بعلبك: الفرق بين النسختين

إحداثيات: 34°00′25″N 36°12′14″E / 34.00694°N 36.20389°E / 34.00694; 36.20389
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط ←‏عودة البعض منهم من منفاهم إلى لبنان: صورة المير علي حرفوش أمير من بعلبك
وسمان: تحرير من المحمول تعديل ويب محمول
سطر 188: سطر 188:


== حادثة السيل ==
== حادثة السيل ==
في السادس عشر من شهر ايار عام 1372 م حدث سيل هائل في مدينة بعلبك مما أدى إلى وفاة الآلاف من سكان المدينة مما أدى إلى اختفاء العديد من المنازل والمحال التجارية التي تعرضت للطمر نتيجة ما حمله الطوفان. وعن المؤرخين: "... منذ بعد ظهر يوم الثلاثاء الواقع في 16 ايار 1372 قدم إلى سماء بعلبك غيم أسود قاتم اللون مما أدى إلى حجب نور الشمس الذي اذهل سكان مدينة بعلبك وعند بداية صلاة العصر حيث كان المصلون في المساجد بدأ البرق والرعد يهزان هذه المدينة الصغيرة وبعد حوالي النصف ساعة خرج الأهالي ليستمعوا إلى مصدر صوت غريب اشبه بصوت الرعد مما فاجئهم سيل علوه 13 متر الذي اغرق البيوت والمحال التجارية حاملا معه الحجارة الكبيرة والطمي ولم ينجي من هذ الحادثة الا رجل كبير مسن حيث جلس في حلة طعام وهو رجل اعمى وولد صغير عمره 4 شهور في تخت خشبي صغير إضافة إلى من كان يقيم في اعلي المنطقة اما الضحايا كانوا من المصلين في المساجد والراكنين في البيوت الترابية والحجرية... ".<ref>المصدر نقله الكاتب والصحفي اللبناني [[قاسم محمد عثمان]]</ref>.
في السادس عشر من شهر ايار عام 1372 م حدث سيل هائل في مدينة بعلبك مما أدى إلى وفاة الآلاف من سكان المدينة مما أدى إلى اختفاء العديد من المنازل والمحال التجارية التي تعرضت للطمر نتيجة ما حمله الطوفان. وعن المؤرخين: "... منذ بعد ظهر يوم الثلاثاء الواقع في 16 ايار 1372 قدم إلى سماء بعلبك غيم أسود قاتم اللون مما أدى إلى حجب نور الشمس الذي أذهل سكان مدينة بعلبك وعند بداية صلاة العصر حيث كان المصلون في المساجد بدأ البرق والرعد يهزان هذه المدينة الصغيرة وبعد حوالي النصف ساعة خرج الأهالي ليستمعوا إلى مصدر صوت غريب أشبه بصوت الرعد مما فاجأهم سيل علوه 13 متر الذي أغرق البيوت والمحال التجارية حاملاً معه الحجارة الكبيرة والطمي ولم ينجُ من هذ الحادثة إلا رجل كبير مسن حيث جلس في حلة طعام وهو رجل أعمى وولد صغير عمره 4 شهور في تخت خشبي صغير إضافة إلى من كان يقيم في أعلى المنطقة أما الضحايا كانوا من المصلين في المساجد والراكنين في البيوت الترابية والحجرية... ".<ref>المصدر نقله الكاتب والصحفي اللبناني [[قاسم محمد عثمان]]</ref>.


== المناخ ==
== المناخ ==

نسخة 04:21، 8 أكتوبر 2016

بعلبك
بْعَلْبِك
موقع مدينة بعلبك

الاسم الرسمي بَعْلَبَك
 

خريطة
الإحداثيات 34°00′22″N 36°12′31″E / 34.006111111111°N 36.208611111111°E / 34.006111111111; 36.208611111111   تعديل قيمة خاصية (P625) في ويكي بيانات[1]
تاريخ التأسيس 1000  تعديل قيمة خاصية (P571) في ويكي بيانات
تقسيم إداري
 البلد لبنان[2]  تعديل قيمة خاصية (P17) في ويكي بيانات
التقسيم الأعلى محافظة بعلبك الهرمل
قضاء بعلبك  تعديل قيمة خاصية (P131) في ويكي بيانات
عاصمة لـ
خصائص جغرافية
 المساحة 37.420 كيلومتر مربع  تعديل قيمة خاصية (P2046) في ويكي بيانات
ارتفاع 1170 متر  تعديل قيمة خاصية (P2044) في ويكي بيانات
عدد السكان
 عدد السكان 81052 (2008)  تعديل قيمة خاصية (P1082) في ويكي بيانات
الكثافة السكانية 2166. نسمة/كم2
معلومات أخرى
منطقة زمنية توقيت شرق أوروبا  تعديل قيمة خاصية (P421) في ويكي بيانات
رمز جيونيمز 277130  تعديل قيمة خاصية (P1566) في ويكي بيانات
المدينة التوأم
معرض صور بعلبك  - ويكيميديا كومنز  تعديل قيمة خاصية (P935) في ويكي بيانات

بعلبك مدينة لبنانية تقع في قلب سهل البقاع الذي اشتهر بغناه ووفرة محاصيله الزراعية لامتداد أراضيه وغزارة مياه نهر الليطاني التي تروي أراضيه. وهي مركز محافظة بعلبك الهرمل. اشتهرت عبر العصور لموقعها على الخطوط البرية. شيد الرومان معابد ضخمة فيها. وآثاره الجاذبة للسياح تشهد على عراقتها. يقام فيها مهرجانات عالمية تستقطب أشهر الفنانين العرب والأجانب.

التسمية

تسمية المدينة قديمة إذ ذكرت في التوراة بإسم "بعلبق". وقد ذكر أنيس فريحة في كتابه "أسماء المدن والقرى اللبنانية" أن أسم المدينة هو سامي ومصدره كلمتي "بعل" وتعني "مالك" أو "سيد" أو "رب"؛ و كلمة "بق" وتعني البقاع رافضا أن يكون اسم إله كما يدعي البعض لعدم وجوده في اللغات السامية، فيكون معناها "إله وادي البقاع".[4] وهناك من عرب اسمها إلى "مدينة الإله بعل". وأطلق على المدينة أيام الرومان بالـ"هيليوبولس" (أي مدينة الشمس) عند الرومان، وتحديدا بإسم "مستعمرة جوليا أغوسطا مدينة الشمس". كما سماها الأميون بالقلعة.

موقعها

تقع مدينة بعلبك في شمال سهل البقاع وشرق نهر الليطاني، وتحيط بها من الشرق والغرب سلسلتا جبال لبنان الشرقية والغربية. تعلو بعلبك عن سطح البحر 1163 م. وتبعد عن العاصمة بيروت حوالي 83 كلم من ناحية الشمال الشرقي .

بعلبك في العهد الروماني(64 ق.م - 305 ب. م)

خريطة توضح أقصى امتداد للدولة الرومانية وذلك في عهد تراجان

مصادر الدراسة لتاريخ بعلبك في العهد الروماني ننهلها من كتب المؤرخين الرومان واليهود ـ مثال سترابو (Strabo) - (58 ق. م -21 أو 25 ب.م) و يوسيفوس (Josephus) اليهودي الذي وضع تاريخه حوالي سنة 70 م. وهناك الكتابات و النقوش التي ما زالت، ماثلة إلى اليوم على قواعد الأعمدة، وحجارة المعابد في هياكل بعلبك والقسم الثالث ولعله الأهم - لأنه أوضح غوامض المصدرين السابقين - هو النميَّات (المسكوكات) التي ضربت في بعلبك وحملت صور الأباطرة و أسماءهم ونقوش الهياكل البعلبكية[5]. تقع بعلبك على مفترق عدد من طرق القوافل القديمة التي كانت تصل الساحل المتوسطي بالبر الشامي وشمال سورية بفلسطين. وقد استفادت عبر تاريخها الطويل من هذا الموقع المميز لتصبح محطة تجارية هامة ومحجاً دينياً مرموقاً. نظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي وأهميّتها الزراعية، أصبحت في عام 47 ق.م. مستعمرة رومانية بأمر من يوليوس قيصر والموقع المختار لبناء أكبر الهياكل الرومانية كمعبد باخوس التي عكست ثروة وقوة الإمبراطورية الرومانية. وقد استمرت عمليات البناء أكثر من مئتي عام وأشرف عليها اباطرة رومانيون مختلفون. ومن أجل الوصول إلى هذه الهياكل، لا بد للزائر ان يمر أولا بالاروقة الرومانية الضخمة وبساحتين تحيط بهما الأعمدة المهيبة.

بعلبك في العهد البيزنطي(395 - 635 م)

الإمبراطورية الرومانية الشرقية عام 500.

في نهاية القرن الثالث كانت الإمبراطورية الرومانية على حافة الأنهيار وتلاشي السلام الذي وفر الإزدهار في القرون السابقة. و اشتعلت الفتن الداخلية وكثر الطامعون بالعرش مما حمل بعض فرق الجيش على تنصيب قنسطنطين (306-Constantin" (337" امبراطوراً، و في سنة 330م بعد أن نجح في توحيد الإمبراطورية تحت إمرته، نقل عاصمته من روما إلى بيزنطة التي أعاد بناؤها ومنحها إسمه، وفي عاصمته الجديدة منع بناء المعابد الوثنية، ثم أصدر أمراً بإغلاق المعبد الكبير في هليوبوليس (بعلبك). كتب المؤرخ البيزنطي سقراط سكولا ستيكوس

بعلبك إن قسطنطين الغى الإحتفالات الفاسقة التي كانت تمارس في بعلبك هليوبولس وأمر ان تبنى كنيسة في هليوبولس فينيقيا، تكفيراً عن خطايا البغاء إذ كانت تعرض عذارى للغرباء، فمنع هذه الطقوس التي راجت طويلا، واصلح الأخلاق الفاسدة لشعب هليوبولس[6] بعلبك

وعادت الوثنية إلى الظهور لما تولى عرش روما الإمبراطور جوليان الجاحد (Julien Lapostut)-( 363-361م). لأنه أقر الوثنية، واعتبر البطل الأخير للآلهة الرومانية الإغريقية. لأنه استخدم نفوذه لإحياء المعتقدات القديمة. هذا التطرف الذي مارسه وثنيو هليوبولس شكا منه جوليان الجاحد نفسة. وأعلن ان الإجراءات التي نفذت في بعلبك سارت شوطاً بعيدا تعدى أوامره. وفي آخر عهد فالنس نشهد ذكر بعض اساقفة هليوبولس. فالأسقف ايلي البعلبكي شارك مجمع انطاكية الكنسي سنة 378م والتزم مقرراته بوصفه متروبوليت هليوبولس. وفي السنة التالية اعتلى العرش ثيودوسيوس (Theodosius)-(395-379م)، فأعاد المسيحية إلى الأمبراطورية، وفاق بإيمانه سلفه قسطنطين ولئن اقتنع قسطنطين بإغلاق هياكل الإغريق فإن ثيودوسيوس دمَّرها ، وانتقم لنصارى بعلبك فحول هيكلها المختص ببعل هليوبولس إلى كنيسة، وأمر بهدم مذبح التضحية وبرج القاعة الكبرى، وأشاد على أنقاضها كنيسة أخذت حجارتها من هيكل جوبيتر وكان عرض الكنيسة 36 متراً وطولها 63 متراً وتألفت من صحن خاص بالمصلين وممرين جانبيين، ينفصل كل واحد منهما عن الصحن بثلاثة عُمُد ضخمة تعلوها أقواس حجرية معقودة. قال يوسيبوس:

بعلبك ان بعلبك منحت إمتيازاً بأن يكون لها كنيسة على رأسها مطران يعاونه شيوخ وشمامسة وما أطل القرن الخامس حتى أخذ أساقفة هليوبولس يلعبون دوراً مهماً في حياة الكنيسة وأخبارها.[7] بعلبك

حكاية بعلبك و الفتح الإسلامي

الدولة الإسلامية بعد فتنة مقتل عثمان، المناطق الملونة باللون الأخضر هي التي يُسيطر عليها الخليفة علي بن أبي طالب، وأما الأحمر فهو ولاية الشام تحت سلطة معاوية بن أبي سفيان، والأزرق ولاية مصر تحت سلطة عمرو بن العاص.

إن تسلسل الأحداث يكشف أن جيوش المسلمين قصدت بعلبك مرتين سنة 13 هـ . والثانية 14 هـ . لكن الأحداث المتسارعة في بلاد الشام حالت دون مهاجمة المدينة. والأخبار تؤكد أيضاً أنها فتحت مرتين وتمتا سنة 15 هـ. الأولى قبل معركة اليرموك، والثانية بعد معركة اليرموك . كانت بعلبك حامية رئيسة للروم، وفي قلعتها حشد هرقل جيشاً كبيراً يتحرك بسرعة لنجدة المدن السورية عند مهاجمتها من قبل المسلمين. وأدَّت دورها فأرسلت الفي جندي لنصرة (حوارين) لما هاجمها خالد إبن الوليد سنة 13 هـ / 634 م . و في العام نفسه وفد جيش من أنطاكية مدداً لأهل دمشق. ولما كان في الطريق بلغته هزيمة الروم في مرج الصفر. فعرج على بعلبك وأقام فيها وعلى قيادته (درنجاران) قائدان كل قائد (درنجار) على خمسة آلاف أخاف هذا الجيش قواد المسلمين فقال أبو عبيدة لخالد " ما هذا الجيش النازل ببعلبك الا أنا أو أنت أو يزيد" قال خالد : لا بل أنا أسير إليهم، فبعثه أبو عبيدة في خمسة آلاف فارس وأوصاه [8] " يا خالد إني أوصيك بتقوى الله. وإذا أنت لقيت القوم فلا تناظرهم (تؤجلهم) ولا تطاولهم في حصونهم، ولا تذرهم يأكلون و يشربون وينتظرون أن يأتيهم أمدادهم، فإذا لقيتهم فقاتلهم، فإنك إن هزمتهم إنقطع رجاؤهم، وسقط في خلدهم و ساء ظنهم، وإن احتجت لمدد فأعلمني حتى يأتيك من المدد حاجتك، وإن احتجت أن آتيك بنفسي أتيتك إن شاء الله.
سار خالد إلى بعلبك سالكا طريق الزبداني. في الوقت نفسه بعث هرقل إلى جيش بعلبك يأمره بالمسير إلى بيسان لنصرة الروم هناك ، وسار الجيش امتثالاً لأمر هرقل وقد رفده مثل عدده من أهل بعلبك وحمص فبلغوا عشرين ألفاً ساروا إلى فلسطين . ولما شارف خالد ضواحي بعلبك علم بأن جيش الروم غادر المدينة، فأخذ معه الأغنام والأبقار التي وجدها في طريقه وقفل راجعاً إلى أبي عبيدة المقيم أمام أسوار دمشق. ولم يدخل خالد بعلبك ولم يحاصرها تمَّ ذلك في شهر ذي القعدة سنة 13 هـ كانون الثاني 635م.
حصل جزر ومد في بلاد الشام، فبعد معركة فحل (كانون الثاني 635م) فتح المسلمون دمشق إثر حصار دام أربعة أشهر (رجب 14هـ أيلول 635م). ثم تقدم أبو عبيدة يرافقه خالد على طريق دمشق حمص. ولما وصلا قبالة جوسية بعث خالد إلى حمص وقنسرين، وقصد بنفسه بعلبك، فصالحه بطريق جوسية لمدة سنة كاملة على أربعة آلاف درهم وخمسون ثوباً من الديباج، ولما بلغ أبو عبيدة اللبوة قدم إليه عم بن الخطاب يعلمه بفرار جبلة بن الأيهم الغساني. فعدل أبو عبيدة عن بعلبك، ولحق بخالد إلى حمص لمراقبة طريق أنطاكية. وصدف أن مات بطريق حمص إبان محاصرة العرب لها فطلب أهلها الصلح لمدة سنة أولها ذو القعدة سنة 14 هـ.
إطمأن أبو عبيدة إلى قوة المسلمين بحمص، فعزم على حسم أمر بعلبك التي تشكل خطراً يهدد جيشه. وخصوصاً أنها ما زالت تتصل بالحاميات البيزنطية في الساحل وفلسطين. تقدم إليها عن طريق اللبوة ولما شارفها صدف قافلة من قوافل الروم تحمل إلى بعلبك تجارة أكثرها السكر والزيت فقال أبو عبيدة لرجاله " إن بعلبك لنا حرب وليس بيننا وبينهم عهد، فخذوا ما قد ساقه الله اليكم فإنها غنيمة من عند الله" قال شداد بن عدي: " إحتوينا القافلة وكان فيها أربعمائة حمل من السكر، والفستق والتين وغير ذلك، وأخذنا أهلها أسارى و قال أبو عبيدة:

بعلبك كفوا القتل وأطلبوا منهم الفداء بعلبك

فإبتعناهم أنفسهم بالذهب والفضة والثياب والدواب...[9].

بعلبك في العهد الأموي (132-41هـ)(266م-750م)

أقصى ما وصلت إليه الفتوحات الإسلامية في عهد الخلافة الأموية، حيث شملت بلاد الخزر كاملة بين عامي 737م و740م
  مناطق حكمها الأمويون قبل عام 750م

أغفلت كتب التاريح أسماء الولاة الذين حكموا بعلبك بعد رافع بن عبد الله السهمي في الحقبة الأولى للإسلام (العهد الراشدي). وهذا الإهمال طال عهودها المتلاحقة، وبتنا نعرف عدداً من ولاة المدينة وردت أسماؤهم عرضاً في بطون الكتب. لكن الإطار العام لسياسة المدينة نرسمه بالمقارنات العامة مع سياسة دمسق، وسائر المدن السورية. إتبعت بعلبك عاصمة البقاع الشرقي بجند دمشق، وظلت عليه حتى نهاية الدولة الأموية. وبعلبك لم تخضع لسلطة الأمام علي (عليه السلام). لأن معاوية استقل ببلاد الشام منذ اليوم الأول لولاية علي بن أبي طالب سنة 36 هـ. بيد أن شبيب بن عامر والي الجزيرة الفراتية من قبل الإمام علي، أغار حتى بلغ بعلبك سنة 39هـ - 660 م. وتفصيل ذلك أن معاوية سير عبد الرحمن بن قباث إلى بلاد الجزيرة وفيها شبيب بن عامر، وكان شبيب إبان الغارة في نصيبين، فكتب إلى كميل بن زياد وهو (بهيت) يعلمه خبرهم. فسار كميل في ستمائة فارس، وقاتل عبد الرحمن ومعه معن بن يزيد السلمي، فهزمهما وأكثر القتل في أهل الشام وأمر ان لا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح. وقتل من أصحاب كميل رجلان وأقبل شبيب بن عامر من نصيبين فأدرك أن كميلا قد أوقع بالقوم فهنأه بالظفر، واتبع الشاميين فلم يلحق بهم، فعبر الفرات وبث خيله فأغارت على أهل الشام حتى بلغ بعلبك فلم يدع في طريقه ماشية إلا استاقها، ولا خيلا، ولا سلاحاً الا أخذه، وعاد إلى نصيبين، وكتب إلى الإمام علي، فأجابه الإمام ينهاه عن أخذ أموال الناس، إلا الخيل و السلاح الذي يقاتلون به وقال:

بعلبك رحم الله شبيباً لقد أبعد الغارة، وعجل الإنتصار بعلبك

إن معاوية اتخذ من بعلبك ثكنة عسكرية بقيادة واليها سفيان بن مجيب الأزدي ورابطت فيها فرق من القبائل العربية، استعان بها الأمويون على إخماد الثورات المناوئة في البلاد. وكانت مركزا رئيساً لإمداد الساحل بالقوات المقاتلة. لما هاجم معاوية جزيرة قبرص سنة 33هـ، استعان بالفرق البعلبكية، وتمكن من فتح الجزيرة، ونقل اليها جماعة من هذه المدينة تقيم في قبرص وتأخذ الأعطية، والفرق البعلبكية مع جماعة من البعوث الإسلامية أقاموا مدينة لهم في قبرص زينوها بالمساجد. وأدوا دورهم في حفظ الجزيرة. وظلوا هناك حتى أعادهم يزيد بن معاوية مرتشياً من أهل المدينة، وما إن غادرت الفرق قبرص حتى انتفض السكان فهدموا مدينة المسلمين ودرسوا مساجدهم[10].
ولم تكن مركزا عسكرياً فقط بل كانت معقلا محصناً سجن فيها الأمويون الأسرى، ورهناء الروم في عهدي معاوية وعبد الملك بن مروان ... ففي سنة 37هـ \ 658م عقد معاوية صلحاً مع امبراطور الروم، على أن يؤدي معاوية مائة الف دينار، وأن يسلم الطرفان رهائن متبادلة ضماناً لتنفيذ الأتفاق وإستمراريته، فأخذ معاوية رهائن الروم وجعلهم في بعلبك ولكن الروم غدروا برهائن المسلمين وقتلوهم..... فلما بلغ ذلك معاوية أبى والمسلمون " أن يستحلوا قتل من في أيديهم من رهنهم، وخلوا سبيلهم. واستفتحوا عليهم وقالوا: وفاء بغدر، خير من غدر بغدر". وعاد معاوية ينقل من فرس بعلبك الذين قطنوها قبل الإسلام – بشهادة الأمان الذي كتبه أبو عبيدة سكان المدينة ورومها وفرسها وعربها – إلى طرابلس في سنة 42 هـ . وذكر ابن واضح اليعقوبي المتوفي سنة 284هـ بأن بعلبك وأهلها قوم من الفرس وفي اطرافها قوم من اليمن وذكر البلاذري ان معاوية نقل من فرس بعلبك وحمص إلى إنطاكية ثم إلى سواحل الأردن، وصور وعكا. وكان من قواد الفرس مسلم بن عبد الله بن حبيب بن النعمان. بيد أن القيادة العليا كانت لوالي بعلبك سفيان بن مجيب الأزدي، وقد استعان بفرس بعلبك لفتح طرابلس. وخرج بهم وبخيل له سواهم سنة 35 هـ لإقتفاء أثر عبد الرحمن بن عديس البلوي، الذي فر مع أصحابه من سجن مصر. وكان متهماً بقتل عثمان بن عفان.[11] وبعد سفيان الأزدي يطالعنا إسم روح بن زنباع الجذامي أبو زرعة ولى بعلبك لمعاوية حوالي (49 - 60هـ) ثم نقله يزيد بن معاوية من بعلبك إلى جند فلسطين.[12]

بعلبك في العهد العباسي

الأربعة ممالك الكبرى في عام 800 بعد الميلاد : الدولة العباسية وعاصمتها بغداد (أخضر) والدولة الأموية (أخضر فاتح) في الأندلس، وإمبراطورية شارلمان (بنفسجي)، والدولة البيزنطية (بني).

سار (عبد الله بن علي الهاشمي) يطارد فلول (مروان بن محمد) بعد معركة الزاب، فنزل مدينة قنسرين ثم حمص، فأقام بها أياماً يأخذ البيعة من أهلها لأبي العباس. وتابع رحلته إلى بعلبك فإستقبلته وبايعت بلا مقاومة، فبات فيها ليلتين ثم ارتحل فنزل (عين الجسر) عنجر فأقام يومين ثم قصد عاصمة الأمويين، فدخلها سنة 132 هـ / 750 م.
وقبل مغادرة بعلبك رتب شؤونها وأبقى عليها (يزيد بن روح اللخمي) واليها من قبل الأمويين لأن يزيد أعلن ولاءه للعباسيين. وربما كانت المدينة قبل دخول عبد الله بن علي في إنتفاضة ضد مروان بن محمد الذي أمر بقتال سكان بعلبك وهدم سور مدينتهم " ظل والي بعلبك اللخمي يؤدي الخدمات للعباسيين فألقى القبض على الحكم بن ضبعان بن روح بن زنباع الجذامي" والي فلسطين للأمويين بعد أن لبث متنكراً في نواحي بعلبك مدة ست سنوات فأخذه يزيد بن روح عامل بعلبك وضرب عنقه وأرسل رأسه إلى صالح بن علي الذي أرسله بدوره إلى جعفر المنصور ونال يزيد مكافأة إذ نقله صالح بن علي أميراً على دمشق سنة (138 هـ / 757م) ولكن الأخبار تذكر أن يزيد كان على بعلبك سنة 143هـ/ 760م.[13]
أصبحت بعلبك تابعة لإمارة (عبد الله بن علي) الذي ولى لأبي العباس بلاد الشام، وإ شتملت إمارته على حمص، وقنسرين، وبعلبك والغوطة، وحوران، والجولان، والأردن من سنة 132هـ / 750 م. إلى سنة 136هـ / 754م. بينما شملت إمارة (صالح بن علي) على البلقاء وفلسطين. إن (عبد الله بن علي) كان يطمع بالخلافة، ولاح له بارق أمل، يوم وفاة أبي العباس سنة 136هـ/ 754م. فدعا الناس إلى مبايعته. لكن أبا جعفر المنصور قضى عليه. وزار المنصور لبنان سنة 140هـ/ 758م وإبان زيارته أسكن التنوخيين في مدن لبنان لدرء الأخطار البيزنطية عن سواحله، وأنزلهم بعلبك وبيروت وصور وعرقة... وظلت هذه الأسرة ذات شأن طيلة قرون عدة حيث وصلنا إسم “ المفضل بن محمد بن مشعر “ أبو المحاسن الأديب النحوي الفقيه الذي ولى قضاء بعلبك. توفي سنة 443هـ[14] .

