انتقل إلى المحتوى

مستخدم:المتميزات

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

المتميزاتالتفكير الإيجابي

التفكير : من حيث اللغة :" فَكَرَ في الأمر ، يفكر ، فكراً : أعمل عقله فيه ، ورتب بعض ما يعلم ليصل به إلى المجهول ، وفكّر مبالغة في فَكَرَ ، والتفكير : إعمال العقل في مشكلة للتوصل إلى حلها" ، وهذا قصرٌ للتفكير على نوعٍ من أنواعه، وهو حل المشكلات. وفي الاصطلاح يقول إدوارد ديبونو أحد أشهر الخبراء في علم التفكير :" لا يوجد هناك تعريف واحد مرضٍ للتفكير ، لأن معظم التعريفات مُرضية عند أحد مستويات التفكير ، أو عند مستوى آخر ( ) ، وتعريف التفكير الذي اعتمده في كتابه : هو التقصي المدروس للخبرة من أجل غرض ما" ، ويعرف التفكير بوصفه مهارة بأنه :" المهارة الفعالة التي تدفع بالذكاء الفطري إلى العمل" . الإيجابي : نسبة إلى الإيجابية وهي : المحافظة على التوازن السليم في إدراك مختلف المشكلات ، وهي : أسلوب متكامل في الحياة ، ويعني التركيز على الإيجابيات في أي موقف بدلاً من التركيز على السلبيات ، إنه يعني أن تحسن ظنك بذاتك ، وأن تظن خيراً في الآخرين ، وأن تتبنى الأسلوب الأمثل في الحياة . وأما باعتبار التركيب فتقول فيرا بيفر :" التفكير الإيجابي هو: الانتفاع بقابلية العقل اللاواعي للاقتناع بشكل إيجابي ". وتقول وفاء محمد مصطفى : "هو أن تستخدم قدرة عقلك الباطن ( عقلك اللاواعي ) للتأثير على حياتك العامة بطريقة تساعدك على بلوغ آمالك ، وتحقيق أحلامك ". ويقول سكوت دبليو :" هو قدرتنا الفطرية للوصول إلى نتائج أفضل عبر أفكار إيجابية ". أهمية التفكير الإيجابي. يسعى الإنسان مهما كان عمره ، ومهما كان الزمان أو المكان الذي يعيش فيه إلى أن تكون حياته وحياة من حوله مليئة بالسعادة ، والرفاهية ، والنجاح المتواصل في شتى مجالات الحياة ، ولذلك يحاول جاهداً أن يجلب لنفسه ولغيره الخير والمصالح المادية والمعنوية ، وأن يدفع عن نفسه الضر والمفاسد ، وإن مما يمكن الإنسان من الوصول إلى مراده أن يقوم بادئ ذي بدء بتحسين مستوياته الفكرية وذلك بتبني منهج فكري سليم عن نفسه وعن مجتمعه وعن الحياة بصفة عامة ، وأن يدرب نفسه على التخلي عن الأفكار السلبية التي تحد من قدراته ، والتي تضيع جهوده في سبيل تحقيق ما يصبو إليه من أهداف في حياته. " ومن هنا ندرك أهمية التفكير الإيجابي فالإنسان يستطيع أن يقرر طريقة تفكيره فإذا اخترت أن تفكر بإيجابية تستطيع أن تزيل الكثير من المشاعر الغير مرغوب بها والتي ربما تعيقك من تحقيق الأفضل لنفسك ". "ويرتبط الاتجاه العقلي الإيجابي ارتباطاً وثيقاً بالنجاح في كل مجال من مجالات الحياة" . " وإن معرفتنا لتفاعل العقل الواعي والعقل الباطن سوف تجعل الإنسان قادراً على تحويل حياته كلها ، فعندما يفكر العقل بطريقة صحيحة ، وعندما يفهم الحقيقة ، وتكون الأفكار المودعة في بنك العقل الباطن أفكاراً بناءةً وبينها انسجام وخالية من الاضطراب فإن القوى