سجل مرشح الإساءة

التفاصيل لمدخلة السجل 1٬458٬060

18:43، 4 أغسطس 2015: د.ابو ادم الأنساني (نقاش | مساهمات) أطلق المرشح 45; مؤديا الفعل "edit" في سوء استخدام السلطة. الأفعال المتخذة: وسم; وصف المرشح: كتابة تعليقات في المقالات (افحص)

التغييرات التي أجريت في التعديل

[[ملف:سوء استخدام السلطة|نعم px|تصغير|مركز|كتاب]]
'''''نص غليظ''''''''نص غليظ''''''''نص غليظ''[http://سوء%20استخدام%20السلطة سوء استخدام السلطة]
[[<ref>ملف:سوء استخدام السلطة|300px|تصغير|كتاب</ref>
==
== نص العنوان ==
== نص العنوان ==
*
# عنصر قائمة منقطة<nowiki><br />
نص غير منسق<big>نص كبير</big></nowiki>
==
]]
'''== نص العنوان ==
د.ابو لدم الأنساني

سوء استخدام السلطة



حقوق الاقتباس والدراما والتمثيل
ممنوحة – شرط إذن المؤلف
ط 2 / أيلول 2008
سوء استخدام السلطة

د.ابو ادم الأنساني




طبعة أولى
2009


المركز الثقافي للطباعة والنشر
The Cultural Center for Printing and Publishing C.C.P.P
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حلة/شارع الإمام علي (ع) /عمارة علي ط2

Mob: 07801168410
E-mail:ccpp_iraq@yahoo.com
E-mail:w_alsawaf@yahoo.com
1 /
د.ابو ادم الأنساني
سوء استخدام السلطة : د.ابو ادم الأنساني
المركز الثقافي للطباعة والنشر/ بابل ط1 2009
ص . 23 سم
م . و 1.
2 . أ . العنوان


المكتبة الوطنية ( الفهرسة أثناء النشر )
رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد لسنة 2009






ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حقوق الطباعة والنشر محفوظة للمؤلف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التنضيد الداخلي : نبيل الحسيني
تصميم الغــلاف : المركز الثقافي للطباعة والنشر
إشـــــــــــــراف : ولاء الصواف
تــوزيـــع: مكتبة الفرات في الحلة
( كلكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته )
حديث شريف



الإهداء


إلى الذين يحسنون استخدام السلطة
من المواطنين . . .
والحاكمين . . .
والشرطة . . .


ليت السماء تفتح مجدداً باب " النبوة "
بالانتخاب الحر !!
لتقدم للترشيح
مليون
نبي
عراقي !!




د. م أبو الأثير البابلي
تقديم
هذه نصوص هي عبارة عن خليط متجانس من قصة وشعر وخواطر وشطحات ورؤى فلسفية .. كوكتيل أدبي لعوالم سلطوية مختلفة ، تبدأ بالنفس وخطراتها والمجتمع ومظالمه ، وتنتهي إلى الملوك وسلطتها.. لكنها تتوحد جميعاً في السلطات على اختلاف أنواعها .
إذا تمعنت في نص ما فستجده لا محالة متصل من مكان ما بسلطة ما ، سوءا أو استخداماً ... من قريب أو من بعيد ...
سميتها " سوء استخدام السلطة " . وقد يتبادر لذهن البعض أنها بحث ، أو تقرير في حكم العبث الخطأ وكبائر شيخ الجاهلية الأخيرة صدام الذي أساء استخدام السلطة ...
نعم هي تضمنت الكثير من هذا ، وهو موضوعها الرئيس ، بيد أني لم أركز على الجرائم المعروفة من الموبقات السبع ، لأن الحديث كثر في هذا ، وبات واضحاً كالشمس ، وما أردت الخوض مع الخائضين لأنبري بنفسي عن أن أكون سباباً ، لا يعمل غير السب ، ولا يحسن غيره . خصوصاً وإني ما رأيت بعض الشاتمين بأحسن حالاً من المشتوم .
صدام ما جاء من عالم آخر ، إنما هو من هذه الدهماء الموغلة في البداوة والجاهلية والزيف ... و " كما تكونوا يُوَلّ عليكم " .
ولما ولى ( الملك صدام ) إلى الجحيم الأمريكي والخمس والخمسون من صنائعه ... أين الطيور التي على أشكالها وقع ، أو على " شكوله " وقعت !؟.. أليست هي مادة الإرهاب وحشوات مفخخاته الموتورة ؟
أنا لا أبكي كما يتباكى الناس على الدمار الكبير الذي حل بالبلد من جراء الحروب الكافرة والسياسات المجنونة .... هنا النفط والرافدان ، ورفات الأئمة .. المال وفير وفائض لنبني ، وننشئ ونعيد ... لكني أبكي على أمرين اثنين هما :
الزمن الذي ضاع . والإنسان الذي تدمر وعاد إلى أسفل سافلين .
الطامة الكبرى تكمن في الإنسان العراقي الذي تشوه وتعوق واندثر حضارياً ، بفعل سوء السلطة الدكتاتورية وطول زمنها ... ثم هجمت فجأة بعدها الحرية والديمقراطية الأمريكية بغير شروطها ومؤهلاتها ، فأساء الناس استخدامها بأكثر مما أساء العبثيون السلطة .. حتى أن كتابي القادم سأسميه " سوء استخدام الحرية " .
لا أصدق . لا أعقل . لا افهم ... ألا يكون خيراً كلهُ هذا الدفق الحضاري الذي اجتاحنا ، طوفان الحرية الذي ضربنا كالطلق على حين غِرة بعد العقود العجاف ، وحمل الفقر والعقر والقهر !!
أدت ( رجّة التدريب ) على الحرية – فيما يبدو – وجرعة ( التطور ) الزائدة الى تسمم حضاري وخبال اجتماعي ورجوعية في الشعب المتعب أصلاً ، فعاد القهقري الى القرون الوسطى ، وانبعثت البداوة الكامنة فيه والجاهلية الأولى .
هل قرأتم " ألف ليلة وليلة " ؟.. ربما عجبتم ، أو سخرتم من الصياد الذي وجد درة يتيمة في بطن سمكة !..
والحفار الذي عثر على كنز !
أو الحطاب الذي تزوج .. بنت الملك !
ما عادت تلك أساطير شهرزاد ...
إنما هي وقائع ليالي بغداد !!
" عربنجية " كانوا ... وَأضْحوا الآن مقاولين .. مليارديرية ! جوعية شبعوا !.. محدثي نعمة بطروا ... وما شكروا تجار ومقاولون .. كانوا ... " أولاد ناس " ... " حمايل " ... كاولية ! مُعمّمون ... تبين أنهم .. تجار مخدرات ... وترهات !! حملةُ دكتوراه !.... أميون ... لا يقرؤون ولا يكتبون ! مدججون .... " سباع " !.... انتهت إليهم مخازن سلاح الجيش !
قوادين .. سرسرية !... يبنون جوامع !.. يهدمون مصانع !! متزوجات ... وهن على ذمة آخرين !!
يافطات عريضة ، وأقلام طويلة .. وكُتل ... لمُخضرمي ولاء ! محجبات .. ملالي ، يقرأن على الحسين ... يدرن مواخير سرية !
فقراء .... أغناهم صدام !... يبجلوه !.. يعبدوه !!
مليارات تبني مدن ... وتهدم مدائن !... نهبت في جهالة " مداخل المدن " !
لوطيون ... ينادون بشطر المدارس المختلطة ! ... شرفاء جداً ، سماسرة يصيحون بحرقة : " وطن للبيع ... بكم أقول " !!!
من للفساد الإداري ... بعد الحواسم الكبرى !!
لجنة النزاهة .. من ينزهها في أمة تولت ؟ !
سيستبدل الله قوما غيرهم ... ثم لا يكونوا أمثالهم . ( )
الجميع يرتل قرآن العراق .
من كفر بالعراق ؟.. من أحرق العراق ؟!!
﴿ وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون  ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ﴾( )
هذه ليست توليفات شعرية للصورة ... واقعنا أدهى وأمر .
الطالحون أقوى وأكثر . وتأثيرهم أعلى وأنكر .
فلتكن سلاحنا الكلمة كالرصاص المنهمر . حقيقية مؤثرة تخترق القلب ، وتمر بالنفس ، وتتمشى في الروح ، لتستقر أخيراً في العقل ، حيث الراعي والرعية .
الكلمة " المؤدبة " التي نريد ؛ تلك التي ترضي فضول الشاعر ، وتحرك مشاعر الأديب . وتفسر مقاصد الفيلسوف . وتحرك طموح المصلح السياسي .
ولا نقف لدى هؤلاء الخاصة الكبار بعمق الإيماءة وتداخل المقاصد والسريالية النصيّة ، بل نَنْزِل بالسهل الممتنع الى لغة العامة المبسطة نخاطب بها الجمهور ، رغم الفهم المغلوط المؤدي إلى السخرية أحياناً .
والميزة الجيدة فيما حوت بعض نصوص هذا الكتاب ؛ أنها تحتمل أكثر من تأويل ، فيفهمها كل على قدر معرفته ويراها كلٌ من زاويته ... وربما تعددت الأفهام على قدر المفاهيم ... بل وتعاكست .
الظريف أن مقاطع من هذه النصوص تم نشرها في بعض صحف النظام البائد . وكنت ألجأ إلى الاستعارة والتشبيه والإغراق بالرمزية ، لأمر بأفكاري من بين قرني الثور !
متفاءل جداً أطل بكلماتي الحنونة اليوم على قومي الذين يسيئون استخدام السلطة مع أنفسهم وأهليهم وإخوانهم وعشيرتهم . فيجد العامي لدي ما يصلحه ، والعالم ما يطمئنه ، والناسي ما يذكره .
أما أهل السلطة والسياسة ، فلا آمنهم على رقبتي أن يقطعوها ، إلا كما أمِنْتُ عليها صاحبهم من قبل !!
ومتعوذاً صدرت كتابي بحديث النبي ( ص ) " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " ، ليقع على العلة ويشفيها ؛ في شموليته وآلية بناءه المعنوي واللفظي .... وما ينطق عن الهوى ، ليبعث صلى الله عليه وآله التفاؤل بمستقبل الشعب العراقي المتعبد لسنة رسول الله يتبعها ويحييها .
تدمير الإنسان العراقي
 حرب الجنون الثماني أتلفت الإنسان العراقي أرجعته إلى حيوانيته ...
جعلته حماراً وحشياً يأكل وينكح ويرفس وينطح ... ويحمل أسفار الكفر !
 أما سنين الحصار فقد هدمته متداعياً وبنته معوجاً .. إنما علمته :
- درس الجوع والعمل
- درس السفر والهجرة
- حقيقة صدام .
 أما مناة الثالثة الأخرى .....
فقد علمت العراقيين
" سوء استخدام الحرية "
* *
عندما يقسمون العالمين ...
الى .. مؤمنين ... وكافرين !!
... إنما يشوهون لون الإنسان .
* *
هذه الأكياس المعممة ... من سوس المقابر !
المحشوة حد الاكتضاض ... بمعلومات " إكسباير " !!
رفعت الى الفضاء بقدرة قادر !!!
لما يأخذ الجدل الطائفي مداه ... بين هراطقة السنة والشيعة .
تعود النِقم التأريخية ... بالشتائم الفضائية !!
يكفرون بدين الديمقراطية
.... يتدمر الإنسان !!

مقتطف بتصرف
عن كتاب
" صناعة دولة الإنسان "
تأليف
الدكتور مهند وديع
مواطن عراقي أمريكي
شعبٌ .. إحتيج لرأسه !!
لما غلب المنصور العباسي محمداً النفس الزكية وأخاه إبراهيم ، وقتلهم .. سيّر برؤوس الثوار إلى الأمصار . وكانت جثة إبراهيم قد غُيبت ولم يعثر عليها ، فقيل للمنصور إن هناك شخصاً علوياً في الحجاز يشبهه خلقاً . فأرسل المنصور من يأتيه برأسه !...
اعترض الإمام الصادق ( ع ) وكتب للمنصور مستفهماً . فكان الرد بعبارة مقتضبة هي " قد احتيج لرأسه " !!
كذلك تتحول المظلمة إلى مسخرة عندما يحولون البلد والشعب إلى ...
" حقل تجارب " !!
أو كرات قدم من رؤوس !
* *
" كما تكونوا .... يوَلَّ عليكم "
من توقيعات المنصور على صحيفة شكوى لأهل الكوفة من عاملهم أن يبدله ، " كما تكونوا .... يوَلَّ عليكم "
* *
كان الحجاز تابعاً للعراق في موازين السياسة الإسلامية على مر تاريخها ... ومن ملك المصرين البصرة والكوفة فكأنه ضم الحجاز إليه ، فبمجرد قطع الميرة تستسلم المدينة ومكة ... والرياض !!!
ترى ما موازين المعادلة اليوم ؟!
* *
عداوات الجيران المستحكمة ... محاقدات الأزمنة ..
ارتفعت الى مؤامرات التهجير ، والذبح على الهوية ...
كذلك ... يذبحون العراق ...
يهجروه ... الى أمريكا !!
محيطه العربي عبر التاريخ ؛ بداوة جاهلية .
غزوات نهب وسلب
وموجات استيطان متحرك سالب .
والترك والفرس ...
في سجال على الغنيمة .. والعرس
وبين العجم والروم .. والأعراب ، بلوة ابتلينا ..
ملينا ... انتهينا !!!


الإمام الونان
مؤرخ
سوء استخدام السلطة
" كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته "
حديث شريف
* *
الحمل الوديع ... صار ذئباً !!
أين هذا ؟... في عالم كليلة ودمنه ؟!
بل في ... جمهورية دكتاتوريا الديمقراطية الحرة الشعبية .
* *
قال جد جدودي :
" ابن آدم ، مكنهُ ، وانظر فِعاله "
وصارت مثلاً ....... عراقياً !
* *
بنت عمي ، قطة أليفة .
تزوجت ضابطاً صغيراً .
فصارت تراني ...
... جندياً حقيراً !
* *
رئيس وزراء النرويج .
سيق إلى المحاكمة ...
بتهمة ، " سوء استخدام السلطة "
شعبنا لا يصدق ذلك !
* *
كتب المطران حنا راميل في موعظته :
" نحن بحاجة ماسة لإنشاء محاكم من هذا النوع في بلدنا "
صاحوا به : كلا لا تخترف ..
فبلدنا سليم من الفساد .
* *
قرأت في صحف المريخ :
- وهذه أمور قد تحدث في غير كوكبنا الأرضي –
إن قاضي بالرمو ، وهو رجل من عامة الناس .
ألقى أقطاب الحكومة الإيطالية في قعر السجون ....
... بتهمة .... " الفساد " .
* *
اسمه الأول : " كليب بن كرامة " .
البسوه " صاية " وعباءة !
وأعطوه سيارة وحقيبة !
.. وبنوا له مضيفاً !
فصار : " الشيخ أسد الكريمي " !!!
* *
الدكتور " آصف بن برخِيا "
كان أستاذاً جامعياً .
فلما صار معاوناً للعميد .
أضحى ... جنرالاً عسكرياً !!
* *
لست شيوعياً أيها البائس .
أنت لا تؤمن بشيء .
في صدر المظاهرات ، يرفع اللافتات ... كان :
" تحيا الاشتراكية " .
ولما صار ..... " وزيراً " .
أصبح .... إقطاعياً !!
* *
فجاءة ... أصبحت زوجتي مليارديره .
كانت أول مشاريعها ؛
أن ... تجدد فراشها ....
........ تتزوج !
* *
لما دخلت عليه في مقر الفرقة الحزبية
كنت رافعاً ...... " الكِلفة "
فهو قريبي ... دمي ولحمي .
صرخ بي مزمجراً :
" قف عدل ، ضم مسبحتك " .
واعتدلت .... وأخذت تحية .
مع أنه لم يكن عسكرياً .
* *
نهبنا أربع مراوح من المدرسة .
أعطاني واحدة ، وأخذ ثلاثة !
ولما احتكمنا إلى ... " شيخ الحرامية "
أعطاه الحق !
لأن المسدس كان بيده .
.... وللفارس ضعف ما للراجل !!
* *
- الو ...
- هلو " كرَومي " ... هل تذكر تل النهر العتيق ؟1
- تأدب حقير .... أنا الآن مفوض شرطة .
- حجري لا زال دافئاً ....
- ... اليوم سأحبسك ، سأعدمك ...
* *
كان يلهب ظهره بالسياط القوية ويصيح :
- " دى ... لعن الله أباك صدام الحرامي المجرم " .
وينوء الحمار بحمل العربة الثقيل .
كانت محملة بأثاث دائرة الماء والمجاري !!
* *
قبل أن أتزوج امرأتي الثانية .
كنت أقرأ بتشديد ووعيد :
" على أن تعدلوا " .
وبعد الزواج ، رحت أرتل بصوت رخيم :
" ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " .
* *
قال آية الله محمود في خطبة الجمعة :
- " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته "
ليس اللوم على الملك وحاشيته .
الناس يفسدون المسؤولين .
هم يدفعونهم دفعاً ليسيئوا استخدام السلطة .
" الراشي والمرتشي في النار " .
...... صَهْ .... هذا دجال !!
* *
كومة الجحاجيح هذه تدخل على من ؟...
عقال على عقال ، وزبون فوقه صاية .
وكل في جيبه صرة ، أو لفة .
يدسها علناً ، أو سراً ، في جيب " رسول " .
" تدلل أبا سحر " ...
من أبا سحر هذا ؟!!
أوه ... كل شيء بيده ....
الأسمدة ، والبذور ، والمبيدات و .... وبرنامج الخطة التسويقية .
أنه " ... " وزير " هنا .
وليس مجرد ... ناظر زراعي !!
* *
يدبرها ... لا عليكم
ارتباطاته مباشرة بالكبار .
هي لهم كلها ....
هو ... مجرد سمسار .
كل شيء يكون " بالفلوس " ..... لا قوانين .
أخذنا معنا .... " خروف أقرن "
هدية حسب أصول الموضة .
أية أبهة !!.... صلوات !... كان بيته .
ليس لقمة خبز .. أنه " نائب مدير عام " .
جلسنا معه في صدر إيوانه العريض .
كان يتحدث عن ... " الفساد " و ... " سوء استخدام السلطة "
.... قبل أيام أحلْتُ معلمة إلى لجنة تحقيق . ثم فصلتها
تصوروا أنها تأخذ بيضاً ولبناً من الطلاب !!
وبانبهار قالوا : " عدلت وأنصفت ، بورك فيك " .
قال : " لقد خرقوا العادة بالرشاوي هؤلاء " المعلمين " .
قلت في سري ؛ بؤساء ليس بأيديهم سوى الطباشير " !!
وكنا نسمع صوت الخروف يمعمع ، ويصيح " باع " .
* *
كان إمام الحرامية يعظهم ويقول :
" كما تكونوا يَوَلَ عليكم " .
ونزل حاملاً حقيبته ذات القفل السري
ثم صاح : " من سرق حذائي " ؟!
وكانوا كلهم حفاة .
قال : " لا أبرئكم "
أنتم إذ لا تلبسوه ، فقد أكلتموه !!
* *
- الدفع نقداً .. وبالدولار .
عشرون ورقة لا تنقص .
بعد شهرين تستلم الوظيفة .
- ومن يضمن ؟
- عيب ... أو أنت أول واحد !.. مئات عينتهم قبلك .
- نريد الاطمئنان .. لا بد .
- يا عم أنا لست قليل ... كلمتي لا تُثْنى و لا تُثَنّى .
أنا اشتغل في لجنة النزاهة !

* *










تمت
كن فيكون ( )
في كانون مر عليه " المَلكْ " وهو يغسل الفجل في الشط ، ويرتعد قراً . قال يحييه ويدعوا الله ليعينه :
- " الله يساعدك " .
رد زاهقاً متبرماً ناقماً !
- " أين الله هذا ؟! ورجليَ قد مات إحساسي بهما من البرد .
- اشكر ربك يا رجل ليزيدك من فضله .
- إليك عني بحق الشيطان ، ماذا أعطاني لأشكره ؟!
- أعطاك القوة والصحة لتعمل .
- أما أنه أعطاها للجميع وفوقها ، فلماذا أنا . ما فرقي عن ذاك التاجر يرفل بحلل الخز ومقطعات الديباج ناعماً دافئاً ، وأنا ...... ارتجف من البرد .
- وأنت تريد أن تكون مثله .. ها ؟!
- لا يا عم ، أين نحن من هذا !... أنا أقول لربي ، بدل أن أكون في الماء محنياً تحت سياط البرد هكذا ، لو كان لي على الأقل دكان أبيع فيه الفجل ، أجلس فيه مرتاحاً كعبادهِ المحترمين بدل الذي أنا فيه .. لو
- كُن ........ فكان .
- ومر شهر ، وعاد الملَكْ ، بنفس الهيأة وذات الكلام لم يزد فيه ولم ينقص !
- " الله يساعدك "
- ( بتضجر ) الله لم يساعدني . الله دمرني ... هذه عيشة تقصر العمر ... هات الباقة ، وأرجع الشدة ، وهذه يريدها الزبون وتلك لا يريدها ، والفجل والناس أشكال وألوان ... أف ، أأنا أكون بياع فجل !؟ أسفاً ...
- كفى كفى لا تهتم ... ماذا تريد من ربك إذن أن تكون ؟
- أريد ؟!!... أيرضى الله العادل أن يكون صالح الحمال تاجر قماش . وأنا بائع فجل ... لو كنت على الأقل ... بزازاً ... لو .
- كن ....... فكان .
ومر عام وعاد الملك :
- الله يساعدك .
- أهذه مساعدة هذه ؟!.. لو علمت ما طلبتها من ربك ... سبحانه إذا أراد بعبد سوءاً جعله بزازاً ولذا رماني عليها ... أي ملل وصداع ، طيلة النهار ، هات الطول وقدّر الذراع ، وهذا قصير وهذا طويل والأنواع والأشكال والموديلات لا يحصيها الكومبيوتر ؛ كسطور وحرير ودولين وبوبلين وجرسي ونحسي وتعسي ومسميات أكثر من الهم على القلب ... والتجارة بائرة والقماش كاسد ... آه لو كنت كبعض تجار الجملة ، هؤلاء يفرضون بيع سلعهم بما يرغبون وهم مستريحون .
- كن ......... فيكون .
ومر عامان ؛.. وعاد الملك :
- الله يساعدك .
- أهلاً ، ماذا تريد ؟... شحاذ .... ها ، لقد ابتلينا بكم ، نهشكم هش الذباب ... أخرج عليك اللعنة .. الله يعطيك
- " وأما السائل فلا تنهر "
- يا أخي أنا سائل ، أنا شحاذ ، أنا مجدي ، ماذا لدي ؟... أترى علي أكثر من ثوب خلق ونعال ممزق ؟!
- " وأما بنعمة ربك فحدث " .
- أحدث بماذا يا " مثبور " ؟!.. أحدث بالمركب الذي غرق أم بالآخر الذي تأخر وانقطعت أخباره ، أم بحرق المخزن السادس عشر ، أم بأموالي المرهونة المجمدة لدى الأجانب ، أم ببضاعتي الكاسدة ، أم بشيب الذين خلفوني ... دعني في دردي ، تول عني ... يا ولد أعطه خمس فلوس لينصرف .
- دع خمستك لك وقل لي ماذا تريد أن تكون ؟
- " هادئاً بتبسط " آه .. أهو أنت ؟.. اجلس ، استرح . إن وجهك فليح وجالب للحظ ليس حظاً والسعد لي ... تعال .
- أنه ليس حظاً .... هذه إرادة إلهية .
- لا علينا.. سأتحفك بهدية ثمينة إذا ما نلت ما أصبوا إليه .
- وما ذاك ؟
- أريد أن أكون وزيراً للتموين والتجارة ، لكي أتمكن من تسيير مراكبي على هواي ، ودون رسوم ولا رسميات .
- كن ......... فيكون .
ومرت خمس سنين .... وعاد الملك .
دخل عليه ديوان وزارته بلا استئذان . وفاجأته بتحيته الشعبية البسيطة المعتادة :
- " الله يساعدك " .
- " منتفضاً كالملدوغ " ما هذا ؟.... من أين دخل هذا العلج الصعلوك .. من أنت يا هذا امسكه يا حرسي ... أين رجال الحماية ؟
... وأخذته السياط ...
- لماذا تسيء الأدب أيها الوقح ؟.. ما " الله يساعدك " هذه ؟! أأنت في سوق الخضار أم بحضرة وزير ... سلم على معاليه بتحية الأمراء ، لا بسلام السوقة .
- آ .. حسناً ، السلام عليك أيها الوزير .
وصفع الحرسي المَلَك على قفاه ، وصاح :
- أنحن أرضاً وقبل أعتابه الموقرة ، وقل له يا سيدي .
ولم يشأ الوزير أن يضيع المزيد من الوقت ، أو لعله عرفه ، فقال لجلوازه :
- ليقل ما يقول ويخلصني .. دعه يا حرسي ... ها ، قل ماذا تريد ؟
- سأقول ما في قلبك يا ... وزير .
- " بدهشة فرح " ماذا ... آه حسناً ، اخرج يا حرسي ، أخرج وأغلق الباب جيداً .
دعنا وحدنا .
- " بأسلوب مباشر " ها .. أراك غير قانع بالوزارة !
- " بتأفف " الوزارة ... اللعنة عليها . أنها وظيفة خدمية وليست سلطوية . لو كنت محافظاً لكانت سلطاتي أوسع وإمارتي أعظم ، وإحساسي بالسيادة أمتع .
- هي السلطة إذن .
- بالضبط ، أنت ذكي سريع الفهم .
- أتريد أن تكون متصرفاً عاماً ، أم رئيساً للوزراء ؟...
- لا لا ما هذه ، وأنت الحليم الرشيد . أريد أن أكون سلطاناً ملكاً .
كن ..... فيكون .
ومرت عشرة أعوام ...... وعاد المَلَكُ إلى الملكِ باللفظة البسيطة ذاتها :
" الله يساعدك "
- نعم ، ليساعدني ، فأنا في مسيس الحاجة لخدمات ربك هذا ، كي أدحر جيوش الممالك كلها ، وإذا ما انتصرت عليها فسوف أعينك ملكاً على إحداها ، قل لإلهك هذا القوي أن يزودني بقنابل ذرية ، وأخرى هيدروجينية ، أو نيوترونية – لا أعرف حتى أسماءها – يجب أن تطال أسلحتي كل شبر في الأرض . أريد صواريخ عابرة للقارات تحمل رؤوساً نووية وكيمياوية وجرثومية . أريدها أسلحة دمار شامل تعم الأخضر واليابس .. أريد أن أبيدهم عن بكرة أبيهم ، وأدمرهم تدميراً لأذرها قاعاً صفصفا لا بشر ولا شجر ولا مدر ..... وثم حبذا الإمارة على الحجارة ... كن ..... فيكون .
ومر يوم كمئة ألف سنة مما يعدّون .
وعاد الملك ، فوجد أن الأرض قد قامت قيامتها . وبحث عن صاحبه بين الأنقاض فوجده جالساً على عرش كجبل من الرعب ، يحف به الجند والخدم .
فقال له كالعادة عبارته المعهودة :
- الله يساعدك .
- فأنتفض مزمجراً وصاح :
- الله ؟!.. من " الله " هذا ؟ ويساعد من ؟... أنا ؟!!
- الله ربك .
- صه ... بل أنا ربه ورب هذه البقية من الناس والحجارة وكل من نازعني الربوبية سأقصمه قصم جبار مقتدر . ولقد بلغني أن " إلهك " هذا مغتر بقوته وجند لديه يسميهم " ملائكة " . ومعتصم في أحد السموات .
أنا أيضاً حففت عرشي بملائكتي الغلاظ الشداد ، وملأت السماء حرساً شديداً وشهباً . إن مخابراتي وعيوني على دراية تامة بجحْر اختباءه . أنه يعتصم الآن ، عاصياً ربه أنا في السماء رقم ( 7 ) ، ولكني بالغها وفاتحها بعوني أنا الرب .... قل كن فيكون .
لكن الملك قال هذه المرة .
- عد ......... فعاد .
فإذا هو على شريعة النهر بالماء . يغسل فجلاً ، ويرتعد قراً .


تمت
هَيكلُ الجَماجم ( )

قال صديقي : أرأيتَ رأساً صار سُلمّه ؟!
وكنت في كل نادٍ ، أسبُ الحكومة الظالمة .
و " نعمة أمن " يسطر الجماجم تحت رجليه بحكمة .
وفي كل يوم يرتفع .... جمجمة ..
وليبلغ السطح ؛ رأس واحد بات يلزمه .
باغته في داره ..... وبلا أدنى كلمة .
أعطيته من رأسي المطلوب ، نطحة معُلمَّة .
رمت به من فوق المجرمة !!





تمت
جُثّة عملاق ( )

متعب ، متعب أنا جداً ، وطريقي طويل ...
فلا تقولي : " خذني معك " .
لا متسع في قافلة زمني
فأنا مسكون باكتضاض ...
أنا كوكب مأهول بمخلوقات ... لا تأكل ... لا تشرب
لا تتنفس ... لا تنام
تفكر ..
أنا مجنون مخبول .
لن أكون لك وحدك .
في الليل أناجي جنياتي ، وأغازلهن .
أي بعل ، بغل ، غيري ... أفضل .
دعك من صحبتي القاسية الجائرة .
والأخطر ... انك لا تعرفين ما أريد .
وأنا بعد ، لم أحدد ما أكون .
أنا سائر صوب الشمس .... متعلق بخيوطها .
علهّا تقبلني كوكباً أدور في فلكها .
وربما تلألأت نجماً ملتهباً مثلها .
... وربما وجدت لي شهاباً رصداً ...
فتناثرت شهباً ونيازك ... سأحرق ، واحترق .
وأعلو وأرتفع .
قد أكون وزيراً للشؤون الإسلامية ... لديه مزرعة خنازير !
أو رئيس دولة ديمقراطية اشتراكية ...
يمتلك مؤسسة للإعلان ..
وثلاث شركات سينمائية ..
وخمس مطارات ... وعشر طائرات ..
وجزيرة في المحيط ..... و و و ..
أو ممثلاً لا يجد عملاً ... بسبب أزمة النصوص ..
وقائمة الممنوعات ..
أو كاتباً ذو اهتمامات تجارية
لا رأسمال له سوى قلمه ...
يضطر الى بيعه بعدما يفلس .
أو داعياً .... يخرج على الناس بسيفه .
أو رقاعاً حافياً !..
أو شحاذاً عليقته " قديفة " !.. فيها قذيفة !!
أو راعياً لأغنام الملك !..
أو مكارياً معَوقاً !..
وقد أترك كل هذا ، وأدعو مخلصاً إلى ...... " وحدة الأدَيان " .
وأخوض عميقاً في الجدليات والأفضليات ...
وقد انتهي أن أصلب منكوساً كأي زنريق ...
بتهمة " الهرطقة " أو " إدعاء النبوة " ..
ولن ينمو لي كرش ولا لغاديد
لأني لا يمكن أن اشتغل ... " قصاباً " .
وسترين أني لا أمل من عد وحساب النجوم .
ولكني لا يمكن أن أكون منجماً .
وقد أفر في آخر الليل .
وتفزين مرعوبة تتحسسين دفء مكاني .
سأغيب طويلاً .... فهل ستنتظريني .
قد أعود لك فيلاً له ثلاثة آذان .. وست قرون .
لا تفزعي مني ، ولا تخافي . فأنا باق على وداعتي وظرفي .
.... وربما عدت أجدعاً أجَمْ ، مقطوع الأنف .
أخيراً ، ربما حفرت لنفسي قبراً .
وطلبت منك أن تهيلي عليّ التراب .
" رحم الله من أهال التراب ... "
ولكن الثابت يقيناً : .....
أن جثتي ...... لن تتعفن
تمت
أوكسير الملوك ( )

السلطة... التنور
العين الحور ... في القبور .. لأهل الجور !
المروحة تدور
ورأسي يدور
والناعور يدور
والإجرام في كل فلك يدور .
يعني هذا ؛ أن الدوران ناموس الوجود .
" والأيام " – فيما كنا نعلم – أكثر الموجودات دوراناً .
يخيل لي أن دولابها مربوط إلى محرك أسطوري . يقع في مجرة ما .
قوته الحصانية مئة ألف شمس .
أنه يسحق الممالك ، ويحطم الملوك .
ممارساً سلطة العدل المطلق
رغم أنه كسول وبطيء ...
* *
في عصر السرعة والحضارة .
صعد الناس إلى القمر
وركبوا متن الريح الهوج .
وسبقوا المرض باللقاح .
وأمطروا السماء غصباً عنها .
واحبلوا العاقر من خصي .
وهم قادرون على أن يقيموا القيامة في الأرض أنّا شاؤوا .
ولم يعد إلا له يحتكر لنفسه علم الساعة .
وجبابرة ألأرض يتحدّون جبار السموات أن يقصمهم
وذلك بفضل الاختراع العلمي المدهش " أوكسير الملوك " .
أنه عبارة عن رحل الكتروني يشد على ظهر الأيام .
ليركبها الملك كما يركب فرسه المطهّمة .
ويمسك باللجام ليدير " جواده الأيامى " أنا شاء .
وفي الرحل آلة تقيس سرعة الأيام .
ونبضها ... وتقلباتها ... وأجواءها .
وهناك جهاز لتسريعها . وآخر لتوقيفها .
وثالث لجعلها تدور في فراغ .
هنيئاً لملوكنا في عصر العلم والحضارة .
لقد خرجوا من دائرة الأيام .
وأصبحوا فوق دولابها قاهرون .
لتخضع الأيام لسلطانهم .
على عكس حكمة التاريخ ...
والله القابع في عرشه القديم
يتقبل جائزة الأوكسير الملكية
موقعاً بالخلود
وهو يتسلم أوراق الاعتماد .






تمت
مقطع طولي من جسد كلمة( )

أخوف ما يريبني في هذه الدنيا هو الجنون .
وأنا – إن لبثت – آيل إلى الجنون لا ريب .
ليتني كنت حائطاً ، صندوقاً ، جاموسة !!
الأفضل أن أصير هواءاً ، خواءاً هباءاً ...
ولقد صرت كذلك ، بعد أن تعطلت حواسي كلها .
لا افعل ، لا أقول ، لا أتمنى ...
قد قطعوا يدي ولساني وخيالي ...
لقد امتاحوا ماء بئري حتى الثمالة .
والقعر لا تبلغه رواشن دلوي .
ليس ثمة ماء للكلام " وجعلنا من الماء كل شيء حي " ..
ثمة رواسب من جثث وعظام ، ورماد ، وصديد .
موت ... موت .. مقبرة جماعية للألفاظ المفرومة مع الألسن ...
كلمات خاوية متكسرة ، ما أن يمسها القلم حتى تتهشم ، تتفتت ..
لا تعني شيئاً ... وربما تعني نقيضة .
ولكني أبقى أقولها ، أكررها ، أعلكها علكاً ...
أعمل منها .... لادناً للمومسات .
أو لجاماً للخيل الأصلية .
أو تصاميم للإعلانات الكاذبة .
واسمع الصرير ، فأغمض عيني ، وأصم أذني .
لكني أبقى أكتب .. وأكتب ؛
بطاقات يانصيب للمحظوظين .
وذكريات للعاشقين .
وآيات للمؤمنين ...... وللملحدين !..
ثم أشير بسهام على المخطط المسلوخ :
هذه فراشة . وذا مطر . وذلك ثور . وأولئك " شعراء " وتلك قنبلة .. وهذا كتاب وذينك راقصات ..
والدنيا ربيع
غير أن الزوابع المتربة لا تهدأ .
والجو يرفل بحلل ربيعية من قر وقيظ !...
والناس يرقصون في الحر والبرد .
ساخترف مثلهم من هجر الحمى .
وأهذي عن السيف شعراً .
..... على مائدة الخمر .
هل رأى السيف سكارى يحملوه ؟!
ليت شعري ، أين منهم خالد أو صعصعة ؟!
وبعيداً أو قريباً ، كنت أنظر عنترة .
جاء يسري كالسحاب المدلهم .
وتقفاه بسيفه فأنشطر .
وتنحى عنه مفلوقاً تداعي فرقتين .
كل فرق كان كالطود العظيم .
أنه كان يحاكي قولتي ...
أو فعلتي ...
أو مهجتي ...
أو كلمتي ...






تمت
الإنسان والجرذان ( )

تحت الصفر أحياناً .
وارمق الحياة من داخل قبو .
أنا نصف ميت .
نصف مدفون
أنا جائع ... أنا عار
أنا غارم ... " أنا مبترد " ....
ولكن هذا ليس سر عنائي
* *
في جحري المظلم زارتني فأرة .
اقعت أمامي باحترام وود .
عيناها البراقتان تخترقاني كعيني جاسوسة .
... قالت : لماذا لا تخطب الشمس ؟!
وتغدو ملكاً لها ؟
هل أن الجعل خير منك ؟!
والجرذان خير أم الإنسان ؟!
* *
كان معلمي يسألني :
أنت أقوى أم الحمار ؟
فأجيب بعقلي الصغير :
أنا الأقوى .... أنا الإنسان .
واليوم .. بعقلي الكبير .
لا أجد الرد على سؤال بنت الجرذان !!
* *
كنت أمارس حياتي الرائعة .
وأنا في قمة السعادة والارتياح ...
أقرأ لنفسي
وأكتب لنفسي
ألعن الملاعين
وأرحم الراحمين
لا افرق بين الراشدين والسلاطين والشياطين
وابعثها للزمن العادل المنتظر .
أوراقاً صفراء مجرمة
في زمن دقيانوس !!
* *
انتصب أمامي جرذ كبير .
ينفخ نفسه مثل فيل صغير .
مناخيره تفتح وتسد بترقب وحذر .
وشواربه نافرة ممتدة .
أنه مخيف ، مثل خنزير بري يشرع أنيابه المحربة .
قال : أنا هدينا سد مأرب .
وهدمنا الممالك .
وقهرنا الطغاة .
وهزمنا آل فرعون .
لم تقصر بنا همتنا عن غاية ..
وإذا ما رمنا شيئاً ، مددنا نحوه الأغوار .
ووصلنا إليه من فوق الأرض أو من تحتها .
وأنا نذير قومي إليك ... أن ترحل .
الجحور لنا .
هي مملكتنا .
ولم نسمح لأنسي بتدنيسها .
ورفعت يدي لأحك لحيتي المليئة بالقمل .
فقفز الخنزير المصغر نحوي .
وأصاب ماء حياتي ...
دلقه على التراب .
لقد كَسرَ قنينة الحبر .
* *
ما زلت أحس بالجوع وبالبرد .
أتذوق الطعام ، واستمتع بالنار .
أحن إلى الأنثى .... التي لم أعرفها قط .
أتأسف على الزمن المتسرب كالماء من تحت تبن .
أبكي لعمري الذاهب وهو ينطح الأربعين .
أحس بالرحمة في العالم ... والألم الأكبر .
اكتوي بالدموع ، واحترق بالغضب .
اسمع قهقهة السلاطين .
أتأمل جنة ونار الراشدين .
أتلمس الطاعون والجوع والفقر .
أتلمس الايدز ، وأمراض الكلاب ، والأغنياء .
احنق للكفر العالمي .
وأبحث عن الله في الزوايا المهجورة المنبوذة القصية .
أمسك بالقلم والقيد .
وأمسك الموت في يدي الأخرى .
أرى الدماء في المباسم .
أصغي إلى الطيور والجنادل والبلابل .
أصغي لبكاء الثكالى والأرامل .
وأشم شجر النخل الأشرف ، وهو يُذبح .
واقضم الشوك والصبّار بشراهة .
وأحصي واردات النفط والنهرين ، ورفات الأئمة بذاكرتي الحيسوبية .
أضيف إليها مكة وعرفة ..
والحج الأكبر .
وأخرج من كل هذا بنتيجة هي :
" إن كياني نهم الشعور "
* *
عن كياني وشعوري النهمين
كتبت كتاباً كبيراً .
أودعته عصارة روحي ، فصار سفراً عظيماً .
سيقيم الدنيا ولا يقعدها .
نقلته إلى المطبعة على سبعة جمال .
وقد جعلت فيه فصلاً عن الحمار يحمل أسفاراً .
وفصلاً عن الأرنب يلعب السيرك .
وفصلاً عن القرد يضحك على .... الذقون .
وفصلاً عن كلب أهل الكهف .
وفصلاً عن الذنب يرعى الغنم .
وفصلاً عن جرذان تأكل الحديد .
وفصلاً عن لحم الخنزير .
وفصلاً عن حقوق ..... الحيوان .
وفصلاً عن بلدة تختطف بزاتها الفيلة .
وفصلاً عن المخطوطات الممنوعة .
* *
لما ذهبت أخيراً لتوزيعه .
لم أجده شيئاً .
قالوا : لقد قرضته الفئران ...
* *
عدت مخذولاً الى قبوي البعيد .
أمارس الحياة كواجب ثقيل خطير .
وأمامي لكي أحيا خمس خيارات .
أن أكون حماراً ... " يسرح ويرّوح "
أن أكون جلاداً ... يسلخ ويذبح .
أن أكون واعظاً للسلطان ... يدل وينصح .
أن أكون جندياً وفياً .
أن أكون جرذاً ذكياً .
ولقد اخترت الخامسة .
وبقيت أحفر في الظلام .
ورغم كل شيء .
قد أكون ... سعيداً
تمت
بلاد الحشرات

في ملعب العجائب ..
ملايين من البق والخنافس والدبابير .
قال صديقي : لن نلعب .
- لا أظن أن ذلك ممكناً .
إلاّ في حالة واحدة ، هي الموت حسب .
اللعبة إجبارية .
ولك أن تختار إحدى الفرق .
وأعلم أن الكرة ليست تلك التي في الملعب .
أنها رأسيي ورأسك .
- البق يقرصني ويؤذيني .
والخنافس تخيفني وترديني .
والدبابير تلدغني وتدميني .
- كن بقة ترقص حول الأضواء التلفزيونية .
أو دبوراً يخطر بالمسدس والبدلة الزيتونية .
أو خنفسة تختبئ في التراب والأماكن القصية والمنسية .


تمت
أليسَ ملكاً ؟!

حشر الناس ضحىً ، وعيونهم إلى مطلع الشمس ، حيث ينتهي إليهم درب " الصد ما رد " ؛ ومن اجتازه وسلم ، فأنه سيكون ملكاً عليهم ، حسب لوائح دستور تلك البلاد .
وصفقت الجماهير وهتفت ملبية مؤيدة ، عندما ظهر بعيداً بين التلال القصية ؛ رجل زري الهيأة ، مقتحم المرئى . ذلك هو الملك المنتظر .
وحسب النظم والأعراف المقرة في مواد الدستور ، فأن الملك يعطي سلطات مطلقة في أموال الناس وأرواحهم . إلا أن روحه هو ذاته ، تبقى رهناً بجلمود صخر بحجم الفيل ، يعلق بحبل ويدلى فوق عرش الملك ، فوق رأسه تماماً فإذا ما انقطع الحبل ، أو قطع ، أو ... قرضته الفئران . فقل ؛ " كش ملك " ... ومن ثم تعاد اللعبة مرة أخرى .
ولكن الملك الجديد كان عبقرياً في الشطرنج . ففي نقله واحدة فقط هدم القلاع وكسّر رقاب الفيلة وصرع الجند والأفراس .... أما الوزير ، فأنه أصدر إليه إرادة ملكية مبجلة ، حالما جلس على العرش ، مفادها : أن ترفع جميع الصخور المعلقة في السقف ، بما فيها هذا الحجر على رأس الحضرة العلية !!
تمت
الرَماد الوطنيّ العراقي

قبل أن تولد الأرض .
كان هناك في الكون حريق هائل .
وهو عند الله ... عود ثقاب ، أو أحقر .
وتكونت الأرض من الرماد .
هل يتأجج الرماد ؟!
هل يثور الشعب على طاغيته ؟!
إني انفخ في غير ضرم .
قلت لصاحبتي " الجمرة "
إن الحرائق في بلدي لا تنطفئ ، فمالي لا أجد جذوة لأصطلي ؟
فتوجرت وجنتاها وقالت :
- أنت تعشق الجمر ، فخذه من شفاهي .
وتحب اللهيب ، فخذه من أنفاسي
وتهيم بالأشعة الخارقة فخذها من نظراتي .
فيّ يمكن أن تجد ما يرضيك من وحرائق وبراكين وانفجارات
صدقت ... أنها هائلة كالشمس .
لكني أنا الآخر – نجم ملتهب .
ولا تلتقي الشموس إلا إذا قامت قياتها .
تأبى الحماقة أن تفارق أهلها .
هل رأيتم فراشة المصابيح ؟!
أنا هي ...
درت حول النار أصدم نفسي بها .
وأعود مرة بعد مرة
أكتوي ، لا أرتوي ، حتى احترقت .
لعلي أهون المحترقين .
هناك أناس احترقوا عشر مرات ، ومئة ، وألف ...
والنخيل احترق .
والقرآن احترق .
والقلم احترق .
والفرات احترق .
ومعجم الكلمات احترق .
والإنسان احترق ..
والله .... احترق !!!
و " التراب الوطني العراقي " احترق مراراً وتكراراً ...
صار رماداً تذروه الشياطين ، وتنفخ فيه .
لكم هو مضحك ومهزل ومغل في آن ...
أنهم لا زالوا يسمونه ... " تراباً " !
تمت
" وهديناه النجدين "
قرآن كريم
ليتني

ليتني كنت بناءاً يصفّ الحجر .
شرط أن ....... لا يفكر !
ليتني مكارياً يقود حماره .... على أن لا يكلمه !
ليتني راعي غنم ...... لا يغني !
ليتني عبداً مملوكاً .... للعبد الأسود ...... بلال الحبشي .
ليتني عيناً في منقار طائر .....
كانت تبكي من خشية الله .
ليت لي عشر عيون .....لأضعها كلها في خدمة السلطان !
ليتهم يمنوني بملك الري ..... لقتلت الحسين بن فاطمة !
ليت لي قوة فيل ....... لقلعت بخرطومي كل نخل العراق !
ليتني أكون " إسرافيل " لبضع ثوانِ ....
لنفخت بالصور قبل أن يأذن الله !
ليتني امتلك الهواء ..... لمنعته عن جميع من لا أحبهم .
الشمس ليتها تطيع أمري ...
لقلت لها : احرقي النصف الآخر من الكرة الأرضية .
...... أو الأفضل أن لا تطلعي عليه .
ليتني أستطيع أن أكذب .
....... لما كذبت قط .
ليتني استطيع أن أقول الحق .
......... لسكت .
ليتني استطيع أن اسرق ..... لسرقت قلبكِ .
ليتكِ .. كنت معي ... وحدكِ ... فوق جزيرة .... لأعدتُ فيكِ أسطورة الخلق الأولى .
ليتني امرأة ... أي امرأة .
زنت بألف رجل .... ثم تابت !
ليتني كنت فلانة .......
لتركت زوجي ... وتبعتك .
ليته يعود ..... زمن الرق والعبودية .
..... لاشتريت ألف جارية .
ليتني ... أسد الغابة ....
لافترست جميع الثعالب .
ولحرمت لحوم الغزلان
ولاصدرت عفواً عاماً عن الحمير .
ليته يكون الأمر بيدي ...
لحولت الدبابات الحربية إلى ... جرّارات زراعية .
ليتني كنت ملكاً على العراق ...
لفتحت إليه باب الهجرة العالمية .
ولرفعت عدد سكانه إلى مئتي مليون .
ولصنفْتهم إلى .. مهاجرين وأنصار
لأصنع فيه دولة محمد الإنسانية .
ليتني سلطاناً على ارض السواد والجزيرة .....
لا يفكر بضم بلاد فارس إلى ملكه .
ليتني جدهم " هارون الرشيد "
لاعترفت صراحة بأني .... بليد !
ليتني بابا لروما .... يقرأ القرآن ويبكي .
ليتني الحسين الشهيد ...
لصرخت بأفواج زواري المليونية :
أنا لست إله البكاء ...
لست صنماً للبركة ...
ليتني كنت أميناً عاماً للأمم المتحدة ....
شرط أن أتخلى عن تلموديتي ... وصليبيتي .
ليتني كنت " عمر " ....
لأوصيت بها إلى " علي " .
ليتني كنت " ماو " عظيم الصين ...
لهتفت : " يا شحاذي العالم اتحدوا " .
ليتني كنت " عنترة بن شداد "
بدون خرافات وأساطير ...
ليت لي جبلان من ذهب ....
لابتغيت إليهما ثالثاً ....
لأنفقها جميعاً على ........ الفقراء !!
ليتني ضابط شرطة ... لا يتعاطى الرشوة .... لا يصطنع الورطة !!
ليتني مسؤولاً مغروراً بمنصبه .... لا يسيء استخدام السلطة .
ليتها تثنى إلى الوسادة ....
لخطبت شهراً ... دون أن أعني شيئاً .
ليتهم يسمحون لي بالإشارة حسب ....
لو ضعت أصبعي على موضع الداء !!
ليت السماء تفتح مجدداً باب " النبوة " بالانتخاب الحر ...
لتقدم للترشيح مليون نبي عراقي !!
ليتها في كل يوم .....
تغرق بغداد ... أو يصيبها الطاعون ... أو يحتلها أعجمي
لتدوم لاصلاء الشعب ، فرص الفرهود والنهب ...
ليتني دولة الولايات المتحدة الأمريكية ...
لا زلت جميع دكتوتاريات العالم .
وأعلنتها ديمقراطية حرة على الدين الأمريكي ...
ولمارست دور الإمامة في الأرض ...
ولملائمتها قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً !!
ليتني العراق الأشم ....
لطرحت كبريائي الأجوف ....
وصرت أمريكياً .
ليس لأن الزمان أمريكياً ....
بل لأن دين الله يدعو إلى ... الأمريكانية .



