علمانية: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V2.9
This article was translated by I Believe in Science & Ideas beyond borders & Beit al Hikma 2.0
سطر 45: سطر 45:


لا يزال النقاش يدور في الدولة المصنفة علمانيًا حول مدى الالتزام بفصل الدين عن الدولة؛ ففي [[فرنسا]] [[عطلة|جدول العطل الرسمية]] مقتبس بأغلبه من [[الكنيسة الكاثوليكية|الأعياد الكاثوليكية]]، وكذلك تقدم الدولة من أموال دافعي الضرائب تمويلاً للمدارس الدينية؛<ref>[https://www.jstor.org/pss/1188531 المدارس الخاصة في فرنسا (بالإنجليزية)]، مجلة جي-ستور، 30 نيسان 2011.</ref> أما في [[الهند]] وهي أيضًا دولة تنصّ على العلمانية الكاملة، تقدّم الدولة سنويًا إعانات [[الحج في الإسلام|للحجاج المسلمين]] وصل في عام [[2007]] إلى 47454 [[روبية]] عن كل حاج هندي.<ref>[https://www.financialexpress.com/news/haj-subsidy-has-air-india-fuming/360651/0 الدعم الجوي للحج في الهند (بالإنجليزية)]، فاينينشال إكسبرس، 30 نيسان 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20130515013515/http://www.financialexpress.com/news/haj-subsidy-has-air-india-fuming/360651/0 |date=15 مايو 2013}}</ref> أما دستور [[أستراليا]] وهي دولة علمانية رغم عدم ورود العبارة صراحة، يذكر في المادة السادسة عشر بعد المئة، على عدم تقييد أي حرية دينية أو ممارسة للشعائر الدينية أو تمييز بين معتنقي مختلف الأديان في مناصب الدولة والحياة العامة، ومع ذلك فإن الدستور ذاته يبدأ بعبارة "'' بتواضع، نعتمد على نعمة الله المتعالي''"<ref>للاطلاع على نصوص الدستور الأسترالي انظر [https://www.aph.gov.au/senate/general/constitution/preamble.htm دستور كومنولث أستراليا (بالإنجليزية)]، موقع البرلمان الأسترالي، 30 نيسان 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20120216140627/http://www.aph.gov.au/senate/general/constitution/preamble.htm |date=16 فبراير 2012}}</ref> ([[لغة إنجليزية|بالإنجليزية]]: ''Humble reliance on the blessing of Almighty God'')، وسوى ذلك فإن الحكومة الأسترالية تدعم الصلاة المسيحية في المدارس الحكومية وتمول المدارس الدينية التي تعدّ [[قس|القسس]] الجدد وكذلك رجال الدين. الحال كذلك في [[سويسرا]] وفي [[الولايات المتحدة الإمريكية]]، وإن بدرجات متفاوتة لا تشمل في جميع الظروف تقييد أي حرية دينية أو ممارسة للشعائر الدينية أو تمييز بين معتنقي مختلف الأديان في مناصب الدولة والحياة العامة فهي من المبادئ المشتركة بين جميع الدول المصنفة كعلمانية.
لا يزال النقاش يدور في الدولة المصنفة علمانيًا حول مدى الالتزام بفصل الدين عن الدولة؛ ففي [[فرنسا]] [[عطلة|جدول العطل الرسمية]] مقتبس بأغلبه من [[الكنيسة الكاثوليكية|الأعياد الكاثوليكية]]، وكذلك تقدم الدولة من أموال دافعي الضرائب تمويلاً للمدارس الدينية؛<ref>[https://www.jstor.org/pss/1188531 المدارس الخاصة في فرنسا (بالإنجليزية)]، مجلة جي-ستور، 30 نيسان 2011.</ref> أما في [[الهند]] وهي أيضًا دولة تنصّ على العلمانية الكاملة، تقدّم الدولة سنويًا إعانات [[الحج في الإسلام|للحجاج المسلمين]] وصل في عام [[2007]] إلى 47454 [[روبية]] عن كل حاج هندي.<ref>[https://www.financialexpress.com/news/haj-subsidy-has-air-india-fuming/360651/0 الدعم الجوي للحج في الهند (بالإنجليزية)]، فاينينشال إكسبرس، 30 نيسان 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20130515013515/http://www.financialexpress.com/news/haj-subsidy-has-air-india-fuming/360651/0 |date=15 مايو 2013}}</ref> أما دستور [[أستراليا]] وهي دولة علمانية رغم عدم ورود العبارة صراحة، يذكر في المادة السادسة عشر بعد المئة، على عدم تقييد أي حرية دينية أو ممارسة للشعائر الدينية أو تمييز بين معتنقي مختلف الأديان في مناصب الدولة والحياة العامة، ومع ذلك فإن الدستور ذاته يبدأ بعبارة "'' بتواضع، نعتمد على نعمة الله المتعالي''"<ref>للاطلاع على نصوص الدستور الأسترالي انظر [https://www.aph.gov.au/senate/general/constitution/preamble.htm دستور كومنولث أستراليا (بالإنجليزية)]، موقع البرلمان الأسترالي، 30 نيسان 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20120216140627/http://www.aph.gov.au/senate/general/constitution/preamble.htm |date=16 فبراير 2012}}</ref> ([[لغة إنجليزية|بالإنجليزية]]: ''Humble reliance on the blessing of Almighty God'')، وسوى ذلك فإن الحكومة الأسترالية تدعم الصلاة المسيحية في المدارس الحكومية وتمول المدارس الدينية التي تعدّ [[قس|القسس]] الجدد وكذلك رجال الدين. الحال كذلك في [[سويسرا]] وفي [[الولايات المتحدة الإمريكية]]، وإن بدرجات متفاوتة لا تشمل في جميع الظروف تقييد أي حرية دينية أو ممارسة للشعائر الدينية أو تمييز بين معتنقي مختلف الأديان في مناصب الدولة والحياة العامة فهي من المبادئ المشتركة بين جميع الدول المصنفة كعلمانية.

== المجتمع العلماني ==
في دراسة الدين، تعتبر [[الديمقراطية]] الحديثة بشكل عام علمانية. يرجع هذا إلى حرية الدين شبه الكاملة (المعتقدات الدينية بشكل عام ليست معرضة لاعتماد قانوني أو اجتماعي) بالإضافة إلى انعدام سلطة رجال الدين على القرارات السياسية. على الرغم من ذلك، توصلت بعض الأبحاث التي قام بها مركز بيو للأبحاث أن الأمريكان يشعرون بالراحة أكثر مع لعب الدين لدور رئيسي في الحياة العامة، بينما في أوروبا نجد أن تأثير [[الكنيسة]] على الحياة العامة في تراجع مستمر.<ref>{{cite web |url=http://www.pewforum.org/2005/04/21/secular-europe-and-religious-america-implications-for-transatlantic-relations/ |title=Secular Europe and Religious America: Implications for Transatlantic Relations |last= |first= |date= |website= Pew Research Center|publisher= |access-date= 4 July 2018 |quote=}}</ref>

انشغل [[علم الاجتماع]] الحديث منذ ماكس فيبر بمشكلة السلطة في المجتمعات العلمانية مع وجود العلمنة كعملية اجتماعية أو تاريخية. يشمل علماء القرن العشرين الذين ساهمت أعمالهم في فهمنا لهذه الأمور كلا من [[كارل بيكر]] وكارل لوفيت وهانز بلومنبيرغ وماير هاوارد أبرامز وبيتر ل. بيرغر وبول بينيشو وغيرهم الكثير.<ref>''The Protestant Ethic and the Spirit of Capitalism'', Max Weber, London, Routledge Classics, 2001, pp. 123–25.</ref>

أصبحت بعض المجتمعات علمانية أكثر كنتيجة لبعض العمليات الاجتماعية بدلا من كونها نتيجة أعمال حركات علمانية مخلصة. تُعرف هذه العملية باسم العلمنة.

زعم عالم الاجتماع بيتير ل. بيرغر أن العالم الحديث لا يمكن وصفه بعد الآن بأنه علماني أو بأنه يتحول نحو العلمانية بسرعة. بدلا من ذلك يمكننا وصفه على أنه جماعيّ.<ref>Peter Berger and Ross Douthat, "Why Hasn't Religion Died Out?", 2015. The Veritas Forum, http://www.veritas.org/why-hasnt-religion-died-out/ Accessed on June 22, 2018.</ref>

==الأخلاق العلمانية ==
وصف [[جورج هوليوك]] العلمانية في كتابه المنشور في عام 1896 ''العلمانية الإنجليزية'' كما يلي:
{{cquote|العلمانية هي رمز الواجب المتعلق بهذه الحياة، والمؤسسة على اعتبارات بشرية خالصة، ومخصصة بشكل رئيسي لمن يعتبرون اللاهوت غير متكامل أو غير كاف أو لا يمكن الاعتماد عليه. هناك ثلاثة أسس للعلمانية: (1) تحسين هذه الحياة بطرق مادية. (2) أن العلم هو مصدر العناية البشرية المتاح. (3) أنه من الخير ان تفعل الخير. سواء كان هناك خير آخر أم لا، فإن خير الحياة الحالية هو الخير، ومن الخير أن نسعى وراء هذا الخير.<ref>Holyoake, G.J. (1896). p. [https://books.google.com/books?id=DCg0dcD2bBAC&pg=PT37&dq=%22Secularism+is+a+code+of+duty+pertaining+to+this+life,+founded+on+considerations+purely+human,+and+intended+mainly+for+those+who+find+theology+indefinite+or+inadequate,+unreliable+or+unbelievable.+Its+essential+principles+are+three:%22 37].</ref>}}

أكد هوليوك على أن العلمانية والأخلاق العلمانية يجب ألا يهتما على الإطلاق بالتساؤلات الدينية (لأنها غير مرتبطة بها)، وبالتالي يجب التمييز بينها وبين الفكر الحر القوي والإلحاد. في ذلك الأمر اختلف هوليوك مع تشارلز برادلو مما أدى إلى انقسام الحركات العلمانية بين من يتفقون مع الحركات المناهضة للدين وأن النشاط غير ضروري أو مطلوب وبين من يرون أنه كذلك.