الفاعلة العجيبة سوف تستجيب وتجلب أوضاعاً وظروفاً ملائمة والأفضل في كل شيء ، ولكي يغير الإنسان الظروف الخارجية فإنه يتعين عليه أن يغير السبب ، والسبب هو الطريقة التي يستخدم بها الإنسان عقله وهو الوسيلة التي يفكر بها الإنسان ويتصورها في عقله" . وصدق الله العظيم حيث يقول :" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ، قال سيد قطب رحمه الله " فإنه لا يغير نعمة أو بؤسى , ولا يغير عزاً أو ذلة , ولا يغير مكانة أو مهانة . . . إلا أن يغير الناس من مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم , فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم . وإن كان الله يعلم ما سيكون منهم قبل أن يكون . ولكن ما يقع عليهم يترتب على ما يكون منهم , ويجيء لاحقاً له في الزمان بالقياس إليهم ، وإنها لحقيقة تلقي على البشر تبعة ثقيلة ; فقد قضت مشيئة الله وجرت بها سنته , أن تترتب مشيئة الله بالبشر على تصرف هؤلاء البشر ; وأن تنفذ فيهم سنته بناء على تعرضهم لهذه السنة بسلوكهم ، والنص صريح في هذا لا يحتمل التأويل ، وهو يحمل كذلك - إلى جانب التبعة - دليل التكريم لهذا المخلوق الذي اقتضت مشيئة الله أن يكون هو بعمله أداة التنفيذ لمشيئة الله فيه ". " ولكي تحقق النجاح وتعيش سعيداً وتحيا حياة متوازنة يجب أن يشمل التغيير طريقة تفكيرك ، وأسلوب حياتك ، ونظرتك تجاه نفسك ، والناس ، والأشياء ، والموقف التي تحدث لك ، والسعي الدائم إلى تطوير جميع جوانب حياتك" . "ويجب عليك أن تعلم أن أي تغيير في حياتك يحدث أولاً في داخلك ، في الطريقة التي تفكر بها ، والتي ستسبب لك ثورة ذهنية كبيرة قد تجعل حياتك سعادة أو تعاسة" . ثمرات التفكير الإيجابي. يمكن أن تحدد ثمرات التفكير الإيجابي من خلال الفلسفة التي يتبنها الإنسان لتحقيق أهدافه في هذه الحياة ، فالمسلم لديه هدف سامي يتمثل في تحقيق دوره في هذه الحياة بالعبودية لله عز وجل وذلك بالتزام التفكير السليم بما تتضمنه معاني الإيمان وأركانه ، وبما ينتج عن ذلك الإيمان بحيث يكون من لوازمه العمل الإيجابي العمل الصالح حينها يتحقق للإنسان الحياة الطيبة في الدارين قال الله تعالى :" من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " قال سيد قطب رحمه الله :" وأن العمل الصالح لا بد له من القاعدة الأصيلة يرتكز عليها قاعدة الإيمان بالله { وهو مؤمن } فبغير هذه القاعدة لا يقوم بناء ، وبغير هذه الرابطة لا يتجمع شتاته إنما هو هباء كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، والعقيدة هي المحور الذي تشد إليه الخيوط جميعاً ، وإلا فهي أنكاث ، فالعقيدة هي التي تجعل للعمل الصالح باعثاً وغاية فتجعل الخير أصيلاً ثابتاً يستند إلى أصل كبير لا عارضاً مزعزعاً يميل مع الشهوات والأهواء حيث تميل ، وأن العمل الصالح مع الإيمان جزاؤه حياة طيبة في هذه الأرض ". ومما يذكره المؤلفون في التفكير الإيجابي من فوائد استخدامه ما يلي :

