المقاومة الفرنسية

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

هذه نسخة قديمة من هذه الصفحة، وقام بتعديلها JarBot (نقاش | مساهمات) في 09:38، 26 أغسطس 2020 (بوت:إصلاح رابط (1)). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة، وقد تختلف اختلافًا كبيرًا عن النسخة الحالية.

المقاومة الفرنسية
 
التاريخ وسيط property غير متوفر.
بداية يونيو 1940  تعديل قيمة خاصية (P580) في ويكي بيانات
نهاية أكتوبر 1944  تعديل قيمة خاصية (P582) في ويكي بيانات
البلد فرنسا  تعديل قيمة خاصية (P17) في ويكي بيانات
الموقع فرنسا  تعديل قيمة خاصية (P276) في ويكي بيانات
سجناء من المقاومة في فرنسا، يوليو 1944

المقاومة الفرنسية (بالفرنسية: La Résistance)‏ هي الاسم الجامع لحركة المقاومة الفرنسية التي حاربت ضد الاحتلال الألماني لفرنسا، ونظام الحكم المتآمر فرنسا فيشي خلال الحرب العالمية الثانية.[1][2][3] كونت المقاومة مجموعات صغيرة من رجال ونساء مسلحين والتي أشاروا إليها باسم الماكيز (maquis) كانوا يقومون بنشر الصحافة السرية وشبكة محطات إذاعية لمساعدة جنود الحلفاء. كانت المقاومة تتكون من كافة طبقات المجتمع، من الكنيسة الرومانية الكاثوليكية المحافظين (بما فيهم الرهبان)، إلى اليهود، ليبراليين، لاسلطويين وشيوعيين.

لعبت المقاومة الفرنسية دورًا هامًا في تسهيل تقدم الحلفاء سريعًا عبر فرنسا عقب غزو نورماندي في 6 يونيو 1944، وغزو بروفنس الأقل شهرة بتاريخ 15 أغسطس، وذلك بتوفير معلومات استخباراتية عسكرية بشأن الدفاعات الألمانية المعروفة بالجدار الأطلسي وعمليات انتشار الفيرماخت وتشكيل المعركة. خططت المقاومة لأعمال تخريب في شبكة الكهرباء، ومرافق النقل، وشبكات الاتصالات ونسقت تلك الخطط ونفذتها.[4][5] كان ذلك أمرًا ضروريًا لفرنسا على الصعيدين السياسي والأخلاقي، سواء في أثناء الاحتلال الألماني أو لعقود بعد ذلك، لأنها قدمت للبلاد مثالًا يُحتذى به للوفاء بالواجب الوطني، متصدية بذلك لخطر التهديد الوجودي الذي يحوم حول الأمة الفرنسية. تناقضت أعمال المقاومة تناقضًا ملحوظًا مع تواطؤ النظام الفرنسي الذي كان مقره في فيشي.[6][7]

عقب عمليات الإنزال في نورماندي وبروفنس، جرى تنظيم العناصر شبه العسكرية لغرض المقاومة رسميًا، وكانت مجتمعة ضمن تسلسل هرمي للوحدات العاملة المعروفة باسم القوات الفرنسية الداخلية. قُدّر عدد عناصر القوات الفرنسية الداخلية آنذاك بمئة ألف عنصر في يونيو 1944، ونمت قواتها بسرعة وبلغت نحو 400 ألف عنصر بحلول أكتوبر من ذلك العام.[8] رغم أن اندماج المؤسسة المالية الأجنبية كان في بعض الحالات محفوفًا بالمصاعب السياسية، إلا أنه كان ناجحًا في نهاية المطاف، وسمح لفرنسا بإعادة إنشاء رابع أكبر جيش في المشهد الأوروبي (1,2 مليون رجل) بحلول يوم النصر في أوروبا في مايو 1945.[9]

الاحتلال النازي

بعد معركة فرنسا واتفاقية الهدنة الفرنسية الألمانية الثانية، والتي وُقعت قرب كومبيين في الثاني والعشرين من يونيو عام 1940، تابع العديد من الفرنسيين حياتهم بشكل طبيعي إلى حد ما في البداية، لكن وبعد فترة قصيرة بدأت سلطات الاحتلال الألماني وحكومة فيشي الفرنسية المتواطئة معها بتطبيق تكتيكات وحشية وقمعية بشكل مطرد للتأكد من خضوع الشعب الفرنسي. على الرغم من أن غالبية الشعب الفرنسي لم تتعاون أو تقاوم بشكل مفرط، حث احتلال الأراضي الفرنسية[10][11] والسياسات الألمانية شديدة القسوة أقلية ممتعضة من السكان الفرنسيين على تشكيل مجموعات شبه عسكرية مخصصة للمقاومة الفعالة أو السلبية.[12]