بعلبك و صراع الدويلات

مع الدولة الطولونية

خارطة الدولة العبَّاسيَّة عند تفكُكها إلى عدَّة دُويلات، ومن بينها الدولة الطولونيَّة.


بعد أن استقل أحمد بن طولون بمصر سنة 258 هـ / 872م، توجه إلى دمشق، وغلب عليها بعد وفاة واليها إبن ماجور سنة 264هـ / 878م. وبعد دمشق استكمل اخضاع مدن الشام: حمص وحماه وولى عليها أبناؤه وقواده. وبالتالي كان أول والٍ مسلم في مصر يضم الشام اليه.[15] وعاشت بعلبك بين مد وجزر مع الطولونيون وأعدائهم الطامحين إلى الحكم. إذ انحازت إلى لؤلؤ امير حمص الذي خالف سيده بالدعوة والخطبة للخليفة (المعتمد)، وأخذ يدعو لأخيه (الموفق).
وشهدت بعلبك أوضاعاً مضطربة عندما ظهر القرامطة في بلاد الشام، وأغاروا على دمشق سنة 290هـ / 905م. بإمرة الحسين بن زكرويه بن مهرويه، الذي خلف أخاه يحيى بن زكرويه صاحب الثورة القرمطية، ونجح الحسين بإحتلال دمشق وحمص. وبالغت قواته في السرق والنهب. وفي العام نفسه سار إلى بعلبك فأعمل السيف في رقاب أهلها، وفتك بأكثرية سكانها، وعبارات المؤرخين تؤكد انتقامه الفظ من أهل بعلبك، ولا تعطي سبباً للفتك. وإتفق الطبري، وإبن الأثير على العبارة التالية" فقتل عامة أهلها حتى لم يبق منهم - فيما قيل - إلا اليسير، ثم قتل البهائم". وبإمرة ابن زكرويه خلعت بعلبك طاعة (المكتفي )وراحت تدعو وتخطب لزعيم القرامطة. لكن محمد بن سليمان قائد المكتفي بالله استطاع أن يرد بلاد الشام كلها إلى حظيرة الخلافة بعد أن طهرها من آثار القرامطة، وأخمد ثورتهم سنة 291هـ/ 906م.
عادت بعلبك إلى سلطة العباسيين، وارتبط عمالها بأمير دمشق (أحمد بن كيغلغ) الذي تولى دمشق أيام ( المكتفي)، ثم ( المقتدر) ثم ( الظاهر)، أي من سنة (323:291هـ) فلما ولي (الراضي) الخلافة عزل ابن كيغلغ، وولي على دمشق الإخشيد ( محمد بن طغج بن جف)[16]

مع الإخشيد

الدولة الإخشيدية في أوج إنتشارها

كانت بعلبك تترجح بين حكم الإخشيديين، والحمدانيين والفاطميين. على إثر وفاة محمد بن رائق القائد العباسي في الشام سنة 330 هـ / 941م أقدم محمد بن طغج الملقب بإخشيد، على ضم بلاد الشام إلى مصر وفي سنة 333هـ / 944 م أقره (المستكفي) العباسي على مصر والشام. وكانت بعلبك من أعمال دمشق فخضعت له حتى وفاته سنة 334هـ / 945م. ثم وليها ابنه (انو جور) وكان صغيراً فدبر شؤون مملكته (كافور الإخشيد الخادم). وفي سنة 335/ 946م هاجم سيف الدولة بعلبك واستولى عليها ثم حاصر دمشق، وسقطت بيده كما يؤكد ذلك (القلقشندي)[17].

مع الدولة الحمدانية (333-402هـ)-(944-1012م)

الدولة الحمدانية في 955م

بعد تأسيس الدولة الحمدانية في حلب مدَّ سيف الدولة سلطانه إلى حمص وبعلبك ودمشق سنة 335هـ /947م. ومع أن دمشق انتفضت على سيف الدولة، وفضلت الإخشيديين إذ استعادها كافور الإخشيدي، فإن بعلبك انفصلت عن دمشق، وبقيت حصناً لسيف الدولة حتى مماته في سنة 356هـ/ 967م. و بعد وفاة سيف الدولة غزاها الروم، و نهبوها مع سائر المدن الحمدانية[18].

في ظل الدولة الفاطمية

.

خريطة توضِّح مسار الفتوحات الفاطمية، انطلاقاً من إفريقية (حالياً تونس) إلى مراكش غرباً ومصرًا ثم بلاد الشام والحجاز شرقًا، وقد اصطدم الفاطميُّون خلال هذه الغزوات بالإخشيديين بمصر والقرامطة والحمدانيين بالشام والحجاز.

في سنة 359هـ/ 970م، وصل (جوهر) قائد المعز الفاطمي إلى دمشق، وتملكها، وأذن بمآذنها، بحي على خير العمل ولما أذعنت دمشق تقدم إلى بعلبك وأخضعها وأقام الخطبة فيها للخليفة الفاطمي (المعز) بعد أن كانت (للمطيع )العباسي. وأذن فيها (بحي على خير العمل) والحقت بنائب دمشق جعفر بن فلاح[18].
ثم غابت شمس الدولة الفاطمية عن سماء دمشق وبعلبك عندما أقدم (أتسز بن أرتق) الخوارزمي - أحد أمراء السلطان ملكشاه السلجوقي - على إخضاعهما، وقطع الخطبة للمستنصر الفاطمي وخطب للمقتدى العباسي، وأبطل في الآذان (حي على خير العمل)[19].

في العصر المملوكي

الدولة المملوكية في أوج عظمتها

بعد إندحار المغول أمام جيوش الملك قطز والأمير ركن الدين بيبرس البندقداري في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة 658 هـ في موقعة عين جالوت[20]، كان يفكر قطز في أمر الحاميات التتارية في بلاد الشام في دمشق وحمص وحلب وغيرها من مدن الشام، ومع ما أصاب جيش المسلمين من كثرة الشهداء وكثرة الجرحى، وما لقوه من عناء وتعب، قرر سيف الدين قطز السير لدمشق لتحريرها من سيطرة التتار، واستغلال فرصة انكسار جيش التتار وهزيمته الساحقة في سهل عين جالوت،[21] أراد سيف الدين قطز أن يستثمر انتصاره على جيش المغول في عين جالوت، في تهيئة انتصار جديد للمسلمين في دمشق على جيش التتار المحتمي فيها، فجيش التتار قتل بأكمله في المعركة، ولم ينقل أحد منهم الخبر إلى دمشق، فأردا قطز أن ينقل خبر النصر الكبير على المغول بنفسه، ليضعف من معنويات الحامية التتارية في دمشق، فيسهل عليه فتحها، قرر قطز أن يرسل رسالة إلى التتار يعلمهم فيها بهزيمة كتبغا وجيشه، وجاء فيها:[22]

«أما النصر الذي شهد الضرب بصحته، والطعن بنصيحته، فهو أن التتار خذلهم الله، استطالوا على الأيام وخاضعوا بلاد الشام واستنجدوا بقبائلهم على الإسلام، وهذه عساكر الإسلام مستوطنة في مواطنها ما تزلزل لمؤمن قدم إلا وقدم إيمانه راسخة ولا تثبت لأحد حجة إلا وكانت الجمعة ناسخة ولا عقدت برجمة ناقوس إلا وحلها الآذان ولا نطق كتاب إلا وأخرسه القرآن، ولم تزل أخبار المسلمين تنتقل إلى الكفار، وأخبار الكفار تنتقل إلى المسلمين، إلى أن خلط الصباح فضته بذهب الأصيل، وصار اليوم كأمس ونُسخت آية الليل بسورة الشمس، إلى أن تراءت العين بالعين واضرمت نار الحرب بين الفريقين، فلم تر إلا ضرباً يجعل البرق نضوا ويترك في بطن كل من المشركين شلوا، وقتل من المشركين كل جبار عنيد، ذلك بما قدمت أيديهم (وما ربك بظلام للعبيد)»