	" هو الباعث على استنباط الأفضل ، وهو سر الأداء العالي ، ويعزز بيئة العمل بالانفتاح والصدق والثقة" .
	" يدعك التفكير الإيجابي تختار من قائمة أهداف الحياة المستقبل الأفضل الذي يحقق أهدافك" .
	" تأكد أن التغيير الإيجابي البناء الذي تجريه داخل نفسك سوف يكون له الأثر النافع في شخصيتك وفي كافة نشاطاتك" .
	" أن تكون مفكراً إيجابياً يعني ان تقلق بشكل أقل ، وتستمتع أكثر ، وأن تنظر 

للجانب المضيء بدلاً من أن تملأ راسك بالأفكار السوداء ، وتختار أن تكون سعيداً بدلاً من الحزن ، وواجبك الأول أن يكون شعورك الداخلي طيباً ".

	" إن العقل يمتلك فكرة واحدة في أي وقت فإذا أدخلنا في عقولنا فكرة إيجابية أخرجت الفكرة السلبية التي تقابلها ، إن العقل لا يقبل الفراغ فإذالم نملأه بالأفكار الإيجابية فسوف تملأه الأفكار السلبية " .
	" إن هذه الإيجابيات في عقولنا ومشاعرنا تصنع في حياتنا : الإيجابية ، والتفاؤل والطاقة ، والقدرة على الدفاع عن النفس ، وصد الهجوم الذي يصدر إلينا من شياطين الأنس والجن ، وأكبر منهما حديث النفس" .
	" عندما نفكر بطريقة إيجابية تنجذب إلينا المواقف الإيجابية ، والعكس يحدث عندما نفكر بطريقة سلبية فإننا نجذب إلينا الموقف السلبية" .
	" إن الشخص الذي يفكر إيجابياً ويعتمد على نفسه ، وينظر نظرة متفائلة يستطيع أن يستهوي ما حوله فعلاً ، ويطلق القدرات التي تحقق الهدف" .
	" يبحث التفكير الإيجابي عن القيمة والفائدة ، وهو تفكير بناء توالدي ، وتصدر منه المقترحات الملموسة والعملية حيث يجعل الأشياء تعمل ، وهدفه هو الفعالية والبناء".

" وينبغي عدم الإفراط في أن التفكير الإيجابي بمفرده يكفي لتغيير الحياة إلى الأفضل فإنه من الضروري أن يكون لدى الإنسان بعض الاستراتيجيات ، وبعض الخطط التدريجية لتغيير الطريقة التي يفكر بها ،والتي يشعر بها ، وأيضاً لتغيير ما يفعله في كل يوم يمر عليه" . " فالتفكير الإيجابي هو عملية وإجراء وليس غاية في حد ذاته " . أسس التفكير الإيجابي ، وتطبيقاته تجاه الذات. المبحث الأول: بناء الهوية الإيجابية للذات. " هوية الذات هي : الصورة الذهنية التي يحملها الإنسان عن نفسه ، وإحساسه بذاته". " وللهوية الأثر الكبير في تحديد فكر الإنسان وقيمه وسلوكه ، ونظراً لقوة تصورك الشخصي لذاتك فإنك دائماً ما تؤدي سلوكاً خارجياً يتفق مع صورتك لذاتك داخلياً ".

لذلك جاءت الأحاديث الشريفة لترسيخ الهوية الإيجابية وربطت كثيراً من أعمال الإنسان بها فمن ذلك قوله  :" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، 

أثر الأسماء والصفات الإيجابية على الذات. فلاسم الإنسان أو ما قد يطلق عليه من الصفات دلالات تؤثر على ذاته سلبياً أو إيجابياً ، فقد يسهم الاسم أو الصفة في تشكيل هوية الفرد أو الجماعة ثم ما يترتب على تلك الهوية من قيم وسلوكيات يقول ابن القيم في ذلك :" لما كانت الأسماء قوالب للمعاني ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها ارتباط وتناسب وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه بل للأسماء تأثير في المسميات وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة " . التفاؤل، والأمل. "يقصد بالتفاؤل : الإيمان بالنتائج الإيجابية ، وتوقعها حتى في أصعب المواقف والأزمات والتحديات" ومن ثمراته أن يشعر المتفائل بسلطته وقوته وأنه متحكم في حياته بحكمة وذكاء حتى في مواجهة المشكلات المختلفة إنني أستطيع التأثير بإيجابية في سلوك الآخرين ، وحتى في نتيجة العمل المتوقعة لمهمة أو هدف ما وذلك عندما أكون متفائلاً ، فإن التفاؤل يجعل تأثير قوتك يتضاعف عدة مرات أكثر من تأثيرها الطبيعي

