إدراك حسي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

هذه نسخة قديمة من هذه الصفحة، وقام بتعديلها فاطمة الزهراء (نقاش | مساهمات) في 16:49، 6 فبراير 2021 (استرجاع تعديلات 178.130.120.38 (نقاش) حتى آخر نسخة بواسطة JarBot). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة، وقد تختلف اختلافًا كبيرًا عن النسخة الحالية.

الإدراك الحسي[1] (من اللفظ اللاتيني التصور «Perceptio»، بمعنى التجميع أو الاستلام)، هو تنظيم المعلومات الحسية وتحديدها وتفسيرها من أجل تمثيل وفهم المعلومات أو البيئة المقدمة.[2]

ينطوي الإدراك الحسي على إشارات تمر عبر الجهاز العصبي، والتي تنتج بدورها عن التحفيز الفيزيائي أو الكيميائي لجهاز الإحساس.[3] على سبيل المثال، تتضمن الرؤية إصابة الضوء لشبكية العين؛ تتم عملية الشم نتيجة وجود جزيئات الرائحة؛ في حين يتضمن السمع موجات ضغط.

الإدراك الحسي ليس فقط تلقيًا سلبيًا للإشارات المعالجة، بل يتشكل أيضًا بواسطة تعلم المتلقي الإدراكي الحسي وذاكرته وتوقعه وانتباهه.[4][5] أما المدخلات الحسية، ففهي عملية تحويل هذه المعلومات منخفضة المستوى إلى معلومات ذات مستوى أعلى (على سبيل المثال، تجسيد أشكال الأشياء المادية للتعرف عليها).[5] تربط العملية التي تليها مفاهيم الشخص وتوقعاته (أو معرفته) مع الآليات التصالحية والانتقائية (مثل الانتباه) التي تؤثر على الإدراك.

يعتمد الإدراك الحسي على الوظائف المعقدة للجهاز العصبي، ولكن في الغالب يبدو ذاتيًا وبلا مجهود لأن هذه المعالجة تحدث خارج نطاق الإدراك الواعي.[3]

تطور فهم علم النفس للإدراك الحسي من خلال الجمع بين مجموعة متنوعة من التقنيات منذ ظهور علم النفس التجريبي في القرن التاسع عشر.[4] يصف علم الطبيعة النفسية العلاقات بين الصفات الجسدية للمدخلات الحسية والإدراك الحسي كميًا.[6] يدرس علم الأعصاب الحسي الآليات العصبية الكامنة وراء الإدراك. يمكن أيضًا دراسة الأنظمة الإدراكية حسابيًا اعتمادًا على المعلومات التي تعالجها. تشمل القضايا الإدراكية الحسية في فلسفة الإدراك مدى وجود الصفات الحسية مثل الصوت أو الرائحة أو اللون في الواقع الموضوعي وليس في عقل المدرك.[4]

أثبتت دراسة الوهم والأشكال الملتبسة أن أنظمة الإدراك الحسي في الدماغ تحاول بشكل نشط ومسبق الوعي فهم مدخلات الحواس، على الرغم من النظر إليها تقليديًا على أنها مستقبلات سلبية.[4] ما يزال هناك جدل قائم حول المدى الذي يكون فيه الإدراك الحسي عملية فعالة لاختبار الفرضيات، بشكل مماثل للعلم، أو ما إذا كانت المعلومات الحسية الواقعية غنيةً بما يكفي لجعل هذه العملية غير ضرورية.[4]

تمكن الأجهزة الإدراكية الحسية للدماغ الأفراد من رؤية العالم من حولهم على أنه مستقر، على الرغم من أن المعلومات الحسية عادة ما تكون غير مكتملة وسريعة التغير. تُعد أدمغة الإنسان والحيوان مبنية وفق نموذج معرفي، مع وجود مناطق مختلفة تعالج أنواعًا متعددة من المعلومات الحسية. تأخذ بعض هذه الوحدات شكل خرائط حسية، إذ ترسم خرائط لبعض جوانب العالم المادي عبر جزء من سطح الدماغ. تترابط هذه الوحدات المختلفة وتؤثر على بعضها البعض. على سبيل المثال، يتأثر الذوق بالرائحة بشكل واضح.[7]

يستخدم ديلويز وغواتاري مصطلح «الإدراك الحسي» أيضًا[8] لتحديد الإدراك بمعزل عن المدركين.