غالبا ما يوصف الجدال الأخلاقي المعاصر في الغرب بأنه "علماني". توصف أعمال بعض فلاسفة الأخلاق المشهورين أمثال ديريك بارفت وبيتر سينغر وحتى كل مجال الأخلاقية الحيوية المعاصرة بأنها علمانية بشكل كامل أو أنها غير دينية.<ref>{{Cite book|publisher = Clarendon Press |isbn = 0-19-824615-3 |publication-place = Oxford [Oxfordshire] |title = Reasons and persons |url = https://openlibrary.org/books/OL3172889M/Reasons_and_persons |author = Derek Parfit |publication-date = 1984 |id = 0198246153 |postscript = <!-- Bot inserted parameter. Either remove it; or change its value to "." for the cite to end in a ".", as necessary. -->&#123;&#123;inconsistent citations&#125;&#125; }}</ref><ref>[[Brian Leiter]], "[http://leiterreports.typepad.com/blog/2009/06/is-secular-moral-theory-really-relatively-young.html Is "Secular Moral Theory" Really Relatively Young?], ''Leiter Reports: A Philosophy Blog'', June 28, 2009.</ref><ref>[[Richard Dawkins]], "[http://www.secularhumanism.org/index.php?section=library&page=dawkins_18_2 When Religion Steps on Science's Turf: The Alleged Separation Between the Two Is Not So Tidy]", ''Free Inquiry'' vol. 18, no. 2.</ref><ref>{{Cite journal
| last1 = Solomon | first1 = D.
| title = Christian Bioethics, Secular Bioethics, and the Claim to Cultural Authority
| doi = 10.1080/13803600500501571
| journal = Christian Bioethics
| volume = 11
| issue = 3
| pages = 349–59
| year = 2005
| pmid = 16423736
| pmc =
}}</ref>

على الرغم من تعدد وتنوع وجهات النظر الفلسفية للعلمانيين الأخلاقيين، إلا أنهم يتشاركون عموما في واحد أو أكثر من هذه المبادئ:
* البشر من خلال قدرتهم على التعاطف، لديهم القدرة على تحديد أسس أخلاقية.
* رفاهية الآخرين شأن رئيسي لصانع القرار الأخلاقي.
* البشر من خلال المنطق و العقل، قادرون على استخلاص المبادىء المعيارية للسلوك.
* قد يؤدي ذلك إلى سلوك أفضل من السلوك القائم على أساس النصوص الدينية. بدلا من ذلك، قد يؤدي هذا إلى الدعوة إلى نظام مختلط من المبادئ الأخلاقية والذي يتحصل على قبول مجموعة واسعة من الناس، سواء الدينية أو غير الدينية.
* لدى البشر مسؤولية أخلاقية للتأكيد على المجتمعات والأفراد أن تتصرف على أساس هذه المبادئ الأخلاقية.
يُطبق العديد من هذه المبادئ في علم الأخلاق، ويُستخدم المنهج العلمي للإجابة على الأسئلة الأخلاقية.


== دور رجال الدين ==
== دور رجال الدين ==
سطر 81: سطر 117:
يرى الكثير من الباحثين أن مفهوم العلمانية يتعرض للتفسير على نحوٍ خاطئ وبصورة متكررة في [[الولايات المتحدة]].<ref name=uooavbjacq>{{cite news|url=http://www.huffingtonpost.com/jacques-berlinerblau/secularism-is-not-atheism_b_1699588.html|author=Jacques Berlinerblau|title=Secularism Is Not Atheism|journal=[[هافينغتون بوست|The Huffington Post]] |date=2012-07-28 |accessdate=2013-05-27| مسار الأرشيف = http://web.archive.org/web/20171018101452/https://www.huffingtonpost.com/jacques-berlinerblau/secularism-is-not-atheism_b_1699588.html | تاريخ الأرشيف = 18 أكتوبر 2017 }}</ref> كتب جاك بيرلينيربلو من [[جامعة جورجتاون]] مقالة عام 2012 على [[هافينغتون بوست]] حملت عنوان "العلمانية ليست إلحادا" وانتقد فيه قيام المعلقين من [[يسارية|اليسار]] و[[يمينية|اليمين]] السياسي بوضع العلمانية على قدمِ المساواة وبشكلٍ اعتيادي مع أيديولجيات ينظر إليها معظم الرأي العام الأمريكي بسلبية على غرار ال[[ستالينية]] وال[[نازية]] وال[[اشتراكية]]، وما ترتب عليه من انتشار فكرة ارتباط العلمانية بالإلحاد. كما وانتقد [[سياسة محافظة|المحافظين]] من اليمين لتروجيهم لهذه الفكرة الخاطئة في [[خطاب (علم الاجتماع)|خطابهم]] السياسي والاجتماعي منذ سبعينيات القرن العشرين.<ref name=uooavbjacq />
يرى الكثير من الباحثين أن مفهوم العلمانية يتعرض للتفسير على نحوٍ خاطئ وبصورة متكررة في [[الولايات المتحدة]].<ref name=uooavbjacq>{{cite news|url=http://www.huffingtonpost.com/jacques-berlinerblau/secularism-is-not-atheism_b_1699588.html|author=Jacques Berlinerblau|title=Secularism Is Not Atheism|journal=[[هافينغتون بوست|The Huffington Post]] |date=2012-07-28 |accessdate=2013-05-27| مسار الأرشيف = http://web.archive.org/web/20171018101452/https://www.huffingtonpost.com/jacques-berlinerblau/secularism-is-not-atheism_b_1699588.html | تاريخ الأرشيف = 18 أكتوبر 2017 }}</ref> كتب جاك بيرلينيربلو من [[جامعة جورجتاون]] مقالة عام 2012 على [[هافينغتون بوست]] حملت عنوان "العلمانية ليست إلحادا" وانتقد فيه قيام المعلقين من [[يسارية|اليسار]] و[[يمينية|اليمين]] السياسي بوضع العلمانية على قدمِ المساواة وبشكلٍ اعتيادي مع أيديولجيات ينظر إليها معظم الرأي العام الأمريكي بسلبية على غرار ال[[ستالينية]] وال[[نازية]] وال[[اشتراكية]]، وما ترتب عليه من انتشار فكرة ارتباط العلمانية بالإلحاد. كما وانتقد [[سياسة محافظة|المحافظين]] من اليمين لتروجيهم لهذه الفكرة الخاطئة في [[خطاب (علم الاجتماع)|خطابهم]] السياسي والاجتماعي منذ سبعينيات القرن العشرين.<ref name=uooavbjacq />


== العلمانية في الدول المسلمة ==
== العلمانية في الفلسفة السياسية لآخر القرن العشرين ==
نستطيع ملاحظة أن العديد من المؤسسات العلمانية تفضل تعريف العلمانية على أنها الأرضية المشتركة لكل مجموعات الحياة المتفاعلة فيما بينها سواء الدينية أو الملحدة، لكي تزدهر في مجتمع يكرم حرية التعبير والوعي. يُعتبر المجتمع العلماني الوطني أحد أهم هذه الأمثلة في المملكة المتحدة. يُعتبر ذلك فهم مشترك لما تعنيه العلمانية بين العديد من النشطاء في جميع أنحاء العالم. إلا أن العديد من الدارسين المسيحيين والسياسيين المحافظين يحاولون مقاطعة العلمانية أكثر من مرة، باعتبارها فرضية معادية للأديان وكمحاولة لدفع الدين خارج المجتمع واستبداله بالإلحاد أو فراغ من القيم والعدمية. أدى هذان الجانبان إلى خلق صعوبات في سير الحياة السياسية بخصوص هذا الموضوع. يبدو أن معظم المنظّرين السياسيين في الفلسفة بعد معلم جون رولس "نظرية العدالة" في 1971 وكتابه التالي [[الليبرالية السياسية]] (1993)، يبدو أنهم يفضلون استخدام المفهوم المدمج بدلا من استخدام العلمانية. وافق رولس على أن مصطلح العلمانية لا ينطبق:<ref name=":0">{{Cite book|url=https://www.worldcat.org/oclc/948824118|title=Political Liberalism : Expanded Edition|last=Inc.|first=Recorded Books,|date=2011-01-01|publisher=Columbia University Press|year=|isbn=9780231527538|location=|pages=457|oclc=948824118}}</ref>
{{حيادية|تاريخ=مايو 2016}}
{{quote|ولكن ما هو الجدال العلماني؟ يعتقد البعض أن أي نقاش منعكس ونقدي، ويمكن للعامة فهمه كما أنه عقلاني، يعتقدون أنه علماني. على الرغم من ذلك، أحد السمات المحورية في الليبرالية السياسية هو أنها ترى كل هذه الجدالات بنفس الطريقة التي ترى بها الجدالات الدينية. تنتمي المفاهيم العلمانية والتبريرات من هذا النوع إلى الفلسفة الأولى والعقيدة الأخلاقية، وتسقط خارج نطاق السياسة.<ref name=":0" />}}
بخصوص مزاعم جمود شريعة جوهرها الثبات، فيعتقد المعارضون أن التزام الإنسان بشريعة الله لا يعني الحجر عليه، ولا الحكم عليه بالحجر الأبدي، لأن هذا يصح، لو كانت الشريعة تقيد الإنسان في كل حياته بأحكام جزئية تفصيلية. والشريعة ليست كذلك، فقد تركت للعقل الإنساني مساحات واسعة يجول فيها ويصول موقع الدكتور يوسف القرضاوى في بحث بعنوان الشريعة والحجر على الإنسان. منها: شئون الدنيا الفنية، التي فسح له المجال فيها، ليبتكر ويبتدع ما شاء "أنتم أعلم بأمور دنياكم" رواه مسلم، ومنها: منطقة الفراغ من التشريع، والإلزام في شئون الحياة والمجتمع، التي يطلق عليها: "منطقة العفو"، أخذاً من الحديث النبوي: "ما أحل الله، فهو [[حلال]]، وما حرمه فهو [[حرام]]، وما سكت عنه، فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً، ثم تلا (وما كان ربك نسياً) (سورة مريم:64) الحديث.

