يربط [[حصان]]ه في [[كنيسة القديس بطرس]] بمدينة [[روما]]، مقر [[البابا]]، ففُتحت أوترانت عنوة في يوم [[11 أغسطس]] سنة [[1480]]م، الموافق [[4 جمادى الثانية]] سنة [[885هـ]].<ref name="جزر اليونان"/> وفي هذا الحين كان قد أرسل أسطولاً بحرياً آخر لفتح [[جزيرة]] [[رودوس]]، التي كانت مركز [[رهبنة]] القديس "يوحنا الأورشليمي"، وكان رئيسها آنذاك "بيير دو بوسون" [[فرنسيون|الفرنسي]] الأصل، وكانت الحرب قائمة بينه وبين سلطان [[مصر]] و[[باي تونس]]، فاجتهد في إبرام الصلح معهما ليتفرغ لصدّ هجمات الجيوش العثمانية.<ref name="جزر اليونان"/> وكانت هذه الجزيرة محصنة تحصيناً منيعاً، وابتدأ العثمانيون حصارها في يوم [[23 مايو]] سنة [[1480]]م، الموافق [[13 ربيع الأول]] سنة [[885هـ]]، وظلّت [[مدفع|المدافع]] تقذف عليها [[قنبلة|القنابل]] [[حجر|الحجرية]] تهدّم أسوارها، لكن كان يُصلح سكانها في [[ليل|الليل]] كل ما تخربه المدافع في [[نهار|النهار]]، ولذلك استمر حصارها ثلاثة أشهر حاول العثمانيون خلالها الاستيلاء على أهم قلاعها، واسمها قلعة القديس نيقولا، بدون جدوى.<ref name="جزر اليونان"/> وفي يوم [[28 يوليو]] سنة [[1480]]م، الموافق [[20 جمادى الأولى]] سنة [[885هـ]]، أمر [[جنرال|القائد العام]] بالهجوم على [[قلعة|القلعة]] ودخولها من الفتحة التي فتحتها المدافع في أسوارها، فهجمت عليها الجيوش وقاوم المدافعون بكل بسالة وإقدام. وبعد أخد وردّ، تقهقر [[عثمانيون|العثمانيون]] بعد أن قُتل وجُرح منهم كثيرون، ورفع الباقون عنها الحصار.<ref name="جزر اليونان"/> == ترتيبات السلطان الداخلية == === اهتمامه بالمدارس والمعاهد === [[ملف:Fatih II. Mehmet.jpg|تصغير|الصورة "الرسميّة" للسلطان محمد الفاتح، الموضوعة ضمن صور قائمة السلاطين العثمانيين، والتي غالبا ما توضع في الكتب التي تتحدث عنه.]] كان السلطان محباً [[علم|للعلم]] و[[عالم|العلماء]]، لذلك اهتم ببناء [[مدرسة|المدارس]] و[[معهد|المعاهد]] في جميع أرجاء دولته، وفاق أجداده في هذا المضمار، وبذل جهوداً كبيرة في نشر العلم وإنشاء دور التعليم، وأدخل بعض الإصلاحات في نظام التعليم وأشرف على تهذيب المناهج وتطويرها، وحرص على نشر المدارس والمعاهد في كافة المدن والقرى وأوقف عليها الأوقاف العظيمة. وقام بتنظيم هذه المدارس وترتيبها على درجات ومراحل، ووضع لها المناهج، وحدد [[علوم|العلوم]] والمواد التي تُدرّس في كل مرحلة، ووضع لها نظام الامتحانات الدقيقة للانتقال للمرحلة التي تليها، وكان ربما يحضر امتحانات الطلبة ويزور المدارس ولا يأنف من سماع الدروس التي يلقيها الأساتذة، ولا يبخل بالعطاء للنابغين من الأساتذة والطلبة، وجعل التعليم في كافة مدارس الدولة بالمجان، وكانت المواد التي تدرس في تلك المدارس: [[تفسير|التفسير]] و[[حديث نبوي|الحديث]] و[[فقه إسلامي|الفقه]] و[[أدب|الأدب]] و[[بلاغة|البلاغة]] وعلوم اللغة و[[هندسة|الهندسة]]، وأنشأ بجانب مسجده الذي بناه [[القسطنطينية|بالقسطنطينية]] ثمان مدارس على كل جانب من جوانب المسجد يتوسطها صحن فسيح، وفيها يقضي الطالب المرحلة الأخيرة من دراسته، وألحقت بهذه المدارس مساكن الطلبة ينامون فيها ويأكلون طعامهم ووضعت لهم منحة مالية شهرية، وأنشأ بجانبها [[مكتبة]] خاصة وكان يُشترط في الرجل الذي يتولى أمانة هذه المكتبة أن يكون من أهل العلم والتقوى متبحراً في أسماء الكتب والمؤلفين، وكانت مناهج المدارس تتضمن نظام التخصص، فكان للعلوم النقلية والنظرية قسم خاص وللعلوم التطبيقية قسم خاص أيضاً. === اهتمامه بالعلماء === قرّب العلماء ورفع قدرهم وشجعهم على العمل والإنتاج وبذل لهم الأموال ووسع لهم في العطايا والمنح والهدايا وكرّمهم غاية الإكرام، ولما هزم "أوزون حسن"، أمر السلطان بقتل جميع الأسرى إلا من كان من العلماء وأصحاب المعارف ليستفاد منهم. كان من مكانة الشيخ "[[أحمد الكوراني]]" أنه كان يخاطب السلطان باسمه ولا ينحني له، ولا يقبل يده بل يصافحه مصافحة، وكان لا يأتي إلى السلطان إلا إذا أرسل إليه، وكان يقول له: "مطعمك حرام وملبسك حرام فعليك بالاحتياط". وكذلك بالنسبة للشيخ "[[آق شمس الدين]]" الذي درّس السلطان محمد الفاتح العلوم الأساسية في ذلك الزمن وهي [[القرآن الكريم]] و[[السنة النبوية]] و[[فقه|الفقه]] والعلوم الإسلامية و[[اللغات]] [[لغة عربية|العربية]]، و[[لغة فارسية|الفارسية]] و[[لغة تركية|التركية]] وكذلك في مجال العلوم العلمية من [[رياضيات|الرياضيات]] و[[الفلك]] و[[تاريخ|التاريخ]] و[[حرب|الحرب]]، وكان الشيخ آق ضمن العلماء الذين أشرفوا على السلطان محمد عندما تولى إمارة "[[أماسيا]]" ليتدرب على إدارة الولاية، وأصول الحكم. واستطاع الشيخ آق شمس الدين أن يقنع الأمير الصغير بأنه المقصود بالحديث النبوي: "لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش".<ref>رواه [[البخاري]] في التاريخ الكبير عن بشر الغنوي، 2/81.</ref> وكان الشيخ آق شمس الدين أول من ألقى خطبة الجمعة في مسجد [[آيا صوفيا]].<ref>العثمانيون في التاريخ والحضارة، صفحة 374.</ref> وكان السلطان محمد الفاتح يحب شيخه شمس الدين حباً عظيماً، وكانت له مكانة كبيرة في نفسه وقد بين السلطان لمن حوله -بعد الفتح-: "إنكم ترونني فرحاً، فرحي ليس فقط لفتح هذه القلعة إن فرحي يتمثل في وجود شيخ عزيز الجانب، في عهدي، هو مؤدبي الشيخ [[آق شمس الدين]]". وعبّر السلطان عن مهابته لشيخه في حديث له مع وزيره "محمود باشا"، حيث قال: "إن احترامي للشيخ [[آق شمس الدين]]، احترام غير اختياري. إنني أشعر وأنا بجانبه بالانفعال والرهبة".<ref>العثمانيون في التاريخ والحضارة، صفحة 375.</ref> === اهتمامه بالشعراء والأدباء === [[ملف:Sarayi Album 10a.jpg|تصغير|رسم للسلطان محمد الفاتح وهو يشم [[رائحة]] [[زهرة]]، من كتاب رسومات السلاطين من قصر [[الباب العالي]].]] كان [[شاعر|شاعراً]] مجيداً مهتماً [[أدب|بالأدب]] عامة وال[[شعر (أدب)|شعر]] خاصة، وكان يصاحب الشعراء ويصطفيهم،<ref>[http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout&cid=1184649787421 إسلام أون لاين نت، محمد الفاتح رجل الدولة وراعي الحضارة.]</ref> واستوزر الكثير منهم، وكان في بلاطه ثلاثون شاعراً يتناول كل منهم راتباً شهرياً قدره ألف [[درهم]]، وكان مع هذا ينكر على الشعراء التبذل والمجون و[[دعارة|الدعارة]] ويعاقب من يخرج عن الآداب [[سجن|بالسجن]] أو يطرده من بلاده. وكان الفاتح يكتب أشعاره باسم "عوني"، ويُعدّ أوّل شاعر سلطاني اتخذ لنفسه اسمًا مستعارًا. وللفاتح ديوان [[لغة تركية عثمانية|باللغة التركية]] معظمه في [[غزل (شعر)|الغزل]].<ref name="الرشيدي 1989 صفحة 260">{{cite book |title=محمد الفاتح |last=الرشيدي|first=سالم |authorlink= |coauthors= |year=[[1989]]|publisher=مكتبة الإرشاد، ط 3 |location=[[جدة]] - [[السعودية]] ||pages= صفحة 260}}</ref> === اهتمامه بالترجمة === أتقن [[لغة يونانية|اللغة اليونانية]] وست لغات أخرى عندما كان بلغ من العمر 21 عاماً، أي في السنة التي فتح فيها [[القسطنطينية]]،<ref name="Norwich 1995 413–416"/><ref name="Runciman 1965 56"/> وأمر بنقل كثير من الآثار المكتوبة باليونانية و[[لغة لاتينية|اللاتينية]] و[[لغة عربية|العربية]] و[[لغة فارسية|الفارسية]] إلى [[اللغة التركية]]، ونقل إلى التركية كتاب التصريف في الطب [[الزهراوي|للزهراوي]]، وعندما وجد كتاب [[بطليموس]] في [[الجغرافيا]] وخريطة له طلب من العالم الرومي "جورج أميروتزوس" وابنه أن يقوما بترجمته إلى العربية وإعادة رسم الخريطة باللغتين العربية واليونانية وكافأهما على هذا العمل بعطايا واسعة، وقام العلامة [[القوشجي]] بتأليف كتاب بالفارسية ونقله للعربية وأهداه للفاتح. كما كان مهتماً باللغة العربية فقد طلب من المدرسين بالمدارس الثماني أن يجمعوا بين الكتب الستة في تدريسهم وبين [[علم اللغة]] كالصحاح.. ودعم الفاتح حركة [[ترجمة|الترجمة]] والتأليف لنشر المعارف بين رعاياه بالإكثار من نشر المكاتب العامة وأنشأ له في قصره خزانة خاصة احتوت على غرائب الكتب والعلوم، وكان بها اثنا عشر ألف [[مجلد]] عندما احترقت. === اهتمامه بالعمران والبناء والمستشفيات === [[ملف:FatihMosque.jpg|تصغير|مسجد السلطان محمد الفاتح.]] [[ملف:Aya sofya.jpg|تصغير|[[آيا صوفيا]]، المآذن الأربعة تم بنائها بعد فتح القسطنطينية وتحويل [[كنيسة|الكنيسة]] إلى [[مسجد]].]] كان السلطان محمد الفاتح مغرماً ببناء [[معهد|المعاهد]] و[[قصر|القصور]] و[[مستشفى|المستشفيات]] والخانات و[[حمام عام|الحمامات]] و[[سوق|الأسواق]] الكبيرة و[[حديقة عامة|الحدائق العامة]]،<ref name="وفاة السلطان محمد الفاتح">[http://www.islammemo.cc/zakera/methl-haza-elyawm/2009/02/28/77934.html مفكرة الإسلام: وفاة السلطان محمد الفاتح، ربيع الأول 886 هـ ـ 3 مايو 1481م]</ref> وأدخل المياه إلى المدينة بواسطة قناطر خاصة. شجع الوزراء وكبار رجال الدولة والأغنياء والأعيان على تشييد المباني وإنشاء الدكاكين والحمامات وغيرها من المباني التي تعطي المدن بهاء ورونقاً، واهتم بالعاصمة "إسلامبول" اهتماماً خاصاً، وكان حريصاً على أن يجعلها "أجمل عواصم العالم" و"حاضرة العلوم والفنون". كثر العمران في عهد الفاتح وانتشر، واهتم بدور الشفاء، ووضع لها نظاماً مثالياً في غاية الروعة والدقة والجمال، فقد كان يعهد بكل دار من هذه الدور إلى [[طبيب]] – ثم زيد إلى اثنين – من حذاق الأطباء من أي جنس كان، يعاونهما كحال و[[جراح]] و[[صيدلي]] وجماعة من الخدم والبوابين، وكان يُشترط في جميع المشتغلين بالمستشفى أن يكونوا من ذوي القناعة والشفقة والإنسانية، ووجب على الأطباء أن يعودوا المرضى مرتين في اليوم، وأن لاتصرف الأدوية للمرضى إلا بعد التدقيق من إعدادها، وكان يشترط في [[طباخ]] المستشفى أن يكون عارفاً بطهي الأطعمة والأصناف التي توافق المرضى منها، وكان العلاج و[[دواء|الأدوية]] في هذه المستشفيات بالمجان ويغشاها جميع الناس بدون تمييز بين أجناسهم وأديانهم. ولعلّ أبرز أثار السلطان العمرانية هو قصر [[الباب العالي]] الذي أمر بالبدء ببنائه قرابة عقد الستينات من [[القرن الخامس عشر]]، إضافة إلى مسجده الذي حمل اسمه، و[[آيا صوفيا]] بطبيعة الحال التي أمر بتحويلها من كنيسة إلى مسجد. === الاهتمام بالتجارة والصناعة === اهتم السلطان محمد الفاتح [[تجارة|بالتجارة]] [[صناعة|الصناعة]] وعمل على إنعاشهما بجميع الوسائل والعوامل والأسباب.<ref name="وفاة السلطان محمد الفاتح"/> وكان [[عثمانيون|العثمانيون]] على دراية واسعة بالأسواق العالمية، وبالطرق البحرية والبرية وطوروا الطرق القديمة، وأنشؤوا [[جسر|الجسور]] الجديدة مما سهل حركة التجارة في جميع أجزاء الدولة، واضطرت الدول الأجنبية لمسايسة الدولة العثمانية ليمارس رعاياها حرفة التجارة في الموانئ المهمة العديدة في ظل الراية العثمانية. كان من أثر السياسة العامة للدولة في مجال التجارة والصناعة أن عم الرخاء وساد اليسر والرفاهية في جميع أرجاء الدولة، وأصبحت للدولة عملتها الذهبية المتميزة، ولم تهمل الدولة إنشاء دور الصناعة ومصانع [[ذخيرة|الذخيرة]] و[[سلاح|الأسلحة]]، وأقامت [[قلعة|القلاع]] و[[حصن|الحصون]] في المواقع ذات الأهمية العسكرية في البلاد. === الاهتمام بالتنظيمات الإدارية === عمل السلطان محمد الفاتح على تطوير دولته؛ ولذلك قنن قوانين حتى يستطيع أن ينظم شؤون الإدارة المحلية في دولته، وكانت تلك القوانين مستمدة من [[الشريعة الإسلامية]]. وضع السلطان الفاتح أنظمة جديدة سار عليها من جاء بعده، فأطلق على الحكومة العثمانية اسم "[[الباب العالي]]" وجعل لها أربعة أركان، هم [[الصدر الأعظم]] وقاضي العسكر والدفتردار والنيشانجي.<ref>{{cite book |title=تاريخ صولاق زادة |last=زادة|first=صولاق |authorlink= |coauthors= |year=[[1297هـ]]|publisher= |location=[[إسطنبول]] - [[تركيا]] ||pages= صفحة 268 - 269}}</ref> شكل السلطان محمد لجنة من خيار العلماء لتشرف على وضع "قانون نامه" المستمد من الشريعة المذكورة وجعله أساساً لحكم دولته، وكان هذا القانون مكوناً من ثلاثة أبواب، يتعلق بمناصب الموظفين وببعض التقاليد وما يجب أن يتخذ من التشريفات والاحتفالات السلطانية وهو يقرر كذلك العقوبات والغرامات، ونص صراحة على جعل الدولة حكومة إسلامية قائمة على تفوق العنصر الإسلامي أياً كان أصله وجنسه، وقد استمرت المبادئ الأساسية لهذا القانون سارية المفعول في الدولة العثمانية حتى عام [[1839]]م، الموافق لعام [[1255هـ]].<ref>{{cite book |title=تاريخ الدولة العثمانية، الجزء الأول |last=أوزتونا|first=يلماز، تعريب عدنان محمود سليمان |authorlink= |coauthors= |year=[[1988]]|publisher=منشورات مؤسسة فيصل للتموين |location=[[إسطنبول]] - [[تركيا]] ||pages= صفحة 180}}</ref> اهتم محمد الفاتح بوضع القوانين التي تنظم علاقة السكان من غير المسلمين بالدولة ومع جيرانهم من المسلمين، ومع الدولة التي تحكمهم وترعاهم، وأشاع العدل بين رعيته، وجدّ في ملاحقة اللصوص وقطاع الطرق، وأجرى عليهم أحكام الإسلام، فاستتب الأمن وسادت الطمأنينة في ربوع [[الدولة العثمانية]]. وعندما كانت الدولة تعلن [[جهاد|الجهاد]] وتدعوا أمراء [[ولاية|الولايات]] وأمراء الألوية، كان عليهم أن يلبوا الدعوة ويشتركوا في الحرب بفرسان يجهزونهم تجهيزاً تاماً، وذلك حسب نسب مبينة، فكانوا يجهزون فارساً كامل السلاح قادراً على القتال عن كل خمسة آلاف آقجه من إيراد اقطاعه، فإذا كان إيراد إقطاعه خمسمائة ألف آقجة مثلاً كان عليه أن يشترك بمائة فارس، وكان جنود الإيالات مؤلفة من مشاة وفرسان، وكان المشاة تحت قيادة وإدارة [[باشا|باشوات]] الإيالات وبكوات الألوية. قام محمد الفاتح بحركة تطهير واسعة لكل الموظفين القدماء غير الأكفاء وجعل مكانهم الأكفاء، واتخذ الكفائة وحدها أساساً في اختيار رجاله ومعاونيه وولاته. === اهتمامه بالجيش والبحرية === [[ملف:Istanbul.Topkapi082.jpg|تصغير|سيف السلطان محمد الفاتح في قصر [[الباب العالي]].]] [[ملف:Yenieri-aturkishjanissary-gentilebellini.jpg|تصغير|يمين|رسم لجندي من [[إنكشارية|الإنكشارية]] في [[القرن الخامس عشر]]، بريشة "جنتيلي بلليني".]] تميز عصر السلطان محمد الفاتح بجانب قوة الجيش البشرية وتفوقه العددي، بإنشاءات عسكرية عديدة متنوعة،<ref name="وفاة السلطان محمد الفاتح"/> فأقام دور الصناعة العسكرية لسد احتياجات الجيش من [[ملابس|الملابس]] والسروج و[[درع|الدروع]] ومصانع [[ذخيرة|الذخيرة]] و[[سلاح|الأسلحة]]، وأقام القلاع والحصون في المواقع ذات الأهمية العسكرية، وكانت هناك تشكيلات متنوعة في تمام الدقة وحسن التنظيم من فرسان ومشاة ومدفعية وفرق مساعدة، تمد القوات المحاربة بما تحتاجه من [[وقود]] و[[غذاء]] و[[علف]] لل[[حيوان]] وإعداد