أصالةُ الرأي صانتني عن الخطلِ | | وحليةُ الفضلِ زانتني لدى العَطَلِ |
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شَرعٌ | | والشمسُ رَأدَ الضحى كالشمس في الطفلِ |
فيم الإقامةُ بالزوراءِ لا سَكنِي | | بها لا ناقتي فيها ولا جملي |
ناءٍ عن الأهلِ صِفر الكف مُنفردٌ | | كالسيفِ عُرِّي مَتناه عن الخلل |
فلا صديقَ إليه مشتكى حَزَني | | ولا أنيسَ إليه مُنتهى جذلي |
طال اغترابي حتى حَنَّ راحلتي | | وَرَحْلُها وَقَرَا العَسَّالةَ الذُّبُلِ |
وضج من لغبٍ نضوى وعج لما | | ألقى ركابي ، ولج الركب في عَذلي |
أريدُ بسطةَ كفٍ أستعين به | | على قضاء حقوقٍ للعلى قِبَلي |
والدهر يعكس آمالي ويُقنعني | | من الغنيمة بعد الكدِّ بالقفلِ |
وذي شِطاطٍ كصدر الرمحِ معتقل | | بمثله غيرُ هيَّابٍ ولا وكلِ |
حلو الفُكاهةِ مرُّ الجدِّ قد مزجت | | بشدةِ البأسِ منه رقَّةُ الغَزَلِ |
طردتُ سرح الكرى عن ورد مُقْلتِه | | والليل أغرى سوام النوم بالمقلِ |
والركب ميل على الأكوار من طربٍ | | صاح ، وآخر من خمر الكرى ثملِ |
فقلتُ : أدعوك للجلَّى لتنصرني | | وأنت تخذلني في الحادث الجللِ |
تنامُ عيني وعين النجم ساهرةٌ | | وتستحيل وصبغ الليل لم يحُلِ |
فهل تعينُ على غيٍ همتُ به | | والغي يزجر أحياناً عن الفشلِ |
إني أريدُ طروقَ الحي من إضمٍ | | وقد حماهُ رماةٌ من بني ثُعلِ |
يحمون بالبيض والسمر الِّلدان به | | سودُ الغدائرِ حمرُ الحلي والحللِ |
فسر بنا في ذِمام الليل معتسِفاً | | فنفخةُ الطيبِ تهدينا إلى الحللِ |
فالحبُّ حيث العدا والأسدُ رابضةٌ | | حول الكِناس لها غابٌ من الأسلِ |
تؤم ناشئة بالجزم قد سُقيت | | نِصالها بمياه الغُنْج والكَحَلِ |
قد زاد طيبُ أحاديثِ الكرام بها | | مابالكرائم من جبن ومن بخلِ |
تبيتُ نار الهوى منهن في كبدِ | | حرَّى ونار القرى منهم على القُللِ |
يَقْتُلْنَ أنضاءَ حُبِّ لا حِراك بهم | | وينحرون كِرام الخيل والإبلِ |
يُشفى لديغُ العوالي في بيُوتِهمُ | | بِنَهلةٍ من غدير الخمر والعسلِ |
لعل إلمامةً بالجزع ثانيةٌ | | يدِبُّ منها نسيمُ البُرْءِ في عللي |
لا أكرهُ الطعنة النجلاء قد شفِعت | | برشقةٍ من نبال الأعين النُّجلِ |
ولا أهاب الصفاح البيض تُسعدني | | باللمح من خلل الأستار والكللِ |
حبُّ السلامةِ يثني هم صاحبهِ | | عن المعالي ويغري المرء بالكسلِ |
فإن جنحتَ إليه فاتخذ نفقاً | | في الأرض أو سلماً في الجوِّ فاعتزلِ |
ودع غمار العُلا للمقدمين على | | ركوبها واقتنعْ منهن بالبللِ |
يرضى الذليلُ بخفض العيشِ مسكنهُ | | والعِزُّ عند رسيم الأينق الذّلُلِ |
فادرأ بها في نحور البيد جافِلةً | | معارضات مثاني اللُّجم بالجدلِ |
إن العلا حدثتني وهي صادقةٌ | | فيما تُحدثُ أن العز في النقلِ |
لو أن في شرف المأوى بلوغَ منىً | | لم تبرح الشمسُ يوماً دارة الحملِ |
أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمعاً | | والحظُ عني بالجهالِ في شُغلِ |
لعله إن بدا فضلي ونَقْصهمُ | | لِعينه نام عنهم أو تنبه لي |
أعللُ النفس بالآمال أرقبها | | ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل |
لم أرتضِ العيشَ والأيام مقبلةٌ | | فكيف أرضى وقد ولت على عجلِ |
غالى بنفسي عِرْفاني بقينتها | | فصنتها عن رخيص القدْرِ مبتذَلِ |
وعادة السيف أن يزهى بجوهرهِ | | وليس يعملُ إلا في يديْ بطلِ |
ماكنتُ أوثرُ أن يمتد بي زمني | | حتى أرى دولة الأوغاد والسفلِ |
تقدمتني أناسٌ كان شوطُهمُ | | وراءَ خطوي لو أمشي على مهلِ |
هذاء جزاء امرىءٍ أقرانهُ درجوا | | من قبلهِ فتمنى فسحةَ الأجَلِ |
فإن علاني من دوني فلا عَجبٌ | | لي أسوةٌ بانحطاط الشمسِ عن زُحلِ |
فاصبر لها غير محتالٍ ولا ضَجِرِ | | في حادث الدهر ما يُغني عن الحِيلِ |
أعدى عدوك أدنى من وثِقتَ به | | فحاذر الناس واصحبهم على دخلِ |
فإنما رُجل الدنيا وواحدها | | من لايعولُ في الدنيا على رجلِ |
وحُسن ظنك بالأيام معجزَةٌ | | فَظنَّ شراً وكن منها على وجَلِ |
غاض الوفاءُ وفاض الغدر وانفرجت | | مسافة الخُلفِ بين القوْل والعملِ |
وشان صدقكَ عند الناس كذبهم | | وهلْ يُطابق مِعْوجٌ بمعتدلِ |
إن كان ينجع شيءٌ في ثباتهمُ | | على العهود فسبق السيف للعذلِ |
يا وراداً سُؤر عيش كلُّه كدرٌ | | أنفقت صفوك في أيامك الأول |
فيم اقتحامك لجَّ البحر تركبهُ | | وأنت تكفيك منهُ مصة الوشلِ |
مُلكُ القناعةِ لا يُخشى عليه ولا | | يُحتاجُ فيه إلى الأنصار والخَولِ |
ترجو البقاء بدارٍ لاثبات بها | | فهل سمعت بظلٍ غير منتقلِ |
ويا خبيراً على الإسرار مطلعاً | | اصمتْ ففي الصمت منجاةٌ من الزلل |
قد رشحوك لأمرٍ إن فطٍنتَ له | | فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ |