الثورة الصناعية

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

هذه نسخة قديمة من هذه الصفحة، وقام بتعديلها Cyclone605 (نقاش | مساهمات) في 16:08، 6 مارس 2021 (الرجوع عن تعديلين معلقين من 77.126.16.232 و 2001:16A2:B54D:3B00:64C1:6601:C790:2142 إلى نسخة 48267626 من مصعب العبود.). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة، وقد تختلف اختلافًا كبيرًا عن النسخة الحالية.

الآلة البخارية

الثورة الصناعية هي انتشار وإحلال العمل اليدوي بالمكننة. شهدت بلدان أوروبا الغربية خلال القرن الثامن عشر نهضة علمية شاملة فتنوعت الأبحاث والتجارب لتشمل مختلف فروع العلم ولتؤدي إلى اختراعات واكتشافات مهمة كانت السبب المباشر في قيام الثورة الصناعية خلال القرن التاسع عشر. وهي ثورة كان لها الأثر البالغ على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية سواء في أوروبا أو خارجها.

ظهور الثورة الصناعية وانتشارها ومظاهرها

ظهرت الثورة الصناعية باختراع الآلة البخارية في إنجلترا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر وانتقلت بعد ذلك إلى دول غرب أوروبا ومن ثم إلى جميع أنحاء العالم . وقد كانت إنجلترا الدولة الأولى التي ظهرت فيها الثورة لعدة أسباب ,منها أنها كانت قوية اقتصاديا وأنها تتوفر على موقع جغرافي هام كما أنها كانت منعزلة عن المشاكل داخلها.

ظهور الثورة الصناعية في بريطانيا

كانت بريطانيا أسبق دول العالم في تحقيق النهضة الصناعية. فمنذ منتصف القرن الثامن عشر انطلقت بها الثورة الزراعية التي أدت إلى تحسن المستوى المعيشي لسكان الأرياف فتزايد إقبالهم على استعمال المعدات الزراعية المتطورة واعتماد جانب من مدخراتهم في تطوير المشاريع الصناعية. كما أدت الثورة الزراعية وإدخال الآلات وطرق الاستغلال الحديثة إلى سيطرة الملكيات الكبيرة والاستغناء عن نسبة هامة من العمال الزراعيين فتوفرت بذلك يد عاملة رخيصة وكثيرة العدد للمصانع.

وبالإضافة إلى ما حققته الثورة الزراعية تجمع لدى بريطانيا رصيد ضخم من المال من تجارتها الواسعة مع مستعمراتها وظهرت فيها المصارف التي شجعت على نهوض العديد من المشاريع الصناعية. وقد تمتعت بريطانيا باستقرار داخلي بعيدا عن مخاطر الحروب القارية الأمر الذي ساعد على تطور نموها الاقتصادي وبروز العديد من الاختراعات الجديدة التي ضمنت لها التفوق على بقية منافسيها، وأهمها اختراع الآلة البخارية التي عملت على مكننة صناعة النسيج والأقمشة.

كانت أخلاق العمل البروتستانتية كقيم الموثوقية، والادخار، والتواضع، والصدق، والمثابرة والتسامح، أحد أسباب نشأة الثورة الصناعية.[1]

انتشار الثورة الصناعية

لم تتمكن بريطانيا من الاحتفاظ طويلا بأسرار تفوقها وثروتها فسرعان ما راحت العديد من الدول الأوروبية الأخرى تسعى إلى تحقيق ثورتها الصناعية وتطمح إلى الدخول في منافسة معها. ولم يوشك القرن التاسع عشر على نهايته إلا والثورة الصناعية قد امتدت إلى مناطق مختلفة من العالم خصوصا أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية وأيضا اليابان. وبدأت ألمانيا في تسيير أول خط سكك حديدية يعمل بالآلة البخارية.

مظاهر الثورة الصناعية

شمل التطور الصناعي العديد من الميادين فازدهرت صناعة الغزل والنسيج وظهرت المصانع والأفران عالية الحرارة لصهر الحديد. وأصبحت الآلات بحاجة إلى مصادر جديدة للطاقة فاستخدم الفحم الحجري ثم البخار في القرن التاسع عشر ، ثم الكهرباء في القرن العشرين التي انتشرت في تشغيل المحركات والآلات وفي تسيير البواخر والقاطرات.

