توسل (إسلام): الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 59: سطر 59:


==== القول الثاني ====
==== القول الثاني ====
أن ذلك ممنوع وهو قول [[أبي حنيفة]] و[[ابن تيمية]] وعلماء أهل السنة والجماعة، وعليه كان الصحابة والتابعون وسائر القرون الثلاثة الأولى.
أن ذلك ممنوع وهو قول [[ابن تيمية]] وهو المشهور عنه بنقل العلماء المعاصرين له وغيرهم ممن جاءوا بعدهم، وبه أخذ المتأخرين من الحركة [[السلفية الوهابية]] في تحريمهم التوسل بالأنبياء والصالحين بعد موتهم وفي حياتهم في غير حضورهم. قال ابن تيمية في كتابه التوسل والوسيلة ما نصه: "ولهذا لما ذكر العلماء الدعاء في [[صلاة الاستسقاء|الاستسقاء]] وغيره ذكروا الصلاة عليه ولم يذكروا فيما شرع للمسلمين في هذه الحال التوسل به، كما لم يذكر أحد من العلماء دعاء غير الله والاستعانة المطلقة بغيره في حال من الأحوال".<ref>كتاب: التوسل والوسيلة، ص: 150. وكتاب: المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية، تأليف: الشيخ عبد الله الهرري، الناشر: شركة دار المشاريع، الطبعة السابعة 2007م، المقالة الحادية عشر في تحريمه التوسل بالأنبياء والصالحين والتبرّك بهم وآثارهم، ص: 216.</ref>


== أقوال [[المذاهب الأربعة]] في جواز التوسل ==
== أقوال [[المذاهب الأربعة]] في جواز التوسل ==

نسخة 23:39، 29 مايو 2018

التوسل هو طلب الوساطة والدعاء بكل ما يعتقد بعلو شأنه عند الله لقضاء حاجة ما. وأيضا يعني التقرب إلى الله تعالى بشيء يحبه ويريده، بل قد يكون هو الذي أمر به عباده أن يطلبوا منه الأشياء من خلال طريق معينة، ويعتقد بهذا المعنى أغلب المسلمين . ويعتقد أغلب المسلمين بالتوسل ويرون مشروعيته.

التوسل في القرآن

  •  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ   (سورة المائدة: 35).
  •  وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا   (سورة النساء: 64).
  •  أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا   (سورة الإسراء: 57).
  •  قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ  قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ   (سورة يوسف: 97-98).
  •  وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ   (سورة التوبة: 99).
  •  خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ   (سورة التوبة: 103).
  •  وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ   (سورة القصص: 15).