أنواع الإدراك الحسي

الرؤية

تُعد الرؤية الحاسة البشرية الأساسية من نواح كثيرة. يؤخذ الضوء من خلال كل عين ويُركز بطريقة مناسبة على شبكية العين حسب اتجاه المنشأ. يلتقط سطح كثيف من الخلايا الحساسة للضوء، بما في ذلك العصي والمخاريط وخلايا الشبكية العقدية الحساسة الجوهرية، معلومات حول كثافة الضوء الوارد ولونه وموضعه، ثم تُعالج طبيعة الضوء وحركته داخل الخلايا العصبية في شبكية العين قبل إرسال المعلومات إلى الدماغ. في النهاية، يُرسل نحو 15 نوعًا مختلفًا من المعلومات إلى الدماغ عبر العصب البصري.[9]

السمع

السمع (أو الاستماع)، هو القدرة على إدراك الصوت عن طريق تحديد الاهتزازات (أي الكشف الصوتي). تُسمى الترددات التي يمكن أن يسمعها البشر بالترددات الصوتية أو المسموعة، والتي يتراوح نطاقها عادةً بين 20 هرتز و20000 هرتز.[10] ويُشار إلى الترددات الأعلى من الترددات الصوتية بالموجات فوق الصوتية، في حين يُشار إلى الترددات الأقل من الترددات الصوتية على أنها موجات تحت صوتية.

يشمل الجهاز السمعي الأذنين الخارجيتين، التي تجمع الموجات الصوتية وتصفيها؛ والأذنين الوسطتين، التي تحول ضغط الصوت (توفيق المعاوقة)؛ والأذنين الداخليتين التي تنتج إشارات عصبية استجابةً للصوت. تُوجه هذه الإشارات إلى القشرة السمعية الأولية داخل الفص الصدغي للدماغ البشري من خلال الممر السمعي، حيث تنتقل المعلومات السمعية إلى القشرة المخية لمزيد من المعالجة.

لا يأتي الصوت عادة من مصدر واحد: في المواقف الحقيقية، تأتي الأصوات من مصادر واتجاهات متعددة وتتراكب عند وصولها إلى الأذنين. يتضمن الاستماع مهمةً حسابيةً معقدة تتمثل في فصل مصادر جذب الانتباه وتحديدها وتقدير المسافة والاتجاه في كثير من الأحيان.[11]

اللمس

تُعرف عملية التعرف على الأشياء من خلال اللمس بالإدراك اللمسي، والذي ينطوي على مزيج من الإدراك الحسي الجسدي للأنماط على سطح الجلد (على سبيل المثال، الحواف، والانحناءات، والطبيعة) بالإضافة إلى استيعاب الحس العميق لموضع اليد وشكل الشيء الملموس.[12] يمكن للناس تحديد الأشياء ثلاثية الأبعاد بسرعة وبدقة عن طريق اللمس، وتتضمن هذه العملية إجراءات استكشافية، مثل تحريك الأصابع على السطح الخارجي للشيء أو الإمساك بالشيء كاملًا بواسطة اليد.[13] يعتمد الإدراك اللمسي على القوى المُختبرة أثناء اللمس.[14]

عرّف جيمس جاي جيبسون نظام اللمس بأنه «حساسية الفرد للعالم المجاور لجسمه باستخدام جسده».[15] كما أكد مع مختصين آخرين على الارتباط الوثيق بين حركة الجسم والإدراك اللمسي، حيث يمثل هذا الأخير الاستكشاف الفعال.

يرتبط مفهوم الإدراك اللمسي بمفهوم الحس الفسيولوجي الموسع، الذي يبين أنه عند استخدام أداة مثل العصا، ستُنقل التجربة الإدراكية بشكل تام عبر نهاية الأداة.