كان أحد شروط اتفاقية الهدنة هو دفع الفرنسيين تكاليف احتلال بلادهم، أي أن الفرنسيين كانوا مجبرين على تغطية النفقات المترتبة عن العناية بجيش الاحتلال المؤلف من 300,000 جندي. وصل هذا العبء المادي إلى مبلغ 20 مليون رايخ مارك ألماني في اليوم، وهو مبلغ كان يساوي في مايو من عام 1940 نحو 400 مليون فرنك فرنسي.[13] (حُدد سعر الصرف الصنعي للرايخ مارك مقابل الفرنك الفرنسي افتراضيًا بمارك واحد لقاء كل 20 فرنك فرنسي).[13][14]

بسبب المبالغة في تقدير قيمة العملة الألمانية، تمكن المحتلون من عقد اتفاقيات شراء وطلبات تبدو ظاهريًا عادلة ونزيهة، في حين كانوا عمليًا يعملون ضمن شبكة من النهب المنظم. شهدت الأسعار ارتفاعًا مفرطًا،[15] ما أدى إلى موجات واسعة من النقص في الطعام وسوء التغذية،[16] خصوصًا ضمن الأطفال والمسنين وأفراد الطبقة العاملة المنخرطين في مجالات العمل الجسدية.[17] حدث نقص كبير في اليد العاملة أيضًا ما عرقل الاقتصاد الفرنسي، وذلك بسبب خسارة مئات آلاف العمال الفرنسيين الذي أُلقي القبض عليهم واقتيدوا للعمل الإجباري ضمن نظام خدمة العمل الإجباري (إس تي أو).[18][19][20]

ازداد نقص اليد العاملة سوءًا نتيجة احتفاظ ألمانيا بعدد كبير من الفرنسيين كأسرى حرب في السجون الألمانية.[21] بعيدًا عن هذه الصعوبات والتنقلات، أصبح الاحتلال الألماني مع الوقت أمرًا لا يطاق. لعبت الأنظمة الشاقة والرقابة الصارمة والبروباغاندا المستمرة وحظر التجول الليلي دورًا في تشكيل جو من الخوف والقمع.[14] أثار منظر امرأة فرنسية ترافق الجنود الألمان غضب العديد من الرجال الفرنسيين، لكن ذلك في بعض الأحيان كان الطريقة الوحيدة التي تتمكن بها النساء من تأمين الطعام الكافي لعائلاتهن.[22][23]

انتقامًا من نشاطات المقاومة، فرضت السلطات الألمانية أشكالًا قاسية من العقوبات الجماعية. على سبيل المثال، أدى ازدياد عنف المقاومة الشيوعية في أغسطس من عام 1941 إلى اعتقال آلاف الأسرى من مجموع السكان.[24] ذكر بيان سياسي نمطي مخططات الألمان بالقول: «بعد كل حادثة أخرى، سوف نطلق النار على عدد يمثل شدة الجريمة المقترفة».[25] خلال فترة الاحتلال، يُقدر أن 300,000 مواطن فرنسي قُتلوا رميًا بالرصاص بهدف إثارة خوف الآخرين الذين شاركوا في حركات المقاومة.[26] مارست القوات الألمانية في بعض الأحيان مجازر بحق الفرنسيين مثل مجزرة أورادور سور غلان، والتي دمر فيها الألمان قرية بالكامل وقتلوا جميع سكانها تقريبًا عقوبة للسكان على نشاطات المقاومة المستمرة في محيط القرية.[27][28]

في أوائل عام 1943، شكلت سلطات حكومة فيشي مجموعة شبه عسكرية عُرفت باسم الميليس (ميليشيا) بهدف محاربة المقاومة الفرنسية. عملت هذه القوات إلى جانب الجيش الألماني الذي كان منتشرًا على امتداد الأراضي الفرنسية بحلول نهاية عام 1942.[29] تعاونت هذه المجموعة مع النازيين بشكل مقرب، وكانت نسخة لحكومة فيشي من قوات أمن الغيستابو (الشرطة السرية الألمانية) في ألمانيا.[30] تميزت نشاطات هذه المجموعة بالوحشية غالبًا وتضمنت التعذيب والإعدام للمشتبهين بمشاركتهم في المقاومة. بعد تحرير فرنسا في صيف عام 1944، أعدم الفرنسيون عددًا كبيرًا من عناصر الميليس المقدر عددهم بنحو 25,000 إلى 30,000 عنصر لقاء خيانتهم.[29] هرب الكثير ممن فر من الاعتقال إلى ألمانيا، حيث انضموا إلى فرقة شارلمان من الجناح العسكري للفافن إس إس.[31]