التوسل بالنبي في أحاديث أهل السنة

  • قال الإمام جلال الدين السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور عند تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه}: «أخرج الطبراني في المعجم الصغير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل وابن عساكر عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما أذنب آدم الذنب الذي أذنبه، رفع رأسه إلى السماء فقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي؟ فأوحى الله إليه: ومن محمد؟ فقال: تبارك اسمك. لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب "لا إله إلا الله محمد رسول الله" فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدراً ممن جعلت اسمه مع اسمك. فأوحى الله إليه: يا آدم انه آخر النبيين من ذريتك، ولولا هو ما خلقتك".»[1]
  • حديث فاطمة بنت أسد: «عن أنس بن مالك، قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي، دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس عند رأسها، فقال: "رحمك الله يا أمي، كنت أمي بعد أمي، تجوعين وتشبعيني، وتعرين وتكسونني، وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والدار الاخرة"، ثم أمر أن تغسل ثلاثا وثلاثا، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور، سكبه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ثم خلع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فألبسها إياه، وكفنت فوقه، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، وأبا أيوب الأنصاري، وعمر بن الخطاب، وغلاما أسود يحفروا، فحفروا قبرها، فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأخرج ترابه بيده، فلما فرغ، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاضطجع فيه، وقال: "الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد، ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين"، ثم كبر عليها أربعا، ثم أدخلوها القبر، هو والعباس، وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم.»[2]
  • حديث الأعمى: «عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني قال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك قال: فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي اللهم فشفعه في).» فعاد وقد أبصر - وفي رواية - قال ابن حنيف: فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا كأن لم يكن به ضر. رواه الإمام أحمد والطبراني والحاكم والترمذي وابن ماجة وابن خزيمة. قال أبو إسحاق السبيعي هذا حديث صحيح.[3] وقال الإمام الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو الخطمي وعثمان بن حنيف هو أخو سهل بن حنيف.[4] وقال الحاكم النيسابوري في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.[5] أي لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
  • حديث عام الفتق: روى الدارمي في مسنده المعروف بسنن الدارمي عن أبي الجوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة رضي الله عنها: فقال انظروا إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق.[6]
  • حديث اللهم إني اسألك بحق السائلين عليك: «عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما خرج رجل من بيته إلى الصلاة فقال: (اللهم إني أسألك بحق السائلين وبحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت إلا وكل الله به سبعين ألف ملك يستغفرون له وأقبل عز وجل عليه بوجهه حتى يفرغ من صلاته)".» رواه الإمام أحمد، وابن أبي شيبة، وابن ماجة، وابن السني في كتاب عمل اليوم والليلة.[7] وهذا حديث حسن حسَّنه: أمير المؤمنين في الحديث شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في كتاب نتائج الأفكار. والحافظ زين الدين العراقي في المغني عن حمل الأسفار. والحافظ شرف الدين الدمياطي في المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح. والحافظ أبو الحسن المقدسي كما في الترغيب والترهيب. والحافظ جلال الدين السيوطي في تحفة الأبرار بنكت الأذكار.[8]
