انتقل إلى المحتوى

سفر صموئيل

هذه المقالة اختصاصية وهي بحاجة لمراجعة خبير في مجالها.
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
صفحة من سفر صموئيل، في «بيبيا دي ثيرفيرا» (1299/1300)

سفر صموئيل (بالعبرية: ספר שמואל‏) هو أحد أسفار الكتاب المقدس العبري، يوجد في العهد القديم كسفرين منفصلين (صموئيل الأول وصموئيل الثاني). يشكّل السفر جزءًا من التاريخ التثنوي، وهي سلسلة من الأسفار (يشوع، القضاة، صموئيل، والملوك) التي تُمثّل سردًا لاهوتيًا لتاريخ الإسرائيليين وتهدف إلى توضيح شريعة الله لإسرائيل تحت إرشاد الأنبياء حسب العقائد اليهودية والمسيحية.[2] يتحدث هذا المقال عن شمويل أو طالوت في إطار الأبعاد الثقافية والدينية المسيحية واليهودية.

في الإسلام يذكر بعض المفسرين أن النبي شمويل ذُكر في القرآن بوصفه من بعثه الله لبني إسرائيل في قصة طالوت وجالوت الواردة في سورة البقرة (الآيات 246–251). وتوجد بعض أوجه اتفاق واختلاف بين الرواية التوراتية الواردة في سفر صموئيل وبين ما ورد في القرآن الكريم والمصادر الإسلامية.

وفقاً للثقافة اليهودية فقد ظهر كل من جاد وناثان مع صموئيل، وهم ثلاثة من أنبياء بني إسرائيل الذين يرد ذكرهم في سفر أخبار الأيام الأول ضمن رواية مُلك داود.[3] [ا][4] وترى الدراسات الحديثة أن ما يُعرف بـ«التاريخ التثنوي» قد جُمِّع في الفترة ما بين نحو ق. 630–540 ق.م من خلال دمج نصوص مستقلة تعود إلى أزمنة مختلفة.

يبدأ السفر بولادة صموئيل[5] ودعوة يهوه له في صباه. ثم ترد قصة تابوت العهد، وما تبعها من صراع مع الفلسطينيين، وهو ما أدى إلى مسح شاول ملكاً على إسرائيل كأول ملوكها. لكن شاول لم يثبت استحقاقه، فانتقل الاختيار إلى داود الذي تغلّب على أعداء إسرائيل، واشترى بيدر أرونة اليبوسي[6]، وهو الموضع الذي بنى فيه ابنه سليمان الهيكل الأول. كما جلب داود تابوت العهد إلى أورشليم، وهناك جاء الوعد بأن يستمر نسله في الحكم إلى الأبد.

وفي السبعينية، وهي إحدى النسخ التي اعتمدتها الأسفار القانونية المسيحية، قُسِّم النص إلى سفرين يُعرفان اليوم بـ«سفر صموئيل الأول» و«سفر صموئيل الثاني».

السرد الكتابي

[عدل]

صموئيل الأول

[عدل]

صموئيل (1:1–7:17)

[عدل]
طفولة صموئيل (1:1–4:1أ)
[عدل]

كان رجل يُدعى ألقانة، من سبط أفرايم ومن مدينة رامتايم صوفيم، له زوجتان هما فننة وحنة، وكانت حنة الزوجة المفضلة لديه. ونشأ بين الزوجتين تنافس بسبب أن فننة لها أولاد بينما حنة عاقر. فنذرت حنة للـيهوه رب الجنود أنها إن وُهب لها ابن ستكرّسه لله. وفي شيلوه حيث يوجد تابوت العهد، ظنَّ عالي الكاهن أنها سكرى، ولكنه حين أدرك أنها تصلي باركها. وُلِدَ صموئيل وكرّسته للرب نذيراً – وهو الوحيد في الكتاب المقدس الذي ذُكر كنذير إلى جانب شمشون. وقد أنشدت حنة ترنيمة تسبيح عند تحقق نذرها.

أما ابنا عالي، حفني وفنحاس، فقد خالفا شريعة الله والشعب، إذ كانا يطلبان اللحم النيء بدلاً من المسلوق للذبائح، كما كانا يضاجعان النساء الخادمات عند خيمة الاجتماع. لكن صموئيل كان ينمو "أمام الرب": كانت عائلته تزوره سنوياً وتحضر له جبة جديدة، ورُزقت حنة بخمسة أولاد آخرين. حاول عالي نصح ابنيه ليتوقفا عن شرورهما فلم يستجيبا، فجاء رجل الله وتنبأ بقطع نسل عالي وأن لا يبلغ أحد من عائلته الشيخوخة.

وفي إحدى الليالي دعاه الله، فظن صموئيل أن عالي يناديه، فذهب إليه ثلاث مرات. ثم أوضح له عالي أن الله يكلمه، فكشف له الله أن نبوءة القضاء على بيت عالي صحيحة. تهيّب صموئيل من إخبار عالي، لكن الأخير طمأنه وقال له إن ما يفعله الله هو الصواب. ومع مرور الوقت نشأ صموئيل وعُرِف كنبي.

تابوت العهد في أيدي الفلسطينيين (4:1ب–7:17)
[عدل]

هزم الفلسطينيون بني إسرائيل في معركة أفيق، بالرغم من قلقهم في البداية عند سماعهم الطقوس الخاصة بدخول تابوت العهد. واستولوا على التابوت وقتلوا حفني وفنحاس، وبهذا تحقق النبؤة السابقة. وعندما سمع عالي بخبرين، خاصة أسر التابوت، سقط عن كرسيه ومات. أما زوجة ابنه، فلما بلغها الخبر أخذها المخاض، فأنجبت ابناً سمّته إيكابود («بلا مجد») إشارةً إلى سبي التابوت.

أخذ الفلسطينيون التابوت إلى معبد إلههم داجون، الذي سقط أمام التابوت اعترافاً بسيادة يهوه. ثم ابتلي الفلسطينيون بأوبئة، ولم يقدروا أن يحتفظوا بالتابوت في أي مدينة بسبب خوف السكان، فأعادوه إلى بني إسرائيل، لكن إلى أرض سبط بنيامين في مدينة بيت شمس، وليس إلى شيلوه. ومن هناك نُقل إلى قرية يعاريم حيث عُيّن ألعازر بن أبيناداب لحراسة التابوت مدة عشرين سنة.

هاجم الفلسطينيون بني إسرائيل المجتمعين في المصفاة في بنيامين. فصرخ صموئيل إلى الله، فهُزم الفلسطينيون هزيمة قاطعة، واستعاد بنو إسرائيل أراضيهم. عندها نصب صموئيل حجر العون تذكاراً للمعركة، وتولّى منصب قاضٍ لإسرائيل.