صناديق الذخيرة حتى ميدان القتال. كان هناك صنف من الجنود يسمى، "لغمجية" وظيفته الحفر [[لغم|للألغام]] وحفر الأنفاق تحت الأرض أثناء محاصرة القلعة المراد الاستيلاء عليها وكذلك السقاؤون كان عليهم تزويد الجنود بالماء. تطورت الجامعة العسكرية في زمن الفاتح وأصبحت تخرج الدفعات المتتالية من [[هندسة|المهندسين]] و[[طب|الأطباء]] و[[طب بيطري|البيطريين]] و[[علم البيئة|علماء الطبيعيات]] والمساحات، وكانت تمد الجيش بالفنيين المختصصين. استحق معه أن يعده المؤرخون مؤسس الأسطول البحري العثماني، ولقد استفاد من الدول التي وصلت إلى مستوى رفيع في صناعة الأساطيل مثل الجمهوريات الإيطالية وبخاصة [[البندقية]] و[[جنوة]]، أقوى الدول البحرية في ذلك الوقت. === اهتمامه بالعدل === إن إقامة العدل بين الناس كان من واجبات السلاطين العثمانيين، وكان السلطان محمد شأنه في ذلك شأن من سلف من آبائه – شديد الحرص على إجراء العدالة في أجزاء دولته، ولكي يتأكد من هذا الأمر كان يرسل بين الحين والحين إلى بعض [[قس|رجال الدين من النصارى]] بالتجوال والتطواف في أنحاء الدولة، ويمنحهم مرسوماً مكتوباً يبين مهمتهم وسلطتهم المطلقة في التنقيب والتحري والاستقصاء لكي يطلعوا كيف تساس أمور الدولة وكيف يجري ميزان العدل بين الناس في [[محكمة|المحاكم]]، وقد أعطى هؤلاء المبعوثون الحرية الكاملة في النقد وتسجيل ما يرون ثم يرفعون ذلك كله إلى السلطان. كانت تقرير هؤلاء المبعوثين المسيحيين تشيد دائماً بحسن سير المحاكم وإجراء العدل بالحق والدقة بين الناس بدون محاباة أو تمييز، وكان السلطان الفاتح عند خروجه إلى الغزوات يتوقف في بعض الأقاليم وينصب خيامه ليجلس بنفسه للمظالم ويرفع إليه من شاء من الناس شكواه ومظلمته. اعتنى الفاتح بوجه خاص [[قاضي|برجال القضاء]] الذين يتولون الحكم والفصل في أمور الناس، فلا يكفي في هؤلاء أن يكونوا من المتضلعين في الفقه والشريعة والاتصاف بالنزاهة والاستقامة وحسب بل لا بد إلى جانب ذلك أن يكونوا موضع محبة وتقدير بين الناس، وأن تتكفل الدولة بحوائجهم المادية حتى تسد طرق الإغراء والرشوة، فوسع لهم الفاتح في عيشهم كل التوسعة، وأحاط منصبهم بحالة مهيبة من الحرمة والقداسة والحماية. أما القاضي [[رشوة|المرتشي]] فلم يكن له عند الفاتح من جزاء غير [[قتل|القتل]].<ref>{{cite book |title=محمد الفاتح |last=الرشيدي|first=سالم |authorlink= |coauthors= |year=[[1989]]|publisher=مكتبة الإرشاد، ط 3 |location=[[جدة]] - [[السعودية]] ||pages= صفحة 409}}</ref> كان السلطان الفاتح - برغم اشتغاله بالجهاد والغزوات - إلا أنه كان يتتبع كل ما يجري في أرجاء دولته بيقظة واهتمام، وأعانه على ذلك ما حباه الله من ذكاء قوي وبصيرة نفاذة وذاكرة حافظة وجسم قوي، وكان كثيراً ما ينزل بالليل إلى الطرقات والدروب ليتعرف على أحوال الناس بنفسه ويستمع إلى شكاواتهم بنفسه، كما ساعده على معرفة أحوال الناس جهاز أمن الدولة الذي كان يجمع المعلومات والأخبار التي لها علاقة بالسلطنة وترفع إلى السلطان الذي كان يحرص على دوام المباشرة لأحوال الرعية، وتفقد أمورها والتماس الإحاطة بجوانب الخلل في أفرادها وجماعاتها. == زوجاته وأولاده == [[زواج|تزوج]] السلطان محمد الفاتح بعدد من النساء، كانت أولهن والدة ولي العهد، "أمينة گلبهار" أي "أمينة وردة الربيع"، وهي من [[الروم الأرثوذكس]]،<ref name = Lowry/> نبيلة الجذور من قرية "دوفيرا" في [[طرابزون]]،<ref name = Lowry/> توفيت عام [[1492]]، وهي والدة السلطان [[بايزيد الثاني]]. كذلك اتخذ السلطان زوجة من كل من "السلطانة گيفر"؛ "غولشان خاتون"؛ "ستّي مكرم خاتون"؛ "خاتون شيشك"؛ "هيلانة خاتون"، ابنة أحد الملوك الروم المتوفاة عام [[1481]]، و"حنة خاتون" ابنة إمبراطور طرابزون، التي تزوجها السلطان لفترة قصيرة؛ و"خاتون أليكسياس"، إحدى الأميرات البيزنطيات. وكان للسلطان ابن أخر هو "[[جم سلطان|جم]]" المعروف بالغرب باسم "زيزيم"، والذي توفي سنة [[1495]]. == وفاته وذكراه == [[ملف:Istanbul.Bosphorus014.jpg|تصغير|يمين|جسر السلطان محمد الفاتح.]] [[ملف:توسع محمد الفاتح.gif|تصغير|توسّع الدولة العثمانية في أيام السلطان محمد الفاتح، من عام [[1451]] حتى عام [[1481]].]] قاد السلطان حملة لم يحدد وجهتها، لأنه كان شديد الحرص على عدم كشف مخططاته العسكرية حتى لأقرب وأعز قواده. وقد قال في هذا الصدد عندما سئل مرة: "لو عرفته شعرة من لحيتي لقلعتها"،<ref name="الرشيدي 1989 صفحة 260"/> لكن المؤرخون يخمنون بأنها كانت إلى [[إيطاليا]]. عرض أهل [[البندقية]] على طبيبه الخاص "[[يعقوب باشا]]" أن يقوم هو [[اغتيال|باغتياله]]، ولم يكن يعقوب مسلما عند الولادة فقد ولد بإيطاليا، وقد ادعى الهداية، وأسلم. بدأ يعقوب يدس السم تدريجيا للسلطان، ولكن عندما علم بأمر الحملة زاد جرعة [[سم|السم]]. وتوفى السلطان في يوم [[3 مايو]] عام [[1481]]م، الموافق [[4 ربيع الأول]] سنة [[886هـ]] عن ثلاث وخمسين سنة،<ref name="وفاة السلطان محمد الفاتح"/> ومدة حكمه 31 عاما، قضاها في حروب متواصلة للفتح وتقوية الدولة وتعميرها، وأتم في خلالها مقاصد أجداده، ففتح [[القسطنطينية]] وجميع ممالك وأقاليم [[الأناضول|آسيا الصغرى]] و[[الصرب]] و[[البوسنة والهرسك|البشناق]] و[[ألبانيا]]، وحقق كثيرا من المنجزات الإدارية الداخلية التي سارت بدولته على درب الازدهار ومهدت الطريق أمام السلاطين اللاحقين ليركزوا على توسيع الدولة وفتح أقاليم جديدة. ومن مآثره أيضا وضعه أول مبادئ [[القانون المدني]] و[[القانون الجنائي|قانون العقوبات]]، فأبدل العقوبات البدنية، أي العين بالعين والسنّ بالسنّ، وجعل عوضها الغرامات النقدية بكيفية واضحة أتمها السلطان [[سليمان القانوني]] لاحقا.<ref>تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 177-178 ISBN 9953-18-084-9</ref> [[ملف:İstanbul 5908.jpg|تصغير|قبر السلطان محمد الفاتح.]] [[ملف:1000 TL reverse.jpg|تصغير|يمين|خلفية ورقة الألف ليرة التركية (1986-1992).]] وقد انفضح أمر يعقوب فيما بعد، [[إعدام|فأعدمه]] حرس السلطان. وهناك اعتقاد أخر ينص على أن من دفع يعقوب ليدس السم للسلطان كان ابنه [[بايزيد الثاني]] رغبة منه بتولي العرش.<ref>Kohen, Elli; ''History of the Turkish Jews and Sephardim: Memories of the past golden age'', University Press of America, (2007) p. 19</ref> وصل خبر موت السلطان إلى [[البندقية]] بعد 16 يوما، جاء الخبر في رسالة البريد السياسي إلى [[سفارة]] البندقية في القسطنطينية، واحتوت الرسالة على هذه الجملة "لقد مات العقاب الكبير". انتشر الخبر في البندقية ثم إلى باقي [[أوروبا]]، وراحت الكنائس في أوروبا تدق أجراسها لمدة ثلاثة أيام بأمر من [[البابا]].<ref name="وفاته">[http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=145267 الشبكة الإسلامية، مات العقاب الكبير] - تاريخ الولوج = [[16 يوليو|16-7]]-[[2008]]</ref> دُفن السلطان في المدفن المخصوص الذي أنشأه في أحد الجوامع التي أسسها في [[الأستانة]]، وترك ورائه سمعة مهيبة في العالمين الإسلامي والمسيحي. وقد أنشأ جسر معلق بين طرفي [[إسطنبول]] في [[القرن العشرين]] وأطلق عليه اسم "[[جسر السلطان محمد الفاتح]]"، كما تمّ تمثيل السلطان في عدد من الكتب وأنشأ [[محمد الفاتح (مسلسل)|مسلسل تلفزيوني]] يحمل اسمه، وظهرت صورته على خلفية [[ليرة تركية|العملة الورقية التركية]] من فئة الألف ليرة والتي وضعت بالتداول من عام [[1986]] حتى عام [[1992]].<ref>[http://www.tcmb.gov.tr/yeni/eng/ Central Bank of the Republic of Turkey]. Banknote Museum: 7. Emission Group - One Thousand Turkish Lira - [http://www.tcmb.gov.tr/yeni/banknote/E7/268.htm I. Series] & [http://www.tcmb.gov.tr/yeni/banknote/E7/270.htm II. Series]. – Retrieved on 20 April 2009.</ref> == مصادر == {{مراجع|2}} == وصلات خارجية == {{كومنز|Mehmed II}} * [http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout&cid=1184649787421 محمد الفاتح.. صاحب البشارة: (في ذكرى وفاته: 4 ربيع الأول 886 هـ)]، إسلام أون لاين، [[27 مايو]] [[2001]]. * [http://ibnobad.maktoobblog.com/1156449/%D9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA%D8%AD-%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%86%D9%87/ بيت عباد، وصية السلطان محمد الفاتح لأبنه، بقلم الدكتور محمد علي الصلابي.] * [http://www.ottomanonline.net/sultans/7.html السلطان محمد الفاتح من موقع عثمان أون لاين.] * [http://www.ccel.org/ccel/gibbon/decline/files/volume2/chap68.htm الفصل 68: عهد محمد الثاني، انقراض الامبراطورية الشرقية] تأليف [[إدوارد جيبون]]. * {{يوتيوب|u_EpSNmMK5c|نشيد عن فتح القسطنطينية ومدح لمحمد الفاتح}}، من [[يوتيوب]]. === كتب === * [http://www.alsallaby.com/books/MFateh.rar '''كتاب:''' سيرة السلطان محمد الفاتح وعوامل النهوض في عصره]، د. [[علي محمد الصلابي]]. * [http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=011546.pdf '''كتاب:''' السلطان محمد الفاتح بطل الفتح الإسلامي في أوروبا الشرقية]، د. [[سيد رضوان علي]]. === أفلام === * [[فتح 1453 (فيلم)|فيلم فتح 1453 إنتاج فاروق آكصوي (2012)]] * [[محمد الفاتح (كرتون)|محمد الفاتح (مسلسل كرتوني)]] {{مقالة مختارة}} {{بداية صندوق}} {{s-off}} {{Succession box | سبقه = [[مراد الثاني]] | تبعه = [[مراد الثاني]] | العنوان = [[قائمة السلاطين العثمانيين|السلطان العثماني]] | الأعوام = [[1444]]–[[1446]] }} {{Succession box | سبقه = [[مراد الثاني]] | تبعه = [[بايزيد الثاني]] | العنوان = [[قائمة السلاطين العثمانيين|السلطان العثماني]] | الأعوام = [[7 فبراير]] [[1451]]– [[3 مايو]] [[1481]] }} {{Succession box | سبقه = [[قسطنطين الحادي عشر|قسطنطين باليولوج الحادي عشر]] | تبعه = [[بايزيد الثاني]] | العنوان = [[ملحق: قائمة الأباطرة البيزنطيين|قيصر الروم]]<br /><small>لقب غير رسمي</small> | الأعوام = [[7 فبراير]] [[1451]]– [[3 مايو]] [[1481]] }} {{end box}} {{سلاطين الدولة العثمانية}} {{شريط بوابات|تاريخ إسلامي|الدولة العثمانية|تاريخ أوروبا}} {{شريط مختارة|نسخة=oldid|تاريخ=2 يونيو 2010}} [[تصنيف:قادة عسكريون مسلمون]] [[تصنيف:مواليد 833 هـ]] [[تصنيف:مواليد 1432]] [[تصنيف:وفيات 882 هـ]] [[تصنيف:وفيات 1481]] [[تصنيف:أعلام التصوف]] [[تصنيف:ماتريدية]] [[تصنيف:أتراك]] {{وصلة مقالة جيدة|ja}} {{وصلة مقالة جيدة|zh-classical}}'
نص الويكي الجديد للصفحة، بعد التعديل (new_wikitext)
'{{معلومات سلطان عثماني |اسم_السلطان = محمد الثاني "الفاتح" بن مراد الثاني |الاسم_الكامل = محمد الثاني بن مراد الثاني |لقب = خان |لقب2 = |ألقاب أخرى = الفاتح، أبو الفتوح، الغازي، صاحب النبوءة. |صورة = Portrait of Mehmed II by Gentile Bellini (Cropped).png |صورة_طغراء = Tughra of Mehmed II.JPG |تعليق = رسم للسلطان محمد الثاني الفاتح للرسام "[[جنتيلي بلليني]]"، [[1480]] |العهد = عروج الدولة العثمانية |مدة_الحكم = 1444–1446 |مدة_الحكم2 = 1451–1481 |التتويج = |سبقه = [[مراد الثاني]] |خلفه = [[مراد الثاني]] |سنوات = |سبقه2 = [[مراد الثاني]] |خلفه2 = [[بايزيد الثاني]] |سنوات2 = |نوع_الخلافة = وراثية ظاهرة |وريث = |والدة_السلطان = أمينة "گلبهار" خاتون |زوجة = |زوجة 1 = |زوجة 2 = |زوجة 3 = |زوجة 4 = |زوجة 5 = |زوجة 6 = |حدث_بارز = |النشيد الملكي = |الأب = [[مراد الثاني]] |الأم = خديجة "هما" خاتون |تاريخ الولادة = [[20 أبريل]] [[1429]]<ref name="babinger30">Babinger, Franz, (2003)''Time''and Fatih Sultan Mehmed, Istanbul: Capricorn Publishing, ISBN 975-329-417-4, p.30</ref> |مكان الولادة = [[أدرنة]]، [[تراقيا]]، [[ملف:Flag of the Ottoman Sultanate (1299-1453).svg|20px]] [[الدولة العثمانية]] |تاريخ الوفاة = [[3 مايو]] [[1481]] (53 عاما)<ref name="babinger347">Babinger, Franz age''s.'' 347</ref> |مكان الوفاة = دريقا، [[كوكالي (محافظة)|كوكالي]]، |تاريخ الدفن = |مكان الدفن = مسجد السلطان محمد الفاتح، [[إسطنبول]] |}} '''السلطان الغازي محمد الثاني الفاتح''' ([[لغة تركية عثمانية|بالتركية العثمانية]]: {{نستعليق|فاتح سلطان محمد خان ثانى}}؛ و[[لغة تركية|بالتركية الحديثة]]: '''Fatih Sultan Mehmed Han II''' أو '''II. Mehmed''') والذي عُرف في [[أوروبا]] خلال [[عصر النهضة]] باسم "'''''Mahomet II'''''"، وهو ذات اللفظ الذي كان الأوربيون يلفظون به اسم [[محمد|نبي الإسلام]]،<ref>"''Dates of Epoch-Making Events''", The Nuttall Encyclopaedia. ([http://www.gutenberg.net/etext/12342 Gutenberg version])</ref><ref>Related to the ''Mahomet'' [[إماتة|archaisms]] used for [[محمد|Mohammad]]. See ''[[النظرة المسيحية عن محمد في العصور الوسطى|Medieval Christian view of Muhammad]]'' for more information.</ref> هو سابع [[سلاطين الدولة العثمانية|سلاطين]] [[الدولة العثمانية]] وسلالة [[عثمانيون|آل عثمان]]، يُلقب، إلى جانب "'''الفاتح'''"، '''بأبي الفتوح''' و'''أبو الخيرات'''، وبعد فتح [[القسطنطينية]] أضيف لقب "[[قيصر]]" إلى ألقابه وألقاب باقي السلاطين الذين تلوه.<ref>[http://www.osmanli700.gen.tr/padisahlar/07idari.html İDARİ DÜZENLEMELER: Fatih Sultan Mehmed, klasik manada Osmanlı devletinin idari kurucusu sayılabilir.]</ref> حكم ما يقرب من ثلاثين عامًا عرفت توسعًا كبيرًا [[خلافة إسلامية|للخلافة الإسلامية]]. يُعرف هذا السلطان بأنه هو من قضى نهائيًا على [[الإمبراطورية البيزنطية]] بعد أن استمرّت أحد عشر قرنًا ونيفًا، ويعتبر الكثير من المؤرخين هذا الحدث خاتمة [[العصور الوسطى]] وبداية العصور الحديثة،<ref>المصوّر في التاريخ، الجزء السادس، تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان، دار العلم للملايين - بيروت، الطبعة التاسعة، تشرين الثاني/نوفمبر 1992؛ النتائج التي ترتبت على سقوط القسطنطينية، صفحة 124</ref><ref>Oxford Dictionary of Turkce 2e, Oxford University Press, 2003, "Middle Ages" article</ref> وعند [[أتراك|الأتراك]] فهذا الحدث هو "فاتحة عصر الملوك" (بالتركية: çağ açan hükümdar). تابع السلطان محمد فتوحاته في [[آسيا]]، فوحّد ممالك [[الأناضول]]، وتوغّل في [[أوروبا]] حتى [[بلغراد]]. من أبرز أعماله الإدارية دمجه للإدارات البيزنطية القديمة في جسم الدولة العثمانية المتوسعة آنذاك. يُلاحظ أن محمد الثاني لم يكن أول حاكم تركي للقسطنطينية، فقد كان أحد الأباطرة [[روم|الروم]] السابقين، والمدعو "ليون الرابع" ([[لغة يونانية|باليونانية]]: Λέων Δ΄) من أصول [[خزر]]ية، وهؤلاء قوم من [[ترك|الترك]] شبه رحّل كانوا يقطنون سهول شمال [[القوقاز]]. كان محمد الثاني عالي الثقافة ومحبًا [[علوم|للعلم]] و[[عالم|العلماء]]، وقد تكلّم عدداً من [[لغة|اللغات]] إلى جانب [[اللغة التركية]]، وهي: [[لغة فرنسية|الفرنسية]]، [[لغة لاتينية|اللاتينية]]، [[لغة يونانية|اليونانية]]، [[لغة صربية|الصربية]]، [[لغة فارسية|الفارسية]]، [[لغة عربية|العربية]]، و[[لغة عبرية|العبرية]].