عولمة
العولمة تعني جعل الشيء عالمي أو جعل الشيء دولي الانتشار في مداه أو تطبيقه.[1][2][3] وهي أيضاً العملية التي تقوم من خلالها المؤسسات، سواء التجاري. والتي تكون من خلالها العولمة عملية اقتصادية في المقام الأول، ثم سياسية، ويتبع ذلك الجوانب الاجتماعية والثقافية وهكذا. أما جعل الشيء دولياً فقد يعني غالباً جعل الشيء مناسباً أو مفهوماً أو في المتناول لمختلف دول العالم. وتمتد العولمة لتكون عملية تحكم وسيطرة ووضع قوانين وروابط، مع إزاحة أسوار وحواجز محددة بين الدول وبعضها البعض. تعرف مجموعة من الدول الرأسمالية المتحكمة في الاقتصاد العالمي نموا كبيرا جعلها تبحث عن مصادر وأسواق جديدة مما يجعل حدودها الاقتصادية تمتد إلى ربط مجموعة من العلاقات مع دول نامية لكن الشيء غير المرغوب فيه هو أن هذه الدول المتطورة على جميع المستويات الفكرية والثقافية والعلمية دخلت في هوية الدول الأخرى إلا أنها حافظت على هويتها الثقافية خاصة وأن العولمة لم تقتصر فقط على البعد المالي والاقتصادي بل تعدت ذلك إلى بعد حيوي ثقافي متمثل في مجموع التقاليد والمعتقدات والقيم كما أن العولمة لا تعترف بالحدود الجغرافية لأي بلد بل جعلت من العالم قرية صغيرة. يستخدم مفهوم العولمة لوصف كل العمليات التي تكتسب بها العلاقات الاجتماعية نوعاً من عدم الفصل وتلاشي المسافة، حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد ـ قرية واحدة صغيرة ويعرف المفكر البريطاني رونالد روبرتسون العولمة بأنها «اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وزيادة وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش» كما يعرفها مالكوم واترز مؤلف كتاب العولمة بأنها «كل المستجدات والتطورات التي تسعى بقصد أو بدون قصد إلى دمج سكان العالم في مجتمع عالمي واحد».
نبذة تاريخية
هناك أسباب مباشرة وغير مباشرة يمكن تتبعها؛ لمعرفة العوامل التاريخية التي تؤثر على العولمة. بدأت العولمة واسعة النطاق في القرن التاسع عشر.
العولمة القديمة
تشير العولمة القديمة -على نحو تقليدي- إلى مرحلة في تاريخ العولمة تتضمن الأحداث والتطورات التي أخذت في العولمة منذ عصر الحضارات الأولى وحتى القرن السادس عشر تقريبًا. يُستخدم مصطلح العولمة القديمة لوصف العلاقات بين المجتمعات والدول، ولوصف الكيفية التي نشأت بها تلك العلاقات نتيجة للانتشار الجغرافي للأفكار والأعراف الاجتماعية على المستويين المحلي والإقليمي.[4]
في هذا التصور، طُرحت ثلاثة شروط أساسية لتفسير حدوث العولمة. يتلخص الشرط الأول في فكرة الأصول الشرقية، التي تُظهِر كيف عمل العالم الغربي على اقتباس المبادئ المستفادة من الشرق وتطويعها وتنفيذها. فلولا انتشار الأفكار التقليدية من الشرق، ما كانت العولمة الغربية لتظهر بالطريقة التي ظهرت بها. يتلخص الشرط الثاني في المسافة. فلم تكن التفاعلات بين الدول تتم على نطاق عالمي، بل انحصرت في أغلب الأحيان في آسيا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وأجزاء معينة من أوروبا. في ظل العولمة المبكرة، كان من الصعب على الدول أن تتفاعل مع دول أخرى ليست على مقربة منها. مؤخرًا، أتاح التقدم التكنولوجي للدول معرفة ما يجري في الدول الأخرى، لذا يمكن أن تحدث مرحلة أخرى من العولمة. أما الخيار الثالث فيتعلق بالتكافل والاعتماد المتبادل، والاستقرار، والملاءمة. إذا لم تكن الدولة معتمدة على دولة أخرى، فلا سبيل لتأثر أي من الدولتين بالأخرى. وهذه إحدى القوى الدافعة وراء العلاقات والتجارة العالمية، ولولا هذين الأمرين لما ظهرت العولمة بالطريقة التي ظهرت بها، ولظلت الدول تعتمد في عملها على إنتاجها وعلى مواردها الخاصة. هذه إحدى الجدالات المتعلقة بفكرة العولمة المبكرة. ويقال إن العولمة القديمة لم تعمل بطريقة مماثلة للعولمة الحديثة؛ لأن الدول لم تكن مترابطة مع بعضها كما هي اليوم.[4]