تمت
الإفادة

ليس أكثر من ذلك تثبيتاً وبرهاناً ... ضبطهم متلبسين بالسرقة داخل بيته !.. قد كسروا الأقفال وبعثروا الأغراض والثياب والأثاث ، وشرعوا يسرقون ... ولكن الله نصره عليهم بأسباب من عنده سبحانه .
كان ذلك منتصف الليل ، وهو في المرافق الخارجية ، قد خرج لحاجته صدفة ، لما رآهم يدخلون متربصين . جمد مكانه ، وظل ساكناً خائفاً . ثم أنه تسلل خفية إلى الداخل ، وبحذر وروية غلّق عليهم الأبواب كلها ، ثم ارتجها ، فحبسهم داخل الغرفة باجمعهم . وأسرع بسيارته إلى مركز الشرطة القريب . فقبضوا عليهم واقتادوهم مكبلين بالأغلال إلى السجن .
ماذا بعد هذا ؟! وماذا بعد الحق إلاّ الضلال ! وهل يحتاج النهار إلى دليل ؟!. وظن خيراً ولا تسأل عن الخبر ، فذلك تقدير العزيز العليم الذي جعل الصدفة كأنها ميعاد مخطط بإحكام ، أو كأن الأقدار الخيرة قد أعدّت للصوص الأشرار كميناً للقبض عليهم ... لوحده أتم صاحب الدار العملية بيسر ، كأنه سبحانه قد أرسل ملائكة من عنده كانت معه تعاونه .
مر زمن بانتظار المحاكمة العتيدة للمجرمين . والرجل واثق بنصر ربه ، لا يفتر عن صلاة الشكر ، حتى وصله تبليغ قبل موعد المرافعة الأخيرة يلزمه بالحضور أمام محكمة الجنايات بتهمة .... " الإدعاء الكاذب المزوّر " !!
وتبين في حيثيات التحقيق ؛ أن الرجل لا دلائل لديه ولا بينات ، ولا شهود على ما يقول إلا فراد عائلته . فيما ادعى " اللصوص " – فيما ادعوا - ؛ أنهم تجّار خردة دعاهم الرجل لشراء أثاث غرفة نومه ، وقد دخلوا يتفحصونها ... وهم يتعاملون معه حول السعر ، إذ فاجأهم بأن خرج مسرعاً وأوصد الباب عليهم وتركهم . ثم عما قليل فتحت الباب ، فإذا بالشرطة يقبضون عليهم دون كلام ، ويقتادون بالإهانة والضرب إلى السجن ..... وهذه إفادتنا !...
واقتيد الرجل إلى السجن وهو يصيح ، وسط هزء الهازئين ؛ كنت في المرحاض الخارجي لما دخلوا يسرقون ، ولم يروني ، صدّقوني أن الله نصرني عليهم بآية من عنده سبحانه ، وإن هم إلا قلبوها بفلوس دسّوها للذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً ..... وهذه إفادتي !
وتبين فيما بعد ؛ أن لـ" اللصوص " إفادة أخرى مختلفة تماماً ، بثوها عبر قنوات الشائعات واستلمتها " الوكالات " بكل اهتمام ، وقالوا فيها – والله على ما يقولون وكيل - :
" إننا في الحقيقة كنا وقتها على موعد غرامي خاص مع امرأته . ولكنا لم نستطيع الإفصاح عن ذلك في المحكمة حرصاً على سلامة صاحبتنا " . !!
والناس أن لم تصدق خبراً كهذا ، فهي لا تكذبه .
يقول فيه أمثلهم طريقة : " الله اعلم " .
ماذا وراء الحقيقة يا ترى ؟
هل الرجل صادق ؟
من أساء استخدام القانون ؟ ... والسلطة !!
هل الزمن كفيل بفضحها إن كانت روايتهم غير صحيحة ؟
هل ينتظر الزمن ؟... قد نفد لديه الزمن .
زيّد " المؤلفون " ونقّصوا ، حتى وصلت الى السجن رواية طويلة ذات أقسام وفصول ، لم يتم قراءتها " أبو المرافق الخارجية – وهكذا أصبح يكنى – حتى مات بالسكتة " .




تمت
الوعد المنتظر

رويدك خفف الوطء
واخلع نعليك ... إنك في وادي الأنبياء .
هنا النفط .. والرافدان ... ورفات الأئمة .
أرض المفرقعات والرسالات .
حَمائم تذبح .
ودم يفور ...
وطوفان قادم .
* * *
ما أشبه الليلة بالبارحة .
هذا محمد وسط كتيبته الخضراء .
جاء يفتح مكة .
وأبو سفيان يصرخ ؛ " أعل هبل "
ويحمل دنان الخمر على الجمال .
" بطل سحر محمد !! "
وجاء الحاج " بروان " يحج مكة .
يحمل أمتعته الثقيلة في الأساطيل .
وله في كل خطوة حسنة ...... ومليار دولار !!
* * *
مائدة الله الكبرى في حرمة الأمن .
يأكل منها أهل التلمود والتثليث .
رغداً حيث شاؤوا .
ولكنها محرمة على المؤمنين .
هذا الفرات ، تشرب منه خنازير السواد وحياته .
ولا تذق منه قطرة يا ابن فاطمة .
* * *
لماذا تقاتلوني ؛ أعن سنة بدلتها ، أم شريعة غيرتها ؟
ويأتي الجواب الكافر :
" إنما نقاتلك بغضاً لأبيك " .
وحب علي إيمان ؛...
وبغضه كفر ونفاق .
علي أضحى الآن دولة .
بل هو أمّة .
* * *
هذه دولة ترعى الإرهاب . ولا تؤمن بالديمقراطية .
وتلك غير صارمة بتعقب الجماعات الإرهابية .
وأخرى تسعى لحيازة وإنتاج أسلحة دمار شامل . ذرية وجرثومية
وأخريات صنفت في دائرة الشر .
يلزمها ضربات تأديبية .
فيما تستحق غيرها المساعدات الأمريكية .
وفي القرآن آيات معادية للسامية .
ويجب تغيير المناهج الدراسية ..
" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " .
* * *
من هنا بدأ الطوفان ... وفار التنور .
بسم الله مجراها ومرساها .
وهنا استوت على الجودي .
ثم ترجّل منها مليون ملحد مدججون بالسلام .
من سمح للكفرة بركوب سفينة نوح ؟!
" وقلنا أحمل فيها ..... ومن آمن "
ومن آمن ، ومن آمن ، ومن آمن ؟!
* * *
هذه صفين ...
وهذان ابن هند وابن العاص ، ينشران أوراقهما من جديد .
وها هي عادت جاهلية
وجاءت جيوش الروم تحمي الملوك .
وعاد معاوية ... بعد أن أعد رواحله للالتحاق بقيصر .
* * *

من هنا عبر طارق بن زياد .
وهناك في القلب كانت بلاط الشهداء .
وفتحنا الأندلس بسيف القرآن والرحمن .
لكنا حكمناها بسيف السلطان والشيطان .
وبعد ثمنمائة عام طردونا .
فتشونا وأحرقونا .... في البحر رمونا !!
وقعدنا نبكي على فردوسنا المفقود .
نتفاخر بصرح طاغوتي خلفناه اسمه " قصر الحمراء " .
وفي ذات الوقت ، ذات الوقت .
خرجت البعثات الاستكشافية إلى العالم الجديد .
تنتشر فيه اللاتينية والمسيحية ...
ولولا ... آه ما لولا ...
لأسلمت الأمريكتين ...
ولكانت اليوم ...... الأرض تتكلم عربي !!
* * *
هنا ، في بحرنا هذا ...
كان يونس ذو النون
سائراً في بطن الحوت
ذلك قبره ..... وتلك شجرة اليقطين .
لمن بحر الشام ، وبحر الظلمات لمن ... ولمن خليج العرب ؟!
أنها لهم ... لأساطيلهم ، لترساناتهم .
ونحن لم يعد لنا بحر ولا سفينة .
إلا سفينة صحرائنا الأولى .
عدنا إليها ، عوداً على بدء . إلى البداوة ، إلى الخيمة والشاة والبعير ! .. الى الخرافة وأساطير الأولين ...
بعد أن رفضتنا الحضارة والحياة .
* * *
بعد أن أتم الحاج براون مناسك حجه !!!
حجاً مبروراً ، وذنباً مغفوراً .... وجيباً مصروراً !!
أراد أن يستمتع امرأة أحياء للسنة ..
وتسابقت العوائل العربية الكبيرة للفوز بمصاهرة الشيخ المثلث
مع أنه يملك عشرات الأولاد والنساء والمحضيات في المنطقة .
لكن مشكلته أنه لا يعدل بين أزواجه وبنيه ...
لديه حسناء يهودية معرقة في تلموديتها،يحبها بعمى ويطيع أمرها.
مع أنها عاقراً ، لا تنجب ولا تعطي .
في حين أن جاريته العربية ، التي يسميها مدللاً " بترول " – معطاء ، ودود ، ولود .
وقد أنجبت له تواءم متماثلة كثيرون
لا زال بعضهم في اللفة والقماط ؛ يحتاج رعاية أكثر .
...... وزفوا إليه سبعاً من حسناواتنا .
عرّس بهن في الأراك ...
في ليلة واحدة .
* * *
عم يتساءلون !
عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون .
كلا ستعلمون ، ثم كلا ستعلمون ... عياناً بياناً .
إن الرأسمالية ستهزم .
ستلحق بأختها الشيوعية .
وهذا نظامهم العالمي الجديد .
أصابه الخراب في ألف موقع وموقع .
وأن الدمع والدم سيختلطا ويثورا .
وأن الأنين سيرتفع ويصك الأسماع .
ثم يهلل صوت جديد .
يأخذ بالألباب ، ويوهي الصم الصلاب .
الله أكبر ..
بشارة الوعد الحضاري المنتظر .
سنملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً .
قل وا اسلاماه ولا سلام للناس بعده .
قولوا : وا اسلاماه ... ولا سلام للناس بعده .
تمت
ذمّة التاريخ

في صحن ولي الله علي .
يتامى من أربيل وأردبيل .
حملق في وجهي طفل من باختران .
نصف وجهه محروق ، ويده مقطوعة .
لعلّ أحد طيارينا رماه بصاروخ .
أراد إبادته كشيء خطير جداً .
نزل نحوه بطائرته يريد مسحه بالأرض .
ولكنه أخطأه ...
خرق حاجزَ الصوت ، فأخرسه واصمه .
وفتح صنبور السم المبيد فأحرق صفحة وجهه .
وجاء سرب من مئة طائرة .
يطارد " الجراد الأصفر " ...
يدك المدينة بأهلها .
ولكن الطفل " قاسم " عاش !...
وجاء يشكو لأبي الأئمة سقمه ويتمه .
أحد مواطنينا قتل أباه في الجبهة .
لم تكن منازلة رجل لرجل ..
رماه بمدفع نمساوي مداه خمسون ميل .
وضاعت الحقيقة في المسافة .
من قتل من ؟!!
أنا أعرف . وذمة التاريخ تسجّل ؛
أنه " جواد " بن " كاظم " بن " جعفر "
من شيعة علي في الناصرية .
أعطوه حذاءاً أمريكياً
وألبسوه بدلة رومانية مرقطة .
ليشعروه أنه صار " مغواراً " .
وضعوا في يده بندقية روسية .
في رأسها حربة مسننة .
وعلموه أن يصرخ ، وهو يطعن الشاخص ، في ساحة التدريب .
" يا فارسي خذها من يدٍ عربية " .
.. من " جوادنا " صنعوا سفاحاً عنصرياً قاتلاً أيتم قاسم !
و " عبد الزهرة " ... الذي طلبته أمه من الزهراء ....
صار عميداً .
ومع ذلك بقي " منذوراً " للزهراء .
سبع راتبه يؤديه لابن الزهراء في كل شهر... يضعه في الشباك !
وفي كل إجازة يزور الحسين .
ويطلب منه التوسل في الحفظ والسلامة من الموت في حرب الضياع .
من بغداد جاءه أمر " سري وفوري " .
" اعدموا العلوج الأسرى "
حاملوا العصائب المكتوب عليها " يا حسين يا شهيد "
" هبة الزهراء " صار بعد ذلك سفاحاً !!
وراح يحاكي فعلات جده " أبا العباس " .
ثم انقلب حجاجاً ، فعّالاً . سفاحاً صداماً !!!
وسار على رأس جيش فدك الكعبة بالمدافع .
في موضع المجانيق على " ثبير " نصبها .
وخرق جدران الدين في مليار موضع .
وبينما أنا أقارن بين أبرهة والحجاج وعبد الزهرة ...
راح المؤذن يدعوا من فوق منارة الإسلام علي ؛ اللهم أنصر وأحفظ قائدنا المجاهد صدام .. سليل أجدادنا العظام
أمثال الحجاج والسفاح
والحسين الإمام !!!

تمت
في الوادي المقدس طوى
كنا جيراناً في القبور ... ابنها ، وأخي ... والعبرات في وادي الغري الأعظم ... طوفان دمع مندثر في الرمال . والقصص على قفا من يكتب ... هه ! يتحدثون عن أزمة النصوص ، وكل حبة رمل في وادي الغري – بل في وادي الرافدين كله – هي قصة .
ملاحم روائية لم يصلها خيال كتاب الميلودراما التراجيدية العالمية . غرائب وعجائب ولا في السينما .
تجدها كاملة غير منقوصة ، جاهزة للتأليف والطبع والنشر . كالمعدن الحر . أو كالذهب الملقى في الطبيعة تتناوله بيدك غير متكلف تخليصه من خاماته .
وإني هبطت ذلك الوادي ؛ المعروف في السموات والأرض.
والفرنسيون يعرفوه كما يعرفون مقبرة البانثيون . غير أن الكثير من العراقيين يجهلوه .
" وادي الغري المقدس " يعلم الغربيون أنها أكبر مقبرة في العالم وأنها تضم رفاة الإنسان الأكمل ومجاوريه ، وكما يعرفون جيداً أنها توسعت في عهد صدام ضمن التوسع الشامل والإكثار والتنويع في المقابر . وأن مبانيها أصبحت تظاهي مباني مدينة كبيرة . ويعلمون أنه أعمل فيها جرافاته ، وهدمها كما فعل بالمدن التي ضمت العصاة والهاربين من سلطته .... ولكنهم لا يعلمون أن وادياً مقدساً يوجد تحتها اسمه " طوى " . علام أكتب وفيم ، وأنا وحدي هبطت ذلك الوادي بقلم صغير .
يصك أسماعي أخلاط من أصوات شتى كأنها تدعوني لأكتب مأساتها وأدبج آلامها في قصص ؛ الرواة والمحدثون والنائحات والمعددات لأحك صورة وافية أمام ما اسمع بوجداني من أنين الميتين عصراً ، والمعدومين ببطء ، والمقتولين ضياعاً ، والضائعين أسفاً ، والمدفونين أحياءاً ، والمقتولين اغتيالاً ، والمعذبين كفراً والمبدلين جلوداً والمذوبين بالحوامض والمقدمين للأسود والمحلوجين طعماً للسمك وو .... وضج بي أهل القبور ، لكني اعتذرت ، فما أنا بقادر على همة والمسؤولية العظيمة . قلت يا أهل القبور الدوارس أنا لم آت لأكتب ، سأرجع إلى المدينة لأستدعي معي ألف كاتب لنأتيكم في لجنة متخصصة ، لنحيي ما يمكن إحياءه مما مات واندثر إن العملية تحتاج إلى جهد ميداني تنظمه مؤسسة دولية متخصصة ، وترعاه المنظمة العالمية لحقوق الإنسان .
إن الخطب عظيم ، والجرح فادح اتركه للمعنيين . أما أنا فقد أتيت لزيارة قبر أخي الذي أعدموه في المنظمة الحزبية بسبب هروبه من الجيش . اعتبروه " جباناً " ، وأخذوا منا ثمن طلقات الإعدام .
أمي لم تحتمل التحدي الصارخ للطغيان . وهجمت على المسؤول الحزبي بسكين مطبخ . لكنهم قتلوها قبل أن تصل إليه .
استراحت ... هنيئاً لها .
أما هذه الأم جارتنا في القبر ، فهي تموت ببطء ، وتتعاطى الموت تكراراً غصة بعد غصة .
كنت أجدها أمامي ، وكأنها مقيمة هناك لدى قبر ابنها لا تفارقه .
تراها صامتة ساكنة كالخشبة اليابسة . إلا أن عيونها تنضح دمعاً لا ينقطع ، وهي تسمع صوت ابنها الثاوي تحت التراب من شريط كان سجله في حياته يقول فيه .
" يا أماه لا تبكني ميتاً ، فأنا ميت في الحياة . أنا ذاهب إلى الموت فهو مني على مرمى حجر . ولعله من السخف أن ألقي بنفسي إلى تهلكة الظالمين ، وتقولي أنت : ( الله كريم ) . لن تلحقني رحمة الله ولا كرمه لأني ذاهب إلى الموت الكافر برجلي كما ألقي بنفسي تحت عجلات القطار ... فوداعاً يا أم " .
هذه الوصية وغيرها من ذكريات وحكايات ، كان يدور بها جهاز المسجل مرة ومئة مرة . والمرأة جامدة هامدة ، عيونها هاملة بالدموع وهي ترنو إلى البعيد المجهول .
قلت لها : ما دام متأكداً من الموت، فلماذا ذهب إليه برجله ؟
قالت : " أنا أجبرته على الذهاب يا خالة . منظمة الحزب قبالة دارنا . وقد أعدموا أمامنا المئات . فلو غاب ابني سبعاً لأعدموه أمامي على باب الدار ، وهذا ما لا أقوى على احتماله ، لكني قد احتمل أن أسُلمه بيد القدر ورعاية الله .... وليمت بعيداً .
بعد مدة وجدت المرأة تقعى لدى قبر ابنها كالساجدة ، المسجل إلى جانبها قد توقف شريطه عن الدوران . وجرة الماء ملقاة على جنب وقد انهمر ماءها . أردت إيقاظها برفق ، فاكتشفت أنها جثة هامدة " .




تمت
شهَداء !!
في العزير ( ) رأيت آلاف القتلى .
رأس لدى رجلين .
وثلاث أيد مجتمعة .
ورؤوس تجمعت في حفرة .
وكتلة حمراء معجونة لا تعرف .
وقدم مقطوعة لا تزال في الحذاء ...
ورأس مثقوب أسنانه تبتسم ..
وجثة مختنقة تحت أخرى فوقها ...
أنهم شهداء قادسية صدام المجيدة !!
* * *
في مدرسة الطبابة العسكرية ببغداد ..
أردت أن أتغوط .
هناك مباول كلبية شاغرة .
أما المراحيض فدونها قطار بمئة جندي .
وقفت في الدور لساعة وثلاث دقائق .
ثم دخلت المستنقع الرهيب .
الماء مقطوع والمجاري طافحة .
كانت قطع الخراء المسماة " جعاميص " ...
تتهادى بحركة نابضية متأرجحة
فوق المويجات الصغيرة لبركة الماء والبول .
ما أشبهها بمتيم ذاهل .
إطار الهوى لبه .
فهو سارح خامل لا يعي ما حوله .
وضحكت وأنا أتذكر بأسى .
قول ذلك الشاعر العاشق لصاحبته :
" مثل الخّرا بالماي جيتك مسيَس "
* * *
الإبريق غاطس في وحل من البراز .
ولو لم يكن الماء مقطوعاً ..
لابتلع المستنقع كل شيء .
ولتكلفت ميزانية الإدارة تخصيص زوارق تبرز .
" الجعاميص " تتخذ أشكالاً وهيئات غريبة .
وقفت اقرأها كما يفعل الآثاري .
ولفت نظري نظام التوزيع أو فوضاه .
كان ذلك يشبه ما رأيته في العزير .
تمت
داء الدال
قتله الدال ومات فيه ، أنه " الدال " وليس " الداء " كما يتوهم . أو هو بالضبط " داء الدال " ، داء الدال العظيم والخطب الجسيم ، المعروف كيداً بـ" قادسية " !!
كان طالباً . وكان درس الخط العربي . والعبارة المراد رسمها بكل الخطوط ، هي الآية العراقية العتيدة ؛ " قادسية صدام أكليل غار على جبين العرب " .
كان في الشارع مجنوناً يمشي ويصيح : " أهي قادسية صدام أم قواد سرسرية صدام. ".
الكلاب المسعورة السائبة كانت تملأ الدروب والأزقة .
تنشر فيها المرض المميت . وجاء المسكين يهذي بلا عقل ولا حرج ... فتلاقفته وتعاورته نهشاً ثم سحبته بعيداً في المطامير.
وفي السطر الثالث ، وفي نسخة الثلث ، نسي الطالب الدال . وقرأها المدرس بصمت فإذا هي " قاسية " . فقال في قلبه ؛ " صدقت ، إنها للقاسية الجائرة " ، لكنه أثبت الدال بقلمه ، وقال للطالب : اكتب غيرها " يرحمك الله " .
وكتبت يد أثيمة في الظلام تقريراً مفاده : " أن يداً شعوبية حاقدة كافرة قد حَرفت الكلم عن مواضعه ، وأسقطت نقطة ودالاً ، لتقلب غار القادسية إلى ( قاسية وعار ... ) " .
واستدعى الطالب والمدرس إلى الأمن الشديد .. ، .. وراحا فيها ..... في شربة ماء ... في نقطة ودال !!!




تمت
الله كريم .... مع الكرماء
" الله كريم " ... ما معنى هذه العبارة ؟!
ما مرادفها في الجرمانية والروسية ؟!
ثلاث ساعات مع القواميس ...
ولم أتمكن من تحويل " القدر " إلى الإنكليزية !
اليوم عرفت سر تفوق الغرب علينا ؛ لأن لغاتهم خلو من المصطلحات الجبرية .
وكذلك هي حياتهم ....
أنهم في منئى عن عُصيات الشلل الأكبر .
مرض لغتنا ...
وديننا ...
ودنيانا !!!
سألت خالي عن بنيه الخمسة .
الذين نفوهم إلى الحدود ، الموت .. باسم " الدفاع عن الوطن " !
قال : وهو يبكي " الله كريم " .
لا اعتراض ...
لكني لم أفهم وجه كرم الله هنا .
ربما قتلوا ..... قلت لاغيضه .
رد ببرود : " المكتوب لا مهرب منه " .
- " أنهم يقتلون أخوة لهم مسلمون " !
- " هذه قسمتهم من الله " .
- " أنهم يحاربون الله ورسوله " !!
- " توفيقهم أعوج " .
- " وهذا الحجاج يحكم العراق من جديد ! "
- " انتظر حلم الله عليه " .
- " متى ؟.. وأنتم ساكتون !! " .
- " كل شيء مكتوب . وله ساعته المحدودة " .
- " قد تمت أنت والظلم باق " !
- " كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك " .
- " لماذا تلجئون إلى الغيب ، تطلبون منه كل شيء ؟! "
- " الله موجود . الله كريم " .
- " الله لم يدل لمحمد بزنبيل .. يا خال وهو نبي ! "
علمه الأستناد في تفكيره إلى الحقيقة لا المعجزة .
وهذا زمن العقل واليد .
لا زمن الغيبيات والطلاسم
- لا نملك غير أن ندعو الله .
هو أعلم بحالنا .
وهو " الكريم " ...
- الله كريم مع الكرماء ؛
الذين يعطون لدينهم بسخاء .
الذين يضحون بلا حدود لمقدساتهم .
الذين يأبون الضيم ولا ينامون على الذل
الذين يمتثلون كرم الحسين .
الشهيد الأكرم الأكرم ..
أما اللؤماء أنتم ؛
فليس لكم التلفظ بعبارة " الله كريم " .
ترددونها كاللازمة دون أن تفهموها .
إن الله معكم للئيم الوقعة ، شديد العقاب .
وأعلموا ، أنه لا فرج
ولا كرم ولا رحمة .
وابشروا بألف سنة أخرى ...
من الجور والظلم والعذاب
قال . " سيظهر المهدي "
هون عليك يا أبن أخت ....
ويملأها قسطاً وعدلاً
كما ملأت جوراً وظلماً ..... "
انتهينا من حيث بدأنا ...
ولم أقل له شيئاً ...
بيد أني شعرت برغبة في البكاء ...
تمت

داخل الحرم الجامعي

عندما تخرج النجوم من الثكنة .
فأنها تسير على عجلات مسرّفة .
تحفر أسفلت الشارع ، وتخرب البلاط .
وتشوه الحياة الحضرية .
وتعمل معركة في سوق الخضار ، على أصول مدفعية ,..
ترمي بالعيارات الثقيلة ، والطماطم والبطاطس .
" اجعل رأسك رقية " ، " والعب به البولنك " .
السيقان الطويلة تحب الكرة الطائرة .
والأكتاف العريضة المطرزة بالنياشين .
من أين نبت لحمها ؟!
وهذه البطون المندحقة والأفواه الشرهة ،
تقضم مال الله بشراهة .
وتعب الخمر عباً .
مسلمون يسمنون الخنازير !
لكي تقيء العنف والرعب وحمى الجنس .
من فوهات ...
بنادق ...
المجاري .....
السينمائية !!!
* * *
داخل الحرم الجامعي حدث ذلك .
ثلاث ساعات من الانتظار على بابه .
وعرائض تدخل ... وزوار .. وأشياء أخرى .
وحراس أشداء .
وعيون ولهي ، وشفاه عطشى .
تعساً ... لقد تعسكر كل شيء .
أعربت له عن " انزعاجي " بلغة جامعية .
فألهب كياني كله بسوطه " السليط " .
ونادى : " يا حرسي ، القه في السجن " .
تعلقت به اشرح له قضيتي " العادلة " .
ونشرت أوراقي أمامه .
كانت أطروحة بحث عنوانها :
" حل الجيوش وإلغاء العسكر ، ضرورة إنسانية حضارية عاجلة "
ودون أن يقرأها .
استل أحد " أسيافه " المشرعة على المنضدة .
واثبت علامة " X " كبيرة .
تطلعت إليه أعد " نجومه " وشاراته وأنواطه ونياشينه ...... وطوالعه .
وفي قمة أي برج هو !
لم يكن جنرالاً عسكرياً .
بل كان .... أستاذاً جامعياً !!!





تمت
أكباش في مرعى العزة
رأيت فيما يرى النائم ؛ أن راعياً دخل قصراً رئاسياً يرعى غنمهُ في حدائقه !... لا عجب ، فكلنا رعاع سائمة نرعى في مرعى يسمونه " قلب العالم " ، سارحين مارحين في منطقة يقولون عنها أنها " مهد الحضارة البشرية " !
ويقول سيدنا الراعي بلهجته البدوية .
" أما هي علمتهم شلون ياكلون وشلون يشربون ، والأكثر علمتهم كيف يعبدون الله " .
ياه ... لهذه الدرجة مهمة أرضنا !.. لكني أشك بهذا كله لأني لا أرى دنيا ولا ديناً ولا حضارة ... ويقول الهنود – أو الترك لا ادري – " فاقد الشيء لا يعطيه " .
يحب الأرض كثيراً " راعينا " طول الله عصاه ، يقول : " عجل هؤلاء ليش يريدون يدنسوها ... لا .. يخسون " . ترى من هؤلاء ؟! وهل هو معهم ؟.. نحن لا ندري ، وهل للبضاعة أن تسأل التاجر . والشاة لا تسأل الراعي . وهو حفظه الله ينعتنا نحو المروج " الحمراء " حيث العزة والكرامة والشرف والسؤدد ... السؤدد يعني ماذا ؟!... سألت الخروف الذي يرعى إلى جانبي ، قال يمعمع : راجع معجم لسان الغنم " .
أنا ... من أنا !... لن تعرفوني .. أنا ذاتي لا أعرف عني إلا كوني خروفاً في مرعى العزة يحمل رقماً للإحصاء . أما غير ذلك فلا أعرف شيئاً .. الكلمات متداخلة محشورة بالمعاني حشراً بلا نظام ، فلم تعد تعطي الواحدة منها معنى محدداً . ولن ينفعنا أن نرجع الى المعاجم ، لأن هذه احترقت ، أو أحرى ببقاياها أن تحرق .
لأن لا نفع منها بعد أن " تطورت " لغتنا ... نحن بحاجة إلى قاموس جديد ... لا أدري كيف فاتت هذه قائدنا الملهم !.. كيف لم يدعو الى إعادة كتابة " المنجد " كما دعى إلى إعادة كتابة التاريخ !!.. وهو الذي من نبوغه الفكري وذكائه نستمد قوانين ونظم دولتنا العتيدة .. العزيزة !...
أنا ... عزيز .
هل عرفتموني ؟!.. أظن لا . وأنا مضطر أن أعرفكم باسمي . واسمي في القاموس يختلف معناه ومؤداه عما هو عليه في لغتنا الجديدة .
ولكن بلا قواميس ، بلا صداع . أسألكم ببساطة ؛ ماذا يريد أهل الضاد من كلمة " العزة أن تعني " ؟ هي لله جميعاً .
والمستكبرون تأخذهم العزة بالإثم .
وقال النبي ( ص ) : " ارحموا عزيز قوم ذل " .
وكان جدنا أبو الرماح الأزدي ( رضي من رضي عنه ) لا يلتفت إلى الوراء مهما حدث خلفه لـ" عزته " – كذا - !! وحرب الفجار الأولى حدثت لأن أحدهم مد رجله في عكاظ معززاً بعصبته متحدياً من يطأها – الظاهر فاضي وما عنده شغل وعمل – فضربها جرئ بسيفه ... ورب ضربة جرت ضربات .
وفي القاموس العراقي الجديد ، يقول فارس الأمة بطل التحرير القومي عبد الله المؤمن ، العربي جداً جداً ... يقول أن العراقيين الأماجد يضحون بأنفسهم من أجل العزة والمعزة .
ورفع القائد الملهم الأسطورة الضرورة كلمة " العزة " مكاناً علياً مع كلمات أخرى كثيرة أخرجها من بنك المعاني ، وأزال رصيدها الذهبي ، فجعلها ورقة زائفة كدنانيره ... وشهاداته !
وما زال باني مجد العراق ومهندس انتصاراته ، يدعو الناس إلى العزة ، ويحكي من عجزه ، والعراقيون يعطوه من أموالهم وأنفسهم حتى ملوا ، وكرهوا " العزة " ، وبصقوا عليها ، وهربوا منها . وصار أهون على أحدهم أن يلبس " بوشية " امرأته ، ويقول " أنا امرأة " من أن يقول : " أنا عزيز " .
أما أنا فـ" عزيز " كما سماني أهلي .
وعندما كبرت دخلت برأسي فكرة سخيفة ، أو صرعة شبابية تقول بأني يجب أن أكون عزيزاً كاسمي . ثم تعلمت من القائد البطل لما كبرت .
لما كبرت أكثر تعرفت أن " العزيز " هو الذي . " يكاون زين " مترسماً خطى الأجداد العظام الذين " نصفهم ماتوا على ظهور الخيل !! . وكبرت أكثر وأكثر ... وصرت خروفاً له قرون ، اسرح وأروح دون أن أثير أية قلاقل في الجشر العراقي الخصيب " .
وإذا ما أشار لي الراعي المثقف بالقومية والاشتراكية أن أنطح أحداً . تحاميت عن بعد ، وأعطيته ردسه حاطمة ، ولو كان الحسين بن فاطمة ... كذا " العزة " التي تستحق " العفية " وإلا بلاش .



تمت
الكلّات الناطقة بالحق
لمن أهدي كتابي ؟!
تلفت حولي ... لمن أهدي كتابي ؟!
- إلى صنو عقلي وروحي ... أم لفرجي وفمي !..
من ؟؟
إلى زوجتي... التي لم تتصفح أوراقي ؟!!.. ولن تعي استحقاقي !
كلا .
* *
- إلى أولادي ..... امتدادي في الحياة .
وهل يسمو الرماد كونه تخلف عن النار ؟!
كلا .
* *
- إلى أخوتي ...... دمي ولحمي .
.... إلى تنابل عجماء ولدتها أمي ؟!
.... نئت بحملها دهراً ... وسحقتني .
.... ثم غدت .. طناطل ترهبني !
اعطيتها عطاء الأب .. وقابلتني عقوقاً وجحوداً .. وبغياً مستمراً .
... علمتها حروف الحرية ..واستعبدتني .
... وآخرون استأثروا بأبي فسرّهم .. وأتيناه على الكبرِ
كلا .. لبني أمي وأبي ...
* *
- إلى أبي ، الذي أوجدني ورباني .
هل يهدى قلم إلى أمي أعمى ؟!
كلا .
- إلى أمي ، التي حَملتني " سبع " شهور ولم ترضعني ؟
كلا ... أي امرأة مثلها ، لو وطئها رجل كأبي ... كانت ستلدني !
* *
- إلى أعمامي وعشيرتي .. والملجأ الآن إلى العشائرية ، وسنن الجاهلية في غياب المدنية ..
... إلى زبون وعقال ، وبطون ودِلال ... إلى تفاهات ومشيات ، ترهات وهوسات ، وثارات وديّات .. ومحاقدات .. إلى ولائم وعزايم وسخائم ولطائم ؟!!!
كلا .
* *
الى علماء الملل وآيات المذاهب طَر
الى أكياس محشوة بمعلومات " أكسباير " أحرى أن ترمى في البحر
بعدما لوثت اليابسة ، وسممت حياة البشر
كلا لا وزر ... الى ربك يومئذ المستقر
* *
إلى جاري ... وما زال النبي يوصي بالجار .
.... إلى عدو يَعد عليّ أنفاسي .. وخطواتي .. وكتبي ..
وزواري .. وأفكاري .. وأرزاقي ؟!!
كلا .
* *
إلى أهل محلتي نساءاً ورجالاً ، شيباً وشباباً .
إلى القيل والقال ، وكثرة السؤال ، والتحاسد والتباغض والكلال ، والنفاق والقبلات الكاذبات و ... كيف الأحوال ؟!!
كلا .
* *
إلى شعبي وناسي
شرط أن يقولوا جميعاً " لا اله إلا الله "، ويكونوا حقاً من أهل الله.
والمؤمنون أمة لوحدهم من دون الناس ....
فهل هم كذلك ؟!
كلا .
* *
إلى ماء وتراب وطني ....
تراب غانا ، وماء الصين ... يعطي نفس الطين .
هل من فرق ؟!
كلا .
* *
إلى تاريخ وأمجاد أمتي .
القرآن والفرعون هل يلتقيان ؟!
كلا .
* *
إلى أساتذتي الذين علموني .
... وهل منحت فرصة للتعلم ؟1
كلا .... لم يعلمني أحد
* *
إلى الله في علياءه .
سأرسل صحيفة مظالمي كلها .
كلا .....
أخشى أن يكون الله أمياً .
* *
إلى امرأة تحبني
وتخضعني قسراً لسلطان حبها ...
تجتاحني كالإعصار .
تحتلني كالإيمان
تهاجمني كالقدر ، كالزلزال ، كالمطر ...
فإذا ألقيت عليها الماء اهتزت .. وانشقت .. وربت
وأخرجت أزواج ثرواتي البهيجة المكنونة
كلا .. تلك لم توجد بعد !...
* *
إلى قلم كالصاروخ .... لا حبر فيه .
وإلى نفس كالبحر .... لا ماء فيها .
وإلى همة كالبركان ..... لم تنفجر بعد .
وإلى كلمة ...... لم أقلها بعد .
أهدي .. .. .. .. . ما محوت .






تمت
البركان الخامد ( )
عدوي ..... وعدو عدوي .
حكمة صحراوية جافة .
ودمي يتكثف ويجف في عروقي .
عيني ..... وهل أغلى من العين ؟!
كنا نلعب ...
هم يقولون ذلك .
وأنا اعترف أنها لعبة !
قبل كل شيء إنني الآن ... " أعور " .
عيني المزرقة المسلوخة تخيف الأطفال .
ولي من الجمال عموده ورداءه .
رداء فوق عمود ... يخلق خيمة !
ظل تتهاوى إليه الفتيات في هاجرة الزيف اللاهف .
وعند الالتصاق ... يكون ألقي ...
والرعب ...
والهروب .
فعيني مصابة بالزحار .
والظل فيه " براز " شاحب .
اللعنة على منجسي الفيء .
وفي أعلا وجهي ...
تحت الجبهة ...
على اليمين ...
شيء مقرف .
كتلة من بلغم مسلول !..
الأزرق والأصفر والأحمر .
ما أقبحها من ألوان عندما تحتل المحجر !..
السماء أكرههالأنها .... زرقاء .
وألعن الشمس لأنها .... صفراء .
والشفاه الحمر في قاموسي .
" سجلات جرائم تنطق بأحرف من دم " .
إنني شيء خطير ، كقنبلة موقوتة .
ككلب مسعور نهشه واحد من أبناء فصيلته .
فهو فاغر فاه أبداً يطلب ثاره .
يريد أن يغرس أنيابه الموبوءة في كل الموجودات .
أنه ميت ، يوزع الموت ، ويجب أن يموت .
كساعي بريد أوقفت قلبه رسالة نعت له عزيزاً .
وهو ابن عمي ...
عزيز عليّ ...
ولا أعز من العين .
الألم الممض . والصداع المستمر . والكون المهتز من حولي
ليتني كنت نجاراً .. نطّ في عينه مسمار .
ليتني كنت جاموسة ... فقأت عينها قصبة مسنونة .
ليتني كنت صوفياً .... لاقيّر عيني .
لأسد هذه الفجوة البركانية الثائرة .
كيما تكف عن قذف الحمم والصديد ....
وحمى الغيظ .
ليتني كنت واحداً من ملايين العوران الراضين المطمئنين .
المشكلة إني لست من هؤلاء .
أنا صبي لم يراهق .
كان يلعب مع ابن عمه في البستان .
لعبة من هذه التي تصدرها سينما العنف وتجيء بها أخلاق الحروب .
كنا نتعلم الرماية بقوس من عرجون قديم مثقوب الوسط
وكانت سهامنا من جريد النخل .
إلاّ واحداً من حديد ... كنا نعتز به .
ذلك الذي خرق عيني اليمنى حتى العروق .
خرجت روحي ...
وخرجت العين كلها ...
إذا أخرجوا السهم .
وتبدلت غير ما أنا ..!...
وتبدلت الأرض غير الأرض .
هذا في داخل روحي ...
أما في خارجها ...
فأضحت القضية مجرد ....... " سالفة " !!!
ولسوف تنسى .
بيد أني اليوم سأجعلها .... " سوالف " !!
تكتب
وتروى
رمى ابن عمي إذ رمى .
أو أن الله رمى .
ليس مهماً لدي .
المهم أني سأرمي .
وسأفقأ عينه ....
وغير عينه .
ولكن .....
إذا ما هدأ البركان .
فسيعود الأولاد للعب الرماية في فوهته الجامدة .
الحمراء ...
الصفراء ...
الزرقاء ....
التي تشبه ... فوهة عيني !...


تمت
الوَباء المستوطن
بعد مسيرة ميلين ، افتقدوا الجمل الأرقش. ولا يحتاج النهار إلى دليل ، وهي " سرقة في وضح النهار " ، نادى كبيرهم:
- لا شك أنهم أهل التمر ، إذ وقفنا نقايضهم الملح .باطل البغي ... عودوا إليهم ... هيا بنا يا ربع ...
وثارت غبرة بعيدة أدرك الزعيم ما وراءها . فدعى إليه عميدة النساء وقال لها : " هؤلاء أقبلوا يريدون جملهم ، وجمالاً من دونه.. فماذا ترين ؟! قالت : " لا عليك ، سأدبر الأمر . تلق القوم بالترحاب وأنزلهم . وإذا سألوك عن النواح والعويل فقل لهم ؛ إن الجدري فتك بنصف رجالنا ، وهذا خيرتهم قد مات اليوم . "
وفي اللحظات التائهة بين ظهور القوم ووصولهم ، كانت المرأة قد أناخت الجمل وكثفته ، ثم أمرت نساءها أن يلقين بخمرهن وعصائبهن وأزرهن عليه حتى غطينه تماماً . إنما بقي رأسه العالي شامخاً لا حيلة في إخفاءه . ورغاؤه يكاد يقرص آذان القوم ... عندما شدت محزمها ولوّحت بمعصبها في النساء ، وارتجزت تقول وهي تلطم صدرها :
- .. " يا خايبه إذن الجمل غطيها "
لئلا يجيء ويشوفها راعيها "
وبدى كأن النساء على موعد مع النواح والندب والتعديد ، فأخذن يدبكن ويلطمن ويصرخن بكل قوة وهن يدرن حول الجمل البارك حتى تكفل الغبار بتغطية كل شيء ، وكما عمّى الصوات والعياط والعويل على رغاء الجمل المضطرب وهو يفتح فاه كالتنين المرعب وينشر شقشقته البيضاء في كل اتجاه .
ولم يترجل الخيالة ، إنما صاحوا بالرجل يهددوه بكل عنف وقوة :
- " هات الجمل يا لص ... وإلا سقناكم الآن أسارى على جمالكم .. "
وبينما الرجل يلين معهم الكلام لينزلهم أضيافاً على الرحب والسعة ... التفتوا ناحية الديار ورؤا الغبار وسمعوا الهضل والعويل ، فسألوه عن جلية الأمر .
قال لهم بحزن وألم ، وهو يمسح عيونه بكمه : " أنه الجدري اللعين قد حل بنا وفتك بخيرة رجالنا ".
وحالما سمعوا باسم " الموت " نفضوا عباءاتهم ، وتعّوذوا وتنادوا للهرب ... " يا يابه جدري ، فرّزا أيها الربع بأعماركم " . بينما كان الرجل ينادي في أثرهم : " تعالوا تعالوا فتشوا الديار " .
وانهزموا غانمين السلامة ... فالجمل قد تلوث بالداء ، ولو أخذوه لأحرقوه ، فهم تاركيه وأن رّأوه رأي العين ، ولا حاجة بـ" الخائبة " لأن تغطي أذنه ، أو رأسه !.. أنهم لم يمروا بعدها بالحي الموبوء ، خوف الإصابة بالداء . غير أن الحيلة قد تكررت مع الكثير من القوافل المارة من هناك ..... وظل الوباء مستوطناً تلك الديار .
تمت
لّما يبكي ويضحك ...... عزرائيل !!
ما كانت السفينة لتسعُ كلا طفليها التوأم ...
فعبّرَتْ احدهما ، وعادت لتأخذ الثاني .
في وسط اليم .... أمِرْتُ بقبض روحها .
وظل الرضيعان اللطيمان ( ) يصرخان على الضفتين .
عندها بَكَيت ....... يقول عزرائيل .
لكني ضحكتُ ، بعد أربعين عاماً ....
عندما أضحى الوالدان ملكيَن .
أحدهما على المغرب ..... والآخر على المشرق !!
وقد يجسن القدر السلطة أحياناً !




تمت
الليل الأخير
أسير على غير هدى . يحتلني الدمار من الداخل ومن الخارج . صرت أحب اللون الأحمر ، وأعشق منظر الحريق . قال لي أحدهم : " شباب كذباب التسي تسي " . ظننتها شتيمة ، ورددت على الفور ، ضربته في جانب رأسه ، وخرشت أسنانه . أمس قالت لي عشيقتي تعال انزح لي مرحاضي ، واحفره حتى العمق . لكني كنت في شغل فاعتذرت . صور الجماجم والعظام تطوق عالمي . تركت المدينة وأهلها ، لما وصلت إلى المكان المحدد لم أجدهم . حزنت كثيراً ، ورميت أطلاقات في الهواء وبطريق رجوعي دست على رأس أفعى ، فتقلصت كالعصا ورمتني بنفسها ، التفت على رقبتي ، خنقتني بقوة ، ضاق عليّ النفس ، وغبت عن الوعي . ثم سمعت صوتاً غريباً ، انتفضت وهربت ، وعادت إليّ روحي ، لما غادرت الحية . وطاف بي طائف من الجن ، حملني إلى عوالم متحجرة ضاحكة . رأيت أحدهم جاء يغير نحوي على حصان لا رأس له ، ولكنه قفز فوقي ولم يمسني . وخلفه جاء رجل مفتوح البطن يسحب أمعاءه ، تسيل دماً وصديداً ، ويحمل بيده مدية يبقر بها بطون المارة . وجاء رجل طويل ، عظيم كالجبل ، يضع في جيوبه أناساً كثيرين ، ويخرج منهما واحداً بعد واحد ، يرميه في حلقه كمن يكرز الحب ، وثم يرمي العظام والشعر كما يطرح القشور بعد سحقها . وإذا صادف نخلة تناولها بيده وقضمها كراس فجل . جاءت ذبابة تسعى إليه حتى إذا حطت على جسده ، قفز قفزة الملدوغ ، ثم سقط يشخر كالثور الأسطوري ..... وبقيت أسير ذلك الليل ، ولم ينبلج الصبح حتى النهاية . خمنته أحد سببين ؛ فأما الشمس قد انطفأت ، أو توقفت الأرض عن الدوران !!....