<ref name="Norwich 1995 413–416">{{cite book | last = Norwich | first = John Julius | authorlink = John Julius Norwich | year = 1995 | title = Byzantium:The Decline and Fall | pages = 413–416 | publisher = Alfred A. Knopf | location = New York | isbn = 0-679-41650-1}}</ref><ref name="Runciman 1965 56">{{cite book | last = Runciman| first = Steven | authorlink = Steven Runciman | year = 1965 | title = The Fall of Constantinople: 1453 | pages = 56| publisher = Cambridge University Press | location = London | isbn = 0-521-39832-0}}</ref> == بداية حياته == === إخبار نبي الإسلام عنه === [[ملف:Hagia Sophia - Muhammad's prophecy.jpg|تصغير|نبوءة النبي محمد حول [[فتح القسطنطينية]]، منقوشة على إحدى بوابات [[آيا صوفيا]].]] يؤمن [[مسلمون|المسلمون]] بأن [[نبي|النبي]] [[محمد|محمد بن عبد الله]] - صلى الله عليه و سلم - تحدث عن [[أمير]] من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح [[القسطنطينية]] ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، فقد ورد في مسند [[أحمد بن حنبل]] في الحديث رقم 18189: {{اقتباس خاص|حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ <ref>رواه [[البخاري]] في التاريخ الكبير عن بشر الغنوي، 2/81. ورواه [[ابن عبد البر]] في الاستيعاب عن بشر الغنوي، 1/250.</ref>}} === مولده ونشأته === [[ملف:رسم بيد محمد الفاتح.jpg|تصغير|يمين|180بك|رسم بيد السلطان محمد الثاني مأخوذ من كتاب رسوماته عندما كان صبيّا، وتظهر في الأعلى طغرائه المكونة من حروف متشابكة.]] وُلد محمد الثاني، للسلطان "[[مراد الثاني]]" و"هما خاتون"،<ref name="babinger30"/><ref name="Fatih Sultan Mehmed">{{cite web|son =Afyoncu |ilk =Erhan | tarih =Mayıs 2007 |url=http://www.nationalgeographic.com.tr/ngm/0705/konu.aspx?Konu=1 | title = Fatih Sultan Mehmed |yayımcı=nationalgeographic.com.tr |erişimtarihi=23 Mart |erişimyılı=2008 }}</ref> فجر يوم الأحد بتاريخ [[20 أبريل]]، [[1429|1429 م]]، الموافق في [[26 رجب]] سنة [[833 هـ]] في مدينة [[أدرنة]]، عاصمة [[الدولة العثمانية]] آنذاك.<ref>تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 160 ISBN 9953-18-084-9</ref> عندما بلغ محمد الثاني ربيعه الحادي عشر أرسله والده السلطان إلى [[أماسيا]] ليكون حاكمًا عليها وليكتسب شيءًا من الخبرة اللازمة لحكم الدولة، كما كانت عليه عادة الحكّام العثمانيين قبل ذلك العهد. فمارس محمد الأعمال السلطانية في حياة أبيه، ومنذ تلك الفترة وهو يعايش صراع [[الدولة البيزنطية]] في الظروف المختلفة، كما كان على اطلاع تام بالمحاولات العثمانية السابقة لفتح القسطنطينية، بل ويعلم بما سبقها من محاولات متكررة في العصور الإسلامية المختلفة.<ref name="الفتوح الإسلامية عبر العصور">الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 358-359</ref> وخلال الفترة التي قضاها حاكماً على [[أماسيا]]، كان السلطان مراد الثاني قد أرسل إليه عددًا من المعلمين لكنه لم يمتثل لأمرهم، ولم يقرأ شيئاً، حتى أنه لم يختم [[القرآن الكريم]]، الأمر الذي كان يُعد ذا أهمية كبرى، فطلب السلطان المذكور، رجلاً له مهابةٌ وحدّة، فذكر له المولى "[[أحمد الكوراني|أحمد بن إسماعيل الكوراني]]"، فجعله معلمًا لولده وأعطاه قضيبًا يضربه به إذا خالف أمره، فذهب إليه، ودخل عليه والقضيب بيده، فقال: "أرسلني والدك للتعليم والضرب إذا خالفت أمري"، فضحك السلطان محمد الثاني من ذلك الكلام، فضربه المولى الكوراني في ذلك المجلس ضربًا شديدًا، حتى خاف منه السلطان محمد، وختم القرآن في مدة يسيرة.<ref>الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية، صفحة 52 نقلاً عن تاريخ الدولة العثمانية، صفحة 43.</ref> هذه التربية [[إسلام|الإسلامية]] كان لها الأثر الأكبر في تكوين شخصية محمد الفاتح، فجعلته مسلمًا مؤمنًا ملتزمًا بحدود [[شريعة إسلامية|الشريعة]]، مقيدًا بالأوامر والنواهي، معظمًا لها ومدافعًا عن إجراءات تطبيقها، فتأثر بالعلماء الربانيين، وبشكل خاص معلمه المولى "الكوراني" وانتهج منهجهم.<ref>تاريخ الدولة العثمانية، د.علي حسون، صفحة 43.</ref> وبرز دور الشيخ "[[آق شمس الدين]]" في تكوين شخصية محمد الفاتح وبث فيه منذ صغره أمرين هما: مضاعفة حركة الجهاد العثمانية، والإيحاء دومًا لمحمد منذ صغره بأنه الأمير المقصود [[حديث نبوي|بالحديث النبوي]]، لذلك كان الفاتح يطمع أن ينطبق عليه حديث نبي الإسلام.<ref name="الفتوح الإسلامية عبر العصور"/> === اعتلاؤه العرش للمرة الأولى وتنازله عنه === {{مقال تفصيلي|مراد الثاني|معركة فارنا|الإمبراطورية النمساوية المجرية}} [[ملف:Murat II.jpg|تصغير|يمين|السلطان مراد الثاني، والد السلطان محمد الفاتح.]] [[ملف:Battle of Varna 1444.PNG|تصغير|200بك|معركة فارنا، بريشة "يان ماتيكو".]] في [[13 يوليو]] سنة [[1444]] م، الموافق [[26 ربيع الأول]] سنة [[848 هـ]]، أبرم السلطان [[مراد الثاني]] معاهدة سلام مع [[إمارة قرمان]] [[الأناضول|بالأناضول]]، وعقب ذلك توفي أكبر أولاد السلطان واسمه علاء الدين، فحزن عليه والده حزنًا شديدًا وسئم الحياة،<ref name="inalcik1s56">İnalcık, Halil (1995)''I''Fatih Period on Tests and Vesika s.56-57</ref><ref name=" babinger40">"> Babinger, Franz''''s.40 age-41</ref> فتنازل عن الملك لابنه محمد البالغ من العمر أربع عشرة سنة، وسافر إلى ولاية [[أيدين (محافظة)|أيدين]] للإقامة بعيدًا عن هموم الدنيا وغمومها.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 157 ISBN 9953-18-084-9</ref> لكنه لم يمكث في خلوته بضعة أشهر حتى أتاه خبر غدر [[المجر]] وإغارتهم على بلاد [[بلغار|البلغار]] غير مراعين شروط الهدنة اعتمادًا على تغرير [[كاردينال|الكاردينال]] "سيزاريني"، مندوب [[البابا]]، وإفهامه لملك المجر أن عدم رعاية الذمة والعهود مع المسلمين لا تُعد حنثًا ولا نقضًا.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية"/> وكان السلطان محمد الثاني قد كتب إلى والده يطلب منه العودة ليتربع على عرش السلطنة تحسبًا لوقوع معركة مع المجر، إلا أن مراد رفض هذا الطلب. فرد محمد الثاني الفاتح : {{اقتباس مضمن|إن كنت أنت السلطان فتعال وقف على قيادة جيشك ورياسة دولتك وإن كنت أنا السلطان فإني آمرك بقيادة الجيش}}. وبناءً على هذه الرسالة، عاد السلطان مراد الثاني وقاد [[عثمانيون|الجيش العثماني]] في [[معركة فارنا]]، التي كان فيها النصر الحاسم للمسلمين بتاريخ [[10 نوفمبر]] سنة [[1444]] م، الموافق في [[28 رجب]] سنة [[848 هـ]].<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 2">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 158 ISBN 9953-18-084-9</ref> لم تطل إقامته أكثر من ثلاثة أشهر إذ اضطر للعودة إلى أدرنة قاعدة الدولة حيث استصغر قادة الجيش العثمانيين من الانكشارية السلطان الصغير، إذ عصوا أمره، ونهبوا المدينة، ووصل السلطان فأدب القادة وأشغلهم بالقتال في بلاد اليونان<ref>شاكر، محمود (2000). التاريخ الاسلامي، العهد العثماني، المجلد الثامن. المكتب الإسلامي. ص 82</ref>. يُقال بأن عودة السلطان مراد الثاني إلى الحكم كان سببها أيضًا الضغط الذي مارسه عليه [[الصدر الأعظم]] "خليل جندرلي باشا"، الذي لم يكن مولعًا بحكم محمد الثاني، بما أن الأخير كان متأثرًا بمعلمه المولى "الكوراني" ويتخذ منه قدوة، وكان الكوراني على خلاف مع [[باشا|الباشا]]. == الفترة في مانيسا (1446-1451) == [[ملف:Latrans-Turkey location Manisa.svg|تصغير|موقع مانيسا في [[تركيا]].]] انتقل السلطان محمد الثاني إلى [[مانيسا (مدينة)|مانيسا]] الواقعة بغرب [[الأناضول]] بعد ثورة [[الإنكشارية]] عليه، وبعد أن جمعهم والده وانتقل لخوض [[حرب|حروبه]] في [[أوروبا]]. ليس هناك من معلومات كثيرة تفيد بالذي قام به السلطان محمد في الفترة التي قضاها في مدينة [[مانيسا (مدينة)|مانيسا]]، ولكن يُعرف أنه خلال هذه الفترة، تزوج السلطان بوالدة ولي العهد، كما كان يُطلق على زوجات السلاطين، "أمينة گلبهار" ذات الجذور [[اليونان]]ية النبيلة،<ref name = Lowry/> من قرية "دوفيرا" في [[طرابزون]]،<ref name=Lowry>The Nature of the Early Ottoman State, Heath W. Lowry, State University of New York Press (SUNY Press), p.153</ref> والتي توفيت بعد ذلك عام [[1492]] بعد أن أنجبت السلطان [[بايزيد الثاني]].<ref name="babinger62">Babinger, Franz a.g'' 'e''p.62</ref> وكان السلطان مراد الثاني قد عاد إلى عزلته مرة أخرى بعد أن انتصر على المجر واستخلص مدينة فارنا منهم، لكنه لم يلبث فيها هذه المرة أيضا، لأن عساكر [[إنكشارية|الإنكشارية]] ازدروا ملكهم الفتى محمد الثاني وعصوه ونهبوا مدينة [[أدرنة]] عاصمة الدولة، فرجع إليهم السلطان مراد الثاني في أوائل سنة [[1445]] وأخمد فتنتهم. وخوفًا من رجوعهم إلى إقلاق راحة الدولة، أراد أن يشغلهم بالحرب، فأغار على بلاد [[اليونان]] و[[الصرب]] طيلة سنواته الباقية، وفتح عددًا من المدن والإمارات وضمها إلى الدولة العثمانية.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 2"/> تزوج السلطان محمد في هذه الفترة أيضا بزوجته الثانية "ستّي مكرم خاتون" الأميرة من سلالة ذي القدر [[تركمان|التركمانية]].<ref name="babinger67">Babinger, Franz''''s.67 age</ref><ref>[http://nauplion.net/M2-SittHatun.jpg Wedding portrait]</ref> قام محمد الفاتح خلال المدة التي قضاها في [[مانيسا (مدينة)|مانيسا]]، بضرب النقود [[سلاجقة|السلجوقية]] باسمه،<ref name="babinger68">Babinger, Franz''''s.68 age</ref> وفي أغسطس أو سبتمبر من عام [[1449]]، توفيت والدته،<ref name="babinger69">Babinger, Franz age''''p.69</ref> وبعد هذا بسنة، أي في عام [[1450]]، أبرم والده صلحًا مع "اسكندر بك"، أحد أولاد "جورج كستريو" أمير [[ألبانيا]] الشمالية الذين كان السلطان مراد الثاني قد أخذهم رهائن وضمّ بلاد أبيهم إليه بعد موته. وكان اسكندر المذكور قد أسلم، أو بالأحرى تظاهر بالإسلام لنوال ما يكنه صدره وأظهر الإخلاص للسلطان حتى قرّبه إليه، ثم انقلب عليه أثناء انشغاله بمحاربة الصرب والمجر، وبعد عدد من المعارك لم يستطع الجيش العثماني المنهك استرجاع أكثر من مدينتين ألبانيتين،<ref>Barletius, Noli 1947, etc</ref> فرأى السلطان مصالحة البك ريثما يعود ليستجمع جيشه قوته ثم يعود لفتح مدينة "آق حصار".<ref>تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 158 - 159 ISBN 9953-18-084-9</ref><ref name="Kinross, Lords.93">Kinross, Lord,''''s.93 age</ref> == اعتلاؤه العرش للمرة الثانية وفتح القسطنطينية == [[ملف:Hunername accession Mehmed II .jpg|تصغير|يمين|150بك|تربّع السلطان محمد الثاني على عرش الدولة العثمانية.]] [[ملف:Eastern Mediterranean 1450 - Arabic.PNG|تصغير|الدولة العثمانية والدول والإمارات المحيطة بها عام [[1450]]، أي قبل تربّع محمد الثاني على العرش بسنة واحدة.]] عاد السلطان مراد الثاني إلى [[أدرنة]]، عاصمة ممالكه ليُجهز جيوشًا جديدة كافية لقمع الثائر على الدولة، "اسكندر بك"، لكنه توفي في يوم [[7 فبراير]] سنة [[1451]]، الموافق في [[5 محرم]] سنة [[855هـ]]. وما أن وصلت أنباء وفاة السلطان إلى ابنه محمد الثاني، حتى ركب فوراً وعاد إلى أدرنة حيث توّج سلطانا للمرة الثانية في [[19 فبراير]] من نفس العام،<ref name="Maraş Savunması-1">{{cite book |last= Atilla Şahiner | title = "Osmanlı Tarihi" | publisher = Lacivert Yayınları| | year =2008 | pages =s. 80}}</ref> وأقام جنازة لوالده الراحل وأمر بنقل الجثمان إلى مدينة [[بورصة (مدينة)|بورصة]] لدفنه بها،<ref name="babinger73">Babinger, Franz''''s.73-74 age</ref> وأمر بإرجاع الأميرة "مارا" الصربية إلى والدها، أمير الصرب المدعو "جورج برنكوفيتش"، الذي زوّجها للسلطان مراد الثاني عندما أبرم معه معاهدة سلام قرابة عام [[1428]].<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 160 - 161 ISBN 9953-18-084-9</ref><ref>تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 145 ISBN 9953-18-084-9</ref> عندما تولى محمد الثاني الملك بعد أبيه لم يكن ب[[آسيا الصغرى]] خارجًا عن سلطانه إلا جزء من [[إمارة قرمان|بلاد القرمان]] ومدينة "[[سينوب]]" و[[طرابزون|مملكة طرابزون الروميّة]]. وصارت مملكة الروم الشرقية قاصرة على مدينة [[القسطنطينية]] وضواحيها. وكان إقليم "موره" مجزءاً بين [[البندقية|البنادقة]] وعدّة إمارات صغيرة يحكمها بعض أعيان [[روم|الروم]] أو [[إفرنج|الإفرنج]] الذين تخلفوا عن إخوانهم بعد انتهاء [[الحروب الصليبية]]، و[[ألبانيا|بلاد الأرنؤد]] وإيبيروس في حمى إسكندر بك سالف الذكر، و[[البوسنة|بلاد البشناق]] المستقلة، و[[الصرب]] التابعة للدولة العثمانية تبعية سيادية، وما بقي من [[البلقان|شبه جزيرة البلقان]] كان داخلاً تحت سلطة الدولة كذلك.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> === الإعداد للفتح === [[ملف:Twierdza Rumeli Istambuł RB1.jpg|تصغير|250بك|قلعة روملي حصار كما تبدو اليوم، كما يراها الناظر من مضيق البوسفور.]] أخذ السلطان محمد الثاني، بعد وفاة والده، يستعد لتتميم فتح ما بقي من [[البلقان|بلاد البلقان]] ومدينة [[القسطنطينية]] حتى تكون جميع أملاكه متصلة لا يتخللها عدو مهاجم أو صديق منافق، فبذل بداية الأمر جهودًا عظيمة في تقوية الجيش العثماني بالقوى البشرية حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون جندي، وهذا عدد كبير مقارنة بجيوش الدول في تلك الفترة، كما عني عناية خاصة بتدريب تلك الجموع على فنون القتال المختلفة وبمختلف أنواع الأسلحة التي تؤهلهم للغزو الكبير المنتظر، كما أعتنى الفاتح بإعدادهم إعدادًا معنويًا قويًا وغرس روح [[الجهاد]] فيهم، وتذكيرهم بثناء [[نبي|النبي]] [[محمد]] على الجيش الذي يفتح القسطنطينية وعسى أن يكونوا هم الجيش المقصود بذلك، مما أعطاهم قوة معنوية وشجاعة منقطعة النظير، كما كان لانتشار العلماء بين الجنود أثر كبير في تقوية عزائمهم.