من المفترض أيضًا وجود طبيعة تعددية أو طبيعة «متعدد الأقطاب» للعولمة القديمة، التي تنطوي على مشاركة نشطة من غير الأوروبيين. ولأن العولمة القديمة سبقت ما يعرف بالتباعد الكبير -في القرن التاسع عشر بعد تقدم أوروبا الغربية على بقية العالم من ناحية الإنتاج الصناعي والناتج الاقتصادي- لم تكن العولمة القديمة مدفوعةً من قِبل أوروبا فحسب، بل من مراكز متقدمة اقتصاديًا لمراكز العالم القديم أيضًا، مثل: كجرات، والبنغال، والصين الساحلية واليابان.[5]
يزعم الباحث الاقتصادي والاجتماعي الألماني أندري غوندر فرانك أن العولمة ظهرت في شكل من أشكالها منذ أن توطدت العلاقات التجارية بين السومريين وحضارة وادي السند في الألفية الثالثة قبل الميلاد. وُجدت هذه العولمة القديمة في العصر الهلنستي، عندما كانت المراكز التجارية المتحضرة تتمركز حول الثقافة اليونانية التي امتدت من الهند في الشرق امتدادًا إلى إسبانيا في الغرب، بما في ذلك الإسكندرية التي أنشئها الإغريق ومدنها الأخرى. في وقت مبكر، أرغم الموقع الجغرافي لليونان وضرورةُ استيراد القمح اليونانيينَ على الانخراط في التجارة البحرية. لم تكن التجارة في اليونان القديمة مقيدة إلى حد كبير؛ إذ كانت الدولة تسيطر فقط على إمدادات الحبوب.[6]
كانت التجارة عبر طريق الحرير عاملًا هامًا في تطور الحضارات من الصين وشبه القارة الهندية وفارس وأوروبا وشبه الجزيرة العربية، وهو ما أتاح بداية التفاعلات السياسية والاقتصادية طويلة المدى. وعلى الرغم من أن الحرير كان بالتأكيد هو العنصر التجاري الرئيس من الصين، فقد أُتجر في سلع شائعة أخرى مثل الملح والسكر، وانتقلت أيضًا الأديان والفلسفات التوفيقية والتكنولوجيات المختلفة والأمراض على طول طرق الحرير. وبالإضافة إلى الإتجار الاقتصادي، كان طريق الحرير وسيلة لممارسة المبادلات الثقافية بين الحضارات على امتداد شبكته. وقد أسفرت حركة الأشخاص -مثل اللاجئين والفنانين والحرفيين والمبشرين واللصوص والمبعوثين- عن تبادل الأديان والفنون واللغات والتكنولوجيات الجديدة.
أشهر المؤلفات عن العولمة
نشر فرنسيس فوكوياما كتابا يحمل فكرة نهاية الحضارات وألف د حسين كامل وزير التعليم المصري الاسبق كتابا الوطنية في عالم بلا هوية ووالي نشر مقالات بجرية الأهرام القاهرية الكاتب الراحل سيد ياسين الباحث مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وبكل لغات العالم الف الكتاب عشرات الكتب عن العوالمة والتي تمثل حلقة في سلسلة محاولة جعل العالم قرية كونية وتوسع الشركات المتعدية الجنسيات وتراجع دور الدول القومية ووصفها البعض نهاية الحضارات وتصورها البعض ب عاد لثانية وافضل 100 مؤلف عن العولمة علي هذا الرابط https://books-library.online/t-4041-best-download [7][8][9]
مقاييس العولمة
تستخدم العولمة للإشارة إلى:
- تكوين القرية العالمية: أي تحول العالم الكبير إلى ما يشبه القرية لتقارب الصلات بين الأجزاء المختلفة من العالم مع ازدياد سهولة انتقال الأفراد، التفاهم المتبادل والصداقة بين "سكان الارض".