  • قصة الإمام مالك مع أبي جعفر المنصور: وفيها أنه سأل مالكاً فقال: يا أيا عبد الله أأستقبل القبلة وأدعو أم استقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى يوم القيامة، بل استقبله واستشفع به.[9]
  • حديث استسقاء بلال بن الحارث بعد وفاة الرسول: روى البيهقي وابن أبي شيبة: أن الناس أصابهم قحط في خلافة عمر - رضي الله عنه - فجاء بلال بن الحارث - رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال يا رسول الله: استسق لأمتك فإنهم هلكوا فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام وأخبره أنهم سيسقون.[10]
  • حديث استسقاء عمر بن الخطاب في عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب: روى البخاري في صحيحه: «عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون.»[11]
  • حديث العتق: روى في الجوهر المنظم أن أعرابياً وقف على القبر الشريف وقال: «اللهم إن هذا حبيبك وأنا عبدك والشيطان عدوك، فإن غفرت لي سرّ حبيبك وفاز عبدك وغضب عدوك، وإن لم تغفر لي غضب حبيبك ورضي عدوك وهلك عبدك، وأنت أكرم من أن تغضب حبيبك وترضي عدوك وتهلك عبدك، اللهم إن العرب الكرام إذا مات فيهم سيد أعتقوا على قبره، وإن هذا سيد العالمين فأعتقني على قبره، قال الصمعي فقلت: يا أخا العرب إن الله قد غفر لك وأعتقك بحسن هذا السؤال.»[12]
  • حديث السؤال بمحمد والأنبياء: يروى عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده أن أبا بكر الصديق أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أتعلم القرآن ويتفلت مني فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قل «اللهم إني أسألك بمحمد نبيك وإبراهيم خليلك وبموسى نبيك وعيسى روحك وكلمتك وبتوراة موسى وإنجيل عيسى وزبور داود وفرقان محمد بكل وحي أوحيته وقضاء قضيته.»[13]
  • حديث دعاء حفظ القرآن: ذكره موسى بن عبد الرحمن الصنعاني صاحب التفسير بإسناده عن ابن عباس مرفوعاً أنه قال: «من سَرَّه، أن يوعيه الله عز وجل حفظ القرآن، وحفظ أصناف العلم، فليكتب هذا الدعاء في إناء نظيف، أو في صحفة قوارير بعسل، وزعفران، وماء مطر، ويشربه على الريق، وليصم ثلاثة أيام، وليكن إفطاره عليه، فإنه يحفظها إن شاء الله عز وجل، ويدعو به في أدبار صلواته المكتوبة: "اللهم إني أسألك بأنك مسئول ، لم يسأل مثلك، ولا يسأل، أسألك بحق محمد رسولك ونبيك، وإبراهيم خليلك وصفيك، وموسى كليمك ونجيك، وعيسى كلمتك وروحك...» وذكر تمام الدعاء.[14]
  • حديث استفتاح اليهود على المشركين بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. يروي عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود فعاذت بهذا الدعاء: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا دعوا بهذا الدعاء هزموا غطفان فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - كفروا به فأنزل الله تعالى: (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا...).[15]
  • روى الإمام أحمد والترمذي «عن أنس بن مالك عن أبيه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة فقال أنا فاعل قال قلت يا رسول الله فأين أطلبك قال اطلبني أول ما تطلبني على الصراط قال قلت فإن لم ألقك على الصراط قال فاطلبني عند الميزان قلت فإن لم ألقك عند الميزان قال فاطلبني عند الحوض فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن.» قال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.[16]
  • روى ابن السني في كتاب عمل اليوم والليلة، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، والنووي في الأذكار المنتخب من كلام سيد الأبرار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يقول العبد بعد ركعتي الفجر ثلاثاً: «اللهم رب جبريل، وإسرافيل، وميكائيل، ومحمد النبي صلى الله عليه وسلم، أعوذ بك من النار.»[17]
  • روى البخاري والطبراني «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم". وقال: "إن الشمس يوم القيامة تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم، فيقول: لست بصاحب ذلك، ثم موسى، فيقول كذلك، ثم محمد صلى الله عليه وسلم، فيشفع، فيقضى بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة الجنة، فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا، يحمده أهل الجمع كلهم".»[18]