تمت


صورة رمزية هلامية تنقل المعاناة الروحية والنفسية والشطحات الفكرية والعاطفية التي تحتل كيان بعض الشباب وتأخذهم في عوالم ظلامية رهيبة في تيه الظلم ، والأمل الأسطوري في الخروج من القمقم العبثي المرعب .
صراع أيدلوجياً
أنا قبله بدأت معها المشوار .
وجاء هو بعدي بزمن طويل .
وذهبنا نستبق .... وتركنا متاعنا .
كنا كفرسَيْ رهان .
من يحوز قصب السبق .
كنت قد قطعت نصف المسافة إلى قلبها .
عندما دخل هو المضمار .
أزعجني دخوله المفاجئ على الخط مثل متطفل دنيء .
قلت : " أنا أحببتها قبلك " .
قال يستفزني ساخراً : أنها ليست مقعَد في باص "
وقالت هي : " إن تذاكر أوتوبيسي غالية " .
من علمها هذا التعبير المبتذل ؟!
أول ما عرفتها كان لسانها سليماً .
وكذلك روحها .
لذا أهديتها نسخة من المصحف الشريف .
ثم أردفتها بكتاب عن روح الإسلام لعفيف طباره .
وكنت أقدم هداياي بدون مناسبة .
أما هو فقد اختار يوم " عيد ميلادها " .
وأهداها قرآناً من ذهب ، فيه سلسلة .
علقته في رقبتها وهي تغمض عينيها بانشراح ، وتقول :
- " الله ... يسلم ذوقك . أنت رائع " .
أنه ذات كلامها يوم قدمت لها القرآن الورقي .
أيَعقل أن يكون غيَّرها بهذه السرعة !
كلا لم يتغير شيء .
أنا واثق أنها فقط إنما تجامل هذا ( الحمار الذهبي اللزقة ) ! .
ولأدَعَهُ يحمل أسفاراً مما يشاء .
حقائب ، أحمر شفاه ، أحذية ، حلي عطور ، ثياب مجلات ....
وأن كان قبولها الحسن يغيضني .
لكن تبقى أحاديثي أنا تلقى لديها قبولاً أحسن .
" إن كلماتك هي الأخرى من ذهب " .. هكذا تقول .
هي جيدة الإصغاء والتسمع .
حديثي الأول معها كان عن الإيمان .
قلت لها : " إن النفس إذا آمنت اطمأنت " .
وثم تسامت في علياء الفضيلة والطهر .
وكدت أقنعها بضرورة ارتداء الحجاب .
لكن اللعين خرب كل شيء .
عندما أهداها بَلوزاً قصيراً الأردان ، واسع الأكمام .
وعناداً له وكيداً ، فقد اشتريت لها خماراً .
لكنها لبست البلوز والخمار معاً .
لا بأس ، أنها محتاجة إلى مزيد من الدرس .
ورحت أنظم لها محاضرات طويلة في الوعظ .
وأعطيتها المزيد من الكتب .
لأبني حولها أسواراً منيعة من الحصون الذاتية .
لأمنعه الوصول إليها ،.
غير أنه بضحكة واحدة ، كان ينسف ما أبنيه .
هو لا يتحدث مثلي .
إنما هو .. يضحك فقط .
وهو قادر على إضحاكها ، وجعلها تموت ضحكاً .
أما أنا فما أفلحت إلا في جعلها مًطرقة .
وكنت قبلاً أبْكيها لما أقرا لها عن الحسين .
دعوتها أمس إلى لقاء . لنضع النقط على الحروف .
لكن المتطفل العنيد جاء وحشر نفسه .
وبتحدٍ قال : .. قل لها .... وأقول " .
- " ما أنت ، ومالك بها ! هي إلي .... ولديني "
- " بل هي لي ، ولقلبي " .
وصممت جاداً أن أضربه في قلبه .
لكنها – جادة ، أو هازلة قالت تسألني : ماذا ستقدم لي من مهر؟
قلت : " سورة أحفظها من القرآن " .
هبطت رأسها إجلالاً .....
ولعلها كانت تفكر .
لكنه قطع عليها تفكيرها بضحكة مطرقعة ، أطلقها كرصاصة ... وقال :
- " هذه نكتة العام الهجري الجديد " .
وضحك .. وضحكت معه .
واستمرا يضحكان .
وهو يحكي لها نكتاً بعد نكت .
وطرائف وقفشات .
ويحدثها عن الموضات و الموديلات .
ويثني على جمالها ، ورقتها .
وعذوبتها وسحرها .
ووداعتها و .....
وكان ماءه يعلو شيئاً فشيئاً .
حتى غطاها وحملها .
ثم صار تياراً عارماً .
..... دفعني بعيداً .
لا تحطم على صخور التراث !!

تمت
غش في درس الدين
لم يأمر المدرس بمحو وتنظيف لوح السبورة ، فالمكتوب عليها كان بأحرف انكليزية . وما كان بحاجة لأن يكتب عليها ، فالحصة مخصصة للامتحان بمادة التربية الإسلامية ، وشرع فوراً بتوزيع الأسئلة وقراءتها ؛ وهي كالعادة ثلاثة أسئلة كأنها واحد ، أو واحد في ثلاثة ، هكذا هي الكليشة دائماً :
- أكمل قوله تعالى من الآية كذا الى الآية رقم كذا ...
ومثله الآخر .... كذلك السؤال الثالث ..
هذا المدرس يريد من طلابه أن يحفظوا القرآن الكريم ، كأنهم ورثوا عقل ابن سينا وعبقريته !.. ولعل الشيخ الرئيس ليعجزه ما أتوا من ابتكار مدهش كانوا بفضله موضع مدح وثناء أستاذهم ، فلقد كتبوا الآيات مضبوطة بالشكل والتحريك وعلامات الوقف واصطلاحات الضبط وترقيم الآيات ، حتى جاء كل منهم بورقته الامتحانية وكأنها صفحة من القرآن الكريم.
غير أن واحداً من الطلاب بدى في نظر الأستاذ مجنوناً ، ذلك أنه كتب الآيات بلغة عربية وحروف لاتينية !.. ولما سأله : " ماذا أنت فاعل يا هذا ؟ قال له ببساطة :
- لقد كنت أنقل ما هو مكتوب على السبورة يا أستاذ ، مثلي مثل كل الطلاب ، مع فارق لا أراه مهماً ، ذلك أنهم حولوا الآيات إلى حروفها العربية ، ينما أبقيتها أنا على الحروف الإنكليزية".
جن جنون الأستاذ إذ عرف اللعبة . وأصر على تسميتها " جريمة " ، وتعامل معها على أنها جريمة . فرفع تقريراً إلى السلطات الدينية والدينوية في البلد يطلب فيه الضرب على أيدي المجرمين ، وذلك لاقترافهم جريمة من ثلاث شعب هي : " الغش " و " التفنن في الغش " و " الغش في درس الدين " .
أما الغش فعلى السلطات التربوية اتخاذ الإجراءات بحق الغشاشين حسب اللوائح التربوية المقررة .
وأما " التفنن في الغش " فهذه جريمة مدنية خطيرة ، وجنحه يعاقب عليها القانون المدني بالحبس .
وأما " الغش في درس الدين " ، فهذا له شعبتين : الأولى تخص الغش ذاته من وجهة النظر الدينية الشرعية . والثانية تخصُ كتابة القرآن المنزل بالعربية بأحرف أعجمية !..
وبقيت القضية تتفاعل طويلاً ، وتضطرب في الملفات والدوائر . ولكنها انتهت أخيراً بنقل ذلك المدرس إلى مدرسة نائية !!... وقد يجسن المجانين استخدام السلطة .

تمت
على ملة رسول الله
دخل دارهم ديك غريب ، فقام من فوره مرحباً .
- " أهلاً ، أهلاً يا أعز الحبايب ، يا قرة عيني ويا مهجة فؤادي ".
وأمر صبيانه فتحاوشوه وأمسكوه ، ثم أدنوه إليه .
قالت له امرأته : " هذا حرام " .
فرد عليها ساخراً : " وماله يا حبيبتي ؟! نحلله ! "
وتله للجبين ( ) ... فيما دعا بسكين .
ثم وضع أصابعه في أذنيه ، وصاح بأعلى صوته :
- " من ضائع له .... "
ثم همس مع نفسه لا يكاد يسمعها ... وأضاف :
- " ديك " .
كررها ثلاثاً . ثم قال مقرراً :
- هذه اللقطة لا مالك لها ، فقد أشهرناها ثلاثاً وعّرفناها حسب الأصول الشرعية ، ولم نظفر بمالكها ، وعليه فللملتقط أن يتملكها ، أو يتصدق بها عن مالكها . والأَوْلى هو الأخير ( ) . فإلى روح صاحبك يا ديك حياً كان أو ميتاً ، نهدي ثواب لحمك ودمك وريشك وعظامك و ... ذروقك ... أي نعم حتى الذروق فيه ثواب .
وأشرعه للذبح وقال :
- " بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله !!




تمت
نهّاب وَهّاب
رآه مربوطاً في ظل شجرة التوت الكبيرة على الشط ، ناعماً بالشبع والري ، سميناً معافى ، يجتّر نائماً في الفيء السمين . والهواء العليل ينساب من صفحة الماء .
جلس عنده يمسد صوفه الناعم ، ويتحسس آليته الثقيلة ... وتمنى أن يكون خروفاً مثله يأتيه طعامه وشرابه وهو نائم . بيد أنه عدل عن الفكرة عندما سحب مديته من جيبه وتذكر حرارة السكين .
لكنه لم يضيع وقتاً في الأفكار ، بل راح يتلمس رقبة الخروف المصبوغة بالحناء ، ثم سريعاً قطعها ، تاركاً الرأس يتدلى .
وبيد أستاذ محترف ثقب الجلد من أسفل الفخذ وراح ينفخ الذبيحة حتى جعلها كالقربة المنفوخة . ثم ألقاها في الماء ، فراحت تتهادى مدفوعة بتيار النهر . بعدها غسل يديه ومديته ، وأزال مواضع الدم فلا دليل على ذبح ، أو رمي في الماء .... أو طيران في السماء !!
العملية كلها لم تستغرق لديه دقيقة أو دونها . وكان أمامه ، خلف الشجرة بخطوات معدودة ، يعمل أهل الخروف في بستانهم ؛ يجنون العنب ويصفونه في السلال ، مشغولين لاهين بعملهم عن خروفهم وما حدث له .
مشى نحوهم متخفياً وراء النخلات ، لم يروه حتى دهمهم . حيّاهم ، وراح يصافحهم بحرارة . أنه يعتبر نفسه صديقاً للجميع .. وهل من يجهل " أبو فاضل " أو " أبو طبيخ " كما يسمى لكرمه وسعة قدِره المليء بالطعام ، ولكثرة زواره ومعارفه . أنه من الوجوه البارزة ، تجده في رؤوس الجاهات – المشيات – وصدور الدواوين ومقدمة الحفلات والهوسات والانتخابات .
جلس فأدنوا إليه سلة عنب أكلها كلها . ثم تجشأ هائعاً ليرجع صداه المتكسر في الجانب الآخر من الشط . بعدها ودع القوم وسار مواصلاً طريقه دونما رفه جفن ، ولا كان السنور الرهيب قد ابتلع شحمه أو أكل سَلة !... أو خروفاً !!!
بعد وقت قصير لحق به القوم يركضون ... سألوه والهين :
- " أبا فاضل ، هل رأيت خروفنا الأقرن الثلاثي ذو الرقبة المحناة ؟! "
قال لهم ساخراً :
- " هذا هو في جيبي ، أو ربما في ( ..... ) فتشوه "وانحنى إلى أمام مشيراً الى دبره .
قالوا : " أنه منذور للإمام العباس "
قال بسخرية واضحة : " سلام الله على اسمك أبي فاضل – لعله كان يقصد نفسه – أحسبوه قد وصل إذن " .
..... بعيداً ، أمام بيته وقف على الشاطئ ينتظر الفريسة . حتى إذا وصلت تناولها وأخرجها . سلخها وقطعها . ثم ..... فارت القدور ، ووزعت الدعوات للخاصة لحضور الوليمة في بيت الوجيه المحترم الكريم ... النهاب الوهاب .





تمت
عالم الأحذية
في زمن الحصار والتدبير العراقي ، عملت حذاءاً من كرب النخيل .
سوف أشرح لكم الطريقة فيما بعد .
قلت لامرأتي : " ناوليني حذائي ( الكربة ) " .
قالت :" لقد رميته في التنور " .
... لا باس ، ربما انقطع شسعه .
" إذن هاتي حذائي الأحمر ، ذي الشريط الفضي "
قالت : " لقد أحرقته أيضاً يا عزيزي " .
- " عجباً ... لماذا ؟! " .
قالت : " حبيبي يقولون أنهم – من هم ؟! – سوف يوزعون على النساء ( قباقيب فرنسية ) ، وعلى الرجال ( يمنيّات ) أمريكية .. "
قلت لها : " صدقتِ .... أنهم سيوزعون علينا جميعاً ، أحذية على مقاسات أفواهنا " .



تمت
الهروب من الحب
لم يطق " عواد " البقاء في قريته ، بعد أن زوجوا حبيبتهُ " صفية " من ابن عمها .
هامَ على وجهه هارباً من الظلم الاجتماعي ، ولم يعرف أحد وجهته .
حتى هو ما كان يعرف إلى أين هو ذاهب وأي بلاد الله يقصد . كان كريماً بفعلته ، فما كانت صفية لتجتمع وزوجها تحت سقف واحد وهي ترى عواداً .
ومرت سبع سنين ، ونساه الناس ، ونسوا قصة حب طويلة طالما تحدثوا بها وتناقلوا فيها الروايات والأخبار .
ما بقي لعواد إلا أم تندبه في البساتين تبكيه ليل نهار . ولكنها سكتت بعد سنة . قالوا أنها سلته ونسيته . وهل تنسى أم ولدها الوحيد في سنه !... وقالوا أن المرض لم يترك فيها بقية للبكاء ، ثم ما لبث أن سلمها لصاحبه الموت بعد سنين .
وولدت صفية خمسة أطفال . ومع ذلك فأن كثيرين في القرية ما كانوا راضين وغير مباركين لهذه الزيجة ، ورافضين لكل حيثياتها ، خصوصاً المتعلقة منها في البون الشاسع بينها وبين زوجها ... قال شاب متحمس : " لا تغركم الأطفال . صدقوني لا يزيدون ولا ينقصون بالنسبة للحب والسعادة . ورأيي الثابت بزوج صفية هذا أنه حمار نزى على فرس أصيلة فأحبلها . وهذا حرام لأن معناه مزيداً من البغال وخسارة في الخيل العتاق .
صفية صابرة راضية ، راضخة لقدرها وقسمتها ، تخدم زوجها وأطفالها كما يجب منصرفة الى العمل طيلة وقتها . لكن مسحة الحزن لم تفارقها منذ زواجها . كانت تقفل نفسها على آلام كبيرة ، تحرص على أن لا تظهر منها شيئاً لئلا تعطي بعَلها البغل عذراً لإثارة مزيد من المشاكل .
وكان لا يفتأ يناقرها وينغص عليها عيشها وقد يكون له الحق ، فالمرأة تخونه في أفكارها . وتعانق بالخيال عواداً رغم بعده أو سفره إلى المجهول ، أو موته كما هو مشاع .
ثم جاءت الحرب ... فقتل زوجها في الجيش .
وانتقل حالها من سيء إلى أسوأ فقد وجدت نفسها ترعى شؤون خمسة أطفال وتتكفل بعيشهم ... مسؤولية ثقيلة بدلت حالها غيرة ، حتى كان ينكرها من يراها . أين صفية الأيام الخوالي ؛ الرقة والجمال والأناقة والكمال .. والحب الكبير من هذهِ الغراب الأسود الكئيب .
في رأس دورة السنة على وفاة زوجها ، ذهبت لزيارة مرقده في النجف مع جمع من النسوة ، يحملن له الثواب من أطعمة وزعنها لدى قبره على الناس ، ثم يجلسن للندب واللطم والتعديد ومزيد البكاء .
ولمزيد من العذاب وتعب القلب لصفية تاه منها أحد أطفالها في سوق النجف الكبير ، فراحت والهة تبحث عنه ودموعها جارية لا تعي ما حولها من فرط حزنها .
ثم فجأة رأته ..... ابنها يقوده رجل معممٌ ملتح .
وأسرعت نحو ولدها تأخذه من يد الشيخ وتقبلها بحرارة وشكر مسيلة عليها الدموع .
واستحت أن تنظر بوجه الشيخ – لكنه ظل يمعن النظر فيها . وقالت له وهي تأخذ الطفل من يده : " شكراً لك يا سيدي الشيخ . جزاك الله خيراً وأحسن إليك ، ووقاك من النار كما أطفأت نار قلبي المحترق على ولدي " .
قال لها ودموعه تطفر من عينيه : " كان الله بعونك يا صفية ، الله يساعدك ويخفف عنك " .
وما اشد دهشتها وعجبها حين سمعته يناديها باسمها صفية" !
ورفعت بصرها بوجهه فجمدت مكانها لا تريم وفغرت فاها متعجبة ، بينما أضاف وهو يفرج شفيته عن ابتسامة خجولة حنونة : " صفية كيف حالك ؟ "
قالت وهي تتلعثم خجلاً ، بينما تحمله بين حدقات عيونها : " من ؟ ... عواد ؟! "
- نعم ، أنا عواد يا صفية .. أين أنتِ يا صفية ، كيف حالكِ .
- عواد ! غير معقول ، أنت عواد ! أين كنت يا عواد ؟
- أنا هو يا صفية . كيف حالك ؟
- كيف حالي .... الحمد لله على كل حال .
- آه يا صفية ، والله إنك صعبانه علي . أنا عرفت أن زوجك قد مات .. كيف حالك الآن ؟ أرى أحوالك متبدلة غيرها .
- أنا في عذاب منذ سبع سنين .. أين كنت أنت ؟
- أنا كنت أدرس .
- تدرس !... تدرس ماذا ؟
- أدرس العلوم الإسلامية . حال مجيئي الى النجف انتميت إلى مدرسة دينية . والآن أكمل دراستي في الحوزة ... وأنت كيف حالك ؟
- هنيئاً لك والله يا أخي . وتسأل عن حالي ... أنا مت منذ سبع سنين .
- لا قالها الله يا صفية ، أنت لا زلت مفعمة بالحياة طلقة المحيا كما عهدتكِ .. والله زمان يا صفية . أنت صفية لم يبدلك الزمان رغم شدة ظروفه .
ومرت فترة صمت طويلة ، كانا ينظران لبعضهما بتأمل عميق عمق سنين الجدب السبع . ويطول زمن الصمت ، ويرفع عواد عنها ناظريه مستحرماً ليتأمل ولدها ويطيل إليه النظر .
وتلهو به عن ولدها ، وتنسى كل شيء في زحمة الذكريات ، وتتأمل هذه اللحية السوداء المنتظمة زادت ذلك الوجه جمالاً وأضفت عليه جلالاً وهيبة . لم تتغير ملامح عواد حليقاً وملتحياً .
وقالت تقطع الصمت الطويل :
- أمك بكت كثيراً لفراقك .
- فراقي !.. ومن أدراك أني حي ، أنها رحمها الله بكتني ميتاً .
- ما شككت لحظة في حياتك . قلبي كان يقول لي أنك حي .. لقد كنت حياً في قلبي .
ولما ألححت بالسؤال على أمك أسَرت إليَ بأنك حي ، وأنك تواصلها بأخبارك من مكان بعيد ما كنت أتصوره النجف وإلا لأتيتك . كنت أظنك خارج العراق ... كيف سلوتني يا عواد ؟
- أنا ما هربت إلا لأخلي الوجود حولك لتعيشي حياتك ... كان يجب أن أظل بعيداً .
- كنت مخطئاً جداً يا عواد ، أنا أتعذب ، وما كذبني قلبي بحياتك يوماً .
أنت حي في دمي وروحي كما أنت على الأرض .
- نحن عبثاً نهرب من الحب ، وعبثاً نحاربه في نفوسنا ، إن الحب قدر يلاحقنا .
- كيف هنت عليك لتسلمني يا عواد ؟
- تقاليدهم يا صفية كلها حرب على الحب . أنا الآخر كنت أتعذب وليس لنا إلا البعد ، أنت امرأة متزوجة . وما كانت القرية لتسعنا كلينا .
- ألا ترى أن الوقت آن لتعود إلى القرية يا عواد ؟
- أعود يا صفية .
- و ... نعود يا عواد .
- ... ونعود يا صفية .





تمت
الإنسان والزنبور
إن صدقت أمي ، فقد قصرّت بحقي .... أو كفرت !
وإن كذبت .... فقد أجرمت .
اخوتي الأربعة ؛ محام ومهندس ومعلم ومدرس .
وأنا الخامس " عار أخوته " صار فلاحاً !... ظل أمياً !...
قالت غير كاذبة : يا ولدي أنا أرسلتك إلى المدرسة أسوة بهم .
لكنك عدت بعين منتفخة .
باكياً من لسعة زنبور !..
ورفضت بعدها الذهاب إلى المدرسة .
- أهذا كل ما في الأمر ؟!
إني لا أقبله ... لا أصدقه منك يا أمي .
أيعقل أن " زنبوراً " يغير مستقبل إنسان ؟!!
- لقد نصحتك فما انتصحت . وكلمتك فما سمعت ...
وأجبرتك فعصيتني . وضربتك فهربت مني .
صارت المدرسة عندك " كورة زنابير " ترعبك ، تؤلمك .
- وعجزت عني ... يا أمي ؟!!!
يا فرساً أنجبت أربعة خيول و " بغل " .
" بغل " تركته بإراداتك للحمل والركوب ...
ليحمل أثقال أخوته في سفرهم نحو العلا .
ألبس كذلك يا .... " ولا تقل لهما أف " .
وحملت أثقالهم ، وأثقالاً مع أثقالهم ... عمر وأنا المحمل الأكبر !!
غطست بالطين إلى هامتي .
ارفس وأحفر وازرع وأسقي وأعمر ، حتى جعلت الأرض جنة خضراء .
كان عمري شوط عمل متواصل لا هوادة فيه .
وجلست قرير العين مطمئن البال ، أنظر مزرعتي الكبرى .
لكني نهضت مفزوعاً مرعوباً ذات يوم من حلم ... كابوس .
لقد رأيت " زنابيراً " لا عدّ لها .
تخرج من عيون ومناخير وأفواه أخوتي .
وتتكتل في سحابة سوداء .
ثم تنقض عليّ بدويها الهائل ...
تريد أن تلدغني .... تأكلني .
وفي يوم جاءني الأربعة .
كلُ يريد خُمًسَه .
 " أليست بأملاك وأطيان أبينا ؟! "
 " هل وقع لك أحدنا عقد مغارسة ؟ "
 من كلفك أن تزرع أو تعمر ؟!
 أخرج منها راغماً . ليس لك إلا كأحدنا
أهل الحق والعرف قالوا ذلك .
بل زادوا عليَّ حق الاستغلال .
وفي المحكمة ؛ دفعت لهم صاغراً " أجور المثل "
لوارد عشرين عاماً مضت ...
أمنا ظلت ساكتة ...
لكنها كانت تبكي ...



تمت
الخِصْب والإرهاب
من تلك الغافية على جنبي ؟
أشباح الوحدة .. الخوف .. الموت !! .. لا ، بل زوجتي .
نائمة أشبه بملك .
ما أجملها حبلى ....
في الصباح الباكر قمت أصلي .
بقرتنا الحمراء لا زالت نائمة .
يعتلي الديك قرونها ويصيح .
فيما الآخر يؤذن من فوق التنور .
والدجاجات يملأن الحضيرة بالكأكأة .
يبحثن بالسماد وينقرن القراد من ضرع البقرة المكتنز .
حمارنا الأقمر ذو العينين العنبيتين نهض يتمطى .
رفع شفيته إلى الأعلى " مشنفاً "
ثم اقترب من الجاموسة يشمها .
لكنها نفخت في وجهه محذرة .
ونفضت رأسها الكبير المثقل بالقرون .
لما رآني خروفنا " مياس " .
أقبل نحوي يمعمع .
نلت له ورقة توت حشوت بها فمه .
وخرج الأولاد سبعتهم .
قالت بركات :
أحذر بابا لئلا ينطحك مياس .
ونزل الكلب من منامه في أعلى الدريس .
جاء يهز ذيله ويتمسح بالصغار .
وعج الوادي بالحركة والصوت .
الجميع كانوا يطلبون الطعام .
* * *
خرجت أطلب لهم الطعام ...
منصرفي من حقول الجت بظاهر المدينة .
وقفت بسيارتي لدى أحد البساتين .
لأشتري بعض الخضر والفاكهة لأطفالي .
هل كانوا يراقبونني ؟!
تحركت قليلاً ... أنه طريقي اليومي
لدى القنطرة الصغيرة جذع يسد الطريق !
من وضعه ؟!
وقفت .. نزلت لأوخره .
من بطن النهر ، وأشجار الصفصاف الكثيفة ...
خرجوا إليّ ملثمين مشهرين السلاح .
بسرعة كمموا فمي
لم استطع أن أصرخ .
حملوني ... دفعوني في السيارة .
المسدسات فوق رأسي .
جللوني بالكيس الأسود
لم أعرف أين ذهبوا بي .
البساتين والبزول ... هم أدرى بشعابها
قريباً عند (الأرجل ) فيما أظن ... ومن أين تأتي الحمى ؟!
ليسوا بعيدين يقيناً .
" نريد ثلاث دفاتر "
أعرف من قالها ... أنها لغة أهلينا العراقية .
أمَرّوا سِكين الذبح على نحري ..
وأنا أخابر زوجتي وأطفالي ليتدبروا أمر الفدية !.
كانوا ينتظرون مني الغداء .
أتتني ضربات ... صرخت ... تأوهت ... خرست .
لا أملك غير حيواناتي العزيزات ... وأطفالي .
وقد بقوا جميعاً بلا طعام .
* * *
تمت
الهوبعَة
انضممت إلى الجميع ورحت أتطلع مثلهم نحو السماء وأمد بعنقي بقوة إلى الأعلى . كانوا يؤشرون رافعي أيديهم نحو القمر وهم يصيحون : ذاك .. ها ذاك " .
وتقاطر أهل السوق يتدافعون . وكلما مر فوج حشروا في الجمع وأخذوا يعملون عملهم .
إلامَ ينظر هؤلاء ، وعلام يؤشرون ؟!... تساءلت فقال لي أحدهم بلا ارتياح : " مالك لا تفهم لا تعي !.. ألا ترى الناس ؟!.. تنظر الى الزعيم عبد الكريم ، قد ظهرت صورته في القمر " .
ورفعت نظري ويدي أتحقق ، ولكني لم أرَ شيئاً .
قلت : أين هو ؟.. أروني ...
ونهرني الجماعة بغيظ يقولون :
- " أأنت أعمى مفصّص ، أما ترى صورة الزعيم تتلألأ ...
هاذاك .. ها .. اها .. ذلك وسط القمر "
وحققت النظر ثانية . وبحلقت جيداً ...
الناس تؤشر وتتصايح : ذاك ... ذاك ... هاذاك
قلت لرجل يقف بجانبي ، على استحياء وخوف :
- " أنا لم أره ... أآنت تراه ؟
أشهر أصابعه في وجهي صارخاً :
- " عمى يعميك . أما الناس كلها تراه .. مالكَ أنت ! "
وقال له أحد المؤمنين :
- " اتركه ... هذا أعمى قلب مفتح العيون ..... " ومن يضلل الله فما له من هاد " .
عندها استدركت كمن عرف خطأه . وصحت بانبهار :
- " أي والله ذالك .... ها ذاك " .


تمت
الاختطاف
أرسلت أمي تخطبها لي .
وأبي كلم أباها ... وحصل القبول .
وقبل ذلك كنا .... وكان الحب ، بمطولاته الملحمية .
ليتها تسد .... كل طرق العالم .
والسيارات ..... عساها ما وجدت ، ولا كانت !
بهذه السرعة ... تذهب حبيبتي ... يا عصر السرعة ؟!
أيستفيد الجميع .. وأدفع ضريبتك وحدي .. أيها " التطور " !
... كل شيء متأخر في قريتنا النائية إلاّ شيء واحد .
ذلك هو " الطريق الدولي العام " الذي تقع عليه .
مر أحدهم بسيارته " المودرن " .
إبتاع منا عنباً ورطباً ..
والتفت يميناً ، فرأى فتاة رائعة الحسن .
قال : ما اسمك يا حلوة ؟
فانثنت خجلاً ولم تجبه ؟
إلاّ أن الأولاد – لا ولدتهم أمهاتهم –
الذين طافوا حول سيارته متعجبين ....
قالوا له أنها " كوثر " محبوبة " مازن " .
وبينما ذهب أبي إلى المحسنين ...
يقترض منهم مهراً لكوثر !
جاء الرجل - المتطور جداً – يحمل حقيبة نقود !
أعطاها كلها لأبيها !
وشملهم جميعاً بعطفه ، وحنانه و ... تطوره !
وعلى جناح السرعة ، بساط الريح ... متن القوة ...
حمل كوثر .. وذهب !
أنا اعتبرت ذلك .... اختطافاً !!
ومن يومها وأنا أرمي الحجر في الطريق .
كي أمنع " المتطورين " من المرور !
ومزيد الاختطاف !!!
تمت
" حَب . سگاير . علچ "
رأيته بأم عيني يسرق اثنين من الركاب النائمين !...
ثم تحول إلى الثالث ...
كانت عيني تراقبه ، وترصد له بشكل دائم أنواعاً شتى من جرائم السرقة الصغيرة .. ولكني لا أغير المنكر إلاّ في قلبي ، وأكتم الشهادة إلاّ عن الله وهذا الورق الأصفر.. وأسكت عن الحق كشيطان أخرس ، حيث أعلم أن هذا المصري المقرقم المقتحم ، إنما هو ضابط في جهاز أمن العراق .. عراق صدام !....
ومع مهنته السرية هذه .. يمارس " شحته " - وهذا هو اسمه المعلن – مهنا علنية ؛ منها صبغ الأحذية على أرصفة المحطة ، وبيع الحب " المُكسّرات والكرزات " والسگاير والعلك في القطار .
أحد الركاب متكئ برأسه على المقعد .. أراد أن يكشف إن كان غافياً كي يدس يده في جيبه !.. أمسك برأسه المائل إلى الخلف قليلاً ، فأحس الراكب في التو واللحظة وفتح عينيه ، فقال له " شحته " على البديهة ؛ أو لعله عذر حاضر للطوارئ لديه . " أصلك كنت بتشخر ، ورأسك مايله ، فعدلته قلت ( خطية ) .. " قالها بلهجة عراقية .
قال له بنية حسنة : " شكراً " ... ثم عاد إلى نومه .
وغاب شحته وقتاً ، ثم عاد بعد منتصف الليل تسبقه زيطته " حب سگاير علچش " ... هذه يرددها كأغنية أعجمية لا معنى لها لديه ، إنما يجد فيها مادة لهو ، أو لأزمة تكرارية هي في الحقيقة جزء من " عدّة الشغل " وهو يكررها بمرح وسعادة ، لشعوره بأنه إنما يضحك على شعب كامل بهذه الوسيلة ، فيما الحكومة تعطيه أجراً عالياً فوقها !!..
كانت العربة مكتضة بالمسافرين .. بعضهم ينام على الأرضية . جلهم من الجنود الأشاوس ( حراس البوابة الشرقية ) قد عادوا من جبهات القتال بالإجازة الاعتيادية ، فهم مُتعبون مُترَبون ، ترى كل منهم يضع طاقيته " بيريته " على وجهه ويتكئ برأسه إلى ما وراء الكرسي ويغط في نوع عميق .
السكون يتمزق بفعل العجلات الحديدية القاسية .. ولكن تلك الزمجرة الرهيبة لا تلبث أن تتحول بفعل الرتابة والاستمرارية إلى سكون .. وتتمايل رؤوس المسافرين برفق ، ويعلو الشخير ، وتطوف الأحلام على الجميع كملائكة تطير في فضاء العربة .
ويدخل ( الشيطان ) بجوقته ، يطلق عدّة قنابر تنوير من طراز " حب سگاير علچ " ليرى على ضوءها النائم من المستيقظ . ويتناهى صوته إلى الأسماع الحالمة ، فيتحول في الطيف إلى صور شتى ..
أحد الجنود يبتسم وهو نائم . لقد كان لحظتها يتمشى في منتزه مع حبيبته . وسمعا بائعاً متجولاً ينادي " خطأ! ارتباط غير صالح." فاشتريا منه ... وثانِ يحيط به كابوس ، فيجد نفسه وهو القادم من الحرب قد عاد إليها ، وها هو في المرآب العام – الگراج – يبحث عن سيارة ولا يجد ، وتصك أسماعه زعقات باعة المُكسرات واللفات والشرابات .
لم يكن " شحته " يحمل شيئاً مما ينادي عليه . إنما هو جاء يغني أغنية منتصف الليل ، ويديه يضعهما في جيوب سترته القصيرة العريضة المنتفخة ، ويسير محدودباً يطئطئ رأسه منحنياً يبترد . ويبدو وهو الضئيل النحيف كأنه ابن آوى جائع يتربص بدجاجات نائمات ليقتنص منهن ما يشاء .
ومن ناحيتي تحولت أنا الآخر إلى ابن آوى ، ورحت أنام بعين واحدة . ورفعت قوة شخيري إلى حدها الأقصى . كنت أنصب له فخاً منذ زمن لأضبطه متلبساً ، ولكنه لم يأتِ إليّ ، إنما قصد جاري في المقعد ... امسك رأسه ، عدله ، فتأكد أنه نائم . بعدها تحسس جيوبه ، ومد يده بثقافة السنور .. انتزع محفظة نقوده .
في ذات وقت العملية الشيطانية كانت يدي قد استقرت على بقعة من جسد صاحبي ، لم أتبين ما هي وأنا نصف مغمض ، ولكني قرصتها بقوة ، فهب جاري فزعاً ، وقام وهو بعد نائم ، وامسك اللص بتلقائية .
حملق في وجهه متعجباً غاضباً إذ رأى المحفظة في يده وقد أسرع اللص بإسقاطها على الأرض .
دون كلام أو مراددة بسؤال وجواب أعطاه صفعة معدّلة طرقعت كالانفجار وهو يصيح به : " كلب ابن الكلب ، سرقت المحفظة وفوقها تقرصني ! "
استيقظ الركاب وقام بعضهم بدافع الشفقة ليخلص الخسيس من بين أيدي الجندي الغاضب ذي الدم الحار . وكان اللص يصرخ مستغيثاً ، حتى إذ خلصوه منه انبرى مهدداً وهو يعدل ثيابه وشعره المشعث ، مغتراً بقوة يحسها فيه :
- " أنا حَطرْبقها على دماغك النهارده يا ابن الوِسخَة " .
وتوجه إلى الركاب يقول لهم بلهجته المصرية ، كأنه يوضح لهم الحالة مفصلاً :
- " حقه والله صحيح خير تعمل شر تلقى . أنا كنت بعدل دماغه المايله لأنه بيشخر زي الثور ، قام مسك فِيّ ، قال إيه ، أنا كنت باسرقه ... والله عال .. يا أخوانا أنا مش ..... "
وقاطعه جندي آخر من الركاب كان لا يزال ينام على أرضية العربة في الوسخ والتراب متوسداً حذاءه ... قال وهو يلوح له بجزمته العسكرية الثقيلة المحشوة بالمسامير :
- " أخ والله لولا إني نعسان هساع وبحلوة نوم ، لكنت قمت عدلت دماغك المايل بهذا البسطال "
ثم وضع طاقيته على وجهه ، وعاد إلى نومه دون مزيد .
شحته ما يزال يتفلت يريد الخلاص ، واجتاز الجماعة إليه شيخ متوسط يلبس عقالاً وشماغاً ...
امسك به من تلابيبه وهو يقول للمحيطين به بلهجته الجنوبية :
- " شباب بالله عليكم أرخصوني شوية . أنا أريد أحاچيه وأفهم منه شنهي السالفة " .
ثم توجه إلى اللص ليبدأ الحوار بأصوله العقلانية . قال له بسلام المضايف :
- " عمي ... الله بالخير "
رد عليه بلهجة صلفة غير مبالية :
- " أهلاً وسهلاً .. عاوز إيه أنت الاخر ؟ "
قال له الشيخ باستغراب :
- " انت شنو بوية إنس ، جنس .. شسْمك ومن يا عمام .. سولفلي أهلك وين من يا عرب .. "
رد المصري باستكبار :
- " بلاش هزار .. عايز إيه انت الاخر .. متقول أنا سرقتك كمان ! "
ويبدوا إن الرجل لم يفهم منه شيئاً ، إلاّ أنه استاء من لهجته الشديدة ، ولعله ظنه يشتمه ، فقال بتفجر :
- " وفوقها تشتمني .. لا أنت مالك غير العگل تعدل راسك " .
ونزع عقاله من راسه ، وراح يضرب اللص بقوة ، لكن الجنود منعوه وحجزوه عنه ، فيما هو يحاول التخلص فيمد يده إلى منافذ سترته ليستخرج مسدساً يخفيه فيها . لكن الجنود كانوا يحكمون وثاقه فلم تفلح محاولاته في الهرب والتفلت .
صك أحدهم قبضته على رقبته يريد حنقه قائلاً بلهجة تحقيقية :
- " قل لي ما هو قصدك وأنت تمد يدك إلى جيب الجندي ، إذا لم تكن تريد سرقته ؟ ... شلون البوگ أحمر ، اصفر !.. "
قال اللص بلهجة عراقية متكسرة :
- " أنا قلت ( خطيه ) راسه مايل ويتنفس بصعوبة . "
قال الآخر بلهجة تمثيلية ساخرة :
- " هل إن مهمتك الرسمية أن تدور على الركاب تعدل رؤوسهم !.. من كلفك بهذا ؟
وصاح صاحب المحفظة :
- " يا جماعة أنا أمسكتها بيده ، ضبطته متلبساً .
وقال آخر : دعوني مع اللص حتى باب الدار ، وتقدم منه يمسد كتفه وظهره ويقول :
- " كم أنت رقيق رحيم بالناس . عملة نادرة أصبحت لا يوجد مثلك . معجزة أهل الكهف عادت . أنت انقرضت منذ قرون كيف عدت . أنت يجب أن نحنطك ونضعك في المتحف .. أنت تحفة نادرة . درة يتيمة .. هيا الى المتحف .. اليوم أحنطك . أخللك .. أسويك طرشي .
الطمأنينة في حدها الأقصى لدى الجندي بأن هذا اللص سوف " يُحنط " كحشرة ضارة في سجون صدام الرهيبة .
وسحبه من يده وسار به وشحته لا يتمنع حتى وصل به إلى مفرزة شرطة القطار ..
استلموه شاكرين .. وقالوا له أن مهمته انتهت ، لكنهم كانوا حريصين على صرف الجندي بسرعة كيما يغادر المكان ثم اعتذروا لشحته وأدوا له التحية فيما تنحى كبيرهم عن مكتبه فجلس عليه شحته وأمسك التلفون متصلاً بمديرية الأمن في الناصرية على الفور ليعملوا استعداداتهم للقبض على مجموعة إرهابية من أعداء القيادة الحكيمة والأمة العربية المجيدة .
اُنزلوا جميعاً وسيقوا مُكبلين مخفورين .. ذهبوا ولم يعودوا . فيما بقى شحته يردد نشيده الساخر " خطأ! ارتباط غير صالح." وهو دائر بين العربات .


تمت


لا يؤمن بشيء

بعد الأمة العربية المجيدة ... الوحدة والتراث !
آمن بالاشتراكية ... الطريق الخاص !
ليس الشيوعية ولا الديمقراطية !
عما قليل غادرها إلى ... القطاع المشترك !
صار بعدها رأسمالياً .... معادياً للولايات المتحدة الأمريكية !
فأعلن في مقابلها : " الولايات المتحدة .. العربية ! "
ولما رأى أنه ينفخ في قربة مثقوبة !
أبدلها غير هياب ولا متأسف بـ" الولايات المتحدة الأفريقية " !
عنوان أسود جميل ...
لكنه محترق هالك مبدد مُستعْبد !
قطار محطم راكس في وحول استوائية !
في الشمال ؛ السوق الأوربية المشتركة تبهره !
واليورو .. العملة الموحدة تكتسحه .
لا يصدقه .. يُجَنّنُه .. الاتحاد الأوربي !
بديلاً للعداء التاريخي القومي
الحربان ... والصراع الاستعماري
عالم لا يفهمه . كيف يتحرك .. لا يعي ما يرى ويقول !..
ألا يعلم أن الإنسان هناك مختلف حضري ؟!
هاهم يعلنون ... الاتحاد المتوسطي !
العولمة ... النظام العالمي الجديد !
وسائلهم لخداع العالمين !.... يقول الإسلاميون !!
- علمائنا !.. لهم بالمرصاد " علماء المسلمين " !.. لديهم البديل !
الصحابي ابن لادن ... يغزو منهاتن !
والإمام الخميني وصحابته ... ينطح الاستكبار .. بعمامته !
وعبد الله المؤمن المجاهد ينازل قوى الشر العالمي البائد !
والمهدي سيملؤها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً ...
والمسيرات المليونية ...
حيى على الصلاة ... والزيف والمهرجانية !
الله أكبر ... إليها .
العولمة توحد العالم . . الكفر والإيمان يقسمان العالم
الإرهاب يهدد ، يبدد العالم !
الجاهلية ... تغزو العالم !
الانفجار السكاني ... ناقوس خطر !
الاحتباس الحراري ... إنذار بالفناء !
السماء تنشق ... النجوم تنطمس ... المنابر تهتز !
سقطت الكراسي الإسلامية !...
كلا ، أنها موصولة بأوتاد تربطها بعرش الله !
تكاثرت المسامير المدقوقة في جبين الله !
النزف خطير جداً ، التلوث ... في دماغ الله !
سقط الله ... مات الله !

تمت
" باقةُ عَدَس "
سرق ونهب ونصب وغصب ... وهرب بجريمته الكبيرة حاملاً غنيمته على كتفه لم يدَعْها ، والقوم خلفه يطلبوه بين بيادر العدس .
وعلى بُعد خطوات من الحي الآخر ، وفي غمضة عين ، دس كيس المسروقات الثمين في بطن بيدر . وأخذ باقة عدس ، باقة صغيرة واحدة لا غيرها ، حَمَلها بيده ، وهو على حال ركضه السريع .
والتقاه رجال الحي يستجلوه الأمر ، فقال في نفسه : " الذي يدري فأنه يدري . والذي لا يدري ، فأنها ... " .
ثم رفع الباقة يلوّح بها أمامهم ، وجهر بالقول ، لاهثاً أنفاسه :
- " أنها باقة عدس .. " .
فصاح زعيمهم باستنكار وغضب :
- " باطل !!!... أهذا الطلبُ كله خلف واحد أخذ باقةَ عدس ؟! "
وتناخى الرجال لنجدة الدخيل الضعيف الغريب الجائع الشارد المطلوب . المضطر ...
والتقوا " البغاة " بزمر البنادق وصدور الخيل ، يصدوهم ويمنعوا الدخيل .
لكن الطالبون ظنوا أن هؤلاء إنما ينصروا المجرم ، بل هو منهم ، أرسلوه بغياً لإثارة الحرب وإفشال السجال الهدنة القائمة بين الحيين المتناحرين منذ القدم .
لم يوقفوا خيولهم عن زحفها ، ولم يسحبوا الأعنّة لتخفيف وطئها ، وغلب السيف العذل ، واشتبكوا معهم بضرب ملتهب .
ودارت رحى الحرب ، واشتد أوارها ، وثار غبارها ، حتى عفت آثارها ، ولم يعرف الثابت من فارّها ، ولا محترقتها من نُظّارها . ودكّت سنابك الخيل البيادر في مضمارها ، فغدت تراباً ضيّعت أخبارها !..
وعثرت رجل جواد بشيء كان مدفوناً بتراب العدس . وتبينه الفارس فإذا هو جراب مليء بالذهب والحاجات الثمينة . فحمله على رأس رمحه ، وانطلق بين المتحاربين يصيح :
- كفّو .. لقد وجدتها .
واستكانوا ... ثم كفو عن القتال .
واستبان الرشد فإذا المناجزة قبل المحاجزة ، والسيف قد سبَق العذل .
وطلبوا صاحب الباقة فلم يعثروا له على أثر .
وعادوا فما وجدوا إلاّ أنفسهم يلوموها ويبكتوها ويلعنوها .
ولكنهم حتى في اللوم لم يتفقوا وانقسموا أحزاباً وجماعات ومُسميات ...
ففريق سماه بيوم البيادر ... وإنها لبيادر من الحمق والغفلة والجاهلية ، سحقت بيادر من غلال العدس .
وآخرون قالوا : بل هو يوم باقة العدس ، وأنها لأكبرُ من باقة أحلامكم وأفكارهم .
وكثر التبكيت واللعن ، فخرج جماعة يلعنون اللاعنين واللائمين والمبكتين ، ويقولون ؛ أنه لا لوم ولا تثريب ، فإنما ذاك ليس رجلاً البتة ، إنما هو إبليس بشخصه جاءكم يحمل باقة عدس وأنه لقدر مكتوب ، وسمى هؤلاء ( المؤمنون ) فيما دعاهم خصومهم " المارقون " واعترض مجادلون على " تجسيم " إبليس ، بأنه هرطقة وتضليل وزيف ...
فيما عُباد لإبليس انتصروا لربهم بالسيف . وآخرين أعلنوا الحرب على الفريقين الضالين وسمو بـ" الفرقة الناجية " . ثم تقسموا أحزاباً وكتلاً وجبهات ... ومحاصصات !!
واختلف الناس من يومها فهم في خلاف واختلاف حتى قيام الساعة .


تمت
اللثام
أناديها بـ" قطر الندى " .
وتدعوني أيا ... " بل الصدى " .
قالت : موعدنا غداً .
عصيراً ... تحت السدرة .
وحضرت ككل مرة .
فخرج إليّ رجلٌ ملثم بالمرة .
قال : من هذا ... فلان ؟!
قلت : نعم ... وأنا أرتجف كالبردان .
فخرست وخفت ... وتأهبت للنزال .
فأنه ؛ واحد من أهلها !... أو أحد العذال .
قال : جئت تلتقي " فلانة " يا خلي البال .
مكانك ... سأريك فعل الرجال .
واقترب مني سألاً خنجر الردى .
وكشف لثامه ، فإذا هي .... قطر الندى !!

