التوراة في الإسلام: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:إصلاح رابط (1)
الفرق بين القران والتوراة في تفسير الايات\بداية تسرب التوارة للمسلمين
وسمان: تمت إضافة وسم nowiki تحرير مرئي
سطر 3: سطر 3:
= التوراة في الإسلام =
= التوراة في الإسلام =
'''[[التوراة]]''' هي اسم للكتاب الذي أنزله الله تعالى على نبيه [[موسى]] عليه السلام، ويُسمَّى عند أهل الكتاب [[أسفار موسى الخمسة|بأسفار موسى الخمسة]]. وكان إنزال التوراة على موسى عليه السلام بعد إهلاك الله [[فرعون|لفرعون]] وقومِه ونجاة [[بنو إسرائيل|بني إسرائيل]]، فقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [القصص:43]. وجاء في تفسير [[شمس الدين القرطبي|القرطبي]] لمعنى كلمة التوراة أنها الضياء والنور، لقوله تعالى:( وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ). والإيمان بالتوراة هو أصل من أصولِ الإيمان، ولا يصح إيمان العبد إلا بالإيمان بأن الله أنزل التوراة على موسى عليه السلام.
'''[[التوراة]]''' هي اسم للكتاب الذي أنزله الله تعالى على نبيه [[موسى]] عليه السلام، ويُسمَّى عند أهل الكتاب [[أسفار موسى الخمسة|بأسفار موسى الخمسة]]. وكان إنزال التوراة على موسى عليه السلام بعد إهلاك الله [[فرعون|لفرعون]] وقومِه ونجاة [[بنو إسرائيل|بني إسرائيل]]، فقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [القصص:43]. وجاء في تفسير [[شمس الدين القرطبي|القرطبي]] لمعنى كلمة التوراة أنها الضياء والنور، لقوله تعالى:( وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ). والإيمان بالتوراة هو أصل من أصولِ الإيمان، ولا يصح إيمان العبد إلا بالإيمان بأن الله أنزل التوراة على موسى عليه السلام.

=== تسرب الثقافة اليهودية إلى المسلمين ===
تسربت الثقافة اليهودية إلى المسلمين من طُرق أهمها: من دخل في الإسلام من اليهود، وخاصة مسلمة [[اليمن]]، [[كعب الأحبار|ككعب الأحبار]]، ووهب بن منبه وكذلك دخل في الإسلام من اليهود كثيرون، كان منهم بعض الصحابة والتابعين، ومنهم محدثون وقصاص وقُرَّاء، ومنهم أخباريون. أشهرهم " [[معمر بن المثنى|أبا عبيدة معمر بن المثنى]]".

قد تسرَّبت الثقافة اليهودية إلى من جاورهم من العرب، فقد جاء في الحديث عن [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]]:" كان هذا الحيُّ-من الأنصار- وهم أهل وثنٍ مع هذا الحيَّ من اليهود، وهم أهل كتاب، فكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم، وكانوا يقتدون بكثير من فعلهم"

وكان بعض المسلمين في العصور الأولى يطّلعون على الكتب الأخرى المنزّلة ويتلونها، وفي الحديث عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] قال: " كان أهل الكتاب يقرؤون من التوراة [[بنو إسرائيل|بالعبرانية]] ويفسرونها لأهل الإسلام بالعرببة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تصدقوا [[أهل الكتاب]] ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنّا بالذي أٌنزل إلينا وأُنزِل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحد".


== منزلة التوراة في الإسلام ==
== منزلة التوراة في الإسلام ==
سطر 24: سطر 31:
* رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةَ  وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴿6: الصف﴾
* رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةَ  وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴿6: الصف﴾
* مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴿5: الجمعة﴾
* مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴿5: الجمعة﴾