التوسل بالنبي والأئمة في أحاديث الشيعة

تعتقد الشيعة بأن التوسل بالنبي والأئمة، باب من أبواب التوجه لله سبحانه، وقد يكون لأجل كون الشخص محبوباً لدية سبحانه وتعالى والمتوسل به، لا يؤثر في المسائل على نحو الاستقلال.[19]

  • بحار الأنوار: (اللهم إني أتوسل إليك بهم وأتقرب إليك وأتوجه إليك اللهمَّ اغفر لي بهم وتجاوز عن سيئاتي بهم وارحمنا بهم وأشفعني بهم اللهمَّ أني أسئلك بهم حسن العافية).[20]

حكم التوسل عند طوائف المسلمين

التوسل إلى الله بدعائه، وبأسمائه وصفاته، وبصالح الأعمال هي أمور متفق عليها بين جميع المسلمين. أما التوسل بالنبي في حياته وبعد مماته، وبسائر الأنبياء والصالحين، فهي مسألة خلافية بين علماء المسلمين:

  • جانب كبير من علماء أهل السنة والجماعة ومن بينهم علماء الصوفية يعتقدون أن التوسل بالنبي في حياته وبعد وفاته هو أمر متفق عليه بين المسلمين طيلة فترة السلف ولم يكن محل نقاش إلا بعد مضي ستة قرون على وفاة النبي محمد فكان أن أثير الخلاف في التوسل بالنبي بعد مماته والتوسل بغيره كالأئمة ووالأولياء، ويستشهدون بنصوص من الكتاب والسنة وفعل السلف الصالح من بينها الحديث الذي رواه عثمان بن حنيف وقصة الرجل مع عثمان بن عفان والتي صححها الطبراني وغيره، والذي ورد فيه النص التالي بجواز التوسل بالنبي محمد في حياته وبعد وفاته: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمــد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي" [21]. واستمر جمهور العلماء يجمعون على جواز التوسل بالنبي والرجال الصالحين إلى أن أعيد النقاش قبل حوالي مائتي عام. ويرى هذا الجانب من علماء أهل السنة والجماعة أن ابن تيمية هو أول من ابتدع القول بحرمة التوسل[22]. ومنهم من قال أنه لا يجوز التوسل بأحد من الخلق إلاّ بالنبي محمد وحده دون التفريق بين حياته أو مماته، ومن القائلين بهذا الإمام العز بن عبد السلام[23].
  • بينما السلفية: يعتقدون بجواز التوسل بدعاء النبي واستغفاره في حياته دون مماته. أما التوسل إلى الله بذات النبي وذوات غيره من الأنبياء والصالحين (كأن يقول: اللهم إني أسألك بفلان، أو أتوسل إليك بحق فلان، أو بجاه فلان)، فهي عبادة غير مشروعة لم ترد بها نصوص صحيحة حسب اعتقادهم، ولم يفعلها أحد من السلف، وإن كانوا يقرون بأنها مسألة خلافية لا يجوز الغلو في الإنكار على فاعلها، أو تكفيره[24][25]. أما التوسل إلى الأنبياء والصالحين بعد وفاتهم، بالتوجه إلى قبورهم وطلب قضاء الحاجات منهم ظناً أنهم يقضون هذه الحوائج، فهو ما ينكره السلفية بشدة، ويرون أنه غير مشروع، وأنه مخالف لمقتضيات التوحيد وإخلاص العبادة لله[26]. ويعتقدون أن حديث عثمان بن حنيف كان مثالاً للتوسل بدعاء النبي حال حياته، وليس فيه توسل بذات النبي، لقول الضرير في الحديث "ادع الله ان يعافيني". وأن الزيادة التي وردت وفيها قصة الضرير مع عثمان بن عفان، فهي زيادة لم يصح إسنادها عند الألباني[بحاجة لمصدر]
  • الشيعة: اتفق الشيعة مع علماء السنة المجوزين للتوسل بالأنبياء والصالحين سواءً كانوا أحياءً أو أمواتاً. ويأخذ كل أهل السنة على الشيعة مبالغتهم في التوسل بآل البيت وغلوهم في ذلك.

أنواع التوسل

التوسل منه ما هو مشروع ومنه ما هو ممنوع ومنه ما هو مختلف فيه.

التوسل المشروع

وهو الذي دل عليه الكتاب والسنة وهو ثلاثة أنواع وهي:[27]

  1. التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا لقوله تعالى: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها.
  2. التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة. وأفضل شيء يتقرب به العبد إلى الله تعالى إيمانه وعمله الصالح حتى يستجيب الله توسله ودعاءه. ودليله ما جاء في الصحيحين من قصة أصحاب الغار، الذين دعوا الله بصالح أعمالهم فأنجاهم الله.
  3. التوسل بدعاء الرجل الصالح، للأحاديث الكثيرة التي فيها طالب الصحابة الدعاء من النبي .

التوسل الممنوع (المحرم)

والتوسع الممنوع باتفاق هو:[27] عبادة غير الله تعالى بحجة أن المعبود من دون الله سيشفع لمن عبده عند الله، وهذا عمل المشركين الذين قال الله عنهم: ﴿والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.... وقال سبحانه عنهم أيضاً: ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله....

التوسل المختلف فيه

والتوسل المختلف فيه هو: التوسل بالأنبياء والصالحين، وقد اختلف أهل العلم في هذا التوسل على قولين:[27]

القول الأول

أن ذلك مشروع، وعلى هذا القول جماهير العلماء حتى قال شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين السبكي: "ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف". وعلى هذا المذاهب الأربعة، وهو أحد قولي ابن تيمية في عدم منعه، ورأيه في جواز التوسل موجود في عدة مواضع، منها ما في البداية والنهاية لابن كثير، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب، والعقود الدرية لابن عبد الهادي: "أن ابن تيمية قال: لا يستغاث إلا بالله، لا يستغاث بالنبي استغاثة بمعنى العبادة، ولكن يتوسل به ويتشفع به إلى الله، فبعض الحاضرين قال ليس عليه في هذا شيء".[27]

القول الثاني

أن ذلك ممنوع وهو قول أبي حنيفة وابن تيمية وعلماء أهل السنة والجماعة، وعليه كان الصحابة والتابعون وسائر القرون الثلاثة الأولى.