التسلسل الزمني

1940: الصدمة الأولى، والإجراءات المضادة

في أعقاب هزيمة فرنسا بتاريخ يونيو 1940، أجمعت الآراء على انتصار ألمانيا بالحرب، وساد الشعور بعدم جدوى المقاومة نظرًا للحتمية الواضحة والمتمثلة بانتصار الرايخ الألماني. كانت تجربة الاحتلال شديدة الإرباك النفسي بالنسبة للفرنسيين لأن ما كان مألوفًا وآمنًا لهم ذات يوم أصبح غريبًا ومُهددًا.[32] لم يتمكن العديد من أهل باريس من تجاوز الصدمة حين شاهدوا في البداية أعلام الصليب المعقوف الضخمة المعلقة على قاعة دي فيل وعلى قمة برج إيفل.[33] عُلّقت لافتة ضخمة على واجهة قصر بوربون، حيث جرى تحويل مبنى الجمعية الوطنية الفرنسية إلى مكتب كومانودانت فون جروس في باريس، كُتب فيها بأحرف كبيرة: «ألمانيا مُنتصرة على كافة الجبهات!» علامة ذكرتها في الواقع جميع الروايات الباريسية آنذاك.[34] كتب المقاوِم السير هنري فريناي أن مشاهدة اختفاء العلم ثلاثي الألوان من باريس ورفرفة العلم المعقوف في مكانه ووقوف الجنود الألمان في الحراسة أمام المباني التي كانت مقرًا لمؤسسات الجمهورية منحه «شعورًا بالاغتصاب».[35] كتب المؤرخ البريطاني إيان أوسبي:

«حتى اليوم، ما يزال الأشخاص غير الفرنسيين أو الذين لم يعايشوا الاحتلال يشعرون بالقليل من صدمة الإنكار عندما ينظرون إلى صور الجنود الألمان الذين يسيرون في شارع الشانزلزيه أو اللافتات الألمانية على الطراز القوطي خارج المعالم الكبرى لباريس. لا تبدو هذه المشاهد غير حقيقية فحسب، بل تكاد أن تكون سريالية على نحو متعمد، وكأن هذا الارتباط غير المتوقع بين الألمان والفرنسيين، والفرنسيين والألمان، كان خدعة قامت بها حركة دادا لا سجلًا تاريخيًا واقعيًا. هذه الصدمة ليست سوى صدى بعيد لما تعرض له الفرنسيون في عام 1940: حيث شهدوا منظرًا مألوفًا يتحول لغير ذلك جراء إضافة معالم غير مألوفة، وتحول الحياة بين المعالم اليومية إلى حياة غريبة فجأة، وفقدان الشعور بموطنهم في أماكن ألِفوها طيلة حياتهم».[36]

مراجع

  1. ^ Freer، Fiona (1 فبراير 2016). "A great read, The Next Moon". Fiona Freer, Writer, Historian, Speaker. مؤرشف من الأصل في 2017-09-17. اطلع عليه بتاريخ 2017-02-13. {{استشهاد ويب}}: يحتوي الاستشهاد على وسيط غير معروف وفارغ: |مؤلفين مشاركين= (مساعدة)
  2. ^ deRochemont، Richard (24 أغسطس 1942). "The French Underground". LIFE. مؤرشف من الأصل في 2019-12-15.
  3. ^ Arbeiter und Soldat archive نسخة محفوظة 15 يوليو 2018 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ Ellis, Allen & Warhurst 2004، صفحات 573--.574.
  5. ^ Booth & Walton 1998، صفحات 18, 187–189.
  6. ^ Moran & Waldron 2002، صفحة 239.
  7. ^ Holmes 2004، صفحة 14.
  8. ^ Sumner 1998، صفحة 37.
  9. ^ Vernet 1980، صفحة 86.
  10. ^ Marshall 2001، صفحة 44.
  11. ^ Christofferson & Christofferson 2006، صفحة 83.
  12. ^ Kedward 1993، صفحة 155.
  13. ^ أ ب Jackson 2003، صفحة 169.
  14. ^ أ ب Kedward 1991، صفحة 5.
  15. ^ Furtado 1992، صفحة 156.
  16. ^ Weitz 1995، صفحة 442.
  17. ^ Mercier & Despert 1943.
  18. ^ Weitz 1995، صفحة 50.
  19. ^ Hayward 1993، صفحة 131.
  20. ^ Marshall 2001، صفحة 443.
  21. ^ Weitz 1995، صفحة 51.
  22. ^ Crowdy 2007، صفحة 8.
  23. ^ Jackson 2003، صفحة 336.
  24. ^ Herbert 2000، صفحة 138.
  25. ^ Herbert 2000، صفحة 139.
  26. ^ Jackson 2003، صفحة 1.
  27. ^ Crowdy 2007، صفحات 56–57.
  28. ^ Jackson 2003، صفحة 546.
  29. ^ أ ب Jackson 2003، صفحات 230–1.
  30. ^ Duarte 2005، صفحة 546.
  31. ^ Jackson 2003، صفحات 568–9.
  32. ^ Ousby 2000، صفحات 157–159.
  33. ^ Ousby 2000، صفحة 159.
  34. ^ Ousby 2000، صفحة 159-160.
  35. ^ Ousby 2000، صفحة 160.
  36. ^ Ousby 2000، صفحة 158.