=== الفرق بين القرآن و<nowiki/>[[التوراة]] في تفسير بعض الآيات<ref>{{Cite book|title=ضحى الاسلام|publisher=مؤسسة اقرا للنشر والتوزيع|author1=احمد امين|place=ج1-ص 317}}</ref> ===
التوراة والقرآن يتفقان في إيراد بعض المسائل، وخاصة قصص الأنبياء، ولكن القرآن يقتصر على مواضع العِظة، ولا يتعرض لتفصيل جُزئيات المسائل، فهو لا يذكر تاريخ الوقائع ولا أسماء البلدان التي حصلت فيها، ولا أسماء الأشخاص الذين جرت على يدهم بعض الحوادث، إنما يتخير ما يمسُّ جوهر الموضوع وموضع العبرة مثال ذلك  قصة [[آدم]]، في [[سورة البقرة]]: { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجنّة وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (35ـ39). فالقرآن هنا لم يتعرض لمكان الجنة، ولا نوع الشجرة التي نُهي [[آدم]] عليه السلام عن الأكل منها، ولا بيّن الحيوان الذي تقّمّصه الشيطان، ولا تفصيل الحوار بين الله تعالى و<nowiki/>[[آدم]]، ولكن التوراة تعرَّضت لكل ذلك وأكثر منه، فأبانت إن الجنة في عَدَن شرقاً، وإن الشجرة التي نُهيا عنها كانت في وسط الجنة، وإنها [[شجرة الحياة (الكتاب المقدس)|شجرة الحياة]]، وإن الذي خاطب [[حواء]] هو الحية، وذكرت ما انتقم الله به من الحية التي أغوتهما بأن جعلها تسعى على بطنها وتأكل التراب، وانتقم من حواء بتعبها هي ونسلها في حبلها، فجاء المفسرون  للقرآن ينقلون عن مسلمة اليهود ما جاء في كتبهم ويضعونه شروحاً.


== التوراة في السنة ==
== التوراة في السنة ==
عن واثلة بن الأسقع- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  أُنزلت صُحف [[إبراهيم]] عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأُنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأُنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان ".[[السلسلة الصحيحة]] "(1575).
عن واثلة بن الأسقع- رضي الله عنه- أن [[محمد|رسول الله صلى الله عليه وسلم]] قال:  أُنزلت صُحف [[إبراهيم]] عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأُنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأُنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان ".[[السلسلة الصحيحة]] "(1575).


وقد أخبرنا الله عز وجل في كتابِه أن أهل الكتاب حرفوا التوراة والإنجيل وبدلوا كلام الله، فقال تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة: 75). وهذا التحريف يكون إما بتغيير اللفظ أو المعنى أوكلاهما. غير أن هذا التحريف لم يطل كل ما جاء في كتبهِم. ومما يدل على وجود أجزاء من التوراة لم يطلها التحريف حتى زمن الرسول، ما ورد عن ابن عمر أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ، فَقَالَ: ( مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى ؟) قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا، وَنُحَمِّلُهُمَا، وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا، قَالَ : ( فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )، فَجَاءُوا بِهَا فَقَرَؤوهَا حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ وَضَعَ الْفَتَى الَّذِي يَقْرَأُ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَقَرَأَ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا، وَمَا وَرَاءَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَدَه، فَرَفَعَهَا فَإِذَا تَحْتَهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرُجِمَا ". رواه البخاري (7543)، ومسلم (1699) - واللفظ له.
وقد أخبرنا الله عز وجل في كتابِه أن [[أهل الكتاب]] حرفوا التوراة والإنجيل وبدلوا كلام الله، فقال تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة: 75). وهذا التحريف يكون إما بتغيير اللفظ أو المعنى أوكلاهما. غير أن هذا التحريف لم يطل كل ما جاء في كتبهِم. ومما يدل على وجود أجزاء من التوراة لم يطلها التحريف حتى زمن الرسول، ما ورد عن ابن عمر أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ، فَقَالَ: ( مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى ؟) قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا، وَنُحَمِّلُهُمَا، وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا، قَالَ : ( فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )، فَجَاءُوا بِهَا فَقَرَؤوهَا حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ وَضَعَ الْفَتَى الَّذِي يَقْرَأُ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَقَرَأَ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا، وَمَا وَرَاءَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَدَه، فَرَفَعَهَا فَإِذَا تَحْتَهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرُجِمَا ". رواه البخاري (7543)، ومسلم (1699) - واللفظ له.


ومن نصارى العرب الذين أسلموا في عهد النبى، الجارود بن عمرو، وكان سيدًا في قومه بني عبد آلاف ورئيسًا فيهم، وكان يسكن البحرين، فقد وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع من الهجرة، وفرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بمقدمه، وقد كان صلبًا في إسلامه، وقد ثبت على الإسلام بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم- ومن تبعه من قومه، ولم يرتد مع من ارتدوا . [ابن عبد البر، في كتاب الاستيعاب 1/263، والإصابة 1-441 ].
ومن نصارى العرب الذين أسلموا في عهد النبى، الجارود بن عمرو، وكان سيدًا في قومه بني عبد آلاف ورئيسًا فيهم، وكان يسكن البحرين، فقد وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع من الهجرة، وفرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بمقدمه، وقد كان صلبًا في إسلامه، وقد ثبت على الإسلام بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم- ومن تبعه من قومه، ولم يرتد مع من ارتدوا . [ابن عبد البر، في كتاب الاستيعاب 1/263، والإصابة 1-441 ].