أقوال المذاهب الأربعة في جواز التوسل

التوسل مشورع باتفاق جماهير أهل العلم، قال شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين السبكي: "ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف". وعلى هذا المذاهب الأربعة، وهذه بعض أقوالهم في جواز التوسل:[27]

من أقوال الحنفية

  • قال الإمام الكمال بن الهمام في شرح فتح القدير: "ويسأل الله تعالى حاجته متوسلاً إلى الله بحضرة نبيه عليه الصلاة والسلام، ثم يسأل النبي الشفاعة فيقول: يا رسول الله أسألك الشفاعة، يا رسول الله أسألك الشفاعة وأتوسل بك إلى الله في أن أموت مسلماً على ملتك وسنتك".[27]
  • وقال الآلوسي في جلاء العينين: "أنا لا أرى بأساً في التوسل إلى الله تعالى بجاه النبي عند الله تعالى حياً وميتاً".[27]

من أقوال المالكية

  • قال شيخ الإسلام القاضي عياض في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى: "أن المنصور أبا جعفر قال للإمام مالك: يا أبا عبد الله أأستقبل القبلة وأدعوا، أم أستقبل رسول الله ؟ فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله، قال الله تعالى: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما}".[27]
  • قال الشيخ محمد حسين المالكي في تهذيب كتاب الفروق: "قال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم: رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه، وقال العلامة الزرقاني في شرح المواهب: ورواها ابن فهد بإسناد جيد، ورواها القاضي عياض في الشفاء بإسناد صحيح رجاله ثقات ليس في إسنادها وضّاع ولا كذاب، على أنها قد عضدت بجريان العمل وبالأحاديث الصحيحة الصريحة في جواز التوسل التي يعضد بعضها بعضاً".[27]
  • وفي شرح الخرشي على خليل: "وأما التوسل ببعض مخلوقاته فجائز، وأما الإقسام على الله تعالى في الدعاء ببعض مخلوقاته كقوله بحق محمد اغفر لنا فخاص به ".[27]

من أقوال الشافعية

من أقوال الحنابلة

  • في الرد على الأخنائي لابن تيمية: "قال الإمام أحمد: وحول وجهك إلى القبلة وسل الله حاجتك متوسلاً إليه بنبيه تقض من الله عز وجل".[27]
  • وفي كتاب المغني لابن قدامة: "ثم تأتي القبر فتولي ظهرك القبلة، وتستقبل وسطه وتقول: اللهم إنك قلت وقولك الحق: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي، مستشفعاً بك إلى ربي".[27]
  • وفي الفروع لابن مفلح: "ويجوز التوسل بصالح، وقيل: يستحب، قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي: إنه يتوسل بالنبي في دعائه، وجزم به في المستوعب وغيره، وجعلها شيخنا كمسألة اليمين به".[27]

أدلة المجيزين للتوسل

قد استدل المجيزين للتوسل بأكثر من عشرين حديثاً بعضها صحيح، وبعضها حسن، وبعضها ضعيف.[27] ومن المجيزين للتوسل:

  • الشوكاني في مواضع من كتبه، منها: قوله في تحفة الذاكرين: "وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله إلى الله عز وجل، مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى". وقوله في الدر النضيد ضمن الفتح الرباني: "أن التوسل به يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه، ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به في حياته وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعاً سكوتياً... وإذا عرفت هذا لم يخف عليك دفع ما يورده المانعون للتوسل من الأدلة الخارجة عن محل النزاع خروجاً زائداً على ما ذكرناه".[27]
  • الكوثري الذي قال في تعليقه على السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل ما نصه: «...فسعيه - أي ابن تيمية - في منع الناس من زيارته يدل على ضغينة كامنة فيه نحو الرسول ، وكيف يتصور الإشراك بسبب الزيارة والتوسل في المسلمين الذين يعتقدون في حقه عليه السلام أنه عبده ورسوله وينطقون بذلك في صلواتهم نحو عشرين مرة في كل يوم على أقل تقدير إدامة لذكرى ذلك. ولم يزل أهل العلم ينهون العوام عن البدع في كل شئونهم ويرشدونهم إلى السنة في الزيارة وغيرها إذا صدرت منهم بدعة في شيء، ولم يعدُّوهم في يوم من الأيام مشركين بسبب الزيارة أو التوسل، كيف وقد أنقذهم الله من الشرك وأدخل في قلوبهم الإيمان، وأول من رماهم بالإشراك بتلك الوسيلة هو ابن تيمية وجرى خلفه من أراد استباحة أموال المسلمين ودمائهم لحاجة في النفس، ولم يخف ابن تيمية من الله في رواية عدّ السفر لزيارة النبي سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة عن الإمام أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي، وحاشاه عن ذلك، راجع كتاب التذكرة له تجد فيه مبلغ عنايته بزيارة المصطفى والتوسل به كما هو مذهب الحنابلة، وإنما قوله بذلك في السفر إلى المشاهد المعروفة في العراق لما قارن ذلك من البدع في عهده وفي نظره. وإليك نص عبارته في التذكرة المحفوظة بظاهرية دمشق تحت رقم (87) في الفقه الحنبلي: "فصل: ويستحب له قدوم مدينة الرسول صلوات الله عليه، فيأتي مسجده فيقول عند دخوله: بسم الله اللهم صلّ على محمد وآل محمد وافتح لي أبواب رحمتك وكفّ عني أبواب عذابك، الحمد لله الذي بلغ بنا هذا المشهد وجعلنا لذلك أهلاً، الحمد لله رب العالمين". إلى أن قال: "واجعل القبر تلقاء وجهك، وقم مما يلي المنبر وقل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد إلى آخر ما تقوله في التشهد الأخير، ثم تقول: اللهم أعط محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة والمقام المحمود الذي وعدته اللهم صلّ على روحه في الأرواح وجسده في الأجساد كما بلّغ رسالاتك وتلا آياتك وصدع بأمرك حتى أتاه اليقين، اللهم إنك قلت في كتابك لنبيك : {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وإني قد أتيت نبيك تائباً مستغفراً فأسألك أن توجب لي المغفرة كما أوجبتها لمن أتاه في حياته، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي ليغفر لي ذنوبي، اللهم إني أسألك بحقه أن تغفر لي ذنوبي". إلى أن قال: "وإن أحببت تمسح بالمنبر وبالحنّانة وهو الجذع الذي كان يخطب عليه فلما اعتزل عنه حنّ إليه كحنين الناقة". اهـ.»

ففي هذا التوسل الذي أورده ابن عقيل دليل على أن عمل المسلمين كان على التوسل بالنبي بعد موته من غير نكير، إنما هذا التحريم من ابن تيمية ومن أتباعه فيما بعده، وابن عقيل توفي قبل ابن تيمية، (توفي ابن عقيل سنة 503 هـ، وتوفي ابن تيمية سنة 728 هـ)، وهو من كبار الحنابلة من أهل التخريج.[28]

وأما أدلة العلماء على جواز التوسل بالرسول في حياته وبعد مماته فمن ذلك ما أخرجه الطبراني في معجميه الكبير والصغير عن عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورح إلي حين أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال: حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجة فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أو تصبر؟" فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الكلمات" فقال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل عليه الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط.[29][30]