الحديث الإيجابي مع الذات. الحديث الذاتي :" هو ما يقوله الإنسان أو يؤكده لنفسه عندما ينفعل مع نفسه ، أو يتفاعل مع تقييمه الذاتي لأدائه " إن ما يصدر عن الإنسان من أقوال وأفعال هو في الحقيقة ترجمة لما في ذهنه من قناعات وأفكار عن ذاته وعمن حوله وعن الحياة عموماً ، وتتشكل تلك القناعات والأفكار جراء ما يتعرض له عقل الإنسان من مصادر التشكيل الداخلي والخارجي ، فالتشكيل الخارجي مصادره متعددة الأهل والأصدقاء والمدرسة ووسائل الإعلام ، ولكن أشد تلك المصادر أهمية هو المصدر الداخلي لأنه يحدث ذاتياً وربما من غير أن يشعر به الإنسان ، وتكمن خطورته في كونه ملازماً للإنسان طوال الوقت ، ولا يستطيع الإنسان الهروب منه كما قد يفعل مع المصادر الخارجية ، ولأنه قد يصل بالإنسان إلى مرحلة التعود فيقوم بترديد تلك الأفكار حتى تصبح جزءً من أفكاره وقناعاته ، وتكرار الإنسان للفكرة وتقبلها دون تمحيص دقيق ينتج لديه تصديق مطلق وغير قابل للشك فيما رآه واقتنع به سواء عن نفسه أو عن غيره أو عن الحياة التطوير الإيجابي المتواصل . إن من مقومات شخصية المفكر الإيجابي مواصلة التطوير لذاته في جميع المجالات التي تعود بالنفع عليه في الدارين ، وأن يطبق الأفكار الإيجابية على تصرفاته وردود أفعاله. " ولكي تصبح فعالاً بحق عليك بتطبيق استراتيجيات التفكير الإيجابي ، ليس فقط فيما يخص الأفكار والأفعال والانفعالات اليومية ، ولكن بمستوى أعمق من ذلك بكثير بحيث ترسخ خصال شخصيتك بثبات وقوة " " وإذا كان الجانب الأول للشجاعة هو الاستعداد لأن تبدأ فإن الجانب الثاني هو الاستعداد لأن تستمر وتتحمل فالانضباط الذاتي هو صفة تمنحك القوة التي تحتاجها لتقدم على المخاطر " ومما ينبغي التركيز عليه في هذا الباب أمور من أهمها:

التوريث الإيجابي.

حين يموت الإنسان وتنقطع صلته بالحياة لا يبقى إلا ما خلفه من إرث فعن أبي هريرة  أن رسول الله  قال :" إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له "

قال العلماء :" معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه كان سببها فإن الولد من كسبه وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف " ويحث النبي أتباعه للتوريث الإيجابي ويفتح لذلك باباً واسعاً ، كما ينفر أشد التنفير من أبواب التوريث السلبي بقوله :" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " والسنة الحسنة مقيدة بأن يأتي بالحسنة بطريقة مرضية يشهد لها أصل من أصول الدين " " ووزر من عمل بها : محمول على من لم يتب من ذلك الذنب. حماية النفس من العدو الداخلي: ومن أهم الأمور التي ينبغي على من يسلك طريق التفكير الإيجابي أن يخلي نفسه دائماً مما قد يعكر صفو تفكيره ومن ثم أفعاله التابعة لذلك التعكير . إن العدو الكبير للتفكير الإيجابي هو داخلك ، وليس خارجك ، ويتأتى من تغيير المزاج ، فلا تدع حماسك يخفت ويذبل بسبب أن مشاعرك اليوم تختلف عما كانت عليه في المرة الأخيرة ، لا تربط مزاجك المتأرجح بأهداف حياتك الإيجابية ، وإلا فقد تشعر وكأنك أخفقت في حين لم تبدأ بعد

أسس التفكير الإيجابي ، وتطبيقاته تجاه المجتمع.

فلأن الإنسان لا ينفك عن علاقة مستمرة مع من حوله ، ولما قد يترتب على تلك العلاقة من تجاذب أو تنافر بين أصحابها فقد جاء في السنة النبوية أحاديث كثيرة تؤصل لأسس التفكير الإيجابي تجاه المجتمع ، وترسخ تطبيقاته في الحياة اليومية لينعم المسلم بحياة متوافقة مع مجتمعه يسودها الحب والوئام ، وحب الخير للناس وجلبه لهم ، ومن أبرز أسس التفكير الإيجابي وتطبيقاته تجاه المجتمع ما يلي :

النظرة الإيجابية للمجتمع.

