بهاء الله: الفرق بين النسختين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر 1: سطر 1:
{{رسالة توضيح|بهاء الله حسين علي نوري|النوري (توضيح)}}
{{رسالة توضيح|بهاء الله حسين علي نوري|النوري (توضيح)}}
[[ملف:Bahji.jpg|تصغير|يسار|مدخل ضريح بهاء الله قرب قصر البهجة في ضواحي عكا]]
[[ملف:Bahji.jpg|تصغير|يسار|مدخل ضريح بهاء الله قرب قصر البهجة في ضواحي عكا]]
'''الميرزا حسين علي نوري''' {{فارسية|ميرزا حسينعلى نورى}}، المعروف بلقب "بهاء الله" هو مؤسس البهائية. منذ ولادته في عام 1817م وحتى وفاته في عام 1892م، مرت حياته بمرحلتين يفصلهما نقطة تحول فارقة ومِفْصَلِيّة في حياته وتاريخ الإنسانية. فقد عاش في صباه وحتى بلوغه الثامنة والعشرين من عمره حياة النبلاء حيث كان يشغل أفراد أسرته مناصب سياسية مرموقة في الدولة؛ وبرغم ذلك لم يولِ أي اهتمام بالمناصب السياسية. وحين أعلن الباب دعوته بالبابية، آمن به وصار من أشهر مناصريه في نشر دعوته. بعد قيام السلطات في إيران بقتل الباب في عام 1852م بإيعاز من رجال الدين بدأت موجة جديدة من الاضطهاد الدموي للبابيين نتج عنها اعتقال بهاء الله ومصادرة كافة ممتلكاته، وصدرت الأوامر بحبسه مع عدد من البابيين في سجن "سياه جال" والذي كان يعتبر أسوء السجون في إيران. إلا أن هذا السجن شهد بداية الرسالة البهائية، حيث تُجمع المصادر البهائية على أن بهاء الله تلقى الوحي لأول مرة في وهو مقيد بالأغلال في "سياه جال" في عام 1853م.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=القرن البديع|تاريخ=2002|ناشر=دار النشر البهائية|مؤلف1=شوقي أفندي|لغة=العربية|مكان=البرازيل|عمل=https://reference.bahai.org/ar/t/se/GPB/gpb-1.html}}</ref> بعد شهور من السجن قامت السلطات الإيرانية بالتنسيق مع الإمبراطورية العثمانية لنفي بهاء الله وعائلته إلى بغداد والتي شهدت إعلانه العلني لدعوته بحديقة الرضوان في عام 1863م. وعقب إعلانه العلني لرسالته  نُفِي إلى اسطنبول ثم أدرنه بتركيا، ومنها إلى عكا في فلسطين حيث وافته المنية في عام 1892م.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=المباد ا رت البهائية للمجتمعات المحلية|مسار=https://books.google.com.eg/books?id=0x-ADwAAQBAJ&pg=PP1&lpg=PP1&dq=%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84+%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9+%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%84%D9%8A%D8%A9&source=bl&ots=eJnn6ersBr&sig=ACfU3U3YBqN_XkRfatI2UR4WadSu7eFgSg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjCp-v1iujvAhXTShUIHQjrBGUQ6AEwBHoECBQQAw#v=onepage&q=%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9%20%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%84%D9%8A%D8%A9&f=false|ناشر=Eddar Publishing House|تاريخ=2017-01-01|لغة=ar|مؤلف1=كمال|مؤلف2=الإخناوي|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20210411123242/https://books.google.com.eg/books?id=0x-ADwAAQBAJ&pg=PP1&lpg=PP1&dq=كمال+الاخناوي+المبادرات+البهائية+للمجتمعات+المحلية&source=bl&ots=eJnn6ersBr&sig=ACfU3U3YBqN_XkRfatI2UR4WadSu7eFgSg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjCp-v1iujvAhXTShUIHQjrBGUQ6AEwBHoECBQQAw|تاريخ أرشيف=2021-04-11}}</ref> تنص الكتابات البهائية على أن بهاء الله هو الموعود الذي بشر به الباب وكافة المرسلين من قبل. حمل بهاء الله رسالة جديدة من عند الله إلى البشر مناديا صراحة بمبدأ وحدة الجنس البشري، ومُعلناً تأسيس النظم البديع مؤكداً فيه على العهد والميثاق. فمن خلال آلاف من الآيات والرسائل والكتب التي نزلت من يراعه؛ وضع بهاء الله الخطوط الرئيسة لإطار عمل يهدف إلى تطور الحضارة العالمية ويأخذ بعين الاعتبار البعدين الروحي والمادي لحياة الانسان؛ ومن أجل ذلك تحمل السجن والتعذيب والنفي طيلة أربعين عاما".<ref>{{استشهاد ويب
'''الميرزا حسين علي نوري''' {{فارسية|ميرزا حسينعلى نورى}}، المعروف بلقب "بهاء الله" (12 نوفمبر 1817&nbsp;– 29 مايو 1892) هو مؤسس البهائية. منذ ولادته في عام 1817م وحتى وفاته في عام 1892م، مرت حياته بمرحلتين يفصلهما نقطة تحول فارقة ومِفْصَلِيّة في حياته وتاريخ الإنسانية. فقد عاش في صباه وحتى بلوغه الثامنة والعشرين من عمره حياة النبلاء حيث كان يشغل أفراد أسرته مناصب سياسية مرموقة في الدولة؛ وبرغم ذلك لم يولِ أي اهتمام بالمناصب السياسية. وحين أعلن الباب دعوته بالبابية، آمن به وصار من أشهر مناصريه في نشر دعوته. بعد قيام السلطات في إيران بقتل الباب في عام 1852م بإيعاز من رجال الدين بدأت موجة جديدة من الاضطهاد الدموي للبابيين نتج عنها اعتقال بهاء الله ومصادرة كافة ممتلكاته، وصدرت الأوامر بحبسه مع عدد من البابيين في سجن "سياه جال" والذي كان يعتبر أسوء السجون في إيران. إلا أن هذا السجن شهد بداية الرسالة البهائية، حيث تُجمع المصادر البهائية على أن بهاء الله تلقى الوحي لأول مرة في وهو مقيد بالأغلال في "سياه جال" في عام 1853م.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=القرن البديع|تاريخ=2002|ناشر=دار النشر البهائية|مؤلف1=شوقي أفندي|لغة=العربية|مكان=البرازيل|عمل=https://reference.bahai.org/ar/t/se/GPB/gpb-1.html}}</ref> بعد شهور من السجن قامت السلطات الإيرانية بالتنسيق مع الإمبراطورية العثمانية لنفي بهاء الله وعائلته إلى بغداد والتي شهدت إعلانه العلني لدعوته بحديقة الرضوان في عام 1863م. وعقب إعلانه العلني لرسالته  نُفِي إلى اسطنبول ثم أدرنه بتركيا، ومنها إلى عكا في فلسطين حيث وافته المنية في عام 1892م.<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=المباد ا رت البهائية للمجتمعات المحلية|مسار=https://books.google.com.eg/books?id=0x-ADwAAQBAJ&pg=PP1&lpg=PP1&dq=%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84+%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9+%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%84%D9%8A%D8%A9&source=bl&ots=eJnn6ersBr&sig=ACfU3U3YBqN_XkRfatI2UR4WadSu7eFgSg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjCp-v1iujvAhXTShUIHQjrBGUQ6AEwBHoECBQQAw#v=onepage&q=%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9%20%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%84%D9%8A%D8%A9&f=false|ناشر=Eddar Publishing House|تاريخ=2017-01-01|لغة=ar|مؤلف1=كمال|مؤلف2=الإخناوي|مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20210411123242/https://books.google.com.eg/books?id=0x-ADwAAQBAJ&pg=PP1&lpg=PP1&dq=كمال+الاخناوي+المبادرات+البهائية+للمجتمعات+المحلية&source=bl&ots=eJnn6ersBr&sig=ACfU3U3YBqN_XkRfatI2UR4WadSu7eFgSg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjCp-v1iujvAhXTShUIHQjrBGUQ6AEwBHoECBQQAw|تاريخ أرشيف=2021-04-11}}</ref> تنص الكتابات البهائية على أن بهاء الله هو الموعود الذي بشر به الباب وكافة المرسلين من قبل. حمل بهاء الله رسالة جديدة من عند الله إلى البشر مناديا صراحة بمبدأ وحدة الجنس البشري، ومُعلناً تأسيس النظم البديع مؤكداً فيه على العهد والميثاق. فمن خلال آلاف من الآيات والرسائل والكتب التي نزلت من يراعه؛ وضع بهاء الله الخطوط الرئيسة لإطار عمل يهدف إلى تطور الحضارة العالمية ويأخذ بعين الاعتبار البعدين الروحي والمادي لحياة الانسان؛ ومن أجل ذلك تحمل السجن والتعذيب والنفي طيلة أربعين عاما".<ref>{{استشهاد ويب
| مسار = https://www.bahai.org/ar/beliefs/bahaullah-covenant/
| مسار = https://www.bahai.org/ar/beliefs/bahaullah-covenant/
| عنوان = بهاء الله والميثاق الإلهي {{!}} ما يعتقد به البهائيون
| عنوان = بهاء الله والميثاق الإلهي {{!}} ما يعتقد به البهائيون

