الحدود في الشريعة الإسلامية

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

هذه نسخة قديمة من هذه الصفحة، وقام بتعديلها Ajwaan (نقاش | مساهمات) في 18:25، 2 يناير 2021 (استرجاع تعديلات 149.255.236.36 (نقاش) حتى آخر نسخة بواسطة Mdenguir). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة، وقد تختلف اختلافًا كبيرًا عن النسخة الحالية.

الحد لغة: هو المنع، وحدود الله: هي محارمه التي نهى عن ارتكابها وانتهاكها، قال تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا.[1] ومعنى الحد شرعًا: "عقوبة مقدرة في الشرع؛ لأجل حق الله"، وقيل: عقوبة مقدرة شرعاً في معصية؛ لتمنع من الوقوع في مثلها أو في مثل الذنب الذي شرع له العقاب. والحدود شُرِعَت لتكون زجرًا للنفوس عن ارتكاب المعاصي والتعدي على حرمات الله سبحانه، فتتحقق الطمأنينة في المجتمع ويشيع الأمن بين أفراده، ويسود الاستقرار، ويطيب العيش. كما أن فيها تطهيرًا للعبد في الدنيا؛ لحديث عبادة بن الصامت مرفوعًا في البيعة، وفيه: «ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفارته» وحديث خزيمة بن ثابت مرفوعًا: «من أصاب حدًا أقيم عليه ذلك الحد، فهو كفارة ذنبه.»

تعريف الحدود

لغويًا

الحد هو الحاجز بين الشيئين. وحد الشيء: منتهاه. تقول: حددت الدار أَحُدُّها حَدّاً، والحَدُّ: المَنْعُ، وهذا أَمْرٌ حَدَدٌ: أي منيعٌ حَرامٌ لا يَحِلُّ ارتكابه وحَدَدْتُ الرَجُل: أقمتُ عليه الحَدَّ، لأنّه يَمْنَعُهُ من المُعاودة. وأَحَدَّتِ المرأة: أي امتَنَعت من الزينة والخِضابِ بعد وفاة زوجها، ومنه حدود الأرض وحدود الحرم ونحوهما كتسمية أهل الاصطلاح المعرف للماهية بالزانيات حدا، إذ الحد يمنع أفراد غير المعرف من الدخول في التعريف ويمنع أفراد غير المعرف من الخروج عن التعريف، ومنه أيضا للإشارة إلى المنع. وهي أحد أقسام المعاملات في علم الفقه. وهي: العقوبات المقدرة في الشرع. وقد بين الإسلام أحكام الحدود، وتطبيقها علي الحياة العامة للمسلم وغير المسلم.[2][3][4]

في المصطلح

الحد اصطلاحًا: هو الْجَامِع الْمَانِع وَيُقَال المطرد المنعكس وحدود الشَّرْع مَوَانِع وزواجر لِئَلَّا يتَعَدَّى العَبْد عَنْهَا وَيمْتَنع بهَا.[5]

أنواع الحدود

لأن الحد في الإسلام عقوبة مقدرة للمصلحة العامة وحماية النظام، وقد قرر القرآن والسنة النبوية حدودًا لجرائم محددة تسمى جرائم الحدود وهذه الجرائم هي:

  • حد الزنا وهو الرجم حتى الموت للمُحصن، ومائة جلدة لغير المحصن وهو قوله:  الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ  .
  • حد الحرابة، هو إما القتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلاف أو النفي من الأرض، ويختلف على حسب حجم الإفساد في الأرض، وهو قوله تعالى:  إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ  إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ  .
  • حد القذف، وهو ثمانون جلدة وهو قوله تعالى:  وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  .
  • حد السرقة في الإسلام، وهو قطع اليد وهو قوله تعالى:  وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  .
  • حد اللواط: القتل، فقد ثبت عن النبي أنه قال: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به»،[6][7][8][9] وبعض أهل العلم يرى بأن يكون قتله رجمًا، وبعضهم يرى قتله حرقًا كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجلا ينكح كما تنكح المرأة، وقامت عليه بذلك البينة، فاستشار أبو بكر رضي الله عنه في ذلك أصحاب رسول الله ، فكان أشدهم في ذلك قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: «إنَّ هذا ذنب لم تعص به أمة من الأمم إلا أمة واحدة، صنع الله تعالى بها ما علمتم، أرى أن نحرقه بالنار». فكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه تحرقه بالنار، ثم حرقهم ابن الزبير رضي الله عنهما في زمانه بالنار، ثم حرقهم هشام بن عبد الملك، ثم حرقهم القسري بالعراق»،[10] وروي عن بعض الصحابة أنه يلقى من شاهق، ويتبع بالحجارة، كما فعل الله بقوم لوط وهو الراجح؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «اتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتلهما جميعًا؛ لكن تنوعوا في صفة القتل: فبعضهم قال: يرجم وبعضهم قال: يرمى من أعلى جدار في القرية ويتبع بالحجارة وبعضهم قال: يحرق بالنار؛ ولهذا كان مذهب جمهور السلف والفقهاء أنهما يرجمان بكرين كانا أو ثيبين».[11]
  • حد شرب الخمر: وهو أربعون جلدة وقد يصل إلى ثمانين ومافوق الأربعون يعد تعزيرًا.
  • حد الردة، وهو قول الرسول:"مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ، وَلاَ تُعَذِّبُوهُ بِعَذَابِ اللَّهِ‌".[12] وقوله: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بإِحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، والنَّفْسُ بالنَّفْسِ، والتَّارِكُ لدِينِهِ المُفَارِقُ للجَمَاعَةِ".[13]
  • حد القتل لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء, 92