مبدأ الكلام في هذا الموضوع من خير الكلام فعن أبي هريرة أن رسول قال :" إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم " " لذا يجب علينا أن نسأل أنفسنا عن حقيقة مشاعرنا تجاه الآخرين ، هل هي مشاعر إيجابية ؟ أم مشاعر سلبية ؟ حتى ننجح في إدارتها ، وتصويب سهامنا للوصول إلى قلوب الناس بأقل مجهود وأقصر الطرق نجاحاً لفتح مغاليق القلوب

محبة الآخرين ،ومحبة الخير لهم.

" يعتمد النجاح في المهنة على عاملين هما : مهارات العمل ، والعلاقات الإنسانية ، إن بناء علاقات إنسانية ناجحة يبدأ بالموقف الإنساني الإيجابي " " وأولى المواقف الإيجابية في إنشاء علاقة إيجابية هي محبة الناس ابتداءً ، فمحبة الناس لك هي أصلاً انعكاس محبتك لهم ، فيفتح الناس لك قلوبهم كما تفتح الزهور لأشعة الشمس" ولذلك ربط النبي هذا الحب بالإيمان لأنه أوثق العرى ، وأقوى رابطة بين الناس ، فجعل مما ينجي العبد بعد الإيمان بالله ، والبراءة من الكفار ، هو محبة الآخرين لله عز وجل " وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله " ، وجعل من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله :" ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه" " فحين نحب الآخرين بصدق فإننا نساعدهم على الإحساس بالأمن والطمأنينة ، ونؤكد قيمتهم الأساسية ، ونسهل لهم أن يعيشوا قوانين الحياة من التعاون والمشاركة ، والانضباط ، والاستقامة" . ويتجلى الحب الحقيقي للآخرين في صور عملية شتى ومنها : محبة الخير لهم.

تقديم العون والمساعدة لهم. " على من يريد الانسجام أن يقدم الغير على نفسه ، حتى ولو كان هذا التقديم يسبب حرمانه من كثير من ملاذ الحياة ، فإن الشعور الذي يحصلون عليه من كونهم مصدر سعادة للآخرين يغمرهم بلذة قد لا تعادلها اللذائذ الأخرى في الحياة" ويرشدنا النبي إلى ما هو أعمق وأقوى من المردود النفسي الذي نجنيه من مساعدة الآخرين ألا وهو الجزاء بالمثل من الله تعالى للإنسان على كل معروف يسهم به الإنسان في إسعاد الآخرين فجزاؤه ليس من عند البشر بل هو من عند رب البشر ، الذي بيده ملكوت السموات والأرض ، وأي تحفيز أعظم من كون الله في عون من يعين غيره من الناس ، وأي اطمئنان نفسي يحصل للإنسان حين تحل به كربة بأن الله هو الذي سينفس عنه كربته ، وأي يسر بعد عسر سيجده من يسر على معسر إذا كان الله هو الذي سيتولى تيسير كل عسير قد يواجهه في مستقبل حياته. تقديم النصيحة لهم . قال ابن حجر في بيان النصيحة للمسلمين :" والنصيحة لعامة المسلمين الشفقة عليهم والسعي فيما يعود نفعه عليهم وتعليمهم ما ينفعهم وكف وجوه الأذى عنهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه .

	أبواب النفع للآخرين لا حدود لها.

الموقف الإيجابي من أخطاء الآخرين. لما كان الوقوع في الخطأ من الصفات اللازمة للإنسان ولما قد يترتب على الخطأ حين وقوعه من تنافر القلوب وحدوث القطيعة بين الناس وهذا كله مما يضاد مقصداً من مقاصد الشريعة وهو التآلف بين البشر عموماً ، وبين أبناء ملة الإسلام خصوصاً فقد ورد في سنة النبي عدداً من القواعد التي تضبط النفس البشرية وترتقي بها إلى مستوى اتخاذ مواقف إيجابية عند وقوع اختلاف مع الآخرين بسبب وقوعهم في خطأ غير مقبول عند الطرف الآخر. ومن المواقف الإيجابية في التعامل مع أخطاء الآخرين :

التثبت من المخطئ قبل الحكم على فعله.