نسخة 00:35، 12 مايو 2021

مدخل ضريح بهاء الله قرب قصر البهجة في ضواحي عكا

الميرزا حسين علي نوري (بالفارسية: ميرزا حسينعلى نورى)، المعروف بلقب "بهاء الله" (12 نوفمبر 1817 – 29 مايو 1892) هو مؤسس البهائية. منذ ولادته في عام 1817م وحتى وفاته في عام 1892م، مرت حياته بمرحلتين يفصلهما نقطة تحول فارقة ومِفْصَلِيّة في حياته وتاريخ الإنسانية. فقد عاش في صباه وحتى بلوغه الثامنة والعشرين من عمره حياة النبلاء حيث كان يشغل أفراد أسرته مناصب سياسية مرموقة في الدولة؛ وبرغم ذلك لم يولِ أي اهتمام بالمناصب السياسية. وحين أعلن الباب دعوته بالبابية، آمن به وصار من أشهر مناصريه في نشر دعوته. بعد قيام السلطات في إيران بقتل الباب في عام 1852م بإيعاز من رجال الدين بدأت موجة جديدة من الاضطهاد الدموي للبابيين نتج عنها اعتقال بهاء الله ومصادرة كافة ممتلكاته، وصدرت الأوامر بحبسه مع عدد من البابيين في سجن "سياه جال" والذي كان يعتبر أسوء السجون في إيران. إلا أن هذا السجن شهد بداية الرسالة البهائية، حيث تُجمع المصادر البهائية على أن بهاء الله تلقى الوحي لأول مرة في وهو مقيد بالأغلال في "سياه جال" في عام 1853م.[1] بعد شهور من السجن قامت السلطات الإيرانية بالتنسيق مع الإمبراطورية العثمانية لنفي بهاء الله وعائلته إلى بغداد والتي شهدت إعلانه العلني لدعوته بحديقة الرضوان في عام 1863م. وعقب إعلانه العلني لرسالته  نُفِي إلى اسطنبول ثم أدرنه بتركيا، ومنها إلى عكا في فلسطين حيث وافته المنية في عام 1892م.[2] تنص الكتابات البهائية على أن بهاء الله هو الموعود الذي بشر به الباب وكافة المرسلين من قبل. حمل بهاء الله رسالة جديدة من عند الله إلى البشر مناديا صراحة بمبدأ وحدة الجنس البشري، ومُعلناً تأسيس النظم البديع مؤكداً فيه على العهد والميثاق. فمن خلال آلاف من الآيات والرسائل والكتب التي نزلت من يراعه؛ وضع بهاء الله الخطوط الرئيسة لإطار عمل يهدف إلى تطور الحضارة العالمية ويأخذ بعين الاعتبار البعدين الروحي والمادي لحياة الانسان؛ ومن أجل ذلك تحمل السجن والتعذيب والنفي طيلة أربعين عاما".[3]