مراجع

  1. ^ سورة البقرة آية: 187.
  2. ^ الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للمؤلف: أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ) تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار دار العلم للملايين – بيروت الطبعة: الرابعة 1407 هـ‍ - 1987 م 2/462.
  3. ^ شرح فتح القدير للعاجز الفقير لابن همام 5/4 ط الأولى بمصر سنة 1315 هـ
  4. ^ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2/337 ط. الثالثة 1386 هـ بدار القيم في مصر
  5. ^ الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة للمؤلف زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري، زين الدين أبو يحيى السنيكي (المتوفى: 926 هـ) حققه د. مازن المبارك. دار الفكر المعاصر – بيروت الطبعة: الأولى، 1411 1/65.
  6. ^ أخرجه الترمذي (1456).
  7. ^ أخرجه أبو داود (4462).
  8. ^ ابن ماجه (2561).
  9. ^ "ص209 - كتاب الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - حد اللواط - المكتبة الشاملة الحديثة". al-maktaba.org. مؤرشف من الأصل في 2020-08-24. اطلع عليه بتاريخ 2020-08-24.
  10. ^ رواه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (428) - حدثنا علي بن داود القنطري، ثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (140) حدثنا محمد، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر والآجري في ذم اللواط ص: (29) - وأخبرنا محمد قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن علويه القطان، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري قالوا ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، حدثني داود بن بكر، عن محمد بن المنكدر، - وزاد الخرائطي صفوان بن سليم، وموسى بن عقبة واللفظ له - وكذلك زاد غيره انظر المحلى (11/ 383)، مرسل رواته ثقات. عبد العزيز بن أبي حازم قال ابن معين ثقة صدوق ليس به بأس وقال النسائي ثقة وقال مرة ليس به بأس. وداود بن بكر بن أبي الفرات قال ابن معين ثقة وقال أبو حاتم شيخ لا بأس به ليس بالمتين. وذكره ابن حبان في الثقات وقال الدارقطني يعتبر به. ومحمد بن المنكدر من طبقة التابعين الوسطى وصفوان بن سليم من الطبقة التي تلي الوسطى وموسى بن عقبة من صغار التابعين فلم يدركوا أبا بكر رضي الله عنه لكن بعضهم يقوي بعضاً لا سيما أنَّ مثل هذه القصص تشتهر وشهرتها تزيدها قوة والله أعلم. فالأثر حسن إن شاء الله. قال ابن القيم في الجواب الكافي (ص: 169) ثبت عن خالد بن الوليد رضي الله عنهما:... وقال المنذري في الترغيب والترهيب (3572) وروى ابن أبي الدنيا ومن طريقه البيهقي بإسناد جيد عن محمد بن المنكدر أنَّ خالد بن الوليد رضي الله عنه. وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/ 387) روي عن أبي بكر رضي الله عنه أَّنه حرق الفجاءة بالنار [الذي يلاط به]. وقال (1/ 390) روي عن طائفة من الصحابة رضي الله عنهم تحريق من عمل عمل قوم لوط، وروي عن علي أنَّه أشار على أبي بكر رضي الله عنهما أن يقتله ثم يحرقه بالنار، واستحسن ذلك إسحاق بن راهويه لئلا يكون تعذيباً بالنار.
  11. ^ مجموع الفتاوى (11/ 543).
  12. ^ صحيح البخاري رواه عن عبد الله بن عباس، الرقم: 6922
  13. ^ صحيح البخاري رواه عن عبد الله بن مسعود، الرقم: 6878، صحيح مسلم، الرقم: 1676