- العولمة الاقتصادية: ازدياد الحرية الاقتصادية وقوة العلاقات بين أصحاب المصالح الصناعية في بقاع الأرض المختلفة.
- التأثير السلبي للشركات الربحية متعددة الجنسيات، أي استخدام الأساليب القانونية المعقدة لمراوغة القوانين والمقاييس المحلية لاستغلال للقوى العاملة والقدرة الخدماتية لمناطق متفاوتة في التطور مما يؤدي إلى استنزاف أحد الأطراف (الدول) في مقابل الاستفادة والربحية لهذه الشركات.
مجالات العولمة
تدل العولمة إلى عملية تغيير جميع الحالات الإقليمية إلى حالة عالمية، حيث يتم عن طريقها دعم التواصل بين الدول في جميع العالم. ويعد الهدف الرئيسي من العولمة اتحاد الطاقات وتوجيهها، نحو الأْحسن على جميع الأصعدة السياسية والتكنولوجية والاجتماعية والثقافية.
المجال الاقتصادي والمالي
المقصود بالعولمة في المجال الاقتصادي والمالي هو جعل العالم سوقا واحدة مفتوحة أي العودة إلى اراء كينز من الغاء الرسوم الجمركية بين الدول، وكذلك كافة القيود التي تحول دون حركة البضائع والخدمات ورؤوس الأموال، فيمكن لأي شركة صناعية أن تقيم مصانع ف أي دولة ويمكن لأي بنك أو شركة تأمين أو مكتب محاسبة أو هندسة أن يفتح فروعا له، كما تنتقل رؤوس الأموال من عملة إلى أخرى كما تشاء. وتشمل العولمة أيضا تحويل ملكية لدولة والقطاع العام للمشروعات إلى القطاع الخاص(وهو ما يسمى بالخصخصة) كم تشمل تحرير أسواق المال والأوراق المالية من أي قيود بحيث تتداول العملات والأسهم دونما قيود فيشتريها من يريد وبأي قدر يريد.
المجال السياسي والعسكري
سبق أن أشرنا إلى ما تؤدي اليه العولمة الاقتصادية من سيطرة رأس المال على حكومات الدول الضعيفة بل حتى القوية، وما يعنيه ذلك من تاكل عنصر السيادة الداخلية، وهذا هدف مقصود فقد كثرت الكتابات عن ضرورة تقليص دور الدولة وحلول مؤسسات المجتمع المدني محلها. وهي كلمة حق ان أريد بها تدعيم الديمقراطية والحريات، أما ان أريد بها تزييف الديمقراطية وخضوع مؤسسات المجتمع المدني لتأثير رأس المال الأجنبي وهو ما صرح به أطراف الحوار الدائر حاليا حول تعديل قانون الجمعيات فهي اذن كارثة أخرى تصبح معها الديمقراطية التي لم ينعم بها معظم العالم الثالث هذا من الناحية السياسية الداخلية.
أما من ناحية السياسة الخارجية، فقد كانت حرب الخليج الثانية ايذانا ببداية نظام عالمي جديد بدا باهتا ثم تبينت معالمه فيما تلا ذلك من أحداث.
من أهم هذه الملامح خلو الساحة للولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وضياع التوازن الدولي، واتجاها إلى فرض سيطرتها على العالم مستخدمة في ذلك جهاز الأمم المتحدة لاضفاء الشرعية على تصرفات منطلقة من مصالحها الخاصة، وفي ذلك ضياع لعقود بذلت خلالها البشرية جهودا نحو اقامة نظام عالمي حقيقي وليس نظاما أمريكيا لحكم العالم، فتاكل مبدأ سيادة الدولة، وترنحت الأمم المتحدة تحت الضربات المتوالية التي وجهت اليها، وبات العالم تحكمه قرارات البيت الأبيض والكونجرس، أما امال اصلاح نظام الأمم المتحدة بما يكفل مزيدا من الفاعلية، والديمقراطية الدولية، والعدالة، والسلام.