نسخة 21:55، 17 فبراير 2021

التوراة في الإسلام

التوراة هي اسم للكتاب الذي أنزله الله تعالى على نبيه موسى عليه السلام، ويُسمَّى عند أهل الكتاب بأسفار موسى الخمسة. وكان إنزال التوراة على موسى عليه السلام بعد إهلاك الله لفرعون وقومِه ونجاة بني إسرائيل، فقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [القصص:43]. وجاء في تفسير القرطبي لمعنى كلمة التوراة أنها الضياء والنور، لقوله تعالى:( وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ). والإيمان بالتوراة هو أصل من أصولِ الإيمان، ولا يصح إيمان العبد إلا بالإيمان بأن الله أنزل التوراة على موسى عليه السلام.

تسرب الثقافة اليهودية إلى المسلمين

تسربت الثقافة اليهودية إلى المسلمين من طُرق أهمها: من دخل في الإسلام من اليهود، وخاصة مسلمة اليمن، ككعب الأحبار، ووهب بن منبه وكذلك دخل في الإسلام من اليهود كثيرون، كان منهم بعض الصحابة والتابعين، ومنهم محدثون وقصاص وقُرَّاء، ومنهم أخباريون. أشهرهم " أبا عبيدة معمر بن المثنى".

قد تسرَّبت الثقافة اليهودية إلى من جاورهم من العرب، فقد جاء في الحديث عن ابن عباس:" كان هذا الحيُّ-من الأنصار- وهم أهل وثنٍ مع هذا الحيَّ من اليهود، وهم أهل كتاب، فكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم، وكانوا يقتدون بكثير من فعلهم"

وكان بعض المسلمين في العصور الأولى يطّلعون على الكتب الأخرى المنزّلة ويتلونها، وفي الحديث عن أبي هريرة قال: " كان أهل الكتاب يقرؤون من التوراة بالعبرانية ويفسرونها لأهل الإسلام بالعرببة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنّا بالذي أٌنزل إلينا وأُنزِل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحد".

منزلة التوراة في الإسلام

ومما يدل على عِظم منزلتها، أن الله خطها بيده كما ورد في حديث مُحاجَّة آدم موسى، عن أبى هريرة عن النبى أنه قال: احتجَّ آدمُ وموسَى عليهما السَّلامُ فقالَ لَه موسَى يا آدمُ أنتَ أبونا خيَّبتَنا وأخرجتَنا منَ الجنَّةِ بذنبِك فقالَ لَه آدمُ يا موسَى اصطفاكَ اللَّهُ بِكلامِه وخطَّ لَك التَّوراةَ بيدِه أتلومني علَى أمرٍ قدَّرَه اللَّهُ عليَّ قبلَ أن يخلقني بأربعينَ سنةً فحجَّ آدمُ موسَى فحجَّ آدمُ موسَى فحجَّ آدمُ موسَى ثلاثًا. أخرجه البخاري (6614)، ومسلم (2652)، وابن ماجه (80) واللفظ له.

التوراة في القرآن

وقد ورد ذِكر لفظ التوراة في القران 18 مرة.

  • نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴿3: آل عمران﴾
  • وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةَ  وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ۚ ﴿50: آل عمران﴾
  • يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةَ  وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿65: آل عمران﴾
  • حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةَ  ۗ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ ﴿93 :آل عمران﴾
  • وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةَ  فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ﴿43: المائدة﴾
  • إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ  فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ ﴿44: المائدة﴾
  • مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةَ  ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا ﴿46: المائدة﴾
  • وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا ﴿66 :المائدة﴾
  • لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ۗ ﴿68: المائدة﴾
  • الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ ﴿157: الأعراف﴾
  • اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ ﴿111 :التوبة﴾
  • وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةَ  ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ﴿29: الفتح﴾
  • رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةَ  وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴿6: الصف﴾
  • مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴿5: الجمعة﴾

الفرق بين القرآن والتوراة في تفسير بعض الآيات[1]