صموئيل وشاول (8:1–15:35)

[عدل]
تأسيس الملكية (8:1–12:25)
[عدل]

عندما شاخ صموئيل عيَّن ابنيه يوئيل وأبيا قضاة، لكن بسبب فسادهما طلب الشعب أن يكون لهم ملك يحكمهم. فأوحى الله إلى صموئيل أن يستجيب لهم رغم مخاوفه، فاختار لهم شاول من سبط بنيامين، ومسحه صموئيل ملكاً أثناء بحثه عن حمير أبيه الضائعة. دعا صموئيل شاول إلى وليمة وأعطاه أفضل قطعة من اللحم، وباتا يتحدثان على سطح بيته. ثم أرسله ليعود إلى أبيه، مطمئناً إياه بأن الحمير وُجدت وأن أباه صار قلقاً عليه، ووصف له سلسلة من العلامات التي سيراها في طريق عودته. وعندما التقى شاول ببعض الأنبياء، تنبأ هو أيضاً مما حيّر جيرانه. وأخيراً أعلن صموئيل شاول ملكاً أمام الشعب، مع بعض الجدل.

بعد ذلك بقليل، حاصر ناحاش العموني مدينة يابيش جلعاد وطلب أن تُفقأ أعين جميع سكانها اليمنى كشرط للصلح. فأرسل أهل يابيش رسلاً يلتمسون مخلّصاً. وحين سمع شاول بالخبر، جمع جيشاً قوامه 330,000 رجل وشن هجوماً مباغتاً ليلاً، فانتصر وأنقذ المدينة، مثبتاً خطأ الذين شككوا فيه. وهكذا جُددت مملكته.

أدرك صموئيل أنه آخر القضاة وأن عهد الملوك قد بدأ، فخاطب بني إسرائيل مؤكداً براءته من الظلم ومذكّراً إياهم بتاريخهم. ودعا الرب فأرسل رعداً ومطراً، ووبّخ الشعب على رغبتهم في ملك. ومع ذلك طمأنهم أنهم إن اجتنبوا عبادة الأوثان فلن يهلكوا، لكن إن عصوا فستحل المصائب بالمملكة.

بداية مُلك شاول (13:1–15:35)
[عدل]

رغم انتصاراته العسكرية العديدة، عصى شاول أوامر الله. فبعد إحدى المعارك مع الفلسطينيين، لم ينتظر صموئيل ليقدم الذبائح بل فعل ذلك بنفسه. وكان الفلسطينيون قد قضوا على الحدادين ليحرموا بني إسرائيل من السلاح، فاضطر الإسرائيليون للقتال بأدوات زراعية مسنونة. أما يوناثان ابن شاول، فقد تسلل خفية عبر معبر إلى معسكر الفلسطينيين وقتل عشرين رجلاً، فدب الذعر بينهم مما أدى إلى نصر لبني إسرائيل. وفي الطريق أكل عسلاً رغم أمر أبيه بعدم الأكل حتى المساء.

رأى يوناثان أن النصر كان سيكون أعظم لو أكل الجنود. وأدى هذا الأمر إلى نتائج سلبية أخرى، إذ ذبح الجنود الحيوانات وأكلوها مع الدم. فأقام شاول مذبحاً ليحفظ الشريعة. وعندما اقترح الكاهن سؤال الله قبل شن هجوم آخر، لم يستجب الله، فقرر شاول إجراء قرعة ليعرف المذنب، فوقعت على يوناثان. لكن الجنود رفضوا قتله لأنه كان سبب النصر.

مع مرور الوقت، قاتل شاول موآب وبنو عمون وأدوم وصوبة والفلسطينيين وعماليق، وانتصر عليهم جميعاً. وكانت مملكته في حالة حرب دائمة، فكان يستقطب الأبطال لجيشه باستمرار. لكنه عصى أمر الله حين أبقى على أجاج ملك العماليق وأفضل مواشيهم ليقدمها ذبائح. فوبخه صموئيل وأبلغه أن الله اختار رجلاً آخر ليكون ملكاً على إسرائيل. ثم قتل صموئيل أجاج بنفسه.

شاول وداود (16:1–31:13)

[عدل]
داود في البلاط (16:1–19:7)
[عدل]

يسافر صموئيل إلى بيت لحم لزيارة رجل يُدعى يسي، بعد أن وعده الله بأن يختار أحد أبنائه ملكًا. لكن عند تفحص أبناء يسي، يخبر الله صموئيل أن أياً منهم ليس المختار. ثم يأمره الله بمسح داود، الابن الأصغر، ملكًا. يصاب شاول بمرض، فيأتي داود ليعزفه على القيثارة فيرتاح. أعجب شاول بداود فأدخله إلى بلاطه بصفة حامل درعه وعازف له.

تندلع حرب جديدة مع الفلسطينيين، ويظهر بطل فلسطيني يُدعى جليات متحديًا أي إسرائيلي لمبارزة فردية، بحيث يصبح شعب الخاسر عبيدًا للفائز. يذهب داود ليحمل الطعام لإخوته في معسكر بني إسرائيل، فيعرف بالقضية والمكافأة التي وعد بها شاول: ثروة عظيمة، وزواجًا من ابنته، وإعفاءً من الضرائب لعائلة القاتل. فيخبر داود شاول أنه سيقتل جليات. حاول شاول أن يلبسه درعه، لكن داود لم يستطع لبسه لأنه غير معتاد عليه. ولما رأى جليات شبابه، بدأ يسخر منه. فأطلق داود حجرًا من مقلاعه فأصاب جبهة جليات فمات. ثم قطع داود رأسه بسيفه.

بعد ذلك، يصبح يوناثان صديقًا مقربًا لداود. وأخذ شاول يرسله في مهمات عسكرية ويرقيه سريعًا بسبب نجاحاته، لكنه بدأ يغار منه بعد أن ألف بنو إسرائيل نشيدًا يذكر انتصارات داود أكثر من شاول. حاول شاول ذات مرة أن يقتله برمحه، لكن داود تفاداه. حينها أدرك شاول أن الله مع داود ولم يعد معه، فخاف منه. فبدأ يبحث عن وسائل أخرى لإبعاده. أرسله أولاً في حملات عسكرية، لكن ذلك زاد من نجاحه.

ثم حاول تزويجه ابنته ميرب، لكن داود رفض، فزُوّجت لنبيل يُدعى عَدْرِئِيل. غير أن ميكال، ابنة شاول الأخرى، كانت تحب داود. ورغم تردده في أن يصبح صهر الملك، طلب منه شاول مئة غلفة فلسطينيّة كمهر. وكان ذلك فخًا ليُقتل على يد الفلسطينيين، لكن داود قتل مئتين وأتى بغلفهم إلى شاول.

