مستخدم:Malateeq/ملعب

أضف موضوعًا
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

هدايا المرضى للأطباء[عدل]

إعداد : د محمد العتيق - استشاري طب الأسرة[عدل]

في عام 2011، ألغت الهيئة الطبية في بريطانيا رخصة العمل لأحد الأطباء النفسيين بعد أن علمت بتلقيه هدية مالية من إحدى مريضاته المسنات بقيمة 1.2 مليون جنيه إسترليني، وشيك بهدية أخرى بقيمة 150,000 جنيه إسترليني. وقد تبين فيما بعد أنه وصف للمريضة جرعات إضافية من عقار مهدئ من الأدوية المقيدة. وقد بررت اللجنة قرار الإلغاء بأن الهدية أثرت على قرار الطبيب في علاجه للمريضة.

قد تبدو هذه الحادثة واضحة بما يكفي لاتخاذ موقف يلام فيه الطبيب، واتخاذ قرار بإلغاء ترخيصه للمبلغ الكبير غير المعهود الذي قدمته المريضة، وأثره فيما تبع ذلك من معالجات. لكن الأمر قد يبدو أكثر غموضا وصعوبة، وربما تبدو المسألة معضلة أكثر، لحالات كثيرة جدا في المؤسسات الصحية في أنحاء العالم، حين يقدم المرضى لأطبائهم هدايا متنوعة لأسباب مختلفة، أكثرها بقصد الشكر والعرفان على ما تلقوه من رعاية وعناية.

في دراسة مسحية عملتها المجلة الطبية البريطانية عام 1980، وجد أن 20% من أطباء المملكة المتحدة تلقوا هدايا من مرضاهم في فترة الثلاثة أشهر السابقة للدراسة. وتنوعت الهدايا مابين علب شكولاتة إلى مشروبات وعطور وغيرها. ومن الطريف أن أحد الأطباء تلقى كنزة صوف حاكتها له إحدى مريضاته بينما كانت منومة للعلاج الكيماوي من السرطان.

قد يكون من المقبول أن يتلقى الطبيب هدية رمزية من مريضه، بل إن رفضها قد يسبب له حرجا ويؤثر على العلاقة العلاجية فيما بعد، غير أن الهدايا القيمة والمبالغ الكبيرة لها وضع مختلف، فهي تمس أخلاقيات المهنة وشروط وطبيعة العقد الذي يعمل بموجبه الطبيب.

وهذا مفهوم جدا، فإن من طبيعة الإنسان التأثر، وهناك احتمال كبير أن يؤدي قبول الهدايا القيمة إلى التأثير على الطبيب في عدة جوانب، منها تفضيل المريض صاحب الهدية على غيره في المعالجة، أو التعجيل بمواعيده، أو الاستجابة لطلباته فيما بعد، لعمل إجراءات وفحوص وصرف أدوية مما قد لا يكون له حاجة أو تسويغ طبي أو علاجي مقبول.

في التشريعات التنظيمية للمستشفيات البريطانية، هناك توصيات واضحة بأنه على الطبيب رفض الهدايا من المرضى أو أقربائهم، ويستثنى من ذلك الهدايا الصغيرة كالأقلام والتقاويم والمفكرات اليومية وأمثالها، شريطة ألا تؤثر في قرار الطبيب بمعالجة المريض أو فحصه أو وصف الدواء له أو تحويله، وألا تكون الهدية ولو صغرت، نتيجة طلب بالتصريح أو التلميح من الطبيب نفسه. وفي حالة الشك فإن على الطبيب استشارة القسم القانوني بالمستشفى أو المركز الطبي.

كما يلزم النظام البريطاني الأطباء بتسجيل أية هدايا يتلقونها مما تزيد قيمته عن مائة جنية إسترليني، ويشمل التسجيل اسم المهدي ورقمه الطبي ونوع الهدية وقيمتها التقديرية، مع التأكيد على الأطباء بالامتناع عن طلب الهدية بشكل مباشر أو غير مباشر من المريض أو قريبه، أو تشجيعه على فعل ذلك. أما في أنظمة الجمعية الطبية الكندية فليس هناك ما ينص على أية توصيات في هذا الخصوص غير أن أنظمة بعض الولايات تنص على السماح بقبول الهدايا البسيطة بينما تمنعها تماما أنظمة ولايات كندية أخرى. في المملكة العربية السعودية، ورد في اللائحة التنفيذية لنظام الخدمة المدنية، في الباب الثاني للواجبات التي يلتزم الموظف ويتقيد بها وهو يمارس عمله المادة (12) (د) وجاء فيها: عدم قبول الهدايا أو الإكراميات أو خلافه بالذات أو بالواسطة لقصد الإغراء من أرباب المصالح. (1)

وفي كتاب (أخلاقيات الممارس الصحي) الصادر من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، قسم الكتاب الهدايا لثلاثة أنواع: ما كان من جنس الرشوة فلا يجوز قبولها، وما لم يكن على صورة رشوة ولكن على صورة هدايا باهضة الثمن، نقدية كانت او عينية، فلا يجوز قبولها، والنوع الثالث الهدايا غير الثمينة مما اعتاد الناس على تبادله بينهم تعبيرا عن شعور المحبة والمودة، كالأقلام او الكتب العلمية والمجلات الطبية ونحوها فهذا مما يتجوز فيه ما لم يشعر الممارس الصحي بحصول تأثير على نفسه من جهة سلوكه وقراراته). (2) وربما يكون لكل مستشفى أو مركزا طبيا لوائح داخلية تحكم ذلك.