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> أراد السلطان، قبل أن يتعرض لفتح القسطنطينية أن يُحصّن [[مضيق البوسفور]] حتى لا يأتي لها مدد من مملكة طرابزون، وذلك بأن يُقيم قلعة على شاطئ المضيق في أضيق نقطة من الجانب الأوروبي منه مقابل القلعة التي أسست في عهد السلطان بايزيد في البر الآسيوي.<ref name="سلاطين آل عثمان">سلاطين آل عثمان، صفحة 26.</ref> ولمّا بلغ [[قسطنطين الحادي عشر|إمبراطور الروم]] هذا الخبر أرسل إلى السلطان سفيرًا يعرض عليه دفع [[جزية|الجزية]] التي يُقررها،<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> فرفض الفاتح طلبه وأصر على البناء لما يعلمه من أهمية عسكرية لهذا الموقع، حتى اكتملت [[قلعة]] عالية ومحصنة، وصل ارتفاعها إلى 82 مترًا، وأطلق عليها اسم "[[قلعة روملي حصار]]" (ب[[لغة تركية|التركية]]: Rumeli Hisarı)، وأصبحت القلعتان متقابلتين، ولا يفصل بينهما سوى 660 مترًا، تتحكمان في عبور السفن من شرقي البوسفور إلى غربه وتستطيع نيران [[مدفع|مدافعهما]] منع أية [[سفينة]] من الوصول إلى [[القسطنطينية]] من المناطق التي تقع شرقها مثل مملكة طرابزون وغيرها من الأماكن التي تستطيع دعم المدينة عند الحاجة.<ref name="سلاطين آل عثمان"/> كما فرض السلطان رسومًا على كل سفينة تمر في مجال المدافع العثمانية المنصوبة في القلعة، وكان أن رفضت إحدى سفن [[البندقية]] أن تتوقف بعد أن أعطى العثمانيون لها عدداً من الإشارات، فتمّ إغراقها بطلقة مدفعية واحدة فقط.<ref name="Silburn1912">Silburn, P. A. B. (1912).</ref> [[ملف:Dardanelles Gun Turkish Bronze 15c.png|تصغير|250بك|مدفع سلطاني عثماني مماثل للمدفع الذي استخدم عند حصار القسطنطينية. تمّ صب هذا المدفع عام [[1464]]، وهو الآن موجود في متحف الترسانة الملكية البريطانية.]] اعتنى السلطان عناية خاصة بجمع [[سلاح|الأسلحة]] اللازمة [[فتح القسطنطينية|لفتح القسطنطينية]]، ومن أهمها [[مدفع|المدافع]]، التي أخذت اهتمامًا خاصًا منه حيث أحضر مهندسًا مجريًا يدعى "أوربان" كان بارعًا في صناعة المدافع، فأحسن استقباله ووفر له جميع الإمكانيات المالية والمادية والبشرية. تمكن هذا المهندس من تصميم وتصنيع العديد من المدافع الضخمة كان على رأسها "المدفع السلطاني" المشهور، والذي ذكر أن وزنه كان يصل إلى مئات [[طن|الأطنان]] وأنه يحتاج إلى مئات [[ثور|الثيران]] القوية لتحريكه، وقد أشرف السلطان بنفسه على صناعة هذه المدافع وتجريبها.<ref>الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 361.</ref> ويُضاف إلى هذا الاستعداد ما بذله الفاتح من عناية خاصة [[أسطول|بالأسطول]] العثماني؛ حيث عمل على تقويته وتزويده بالسفن المختلفة ليكون مؤهلاً للقيام بدوره في الهجوم على القسطنطينية، تلك المدينة البحرية التي لا يكمل حصارها دون وجود قوة بحرية تقوم بهذه المهمة وقد ذُكر أن السفن التي أعدت لهذا الأمر بلغت أكثر من أربعمائة سفينة،<ref>محمد الفاتح، صفحة 90، سالم الرشيدي.</ref> بينما قال آخرون أن هذا الرقم مبالغ فيه وأن عدد السفن كان أقل من ذلك، حيث بلغت مائة وثمانين سفينة في الواقع.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> === عقد معاهدات === عمل الفاتح قبل هجومه على القسطنطينية على عقد معاهدات مع أعدائه المختلفين ليتفرغ لعدو واحد، فعقد معاهدة مع إمارة غلطة المجاورة للقسطنطينية من الشرق ويفصل بينهما [[القرن الذهبي|مضيق القرن الذهبي]]، كما عقد معاهدات مع [[جنوة]] و[[البندقية]] وهما من الإمارات الأوروبية المجاورة، ولكن هذه المعاهدات لم تصمد حينما بدأ الهجوم الفعلي على القسطنطينية، حيث وصلت قوات من تلك المدن وغيرها للمشاركة في الدفاع عن المدينة.<ref>تاريخ سلاطين آل عثمان، صفحة 58.</ref> في هذه الأثناء التي كان السلطان يعد العدة فيها للفتح، استمات الإمبراطور البيزنطي في محاولاته لثنيه عن هدفه، بتقديم الأموال والهدايا المختلفة إليه، وبمحاولة رشوة بعض مستشاريه ليؤثروا على قراره،<ref>فتح القسطنطينية، محمد صفوت، صفحة 69.</ref> ولكن السلطان كان عازمًا على تنفيذ مخططه ولم تثنه هذه الأمور عن هدفه، ولما رأى الإمبراطور البيزنطي شدة عزيمة السلطان على تنفيذ هدفه عمد إلى طلب المساعدات من مختلف [[دولة|الدول]] و[[مدينة|المدن]] الأوروبية وعلى رأسها [[البابا]] زعيم [[كاثوليكية|المذهب الكاثوليكي]]، في الوقت الذي كانت فيه كنائس الدولة البيزنطية وعلى رأسها القسطنطينية تابعة [[أرثوذكسية|للكنيسة الأرثوذكسية]] وكان بينهما عداء شديد، وقد اضطر الإمبراطور لمجاملة البابا بأن يتقرب إليه ويظهر له استعداده للعمل على توحيد الكنيستين الشرقية والغربية،<ref name="الحرب بين السلطان والإمبراطور">المصوّر في التاريخ، الجزء السادس، تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان، دار العلم للملايين، بيروت، الحرب بين السلطان والإمبراطور، صفحة: 123.</ref> في الوقت الذي لم يكن الأرثوذكس يرغبون في ذلك. قام البابا بناءً على ذلك بإرسال مندوب منه إلى القسطنطينية، خطب في [[كنيسة]] [[آيا صوفيا]] ودعا للبابا وأعلن توحيد الكنيستين، مما أغضب جمهور الأرثوذكس في المدينة، وجعلهم يقومون بحركة مضادة لهذا العمل الإمبراطوري الكاثوليكي المشترك، حتى قال بعض زعماء الأرثوذكس: "إنني أفضل أن أشاهد في ديار البيزنط عمائم [[ترك|الترك]] على أن أشاهد [[قبعة|القبعة]] اللاتينية".<ref>محمد الفاتح، صفحة 89، سالم الرشيدي.</ref> === الهجوم والغزو === {{مقال تفصيلي|فتح القسطنطينية}} [[ملف:Edirne Kusatma Zonaro.jpg|thumb|320px|محمد الفاتح يقود جيش [[المسلمين]] في حصار القسطنطينية.]] سعى السلطان، بعد كل هذه الاستعدادات، في إيجاد سبب لفتح باب [[حرب|الحرب]]، ولم يلبث أن وجد هذا السبب بتعدي [[عثمانيون|الجنود العثمانيين]] على بعض قرى [[روم|الروم]] ودفاع هؤلاء عن أنفسهم، حيث قُتل البعض من الفريقين.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> عمل السلطان على تمهيد الطريق بين [[أدرنة]] و[[القسطنطينية]] لكي تكون صالحة لجر المدافع العملاقة خلالها إلى القسطنطينية، وقد تحركت المدافع من أدرنة إلى قرب القسطنطينية، في مدة شهرين حيث تمت حمايتها بقسم الجيش حتى وصلت الأجناد العثمانية يقودها الفاتح بنفسه إلى مشارف القسطنطينية في يوم الخميس [[6 أبريل]]، [[1453|1453 م]]، الموافق [[26 ربيع الأول]]، [[857 هـ]]، فجمع الجند وكانوا قرابة مائتين وخمسين ألف جندي أي ربع مليون،<ref>أطلس التاريخ الحديث. صفحة 69</ref> فخطب فيهم خطبة قوية حثهم فيها على [[جهاد|الجهاد]] وطلب النصر أو الشهادة، وذكّرهم فيها بالتضحية وصدق القتال عند اللقاء، وقرأ عليهم [[قرآن|الآيات القرآنية]] التي تحث على ذلك، كما ذكر لهم [[حديث نبوي|الأحاديث النبوية]] التي تبشر بفتح القسطنطينية وفضل الجيش الفاتح لها وأميره، وما في فتحها من عز [[إسلام|للإسلام]] و[[مسلمين|المسلمين]]، وقد بادر الجيش بالتهليل والتكبير والدعاء.<ref>سلاطين آل عثمان، صفحة 24-25.</ref><ref name="أطلس التاريخ الحديث.ص69">أطلس التاريخ الحديث.صفحة69.اعداد:د.سيف الدين الكاتب، طبعة 2008 ISBN 9953-61-129-7</ref> وبهذا ضرب السلطان الحصار على المدينة بجنوده من ناحية البر، وبأسطوله من ناحية البحر، وأقام حول المدينة أربع عشرة [[بطارية مدفعية]] وضع بها المدافع الجسيمة التي صنعها "أوربان" والتي قيل بأنها كانت تقذف كرات من [[حجر|الحجارة]] زنة كل واحدة منها اثنا عشر [[قنطار|قنطارًا]] إلى مسافة [[ميل]]، إلا أن المؤرخين المعاصرين يقولون أن هذا الرقم مبالغ فيه بوضوح، فإنه ولو وُجد في ذلك الزمان آلة تستطيع أن تقذف هذا [[وزن|الوزن]] الكبير، فإنه لا يوجد أناس قادرين على رفع هذا الوزن ليضعوه في المدفع، فالقنطار يساوي 250 [[كيلوغرام]]ا، فوزن القذيفة على هذا الاعتبار يكون 3000 كيلوغراما، وبالتالي فلعلّ المقصود كان 12 [[رطل]]ا وليس قنطارا.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 3"/> وفي أثناء الحصار اكتُشف [[قبر]] "[[أبو أيوب الأنصاري|أبي أيوب الأنصاري]]" الذي استشهد حين حاصر القسطنطينية في سنة [[52 هـ]] في خلافة [[معاوية بن أبي سفيان]] [[خلافة أموية|الأموي]].<ref>تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 162 ISBN 9953-18-084-9</ref> [[ملف:Byzantine Constantinople eng.png|تصغير|يمين|خريطة تُظهر سور القسطنطينية وميناءها.]] [[ملف:Kusatma Zonaro.jpg|تصغير|يمين|السلطان محمد الثاني يُشرف على جرّ السفن برًا إلى داخل مضيق القرن الذهبي.]] وفي هذا الوقت كان البيزنطيين قد قاموا بسد مداخل [[ميناء]] القسطنطينية [[سلسلة|بسلاسل]] [[حديد]]ية غليظة حالت بين السفن العثمانية والوصول إلى [[القرن الذهبي]]، بل دمرت كل سفينة حاولت الدنو والاقتراب.<ref name="الحرب بين السلطان والإمبراطور"/> إلا أن الأسطول العثماني نجح على الرغم من ذلك في الاستيلاء على [[جزر الأمراء]] في [[بحر مرمرة]].<ref>محمد الفاتح، صفحة 98؛ العثمانيون والبلقان، صفحة 89.</ref> استنجد [[إمبراطور|الإمبراطور]] [[قسطنطين الحادي عشر|قسطنطين]]، آخر ملوك [[روم|الروم]]، [[أوروبا|بأوروبا]]، فلبّى طلبه أهالي [[جنوة]] وأرسلوا له إمدادات مكونة من خمس سفن وكان يقودها القائد الجنوي "جوستنياني" يُرافقه سبعمائة مقاتل متطوع من دول أوروبية متعددة، فأتى هذا القائد بمراكبه وأراد الدخول إلى ميناء القسطنطينية، فاعترضته السفن العثمانية ونشبت بينهما معركة هائلة في يوم [[21 أبريل]]، [[1453]] م، الموافق يوم [[11 ربيع الثاني]]، [[857 هـ]]، انتهت بفوز جوستنياني ودخوله الميناء بعد أن رفع المحاصرون السلاسل الحديدية ثم أعادوها بعد مرور السفن الأوروبية كما كانت.<ref>العثمانيون والبلقان، د.علي حسون، صفحة 92.</ref> حاولت القوات البحرية العثمانية تخطي السلاسل الضخمة التي تتحكم في مدخل القرن الذهبي والوصول بالسفن الإسلامية إليه، وأطلقوا [[سهم|سهامهم]] على السفن الأوروبية والبيزنطية ولكنهم فشلوا في تحقيق مرادهم في البداية، فارتفعت بهذا الروح المعنوية للمدافعين عن المدينة.<ref>محمد الفاتح، سالم الرشيدي، صفحة 120.</ref> بعد هذا الأمر، أخذ السلطان يُفكر في طريقة لدخول مراكبه إلى ال[[ميناء]] لإتمام الحصار برّاً وبحراً، فخطر بباله فكر غريب، وهو أن ينقل المراكب على البر ليجتازوا السلاسل الموضوعة لمنعها، وتمّ هذا الأمر المستغرب بأن مهدت الأرض وسويت في ساعات قليلة وأتي بألواح من [[خشب|الخشب]] دهنت [[زيت|بالزيت]] وال[[دهون|شحم]]، ثم وضعت على الطريق الممهد بطريقة يسهل بها انزلاج السفن وجرها،<ref>السلطان محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 100.</ref> وبهذه الكيفية أمكن نقل نحو سبعين سفينة وإنزالها في [[القرن الذهبي]] على حين غفلة من البيزنطيين.<ref name="الفتوح الإسلامية عبر العصور">الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 370.</ref> [[ملف:ConstantinoXI.jpg|تصغير|[[قسطنطين الحادي عشر]]، آخر أباطرة [[الدولة البيزنطية]]، حكم في الفترة الممتدة من [[6 يناير]] [[1449]] إلى [[29 مايو]] [[1453]].]] [[ملف:Zonaro GatesofConst.jpg|تصغير|السلطان محمد الثاني يدخل إلى القسطنطينية، بريشة "فوستو زونارو".]] استيقظ أهل المدينة صباح يوم [[22 أبريل]] وفوجئوا بالسفن العثمانية وهي تسيطر على ذلك المعبر المائي، ولم يعد هناك حاجز مائي بين المدافعين عن القسطنطينية وبين الجنود العثمانيين،<ref name="الفتوح الإسلامية عبر العصور"/><ref>السلطان محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 102.</ref> ولقد عبّر أحد المؤرخين البيزنطيين عن عجبهم من هذا العمل فقال: {{اقتباس مضمن|ما رأينا ولا سمعنا من قبل بمثل هذا الشيء الخارق، محمد الفاتح يحول [[الأرض]] إلى [[بحر|بحار]] وتعبر سفنه فوق قمم [[جبل|الجبال]] بدلاً من [[موجة|الأمواج]]، لقد فاق محمد الثاني بهذا العمل [[الأسكندر الأكبر]]}}.<ref>تاريخ الدولة العثمانية، يلماز أوزنتونا، صفحة 135.</ref> أيقن المحاصرون عند هذا أن لا مناص من نصر العثمانيين عليهم، لكن لم تخمد عزائمهم بل ازدادوا إقداماً وصمموا على الدفاع عن مدينتهم حتى الممات. وفي يوم [[24 مايو]] سنة [[1453]]م، الموافق [[15 جمادى الأولى]] سنة [[857هـ]]، أرسل السلطان محمد إلى الإمبراطور قسطنطين رسالة دعاه فيها إلى تسليم المدينة دون إراقة [[دم]]اء، وعرض عليه تأمين خروجه وعائلته وأعوانه وكل من يرغب من سكان المدينة إلى حيث يشاؤون بأمان،<ref>محمد الفاتح للرشيدي، صفحة 119.</ref> وأن تحقن دماء الناس في المدينة ولا يتعرضوا لأي أذى وأعطاهم الخيار بالبقاء في المدينة أو الرحيل عنها، ولما وصلت الرسالة إلى الإمبراطور جمع المستشارين وعرض عليهم الأمر، فمال بعضهم إلى التسليم وأصر آخرون على استمرار الدفاع عن المدينة حتى الموت، فمال الامبراطور إلى رأي القائلين بالقتال حتى آخر لحظة، فرد الامبراطور رسول الفاتح برسالة قال فيها إنه يشكر [[الله]] إذ جنح السلطان إلى [[سلام|السلم]] وأنه يرضى أن يدفع له الجزية أما [[القسطنطينية]] فإنه أقسم أن يدافع عنها إلى آخر نفس في حياته فإما أن يحفظ عرشه أو يُدفن تحت أسوارها،<ref>محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 116.</ref> فلما وصلت الرسالة إلى الفاتح قال: {{اقتباس مضمن|حسناً عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر}}.<ref>الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 376.</ref> عند الساعة الواحدة صباحاً من يوم الثلاثاء [[29 مايو]]، [[1453]]م، الموافق [[20 جمادى الأولى]] سنة [[857 هـ]] بدأ الهجوم العام على [[مدينة|المدينة]]، فهجم مائة وخمسون ألف جندي وتسلقوا الأسوار حتى دخلوا المدينة من كل فج وأعملوا [[سيف|السيف]] فيمن عارضهم واحتلوا المدينة شيءًا فشيئًا إلى أن سقطت بأيديهم، بعد 53 يومًا من الحصار.<ref name="Silburn1912" /> أما [[قسطنطين الحادي عشر|الإمبراطور قسطنطين]] فقاتل حتى مات في الدفاع عن وطنه كما وعد، ولم يهرب أو يتخاذل.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 4"/><ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 5">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 164 ISBN 9953-18-084-9</ref> ثم دخل السلطان المدينة عند الظهر فوجد الجنود مشتغلة بالسلب والنهب، فأصدر أمره بمنع كل اعتداء، فساد الأمن حالاً. ثم توجه إلى [[كنيسة]] [[آيا صوفيا]] وقد اجتمع فيها خلق كبير من الناس ومعهم [[قس|القسس]] والرهبان الذين كانوا يتلون عليهم [[صلاة (مسيحية)|صلواتهم]] وأدعيتهم، وعندما اقترب من أبوابها خاف [[مسيحيون|المسيحيون]] داخلها خوفاً عظيماً، وقام أحد الرهبان بفتح الأبواب له فطلب من الراهب تهدئة الناس وطمأنتهم والعودة إلى بيوتهم بأمان، فأطمأن الناس وكان بعض الرهبان مختبئين في سراديب الكنيسة فلما رأوا تسامح الفاتح وعفوه خرجوا وأعلنوا إسلامهم، وقد أمر الفاتح بعد ذلك بأن [[أذان|يؤذن]] في الكنيسة [[صلاة (إسلام)|بالصلاة]] إعلانًا بجعلها [[مسجد|مسجدًا]].