فإن طبيعة النفس البشرية ترغب في الاستعلاء وإظهار النصر عند وقوع الخطأ من طرف آخر لما جبلت عليه النفوس من حب الاستعلاء ، ولما تبحث عنه النفس من تحقيق للذات فإننا نجد النبي  يعلم أمته الارتقاء بتفكيرهم ومواقفهم الإيجابية من أخطأ الآخرين وأول خطوات النظر في أخطاء الآخرين هي التثبت فعن جابر  قال : دخل رجل يوم الجمعة والنبي  يخطب فقال أصليت قال لا قال قم فصل ركعتين 

فبادر النبي الرجل بالاستفسار قبل الإنكار ، وتثبت منه قبل أن يأمره بتأدية الركعتين. فحين وقع من خالد بن الوليد ما وقع في شأن الأسرى ، وكان في ذلك مجانباً للصواب نجد النبي يتبرأ من سلوك خالد ولم يتبرأ من شخصه أيوجه اللوم إلى ذاته ، قال عبد الله بن عمر :" حتى قدمنا على النبي فذكرناه – أي ما وقع من خالد - فرفع النبي يديه فقال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين. قال ابن حجر :" والذي يظهر أن التبرؤ من الفعل لا يستلزم إثم فاعله ولا إلزامه الغرامة فان إثم المخطئ مرفوع وإن كان فعله ليس بمحمود " إن النقد الذي يحط من قدر الشخص ويزدري قيمته ينظر إليه باعتباره أمراً مثبطاً ، وتقل احتمالية الاستفادة من القوة الإيجابية لهذا النقد"

	الموازنة بين حسنات المخطئ وسيئته.

" فعندما تكون على معرفة بمزايا الشخص – الذي تنتقده- فإن هذا يعطيك الفرصة للنظر إلى الشخص بصورة أكثر إيجابية ، وهذا بدوره يساعدك على التحكم في الغضب والإحباط ، وعندما تذكر الإيجابيات بوضوح فإن هذا يبعث للشخص الآخر برسالة مفادها أنك تستشعر مجهودته وتقدرها ، وبهذا تحافظ على احترام الشخص الآخر دون مساس به ، فضلاً عن أنه قد يؤدي إلى تعزيز هذا الاحترام " احترام الناس ، وتقدير منازلهم. عندما يستخدم الإنسان التفكير الإيجابي في أقواله وأفعاله وعلاقته مع الناس فإن ذلك يوجد عنده موازين إيجابية معتدلة تجعله يحترم الجميع ، ويعرف منازلهم فيعطي كل واحدٍ منهم ما له من حقوق الاحترام والتبجيل مهما كان صغيراً أو كبيراً في السن شريفاً أو وضيعاً في النسب ، ويتجلى المنهج النبوي الكريم في احترام الناس من خلال عدة أمور:

قبول الناس كما خلقهم الله. فيؤسس النبي أساساً متيناً لضبط العلاقات بين الناس بإرساء مفهوم إيجابي ببيان أصل الناس وأنه لا تفاضل بينهم في أصل خلقتهم وإنما يكون التفاضل بينهم فيما يتفاضلون فيه باختيارهم و من كسب أنفسهم بسلوكهم لمنهج التقوى التي هي أساس التفكير الإيجابي والسلوك المثالي في علاقة الإنسان مع خالقه ، ومع من خلق الله فقال :" يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد إلا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى". احترام إنسانيتهم . الإنسان ذلك الكائن الذي كرمه ربه ، ,اسجد له ملائكته ، وفضله على غيره من المخلوقات لهو جدير بكل احترام لإنسانيته. ويضرب النبي أروع الأمثلة في احترام إنسانية الإنسان فحتى صغار السن كان ينالهم من احترام النبي الشيء الكثير فعن أنس بن مالك : أن رسول الله مرّ على غلمان فسلم عليهم".

قال ابن بطال :" في السلام على الصبيان تدريبهم على آداب الشريعة وفيه طرح الأكابر رداء الكبر وسلوك التواضع ولين الجانب ".