إلا أن نظرية رولس الشبيهة برؤية هوليوك بخصوص ديمقراطية متسامحة والتي تعامل كل مجموعات الحياة المتفاعلة فيما بينها بمساواة. تمثلت فكرة رولس في أنه على كل شخص أن يشجع "الديمقراطية الدستورية العقلانية" مع "مبادئ التسامح". كان عمل رولس مؤثرا للغاية على الدارسين في الفلسفة السياسية، كما أن مصطلحه "الإجماع المتراكب" يسمح لعدة أجزاء أن تستبدل العلمانية. في المراجع عن الفلسفة السياسية الحديثة مثل مرجع كولن فاريلي "مقدمة في النظرية السياسية المعاصرة"، نجد أن مصطلح علمانية ليس مفهرسا حتى وفي المراجع التالية له نجد أنه موجود فقط في الهوامش. إلا أنه لا يوجد نقص في النقاش وتغطية الموضوع، لكنه يُطلق عليه الإجماع المتراكب أو الجماعية أو الثقافية المتعددة أو مصطلح آخر. في كتاب أوكسفورد في النظرية السياسية، نجد فصلا واحدا تحت عنوان "العلمانية السياسية" لراجيف بهارغافا. يغطي الفصل العلمانية في سياق عالمي ويبدأ بعبارة: "العلمانية هي عقيدة محاصرة".<ref>{{Cite book|url=https://www.worldcat.org/oclc/611694157|title=Contemporary political philosophy : an introduction|last=Will.|first=Kymlicka,|publisher=Oxford University Press|isbn=9780198782742|oclc=611694157}}</ref>

== المؤسسات ==
غالبا ما يساند الإنسانيون جماعات مثل المجتمع العلماني الوطني في [[المملكة المتحدة]] وحملة الأمريكان المتحدون للعلمانية. في 2005، عقد المجتمع العلماني الوطني حفلا افتتاحيا لعلمانيّ العام. كانت الفائزة الأولى بالجائزة [[مريم نمازي]] من حزب العمال الاشتراكي في [[إيران]] ومن قنصلية المسلمين السابقين في [[بريطانيا]]<ref>
{{cite news
|title=Europe: New Groups Unite Those Who Renounce Islam
|date=September 11, 2007
|publisher=Radio Free Europe
|url=http://www.rferl.org/content/article/1078630.html
}}</ref> والتي تهدف إلى كسر الموانع التي تأتي مع ترك الإسلام والتصدي لقوانين الردة والإسلام السياسي. <ref name="bbc-2007">
{{cite news
|publisher=BBC News
|title=Ignore Islam, 'ex-Muslims' urge
|first=Dominic
|last=Casciani
|date=21 June 2007
|url=http://news.bbc.co.uk/2/hi/uk_news/6224702.stm
}}</ref>


أحد الأحزاب النشطة في [[اسكتلندا]] هو المجتمع العلماني الاسكتلندي والذي يركز حاليا على دور الدين في التعليم. في 2013 قدم الحزب عريضة للبرلمان الاسكتلندي لتغيير قانون التعليم الاسكتلندي لعام 1980 حتى يكون على الأبوين أن يقوما بقرار إيجابي من أجل الرقابة الدينية.
ومثله حديث: "إن الله فرض فرائض، فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء، رحمة بكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها" رواه الدارقطني، وهو من أحاديث [[الأربعون النووية|الأربعين النووية]]. ومنها: أن ما ينص عليه، إنما يتناول ـ في الغالب ـ المبادئ والأحكام العامة، دون الدخول في التفصيلات الجزئية، إلا في قضايا معينة من شأنها الثبات، ومن الخير لها أن تثبت، كما في قضايا الأسرة، التي فصل فيها القرآن تفصيلاً، حتى لا تعبث بها الأهواء، ولا تمزقها الخلافات، ولهذا قال المحققون من العلماء: إن الشريعة تفصل فيما لا يتغير، وتجمل فيما يتغير، بل قد تسكت عنه تماماً أحيانا.
عن أن ما فصلت فيه الأديان، كثيراً ما يكون التفصيل فيه بنصوص قابلة لأكثر من تفسير، ومحتملة لأكثر من رأي، فليست قطعية الدلالة، ومعظم النصوص كذلك، ظنية الدلالة، ظنية الثبوت، وهذا يعطي المجتهد ـفرداً أو جماعةـ فرصة الاختيار والانتقاء، أو الإبداع والإنشاء.
هذا إلى ما قرره العلماء: أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعرف والحال، وأن للضرورات أحكامها، وأن الأمر إذا ضاق اتسع، وأن المشقة تجلب التيسير، وأن الله يريد بعبادة اليسر، ولا يريد بهم العسر، وما جعل عليهم في الدين من حرج.
فالأحكام عندهم نوعان:
نوع: لا يتغير عن حالة واحدة مر عليها، لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة، ولا اجتهاد الأئمة، كوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم، ونحو ذلك. فهذا لا يتطرق إليه تغيير، ولا اجتهاد يخالف ما وضع عليه.
والنوع الثاني: ما يتميز بحسب اقتضاء المصلحة له زمانا ومكاناً وحالاً، كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها، فإن الشارع ينوع فيها حسب المصلحة.


أحد المنظمات العلمانية الأخرى هو التحالف العلماني من أجل أمريكا. يسعى الحزب إلى فصل الكنيسة عن الدولة بالإضافة إلى قبول وإدخال العلمانيين الأمريكيين في الحياة الأمريكية والسياسة العامة. في حين يرتبط التحالف العلماني من أجل أمريكا بالعديد من المنظمات الإنسانية العلمانية كما يدعمه العديد من الإنسانيين العلمانيين، إلا أن هناك مساندين له من غير [[الإنسانية|الإنسانيين]].
رغم انبثاق مصطلح العلمانية من رحم التجربة الغربية، إلا أنه انتقل إلى القاموس العربي الإسلامي، مثيراً بذلك جدلاً حول دلالاته وأبعاده. والواقع أن الجدل حول مصطلح العلمانية في ترجمته العربية يعد إفرازاً طبيعياً لاختلاف الفكر والممارسة العربية الإسلامية عن السائد في البيئة التي أنتجت هذا المفهوم، لكن ذلك لم يمنع المفكرين العرب من تقديم إسهاماتهم بشأن تعريف العلمانية. تختلف إسهامات المفكرين العرب بشأن تعريف مصطلح العلمانية، فعلى سبيل المثال:


تعمل بعض المنظمات المحلية من أجل رفع وضع العلمانية في مجتمعاتها كما يميلون إلى تضمين العلمانيين والمفكرين الأحرار والملحدين واللا أدريين والإنسانيين تحت غطاء منظماتهم.
* يؤكد المفكر السوري [[جورج طرابيشي]] أنّ العلمانية هي بمثابة حلّ للمجتمعات العربية لا بل ضرورة، ويسرد محطات بالغة الأهمية من الاقتتال الطائفي والديني في التاريخ الإسلامي ويقارنها بالاقتتال الطائفي بين [[البروتستانت]] و [[الكاثوليك]] الذي أنتج العلمانية في الغرب التي لم تكن كنتيجة فقط بقدر ما هي الحل {{#وسم:ref|العلمانية في المشرق العربي، ٢٠٠٧،مؤتمر العلمانية في المشرق العربي، [[دمشق]] دار بترا ودار أطلس، ص.١٨ مقالة بعنوان العلمانية كإشكاية إسلامية إسلامية}} .
* يرفض المفكر المغربي [[محمد عابد الجابري]] تعريف مصطلح العلمانية باعتباره فقط فصل الكنيسة عن الدولة، لعدم ملاءمته للواقع العربي الإسلامي، ويرى استبداله بفكرة [[ديموقراطية|الديموقراطية]] "حفظ حقوق الأفراد والجماعات"، والعقلانية "الممارسة السياسية الرشيدة".
* في حين يرى د. [[وحيد عبد المجيد]] الباحث المصري أن العلمانية (في الغرب) ليست [[فكرانية]] (أيديولوجية)(منهج عمل)، وإنما مجرد موقف جزئي يتعلق بالمجالات غير المرتبطة بالشؤون الدينية. ويميز د. وحيد بين "العلمانية اللادينية" -التي تنفي الدين لصالح سلطان العقل- وبين "العلمانية" التي نحت منحى وسيطاً، حيث فصلت بين مؤسسات الكنيسة ومؤسسات الدولة مع الحفاظ على حرية الكنائس والمؤسسات الدينية في ممارسة أنشطتها.
* في المنتصف يجيء د. [[فؤاد زكريا]] -أستاذ الفلسفة- الذي يصف العلمانية بأنها الدعوة إلى الفصل بين الدين والسياسة، ملتزماً الصمت إزاء مجالات الحياة الأخرى (مثل الأدب). وفي ذات الوقت يرفض سيطرة الفكر المادي النفعي، ويضع مقابل المادية "القيم الإنسانية والمعنوية"، حيث يعتبر أن هناك محركات أخرى للإنسان غير الرؤية المادية.
* ويقف د. [[مراد وهبة]] - أستاذ الفلسفة- وكذلك الكاتب السوري [[هاشم صالح]] إلى جانب "العلمانية الشاملة" التي يتحرر فيها الفرد من قيود المطلق والغيبيّ وتبقى الصورة العقلانية المطلقة لسلوك الفرد، مرتكزاً على العلم والتجربة المادية.
* ويتأرجح د. [[حسن حنفي]]-المفكّر البارز صاحب نظرية [[اليسار الإسلامي]]- بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ويرى أن العلمانية هي "فصل الكنيسة عن الدولة" كنتاج للتجربة التاريخية الغربية. ويعتبر د. حنفي العلمانية -في مناسبات أخرى- رؤية كاملة للكون تغطي كل مجالات الحياة وتزود الإنسان بمنظومة قيمية ومرجعية شاملة، مما يعطيها قابلية للتطبيق على مستوي العالم. من جانب آخر، يتحدث د.حسن حنفي عن الجوهر العلماني للإسلام -الذي يراه ديناً علمانياً للأسباب التالية:
# النموذج الإسلامي قائم على العلمانية بمعنى غياب الكهنوت، أي بعبارة أخرى المؤسسات الدينية الوسيطة.
# الأحكام الشرعية الخمسة، [[واجب|الواجب]] و[[مندوب|المندوب]] و[[حرام|المحرّم]] و[[مكروه|المكروه]] و[[مباح|المباح]]، تعبّر عن مستويات الفعل الإنساني الطبيعي، وتصف أفعال الإنسان الطبيعية.
# الفكر الإنساني العلماني الذي حول بؤرة الوجود من الإله إلى الإنسان وجد متخفٍ في تراثنا القديم عقلاً خالصًا في علوم الحكمة، وتجربة ذوقية في علوم التصوف، وكسلوك عملي في علم أصول الفقه.
* يقول المفكر السوداني [[الخاتم عدلان]] الذي يعتبر من أبرز المنادين بالعلمانية في المنطقة العربية "إن العلمانية تعني إدارة شؤون الحياة بعيداً عن أي كهنوت، كما ظهرت اتجاهات جديدة في تعريف العلمانية مثل التي تنص على أن العلمانية هي استعداد الفرد والمجتمع للاستفادة من خلاصة المنتوج البشري في سبيل تحقيق رفاهيته".


== انظر أيضاً ==
== انظر أيضاً ==

نسخة 18:20، 22 أكتوبر 2018

العَلمانية[1] والعالمانية[2] واللايكية؛ هو المبدأ القائم على فصلِ الحكومة ومؤسساتها والسّلطة السّياسيّة عن السّلطة الدّينيّة أو الشّخصيّات الدّينيّة.[3][4][5] تختلف مبادئ العلمانية باختلاف أنواعها[6]، فقد تعني عدم قيام الحكومة أو الدّولة بإجبار أيّ أحدٍ على اعتناق وتبنّي معتقدٍ أو دينٍ أو تقليدٍ معينٍ لأسباب ذاتيّة غير موضوعيّة.[7][8] كما تكفل الحقّ في عدم اعتناق دينٍ معيّنٍ وعدم تبنّي دينٍ معيّنٍ كدينٍ رسميٍّ للدّولة. وبمعنى عامّ، فإنّ هذا المصطلح يشير إلى الرّأي القائِل بأنّ الأنشطةَ البشريّة والقراراتِ -وخصوصًا السّياسيّة منها- يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المُؤسّسات الدّينيّة.

تعود جذور العلمانيّة إلى الفلسفة اليونانيّة القديمة، لفلاسفة يونانيّين أمثال إبيقور، غير أنّها خرجت بمفهومِها الحديث خلال عصر التّنوير الأورُبّيّ، على يد عددٍ من مفكّري عصر التنوير من أمثال جون لوك ودينيس ديدرو وفولتير وباروخ سبينوزا وجيمس ماديسون وتوماس جفرسون وتوماس بين وعلى يد عدد من أعلام الفكر الحر خلال العصر الحديث من أمثال بيرتراند راسل وكريستوفر هيتشنز. ينطبقُ نفس المفهوم على الكون والأجرام السّماويّة، عندما يُفسَّر النّظام الكونيّ بصورة دُنيويّة بحتة، بعيدًا عن الدّين، في محاولة لإيجاد تفسير للكون ومُكوّناته. ولا تُعتبر العلمانيّة شيئًا جامدًا، بل هي قابلة للتّحديث والتّكييف حسب ظروف الدِّوَل الّتي تتبنّاها، وتختلف حدّة تطبيقها ودعمها من قبل الأحزاب أو الجمعيّات الدّاعمة لها بين مختلف مناطق العالم. كما لا تَعتبر العلمانيّة ذاتها ضدّ الدّين، بل تقف على الحيادِ منه، في الولايات المتحدة مثلاً، وُجِد أنّ العلمانيّة خدمت الدّين من تدخّل الدّولة والحكومة، وليس العكس.[9] وقد يعتبرها البعض جزءًا من (التّيّار الإلحاديّ) كما جاء في (الموسوعة العربيّة العالميّة)[10] الصادرة في السعودية.

التّعريف والنشأة

جون لوك الفيلسوف والمفكر الإنكليزي (1632 -1704) أحد الدّاعين إلى نظام يفصل الدّين عن الدّولة، ويُطلِق الحرّيّات العامّة.

العلمانيّة في العربيّة مُشتقّة من مُفردة عَلَم، وهي بدورها قادمة من اللغات السّاميّة القريبة منها؛ أمّا في الإنجليزيّة والفرنسية فهي مُشتقّة من اليونانية بمعنى "العامّة" أو "الشّعب"، وبشكل أدقّ، عكس الإكليروس أو الطّبقة الدّينيّة الحاكمة؛ وإبّان عصر النهضة، بات المصطلح يشير إلى القضايا الّتي تهمّ العامّة أو الشّعب، بعكس القضايا التي تهمّ خاصّته. أمّا في اللغات السامية ففي السريانية تشير كلمة ܥܠܡܐ (نقحرة: عَلما) إلى ما هو مُنتمٍ إلى العالم أو الدّنيا، أي دون النّظر إلى العالم الرّوحي أو الماورائيّ، وكذلك الأمر في اللغة العبرية: עולם (نقحرة: عُولَم) والبابليّة وغيرهم؛ وبشكل عامّ، لا علاقة للمصطلح بالعلوم أو سواها، وإنّما يشير إلى الاهتمام بالقضايا الأرضيّة فحسب.[11]

الكاتب الإنكليزي جورج هوليوك (1817 -1906) أول من نحت مصطلح "علمانية" عام 1851.