وصلت رسالة سيف الدين قطز إلى دمشق في يوم السابع والعشرين أو الثامن والعشرين من شهر رمضان، وبهذه الرسالة علم المسلمون نبأ الانتصار فقاموا بثورة عارمة داخل دمشق، وأمسكوا بجنود التتار وقتلوا عدداً منهم وأسروا عدداً آخر وفر عدد آخر، وكان السبب الرئيسي لما حدث في دمشق هو انهيار معنويات التتار بعد سماعهم خبر هزيمة كتبغا في عين جالوت، وفي يوم الثلاثين من رمضان وصل سيف الدين قطز وجيش المسلمين دمشق بعد خمسة أيام من معركة عين جالوت، ودخل جيش المسلمين دمشق واستتب الأمن.[23][24]

وكان من نتائج تحرير سيف الدين قطز سلطان مصر لدمشق من أيدي المغول، أن إنتقلت بعلبك إلى سيطرة المماليك في نفس السنة، حظيت بعلبك بإهتمام جزء كبير من ملوكهم في المجال العمراني، حيث على سبيل المثال، أمر الملك الظاهر بعمارة بعلبك وتشييد أسوارها، "وشحنها بما لم تسمح (تسمع) به نفس أحد" وأمر ببناء مسجد رأس العين الذي إنتهى بعد وفاة بيبرس بأشهر لأن وفاته كانت في 27 محرم سنة 676هـ / 1277م أي في الشهر الأول من السنة المذكورة في حين تدل الكتابة الموجودة في المسجد أنه كمل في شهور سنة ست وسبعين و ستماية وقد تولى الإشراف على بنائه بلبان الرومي الدوادار الظاهري. خضعت دمشق و بعلبك الى سلطان مصر قلاوون في صفر سنة 679هـ. إعتنى قلاوون بشئون بعلبك فأمر بتحصين القلعة، ورمم البرج العالي من الهيكل الصغير في رجب سنة 681هـ، وجدد بناء الجامع الحنبلي في جمادي الأولى سنة 682هـ، وأصلح جدران ونوافذ المسجد الكبير سنة 682هـ. كلها تمت بإشراف نجم الدين حسن بن محمد الظاهري، الذي ولي بعلبك منذ أيام الظاهر بيبرس[25].
ثم دخلها بعد ذلك بسنوات القائد المغولي تيمور لنك في سنة (803هـ،1400م ) و قام بتدميرها، لكنها عادت إلى حوزة المماليك مرة أخري ، وظلت تحت حكمهم حتى سنة (992هـ، 1516م) ، حين فتح السلطان سليم الأول بلاد الشام.

إمارة وطنية (1480م : 1866م)

خضعت بعلبك خلال هذه الفترة لحكم أمراء آل حرفوش المشهورين حكام بلاد بعلبك الذين ينتهي نسبهم إلى حرفوش الخزاعي، من خزاعة العراق، سار جدهم مع سرايا الفتوح واستقر في غوطة دمشق.ولما توجه أبو عبيدة بن الجراح إلى بعلبك عقد للخزاعي راية بقيادة فرقة[26] . حيث قال عنهم المرجع السيد محسن الأمين في أعيانه "دانت بعلبك وقراها بعد ذلك لحكم الامراء بني الحرفوش وهم عائلة من الشيعة كانوا من الباس والسطوة والفروسية في مكان عظيم.[27] امتد نفوذ عائلته من حماه حتى صفد، ومارست تأثيراً مباشراً في ولايات حلب ودمشق وطرابلس".[28] كما ذكر الطوباوي غبطة البطريرك مار إسطفان الدويهي في كتابه تاريخ الأزمنة أن حكمهم وصل إلى تدمر بسوريا (إبن صدقة).[29]
أن هذه العائلة حكمت قسماً كبيراً من لبنان، وربما القسم الأكبر مساحة وسكاناً وجباية[30] ، بالإضافة إلى المناطق الوسطى من سوريا في فترات كثيرة، ونبغ من أهلها بالإضافة إلى ميادين السيف والحكم والسياسة، أعلام في العلم والفقه والشعر ما لا يمكن طمسه من كتب التراجم، ودواوين الشعر، والذاكرة الشعبية الباقية رغم السنين، وإن ما خلفوه من آثار لا تزال باقية، من القلاع والحصون والمرابط والمساجد والأوقاف. وقد كانت بعلبك وبلادها من أغنى مناطق سوريا أوقافاً وحبوسات على المدارس والمشاهد داخل البلاد وخارجها، بما فيها الحرمين الشريفين، وكان الأمراء الحرافشة يقومون، بالإضافة إلى مهامهم في الحكم، بالولاية الشرعية عليها. لم يجد أحد أوائل المكلفين والمتبرعين المساهمين بوضع تاريخ شبه رسمي عن لبنان ما يقوله في الإشارة إلى هذه العائلة وتاريخها الذي استمر أكثر من أربعماية عام إنها: " عائلة من الشيعيين بجوار بعلبك، يخاف سطوتها عابرو الطرق وسكان سهل البقاع وهي عائلة الأمراء الحرافشة" .[31] ويقول البروفسور إستيفان ونتر إزاء هذا التجاهل لهذه الحقبة المهمة في تاريخ المنطقة والتي امتدت إلى ما يقارب الأربعماية عام:

بعلبك "إن تاريخ أمراء الدولة العثمانية الشيعة هو البديل للروايات الشائعة ( روايات الصفدي والشدياق وحيدر الشهابي وألوف وغيرهم ممن تصدى لكتابة تاريخ لبنان )، عن الملجأ الدرزي الماروني الجبلي، الذي أصبح فيما بعد لبنان، وهو يتحدى المرويات اللبنانية في جوانب مختلفة".[32] بعلبك


كما أردف البروفسور ونتر السابق ذكره:

بعلبك إن التاريخ ( التاريخ بصفة عامة وتاريخ لبنان بصفة خاصة ) لا يمكن حجبه أو تعديله أو تبديله إلى الأبد، فلا بد أن يسطع نور الحقيقة يوماً فيبدد الزيف والغث، ويوقظها من سباتها مهما طال الزمن، وقد يأتي صوت الحق عبر القارات والشعوب والحضارات ليقول إن غموض الصورة التاريخية في لبنان يعود إلى " أن المؤرخين المحليين طلبوا من وقائع التاريخ أن تشهد بأن هوية هذه المناطق تعود إلى الدروز والموارنة لا إلى الطارئين"[33]. بعلبك


و للمزيد حول هذا الموضوع يمكن الرجوع لرأي الشيخ جعفر المهاجر في مداخلته في حلقة خير جليس الخاصة بعرض وتحليل كتاب تاريخ الشيعة في لبنان للدكتور سعدون حمادة والمسجلة على اليوتيوب تحت إسم " صفحات من تاريخ لبنان ".

الأمير الحرفوشي بين الحاكم و الملتزم

لا ينطبق نظام الالتزام العثماني المعمول به في معظم أنحاء الإمبراطورية بما فيها بلاد الشام على طبيعة ممارسة الحاكم الشيعي سلطته في المناطق اللبنانية ولا على علاقته مع الجهاز الإداري والسلطوي في الولاية التابع لها نظرياً. إن أهمية عقد الإلتزام وجوهره في المطلق أن يؤسس حالة واقعية ووصفاً قانونياً لإدارة مقاطعة عثمانية ولكن العقود العائدة إلى المناطق الشيعية ليست في حال صدورها أكثر من اعتراف رسمي وتوثيق إداري بواقع قائم على الأرض دائم ومستمر لا يتأثر كثيراً بالموقف الرسمي ولا يترك له إلا هامشا ضيقاً وظرفياً ومتقطعاً للتصرف المحكوم غالباً بالغصب والقهر، مما يلزم الوالي العثماني العاجز عن التدخل في هذا الأمر أن يداري مكرها واقع الأمور "ويترك حكم البلاد إلى قوم من الشيعة رغماً عن بيت عثمان أصحاب الحق فيه". من هنا يختلف الحاكم في بلاد الشيعة عن الملتزم في جبل الدروز. يتولى الأول منصبه نتيجة أوضاع طائفية واجتماعية وعشائرية، تحمله إلى مركز القيادة إرادة عامة لجماعته من محكوميه وسائر الناس دون كبير اعتبار لإدارة السلطة المركزية بينما يبدو الأمر على نقيض ذلك في جبل الدروز مثلاً حيث يجد الملتزم نفسه أسير غربتين تتحكمان بمنصبه وعلاقته بمن منحه هذا العقد وتحددان له خطواته ومطامحه وسياساته اولاهما غربة الطائفة، إذ إنه ينتمي إلى طائفة تختلف عن طائفة محكوميه، وثانيتهما، غربة العصبية، لأن عائلات درزية عديدة استأثرت بالعصبيّات القوية وحجزت لنفسها مكاناً دائماً في سُلم القيادة في حيّز جغرافي محدد، وضعها في مكان الوسيط والحاجز بين الحاكم ومحكوميه بتعذر التواصل مباشرة، فلا يمكنه فرض سياسته أو ضرائبه أو الدعوة إلى القتال، إلا بواسطة هذه العائلات القوية التي هي وحدها تملك، في الواقع، سلطة القرار في الأمور الأساسية والمهمة. وهذا ما دفع الديبلوماسية الفرنسية لرعاية مواطنيها ومرسليها إلى الاعتماد على الحاكم الشيعي وذريته طالما يحكمون بعلبك و البقاع أو جبل لبنان رغم الامتيازات الأجنبية المعروفة بين فرنسا والسلطنة العثمانية.[34] و هذا ما يفسر استمرار حكم الحرافشة لبلاد بعلبك و البقاع لما يقارب الأربعمائة عام دون ان تتمكن الدولة العثمانية من إزاحتهم عن الحكم، بالإضافة إلى أن من الشروط التى فرضها الحرافشة على الدولة العثمانية هي عدم خضوع أهالي المنطقة للتجنيد الإجباري، فحمتهم بهذا من الموت في الغربة في سبيل الأطماع التوسعية للدولة العثمانية.