وحتى لو كان الإنسان مخالفاً لنا في الدين فإن ذلك لا يسمح لنا بأن نحتقر إنسانيته ونهين كرامته الآدمية فنجد رسولنا الكريم يحفظ حق أحد المخالفين له من الاحترام الإنساني حتى بعد موته فعن سهل بن حنيف وقيس بن سعد رضي الله عنهما قالا :" إن النبي مرت به جنازة فقام فقيل له إنها جنازة يهودي فقال : " أليست نفساً ". التواصل الإيجابي مع المجتمع. فإن من الحاجات الضرورية للإنسان حاجته للانتماء ، وهذه الحاجة تفرض عليه أن تكون له علاقة مع الآخرين ، وهذه العلاقة إن لم تكن إيجابية تحقق للإنسان مصالح دينية أو دنيوية ، أو تدفع عنه ضرراً مادياً أو معنوياً ، ولا سبيل لعلاقة إيجابية ما لم تكن مؤسسة على فكر إيجابي يحفز الإنسان ليتواصل مع غيره بإيجابية. " إن علاقتنا مع غيرنا هي تعبير عن تركيبتنا النفسية والعقلية ،فهي جزء من صفاتنا وجزء من حياتنا وتبين مقدار تقديرنا لذاتنا وصورتنا الذاتية" إن مهمة التواصل مع الغير ليست بالسهلة اليسيرة ، وليست بالصعبة المستحيلة فإن الحجة ماسة لأن يعيد الإنسان النظر في الخلل في طرق اتصاله مع الغير. " فإذا كنت تجد نفسك لا تتفق جيداً مع الآخرين ، ربما يكون ذلك بسبب موقفك تجاههم أو موقفهم تجاهك هو أقل من إيجابي " من صور التواصل الإيجابي التي تزخر بها السنة النبوية ما يلي :

إرسال الرسائل الإيجابية. الكلمة هي أكثر الرسائل استخداماً في التواصل بين الناس ، وعلى حسب ما يختزنه المرسل في ذهنه من تفكير إيجابي أو سلبي تصدر عن نوعية الرسالة ، والإنسان مخير لأن يختار الرسالة ذات الدلالات الإيجابية أو السلبية ، فنجد الرسول الكريم يحث على اختيار الرسائل الإيجابية فعن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله :" اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجد فبكلمة طيبة " قال ابن بطال :" جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة والأنس بها كما جعل فيهم الارتياح بالمنظر الأنيق والماء الصافي وأن كان لا يملكه ولا يشربه.