نتائج الثورة الصناعية

ساهمت الثورة الصناعية في تنشيط الحياة الاقتصادية فظهر نظام اقتصادي جديد كان له بالغ الأثر على المجتمع الأوروبي. وقد أدت الثروة الكبيرة إلى تقدم إنجلترا وجعلها من أغنى دول العالم فزاد إيرادها إلى 800 مليون جنية في عام 1914 وقد مكنتها مقدرتها المالية على إقراض الدول المختلفة ومنها مصر والدولة العثمانية وسائر الحكومات التي احتاجت إلى المال كذلك وجدت رؤوس الأموال مجالات متسعة خارج حدود إنجلترا تستخدم فيه على نطاق واسع . كذلك أيضا تزايدت مطالب العمال وحدث صدام بينهم وبين أصحاب رؤوس الأموال وأصبح التوفيق بين مطالب الطرفين من المسائل ذات الأهمية.

بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان استغلال رأس المال للعمال استغلالا متوحشا ، فكان العمال فقراء لا يستطيعون الصرف علي عائلاتهم ولم تكن هناك رعاية لصحتهم . فكانوا يضربون عن العمل بغرض تحسين أحوالهم ، وازدادت أحوالهم سوءا ، مما دعى مفكرين وفلاسفة الكتابة عن أوضاع العمال السيئة واستغلالهم . من أشهر هؤلاء الفلاسفة كارل ماركس و فريدريك إنجلز مثل كتاب إنغلز ظروف الطبقة العاملة في إنجلترا أو كتاب ماركس رأس المال "داس كابيتال " (الذي قام إنجلز بتحريره).

على اثر ذلك ظهرت الثورة الروسية في عام 1917 بالإطاحة بالقياصرة الروس وتأسيس نظام شيوعي تحت رئاسة لينين ، على أن يعطي العمال حقوقهم وانهاء الإقطاع وسيادة رأس المال.

النتائج الاقتصادية

أدى ظهور النظام الشيوعي في روسيا والاتحاد السوفييتي إلى منافسة كبيرة وتحد كبير للنظام الرأسمالي الوحشي السائد في أوروبا الغربية وأمريكا. ولتهدئة العمال رأى النظام الرأسمالي أنه من الأفضل له أن يشرك العمال في المكاسب وان يهتم بهم واحوالهم حتى لا يقومون بثورات على غرار ثورة الطبقة العاملة في روسيا. كذلك رأي النظام الرأسمالي في العمال طبقة استهلاكية يمكن تسويق منتجات المصانع فيها ، بغرض جمع مكاسب وأرباح. من خلال تلك المنافسة أو التهديد بين النظامين استطاعت الرأسمالية التأقلم مع الواقع ، وجذب العمال لهم عن طريق إشراكهم في عمليات الإنتاج ودفع رواتب مناسبة تناسب معيشة لهم راضية.

تطورت نفوذ النقابات العمالية في العالم الغربي بزيادة التعليم ,وأصبح في استطاعتها الضغط على أصحاب العمل وأصحاب رؤوس الأموال للتوصل إلى أجور ومرتبات عادلة ، لا يسودها الاستغلال. وحدث تنافس شديد بل ومعاداة بين النظام الرأسمالي في الغرب والنظام الرأسمالي في الشرق ، كل منهما يريد جذب العمال في جميع بقاع الأرض له ، على أنه النظام الأفضل .

أدت الثورة الصناعية في الغرب إلى قيام نظام اقتصادي رأسمالي يرتكز على حرية العمل والمبادلات. فبرز دور المؤسسات الإنتاجية الكبرى في تنمية الاقتصاد وتحسنت الأوضاع المعيشية للناس وازدهرت حركة العمران. كما ازداد الإنتاج الصناعي بشكل كبير بفضل تطور المعدات والآلات واعتماد التقنيات الجديدة. فانخفضت كلفة الإنتاج وظهرت صناعات جديدة واتسع الاستثمار في الزراعة فقد أدى الاستعمال المكثف للآلات والأسمدة إلى تحول الإنتاج الزراعي من إنتاج معيشي مخصص أساسا لاستهلاك المزارع وعائلته إلى إنتاج تجاري موجه إلى السوق. لذلك تحولت الزراعة إلى عنصر فعال في تطور القطاع الصناعي بعد أن وفرت له حاجاته من المواد الأولية مما زاد من مستوى الإنتاج واستوجب تأمين أسواق خارجية لترويج فوائضه كما تطلبت التجارة الدولية تطوير المعاملات المالية فأنشأت المصارف المتخصصة واعتمد الذهب كقاعدة في المعاملات .