بعد ذلك دبّر شاول مؤامرة لقتل داود، لكن يوناثان أقنعه بالعدول عنها.

هروب داود (19:8–21:16)
[عدل]

حاول شاول مرة أخرى أن يقتل داود برمحه، فقرر داود أن يهرب. أنزلته ميكال من النافذة، ثم أخذت تمثالًا، وغطته بالثياب، ووضعت شعر ماعز على رأسه لتوهم أنهم داود في الفراش. ذهب داود إلى صموئيل. وعندما علم شاول بالأمر، أرسل رجالًا للقبض عليه، لكنهم حين رأوا صموئيل أخذوا يتنبأون، وكذلك شاول نفسه عندما حاول القبض على داود.

بعد ذلك، قصد داود يوناثان، وتجادلا حول ما إذا كان شاول يريد حقًا قتله. اقترح داود اختبارًا: من المفترض أن يتناول الطعام مع الملك في اليوم التالي بمناسبة عيد رأس الشهر. لكنه سيختبئ في الحقل، ويخبر يوناثان أباه بأن داود عاد إلى بيت لحم ليقدم ذبيحة. فإن قبِل الملك الأمر، فهو لا ينوي قتله، أما إذا غضب، فذلك دليل على نيته الشريرة. وضع يوناثان شفرة لتمرير المعلومة إلى داود: سيأتي إلى حجر «إيزل»، ويطلق نحوه ثلاثة سهام، ويأمر غلامه أن يجدها. فإذا قال له إن السهام إلى جانبه من الحجر، يمكن لداود أن يعود إليه، أما إذا قال إنها وراء الحجر، فعليه أن يهرب. وعندما نفّذ يوناثان الخطة، حاول شاول أن يقتله برمحه. عندها أوصل يوناثان المعلومة إلى داود مستخدمًا الشفرة، وبكيا كلاهما وهما يفترقان.

وصل داود إلى نوب، حيث التقى بالكاهن أخيمالك، وهو من نسل عالي. ادّعى أنه في مهمة من الملك وأنه ذاهب للقاء رجاله، وطلب مؤونة. فأعطي خبز التقدمة وسيف جليات. ثم فرّ إلى جت ولجأ إلى بلاط الملك آخيش، لكنه تظاهر بالجنون خوفًا مما قد يفعله به الفلسطينيون.

داود الخارج عن القانون (22:1–26:25)
[عدل]

انتقل داود إلى مغارة عدلام قرب بيته، حيث زاره أهله، ثم وجد لهم ملجأً في بلاط ملك موآب في المصفاة.

رأى دويغ الأدومي، أحد خدّام شاول، داود في نوب، وأخبر شاول بوجوده هناك. فجاء شاول إلى المدينة، واعتقد أن الكهنة يدعمون داود، فأمر دويغ بقتلهم جميعًا. نجا كاهن واحد فقط هو أبياثار ابن أخيمالك، الذي التحق بداود. قبله داود، إذ شعر بالمسؤولية عن المجزرة. ثم حرر داود قرية قيعيلة من الفلسطينيين بمعونة الله وأبياثار. لكن عندما أخبره الله أن شاول قادم وأن أهل قيعيلة سيسلمونه، هرب داود ورجاله إلى برية زيّف. وهناك جاءه يوناثان وأكد له أنه سيكون الملك المقبل. أبلغ بعض أهل زيّف شاول بمكانه، لكن غزوًا فلسطينيًا جديدًا قطع بحث شاول.

بعد انتهاء الغزو، علم شاول أن داود يقيم في برية عين جدي، فعاد لمطاردته. ودخل يومًا مغارة ليقضي حاجته، وكان داود ورجاله في أعماقها. ناقش رجاله إمكانية قتل شاول، لكن داود اكتفى بقطع طرف من رداء شاول ليبرهن أنه لا يريد إيذاءه. ندم شاول على ما فعله بداود، واعترف بأنه الملك القادم، وطلب منه أن لا يبيد نسله.

مات صموئيل، وبعد الحداد عليه انتقل داود إلى برية فاران. وهناك التقى برعاة رجل من الكالبيين يُدعى نابال. ساعد رجال داود في حراسة قطعانه، وعند موسم الجزازة أرسل داود بعضًا منهم يطلبون طعامًا. رفض نابال وأبقى مؤونته لأهل بيته. لكن زوجته أبيجايل، لما سمعت، أخذت كمية وافرة من الطعام بنفسها إلى داود. وجاءت في اللحظة المناسبة، إذ كان داود قد همّ بقتل أهل بيت نابال. توسلت أبيجايل إليه فعفا عنهم وأثنى على حكمتها. تلك الليلة أقام نابال وليمة، وفي الصباح لما أخبرته بما فعلت أصيب بجلطة قلبية، ومات بعد عشرة أيام. تزوج داود أبيجايل، وكذلك امرأة من يزرعيل تُدعى أخينوعم. أما شاول فقد زوّج ميكال، زوجة داود الأولى، لرجل نبيل يُدعى فلطي بن لايش.

عاد شاول لملاحقة داود، وأخبره أهل زيّف بمكانه. فنزل شاول إلى برية زيّف ونصب معسكره. وفي الليل دخل داود مع رفيقَيه أخيمالك الحثي وأبيشاي بن صروية (ابن أخته) إلى معسكر شاول، فوجدوه نائمًا. أراد أبيشاي أن يقتله، لكن داود رفض مرة أخرى، وأخذ فقط الرمح وكوز الماء الموضوعين عند رأسه. وفي الصباح عاتب داود أبْنير، قائد جيش شاول، على تقصيره في حماية الملك، وأراهم الرمح وكوز الماء دليلاً. عندها قاطع شاول الحوار، وندم مرة أخرى على مطاردة داود، وباركه. أعاد داود الرمح، وعاد شاول إلى بيته.