وتقدّم دائرة المعارف البريطانية تعريف العلمانيّة بانها: "حركة اجتماعيّة تتّجه نحو الاهتمام بالشّؤون الدُّنيويّة بدلًا من الاهتمام بالشّؤون الآخروية. وهي تُعتبر جزءًا من النّزعة الإنسانيّة الّتي سادت منذ عصر النهضة؛ الدّاعية لإعلاء شأن الإنسان والأمور المرتبطة به، بدلاً من إفراط الاهتمام بالعُزوف عن شؤون الحياة والتّأمّل في الله واليوم الأخير. وقد كانت الإنجازات الثّقافيّة البشريّة المختلفة في عصر النهضة أحد أبرز منطلقاتها، فبدلاً من تحقيق غايات الإنسان من سعادة ورفاهٍ في الحياة الآخرة، سعت العلمانية في أحد جوانبها إلى تحقيق ذلك في الحياة الحالية".[12]

أقدم التلميحات للفكر العلماني تعود للقرن الثالث عشر في أوروبا حين دعا مارسيل البدواني في مؤلفه «المدافع عن السلام» إلى الفصل بين السلطتين الزمنية والروحية واستقلال الملك عن الكنيسة في وقت كان الصراع الديني الدينيوي بين بابوات روما وبابوات أفنيون في جنوب فرنسا على أشدّه؛ ويمكن تشبيه هذا الصرع بالصراع الذي حصل بين خلفاء بغداد وخلفاء القاهرة.[13] وبعد قرنين من الزمن، أي خلال عصر النهضة في أوروبا كتب الفيلسوف وعالم اللاهوت غيوم الأوكامي حول أهمية: "فصل الزمني عن الروحي، فكما يترتب على السلطة الدينية وعلى السلطة المدنية أن يتقيدا بالمضمار الخاص بكل منهما، فإن الإيمان والعقل ليس لهما أي شيء مشترك وعليهما أن يحترما استقلالهما الداخلي بشكل متبادل."[14] غير أن العلمانية لم تنشأ كمذهب فكري وبشكل مطرد إلا في القرن السابع عشر، ولعلّ الفيلسوف سبينوزا كان أول من أشار إليها إذ قال أن الدين يحوّل قوانين الدولة إلى مجرد قوانين تأديبية. وأشار أيضًا إلى أن الدولة هي كيان متطور وتحتاج دومًا للتطوير والتحديث على عكس شريعة ثابتة موحاة. فهو يرفض اعتماد الشرائع الدينية مطلقًا مؤكدًا إن قوانين العدل الطبيعية والإخاء والحرية هي وحدها مصدر التشريع.[15] وفي الواقع فإن باروخ سبينوزا عاش في هولندا أكثر دول العالم حرية وانفتاحًا آنذاك ومنذ استقلالها عن إسبانيا، طوّر الهولنديون قيمًا جديدة، وحوّلوا اليهود ومختلف الأقليات إلى مواطنين بحقوق كاملة، وساهم جو الحريّة الذي ساد إلى بناء إمبراطورية تجارية مزدهرة ونشوء نظام تعليمي متطور، فنجاح الفكرة العلمانية في هولندا، وإن لم تكتسب هذا الاسم، هو ما دفع حسب رأي عدد من الباحثين ومن بينهم كارن أرمسترونغ إلى تطور الفكرة العلمانية وتبينها كإحدى صفات العالم الحديث.[16]

الرئيس الثالث للولايات المتحدة توماس جيفرسون والذي صرّح: إن الحقيقة تسود إذا ما سمح للناس بالاحتفاظ بآرائهم وحرية تصرفاتهم. بريشة بيلي، 1800.

الفيلسوف الإنكليزي جون لوك كتب في موضوع العلمانية: "من أجل الوصول إلى دين صحيح، ينبغي على الدولة أن تتسامح مع جميع أشكال الاعتقاد دينيًا أو فكريًا أو اجتماعيًا، ويجب أن تنشغل في الإدارة العملية وحكم المجتمع فقط، لا أن تُنهك نفسها في فرض هذا الاعتقاد ومنع ذلك التصرف. يجب أن تكون الدولة منفصلة عن الكنيسة، وألا يتدخل أي منهما في شؤون الآخر. هكذا يكون العصر هو عصر العقل، ولأول مرة في التاريخ البشري سيكون الناس أحراراً، وبالتالي قادرين على إدراك الحقيقة".[17]

تعريف مختصر للعلمانية يمكن إيضاحه بالتصريح التالي لثالث رؤساء الولايات المتحدة الإمريكية توماس جيفرسون، إذ صرّح: "إن الإكراه في مسائل الدين أو السلوك الاجتماعي هو خطيئة واستبداد، وإن الحقيقة تسود إذا ما سمح للناس بالاحتفاظ بآرائهم وحرية تصرفاتهم". تصريح جيفرسون جاء لوسائل الإعلام بعد أن استعمل حق النقض عام 1786 ضد اعتماد ولاية فيرجينيا للكنيسة الأنجليكانية كدين رسمي، وقد أصبح الأمر مكفولاً بقوة الدستور عام 1789 حين فصل الدين عن الدولة رسميًا فيما دعي «إعلان الحقوق». ويفسر عدد من النقاد ذلك بأن الأمم الحديثة لا يمكن أن تبني هويتها على أي من الخيارات الطائفية، أو تفضيل الشريحة الغالبة من رعاياها سواءً في التشريع أو في المناصب القيادية، فهذا يؤدي إلى تضعضع بنيانها القومي من ناحية، وتحولها إلى دولة تتخلف عن ركب التقدم بنتيجة قولبة الفكر بقالب الدين أو الأخلاق أو التقاليد.[18]

أول من ابتدع مصطلح العلمانية هو الكاتب البريطاني جورج هوليوك عام 1851، غير أنه لم يقم بصياغة عقائد معينة على العقائد التي كانت قد انتشرت ومنذ عصر التنوير في أوروبا؛ بل اكتفى فقط بتوصيف ما كان الفلاسفة قد صاغوه سابقًا وتخيله هوليوك، من نظام اجتماعي منفصل عن الدين غير أنه لا يقف ضده إذ صرح: "لا يمكن أن تفهم العلمانية بأنها ضد المسيحية هي فقط مستقلة عنها؛ ولا تقوم بفرض مبادئها وقيودها على من لا يود أن يلتزم بها. المعرفة العلمانية تهتم بهذه الحياة، وتسعى للتطور والرفاه في هذه الحياة، وتختبر نتائجها في هذه الحياة".[19] بناءً عليه، يمكن القول أن العلمانية ليست أيديولوجيا أو عقيدة بقدر ما هي طريقة للحكم، ترفض وضع الدين أو سواه كمرجع رئيسي للحياة السياسية والقانونية، وتتجه إلى الاهتمام بالأمور الحياتية للبشر بدلاً من الأمور الأخروية، أي الأمور المادية الملموسة بدلاً من الأمور الغيبية.

الدولة العلمانية

  دول تُعلن عن ديانة للدولة
  دول علمانية
  دول بدون معلومات واضحة

من المختلف عليه وضع تعريف واضح للدولة العلمانية؛ وفي الواقع فهو تعريف يشمل ثلاث جوانب أساسية، ويتداخل مع مفهوم دين الدولة أو الدين ذو الامتياز الخاص في دولة معينة. هناك بعض الدول تنصّ دساتيرها صراحة على هويتها العلمانية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية والهند وكندا. بعض الدول الأخرى، لم تذكر العلمانية في دساتيرها ولكنها لم تحدد دينًا للدولة، وتنصّ قوانينها على المساواة بين جميع المواطنين وعدم تفضيل أحد الأديان والسماح بحرية ممارسة المعتقد والشرائع الدينية، وإجراء تغيير في الدين بما فيه الإلحاد أو استحداث أديان جديدة بما يشكل صونًا لحقوق الإنسان وحقوق الأقليات الدينية،[20] وهي بالتالي تعتبر دولاً علمانية. هناك الشريحة الثالثة من الدول وتنصّ دساتيرها على دين الدولة معيّن كمصر وموناكو واليونان غير أن دساتيرها تحوي المبادئ العلمانية العامة، كالمساواة بين جميع مواطنيها وكفالة الحريات العامة، مع تقييد لهذه الحريات، يختلف حسب الدول ذاتها. في مالطا وهي دولة تتخذ المسيحية الكاثوليكية دينًا لها يعتبر الإجهاض محرمًا بقوة القانون، وذلك مراعاة للعقائد الكاثوليكية، ومع ذلك فإن نسب تقييد الحريات العامة في مالطا هو أقل بكثير مما هو عليه في دول أخرى كمصر حيث تعتبر الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ما أدى إلى قيود حول تغيير الدين أو بناء دور عبادة غير إسلامية إلى جانب تشريع تعدد الزوجات وغيرها من القضايا المرتبطة بقانون الأحوال الشخصية. المثل المصري ينطبق على عدد من الدول الأخرى، ما دفع بعض الباحثين لاجراء تعديلات اصطلاحية فأحلت "الدولة المدنية" بدلاً من "الدولة العلمانية" واقترح البعض "دولة مدنية بمرجعية دينية"، غير أن ذلك حسب رأي بعض الباحثين يفرغ مبادئ المساواة والحريات العامة من مضمونها ويحصرها في قالب معيّن ما يعني دولة دينية وإن بإطار مدني.[21] أما الدول الأقرب لنموذج مالطا فمن المتفق عليه وصفها دولاً علمانية، إلى جانب بعض التحفظات كعبارة "حياد الدولة تجاه الدين" بدلاً من "فصل الدولة عن الدين".