الأمل العملي الحقيقي يتمثل في عودة التوازن الدولي نتيجة دخول قوى أخرى كالوحدة الأوروبية والصين واليابان إلى ساحة السياسة الدولية.
المجال الاجتماعي وحقوق الانسان
تهدف العولمة في المجال الاجتماعي إلى تنميط البشر في جميع البلاد وفقا لمعايير الغرب، وقد تبدى هذا بوضوح في مؤتمرات الأمم المتحدة للسكان والمرأة وحقوق الانسان وكشفت حرارة المناقشات عن مدى شراسة الهجمة الغربية الهادفة إلى تغليب معايير الثقافة الغربية والحضارة الغربية وتعميمها في العالم كله، كما كان لتلاقي وجهة نظر الفاتيكان مع وجهات النظر الاسلامية دلالتها من حيث أن المستهدف هو القيم الدينية الاسلامية، ومثل هذا الموقف منعطفا جديدا في الأوساط الدولية مغايرا للاتجاه الذي تبنته منظمة اليونسكو في عهد مديرها السابق والهادف إلى لمحافظة على تباين الثقافات والحضارات، كما كشف الموقف عن أن ممثلي الدول الاسلامية في المنظمات الدولية والذين شاركوا في اعداد أوراق عمل هذه المؤتمرات أو كان مفروضا أن يشاركوا لم يكونوا في الواقع يمثلون ثقافة وقيم بلدانهم بقدر تعبيرهم عن الثقافة والقيم الغربية التي تربوا عليها في المعاهد والجامعات الغربية.
أن الموقف برمته يدعونا إلى تنبيه مفكرينا والمسئولين في وزارات الخارجية، والتربية، والثقافة، والشؤون الاجتماعية، خاصة ادارات المؤتمرات والمنظمات الدولية إلى الاهتمام بالمشاركة الايجابية في العمل الدولي والتعبير من خلاله عن ثقافة وقيم الدول التي يمثلوها، والمتابعة المبكرة لما يجري الأعداء له في مطابخ هذه حتى لا نفاجأ بمثل ما حدث في المؤتمرات المشار اليها.
واذا كان تنميط البشر وفقا لمعايير الغرب هدفا مقصودا في المجال الاجتماعي ويقتصر أثره على المجتمعات غير الغربية فان هناك أثرا اخر في هذا المجال يرتبط بالمنافسة الاقتصادية التي تنتج عن العولمة وهو خسارة الرعاية مكلفة للمشروع وللدولة وتنافى مع السعي إلى تحقيق أدنى تكلفة للإنتاج، وقد بدأت بالفعل قي دول العالم الأول مظاهر الاستغناء عن العمالة الدائمة واستخدام عمالة مؤقتة لا تتمتع بحماية قانون العمل وبدأت تتقلص مزايا تحديد ساعات العمل والعطلات الاسبوعية والسنوية وتأمينات العلاج والبطالة والشيخوخة بل وأجبر العمال كشرط لاستخدامهم على التعهد بعدم الانضمام إلى النقابات واذا كان هذا حال العمالة في العالم الأول.http://search.mandumah.com/Record/182076
العولمة الثقافية
العولمة الثقافية تعني الارتباط الثقافي بين المجتمعات والأعراق، أو بمعنى آخر انتقال الأفكار والعادات من مجتمع إلى آخر. العمليات الانتقالية الثقافية بين المجتمعات تختلف في الأهمية ودرجة التأثير. فعلى سبيل المثال: الهيمنة السياسية والعسكرية والثقافية والاعلامية في العالم تعود لامريكا، ومن هذا المنطلق نستطيع الجزم بأن الثقافة الأمريكية لها تأثير كبير على ثقافة مجتمعات العالم بحكم السيطرة الثقافية. كما نرى أيضا بأن الأفلام الهوليوودية أو ما يعرف بالأفلام الأمريكية هي الأفلام الرائدة في عالم الإنتاج السينمائي ولهذا تجد ان الثقافة الأمريكية لها تأثير قوي على ثقافات المجتمعات الأخرى وقد يكون ايجابيا أو سلبيا.
