مغازل النوم

مغازل النوم هي دفعات من النشاط العصبي التذبذبي تتولّد من التفاعل بين النواة الشبكية للمهاد (TRN) وبقية أنوية المهاد أثناء المرحلة الثانية لنوم حركة العين غير السريعة أو ما يسمى أيضا النوم البطئء، وذلك ضمن نطاق ترددي يقارب 11–16 هرتز (غالبًا 12–14 هرتز) (وتُسمّى أحيانًا «موجات سيغما» أو «نطاقات سيغما»)، بمدة لا تقل عن 0.5 ثانية (عادة بين 0.5 و1.5 ثانية)[1]. بعد نشأتها نتيجة التفاعل بين عصبونات النواة الشبكية للمهاد والخلايا المهاديّة-القشرية، تُحافظ المغازل على نشاطها وتُنقل إلى القشرة الدماغية بواسطة حلقات راجعة مهاديّة–مهاديّة ومهاديّة–قشرية تُنظَّم من خلال النقل العصبي الغاباوي (GABAergic) ومن خلال النقل الغلوتاماتي المعتمد على مستقبلات NMDA.
لوحظت مغازل النوم (بحسب التقارير المباشرة) لدى جميع الأنواع الثديية التي خضعت للاختبار. وعند الاقتصار على الحيوانات التي دُرست فيها المغازل بعمق (وبالتالي استبعاد النتائج المضلّلة الناجمة عن ما يُسمّى بالمغازل الزائفة)، يبدو أن لها تردّدًا رئيسيًا محفوظًا عبر الأنواع يقارب 9–16 هرتز. غير أن الفارق في التردد الداخلي بين المغازل الأمامية والخلفية قد تأكّد فقط لدى الإنسان والقوارض والكلاب، إذ تسجَّل المغازل فوق الجزء الخلفي من فروة الرأس بتردد أعلى في المتوسط، يتجاوز غالبًا 13 هرتز[2].
الدور في الذاكرة
[عدل]تشير الأبحاث إلى أنّ مغازل النوم تؤدّي دورًا جوهريًا في كلٍّ من المعالجة الحسيّة وترسيخ الذاكرة طويلة الأمد. حتى وقت قريب، كان يُعتقد أنّ ذروة كل اهتزاز في المغزل تحدث في الوقت نفسه عبر القشرة المخية الحديثة بأكملها. غير أنّ الدراسات أظهرت أنّ هذه الاهتزازات تنتشر عبر القشرة في أنماط دائرية، بحيث تبلغ ذروتها في منطقة معيّنة أولًا، ثم بعد بضع ميلي ثانية في منطقة مجاورة. ويُفترض أنّ هذا التنظيم للمغازل يسمح للعصبونات بالتواصل عبر القشرات المختلفة، وأن سرعة انتشار هذه الموجات تماثل الزمن الذي تستغرقه العصبونات للتواصل فيما بينها[3].
ومع ذلك، لا يزال هناك جدل علمي حول ما إذا كان هناك ارتباط حقيقي بين مغازل النوم والذاكرة؛ إذ خلصت مراجعة منهجية حديثة شملت 53 دراسة إلى أنّه لا توجد علاقة بين مغازل النوم والذاكرة، ومن غير المرجّح أن تكون للمغازل علاقة في عمليات التعلّم واللدونة العصبية[4].
على الرغم من أنّ وظيفة مغازل النوم ما تزال غير واضحة تمامًا، فإنّ الاعتقاد السائد هو أنّها تشارك بشكل فعّال في ترسيخ الذاكرة التصريحية الليلية عبر عملية إعادة الترسيخ. وقد أظهرت الدراسات أنّ كثافة المغازل تزداد بعد التعلّم المكثّف لمهام الذاكرة التصريحية، كما أنّ درجة الزيادة في نشاط المغازل خلال المرحلة الثانية من النوم ترتبط ارتباطًا إيجابيًا بأداء الذاكرة.
إلى جانب وظائفها الأخرى، تساهم مغازل النوم في تطوّر الحواس الجسدية، وفي التحكّم المهادي–القشري بالمحفّزات الحسية، وفي اللدونة المشبكية، وكذلك في ترسيخ الذاكرة في غياب الإدراك الواعي. وتعمل المغازل على ضبط التفاعلات بين الدماغ وبيئته الخارجية، إذ تقوم أساسًا بتعديل مستوى الاستجابة للمحفّزات الحسية أثناء النوم. وقد كشفت أبحاث حديثة أنّ المغازل تُشوّه نقل المعلومات السمعية إلى القشرة، وبذلك تعزل الدماغ عن الاضطرابات الخارجية أثناء النوم. كما أظهرت دراسة أخرى أنّ إعادة التعرّض لإشارات شمية خلال النوم تؤدي إلى إعادة تنشيط الذاكرة، وهو عنصر أساسي في ترسيخ الذاكرة طويلة المدى وتحسين القدرة على التذكّر لاحقًا[5].