تمت
شعبُ الفلاسفَة
تعداني مُسرعاً . وما كنت مصدقاً أن مثله سيقف لمثلي في ذلك المنقطع من الطريق العام ... ودهشت لما شطحت السيارة على الإسفلت ، ووقفت قربي بمسافة قصيرة .
ركضت نحوها مهرولاً . فتحت الباب ... جلست متهالكاً على المقعد الوثير الدافئ ، بعد ساعتين من الوقوف الشاق في البرد والظلام .
لما سلمت ، رد السلام بتحبب وود ، وزاده عبارة " هلو يا ورداني ، يا روحي وكياني " ... كان مزاجه منبسطاً على ما يبدو حتى أخر رواقة .
ضغط بكل قوته على دواسة البنزين ، فانطلقت السيارة وهي تعيط ، كأنها تستنكر فعلته .
السرعة على أقصاها ، والمسجل يصرخ بأعلى صوته وهو يدور شريطاً من هذا الغناء السوقي المنحط لمغنٍ شعبي معروف بعهره .
قال : أتعرف هذا المطرب .
قلت : بلى ، أليس هو " فلان " ؟
أشار بنعم وأردف يقول بأسى : " بس خطيه استشهد " هه !... والله بلاش يا زمن الشهادة !.. ما أرخصك في بلد الأنبياء !... ينالك حتى القوادين واللواطيين !!..
وبتعجب سالت صاحبي :
- غير معقول . ما الذي أدى بهذا إلى الجبهة لـ.. " يستشهد ! " ؟.. ومن بقي مكانه في خندق الرقص والدعارة والقصف ؟!..
رد بجد ، وهو ينظر في وجهي :
- لم يمت بالجبهة ، إنما ...... " طگت عليه فرخ " . وضج في ضحك هستيري غير موزون مصحوباً بحركات انفعالية لا إرادية حتى فقد السيطرة على مقود السيارة ، فراحت تتمايل بشكل مروع ... كان يضحَّك نفسه ، أو يضحك عليها !... أما أنا فقد احتلني الخوف من طيشه وعربدته .
بقيت ساكناً جامداً في مكاني .. توقف المسجل ، ناولته الأجرة المعلومة فرفض أن يأخذ فلساً ، وقال يجاملني بلطف وكأنه يعرفني كصديق حميم :
- أخذ منك أجرة ؟ مستحيل .. أنت كيف ترضاها !. عيب على شيب أبيك ، كلا ارجع فلوسك يا ابن عم .. والدك رائع .. أحبه . كيف حاله ؟
وبدى من حديثه المتخبط أنه غير واعٍ . ربما أنه مخمور أو سكران ، إلاّ إني أجبته بالصدق كما ينبغي :
- أبي مات منذ سنين .
وكأن الخبر وقع عليه وقوع الصاعقة ، فلطم جبهته ، وأراد أن يمزق ثيابه . ثم أوقف السيارة وسط الطريق يتساءل باهتمام منقطع النضير :
- كيف مات ؟ أأنت تصدق أم تكذب ؟.. متى وأين مات ؟... آه روح طاهرة .. ألف لعنات على روحه ، وسبع رحمات كان " حيد . مرعيد . خوش يكاون " .
وراح يتمتم كأنه يتلو الفاتحة ، أو يخترف كالمجنون ، أو هكذا هو كما تصورت .
ورأيته يمد يده إلى جيبه ويستخرج قنينة صغيرة ، فتحها وراح يكرع منها ، ثم مد يده بها إليّ بعدما اكتفى ، وقال :
- خذ لك كمع ثوابات على روح المرحوم ، عشرُ لعنات على روحه ... لم احتج وأنا اسمعه يسب أبي لمرتين ... ليس على المجنون حرج ، وأنا في سيارته آخذ راحتي ، مستريح بأكثر من استراحة أبي في القبور .
كان يسير بسرعة جنونية ، ونحن على طريق كميت ـ العمارة ـ الكوت ـ بغداد العام عائدين من الجبهة بعد منتصف ليلة 17/12/1985 .
بدأت أخاف على حياتي أن تقدم قرباناً رخيصاً على مذبح السكر ، ناسياً أنها قبل ساعتين كانت مصفوفة في طابور مليوني على منحر الضياع والموت والزيف والاستضعاف والغلبة .
قلت : أنزلني أيها الأخ .
ولكنه لم يجبني حتى كررت القول ، وأنا غير جاد . قهقهة بلا مبالاة وقال :
- لا يمكنني أن أتركك . أنا أخدمك بعيني تكريماً لذكرى الوالد الطيب . حدثني عن ذكريات والدك
واضح أنه يريد موضوعاً لحديث ، أي كلام ... أي كلام ليقتل به الوقت ، وإلاّ أين هو الشاب الأربعيني من أبي شيخ السبعين الذي مات منذ سنين ؟!
ولكني بقيت أتساءل مع نفسي : " أتراه يعرف عائلتنا ؟ " .. ربما !
قد أكون رأيته ، وأعرفه ، لكن الحرب والبرد والليل أنسانيه .
قلت : ما اسمك الكريم أيها الأخ ؟
قال : أنا عراقي .. هذا يكفي . العراقيون متشابهون بأخلاقهم وأشكالهم وحتى أسمائهم .
لم ألح . قلت دون قناعة : " أنا أيضاً عراقي " ... محارب ، متعب ...
الأفضل أن أغمض عيني وأنام .... ولكن المشكلة أنه " يريد يسولف " ... قال :
 العراقيون على أخلاق ملوكهم .. فاسدون .
قلت أصحح له قوله :
 " الناس على دين ملوكهم " هذا هو القول العام المأثور .
 لكن العراقيين أفسدتهم الملوك .
 الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها . وهذا العراق ما هو في التاريخ إلاّ ساحة حرب بين الملوك شرقاً وغرباً وشعبه مغلوب مقهور مُستضعف وحكمته في السياسة هي مثله الدارج " كل الياخذ أمي يصير عمي " .
 هذا من الضعف . العراق شعب قليل العدد كثير الثروات ولذا صار مطمعة للعالمين .
 أوافقك .. لا يوجد تناسب معقول . هناك بون شاسع بين السكان والثروات أدى إلى ( تخلخل الضغط السكاني ) في المنطقة وما حولها ، مما سبب الأعاصير – الحروب ... بغداد هذه بؤرة الإعصار الدائم .
 الحل إذن أن نزيد عدد السكان ، وهذا هو توجه القيادة الحكيمة الآن .. في الجبهة الآن ثمانية عشر مواليد أي جيل بأكمله .. أبي تزوج أربعاً وخلف عشيرة ، نصفهم ماتوا في الحرب .
 أبوك حمار . والحمار لا يخلف إلاّ الحمير . أنا أدعوا إلى زيادة إستراتيجية لا تأتي عن طريق الولادات ، إنما يفتح باب الهجرة العالمية على هذا البلد من اجل تلاقح الحضارات والأجناس وخلق مجتمع مولد إنساني سليم خالٍ من الأدران الطائفية والعقد القومية والعرقية .
 يا ليت يا عم ... على الأقل الواحد منا يجد منكحاً سهلاً يسيراً أينما ذهب ، كأهل أوربا .
 وأنت ما نظرت إلاّ لهذه ؟!... من أدراك أن البغاء والزنا أقل عندكم ؟.. " لأنتم شر مكاناً ولكن لا تعلمون " ... أنتم إن كنتم تعيشون لغاية ، فإنما هي جنسية بحتة . ما أنتم إلاّ بطون مندحقة وفروج ملتهبة ... أما أهل أوربا فقد تجاوزوها وتركوها مطروحة على هامش الحياة ، مُلقاة بإهمال دون رقيب ، يعب منها أهل الهامش ما شاءوا . الجنس لديهم ليس غاية .
 أنا ذهبت مرة إلى أوربا ، نكحت مئة فتاة .. أنت كم واحدة نكحت في عمرك ؟
 أنا لم أرَ غير امرأتي .
 عمرك خسارة .. داعيك أوصل العدد لحد الآن إلى ثمنمائة وست وأربعون .. أريد أن أجعلهن ألفاً لأحاكي فعلات جدي هارون الرشيد ... بالمناسبة أنا اسمي رشيد . أنت ما اسمك .
 اسمي محمد .
 وماذا تعمل يا محمد .
 أنا خريج كلية الآداب . والآن جندي في صنف الدروع .
 " خريج . مريج . الكل يشرب بالابريج " .
 أريد أن أتبول .. هل لديك إبريق .. كه ها هاي ... بفجأة أوقف السيارة .. نزل يبول واقفاً على قارعة الطريق .
كان يسألني عن اسمي وسكني وعملي دون اهتمام بحيثيات وأهداف السؤال ، كأن الكلام يخرج من فيه دون أن يقصده أو يشعر به ، أو يقصد من وراءه مفهوماً محدداً
واضحاً .
أجوبتي أنا الآخر كانت تحمل نفس الطابع .. كلمات مشروخة مفرومة مبعثرة مشوهة كالجثث في الجبهة ... كطعم الحياة نصف المعطلة ، كالأرواح والنفوس العراقية الآيلة للسقوط ... كدين المنافقين !!!
كنت مُغمِض العينين ، مُستلقياً على الكرسي .. اسمع . أحلم . أجيب . أضحك . أتكلم ... أسكر مثله ، بيد إني في الحقيقة نصف غافٍ .
قال : أنت عسكري منضبط كما يبدو .
 " نعم ... لكني سوف أهرب " .. قلت بمباشرة سريعة فيها حماسة . قال بنفس لهجتي :
 جبان ... لا تفعلها .
 وأنت ألا تهرب .
 أنا لست في الجبهة . بل في مركز محافظة ميسان ، شبه مدني . أنا أعمل في مقر الفيلق الرابع مرتاح وآمن و " منسق " انزل في أي ساعة أشاء .. و " أنكح " يومياً ... كم يوماً قضى لك في الجبهة ؟
 أربعون .
 وبماذا تفكر الآن .
 مشتاق لامرأتي .
 أربعون يوماً تركتها !... قد تجد مصرياً يضاجعها الآن .
 هذا أخي العربي .. لا ضير ، بعضنا من بعض .
 كها هه هاي ... تحيا الأمة العربية .
 .......
 كيف تصبر أربعين يوماً .
 أقرأ كل الوقت ... الكتاب لا يفارقني ، على الساتر ، في الحجابات .
 مجنون ... الجنود بعضهم يلوط ببعض ... على دين ملكهم كه كها ياي ... صدام يستأجر مصرياً يلوطه .. هل سمعت بهذا .
 الله أعلم .
 هذه حقيقة مؤكدة من مصادر كثيرة، صدقني لا تستغرب.
 بلا شك . أنا أيضاً سمعتها .
 أخبار حقيقية تؤكد أنه مأبون ... أنا لا أهزل .
 مالك مهتم جداً ... هذه ليست جديدة ... حكام العراق وولاته أكثرهم لوطيون ، بل مأبونون .. اقرأ التاريخ .
 والحكاية القائلة إن صدام نغل ، وأن أمه كذا وكذا .
 صدام سيد من آل النبي أو نغل . هذا كله غير مهم لديّ .
 ما هو المهم إذن أكثر من هذا ؟
 أولاً وقبل كل شيء ؛ صدام مجنون سلطة جاهلي .
 لكن أفعاله لا يعملها إلاّ ابن زنا .
 ابن الزنا من أنجبه ؟... والفرعون من فرعنه ؟!
 صحيح " كما تكونوا يول عليكم " رعيته أسوأ منه ... وهو منهم وإليهم ... هذه الدهماء الموغلة في الجاهلية والزيف كفرت بالحرية كفرانة بالسلطة
هم أفسدوه ، وهم آلة فساده .
 أما إنك من رعيته ؟
 وهل أوسخ وأقذر مني كائناً ؟!
 كيف تقول هذا عن نفسك ؟
 هذه حقيقة ، أروي لك طرفاً منها ... لماذا المكابرة ... وراح يحكي وأنا جيداً أستمع له بدل المذياع :
أنا ... مكرم جنابك ، نائب ضابط إعاشة . كنا من الناهبين الأوائل عند تحرير المحمرة – وإلى الأبد – وجدت فتاة عربية ترعى الغنم أو تائهة فاغتصبتها وقتلتها ... اغتصبت كثيرات .
 قتلتهن .
 كلا ... واحدة ...
 لماذا .
 هذه كان قائد الفيلق هناك ، وخفنا . فخنقتها بيدي ودفنتها في الموضع . لكنها " شورت بيّ " في الحال ... أخي كان مغواراً بطلاً مثلك . تقلد ثلاث أنواط شجاعة ... استشهد في اليوم نفسه ...
وسكت برهة يهز رأسه بأسى ثم أضاف :
إيه .. أخي حمدان لا تدري ماذا فعل بي . أردت أن انتحر لما سمعت خبره ... كان معي في لواء المغاوير نفسه .
على كل حال .. دنيا تمر .. وكلنا على هذا الطريق ... اشتعل أخي ، اقصد انتعل .. " خطيه طك عليه لغم مال دبابة " .
وضحك بعنف ، ثم فجأة قطع ضحكه الهستيري ، وأضاف متجهماً مغيضاً كأنه ندم على سبب روح أخيه .. :
قتل أخي ، وتحولت روحه " الطاهرة " إلى ... سيارة ! ها أنذا أركبها الآن ... وامرأته أيضاً ركبتها ... وهل لو كان حياً سيعطيني سيارة .. وامرأة !!... ليذهب إلى الجحيم .
قلت متقززاً : إن أدنى الحيوانات تعفُ عن فعلاتك الخسيسة هذه .
قال دونما أدنى غضب :
 كل العراقيين هكذا .
 أحك عن نفسك السيئة .. لا تعمم ، العراقيون أمة راقية .
 أبداً .. هذه الخطيئة أي سجعي سطحي تافه لقنك إياها ... بل هم أمة واطئة ... ربما أنا أصدقهم لهجة . أعلنت عن الحقيقة بصراحة . وندمت على ذنوبي وحاولت التكفير عنها ... ألا تراهم جميعاً يفعلون فعلي وأنكر منه ... هذا المجتمع تحول إلى بهائم سارحة ينزو بعضها على بعض ثم يذبحون بعضها وهي تجتر .. المال والسيارات والرواتب التقاعدية المجزية ومنح الشهداء وقطع السكن المخصصة لذويهم ... هذا وغيره أفسد كل الروابط الاجتماعية بعد العلاقات الإنسانية .. حتى الأخلاق والمحرمات والنقاط التي كانت حمر اصفرت واخضرت ...
 صدقت . أعرف أباءاً تمنوا أن يُقتل أبناءهم ليتحصلوا على سيارات .. وقد تحققت أمانيهم وسعدوا .
 بل قتل والد ولده .. وكرمه صدام وأخرجه في التلفاز وأوعز أن يرسلوه إلى الخارج لـ" يصلحولو عويناتو وظهرو " ألا يستحي هؤلاء ... إذا كانت الأبوة هذا حالها في العراق فما تسل عما دونها . . هه عراقيون أماجد !!
 ميّز الضحية من الجلاد يا عزيزي . نحن قلنا : أن الناس على دين ملوكهم . وهذا عبث الملك الجاهلي صدام بأخلاقيات المجتمع العراقي .
 بل المجتمع العراقي بدوي جاهلي أصلاً . هو صنع صدام وأفسده .
 نعم . وعلى الحاكمين أن يعالجوا حالة البداوة والجهالة فيه ، من أجل التحضير والتعصير .
الذي يحدث ؛ أنهم يحيون القيم البدوية ليؤسسوا عليها ملكهم الجاهلي ..
خذ حالتك مثلاً :
لو لم يجتاح صدام بعسكره المحمرة .. وما بعدها .
أكنت كمواطن تجد إمكانية للنهب والسلب ، وثم الاغتصاب والقتل العمد ... لقد ركبك صدام على صاروخ اخترق بك الموبقات السبع .. لقد دمرك كإنسان ، ومثلك أكثر من نصف الشعب ... فما تسل بعد عن النصف الثاني ؟!
ملوك الزمان كلهم ساروا على هذا الخط . لم يجد العراقيون راعياً حضرياً يرتقي بهم سلالم التطور الحقيقي .
حتى الصالحين من أهل الدين والتقوى كانوا في الحقيقة جاهلين لا يرتقون ، وتزل أقدامهم ولا يهتدون لأنهم لا يمتثلون الأمم الحية المتقدمة وحضارتها امتثالهم لـ" السلف الصالح " والخلافة وزمنها . فأن ارتقوا خطوة عادوا القهقرى خطوات .
أما الطالحون فكانوا وحوشاً متحجرة يحيون الهمجية ويرجعون بالحياة إلى أدنى صورها ، لأنهم في الغواية والجهل والبداوة والهمجية راكسون .
 سيدي الكريم .. كلامك أحكام فلسفة عامة ، وأنا أعرف منك بنفسي ... سادينها خارج أحكامك الاستنتاجية الوعرة ... اسمع :
أنا لما نهبت ، ما كان النهب حلالاً في دين الملك . بل كانت وصايا صدام مشددة في أمر المحمرة والقرى العربية حولها أن تُصان ...
مع ذلك ، أنا نهبت وأصحابي نهبا كثيراً .... وثم اغتصبنا حرة عربية تُعد من ( ماجدات ) صدام . ولو وصل النبأ إلى قائد الفيلق لأعدمنا ، ولذلك ارتكبنا الموبقة الكبرى وقتلناها .
خفف حملتك الشعواء على الملوك يا أخي . الناس أسوأ من الملوك . والعراقيون هم يفسدون ملوكهم بالملق والنفاق ولعلي أخاف على الشيطان منهم أن يفتنوه ويغووه ويوسوسوا له ...
وأسقط بيدي وأنا ابتسم متعجباً لبيناته الواضحات قلت مسترخياً أقلب كلماته ، وفيها إدانة صريحة لا ترد :
 ماذا أقول لك يا أخي .. إن الغزو والاجتياح والحرب ، يولد أكثر من هذا الذي أنت فيه .
رد بتصميم عالٍ ، وهو يضرب بمقبضه المقود :
 كلا...أنا على يقين ثابت ؛ لو كان الغزاة جنود من الألمان أو الإنكليز أو الأمريكان ، لما نهبوا ولا غصبوا ولا قتلوا بل حتى البرابرة والمغول لم تفعل أفاعيل جند صدام ليس في إيران والكويت حسب ، بل في المدن العراقية ذاتها ... وتأفف بضجر وأضاف :
بلا ملوك ، بلا حروب يا أخي ... هاك صورة واحدة للإنسان العراقي تكفي .
كانت بغداد تُنهب وتُسلب من قبل أهلها كلما دهمها فيضان ، أو أجلى سكانها وباء !..
لماذا لم يحدث مثل هذا في باريس ولندن وبرلين ، وكانت ساحات حرب لمرات عديدة ؟! لأن الإنسان هناك أرقى .
ـ من أدراك لم يحدث فيها نهب من قبل أهلها .. بلا قد حدث لكن قد يكون أقل .
قد يكون أقل ، ويقيناً إن الإنسانية تتمدن حتى في سلوكها الحربي ... غير أن البداوة متأصلة فينا ، ولن تخرج وتغادرنا بالطرق التقليدية كالإصلاح والوعظ والإرشاد والتقنين ، بل هذه تزيدنا سوءً ... إنما إصلاحنا يحتاج إلى خطوة إستراتيجية تعمل على تبديل الإنسان . تمدين الإنسان . تجديد الإنسان . تكثير الإنسان . تلقيح الإنسان ...... استيراد الإنسان !
لم يعلق ... لم يفهم كلامي الكبير هذا ... هو قطعاً ليس لأمثاله . يجب أن أسمعه آخرين مختصين ، أمميين ، إنسانيين ، عالمين ... ويل لي من الجاهلين .
وسكتنا برهة ... الطريق طويل ... اجتزنا المدائن . دخلنا بغداد ...
انفجر صاحبي بالبكاء فجأة ... التفت إليه دون كلام .
قال بأسى وهو يكفكف دموعه :
 مسكين أخي . كان يصلي خمس مرات في اليوم ، وقرآنه بقدر قنبلة المدفع . يضعه على حاوية عتاد كبيرة في باب الملجأ .. أنه جندي باسل ومنضبط . قد يكون لا زال يصلي ويدعو في قبره .. وهو بملابسه الخاكي .. وقعت قنبلة في ملجئه لم يصدها قرآنه ...!
وثم طرقعت ضحكته الهستيرية غير المألوفة ... سلوكه غير المتوازن كان ينم عن فكر مشوش أنها حالة نفسية معروفة ، أو مرض عصبي . أو لعلها " الازدواجية " مرض العراقيين القديم عاودهم في الحرب بأقسى حال وأشنع مآل .
النقمة المحبوسة في الداخل ، تولد انفجاراً يبقى محبوساً في الروح فيدمرها تدميراً .
كل عراقي يحمل ثورة ضد الواقع ، مكتومة مقهورة ، وها هي تظهر بهذا الشكل المنحرف من السلوك اللامتوازن . أنه جنون خفي يظهر تارة ويخفت أخرى . وقد لا يكون ضاراً أحياناً.
الرجل رايته جاداً هازلاً في آن معاً . يضحك ويبكي . يسخر ويحترم ، ويغضب ويفرح ... إنما ساحته نفسه ، يعنفها ، ينتقم منها .. إن المرض فيها .
ليته يبقى مرضاً نفسياً ... الخطير الكارثي عندما يتحول إلى " فلسفة " !
فلسفة تمزج الحزن بالفرح كيف يجتمع النقيضان ؟! ... هذه خاصة بالعراقيين وحدهم ... خاصة بالعراقيين من دون الشعوب رأيت دموعه حقيقية على أخيه ، سألته ناشداً الحقيقة وحدها :
 ما لي أراك تضحك بعد كل دموعك السخينة على أخيك ؟
ولع سيكارته بأناة ، وقال وهو يرنو إلى البعيد :
 ما كانت لي أدنى رغبة لأخذ امرأته . لكنها إرادة الوالد ، وعيون بنات أخي .
كنا حُزانى كلنا ، بعد أكثر من ستة شهور على " استشهاد " المرحوم .
وأثر انهمار الأموال علينا كالسيل ، تغيرت أشياء كثيرة في حياتنا ... أنا كنت مغرماً بالسيارة ، لا أريد غيرها ، أخذتني إلى المدينة وأبرزت لي جميع مفاتنها . هي المعاش . هي الفراش . هي المرأة . هي اللذة والنزهة ... لا أريد شيئاً .
امرأة أخي غراب أبقع ، مسودة حزناً على زوجها ، تبكيه ليل نهار . دهّنوها ، صبّغوها ، أعدّوها ...
قال أبي : أدخل الليلة . قد أكملنا التحضيرات كلها .
دخلت بروح منقبضة ، مسدودة ، متصدعة ، كبناء يريد أن ينهار .
جلست بعيداً على كنبة في الركن القصي من الغرفة .
أشارت إليّ بقفازيها الأبيضين أن هات .
لم أقم إليها .. ليتني ما دخلت .. عزمت أن أخرج لولا ..
بعد قليل قامت ... وقفت بإزائي وأنا قاعد . بما وضعت من أدوات وخرق ، بان محتواها .. ظهرت كامرأة .... اشتهيتها ... ما كنت أنظر إلى وجهها ، يقابل وجهي وسطها ، أردت لمسها .. انحت عليّ ، قالت :
" قبلني " . لما هممت ، أنطفأت ، وجاشت نفسي بالألم والحزن ... أنها " عفراء " امرأة أخي .
قلت : هل من طلب لي إليكِ يا أم غصون ؟
قالت : قل .. ولكن ادعني باسمي قل لي ، يا عفراء .
قلت : يا عفراء هل لك أن تلبسي حجاباً .
قالت بانزعاج واضح ، وقد فهمت :
 لماذا ألست امرأتك ؟
قلت : أرجوك دعينا اليوم .
قالت تدلق لسانها وتعيبني به :
 ماذا !... قم يلا قم .
وقام .. وقمت كما أرادت ... أعطيتها حقها .
كان الجميع حزينون ، ومتوجسون من أمر واحد ، ذلك هو أن لا نكون زوجين كما يجب ، بسبب النفور والألم النفسي الممضِ المرافق للحالة .
وسريعاً أخبرت أمهاتها وصاحباتها ، بأنه اقتحم العقبة ، فرحن يزغردن ..
ما أشد ضيقي وانزعاجي لما سمعت الهلاهل .
أردت الخروج بسيارتي لما انتهت المهمة ، لكنهم منعوني.
قال أبي : " اعقل ولا تفضحنا . ابق لدى امرأتك لا تخرج حتى الصباح " .
أتعلم ماذا فعلت ليلتها !. هل سمعت بالدبة التي تختطف الرجال ، في جبال الشمال يحكي عنها الجنود قصصاًَ غير كذوب.
عفراء امرأة أخي ... كانت الدبة !
امتصتني .. ازدردتني .. لحستني .. أكلتني وقذفتني جيء بالطعام والشراب والورود ...
على مهلها كانت تؤكلني ... لا أشتهي .. بيدها تحشو فمي ... غصّصتني ... جرّعتني .
كذلك فعلت ... بمجامع عزمي .
لم تعد بيّ رغبة ... أرغمتني ... وقعت فوقي .
وفي الحمام ... لم تعفني ... صارعتني .. في كل فن غازلتني ..
أهذه يا رب ، أمس ... كانت تبكي ؟! ... امرأة أخي!
لما سكت ، طفقت أضحك دون هوادة . لا أدري أي شيطان تفل في حلقي .. قال : لماذا تضحك ؟... أنا ذاتي لا أعرف السبب ...
ربما لسذاجة القصة وتفاهتها ... حقاً هناك أناس يتعثرون بشرنقة من خيط العنكبوت يلفوها حولهم . تأكدت أن الرجل موسوس ... إنما رثيت لامرأته التي ورثها من أخيه ، كيف تعالج حبها واشتهاءها مع شقاءه وشقوته !..
الشقي أسر لي أنه يخطط لتضييعها والتخلص منها ... صحبتي له لا تتعدى رحلة بالسيارة فماذا يمكن أن أفعل سوى النصيحة والوعظ .
إنسانة من حقها أن تعيش . تمارس الحب كما تهوى . تأتي حرثها أنا تشاء كما الرجل ... لماذا تحسدها ؟. قد أوفت لأخيك حياً . ولما مات بكت نفسها ، حظها ، نصيبها ... هذه حقيقة كل أرملة . أو بكت لزوج أحبته رحل وتركها في فراغ لابد من ملئه .
لم يرد عليّ بحرف .. صامتاً مكفهراً أخرج قنينته مرة أخرى ، وأخذ جرعة ثم أخرى وأخرى حتى أفرغها في جوفه ، ورمى القنينة الفارغة .
وبدى أن السكر استولى عليه . ولكن مسيرة ما أنفك معتدلاً ، وسيطرته على السيارة تامة كأنه تعلم السياقة تحت اللاشعور ... أنا ما عدت أـخشى السكارى في شعب ثمل بالخمر والعهر ... والفلسفة !!
وقريباً من شارع فرعي ، قال لي باحترام وود :
 أخي الكريم ، من فضلك ، أنا ذاهب من هنا إلى " الكاولية " ( ) فهل ترغب في الذهاب معي ؟
قلت بنفاق مفضوح :
 " ولا تقربوا الزنا أنه كان فاحشة وساء سبيلاً " .
وبدى كأنه يسمع الآية لأول مرة ، وكأن عقله عاد إليه فقال مستفهماً :
 ها. صحيح. الفاحشة، والله ما كنت أدري . مَن قال هذا ؟
قلت بتركيز وإيمان : الله تعالى .
قال يتفلسف ، كأي حمار عراقي :
 الله في الجبهة .. وفي الشارع .. وفي المسجد يحرق ويلعن ويُطرد
لكني أرى الحياة في الماخور هادئة عطوفة حنونة لذيذة دافئة بعيدة عن دنيا الحرب والكفر والدجل والنفاق ... إني أجد الله هناك اقرب ... هيا بنا لعلنا نرى الله ...
ما كنت قادراً على منعه ، ولست بمستطيع مغادرة مقعدي الدافئ المريح إلى البرد والشارع الموحش في هذا الفجر الأليم .
وبدى أنه عدل عن فكرته عندما قرعت أسماعه تكبيرات مآذن بغداد .
قلت : لنصلي .
قال : أنا لا أدخل الجامع ، إنما سأسكت هنا دقيقة صمت ، حداداً .. على موت الله .
وسكتنا دقائق ونحن نسير في الشوارع الكبيرة المنورة بصخب .
قلت : أترى أن هذه مدينة حرب ؟
قال : بل هي مدينة السلام ، بغداد صدام .
وكانت امرأة تشير من بعيد بإلحاح ...
قال : ما رأيك أن نأخذ هذه ، نستمتعها .. على سنة الله ورسوله ؟
قلت : ماذا تعني ؟
قال بثقة العارف : هذه مومس محترفة ، خرجت في الفجر ( على باب الله ) تحصل رزقها .. تيقن أنها صَلت ودعت حسب الأصول ، قبل أن تخرج في الغبش ... إنها تبحث عن فحل مؤمن صلى لصدام وصام أربعين يوماً .
سبحان الله !... كل يرى الناس بحسب نفسه .. قلت بلهجة فيها عدم ارتياح !
 بأي حق ترمي المحصنات ... ما أدراك لعل مصيبة أخرجتها في هذا الوقت المبكر من الفجر ؟
وقف لديها ، فرمت بنفسها على السيارة تقول بلهفة :
فدوه أروحلكم ، وياكم ... زوجي جلبوه شهيداً ، وخابرونا أن نستلم جثته من مستشفى الرشيد أرجوكم الرحمة ، خذوني .
وسريعاً فتحت الباب وتكومت في المقعد الخلفي وهي تجهش بالبكاء ..
زوجها !.. وحدها !.. في هذا الصباح الأليم !.. الله أكبر ... إلى أين آلامكم يا أهل العراق ؟ أنا الآخر رحت أبكي بحزن حقيقي .
ومددت يدي لأسد المسجل وطبوله المنكرة . لكنه لم يسمح لي ، وقال : دعه .
قلت : إذن افتح محطة الإذاعة على قرآن الفجر .. ها هو يؤذن .
صدع لرأيي حياءاً وتذمماً ، وأدار الراديو على إذاعة دينية .. لكنه أبقى الصوت واطئاً جداً .
وقطعت المرأة بكاءها وقالت :
 عيني .. إلى أين أنتم ذاهبون ؟
قال لها صاحبي بنزق : " ذاهبون إلى " الكاولية "
قالت بأسلوب مباشر : " خذوني معكم "
وفيما كنت أتلفت لأفهم ، قرص صاحبي فخذي
وقال : " هل تعرف أن تسوق " ؟
قلت : بلى
قال : تعال مكاني .
وتباطأ حتى وقف ... لكن فهمي كان بطيئاً جداً ... تصورت في البدء أنه داخ من العرق والسكر ... ويريد أن يستريح .
قال لي : خذ هذا الشارع الطويل ... كن بطيئاً سق على مهلك .
نزل سريعاً ، واستدرت مكانه ، فيما تحول هو إلى المقعد الخلفي مع المرأة !... بدأت أفهم الحالة ببطء .
بعد مسيرة ميل على غير هدى ، لم احتمل الحالة ... لا أقدر أن أقود .. المرأة كانت فاحشة وشهوانية بلا حدود ... والصوت أقسى من الصورة !... الأنْعاظ ضايقني .. وقفت في الظلام .
لما قضى صاحبي وطره منها ، بادلني الحراسة والسياقة .. ودخلت .. المقعد الخلفي .. يا لله ما الخلفي !. بعد أربعون يوماً من الحرمان.. الصيام .. على دين عبد الله المؤمن صدام !!!
لم تطلب شيئاً لما قال مازحاً : " أأمري " .. لكنه لم يعطها فلوساً ، إنما ناولها كيس كبير فيه علب بسكويت ومعلبات ... مؤكد أنه سرقها من حانوت الإعاشة العسكرية حيث يعمل .
أما أنا فقد سلمتها خمسة دنانير من راتبي البالغ أربعاً وثلاثون ديناراً ... تستاهل . تاخذها حلالاً طيباً ، منحة خالصة من كل قلبي ... لقد تعلمت ثلثي المرأة على يديها .. كانت امرأة .. والنساء قليل .
قلت لها منسكباً على ترائبها الحنونة :
كليها هنيئاً مرئياً ، لأنك كنت بحق هنية مرية شهية .. بارك الله فيك تؤدين عملك بإتقان وعشق وإخلاص لا يتوفر لدى العاملين ... أنت فنانة تذوب وتتفاعل في دورها ... أنت مؤمنة تسجد بخشوع واستغراق .
وضحك صاحبي وراح ينشد :
وعابدةٍ .. لكن تصلي على القفا
وتدعو برجليها .. إذا الليل أقبلا
وأطلق ضحكته الهستيرية العالية وأضاف :
 " هذا الفتى أيضاً .. أُصيبَ بالفلسفة " ...
وقالت هي بصدق فيما أوّلت :
 إني أحببت هذا الشاب اللطيف . أنه بريء نظيف . لا زال خامة بيضاء لم يدنس ... لا أحب أن أكون قد دنسته . وأريد أن يشملني بطهره ... ليتني أتوب على يديه ، وأكون له وحده .
وصاح صاحبي بانبهار : الله الله .. ونحن أين نكون يا شعب الفلاسفة ؟
ثم راح يداعبها بمرحه المبتذل .. يقرصها في مواضع ...
لم يرق لي منه ذلك .
وكنا قد بلغنا الصباح في الباب الشرقي ( ) .. أوقف صاحبنا سيارته ، وقال كأنه لا يعرفنا :
" انزلوا هذا هو حدي " .
نزلنا ، وهو يشيعنا بآيات الترحيب والتأهيل العراقية الحارة ...
ثم تحرك مواصلاً طريقه ، فيما مضى كل منا إلى غايته ، وسط زحام ساحة التحرير .
حمدت الله على السلامة . وسرت أنوء بحمل أفكاري الثقيلة ... أغربلها .. أحللها ؛ أيها الصح ، وأيها الخطأ ... أنا أم هذا العراقي ؟.. وقد انتهينا إلى ذات الفعل المزدوج !... لكننا لم نؤذي الحياة ، ولم نسيء الى أهلها فيما أرى .
وهذه العراقية الرائعة إنسلت من بين يدي كخطرة خيال ... أعطتني جسدها ، ولم تعطني اسمها ، لكي تحافظ على " ازدواجيتها العراقية " ، فتكون " امرأة شهيد ! " .. ما أقدسها في الاسم .. في القول ... وفي الفعل هي " عاهرة تبيع الهوى " ... ولكنها تحترم عملها حد التقديس .
العراقيون المزدوجون .. كلهم في الفعل متشابهون . في القول ، مختلفون ... متفلسفون !
كبر مقتاً فلاسفة الازدواجية السكارى بالخمر . والقهر . والعهر ...
قديماً .... لا خوف من اجتماع الخمر بالعهر .
إنما .. في الحرب والظلم والكفر
يدخل مع الخمر والعهر ...
ثالوث اسمه القهر ..
لينتج " الازدواجية " ... الفلسفة الأشر
وهناك يكمن الخطر .


تمت
أَصناف وألطاف
يكذبني . يخدعني .
أبشمني . أيئسني .
وهو إبني ، أرضعته لبني .
سرقني مئة مرة ومرة .
بدأ بمحقرات . صغائر ، لم يعافها .. رغم كل معالجاتي .
ترك المدرسة . هرب وعصى .. ضربته فأبى .
أبوه قتيل حرب .
صار رجل البيت ... خان البيت !
لو أعطيته قنينة الغاز ليملأها ، ذهب بها . باعها . سرقها .
جدته تحبه ، ترحمه ... سرق سوارها .
فقدت بعض الحاجات من محل خالد الذي يعمل به .
ربطه إلى العمود وضربه ضرباً مبرحاً .
لم يعترف ... طرده .
صار محترفاً خطيراً يلقف كل ما يجد .
ملابس أخواته المنشورة على الحبل ...
أواني الطبخ ... خرطوم الماء في الحديقة .
المشكلة أنه لا يعترف ...
عرفت أنه يشتري المخدرات .. يتعاطاها . يبيعها .
صار خطيراً لا أقدر عليه .
طردته من البيت ... لا أريده .
اشتروه ... سَخّروه .
صار إرهابياً ... قاتلاً .
نعم ... أنا أمه ... لم أقصر في جهدي ... عجزت عنه .
أرى القانون أرحم به . وبي . وبالمجتمع .
لما حكمه بالإعدام ...
بدموعي التمس تخفيضه إلى الأشغال الشاقة المؤبدة
أريده حياً
لا أحتمل أن يموت .





تمت

ولله لصوص أيضاً !!
حي على الصلاة ...
منذ ثلاث تركت الصلاة .
وفكرت ببناء مسجد في الصين .
يحمل اسمي الرنان
ويقربني خطوة من خالق الشيطان .
* *
أشياء أراها في دار جاري
كلها تبكي على " حرامي " .
سأشن غارة على الجيران .
ومن الغنائم أكمل مسجدي الرنان .
* *
بعد نقاش صاخب وحام
اتفقت وصديقي التقي على جواز أن نسرق اللصوص .
من أين نبدأ يا تقي ؟
قال : من الرئيس
* *
لبسنا العمائم مثل اللصوص .
خلعها صاحبي . قال لا يجوز ...
" العمامة تعني الاستقامة " .
لما عملت وزيراً ... للقبور
أمرت ببناء أضرحة ومساجد
قال وكلاء وزارتي :
ما أكثر التكايا في البلد ... اعمل غيرها .
علمانيون ... طردتهم
جئت بـ " ديّانين " أطالوا المنائر
زججوها .. غلفوها بالذهب
" ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب "
لكن قلبي لا طمأنينة فيه
أخشى أن يغير عليها بعض " الوهابية "
أوعزت لصدقائي بسرقتها .


تمت
" السانيَة "
طرحت جثة رضيعها أمام الشيخ في ديوانه المكتظ بالرجال ، وقالت :
- " إن ابنك قتله " .
... زين شباب العشيرة وفارسها ... كيف يقتل طفلاً بريئاً ؟! ... " قولي غيرها يا امرأة ! "
وصكت وجهها صارخة نادبة : " أريد ولدي ! " .
وجاء ابن الشيخ يقول صادقاً : " لم أرها ولا ابنها ، وما أفقه ولا حرفاً مما تدعي ! " .
وأحضروا " العارفة " فسألها أمام الملأ :
- " متى وكيف تم ذلك " .
قالت في إفادتها : " في الصباح لما خرجت ابتغي حزمة من الحطب ، وتركت ولدي في ظل عليقة صغيرة ... عما قليل رأيت فارساً على صهوة جواده يمرق كالسهم بالقرب منه ، هو هذا الفتى. وصرخ الطفل فركضت إليه . وحملته إلى البيت ... لكنه لم يسكت حتى مات . "
 عجباً !... ربما يكون قد لدغته أفعى .
 كلا ، بل هي رجّة حوافر الفرس أوقفت قلبه وهو ابن ثلاث شهور .
 لكنها لم تطأه .. هذا باعترافك أنتِ .
قال العارفة : " إن حوافر الخيل ثقيلة على الأرض تدكها دكاً .
 الله !... وتميت من هزتها ؟!
 الفارس يضمن إذا حرك الماء .. هكذا السانية العشائرية .
 كيف ذلك ؟
 نملأ قدحاً بالماء ، نضعه في موضع منام الطفل تحت العليقة ويمر ابنك بفرسه في طريقه الذي أتى منه فأن أرتجّ الماء فعليه الوزر ويدفع الديّة .
 أهكذا حكمك ؟
 نعم ... وهو الحق حسب السواني التي وضعها الأولون .
 وأنا قِبلت شريطة وضعها بقانون .
لما تتحول أساطير الأولين وحكاياتهم الى ... " سواني " يختنق القانون .


تمت
القانون والساطور
في الدور الثاني ، وتحديداً في درس الجغرافية ، لم يكن هناك إلاّ ممتحن واحد ، طالب فرد لا غيره في كل المركز الامتحاني الابتدائي . المدرسة ابتدائية في أقاصي
الأرياف ، وقد حضر الملاك كاملاً : المراقبات الثمانية – وكن كلّهن معلمات – إضافة إلى مدير المركز ومعاونه .
تصرف المدير ببدع من رأيه – وكبادرة إنسانية بحتة – وإذن للمعلمات المراقبات بعدم الحضور في اليوم التالي لمن شاءت – وكلهن شئن طبعاً – حيث الحالة مكررة ، ولا يوجد سوى مُكمل واحد ( ممتحن ) أيضاً في مادة التاريخ ... المقبلة .
صدفة ... جاء المشرف المتابع ... لم يجد سوى المدير ومعاونه في المركز الامتحاني كله !!.. مع الطالب الممتحن !
جن جنونه !... كتب مذكرة في هذه " المهزلة " – كما سماها – ألقى المسؤولية وتبعاتها كاملة على المدير واتهمه بـ" سوء استخدام السلطة " ، خصوصاً عندما استحمق الأخير واعترف أنه أذن للمعلمات بعدم الحضور ، لعدم الحاجة لحضورهن – حسب رأيه – فالقانون لديه ليس مطرقة بيد حداد أو ساطور قصاب . بل هو إشارة ضوء ، نورها يكفي حسب .
غدت القضية الساخنة حديث المديرية الساخر والمستهجن . السلطة من يحترمها .. من يتعبدها ، يعبدها !
لم يعبأ المدير بالمشرف ، راح يتحداه ويصفه بالشكلية والتزمت والسطحية والقشرية .. ظل مصراً على رأيه يدافع عنه في كل نادِ حتى أمام المدير العام المشهور بتوقيعاته الرسمية الأصولية " حسب التعليمات " ... وهكذا كتب على هامش المذكرة المقدمة إليه .
صدرت العقوبة بحق المدير مشددة للغاية .. حسب التعليمات !
أما المعلمات فوصلهن بالبريد إلفات نظر لعدم احترامهن سلطة القانون والتعليمات ... إنما كُن يتساءلن في همس : ترى من هو المسيء الحقيقي للسلطة ؟!....



تمت
" مسؤولية الكلمة "
خرج أحد " أجدادنا العظام " واسمه " حمار بن عدي " بجماعة من قبيلته العربية العريقة ( .... ) وقف بطريق الحجاج واعترضهم . وكانوا بحماية " ابن سبكتكين " أحد الأجانب الذين احتلوا أرضنا وملكوا شعبنا ..
بذلوا له خمسة آلاف ، ولكنه أبى وأصر أن يسلبهم جميعاً بعد أن يقتلهم .
ولكن شاباً من خراسان – لابد أنه فارسي شعوبي حاقد – رماه بسهم وقتله ، فتفرق أصحابه .. أي نعم فالعرب لا يكونون بلا قائد ، والقائد لديهم ضرورة .
هذا هو النص التاريخي الموجود في الكتب ...
لو سقط " الدكتور العربي جداً جداً نقمة لئيم العزائي " على هذا الخبر التاريخي ، لفرح بأن وجد فرصة لافتراء النِقم واللؤم ، وسَعِدَ إن وقع على مادة للثارات العنصرية ، وحجة في الأحقاد القومية التي يتبناها ويدرسها للناس ، باثاً لهم إياها بالصحائف والموجات دون أدنى إحساس بمسؤولية الكلمة .
* * *
الدكتور نقمة لئيم عزائي : كان له برنامج يومي في إذاعة بغداد . وأعمدة طويلة في الصحف ، يتحدث فيها عما يسميه بـ" العداء العربي الفارسي " منقباً في الكتب عن الأخبار والحوادث ، يديمها ، ويعلق عليها ، ويفسرها بتهويل وتضليل وخداع ليرضي فيها أهل السلطة والجاهلية . أنها ليست كلمات قيلت ومضت . بل هي شوفينية عنصرية ضد قيم الأخوة الإسلامية والإنسانية .
بل هي لا أبا لك حرب ، كتلك التي طالت ثماني سنين بلا روج ولا معنى .. إلاّ روح الانتقام ومعاني الحقد والجهل ....
" وكل امرئ بما كسب رهين " .
* * *



تمت
الكلب ... المتطهّر
شمّر عن ساعديه للوضوء ...
لكنه تذكر أنه على جنابة ، فقام يغتسل ،
ركبّتُ أعوادي السحرية ،
وأخرجت له جنية فاتنة عارية لا تقاوم .
لما رآها طلب مني بإلحاح مضاجعتها ، فقلت لك ذلك .
وحالاً راح يتلو عليها النص الشرعي للزواج المؤقت ،
ليستمتعها على سنة الله ورسوله !...
لما قام إليها منعضاً .... انقلبت في الحال كلبة .
قال لي متطهراً :
- أرجوك أعرني " ك " لأنكح به الكلبة لئلا يتنجس " ي "



تمت
أنواط الشجاعة
كان الأولاد يرعون الأغنام . وعلى التل بنو قصراً رئاسياً فخماً . إلى جانبه اصطبل ملكي .
الجشر الواسع المحيط بالقرية مرعى للحيوانات وساحة لكرة القدم ، وفي أثناء الهجومات يتحول إلى جبهة قتال . أما الآن فقد جعله الأولاد ميدان سباق للخيل الرئاسية !
كانوا يتسابقون على الحمير على أنها جياد الفارس المغوار حامي شرف الدار ، بطل الأمة ... مَن وَطء أمة ؟!
الرئيس القائد في الجبهة يقلد أنواط الشجاعة لجنوده الأشاوس .. أنواط من ذهب .. أو كذب !.. ربما أصدق منها تلك الروثات اليابسات والبعرات ، يشدها بالخوص ويعلقها الولد الرئيس عدنان ( اثنا عشر عاماً ) – على أجياد وصدور الصبيان الصغار من أصحابه وأترابه في المرعى .. وهو يقهقه ويهز كتفيه ، تماماً كالقائد الضرورة – أبو بعرورة ، يردد كلمته المعتادة " عفيه " ، وهو يربت على الأكتاف العريضة المثقلة ... بالزيف ! والنياشين !
أنواط شجاعة صدام ... روث مشدد بالخوص !!... أي مسخرة ! نقلها متملق إلى الفرقة الحزبية بتقرير ملفق ، وراح فيها الولد ( الرئيس ) وأبيه !! إلى طامورات الأمن .. إلى المقابر السرية .
وفي إحدى ردهات القصر الجمهوري السرية ، كان القائد العام للقوات المسلحة يستجوب قائد الفيلق الثاني ....
صاح غاضباً : خائن !.. انزع جميع الأوسمة والشارات وأنواط الشجاعة الاثنى عشر ... وردد شعار الحزب المقدس .
ثم أعدمه بمسدسه الشخصي .
الأمة تمر في زمن تحدِ مصيري – هكذا هي دائماً في عرف الطغاة – وأي تهاون في الصغائر ، يَجر على الكبائر .. المرحلة لا تحتمل خياراً أقل من النصر ( ) .