صموئيل الثاني

[عدل]
داود بين الفلسطينيين (متابعة) (1:1–1:27)
[عدل]

عندما عاد داود إلى صقلغ بعد ثلاثة أيام من وفاة شاول، وصلته أخبار موت شاول وأبنائه. واتضح أن الرسول كان عماليقياً، وقد قتل شاول بناءً على طلبه ليسرع موته، ثم جاء بتاجه إلى داود. فأمر داود بقتله لأنه مدّ يده على مسيح الرب. وفي هذا الموضع، أنشد داود مرثية مهيبة يثني فيها على شجاعة وعظمة صديقه يوناثان والملك شاول معاً.[7]

داود (2:1–20:26)

[عدل]
داود ملك يهوذا (2:1–4:12)
[عدل]

عاد داود إلى حبرون بأمر من الله. فمسحه شيوخ يهوذا ملكاً، وكان أول عمل له أن قدّم مكافأة لأهل يابيش جلعاد لأنهم قاموا بواجب دفن شاول. وفي الشمال، تولّى إيشبوشث ابن شاول الحكم على أسباط الشمال بدعم من أبنير قائد جيش شاول. والتقى جيش داود مع جيش إيشبوشث عند بركة جبعون، فاتفق أبنير ويوآب بن صروية وقائد جيش داود على أن يتقاتل بعض الجنود مبارزة فردية. لم يثمر ذلك إلا عن مقتل اثني عشر رجلاً من كل جانب، ثم اندلعت معركة انتهت بانتصار داود. وأثناء انسحاب بنيامين، طارد عسائيل شقيق يوآب أبنير، فقتله أبنير، الأمر الذي صدم الجميع. وواصل يوآب وأخوه أبيشاي مطاردة أبنير، لكن أُعلنت هدنة عند وصولهم إلى تل لتجنّب مزيد من سفك الدماء، فعبر أبنير ورجاله الأردن.

استمرّت الحرب فيما كان داود يبني أسرته، بينما أخذ بيت شاول يضعف. وعندما اتهم إيشبوشث أبنير بأنه ضاجع سرية شاول رصفة، عرض أبنير أن ينضم إلى داود، فقبل داود بشرط أن يعيد معه ميكال زوجته. وفي الوقت نفسه، أرسل داود طلباً رسمياً إلى إيشبوشث لإرجاع ميكال، فوافق. وتبعه زوجها فطيئيل وهو يبكي حتى أُمر بالعودة. بعد عودة ميكال، اتفق أبنير على إقناع شيوخ إسرائيل بتنصيب داود ملكاً. غير أن يوآب لم يصدق نوايا أبنير، فاستدعاه ثانية إلى حبرون وقتله انتقاماً لأخيه عسائيل. عندئذٍ لعن داود بيت يوآب أن يبقى فيه دائماً أبرص أو أعرج أو جائع، ثم أقام جنازة لأبنير.

في تلك الفترة، كان الناجي الوحيد من بيت إيشبوشث هو مفيبوشث، ابن يوناثان المُقعد الذي سقط وهو طفل من يد مرضعته حين هربت به بعد مقتل شاول ويوناثان. أما إيشبوشث نفسه فقد اغتاله رحاب وبعنة، وهما قائدا فرقتين عنده، إذ طعناه وقتلوه وقطعوا رأسه طمعاً في مكافأة من داود. لكن داود اعتبر فعلتهما جريمة بحق رجل بريء، فأمر بقتلهما وتعليق جثتيهما عند بركة حبرون، بينما دُفن رأس إيشبوشث في قبر أبنير.

داود ملك يهوذا وإسرائيل (5:1–8:18)
[عدل]

مُسِح داود ملكاً على جميع إسرائيل.

وعلى الرغم من الصعاب، استولى داود على أورشليم من اليبوسيون، واستحوذ على حصن صهيون وبنى المنطقة المحيطة به. وأرسل حيرام الأول ملك صور صناعاً وبنّائين ليشيّدوا لداود قصراً. وفي الوقت نفسه، أخذت أسرة داود في التوسع. وقرر الفلسطينيون مهاجمة إسرائيل بعد أن أصبح داود ملكاً، لكن الله مكّن داود من الانتصار عليهم في معركتين: الأولى في بعل فراصيم، والثانية في وادي الرفائيين.

وكان تابوت العهد ما يزال في بعلَة (اسم آخر لقرية يعاريم). أراد داود نقله إلى أورشليم، فوضعه على عربة واستعان بالكهنة عُزّة وأخيو ابني أبيدنداب وأخوي ألعازر لمرافقته. وأُقيم موكب عظيم بالمزامير والآلات الموسيقية، لكنه توقّف فجأة حين عثرت الثيران، فمدّ عزّة يده إلى التابوت، فمات. فخاف داود من متابعة الطريق، وأودعه في بيت رجل اسمه عوبيد أدوم. وبعد ثلاثة أشهر من البركة التي حلت على عوبيد أدوم وأسرته، قرر داود نقل التابوت إلى أورشليم. وفي أثناء الاحتفال، رقص داود أمام التابوت مرتدياً أفود فقط. ورأت ميكال ذلك فاستاءت، لكن داود أجابها بأن رقصه كان للرب، فلم يكن عملاً غير لائق. ولم تنجب ميكال أولاداً قط.

وتمنى داود بناء هيكل لله، قائلاً إنه لا يليق أن يسكن في قصر بينما يسكن الرب في خيمة. ووافقه النبي ناثان. لكن في تلك الليلة ظهر الله لناثان في حلم، وأبلغه أن داود ليس هو من يبني الهيكل، لثلاثة أسباب: أولاً، لأن الله لم يأمر بذلك قط، ولم يشتكِ من السكن في خيمة. ثانياً، لأن الله ما زال يبني بيت داود ويثبّت بني إسرائيل في أرض الميعاد. ثالثاً، لأن أحد أبناء داود سيكون الملك الذي يبني الهيكل، وسيبقى ملك بيته قائماً إلى الأبد. فلما أخبر ناثان داود بما رآه، رفع داود صلاة شكر لله على هذه الوعود.

ثم هزم داود أعداء إسرائيل، فقتل الفلسطينيين والموابيين والأدوميين والآراميين والسوريين. وبعد ذلك عيّن وزراء وأقام مجلساً لإدارة المملكة.

أسرة داود وصراعات الخلافة (9:1–20:26)
[عدل]
مفيبوشث (9:1–9:13)
[عدل]

سأل داود إن كان هناك أحد من بيت شاول ما يزال حيّاً لكي يُحسن إليه من أجل يوناثان. فأخبره صيبا، أحد خدّام شاول، عن مفيبوشث. فأعلم داود مفيبوشث أنه سيعيش في بيته ويأكل على مائدته، فانتقل مفيبوشث إلى أورشليم.

الحرب مع بني عمون ومولد سليمان (10:1–12:31)
[عدل]

مات ناحاش ملك بني عمون، فخلفه ابنه حانون. أرسل داود وفداً للتعزية، لكن العمونيين ظنوا أنهم جواسيس، فأهانوا رسله قبل أن يعيدوهم. وحين أدركوا خطأهم، خافوا من انتقام داود، فجمعوا جيشاً من القبائل المجاورة. وعندما علم داود بذلك، أرسل يوآب على رأس جيشه حتى أبواب مدينتهم حيث اصطف العمونيون للقتال. قرر يوآب تقسيم الجيش قسمين: هو يقود نخبة المقاتلين ضد الآراميين، بينما يتولى أبيشاي قيادة البقية ضد العمونيين.