  • وقد قال الحافظ الطبراني في معجمه بعد أن ساق هذا الحديث: "والحديث صحيح". مع أنه من عادته أنه لا يصحح حديثاً مع اتساع كتابه المعجم الكبير، وما قال عن حديث أورده لو كان صحيحاً: "الحديث صحيح"، إلا عن هذا الحديث.[31]
  • قال الشيخ عبد الله الهرري: «فهذا الحديث حجة في جواز التوسل بالرسول في حياته وبعد مماته، في حضرته وفي غير حضرته، وليس الأمر كما يقول ابن تيمية فإنه قال: لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر، وبما أن الألباني يتبعه فقد طعن في القَدْر الموقوف من الحديث بقوله: إن الموقوف منكر، ومنشأ هذا الخبط للألباني هو مجاوزته حدّه حيث لم يقف عند نصوص علماء الحديث أنّ من لم يبلغ مرتبة الحافظ ليس له التصحيح والتضعيف، وكذا الحكم بالوضع. وروى هذا الحديث أيضاً الحافظ السبكي والبيهقي. ومما يدل على ما قدمنا ما ذكره ابن حجر في شرح البخاري ونصه: "وقدم تقدم في كتاب الزكاة من طريق حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه بلفظ: "إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد، فيشفع ليقضى بين الخلق" اهـ. ولنزد على ما مضى أن توسل الأعمى بالنبي بالصيغة التي علمه رسول الله لم يكن بحضور الرسول، بل ذهب إلى الميضأة فتوضأ وصلى ودعا باللفظ الذي علّمه رسول الله، ثم دخل على النبي والنبي لم يفارق مجلسه لقول راوي الحديث عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر. ومما يدل أيضاً على أن توسل هذا الأعمى كان في غير حضرة النبي وأنه قال يا محمد في غير حضرته، أنه قد ثبت النهي عن نداء الرسول باسمه في وجهه لقوله تعالى: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} الآية. ومن ذلك حديث: "من قال إذا خرج إلى المسجد: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشَراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعةً، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك". رواه ابن ماجة وغيره وحسّنه الحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ الدمياطي والحافظ أبو الحسن المقدسي والحافظ العراقي. ولا التفات بعد تحسين هؤلاء الحفاظ له إلى قول الألباني بتضعيفه، لأن الألباني ليس من أهل مرتبة الحفظ بل بعيد منها بُعد الأرض من السماء، وقد اعترف هو في بعض ما كتب بعدم بلوغه مرتبة الحفظ. والشرط في تصحيح الحديث أو تضعيفه وكذا الحكم بالوضع أن لا يؤخذ إلا من كلام حافظ كما نص عليه السيوطي في تدريب الراوي، وهل تجرّؤ الألباني على التصحيح والتضعيف والحكم بالوضع عن عدم اطلاع على كلام أهل الحديث في المصطلح؟ أم يكون اطّلع لكن الهوى جرّه وحب الظهور ودعوى ما ليس له ظنّا منه أن الناس يروج عليهم كلامه إذا صحح أو حسّن أو ضعّف؟.»[32]
  • وروى ابن الجوزي الحنبلي في كتابه: "الوفا بأحوال المصطفى" عن الإمام أبو بكر بن المقرئ قال: «كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ (عبد الله بن محمد بن جعفر الأنصاري، مفسر ومحدث ثقة، توفي سنة 369 هـ.[33]) في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنا على حالة، وأثّر فينا الجوع، وواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله الجوع الجوع، وانصرفت، فقال لي أبو الشيخ: اجلس، فإما أن يكون الرزق أو الموت، قال أبو بكر: فنمت أنا وأبو الشيخ والطبراني جالس ينظر في شيء، فحضر بالباب رجل من آل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فدقّ ففتحنا له، فإذا معه غلامان مع كل واحد زنبيل فيه شيء كثير، فجلسنا وأكلنا وظننا أن الباقي يأخذه الغلام، فولى وترك عندنا الباقي، فلما فرغنا من الطعام قال الرجل: يا قوم أشكوتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فأمرني أن أحمل بشيء إليكم.»[31]