النسب والعائلة

عباس بزرك والد حسين علي نوري

هو حسين علي بن عباس بزرگ ولد في طهران في 12 نوفمبر 1817 في منطقة تدعى "بوابة شمران". كان والده عباس بزرك يشغل منصبا مهما في وزارة المالية في الدولة القاجارية وأخوه الأكبر كان كاتبا في السفارة الروسية وزوج أخته الميرزا مجيد كان يعمل سكرتيرا للسفير الروسي في طهران.وكانت عائلته تملك أراض واسعة وعقارات متعدده في إقليم نور في مازندران وتتمتع بمكانة ثرية في المجتمع الفارسي في تلك الحقبة.

ملخص حياة حسين علي نوري

شغل أفراد أسرة حسين علي مناصب سياسية هامة في الدولة لعدة أجيال، فقد شغل والده الميرزا عباس منصب وزير الدولة لشئون منطقة مازندران. وشأن أولاد الأغنياء والنبلاء في ذلك العصر، لم يذهب بهاء الله إلى المدارس بل اكتفى بتلقي فنون الفروسية والخط ومبادئ القراءة في بيت والده(من دون تعليم نظامي).

وفي سن الثامنة والعشرين، آمن حسين علي بدعوة الباب في سنة 1844 م فور إطلاعه على بعض كتابات الباب التي أرسلها له مع أقرب مؤيديه ملا حسين بشروئي. وصار بهاء الله من أشهر أتباع الباب وأنصار دينه، وقام بنشر تعاليمه وخاصة في إقليم نور وكانت قد حمته مكانة أسرته وحسن سيرته من الاضطهاد نوعا ما خلال السنوات الأولى من إيمانه بدعوة الباب. ولعب بهاء الله دورا رئيسيا في انتشار دعوة الباب وخاصة خلال مؤتمر بدشت الذي يعتبر نقطة تحول هامة في تاريخ البابية لانه ثم من خلالها الإعلان عن استقلال الشريعة البابية عن الإسلام واعتبارها شريعة مستقلة بأحكامها ومبادئها. واتخذ حسين علي لنفسه خلال هذا المؤتمر لقب بهاء الله.

وبعد وفاة الباب استمر بهاء الله بترويج دعوة الباب وتمتع بمكانة قيادية خاصة بين البابيين. وفي سنة 1852 م قبض على بهاء الله وزج به في سجن سياه جال (النقرة السوداء) بعد محاولة فاشلة لاغتيال الشاه التي اتهم بهاء الله بالضلوع فيها. وقد لجأ بهاء الله إلى السفارة الروسية وبعد أن ألحّ ضباط الشاه على السفير الروسي قام الأخير بتسليمه إلى أعدائه ليساق إلى السجن ولم تحميه مكانته الاجتماعية من التعرض لشتى أنواع العذاب والاضطهاد حيث كان مكبلا بالسلاسل والأغلال عاري الرأس والقدمين وفي الطريق جرد من ملابسه وتعرض لإهانات العامة ورشق بالحجارة بعد ذلك. وعندما وصل سجنه ألقي في غرفة سفلية كانت خزانا لمياه أحد الحمامات العامة في المدينة. وفي خضّم هذه الأحداث والظروف، ووسط توقعات بهاء الله صدور حكم بإعدامه، قرر أن تكون بداية دعوته من ظلمات سجنه، التي قضى فيها ما لا يقل عن أربعة أشهر، ويذكر التاريخ البهائي أن بداية نزول الوحي على بهاء الله كانت خلال فترة وجوده في ذلك السجن ولو أنه لم يفصح بذلك إلا بعد مرور 10 سنوات.

بعدها اطلق سراحه دون محاكمة، صودرت ثروته وممتلكاته ونفي على الفور مبعدا من إيران، و كان الممثل الدبلوماسي للحكومة الروسية قد عرض على بهاء الله الحماية ووجّه له الدعوة لكي يلتجأ إلى المناطق التي تقع تحت نفوذ حكومته، لكن بهاء الله رفض العرض خشية أن يُفسر الأمر تفسيرا مشبوها ويعطي لدعوته صبغة سياسية واختار راضيا النفي للأراضي المجاورة في العراق والتي كانت تابعة آنذاك للحكومة العثمانية. وبدأ بهاء الله بهذا الإبعاد فترة من النفي والسجن والاضطهاد المرير دامت أربعين عاما. فمن بغداد إلى عزلة في كردستان العراق دفعته إلى ذلك ضغوطات تنافسية من اخيه غير الشقيق صبح أزل وذلك في العاشر من نسيان عام 1854 تاركا أهل بيته من وراءه مرتديا خرقة الزهاّد الخشنة مكتفيا بكشكول وغيار واحد مسمّيا نفسه الدرويش محمد .