<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 4">محمد الفاتح، صفحة 139.</ref><ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 5"/> وقد أعطى السلطان للنصارى حرية إقامة الشعائر الدينية واختيار رؤسائهم الدينين الذين لهم حق الحكم في النظر بالقضايا المدنية، كما أعطى هذا الحق لرجال الكنيسة في الأقاليم الأخرى ولكنه في الوقت نفسه فرض الجزية على الجميع.<ref>الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 384.</ref> ثم قام بجمع رجال الدين المسيحيين لينتخبوا [[بطريرك|بطريركًا]] لهم، فاختاروا "جورجيوس كورتيسيوس سكولاريوس" ([[لغة يونانية|باليونانية]]:Γεώργιος Κουρτέσιος Σχολάριος)، وأعطاهم نصف الكنائس الموجودة في المدينة، أما النصف الأخر فجعله جوامع للمسلمين.<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 4"/> وبتمام فتح المدينة، نقل السلطان محمد مركز العاصمة إليها، وسُميت "[[إسطنبول|إسلامبول]]"، أي "تخت الإسلام" أو "مدينة الإسلام".<ref name="تاريخ الدولة العليّة العثمانية 5"/> === ما بعد الفتح === [[ملف:Gennadios II and Mehmed II.jpg|تصغير|السلطان محمد الثاني مع البطريرك جورجيوس سكولاريوس.]] بعد تمام النصر والفتح، اتخذ السلطان لقب "'''الفاتح'''" و"'''قيصر الروم'''" ([[لغة تركية|بالتركية]]: Kayser-i Rûm)، على الرغم من أن هذا اللقب الأخير لم تعترف به بطركيّة القسطنطينية ولا [[أوروبا]] [[مسيحية|المسيحية]]. وكان السبب الذي جعل السلطان يتخذ هذا اللقب هو أن القسطنطينية كانت عاصمة [[الإمبراطورية الرومانية]]، بعد أن نُقل مركز الحكم إليها عام [[330]] بعد سقوط [[الإمبراطورية الرومانية الغربية]]، وكونه هو سلطان المدينة فكان من حقه أن يحمل هذا اللقب. وكان للسلطان رابطة دم بالأسرة الملكية البيزنطية، بما أن كثيرا من أسلافه، كالسلطان [[أورخان غازي|أورخان الأول]]، تزوجوا بأميرات بيزنطيات. ولم يكن السلطان هو الوحيد الذي حمل لقب [[قيصر|القيصر]] في أيامه، إذ أن إمبراطور [[الإمبراطورية الرومانية المقدسة]] في [[أوروبا الغربية]]، "فريدريش الثالث"، قال آنذاك بأنه يتحدر مباشرة من [[شارلمان]]، الذي حصل على لقب "قيصر" عندما توّجه [[البابا]] "ليو الثالث" عام [[800]]، على الرغم من عدم اعتراف [[الإمبراطورية البيزنطية]] بهذا الأمر عندئذ. وكان السلطان قد أمر بحبس [[الصدر الأعظم]] "خليل جندرلي باشا"، الذي اتهم أثناء حصار القسطنطينية بالتعامل مع العدو أو تلقيه [[رشوة]] منهم لفضح تحركات الجيش العثماني، فحُبس لمدة أربعين يومًا وسُملت [[عين]]اه، ثم حُكم عليه [[إعدام|بالإعدام]] فأعدم.<ref name="babinger103">Babinger, Franz''''s.103 age</ref> تُفيد بعض المصادر أن السلطان محمد الفاتح قصد الموقع الذي بُنيت فيه مدينة [[طروادة]] في قديم الزمان، بعد 10 سنوات من فتح القسطنطينية، حيث قال أنه انتقم للطرواديين أخيراً، بعد أن قضى على [[إغريق|الإغريق]]، أي البيزنطينين، وغزاهم كما غزوا طروادة.<ref name=turks>[http://www.turks.org.uk/index.php?pid=38 TURKS :: Ottomans<!-- Bot generated title -->]</ref> يروي [[تاريخ|المؤرخ]] [[بريطانيا|البريطاني]] "ستيفن رونسيمان" قصة منقولة عن المؤرخ البيزنطي "دوكاس"، المعروف بإضفائه النكهة [[دراما|الدرامية]] والمواصفات المؤثرة على كتاباته،<ref>{{cite book | last = Crowley | first = Roger | year = 2006 | location = Oxford | title = Constantinople: The Last Great Siege, 1453 | publisher = A.P.R.I.L. Publishing }}</ref> أنه عندما دخل محمد الثاني القسطنطينية، أمر بإحضار الابن الوسيم للدوق الأكبر "لوكاس نوتاراس" البالغ من العمر 14 ربيعًا، ليُشبع معه [[مثلية جنسية|شهوته]]، وعندما رفض الأب تسليم ولده إلى السلطان، أمر الأخير بقطع رأس كليهما حيث وقفا.<ref>Steven Runciman, ''The Fall of Constantinople 1453''. Cambridge University Press, 1965.</ref> يروي عالم [[لاهوت|اللاهوت]] ورئيس أساقفة ميتيليني "ليونارد الصاقيزي" نفس القصة في رسالة أرسلها إلى [[البابا]] نيقولا الخامس.<ref>J.R. Melville Jones, trans., "The Siege of Constantinople 1453: Seven Contemporary Accounts"</ref> يرى المؤرخون المعتدلون والمؤرخون المسلمون، أن هذه الرواية عارية عن الصحة، وأن سببها كان الصدمة العنيفة التي تعرض لها [[عالم مسيحي|العالم الأوروبي المسيحي]] عند سقوط المدينة المقدسة بيد المسلمين، حيث بذل [[شاعر|الشعراء]] و[[أديب|الأدباء]] ما في وسعهم لتأجيج نار الحقد وبراكين الغضب في نفوس النصارى ضد المسلمين، وعقد الأمراء والملوك اجتماعات طويلة ومستمرة وتنادوا إلى نبذ الخلافات والحزازات والتوحد ضد العثمانيين. وكان البابا نيقولا الخامس أشد الناس تأثراً بنبأ سقوط القسطنطينية، وعمل جهده وصرف وقته في توحيد الدول الإيطالية وتشجيعها على قتال المسلمين، وترأس مؤتمرًا عُقد في [[روما]]، أعلنت فيه الدول المشاركة عزمها على التعاون فيما بينها وتوجيه جميع جهودها وقوتها ضد العدو المشترك. وأوشك هذا الحلف أن يتحقق إلا أن الموت عاجل البابا في [[25 مارس]] سنة [[1455]]، فلم تتم أي من هذه الخطط.<ref>السلطان محمد الفاتح، صفحة 136-137.</ref> == الفتوحات التالية == === فتح بلاد موره ومحاربة المجر === [[ملف:Iancu Hunedoara.jpg|تصغير|[[إيوان دي هونيدوارا|يوحنا هونياد]]، حاكم [[مملكة المجر]] ([[1446]]–[[1453]]) و[[ترانسلفانيا]] ([[1441]]-[[1446]]).<ref name="Britannica">"János Hunyadi". [[Encyclopædia Britannica]]. 2010.</ref>]] [[ملف:Siege of Nándorfehérvár.jpg|تصغير|يمين|حصار بلغراد من قبل الجيش العثماني.]] بعد إتمامه لترتيباته وبناء ما هُدم من أسوار القسطنطينية وتحصينها، أمر السلطان ببناء [[مسجد]] بالقرب من [[قبر]] [[أبو أيوب الأنصاري|أبي أيوب الأنصاري]]، جرت العادة فيما بعد أن يتقلد كل سلطان جديد [[سيف]] [[عثمان الأول|عثمان الغازي الأول]] في هذا المسجد،<ref name="توحيد الأناضول">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 168 ISBN 9953-18-084-9</ref> ثم سافر بجنوده لفتح بلاد جديدة، فقصد بلاد موره، لكن لم ينتظر أميراها "دمتريوس" و"توماس"، أخوا [[قسطنطين الحادي عشر|قسطنطين]]، قدومه، بل أرسلا إليه يُخبرانه بقبولهما دفع [[جزية]] سنوية قدرها إثنا عشر ألف دوكا. فقبل السلطان ذلك، وغيّر وجهته قاصدًا [[الصرب|بلاد الصرب]]، فأتى "[[إيوان دي هونيدوارا|هونياد]]" الشجاع المجري، الملقب "بالفارس الأبيض"،<ref>White Knight (Clear waters rising: a mountain walk across Europe by Nicholas Crane, Viking, 1996, p. 320), White Knight of Wallachia [http://books.google.ro/books?id=xcp7OXQE0FMC&pg=PA53&lpg=PA53&dq=%22white+knight+of+wallachia%22&source=bl&ots=ZMFi3V9rqD&sig=GXAnsPJU_DiGNCTBeV2CczjtrhU#v=onepage&q=%22white%20knight%20of%20wallachia][http://www.r3.org/bookcase/de_commynes/decom_9.html] or White Knight of Hungary (Encyclopedia of the undead, p. 67, Career Press, 2006, Jihad in the West: Muslim conquests from the 7th to the 21st centuries By Paul Fregosi, p. 244., Prometheus Books, 1998 ) depending on sources</ref> وردّ عن الصرب مقدمة الجيوش العثمانية،<ref name=Britannica/> إلا أن الصرب لم يرغبوا في مساعدة [[المجر]] لهم لاختلاف [[مذهب]]هم، حيث كان المجر [[كاثوليكية|كاثوليكيين]] تابعين لبابا [[روما]]، والصرب [[أرثوذكسية|أرثوذكسيين]] لا يذعنون لسلطة [[البابا]] بل كانوا يفضلون تسلط المسلمين عليهم لما رأوه من عدم تعرضهم للدين مطلقًا. ولذلك أبرم أمير الصرب الصلح مع السلطان محمد الثاني على أن يدفع له سنويًا ثمانين ألف دوكا، وذلك في سنة [[1454]].<ref name="توحيد الأناضول"/> وفي السنة التالية أعاد السلطان الكرّة على الصرب من جديد، بجيش مؤلف من خمسين ألف مقاتل وثلاثمائة [[مدفع]]، ومر بجيوشه من جنوب تلك البلاد إلى شمالها بدون أن يلقى أقل معارضة حتى وصل مدينة [[بلغراد]] الواقعة على [[نهر الدانوب]] وحاصرها من جهة البر والنهر. وكان هونياد المجري دخل المدينة قبل إتمام الحصار عليها ودافع عنها دفاع الأبطال حتى يئس السلطان من فتحها ورفع عنها الحصار سنة [[1455]]. لكن وإن لم يتمكن العثمانيون من فتح عاصمة الصرب إلا أنهم أصابوا هونياد بجراح بليغة توفي بسببها بعد رفع الحصار عن المدينة بنحو عشرين يومًا. ولما علم السلطان بموته أرسل [[الصدر الأعظم]] "محمود باشا" لإتمام فتح بلاد الصرب فأتمّ فتحها من سنة [[1458]] إلى سنة [[1460]].<ref name="توحيد الأناضول"/> وفي هذه الأثناء تمّ فتح بلاد موره. ففي سنة [[1458]] فتح السلطان مدينة "كورنته" وما جاورها من بلاد [[اليونان]] حتى جرّد "طوماس باليولوج" أخا قسطنطين من جميع بلاده ولم يترك إقليم موره لأخيه دمتريوس إلا بشرط دفع الجزية. وبمجرّد ما رجع السلطان بجيوشه ثار طوماس وحارب [[أتراك|الأتراك]] وأخاه معاً، فاستنجد دمتريوس بالسلطان فرجع بجيش عرمرم ولم يعد حتى تمّ فتح إقليم موره سنة [[1460]] فهرب طوماس إلى [[إيطاليا]]، ونُفي دمتريوس في إحدى [[جزيرة|جزر]] [[أرخبيل|الأرخبيل]]. وفي ذلك الوقت فُتحت جزر تاسوس والبروس وغيرها من جزر [[بحر الروم]].<ref name="توحيد الأناضول"/><ref>السلطان محمد الفاتح، صفحة 140.</ref> === توحيد الأناضول === وبعد عودة السلطان من بلاد [[اليونان]] أبرم صلحًا مع إسكندر بك وترك له إقليما [[ألبانيا]] وإيبيروس، ثم حوّل أنظاره إلى [[آسيا الصغرى]] ليفتح ما بقي منها، فسار بجيشه دون أن يُعلم أحدًا بوجهته في أوائل سنة [[1461]]، فهاجم أولاً [[ميناء]] [[بلدة]] أماستريس، وكانت مركز [[تجارة]] أهالي [[جنوة]] النازلين بهذه الأصقاع.<ref name="توحيد الأناضول"/> ولكون سكانها تجّارًا يُحافظون على أموالهم ولا يهمهم [[دين]] أو [[جنسية]] متبوعهم ما دام غير متعرّض لأموالهم ولا أرواحهم، فتحوا أبواب المدينة ودخلها [[عثمانيون|العثمانيون]] بغير حرب. ثم أرسل إلى "اسفنديار" أمير مدينة [[سينوب]] يطلب منه تسليم بلده والخضوع له. ولأجل تعزيز هذا الطلب أرسل أحد قوّاده ومعه عدد عظيم من المراكب لحصار الميناء، فسلمها إليه الأمير وأقطعه السلطان أراض واسعة بأقليم "بيثينيا" مكافأة له على خضوعه. ثم قصد بنفسه مدينة [[طرابزون]] ودخلها دون مقاومة شديدة وقبض على الملك وأولاده وزوجته وأرسلهم إلى [[القسطنطينية]].<ref name="توحيد الأناضول"/> === محاربة أمير الفلاخ === [[ملف:Vlad Tepes 002.jpg|تصغير|الصورة الأشهر لأمير الفلاخ، [[فلاد الثالث المخوزق]]، على الرغم من أنها رُسمت بعد وفاته.<ref name=Florescu>{{cite book | title = Dracula: Prince of many faces | author = Florescu, Radu R. and McNally, Raymond T. | year = 1989 | publisher = Little, Brown and Company | isbn = 0-316-28656-7}}</ref><ref name=Ambras>Ibid., see caption next to black and white photograph of this painting that appears in the set of illustrations between pages 74 and 75.</ref>]] ما أن عاد السلطان إلى [[القسطنطينية]] حتى جهز [[جيش|جيشًا]] لمحاربة أمير الفلاخ المدعو "[[فلاد الثالث المخوزق|فلاد دراكول الثالث المخوزق]]"، لمعاقبته على ما ارتكبه من الفظائع مع أهالي بلاده والتعدّي على التجار العثمانيين النازلين بها. فلمّا قرب منها، أرسل إليه هذا الأمير وفدا يعرض على السلطان دفع [[جزية]] سنوية قدرها عشرة آلاف دوكا بشرط أن يُصادق على جميع الشروط الواردة بالمعاهدة التي أبرمت في سنة [[1393]] بين أمير الفلاخ آنذاك والسلطان [[بايزيد الأول]]، فقبل السلطان محمد الثاني هذا الاقتراح وعاد بجيوشه. ولم يقصد أمير الفلاخ بهذه المعاهدة إلا التمكن من الاتحاد مع ملك المجر "متياس كورفينوس" ومحاربة العثمانيين.<ref name=explore>[http://www.exploringromania.com/vlad-the-impaler-3.html exploringromania.com]</ref> فلمّا علم السلطان باتحادهما أرسل إليه مندوبين يسألانه عن الحقيقة، فقبض عليهما وقتلهما بوضعهما على عمود محدد من [[خشب|الخشب]]، الذي يُعرف بالخازوق.<ref name=nightattack>[http://en.wikipedia.org/wiki/The_Night_Attack The Night Attack]</ref> وأغار بعدها على بلاد [[بلغاريا]] التابعة [[الدولة العثمانية|للدولة العثمانية]] وعاث فيها فسادًا، ورجع بخمسة وعشرين ألف أسير، فأرسل إليه السلطان رسلاً يدعونه إلى الطاعة وإخلاء سبيل الأسرى، فلمّا مثل الرسل أمامه أمرهم برفع [[عمامة|عمائمهم]] لتعظيمه، وعند إبائهم طلبه لمخالفته لعوائدهم، أمر بأن تُسمّر عمائمهم على رؤسهم [[مسمار|بمسامير]] من حديد.<ref name="محاربة أمير الفلاخ">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 170 ISBN 9953-18-084-9</ref> [[ملف:AtaculdeNoapte.jpg|تصغير|لوحة "المعركة بالمشاعل"، المناوشة الليلية بين الجيش العثماني والفلاخي، بريشة "ثيودور آمان".]] فلمّا وصلت هذه الأخبار إلى السلطان محمد استشاط غضباً وسار على الفور بحوالي 60,000 جندي نظامي و 30,000 غير نظامي،<ref>مؤرخون آخرون، مثل مايكل دوغاس وإحسان حقي، يقولون بأن عدد الجنود العثمانيين وصل إلى 150,000 جندي، وآخرون يقولون أن العدد بلغ 250,000 جندي.</ref> فوصل بسرعة إلى مدينة "[[بوخارست]]"، عاصمة الأمير، بعد أن هزمه وفرّق جيوشه، لكنه لم يتمكن من القبض عليه لمجازاته على ما اقترفه بحق [[عثمانيون|العثمانيين]] و[[بلغار|البلغار]]، لهروبه والتجائه إلى [[ملك]] [[المجر]]، فنادى السلطان بعزله ونصب مكانه أخاه "راؤول" لثقته به بما أنه تربّى في [[حضانة]] السلطان منذ [[طفولة|نعومة أظفاره]]، وبذا ضُمّت بلاد الفلاخ إلى الدولة العثمانية. ويُقال أنه عند وصول السلطان محمد إلى ضواحي [[بوخارست]]، وجد حول المدينة غابة من الخوازيق التي عُلّقت عليها جثث الأسرى الذين أتى بهم أمير الفلاخ من بلاد [[بلغاريا]]، وقتلهم عن آخرهم بما فيهم [[طفل|الأطفال]] و[[امرأة|النساء]]، وكذلك الجنود العثمانيين الذين كان قد قبض عليهم إثر مناوشة ليلية، وكان عددهم جميعا عشرين ألفاً.