معارضو العولمة
هنالك الكثير من معارضي العولمة لما بها من مساوئ وهناك أمثلة عليها إذا تحدثنا من الناحية الاقتصادية:
- 1- الاستغلال : وهو استغلال الدول الكبرى لدول العالم الثالث لأخذ المواد الخام.
- 2-الإسراف في الاستهلاك : وهو جعل المواطنين تحت ظل السكرة الإعلانية وينتج عنه الإسراف
وشراء الكماليات.
- 3-الاقتصاد لقلة من الأقوياء: هو السيطرة الاقتصادية والاكتناز المالي لقلة من
الناس وهذه الفئة تندرج تحت الاستغلال حيث أن الموارد المستخدمة لا تضاهي سعر السلعة المنتجة.
الثقافة والهوية الثقافية
تحديد مفهومي الثقافة والهوية الثقافية
إن مفهوم الثقافة من المفاهيم التي لم تقتصر على تعريف واحد وموحد بل أعطيت لها تعاريف متعددة كان أبرزها أن الثقافة هي جميع السمات الروحية والفكرية والقومية التي تميز جماعة عن أخرى، وهي شاملة لطرائق الحياة والتفكير والتقاليد والمعتقدات والآداب والقيم والبعد التاريخي باعتباره عامل جوهري في مفهوم الثقافة. وليس هناك ثقافة واحدة وإنما تسود أنواع وأشكال ثقافية منها ما يميل إلى الانغلاق والانعزال، ومنها ما يسعى إلى الانفتاح والانتشار
إن مفهوم الهوية الثقافية يعرف من جهتين، الأولى خارجية بدأت في الآونة الأخيرة مع العولمة وتعددت تعريفاتها على مستوى كل المجالات المعروفة وما تمثله العولمة من محاولة لتنظيم أو إعداد نظام عالمي جديد بكل ما يترتب عليه من هذا النظام من سلبيات تطال في معظمها بلدان العالم الثالث. أما الجهة الثانية، فهي داخلية وتتمثل في ندرة المقاربات العلمية والموضوعية بهذا الموضوع خاصة في دول العالم الثالث فالهوية الثقافية لا تكتمل إلا إذا كانت مرجعيتها جماع الوطن والأمة والدولة بوصفها التجسيد القانوني لوحدة الوطن والأمة، وكل مس بواحدة من هذه هو مس بالهوية الثقافية
علاقة العولمة والهوية الثقافية
ان العلاقة بين العولمة والهوية الثقافية في التنافر والتصادم والصراع إذ تسعى العولمة إلي خلق وحدة ومنظومة متكاملة، في حين تدافع الهوية عن التنوع والتعدد. كما نجد العولمة تهدف إلى القضاء على الحدود والخصوصيات المختلفة بينما الهوية تسعى إلى الاعتراف بعالم الاختلافات وترفض الذوبان، وباختصار فالعولمة تبحث عن العام والشامل بينما الهوية هي انتقال من العام إلى الخاص ومن الشامل إلى المحدود
بعض آليات ومظاهر عولمة الثقافة
لعل أبرز ما يجسد تأثير العولمة على ثقافات المجتمعات الأخرى هو الانتشار الواسع والكبير لشركة "كوكا كولا" ولمطاعم "الهامبرغر" "والماكدونالدز" هذه الأخيرة التي تعتبر واحدة من أكبر المطاعم التجارية الأمريكية وهي رمز الإمبريالية الرأسمالية الأمريكية فهده العلامات التجارية تقدم وجبات سريعة لا تتيح للزبائن الجلوس لفترات طويلة، ومن هنا انتقلت من كونها نظاما لبيع الطعام السريع إلى نمط حياة وذلك من خلال نظامها الذي قضى على العلاقات البشرية التي لم تعد بين الإنسان وأخيه بمفهوم التفاعل المباشر بل هي محكومة بقضايا مادية مما تسبب في اختفاء الحميمية في العلاقات