الحرافشة و درء الفتن الطائفية

تتباين المصادر حول حقيقة الشيعة( الإثنا عشرية )عموماً في البقاع في الفتن الطائفية التي أجتاحت البلاد سنة 1860م. لا شك أن ما تعرض له الشيعة ( الإثنا عشرية) الجبليين انعكس توتراً في البقاع لم يصل إلى درجة المجابهة العامة، كما جرى في مناطق أخرى، وإن كانت بعض التقارير تتحدث عن أعمال سلب و تعديات قام بها الحرافشة على بعض القرى وإغارات مارونية على حدث بعلبك. إن الأنباء التي نقلها المهاجرون الجبليون الشيعة (الإثنا عشرية) شحنت النفوس بمشاعر التوتر والعداء. كما وصلت رسائل إلى الحرافشة كتبها نصارى من الجبل تحدثت عن نوايا نصرانية بالإعتداء على عيالهم اللاجئين إلى بعض قرى ( العشائر) الحمادية في الجبل. إن عريضة أرسلها وكلاء عموم زحلة إلى البطريرك إثر وصول جماعة من قبله إلى المدينة لمعاينة الأحوال عن كثب تنقل صورة واضحة عن أوضاع زحلة، وسائر النصارى في البقاع، وعلاقتهم بالحرافشة وشعورهم بأن وجودهم في البقاع لا يستقيم بدونهم (أي بدون الحرافشة). وهو شعور حقيقي ليس فيه محاباة ولا مداراة ولا مجاملة، لأنه موجه إلى المسيحي الأول ولن يصل إلى مسامع غيرة في كل حال.

بعلبك مار بولص قدس سيدنا الجليل وراعي الرعاة النبيل، الكلي الغبطة والفائق الإحترام.

نقضي أنه عند حضور أولادكم لهذا الجانب وجدنا حاصلة المغايرة من طايفة الحمادية على تعلقاتنا. لزم اننا جعلنا الوسايط لأجل المسالمة مع جناب أفندينا الأمرا حرفوش المحترمين. وتوجهنا للثم أيديهم. وبوقته اندرج حال أولادكم. وكل من النصارى الزراع توجه لمحله وصار لجمع الباقي من مزروعاته. والآن لقد اطَّلعنا على تحرير وارد إلى بعض جنابهم من أحد نصارى بأن طانيوس بك شاهين مراده ضرب العاقورة بسبب أن عيال جناب الأمراء الموفى اليهم بالمحل المرقوم وحيث اننا و جنابهم الحال مصرحه اطلعنا على التقرير المرقوم، وقدمنا لجنابهم الرجا بأن هذا الأمر ربما يكون عادم الصحة. وباشرنا بتقديم لديكم لكي يكون بشريف مسامعكم، إنه أولاً لولا وجود الأمراء ببعلبك، حالنا لم يمش قطعاً ولا بوجه مطلقاً والذي كنا نظنه من طانيوس المرقوم أنه عوضاً عن هذه المساعدة نحونا يقدم كافة الخدمات إلى عيال جنابهم حتى يزدادوا بقيام مصالحنا. والأن ظهر بخلافه فلأجل ذلك لزم نصرح (...) لغبطتكم لكي يصدر أمركم المرقوم طانيوس يكف يد عن كذا عمل، لأنه يكفي ما جرى علينا. وإذا وقع أدنى إنجرار، من المعلوم يصير الحال أكثر من الماضي وإذا رغبنا إيضاح الذي عمال يحصل لجناب الأمراء من المساعدة لعموم النصارى يطول الإسهاب بشرحه. فالرجا في غيرتكم وحكمتكم يصنع كما يقع فيه اللياقة مع أعيال جنابهم. أكرموا علينا بمرسوم الإيجابي لكي يصير عرضه لديهم لأجل رفع (الوسوسة) لأن أملنا بغيرتكم لنمد جنابهم كلما يلزم من المساعدة. هذا ما لزم مع عدم أبراحنا من صالح دعاكم. نكرر لكم ما تقدم ثانياً و ثالثاً[35].
في 25 آب 1860م
أولادكم
وكلاء عموم زحلة

بعلبك


و لإلقاء مزيد من الضوء على دور آل حرفوش في درء الفتن و خاصة فتنة زحلة عام 1841م، يمكن الرجوع لمقالة الأمير خنجر بن ملحم الحرفوشي فقرة حصار زحلة.

تأثير إختفائهم المفاجئ على المجتمع الشيعي في بعلبك

يقول Professor Stefan Winter في كتابه و هو يصف تأثير إختفائهم المفاجئ على المجتمع الشيعي في منطقة بعلبك The Shiite Emirates of Ottoman Syria (MID 17th –MID 18th Century),page 236 ما نصه:

بعلبك The abrupt disappearance of the Harfush emirate left the shiite community of baalbek bereft of any anciently – rooted , indigenous social leadership , making it that much more of likely venue for the rise of foreign-inspired ideological mass movements such as communism, Nasirism ext…in Lebanon’s tumultuous 20th century بعلبك

ماذا ردد أهالي بلاد بعلبك إثر مقتل الأمير سلمان ؟

ولا يزال الناس بعد فقد رجل خطير الشأن عظيم القدر يخشون من الفراغ الذي سيخلفه، يرددون مع سلمان (سلمان بن ملحم الحرفوشي) أو مع من قال على لسانه هذا البيت الذائع من الشعر الذي قل من لا يحفظه ويردده من أهالي بعلبك والهرمل وسكان البوادي والمدن حتى حلب والجزيرة العربية[36][37]:

يا ذلك يا بعلبك بعد سلمان
صرتي مراح لخيول العدا


عودة البعض منهم من منفاهم إلى لبنان


واستمروا في الحكم إلى العام 1868 م (منتصف القرن التاسع عشر) حيث فتكت بهم الدولة ونفتهم خارج بلادهم وذلك عام 1868 – 1869 وعيّنت لهم معاشات ثم سكنوا اسطنبول ودخلوا في وظائف الدولة العليا حتى صار منهم رئيس شورى الدولة المشير نصرت باشا[38][39].
وبقي منهم بقية في تمنين وسرعين وشعث والنبي رشادي في قضاء بعلبك[40]. ثم ما لبث أن عاد البعض منهم على دفعات وبقي البعض الآخر في تركيا (ذرية أمين بن حسين بن قبلان بن أمين) والبعض الآخر انتقل من إسطنبول إلى مصر (من ذرية كل من حسين ومحمد أولاد الامير أحمد الحرفوش حصراً).