إن اشتد العدو على أحد الجانبين، فإن الآخر يهبّ لمساعدته. فهرب الآراميون أمام يوآب، مما جعل العمونيين يهربون بدورهم أمام أبيشاي. وعاد جيش إسرائيل إلى أورشليم. لكن الآراميين أعادوا تنظيم صفوفهم وعبروا الفرات، فقاد داود بنفسه المعركة عند هيلام وانتصر نصراً حاسماً. فأدرك الآراميون أنهم لا يستطيعون الانتصار، فصالحوا إسرائيل وامتنعوا عن نصرة بني عمون. وفي الربيع التالي، دمّر يوآب العمونيين.

وبينما كان يوآب في الحرب، بقي داود في أورشليم. وذات صباح، كان يتجوّل على سطح قصره، فرأى امرأة تستحم بعد طمثها. علم أن اسمها بثشبع، فدخل بها فحملت. أراد داود إخفاء خطيئته، فاستدعى زوجها أوريا الحثي من المعركة، وشجعه على العودة إلى بيته، لكنه رفض تضامناً مع رفاقه وبات عند باب القصر. حاول داود مراراً إقناعه، حتى أنه دعاه إلى الولائم، لكنه لم يذهب. فأرسل داود أوريا في مهمة انتحارية قُتل فيها مع بعض أبطال داود. ولما جاء الخبر، أمر داود بمواصلة الهجوم. وبعد أن انتهت بثشبع من الحداد على زوجها، تزوجها داود فأنجبت له ابناً.

جاء النبي ناثان إلى داود بقصة رمزية: غني لديه ماشية كثيرة وفقير يملك نعجة واحدة يحبها كابنته. وعندما جاء ضيف للغني، أخذ نعجة الفقير وذبحها. غضب داود وقال إن الغني يستحق الموت، فأجابه ناثان: «أنت هو الرجل»، مبيناً أنه ارتكب خطيئة لينال ما كان لديه منه الكثير (النساء). وتنبأ أن بيت داود سيمتلئ عنفاً، وأن نساءه سيُفضحن علناً.

تاب داود، فأخبره ناثان أنه غُفِر له ولن يموت، لكن الابن المولود من بثشبع سيموت. مرض الطفل، فصام داود وصلّى، لكن الطفل مات. خاف خدمه أن يخبروه، لكنه فاجأهم بأن نهض وكفّ عن الصوم، موضحاً أنه صام لعلّ الله يرحم ابنه، أما الآن فلن يعيده الصوم. ثم عزّى بثشبع، فأنجبت له ابناً آخر هو سليمان (ويُسمّى أيضاً يديديا).

وفي جبهة ربة، كان يوآب قد سيطر على مصدر المياه. فدعا داود ليكمل فتح المدينة كي تُنسب إليه. فجاء داود، وانتصر، وتوّج نفسه ملكاً على بني عمون، وأخذ غنائم كثيرة، وأخضع العمونيين للتسخير قبل أن يعود إلى أورشليم.

أبشالوم (13:1–20:26)
[عدل]

بدأ جدل معقد يتطور داخل قصر الملك داود. أصبح أمنون، ابن داود من أحينوعام، مهووسًا بثمار، ابنة داود من معكة، ابنة تلماي ملك جشور. اقترح جُناداب، مستشار أمنون وابن عمه، أن يتظاهر بالمرض ويطلب من ثمار إعداد الخبز له حتى يأكل من يديها. وعندما جاءت إلى بيته، دعاها إلى غرفته، وهناك، وبعد رفضها إقامة علاقة جنسية معه، اغتصبها. ثم أجبرها على مغادرة المنزل، وهي تمزق ثوبها الذي يرمز إلى عذريتها، وتضع الرماد على رأسها وتجول وهي تنوح. علم داود وأبشالوم، شقيق ثمار، بما حدث، فغضبوا.

بعد عامين، كان أبشالوم يقطع صوف الغنم في بعل حزور، ودعا داود وجميع أبنائه للحضور. رفض داود الحضور، لكنه باركه وأرسل أمنون وبقية أبنائه إليه. أقام أبشالوم مأدبة وأسكر أمنون، ثم أمر خدمه بقتله انتقامًا لاغتصابه ثمار. شعر باقي أبناء داود بالاشمئزاز وعادوا إلى أورشليم. سمع داود شائعة أن أبشالوم قتل جميع أبناءه، لكن جُناداب طمأنه بأن أمنون فقط قد مات. في هذه الأثناء، ذهب أبشالوم للعيش مع جده في جשור لمدة ثلاث سنوات، وبعد أن أنهى داود حداد أمنون، فكر في إعادة أبشالوم إلى القصر.

أراد يوآب مساعدة داود، فأرسل امرأة حكيمة من تِقوع إلى أورشليم لتتظاهر بالحزن وتتحدث إلى الملك. قصّت المرأة على داود قصة عن ابنيها، أحدهما قتل الآخر، والآن يطالبون بالقصاص. وبعد إقناع، وافق داود على إصدار مرسوم يحمي ابنها من القتل. استخدمت المرأة القصة لتسليط الضوء على عدم مسامحة داود لابنه. بعد أن اعترفت المرأة بأن يوآب حرضها على ذلك، وافق داود على السماح لأبشالوم بالعودة إلى أورشليم، لكنه أصر على ألا يدخل القصر.

أصبح أبشالوم محبوبًا في أورشليم لجماله، ونمت عائلته خلال هذه الفترة. بعد مرور عامين دون أن يُستدعى إلى المحكمة، أضرم النار في حقله لجذب انتباه يوآب، الذي أقنع في النهاية داود بالسماح لأبشالوم بالعودة إلى البلاط.

اشترى أبشالوم عربة فخمة وبدأ حملة سياسية ليصبح قاضيًا، عبر الوقوف عند بوابة المدينة، والاستماع لمشاكل الناس الذين يأتون للملك، والتظاهر بعدم وجود من يسمعهم، بالإضافة إلى مصافحة كل من ينحني له. بعد أربع سنوات، سافر أبشالوم إلى الخليل زاعمًا تنفيذ نذر، لكنه كان يخطط لإقناع أسباط إسرائيل بإعلانه ملكًا. دعا أبشالوم أثناء وجوده في الخليل أحيطبعل، مستشار داود، إلى حضور مجلسه.

أُبلغ داود بزيادة دعم أبشالوم، فقرر الهروب من أورشليم مع زوجاته وجواريه، ما عدا عشرة منهن، ومع عدد من الكريتيين والفليطيين والجثيين بقيادة القائد إيتاي، الذي انضم إليه بعد إصراره. حضر أيضًا أبياثار وكاهن آخر اسمه صادوق مع عدد من اللاويين الحارسين للتابوت، لكنهم عادوا بعد أن أمرهم داود بإعادة التابوت إلى أورشليم. التقى داود عند جبل الزيتون بحشاي الأركي، الذي أرسله إلى أورشليم للتجسس وإحباط خطط أحيطبعل.