لا يزال النقاش يدور في الدولة المصنفة علمانيًا حول مدى الالتزام بفصل الدين عن الدولة؛ ففي فرنسا جدول العطل الرسمية مقتبس بأغلبه من الأعياد الكاثوليكية، وكذلك تقدم الدولة من أموال دافعي الضرائب تمويلاً للمدارس الدينية؛[22] أما في الهند وهي أيضًا دولة تنصّ على العلمانية الكاملة، تقدّم الدولة سنويًا إعانات للحجاج المسلمين وصل في عام 2007 إلى 47454 روبية عن كل حاج هندي.[23] أما دستور أستراليا وهي دولة علمانية رغم عدم ورود العبارة صراحة، يذكر في المادة السادسة عشر بعد المئة، على عدم تقييد أي حرية دينية أو ممارسة للشعائر الدينية أو تمييز بين معتنقي مختلف الأديان في مناصب الدولة والحياة العامة، ومع ذلك فإن الدستور ذاته يبدأ بعبارة " بتواضع، نعتمد على نعمة الله المتعالي"[24] (بالإنجليزية: Humble reliance on the blessing of Almighty God)، وسوى ذلك فإن الحكومة الأسترالية تدعم الصلاة المسيحية في المدارس الحكومية وتمول المدارس الدينية التي تعدّ القسس الجدد وكذلك رجال الدين. الحال كذلك في سويسرا وفي الولايات المتحدة الإمريكية، وإن بدرجات متفاوتة لا تشمل في جميع الظروف تقييد أي حرية دينية أو ممارسة للشعائر الدينية أو تمييز بين معتنقي مختلف الأديان في مناصب الدولة والحياة العامة فهي من المبادئ المشتركة بين جميع الدول المصنفة كعلمانية.

المجتمع العلماني

في دراسة الدين، تعتبر الديمقراطية الحديثة بشكل عام علمانية. يرجع هذا إلى حرية الدين شبه الكاملة (المعتقدات الدينية بشكل عام ليست معرضة لاعتماد قانوني أو اجتماعي) بالإضافة إلى انعدام سلطة رجال الدين على القرارات السياسية. على الرغم من ذلك، توصلت بعض الأبحاث التي قام بها مركز بيو للأبحاث أن الأمريكان يشعرون بالراحة أكثر مع لعب الدين لدور رئيسي في الحياة العامة، بينما في أوروبا نجد أن تأثير الكنيسة على الحياة العامة في تراجع مستمر.[25]

انشغل علم الاجتماع الحديث منذ ماكس فيبر بمشكلة السلطة في المجتمعات العلمانية مع وجود العلمنة كعملية اجتماعية أو تاريخية. يشمل علماء القرن العشرين الذين ساهمت أعمالهم في فهمنا لهذه الأمور كلا من كارل بيكر وكارل لوفيت وهانز بلومنبيرغ وماير هاوارد أبرامز وبيتر ل. بيرغر وبول بينيشو وغيرهم الكثير.[26]

أصبحت بعض المجتمعات علمانية أكثر كنتيجة لبعض العمليات الاجتماعية بدلا من كونها نتيجة أعمال حركات علمانية مخلصة. تُعرف هذه العملية باسم العلمنة.

زعم عالم الاجتماع بيتير ل. بيرغر أن العالم الحديث لا يمكن وصفه بعد الآن بأنه علماني أو بأنه يتحول نحو العلمانية بسرعة. بدلا من ذلك يمكننا وصفه على أنه جماعيّ.[27]

الأخلاق العلمانية

وصف جورج هوليوك العلمانية في كتابه المنشور في عام 1896 العلمانية الإنجليزية كما يلي:

علمانية العلمانية هي رمز الواجب المتعلق بهذه الحياة، والمؤسسة على اعتبارات بشرية خالصة، ومخصصة بشكل رئيسي لمن يعتبرون اللاهوت غير متكامل أو غير كاف أو لا يمكن الاعتماد عليه. هناك ثلاثة أسس للعلمانية: (1) تحسين هذه الحياة بطرق مادية. (2) أن العلم هو مصدر العناية البشرية المتاح. (3) أنه من الخير ان تفعل الخير. سواء كان هناك خير آخر أم لا، فإن خير الحياة الحالية هو الخير، ومن الخير أن نسعى وراء هذا الخير.[28] علمانية

أكد هوليوك على أن العلمانية والأخلاق العلمانية يجب ألا يهتما على الإطلاق بالتساؤلات الدينية (لأنها غير مرتبطة بها)، وبالتالي يجب التمييز بينها وبين الفكر الحر القوي والإلحاد. في ذلك الأمر اختلف هوليوك مع تشارلز برادلو مما أدى إلى انقسام الحركات العلمانية بين من يتفقون مع الحركات المناهضة للدين وأن النشاط غير ضروري أو مطلوب وبين من يرون أنه كذلك.

غالبا ما يوصف الجدال الأخلاقي المعاصر في الغرب بأنه "علماني". توصف أعمال بعض فلاسفة الأخلاق المشهورين أمثال ديريك بارفت وبيتر سينغر وحتى كل مجال الأخلاقية الحيوية المعاصرة بأنها علمانية بشكل كامل أو أنها غير دينية.[29][30][31][32]

على الرغم من تعدد وتنوع وجهات النظر الفلسفية للعلمانيين الأخلاقيين، إلا أنهم يتشاركون عموما في واحد أو أكثر من هذه المبادئ:

  • البشر من خلال قدرتهم على التعاطف، لديهم القدرة على تحديد أسس أخلاقية.
  • رفاهية الآخرين شأن رئيسي لصانع القرار الأخلاقي.
  • البشر من خلال المنطق و العقل، قادرون على استخلاص المبادىء المعيارية للسلوك.
  • قد يؤدي ذلك إلى سلوك أفضل من السلوك القائم على أساس النصوص الدينية. بدلا من ذلك، قد يؤدي هذا إلى الدعوة إلى نظام مختلط من المبادئ الأخلاقية والذي يتحصل على قبول مجموعة واسعة من الناس، سواء الدينية أو غير الدينية.
  • لدى البشر مسؤولية أخلاقية للتأكيد على المجتمعات والأفراد أن تتصرف على أساس هذه المبادئ الأخلاقية.

يُطبق العديد من هذه المبادئ في علم الأخلاق، ويُستخدم المنهج العلمي للإجابة على الأسئلة الأخلاقية.

دور رجال الدين

الدولة العلمانية هي ضد الثيوقراطية، وبالتالي تعتبر حكمًا مدنيا، وإن كان من الممكن وجود علمانية - عسكرية. ولا يحدد كون الدولة علمانية بدين الدولة بمقدار ما يحدده طبيعة دور رجال الدين في الدولة. الثيوقراطية كنظام حكم، هي حكم طبقة من رجال الدين إما نتيجة حق إلهي أو نتيجة «حفظ الشريعة» الإلهية، وتكون إما مباشرة عن طريق إدراتهم للدولة مباشرة، أو غير مباشر عن طريق الحق بتمرير أو الاعتراض على التشريع والإدارة. غالبًا، ما يشكل رجال الدين في الدول الغير علمانية طبقة أو هيئة ذات صلاحيات، وتكون "سلطة غير منتخبة، وربما وراثية، وغير كفوءة، بل ومطلقة غير مقيدة في الغالب، ووضع السلطة المطلقة في يد طبقة واحدة، مفسدة مطلقة".[33] يمكن وضع العديد من الأمثلة التاريخية حول التحالف بين السلطة ورجال الدين، ودفاع رجال الدين عن مصالحهم ومصالح الطبقة السياسية باسم الدين:[34]

كانت النساء تحت حكم طالبان مجبرات على ارتداء البرقع. فرض التدين على الآخرين بقوة الدولة يعتبر ثيوقراطية.
عرض على مجلس الفقهاء في إيران، وهي هيئة لها حق إسقاط أي مشروع يتعارض مع الشريعة الإسلامية، عام 1981 قانون إصلاحات للأراضي الزراعية، تضمن توزيعًا أكثر عدلاً، ونال دعم الخميني. لكن كثيرًا من الفقهاء في مجلس الأوصياء، كانت لديهم أملاك كبيرة، وتشريع كهذا يؤذي مصالحهم؛ وعندما قدّم لهم مشروع الإصلاحات مارسوا حقهم في الاعتراض عليه، بحجة مخالفة الشريعة وأسقطوه. قال الخميني، أن هذه القضية لا تغتفر، وستؤدي إلى عدم ثقة الأمة برجال الدين.

الأمر ذاته وجد بصيغة مختلفة في مصر قبل محمد علي، ولذلك فأول ما قام به محمد علي باشا حين بنى دولة مصر الحديثة، «تقليم أظفار» الطبقة الدينية.[35] الدكتور عبد الحي أحمد المنعم أستاذ الشريعة بجامعة إيموري يقول: "فرض أو تقرير الشريعة عبر القوة القسرية للدولة، ينفي طبيعتها الدينية، لأن المسلمين حينها سيرعون تطبيق شريعة الدولة، ولن ينجزوا بحرية ما يفرض عليهم كمسلمين"، في ذات البحث لا ينفي نعيم حق المسلمين في الاحتكام بقضايا الأحوال الشخصية كازواج والطلاق والإرث للشريعة، شرط أن يكون بحرية.[36]

أخيرًا، فإن نظرية السلطة هي التصادم الأبرز بين بعض الأجنحة الدينية والعلمانية، فمن منظور ديني "الله هو صاحب السلطة، وهو صاحب التشريع، فلابدّ من وجود هيئة تمثله وتعمل على الحفاظ على «الحق الإلهي» في الشرع"؛ هذه الفكرة تعتبر تأصيل فكرة الحكم الثيوقراطي في العصور الحديثة؛ وفي المقابل فإن أوساط دينية أخرى تعلّم أن "الله أوكل الإنسان الأرض ليسوسها ويتسلط عليها؛ فهذه الوكالة هي سلطة سياسة الأرض أي تنظيمها وإدراتها، وبوصفها سلطة تنظيم وإدارة فهي تشريع"،[37] وتعتبر الفكرة السابقة مسيحية أساسًا،[38] ومقبولة في أوساط أخرى. يمكن القول أن دور رجال الدين في المجتمع العلماني سوى دور الدين، هو إبداء الرأي أو قيادة جماعات ضغط، فرجل الدين يعمل في قلب المجتمع ولا يفرض نفسه عليه من فوق كسلطة، مع الحفاظ على ما تنصّ عليه وثيقة الحقوق.