<ref name="محاربة أمير الفلاخ"/><ref>[http://www.royalty.nu/Europe/Balkan/Dracula.html The Real Prince Dracula]</ref> === فتح البوسنة والعداء مع البندقية === [[ملف:Mehmed II ferman.jpg|تصغير|الفرمان الذي أرسله السلطان محمد الثاني إلى أهالي البوسنة الفرنسيسكان.]] في سنة [[1462]]، حارب السلطان بلاد [[البوسنة]] لامتناع أميرها "استيفان توماسفيتش" عن دفع الخراج،<ref>[http://www.ottomanonline.net/sultans/7.html Ottoman online net, Sultans: SULTAN MEHMED THE CONQUEROR (1432 - 1481)]</ref> وأسره بعد معركة هو وولده وأمر بقتلهما، فدانت له جميع [[البوسنة والهرسك|بلاد البشناق]]. وأرسل [[فرمان عثماني|فرمانا]] إلى الفرنسيسكان من سكان تلك البلاد يُطمئنهم بعدم تعرّض أي منهم للاضطهاد بسبب معتقداتهم الدينية، فقال:<ref>[http://www.croatianhistory.net/etf/ahd.html Croatia and Ottoman Empire, Ahdnama, Sultan Mehemt II<!-- Bot generated title -->]</ref><ref>[http://www.lightmillennium.org/2004_14th_issue/eihsanoglu_stevens.html Light Millennium: A Culture of Peaceful Coexistence: The Ottoman Turkish Example; by Prof. Dr. Ekmeleddin IHSANOGLU<!-- Bot generated title -->]</ref> <blockquote>'''"'''{{بسملة}}</blockquote> <blockquote>أنا السلطان محمد [[خان]] الفاتح،</blockquote> <blockquote>أعلن للعالم أجمع أن،</blockquote> <blockquote>أهل البوسنة الفرنسيسكان قد مُنحوا بموجب هذا [[فرمان عثماني|الفرمان]] السلطاني حماية جلالتي. ونحن نأمر بأن:</blockquote> <blockquote>لا يتعرض أحد لهؤلاء الناس ولا لكنائسهم وصلبهم ! وبأنهم سيعيشون بسلام في دولتي. وبأن أولئك الذين هجروا ديارهم منهم، سيحظون بالأمان والحرية. وسيُسمح لهم بالعودة إلى أديرتهم الواقعة ضمن حدود دولتنا العليّة.</blockquote> <blockquote>لا أحد من دولتنا سواء كان نبيلاً، [[وزير]]ا، رجل دين، أو من خدمنا سيتعرض لهم في شرفهم وفي أنفسهم !</blockquote> <blockquote>لا أحد سوف يهدد، أو يتعرض لهؤلاء الناس في أنفسهم، ممتلكاتهم، وكنائسهم !</blockquote> <blockquote>وسيحظى كل ما أحضروه معهم من متاع من بلادهم بنفس الحماية...</blockquote> <blockquote>وبإعلان هذا ال[[فرمان عثماني|فرمان]]، أقسم [[الله|بالله]] العظيم الذي خلق الأرض في ستة أيام ورفع السماء بلا عمد، وبسيدنا [[محمد]] عبده ورسوله، وجميع الأنبياء والصالحين أجمعين، بأنه؛ لن نسمح بأن يُخالف أي من أفراد رعيتنا أمر هذا [[فرمان عثماني|الفرمان]] !'''"''' </blockquote> وفي سنة [[1464]]، أراد "متياس كورفينوس" ملك [[المجر]] استخلاص البوسنة من العثمانيين، فهُزم بعد أن قُتل معظم جيشه، وكانت عاقبة تدخله أن جُعلت البوسنة ولاية كباقي ولايات الدولة، وسُلبت ما كان مُنح لها من الامتيازات،<ref name="محاربة أمير الفلاخ"/> ودخل في [[جيش]] [[إنكشارية|الإنكشارية]] ثلاثون ألفاً من شبانها و[[إسلام|أسلم]] أغلب أشراف أهاليها.<ref name="Imamovic">Imamović, Mustafa (1996). Historija Bošnjaka. Sarajevo: BZK Preporod. ISBN 9958-815-00-1</ref> هذا وكانت قد ابتدأت حركات العدوان في سنة [[1463]] بين العثمانيين والبنادقة بسبب هروب أحد [[عبودية|الرقيق]] إلى "كورون" التابعة للبندقية، وامتناعهم عن تسليمه بحجة أنه اعتنق [[مسيحية|المسيحية]] دينًا. فاتخذ العثمانيون ذلك سببًا للاستيلاء على مدينة [[آرغوس]] وغيرها.<ref name="العداء مع البنادقة"/> فاستنجد البنادقة بحكومتهم، فأرسلت إليهم عدداً من السفن محملة بالجنود، وأنزلتهم إلى بلاد موره، فثار سكانها وقاتلوا الجنود العثمانيين المحافظين على بلادهم وأقاموا ما كان قد تهدم من سور برزخ كورون لمنع وصول المدد من [[الدولة العثمانية]]، وحاصروا المدينة نفسها واستخلصوا مدينة آرغوس من [[أتراك|الأتراك]]. لكن لما علموا بقدوم السلطان مع جيش يبلغ عدده ثمانين ألف مقاتل، تركوا البرزخ راجعين على أعقابهم، فدخل العثمانيون بلاد موره بدون معارضة كبيرة واسترجعوا كل ما أخذوه وأرجعوا السكينة إلى البلاد. وفي السنة التالية أعاد البنادقة الكرّة على بلاد موره دون فائدة.<ref name="العداء مع البنادقة">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 171-172 ISBN 9953-18-084-9</ref> [[ملف:Gjergj Kastrioti.jpg|تصغير|رسم لاسكندر بك من متحف الأوفيزي، [[فلورنسا]].]] [[ملف:Skanderbeg woodcut.jpg|تصغير|250بك|يمين|حفر على خشب يُظهر معركة بين قوات اسكندر بك والسلطان محمد الفاتح.]] وبعد ذلك حاول البابا "بيوس الثاني" بكل ما أوتي من مهارة وقدرة سياسية تركيز جهوده في ناحيتين اثنتين: حاول أولاً أن يقنع الأتراك باعتناق الدين المسيحي، ولم يقم بإرسال [[تبشير|بعثات تبشيرية]] لذلك الغرض وانما اقتصر على إرسال خطاب إلى السلطان محمد الفاتح يطلب منه أن يعتنق المسيحية، كما اعتنقها قبله [[قسطنطين الأول]] وكلوفيس ووعده بأنه سيكفر عنه خطاياه إن هو اعتنق المسيحية مخلصًا، ووعده بمنحه بركته واحتضانه ومنحه صكًا بدخول [[الجنة]]. ولما فشل البابا في خطته هذه لجأ إلى الخطة الثانية، خطة التهديد والوعيد واستعمال القوة، فحاول تأجيج الحقد [[حملات صليبية|الصليبي]] في نفوس النصارى شعوبًا وملوكًا، قادة وجنودًا، واستعدت بعض الدول لتحقيق فكرة البابا الهادفة للقضاء على العثمانيين، ولكن لما حان وقت النفير اعتذرت دول [[أوروبا]] بسبب متاعبها الداخلية المختلفة.<ref>السلطان محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 141.</ref> وعالج [[موت|المنون]] البابا بعد هذا بفترة قصيرة، إلا أن تحريضاته كانت قد أثرت في إسكندر بك الألباني، فحارب الجنود العثمانيين وحصل بينهما عدّة وقائع أريقت فيها كثير من [[دم|الدماء]]، وكانت [[حرب|الحرب]] فيها سجالاً. وفي سنة [[1467]] توفي إسكندر بك بعد أن حارب الدولة العثمانية 25 سنة دون أن تتمكن من قمعه.<ref name="العداء مع البنادقة"/> ثمّ بعد هدنة استمرت سنة واحدة، عادت الحروب بين العثمانيين والبنادقة وكانت نتيجتها أن فتح العثمانيون [[جزيرة]] "نجر بونت"، وتُسمى في كتب [[ترك|الترك]] "أغريبوس"، وتُعرف حاليًا باسم "إيبويا"، وهي مركز مستعمرات البنادقة في جزر الروم، وتمّ فتحها في سنة [[1470]].<ref name="العداء مع البنادقة"/> === فتح إمارة قرمان ومحاربة المغول === بعد أن ساد الأمن في أنحاء [[أوروبا]]، حوّل السلطان أنظاره إلى [[إمارة قرمان|بلاد القرمان]] ب[[الأناضول|آسيا الصغرى]] ووجد سبيلا سهلا للتدخل، وهو أن أميرها المدعو "إبراهيم" أوصى بعد موته بالحكم إلى أحد أولاده واسمه الأمير إسحق، ولكونه كان لديه إخوة لأب أكبر منه سنا، يرغب كل منهم بالحكم بطبيعة الأمر، تدخل السلطان محمد الثاني وحارب إسحق وهزمه وولى محله أكبر إخوته، وعاد إلى أوروبا لمحاربة اسكندر بك، الذي كان ما زال على قيد الحياة آنذاك، فانتهز الأمير إسحق غياب السلطان وعاود الكرّة على [[قونية]]، عاصمة القرمان، لاسترداد ما أوصى به إليه أبوه من البلاد، فرجع إليه السلطان وقهره. وليستريح باله من هذه الجهة أيضا، ضمّ [[إمارة قرمان]] إلى بلاده وغضب على [[وزير]]ه "محمود باشا" الذي عارضه في هذا الأمر.<ref name="العداء مع البنادقة"/> وبعد ذلك بقليل زحف "أوزون حسن"، [[سلطان]] [[آق قويونلو|دولة الخروف الأبيض]] ([[لغة تركية عثمانية|بالتركية العثمانية]]: آق قوینلو؛ [[لغة تركية|بالتركية]]: Akkoyunlu)، وهو أحد خلفاء [[تيمورلنك]]، الذي كان سلطانه ممتدا على كافة البلاد والأقاليم الواقعة بين نهري [[جيحون]] و[[الفرات]]، وفتح مدينة "توقات" عنوة ونهب أهلها.<ref>[http://www.naqshbandi.org/ottomans/history/1453.htm Ottoman History: 1453-1511]</ref> فأخذ السلطان في تجهيز جيش جرّار وأرسل لأولاده "داوود باشا" بكلر بك الأناضول، و"مصطفى باشا" حاكم القرمان، يأمرهما بالمسير لمحاربة العدوّ، فسارا بجيوشهما إليه وقابلا جيش "أوزون حسن" على حدود إقليم الحميد، وهزماه شر هزيمة في معركة بالقرب من مدينة "[[إرزينجان]]" سنة [[1471]]. وبعدها، في أواخر صيف عام [[1473]]، سار إليه السلطان نفسه ومعه مائة ألف جندي وأجهز على ما بقي معه من الجنود بالقرب من مدينة "گنجه"،<ref>{{cite book | last = Babinger | first = Franz | authorlink = Franz Babinger | others = ed. by William C. Hickman, trans. by Ralph Manheim | title = Mehmed the Conqueror and his Time | series = Bollingen Series XCVI | publisher = Princeton University Press | date = 1978 | pages = 314–315 | isbn = 0691099006 }}</ref> ولم يعد "أوزون حسن" لمحاربة [[الدولة العثمانية]] بعد ذلك، إذ أن هذه المعركة كانت قد قضت على سلطة دولته، ولم يعد للعثمانيين من عدو لجهة الشرق، حتى بروز الشاه "[[إسماعيل الصفوي]]" و[[الدولة الصفوية]] في وقت لاحق.<ref>[http://www.uiai2005istanbul.org/uia2005istanbul.org_en/www.uia2005istanbul.org/engine3ffd.html?ID=190#2 History of Turkey; Turkish History in the Islamic Period]</ref> وفي هذه الأثناء كانت الحرب متقطعة بين العثمانيين والبنادقة الذين استعانوا [[بابا|ببابا]] [[روما]] وأمير [[نابولي]]، وكان النصر فيها دائماً للعثمانيين، ولم يتمكن البنادقة من استرجاع شيء مما أخذ منهم. === محاربة البغدان وإنهاء الصراع مع البنادقة === [[ملف:Vaslui Battle map-ar.svg|تصغير|خريطة لمعركة "فاسلوي" التي هُزم فيها الجيش العثماني.]] [[ملف:Stefan cel Mare.jpg|تصغير|القديس أسطفان الرابع الكبير.]] في سنة [[1475]] أراد السلطان فتح [[مولدوفا (إقليم)|بلاد البغدان]]، وهي المنطقة الشرقية من [[رومانيا]] المتاخمة لحدود [[روسيا]] والمعروفة أيضاً باسم "[[مولدوفا]]"، فأرسل إليها جيشاً بعد أن عرض دفع الجزية على أميرها المسمى "[[شتيفان الكبير|أسطفان الرابع]]" ولم يقبل. وقعت معركة عنيفة بين الطرفين بتاريخ [[10 يناير]] من نفس العام عُرفت بمعركة "فاسلوي"، كنية [[مدينة|بالمدينة]] القريبة من الموقع. وصل عدد الجنود العثمانيين إلى 120,000 جندي، بينما بلغ عدد الجنود البغدان 40,000 جندي، بالإضافة إلى بعض القوات المتحالفة الأصغر حجما وبعض [[مرتزقة|المرتزقة]].<ref>يذكر ''كورنيكا بولسكا'' أن عدد قوات البغدان وصل إلى 40,000 جندي؛ ويقول ''جينتس سيليسي أناليس'' أن عدد القوات العثمانية وصل إلى 120,000 جندي و"لم يكن هناك أكثر من" 40,000 جندي بغداني؛ وجاء في الرسالة التي بعثها أسطفان الرابع إلى الدول المسيحية، بتاريخ 25 يناير، 1475، أن الجيش العثماني وصل تعداد عناصره إلى 120,000 جندي؛ أنظر أيضا،''The Annals of Jan Długosz'', p. 588</ref> وبعد قتال عنيف قُتل فيه جنود كثر من الجيشين المتحاربين، انهزم الجيش العثماني وعاد دون فتح شيء من هذا الإقليم. ويذكر المؤرخون أن "أسطفان الرابع" قال أن هذه الهزيمة التي لحقت بالعثمانيين "هي أعظم هزيمة حققها [[صليب|الصليب]] على [[إسلام|الإسلام]]".<ref>''The Balkans: A History of Bulgaria, Serbia, Greece, Rumania, Turkey''</ref> وقالت الأميرة "مارا" التي كانت زوجةً للسلطان [[مراد الثاني]]، والد الفاتح، سابقاً، لمبعوث بندقي أن هذه الهزيمة هي أفظع الهزائم التي تعرّض لها العثمانيون في التاريخ.<ref name = "p. 133">''Istoria lui Ştefan cel Mare'', p. 133''</ref> وبذلك اشتهر "أسطفان الرابع" أمير البغدان بمقاومة العثمانيين، فخلع عليه البابا "[[سيكستوس الرابع]]" لقب "بطل [[مسيح|المسيح]]" {{لات|Athleta Christi}} و"الحامي الحقيقي للديانة المسيحية" {{لات|Verus christiane fidei aletha}}.<ref>''Saint Stephen the Great in his contemporary Europe (Respublica Christiana)'', p. 141</ref> ولما بلغ خبر هذه الهزيمة [[أذن|آذان]] السلطان عزم على فتح [[القرم (شبه جزيرة)|بلاد القرم]] حتى يستعين بفرسانها المشهورين في القتال على محاربة البغدان.<ref>[http://www.hansaray.org.ua/e_ist_bgcs.html Crimean Khans were appointed]</ref> وكان لجمهورية [[جنوة]] مستعمرة في [[شبه جزيرة القرم]]، هي مدينة "[[فيودوسيا|كافا]]<!--فيودوسيا هي نفسها ميناء ومدينة كاكا التابعة للقرم-->"، فأرسل السلطان إليها أسطولا بحريّا، ففتحها بعد حصار ستة أيام، وبعدها سقطت جميع الأماكن التابعة لجمهورية جنوة. وبذلك صارت جميع شواطئ [[القرم]] تابعة للدولة العثمانية ولم يُقاومها [[تتار|التتار]] النازلون بها، ولذلك اكتفى السلطان بفرض الجزية عليها.وبعد ذلك فتح الأسطول العثماني [[ميناء]] [[آق كرمان]] ومنها أقلعت السفن الحربية إلى مصاب [[نهر الدانوب]] لإعادة الكرّة على بلاد البغدان، بينما كان السلطان يجتاز نهر الدانوب من جهة البر بجيش عظيم، فتقهقر أمامه جيش البغدان، على الرغم من صدّه لعدّة هجمات عثمانية بنيرانه،<ref>Akademia, ''[http://www.akademia.ro/articole.php?view=26 Rolul distinctiv al artileriei în marile oşti moldoveneşti] (The special role of artillery in the larger Moldavian armies)'', April 2000</ref> لعدم إمكانية المحاربة في [[سهل|السهول]]، وتبعه الجيش العثماني حتى إذا أوغل خلفه في [[غابة]] كثيفة يجهل مفاوزها، انقض عليه الجيش البغداني، فاشتبك مع قوات [[إنكشارية|الإنكشارية]] التي هزمته شر هزيمة، في معركة أطلق عليها اسم {{وإو|لغ=en|تر=Battle of Valea Albă|عر=معركة الوادي الأبيض}} فانسحب "[[شتيفان الكبير|أسطفان الرابع]]" إلى أقصى شمال غربي بلاده، والبعض يقول أنه لجأ إلى [[بولندة|المملكة البولندية]]، حيث أخذ يجمع جيشا جديدا.<ref name="jn">[[Jurnalul Naţional]], ''[http://old.jurnalul.ro/articol.php?id=2790 Calendar 26 iulie 2005.Moment istoric] (Anniversaries on July 26 2005.A historical moment)''</ref> ولم يستطع السلطان محمد فتح الحصون الرئيسية البغدانية بسبب المناوشات الصغيرة المستمرة التي تعرض لها الجيش العثماني من قبل الجنود البغدان، ولانتشار [[مجاعة|المجاعة]] ثم [[طاعون|الطاعون]] بين أفراد الجيش، مما اضطر السلطان لأن يسحب قواته ويعود إلى [[القسطنطينية]] دون فتح البلاد.<ref name="ir">M. Barbulescu, D. Deletant, K. Hitchins, S. Papacostea, P. Teodor, ''Istoria României (History of Romania)'', Ed. Corint, Bucharest, 2002, ISBN 973-653-215-1, p. 157</ref> وفي سنة [[1477]] أغار السلطان على بلاد البنادقة ووصل إلى إقليم "[[فريولي]]" بعد أن مرّ بإقليميّ "[[كرواتيا]]" و"[[دالماسيا]]"، فخاف البنادقة على مدينتهم الأصلية وأبرموا الصلح معه تاركين له مدينة "كرويا"، التي كانت عاصمة "اسكندر بك" الشهير، فاحتلها السلطان ثم طلب منهم مدينة "إشقودره"، ولمّا رفضوا التنازل عنها إليه حاصرها وأطلق عليها [[مدفع|مدافعه]] ستة أسابيع متوالية بدون أن يُضعف قوّة سكانها وشجاعتهم،<ref name="إنهاء الصراع مع البنادقة">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 174-175 ISBN 9953-18-084-9</ref> فتركها لفرصة أخرى وفتح ما كان حولها للبنادقة من البلاد والقلاع حتى صارت مدينة "إشقودره" منفصلة كليّا عن باقي بلاد البنادقة، وكان لا بد من فتحها بعد قليل لعدم إمكان وصول المدد إليها، ولذا فضّل البنادقة أن يبرموا صلحاً جديداً مع السلطان ويتنازلوا عن "إشقودره" مقابل بعض الامتيازات التجارية.