على الجانب الآخر من الجبل، قابل داود زِيبا، الذي أحضر حميرًا وفواكه، وزعم أن مفيبوشث يأمل في استعادة عرش شاول، فمنح داود أراضي مفيبوشث لزِيبا. وعند اقترابهم من بحوريم، بدأ شمي بن جيرا، بني من سبط بنيامين، بسبّ داود ورميه بالحجارة بسبب الدماء التي سفكها في بيت شاول. اقترح أبشاي قتله، لكن داود اعتبر أن الله سمح لشمي باللعن فتركه.

وصل أحيطبعل وحشاي إلى مجلس أبشالوم في أورشليم. اقترح أحيطبعل أن يبيت أبشالوم مع جواري داود لإظهار الانقسام بينهما، ففعل أبشالوم ذلك على سطح القصر أمام جميع الإسرائيليين. ثم اقترح أحيطبعل شن هجوم مفاجئ على داود بـ12 ألف رجل، بينما نصحه حشاي بتأجيل الهجوم وتجميع جيش أكبر لقيادته بنفسه. وفقًا لإرادة الله، تجاهل أبشالوم نصيحة أحيطبعل واتبع خطة حشاي.

أرسل حشاي صادق وأبياثار لإبلاغ داود بعبور الفرات. اختبأ أبناء صادق وأبياثار في بئر في بحوريم بعد أن اكتشفهم جواسيس أبشالوم، وأخفاهم زوجة صاحب البئر وأبلغت رجال أبشالوم أن الأبناء عبروا الجدول. وصل الإشعار إلى داود في الوقت المناسب، وعبر الأردن.

التقى داود وأبشالوم في مُحَنَيم، وقسم داود جيشه إلى ثلاثة أقسام بقيادة يوآب وأبشاي وإيتاي. دارت معركة في غابة إفرايم، وانتصر داود جزئيًا بسبب التضاريس. بينما هرب أبشالوم، تعلق شعره الطويل في شجرة فُشنق، فقتله يوآب بثلاث رماح ودفنه عند العمود الذي بناه في حياته.

أبلغ أحماعاز وكوشي داود بنبأ النصر وموت أبشالوم. حزن داود بشدة، وهو ما أدى إلى حزن جيشه، فدخل يوآب خيمته محاولًا ثنيه عن البكاء المفرط، مذكّرًا إياه بحياة زوجاته وجواريه التي أنقذها النصر.

بدأ شيوخ إسرائيل بالجدال حول الخطوة التالية، فقنع داود شيوخ يهوذا بمرافقته إلى أورشليم، وانضم إليهم شمي الذي اعتذر له. كما أتى مفيبوشث وشرح الوضع السابق، فسمح له داود بتقاسم الأراضي مع زِيبا، واختار مفيبوشث أن يبقى زِيبا صاحب الأرض احتفالًا بالنصر.

دعَا داود بارزيلاي، مضيفه في مُحَنَيم، للعودة معه، لكنه رفض بسبب كبر سنه (ثمانون عامًا)، فوعد داود بالاعتناء بخادمه كيمحام مكانه. اندلع خلاف بين يهوذا وبقية الأسباط حول مرافقة الملك، فأطلق شيبا بن بختري تمردًا ضد داود، فتصدى له باقي الأسباط باستثناء يهوذا.

في أورشليم، بدأ داود ترتيب الأمور الناتجة عن غيابه، فوضع الجواري العشر المتروكات في بيت محروس ومنحهن معاشات، وبدأ الدفاع ضد شيبا. أرسل أبايشاي لملاحقة شيبا، لكن ألقِيَت داجة أعمى على أماسا قائد يهوذا، فقتلته بالخطأ. واصل الجيش ملاحقة شيبا حتى حصن أبيل بيت معكه، حيث قتلت امرأة حكيمة شيبا وطرحت رأسه إلى يوآب من أسوار المدينة، منهيةً التمرد.

معلومات تكميلية (21:1–24:25)

[عدل]

يختتم سفر صموئيل الثاني بأربعة إصحاحات (من 21 إلى 24) تقع خارج التسلسل الزمني المباشر لرواية شاول وداود، وهي الرواية التي ستستمر في أسفار الملوك. يروي الإصحاح 21 قصة مجاعة استمرت ثلاث سنوات في بداية حكم داود. يوضح الله أن هذه المجاعة عقاب على إبادة شاول للجبعونيين، وهم بقايا العموريين الذين وعد بنو إسرائيل بعدم قتلهم، لكن شاول نكث العهد وقتلهم. فاستدعى داود الجبعونيين وسألهم عما يمكن أن يفعله للتكفير عن ذلك على أمل إنهاء المجاعة.

طلب الجبعونيون قتل سبعة من نسل شاول، فوافق داود. وقد عفا عن مفيبوشث،[مبهم] لكنه سلّم أبناء رِصْفَة أرموني ومفيبوشث، بالإضافة إلى خمسة من أبناء ميرب وعَدْرئيل. قتلهم الجبعونيون وتركوا أجسادهم معلّقة عند بدء حصاد الشعير. وحمت رِصْفَة الأجساد، فأمر داود بجمع عظام شاول ويوناثان والمقتولين من الجبعونيين ودفنهم في قبر قيس في صيلة. فاستجاب الله وأنهى المجاعة.

ثم وقعت حرب أخرى مع الفلستيون. في المعركة الأولى قتل ابيشاي رجلاً فلستياً يُدعى إشبي بنوب كان قد أقسم على قتل داود، الأمر الذي جعل رجال داود يرفضون مشاركته في القتال مرة أخرى حفاظاً على حياته. أما المعركة الثانية فوقعت في جوب، حيث قتل سبكاي الحوشي فلستياً يُدعى ساف. وفي معركة ثالثة في جوب أيضاً، قتل ألحانان بن يعري جليات. وفي معركة رابعة في جت، قتل يوناثان بن شمعى رجلاً ضخماً له ستة أصابع في كل يد وستة أصابع في كل قدم.

الإصحاح 22 هو نشيد يشبه مزمور 18، أنشده داود عندما أنقذه الله من يد شاول.

ويبدأ الإصحاح 23 بـ«كلمات داود الأخيرة»، وهي خطاب مؤثر يعبر فيه عن امتنانه لصلاح بيت داود. ثم يروي قصصاً عن مجموعة من الرجال المعروفين بـ«جبابرة داود». فقد قاتل يشبعم وألعازر بن دوداى وشَمّة بن أجي الحَرَاري وحدهم وانتصروا على الفلستيين. وأثناء اختباء داود ورجاله في مغارة عدلام، شعر بالحنين إلى بيت لحم التي كان الفلستيون قد احتلوها، وتمنى ماءً من بئرها.