دورها في النوم والتعلم
[عدل]تبيّن أنّ المغازل التي ينشئها المهاد تساعد على الاستمرار في النوم حتى في وجود أصوات خارجية مزعجة، كما وُجد ارتباط بين كمية النشاط الموجي في المهاد وبين قدرة النائم على الحفاظ على حالة من الهدوء. وبما أنّها تتولّد في النواة الشبكية للمهاد (TRN)، فإنّ للمغازل دورًا أساسيًا في المعالجة الحسية
أثناء النوم، تُرصد مغازل النوم في الدماغ على شكل دفعة من النشاط العصبي تظهر مباشرة بعد ارتعاش العضلات. ويعتقد الباحثون أنّ الدماغ، خصوصًا لدى صغار السن، يتعلّم خلال النوم أيّ الأعصاب تتحكّم في أيّ عضلات محدَّدة[6].
لقد وُجد أيضًا أنّ نشاط مغازل النوم يرتبط بـ دمج المعلومات الجديدة في المعارف القائمة، وكذلك بـ عمليات التذكّر الموجَّه والنسيان الموجَّه (وذلك في حالة المغازل السريعة)[7].
حالات مرضية
[عدل]أثناء النوم البطشء نوم ، تفتقد الموجات الدماغية لدى المصابين بمرض الفُصام النمطَ الطبيعي لمغازل النوم البطيئة والسريعة. كما أنّ فقدان المغازل يُعدّ سمة من سمات الأرق العائلي المميت، وهو أحد أمراض البريونات. وتُلاحظ تغيّرات في كثافة المغازل في بعض الاضطرابات؛ فقد أظهرت بعض الدراسات وجود تغيّر في مغازل النوم لدى الأطفال المصابين بالتوحّد، وتشير دراسات أخرى إلى غياب المغازل في حالات الصرع[8].
تُجرى حاليًا أبحاث لتطوير نظام آلي لرصد مغازل النوم عبر الويب باستخدام تقنيات تعلّم الآلة. وتشير نتائج الدراسة الحالية إلى أنّ هذا النظام الآلي للكشف عن المغازل يمتلك إمكانات كبيرة للتطبيق العملي.
مراجع
[عدل]- ^ Berry، Richard B.؛ Wagner، Mary H. (2015). Sleep medicine pearls (ط. 3d edition). Philadelphia, PA: Elsevier/Saunders. ISBN:978-1-4557-7051-9.
{{استشهاد بكتاب}}:|طبعة=يحوي نصًّا زائدًا (مساعدة) - ^ Iotchev، Ivaylo Borislavov؛ Kubinyi، Eniko (3 فبراير 2021). "Shared and unique features of mammalian sleep spindles – insights from new and old animal models". Biological Reviews. ج. 96 ع. 3: 1021–1034. DOI:10.1111/brv.12688. ISSN:1464-7931.
- ^ Muller, Lyle; Piantoni, Giovanni; Koller, Dominik; Cash, Sydney S; Halgren, Eric; Sejnowski, Terrence J (15 Nov 2016). "Rotating waves during human sleep spindles organize global patterns of activity that repeat precisely through the night". eLife (بالإنجليزية). 5. DOI:10.7554/eLife.17267. ISSN:2050-084X. Archived from the original on 2025-08-13.
{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: دوي مجاني غير معلم (link) - ^ Ujma, Péter Przemyslaw (2024-06). "Meta-analytic evidence suggests no correlation between sleep spindles and memory". Neuropsychologia (بالإنجليزية). 198: 108886. DOI:10.1016/j.neuropsychologia.2024.108886. Archived from the original on 2025-03-31.
{{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في:|تاريخ=(help) - ^ HOLZ، JOHANNES؛ PIOSCZYK، HANNAH؛ FEIGE، BERND؛ SPIEGELHALDER، KAI؛ BAGLIONI، CHIARA؛ RIEMANN، DIETER؛ NISSEN، CHRISTOPH (16 مايو 2012). "EEG sigma and slow‐wave activity during NREM sleep correlate with overnight declarative and procedural memory consolidation". Journal of Sleep Research. ج. 21 ع. 6: 612–619. DOI:10.1111/j.1365-2869.2012.01017.x. ISSN:0962-1105.
- ^ Dingfelder، Sadie F. (2006). "To sleep, perchance to twitch". PsycEXTRA Dataset. اطلع عليه بتاريخ 2025-09-25.
- ^ Saletin, Jared M.; Goldstein, Andrea N.; Walker, Matthew P. (2011-11). "The Role of Sleep in Directed Forgetting and Remembering of Human Memories". Cerebral Cortex (بالإنجليزية). 21 (11): 2534–2541. DOI:10.1093/cercor/bhr034. ISSN:1460-2199. Archived from the original on 2024-04-23.
{{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في:|تاريخ=(help) - ^ Iranmanesh، Saam؛ Rodriguez-Villegas، Esther (2017-08). "An Ultralow-Power Sleep Spindle Detection System on Chip". IEEE Transactions on Biomedical Circuits and Systems. ج. 11 ع. 4: 858–866. DOI:10.1109/TBCAS.2017.2690908. ISSN:1932-4545. مؤرشف من الأصل في 2025-01-21.
{{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في:|تاريخ=(مساعدة)