شروط حدوث الإدراك

يشترط لحدوث الإدراك عدة عوامل أساسية :

1ـ وجود المثير.

2ـ الإحساس بالمثير :أي أن يشعر الفرد بآثار المثير وبذلك يكشف الإحساس عن وجود المثير.

3ـ التعرف على المثير ـ إدراكه ـ أي أن يكون المثير له معنى معين.

4ـ الاستجابة: وتكون استجابة الفرد من خلال خبراته الإدراكية السابقة وما مر به من تجارب فيعرف خواص المثير وما يرمز له ذلك المثير.

فمن سمع صوت جهاز الإنذار وخبر أنه دليل للخطر استجاب وفق خبرته بأنه خطر فقد يهرب أو يختبأ. أي ان تعاقب العمليات يكون : (المثير........الإحساس..........التعرف...........اختيار الاستجابة.) والإدراك يحتاج لذاكرة فظهور مثير قد مررنا به يسترجع معلومات قد أدركناها سابقاً..

الإدراك الحسي والواقع

العديد من علماء النفس الاستعرافيين يصرحون أننا كبشر، عندما نتجول في العالم المحيط بنا، إنما نبني نموذجنا الخاص لكيفية سير هذا العالم. نحن نحس بعالمنا الموضوعي الحقيقي، لكن إحساساتنا يتم إسقاطها (تحويلها) إلى مدرَكات مؤقتة احتياطية provisional، كما نكون العديد من الفرضيات العلمية المؤقتة لحين إثباتها أو دحضها.

عندما نستقبل معلومات حسية جديدة، تتغير مدركاتنا وفقا لها. أبراهام بايز كان يؤكد دوما على هذه الطبيعة اللدنة للخيال الإنساني. في حالة الإدراك الحسي يمكن لبعض الناس أن يروا حقيقة التغير في المدرك البصري بما يمكن أن نسميه عيون عقلية. لكن الأشخاص الآخرين الذين لا يتمتعون بتفكير صوري لا يمكنهم أن يحسوا perceive حقيقةً بتغير الشكل المرافق لتغير عالمهم. أحد أمثلة هذه الحالة هي الصور الملتبسة ambiguous image التي تملك أكثر من تفسير على المستوى الإدراكي.

في هذه الحالة نملك جسما واحدا يمكن أن ينتج أكثر من مدرك واحد، بالتالي يمكن أن نجد أن جسما ما يمكن ألا ينتج أي مدرك على الإطلاق : إذا كان المدرك غير موجود أساسا ضمن خبرة الشخص، وعندئذ يمكن للشخص ألا يدركه إطلاقا.

هذه الطبيعة الملتبسة المحيرة للإدراك الحسي يمكن أن تظهر في بعض التقنيات الحيوية التي تستخدمها الأحياء في الطبيعة مثل : التقليد والتمويه. إدراك حسي

العوامل المؤثرة في الإدراك

تتأثر عمليه الإدراك بنوعين من العوامل:

العوامل الداخليه يتأثر إدراك الفرد بما حوله من المثيرات ومواقف وأشخاص وظواهر بعدد من العوامل الداخليه (الذاتيه)المتعلقه بالشخص ذاته حيث توجه تلك العوامل إدراك الفرد وفقا لبعض المتغيرات وهي:[16]

  • الميول والاتجاهات.
  • الخبرة السابقه.
  • حاجات الفرد ورغباته.[16]
  • الإيحاء.
  • التوقع.
  • الحالة الانفعاليه والمزاجيه.[16]

العوامل الخارجيه يتأثر إدراك الفرد لما حوله من المثيرات ومواقف وأشخاص وظواهر بعدد من العوامل الخارجيه (الموضوعية) المتعلقه بالمثيرات الخارجى حيث توجه تلك العوامل إدارك الفرد وفقا لبعض المتغيرات .