فخاطر ثلاثة من أبطاله بحياتهم، واخترقوا صفوف الفلستيين وجلبوا له ماءً من بئر بيت لحم. لكن داود رفض أن يشربه وقرّبه قرباناً لله لأن رجاله خاطروا بحياتهم في سبيله. كما يذكر النص أن أبشاي نال مكانته الرفيعة بقتله ثلاثمائة رجل وحده. أما بنايا بن يهوياداع فاشتهر بقتله أقوى رجلين من موآب، وأسد، ورجلاً مصرياً ضخماً بسيفه. وينتهي الإصحاح بقائمة «الثلاثين» من أبطال داود الآخرين.

أما الإصحاح 24 فيروي كارثة جديدة على بني إسرائيل. إذ غضب الله عليهم مرة أخرى، فأمر داود بإحصاء الشعب. حاول يوآب ثنيه لكنه في النهاية أطاع الأمر. وبعد ظهور نتيجة الإحصاء، أدرك داود خطأه وطلب الرحمة من الله. فأرسل الله النبي جاد ليخيّره بين ثلاثة عقوبات: ثلاث سنوات مجاعة، أو ثلاثة أشهر هزيمة أمام الأعداء، أو ثلاثة أيام وباء. فاختار داود الوباء، فمات سبعون ألفاً من الشعب.

وعندما وصل ملاك الموت إلى أورشليم ووقف عند بيدر أرونة اليبوسي، أمره الله بالتوقف. فامتلأ داود رعباً وقال إن العقوبة يجب أن تقع عليه وعلى بيته. ثم أمره جاد ببناء مذبح في بيدر أرونة. عرض أرونة الأرض مجاناً، لكن داود أصر على دفع الثمن، فاشترى المكان بخمسين شاقل فضة وبنى عليه مذبحاً للرب، فانتهى الوباء.

التأليف

[عدل]

المصادر

[عدل]

يُعتقد أن المصادر التي استُخدمت في تكوين سفري صموئيل الأول والثاني تشمل ما يلي:[8]

  • دعوة صموئيل أو نشأة صموئيل (صموئيل الأول 1–صموئيل الأول 7): من ولادته حتى مسيرته كقاضٍ ونبي على إسرائيل. يتضمن هذا المصدر «قصة عالي» وجزءاً من «قصة التابوت».[9]
  • قصة التابوت (صموئيل الأول 4:1ب–7:1 وصموئيل الثاني 6:1–20): أسر الفلسطينيين للتابوت في زمن عالي ونقله إلى أورشليم على يد داود – وهناك خلاف حول ما إذا كانت هذه وحدة مستقلة بالفعل.[10]
  • المصدر الأورشليمي: مصدر قصير نسبياً يتناول فتح داود للقدس من اليبوسيين.
  • المصدر الجمهوري: مصدر ذو نزعة معارضة للملكية. يصف أولاً كيف خلّص صموئيل الشعب من الفلسطينيين ثم اضطر، "بتكليف من الله"، إلى مسح شاول ملكاً. يُصوَّر داود على أنه بارع في العزف على القيثارة، فيُستدعى إلى بلاط شاول لتهدئة مزاجه. ثم تتطور صداقته مع يوناثان بن شاول، التي يرى بعض المفسرين أنها قد تحمل بعداً عاطفياً، ويصبح يوناثان حاميه من نوايا شاول العنيفة. وفي وقت لاحق، وبعد أن تخلى الله عن شاول قبل المعركة، يلجأ الأخير إلى وسيطة روح في عين دور، فيظهر له صموئيل بعد وفاته ليعلن هلاكه مع أبنائه. يُصوَّر داود وهو ينوح على يوناثان عند موته ممزقاً ثيابه حزناً.
  • المصدر الملكي: مصدر ذو نزعة مؤيدة للملكية ويغطي العديد من التفاصيل نفسها التي يغطيها المصدر الجمهوري. يبدأ بالحديث عن ولادة صموئيل التي جاءت بتدبير إلهي. يصف شاول وهو يقود حرباً ضد العمونيين ثم يُختار ملكاً من الشعب ويقودهم ضد الفلسطينيين. يُصوَّر داود هنا كراعٍ صغير يصل إلى ساحة المعركة لمساعدة إخوته، فيسمعه شاول، ومن ثم يواجه جليات وينتصر. تُبرز النصوص أيضاً إعجاب النساء بداود، ومن بينهن ميكال ابنة شاول التي تحميه لاحقاً. ثم يتزوج داود امرأتين إضافيتين بعد تهديده بمهاجمة قرية، فيما تُعطى ميكال لزوج آخر. وفي مرحلة أخرى، يلجأ داود إلى صفوف الفلسطينيين ويقاتل بني إسرائيل كعدو. كما يُبرز النص موقف داود الرافض لقتل شاول حتى بدافع الرحمة، لأنه كان «ممسوحاً» على يد صموئيل، ويأمر بقتل عماليقي زعم أنه فعل ذلك.
  • التاريخ البلاطي لداود أو سرد الخلافة (صموئيل الثاني 9–20 والملوك الأول 1–2): وصفه ألبرتو سوغّين بأنه «رواية تاريخية» تسرد حكم داود منذ علاقته ببتشابع حتى وفاته. المحور الأساسي هو العقاب: خطيئة داود بحق أوريا الحثي عوقب عليها من الله بتدمير أسرته.[11] والغرض منه تبرير تولي سليمان بن بتشابع العرش بدلاً من أخيه الأكبر أدونيا.[12] ويرى بعض نقاد النصوص أن دقة التفاصيل قد تعني أن كاتب هذا السرد كان شاهداً على بعض الأحداث، أو أنه اطلع على سجلات وقائع البلاط وتقارير المعارك.[13]
  • التنقيحات: إضافات من المُحرّر لدمج المصادر المختلفة وتنسيقها؛ العديد من المقاطع الغامضة قد تكون جزءاً من هذا التحرير.
  • مصادر متفرقة: عدة نصوص قصيرة لا ترتبط ببعضها كثيراً وتتميز باستقلالها عن بقية السرد. كثير منها أشعار أو قوائم بحتة.