تمت
بائع التمر
والخمر
والشعر ...
في قرارة عينيها سؤال مرتبك ...
ولديّ رغبة عارمة للتحدث عن نفسي .
أنت ماذا ؟ ... أنت مَن ؟
أرجوك لا تعتبريني بائع تمر !
أفضّل أن اعتصر الخمر !
أو أقبل الجمر !
أهديك أنا الطائر الحبيس سيدتي :
تحية الغصون ، والفضاء الرحب ، والحرية .
وبعد :
فأني تركت القراءة والصلاة ..
لا غيب في عالم مظلم .. بهيج .
رددي معي أنشودة الخنافس .
واستمعي معي إلى صرير القلم المجرم على الورق الأصفر .
ستري ثعابين جميلة ملونة .
تطل برؤسِها من الجحور .
تنقض عليها مردة سود ضخمة ، تزدردها في الحال .
ورجال يسبحون في التيزاب .
وآخرون يقبلون البغايا الكاسيات .
على موائد الخمر والشعر .
والدنيا مسرجة مدندشة ...
تسير كأحصنة السيرك .
أحد عشر واقفون على أكتاف واحد !
واحد + واحد = خمسة عِشر جاهل حاقد .
والأخضر هو الأحمر !
قل نعم ... وإلاّ ستُعدم !
 كل القيم مهدرة ...
 ولكن الأمن مستتب .
 حيا على الأمن .
 والحرية
 قنبلة !
 هل لي بحرية أن أقول الشعر ؟
 الأفضل لك أن تبيع التمر .... والخمر .
 مهنة بيني وبينها ألف ميل .. كيف سأقول كلمتي ؟!
 قلها تمراً ... خمراً ... لا فرق .
 ما علاقتهما بالشعر ؟!
 مترابطة بأحكام ... فكرّ .
 ألا يكون شعراً بدون خمر ؟
 نعم يكون ... إذا أردت شعراً بدون نشر .
 في النشر لابد من خمر ؟!.. ألا يعوّض التمر ؟
 لا فرق ، أنه في النهاية سيتحول إلى ... خمر .
 لا أفهم ... يبدو مستغلقاً معقداً هذا الأمر .
وأطل في الحائط فلا أرى شيئاً ...
ولا نفسي تقر
واراها من الشباك ملهمتي تمر .
فأتدفق كالإعصار ، كالنيران ، كالمطر .
أبيع الشعر ...
أو التمر
أو الخمر ...
لا فرق


تمت
يومٌ ... بلا صَدّاميات
أخوف شيء يريبني في هذه الدنيا هو الجنون ...
لكني ، وما أنا فيه ، آيل إلى الجنون لابد .
لكم أتمنى أن أكون جاهلاً ، بعيراً ، حماراً ، جاموسة !
وأنت يا عقلي الكبير ؛ ألا تستطيع أن تحد بسعتك ترهات جاهلة مكرورة ضيقة ... لماذا هذه الحساسية المفرطة تجاه كل الموجودات العراقية ؟!
لقد لوثوا الحياة العراقية بميكروب قاتل اسمه صدام .
أخيراً وجدت العلاج ... الحل لمشكلتي ، تبينته شعاراً : " يوم بلا صداميات " .
وقبل أن أنام رأيت أن من المهم أن أعمل بعض التحضيرات لتساعدني في تنفيذ خطتي ، فنبهت على أهلي أن لا يفتحوا التلفاز ولا الراديو غداَ وأنا داخل البيت .
فجراً نهضت للصلاة ، فسمعت المؤذن يدعوا : " اللهم أحفظ قائدنا ، اللهم انصر جيشنا .... " يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ، يا مثبت العقول في الرووس " ..
ومسكت صدغي وقد انبثق منه ألم تطاير مع شعاعه عقلي ، وأسرعت إلى القرآن ، قرأت سورة يس ثم صليت فهدأت نفسي وشعرت بالنعاس فنمت ، لكني حلمت كأني في المدرسة ، وقد ازدانت بصور القائد والزهور والرسوم والإذاعة المدرسية تصدح بأغاني النصر وتتغنى بأناشيد حب بطل الأمة المنصور .
وفززت مرعوباً فإذا البيت كله يعج بطبول صدام الصاخبة وعنترياته الإعلامية .. والراديو بأعلى صوته .. وتحسست قلبي فإذ هو يريد أن ينفلت من مكانه ، وقدرت أني سوف أنفجر ، فأسرعّت إلى الهول حيث الراديو ، رفعته من على المنضدة وأهويت به على الكاشي ، فغدى جذاذاً و .... سكت .
نعم ، لو لم يسكت لسكت أنا .. وتحسست قلبي فإذا هو يعود هادئاً ، لكنه ارتفع فجأة عندما استبد به الغضب يريد تأديب هذا الذي خرج على أوامري وفتح الراديو ، فإذا هي زوجة أخي تظهر لي قبل أن أسأل وتقول – وهي صاحبة الحق - : " هذه ليست عيشة معك ، محرومين من كل شيء ... لو كان الراديو مالك ما كسرته " .
الراديو اشتراه زوجها من مالية البيت المشتركة . لكنها تعتبره ملكهم ضمن أشياء أخرى كثيرة .
سكت لأن الكلام قد يتطور إلى أن تخبر المرأة الشرطة و ... " انعدم " ، اما ان اباً في الكوت بصق على صدام في التلفاز باعتراف ابنته الصغيرة وثم ... أعدموه !
وأسرعت خارجاً من البيت وأنا متمسك بشعاري : " يوم بلا صداميات " ... لا بتعد سحابة يومي عن كل ما هو " صدامي " يثيرني .
ونايا بنفسي عن مستعمرات صدام ، هربت إلى البساتين والغيطان .. قررت قضاء يومي بعيدا عن الانتصارات والاحتفالات .
بعد جولة في المزرعة جلست لأقرأ ؛ لم يبق لي سوى هذا الصديق السمج الثقيل أجير نفسي على مجالسته وفتحت كتابي وقرأت :
" أهل التسوية فريق من الشعوبيين الأنذال يذهبون إلى أن الناس متساوون لا فرق بينهم أبداً محتجين بعبارة " إلا بالتقوى " وما علموا أن هذه تخص الله والدين ... نعم أنهم ميساوون أمام الخالق في الأمور الدينية ، أما في الأمور الدنيوية فهم متفاوتون ، أما قال النبي ( ص ) : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " وقال : " أقيلوا ذوي الهيآت عثراتهم " .
وقد صار الأدباء الشعوبيون تأسيساً على ذلك لا يمدحون بالنسب المجيد والأصل الباذخ والفرع الشامخ مستهينين بأنساب العرب الشماء ، وراحوا يمدحون من لا أصول لهم من الفرس بما يصفونه من معروف وبما لهم من عقل وحكمة ، محتجين بأن خير ما يرفع المرء عمله ! " .
هذه الشوفينية العنصرية الجاهلية والتضليل والتهويل والزيف والخداع ، ليس كلام جرائد شتامة ، أو حزبيات هدامة لا عتب عليها .. إنما هو مادة دراسية تقدم للنشئ في المناهج المدرسية لتربيتهم وتوجيههم في قرن الحضارة الإنسانية وزمن العولمة الأممية ! .. عوداً الى قرون الجاهلية الجهلاء .
وحالاً رميت كتابي وركلته ككرة مثقوبة فولى عن وجهي وسقط في الساقية ، وطوح به الماء بعيداً ليغسله من السموم والأدران والخرافات والأضاليل .
ولفت نظري حشرة تتسلق غصناً أخضر يانعاً تجرده من ورقة ، فحصرتها بالعيدان حتى سحقتها فسقطت كتلة قذارة ... لماذا تعيش هذه ؟!... ولا أدري لم ارتفع إلى ذهني جواب من أعماق روحي يقول : " إن صدام العراق يتسلق وزبانيته غصنه الوارف ويعيثوا به فساداً ... لا حول ولا قوة إلاّ بالله .. لماذا يصر صدام هذا أن يتمثل أمامي في كل شيء !
وسرق أفكاري للحظات منظر الشجر والزرع والماء ، ألا إني سمعت من بعيد صوت طفل في بستان جيراننا يغني ويقول : " والله ناويها عليهم "
إلاّ نلعب لعب بيهم ..
يا نصر صدام بينا
قائد الأمة الأمينة
يا وطن هذا عهدنا
بحيلنا الأول بعدنا
وانتظرت لحظات صابرا على مضض لعله يسكت ولكنه وبعد أن اشبع هذه تكراراً انتقل إلى أخرى مثلها مهوساً :
ها أخوتي عليهم – كل الصوج منهم ومن أيديهم ... إلا نلعب لعب بيهم !!
وجاءت أخته تنغم بصوت رخيم مقطوعة أخرى من هذه الأناشيد التي تبثها الإذاعة ليل نهار :
على كل لسان اسمك وبكل شفة ـ هلهولة وفرحه وغنوة فرح ترفه
وعلى منوالها نسجت :
" على كل ( رقصة حرب) اسمك ، وبكل رفة ـ دمّرت البلد بجهلك ، في كل حرفه "
واستمروا يغنون وينشدون بصوت عال وبعد أن استوفتها ترديداً وتكراراً راحت تشترك مع أخوتها في مجموعة غنائية قوية الرنين صاخبة الجرس ذات تأثير بيّن على النفوس ليسمعها حتى من يرفضها ... كانوا يصيحون كمجموعة غيلان ، كمائة ويزيدون أنشدوها ... كيف جمعوهم من طغاة المغنين ؟!
حتى بالليل الشمس نزلت على القاطع
حول الظلمة نهار الفيلق الرابع
الحدود بيد أبطال – وصوابهم قتال
همة حراسة ثقاة وسيفهم قاطع .. براعم صدام يصدحون له .. لا يسمعون غير هذا يتكرر على أسماعهم ليل نهار في البيت وفي المدرسة والفضاء ... يردد الأطفال ما يسمعون .
* * *
كنت قد خرجت بلا فطور . واقترب الغداء ، فعدت إلى البيت .
وعندما وصلت الطريق العام الذي يمر بقريتنا مرت سيارة كبيرة مكتوب عليها " دائرة الإعلام الداخلي " ترفع بالمكبرات أنشودة " يا جيشنا الحر الأبي يا غالي "
" يا الراد عنا الأجنبي .. يا غالي "
فضحكت من حالة التغصيص الثقافي ..! أيّة محاصرة ثقافية هذه التي يمارسوها على الناس ، هل يمكن لأحد أن لا يسمعهم .. وأين شعاري " يوم بلا صداميات ! "
قلت هاتوا غدائي . وما أخذت لقمة لم أبلعها طرقت الباب . خرجت فإذا مسؤول المنطقة الحزبي واثنان من الرفاق معه ، جاؤا يبلغونا أمر جمع التبرعات لدعم المجهود الحربي .
سلمني ( العدو – الرفيق ) وصلا بمئة وخمسين ديناراً ، قال أنهم قدروها على بيتنا ... وكان ينظر لي شزراً قبل ستة أشهر كانت آخر حملة للتبرعات ، وكانت خاصة بالمصوغات . بالمصوغات الذهبية بدأتها زوجة الرئيس بكيلوغرامين من الذهب ، وأعطتهم أمي سوارها ...
قلت للمأمور الحزبي : لا نملك شيئاً ، وما دامت اسمها تبرع فلا إجبار فيها ...
هز البعثي الورقة بوجهي كأني شتمته وقال :
" إذا راح الوطن ما ترجعه 150 دينار .. ماذا تقول إذا جاء الفرس المجوس وأخذوا دارك ودنسوا عرضك ... ولعلمك فأن العراق غير محتاج ، لكن الرئيس الله يحفظه يداري مشاعر الناس الطيبين لأنهم يلحوا عليه أن يفتح باب التبرع لكي تعبر الناس عن مشاعرها تجاه الوطن والقيادة "
لم أتغدَ ... سدت نفسي . خطفت بنطالي وقميصي وخرجت أسحب حذائي سحباً .. قلت لأمي أنا هارب إلى المدينة .
خرجت فإذا الناس تتراكض صوب الشارع الكبير من قريتنا .. وارتفع العويل والصوات .. وجاءت سيارة عسكرية تحمل نعشاً مغطى بعلم عراقي كبير ، والنساء ترمي أنفسها عليه.
يا دافع البلاء .. ماذا هناك ! أي متعوس قد جاء دوره في الضياع .. أنه حميد بن عبد الزهرة ابن سعدية أويلي على أمه ، رمت بنفسها على السطح فوق نعشه .
لا جديد .. لطم وعياط وصريخ يصم الاذان .. القرية عن بكرة أبيها انحشرت في الحوش الضيق الفقير أبي طلب مني الذهاب معهم للدفن في النجف ... اعتذرت ، أنا لا أسير خلف الضائعين .
مجالس الفاتحة والعزاء على أرواح المغلوبين في كل مكان . قريتنا لا يفرغ مسجدها يوماً .
وقفت سويعة لتأدية الواجب .
الرفاق الحزبيون يأتون بمواكبهم المهيبة وحرسهم الشديد لقراءة الفاتحة .. سيارات مضللة ومدرعة وحماية وشرطة وأبهات عظمى ... يزورون كل عزاء كأنهم صدام بجلال قدرة المهيب .
يؤدون الواجب حسب الأصول التي يوعز بها الحزب .
أنهم يمسكون له الجبهة الداخلية ويتحدثون للناس . ببساطة ولطف وقهقهة صدامية .. يسألون عن أحوالهم ..
هكذا دخل موكب أمين سر الفرقة . قال هؤلاء شهداء الوطن والحزب والقائد نحن نحملهم على أكتافنا .. تراكض الرجال للترحيب والتأهيل ... الرفاق يحملون النعوش الى ميدان الزيف !
لم أطق المشهد .. غادرت على جناح السرعة .
أحدهم كان خارجاً تواً بسيارته . أشرت إليه . تعلقت به . تهالكت مدمراً في المقعد .. كان من أصهارنا في المدينة . قلت خذني معك .
راديو السيارة كان يذيع مارشات عسكرية وأناشيد للقادسية ... قال : " اليوم هجوم على الشلامچة " .
قلت : " بحق الملايچة لا أريد أن أسمع شيئاً " .
ودون استئذان أدرت قرص الراديو على إذاعة الكويت لابتعد عن الصداميات ... كانت إذاعة الكويت تنقل أخبار الهجوم أولاً بأول في بث مباشر من إذاعة بغداد ... البيانات والعنتريات والأغنيات .. فيما مغنِ كويتي ينشد لبطل الأمة العربية .
يزهي الفرح بالديرة – صدام يا أبو " القيرة "
أغلقته متأففاً ...
قال صاحبي ساخراً :
- " هؤلاء سوف يقيرَهم صدام أبو الغيرة ! "
صمتنا كالنخيل والظهيرة .. وقتلاّ للوقت تناولت جريدة كانت موضوعة أمامي على ديشبول السيارة .. الثورة ، فتحتها فإذا :
- جند صدام ينفذون عملية اقتحامية .
- الرئيس القائد : لن نسد فوهة القبر ... لن يرجع منهم أحد هذه المرة .
- مغاوير الفيلق الرابع يهوسون : " يا حوم اتبع لو جرينا "
لم احتمل . عفستها . رميتها.. هذه جريدة أخبار الوطن !!
في السيطرة أنزلوني . فتشوني ...
قيل : إجازتك . هويتك .
قلت : أنا طالب ... وأريته هويتي على الفور .
قال لا بس زيتوني ، مسرفن بأذرع غليظة ...
- أمتاكد أنت طالب .. وين خاتل . مواليدك كلهم ماتوا ..
تتذرعون بالطلابية .. خَوَنة ... ماي عيني صدام في الصيف سوقكم لجبهات الهور في حملة القصب والبردي ... والله لو بيدي أذبكم حجابات ... شلونهن الجامعيات ... بس لكم ... أوه ليلة واحدة وي جامعيه والموت حق ...
قال له صاحبه : في اليوم التالي تروح لغيرك .
رد بعيون حمراء غاضبة : " وأنا مخبل أخليها عايشه للصبح وأقطع راسها "
قلت : لماذا هذا الغضب على الجامعيات ؟!
صاح بيّ مزمجراً : انچب ليك قشمر يلا إنجر وحمد لي صاحبي سلامتي وهو ينجر سريعاً وخلفه رتل من سيارات كثيرة تجمعت .
* * *
كانت المدينة تصرخ .. أربع مكبرات صوت في كل ساحة وشارع ، تلغو باغان وطبول وبيانات .. يا رب .. الى متى هذا المهرجان الوحشي الصاخب !
ورحت أبحث عن سيارة تنقلني إلى منزل صديق لي من شكلي ، أقع عليه لأرتاح وأتفسح كلما ضاقت بي الحال لنشتم صدام معاً ونخفف عن أنفسنا بالكلام ونحن في مأمن لا يسمعنا أحد .
لم أجده . قالت أمه أنتظره ربع ساعة .
وجلست في الاستقبال ونيتي صافية ثابتة أن أنتظره فأنا ما جئت إلاّ لهذا ... إلا أنه حدث شي :
على الكنبة رأيت مجلة " الدستور " بطبعتها الأنيقة وورقها الصقيل الملون ... تناولتها باهتمام ... هذه تصدر في لندن ، ولابد أن فيها حضارة وعلماً غير الجاهليات التي تحكمنا ... قرأت بالعناوين العريضة المُشكلة بالصور والتنميقات:
 حسم عسكري عراقي لحرب الخليج .
 يوم في حياة مقاتل عراقي .
 قائد القوة الجوية يتحدث للدستور :
" سنحرق إيران على الخميني "
 طارق عزيز : الحوار الهادئ مع إيران ، تكتيك خاطئ .
عجباً ، هذه تنطق بهوى صدام كأنها مجلة ألف باء وصدام ما أفسده غير الهوى وحديث الأهواء للمتزلفين والمنافقين والمتملقين .. جعله لا يرى الأشياء على حالها حتى أنطفأ عقله الواقعي مئة بالمئة ..
هم يريدوه كذا كيما يرموه في أوارها داهية ما دهت .. وكذلك فعلوا ويفعلون .... أنها حروبهم وموبقاتهم ، وما صدام فيها سوى ممثل بائس تافه لهم . قرقوز على مسرح تمثيلهم .
ومزقت المجلة ونثرتها زبالة على أرض الغرفة وخرجت بلا وداع .
جئت أسير بالشارع كالسكران ، وأنا خاوي البطن ممتلئ الدماغ بأفكار سامة قاهرة ..
واستوقفتني رائحة شواء . فإذا مطعم دجاج يشوى . فتذكرت ساعتها أسطورة ذلك الرجل الشرقي الذي تعلق بغصن شجرة وتحته أسد يتلمض وفارة تقرض الغصن . وثم رأى قطرة عسل ساقطة من خلية نحل على ورقة قرب فمه ، فمد لسانه يلحسها !
تلك تماماً حالة الإنسان العراقي ، قد وضعوا حياته على كف عفريت ... سلسلة لا تنتهي من المخاطرات والمغامرات ، ليبقى العراقيون في دوامة قلق وخوف وانهيار عصبي حتى يجنوا فيقيموا عليهم الحجر !!!
إن الخوف العراقي المخضرم مع أزمان الملوك جر إلى مرض الازدواجية الخطير السرمدي في الحياة العراقية ، وفي الشخصية العراقية .
* * *
امتلأت وشبعت فرد لي جزء من نفسي الذاهبة ورحت أسير في السوق ... هناك نساء كاسيات عاريات وقفت أنظر إليهن باستمتاع ... كانت إحداهن تلبس قميصاً عليه صورة صدام ... كرهتهن .
أريد أن أتقيأ ، مشيت إلى المكتبة علّي أجد كتاباً جيداً ، فما وجدت سوى ما يسمونه " مؤلفات صدام " وكتب عن الجنس والعنف والطبخ وروايات غرامية وبوليسية قديمة
مهترئة . وكتب دينية أثقل من الهم على القلب .
عبرت الجسر في طريقي إلى المرآب المؤدي إلى القرى .
كانت عشرات الأكف المشرعة كالحراب تطلب صدقة إجبارية بمختلف الدعوات التي تستدر عطف الناس وشفقتهم .
ولكن الذي استعصى على أفهامي ولم أعرف له تفسيراً ذلك النشيد الذي يردده شحاذ أظنه مجنوناً ... كان يردد بصوت عالِ ودون انقطاع : " زمان السلّط العگروگ عالرگ " عبارة مبهمة لم أفهم كنهها .
لعلها شفرة استخبارية ، أو عنواناً لعملية عظيمة ربما ستطيح بالنظام . وإلاّ لماذا هجم رجال الأمن على الشحاذ المسكين واقتادوه ضرباً وركلاً إلى السيارة الحمراء أودعوه صندوقها الأسود الرهيب .
من حديث بعض الناس فهمت أن هذا الشحاذ المعتوه تستغله جهات شعوبية وأجنبية عميلة معادية للحزب والثورة لنشر الشتائم المبطنة التي تسيء لرمز القيادة الحكيمة ، فما
" العگروگ " ( ) الهزيل الضعيف إلا صدام . وقد تسلط على " الرگك " ( ) الكبير القوي وهو الشعب .. ويا لعجب الزمان !
وأنا أفكر بهذه المستعصية المبهمة ، دخلت سوق الخضار فصكت سمعي نداءات الباعة . وجلهم من المصريين والسودان .
ولفت اهتمامي مصري ضخم الجثة سمين كأنه فتوة السوق يقعد على كرسي مرتفع بباب محلة وينادي على بضاعته بدون توقف ، حتى إذا جاء أحد ليشتري منه راح يجأر رافعاً صوته بمدح صدام وحكومته قائلاً بلهجته :
" عاوزين إيه العراقيين بقا أكثر من كده . نعمه ملهاش حد . كل دا بفضل الرئيس صدام اللهم أحفظه وأعطيه العافية وطولت العمر .. دا يخوانا حق رئيس محصلش والله .. يعيش الرئيس صدام حسين . يعيش "
كلا لا أظن أنهم أعطوه شيئاً ليقول هذا ، إنما هي المفاهيم المضللة الباطلة ، تختلط على العامة الادناع في كل مكان وزمان ، وتؤدي إلى عبادة البطل ؛ بطل التحرير القومي الذي نفى العراقيين إلى الحدود الشرقية للوطن العربي باسم " الدفاع المقدس " وأبدلهم مثلهم من رعاع المغرب ومصر والسودان فعبدوه بما أعطاهم ووهبهم مما لا يملك .
* * *
عدت إلى أهلي ... في السيارة ، كان السائق يفتح الراديو عالياً على إذاعة بغداد ... بيان عسكري طويل مليء بالشتائم القومية والأحقاد العرقية ، وجنون الزيف ... أصابني غثيان . أردت أن أتقيأ . رجوت السائق أن يسده بدعوى الصداع والتعب. فقال :
- " عمي ما أقدر أسده ، أمر حكومة مو بكيفنا . تبليغات الحزب . بعضهم زودهم بمكبرات خارجية على سياراتهم . الهجوم اليوم على أشده ... الدنيا مقلوبة ، حرب موت ، أنت وين عايش !! " وتقول لي سد الراديو ... تريد تحبسنا !
هكذا إذن .. حمداً على السلامة لما وصلت إلى البيت التقتني بها أمي والهة حرى .... قلقة بشكل يكاد يكون دائماً كلما خرج أحدنا من البيت حتى يعود ... اَكل الأمهات مثل أمي ؟! ويل للأمومة العراقية .
ولمعالجة قلق أمي ، كان أبي قد أصدر أمراً إلينا جميعاً يقضي بالحضور الحتمي الإلزامي ساعة الغروب إلى البيت لنصلي جمعاً خلفه .
وجهاز التلفاز لا يسمح بفتحه إلاّ بعد العشاء ... وأمر أبي مطاع في داخل البيت إلا أنه كان يفتحه لتتبع أخبار الهجوم أولاً بأول .
كان صدام قد احتله تلك الليلة على كل القنوات يثلط " مراطيط ذائق الخضار والجموع تهوس وتصفق له ، فما كان مني إلاّ أن بصقت عليه ، وأغلقت التلفاز وصعدت إلى غرفتي ... كانت زوجة أخي ترمقني بشزر .
استلقيت على فراشي ببنطلوني وحذائي .... ما لي أنا متأزم هكذا . لا أدري ما هذه الحساسية المفرطة من ( حشرة الدم) صدام ... أوه .. أهذا يوم أردته بلا صداميات . ليتني ما طرحته شعاراً .. قد غلبني قهراً .. صفعني بالهواء والفضاء الى الخواء والخبال !... أين المفر ، كلا لا وزر .. إلى ربك يؤمئذ المستقر ... ليتني أغفو بمخدر .. أين النوم وروحي تتأجج كأنها الجبهة . وسياسة الأرض المحروقة .
أردت أن أسمع إذاعة إيران لأعرف شيئاً من مجانين الطرف الآخر ... دورت جهازي على محطتها فإذا رصاص ينطلق يخرش الأسماع فيتعذر سماع أي شيء من شدة التشويش .
حالة لا تُطاق .. أهكذا يحاصر صدام الناس .. أي قوة وسلطان منحوه . ملكوه حتى الأثير كي لا يسمع لغير صوته أن يملأه !؟
وجاءت أختي الصغيرة تخبرني أن التلفاز يعرض صوراً من المعركة ... نزلت مسرعا فإذا " الحصاد الأكبر " كما سماه صدام غير كذوب ... على أي دين يا أهل الله ؟! على أي حضارة يا أهل العولمة وحوار الحضارات وحقوق الإنسان ؟! .. ألا من نهاية لـ " يوم بلا صداميات " ؟
تمت
هل استيقظ أهل الكهف ؟!
من هم المغضوب عليهم ومن الضالين ؟
أنهم اليهود والنصارى !!
يكرروها سبعة عشر مرة يومياً في صلواتهم !
المرابطون على الثغور
يحاربون الكافرين
في عالم العولمة ... وحوار الحضارات !!
* * *
أمريكيون ( مثلثون ) جاؤا من وراء البحار .
أطاحوا بعرش العتل الزنيم
الذي أفسد في أرض التوحيد .
معمم صغير قال : " صدام نحن أسقطناه بالدعاء "
جرّب دعائك سيدي ....
الآن يخترق القفص ؟!
لعلها خترفة النائم ...
وبعض أهل الكهف لم يستقيظ بعد !!!
* * *
النهاية أيضاً ستكون علوية سماوية
لا بالدروع الصاروخية ... ولا القنابل الذرية
أعلنت الحرب الطائفية
مئات المحطات العربية والإسلامية
تبثها الأقمار الصناعية
باسم الحرية الفكرية والدينية
والعولمة ... والنظم العالمية .
عما قليل سينفجر الفضاء بالهرطقية
لينتحر الديانون وتتحرر البشرية .
* * *

تمت
" وَقفة عَلى الأعراف "
قبل أن أحبو ، وحتى أن أرى ابن حفيدي .
سوف أبقى ، وكثيراً ، دائماً أشدو نشيدي .
أمّا أن أكنْ ، أو لا أكون .
أنا حطابٌ فقير ، أو ملك .
لا لأِرضٍ ... بل لكون .
أنا نارٌ أو رمادٌ . قل ترابٌ ، أو وسخ .
ليس ما بين الثريا والثرى ...
أن يُحَدَّ ، لا بميل أو بفرسخ .
أنا في الدنيا ملاك ، أو نبي ، أو إمام .
كذا في الأخرى عليين المقام .
أنا لص ، أنا قاتل ، أنا زنديق وكافر ...
وإذا ما صدقوا ما زعموا .
أن بعثا بعدها ..... إني لخاسر ...
* * *
هل لمثلي من وقفة على الأعراف ؟
ما أشد كرهي لأواسط الحلول .. الأمور !
أن شر الحلول أوسطها .
أيسمى حلاً أن يؤخذ من الحق قليلاً ويُعطى للباطل ، أو بالعكس !
إن هذا برأيي إساءة عظمى لكل حسن في الحياة .
وإقرار صريح – لا ضمني – بالخطأ .
حاكماً وقاضياً على ذات الكرسي مع الصح .
تلك إساءة عظمى لكل حسن في الحياة .
ولن يرضى السيؤون أيضاً
الأبيض سيكون هو الأسود ...
موازين الطبيعة سوف تختلف .
ستعترض الأضداد كلها على هذا .
لأنها لن تُعرَف ببعضها بعد أبداً .
أنها نظرية يرعاها الشيطان ...
مدارات مجرمة للخطأ كي يستفحِل .
وليبق الصواب عليلاً سقيماً لا يحكم الحياة .
هم يحاربون الصواب بكل وسيلة ... ولكن !!
لا يريدون للصح أن يموت ... لأنهم سيموتون معه بالضرورة .
فالخطأ وحده لا يستطيع أن يسيّر الحياة .
والصح يمكنه تسييرها بجزء منه .. بجرعة ، ولو قليلة ، مئة .
هات إذن جرعتك اللازمة لبقاءهم يا صح .
وابق مكانك مزجر الكلب ، لا تتقدم موضع الأحذية من القوم .
هكذا كان موقع الصح ودورة دائماً .
لذا امتلأت حياتنا بالأخطاء .
والأخطاء تتولد عنها الجرائم .
أن الخطأ الأعظم في تاريخنا جاء بسبب " الحل الوسط "
فتعالوا يا أنصار الكلمات الكبرى :
" حق . أصولية . علي . حد . لا . سيف "
تعالوا معي لنحطم كل ما هو وسطي ، ترددي ، تساومي ..
لا خير في الحياة ، إن كانت في مجملها " وقفة قلقة على الأعراف"
أني العنها ، انبذها ، ألغيها ، ألقيها في مقر جهنم .
ذلك يرضيني أكثر . يسعدني أكثر .
كن دائماً في رأس الأمر .
إن كان خيراً أو شر ...
قل يا عزف الجنة أو قعر سقر .
وبعدها لا تبق قولاً أو تذر
* * *
رأيت لما وعيت الحياة ...
ثورتي ... غير صالحة للحياة .

تمت


" المحاجَزة قَبل المناجَزة "
هذا هو عدوه القديم ، وخصمه العتيد عيناً بعين ، ظهر له فجأة من وراء التل في ألف من رجاله .. جاء يطلبه دون سابق إنذار أو علم . أهي خطة أم صدفة ؟.. ذاك كلام لا ينفع . إنهما الآن وجهاً لوجه .
لما تراءى له وعرفه ، عسكر بجيشه الضخم قرب الماء منهم ليمنعهم عنه ، ثم دعاه إليه ليستسلم دون قيد أو شرط ... لكنه لم يجبه ... ما زال يفكر ... كان معه ست صابرون لا غيرهم ؛ فهل يغلبوا ألفاً ؟!.
لم يبرحوا رابية التل ، فيما ملأ جيش خصمهم فسحة الوادي ...
وسريعاً أمر رجاله بالاختفاء وحفر مواضع متباعدة كثيراً ، وقال لهم في خطة طوارئ سريعة أعدها على عجل :
- " ليثبت كل واحد منكم في حفرته لا يريم عنها قيد أنمله ، فأما هي قبره ، أو وسيلته للخلاص .. نفذوا أوامري بالدقة المتناهية . سأتولى بنفسي مساومة القوم ومفاوضتهم للصلح ، الذي لابد منه وسيلة للخلاص دونها الموت لا غيره .... اللازم المهم الآن أن نساومهم عن قوة ، لنشعرهم إننا بقدرهم عدداً ، إن لم نكن أكثر ... إياكم ثم إياكم أن يعلموا إننا سبع رجال فقط . عندها لن يفاوضونا ، سيميلوا علينا ميلة واحدة ، فلا صريخ لنا بعدها ... "
وراح يشرح لرجاله خطة العملية التعبوية السريعة .. قال لهم :
- " إذا أنا وقفت بإزاء القوم أكلمهم ، فليقم واحد منكم بعد آخر من حفرته ، يمد بندقيته ، ويقول لي كلاماً يوهم القوم من خلاله ؛ إن كل واحد منكم إنما هو قائد لمجموعة قوامها ألفاً مدفونة متحصنة بالجبل ومستعدة لإطلاق النار " ..
بطريقة رياضية سهلة يمكن تحويل السبعة إلى سبعة آلاف باستخدام الصفر ... كذلك في الحرب يمكن استخدام الفراغ ، الصفر الذي لا يساوي شيئاً ، ليكون له الوزن الذي يرجح الكفة .
وأمر واحداً من رجاله أن يقود له جَواده ، كما الملوك أو القواد العظام ...
جاء يتخطاهم بكبرياء يَليق بالفرسان ، غير مبالٍ يجمعهم ، ولا هيّاب لكثرتهم ، ولا مبدٍ ضعفاً من قلة .
ترجل عن حصانه ، وأمر صاحبه أن يمد له سماطاً وسط العسكر ... كان يرفع راية سلم بيضاء .
وجاء زعيم القوم إليه . دار حوله بفرسه وهو يهز سنانه في وجهه بتحدِ صارخ قائلاً :
- " لا محاجزة بيننا . أنت ميت اليوم لا محالة ، ولكني لا أقتلك إلاّ في ساحة حرب ...
اتكأ على جنب غير عابئ بخصمه ، وقال بتؤدة :
- " العن الشيطان يا رجل .. هذه ألوف مؤلفة بيني وبينك ستتقاتل ، وتطيح رؤوس وأيدي ، وإني جِئتك كيما أؤدي الذي عليّ أمام الله وعباده من قبل أن تزهق أرواح وتتيتم أطفال وتترمل نساء فتبوء بإثمي وإثمك ...
- ( بكبرياء ) ماذا تريد ؟
رفع يديه عالياً وصاح مسمعاً العسكر :
- السلم لا غيره نريد ... السلام بيننا وبينكم . لن نفنى ، ولن تبيدو ... ستبقى الحرب سجال بيننا يوم لنا ويوم لكم .. وقام واحد من الرجال الخمسة الراقدين في الجحور .. هز رمحه حتى تطوى ، وراح يلقي شعراً حماسياً يومئ به إلى قائده بأن هذه ألف أطلاقة مخبوءة تحت الأصابع خلف التل تنتظر الإشارة بأمر الإطلاق ...
وقال له زعيمه ينهره بشدة :
- اسكت لا سكتت بلابلاك ... إذا انطلقت رصاصة واحدة من " جيشك " فسأعيدها إلى صدرك .. لن أحاسب غيرك ، لا أعرف ألاك ، هل فهمت ... أكفني شر الجهلة
والحمقى . اندفن في غارك ولا تبين بعد .. لا أريد لأحد منكم أن يرفع رأسه .
وفي الحال قام الآخر من جحره الأبعد يلوح ببندقيته ، ويرتجز مقاطع حماسية مؤثرة كما الأول مثيرة للعزائم .. ولكن " رئيسه " لم يمهله أن يكمل أرجوزته ، وقاطعه صائحاً ليخرس ويقطع اللغط في ... " جيشه " .. وأضاف :
وارتفع رأس البندقية ليبين من تحتها ثالث صاح الله أكبر ثلاثاً .. لكن صوت " القائد الأعلى " كان أعلى فأسكته . ناداه يقول :
- اسمع يا أنت .. ذمة الله وعهده عليكم أن لا يتحرك واحدكم عن ( مسلحته ) قيد أنمه مهما طال الكلام بيني وبين القوم أو ارتفع إلى سبي أو حتى ضربي ... أريد أن يبوؤا بالإثم كله ، سأؤجل الشر ما استطعت ، فلي متسع إن شئت تعجله ... " .
وما كان الأمر بحاجة الى رابع ... إلا أنهم جميعا كانوا يطلون برؤوسهم من الجحور بين الفينة والفنية كأنهم الأفاعي الرقطاء ، فيظن الرائي أن أمة من جيش لجب محبوسة في جحور هذا التل ، يتركزون في موضع عالٍ حصين ، وأنها الآن لو ثارت فلن يصيبهم كلهم ولن يضحوا بمحجمة دم ، فيما سيكون أهل الوادي غرضاً للرماة قريباً متناولاً .
وجاء الإيعاز السري بالانسحاب ... وتأجلت المناجزة إلى ما بعد المحاجزة ..


تمت
" ساحة حرب "
اجتازت الشاحنة الطويلة شاحنة أخرى أطول منها ، وهي تزمر بثلاث زمارات هوائية مزمجرة بدون انقطاع . ولدى اصطفاف كابينتي القيادة على كلا جانبي الطريق ، صاح السائق المجتاز بأعلى صوته مؤشراً بالشتم والوعيد :
- " لا تقل إني جئتك غفلاً " .
ثم مال بقوة على خط سير الآخر ... وتقهقرت الشاحنة العملاقة ، وانحرفت عن مسارها حتى كادت أن تنقلب .. وصاح سائقها من مكانه متفجراً بالغيظ يقول بلهجة سوقية مُبتذلة :
- " أي أخ الـ( ..... ) على هذه الطلعة .. اليوم أسَوّيك تنكه ، هدية لأهل السكراب " .
تحولت المعركة من " بين أشخاص " الى "ما بين سيارات" ، وصار الطريق العام ساحة لتصفية الحسابات وبلوغ الثارات .. وكانت العشرات من السيارات الصغيرة قد انقلبت ، أو تصادمت وتحطمت من جراء ذلك الصراع الهمجي بين العملاقين الشرسين.
أنهم يصفون ثاراً قديماً ... فقبل سنة حدثت معركة " على الأرض " بين سائقين ؛ انتهت بأحدهما إلى أسبوع في المستشفى متأثراً بضربة " درنفيس " في بلعومه ... كان هذا
" المدَرْفسْ " يصرخ طيلة الوقت فيما بعد مهدداً يقول : " أنا أعلمك . اصبر علي . إذا ما قلبتك فأنا لست فلان .. لابد أن أقلبك في يوم .. " .
وأظنه هذا هو اليوم !!..




تمت

الصحوة الإسلامية
أبّان الصحوة الإسلامية
قرأت كتاباً في " فدك "
أردفته بمجلد عن بيعة الغدير ...
ومثله عن بيعة السقيفة .
وتوجّت مطالعاتي ببحوث عن الروافض والخوارج .
وعثرت على كُتيب في " ضلع الزهراء " .
وأبحث الآن عن كتاب في ....... الردّة !
* * *
" ولتجدن أكثر الناس عداوة للذين آمنوا اليهود ... "
" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ... "
بهاتين الآيتين الكريمتين صدّر أحد حمير الهراطقة سِفره الضخم " حوار الحضارات "
* * *
مكافحة " المخدرات الفكرية " مهمة قاهرة ، وهذا الهذر الزائف المعوج يغزونا ، يتحذف علينا من كل اتجاه في كتب غالية منمقة .... توزع مجاناً !!
* * *
الصحوة الإسلامية ، أيها المفتون .. الأنتم بها فرحون
لماذا تحولت ... الى طاعون !!
* * *
لما ذبح الشمر الحسين
ضحك الملائكة القليلون
وبكت الشياطين
ضج الكون بالبكائيين ....
لأنهم الأكثرين !!
* * *
عندما احتل العراق أمريكا
أسمت الأمريكتين ...
انطلقت " الصحوة الإسلامية "
لتمنع أن " يتأمرك العراق "
عبرت مضيق جبل طارق .
حكمت الأندلس .
وبنفس الطريقة ....
أضاعت العراق !!
* * *



تمت
" عرفات ... والزير التلمودي "
24/7/2007
الآن سألقي عليكم دروساً في الخل والطرشي !...
والمناسبة هي صياغة إعلان تجاري لخمرة مُعتقة تدعى " عرفات"
إذا كبس التمر أربعين صباحاً ، سيصير خلاً ..هل مثله الزيتون ؟
خذ بيارة من زيتون غزة .
تكفي لري حجاج القدس خمراً عرفاتياً !
طريقة التحضير بسيطة جداً .
والمادة الأولية فائضة في منطقة الشرق الأوسط .
كل شيء هنا يصلح للكبس والتخليل والتخمير والخلط ....
التمر والزبيب ، والزكاة والزيتون . والعقول والعاقول . والدين والطين . والشعير والشعور والشارع . والرجال والقهوة والنفط . وبنات آوى وبنات نعش وبنات آدم . والشرق والبرق والمرق والعرق . وعكه ومكة وكعكة ... وكل شيء لا يشبه شيء !!!
أما معدات العمل ، فهي " الزيران " على اختلاف أنواعها .
ولا شيء غير الزيران .
ولا تسألوني عن أنواع الزيران .
فهذا " سر الله " ... فلا تتكلفوه .
وسر " المهنة الملكية " ... فلا تلجوه .
وسر " عرفات " ... فاسألوه .
فهو سيد العارفين فيه .
" عجي " موائد الملوك و " دبّور " أضوائهم !
من مثله !.. من يدانيه !... هل من مبارز ؟!
خمّروه في تل أبيب .
وحمضوه في هوليود .
ووزعوه خمراً في الصالات وعلى الموائد .
من لا يعرف خمر عرفات ... " أبو الشايب " ؟!
ذو العقال العربي ، والبنطال الأوربي !
عرفات ... الأكثر مبيعاً في أمريكا !
عرفات ... الأشهر بين زوار العواصم .
عرفات .. دائماً هو الأحسن والأضمن ...
عرفات .. تحميه الآساد .. والموساد .
عرفات ... رمز الجودة والأناقة والذوق .... اليهودي .
عرفات ... يشربه الرؤساء والأثرياء .
عرفات كالثوم ... تناولوه على أسرة الملوك .
وجالسوا به الحمير .
وقاؤه على المزابل ، لما تعفن وفسد !
عرفات ... يحولك إلى حمل وديع يحمل غصن الزيتون .
ولكن إياك أن تكون خروفاً ، وتقضم الغصن !
وتجعلنا مضحكة لليهود والنصارى .
ولكي ترضي عنك المسلمين . وتكمل حجك العرفا إبراهيمي ...
تصدق بـ" خمر عرفات " على جبل عرفات .
لست فلسطينياً إذا لم تحمل في جيبك قنينة من " خمر عرفات " .
ولكن إياك أن تحولها في الشارع إلى زجاجات حارقة .
لأن عرفات سوف يغضب عليك .
ويأمر ساقيه أن يحبسك في .. " الخمارة " !
امتلأت الخمارة !!
فسد كل ما فيها .
أفاق عرفات من حلمه .
لقد نام في الزير التلمودي أربعين عاماً .
ولما صحا .... وجد أن الدنيا قد تغيرت .
وأن التيه اليهودي لن يوصله إلى سيناء .
إلا من " معبر رفح " ..... اللاآمن !
فلسطين تقزمت ... ذهب اسمها ... التاريخ .
صارت ... قطاع وضفة !
حكومة ؟!... أليس كذلك !
حبذا الأمارة ... ولو في الدعارة ...
لكن ( دولة أوسلو المتجمدة ) ذوبتها أيام التسويف
الحيف الحيف ...
قام رجل بالسيف ...
مجانين الحجارة ؛ ينازلون الدبابات ، والطائرات ... والمفاعلات
يقاتلون بموتهم !.. انتحاريون ، إرهابيون .
بل ..... استشهاديون !!
قبل أن تمر ، ركب عرفات الموجة .
صرخ بأعلى صوته : شهيد شهيد شهيد .
ليكن ... قد اختار نهايته .
اكسباير ....... إلى الموت البطيء .
مَنْ بعدهُ في لعبة الشهادة ؟
حماس . عباس . ترباس . فتح . ذبح . غلق . فتق . مزق ... كله واحد !
أضداد من نفس النوع .
تُساق للتخمير ....
إلى الزير التلمودي الكبير !...



تمت
النازحون من البصرة
طرقت علينا الباب ليلة ... خرجت ، فإذا رجل ، ولوري مًُحمل بأغراض وأثاث بيت . سلم علي فرددت السلام . ثم قدم نفسه غلي قائلاً : " أنا بصراوي "
وفهمت كل شيء ؛ البصرة مدينة المليون مقاتل !.. حبيبة القائد " أنهجم بيتهم منين ياخذوها " ! وجريد نخلها سيوف ... و " البصرية الحلوة الحبابة تطش الجكليت " !.. وماهر وطالع !.. والفيلق السابع وأم الرصاص .. وأم الزعاطيط ... وسخائم أخرى أخرها " حرب المدن " !
قلت بكدر ، وأنا أجذب حسرة للبصرة وغير البصرة :
- تفضل يا أخي . أهلاً وسهلاً .
ثم إنهمكنا في تنزيل بعض الأغراض والنساء والأطفال من اللوري . قد جاؤا على ظهره من البصرة وحتى كربلاء ، ينفخ في أجسادهم إسرافيل كانون حتى جعلهم خشباً
مُسندة ...
أثناء ذلك تقاطر علينا جمع من هذه الوجوه التي لا ترى إلا عند كل سواة . مواطنون ، ورفاق حزبيون وأعضاء مجلس القضاء والناحية ومشايخ وطناطل وتنابل ... قالت ( شريفة ) تلبس عباءة وخماراً :
- سود الله وجه الخميني ... ماذا عمل بهذه الأوادم .. سباها سبايا الحسين !
قلت : " هذه لماذا لا تذكر صداماً .. أليس هو الآخر .... " وقرصني أبو زهير لئلا أكمل ... يعرفني لا أسيطر على لساني فينفلت مني في كل مرة وأُساق إلى الأمن أو الحزب لـ.. يعدموني ، أو يقطعوا لساني ! وليجزي الله عديلي أبا رافع خير الجزاء فأنا مدين له برقبتي يعتقها ، يشتريها من الجلادين ، يفك عنها حبال الشنق بماله وجاهه ، مرة بعد مرة .
مشاكلي مع الأمن كثيرة ، وملفي ممتلئ مكتض ... كلها كلمات لا غير ، ولكن من نوع هذه الكلمات التي تؤدي في العراق إلى قطع الرؤوس والألسنة .
زوجتي أم صادق لامتني تخاصمني ، لأني لا آخذ بوصاياها المفعمة باللهفة والحسرة : " أبو صادق صدقه لعينك استر علينا ، خلينا عايشين . الوضع بأي حال وأنت تحكي ما بدا لك ... تريد تروح بشربة ماء ، بكلمه ! "
وكلما كُرثنا بكارثة يجرها علينا لساني ، لجأت زوجتي إلى أختها تبكي وتولول ، حتى تستدر عطفها ، ثم من بعد عطف الأخت يأتي عطف الزوج .... وثم تعطف عليّ الحكومة ، ذلك أن أبا رافع يرفع ويكبس في مرمى شباك طائرة ألاعيب الحكومة ... فهو معاون المحافظ .
* * *
بصري أخر جاء يسأل ، يريد بيتاً يؤجره كي يأتي بعائلته التي أنذروها بالرحيل لتحول مدينتهم إلى ( منطقة عسكرية ) .
أرشدوه بأن لديّ بيتاً للإيجار ... لي بيوت كثيرة .. وحاقدون كُثر يستكثرونها علي .. لكنها كلها امتلأت بأهل البصرة ... وهذا آخرهم .
وأنا أسير معه لأدله ، وليرَ البيت ، كان لا يكف يشتم الخميني ... وكنت يومها أحب الخميني حب الله ورسوله . وأراه المخلّص الأوحد .
قلت : لقد استثنيت ، لا أؤجرك البيت .
قال بصلافة : " مو بكيفك " غصباً عليك ، الآن أروح أخبر عنك المنظمة الحزبية . أمر من السيد الرئيس الله يحفظه يقول : كل البيوت تفتح أمام أهل البصرة ، ومن لا يعطيكم الأقفال ، أكسروه قلت بحماقة وأنا أتأجج غيضاً :
- " والله أنعل أبوك لا أبو الحزب لا أبو الرئيس كلب ابن الكلب " .. ثم نفخت كفي وأعطيته لطمة أردفتها بلكمة ، وتوليته رفساً حتى غاب عن الوعي . بعدها تركته وعدت إلى بيتي أروي القضية بتفاصيلها لامرأتي !!
بعد ساعة أو دونها جاء شرطة الحزب أخذوني .... وتبين أنه من عبثيي البصرة .. وكان ممكناً أن " أضيع " . ولكن عديلي توقاها بألف دينار دفعها لمدير أمن كربلاء – وكان صديقاً له - .. وهكذا نجوت بمعجزة .
* * *
وكان لأختي بيت شهيد ، بنته بفلوس قسطوها إياها ثمناً لزوجها الذي ضاع في قادسيتهم .. وقد اكتمل تواً إلاّ من لمسات أخيرة .. وثم تنتقل إليه .
ذهبت إليه يوماً على عادتها ، فوجدته محتلاً قد امتلأ بالأغراض والنساء من اللائي إياهن .
تقدمت منها كبراهن ، قدمت نفسها بأنها زوجة مسؤول الجمعيات – لا ندري أي جمعيات ! – في البصرة ، وأنهم وقع عينهم على هذا البيت فاختاروه وطلبوا من الفرقة الحزبية استئجاره !
كان بيت أختي قصراً يليق بالحكام . ليتنا عبناه قبل أن يأخذه الملوك غصباً . لكن الخضر لم يمر علينا وينذرنا ، مع أنه يتجول في الدنيا فيما يقولون .
لما احتجت أختي قابَِلتها بالسخرية ... ثم دعيت إلى المحكمة لتوقيع عقد إيجار واستئجار . ولكنها دهشت لما علمت أن قيمة الإيجار هي ثلاثون ديناراً لا غيرها !
والذي يطلع على قوانين الاستئجار في عهد صدام يعلم أنه أفضل من التمليك لما يمنحه للمستأجر من حقوق وصلاحيات تفوق حقوق المالك وتجرده من سلطته على ماله التي منحه الشرع إياها .
* * *
بعد الشبع والري والدفء له وعياله ، جلست أحدثُ ضيفي وامرأته وابنتيه وهم يبكون البصرة وبيتهم فيها ونخلهم وأرضهم وشطهم ، يغمغمون حزناً على الحال التي هم
فيها .
سألته : شلونها البصرة
فأجاب : لا بصرة بعد ... ذهبت البصرة .
 أخذها الخميني ؟
 ليته يفعل ويخلصنا من صدام لكنه لا يقدر . دول القوة كلها مع صدام ، هذه حرب عالمية ، الأدوار فيها مُقسمة كما يريد الكبار .
 لماذا لا يرعوي إذن ويفهم ، وهو يقرأ قول الإمام علي ( ع ) : " أفلح من نهض بجناح ، أو استسلم فأراح " .
 لا يقدر . الأمر ليس بيده ... ولا بيد صدام .
 كيف ؟!.. صدام والخميني بيدهما الأمر كله .
 يتهيأ لك هذا ... الحقائق لا تؤخذ من الإعلام ...
القرار خارج الحدود . وراء الكواليس . بيد الكبار .. وما هؤلاء الحاكمين إلاّ بيادق ألعاب يحركونها بذكاء ودهاء لإبقاء المنطقة والعالم في أتون نار .
 ( بتصميم ) أنت مخطئ يا عزيزي . بل هي حرب الإسلام ضد الكفر والنفاق ... الخميني هو حسين العصر وهذا الشيطان الأبقع يزيده ... ويأبى الله أن يقتل الحسين مرتين .
 ( متبسماً بأسى شفيف ) قال : حزني على المؤمنين لا يعرفون الشطرنج . يحرموه !... فيما يلعبوه بهم كل يوم .... ولكي تستقر لعبتهم وتطول ، لا يقتلوا الملوك .. يبقونهم إلى ما لا نهاية ، لأن ليس في نيتهم إنهاء لعبة الشرق الأوسط الشطرنجية !!
أما هذه الجولة المُسماة ( صدام / خميني ) فسيوقفوها بلا غالب ولا مغلوب عندما يستنفدونها حتى الثمالة لينقعوا بها لحية الخميني يدنسوها ، وأنف صدام يرغموه ، يكسرون به الكاس ... وثم يبقون نهاياتها السائبة بأيديهم يحركونها أنا شاؤا .
قمت أتأجج غيضاً ، كأني أحرقه . لكن لمزيد المعرفة أبقيته .... سألته :
 - هل أنت عضو شعبة في البصرة ؟
أجاب بتبسُّط :
 لو كنت كذلك لأخرجت صاحبي من اللعبة ، بطلاً ، كما يسموه .
 لعلها مناورات ابن العاص التحكيمية !
 ( بتأفف ) لا تربط الماضي بالحاضر بهذه الطريقة الفاجعة . خطؤنا عبادة التاريخ . تكراره .. لا ننفك من رموزه .. العاملون في ساحتنا اليوم لا يقرءون تاريخنا إلاّ بقدر تعرف عوراتنا ... الإرهابية !
يحاصرني . يحيرني ... أحب الخميني . قلت ثائراً :
 الإمام الخميني شيء مختلف ، ومن الدواهي التي جرها عليه الزمان ؛ مقارنته بصدام . ولكل نبي فرعون !
 سيدي ؛ إذا كان صدام ( مجنون سلطة ) . فأن الخميني (مجنون ثورة ) كلاهما أساءا السلطة والثورة بجنون مفرط.
 ( بتفجر ) أرجوك احترم . أنت المجنون وصاحبك وأبيك . ولولا حرمة الضيف لطردتك الآن من بيتي ... لا أسمح لمخلوق أن يمس الخميني بسوء ، إنه إمام مجاهد على نهج رسول الله وسنة أهل بيته .
 رسول الله ( ص ) هادن الكفار في صلح الحديبية . - ولا صلح مع الكفار – إنما لمصلحة المسلمين وحرصاً على دماءهم ... فعل ( ص ) ذلك .
 أين هذا من ثمانٍ مجنونة ، قتل فيها من المسلمين أضعاف أضعاف ما قضوا في كل حروب المسلمين !
* * *
الأثاث والأغراض بقيت في " اللوري " بات السائق المصري في حراستها ، ومعه المالك الذي رفض المبيت إلاّ في شاحنته العزيزة ، خوف أن تسرق .
في الصباح ركب أبو طارق البصري في اللوري ليبحث عن بيت للإيجار في الأحياء . ولأننا تحدثنا طويلاً الليلة الماضية وتعارفنا ، فلم أترك ضيفي وحده ، رغم اختلاف الرأي فنحن علمنا ديننا قبل الديمقراطية أن أحرص على حقك وأعطيك كامل حقوقك ، وأنا أناجزك الجدل وأخالفك المعتقد .
لبثنا النهار بطوله نبحث دون جدوى . لا شبر فارغ في كربلاء . البصريون والمصريون وغيرهم ملئوها .
وقيل أن المحافظ يرعى العوائل النازحة من جراء القصف وذهبنا إلى هناك فقيل المحافظ لديه اجتماع ، وبعد انتظار ثلاث ساعات قيل اكتبوا عريضة حال وطلب ثم أطبعوها على الآلة الكاتبة حسب النظام .
لا نظام ... لو رفعوا أيديهم لسارت الأمور بلا اجتماعات ، ولا تعقيدات .
في الثانية ظهراً أُفرج عن الرد : " يراجع مقر فرع الحزب "
وذهبنا إلى " مقر الإفساد في الأرض " فأخذونا على حمام أهلي مهجور تعود ملكيته إلى حاج عاصم أحد الذين سفرتهم الحكومة في عام 1980 لأن تبعيتهم إيرانية ! كان حاج عاصم هذا من الأثرياء يملك دوراً ومحلات وعقارات ثم تبين للحكومة الرشيدة أنه " من التبعية الإيرانية " وكما أن ابنه " طلع حزب الدعوة ! " فأطفئوا داره واجتثوا عرقه من أعمق نقطة .. حسب تعليمات القيادة .
لا علينا من هذه التفاصيل .. " كل من عليها فان " لكن المهم في الأمر أن أبا طارق رفض الإقامة في موضع مغصوب ، لكنه لم يعلن عن ذلك للمفرزة الحزبية التي رافقتنا ... إنما السبب المُعلن هو عدم صلاحية المكان ووجود عائلتين تشغلانه قبله .. فكأن حياة المعسكرات الشيوعية العبثية تظهر في كربلاء !
زهق الرجل وقال سأرجع إلى البصرة ، ولامت في القصف ، خير من هذا العذاب .
كان صاحب اللوري – وهو من النجف – يمسك لنا ساعته ، كلما دارت العقارب دورة ، قال : زاد السعر الأجرة خمسة دنانير ... هذا زيادة على الأجرة الأصلية التي جاؤا بها من البصرة وقيمتها 230 ديناراً حسب الاتفاق .
بعد تطواح طويل عقيم عدنا بخفي حنين إلى بيت قعيدته " هلال العيد " أم صادق .
تعشى الجميع بسعادة وحبور ، لكن الملاك النجفي عكر الصفو بإصراره على خمسين ديناراً أجرة مبيت اللوري رفض أن ينقصها رغم تشفعنا بالنجف وساكنها والغري وأهله .
وكانت الأجرة قد ارتفعت إلى أربعمائة دينار ، وليس لدى البصري سوى ثلثمائة دينار جمعها لعوادي الزمن . وأصر صاحب اللوري أن يعطيه أجرته كاملة أو يرمي أغراضه في الشارع .
ولم احتمل المشادة الجائرة فصحت بالنجفي بعنف " اتق الله الرجل في محنه ويستحق المساعدة " .
قال : ساعده أنت من مالك .
قلت : الأجدر أن يساعده الحزب ...
ثم التفت إلى البصري وأضفت : أبا طارق أهرع إلى المنظمة الحزبية أخبرها ستتولى عنك أمر هذا ومباشرة شتم السائق الحزب وقال :
- العن أبو الحزب . حقي أنا آخذه بيدي .
ثم نادى على سائقه : " بنداري هات الهنگ " وجاءه مسرعاً بقضيب حديدي طويل رفعه النجفي وهزه بوجهي قال : أما فلوسي وأما آخذ الأغراض كلها واذهب .
عندها قلت له بتؤدة :
- على كيفك عمي . أنا أتعهد بالفلوس . أنزلوا الأغراض وبك خير وتدلل .
قال : توجه على العباس احلف براسه الحار .
وحلفت غير هياب
وأنزلنا الأغراض حشرناها في أحد غرف بيتنا .
ودفعت الباقي كاملاً بعدما صفر جيب أبي طارق وفقد القدرة على الحركة والانتقال ليبقى وأغراضه وبناته وامرأته في بيتي ...
امرأتي ظلت طويلاً تبحث عن حل . ولم تجد ... أنا كنت أرى أن البيت يكفينا جميعاً ، خصوصاً وأن الأغراض كانت تتناقص ، يبيعوها فرادى ليعتاشوا بثمنها .
عطاءاتي لم تنقطع لأبي طارق ، بيد إننا لم نتفق في الرؤى حتى النهاية .