<ref name="إنهاء الصراع مع البنادقة"/> وتمّ الصلح بين الفريقين على ذلك وأمضيت به بينهما معاهدة في يوم [[28 يناير]] سنة [[1479]]م، الموافق [[5 ذو القعدة]] سنة [[883هـ]]، وكانت هذه أول خطوة خطتها [[الدولة العثمانية]] للتدخل في شؤون [[أوروبا]]، إذ كانت [[جمهورية]] [[البندقية]] حينذاك أهم دول أوروبا لا سيما في التجارة البحرية، وما كان يُعادلها في ذلك إلا جمهورية [[جنوة]]. === فتح جزر اليونان ومدينة أوترانت وحصار رودوس === [[ملف:Bombard-MortarOfTheKnightsOfSaintJohnOfJerusalemRhodes1480-1500.jpg|تصغير|يمين|[[هاون|مدفع هاون]] استخدمه فرسان القديس يوحنا الأورشليمي في قتال العثمانيين.]] بعد أن تم الصلح مع البنادقة، وُجهت الجيوش إلى بلاد [[المجر]] لفتح إقليم [[ترانسلفانيا]]، فقهرها "كينيس" [[كونت]] مدينة "تمسوار" بالقرب من مدينة "كرلسبرغ" في [[13 أكتوبر]] سنة [[1476]]، وقُتل في هذه الموقعة كثير من العثمانيين وارتكب المجر فظائع وحشية بعد الانتصار، فقتلوا جميع الأسرى ونصبوا موائدهم على جثثهم.<ref name="جزر اليونان">تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 175-176 ISBN 9953-18-084-9</ref> وفي سنة [[1480]] فُتحت جزر [[اليونان]] الواقعة بين بلاد اليونان و[[إيطاليا]]، وبعدها سار [[أمير البحر]] {{وإو|لغ=en|تر=Gedik Ahmed Pasha|عر=كدك أحمد باشا}} بمراكبه لفتح مدينة [[أوترانت]] ب[[جنوب إيطاليا]]، التي كان عزم السلطان على فتحها جميعها. ويُقال أنه أقسم بأن يربط [[حصان]]ه في [[كنيسة القديس بطرس]] بمدينة [[روما]]، مقر [[البابا]]، ففُتحت أوترانت عنوة في يوم [[11 أغسطس]] سنة [[1480]]م، الموافق [[4 جمادى الثانية]] سنة [[885هـ]].<ref name="جزر اليونان"/> وفي هذا الحين كان قد أرسل أسطولاً بحرياً آخر لفتح [[جزيرة]] [[رودوس]]، التي كانت مركز [[رهبنة]] القديس "يوحنا الأورشليمي"، وكان رئيسها آنذاك "بيير دو بوسون" [[فرنسيون|الفرنسي]] الأصل، وكانت الحرب قائمة بينه وبين سلطان [[مصر]] و[[باي تونس]]، فاجتهد في إبرام الصلح معهما ليتفرغ لصدّ هجمات الجيوش العثمانية.<ref name="جزر اليونان"/> وكانت هذه الجزيرة محصنة تحصيناً منيعاً، وابتدأ العثمانيون حصارها في يوم [[23 مايو]] سنة [[1480]]م، الموافق [[13 ربيع الأول]] سنة [[885هـ]]، وظلّت [[مدفع|المدافع]] تقذف عليها [[قنبلة|القنابل]] [[حجر|الحجرية]] تهدّم أسوارها، لكن كان يُصلح سكانها في [[ليل|الليل]] كل ما تخربه المدافع في [[نهار|النهار]]، ولذلك استمر حصارها ثلاثة أشهر حاول العثمانيون خلالها الاستيلاء على أهم قلاعها، واسمها قلعة القديس نيقولا، بدون جدوى.<ref name="جزر اليونان"/> وفي يوم [[28 يوليو]] سنة [[1480]]م، الموافق [[20 جمادى الأولى]] سنة [[885هـ]]، أمر [[جنرال|القائد العام]] بالهجوم على [[قلعة|القلعة]] ودخولها من الفتحة التي فتحتها المدافع في أسوارها، فهجمت عليها الجيوش وقاوم المدافعون بكل بسالة وإقدام. وبعد أخد وردّ، تقهقر [[عثمانيون|العثمانيون]] بعد أن قُتل وجُرح منهم كثيرون، ورفع الباقون عنها الحصار.<ref name="جزر اليونان"/> == ترتيبات السلطان الداخلية == === اهتمامه بالمدارس والمعاهد === [[ملف:Fatih II. Mehmet.jpg|تصغير|الصورة "الرسميّة" للسلطان محمد الفاتح، الموضوعة ضمن صور قائمة السلاطين العثمانيين، والتي غالبا ما توضع في الكتب التي تتحدث عنه.]] كان السلطان محباً [[علم|للعلم]] و[[عالم|العلماء]]، لذلك اهتم ببناء [[مدرسة|المدارس]] و[[معهد|المعاهد]] في جميع أرجاء دولته، وفاق أجداده في هذا المضمار، وبذل جهوداً كبيرة في نشر العلم وإنشاء دور التعليم، وأدخل بعض الإصلاحات في نظام التعليم وأشرف على تهذيب المناهج وتطويرها، وحرص على نشر المدارس والمعاهد في كافة المدن والقرى وأوقف عليها الأوقاف العظيمة. وقام بتنظيم هذه المدارس وترتيبها على درجات ومراحل، ووضع لها المناهج، وحدد [[علوم|العلوم]] والمواد التي تُدرّس في كل مرحلة، ووضع لها نظام الامتحانات الدقيقة للانتقال للمرحلة التي تليها، وكان ربما يحضر امتحانات الطلبة ويزور المدارس ولا يأنف من سماع الدروس التي يلقيها الأساتذة، ولا يبخل بالعطاء للنابغين من الأساتذة والطلبة، وجعل التعليم في كافة مدارس الدولة بالمجان، وكانت المواد التي تدرس في تلك المدارس: [[تفسير|التفسير]] و[[حديث نبوي|الحديث]] و[[فقه إسلامي|الفقه]] و[[أدب|الأدب]] و[[بلاغة|البلاغة]] وعلوم اللغة و[[هندسة|الهندسة]]، وأنشأ بجانب مسجده الذي بناه [[القسطنطينية|بالقسطنطينية]] ثمان مدارس على كل جانب من جوانب المسجد يتوسطها صحن فسيح، وفيها يقضي الطالب المرحلة الأخيرة من دراسته، وألحقت بهذه المدارس مساكن الطلبة ينامون فيها ويأكلون طعامهم ووضعت لهم منحة مالية شهرية، وأنشأ بجانبها [[مكتبة]] خاصة وكان يُشترط في الرجل الذي يتولى أمانة هذه المكتبة أن يكون من أهل العلم والتقوى متبحراً في أسماء الكتب والمؤلفين، وكانت مناهج المدارس تتضمن نظام التخصص، فكان للعلوم النقلية والنظرية قسم خاص وللعلوم التطبيقية قسم خاص أيضاً. === اهتمامه بالعلماء === قرّب العلماء ورفع قدرهم وشجعهم على العمل والإنتاج وبذل لهم الأموال ووسع لهم في العطايا والمنح والهدايا وكرّمهم غاية الإكرام، ولما هزم "أوزون حسن"، أمر السلطان بقتل جميع الأسرى إلا من كان من العلماء وأصحاب المعارف ليستفاد منهم. كان من مكانة الشيخ "[[أحمد الكوراني]]" أنه كان يخاطب السلطان باسمه ولا ينحني له، ولا يقبل يده بل يصافحه مصافحة، وكان لا يأتي إلى السلطان إلا إذا أرسل إليه، وكان يقول له: "مطعمك حرام وملبسك حرام فعليك بالاحتياط". وكذلك بالنسبة للشيخ "[[آق شمس الدين]]" الذي درّس السلطان محمد الفاتح العلوم الأساسية في ذلك الزمن وهي [[القرآن الكريم]] و[[السنة النبوية]] و[[فقه|الفقه]] والعلوم الإسلامية و[[اللغات]] [[لغة عربية|العربية]]، و[[لغة فارسية|الفارسية]] و[[لغة تركية|التركية]] وكذلك في مجال العلوم العلمية من [[رياضيات|الرياضيات]] و[[الفلك]] و[[تاريخ|التاريخ]] و[[حرب|الحرب]]، وكان الشيخ آق ضمن العلماء الذين أشرفوا على السلطان محمد عندما تولى إمارة "[[أماسيا]]" ليتدرب على إدارة الولاية، وأصول الحكم. واستطاع الشيخ آق شمس الدين أن يقنع الأمير الصغير بأنه المقصود بالحديث النبوي: "لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش".<ref>رواه [[البخاري]] في التاريخ الكبير عن بشر الغنوي، 2/81.</ref> وكان الشيخ آق شمس الدين أول من ألقى خطبة الجمعة في مسجد [[آيا صوفيا]].<ref>العثمانيون في التاريخ والحضارة، صفحة 374.</ref> وكان السلطان محمد الفاتح يحب شيخه شمس الدين حباً عظيماً، وكانت له مكانة كبيرة في نفسه وقد بين السلطان لمن حوله -بعد الفتح-: "إنكم ترونني فرحاً، فرحي ليس فقط لفتح هذه القلعة إن فرحي يتمثل في وجود شيخ عزيز الجانب، في عهدي، هو مؤدبي الشيخ [[آق شمس الدين]]". وعبّر السلطان عن مهابته لشيخه في حديث له مع وزيره "محمود باشا"، حيث قال: "إن احترامي للشيخ [[آق شمس الدين]]، احترام غير اختياري. إنني أشعر وأنا بجانبه بالانفعال والرهبة".<ref>العثمانيون في التاريخ والحضارة، صفحة 375.</ref> === اهتمامه بالشعراء والأدباء === [[ملف:Sarayi Album 10a.jpg|تصغير|رسم للسلطان محمد الفاتح وهو يشم [[رائحة]] [[زهرة]]، من كتاب رسومات السلاطين من قصر [[الباب العالي]].]] كان [[شاعر|شاعراً]] مجيداً مهتماً [[أدب|بالأدب]] عامة وال[[شعر (أدب)|شعر]] خاصة، وكان يصاحب الشعراء ويصطفيهم،<ref>[http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout&cid=1184649787421 إسلام أون لاين نت، محمد الفاتح رجل الدولة وراعي الحضارة.]</ref> واستوزر الكثير منهم، وكان في بلاطه ثلاثون شاعراً يتناول كل منهم راتباً شهرياً قدره ألف [[درهم]]، وكان مع هذا ينكر على الشعراء التبذل والمجون و[[دعارة|الدعارة]] ويعاقب من يخرج عن الآداب [[سجن|بالسجن]] أو يطرده من بلاده. وكان الفاتح يكتب أشعاره باسم "عوني"، ويُعدّ أوّل شاعر سلطاني اتخذ لنفسه اسمًا مستعارًا. وللفاتح ديوان [[لغة تركية عثمانية|باللغة التركية]] معظمه في [[غزل (شعر)|الغزل]].<ref name="الرشيدي 1989 صفحة 260">{{cite book |title=محمد الفاتح |last=الرشيدي|first=سالم |authorlink= |coauthors= |year=[[1989]]|publisher=مكتبة الإرشاد، ط 3 |location=[[جدة]] - [[السعودية]] ||pages= صفحة 260}}</ref> === اهتمامه بالترجمة === أتقن [[لغة يونانية|اللغة اليونانية]] وست لغات أخرى عندما كان بلغ من العمر 21 عاماً، أي في السنة التي فتح فيها [[القسطنطينية]]،<ref name="Norwich 1995 413–416"/><ref name="Runciman 1965 56"/> وأمر بنقل كثير من الآثار المكتوبة باليونانية و[[لغة لاتينية|اللاتينية]] و[[لغة عربية|العربية]] و[[لغة فارسية|الفارسية]] إلى [[اللغة التركية]]، ونقل إلى التركية كتاب التصريف في الطب [[الزهراوي|للزهراوي]]، وعندما وجد كتاب [[بطليموس]] في [[الجغرافيا]] وخريطة له طلب من العالم الرومي "جورج أميروتزوس" وابنه أن يقوما بترجمته إلى العربية وإعادة رسم الخريطة باللغتين العربية واليونانية وكافأهما على هذا العمل بعطايا واسعة، وقام العلامة [[القوشجي]] بتأليف كتاب بالفارسية ونقله للعربية وأهداه للفاتح. كما كان مهتماً باللغة العربية فقد طلب من المدرسين بالمدارس الثماني أن يجمعوا بين الكتب الستة في تدريسهم وبين [[علم اللغة]] كالصحاح.. ودعم الفاتح حركة [[ترجمة|الترجمة]] والتأليف لنشر المعارف بين رعاياه بالإكثار من نشر المكاتب العامة وأنشأ له في قصره خزانة خاصة احتوت على غرائب الكتب والعلوم، وكان بها اثنا عشر ألف [[مجلد]] عندما احترقت. === اهتمامه بالعمران والبناء والمستشفيات === [[ملف:FatihMosque.jpg|تصغير|مسجد السلطان محمد الفاتح.]] [[ملف:Aya sofya.jpg|تصغير|[[آيا صوفيا]]، المآذن الأربعة تم بنائها بعد فتح القسطنطينية وتحويل [[كنيسة|الكنيسة]] إلى [[مسجد]].]] كان السلطان محمد الفاتح مغرماً ببناء [[معهد|المعاهد]] و[[قصر|القصور]] و[[مستشفى|المستشفيات]] والخانات و[[حمام عام|الحمامات]] و[[سوق|الأسواق]] الكبيرة و[[حديقة عامة|الحدائق العامة]]،<ref name="وفاة السلطان محمد الفاتح">[http://www.islammemo.cc/zakera/methl-haza-elyawm/2009/02/28/77934.html مفكرة الإسلام: وفاة السلطان محمد الفاتح، ربيع الأول 886 هـ ـ 3 مايو 1481م]</ref> وأدخل المياه إلى المدينة بواسطة قناطر خاصة. شجع الوزراء وكبار رجال الدولة والأغنياء والأعيان على تشييد المباني وإنشاء الدكاكين والحمامات وغيرها من المباني التي تعطي المدن بهاء ورونقاً، واهتم بالعاصمة "إسلامبول" اهتماماً خاصاً، وكان حريصاً على أن يجعلها "أجمل عواصم العالم" و"حاضرة العلوم والفنون". كثر العمران في عهد الفاتح وانتشر، واهتم بدور الشفاء، ووضع لها نظاماً مثالياً في غاية الروعة والدقة والجمال، فقد كان يعهد بكل دار من هذه الدور إلى [[طبيب]] – ثم زيد إلى اثنين – من حذاق الأطباء من أي جنس كان، يعاونهما كحال و[[جراح]] و[[صيدلي]] وجماعة من الخدم والبوابين، وكان يُشترط في جميع المشتغلين بالمستشفى أن يكونوا من ذوي القناعة والشفقة والإنسانية، ووجب على الأطباء أن يعودوا المرضى مرتين في اليوم، وأن لاتصرف الأدوية للمرضى إلا بعد التدقيق من إعدادها، وكان يشترط في [[طباخ]] المستشفى أن يكون عارفاً بطهي الأطعمة والأصناف التي توافق المرضى منها، وكان العلاج و[[دواء|الأدوية]] في هذه المستشفيات بالمجان ويغشاها جميع الناس بدون تمييز بين أجناسهم وأديانهم. ولعلّ أبرز أثار السلطان العمرانية هو قصر [[الباب العالي]] الذي أمر بالبدء ببنائه قرابة عقد الستينات من [[القرن الخامس عشر]]، إضافة إلى مسجده الذي حمل اسمه، و[[آيا صوفيا]] بطبيعة الحال التي أمر بتحويلها من كنيسة إلى مسجد. === الاهتمام بالتجارة والصناعة === اهتم السلطان محمد الفاتح [[تجارة|بالتجارة]] [[صناعة|الصناعة]] وعمل على إنعاشهما بجميع الوسائل والعوامل والأسباب.<ref name="وفاة السلطان محمد الفاتح"/> وكان [[عثمانيون|العثمانيون]] على دراية واسعة بالأسواق العالمية، وبالطرق البحرية والبرية وطوروا الطرق القديمة، وأنشؤوا [[جسر|الجسور]] الجديدة مما سهل حركة التجارة في جميع أجزاء الدولة، واضطرت الدول الأجنبية لمسايسة الدولة العثمانية ليمارس رعاياها حرفة التجارة في الموانئ المهمة العديدة في ظل الراية العثمانية. كان من أثر السياسة العامة للدولة في مجال التجارة والصناعة أن عم الرخاء وساد اليسر والرفاهية في جميع أرجاء الدولة، وأصبحت للدولة عملتها الذهبية المتميزة، ولم تهمل الدولة إنشاء دور الصناعة ومصانع [[ذخيرة|الذخيرة]] و[[سلاح|الأسلحة]]، وأقامت [[قلعة|القلاع]] و[[حصن|الحصون]] في المواقع ذات الأهمية العسكرية في البلاد. === الاهتمام بالتنظيمات الإدارية === عمل السلطان محمد الفاتح على تطوير دولته؛ ولذلك قنن قوانين حتى يستطيع أن ينظم شؤون الإدارة المحلية في دولته، وكانت تلك القوانين مستمدة من [[الشريعة الإسلامية]]. وضع السلطان الفاتح أنظمة جديدة سار عليها من جاء بعده، فأطلق على الحكومة العثمانية اسم "[[الباب العالي]]" وجعل لها أربعة أركان، هم [[الصدر الأعظم]] وقاضي العسكر والدفتردار والنيشانجي.<ref>{{cite book |title=تاريخ صولاق زادة |last=زادة|first=صولاق |authorlink= |coauthors= |year=[[1297هـ]]|publisher= |location=[[إسطنبول]] - [[تركيا]] ||pages= صفحة 268 - 269}}</ref> شكل السلطان محمد لجنة من خيار العلماء لتشرف على وضع "قانون نامه" المستمد من الشريعة المذكورة وجعله أساساً لحكم دولته، وكان هذا القانون مكوناً من ثلاثة أبواب، يتعلق بمناصب الموظفين وببعض التقاليد وما يجب أن يتخذ من التشريفات والاحتفالات السلطانية وهو يقرر كذلك العقوبات والغرامات، ونص صراحة على جعل الدولة حكومة إسلامية قائمة على تفوق العنصر الإسلامي أياً كان أصله وجنسه، وقد استمرت المبادئ الأساسية لهذا القانون سارية المفعول في الدولة العثمانية حتى عام [[1839]]م، الموافق لعام [[1255هـ]].