كتب عن التوسل

قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، لشيخ الإسلام ابن تيمية

انظر أيضاً

المصادر والمراجع

  1. ^ تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ (سورة البقرة: آية 37).
  2. ^ نص الحديث.
  3. ^ سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الحاجة.
  4. ^ سنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب في دعاء الضيف.
  5. ^ المستدرك على الصحيحين، كتاب الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح والذكر، دعاء رد البصر.
  6. ^ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، كتاب الفضائل، باب الكرامات.
  7. ^ عمل اليوم والليلة لابن السني.
  8. ^ الحديث: اللهم إني اسألك بحق السائلين عليك.
  9. ^ قصة مالك مع أبي جعفر المنصور.
  10. ^ حديث استسقاء بلال بن الحرث بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
  11. ^ صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب ذكر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.
  12. ^ وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى.
  13. ^ حديث السؤال بمحمد والأنبياء.
  14. ^ حديث دعاء حفظ القرآن.
  15. ^ حديث استفتاح اليهود على المشركين بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.
  16. ^ سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في شأن الصراط.
  17. ^ الشواهد والروايات المتعلقة بحديث اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد أعوذ بك من النار.
  18. ^ المعجم الأوسط للطبراني.
  19. ^ التوسل في الآيات الكريمة
  20. ^ بحار الأنوار 84/ 211
  21. ^ روى الحافظ الطبراني في معجميه الصغير والكبير والترمذي من المتقدمين والحافظ البيهقي في الدلائل وابن الجزري من المتأخرين، وصححه الحافظ الطبراني وغيره. عن عثمان بن حنيف : أن رجلا ً كان يختلف (أي يتردد) إلى عثمان بن عفان في حاجة له، فكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته. فلقي عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك ، فقال له عثمان بن حنيف : إيت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يــا محمــد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي )) وتذكر حاجتك، ثم رح حتى أروح معك. فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتى باب عثمان ، فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال له : ما حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له، ثم قال مــا ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال : ما كانت لك من حاجة فائتنا. ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له : جزاك الله خيرًا، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في. فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله وأتاه رجلٌ ضريرٌ فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي :<<أو تصبر>> ؟فقال : يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي ذهاب بصري. فقال له النبي : <<إيت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات>> قال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط.موقع السنّة
  22. ^ موقع البوطي: الفتاوى
  23. ^ http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528623340
  24. ^ يقول ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ج1 ص106 ((ولم يقل أحد: إن من قال بالقول الأول -أي التوسل بالذوات- فقد كفر. ولا وجه لتكفيره، فإن هذه مسألة خفية ليست أدلتها جلية ظاهرة، والكفر إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة، أو بانكار الأحكام المتواترة والمجمع عليها ونحو ذلك. بل المكفر بمثل هذه الأمور يستحق من تغليظ العقوبة والتعزير ما يستحق أمثاله من المفترين على الدين، لا سيما مع قول النبى: ((أيما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما)).
  25. ^ يقول محمد بن عبد الوهاب في فتاواه: "وإن كان الصواب عندنا قول الجمهور من أنه مكروه، فلا ننكر على من فعله، ولا إنكار في مسائل الاجتهاد، ولكن إنكارنا على من دعا لمخلوق أكثر مما يدعو الله ويقصد القبر يتضرع عند ضريح..يطلب فيه تفريج الكربات..، فأين هذا ممن يدعو الله أحدًا ولكن يقول في دعائه: أسألك بنبيك أو..بعبادك الصالحين، أو يقصد قبرًا معروفًا أو غيره يدعو عنده، لكن لا يدعو إلا الله..فأين هذا مما نحن فيه" (فتاوى محمد بن عبد الوهاب، مجموعة المؤلفات، القسم الثالث، ص 68، منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)
  26. ^ "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" لابن تيمية
  27. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط كتاب: المنهجية العامة في العقيدة والفقه والسلوك والإعلام بأن الأشعرية والماتريدية من أهل السنة، تأليف: عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي، الناشر: مكتبة الجيل الجديد، اليمن - صنعاء، الطبعة الأولى 2007م، ص: 86-91.
  28. ^ كتاب: المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية، تأليف: الشيخ عبد الله الهرري، الناشر: شركة دار المشاريع، الطبعة السابعة 2007م، المقالة الحادية عشر في تحريمه التوسل بالأنبياء والصالحين والتبرّك بهم وآثارهم، ص: 221-222.
  29. ^ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، أبواب العيدين، باب صلاة الحاجة.
  30. ^ كتاب: المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية، تأليف: الشيخ عبد الله الهرري، الناشر: شركة دار المشاريع، الطبعة السابعة 2007م، المقالة الحادية عشر في تحريمه التوسل بالأنبياء والصالحين والتبرّك بهم وآثارهم، ص: 223.
  31. ^ أ ب كتاب: الجوهر الثمين في بعض من اشتهر ذكره بين المسلمين، الناشر: دار المشاريع للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2002م، ترجمة الإمام الطبراني، ص: 248-249.
  32. ^ كتاب: المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية، تأليف: الشيخ عبد الله الهرري، الناشر: شركة دار المشاريع، الطبعة السابعة 2007م، المقالة الحادية عشر في تحريمه التوسل بالأنبياء والصالحين والتبرّك بهم وآثارهم، ص: 224-225.
  33. ^ المحاضرات والمحاورات.

وصلات خارجية