ونتيجة ضغوط من الحكومة الإيرانية، نفي بهاء الله بعد ذلك مرة أخرى إلى إسطنبول وبعدها إلى مدينة أدرنة في القسم الأوروبي من تركيا وبقى هناك خمسة سنوات حبس بعدها في قلعة عكا في فلسطين. وكان حبسه ونفيه الذين داما طوال الأربعين سنة الأخيرة من حياته لغرض التخلص منه والحد من انتشار نفوذ دعوته. ويذكر التاريخ البهائي أن بهاء الله اعلن دعوته كصاحب رسالة مستقلة إلى بعض اتباعه في حديقة على ضفاف نهر دجلة سميت فيما بعد بـ "حديقة الرضوان" وكان ذلك قبل رحيله من بغداد.

رحلة البهاء حتى وفاته في عكا.

وأثناء وجود بهاء الله في مدينة ادرنة، زاد الخلاف بينه وبين اخيه غير الشقيق الملقب بــ صبح أزل الذي كان يصر على زعامته للحركة البابية حسب وصية الباب وانتهى هذا الخلاف بدعوة بهاء الله العلنية في 1866 بأنه هو الذي بشر الباب بقدومه بكنية "من يظهره الله" وموعود الظهورات التي سبقته. بعد ذلك وبتحريض من الحكومة الإيرانية، نفي صبح أزل مع اتباعه إلى جزيرة قبرص ونفي بهاء الله إلى سجن عكا.

جواز سفر بهاء الله عام-1853

كتب بهاء الله خلال الاربعين سنة التي قضاها في الحبس والنفي العدد الوفير من الكتب والرسائل باللغتين العربية والفارسية ومن كتبه المشهورة: الكتاب الأقدس الذي دون فيه أحكام الدين البهائي، وكتاب الإيقان وكتاب الوديان السبعة وكتاب الكلمات المكنونة وغيرها. وخلال إقامته في ادرنة سنة 1866 وكذلك بعدها خلال سجنه في قلعة عكا سنة 1868، أرسل بهاء الله عدة رسائل معنونة إلى ملوك وسلاطين ذلك العصر ولبابا الكنيسة الكاثوليكية ،أعلن لهم فيها عن مقامه ودعاهم فيها إلى نبذ الخلافات وإلى العمل من اجل وحدة العالم ومن اجل السلام. وكان من ضمن هؤلاء، السلطان عبد العزيز وناصر الدين شاه ملك إيران ونابليون الثالث والملكة فكتوريا ملكة بريطانيا وملك النمسا وقيصر روسيا وغيرهم.

وقرب نهاية حياته، تراخت صرامة الحبس وتطبيق احكام السلطان عبد العزيز شيئا فشيئا. ورغم أنه كان لايزال سجينا رسميا، فلقد سمح لبهاء الله ان يقضي آخر سنوات عمره في بيت واسع في إحدى ضواحي المدينة كان قد اشتراه ابنه عباس افندي "عبد البهاء". وأستمر بهاء الله في الكتابة في سنواته الأخيرة في هذا البيت الذي يسمى بـ "قصر البهجة". وزاره في هذا البيت المستشرق ي. ج. براون و وصف براون لقائه هذا مع بهاء الله في كتابه"مقالة سائح" (من مطبوعات جامعة كامبردج).

وعند وفاة بهاء الله في سنة 1892 دفن في إحدى الغرف في البيت المجاور لقصر البهجة، ويعتبر مرقده أحد الأماكن المقدسة التي يزورها العديد من الناس ويعتبر كذلك قبلة البهائيين في صلاتهم.

الإعلان العالمي

بعد إعلان بهاءالله عن الدين الجديد ونفيه إلى أدرنه بدأ بإعلان رسالته على نطاق عالمي. فمن سبتمبر 1867، بدأ في إرسال رسائل إلى رؤساء الدول وملوك ذلك الوقت وشخصيات سياسية ودينية مهمة. في هذه الرسائل، يتحدث بهاء الله عن بداية عصر جديد مُعلناً بكل جلاء عن مقامه. لقد حذر أولاً من أن النظام العالمي الحالي سيشهد العديد من الاضطرابات السياسية والاجتماعية. وفي رسائله، دعا بهاء الله الحكام المهيمنين على أمم أوروبا على وجه الخصوص لجعل السعي وراء وحدة العالم هدفهم الأساسي، ودعاهم إلى إنشاء مجلس عالمي لإنهاء الحروب، مؤكداً على أن السلام الدائم لا يمكن تحقيقه إلا من خلال العمل الجماعي. ووفقًا لرسائله، فقد سخر الله من أجل ذلك قوى استثنائية لا يمكن لأحد ايقافها، وفوض السلطة والمسؤولية لرؤساء الدول لتوحيد العالم وتحقيق العدالة الاجتماعية والسلام العالمي؛ وأشار أن الحكومات التي ستقاوم تحقيق هذا السلام ستُغرق نفسها والأمم الأخرى في هاوية الاندثار.[4]