تمت
تعذيب
كان " علي صدام " يفتخر بأنه " ابن صدام " معلناً بأنه فدائي لـ" أبيه " . لذا ارتقى سريعاً إلى رتبة " مقدم " ، وصار من أكبر وارهب وأقسى ضباط التعذيب في الأمن العامة ، وأعلاهم راتباً .... شارباه الطويلان المعقوفان المخيفان يتقاضى عنهما مخصصات تعدل راتب .. معلم .
كان الضابط الذي له خط تلفون خاص مباشر مع الكبير ، في مكتب التحقيق الفخم يتصفح ملف أحد المغضوب عليهم الماثل أمامه ...
قال يتندر مع " قحبته " :
- هل غسلتِ لباسي ؟
قالت تضاحكه :
- نعم ، ولكن لا حبل لنشره .
وكان يستجوب أحدهم . فضغط الجرس .
حضر بعض جلاوزة الجحيم .
قال لهم متضاحكاً وهو يتكئ بارتياح على كرسيه الدوار :
- " خذوا هذا ، اعملوا من " زبّه " حبل " .
وعلى الفور سحبوه من ذكره حتى خلعوه ...
كانوا جميعاً ... يضحكون !
ولا زالوا ........ يضحكون !!





تمت
طنطل
اسمي " طنطل "
هذا أفضل من محمود " القاتل "
الرحمة الرحمة من الذات اللائمة .
" ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا " .
من أين لي بالرقبة المقيدة ؟!
وقد تحرر العبيد ، والغي الرق !
من يحرر رقبتي ؟
ورقاب الملايين من الرق الجديد .
ليتني كنت عبداً مملوكاً ...
للعبد الأسود .... بلال الحبشي .
وأعود ألفاً وأربعمائة ...
عبر الزمن والمسافة .
من أرض السواد الخصيبة
إلى صحراء الجوع والعطش .
من القرن الحضاري الجديد ...
إلى الشاء والبعير .
لأرى ... محمداً .
* * *
في الجيش ....
ترتبك المعاني .
وتذهل كل كلمة عن مدلولها .
ويبدل القتل غير القتل .
لقد أخذوني إلى الجبال لأُقتل .
والعسكري حرفته " القتل " ولا شيء غيرها .
وقد قتلت ... كما أمروني .
قتلت " عباساً " ما ...
وأنا لا أجد فرقاً بين العبابسة الثلاث ؛
عباس بن زنگنة
وعباس الذي من قرية بغداد
وعباس القمي .
هم هدفهم الأعلى قتل العباس أينما وجد .
وكائناً من كان ...
كردياًُ متمرداً !
أو فارسياً مجوسياً !!
أو عربياً أصيلاً !!!
أو هاشمياً علوياً ..!!!!
* * *
لا نار ، لا وقود ، لا خيام ...
والريح تعوي في الجبال
تعزف لحن الموت الأبيض .
في منتصف الليل ، صدرت الأوامر بالتوقف .
صاح الضابط ؛ أيها الجنود : الحذر الحذر
العسكري يحمي نفسه .
القوة كلها تبقى خافرة .
المنطقة ملغومة بالعصاة
وقد نطوق ونحاصر في أي لحظة .
ويعمل الخنجر الكردي في رقابنا ذبحاً ....
* * *
جمعتني نقطة الحراسة مع جندي لا أعرفه .
قال : لنتعارف .. ما اسمك الكريم ؟
عم يتحدث الخلي ؟!
في الجيش اسم واحد : " قاتل " ، وجمعها " قتلة " .
قلت : أرجوك دعنا بلا أسماء
لقد جمد البرد دماغي ، فنسيت حتى اسمي .
قال : لكن مهمتنا تتطلب أسماءاً ، نحن نعسكر و ...
- أوه ... سمني ما شئت .
- خطأ . لابد أن أدعوك باسمك ، والأسباب هي :
وراح يعدد لوحده أسباب الضرورة الاسمية ...
عسكري محترف .. ما أوسع خلقه !!
الكلمات كالمسامير المحماة بالثلج تندق في جمجمتي
والأسماء مهرجانات دعايات كاذبة ، قد تعني نقائضها .
وفي حمأة التوتر المغيط قلت مازحاً مستخفاً :
- اسمي طنطل
هل هناك عراقي لا يعرف " طنطل " ؟!
باقر البطون الأسطوري الذي يخافه الأطفال ..
ألم تخوفه أمه بطنطل وهو صغير ؟
صاحبي التعيس الحظ
تعرف على " طنطل " ، فيما يبدو ، لأول مرة .
لم يكن طنطل العجائز والأطفال .
إنما طنطل العسكري . الجبلي . الثلجي . الجهنمي . الانتراتيكي !
وعقل المسكين الحكاية . وقال مجاملاً بأدب جم :
- أهلاً وسهلاً سيد طنطل . وأنا عباس من بغداد .
* * *
في لحظة ...
تحول راسي إلى " طناطل " .
راحوا يقرعون جمجمتي ، يصرخون بإلحاح :
- " أمّن البندقية " .
أجزاء من جسمي انقطع اتصالها بدماغي .
البرد والجليد تسد أكثر الطرق والمنافذ .
وعاد الطنطل القائل فيّ يلح :
- " أمّن البندقية " .
رفعت يداي بصعوبة
مددت كفي أريد زر الأمان ، فلم تطاوعني .
كل مقاطعات الثغور والأطراف أعلنت العصيان ... في جسدي .
أذاني وأنفي وأصابعي و .... إحساساتي .
الجنرال " انجماد " أغار عليها واحتلها .
والجنرال طنطل القائل يصرخ في كل أذاني الداخلية :
- " أمّن البندقية " .
إذا لم تؤمنها ستنفجر وتقتلك مع صاحبك .
هاجس لعين غريب ركبني ، كأن قدراً يلح عليّ بالموت .
خلى عقلي تماماً إلاّ من كلمتي ؛ " أمّن " ، " البندقية " .
تترددان في جنبات ذاتي الخاوية ...
ويرجع صداها ، مثل بوق تنفخ فيه جوقة غيلان .
وأمرت الوالي المتمرد في كفي المحتل .
إن أغلق زر الأمان ( )
إذا لأضغط من ثم على العقرب ، كي أتأكد من الإغلاق .
وسمعت صلية رصاص
انتفضت فزعاً .
أنها قربي . كأنها في حجري . ترى من رمانا ؟
عجباً ، هل أنا حي ؟!
وتحسست جسمي ، ونفضت نفسي .
وتساقط الثلج .
وسمعته يتأوه ...
ها !... أنه صاحبي يخور بدمه .
قال : لقد قتلني يا غادر
- من ؟!.. أنا ؟!.. ربما ...! غير معقول !
وفغرت فاي ،بينما كان يريد أن يصوب بندقيته نحوي !
لكنه لم يقو على حملها فسقطت من يده .
* * *
في النزع الأخير سألوه :
- من أطلق عليك النار . هل رأيت من ضربك ؟
قال بتأكيد شديد : قتلني طنطل
وراح يكررها بشعور كامل :
لكنهم ضحكوا علية ...
حسبوها منه هذيانا وخترفة احتضار .
كنت منهاراً أرتعد قراً وخوفاً ...
وأقل تحقيق يمكن أن يؤدي إلى اعترافي التام .
ولكن ، لا تحقيق ولا محققون ولا حق .. أصلاً في الجيش .
إذا كانت الأرواح هناك بالمجان .
والأحياء ميتون مع إيقاف التنفيذ .
فألا يبدو التحقيق في مقتل ميت عادي ..
ضرب من العبث والسخف
ومضت روح عباس إلى السماء
لأشاهد على إزهاقها سوى الله ..... وطنطل !





تمت
أدب المناظرة والجدل
هذه رسالة جوابية استلمتها من " شيخ عالم " رفعت له تقريراً عن موضوع فيه خلاف ... أحاول إقناعه بوجهة النظر الأخرى
بسم الشيطان الغوي الرجيم
إلى الزنديق المرتد والرافضي الكافر
سفالة " فلان " أبو زنيم . الحمار الحامل لأسفار الكفر تحقير ورزالة وبعد :
فقد قرأت سفاسفك . ووقفت على بعض هرطقاتك . والجواب جهنم الحمراء لكم يا أعداء الله .
نتمنى لك العدم والجور ، والموت والثبور ،...
والحرب عليكم وسخط الله ولعناته .

التوقيع
شيخ الجماعة

النهايات
عيشنا في عشنا ، عاش الهنا – في خيمة الحب بظهر الجدول
تلك أضغاث أحلام شاعرية لا تسمن ولا تغني . عشت بها محروماً طيلة شبابي الأول ، لا أملك شيئاً لتحقيق أدناها . بيد أن الموضوع الآن ليس حلماً . أنها قصة " حب أعمى " معروفة مستهلكة ؛ مطلقة حلوة ثرية لا تزال صغيرة ...
قالت جدتي : " خذ مطلقات البين ، ولا تأخذ مطلقات الرجال " ... حكمة قديمة مستهلكة أيضاً . وَلست بغاضٍ للحكم ، وهذا الملف التاريخي قرضه العصر ... والجرذان . وهو محتاج إلى من يخطه ويجدده ...
أما أنا فلسوف أبدأ من المليون . أما الصفر ، فأنا تاركة للأغبياء المهوسين .
عرفت فيما بعد أن " أم منار " طلقها الاثنان ؛ البين والرجال وكلاهما على شر .
أما الأول فجندي " استبسل " بأن قتل مجموعة من رافعي الأكف والرايات البيض ، فنال تكريماً من لدن القائد وصار ضابط درع ، ثم احترق بدبابته في الجبهة بعد ذلك .
والثاني كان زير نساء نصاب مختص بـ" نسوان الشهداء " قضى وطره مع أم منار ثم طلقها .
والثالث أنا .. فقير معدم ... وما جئت على خير .. بدءاً .
قال الشيطان ، وصدق الرحمن ، واختلط الصدق بالكذب ، مؤدياً إلى صدق في النهاية .
الكذب ؛ إن أبي كان تاجراً . وإني تزوجت امرأة وطلقتها . وأني خلو من العلاقات العاطفية الآن خصوصاً في الكلية . وإن إيماني بالله والخير راسخ . وأن أمي دلالة ، وأني أحب صدام وأن لدي أقارب في الكويت ....
أما الصدق فأنا طالب معدم في الجامعة التكنولوجية . يلزمني مئة ألف ويزيد لأكسي " آمالي العراقية " ثوب الحقيقة .. فـ" بيت وسيارة وامرأة " ... ياه !.. " امرأة " .. تلك طلب ملح ، ليتها بدينار ، لتدخل المطعم تقول للخادم : هات امرأة . بدل " نفر كباب " !...
الصدق أن صلاتي " بين سطر وسطر " ، وأن عمري ثمان وعشرون سنة ولم أمس النساء قط . وأني طالب ذكي نشط متحرك لأني مُكلف بإعالة أمي وأخوتي ... ونسكن بيتاً صغيراً بالإيجار .
" الطلابية " تلك في الصباح . أما عصراً فأنا " كولي " صنائعي من هذا النوع الذي يسميه المصريون " بتاع كله " .. فأحمل الآتي على ظهري ، وأدور في الأحياء السكنية التي اختطتها الحكومة لذوي قتلى الحرب تحت مسميات ؛ حي الشهداء ، حي الضباط ، حي الشرطة ، حي العسكري . الخ ...
كنت أنادي على نفسي كأني أبيعها في سوق النخاسة . أعلن عن خدماتي كعبد ماهر مطيع يجهز الماء والكهرباء ويشد الزجاج ويصبغ الدور ، وكما لديه خبرة متواضعة في إصلاح الأعطال العامة في كافة الأجهزة والآلات المنزلية ... التكنولوجيا صنعتي ودراستي ، لكن المال هدفي .
وما كذبت قلامة ظفر . لقد كانت خبرتي العملية النظامية معروفة لدى السكان وخصوصاً ربات البيوت اللاتي يستعن بي في أدق الترتيبات التي يحتجنها في منازلهن ، وبأسعار رمزية .
أما دار أم منار فقد أنجزت معظم أعمالها بيدي ، وأودعت فيها كل عبقريتي في الضبط والإتقان والشكل .
كانت تحب الجديد والجميل . ولديها الفلوس ، فتنظر في جنبات البيت لتضيف وتغير وتوسع معتمدة آرائي وابتكاراتي ... وذوقي أيضاً .
أصلحنا الماء وجددنا الكهرباء وصبغنا الأبواب والشبابيك وأبدلنا الستائر ... وحتى الحديقة حرثتها وغرستها ونظمتها ، رغم أني لم أكن حدائقياً .
ثم قررت أم منار أن تجدد وتديم أثاث البيت ، وطلبت مني أن أشرف على المهمة وأصمم ديكوراتها حسب ذوقي وخبرتي ... وكنت معها اشتري الأشياء والحاجات بحسب معرفتي واختياري ، وهي تدفع الفلوس حسب .
أصرت أم منار أن يكون كل شيء في بيتها جديداً . وأهم شيء أن لا يكون فيه شيئاً من حياتها القديمة ... حتى غرفة نومها باعت أثاثها في السوق ، وحكمت رأيي وذوقي لاختيار واحدة بدلها جئت بها إلى البيت الجديد ، حتى إذا أكملت نصبها وتركيبها قالت بلهجة ودودة مرحه :
- أحزر ماذا ينقص هذه الغرفة .
قلت بانبهار وحب :
- لا شيء . أنها كاملة تامة ، مثل عروس مزفوفة .
قالت بشوق وهي تسبل جفونها باستسلام :
- ولكن أين العريس ؟!...
... وفي ظرف ثوان ... أصبحت عريساً !
* * *
لما دعتني حكومة الحروب العبثية إلى الانتظام في طابور الحمقى والمغلوبين ... وجاء دوري في لعبة القتل والضياع والزيف .... لأكون جندياً في " الجيش العراقي الباهش " بعدما أكملت دراستي في الجامعة ...
رفضت زوجتي أن أتيه في زحام الباطل .. قالت بعزم وتصميم :
- " سأقتل نفسي إذا ذهبت الى الجيش ... لن ادعك " تستشهد " مثل زوجي الأول .
قلت : كيف ذاك ودونه المقاتل ... هذا مقر الأمن قرب الحي ومن يتخلف سيأخذوه يقتلوه .
 لن أدعك تخرج من البيت إلى الموت .. مستحيل سأظمك بين جوانحي .
 والعمل ... والحياة .
 لا نريد عملاً بعد ... لقد صرت مهندساً فلا تناسبك الأعمال الحرفية بعد ... عيب
 كيف نعيش ؟
 لا عليك ، سأتدبر هذا كله .. فقط لا تمت ، أرجوك .
وبقيت في رعاية أم منار دافئاً آمناً إلى ما شاء الله ، تنفق علي من مالها ، وتصد عني عيون الظالمين وإذا هم لقد تحقق حلمي الشاعري القديم ثم بدأت أزاول بعض أعمال التصليح داخل البيت أمارس بعض مهاراتي لأتكسب منها سراً بمعونة زوجتي . فقد عملت في غرفة سرية داخل البيت ورشة لتصليح وصيانة الأجهزة المنزلية ، أعمل فيها سراً طيلة الوقت ، لا أعلن عن تواجدي الظاهري فيها إلاّ أسبوعاً في الشهر كأي عسكري نظامي حيث الإجازة المعتادة بزعمي .
أما بقية الشهر فأنا في الجيش ، لا أعلن عن وجودي ، فيما تتولى أم منار مهمة التعامل مع الزبائن وأهل الحاجات حسب الأصول ...
عشنا حياة هانئة بهذه الطريقة يأتينا رزقنا رغداً إلى البيت . إنما لا تخلو الحالة من مخاطرة وضيق وأذى وتعب .
وفي الأزمات عندما تنظم الحكومة حملات لتعقب الهاربين وتصفية المعارضين ننتقل للعيش في مزرعة زوج أختها في الأرياف ... وبالسر أيضاً .
انتهينا إلى إيمان وعمل وكفاح وحب وجهاد ورحمن .... ولكن تجربتي الشخصية الحقيقية تقول : إن هذا الخير في تبلوره ونضجه على هذا النحو الرحماني المطلق ... كان قد مر في ... محطات شيطانية .
أنا الآن حاضر للمحاكمة ... فماذا يفتي المفتون ؟!