مخطوطات

[عدل]

تتضمن أربعة من مخطوطات البحر الميت أجزاءً من سفري صموئيل: 1QSam، الذي عُثر عليه في مغارة قمران 1 ويحتوي على أجزاء من صموئيل الثاني؛ و4QSama، 4QSamb، و4QSamc التي وُجدت جميعاً في مغارة قمران 4. وتُعرف مجتمعةً باسم مخطوطة صموئيل ويعود تاريخها إلى القرنين الثاني والأول قبل الميلاد.[14][15]

أقدم نسخة كاملة باقية بالعبرية من سفري صموئيل وُجدت في مخطوطة حلب (القرن العاشر الميلادي).[16] أما النص اليوناني الكامل لصموئيل فيوجد في مخطوطات أقدم مثل المخطوطة السينائية من القرن الرابع الميلادي.

الموضوعات

[عدل]
حنّة تقدّم صموئيل إلى عالي، بريشة يان فيكتورز، 1645

يُعد سفر صموئيل تقييماً لاهوتياً لمفهوم الملكية بشكل عام، وللملكية السلالية وداود بشكل خاص.[17] وتُعرض الموضوعات الرئيسة في القصيدة الافتتاحية («نشيد حنّة»): (1) سيادة يهوه، إله إسرائيل؛ (2) تقلب مصائر البشر؛ (3) الملكية.[18] وهذه الموضوعات تظهر في قصص الشخصيات الثلاث الأساسية: صموئيل، شاول وداود.

صموئيل

[عدل]

يُمثل صموئيل صورة «النبي مثل موسى» المذكور في سفر التثنية (18:15–22): مثل موسى، له اتصال مباشر مع يهوه، ويعمل قاضياً، ويُصوَّر كقائد كامل لا يخطئ.[19] وتُظهر انتصاراته على أعداء بني إسرائيل أنهم ليسوا بحاجة إلى ملك (الذي قد يجلب التفاوت الاجتماعي)، لكن الشعب يصر على طلب ملك. ومع ذلك، يُعطَون الملك كهبة من يهوه، ويشرح صموئيل أن الملكية قد تكون بركة لا لعنة إذا ظل الشعب أمناء لإلههم، بينما سيحل الدمار بالملك والشعب إذا مالوا إلى الشر.[12]

شاول

[عدل]

شاول هو المختار: طويل، وسيم، و«حسن المنظر»،[20] ملك اختاره يهوه ومسحه صموئيل نبيه، لكنه في النهاية يُرفض.[21] وتُذكر له زلتان أساسيتان جعلتاه غير أهل للملك: تقديم ذبيحة مكان صموئيل،[22] وعدم القضاء على عماليق كما أُمِر، مع محاولته تبرير الأمر بالاحتفاظ ببعض مواشيهم ليقدمها ذبائح.[23][24]

داود

[عدل]

من أبرز الوحدات السردية في السفر «قصة صعود داود»، التي هدفها تبرير داود بوصفه الخليفة الشرعي لشاول.[25] ويُبرز السرد أن داود حصل على العرش بوسائل مشروعة، محترماً «مسيح يهوه» (أي شاول)، ولم يستغل الفرص العديدة للإطاحة به بالقوة.[26] وبصفته الملك المختار، يُوصف داود أيضاً بأنه ابن لله («أكون له أباً وهو يكون لي ابناً» – صموئيل الثاني 7:14).[27] ويُعقد عهد أبدي بين الله وداود ونسله، يتضمن وعداً بالحماية الإلهية للسلالة وأورشليم على مر الزمن.[28]

يتضمن صموئيل الثاني 23 قولاً نبوياً يُعرف بـ«كلمات داود الأخيرة» (الآيات 1–7) وقائمة بـ37 من «الأبطال» الذين كانوا قادة جيشه (الآيات 8–39). وتذكر الكتاب المقدس في القدس أن هذه الكلمات الأخيرة نُسبت إلى داود على نمط بركة يعقوب[29] وبركة موسى.[30] وتُشير حواشيها إلى أن النص تعرّض لاضطراب كبير وأن محاولات إعادة بنائه افتراضية.[31]

أما سفر الملوك الأول 2:1–9[32] فيتضمن وصية داود الأخيرة لابنه وخليفته سليمان.

انظر أيضاً

[عدل]

ملاحظات

[عدل]
  1. ^ يُشار إليهم عادة بعبارة: «صموئيل الرائي، ناثان النبي، وجاد الرائي».

المراجع

[عدل]

الاستشهادات

[عدل]
  1. ^ أسماء بديلة: Philosophy. Psychology. Religion--The Bible--Old Testament--Special parts of the Old Testament--Historical books--Samuel (1 and 2 Kings, Douai Bible).
  2. ^ Gordon، 1986، صفحة 18.
  3. ^ Hirsch، Emil G. (1906). "Samuel, Books of". Jewish Encyclopedia. مؤرشف من الأصل في 2025-09-03.
  4. ^ Mathys، H. P. (2001). "1 and 2 Chronicles". في Barton، J.؛ Muddiman، J. (المحررون). The Oxford Bible Commentary. ص. 283.
  5. ^ 1 Samuel 1:1–20
  6. ^ 2 Samuel 24:24
  7. ^ 2 Samuel 1:17–27
  8. ^ Jones, pp. 197–99
  9. ^ Soggin 1987، صفحة 210–211.
  10. ^ Eynikel 2000، صفحة 88.
  11. ^ Soggin 1987، صفحة 216–217.
  12. ^ ا ب Klein 2003، صفحة 316.
  13. ^ Kirsch 2009، صفحة 307–309.
  14. ^ "1qsam | The Way To Yahuweh". مؤرشف من الأصل في 2023-03-26.
  15. ^ Rezetko & Young 2014، صفحة 671.
  16. ^ Friedman، Matti (28 سبتمبر 2008). "Scholars search for pages of ancient Hebrew Bible". Los Angeles Times. مؤرشف من الأصل في 2025-02-21.
  17. ^ Klein 2003، صفحة 312.
  18. ^ Tsumura 2007، صفحة 68.
  19. ^ Breytenbach 2000، صفحة 53–55.
  20. ^ 1 Samuel 9:2 (ترجمة الملك جيمس)
  21. ^ Hertzberg 1964، صفحة 19.
  22. ^ صموئيل الأول 13:8–14
  23. ^ صموئيل الأول 15
  24. ^ Klein 2003، صفحة 319.
  25. ^ Dick 2004، صفحة 3–4.
  26. ^ Jones 2001، صفحة 198.
  27. ^ Coogan 2009، صفحة 216، 229–233.
  28. ^ Coogan 2009، صفحة 425.
  29. ^ Genesis 49
  30. ^ Deuteronomy 33
  31. ^ الكتاب المقدس في القدس، حاشية على صموئيل الثاني 23:1
  32. ^ 1 Kings 2:1–9

المصادر

[عدل]

وصلات خارجية

[عدل]


النص الماسوري

ترجمات يهودية

ترجمات مسيحية