بعد نفيه وسجنه في عكا، استأنف بهاء الله إرسال الرسائل إلى رؤساء الدول، والتي تأخرت لبعض الوقت بسبب نفيه من أدرنة. خلال هذه الفترة كتب رسائل إلى لويس نابليون إمبراطور فرنسا، فيكتوريا ملكة إنجلترا، الإسكندر الثاني، قيصر روسيا، ناصر الدين شاه قاجار ملك بلاد فارس، والسلطان عبد العزيز الخليفة العثماني.[5] بعض القادة الآخرين مثل الإمبراطور الألماني فيلهلم الأول، و فرانسوا جوزيف ملك النمسا والمجر، والرؤساء الأمريكيين، تم مخاطبتهم لاحقًا في الكتاب الأقدس.[6] دعا بهاء الله في هذه الرسائل قادة الدول إلى العمل معًا لإنشاء محكمة عدل دولية لتحقيق السلام وحل الخلافات بين الأمم. ويقول بهاء الله إن هذا المجلس العالمي يجب أن يدعمه جيش عالمي مكون من دول أعضاء للقيام بالتسوية السلمية للنزاعات الدولية.[7]

تتضمن الرسائل أيضًا إرشادات وآليات لخلق مفهوم الشعور بالانتماء إلى شعوب العالم نحو مجتمع مشترك. تتمثل إحدى هذه الآليات في اختيار أو إنشاء لغة (وخط كتابة) عالمية بحيث يمكن للأشخاص في مختلف البلدان التواصل مع أشخاص من أعراق وأمم أخرى، مع الحفاظ على هويتهم الثقافية. ومثال آخر من هذه الإرشادات هو نظام تعليم إلزامي إجباري وشامل من شأنه القضاء على الأمية، أو نظام دولي متساوٍ من الأوزان والمعايير وهو الذي سيخلق حوكمة عالمية في الاقتصاد. في عالم يسوده الأمن الجماعي، سيتم تخفيض الإنفاق العسكري والتسليح للدول بشكل كبير وسيتم إنفاق عائدات الضرائب على الرعاية الاجتماعية. كما دعت الرسائل رؤساء الدول إلى الالتزام بالمبادئ الأساسية للديمقراطية في شؤونهم الداخلية.[7]

كتب بهاء الله أيضًا رسائل مؤثرة إلى القادة الدينيين، بما في ذلك البابا بيوس التاسع، يحثهم فيها على التمعن في رسالته وتحري حقيقة دعوته، ونبذ الأفكار الدوغمائية والتعصب الديني، والقضاء على الطقوس غير الضرورية. كما حذرت الرسائل القادة الدينيين من أن الزعماء الدينيين كانوا في الأساس أول من ينكر ويضطهد الأنبياء والمرسلين. في رسالة وجهها إلى البابا التاسع، نصحه بهاء الله بالتنازل عن هيمنته على الدول الكنسية للحكومات الوطنية، والالتقاء بقادة غير الكاثوليك من قصر الفاتيكان المنعزل، ودعوة رؤساء الدول إلى السلام والعدل والتخلص من الطقوس الزائدة التي تجمعت حوله.[8] كما نصح القساوسة الكاثوليك بالتحرر من عزلة الكنائس والجماعات، والزواج والانخراط في خدمة المجتمع وما يفيدهم ويعود بالنفع على عموم الناس.[9]

كما كتب بهاء الله رسائل إلى بعض رجال الدين الإيرانيين البارزين. في هذه الرسائل، ألقى عليهم باللائمة في تهاوي الإسلام وأدانهم بشدة لقمعهم وقتلهم للبهائيين.[10] في رسالة إلى ناصر الدين شاه، طلب إعطائه الفرصة لإثبات حقيقة دعوته في حضور الشاه ورجال الدين.[11] تنص هذه الرسالة على أن العلماء أهملوا الأمور وبدلا من السعي في تقدم الأمة وازدهارها، انكب اهتمامهم على التشهير بالبابيين وقتلهم ونهب ممتلكاتهم.[12] في الرسالة نفسها دعا بهاء الله إلى العدالة والتسامح الديني وذكّر الملك أن عليه أن يطمح إلى ايجاد التعايش بين جميع الأديان في مملكته وتنعم بالعدالة. كما أكد للشاه أنه وفقًا لتعاليمه، يمتنع البهائيون عن أي شكل من أشكال العنف أو الفساد.[11] أعطى الشاه الرسالة إلى الملا علي كَني ورجال دين آخرين في طهران للرد. ترك رجال الدين الرسالة دون إجابة. أرسل الملا علي كَني  رسالة إلى رئيس الوزراء آنذاك، مستوفي الممالك، مفادها أنه لا يوجد لديه رد على الرسالة، وأن إجابته وأن إجابته مماثلة لما فعله الشاة بحامل الرسالة (تم قتل حامل الرسالة بعد تعذيبه لمدة ثلاثة أيام). وإذا كان لدى الشاه أي شكوك حول الإسلام، يجب على الملا علي كَني اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة شكوكه. ثم طلب كَني من الملك أن يطلب من السلطان العثماني أن يكون صارمًا للغاية مع بهاء الله وأن يغلق جميع سبل الاتصال به.[13]