علاقة العلمانية بالليبرالية والديمقراطية

العلمانية بمعنى أشمل قد تعني فصل الدين عن الممارسات (ومن ضمنها الحياة الشخصية) قد يكون هو الأكثر تميّزا من معارّفها بمعناها الضيق والذي يعني فصل الدين عن الدولة مع بعض مبادئ الليبرالية، حيث تذكر الموسوعة البريطانية ذلك المعنى ضمن الليبرالية [39].

من جهة اُخرى فإن الديمقراطية بمعناها الضيق وهو حكم الأغلبية بدون الاهتمام لحريات الأفراد وهو ما يدعى بالديمقراطية اللاليبرالية، فإنها بهذا المعنى لا تقتضي فصل الدين عن الدولة بالضرورة بل تعتمد على اختيار أغلبية الشعب التي قد تكون دينية كما يمكن أن تكون لادينية. لكن إذا أدخلنا حرية التعبير اللازمة لمنافسة عادلة للمعارضة السياسية في تعريف الديمقراطية فيستلزم ذلك فصل الدين عن الدولة بما يسمح بحرية الأفراد في التعبير بلا قيود دينية إذ بدون هذه الحرية لا يمكن للسياسيين والمفكرين العلمانيين أن يعبّروا عن آرائهم مما يخل بمبدأ الحرية الأساسية للدعاية الانتخابية التي يمكن أن تتضمن ما هو مخالف للدين.

كذلك فإن العلمانية بمعناها الضيق ليست الا جزءا من معنى الليبرالية فهي تفصل الدين فقط عن الدولة وهذا لا يكفي لضمان حرية وحقوق الأفراد بينما تفصل الليبرالية جميع المعتقدات الشمولية عن الدولة سواء كانت دينية أو غير دينية، ومن أمثلة انتهاك حريات وحقوق الأفراد لأسباب غير دينية: حكم ستالين في الاتحاد السوفيتي السابق، وحكم هتلر في ألمانيا النازية.

أما المعنى الأشمل للعلمانية المتمثل بفصل الدين عن الحياة والاهتمام بها على حساب الدين فهو واحد من الخيارات التي تتيحها الليبرالية لأفرادها كما تتيح لهم أيضاً الاهتمام بالدين على حساب الحياة إذا رغبوا ذلك بشرط عدم إرغام الأفراد على أي رأي معيّن بشأن الدين أو غيره.

مراحل العلمانية

مرّت العلمانية الشاملة بثلاث مراحل أساسية:

مرحلة التحديث

اتسمت هذه المرحلة بسيطرة الفكر النفعي على جوانب الحياة بصورة عامة، فلقد كانت الزيادة المطردة من الإنتاج هي الهدف النهائي من الوجود في الكون، ولذلك ظهرت الدولة القومية العلمانية في الداخل والاستعمار الأوروبي في الخارج لضمان تحقيق هذه الزيادة الإنتاجية. واستندت هذه المرحلة إلى رؤية فلسفية تؤمن بشكل مطلق بالمادية وتتبنى العلم والتكنولوجيا المنفصلين عن القيمة، وانعكس ذلك على توليد نظريات أخلاقيّة ومادية تدعو بشكل ما لتنميط الحياة، وتآكل المؤسسات الوسيطة مثل الأسرة.

مرحلة الحداثة

هي مرحلة انتقالية قصيرة استمرت فيها سيادة الفكر النفعي مع تزايد وتعمق آثاره على كافة أصعدة الحياة، فلقد واجهت الدولة القومية تحديات بظهور النزعات العرقية، وكذلك أصبحت حركيات السوق (الخالية من القيم) تهدد سيادة الدولة القومية، واستبدل الاستعمار العسكري بأشكال أخرى من الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي، واتجه السلوك العام نحو الاستهلاكية الشرهة.

مرحلة ما بعد الحداثة

في هذه المرحلة أصبح الاستهلاك هو الهدف النهائي من الوجود ومحركه الحرية واللهو والتملك، واتسعت معدلات العولمة لتتضخم مؤسسات الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية الدولية وتتحول القضايا العالمية من الاستعمار والتحرّر إلى قضايا المحافظة على البيئة والمساواة بين المرأة والرجل وبين الناس وحماية حقوق الإنسان ورعاية الحيوان وثورة المعلومات. من وجهة أخرى ضعفت في المجتمعات الصناعية المتقدمة مؤسسات اجتماعية صغيرة بطبعها مثل الأسرة، بسبب الأسهاب في مسالة المساوة بين الرجل والمرأة، وظهرت بجانبها أشكالاً أخرى للمعيشة العائلية مثل زواج الرجال أو زواج النساء، وزاد عدد النساء اللاتي يطلبن الطلاق فشاعت ظاهرة امرأة وطفل أو امرأتان وأطفال، كل ذلك مستنداً على خلفية من غياب الثوابت والمعايير الحاكمة لأخلاقيات المجتمع والتطور التكنولوجي الذي يتيح بدائل لم تكن موجودة من قبل ...

التفسير الأمريكي للعلمانية

يرى الكثير من الباحثين أن مفهوم العلمانية يتعرض للتفسير على نحوٍ خاطئ وبصورة متكررة في الولايات المتحدة.[40] كتب جاك بيرلينيربلو من جامعة جورجتاون مقالة عام 2012 على هافينغتون بوست حملت عنوان "العلمانية ليست إلحادا" وانتقد فيه قيام المعلقين من اليسار واليمين السياسي بوضع العلمانية على قدمِ المساواة وبشكلٍ اعتيادي مع أيديولجيات ينظر إليها معظم الرأي العام الأمريكي بسلبية على غرار الستالينية والنازية والاشتراكية، وما ترتب عليه من انتشار فكرة ارتباط العلمانية بالإلحاد. كما وانتقد المحافظين من اليمين لتروجيهم لهذه الفكرة الخاطئة في خطابهم السياسي والاجتماعي منذ سبعينيات القرن العشرين.[40]

العلمانية في الفلسفة السياسية لآخر القرن العشرين

نستطيع ملاحظة أن العديد من المؤسسات العلمانية تفضل تعريف العلمانية على أنها الأرضية المشتركة لكل مجموعات الحياة المتفاعلة فيما بينها سواء الدينية أو الملحدة، لكي تزدهر في مجتمع يكرم حرية التعبير والوعي. يُعتبر المجتمع العلماني الوطني أحد أهم هذه الأمثلة في المملكة المتحدة. يُعتبر ذلك فهم مشترك لما تعنيه العلمانية بين العديد من النشطاء في جميع أنحاء العالم. إلا أن العديد من الدارسين المسيحيين والسياسيين المحافظين يحاولون مقاطعة العلمانية أكثر من مرة، باعتبارها فرضية معادية للأديان وكمحاولة لدفع الدين خارج المجتمع واستبداله بالإلحاد أو فراغ من القيم والعدمية. أدى هذان الجانبان إلى خلق صعوبات في سير الحياة السياسية بخصوص هذا الموضوع. يبدو أن معظم المنظّرين السياسيين في الفلسفة بعد معلم جون رولس "نظرية العدالة" في 1971 وكتابه التالي الليبرالية السياسية (1993)، يبدو أنهم يفضلون استخدام المفهوم المدمج بدلا من استخدام العلمانية. وافق رولس على أن مصطلح العلمانية لا ينطبق:[41]

«ولكن ما هو الجدال العلماني؟ يعتقد البعض أن أي نقاش منعكس ونقدي، ويمكن للعامة فهمه كما أنه عقلاني، يعتقدون أنه علماني. على الرغم من ذلك، أحد السمات المحورية في الليبرالية السياسية هو أنها ترى كل هذه الجدالات بنفس الطريقة التي ترى بها الجدالات الدينية. تنتمي المفاهيم العلمانية والتبريرات من هذا النوع إلى الفلسفة الأولى والعقيدة الأخلاقية، وتسقط خارج نطاق السياسة.[41]»

إلا أن نظرية رولس الشبيهة برؤية هوليوك بخصوص ديمقراطية متسامحة والتي تعامل كل مجموعات الحياة المتفاعلة فيما بينها بمساواة. تمثلت فكرة رولس في أنه على كل شخص أن يشجع "الديمقراطية الدستورية العقلانية" مع "مبادئ التسامح". كان عمل رولس مؤثرا للغاية على الدارسين في الفلسفة السياسية، كما أن مصطلحه "الإجماع المتراكب" يسمح لعدة أجزاء أن تستبدل العلمانية. في المراجع عن الفلسفة السياسية الحديثة مثل مرجع كولن فاريلي "مقدمة في النظرية السياسية المعاصرة"، نجد أن مصطلح علمانية ليس مفهرسا حتى وفي المراجع التالية له نجد أنه موجود فقط في الهوامش. إلا أنه لا يوجد نقص في النقاش وتغطية الموضوع، لكنه يُطلق عليه الإجماع المتراكب أو الجماعية أو الثقافية المتعددة أو مصطلح آخر. في كتاب أوكسفورد في النظرية السياسية، نجد فصلا واحدا تحت عنوان "العلمانية السياسية" لراجيف بهارغافا. يغطي الفصل العلمانية في سياق عالمي ويبدأ بعبارة: "العلمانية هي عقيدة محاصرة".[42]