كما نجد كذلك وسائل الاتصال والإعلام ساهمت بشكل كبير في انتشار العولمة في المجال الثقافي وتتجلى هذه المساهمة في القنوات التلفزيونية والفضائية التي بواسطتها يتم بث أفلام ومسلسلات وموسيقى تمثل سلوكيات العنف والجنس بشكل إباحي يتناقض مع العفة في المجتمعات العربية المحافظة
ردود الفعل
في العالم العربي تتشكل صورة تنوع متعدد فهو يضم مجموعة من الثقافات واللغات والأعراف المتعددة والمتنوعة غير أن ثمة قيم ومثل عليا تتوحد حولها هذه الأمم والشعوب وتشكل بالنسبة لها إرثا مشتركا ينبغي حمايته والدفاع عنه، لقد أصبحت جهود البلدان اليوم تتجه نحو خلق تنمية مستدامة تضمن لجميع الشعوب حياة آمنة في جو من الأخوة والانسجام، وذلك من خلال استغلال توجيه التنوع الثقافي لصالح جهود التنمية ومحاربة الفقر والأوبئة التي تجتاح مناطق عديدة من العالم. إن التنوع داخل المجتمع الواحد يمكن أن يستغل كحافز للتنمية والاستقرار إذا ما كرست الجهود الحكومية وغير الحكومية لذلك، وهو ما يمكن أن يحدث عن طريق خلق برنامج وأنشطة مهتمة بهذا المجال. فالعالم العربي والإسلامي أصبح ينظر إلى العولمة على أساس أنها أداة للهيمنة والسيطرة القوية على الضعيف. فليس الانكماش والانطواء على الذات هو الوقاية من العولمة بل يمكن التعامل مع العولمة على أنها تطور هائل في التقنيات ووسائل المعرفة وأن التطور ليس موجه ضدنا بالضرورة وإنما هو لصالحنا إن نحن استخدمناه استخداما سليم يمكننا من الحفاظ على هويتنا الثقافية في ظل تعاطي إيجابي مع العالم والمستجدات الدولية في هذا المجال
الدول النامية والتي تعتبر الدول العربية والإسلامية منها، لا يمكنها أن تمنع العولمة الثقافية من الانتشار، لأنها ظاهرة واقعية تفرض نفسها بحكم النفوذ السياسي والضغط الاقتصادي والتغلغل المعلوماتي والإعلامي التي يمارسها النظام العالمي الجديد، لكن تستطيع أن تتحكم في الآثار السلبية لهذه العولمة، إذ بذلت جهودا مضاعفة للخروج من مرحلة التخلف إلى مرحلة التقدم في المجالات كلها وليس فحسب في مجال واحد نظرا للترابط بين عناصر التنمية الشاملة ومكوناتها
آراء فيها
- يوسف القرضاوي يميز بين العولمة والعالمية، ويعتبر العولمة في صيغتها الحالية « استعمارا جديدا ».[10]
التهجين
- يرى العديد من الكتّأب أن العولمة الثقافية هي عملية تاريخية طويلة الأمد لجلب الشعوب المختلفة للترابط. جان بيترس يشير إلى أن العولمة الثقافية تنحصر في دمج الإنسان والتهجين، بحجة أنه من الممكن الكشف عن الاختلاط الثقافي عبر القارات والأقاليم من خلال العودة إلى قرون عديدة وملاحظة التغيير. فعلى سبيل المثال، يشار إلى الممارسات الدينية واللغة والثقافة كحركة جلبها الاستعمار الإسباني للقارتين الأميركتين. كمثال آخر، التجربة الهندية تظهر تأثير العولمة الثقافية وتاريخها الطويل. عمل هؤلاء المؤرخين الثقافيين يؤهل الكتّأب – في الغالب علماء الاقتصاد وعلماء الاجتماع – الذين يتتبعون أصول العولمة إلى الرأس مالية الحديثة، والتي سُهلت من خلال التقدم التكنولوجي.