"من القواعد التي يجب معرفتها في العلاقات مع الآخرين أن أثر الكلام الإيجابي الذي نتكلمه يعود علينا إيجابياً ، والكلام السلبي يعود علينا سلبياً ". والعاقل يسلك طريق الرسائل الإيجابية ويجتنب الرسائل السلبية في تعامله مع الآخرين ، فعن أبي هريرة قال : قال رجل :" يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها؟ ، قال : هي في النار. قال : يا رسول الله فان فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها؟ قال : هي في الجنة . " إذا كان ما يخرج من أفواهنا هو تدفق لما هو مخزن في قلوبنا ، فمن الحكمة أن نتأمل جيداً المنبع ، نحن بحاجة إلى أن نفحص الكلمات التي تنساب على ألسنتنا أو على وشك أن ننطق بها ، لكن الأهم هو أننا نحتاج إلى أن نسأل أنفسنا كيف وصلت إلى هناك في المقام الأول" التبسم في وجوه الآخرين. إن المشاركة الوجدانية والفعلية لمن يعاني أمراً مما يخفف عن صاحبه ويحس بأن هناك من يقف معه في محنته فيدعو ذلك إلى اطمئنان قلبه ،وراحة فكره من تحمل المآسي والآلام لوحده فيقتله اليأس بمعاناته لوحده. فعن أنس بن مالك قال :" كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث شاءت ". قال العيني في شرح الحديث :" والمراد من الأخذ بيده لازمه وهو الرفق والانقياد يعني كان خلق رسول الله على هذه المرتبة هو أنه لو كان لأمة حاجة إلى بعض مواضع المدينة وتلتمس منه مساعدتها في تلك الحاجة واحتاجت بأن يمشي معها لقضائها لما تخلف عن ذلك حتى يقضي حاجتها . " فحين تستمع بتقمص إلى شخص آخر فإنك تعطيه متنفساً نفسياً ، وحين تشبع لديه تلك الحاجة الحيوية تستطيع أن تركز على التأثير عليه أو حل المشكلة ، والحاجة إلى متنفس نفسي لها وقعها على الاتصال في جميع مجالات الحياة ". المشاركة لهم في أفراحهم وأتراحهم. فقد كان النبي يشارك الصحابة أفراحهم العامة وذلك حينما حضر احتفال العيد ، وأين أقيم الاحتفال ؟ في مسجده ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت :" وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فإما سألت رسول وإما قال تشتهين تنظرين فقالت نعم فأقامني وراءه خدي على خده". ويندب أتباعه لمشاركة الآخرين أفراحهم الخاصة حين توجه لهم الدعوة ، ويعتبر التخلف عن الحضور معصية فعن بن عمر أن النبي قال :" إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب ". الحفاظ على التواصل الإيجابي تحت ضغط المواقف السلبية. " يصبح الموقف الإيجابي مسيطراً ومعززاً ذاتياً وقادراً على الاستمرار عندما تسير الأمور على خير ما يرام ، ولكن الإنسان بطبيعته يعلم أن هناك أحداثاً تلوح في الأفق لاختبار قدرته على الحفاظ على هذا الموقف". فعندما يتعرض الإنسان للضغط النفسي من مواقف سلبية تصدر من الآخرين يظهر عند ذلك الإنسان على حقيقته ، فإن كانت مواقفه إيجابية من الآخرين صادقة ونابعة من فكر إيجابي ومؤسسة على بنيان فكري سليم فإن الإنسان يحافظ على تلك الإيجابية مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة ، وإن كانت مبنية على جرف هارٍ ومؤسسة على مواقف مصطنعة فسرعان ما يظهر المرء على حقيقته ، ويبان للعيان تفكيره الذي أحدث ردة فعله السلبية ، وقد ضرب لنا رسول أروع الأمثلة بإظهار المواقف الإيجابية في كل المواقف السلبية التي تعرض لها ومن ذلك ما جاء عن أنس بن مالك قال : "كنت أمشي مع رسول الله وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة نظرت إلى صفحة عنق رسول الله وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ، ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله فضحك ، ثم أمر له بعطاء . انظر إلى قول الراوي : فضحك ، ردة فعل إيجابية على تصرف سلبي من جاهل ، ولم يمنعه ذلك الاعتداء و الفظاظة من الأعرابي من إكمال الرد الإيجابي فأمر له بعطاء ، قال النووي :" فيه احتمال الجاهلين والإعراض عن مقابلتهم ودفع السيئة بالحسنة وإعطاء من يتألف قلبه والعفو عن مرتكب كبيرة لا حد فيها بجهله وإباحة الضحك عند الأمور التي يتعجب منها في العادة وفيه كمال خلق رسول الله وحلمه وصفحه الجميل.

التفهم الإيجابي لمشاعر الآخرين.

	فإن تصرفات الإنسان منبعها ما يختلج في نفسه من فكر ، وصاحب التفكير الإيجابي ينظر إلى تصرفات الآخرين نظرة إيجابية تبعده عن أوهام سؤ الظن بهم ، ويبادر إلى إظهار ما لديه من تفسيرات لأفعال الآخرين حتى يبقى مرتاح الضمير وحتى لا تتراكم التفسيرات السلبية فتصل به اتخاذ مواقف سلبية من الآخرين إما بالهجوم عليهم أو بالانسحاب السلبي من حياة من يحب أو يعاشر.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله :" إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى قالت فقلت من أين تعرف ذلك ؟ فقال : أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين : لا ورب محمد وإذا كنت غضبى ، قلت : لا ورب إبراهيم قالت : قلت أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك . قال ابن حجر :" يؤخذ منه استقراء الرجل حال المرأة من فعلها وقولها فيما يتعلق بالميل إليه وعدمه والحكم بما تقتضيه القرائن في ذلك ".