المؤسسات

غالبا ما يساند الإنسانيون جماعات مثل المجتمع العلماني الوطني في المملكة المتحدة وحملة الأمريكان المتحدون للعلمانية. في 2005، عقد المجتمع العلماني الوطني حفلا افتتاحيا لعلمانيّ العام. كانت الفائزة الأولى بالجائزة مريم نمازي من حزب العمال الاشتراكي في إيران ومن قنصلية المسلمين السابقين في بريطانيا[43] والتي تهدف إلى كسر الموانع التي تأتي مع ترك الإسلام والتصدي لقوانين الردة والإسلام السياسي. [44]

أحد الأحزاب النشطة في اسكتلندا هو المجتمع العلماني الاسكتلندي والذي يركز حاليا على دور الدين في التعليم. في 2013 قدم الحزب عريضة للبرلمان الاسكتلندي لتغيير قانون التعليم الاسكتلندي لعام 1980 حتى يكون على الأبوين أن يقوما بقرار إيجابي من أجل الرقابة الدينية.

أحد المنظمات العلمانية الأخرى هو التحالف العلماني من أجل أمريكا. يسعى الحزب إلى فصل الكنيسة عن الدولة بالإضافة إلى قبول وإدخال العلمانيين الأمريكيين في الحياة الأمريكية والسياسة العامة. في حين يرتبط التحالف العلماني من أجل أمريكا بالعديد من المنظمات الإنسانية العلمانية كما يدعمه العديد من الإنسانيين العلمانيين، إلا أن هناك مساندين له من غير الإنسانيين.

تعمل بعض المنظمات المحلية من أجل رفع وضع العلمانية في مجتمعاتها كما يميلون إلى تضمين العلمانيين والمفكرين الأحرار والملحدين واللا أدريين والإنسانيين تحت غطاء منظماتهم.

انظر أيضاً


المراجع

  1. ^ الناهي، هيثم؛ شريّ، هبة؛ حسنين، حياة. "مشروع المصطلحات الخاصة" (Document). ص. 206. {{استشهاد بوثيقة}}: استشهاد document يتطلب |publisher= (مساعدةالوسيط غير المعروف |journal= تم تجاهله (مساعدةالوسيط غير المعروف |url= تم تجاهله (مساعدة)، ويحتوي الاستشهاد على وسيط غير معروف وفارغ: |accessdate= (مساعدة)
  2. ^ علم - معاني وشروح وتحليلات لسان.نت- Lisaan.net نسخة محفوظة 09 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ "Declaration in Defense of Science and Secularism". Cfidc.org. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-24.
  4. ^ 1953-، Dryzek, John S.,؛ Bonnie.، Honig, (1 يناير 2009). The Oxford handbook of political theory. Oxford University Press. ص. 636. ISBN:9780199270033. OCLC:474737332. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط |last= يحوي أسماء رقمية (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link) صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link)
  5. ^ "Think Tank Will Promote Thinking" نسخة محفوظة 29 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ Cranach. "The three types of secularism". www.patheos.com (بالإنجليزية).
  7. ^ Secularism is neutrality towards all religion – including atheism - الغارديان، الخميس 7 يوليو 2011 نسخة محفوظة 29 ديسمبر 2011 على موقع واي باك مشين.
  8. ^ Kosmin, Barry A. "Contemporary Secularity and Secularism." Secularism & Secularity: Contemporary International Perspectives. Ed. Barry A. Kosmin and Ariela Keysar. Hartford, CT: Institute for the Study of Secularism in Society and Culture (ISSSC), 2007.
  9. ^ النّزعات الأصوليّة في اليّهوديّة والمسيحيّة والإسلام، كارين آرمسترونغ، دار الكلمة، دمشق 2005، ص.102
  10. ^ الموسوعة العربية العالمية. جزء (إ) فقرة (الإلحاد).
  11. ^ 1 العلمانية، الجمعية العالمية لمترجمي العربية، 28 نيسان 2011. نسخة محفوظة 25 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ العلمانية (بالإنجليزية)، الموسوعة البريطانية، 28 نيسان 2011. نسخة محفوظة 29 أبريل 2015 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ الكنيسة والعلم، جورج مينوا، دار الأهالي، دمشق 2005، ص.336
  14. ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.336-337
  15. ^ النزعات الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام، مرجع سابق، ص.39
  16. ^ النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.33
  17. ^ النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.90
  18. ^ النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.103
  19. ^ العلمانية (بالإنجليزية)، الموسوعة الكاثوليكية، 28 نيسان 2011.
  20. ^ Feldman, Noah (2005). Divided by God. Farrar, Straus and Giroux, pg. 14 ("[Legal secularists] claim that separating religion from the public, governmental sphere is necessary to ensure full inclusion of all citizens.")
  21. ^ الدولة المدنية والدولة العلمانية هل هناك فرق؟، اليوم السابع، 30 نيسان 2011. نسخة محفوظة 19 أبريل 2014 على موقع واي باك مشين.
  22. ^ المدارس الخاصة في فرنسا (بالإنجليزية)، مجلة جي-ستور، 30 نيسان 2011.
  23. ^ الدعم الجوي للحج في الهند (بالإنجليزية)، فاينينشال إكسبرس، 30 نيسان 2011. نسخة محفوظة 15 مايو 2013 على موقع واي باك مشين.
  24. ^ للاطلاع على نصوص الدستور الأسترالي انظر دستور كومنولث أستراليا (بالإنجليزية)، موقع البرلمان الأسترالي، 30 نيسان 2011. نسخة محفوظة 16 فبراير 2012 على موقع واي باك مشين.
  25. ^ "Secular Europe and Religious America: Implications for Transatlantic Relations". Pew Research Center. اطلع عليه بتاريخ 2018-07-04.
  26. ^ The Protestant Ethic and the Spirit of Capitalism, Max Weber, London, Routledge Classics, 2001, pp. 123–25.
  27. ^ Peter Berger and Ross Douthat, "Why Hasn't Religion Died Out?", 2015. The Veritas Forum, http://www.veritas.org/why-hasnt-religion-died-out/ Accessed on June 22, 2018.
  28. ^ Holyoake, G.J. (1896). p. 37.
  29. ^ Derek Parfit (1984). Reasons and persons. Oxford [Oxfordshire]: Clarendon Press. ISBN:0-19-824615-3. 0198246153{{inconsistent citations}}{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: postscript (link)
  30. ^ Brian Leiter, "Is "Secular Moral Theory" Really Relatively Young?, Leiter Reports: A Philosophy Blog, June 28, 2009.
  31. ^ Richard Dawkins, "When Religion Steps on Science's Turf: The Alleged Separation Between the Two Is Not So Tidy", Free Inquiry vol. 18, no. 2.
  32. ^ Solomon، D. (2005). "Christian Bioethics, Secular Bioethics, and the Claim to Cultural Authority". Christian Bioethics. ج. 11 ع. 3: 349–59. DOI:10.1080/13803600500501571. PMID:16423736.
  33. ^ مملكة الشيطان، مرجع سابق، ص.279
  34. ^ النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.348
  35. ^ النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.59
  36. ^ الإسلام والعلمانية، صوت العقل، 2 فبراير 2013. نسخة محفوظة 08 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
  37. ^ الإنسان والكون والتطور بين العلم والدين، هنري بولاد، دار المشرق، الطبعة الرابعة، بيروت 2008، ص.201
  38. ^ الشؤون الحديثة، رسالة عامة للبابا ليون الثالث عشر، 1891، بالنسخة الصادرة بالعربية عن حركة عدالة ومحبة، بيروت 1995، ص.83 فقرة. 7/ 1.
  39. ^ liberalism | politics | Britannica.com نسخة محفوظة 03 مايو 2015 على موقع واي باك مشين.
  40. ^ أ ب Jacques Berlinerblau (28 يوليو 2012). "Secularism Is Not Atheism". The Huffington Post. مؤرشف من الأصل في 2017-10-18. اطلع عليه بتاريخ 2013-05-27.
  41. ^ أ ب Inc.، Recorded Books, (1 يناير 2011). Political Liberalism : Expanded Edition. Columbia University Press. ص. 457. ISBN:9780231527538. OCLC:948824118. {{استشهاد بكتاب}}: |last= باسم عام (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link) صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link)
  42. ^ Will.، Kymlicka,. Contemporary political philosophy : an introduction. Oxford University Press. ISBN:9780198782742. OCLC:611694157.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link) صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link)
  43. ^ "Europe: New Groups Unite Those Who Renounce Islam". Radio Free Europe. 11 سبتمبر 2007.
  44. ^ Casciani، Dominic (21 يونيو 2007). "Ignore Islam, 'ex-Muslims' urge". BBC News.