<ref>{{cite book |title=تاريخ الدولة العثمانية، الجزء الأول |last=أوزتونا|first=يلماز، تعريب عدنان محمود سليمان |authorlink= |coauthors= |year=[[1988]]|publisher=منشورات مؤسسة فيصل للتموين |location=[[إسطنبول]] - [[تركيا]] ||pages= صفحة 180}}</ref> اهتم محمد الفاتح بوضع القوانين التي تنظم علاقة السكان من غير المسلمين بالدولة ومع جيرانهم من المسلمين، ومع الدولة التي تحكمهم وترعاهم، وأشاع العدل بين رعيته، وجدّ في ملاحقة اللصوص وقطاع الطرق، وأجرى عليهم أحكام الإسلام، فاستتب الأمن وسادت الطمأنينة في ربوع [[الدولة العثمانية]]. وعندما كانت الدولة تعلن [[جهاد|الجهاد]] وتدعوا أمراء [[ولاية|الولايات]] وأمراء الألوية، كان عليهم أن يلبوا الدعوة ويشتركوا في الحرب بفرسان يجهزونهم تجهيزاً تاماً، وذلك حسب نسب مبينة، فكانوا يجهزون فارساً كامل السلاح قادراً على القتال عن كل خمسة آلاف آقجه من إيراد اقطاعه، فإذا كان إيراد إقطاعه خمسمائة ألف آقجة مثلاً كان عليه أن يشترك بمائة فارس، وكان جنود الإيالات مؤلفة من مشاة وفرسان، وكان المشاة تحت قيادة وإدارة [[باشا|باشوات]] الإيالات وبكوات الألوية. قام محمد الفاتح بحركة تطهير واسعة لكل الموظفين القدماء غير الأكفاء وجعل مكانهم الأكفاء، واتخذ الكفائة وحدها أساساً في اختيار رجاله ومعاونيه وولاته. === اهتمامه بالجيش والبحرية === [[ملف:Istanbul.Topkapi082.jpg|تصغير|سيف السلطان محمد الفاتح في قصر [[الباب العالي]].]] [[ملف:Yenieri-aturkishjanissary-gentilebellini.jpg|تصغير|يمين|رسم لجندي من [[إنكشارية|الإنكشارية]] في [[القرن الخامس عشر]]، بريشة "جنتيلي بلليني".]] تميز عصر السلطان محمد الفاتح بجانب قوة الجيش البشرية وتفوقه العددي، بإنشاءات عسكرية عديدة متنوعة،<ref name="وفاة السلطان محمد الفاتح"/> فأقام دور الصناعة العسكرية لسد احتياجات الجيش من [[ملابس|الملابس]] والسروج و[[درع|الدروع]] ومصانع [[ذخيرة|الذخيرة]] و[[سلاح|الأسلحة]]، وأقام القلاع والحصون في المواقع ذات الأهمية العسكرية، وكانت هناك تشكيلات متنوعة في تمام الدقة وحسن التنظيم من فرسان ومشاة ومدفعية وفرق مساعدة، تمد القوات المحاربة بما تحتاجه من [[وقود]] و[[غذاء]] و[[علف]] لل[[حيوان]] وإعداد صناديق الذخيرة حتى ميدان القتال. كان هناك صنف من الجنود يسمى، "لغمجية" وظيفته الحفر [[لغم|للألغام]] وحفر الأنفاق تحت الأرض أثناء محاصرة القلعة المراد الاستيلاء عليها وكذلك السقاؤون كان عليهم تزويد الجنود بالماء. تطورت الجامعة العسكرية في زمن الفاتح وأصبحت تخرج الدفعات المتتالية من [[هندسة|المهندسين]] و[[طب|الأطباء]] و[[طب بيطري|البيطريين]] و[[علم البيئة|علماء الطبيعيات]] والمساحات، وكانت تمد الجيش بالفنيين المختصصين. استحق معه أن يعده المؤرخون مؤسس الأسطول البحري العثماني، ولقد استفاد من الدول التي وصلت إلى مستوى رفيع في صناعة الأساطيل مثل الجمهوريات الإيطالية وبخاصة [[البندقية]] و[[جنوة]]، أقوى الدول البحرية في ذلك الوقت. === اهتمامه بالعدل === إن إقامة العدل بين الناس كان من واجبات السلاطين العثمانيين، وكان السلطان محمد شأنه في ذلك شأن من سلف من آبائه – شديد الحرص على إجراء العدالة في أجزاء دولته، ولكي يتأكد من هذا الأمر كان يرسل بين الحين والحين إلى بعض [[قس|رجال الدين من النصارى]] بالتجوال والتطواف في أنحاء الدولة، ويمنحهم مرسوماً مكتوباً يبين مهمتهم وسلطتهم المطلقة في التنقيب والتحري والاستقصاء لكي يطلعوا كيف تساس أمور الدولة وكيف يجري ميزان العدل بين الناس في [[محكمة|المحاكم]]، وقد أعطى هؤلاء المبعوثون الحرية الكاملة في النقد وتسجيل ما يرون ثم يرفعون ذلك كله إلى السلطان. كانت تقرير هؤلاء المبعوثين المسيحيين تشيد دائماً بحسن سير المحاكم وإجراء العدل بالحق والدقة بين الناس بدون محاباة أو تمييز، وكان السلطان الفاتح عند خروجه إلى الغزوات يتوقف في بعض الأقاليم وينصب خيامه ليجلس بنفسه للمظالم ويرفع إليه من شاء من الناس شكواه ومظلمته. اعتنى الفاتح بوجه خاص [[قاضي|برجال القضاء]] الذين يتولون الحكم والفصل في أمور الناس، فلا يكفي في هؤلاء أن يكونوا من المتضلعين في الفقه والشريعة والاتصاف بالنزاهة والاستقامة وحسب بل لا بد إلى جانب ذلك أن يكونوا موضع محبة وتقدير بين الناس، وأن تتكفل الدولة بحوائجهم المادية حتى تسد طرق الإغراء والرشوة، فوسع لهم الفاتح في عيشهم كل التوسعة، وأحاط منصبهم بحالة مهيبة من الحرمة والقداسة والحماية. أما القاضي [[رشوة|المرتشي]] فلم يكن له عند الفاتح من جزاء غير [[قتل|القتل]].<ref>{{cite book |title=محمد الفاتح |last=الرشيدي|first=سالم |authorlink= |coauthors= |year=[[1989]]|publisher=مكتبة الإرشاد، ط 3 |location=[[جدة]] - [[السعودية]] ||pages= صفحة 409}}</ref> كان السلطان الفاتح - برغم اشتغاله بالجهاد والغزوات - إلا أنه كان يتتبع كل ما يجري في أرجاء دولته بيقظة واهتمام، وأعانه على ذلك ما حباه الله من ذكاء قوي وبصيرة نفاذة وذاكرة حافظة وجسم قوي، وكان كثيراً ما ينزل بالليل إلى الطرقات والدروب ليتعرف على أحوال الناس بنفسه ويستمع إلى شكاواتهم بنفسه، كما ساعده على معرفة أحوال الناس جهاز أمن الدولة الذي كان يجمع المعلومات والأخبار التي لها علاقة بالسلطنة وترفع إلى السلطان الذي كان يحرص على دوام المباشرة لأحوال الرعية، وتفقد أمورها والتماس الإحاطة بجوانب الخلل في أفرادها وجماعاتها. == زوجاته وأولاده == [[زواج|تزوج]] السلطان محمد الفاتح بعدد من النساء، كانت أولهن والدة ولي العهد، "أمينة گلبهار" أي "أمينة وردة الربيع"، وهي من [[الروم الأرثوذكس]]،<ref name = Lowry/> نبيلة الجذور من قرية "دوفيرا" في [[طرابزون]]،<ref name = Lowry/> توفيت عام [[1492]]، وهي والدة السلطان [[بايزيد الثاني]]. كذلك اتخذ السلطان زوجة من كل من "السلطانة گيفر"؛ "غولشان خاتون"؛ "ستّي مكرم خاتون"؛ "خاتون شيشك"؛ "هيلانة خاتون"، ابنة أحد الملوك الروم المتوفاة عام [[1481]]، و"حنة خاتون" ابنة إمبراطور طرابزون، التي تزوجها السلطان لفترة قصيرة؛ و"خاتون أليكسياس"، إحدى الأميرات البيزنطيات. وكان للسلطان ابن أخر هو "[[جم سلطان|جم]]" المعروف بالغرب باسم "زيزيم"، والذي توفي سنة [[1495]]. == وفاته وذكراه == [[ملف:Istanbul.Bosphorus014.jpg|تصغير|يمين|جسر السلطان محمد الفاتح.]] [[ملف:توسع محمد الفاتح.gif|تصغير|توسّع الدولة العثمانية في أيام السلطان محمد الفاتح، من عام [[1451]] حتى عام [[1481]].]] قاد السلطان حملة لم يحدد وجهتها، لأنه كان شديد الحرص على عدم كشف مخططاته العسكرية حتى لأقرب وأعز قواده. وقد قال في هذا الصدد عندما سئل مرة: "لو عرفته شعرة من لحيتي لقلعتها"،<ref name="الرشيدي 1989 صفحة 260"/> لكن المؤرخون يخمنون بأنها كانت إلى [[إيطاليا]]. عرض أهل [[البندقية]] على طبيبه الخاص "[[يعقوب باشا]]" أن يقوم هو [[اغتيال|باغتياله]]، ولم يكن يعقوب مسلما عند الولادة فقد ولد بإيطاليا، وقد ادعى الهداية، وأسلم. بدأ يعقوب يدس السم تدريجيا للسلطان، ولكن عندما علم بأمر الحملة زاد جرعة [[سم|السم]]. وتوفى السلطان في يوم [[3 مايو]] عام [[1481]]م، الموافق [[4 ربيع الأول]] سنة [[886هـ]] عن ثلاث وخمسين سنة،<ref name="وفاة السلطان محمد الفاتح"/> ومدة حكمه 31 عاما، قضاها في حروب متواصلة للفتح وتقوية الدولة وتعميرها، وأتم في خلالها مقاصد أجداده، ففتح [[القسطنطينية]] وجميع ممالك وأقاليم [[الأناضول|آسيا الصغرى]] و[[الصرب]] و[[البوسنة والهرسك|البشناق]] و[[ألبانيا]]، وحقق كثيرا من المنجزات الإدارية الداخلية التي سارت بدولته على درب الازدهار ومهدت الطريق أمام السلاطين اللاحقين ليركزوا على توسيع الدولة وفتح أقاليم جديدة. ومن مآثره أيضا وضعه أول مبادئ [[القانون المدني]] و[[القانون الجنائي|قانون العقوبات]]، فأبدل العقوبات البدنية، أي العين بالعين والسنّ بالسنّ، وجعل عوضها الغرامات النقدية بكيفية واضحة أتمها السلطان [[سليمان القانوني]] لاحقا.<ref>تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 177-178 ISBN 9953-18-084-9</ref> [[ملف:İstanbul 5908.jpg|تصغير|قبر السلطان محمد الفاتح.]] [[ملف:1000 TL reverse.jpg|تصغير|يمين|خلفية ورقة الألف ليرة التركية (1986-1992).]] وقد انفضح أمر يعقوب فيما بعد، [[إعدام|فأعدمه]] حرس السلطان. وهناك اعتقاد أخر ينص على أن من دفع يعقوب ليدس السم للسلطان كان ابنه [[بايزيد الثاني]] رغبة منه بتولي العرش.<ref>Kohen, Elli; ''History of the Turkish Jews and Sephardim: Memories of the past golden age'', University Press of America, (2007) p. 19</ref> وصل خبر موت السلطان إلى [[البندقية]] بعد 16 يوما، جاء الخبر في رسالة البريد السياسي إلى [[سفارة]] البندقية في القسطنطينية، واحتوت الرسالة على هذه الجملة "لقد مات العقاب الكبير". انتشر الخبر في البندقية ثم إلى باقي [[أوروبا]]، وراحت الكنائس في أوروبا تدق أجراسها لمدة ثلاثة أيام بأمر من [[البابا]].<ref name="وفاته">[http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=145267 الشبكة الإسلامية، مات العقاب الكبير] - تاريخ الولوج = [[16 يوليو|16-7]]-[[2008]]</ref> دُفن السلطان في المدفن المخصوص الذي أنشأه في أحد الجوامع التي أسسها في [[الأستانة]]، وترك ورائه سمعة مهيبة في العالمين الإسلامي والمسيحي. وقد أنشأ جسر معلق بين طرفي [[إسطنبول]] في [[القرن العشرين]] وأطلق عليه اسم "[[جسر السلطان محمد الفاتح]]"، كما تمّ تمثيل السلطان في عدد من الكتب وأنشأ [[محمد الفاتح (مسلسل)|مسلسل تلفزيوني]] يحمل اسمه، وظهرت صورته على خلفية [[ليرة تركية|العملة الورقية التركية]] من فئة الألف ليرة والتي وضعت بالتداول من عام [[1986]] حتى عام [[1992]].<ref>[http://www.tcmb.gov.tr/yeni/eng/ Central Bank of the Republic of Turkey]. Banknote Museum: 7. Emission Group - One Thousand Turkish Lira - [http://www.tcmb.gov.tr/yeni/banknote/E7/268.htm I. Series] & [http://www.tcmb.gov.tr/yeni/banknote/E7/270.htm II. Series]. – Retrieved on 20 April 2009.</ref> == مصادر == {{مراجع|2}} == وصلات خارجية == {{كومنز|Mehmed II}} * [http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout&cid=1184649787421 محمد الفاتح.. صاحب البشارة: (في ذكرى وفاته: 4 ربيع الأول 886 هـ)]، إسلام أون لاين، [[27 مايو]] [[2001]]. * [http://ibnobad.maktoobblog.com/1156449/%D9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA%D8%AD-%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%86%D9%87/ بيت عباد، وصية السلطان محمد الفاتح لأبنه، بقلم الدكتور محمد علي الصلابي.] * [http://www.ottomanonline.net/sultans/7.html السلطان محمد الفاتح من موقع عثمان أون لاين.] * [http://www.ccel.org/ccel/gibbon/decline/files/volume2/chap68.htm الفصل 68: عهد محمد الثاني، انقراض الامبراطورية الشرقية] تأليف [[إدوارد جيبون]]. * {{يوتيوب|u_EpSNmMK5c|نشيد عن فتح القسطنطينية ومدح لمحمد الفاتح}}، من [[يوتيوب]]. === كتب === * [http://www.alsallaby.com/books/MFateh.rar '''كتاب:''' سيرة السلطان محمد الفاتح وعوامل النهوض في عصره]، د. [[علي محمد الصلابي]]. * [http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=011546.pdf '''كتاب:''' السلطان محمد الفاتح بطل الفتح الإسلامي في أوروبا الشرقية]، د. [[سيد رضوان علي]]. === أفلام === * [[فتح 1453 (فيلم)|فيلم فتح 1453 إنتاج فاروق آكصوي (2012)]] * [[محمد الفاتح (كرتون)|محمد الفاتح (مسلسل كرتوني)]] {{مقالة مختارة}} {{بداية صندوق}} {{s-off}} {{Succession box | سبقه = [[مراد الثاني]] | تبعه = [[مراد الثاني]] | العنوان = [[قائمة السلاطين العثمانيين|السلطان العثماني]] | الأعوام = [[1444]]–[[1446]] }} {{Succession box | سبقه = [[مراد الثاني]] | تبعه = [[بايزيد الثاني]] | العنوان = [[قائمة السلاطين العثمانيين|السلطان العثماني]] | الأعوام = [[7 فبراير]] [[1451]]– [[3 مايو]] [[1481]] }} {{Succession box | سبقه = [[قسطنطين الحادي عشر|قسطنطين باليولوج الحادي عشر]] | تبعه = [[بايزيد الثاني]] | العنوان = [[ملحق: قائمة الأباطرة البيزنطيين|قيصر الروم]]<br /><small>لقب غير رسمي</small> | الأعوام = [[7 فبراير]] [[1451]]– [[3 مايو]] [[1481]] }} {{end box}} {{سلاطين الدولة العثمانية}} {{شريط بوابات|تاريخ إسلامي|الدولة العثمانية|تاريخ أوروبا}} {{شريط مختارة|نسخة=oldid|تاريخ=2 يونيو 2010}} [[تصنيف:قادة عسكريون مسلمون]] [[تصنيف:مواليد 833 هـ]] [[تصنيف:مواليد 1432]] [[تصنيف:وفيات 882 هـ]] [[تصنيف:وفيات 1481]] [[تصنيف:أعلام التصوف]] [[تصنيف:ماتريدية]] [[تصنيف:أتراك]] {{وصلة مقالة جيدة|ja}} {{وصلة مقالة جيدة|zh-classical}}'
فرق موحد للتغييرات المصنوعة بواسطة التعديل (edit_diff)
'@@ -47,7 +47,7 @@ == بداية حياته == === إخبار نبي الإسلام عنه === [[ملف:Hagia Sophia - Muhammad's prophecy.jpg|تصغير|نبوءة النبي محمد حول [[فتح القسطنطينية]]، منقوشة على إحدى بوابات [[آيا صوفيا]].]] -يؤمن [[مسلمون|المسلمون]] بأن [[نبي|النبي]] [[محمد|محمد بن عبد الله]] تحدث عن [[أمير]] من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح [[القسطنطينية]] ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، فقد ورد في مسند [[أحمد بن حنبل]] في الحديث رقم 18189: +يؤمن [[مسلمون|المسلمون]] بأن [[نبي|النبي]] [[محمد|محمد بن عبد الله]] - صلى الله عليه و سلم - تحدث عن [[أمير]] من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح [[القسطنطينية]] ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، فقد ورد في مسند [[أحمد بن حنبل]] في الحديث رقم 18189: {{اقتباس خاص|حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ <ref>رواه [[البخاري]] في التاريخ الكبير عن بشر الغنوي، 2/81. ورواه [[ابن عبد البر]] في الاستيعاب عن بشر الغنوي، 1/250.</ref>}} '
حجم الصفحة الجديد (new_size)
126910
حجم الصفحة القديم (old_size)
126871
الحجم المتغير في التعديل (edit_delta)
39
السطور المضافة في التعديل (added_lines)
[ 0 => 'يؤمن [[مسلمون|المسلمون]] بأن [[نبي|النبي]] [[محمد|محمد بن عبد الله]] - صلى الله عليه و سلم - تحدث عن [[أمير]] من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح [[القسطنطينية]] ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، فقد ورد في مسند [[أحمد بن حنبل]] في الحديث رقم 18189: ' ]
السطور المزالة في التعديل (removed_lines)
[ 0 => 'يؤمن [[مسلمون|المسلمون]] بأن [[نبي|النبي]] [[محمد|محمد بن عبد الله]] تحدث عن [[أمير]] من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح [[القسطنطينية]] ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، فقد ورد في مسند [[أحمد بن حنبل]] في الحديث رقم 18189: ' ]
ما إذا كان التعديل قد تم عمله من خلال عقدة خروج تور (tor_exit_node)
0
طابع زمن التغيير ليونكس (timestamp)
1387702908