لماذا يهدي المرضى أطباءهم؟

في حين أن أكثر الأسباب هي لإظهار الشكر والامتنان والعرفان على ما قدمه الطبيب من معالجات أدت لتحسن المريض، هناك أسباب أخرى يجدر النظر إليها قد تدفع المرضى لتقديم الهدايا لأطبائهم. من ذلك أن الهدية قد تكون تعبيرا عن علاقة عاطفية بين المريض وطبيبه، ربما من جانب واحد على الأقل، وقد يكون السبب محاولة للفت نظر الطبيب للحصول على اهتمام وعناية أكثر، وقد يكون السبب محاولة التأثير على الطبيب للحصول على منافع أكثر مما تقتضيه الحالة الطبية. وبقدر ما يفهم الطبيب دوافع الهدية سيكون واضحا له طريقة التعامل معها ومع صاحبها بطريقة نظامية وأخلاقية.

ثلاثة اتجاهات

هناك ثلاثة اتجاهات في هذا الإطار: الاتجاه الأول يقول بقبول الهدية دوما، والاتجاه الثاني يرى قبولها في ظروف معينة، والاتجاه الثالث يرى رفضها دوما. ولكل واحد من هذه الاتجاهات تسويغه الأخلاقي والنظامي. الذين يرون قبولها مطلقا أو في ظروف محددة يقولون بأن في ذلك منفعة للمريض أيضا. فهي تقوي العلاقة العلاجية وتشعره بالتقدير والثقة والشعور بالمتعة بأنه أدى عملا نبيلا تجاه من يحبه، بينما الرفض يسيء للعلاقة ويشعر المريض بالحرج، وربما يجرح شعوره وكرامته ويشعره بالرفض، وربما يرى المريض هذا التصرف نوعا من الفظاظة وعدم التهذيب. وإضافة للعوامل المرتبط بالهدية نفسها من جهة قيمتها وطبيعتها، يشير أصحاب الاتجاه الثاني إلى عوامل أخرى ترتبط بالمهدي نفسه، فاختلاف الجنسين بين الطبيب والمريض، والمرحلة العمرية لكليهما، وطبيعة المرض وإزمانه، وطول العلاقة العلاجية، مما يرى البعض أنه يؤثر على الحكم بقبول الهدية أو رفضها.

أما من يرون رفضها مطلقا فحجتهم أنه من المستحيل أن ينفك الطبيب عن طبيعته البشرية في التأثر بالهدية، وحتما سيتغير تعامله مع مريضه طبقا لذلك، كما أنه من الصعب وضع حدود عملية لما هو مقبول أو غير مقبول في مثل هذه الأحوال.

ما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة؟

للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله فتوى في ذلك جاء فيها:(أما إذا كان في مستشفى الحكومة ومستوصف الحكومة فلا يعطى شيء، لا يعطى، لكن لو أعطاه بعد الخلاص وبعد النهاية من دون وعد ومن دون شيء لعله لا حرج، لكن تركه أحوط، حتى ولو بعد ذلك،)(3). وللشيخ صالح الفوزان فتوى بالتحريم المطلق. (4)

وفي موقع اسلام ويب، فتويان أحدهما تجيز أخذ الهدية باشتراط سماح نظام المستشفى بذلك وألا تكون الهدية مدعاة لمحاباة المريض ومنحه ما لا يستحق (5). والفتوى الأخرى تحرم ذلك مطلقا. (6) وهناك فتاوى متعلقة بالمسألة لكن بشكل أعم تحت باب هديا الموظفين والعمال. (9-7)

وللشيخ الدكتور خالد المصلح بحث موسع في ذلك، تحت عنوان: (هدايا العمّال والموظفين ضوابطها وتطبيقاتها المعاصرة)، ولم يذكر فيه شيئا خاصا بالأطباء أو الممارسين الصحيين، ذكر في ملخصه أن (الأصل في هدايا العمال والموظفين على اختلاف مراتبهم وجهات عملهم المنع والتحريم لتضافر الأدلة على ذلك، ولجلاء شرها. وأن الراجح جواز الهدية للموظف إذا كافأ عليها، وذلك أن المكافأة على الهدية يستوي به المهدي مع المهدى إليه، فيزول ما يخشى من تأثير الهدايا.) (10)

المراجع:

1.    https://m.mu.edu.sa/sites/default/files/content-files/001.pdf

2.    https://www.scfhs.org.sa/Media/DigitalLibrary/DocumentLibrary/OtherPublications/Documents/%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%8A.pdf

3.    https://binbaz.org.sa/old/33496

4.    https://www.youtube.com/watch?v=fnqzAUQnW9I

5.    http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=81009

6.    http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=112376

7.    http://www.startimes.com/f.aspx?t=36049460

8.    http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=52923

9.    http://www.saaid.net/Doat/binbulihed/f/169.htm

10. http://almoslim.net/node/247198 تصنيف:هدايا تصنيف:أطباء تصنيف:مرضى تصنيف:أخلاقيات