تمت
( لحن من نشيد " أرامل الشهداء " العراقي )
خطبت بنتاً " اسمهما مكارم " . كانت تكره صدام الخطأ ... شبكتها ، وفرح أهلها وأهلي – كانوا جميعاً عائلة معارضة – تم كل شيء ... وسنتزوج ، ثم تركتها فجأة ، وفسخت الخطبة . ولم أبين سبباً لأن السبب مما يؤدي إلى طامورة أبي غريب الرهيبة .
لم أصرح ، نوهت لها تنويهاً أن نعمل في الكفاح المسلح لمحاربة سلطة العبث الصدامي الباطلة .
اعتذرت بهدوء وقالت : أنها لا تملك أدنى استعداد لتقبل فكرة كهذه ... في القول ؛ نعم . أما الفعل ؛ فلا ... كلهم هكذا .. العراقيون !
أعطيها الحق " مكارم " .. هي تبحث عن حياة زوجية مستقرة هادئة ، تكره السياسة وأهلها . ولا يمكن أن تتزوج سياسياً ، ناهيك عن أن تعمل هي في السياسة .. مع فهمها العميق للسياسة .
رجتني أن ابتعد عن طريقها بكل احترام ، وكأن شيئاً لم يكن ...
اتفقنا على الافتراق بأدب جم وسلوك حضري قويم ، مع تعهد بكتم السر حتى عن الأهل .. صاحبتي هذه نوع نادر في العراق . كانت زميلتي في الكلية . عاقلة أريبة عميقة تؤخذ منها النصيحة لما عرفت هَوَسي السياسي نصحتني بإخلاص أن أبحث عن واحدة موتورة قد جرحَِتها السلطة الظالمة بأحد أعزائها ، فهي تطلب ثأرها وترحب بك نصيراً تعمل معها بنفس الاتجاه .. وما أكثر هذين في عراق الضائعين !
أنا كنت منشغلاً بالجهاد لا أقدم شيئاً عليه .. حتى الزواج إنما هو لدي جهاد لإكمال الدين وصون الذات ، فلا أقبل امرأة غير مجاهدة ، ولدي في رسول الله ( ص ) أسوة حسنة. لقد وظف المرأة توظيفا جهادياً ، حتى أن كل زيجاته كانت سياسية من أجل خدمة دينه القويم .
كنت في العمل السياسي السري . ولدي بعض الارتباطات المشبوهة المؤشرة لدى سلطة العبث ... فلا يمكن أن أدخل لحياتي امرأة ليس لها استعداد للعمل السياسي ولو كان بسيطاً ، وإلا سأكون خدعت نفسي .
بعض صحابتي الأبرار في التنظيم " رضي الله عنهم " يعتمدوا السرية التامة حتى مع زوجاتهم . وبعضهم يعتبر المرأة شيء ثانوي لا يلزم إطلاعها على أكثر من شؤون البيت والأولاد مترسمين خُطى الأجداد .
لست من هؤلاء ، بل أنا على الضد التام من رأيهم حيث أدعوا إلى إشراك كامل وفعلي للمرأة في الشأن السياسي ، شرط أن توافق هي عن قناعة واستعداد ، لا أن تحشر فيه رغماً عنها ، أو تستغفل وتُجبر على الخضوع لأمر واقع ثم تجد نفسها فجأة " امرأة شهيد " ! قرت عينها !!..
السياسة ميدان خاص يلزمه تخصص ومتخصصون يعملون بها عن قناعة وعلم ومسؤولية صادقة ، وأرفض قطعياً أن يتعاطاها كل من هب ودب ، فيتسيس كل شيء ويكون الشعب والناس كلهم سياسيون كما هو حاصل في العراق الخطأ .
هذه الوسائل الغوغائية في العمل السياسي يعتمدها الدجالون من أجل إغراق العامة و" تسييسهم " ( ) ثم تعويمهم كلكاً( ) منفوخاً يعبّرون عليه غاياتهم ، وثم يدفعهم التيار خارج اللعبة نهائياً .
لقد نصحتني " مكارم " – وقد بقيت معي على خط النصيحة فقط – أن التي تنفعني بحق ، واحدة من أرامل قتلى الحرب ، على أن أدرسها بعناية قبل أن أقدم .. وقالت مكارم : " ما دمت وضعت نفسك مشروع استشهاد فخذ ( امرأة شهيد ) أنما أحذر الزلل فأكثرهن يقبلن شرطك بنعم على أنه..( نعم القاضي )" التي تعني الزواج .
كُن كثيرات في حيّنا .. جارات لنا ، لكن أيهن تناسبني .. و تريثت لأعطِ لنفسي فرصة الاختيار الأسلم . الأمر محتاج إلى دراسة دقيقة .. بأي طريقة أدخل !.. وأين وقتي .. لابد أن أستعين بأمي ، لكنها استغربت طلبي ، ثم رفضته .. كلفت أختي بالمهمة ، وأوضحت لها مطالبي وشروطي المبدئية في العمل السياسي . لا يمكنني أن أصرح بأي شيء . يجب أن تكون موافقة بدون تصريح .. يأتي ذلك بعد الزواج ... كلا . دع الأمر الآن .
أخيراً اخترت " أم معين " جاءت تمشي بقدرها . وقع عقلي عليها . أنا أعمل بعقلي فقط . أما القلب فمتعطل جاف منذ زمن طويل ، لما فتحت عليه نافذة السياسة فأيبسته .
" أم معين " أرملة قتيل تكبرني بعشر سنين . تملك ما يمكنني من التعويض ؛ بيتان وسيارة وأربعة أطفال ، أكبرهم في العاشرة .
أمي قالت : " هذه تجرِ بقطار لها " ... لتكن .
كانت تأتي لدي أمي لبعض شؤونها . سمعتها مرة تقول لها : " يا خاله ، إن زوجي غفر الله له قتل نفسه بيده . كان يعلم أنه ميت . وكلما عاد من الإجازة ، أوصى أنه لن يعود . وكنت أمنعه وأنصحه بالا يضيع شبابه في حرب صدام ويخسر الدارين ، لكنه ما كان يمتلك إرادة ، فضاع وضيعنا معه " .
وخرجت من غرفتي وسألتها :
- " أم معين " ، ماذا ترين مصيره فيما لو كان هرب من الجيش كما ترين ؟ . سُيعدم خائناً جباناً ، ويلحق بك وبأولادك العار .
.. على الأقل . أنه الآن " الشهيد البطل " وقد تقاضيتم ثمنه سيارة وبيت وراتب !!!
قالت أم معين تجر حسرة عميقة :
- لو بقي حياً لتحصل على سيارات وبيوت أضعافاً . كان رحمه الله " أسطة بناء " ماهر يكسب جيداً ... وبعد ؛ أتعلم مقدار معاناتنا بعده ... هذه الأموال التي يضلون بها الناس ، لا تعوض شيئاً ... ليتنا متنا من الجوع . ليته مات وهو يجاهد الباطل صدام ... "
قلت ( هيَ ، هيَ ) في نفسي ... ولأمي أيضاً .. أرسلت إليها شروطي بالنبأ العظيم فلم تمانع .. بقيت موافقتها على شروطي يجب أن أسمعها من لسانها .
كلمتها عن إله العبث صدام فكفرت به دون خشية . قلت : أنا عامل على هدم أصنامه ، فماذا ترين ، هل تعملين معي ؟.. قالت بعاطفية ثائرة : " ومستعدة للموت أنا وأولادي .. لكن من يصل إلى صدام القاتل الهدام .. قد قتل الناس وخرب البلاد وأفسد في الأرض وهو سالم ... "
سنصل إليه بعون الله والمجاهدين ...
وبعونه تعالى تم الزواج على سنة الله بأيسر وأسهل السبل بتدبير أمي .
زفتني بثوبي – لا أملك غيره – إلى بيتها ، لأجد هناك كل شيء .
ولاكتني ألسنة الناس من حولي لادن غانيات وبصقوني على المزابل الاجتماعية مع كومة شائعات ودعايات حقيرة ... ثم عزفوا لي النشيد الوطني العراقي الخاص بـ" نسوان الشهداء " !!.. نظموا جوقة منهم ، من أحجياءهم وأشقيائهم – سواء – تتعقبني لتسمعني اللحن المعهود في زفات رعاعية متتالية لا تنقطع.
ولم احتمل مضايقات الناس في المنطقة ، فانتقلت بزوجتي و " أطفالي " إلى المدينة ، إلى " بيت زوجها الشهيد " في الحي العسكري .
هناك بدأت جهادي المسلح ضد السلطة الظالمة .. اتخذت البيت قاعدة انطلاق لعمليات كانت خليتها الأولى عائلتي الصغيرة.
حاربت حزب العبث الاشتراكي ، الذراع المدني المحكم للسلطة الضالة في العراق ... حتى أقلقته .
ظنوه جيشاً منظماً تدعمه إيران .. وما علموا أنهم أربعة أطفال ورجل وامرأة ، وسلاحهم " وَلاعة وخنجر ومسدس وقلم " لا غير !!..
أُحرقنا وقُتلنا ودُمرنا واُغتلنا وهُددنا وكتبنا على الجدران ... دوخنا الحزب والمحافظة لما يزيد على السنة ...
الخطأ أني أردت توسيع قاعدة العمليات ، فاخترقتنا الخيانة ؛ طاعون العمل السياسي في العراق المريض. الإنسان المريض !
استشهد طفلان من أولادي الأحبة ؛ الأكبر والذي يليه . وتشرد الاثنان الآخران .... وخامس ذهب مع أمه في بطنها – يا لهف روحي - .. عندما كبس الأمن العتيد بيتنا . قاومناهم ، أصابوا امرأتي ، أخذوها ...
هربت أنا إلى الشطرة جنوباً ... على الأقل أنا الآن فيها أكتب قصتي لأخلّد الشهادة والسعادة التي منحتها لأم معين حَبيبتي وأولادي فيها ... سلامي على روحك وأطفالك أم معين... أنتم أمامي في الجنة .
سأتابع بعدها رحلتي وأنا أبحث عن " أرملة شهيد " أخرى لأواصل معها الحب والشهادة ... أليس هذا هو طريق العمل السياسي في العراق .
تمت
أزمة شاب عراقي
منذ أسبوع لا أصلي .. أمهد لعملية كبيرة .. خزينة الشركة تكاد تدعوني إلى .. خدرها . و " أبو أديب " – الرائع جداً – يقترح عليّ مشروعاً ضخماً .. دائرتنا تضم شكولا شتى .. رفاق ، صحابة ، حواسم ، قواودة ، صوفيون ، أخوان ، دعاة .. كلها على باب الله ..
أبي – المعرّس دائماً – طردني وأمي من البيت بعد الحواسم الصغرى أثرى وتزوج من عاهرة .. ذات خلفية .. أمي تصلي وتدعوا عليه .. صلاتها سبب مأساتي ... أخي وأن هو أصغر مني تزوج أرملة أكبر منه .. ثرية .. زوجة عضو ... وأخي الآخر لم أره منذ سنة لما ارتقى إلى أمير ، أو والٍ في دولة العراق الإسلامية. والآخر سافر إلى نيوزيلندا في جنوب الأرض.
رموا أمي عليّ وذهبوا ... لم تأخذ من الدار غير السجادة والقرآن ... سكنا في " أرض التجاوز " وثلثي العراقيون متجاوزون . وأنا أعمل جيداً في الشركة . واتحصل على " إكراميات " مع راتبي . لكن مع ذلك لا أتمكن من الزواج .... وجه الفقر " فتاتي " تلح في ضرورة سرعة العرس . ويلزمني ثلاثاً معها لأكمل النصاب - كابي – أنا محتاج إلى التعويض الكامل بعد الحرمان الشامل .... سأشتري قطاراً ، وأبيع " فرارات " لأجمع ثروة !!
سعيد أبو العرق في حيّنا ربح بطاقة يا نصيب . حرام قال شيخنا .. الى الجحيم شيوخ آخر زمن .
كلما هممت بشراء ثوب أو حذاء أعمل جمعية وأصحابي ... هذا قبل أن يعدل بول بول بريمر " رضي الله عنه " الرواتب.
لما نُهبت الكويت كنت صغيراً .
وفرصة النهب والسلب الكبيرة المسماة " حواسم " لم استغلها . أفسدتها عليّ أمي والصلاة ...
وهذه ثالثة الأثافي الكبرى يجب أن لا أضيعها ، وإن كانوا ابتدعوا لها اسماً رهيباً ؛ " الفساد الإداري " ارتباطه مباشرة بالسلطة القضائية المستقلة ، والمنفصلة عن الحكومة . في دولتنا الجديدة .. المفسد الإداري أمام القانون لحظة بلحظة . لا يفلت من لجنة النزاهة والمفتش العام و .. و ..
هذه " الهلمّات " الدعائية لا تخيفيني . كلهم " حرامية " ... " لجنة النزاهة " من ينزهها .. يا للسخرية ، وهل بقي في البلد نزيهاً !.. هم دنسوا الإنسان بعدما خربوا الأرض .... المفسدون .
" تمرات العبد " كلهن بخسات نجسات . " زين " يعرفهن . هو بال عليهن لما شبع ... وأكلهن لما جاع .. أعلن أنهن نضاف .. " قال نزاهة قال " ! أهي بالقول والإعلان !!
كان للحرامية شيخ واحد يحكمهم . ويمكن الركون إليه في حالات طفح الكيل والمجاري .. فيأمر وينهي بخير ، وهو قادر .. وإن كان ثوراً عاقصاً قرنيه . أما الآن فقد تشابه البقر علينا . والجميع يرفعون " خرقة نزاهة " صفراء فاقع لونها ... تسر الناظرين ...
أحزاب . شخصيات . حكومات . منظمات . فضائيات . ميليشيات إمارات .... ظلمات بعضها فوق بعض ... دخيل الله !
لا شأن لي بهذا ... أريد امرأة وبيت وسيارة ، طموح عراقي متواضع .
كنت أرى شباباً معدمين مثلي يقفزون نحو الثراء الفاحش .... سوقية و " عربنجية " بطالة وفاشلين .. سبقوا السابقين .. سيارات ودولارات و .. شركات !!
وأنا جلبت إلى البيت بعض أشياء تركها الناهبون ، فالتقتني أمي بالصوات الفاضح : " أتريد أن تدخل الحرام إلى بيتي . أما سمعت نداء المرجعية " هددتني إن لم أرجعهن مكانهن أن تقتل نفسها .
عاندتها بغباء في البدء . قالت : " أنت كأبيك . كلكم مثله نهازوا فرص دون هدى من كتاب منير " .... ليتني كنت كأبي .. أني لا منكِ ولا منهُ .. قد ضيعت المشيتين .
أخيراً غلبت علي أمي والصلاة فأعدتهن ... ما الفائدة ؟!.. أخذهن نهاب آخر وجدهن جاهزات ، فسرّ بهن .. كان ذلك أمام عيني .
عدت حزيناً . لم أصلي المساء . صحت بأمي وهي تلح عليّ بالصلاة :
أتركيني أرجوك . أنا أشعر بالغلبة . إن كذبة كبيرة تطوق الجميع . تخنقهم بالصوم والصلاة ... الثراء هو الحل . المال يعطيك كل شيء حتى الدين .. اعرف ناساً استغلوا
" فرصة الحواسم " على ما يرام ، ثم عملوا " مؤسسات خيرية " .. استخرجوا فيما بعد فتاوى بحلية نهب الحواسم !... وتزكية الأموال ... " ومن يتوب ، يتوب الله عليه "
لم ، لا ، التوبة جائزة في كل حال . والمؤمن الثري خير من المؤمن الفقير . و ... سأعود إلى الرحمن من سنتين ...
سجادة أمي المفروشة على الدوام كرهتها ... بت أراها كومة قيم مبعثرة ، مهدرة ، مرماة باهمال مع الأوساخ والنفايات تحت الشمس والمطر ... والقنابل والمتفجرات .
حديث التأزم والتردد والخوف مستمر وأصحابي ... كلهم مثلي .. يصلون ، ولديهم أمهات تنهاهم ... وإذا جد الجد ينكصون ويجبنون .. ولكني سأفعلها وحدي .. سأطبع المفتاح على صابونه .. أو إني فعلت ذلك ، بل ونفدت أجزاء من العملية العتيدة . وهذا هو المفتاح في يدي .. لا مشاكل ، لا حواجز ؛ هذه يدي – النظيفة – والمفتاح والخزينة ... ألا إن جبلاً شاهقاً في نفسي أفلحت باجتيازه – بحمد الله – أنه ليس جبناً ولا خوراً .. أنا لا أملك شيئاً لأخاف عليه .
قال المغفل صالح :
" كنت تملك شيئاً ثميناً أضعته " .
 صه .. ابق متعفناً في محرابك أيها المخرف ، ستتفسخ وياكلك الدود . بل هو أكلك حياً .
 ستندم .. ولات حين مندم
 أليس لك قصراً في الجنة .. لابد أن تذكر صداقتنا ، وتجد عليّ بغرفة فيه ، ولو كانت بقدر مرحاض .. يا بخت من يجد مرحاضاً في الجنة .. كهكها ...
 لا حاجة للمراحيض في الجنة . هناك روح وريحان ، أيها السطحي المرتد . أنت يجب أن تُذبح .
لم أضع وقتي معه . هؤلاء هنا لا يعرفون غير القتل ، ولا يحسنون إلاّ تخريج أحكام الإعدام من نصوص الفقه .
أخطأت في تنفيذ العملية . ضُبطتُ متلبساً . ساقوني إلى السجن . فصلوني من الوظيفة .
أخوتي لم يزرني منهم أحد. أبي – النظيف جداً – جاء يبصق عليّ من الشباك لأني " سودت وجهه ! ". أمي بقيت معي تبكي .
في السجن ... عدت للصلاة !...
تمت
الطلقاء ...
واغتيال ... قحط ...
 لقد بغوا ..
وأفسدوا في الأرض ...
ألا أنهم لم يتركوا الصلاة .
الشهيد زيد بن علي بن الحسين (ع)
 أرى الجاهلية أحمى لنا
وأنئى عن الموقف الأرذلِ
الشريف الرضي
* * *
قبل أن تُستدعى مواليده لخدمة الاحتياط الثالث .. كان الرفيق " حميد قحط عطشان " قد اشترك متطوعاً في " ألوية المهمات الخاصة " ( )
انتهى أقرانه ، خلصوا ، أبيدوا .. نفد الذكور من مواليد 1951 قتلاً وأسراً وتعويقاً وخبالاً ، لكن حظ حميد كان حسناً فقد أصيب في الحرب وانكسرت يده كسراً مضاعفاً استطاع أن يفيد منه ويستغله جيداً بعمل تقارير طبية أجلته لأكثر من سنة عن خدمة الاحتياط في الجيش الصدّامي الرهيب .
ثم تمكن الرفيق حميد بعلاقاته الحزبية ، وفلوس دسها لبعض المشتغلين في اللجان الطبية العسكرية ، أن يرفع درجة عوقه إلى الستين بالمئة ، ليُعفى قانونياً من خدمات الاحتياط المستمرة .. بقرار طبي مزوّر .
ولكن " لجنة شرحبيل " ( ) – أو " لجنة شروبيل " كما يسمونها – أرجعته ثانية ، فعاد إلى الجيش جندياً في سرايا الحجابات المميتة ، غير أنه نسب إلى سرية المقر ليعمل في التوجيه السياسي والمعنوي لأنه من الكوادر الحزبية الموصى بها.
فجأة ، وبضربة حظ سعيد ، تخلص من " الشر الوبيل " أثر قرار رحيم من لدن القيادة الحكيمة ، بعفو جميع البعثيين المنضوين في ألوية المهمات الخاصة من خَدمة الاحتياط بكل صنوفها ، وتكريمهم بإضافة درجة حزبية لكل عضو ، ليستمروا في مهامهم النضالية في الميدان الحزبي ومن موقع أعلى !..
سلم حميد قحط عطشان كتابه العسكري ، وعاد بملفه الحزبي إلى المدينة نسراً لا يسعه الفضاء بالفرصة والمعنويات العالية ، وحب أعمى يقرب من العبادة يكنه للقيادة
الحكيمة ، وعلى رأسها بطل التحرير القومي السيد الرئيس القائد صدام حسين حفظه الله ورعاه .
وعلى نهجها المتقن المًعد من قبل الكبار ، استمرت السلطة القوية في صناعة " النموذج الفاعل " وإعداده للدخول بجدارة إلى ساحة العمل فبالغت في ما تسميه " تكريم المناضلين " ، وأن هو إلاّ شراء كلي وامتلاك مطلق للذمم والنفوس والعقول والضمائر ، لدرجة " الإيمان " والحب الحقيقي .
التكريم المعنوي رفع الرفيق حميد رأساً إلى " عضو شعبة " بمنحه درجات حزبية مجانية . فصار " يحبس " و " يعذب " بل " يعدم " ... صار سبعاً " يأكل أوادم "
ولا حد للتكريم المادي أنهم رجال صدام للمهمات ....
حصل على " سيارة رفاق "
ومنح قطعة أرض زراعية ( للرفاق ) مساحتها خمسة دونمات في منطقته .
وربح قرعتين في توزيع قطع سكنية في الأحياء الجديدة .
ومن السماء أيضاً جاءه تكريم ؛ عندما دعته – في أزمة الرجال الذكور – أرملة عقيد شهيد إلى قصرها وعرضت عليه الزواج ، مع أنه كانت تحته يومها امرأتان ؛ ابنة عمه في الأرياف مع أطفالها و " حسينه " التي كف عنها الكلام لما تزوجها ( الرفيق حميد قحط ) ثم ما لبثت أن صارت مثله ... " رفيقه " !
الرجال كلهم مشاريع استشهاد للوطن والقائد . وامرأة العقيد طلقها البين مرتين ، فهل تتزوج في الثالثة ضابطاً أيضاً .. ولديها ثلاث قصور وخمس سيارات وأنواط ومكارم ووو... بلايا
ليس في الساحة من الرجال غير " الجدعان " فحول متفرغون للحب – هل تتزوج جدعاً مصرياً ؟.. إذن يجب أن تصم – أو تجدع – أذنيها عن القيل والقال !.... كيف ذاك وهي " أم إقبال " .. وينتهي السؤال والمقال .
لم يبق غير هذا الرفيق المعوّق لأغراض اعتبارية ... ما عَوَقَه ؟.. يَده ؟!.. لا شيء فيها .. ولتكن ضعيفة ... المهم سيفه المجرّب ، قوي حديد .
وتزوجها .. بالرفاء والبنين ، وهيمن على آلافها وملايينها ورواتبها وشاراتها وقطعها وأراضيها .. راح يبني ويسحب مواد بناء من المؤسسات الرسمية ليبيعها في السوق السوداء .. ويشتري ويبيع ويتاجر بكل شيء – حتى البشر ونسوان الشهداء !- وسريعاً صار حميد مقاولاً ثم ارتقى تاجراً أو رجل أعمال يدير شؤونه الخاصة ستاف سري متخصص .
كلام لا يخلو من مبالغة .. هكذا هو حديث الناس إذا كرهوا أو أن أحبوا !... والحقيقة أن المال يجلب المال والجد السعيد . إنما هناك سعي وجهد .. وجهاد !.. الرفيق المناضل حميد قحط متحرك متطلع نشط ، لا يقعد ولا يهجع ، وهو دائب السعي في مصالحه وأطماعه ، ثقف لقف كالسنور يبتلعها وهي طائرة ، لا تفوته شاردة أو واردة وهو في مقر فرع الحزب الرئيس في المحافظة واقف لخدمة نفسه أولا ، وثم يأتي البعث والعروبة ، غير أنه لا يقصر فيها قيد أنملة ...
مستغل ذكي لكنه يخاف القانون ولا يتجاوزه ، ولم تسجل عليه قضية اختلاس أو فساد أو تزوير أو سرقة كشأن غيره من المسؤولين الحزبيين ... بل لم يشكوه أحد من المواطنين بظلم .. هو يعرف كيف يلعب .. ومتى يشتغل ... ومن أين تأكل الكتف .
لعبته الحقيقية كانت " أموال الدولة " ، سفينة المساكين يشتريها بحقها في الظاهر ، إنما كان وراءه ملك يأخذ كل سفينة غصباً .
السارق الحقيقي هو النظام القائم ، دولة العبث الصدامي الجاهلي ، وما حميد قحط وغيره إلاّ ضباع جيف على فريسة المسبعة الرهيبة في غابة العراق !..
في بدايته كان يضع الألف على الألف يجمعها يريد أن يجعلها خمسيناً لكي يشتري مدجناً كانت الحكومة قد عرضته للبيع إلاّ أنها جعلت المزايدة للبعثيين فقط .
رست عليه ، واشتراه بحقه ، لكنه تعلم كيف يربح المزايدات على أموال الدولة التي كانت تعمل على إنهاء القطاع الاشتراكي وثم أضاعت المشيات كلها فباعت الدولة وما فيها لخاصتها كيما يبقى الأسد الهصور محصور في القصور ناعماً بالسرور وكرسيه يدور .. بالعدل أو بالجور ..
استمر حميد قحط يعمل وينّمي ويشتري ويتقدم ... ويتزوج أيضاً .... لا يغادر سنة الله ورسوله .
بالمناسبة فأن الرفيق حميد مع أنه بعثي ( قرص ) من رأسه على أخمص قدميه .. وخصيتيه ، ويخدم الحزب والمخابرات والأجهزة السرية ، وأذنيه وعينيه ورجليه ويديه في خدمة السلطة أو القيادة – كما يسميها – إلا أنه مع هذا .. كان يصلي .. ليس تيمناً بعبد الله المؤمن ابن العراق البار الذي كان يحبه حد العبادة ، لم يبدل ولم يغير بتاتاً رغم تغير الأمور وتقلب الأحوال . إنما هو لم يبدل صلاته التي وجد عليها أبيه ، ثم زادها صوماً وتُقى " عبداً ألاهياً على نياته " فرزقه الله حجة مجانية نظمها صدام المؤمن لخاصة أوليائه الحزبيين في ظرف ما .
صلاة حميد قديمة أصلية . في مبتدئها ما كانت عبادة ، إنما هي عادة وجد عليها آباءه .. ثم تحولت إلى " مودة " لما لبسها عبيد الله بن أبيه ومن بعده دعاة الدين وأدعياءهِ ومتحزبته وأحصياءه ...
ما زالت الصلاة على علاتها – بحميد قحط حتى صارت تنهاه عن الفحشاء والمنكر وتقربه إلى الله زلفى ، فأظهر التقوى بالإيمان الحقيقي وصار يعمل لمرضاة الله وينفق في سبيله ويسعى في أمر الله بالنصيحة والخير والتقوى فغدى إضافة إلى موقفه الحزبي وجهاً اجتماعياً مرموقاً وشخصية بارزة لا يتخلف عن الحضور في كل مسعى خير لحل مشكلة أو تقريب رأي أو محاربة منكر .
راح حميد قحط يحاول جهده التكفير عن ذنوبه والتحبب للناس من أجل تغيير صورته القديمة وكأنه كان يؤسس لعهد جديد يترقبه .
لم يرق مسعاه لبعض الكبار فعملوا على إعفاءه من مهامه وتهميشه ليبقى بعيداً ، وكان الحزب قد استغنى عنه رغم أنه يعد نفسه من المناضلين الأوائل غير أن ذلك وغيره لم يؤثر في حبه الدائم لصدام كإنسان وكرئيس ... إن حميد قحط لم يخفِ مشاعره وأحاسيسه الدفاقة بحب صدام حتى النهاية بل كان مدافعاً عنه في كل جدال رامياً الموبقات والخطايا كلها على أطراف أخرى كأقاربه ورفاقه وأشقاءه العرب ... وزبانيته .. وما أرخص الحجج لمن يريدها !
استمرت الأوراق مخلوطة وما زالت ، قد استغلقت طلاسمها على الحل والتحليل لما غير اللاعبون القدامى وَسائلهم وأطاحوا بصنمهم العتيد صدام .
الحاج حميد اليوم من أثرياء البلد وكبّاره في كل فن وشأن وليس المال والدين والسياسة حسب .
لسنا بصدد تعداد ممتلكاته ، فتلك مزقت الخياط ما شاء الله ولا تُحصى كأفضاله على الناس . أنه من أبرز وجوه الخير في المدينة ، سبّاق على كل غانمة ، مقدم في جاهة .
غير هذا أن الحاج حميد الآن له أربع نساء ، وهو رب لأسرة ثقيلة يربو تعداد أفرادها على الثلاثين جلهم من الأطفال والطلاب الجامعيين ... يعد أباً مثالياً ونِعم ما أنجب وربى فأولاده من خيرة الشباب الناجحين المرضيين . وهو زوج كريم تشيد بعدالته نساءه .
اجتمعت عليه اللجان كلها ؛ العدالة والمسائلة والاجتثاث والنزاهة ... لم يطالبه أحد بدم . لكن أمواله حُجزت وجُمدت ريثما يتم مصادرتها . يعلم الجميع أن أصولها من دماء وحقوق هذه الأكثرية المغلوبة من الشعب .
ولكن هذه اللجان ذاتها اختلف أعضاؤها في جدلهم وقرارهم بشأنه ... فقالوا ، والقول مختلف :
 هذا البربري البائس المتخلف حميد قحط عطشان ، عضو فرع الحزب سابقاً ، أسوأ منه زمنه العبثي العابث قد تفاني في خدمة النظام المقبور .. دمه وماله وولده حرام في حرام . أنه آمن بصدام رباً يضر وينفع .
 الصحيح أن الرفيق حميد ما خدم إلاّ نفسه ، وما آمن إلاّ بها .. ما أخلص لحزب ولا حكومة ولا رئيس .... ذلك لا يعفيه من المسؤولية . أنه انتهازي مستغل نعم ، لكن الأهم أن يده لم تُلطخ بالدماء من قبل ومن بعد .. هل طالبه أحد بدم أو ثأر . أو حق والمال هل سلبه من شخص معين ... هل من دعوى حقوقية أو قضائية ضده أقامها الأفراد ؟
هين أمره ما دام الجواب بكلا . فعنوان جريمته سيكون " اختلاس أموال الدولة " بدلاً من " الإفساد في الأرض " كما عليه أشباهه .
 وهل سيعيد أموال الدولة - !.. هو ذاته أضحى الآن دولة . ملكياته تعدل ميزانيات دول ، كلها استلبها من أموال الشعب
 بطريقة أو بأخرى استطاع التحصل عليها ، بعض طرقه شرعية لا غبار عليها غير أنه استفاد من موقعه الحزبي بلا شك .
 كل ما كسبه هو ثمن خدماته للدولة الظالمة وحزبها العتيد .. هو ذاته يعترف بهذا دون مواربة .
 ليست أمواله كلها حرام .. كلا . الصحيح أن بعض أصول أمواله محرمة ، نعم . لكنه استثمرها ونماها فربت أضعافاً مضاعفة .
 ما أسس على باطل فهو باطل .
 كلمة حق تريد بها باطل .. لا تخن من خانك ولا تظلم من ظلمك تلك وصايا النبي الخاتم .
وجاء في فتاوي حفيده الإمام الصادق لما سأله المنصور الدوانيقي عن أموال بني أمية واستيلاءه عليها . قال له : [ لا تجوز لك إلاّ بِحِلِّها . أُنظر ما هو حرام منها أعده إلى أهله أو إلى بيت مال المسلمين . أما ما هو لهم فأبقه على حدود حقه ]. هذه فتوى الإمام الصادق المعصوم في أموال بني أمية بعد زوال دولتهم ، يمكن تطبيقها حرفياً على أموال أتباع النظام العبثي بكافة انتماءاتهم وأشكالهم مَن هم في السلطة أو حولها أو خارجها ...
 إن جد الصادق عليّ بن أبي طالب قال في الأموال المغصوبة من الحق العام : " والله لو وجدته قد تزوج به النساء أو ملك به الإماء لرددته ، فأن في العدل سعة ، ومَن ضاق عليه الحق فالجور عليه أضيق ... " .
 لا خلاف .. أصل الحق يؤخذ عنوة ويُعاد لأهله بالقانون العدل " ولكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون " .. هذا هو حكم الله .
 والنماء . والمكاسب . والزمن في عهدة مَن ؟!
إذا تُزوجَ برأس المال الحرام ، فما حكم الولد ؟
 يعيد رأس المال لأهله ، والولد حلال له كأن يعيد ثمن الجارية ، ألأو أجر المثل لبيت المال .. ذلك هو المنطق الحق الذي قصده عليّ ( ع ) ... أما إعادة المال بنماءه فذلك منطق غير مستقيم و أصولية متطرفة تتقاطع مع منطق الفلسفة العملية " البراجماتية " الحضرية . وهي مثالية يتعذر تطبيقها بدليل أن علي بعظمته عجز عن تحقيقها ولو جزئياً في بعض المواقع .
 وماذا تريدون إذن . هل نتنازل لهم عما سرقوا ونهب لهم ما نهبوا . لو كان مالاً شخصياً لما هم القلب أن يتنازل عنه ولية ، ولكنه مال الناس العام . من يملك حق هبته ؟.. من يتحمل المسؤولية القانونية ؟
 سيدي ما كانت الأموال مبعثرة مباحة للبعثيين أو غيرهم هناك فساد ، لكن الناس يبالغون بوصفهم أن أحبوا أو كرهوا.
لا شأن لنا بالعائلة الحاكمة .. الرئيس وبنيه وامرأته ومقربيه وخاصته وبطانته ومتنفذيه أولئك شأنهم مختلف ، ولا يقاس بهم غيرهم .
أما حميد قحط فكان يخاف القانون ولا يتجاوزه ، ولم تسجل عليه قضية اختلاس أو سرقة أو تزوير كشأن كثيرين غيره من المسؤولين الحزبيين ...
الرجل لم يشكوه أحد بظلم ، لكنهم أخذوا عليه وفاءه المطلق للنظام ولي نعمته .. وهو مستغل ذكي لعبته الحقيقية ( أموال الدولة ) سفينة المساكين . يشتريها بحقها في الظاهر . إنما كان وراءه ملك يأخذ كل سفينة غصباً ..
الحقيقة أن المال يجلب المال والجد السعيد . إنما هناك سعي وجهد وجهاد ... الرفيق المناضل حميد قحط كان متحركاً نشطاً ( لا يقعد ولا يهجع ) ، وهو دائب السعي في مصالحه المادية ، فجمع وأوعى وخلط حلالاً بحرام ، كيف نميزه ولا دليل . الخليفة عمر كان يقاسم هؤلاء أموالهم فيأخذ منها النصف لبيت المال وعلي ( ع ) استرجع رأس المال – ثمن الجارية – وترك لهم النماء – الولد – ... ولنا في سيرة الصحابة العدول أسوة .
 لأجل أن لا نفصل الوالدة عن ولدها نهبهم ثمنها لأجل ولدنا رحمنا وملك رقاب أهلها لكي نؤلف الناس ، نشدهم إلى بعضهم ، نقربهم بالإحسان والتسامح والرحم
والقربى ... إننا أمام جيل من ( المماليك ) لحم أكتافهم من بيت المال العام .. هل نقطع أو نخلع أكتافهم بحق الشرع وعدله وقانونه أم نعتقهم برحمته وسماحته وعفوه ؟ ! ..
ليس أمامنا إلاّ أن نفعل ذلك
فإذا أخذنا الناس بذنوبهم – وهو الحق – فرقناهم ، أبعدناهم عن بعضهم شأوا بعيداً . وكان لزاماً علينا أن نحشو هذا الفراغ حرساً شديداً وشُهباً ، وهل نحن قادرون على ذلك . محمد ( ص ) كان قادراً منصوراً من الأرض والسماء لكنه لم يفعلها واختار العفو . أفضل بنا أن نعود إلى حكمة نبينا ( ص ) - إِن كنا نمتثله – عندما قابل كفران قريش وعدائهم بالإحسان والعفو والتأليف ، فقال لهم وقد فتح مكة – وهو الحق – " اذهبوا فأنتم الطلقاء " لم يستثنِ من عفوه إلاّ أهل الدماء والجريمة الخطرين وقد حصرهم ببضع رجال أهدر دماءهم ، فيما شمل عفوه أبو سفيان رأس الكفر والجريمة .... بل أعطاه وآلف قلبه ...
 أي .. وماذا كانت النتيجة !.. هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان ؟.. بماذا قابلت قريش إحسان نبيها .. أما عدت على ابنته ظلمتها ، وبغت على وليها ، أعلنت الحرب بلا هوادة على صهره وابن عمه ووصيه .. ولم يكفها حتى قتلت سبطيه بأبشع الوسائل ثم سبت ذراريه وحرمه وبناته سبي الترك والديلم في جريمة لا أخت لها في تاريخ الأمم؟
دعونا أيها الناس بحق السماء ، لا نريد طلقاء جُدد يقتلون الحسين من جديد .
 سيدي إن حكم الطلقاء سنة نبي ليس من حقك أنت ولا الأكبر منك أن يرفضها ، ولا حتى أن يقترح أو يعدّل أو يتقول فيها . تلك ثوابتنا العقائدية التي بدونها نكون في خبط عشواء يضرب بعضنا وجوه بعض وننتهي إلى عدم( ) ... " الطلقائية " المحمدية لم تكن سياسة وظروف إنما كانت نهج السماء . والشارع المقدس حكيم عليم محيط شديد تواب رحيم .. تأتي أنت الحقود المحدود ترفض الطلقائية وتقول لا نريد طلقاء جُدد !... أتعترض على نهج محمد المقدس ؟
 الحالة مختلفة أيها القوم . دعوتنا ترفع مظالم أمدها خمساً وثلاثين سنة من القتل والإرهاب والتخريب .. هناك بغي وإفساد في الأرض كبير ، هناك جرائم ضد الإنسانية ، هناك مقابر جماعية ، هناك إبادة شاملة ، هناك جرائم حرب لا عقلانية ، قتلى بمئات الألوف ، بل تعدّت الملايين .. كم قتيلاً كان بين محمد وقريش !.. يعدون على الأصابع .. ما كان بينهم إلاّ سِجال حروب ، وقائع محدودة أشبه ما تكون بحروب قبائل أو عوائل ، اختلفت على أمر خاص من إِمرةٍ وسيادة وتجارة ثم رضخت للأقوى ، فما كان منه إلاّ أن بادر إلى إصدار عفو عام ليحافظ على البنية العامة والمصالح الخاصة - التي ما جاء ضدها – تماماً كما يحدث في الانقلابات والثورات .
 أستاذي العزيز أنت ماذا تخرف ، هل تعي ما تقول !.. هذا نبي قوله وفعله حجة وسنة .. هل لديك اعتراض ليتبين لنا كفرك من إيمانك .
 اللعنة عليكم ، وضعتموها بهذه الدائرة الضيقة ، أنتم تريدون حشرها في هذه البودقة الحرجة كيما تكفرون .. هذا دأبكم ووسيلة انتقامكم ... التكفير .
 أجبني ، لا تتهرب . هل تعترض على حكم وتصرف النبي ( ص ) ؟
 كلا ، إنما الحالة مختلفة . اقرأها جيداً وقارن .
 الناس والزمن لم يتغيرا . الحكم ثابت .
 المتغير هو الحاكم . ذاك نبي له حكمه الخاص . نحن لا نصل إلى درجة عفوه وقوة تحمله . كان يواصل الصوم ونهي الناس عن صوم الوصال ... تزوج تسعاً وحدد للرجال أربعاً .
 إلى أين انحرفت في سيرك الضال .. هذا هروب من الموضوع ، إلى سفسطة فارغة .
 أنتم ماذا تريدون بالضبط !.. أن يعود العبثيون الذين عبثوا بالحياة وخربوها على مدى عقود ، وكأن شيئاً لم يحدث !.. ماذا .. أهو لعب عيال ؟!.. وثم تعلقون جرائم القرن على شماعة الأنبياء !
هذه الأرض العراقية النازّة بالدماء ، المحشوة حد الاكتضاض بالمظالم والأحزان .. على أي دين يا أهل الله !.. على أي قانون يا أهل العدل !.. على أي عُرف يا أهل السواني والعشائر ... وهؤلاء الذين ذهبوا ضياعاً وماتوا غمراً وغصرا.. أين الدماء ، أين الأموال ، أين الأعراض ، أين النفوس والأعمار والأزمان ، أين حقوق الإنسان ؟!
من أين نبدأ ، وماذا نقول ، أنها أعيّت على الحصر والإحصاء .. هل صدام والخمس والخمسون وحدهم الذين أجرموا .. من نفذ الطامة الإنسانية الكبرى .. من أقام قيامة العراق .. أجهزة القهر العتيدة التي أدارت دوامة التيهور ( ) الصدامي لا زالت تعمل أنها مُصممة كأجهزة موت تعمل في الظلام في دولة الخوف أعضاء حزب البعث الذين كانوا ينفذون لا يتناقشون هم أداروا العملية . كانوا واجهتها الأمامية ... زنابير التعذيب في حاكمية المخابرات ، هؤلاء الخارجون عن سمت الأبالسة ، المعروفون واحداً واحداً من قبل مجلوديهم ، الخاصون والمجهولون والملثمون والظلاميون عقارب الأقبية السرية والواجهة الخلفية للنظام .. هل يُقال لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ؟!
والذين قتلوا الناس وأحرقوا المدن وخربوا كل شيء في العراق والكويت وإيران ، والذين أزاحوا النخيل في البصرة وكربلاء وبابل .. هل يعفو النخيل عمن قتله ؟!.. والذين اشتروا الأراضي والعقارات بمال السلطان وسجلوه " طابو " بأسمائهم .. هل يبقى ( الطابو العراقي ) ملكاً صرفاً لأصحابه إذا تصالحنا ؟!.. الذين باعوا العراق وحولوه إلى أرصدة سرية لهم في الخارج والذين عاشوا بظل الملك صدام أسعد بكثير من الملوك ، هل يبقون في قصورهم ومشايخهم ومضايفهم !... والذين ما زالوا يذبحون ويرهبون ويفجرون ... والذين يهجّرون ، والذين لله يحاربون ... يجاهدون !... والذين والذين والذين .... ( وأولاد
الخايبه ) ، الضائعون ، المهانون ، المغلوبون ، الخاسرون ، المهجّرون ، المعذبون ، المدفونون وهم أحياء ، المرملات ، الأيتام .. أين الأعمار التي ضاعت ، أين الأزمات التي تولت ، أين الأموال التي سُرقت ، أين الحيف ، أين السيف ، أين الله ؟!!!
صدام يا قوم ما كان رئيس دولة ، إنما شيخ بداوة جاهلية تحفه أجهزة الموت من كل جانب ، حتى صار يباري الله في أوامره لملك الموت فقصمه كما يقصم الجبارين .. لعل أكثرهم لا يعرف صدام ما هو .
المستحيل بتعريفه الوافي أن يسقط نظام صدام بجهد عراقي ، لكن أذكياء المحيطات قعدوا له ذات اليمين ، وكان قد وضع إلى شماله " ستاف " من أعتى مؤججي جهنم متربعاً على عرش جحيم العراق واثقاً بقوة زبانية يثئرون له حتى لو سقط أو قتل ... وهذا تماماً ما حدث .
لما انهزم إبليس وتولى ، واصل المهمة الشيطانية أصحاب المشئمة من زبانيته وصنائعه وجنده وفدائييه وأقاربه وأولياء نعمته وجلاوزته ووعاظه وحميره وكلابه ضباط جيشه وشيوخه ... ومن وراء هؤلاء أشقاءه العرب الذين اختلف معهم لقليل ضئيل .
أصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة ، المجرمون المجرمون أولئك المقربون .. يجب أن نحاكمهم جميعاً لا نستثني منهم أحداً ، وكل يأخذ جزاءه العادل عما أجرم وارتكب أو سلب ونهب ، فأن لم يثبت عليه شيء أو لم يطالبه أحد بمال أو بدم فهو في حِل من الشعب والدولة يعيش مواطناً صالحاً كغيره ، ومن جاءَ بالصغائر تسمح له ، ومن ارتكب كبيرة وتاب نقيل له عثرته شرط أن يعيد الحقوق إلى أهلها ويؤدي الديات أو يعفو ولي الدم .. الجميع أهلنا ولا نفرط بأحد منهم وغايتنا إصلاح هذا المجتمع المُهدم وتضميد جراحه ليتعافى ويبل من أمراضه ... ولا يكون ذلك إلا بإحقاق الحق .
 وكان الله يحب المحسنين .. ونحن لا نريد غير هذا الذي ختمت به خطبتك العصماء الطويلة أيها الشيخ ، قد أطنبت وأسهبت ولا كأنك تكلم عراقيين منبتين في هذه الأرض ، وهل من عراقي أصيل لا يعرف جرائم صدام ...
 الخطير في الأمر سيدي أنكم تؤولون السنة المطهرة لصالح أهل العبث الإجرامي . تريدون منا أن نقول لهم " عفى الله عما سلف " أبطلنا اللعب وانتهينا يا أولاد ... ما هذا الضحك على الذقون وعلى الحقيقة والحق والتاريخ والشرع والموازين أنه إخلال بمنطق الأشياء في الوجود .. لا تستقيم الأشياء إلاّ بالصح .. ولا نسمح مطلقاً
لـ" نبي " جديد من " الرحماء " أن يقول لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء " لأن مآسي المسلمين – بل البشرية على طول التاريخ – أنما صنعها الطلقاء .. ولا نريد طلقاء جُدد ... أو الأصح " لا نريد متنبئين جدد " .
 يشين كلامك مسحة غضب عارم تلازمه تتطرف فيه إلى أقصى يمين العاطفية مما يحسر مياه الحقيقة عن العقل فلا يصلها ويضعف عن تناولها فيما تحضى العاطفية بأكبر الكلمات وأثقلها وأقسى التعابير وأشنعها .
اعلم أيها السيد إننا لا نؤول السنة إلاّ لصالح الصح والحقيقة واتهامك لنا بالتأويل لصالح أهل العبث والصِدام خطير نرده بقوة ونعتبره رمي لنا بفساد في العقل والدين ...
لا اجتهاد في هذا النص الواضح الصريح .. إنما أنت تؤول وتحول المسألة إلى ( لعب عيال ) – كما تسميه – وتتجرأ على مقام النبوة فلا تسمح .. من أنت يا أخي لتسمح أو لا تسمح – لنبي أن يقول " اذهبوا فأنتم الطلقاء " مرجعاً سبب مآسي المسلمين في طول تاريخهم إلى الأوائل الذين أطلقهم النبي أليس هذا تحديداً فحوى ومعنى كلامك ؟!
يا أخي نحن المسلمون اعتدنا عندما يشتد الجدل والنزاع فيما بيننا في قضية ما أن نصلي على محمد وآل محمد فيصمت الجميع ويهدأ اللغط ويكف الكلام ليستمع الجميع إلى المؤذن بالصلاة فيقول كلاماً للنبي حديث شريف أو سنة مُتبعة فلا يجرؤ أحد على رده كقانون مقدس ... هذه ثوابتنا عليها تتفق نقطة الصح التي تقع خارج فوضى ذواتنا ، ولولاها لما استمر الإسلام شامخاً قوياً ، بل لما قامت له قائمة ابتدأ ، فالإنسان أكثر شيء جدلاً ، وربما اختار السلوك الخاطئ وأحاطه بالتبريرات . ولا يتبين الرشد من الغي إلاّ بعد حين وذلك هو الداء الذي استشرى فيما بعد وأضعف الإسلام بالجدل السياسي الفقهي ... . كان بعض الصحابة يعترضون على النبي ( ص ) ، ولا يقتنعوا برأيه إنما يسلموا له عندما يخبرهم أنه أمر إلهي فيه تنزيل وقرآن . " ولا يجدوا حرجاً فيما قضيت ويسلموا تسليماً " . " فإذا عزمت فتوكل على الله " .
اعترض بعض المسلمين على صلح الحديبية . واعتراضهم ربما جائز عقلاً لأنهم الأقوى . ولكن النبي ( ص ) أبرمة وأقرة بعزمه وتوكله فسلموا تسليماً .
بينت الأحداث فيما بعد أن مصلحة الإسلام ديناً ودولة كانت في ذلك الصلح .
الحالة كانت مشابهة في فتح مكة ، لما أعلن ( ص ) العفو العام عن أعتى أعداء الإسلام ، وهو المنتصر الأعلى .
اعترض بعض المسلمين . واستمر الاعتراض إلى يومنا هذا ، وأنت يا شيخ من المعترضين ، وأن كنت لا تجرؤ أن تجهر بهذا .
قد احترمك وإن خالفتك ، ولكني هنا لا احترم رأيك ، ولا أقبل اعتراضك لأنه كفران مبين يخل بثوابتنا ، ويحاول – يائساً – أن يزلزل دعائم الصح والاتفاق الإسلامي العام الذي أقره النبي بسلوكه وأثبته في شرعه .
هل تعلم أن قريش الشرك التي استلسمت للقوة – والنبي يعلم ذلك جيداً – لكنه أطلقها ، بل صانعها وألّفها وصاهرها وسوّدها .. بل واستخلفها أيضاً ... قريش هذه غدت عما قليل مادة الإسلام التي بها انتشر وثبت وارتقى على الدين كله .
فماذا يخرف المعترضون على الله ورسوله !.. هؤلاء إنما إلى الحضيض الأسفل ينزلون ، في الجحور العميقة والمغاور السحيقة يبحلقون . لا ينظرون إلى بناء الإسلام وعمرانه الشاهق إلى السماء ، ارجع البصر كرتين هل ترى من فطور ؟!..
إنما الفطور والثقوب في النفوس المريضة ، في الأبنية الفكرية الضالة المتهرئة والآيلة إلى السقوط والاندثار . الذين يظهرون السلبيات يضخمونها ، ويغمطون الإيجابيات يكفرونها ، فيظهرون الإسلام بوجوده وتاريخه كأنه صراع بين ( الفرقة الناجية ) و ( أبناء الطلقاء ) .. بين الشيعة والسنة ....
في هذه الدوامة المهلكة دار المسلمون تاريخاً ووجوداً وحاضراً ... اليوم نحن نرى تشابهاً يكاد يكون تاماً في موضع " الطلقائية المحمدية " الكبرى بين مكة وبغداد .. مع إسقاط الزمن .
العراق في 9/4/2003 هو مكة الجاهلية المشركة قد استسلمت لقوة الصح ، والله رب الحقيقة والصح ينصر دينه بما يشاء من جنده ولو كان وراء المحيط أنه سبحانه يجند لإرادته المؤمن والكافر والظالم والعادل . والكافر العادل أفضل لأن لنا عدله وعليه كفره ولربه دينه .
" وما النصر إلاّ من عند الله " ...
كيف نستثمر النصر الإلهي على أبي سفيان العصر وحزبه ، الذي لوّث البلد وأفسد الإنسان .. هل نبدّل الناس غيرهم !.. العراق كله بعثي صدامي ، معبوث به مصدوم منجّس ، لا نستثني أحداً .
هناك قلة مُستضعفون مُهمشون منبوذون خارجاً .. نعم ، لكن الأكثرية العادية من الشعب متعايشة مع الخطأ مشتركة مرتكسة فيه بصورة أو بأخرى ، شاءت أم أبت .
من حارب الثمان الخطأ مستمراً ؟!.. من استباح الكويت وازدردها ؟.. مَن رَقَصَ " الهوبعة " ؟!
هذه عمليات دولة بكامل الوجود البشري فيها ، وليس عصابة السلطان الغاشم وجنده حسب .
صدام حرص على أن يشرك الشعب كله بموبقاته .. وللحقيقة والتاريخ عبئهم أمام الكاميرات بإرادتهم ، وبتسجيل منصف للحقيقة رقص العراقيون كلهم لصدام .. ارجعوا إلى الأرشيف المسجل .. صدام لوث ثلاثة أجيال عراقية ، جرّفهم جميعاً بمجاريه الآسنة .
 هي الدنيا إذا أدبرت سلبتك محاسنك ... صدام ما كان كله خطأ . وليس وحده صنع الخطأ ، قد بعث في قوم خطأ .. و " كما تكونوا يولّ عليكم " .
لا نقاش ، لا خلاف في موضع النص . نبينا أذهبهم ، أطلقهم .. هذه منتهية ، محسومة منذ صباح يوم 9/4/2003 يوم الفتح المبين مكة / بغداد ... هؤلاء جاؤوها متأخرين ، يسمونها " المصالحة الوطنية " .
قال الشاعر العراقي :
من أحجار البداوة الجاهلية
وأطيان القروية الزائفة
منهم ... مثلهم ... هم بنوه بأيديهم
ثم هتفوا وصفقوا : " سقط الصنم العراقي " .
من أسقط الصنم ؟!
من كان يعبد الصنم ؟!!
بقيت " الصنمية " في العراق
المشكلة تكمن في الإنسان
من خلق الإنسان ، يعيده .. يرسل الأنبياء .
قد ختمهم بمحمد الذي عالجهم ، أصلحهم بالإطلاق ..
اتبعوا سنة نبيكم ... سميتموها " مصالحة وطنية "
ونسميها " الإطلاقة النبوية " .
الأهم لدى محمد ( ص ) يوم فتح مكة هو الإسلام ، على هذا الوتد بنى عَفوه الاستراتيجي ...
ومن محمد نتعلم – وأكرم به معلماً جباراً – إن كنا لا نتعبد نصوصه الحكمية ... والأهم لدينا هو العراق .
لم يمتثلوا محمداً ، لم يتعلموا منه ... جاؤا بدعوى التطهير الشامل والاجتثاث الكامل ، وهم أضعف من هذا وأعجز . ليتهم قدروا وفعلوا ، فحاكموهم – كمحاكم نور مبركك ـ أو ناصفوهم ـ كعمر ـ أو أنصفوهم ـ كعلي ـ ... وليتهم أطلقوهم ـ كمحمد ( ص ) ـ ... لم يعتبروا بواحد من هؤلاء . لم يتعلموا من نبي أو وصي أو صحابي أو فيلسوف ، تفوقوا وتطفلوا على هؤلاء جميعاً ... وثم لم يفعلوا شيئاً غير المط والمطل والتسويف والجدل فانتهى الأمر بالشعب إلى أبشع صور الحرب الأهلية بالتهجير والتقتيل على الهوية ولكنهم لا يجرؤون على إعلانها وتسميتها باسمها !!
ما يهمنا في هذه المرحلة هو العراق ، هذه السفينة السائرة في عباب البحر المحاط بالسباع والوحوش ، تحمل الصالح والطالح ، فأن ثقبها شقي غرق الجميع ... وأُكِلوا .
آخر أخبار مدينتنا تقول : إن الحاج حميد قحط يطالب مختطفوه بفدية قدرها ثلاثة أضعاف ما أكل من سحت العبث .
وقد أدى ذووه الفدية كاملة كما أراد " الإرهابيون المجهولون " ...
وهم ينتظرون خروجه بعد يومين من تسليمهم المال ، إذ وجدوا جثته مقطوعة الرأس على قارعة طريق ، وعليها آثار تعذيب !!
بعد أسبوع سجلت الدوائر الأمنية حادثاً إرهابياً بشعاً حدث في وضح النهار وعلى مرئى ومسمع من الناس حيث اختطف عصابة مسلحة أحد بنات الرفيق حميد قحط أمام حرم الجامعة !.. لتتكرر لعبة الفداء والتعذيب والذبح .. لكنها زيدت اغتصاباً وبشاعة !!
وقامت مجموعة مسلحة باحتلال مدرسة ابتدائية لتخرج منها أطفالاً فيهم ثلاثة من أولاد الرفيق قحط اقتادتهم إلى جهة مجهولة ...
ولكي لا تستمر الشناعات فتفني آل قحط ، عليهم أن يحموا أنفسهم فشكلوا من بينهم مجموعات حراسة مسلحة ترافق البنات والأولاد إلى المدرسة وكما تحمي بيوتهم ومحالهم ومزارعهم .. قد غدا لديهم جيش من " الحمايات " !
وحدثت مصادمة مسلحة مع أشقياء جاؤا يعاكسون طالبات المدارس ...
أخيراً تركوا المدارس ، وتحولوا إلى ميليشيا تطالب بالثار.
ثم جاء معمم يقرأ قرآناً يقول فيه : " والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون " " ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " .
وخرجوا ينتصرون ... يبغون ... يعتدون .. كما فسّر لهم شيخهم !!

تمت
الحُبُ وَالغربَة
لولا الحنين في غربتي ...
لكنت سعيداً في دار هجرتي .
وأحياناً .... أتشاجر وزوجتي ..
لكنها لا تقاضيني إلى " حماتي " أو " عمتي " .
إنما هي تشكوني ، فقط .. إلى ابنتي !
بلغة الحدوثة اليومية الرواية .
وتبدأ القصة منذ البداية .
وأنا أسمعها تقول لها ؛.. إذ تسرد الحكاية :
كان هناك شاباً ، اسمه طاها .
عَلِقَ بنتاً حلوة ، وذاب في هواها .
وكان كلما أمن أعين الرقباء التقاها .
أبوه صعلوك فقير مهزول وأبوها ... " ابن أصول " !
لذلك ، لم يحصل القبول .
واصطدمت جهود الخيرين بصخرة المستحيل ..
وفي ليلة .. أخذت حفنة ذهب من خزينة أبيها
وتزوجها الشاب بمهر ؛ ساقه منها ... إليها !
لكنهما تركا القرية ... إذ لم يعد لهما فيها مقام .
وتحملا الغربة والهجرة بكل ما فيها من آلام واتهام ولا ملام .. فقد أوقفا فيهما تنفيذ الحكم بالإعدام .
عاشا معاً في البعد ... ثمانية أعوام .
وخلفا بنتاً مثلك ، جميلة الوجه والقوام .
لكنه ما زال ، كلما ذكر أرضه ... وأهله .
يسومها الخسف لوماً ... أنها قطعت حبله !
أما هي ... فتبكي أباها ضارعة إلى عفوه بكبت ...
وتبكي أيضاً أمها ، وأهلها بصمت
" لقد استضعفها وظلمها " ؛ قالت البنت .
" لأنها لا ناصر لها ، ولا معين ... ولا بيت " .
- ما هو الحل حبيبتي ، برأيك ؟
- الحل يا أماه أن تتركه لشأنه ، بلا شك
- لكنها تحبهُ .............. وتنتحب !!
- أماه ... ما معنى الحب ؟.
أجبتها أنا المراقب عن كثب :
- الحب يا حبيبتي ..... هو قبلة على جبين ماما .
ثم قبلتها ... فرضيت عني ، إلى حد ما .


تمت
لا تعليق
كما يتزاحم الصحفيون حول شخصية مهمة !..
 عشرون سؤالاً من فضلك
 لا ... كلمة واحدة ، بحق الواحد الأحد .
 للناس رأي يجب أن لا يهمل .
 كلا . لا أريد إرضاء الناس . إنما أفكر كيف أسكت الناس ... الأفضل أن أجد طريقة لأتوارى عن أعين الناس .
 ليس من حقك .. الرأي العام له قوة .
 قوة الغوغاء ... الجهلة .
 ألسنة الناس أقلام الحق .
أوه .. أحياناً أصاب بالقرف ، وأمسك راسي لأتقيأ ...
المال . السكر . العسل ... هل يرد النفس المشمئزة . وعاد أحدهم يقول :
 نصف سؤال من فضلك ... كيف تزوجتها ؟
ربما قدرت أن أجيب بضحكه مبتسرة وربع جواب ...
 هه .. ومالكم أنتم !
لكنهم ألحّوا ..
قلت : سوف أروي لكم حكاية
أول أمس ، بعد العشاء ، قلت لها : " أنتِ طالق " ، رغم أن عصمة الزواج بيدها .
كنت مشمئزاً من شكلها . وأعربتِ لها بعبارة صريحة عن " انزعاجي من قبحها " ...
لا يحق لي ذلك بحسب لوائح الاتفاق الأولية .
قامت وبصقت في منتصف وجهي تماماً .
ولطمتها فلطمتني .
وأردت الخروج من قصرها زعلاً ...
لكنها ردتني .. وحبستني في " قفص من ذهب " .
فكنت أصرخ من وراء القضبان : " أنت طالق " .
لكننا تصالحنا منتصف الليل .
وعدنا زوجين ... بعد البينونتين ( )
أمي قالت : " من يطيق هذه الفطيسة "
لكن أبي قال : خذها ، الفحل غير عواف .
وضممتها ، مثل أي حصان يطأ أتاناً عجوزاً .
قال صديقي : " إن أردأ بغل لا يفعل فعلتك " .
وأضاف ينشر روحي نشراً :
- أي نعم ، قد يثب حمار أهوج على بغلة كركوبة عظماء شوهاء كحيزبونك !.... أما الخيل فتعافها .
لاموني فيها ...
هل عرفوا أسوأ ما فيها !
مالها ... يظنه الأغبياء مزيتها الوحيدة ....
وهكذا حسبتُ !...
ماذا بقي بعد فيها
بطنها الأعجز . أم فخذها الأشعر
وسوط النار ... لسانها
يلذعني آكلاً وشارباً ولابساً ...
أما نائماً ، فأنه يلحسني بنعومة الأفعى .
أخيراً ، هربت جائعاً عرياناً .
ولما التقوني ، سألوني :
- لماذا : وكيف ؟ وعلام ؟ ومتى ؟ وحتامَ ؟
قلت : لا تعليق .



تمت
" قَسَم "
الأولاد في الشارع يلعبون ...
يبحثون في القمامة عن " الفلوس " .
ويشربون من بركة ماء المطر .
وأيضاً ، يسيرون فيها القوارب الورقية .
ويصيدون الضفادع والقواقع .
أحدهم يتسلق عمود الكهرباء .
يكاد يمس الأسلاك مفتخراً بجرأته .
و " أم وطن " تنشر الغسيل على السطح .
ومن أعلى ترقب وحيدها المدلل الحبيب .
وهو يحبو ، ويتعلم الوقوف . ثم يخطو ... ويقع
يتدحرج في تؤدة كرائد فضاء .
ويطلق أصواتاً عذبة من حنجرته الصغيرة .
خلاخيله الذهبية ترن وتبرق .
وهو يتحرك على سجادة من الثيل الأخضر ...
مملكته الصغيرة الكائنة في الرصيف المحاذي لباب الدار .
جاءت امرأة ملفعة بالسواد كأنها غرب كبير .
أقعت لدى الطفل تلاعبه وتمسده .
نزعت خلاخيله وأقراطه وطاقيته و ..... ثيابه !
وانسلت تبتعد مسرعة ..
كان الطفل سعيداً بعريه ، منتشياً بخفته .
كان يقفز ويضحك رغم البرد .
وقبل أن تتوارى ..
قالت لها أم وطن ! وهي لا تصدق ما ترى
- لماذا هكذا يا .... جارتي ؟!
ولكن الجارة تظاهرت بالصمم .
وصاحت أم وطن بصوت أعلى .
وحَثت الجارة خطاها .
وانعطفت في أقرب زقاق .. ضاعت فيه .
ولما ذهبت أم وطن إلى بيتها قالت :
- " والله العظيم ، وحق الحسين لست أنا ....
- لقد رأيتك بعيني هل أكذب عيني ؟!
أنت واهمة . والله العظيم ثلاثاً لست أنا ..
كيف تسمحين لنفسِك أن تشكيّ بي ؟!! "
- ليس شكاً ... كيف أغادر يقيني ؟!
- هاتي القرآن لأحلف لك . هل لك علي غير اليمين .
-وبعد !
- وبعد راجعي طبيباً أو حكيماً يشفيك من هوسك أو سحرك .
تمت
" العَتَبةُ الذهَبيَّة "
أخوها صديق حميم من الطراز الأول . وعندما أزوره في بيته ، تفتحُ هي لي الباب ...
مرة ومرتان وعشرة ... عرفتني وألفتني . وأصبحت التحية العابرة تزداد كلمة وكلمتين وثلاث .. حتى غدت حديثاً على الباب ، أو قل .. لقاءاً مسروقاً .
تصارحنا بالحب ، وتشاكينا الغرام على العتبة التي أسميناها ذهبية ، ومنها صُغنا القفص الذهبي .
.. مالنا ومال الناس !




تمت
" خبزُ البطالة "
ربط رجل حصانه ودخل السوق ...
وجاء شحاذ ، نفض عليقته للحصان ، وفيها بقايا طعام وفتات خبر ليأكلها .
لما عاد الرجل وركب حصانه ، حَرِنَ به ولم يتحرك خطوة . ثم بَرك مكانه ، فصاح بالناس مستنكراً مستفهماً : " ماذا فعلتم بحصاني ؟ "
واجتمع بعضهم ، وأخذوا يفحصون الحصان ؛ فبين قائل " أنه مسموم " . وآخر يقول : " أنها عين ابن آدم صرعته " . وثالث يظن أن خبز الشحاذ متعفن ... والخ .. من الأسباب .
وتقدم رجل كبير وقور ، وقال للرجل :
- " لا بأس عليك ، حصانك بخير ، إلاّ أنه قد أكل خبز البطالة ، فكره العمل ، وأصيب بمرض الشحاذة !



تمت
" الرحيل والحب "
لولا الحنين في غربتي ..
لكنت سعيداً في دار هجرتي .
وأحياناً أتشاجر وزوجتي .
لكنها لا تقاضيني إلى " حماتي " أو " عمتي " .
إنما هي تشكوني إلى ... ابنتي !
بلغة الحدوثة اليومية الرواية .
لكنها تبدأ القصة منذ البداية .
وأنا أسمعها تقول ؛.. إذ تسرد الحكاية :
كان هناك شاب اسمه " طاها " .
عَلِقَ بنتاً حلوة ، وذاب في هواها .
أبوه صعلوك ، وأبوها " ابن أصول " !
لذلك لم يحصل القبول .
وفي ليلة أخذت حفنة ذهب من خزينة أبيها
وتزوجها الشاب بمهر ساقه منها إليها !!
لكنهما تركا القرية ، إذ لم يعد لهما فيها مقام .
وعاشا معاً في البعد ثمانية أعوام .
وخلفا بنتاً مثلك ، جميلة الوجه والقوام .
لكنه ما زال ، كلما ذكر أرضه وأهله .
يسومها الخسف لوماً ، أنها قطعت حبله !
أما هي فتبكي أهلها بصمت .
راجية عفو أبيها ، ضارعة بكبت .
" قد استضعفها " .. قالت البنت .
" لأنها لا أهل لها ، ولا سند ولا بيت " .
- " ما هو الحل حبيبتي برأيك ؟ "
- الحل أن تتركه بشأنه بلا شك "
- " لكنها تحبهُ " ..... وتنتحب !!
- " أماه ... ما معنى الحب ؟!:
أجبتها ؛ أنا المراقب عن كثب :
- " الحب يا حبيبتي ؛ هو قُبلة على جبين ماما " .
ثم قبلتها ... فرضيت عني إلى حد ما .





تمت
" المُكابر "
كان " سيء السيرة " في مرضه الذي هلك فيه . نائماً يعاني سكرات الموت ، وقد حشرجت وضاق بها الصدر ، إذ قالوا له ؛ " إن فلاناً وفلاناً قد جاؤا لعيادتك " . فأنتبه وقال أمراً بجزع:
- " هاتوا لي عقالي وكوفيتي ... " .
وجيء له بهما على عجل ، فلبسهما ، وبالكاد عَدَل نفسه . وقال لأولاده " أسندوني لأقعد واحملوني لأقوم " .
ودخل العواد " الشامتون " فقالوا له :
- " كيف حالك يا أبا كسّار ، مشافى إن شاء الله .. "
قال يغالب السقم المشتد : " ومالي أنا وما بي ؟! "
قالوا : " أنك مريض مدنف . أراك الله العافية " .
قال وهو يلقف أنفاسه ، وروحه تصعد فينزلها بكل عزمه :
- " من قال هذا ، أنا لست مريضاً !... هذه إشاعات مغرضة لحاقدين " .
ثم دعا أولاده قائلاً : " من يقدم لي جوادي ، أريد أن ... "
وانقطع صوته ، أو انحبست أنفاسه . ولكن " كسار " صاح بأخوته :
- " هيا بسرعة قوموا أسرجوا الفرس " .
وأخذ الرجال ينظرون إلى بعضهم . ثم قاموا عما قليل وهم يقولون :
- " ما شاء الله ، أبعد الله أيامك وكذب خبرك ، وعجل شفاءك أبا كسار " .
قال : " وما بي أنا لأشفى ، إنما تُقال هذه للمريض شفاكم الله ! ..."
ولما تجاوزوا الديار سمعوا صريخاً مكتوماً .. ثم خرجت ابنته تلطم وجهها وتصيح مولولة :
- ياباه وأبتاه ... لقد مات أبي ...




تمت
" كتابُ سعدي "
لسنين بحالها كنت ترى سعدي يحمل بيده كتاباً كبيراً مجلداً ضخماً في التاريخ – على ما يُظن – أو لعله في الهرطقة والزيف .
هو لم يقرؤه ، ولا نصفه ، ولا رُبعه ولا عشره !.. لكنه سامع من – لا يعرف تحديداً مصدر معلوماته -.. بأن هذا كتاب مهم وموسوعي ومصدري وحساس ، لذا انتقاه واشتراه ، وحازه وحمله .. تراه متأبطاً إياه في كل حين تحت أبطه ، دائراً به في كل وادٍ وناد كنبي إسرائيلي !.. وكل من سأله عنه – أو لم يسأله – يوسع له شرحاً وتفصيلاً فيما يحلو له قوله عن هذا الكتاب ، ففيه تفصيل كل شيء ، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ، وهو بيان للناس كافة لا غنى لإنسان عنه ... فيه تاريخ وفقه وعقائد ، وطب وعلوم ورياضيات وطبيعيات وميتافيزيقيات وسحر وجن ولا عقلانيات وروحانيات ... " والشعراء في كل واد يهيمون " !!
وإذا ما التقى عنصرياً قومياً قال هذا كتاب المثالب والمناقب .
وإذا ما صادف شيعياً قال هل أدلك على أئمتك الاثنى عشر .. وإذا اجتمع مع ناصبي قال أعرف هنا خبر ضلع الزهراء وفدكها وأفك عائشة وجملها ...
وإذا ما أراد أن يكفكف دموع شيوعي على الصرح الذي تداعى قال له دع " رأس المال وماركس ولينين " وخذ الاشتراكية من هنا ... يؤشر على المجلد الضخم المحمول على صدره باحترام وإجلال ... يؤشر عليه فقط ، لا يقتحمه ولا يفتحه ، بل لا يسمح لأحد بلمسه . يقول أسألوا وأنا أجيبكم بما في الكتاب .
هولا يجيب .. إنما يخوض مع كل خائض بما في (كتابه) بازاً المتحدثين ، مخرساً الخاطبين بما يحلو له مما يطرق عقله ويداعب خياله في كل فرع ولون دون علم ولا هدى ، ولا كتاب !
كان سعدي يدس بوزه في كل ما يعرفه أو لا يعرفه ، يريد أن يُشار له بالبنان بأنه الفهامة العلامة المتحدث . فإذا ما خاضوا في مبتدأ الخليقة وآدم ونوح والطوفان علا صوته على الأصوات كلها بأنه عارف كم هي دسر السفينة بما في كتابه عن هذا مما فيه شفاء الغلة وبغية الطالب . وإذا ذكروا النساء في مجلس قال أن في كتابه فصل يريك المرأة مجسمة عارية كذا وكذا .. ويفيض في الوصف بما يرغب من الهذر الرخيص حتى تغطي وجهك .
وإذا ما تحدثوا في الإنسان واصل الخلق قال : " في كتابي أشجار القبائل وأسماء الأولين والآخرين " ... ولكن إذا ما سأله قرشي عن عبد مناف ، لاذ بالوتوتة والتحرف ثم وعده ... أن يكشف له الكتاب !
إضافة إلى كتابه الفهرس . فأن سعدي ذاته موسوعة معارف متحركة قائماً بذاته . تجد لديه كل طريف وتالد من معلومات عن كل شيء ، حتى ليجذبك ويسحرك ويشدك بما يفيضه في أذنيك من غث القول وسمينه .... تجد لديه أخبار البلدة وأسرارها كمجلة الفن والراقصات ، وما يجري في الأخبية وغرف النوم وعلى الأسرّة مفصلاً بالصوت والصورة الملونة .. وفي جعبته من قيل وقال النساء صيد وفير فهو يطلعك على الفضائح الاجتماعية السرية جداً والطازجة التي تمت تسويتها ، أو لا زالت ، حتى ليرد لك الزيجات كلها إلى " إنّ " كانت قبلها !
ولا يكتفي سعدي بالحاضر يقرؤه ، والتاريخ يفصله ... إنما يعمد إلى المستقبل يستطلعه ، منبئاً عما سيقع ويكون !
وينتهي سعدي بأخبار المال والأعمال ويفيض فيها ويوسع ـ وهو المفلس ـ مفصلاً قصص الارتقاء إلى المليونيرية ، وطرائق الغنى والسبل إليه ، والشطارة والفهلوة والحلال والحرام ....
أما ما سيكونه هو – لما يصير كبيراً طبعاً – فهذا كتاب آخر يحتاج لقراءته إلى ... أعمار !... ودهور ! ..
أما ( آخر الأخبار ) فأن ( سعدي ) يعمل ليل نهار للترشيح والفوز في مجلس المحافظة وربما ارتقى الى نائب .. وكان أبوه " قندرجي " .
لا عجب ، فالنجاح في السياسة العراقية يحتاج الى ( جرعة من سعدي ) ونسخة من كتابه !!
لا عمل لديه سوى التسكع هنا وهناك وإذا ما سألته قال أنه متفرغ لأعمال الثقافة وشؤون الكتب . أما حديثه الدائم في السياسة فهو هواية وتمضية وقت ... ومصداق ذلك أنه ينتمي الى عشرين حزباً ويزيد ... بيد أنه لا يسيء استخدام السلطة !!


تمت
" مسجد ، مسجد "
في كل زيارة أو مناسبة دينية أرى هذين الغلامين بعينهما في صحن الإمام علي وهما يدوران على الزوار ويناديان " مسجد ، مسجد " فتنهال عليهما الناس بالدراهم والدنانير .
تقدمت من أحدهما وسألته :
 أما اكتمل المسجد أيها الفتى ؟ منذ سنين وأنتما تناديان عليه فرد عليّ بلهجة تنم عن احتراف ودربه :
 شارك أيها الحاج ، قدم ولو ثمن طابوقة تزاح بقدرها من ذنوبك عن صدرك يوم القيامة .
عندها لم أملك إلاّ أن مددت يدي إلى جيبي وأعطيته ديناراً وأنا أعلم يقيناً أن لا مسجد .. إنما هي طريقة مبتكرة من طرق الشحاذة .