التجانس
- وجهة نظر بديلة حول العولمة الثقافية تؤكد على أن التنوع في جميع انحاء العالم يتبدل ويتحول إلى وباء بسبب ثقافة الاستهلاك الغربية. يرى بعض النقاد أن هيمنة الثقافة الأمريكية المؤثرة على العالم بأسره سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى القضاء على التنوع الثقافي. هذه العملية تُرى على أنها الإمبريالية الثقافية التي ترتبط مع تدمير الهويات الثقافية، التي تهمين عليها ثقافة الاستهلاك الغربية المتجانسة. التأثير العالمي للمنتجات والشركات والثقافة الأمريكية في البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم يُشار إليه باسم الأمركة. ويتمثل هذا التأثير من خلال برامج التلفاز الأمريكية التي يتم بثها في جميع انحاء العالم. شركات أمريكية كبرى مثل ماكدونالدز وكوكا كولا لعبت دورا رئيسيا في انتشار الثقافة الأمريكية حول العالم. وتم صياغة عبارات مثل "استعمار الكوكا" للإشارة إلى هيمنة المنتجات الأمريكية في البلدان الأخرى، التي يراها بعض النقاد خطرا على الهوية الثقافية لهذه الدول.
اشتداد الصراع
- ترى وجهة نظر أخرى بأنه قد يظهر "صدام حضارات" كردة فعل عكسية على العولمة الثقافية. يؤكد صموئيل هنتنغتون على حقيقة انه في حين أن العالم يصبح أصغر ومترابط بشكل أكبر، يقوم التفاعل بين الشعوب والثقافات المختلفة بتعزيز الوعي الحضاري وهذا بدوره ينشط الخلافات. فبدلا من التوصل إلى المجتمع الثقافي العالمي، تقوم عملية العولمة الثقافية بالزيادة من حدة الاختلافات في الثقافة مما جعلها مصدرا للصراع. في حين أن العديد عارض على وصفها بأنها "صدام حضارات"، هناك توافق عام على أن العولمة الثقافية هي عملية متناقضة تجلب الشعور بالاختلافات الفرعية والخصام العقائدي. كبديل آخر، ناقش بنجامين باربر في كتابه "Jihad VS Mcworld" التقسيم الثقافي في مختلف انحاء العالم . ففي كتابه، "ماك وورلد" يمثّـل عالم العولمة والتواصل العالمي والاعتماد المتبادل في هدف لإنشاء " شبكة عالمية متجانسة تجاريا". وتنقسم هذه الشبكة العالمية إلى أربع ضرورات: السوق والموارد وتقنية المعلومات والإلزام البيئي. من ناحية أخرى، "جهاد" يتمثل في التقليدية والحفاظ على هوية الفرد. في حين أن "صدام الحضارات" يصور العالم مع خمسة ائتلافات للدول القومية، Jihad vs McWorld" " يظهر عالم حيث تكون الصراعات على مستوى غير وطني. على الرغم من أن معظم الدول الغربية رأسمالية ويمكن اعتبارها دول "ماك وورلد"، المجتمعات في هذه الدول يمكن اعتبارها "جهاد"، والعكس
انظر أيضاً
- استيلاء ثقافي
- تجارة حرة
- منظمة التجارة العالمية
- مؤشر العولمة
- نظرية المنظومات العالمية
- مواطنة معولمة
- فجوة معرفية
- هوية مكانية
- مبادئ التواصل بين الثقافات
- الهوية الثقافية
- العولمة والمرض
- إخلاص جديد
مراجع
- ^ 12 April 2000: IMF Publications. نسخة محفوظة 18 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ "NAFTA at 10". Economic Policy Institute. مؤرشف من الأصل في 2018-10-04.
- ^ "Visa Openness Report 2015 January 2016" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 23 January 2016.
- ^ ا ب Martell، Luke (2010). The Sociology of Globalization. Policy Press.
- ^ Kochler، Hans (2000). Globality versus Democracy: The Changing Nature of International Relations in the Era of Globalization. Vienna: International Progress Organization. ص. 35.
- ^ Frank, Andre Gunder. (1998). ReOrient: Global economy in the Asian age. Berkeley: University of California Press. (ردمك 978-0-520-21474-3)
- ^ Jerry Bentley, Old World Encounters: Cross-Cultural Contacts and Exchanges in Pre-Modern Times (New York: Oxford University Press, 1993), 32.
- ^ Jerry Bentley, Old World Encounters: Cross-Cultural Contacts and Exchanges in Pre-Modern Times (New York: Oxford University Press, 1993), 33.
- ^ "The Legacy of the Silk Road". Yale Global. 25 يناير 2013. مؤرشف من الأصل في 2017-10-22.
- ^ قرضاوي.نت نسخة محفوظة 23 ديسمبر 2016 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]