آثارها

أحد مداخل قلعة بعلبك
أعمدة بعلبك

بنى الرومان في المدينة اضخم معابدهم لثلاثة من ألهتهم وهم: جوبيتير وفينوس وميركوري. وفي القرن السادس الميلادي ضرب البلاد زلزال دمر العديد من معالمها. ويعتبر معبد جوبيتر أضخم المعابد الرومانية على الإطلاق. ولم يتبق من الأعمدة الكورينثية الـ 54 إلا 6 أعمدة فقط. أما معبد باخوس فهو مــن أفضل المعابد الرومانية حفظاً في الشرق الأوسط. يعدّ معبد باخوس أكبر من الـ "بانتيون" في أثينا. ومعبد فينوس، فهو بناء أصغر من بقية المعابد، شيد جنوب شــرق المجمع. وحــوّل المعبد خلال العصر البيزنطي إلى كنيسة تكريماً ل القديسة بربارة. ولم يتبق من معبد مركوري سوى جزء من الدرج المؤدي إليه على هضبة الشيخ عبد الله، على مقربة من موقع المعبد الأساسي. وخلال الحكم الأموي بني مسجد أثاره ما زالت امام مدخل الاكروبوليس إلى الشرق من مدخل المعبد الكبير. وعند مدخلها الجنوبي يقع مقام السيدة خولة بنت الإمام الحسين --. ويستطيع الزائر قبل مغادرته بعلبك مشاهدة بقايا جامع ام عياد الذي يقال أنه بني على انقاض كنيسة مار يوحنا التي بناها البيزنطيون عندما كانوا متواجدين في المنطقة. أيضاً من المعالم الأثرية الأخرى قبتا أمجد ودوريس، وهما عبارة عن بقايا لجامعين بنيا من حجارة استخدمت من معابد بعلبك. كما بإمكان الزائر رؤية محطة القطار التي تعود إلى حقبة الثلاثينات والتي بناها الفرنسيون في فترة انتدابهم للبنان. ويقدم فندق بالميرا (Palmyra) الذي يعود تأسيسه إلى حوالي 120 سنة والواقع في الشارع المقابل للآثارات منظراً رائعاً للمقيمين، كما يحتوي على متحفه الخاص الذي يحكي تاريخ بعلبك في إحدى صالاته. وقد استقبلت غرفه العديد من الشخصيات الهامة التي زارت بعلبك امثال الجنرال الفرنسي شارل ديغول والكاتب جان كوكتو.إضافة إلى ذلك هناك قبر والد شيخادي في هذه مدينة.

السياحة في بعلبك

سياحة الأثار

تعتبر مدينة بعلبك من أهم المدن السياحية في لبنان و في الشرق، بعلبك هي إحدى المدن التاريخية الأهم في لبنان. تعتبر الهياكل الموجودة في بعلبك من أكثر الهياكل التي تعود إلى العصر القديم شهرة. الموقع الأثري هو الشاهد الأساسي على قوة وثروة وعظمة الإمبراطورية الرومانية.

على مسافة قصيرة من القلعة تقع مجموعة من المعالم السياحية الإسلامية، التي بنتها الحضارات العربية المتعاقبة على المدينة. العديد من المنازل العثمانية الجميلة تمنح المدينة جانب معماري مثير للاهتمام. تجمع بعلبك بين المناظر الطبيعية الخلابة والتقاليد المختلفة والفنادق التاريخية الجميلة. تمّ إنشاء بعض الفنادق الحديثة في السنوات القليلة الماضية، والتي تعكس تكيّف المدينة مع الحداثة. و عن السياحة الدينية فإن مقام السيدة خولة في بعلبك، ليس كغيره من المقامات، حيث يعتبر جزءا أساسيا من السياحة الدينية في المنطقة، ويعتبر المكان محجاً للزوار من كافة المناطق اللبنانية، حيث يصلون ويتضرعون إلى الله وليس للاضرحة وقد ذاع صيت المقام وكرامة صاحبته التي كانت ضمن ركب السبايا إلى الأمصار العربية والإسلامية. فصرتَ تجد القاصدين لزيارتها من سوريا وإيران ودول الخليج والدول الإسلامية.

منظر عام لباحة القلعة الرئيسية.

المهرجانات

تشتهر بعلبك بمهرجانها الدولي السنوي الذي يقام في معبدي جوبيتر وباخوس والذي يستقطب أهم واشهر الفنانين العالميين لإحياء حفلات رائعة في أحد أجمل الأماكن الأثرية في العالم.

وكان هذا المهرجان قد افتتح رسمياً في صيف 1956 ومؤسسته زلفا شمعون عقيلة رئيس الجمهورية اللبنانية السابق كميل شمعون، وقد استقطب منذ البداية أهم المغنين والراقصين العالميين إضافة إلى أشهر أعمال الأوبرا، كأوبرا باريس وميلانو. كما استضافت هياكله عمالقة الفن العربي، وأبرزهم ام كلثوم، والرحابنة وفيروز ووديع الصافي وصباح وصباح فخري ونصري شمس الدين وفرقة عبد الحليم كركلا للرقص الشعبي. غير ان هذه المهرجانات توقفت خلال الحرب اللبنانية لفترة 22 عاماً لتعود من جديد عام 1997 ولتستمر حتى اليوم. ومن أبرز من جاء في السنوات الأخيرة المغني العالمي ستينغ وفرقة Lord of the dance والفنانة القديرة وردة الجزائرية المطربة المكسيكية أستريد حداد وعازف البيانو اللبناني عبد الرحمن الباشا و عاصي الحلاني و صابر الرباعي .

من علماء بعلبك

برز كثير من العلماء والأدباء في بعلبك منهم الامام الأوزاعي ومحمد بن علي بن أبي المضاء والشيخ محمد بن حسين الحارثي المعروف بالشيخ البهائي الذي ترك آثارا مهمة في علوم الحساب والهندسة عدا عما تركه في الغة والأدب والعلوم الدينية. وخليل مطران وعدي بن مسافر الهكاري الذي ذهب إلى نينوى في العراق. ومن علمائها أيضاً محمد الحرفوشي [41] هوالشيخ محمد بن علي بن أحمد الحرفوشي الحريري الشامي. عبقري مقدم من عباقرة العلم والأدب، وأوحدي من أساطين الفضيلة، لم يتحل بمأثرة إلا وأتبعها بالنزوع إلى مثلها، وما اختص باكرومة إلا وراقه أن يتطلع إلى ما هو أرفع منها، حتى عادت الفضائل والأحساب عنده كأسنان المشط، أو خطوط الدائرة المنتهية إلى مركزها، ورأيت أن أوسط من وصفه هو السيد المدني الشيرازي في سلافة العصر ص 315 قال: منار العلم السامي، وملتزم كعبة الفضل وركنها الشامي.ومشكاة الفضائل ومصباحها، المنير به مساؤها وصباحها. خاتمة أئمة العربية شرقاً وغرباً، والمرهف من كهام الكلام شباً وغرباً، أماط عن المشكلات نقابها وذلل صعابها، وملك رقابها، وحلل للعقول عقالها، وأوضح للفهوم قيلها وقالها، فتدفق بحر فوائده وفاض، وملاء بفرائده الوطاب والوفاض، وألف بتأليفه شتات الفنون، وصنف بتصانيفه الدر المكنون. إلى زهد فاق به خشوعا وأخباتا، ووقار لا توازيه الرواسي ثباتا، وتأله ليس لابن أدهم غرره وأوضاحه، وتقدس ليس للسرى سره وإيضاحه، وهو شيخ شيوخنا الذي عادت علينا بركات أنفاسه، واستضأنا بواسطة من ضياء نبراسه، وكان قد انتقل من الشام إلى ديار العجم، وقطن بها إلى أن وفد عليه المنون وهجم، فتوفي بها في شهر ربيع الثاني سنة تسع وخمسين وألف.[42]

حادثة السيل

في السادس عشر من شهر ايار عام 1372 م حدث سيل هائل في مدينة بعلبك مما أدى إلى وفاة الآلاف من سكان المدينة مما أدى إلى اختفاء العديد من المنازل والمحال التجارية التي تعرضت للطمر نتيجة ما حمله الطوفان. وعن المؤرخين: "... منذ بعد ظهر يوم الثلاثاء الواقع في 16 ايار 1372 قدم إلى سماء بعلبك غيم أسود قاتم اللون مما أدى إلى حجب نور الشمس الذي أذهل سكان مدينة بعلبك وعند بداية صلاة العصر حيث كان المصلون في المساجد بدأ البرق والرعد يهزان هذه المدينة الصغيرة وبعد حوالي النصف ساعة خرج الأهالي ليستمعوا إلى مصدر صوت غريب أشبه بصوت الرعد مما فاجأهم سيل علوه 13 متر الذي أغرق البيوت والمحال التجارية حاملاً معه الحجارة الكبيرة والطمي ولم ينجُ من هذ الحادثة إلا رجل كبير مسن حيث جلس في حلة طعام وهو رجل أعمى وولد صغير عمره 4 شهور في تخت خشبي صغير إضافة إلى من كان يقيم في أعلى المنطقة أما الضحايا كانوا من المصلين في المساجد والراكنين في البيوت الترابية والحجرية... ".[43].

المناخ

بعلبك يواجه مناخ البحر الأبيض المتوسط شبه القاحلة مع صيف حار وجاف وبارد نسبيا، ثلجي في بعض الأحيان، الشتاء.