وقد لاقت هذه الرسائل الاهتمام فيما بعد بسبب النبوءات الهامة الواردة فيها. فلويس نابليون أقوى حكام أوروبا في ذلك الوقت، تم بأنه سيطاح به وسيخسر أراضيه بسبب إساءة استخدام السلطة والنفاق والرياء، وبعد عامين هُزم في معركة سيدان، وأُسقِطت مملكته ونُفِي من وطنه، وتحولت الحكومة الفرنسية إلى جمهورية. بعد ذلك، تلقى الإمبراطور الألماني فيلهلم الأول الذي هزم نابليون، تحذيرًا مماثلاً. كما تم توجيه تحذيرات لقيصر روسيا وشاه إيران وفرانسوا جوزيف. وجه بهاءالله أوضح وأقوى إنذارات إلى المسؤولين العثمانيين حين كان معتقلا في سجون الدولة العثمانية، وأرسل رسائل بين عامي 1868 و 1869 إلى عالي باشا (المستشار) وفؤاد باشا (وزير الدولة). وتنبأ في هاتين الرسالتين بزوال كل منهما؛ فكانت الإطاحة بالسلطان عبد العزيز نفسه، وخسارته الأراضي الأوروبية بسبب إساءة استخدام السلطة المدنية وسوء الإدارة والقمع والمعاناة التي لحقت به وأتباعه.[11][14] وقد توفي الوزيران بعد ذلك بوقت قصير في عامي 1869 و 1871 بينما كانا لا يزالان في الخمسين من عمرهما. كما أُطيح بالسلطان عبد العزيز وانتحر أو قُتل عام 1876، وفي النهاية أدت الحرب العثمانية المأساوية مع روسيا بين عامي 1877 و 1878 إلى خسارة بعض الأراضي الأوروبية العثمانية.[11] كما أشار بهاء الله في الكتاب الأقدس إلى استبداد وعدم كفاءة الإمبراطورية العثمانية وسقوطها في المستقبل.[14][15]

التعاليم البهائية

التعاليم الاجتماعية

أكدت كتابات بهاء الله مراراً أن رسالته موجهة إلى جميع البشر، وأن الغرض من تعاليمه هو إعادة بناء العالم والنهوض بالإنسانية جمعاء. نادى بهاء الله صراحة بمبدأ وحدة الجنس البشري، وحث رؤساء الدول على العمل معًا لحل النزاعات القائمة وتحقيق السلام، والحفاظ عليه من خلال خلق الأمن الجماعي. كما دعا إلى اعتماد لغة وكتابة دولية من أجل تحقيق مجتمع عالمي موحد، وتعزيز نظام التعليم العام والإلزامي، وإنشاء عملة وقياس واحد. يؤكد بهاء الله في تعالميه على نبذ التعصبات الدينية والعرقية وتجنب القومية المتطرفة.[16][17] يذكر بهاء الله في كتاباته أن الرجل والمرأة متساويان عند الله ولا تفوق لأحدهما على الآخر.[18] تدعو تعاليمه بقوة إلى تحرير المرأة.[19] ويحظر العديد من الممارسات التمييزية ضد المرأة، مثل الزواج المؤقت، أو الزواج القسري، وزواج الفتيات تحت سن الخامسة عشر، والطلقات الثلاث [20] كما أن تركيزه على تعليم الفتيات هو مثال آخر على دعمه لتحسين وضع المرأة.[21]

المبادئ الأخلاقية

يوجه بهاءالله البهائيين إلى أن خير تعريف لرسالته هو التزامهم بحياة صالحة وسلوكهم سبل الأخلاق الحميدة [22] والفضائل الأخلاقية كالصدق والنزاهة والثقة والصبر واللطف وكرم الضيافة والإخلاص والحلم والتسامح والعدل والإيمان والإنصاف.[14] إنه يشجع أتباعه على التعايش السلمي مع الديانات الأخرى بالألفة والمحبّة.[22] كما حثهم على أن يكونوا مواطنين مثاليين في بلدهم وأن يكونوا أمناء ومخلصين عاملين بما تمليه عليهم ضمائرهم تجاه حكوماتهم. كما يحثهم على عدم التسبب في العنف والفساد بأي شكل من الأشكال،[22] ونبذ التشدد والتعصب والغطرسة والفتنة.[14] يشجعهم على بذل الجهود لخدمة الإنسانية.[22] يدين ويحرم جميع أشكال العنف الديني وخاصة القتال باسم الدين،[22] ويصف بالتفصيل دور الدين كرادع للجريمة وقوة للحفاظ على النظام الاجتماعي.[22] كما يحرم بهاء الله التنسك ، والتسول، والرهبنة، وطلب الغفران من غير الله، ويؤكد على ضرورة الانخراط في العمل والاشتغال بالحرف.[14]

تتابع الرسالات والوحي الإلهي

من خلال التأكيد على علو شأن الخالق سبحانه وتعالى عن الإدراك البشري، ينفي بهاء الله فكرة الحلول وتناسخ الأرواح، والإيمان بوحدة الوجود، ويعتبر أن الله هو ذات الغيب المنيع. وفي رؤية بهاء الله، جوهر الذات الإلهية لا تدركه العقول والابصار، ولا يمكن للبشرية أن تستدل عليه إلا من خلال مظاهر أمره (رسله وأنبيائه).[21] يتجلى الله في هذا العالم من خلال ظهور رسله تتراً في دورات لرسالات متعاقبة، ويكون مجيئهم وفقًا لقدرة الإنسان على الفهم والإدراك ومتطلبات ومقتضيات الزمان والمكان. فالأديان مترابطة مع بعضها كحلقات في سلسلة مترابطة؛ فهي عملية تعاقب الرسالات الآخذة في التطور. مع ظهور أي دين، يتم إحياء "الحقائق الأبدية" (المبادئ الروحية والأخلاقية) التي أغفلها أتباع الدين السابق مع مرور الوقت وتمسكهم الأعمى بالتقاليد. ومن هذا المنطلق ، يمكن تشبيه الظهور المتعاقب للأديان بقدوم الربيع، فمع قدوم كل ربيع يعم الوجود طاقة وحيوية جديدة مزدهرة لتحل محل برودة وموت الطبيعة في الشتاء السابق. في تعاليم بهاء الله، الحقائق الدينية نسبية وآخذة في التطور، مما يعني أن التعاليم الدينية تتغير من خلال الظهور المستمر للأديان بتعاقب يواكب العصر وتطور فهم الإنسان.[23] الغرض من ظهور المرسلين والأنبياء هو ظهور النعم والبركات الإلهية والرقي الروحي للإنسان من أجل سمو روحه وترقيها في هذا العالم وإعداده للعالم الآخر.[21]