النتائج الاجتماعية

أسهمت الثورة الصناعية في القضاء على المجتمع القديم وأقامت مكانه مجتمعا جديدا تميز ببروز طبقتين : طبقة أرباب العمل المنتسبين إلى البرجوازية والتي تكونت من أصحاب المؤسسات الصناعية والتجارية والمصرفية. وقد سيطرت هذه الطبقة على الحياة الاقتصادية بامتلاكها لوسائل الإنتاج بين نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين . وطبقة العمال التي تكونت من سكان المدن والنازحين من الأرياف بحثا عن فرص العمل التي وفرتها المصانع. فظهر التفاوت الاجتماعي الذي اقتضى تدخل الدول للحد من سلبياته. فقد صدرت تشريعات عمالية تتعلق بعمل النساء والأطفال وتحدد ساعات العمل والحد الأدنى للأجر وتتناول الشئون الصحية للعمل. وظهر في بعض الدول كألمانيا وبريطانيا ضمان المرض وضمان الحوادث والشيخوخة. كذلك قضت الثورة الصناعية على الروابط العائلية التي كانت مصدر تكافل اجتماعي واقتصادي. فمع هذه الثورة أنشأت المصانع في مناطق دون أخرى فاستقطبت إليها العمال. وكان الآباء أول من اختطفتهم الصناعة ثم بدأت المصانع بتشغيل النساء والأطفال فقضت بذلك على تلاحم الأسرة وتسبب في تفاقم ظاهرة النزوح من الأرياف سعيا وراء فرص العمل التي وفرتها الصناعات الجديدة. فتضخمت المدن بشكل هائل وتفوق العرض على الطلب فانخفضت الأسعار وكثر عدد العاطلين عن العمل وتزايدت حدة البؤس. ظهرت من انتعاش النشاط الاقتصادي من خلال حركة البنوك والوكالات التجارية ومراكز التوزيع والتسويق.

النتائج السياسية والثقافية

كان للثورة الصناعية عدة نتائج على النطاقين الثقافي والسياسي. أما بالنسبة للمستوى السياسي فقد أدت الثورة الصناعية إلى :

  • تطبيق المبادئ الدستورية التي منحت للعمال والنساء حق الانتخاب
  • برزت أحزاب سياسية تدافع عن مصالح العمال وتشارك في الحياة السياسية.
  • احتدام التنافس بين الدول الصناعية للسيطرة على مصادر المواد الخام والأسواق الخارجية مما أنتج تفاقم الاستعمار وانقسام العالم إلى جزأين جزء مهيمن تمثله البلدان الصناعية وجزء مستغل تمثله بلدان أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.

أما بالنسبة إلى الجانب الثقافي فقد رافقت الثورة الصناعية نهضة ثقافية كبيرة كان من ثمارها الإيمان بقدرة العقل البشري وبأهمية العلم والتقدم. وقد نشطت الحياة الثقافية عبر مراكزها التي انتشرت في كل مكان من أوروبا. وأثرت المدينة على حياة الفرد الذي أخذ ينهل مما توفر له من أسباب التعلم والثقافة. فأسهم ذلك في رفع مستوى الوعي.

أثر الثورة الصناعية على العالم

لم تقتصر الثورة الصناعية على أوروبا بل تعدتها إلى دول أخرى من العالم كالولايات المتحدة الأمريكية التي استفادت من المنجزات الأوروبية لتطوير اقتصادها واستغلال مواردها حتى تمكنت من السيطرة على القارة الأمريكية بعد أن تقلص الدور الأوروبي فيها.

واستوعبت اليابان من جانبها منجزات الغرب العلمية محققة بذلك ثورتها الصناعية.

وقد تأثرت الدول العربية إلى حد ما بمنجزات الثورة الصناعية وقام بعض من حكامها بإنشاء المصانع واستقدام الخبراء من دول أوروبا لتنمية الصناعة فيها. كما قاموا بإرسال الطلبة المتفوقين إلى تلك الدول للاطلاع على مدى تقدمها الصناعي والعلمي والاستفادة من خبراتها الجديدة.