  • الحركة والتغير.
  • التنظيم والترتيب.[16]
  • التنظيم والترتيب.
  • خداع الحواس.
  • التباين والتضاد.[16]

العلاقه بين الإحساس والانتباه والإدراك

بالرغم من ارتباط العمليات المعرفيه المتمثله في الإحساس والانتباه والإدراك معا ارتباطا وثيقا وصعوبه الفصل بينهم، إذ من السهل فصلها نظريا ولكنها تعد مسأله صعبه علميا .[16]

ورغم هذا التميز بين الإحساس والانتباه والإدراك فلا يمكن الفصل بينهم في الواقع العلمى كعمليات عقليه معرفيه مستقله عن بعضها تماما حيث تعمل تلك العمليات معا في تناغم وتآزر مستمرين في شكل حلقه متكامله حيث يؤثر كل منهم بالآخر ويتأثر به في آن واحد.[16]

انظر أيضا

المراجع

  1. ^ المعجم الفلسفي (PDF)، مجمع اللغة العربية، القاهرة، جمهورية مصر العربية: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 1983م - 1403 هـ، ص. 6، مؤرشف من الأصل (PDF) في 3 فبراير 2020 {{استشهاد}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  2. ^ Schacter، Daniel (2011). Psychology. Worth Publishers. مؤرشف من الأصل في 2020-07-31.
  3. ^ أ ب Goldstein (2009) pp. 5–7
  4. ^ أ ب ت ث ج Gregory, Richard. "Perception" in Gregory, Zangwill (1987) pp. 598–601.
  5. ^ أ ب Bernstein، Douglas A. (5 مارس 2010). Essentials of Psychology. Cengage Learning. ص. 123–124. ISBN:978-0-495-90693-3. مؤرشف من الأصل في 2017-01-02. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-25.
  6. ^ Gustav Theodor Fechner. Elemente der Psychophysik. Leipzig 1860.
  7. ^ DeVere، Ronald؛ Calvert، Marjorie (31 أغسطس 2010). Navigating Smell and Taste Disorders. Demos Medical Publishing. ص. 33–37. ISBN:978-1-932603-96-5. مؤرشف من الأصل في 2011-11-09. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-26.
  8. ^ Deleuze and Guattari, What is Philosophy?, Verso, 1994, p. 163.
  9. ^ Gollisch، Tim؛ Meister، Markus (28 يناير 2010). "Eye Smarter than Scientists Believed: Neural Computations in Circuits of the Retina". Neuron. ج. 65 ع. 2: 150–164. DOI:10.1016/j.neuron.2009.12.009. PMC:3717333. PMID:20152123.
  10. ^ "Frequency Range of Human Hearing". The Physics Factbook. مؤرشف من الأصل في 2009-09-21.
  11. ^ Moore، Brian C. J. (15 أكتوبر 2009). "Audition". في Goldstein، E. Bruce (المحرر). Encyclopedia of Perception. Sage. ص. 136–137. ISBN:978-1-4129-4081-8. مؤرشف من الأصل في 2011-11-09. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-26.
  12. ^ Klatzky، R. L.؛ Lederman، S. J.؛ Metzger، V. A. (1985). "Identifying objects by touch: An "expert system."". Perception & Psychophysics. ج. 37 ع. 4: 299–302. DOI:10.3758/BF03211351. PMID:4034346.
  13. ^ Lederman، S. J.؛ Klatzky، R. L. (1987). "Hand movements: A window into haptic object recognition". Cognitive Psychology. ج. 19 ع. 3: 342–368. DOI:10.1016/0010-0285(87)90008-9. PMID:3608405. S2CID:3157751.
  14. ^ Robles-de-la-torre، Gabriel؛ Hayward، Vincent (2001). "Force can overcome object geometry in the perception of shape through active touch". Nature. ج. 412 ع. 6845: 445–448. Bibcode:2001Natur.412..445R. DOI:10.1038/35086588. PMID:11473320. S2CID:4413295.
  15. ^ Gibson، J.J. (1966). The senses considered as perceptual systems. Boston: Houghton Mifflin. ISBN:978-0-313-23961-8.
  16. ^ أ ب ت ث ج ح خ عزه محمد صديق وآخرون:مدخل إلي علم النفس العام(جامعه حلوان،كليه الآداب -قسم علم النفس.