التوراة والقرآن يتفقان في إيراد بعض المسائل، وخاصة قصص الأنبياء، ولكن القرآن يقتصر على مواضع العِظة، ولا يتعرض لتفصيل جُزئيات المسائل، فهو لا يذكر تاريخ الوقائع ولا أسماء البلدان التي حصلت فيها، ولا أسماء الأشخاص الذين جرت على يدهم بعض الحوادث، إنما يتخير ما يمسُّ جوهر الموضوع وموضع العبرة مثال ذلك  قصة آدم، في سورة البقرة: { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجنّة وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (35ـ39). فالقرآن هنا لم يتعرض لمكان الجنة، ولا نوع الشجرة التي نُهي آدم عليه السلام عن الأكل منها، ولا بيّن الحيوان الذي تقّمّصه الشيطان، ولا تفصيل الحوار بين الله تعالى وآدم، ولكن التوراة تعرَّضت لكل ذلك وأكثر منه، فأبانت إن الجنة في عَدَن شرقاً، وإن الشجرة التي نُهيا عنها كانت في وسط الجنة، وإنها شجرة الحياة، وإن الذي خاطب حواء هو الحية، وذكرت ما انتقم الله به من الحية التي أغوتهما بأن جعلها تسعى على بطنها وتأكل التراب، وانتقم من حواء بتعبها هي ونسلها في حبلها، فجاء المفسرون  للقرآن ينقلون عن مسلمة اليهود ما جاء في كتبهم ويضعونه شروحاً.

التوراة في السنة

عن واثلة بن الأسقع- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  أُنزلت صُحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأُنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأُنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان ".السلسلة الصحيحة "(1575).

وقد أخبرنا الله عز وجل في كتابِه أن أهل الكتاب حرفوا التوراة والإنجيل وبدلوا كلام الله، فقال تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة: 75). وهذا التحريف يكون إما بتغيير اللفظ أو المعنى أوكلاهما. غير أن هذا التحريف لم يطل كل ما جاء في كتبهِم. ومما يدل على وجود أجزاء من التوراة لم يطلها التحريف حتى زمن الرسول، ما ورد عن ابن عمر أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ، فَقَالَ: ( مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى ؟) قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا، وَنُحَمِّلُهُمَا، وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا، قَالَ : ( فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )، فَجَاءُوا بِهَا فَقَرَؤوهَا حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ وَضَعَ الْفَتَى الَّذِي يَقْرَأُ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَقَرَأَ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا، وَمَا وَرَاءَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَدَه، فَرَفَعَهَا فَإِذَا تَحْتَهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرُجِمَا ". رواه البخاري (7543)، ومسلم (1699) - واللفظ له.

ومن نصارى العرب الذين أسلموا في عهد النبى، الجارود بن عمرو، وكان سيدًا في قومه بني عبد آلاف ورئيسًا فيهم، وكان يسكن البحرين، فقد وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع من الهجرة، وفرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بمقدمه، وقد كان صلبًا في إسلامه، وقد ثبت على الإسلام بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم- ومن تبعه من قومه، ولم يرتد مع من ارتدوا . [ابن عبد البر، في كتاب الاستيعاب 1/263، والإصابة 1-441 ].

تحريف التوراة

ومما لا شك فيه أن التوراة المتواجدة الآن قد دخلها التحريف بكل أنواعه سواء بزيادة أو نقصان أوتغيير المعنى، ومن الدليل على ذلك:

1- الإختلاف الواضح بين نسخ التوراة المتواجدة، فالتوراة الحالية ليست نسخة واحدة مُجمعًا عليها اليهود والنصارى، وإنما هي ثلاث نسخ مختلفة: التوراة العبرية، التوراة السامرية، التوراة اليونانية. وقد قال تعالى في محكم آياته: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا.

2- اشتمالها على سبِّ الأنبياء والطعن فيهم.

3- اشتمالها على إلحاق النقص بالله وتشبيهه بالمخلوقين، ومن ذلك قولهم : " إن الله تصارع مع يعقوب ليلة كاملة فصرعه يعقوب !. وقد ورد العديد من التناقضات في سفر التكوين.

4- الإختلاف مع الحقائق العلمية والتاريخية، ومن الكتب التي تناولت هذا الموضوع كتابان هما : " أصل الإنسان " و " التوراة والإنجيل والقرآن بمقياس العلم الحديث " للعالم الفرنسي الطبيب " موريس بوكاي " حيث أثبت وجود أخطاء علمية في التوراة والإنجيل، وأثبت في الوقت نفسه عدم تعارض القرآن مع العلم الحديث وحقائقه.[2]

مراجع

  1. ^ احمد امين. ضحى الاسلام. ج1-ص 317: مؤسسة اقرا للنشر والتوزيع.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: مكان (link)
  2. ^ "المبحث الثاني: نقد التوراة المحرفة وما يتبعها من الأسفار:". dorar.net. مؤرشف من الأصل في 2018-10-18. اطلع عليه بتاريخ 2020-12-05.