البيانات المناخية لـبعلبك
الشهر يناير فبراير مارس أبريل مايو يونيو يوليو أغسطس سبتمبر أكتوبر نوفمبر ديسمبر المعدل السنوي
متوسط درجة الحرارة الكبرى °م (°ف) 8.8
(47.8)
9.3
(48.7)
13.5
(56.3)
18.7
(65.7)
24.1
(75.4)
29.2
(84.6)
32.1
(89.8)
32.5
(90.5)
28.6
(83.5)
20.2
(68.4)
15.7
(60.3)
10.4
(50.7)
20.3
(68.5)
المتوسط اليومي °م (°ف) 4.2
(39.6)
4.9
(40.8)
8.0
(46.4)
12.5
(54.5)
17.1
(62.8)
21.7
(71.1)
24.1
(75.4)
24.6
(76.3)
20.8
(69.4)
16.5
(61.7)
10.6
(51.1)
5.8
(42.4)
14.2
(57.6)
متوسط درجة الحرارة الصغرى °م (°ف) −0.5
(31.1)
0.2
(32.4)
2.6
(36.7)
6.4
(43.5)
10.0
(50.0)
14.2
(57.6)
16.1
(61.0)
16.5
(61.7)
12.7
(54.9)
9.5
(49.1)
5.2
(41.4)
1.7
(35.1)
7.9
(46.2)
الهطول مم (إنش) 149
(5.9)
112
(4.4)
96
(3.8)
25
(1.0)
10
(0.4)
0
(0)
0
(0)
0
(0)
0
(0)
21
(0.8)
69
(2.7)
111
(4.4)
593
(23.4)
متوسط الأيام الممطرة 14 12 10 5 3 1 0 0 0 5 8 11 69
المصدر: Chinci World Atlas[44]

مصادر

  1. ^   تعديل قيمة خاصية (P402) في ويكي بيانات "صفحة بعلبك في خريطة الشارع المفتوحة". OpenStreetMap. اطلع عليه بتاريخ 2024-04-23.
  2. ^   تعديل قيمة خاصية (P1566) في ويكي بيانات"صفحة بعلبك في GeoNames ID". GeoNames ID. اطلع عليه بتاريخ 2024-04-23.
  3. ^ http://www.bergama.bel.tr/Home/Page/102. {{استشهاد ويب}}: |url= بحاجة لعنوان (مساعدة) والوسيط |title= غير موجود أو فارغ (من ويكي بيانات) (مساعدة)
  4. ^ أنيس فريحة، معجم أسماء قرى ومدن لبنان وتفسير معانيه، دراسة لغوية. فصل باب الباء. صفحة 27. طبعة رابعة. نشر مكتبة لبنان.
  5. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، طبعة أولى، مجلد1، ص 41.
  6. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، طبعة أولى مجلد1، ص 65.
  7. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، مؤسسة الوفاء، طبعة أولى، مجلد 1، ص 66: 68.
  8. ^ تاريخ بعلبك، حسن عباس نصر الله، طبعة أولى، مجلد 1، ص 80 و 81.
  9. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، مؤسسة الوفاء، طبعة أولى، مجلد1، صفحة 81: 83
  10. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، طبعة أولى، مجلد1، ص 95 و 96.
  11. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، مؤسسة الوفاء، طبعة أولى، مجلد1، ص 96 و 97
  12. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، مؤسسة الوفاء، طبعة أولى، مجلد1، ص 98
  13. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، طبعة أولى، ص 107.
  14. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، مؤسسة الوفاء، طبعة أولى، مجلد1، ص 108.
  15. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، طبعة أولى، ج 1، ص 113.
  16. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، مؤسسة الوفاء، طبعة أولى، مجلد1، ص 113: 115.
  17. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، طبعة أولى، مجلد1، ص 115.
  18. ^ أ ب تاريخ بعلبك، نصر الله، طبعة أولى، مجلد1، ص 116.
  19. ^ تاريخ بعلبك، نصر الله، طبعة أولى، مجلد1، ص 121.
  20. ^ تاريخ أبي الفداء:205/3، اليونيني زيل مرآة الزمان:65/2، النجوم: 79/7، حسن عباس نصر الله، تاريخ بعلبك، جزء1، مؤسسة الوفاء، ط أولى، 1984، ص 187.
  21. ^ قصة التتار من البداية حتى عين جالوت، راغب السرجاني، صفحة 337
  22. ^ السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المكتبة الشاملة
  23. ^ قصة التتار من البداية حتى عين جالوت، راغب السرجاني صفحة 339
  24. ^ السلطان سيف الدين قطز بطل عين جالوت وقاهر المغول، منصور عبد الحكيم صفحة 182
  25. ^ حسن عباس نصر الله، تاريخ بعلبك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مؤسسة الوفاء، 1984م، ص 188و 189.
  26. ^ تاريخ بعلبك، ألوف، ص 86.
  27. ^ أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، الجزء السابع، ص 272.
  28. ^ تاريخ الشيعة في لبنان، سعدون حمادة، دار الخيال، طبعة ثانية 2013، ج1، ص 258.
  29. ^ تاريخ الشيعة في لبنان، سعدون حمادة، دار الخيال، طبعة ثانية 2013، ج1، ص 305.، الدويهي، ص 571.
  30. ^ لبنان في القرن السادس عشر، عصام خليفة، جدول الجباية في بعض النواحي اللبنانية، ص 61.، تاريخ الشيعة، مرجع سابق، ص 374.
  31. ^ لبنان، مباحث علمية وإجتماعية، الجزء الأول، لجنة من الأدباء بهمة إسماعيل حقي بك متصرف جبل لبنان والمؤرخ هو الأب بولس نجيم، 1931م، تاريخ الشيعة في لبنان، سعدون حمادة، دار الخيال، طبعة ثانية 2013، مجلد1، ص 374.
  32. ^ أطروحة الدكتوراة باللغة الإنجليزية، ستيفن ونتر، جامعة شيكاغو، 2002.الإمارات الشيعية في سوريا العثمانية، تاريخ الشيعة في لبنان، سعدون حمادة، طبعة ثانية 2013، مجلد 1، ص 7و 8.
  33. ^ ستيفان ونتر، جامعة شيكاغو - 2002، تاريخ تنورين، شربل داغر، ص 143.، تاريخ الشيعة في لبنان، سعدون حمادة، دار الخيال، طبعة ثانية 2013، مجلد1، ص 12.
  34. ^ ا مقالة الثورة الشيعية في لبنان(1710-1685) و التباس المصطلحات، سعدون حمادة، جريدة النهار، 19/02/2013.
  35. ^ تاريخ الشيعة في لبنان، سعدون حمادة، دار الخيال، طبعة 2013، مجلد1، ص 358: 360
  36. ^ تاريخ الشيعة في لبنان، سعدون حمادة، دار الخيال، صبعة ثانية2013، مجلد1، ص 364.
  37. ^ بعض الأغاني الشعبية وصفت الحالة الشعبية بعد رحيلهم كما جاء في أغنية الهوارة "وهور يا بو الهوارة يا دين ابويا الهوارة، لمن شدو ع الرحيل وحطو بقلبي نارة " عن الملحن و المؤرخ للتراث الشعبي علي حليحل في مقابلة تليفزيونية.
  38. ^ دواني القطوف، عيسى المعلوف، هامش ص 155.، أبوظبي في الوثائق العثمانية، أ.حمد بن عبد الله العنقري، مجلة الدارة، عدد 3، رجب 1429 هـ، ص 69 و 70.
  39. ^ نصرت باشا و سكنه ببغداد عام 1309هـ
  40. ^ اعيان الشيعة – المجلد 2 – صفحة 216– تأليف السيد محسن الأمين
  41. ^ نسبة إلى آل حرفوش المنسوبين إلى جدهم الأعلى الأمير حرفوش الخزاعي الذي عقدت له راية بقيادة فرقة في حملة أبي عبيدة الجراح على بعلبك. أصلهم من خزاعة العراق. راجع أعيان الشيعة 5: 448.
  42. ^ النسخة الألكترونية من كتاب سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر، إبن معصوم الحسني ، ص 323 و324
  43. ^ المصدر نقله الكاتب والصحفي اللبناني قاسم محمد عثمان
  44. ^ "Baalbek, Baalbek-Hermel, Lebanon (populated place)"، Chinci World Atlas، اطلع عليه بتاريخ October 2011 {{استشهاد}}: تحقق من التاريخ في: |accessdate= (مساعدة).

وصلات خارجية


34°00′25″N 36°12′14″E / 34.00694°N 36.20389°E / 34.00694; 36.20389