بدأت في بريطانيا خلال القرن الثامن عشر الميلادي بسبب توفر الفحم الذي اكتشف لاول مرة في بريطانيا وكان توفر الايدي العاملة سبب مهم أيضا. ثم نمت بسرعة فائقة مع تطور الآلات ذات المحرك والأساليب الحديثة للإنتاج. وبعد ذلك انتشرت في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي في غربي أوروبا.

كان معظم الأوروبيين يعملون بالزراعة قبل الثورة الصناعية. ولكن بعد ظهور المصانع تحولت المدن بسرعة فائقة إلى مدن صناعية. وبدأ سكان الريف في التدفق نحو المدن للعمل في المصانع. فأحدث ذلك النمو الصناعي تحولات اجتماعية هائلة كما بدأت الطبقة الوسطى من وجهاء رجال الأعمال والصناعيين في النمو السريع. فلقد استأثر هؤلاء بامتلاك معظم المصانع، وتوظيف العمال، وإدارة البنوك والمناجم والأسواق، والسكك الحديدية والمؤسسات التجارية.

أصبحت وسائل الإنتاج الحديث في الوقت نفسه تمثل تهديدًا لأصحاب المهن والحرف اليدوية الماهرة وخرجت المرأة والأطفال للعمل خارج المنزل، كما تدفق العمال غير المهرة إلى المدن الصناعية. فاكتظت المدن بالعمال الذين كانوا يتقاضون أجورا متدنية ويعيشون في أوضاع سيئة وفقر مدقع.

ظهر الفيلسوف الاشتراكي الألماني كارل ماركس صاحب نظرية الشيوعية خلال منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وكان يحرض العمال على الثورة للانقضاض على الرأسمالية، وإقامة أنظمة اقتصادية تديرها الدولة، ومجتمعات تذوب فيها الطبقات الاجتماعية، كما أنه كان يؤمن بحتمية قيام الثورة الاشتراكية كنتيجة طبيعية للثورة الصناعية. لكن لم تحدث الثورة كما تكهن بها ماركس.

نجح العمال في كثير من الدول في اكتساب الحق في تكوين النقابات العمالية خلال القرن التاسع عشر الميلادي. فبدأت بريطانيا ودول أخرى بإقرار قوانين تنظيم العمل والعمال في المصانع. وكان لبريطانيا وألمانيا الدور الرائد في وضع تطبيق تشريع الضمان الاجتماعي الذي يضمن للعمال التأمين ضد الحوادث والمرض والبطالة. وبنهاية القرن التاسع عشر الميلادي كوّنت النقابات ووُضعت قوانين تنظيم العمل والعمال في معظم الدول الصناعية.

ثورات صناعية

يصنف الخبراء الثورات الصناعية التي حدثت خلال المئتي عام السابقة ,وأثرت على طرق التصنيع والانتقال والاتصالات ، كما أثرت على المجتمعات كالآتي:

  • الثورة الصناعية الأولى : 1784 باختراع الآلة البخارية ، حين بدأت ميكنة الإنتاج ، وميكنة الانتقال بواسطة الطاقة البخارية.
  • الثورة الصناعية الثانية : 1870 أي نحو 100 عام بعد تقنية الآلة البخارية ، انتقل الإنتاج والاتصال والمواصلات إلى استخدام الطاقة الكهربائية ، وقد أدت إلى طفرة وتغير كبير في المجتمعات.
  • الثورة الصناعية الثالثة : 1969 اختراع الحاسوب و نقل أول رسالة عن طريق الإنترنت ، ودخول الحواسيب في معظم مناحي التصنيع والاتصالات والتعليم .
  • الثورة الصناعية الرابعة : وهي المرحلة المبتدأة حاليًا ، حيث ظهرت تقنيات Artificial Intelligence و Big Data (الروبوتات ، وتعليم الآلات ، تقنية النانو ، التحكم في الجينات ، تطبيق الطباعة الثلاثية الابعاد في الصناعة والإنتاج 3D-printing، و التقنية الحيوية.)

انظر أيضا

المراجع

  1. ^ Kiely, Ray (Nov 2011). "Industrialization and Development: A Comparative Analysis". UGL Press Limited: 25-26.