للمرسلين والأنبياء في كتابات بهاءالله مقامان، فهم في مقام نفوس بشرية وفي مقام آخر نفوس مقدسة إلهية. ففي المنزلة المقدسة الإلهية، ونظرًا لأنهم جميعًا مظاهر إله واحد ويعكسون أسماءه وصفاته، فهم في الواقع متماثلون، أما في منزلتهم البشرية يتمتعون بشخصيات بشرية متباينة. [21]

العهد والميثاق

أسس بهاء الله مبدأ العهد والميثاق للحفاظ على وحدة المجتمع البهائي، ومنع التحزب والانقسام.[24] وفقًا لهذا المبدأ، حدد كيفية استمرار عملية الهداية ومن يخلفها من بعده، وتبيين وتفسير كتاباته بتعليمات جلية واضحة ومكتوبة.[25][26] وفقًا لهذا المبدأ، عهد بهاءالله بالهداية إلى ابنه الأرشد عبدالبهاء، ثم طبقًا لألواح ووصايا عبدالبهاء أُسندت هذه المسؤولية إلى شوقي أفندي، حفيد عبدالبهاء، وأخيراً، كما قرر بهاء الله ومن جاءوا بعده انتقال المسؤولية إلى بيت العدل الأعظم.[26] ألغى بهاء الله طبقة رجال الدين في الدين البهائي؛[14] وعهد بإدارة شؤون المجتمع إلى نظام يتألف من المؤسسات المنتخبة، على رأسها بيت العدل الأعظم، الذي يعمل على أساس اتخاذ القرار الجماعي والتشاور.[27] مبادئ هذا النظام مدونة في الكتابات البهائية؛ فقد سن أحكامه بهاء الله، ورسم معالمه عبد البهاء، ووضع تفاصيله موضع التنفيذ شوقي افندي؛ ويُعرف هذا النظام بأكمله بالنظم الإداري البديع.[27]

رأي المعاصرين في بهاء الله

  • كتب الأستاذ جاد عيد من أهالي عكا راثيا بهاء الله: «...فلا محاسن فضله تدرك، ولا مآثر عدله تعدّ، ولا فيوض مراحمه توصف، ولا غزارة مكارمه تحصر، ولا كرم أعراقه ككرم أعراق النّاس. فإنّ كلّ هذه الصّفات الّتي كان فيها آية الله في خلقه لم تكن لتفي بوصف بعثته الشّريفة، فهو الإمام المنفرد بصفاته، والحبر المتناهي بحسناته ومبرّاته، بل هو فوق ما يصف الواصفون وينعت النّاعتون...»
  • ومن رثاء نظمه الشيخ عبد الملك الشعبي:
لقد كان ربّ الفضل والعلم والتّقىوبحر النّدى والجود والحلم والمجد
ومصباح جود في الدّجى يهتدي بهبلى غاية الرّاجي وأكرم من يسدي
قد كان كهفًا للبرايـا كلّ مـنوافاه كان ينال ما يستنظر
قد كان شمس هدى وبدر فضائلومفاخر ومآثر لا تنكر
إمام قد حوى علمًا وفضلاًورشدًا منه قد ظهر البهاء
بتحقيق اليقين على صلاحوزهد لا يشوبهما رياء
يا إمام الهدى ونور البهـاءأيّ لفظ يفيك حقّ العزاء
ليت شعري من لي بلفظ نبيّفيه أرثي علامة الأنبياء
  • وقال شكيب أرسلان: «ومما لا جدال فيه أن البهاء وأولاده بمقامهم هذه المدة الطويلة بعكا أصبحوا بأشخاصهم معروفين لدى أهالي بلادنا المعرفة التامة، بحيث صفا جوهرهم عن أن تعتوره الجهالة، وامتنعت حقيقتهم عن أن تتلاعب بها حصائد الألسنة. أما البهاء فقد أجمع أهل عكا على أنه كان يقضي وقته معتزلا معتكفا، وأنه ما اطلع له أحد على سوء، ولا مظنة نقد، ولا مدعاة شبهة في أحواله الشّخصية كلها...»[28]
  • وكتب محمود خير الدين الحلبي، صاحب جريدتي وفاء العرب والشورى الدمشقيّتين: «...وانتقل حضرة بهاء الله إلى (البهجة) وواصل جهاده حتى أصبح كعبة الوراد من جميع الجهات. وبدأت الهبات ترد عليه بكثرة من الأتباع والمريدين. ومع ذلك فما كان يتجاوز حدود البساطة وكان ينفق على الفقراء والمساكين، ويقضي معظم أوقاته بالصلاة والعبادة...»[29]

انظر أيضًا

هامش

  1. ^ شوقي أفندي (2002). القرن البديع. البرازيل: دار النشر البهائية. {{استشهاد بكتاب}}: |عمل= تُجوهل (مساعدة) وروابط خارجية في |عمل= (مساعدة)
  2. ^ كمال؛ الإخناوي (1 يناير 2017). المباد ا رت البهائية للمجتمعات المحلية. Eddar Publishing House. مؤرشف من الأصل في 2021-04-11.
  3. ^ "بهاء الله والميثاق الإلهي | ما يعتقد به البهائيون". www.bahai.org. مؤرشف من الأصل في 2021-01-16. اطلع عليه بتاريخ 2021-04-05.
  4. ^ Hatcher، W.S.؛ Martin، J.D. (1998). The Baháʼí Faith: The Emerging Global Religion. San Francisco: Harper & Row. ص. 39–40. ISBN:0-87743-264-3. مؤرشف من الأصل في 2021-04-01. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط |ref=harv غير صالح (مساعدة)
  5. ^ Hatcher، W.S.؛ Martin، J.D. (1998). The Baháʼí Faith: The Emerging Global Religion. San Francisco: Harper & Row. ص. 43–44. ISBN:0-87743-264-3. مؤرشف من الأصل في 2021-04-01. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط |ref=harv غير صالح (مساعدة)
  6. ^ Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 28. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  7. ^ أ ب Hatcher، W.S.؛ Martin، J.D. (1998). The Baháʼí Faith: The Emerging Global Religion. San Francisco: Harper & Row. ص. 44. ISBN:0-87743-264-3. مؤرشف من الأصل في 2021-04-01. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط |ref=harv غير صالح (مساعدة)
  8. ^ Hatcher، W.S.؛ Martin، J.D. (1998). The Baháʼí Faith: The Emerging Global Religion. San Francisco: Harper & Row. ص. 44–45. ISBN:0-87743-264-3. مؤرشف من الأصل في 2021-04-01. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط |ref=harv غير صالح (مساعدة)
  9. ^ Hatcher، W.S.؛ Martin، J.D. (1998). The Baháʼí Faith: The Emerging Global Religion. San Francisco: Harper & Row. ص. 45. ISBN:0-87743-264-3. مؤرشف من الأصل في 2021-04-01. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط |ref=harv غير صالح (مساعدة)
  10. ^ Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 31. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  11. ^ أ ب ت ث Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 29. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  12. ^ Taherzadeh، A. (1976). The Revelation of Baháʼu'lláh, Volume 3: Akka the Early Years 1868-77. Oxford, UK: George Ronald. ص. 200. ISBN:0-85398-270-8. مؤرشف من الأصل في 2020-11-06.
  13. ^ Taherzadeh، A. (1976). The Revelation of Baháʼu'lláh, Volume 3: Akka the Early Years 1868-77. Oxford, UK: George Ronald. ص. 191. ISBN:0-85398-270-8. مؤرشف من الأصل في 2020-11-06.
  14. ^ أ ب ت ث ج ح A. Bausani (أغسطس 2011). "AQDAS". Encyclopædia Iranica. ج. Online. ص. 191–192. مؤرشف من الأصل في 2020-11-17. اطلع عليه بتاريخ 2020-10-29.{{استشهاد بموسوعة}}: صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link)
  15. ^ Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 212. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  16. ^ Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 32. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  17. ^ J. Cole (أغسطس 2011). "BAHAISM i. The Faith". Encyclopædia Iranica. ج. Online. ص. 438–446. مؤرشف من الأصل في 2021-03-04. اطلع عليه بتاريخ 2020-10-29.{{استشهاد بموسوعة}}: صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link)
  18. ^ Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 143. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  19. ^ Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 41. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  20. ^ Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 203. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  21. ^ أ ب ت ث Juan Cole (أغسطس 2011). "BAHĀʾ-ALLĀH". Encyclopædia Iranica. ج. Online. ص. 422–429. مؤرشف من الأصل في 2021-02-28. اطلع عليه بتاريخ 2020-10-29.{{استشهاد بموسوعة}}: صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link)
  22. ^ أ ب ت ث ج ح Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 33. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  23. ^ Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 108–109. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  24. ^ Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 110. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  25. ^ Saiedi، Nader (2000). Logos and Civilization - Spirit, History, and Order in the Writings of Baháʼu'lláh. USA: University Press of Maryland. ص. 247–250. ISBN:1-883053-60-9. OL:8685020M. مؤرشف من الأصل في 2018-03-03.
  26. ^ أ ب Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 110. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  27. ^ أ ب Smith، Peter (2008). An introduction to the Baha'i faith. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ص. 175–176. ISBN:9780521862516. مؤرشف من الأصل في 2020-11-05.
  28. ^ الأمير شكيب أرسلان، حاضر العالم الإسلامي، المجلد 2، الجزء 3 ص358.
  29. ^ محمود خير الدّين الحلبي، عشر سنوات حول العالم، الجزء 1، ص41، مطبعة ابن زيدون، دمشق، 1937

المراجع

  • Bahá’u’lláh; The King of Glory، Hassan Balyuzi، Oxford، George Ronald، 1980
  • "كتاب القرن البديع: من آثار قلم حضرة وليّ أمر الله شوقي ربّاني"، من منشورات دار النّشر البهائيّة في البرازيل، 1986 ترجمّة محمّد العزّاوي.
  • The Bahá’í Faith، The Emerging Global Religion، William Hatcher and Douglas Martin، Harper & Row Publishers، 2nd Edition 1997 ترجمه إلى العربيّة عبد الحسين فكري بعنوان "الدين البهائي: بحث ودراسة"، دار النّشر البهائيّة، البرازيل، 2002 م
  • Adib Taherzadeh، The Revelation of Bahá’u’lláh، George Ronald، Oxford، 1975

وصلات خارجية