تمت
" اللّمَمْ ... وكبائر " لَلَم "
الرأي .. ماذا لديك يا عَمْرْو ... ولك مصر !..
قد أعددت رواحلي للالتحاق بقيصر !
... هي الغمرات ... ثم تنجلي .
قد ذهب إلى ربه علي ...
ولكن مصراً ... لعبد العزيز ...
* * *
الديون كثيرة ؛ سماوية وأرضية ... وتاريخية !
بلغت دعاويها عشر شكاوى رسمية .
نصب وتسويف وتعب ، بلا حسم ولا كسب
أكثرها عمليات احتيال ونصب ، وشاي ومشيخة وكذب
وجاءت المقاولات وقال الحزب !...
لا طاقة له على الهرب ... أو إيفاء الطلب .
قال له صاحبه :
في " التحكيم " ستنتصر لا محال .. ماذا بعدها غير القيل والقال !
 كيف ؟... هل الحاكم حمارٌ أعجَم ؟!
 ليكن أسداً عرمرم .. إنما أنت كن قرداً أبكمْ .
 كيف ؟... أوضح لي مضمون الخطة
 اليكها نقطة نقطة ... إنما لي النصف في " الخبطة " .
 اتفقنا يا صديقي العزيز .
 ومصر لعمرو ... لا لعبد العزيز !
 الله على من يخون .
سنكتب العهد الأمين المأمون ...
ونعلقه في الكعبة الحرم المصون ....
 هه !.. كوصية الخليفة البليد هارون !!...
لا ثقة .. قانون أبدي ....
إنما إليكها ... يا صاحبي الردي
أتعلم لِمَ لا أخاف منك التعدي ؟!!...
لأن مفاتيحها بيدي !!
 ..............................
 اسمع !
إذا وقفت أمام القاضي فقل : " للم " .
 للَمَْ !.. وما للم ؟
 لا عليك . أنها لفظة لا معنى لها . إنما لا تحسن أنت غيرها ، كالخروف يقول كل ما يريده معمعةً .
 للم . للم . للم ....
 أحسنت كررها ... أنها لفظة صغيرة مبهمة . وكلما سألك أو أستجوبك أو كلمك القاضي فقل :
 للم ....
 ممتاز ... قد اتقنتها ... بيد أن الأهم أن تثبت عليها لو ضربوك .
* * *
 لماذا لا تفي دائنيك ؟
 للم .
 هل عندك موارد أموال . أملاك . أطيان ؟ كي نحجز عليها.
 للم .
 هل أنت مطلوب لأحد ؟
 للم .
 هل تطلب أحداً .
 للم .
 كم . لمن . متى . كيف ..؟
 للم . للم . للم . للم ...
 ما اسمك يا هذا أأنت الـ ..
 للم
صاح أحد الغارمين بحرقه :
 أنه يكذب سيدي ... يتظاهر .
قال القاضي في حيرة :
 لعله ليس الشخص المطلوب! من أي سجن أو مصحة جلبتم هذا أنه أبكم أصم مجنون.
 أضربوه . أجلدوه .. سوف يعترف .
 ليس تلك مهمتنا .. أعيدوه إلى الحجز .
* * *
وتكرر مشهد " للم " في الجلسة الثانية
أخيراً زهق القاضي وصاح يائساً :
 " ما هذا .. أخرجوه .. لا تضيعوا وقت المحكمة " .
وكتب مقرراً : " ولا على المجنون حرج " .
* * *
وجاء معلمه يطالبه بالقسم . بالنصف ، حسب الاتفاق المبرم فلم يزد على أن قال له : " للم " .
صفق بيديه يائساً وقال :
 أما أني أنا الذي علمك وفهمك ؟!
 للم .
 سوف أخبر السلطان .. وعليّ وعلى أعدائي مهما كان .
عرف أنها ستقع عليه وحده ، فأسقط في يده وقال يكلم نفسه :
" استوفي بالكيل .. أبا مجرم "
وهتف قرب أذنه كأنه يطلق رصاصة ، صارخاً :
 للم
 " مشمئزاً " اشرب بكأس كنت تسقي بها
 للم
 لن تعيش ....
 للم ...
 " وكأنه يجيب نفسه " وكلنا ميتون ....
فيما تأتيه " أطلاقات لمم " صلياً كراجمة صواريخ لديه .
ما زال يصرخ بـ" لمم " حتى خرج المجرمون .. وبيضت السجون ، ثم اجتمع إليه الملأ في الحواسم ومن بعدها الطاعون .
هل الحواسم من مصغرات الذنوب " اللمم " ؟!
أم هي كبائرٌ " للمم " ؟!
تعلم الناس من الأولين الـ " للم "
فهم لا يتركون اللمم !!





تمت
المساواة
عدّل عقاله ومسح شاربيه ، وقام من مقعده بخفة وابتسامة ، مخلياً مكانه لامرأة شابة صعدت السيارة تواً :
- تفضلي هنا أجلسي مكاني .
كانت السيارة مكتضة بالواقفين ..
قالت له بلطافة وحنو :
- " لا يا عم ، استرح مكانك ، أنا أقدر منك على الوقوف " لكنه لمس جحوداً في لهجتها ، فعاد إلى مجلسه غاضباً يغمغم وهو يقول كأنه أحس بالمهانة لرجولته .
- " ما تگعدين للگبر الأسود "
قال بعضهم : " لعل الحاج لا يعلم إننا في عصر المساواة " !



تمت
الأخت
هي تستقبل الضيوف ... إذ غاب أخوها ... معيوف . وينام آمناً في الليل ... إذ لا تنام " الزلم " .
وتبقى أخته النشمية في حراسة البيت والغنم !
والذئاب – بكل أنواعها – لا تقرب حمى " الداورية "
إذا ما مسكت " علاهن " البندقية .
جاء الرجال في جاهة كبيرة لخطبتها .
فقال لهم أخوها معيوف
- " عمي أأنتم ما عندكم بخت ، أما تخافون الله هل من أحد يعطي أخوه ، حزام ظهره "
ورفض حتى النهاية .




تمت
العدوى


حذار لا تلمسيني ...
لئلا يتنشبك المرض اللعين .
فأنا موبوء .
مسكون بملايين المخلوقات الشيطانية .
أتركيني في الدار وارحلي ..
وسَتُعذري ...
فصاحبك مصاب بالجدري .
* *
أمس كانت الحمى ...
" إياك ومعاشرة الفاسق " .
يبقى الطالب طالب ... والسائق سائق .
وقد عاشرت القوم أربعينات من الأيام .
ورأيتهم يكتبون القصاصات الورقية .
ويتفقون على إشارات بعينها .
لكن أحداً لا يسمي ذلك غشاً .
... واليوم ظهر الطفح الأحمر
سريعاً اجتاحتني أعراض المرض الجهنمي .
وجدت نفسي في المبغى .
بين يدي مومس تنفث الأيدز والزهري .
تداويني بالتي كانت هي الداء .
* *
فقاقيع حمر مزرقة مسلوخة .
تسيل دماً صديداً
بركة ملئ بالأقذار
كنت أتمرغ فيها كالخنزير البري .
أكل اليساريع النتنة بشراهة .
وأقضم القواقع وحيّات الطين .
....... أنه المرض في أطواره الأخيرة .
ابعد عني آدميتي ... ديني ... خلقي .
... وجاءت ساعة الحسم .
المجدور ميت .
وكنت أرى القبر تحتي فاغراً فاه .
عميقاً مظلماً آسناً كفجوة في جهنم .
تنبعث منها رائحة يجور منها أهل النار .
.... وأطل من علياءه شامخاً يقول .
تَشَهَّدْ ..... افتحْ يدك .
على أي دينٍ يا أبا الديانات ؟!!
أنه ليس اسماً ... ليس ابناً ... بل شرعة ومنهاج .
الموت أولى من ركوب العار
والعار أولى من دخول النار .
ونفسي معي كيف لا أواجهها .
هل ابتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء .
وذهلت عن ذاتي وأمري .
ورنوت إليه .
... لم يكن عزرائيل
مَن يكون إذن ؟!!!
أما تستلم أمانتي ؟! هيا افعل .
الستَ مأموراً بقبض أرواح المجدورين ؟!!
قال يبتسم : ليس كلهم ...
يا إلهي !! وجهه كغرة الفجر .
تنبعث منه أمواج من الأشعة الكونية .
... لا أقاوم ... لا أتكلم ... لا أتنفس ..
وعرف أني سأموت فتوارى سريعاً .
مسامح كريم .
كلا .... ملك كريم .
" والله من ورائهم محيط " .
* *
وذهبت العَبرة وبقيت العِبرة ...
محفورة في جدار المخ .
كأقوى وأعمق بثور خلفها جدري .
" لماذا ؟ " ... " غير معقول ! " .. " أنا بقيت ارتجف " .
... حفر أتحسسها كالنصل الغائر في الصدر .
" أنت تغش ؟!!! ولمن تغش ؟... أنا ؟!! "
رحَمك بي ، أنت تنشرني نشراً أيها الرحيم الكريم .
- " كيف تغامر بمستقبلك ؟ "
- ليس هذا ما يدميني الآن ... المسألة أكبر .
- المسألة نسبية ... الآلاف يغشون .. البلد كله مغشوش .
- أنها مادة مقحمة إقحاماً على المنهج لا نفع منها .
- لا يعنيني هذا .. أنا أمام حالة غش شرعاً وقانوناً .
- ليتك أبقيتها داخل هذا الإطار .
- لقد جعلتني أرى الحياة على غير ما كنت أرى .
لقد طعنت موطناً غاية في الحساسية في نفسي. " الثقة بالخيرين ".
ويأتي الرد ميتاً ملصاً كسقط في شهره الخامس :
- لكل جواد كبوه .
- هذه المقولة الصحراوية البليدة المنقرضة ...
أتراها تصمد في هذه الزعازع ؟!
ولا غيرها ...
أفضل شيء أن تسكت ... اذهب
اسكت .. اذهب .. اذهب .. اسكت .. اسكت .. اذهب
اس .. إذ ... اس ... إذ ... اس ... اذ .. اس


تمت
" الاستمرارية والانعطاف " ( )
العشرون والمئة ...
التسعون ..
السبعون ..
واسرافيل نفخ في فرامل العجلة .
وضحك عزرائيل للحصاد .
ومات ...
ثلاث ثوان فقط
ثم انشقت الحياة .
أولاً في قدميه
وغاصت الدواسة حتى الرُكب
وناح المحرك بثلاثة ألاف آه ...
وترنحت مثل عملاق تداعى .
واصفر الوجه ، وتيبست الشفاه ، وخفق القلب .
ورآه ممدداً .
وإذا استوت ثانية على الطريق ، سأل نفسه :
هل رأيت دماً ؟
هل حدث شيء ؟
ولمع الجواب برقاً يشق غيوم الذات المتلبدة :
- كلا ... لم أفعل شيئاً .
وهامت دقيقة الحدث في فراغ الاستمرارية الشاسع .
وعاد المؤشر يستقر على المئة والعشرين .


تمت
ظلمات ... أطباقاً
مشاغل ، مشاكل . مشاعل . مزابل ... مباذل .
أين الهواجل والصواهل والمناصل والذوابل !!
كل ما تريد من زوجها ، يأتي عبر السائق .
هل تزوجت ... السائق ؟!
..... قد ... أحبت السائق !!
ما أنكر فحولته !... رائق .. عايْق !
إن هذا لفي صحف الأولين ...
صحف الطباخين ، والسواقين ... والخدم والتابعين !!
دعته لنفسها ... وهي امرأة عزيز ! ... في الإفريز !
........... لا عجيب ولا غريب !
أنه العشق ... وضعف الرقيب !
صدفة ... ضبطهما زوجها متلبسين !!
........... ما كانا حذرين !!
لكنهما تمكنا منه ... وخنقاه !
قتلاه ... ودفناه !!
وحسب الأصول ...
قيدت القضية .. ضد مجهول !!
ماذا قال الزمن الأهوج الزائف الظالم ؟!
علقها على شماعة الإرهاب الغاشم !
وبقي صامتاً لما رأت لصاحبها " حُذام " .
أن يبقَ قريباً ... لا تبعده الأيام ...
فزوجته ابنتها .... كما اشتهى ورام !
والقول ما قالت حذام !
وبقي معها
........ ماؤهُ في ماءِها !!
........ لا زالا .. معاً !!!!!









تمت

دُخان الشرف
الحر .. الظهر .. الباص .. الازدحام .. الالتصاق .. الروائح .. العرق ...... التدخين !
وواحد يصدر صوتاً مخنوقاً من بين الأجساد المتراصة صائحاً يستغيث :
- يا ربي هواك
والسيارة ، والركاب ؛ يتنفسون .. وفي الأوكسجين أزمة .
وامرأة تزاحم الواقفين يجسدها الفاضح ، وسيكارتها بين شفتيها المصبوغتين ... تتأفف قرفاً وتقول : " أوي ، شويّة وسّع .. قطيعة تقطعكم " .
- لا أحد يرد عليها .. الناس منشغلة بهمومها الكبيرة . ما لها وهذه .
لكن أحدهم يطلق تصريحاً خطيراً من طرف السيارة قائلاً بصوت خطابي جهوري ليسمعه الجميع !
- بربي . بديني ، هذه التي تدخن بالسيارة مو شريفة . وعلى البديهة الحاضرة أجابته :
- هذا أي سخيف منحط ما عنده شرف يحچي هيچ ...
صاح من مكانه مباشرة :
- ولچ لو كنت شريفة ما نطقت . لكنك تريدين أن تعلني عن نفسك بأشنع الوقاحة يا سافلة .
وعاد الصوت الأنثوي الرفيع يرد فوراً بكلمات كأنها الرصاص :
- إنچب سافل أنت وعشيرتك حقير جبان .. آه لو لزمتك بيدي لعبيت حلقك زباله .
- العن أبوچ لا أبو الرابطيچ .. سايبه . لو كان عندچ رباط لما هدچ كذا .
ويبدوا أن الرجل " فاضي " و " عنده خلگ " فراح يعطيها وتعطيه ... شتائم وإهانات يتقاذفانها من خلال الزحام ، دون أن يرى أحدهما الآخر .
ظلوا ساعة في مساجلات من هذا الكلام السوقي المنحط مما يتبادله سفلة أهل الشوارع بلا تهيب ولا خجل .
لم يتدخل الركاب . لا أحد يفهم ما يجري . قد يكون قريبها أو زوجها . لعلهما مجنونان .
وتطور الأمر وتحول السجال عراكاً حقيقياً لما تحركت المرأة نحو الرجل تشق الزحام بجسدها الثقيل العريض .
عباءتها التي تعلقها على قمة رأسها سقطت ، وبان جسدها المكور الذي يلفه الثوب فيزيدهُ فتنة . وكانت العيون المتعبة المسهدة تثبتت على صدرها ونهديها النافرين وهما ينضغطان في الزحام .
كان الرجل قد سكت . ونكص على عقبيه . وإذ اقتربت منه قال للذين حوله
- " ولكم يخوتي عود وصلت هاي ، وسوتها صدگ " فقال له معقل كبير :
- " تخسا الزلم ، وأنت تخاف منها "
ثم مد يده على عقاله وهم به وأضاف
" والله هاي مال أخرطك عگال .. تستاهل "
قال : " عمي وأنت تعرف هذه شنو ، ومن تكون ؟ "
- " مرة عايق .. شنو ! "
- " لا يابه لا . أنت واهم . دير بالك عمي هذه تعمل بالأمن مال صدام . وعملها كله وي الكبار . والي يوقف أمامها تضيعه ... "
وفغر المعقل فاه وقال متعجباً :
- " أنا أخوك !... هذه مبينه مو راحة "
- أي لعد شعبالك ... توخروا أنتم . خلوني وياها ويحكم الله . لو طارحتني ، لو طارحها . " وما النصر إلا من عند الله "
عدل الرجل عقاله وبلع ريقه ، ووقف لا يريم .. بمجرد أن سمع باسم الأمن العتيد .
واقتربت المرأة من خصمها ، وأمسكت بتلابيبه تجره إليها وتقول بلهجة أمرة : " انزل معاي يلا أريد أعلمك منو أني " إذا ما مرغتك بالتراب .
وصاحت بالسائق أن يقف لكنه لم يقف .
وسحبت الرجل نحوها تصارعه رجلاً لرجل .
وانتظر أهل الباص فصلاً مثيراً .. لكن الرجل نكص على عقبيه ، وقال بتذلل يشبه المزاح ، أو لعله كان فصلاً تمثيلياً متفقان بشأنه :
- التوبة . سامحيني هذه المرة .
وراح يتمايل بين يديها يكاد يقع ، وهي تهزه هزا فيقول مستغيثاً بمن حوله :
- ألحقوني ، رحت أموت . خنقتني .. الرحمة . عندها أطلقته ودفعته عنها قائلة :
- " عبالي صدگ رجال والله اغتريت بيك "
قال يستعرض قوته :
- جربي بطريقة أخرى ، سترين رجلاً يرضيك .
وتغير المشهد بسرعة إلى ما يشبه الغزل الصريح . ثم رأى الناس أنهما صارا يتحدثان سويه بهمس ويتضاحكان بقهقهة عالية .
ثم أخيراً نزلا سويه في منطقة واحدة وانطلقا وهما ممسكان بيدي بعضهما .
قال أحدهم مستغرباً : ما هذان اللا شريفان
أجابه آخر : الخبيثون للخبيثات .
قالت إحداهن : لا شك أنهما كلاهما من عناصر الأمن .
- أي أمن هذا ... الناس لا تفهم ما تقول ولا تعي المسميات بحقائقها لأن كل مصادر معلوماتها مشوهة مشوشة مأخوذة من الشارع ...
أظن يقيناً أن هذان عنصرا تمثيل في مشهد للكاميرا الخفية يمثلان فصلاً على الناس وللناس .
من يدري .. الذي يريد الحقيقة عليه أن ينزل معهما ويتابعهما حتى النهاية ... لكن هذه الأمور تحتاج إلى " خلگ " ورغبة في البحث ... وهذه غير متوفرة لدينا .
لم يتطوع أحد لنزول ساحة البحث .. وضجت السيارة بالكلام .. سنبقى في الكلام .

تمت
" لا تقربي الشجَرة ثانيةً "
أيتها المرأة المرأة ...
يا سيف الدولة ومتنبّيها ...
وخيلها وخيالها وليلها ولئلائها ...
" فيك الخصام وأنت الخصم والحكم "
كم هم الذين قالوا فيك .... ويقولون .
بقدر الهم على القلب . بقدر عشاق الحرب ورعاع السلب والنهب!
بقدر ذباب المزابل .
بقدر أسلحة الدمارِ الشامل .
بين خاطب لبنات الحقيقة فيك
ومراود لها – للحقيقة – على مجون
وجئت أنا اليوم أنتمي إلى ناديهم .
نادي " أعدقاء " المرأة .
مع أني .... لا أحسن التحدث إلى المرأة !
عيب فيّ قديم .
أو ربما هي " مزية " فيما ترين .
فالحكم لك وحدك ... أخيراً
قد أكون هماً آخر على قلبك
أو ذبابة أطنطن قرب أذنيك المثقلتين بالأقراط .
أو ربما كنت صاروخاً عابراً للقارات
يحمل رأساً " إسلامياً "
رأسك لا تلفيه بخمار أو جسدك .
فهذا ليس الأهم .
إنما أوصيك محذراً :
" لا تقربي الشجرة ثانية فتكوني من الهالكين "
شجرة الهرطقة والزيف وأساطير الأولين
تكررين مرة بعد مرة خطأ أمك الأولى .
..... عندما قالوا لك " أسفري يا أبنه فهر "
هل تبينت التفاحة وإبليس في هذا ؟!
لقد أزلك الشيطان وأكلتِ ...
قد شبعتِ الآن تفاحاً خرافياً ، فما عاد يضُرك .
قد تمنعتٍ لقاحاً حضرياً يفتح الأضواء حولك .
لقد أخرجوك ... من جنة الأساطير
عرّوكِ وكسوكِ .... خنقوكِ !
وشكّلوكِ وصَبّغوك وزوّقوكِ .
صانوا " حرائرهم " وأبرزوك .
عارضه أزياء قشرية ...
بالبوشية ... والعباءة الإسلامية !!
وأمالوكِ .............................................. فملتِ
رأسك كأسنمة البختِ .
وستقوم عليكِ الساعة وأنتِ ... أنتِ
لن تفعلي ما أردتِ .
بعيداً أختاه ستريني واقفاً وحدي
متقوقعاً على نفسي مكوراً
كحائط آيل إلى السقوط
لن أدعوكِ إلى " ظلي "
وأنت في هاجرة الزيف اللاهف .
لأني لم أدعُ إليّ امرأة قط .
أنتن صويحبات يوسف ...
ولعلّي .... من أصحاب الكهف .
وإلى العولمة والعلمانية ....
جاء يدعو ... والخرف !!
بحرية ومساواة المرأة
قد كان حلف .


تمت

" صاعد ، نازل "
مستمران بحديثهما لم يقطعاه وهما يصعدان . احتلا موقعاً وسطاً وأشعلا سيكارتيهما ... كانا يتحدثان عن ... " الإصلاح " بصوت عالٍ :
- دنيا خطأ . لا يصلحها إلاّ المگوار والخنجر .
- قل السيف !... أي استهتار بالقيم والأخلاق . هذا آخر الزمان .
جندي نائم يضع طاقيته على وجهه ، صاح بغيظ : " دعوني أنام " .
صاح به أحدهما بانزعاج :
- " نَم ببيت أمك ، هذه سيارة " .
وعاد لصاحبه يكمل له " السالفة " : " أي .. أين وصلنا أبا جَبّار ؟ "
قال يتنحّط بغيظ :
- " آه ... نسوان يمشين على السيف ! " ماذا أقول لك وأحكي ! ... " ما تتسولف "
- ( مستنكراً ) " أي نعم ... لم يوافق أبوها ونهاه أعمامها فوضعت يدها بيده وهربا "
أين ذهبا إلى جزر الواق واق !؟.. اما من رجال تصِلهم !
- ( بتفجر ) " أخ .... ذبْح !! " ..أين الخناجر !
وأخذ نفساً عميقاً من سيكارته ونفثه بغيظ ، وصاح بامرأة تبكي خلفه . تجهش بنحيب أزعجه :
- " غضب الله على رأسك .. مالك قلبتيها مناحة !!؟ " " خلينا نسولف "
ردت عليه عجوز تجلس جنبها :
- " يا ... خاله وما شأنك أنت بها هذا من نار قلبها ، خطية زوجها ميت " .
- " كل من عليها فان ، أهو أول الدنيا أم أخرها " .
وقطعت المرأة بكاءها ، وقالت بلسان حارق كأنه بركان يقذف الحمم :
- " وما أنت في الدنيا أيها الزبالة ، جعله الله أخر أيامك آمين نعاله يسواك ، لكن الأرض لا تنام إلاّ على السباع ، لأن القرود أمثالك تنجسها .. تف على هذا الشارب ، ما شأنك أنت بي ؟! " .
- وقفز مذعوراً كالملسوع ، وقد أصمّت الإهانة صداه . قال متلفتاً حوله :
- " ها !... شاربي ، شرف العشيرة ، تف !... أعطوني إياها اليوم أحرق روح رجلها وهو بقبره " .
لكن صاحبه أقعده ، وقال له مهدئاً :
- " دعها ، هذه امرأة نصف عقل . لا تضع عقلك الكامل معها " . ألعن الشيطان .
واستمر يكمل له الحكاية : " النتيجة .. عدّت أشهرها وأدهرها وجابت ولد " .
وكان " ولد " صغير يعبث بربطة عنقه ، فنهره :
- " اقعد بابا تأدّب ( زغيّر ) " .
والتفت لصاحبه : " إيه .. لقحه شيطان تعلق رأساً " .. أي ربما قبل هذا .... أي أكيد .
- " أقعد عمي اهدأ ، لا تلعب أيها الصغير " .
- " مرّت الأيام ... وفي ذات ليلة عثر أخوتها على صاحبها فذبحوه " .
- عفيه .. هذي الزلم .
- " اترك خالي ... والله ورطه الجاهل " .
لكن الطفل لم يتركه ، ولم يكف عن شد رباطه والتعلق به . فصاح بأمه :
- " أنت يا امرأة ، أما تمنعي ابنك ، أما ترينه يعبث برباطي !"
ردت عليه تنهره بوقاحة : يا .. ومالك تتعارك مع اردانك !.. طفل بريء يلعب " .
- ( بتفجر ) " أهي اربطه المحترمين لعب ( زعاطيط ) ... أهذا طفل بريء أم شيطان رجيم ، أقوم والله أكسر رقبته " .
- ( بسخرية وغيظ ) : " يا والله سبع يا أبو سلسلة ، ما جابت النسوان مثله ...
" جرّك شويه من رشمتك شصار شجرى ، والله حاطلك خرقه برقبتك متباهي بيها!. ها انت ششايف روحك .. "
- ( مهدداً ) : " أتمنعين ابنك لو أقوم أرده بأمه ، وألعن أبو الرابطچ ، ولو انك لا مربوطة ولا مضبوطة "
ودون تمهل نزعت فردة حذائها وقامت متفلته يمسكها من حولها أن ترميه ، صاحت بغيظ :
- " دعوني الطمه بالنعال على حلقه لأعلمه الضبط والربط هذا يبدو غير مؤدب "
- ( ثائراً يتنفخ ) : " اللهم العن الشيطان ، الآن أقوم أرميها هي ونغلها من شباك السيارة .. "
وضحك أحدهم بارتياح قائلاً لمن حوله : " يستاهل .. إذا أردت إهانة رجل فسلط عليه امرأة ، لقد أسكتته ، بل خنقته .. "
ولكن صاحبه راح ينقذه فجرّه إليه وأقعده قائلاً له : " أقعد ، لا عليك منها . امرأة ناقصة عقل مستهترة مسترجلة تعارك الرجال ، عيب عليك كرجل أن تراددها " .
- " صدقت / فالرد على المرأة لا يكون بالكلام ، إنما بالمگوار والخنجر " .
- " لا فضّ فوك ... قضية عشيرتنا ما حلها إلاّ المگوار والخنجر .. " .
.............. نازل عمي نازل ..
نزلت بكما نازلة بحق السماء !..




تمت
" الرهان "
البون شاسع ، والمدى بعيد ... نصحه أبوه وأعمامه بالكف عن " الجنون " .. إنها حكاية الحب والفقر والغنى القديمة .
لم يرعوي وركب رأس الثور الهائج ليلقي بنفسه الى التهلكة ...
توجه وحده الى مطلع الشمس يخطبها من أبيها ، لم يصطحب أحداً أو يقدم للأمر بجاهه .
كان الثري الوجيه رائقاً في جلسة سمر مع أصحابه قال مقهقهاً بسعادة :
- ما اسمك أيها الجعل ؟
ودون أن ينتظر جواباً أضاف مكلماً رجاله :
- قبله خطب الجعل قرص الشمس فاشترطت عليه أن يكنس الأرض ينظفها من الأوساخ فراح يجمع القاذورات يكورها ويرفعها ... وهكذا هو فاعل الى يوم القيامة .
سالوه : هل تكنس الأرض تحت قدميها ؟
قال : نعم .
وما كان أكرم من جعل لديهم ، إنما يجب دعسه خارج البلاط الرخامي النازك للقصر.
أراد أن يصرفه عنها بحيلة قد تؤدي به الى حتفه ليموت فيستريح منه . قال له على مسمع من البنت ، وكأنه يمازحه ، أو يداري جنون العشق فيه :
- " ليس لدينا عليك أية طلبات ولا شروط . إنما هو شرط واحد لا غيره ، ولا بدل عنه ؛ هو أن تمضي ليلة شتاء بطولها في الشط الكبير " .
وبكل عنفوان قبل الفتى الرهان . وشهد عليه جماعة الحاضرين والأخوان
وفي ليلة قر زرقاء ، كان بردها يقص المسمار ، نزل الفتى في الماء مع الغروب ، عائماً وبقي في وسط الشط حتى الصباح .
وكانت أمه المسكينة ترابط طيلة الليل على ضفة الشط تبكي ولدها ، وتناديه أن يخرج من الماء لئلا يموت . ولكنه لم يستجب لتوسلاتها . وظل يصارع البرد والموج والريح والزمهرير بقوة حرارة الحب والشباب .
وكلما نادَتْهُ أمه لائمة مبكّتة . " ماذا جرى لعقلك يا بني ، هل جننت ! " ناداها وهو يعوم بيديه ورجليه : " أماه هذه رهون لا جنون " .
وتصدع قلب الوالدة الحنون خوفاً على ولدها . فما كان منها إلاّ أن جمعت حطباً كثيراً وألقته على ضفة الشط العريض ، وأشعلت فيه النار ، لعل سناها يصل على فلذة كبدها المحترقة بالبرد .
وظلت تشعل النار لأبنها طيلة الليل ، فيما هو مستقر في وسط الشط ينازل المستحيل .
وفي الصباح خرج الفتى المفتون من الماء سالماً معافى ، فذهب من فوره إلى مراهنه ليقبض منه ثمن الرهان وهو البنت .
ولكن الرجل الثري القوي صده وسخر منه مدعياً عليه أنه أخل بالشرط ، فقد أشعلت له أمه النار فاستدفأ بها عن البرد . ولو لا نار أمه لمات ، ولكسب هو الرهان .
ورفع الفتى دعوى على خصمه لدى القاضي . فدعا القاضي الرجل الوجيه إلى بيته مع الشهود ، وكان شريفاً في قومه ، نافذ القول والفعل في البلدة . فقال له كأنه يداري مكانته ويحترم موقعه :
- " إني لم أشأ – وأنت العزيز الكريم – إن أوقفك مع هذا الفتى الغرير يخاصمك في حضرة الناس . ولذا دعوتك معه إلى بيتي لنتدبر الأمر بيننا . ولم نستدع معكم إلاّ جماعة الشهود " .
ثم دعا غلمانه وقال لهم : " أطبخوا الطعام وجهزوا وليمة فاخرة على شرف السيد المسود " .
وجلسوا يتجاذبون أطراف الحديث ريثما ينضج الطعام ، فالمعهود أن لا يبت في الأمر أو يخاض فيه إلاّ بعد تناول الطعام أو الشراب .
وكان الخدم قد أحضروا القدور وربطوها بالحبال ، ثم صعدوا إلى رؤوس نخلات في منزل القاضي عاليات شدوا الحبال هناك وسحبوها حتى استوت القدور علواً مع رؤوس النخل . بعدها أشعلوا النيران تحتها وراحوا يئزونها أزاً . وكان الرجل ينظر على ما يعمل هؤلاء ويتعجب أشد العجب ، وينتظر من القاضي أن يقول شيئاً في الأمر . إلاّ أن الأخير كان غارقاً في الحديث لا يأبه لما يصنع الخدم وكأنه لا يراهم ، أو لا يرى غباراً على ما يفعلون .
وانتصف النهار ، والخدم يؤججون النار لا يفترون . فيما لا تفتر شفاه القاضي عن الذكر والتذكير والوعظ والتحذير والرواية والحديث ...
وضاق الرجل ذرعاً بما يرى ويشاهد . وكلما حاول الاحتجاج على ما يجري أو الاستفسار عن النكتة ، لم يجد القوة على ذلك ، كأن الحياء يمنعه أن ينبه القاضي إلى ما لا حاجة لأن ينبهه عليه أحد .
وصَلّوا الظهر مولين وجوههم شطر القدور وهي " تفور " فيما يلي القبلة ، معلقة بين السماء والأرض ، كأنها أوثان لعبادة البطون تتعلق بها الحواس والعيون .
وضجت عليه عصافير بطنه تصرخ بالزقزقة . فأنفجر الرجل يقول :
- ما هذا يا شيخنا القاضي !.. أين الطعام ؟! وماذا يفعل هؤلاء ؟!!
قال القاضي بهدوء وتمهل :
- " هَون عليك يا أخي . أن الله لا يحب الجواعين النهمين ، هاهم الخدم يطبخون الطعام ، هل هم أسرع أو أقوى من النار ؟! " .
وفرغ صبر الرجل وصاح :
- أي نار يا سيدي .. أين هي النار ؟!
- وما هذه إذن ، أليست ناراً يكاد سناها يحرقنا ؟! أصبر حتى ينضج الطعام إن الله يحب الصابرين " .
- " عجباً !... وهل تدري قدورك أن ناراً تحتها ؟! يا رجل أن القدور في السماء والنار في الأرض " !..
- حسناً يا سيدي .. كيف إذن تحتج على الشاب بأنه استدفأ بنار أمه على الشاطئ ، وهو في وسط الشط ؟!
وأسقط في يد الرجل . وانكفأ على نفسه مهبطاً رأسه في الأرض وقد فهم مكر القاضي الذي من فمه أدانه حتى جعله ينوء بحمل الحق في أثقل حالاته .
ولكنه رفع رأسه وقال : " يا سيدي القاضي ، أو صدقت أنت الأمر . إنما الحكاية كلها دعابة سخيفة فرضناها على هذا المعتوه المأفون لنصرفه . وما كنا نتصور أنه سيفعلها".
قال القاضي بتأكيد وحزم : " نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الزواج والطلاق هزلهما جد " .
- في سنة رسول الله ( ص ) لا يكون الزواج بمراهنة أو ما شابهها . وأين أبنتي من هذا الصعلوك البائس المفلس لا يوجد أدنى توازن لكي أوافق .
- المراهنة هذه أخرجت الأمر من يدك . بقي رأي البنت فقط ، فأن قبلت فليس لك أن تقول لا . وكما ليس لك حق في أية طلبات حسب الشرط . وللفتى أن يأخذ عروسه ولو بالثوب الذي عليها . إن لم تجهزها له بما يليق فيها .
وارتضت البنت زوجاً من بات من أجلها ليلة قرشاتية في الماء وكسب الفتى الرهان ...

تمت
مَن يقرأ ...؟!!
كل ظُلامات المعذبين في الأرض .
كتبتها في قصاصات ...
رفعْتها إلى الله في عَلياءه .
... أخشى ...
أن يكون ...
الله ....
أمّياً !!

تمت

'''نص غليظ'''
الفهرس
التسلسل الموضوع الصفحة
1. تدمير الإنسان العراقي 13
2. شعب أحتيج لرأسه 15
3. سوء استخدام السلطة 17
4. كن فيكون 25
5. هيكل الجماجم 32
6. جثة عملاق 33
7. أوكسير الملوك 36
8. مقطع طولي من جسد كلمة 39
9. الإنسان والجرذان 41
10. بلاد الحشرات 48
11. أليس ملكاً ! 49
12. الرماد الوطني العراقي 50
13. ليتني 52
14. الإفادة 57
15. الوعد المنتظر 60
16. ذمة التاريخ 66
17. في الوادي المقدس طوى 69
18. شهداء 73
19. داء الدال 75
20. الله كريم مع الكرماء 77
21. داخل الحرم الجامعي 80
22. أكباش في مرعى العزة 83
23. لمن أهدى كتابي 87
24. البركان الخامد 92
25. الوباء المستوطن 97
26. لما يبكي ويضحك ... عزرائيل 100
27. الليل الأخير 101
28. صراع 103
29. غش في درس الدين ! 107
30. على ملة رسول الله 109
31. نهاب وهاب 111
32. عالم الأحذية 114
33. الهروب من الحب 115
34. الإنسان والزنبور 121
35. الحطب والإرهاب 124
36. الهوبعة 127
37. الاختطاف 129
38. " حَب . سگاير . علچ " 131
39. لا يؤمن بشيء 139
40. باقة عدس 142
41. اللثام 145
42. شعب الفلاسفة 146
43. أصناف وألطاف 173
44. ولله لصوص أيضاً 175
45. السانيه 177
46. القانون والساطور 179
47. مسؤولية الكلمة 181
48. الكلب المتطهر 183
49. أنواط الشجاعة 184
50. بائع التمر . والخمر . والشعر 186
51. يوم .. بلا صداميات 189
52. هل أستيقظ أهل الكهف 206
53. وقفة على الأعراف 208
54. المحاجزة قبل المناجزة 211
55. ساحة حرب 216
56. الصحوة الإسلامية 218
57. عرفات ... والزير التلمودي 220
58. النازحون من البصرة 224
59. تعذيب 235
60. طنطل 237
61. أدب المناظرة والجدل 244
62. النهايات 245
63. لحن من نشيد " أرامل الشهداء " 251
64. أزمة شاب عراقي 258
65. الطلقاء ... واغتيال قحط 263
66. الحب والغربة 290
67. لا تعليق 292
68. قسم 295
69. العتبة الذهبية 297
70. خبز البطالة 298
71. الرحيل .. والحب 299
72. المكابر 301
73. كتاب سعدي 303
74. مسجد . مسجد 307
75. اللَمَمْ .. وكبائر لَلَم 308
76. المساواة 313
77. الأخت 314
78. العدوى 315
79. الاستمرارية والانعطاف 320
80. ظلمات أطباقاً 322
81. دخان الشرف 324
82. لا تقربي الشجرة ثانية 329
83. صاعد . نازل 332
84. الرهان 337
85. من يقرأ ؟!! 343
للكاتب :
سوء استخدام السلطة
" وإذا الوحوش حُشرت "
تانيا
غداً ... لا تطلع الشمس
الواغلون في الزيف
" والأرض وضعها للأنام "
رجولة .. ورجال
ديوان الأيامى والعوانس
العراقيون ودعاء النخيل
الصحراء والعطش

محددات الفعل

متغيرقيمة
عدد التعديلات للمستخدم (user_editcount)
0
اسم حساب المستخدم (user_name)
'د.ابو ادم الأنساني'
عمر حساب المستخدم (user_age)
2706
المجموعات (متضمنة غير المباشرة) التي المستخدم فيها (user_groups)
[ 0 => '*', 1 => 'user' ]
ما إذا كان المستخدم يعدل عبر واجهة المحمول (user_mobile)
false
هوية الصفحة (page_id)
0
نطاق الصفحة (page_namespace)
0
عنوان الصفحة (بدون نطاق) (page_title)
'سوء استخدام السلطة'
عنوان الصفحة الكامل (page_prefixedtitle)
'سوء استخدام السلطة'
آخر عشرة مساهمين في الصفحة (page_recent_contributors)
''
فعل (action)
'edit'
ملخص التعديل/السبب (summary)
''
ما إذا كان التعديل معلم عليه كطفيف (لا مزيد من الاستخدام) (minor_edit)
false
نص الويكي القديم للصفحة، قبل التعديل (old_wikitext)
''
نص الويكي الجديد للصفحة، بعد التعديل (new_wikitext)
'[[ملف:سوء استخدام السلطة|نعم px|تصغير|مركز|كتاب]] '''''نص غليظ''''''''نص غليظ''''''''نص غليظ''[http://سوء%20استخدام%20السلطة سوء استخدام السلطة] [[<ref>ملف:سوء استخدام السلطة|300px|تصغير|كتاب</ref> == == نص العنوان == == نص العنوان == * # عنصر قائمة منقطة<nowiki><br /> نص غير منسق<big>نص كبير</big></nowiki> == ]] '''== نص العنوان == د.ابو لدم الأنساني سوء استخدام السلطة حقوق الاقتباس والدراما والتمثيل ممنوحة – شرط إذن المؤلف ط 2 / أيلول 2008 سوء استخدام السلطة د.ابو ادم الأنساني طبعة أولى 2009 المركز الثقافي للطباعة والنشر The Cultural Center for Printing and Publishing C.C.P.P ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حلة/شارع الإمام علي (ع) /عمارة علي ط2 Mob: 07801168410 E-mail:ccpp_iraq@yahoo.com E-mail:w_alsawaf@yahoo.com   1 / د.ابو ادم الأنساني سوء استخدام السلطة : د.ابو ادم الأنساني المركز الثقافي للطباعة والنشر/ بابل ط1 2009 ص . 23 سم م . و 1. 2 . أ . العنوان المكتبة الوطنية ( الفهرسة أثناء النشر ) رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد لسنة 2009 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حقوق الطباعة والنشر محفوظة للمؤلف ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التنضيد الداخلي : نبيل الحسيني تصميم الغــلاف : المركز الثقافي للطباعة والنشر إشـــــــــــــراف : ولاء الصواف تــوزيـــع: مكتبة الفرات في الحلة   ( كلكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته ) حديث شريف الإهداء إلى الذين يحسنون استخدام السلطة من المواطنين . . . والحاكمين . . . والشرطة . . .   ليت السماء تفتح مجدداً باب " النبوة " بالانتخاب الحر !! لتقدم للترشيح مليون نبي عراقي !! د. م أبو الأثير البابلي تقديم هذه نصوص هي عبارة عن خليط متجانس من قصة وشعر وخواطر وشطحات ورؤى فلسفية .. كوكتيل أدبي لعوالم سلطوية مختلفة ، تبدأ بالنفس وخطراتها والمجتمع ومظالمه ، وتنتهي إلى الملوك وسلطتها.. لكنها تتوحد جميعاً في السلطات على اختلاف أنواعها . إذا تمعنت في نص ما فستجده لا محالة متصل من مكان ما بسلطة ما ، سوءا أو استخداماً ... من قريب أو من بعيد ... سميتها " سوء استخدام السلطة " . وقد يتبادر لذهن البعض أنها بحث ، أو تقرير في حكم العبث الخطأ وكبائر شيخ الجاهلية الأخيرة صدام الذي أساء استخدام السلطة ... نعم هي تضمنت الكثير من هذا ، وهو موضوعها الرئيس ، بيد أني لم أركز على الجرائم المعروفة من الموبقات السبع ، لأن الحديث كثر في هذا ، وبات واضحاً كالشمس ، وما أردت الخوض مع الخائضين لأنبري بنفسي عن أن أكون سباباً ، لا يعمل غير السب ، ولا يحسن غيره . خصوصاً وإني ما رأيت بعض الشاتمين بأحسن حالاً من المشتوم . صدام ما جاء من عالم آخر ، إنما هو من هذه الدهماء الموغلة في البداوة والجاهلية والزيف ... و " كما تكونوا يُوَلّ عليكم " . ولما ولى ( الملك صدام ) إلى الجحيم الأمريكي والخمس والخمسون من صنائعه ... أين الطيور التي على أشكالها وقع ، أو على " شكوله " وقعت !؟.. أليست هي مادة الإرهاب وحشوات مفخخاته الموتورة ؟ أنا لا أبكي كما يتباكى الناس على الدمار الكبير الذي حل بالبلد من جراء الحروب الكافرة والسياسات المجنونة .... هنا النفط والرافدان ، ورفات الأئمة .. المال وفير وفائض لنبني ، وننشئ ونعيد ... لكني أبكي على أمرين اثنين هما : الزمن الذي ضاع . والإنسان الذي تدمر وعاد إلى أسفل سافلين . الطامة الكبرى تكمن في الإنسان العراقي الذي تشوه وتعوق واندثر حضارياً ، بفعل سوء السلطة الدكتاتورية وطول زمنها ... ثم هجمت فجأة بعدها الحرية والديمقراطية الأمريكية بغير شروطها ومؤهلاتها ، فأساء الناس استخدامها بأكثر مما أساء العبثيون السلطة .. حتى أن كتابي القادم سأسميه " سوء استخدام الحرية " . لا أصدق . لا أعقل . لا افهم ... ألا يكون خيراً كلهُ هذا الدفق الحضاري الذي اجتاحنا ، طوفان الحرية الذي ضربنا كالطلق على حين غِرة بعد العقود العجاف ، وحمل الفقر والعقر والقهر !! أدت ( رجّة التدريب ) على الحرية – فيما يبدو – وجرعة ( التطور ) الزائدة الى تسمم حضاري وخبال اجتماعي ورجوعية في الشعب المتعب أصلاً ، فعاد القهقري الى القرون الوسطى ، وانبعثت البداوة الكامنة فيه والجاهلية الأولى . هل قرأتم " ألف ليلة وليلة " ؟.. ربما عجبتم ، أو سخرتم من الصياد الذي وجد درة يتيمة في بطن سمكة !.. والحفار الذي عثر على كنز ! أو الحطاب الذي تزوج .. بنت الملك ! ما عادت تلك أساطير شهرزاد ... إنما هي وقائع ليالي بغداد !! " عربنجية " كانوا ... وَأضْحوا الآن مقاولين .. مليارديرية ! جوعية شبعوا !.. محدثي نعمة بطروا ... وما شكروا تجار ومقاولون .. كانوا ... " أولاد ناس " ... " حمايل " ... كاولية ! مُعمّمون ... تبين أنهم .. تجار مخدرات ... وترهات !! حملةُ دكتوراه !.... أميون ... لا يقرؤون ولا يكتبون ! مدججون .... " سباع " !.... انتهت إليهم مخازن سلاح الجيش ! قوادين .. سرسرية !... يبنون جوامع !.. يهدمون مصانع !! متزوجات ... وهن على ذمة آخرين !! يافطات عريضة ، وأقلام طويلة .. وكُتل ... لمُخضرمي ولاء ! محجبات .. ملالي ، يقرأن على الحسين ... يدرن مواخير سرية ! فقراء .... أغناهم صدام !... يبجلوه !.. يعبدوه !! مليارات تبني مدن ... وتهدم مدائن !... نهبت في جهالة " مداخل المدن " ! لوطيون ... ينادون بشطر المدارس المختلطة ! ... شرفاء جداً ، سماسرة يصيحون بحرقة : " وطن للبيع ... بكم أقول " !!! من للفساد الإداري ... بعد الحواسم الكبرى !! لجنة النزاهة .. من ينزهها في أمة تولت ؟ ! سيستبدل الله قوما غيرهم ... ثم لا يكونوا أمثالهم . ( ) الجميع يرتل قرآن العراق . من كفر بالعراق ؟.. من أحرق العراق ؟!! ﴿ وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون  ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ﴾( ) هذه ليست توليفات شعرية للصورة ... واقعنا أدهى وأمر . الطالحون أقوى وأكثر . وتأثيرهم أعلى وأنكر . فلتكن سلاحنا الكلمة كالرصاص المنهمر . حقيقية مؤثرة تخترق القلب ، وتمر بالنفس ، وتتمشى في الروح ، لتستقر أخيراً في العقل ، حيث الراعي والرعية . الكلمة " المؤدبة " التي نريد ؛ تلك التي ترضي فضول الشاعر ، وتحرك مشاعر الأديب . وتفسر مقاصد الفيلسوف . وتحرك طموح المصلح السياسي . ولا نقف لدى هؤلاء الخاصة الكبار بعمق الإيماءة وتداخل المقاصد والسريالية النصيّة ، بل نَنْزِل بالسهل الممتنع الى لغة العامة المبسطة نخاطب بها الجمهور ، رغم الفهم المغلوط المؤدي إلى السخرية أحياناً . والميزة الجيدة فيما حوت بعض نصوص هذا الكتاب ؛ أنها تحتمل أكثر من تأويل ، فيفهمها كل على قدر معرفته ويراها كلٌ من زاويته ... وربما تعددت الأفهام على قدر المفاهيم ... بل وتعاكست . الظريف أن مقاطع من هذه النصوص تم نشرها في بعض صحف النظام البائد . وكنت ألجأ إلى الاستعارة والتشبيه والإغراق بالرمزية ، لأمر بأفكاري من بين قرني الثور ! متفاءل جداً أطل بكلماتي الحنونة اليوم على قومي الذين يسيئون استخدام السلطة مع أنفسهم وأهليهم وإخوانهم وعشيرتهم . فيجد العامي لدي ما يصلحه ، والعالم ما يطمئنه ، والناسي ما يذكره . أما أهل السلطة والسياسة ، فلا آمنهم على رقبتي أن يقطعوها ، إلا كما أمِنْتُ عليها صاحبهم من قبل !! ومتعوذاً صدرت كتابي بحديث النبي ( ص ) " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " ، ليقع على العلة ويشفيها ؛ في شموليته وآلية بناءه المعنوي واللفظي .... وما ينطق عن الهوى ، ليبعث صلى الله عليه وآله التفاؤل بمستقبل الشعب العراقي المتعبد لسنة رسول الله يتبعها ويحييها . تدمير الإنسان العراقي  حرب الجنون الثماني أتلفت الإنسان العراقي أرجعته إلى حيوانيته ... جعلته حماراً وحشياً يأكل وينكح ويرفس وينطح ... ويحمل أسفار الكفر !  أما سنين الحصار فقد هدمته متداعياً وبنته معوجاً .. إنما علمته : - درس الجوع والعمل - درس السفر والهجرة - حقيقة صدام .  أما مناة الثالثة الأخرى ..... فقد علمت العراقيين " سوء استخدام الحرية " * * عندما يقسمون العالمين ... الى .. مؤمنين ... وكافرين !! ... إنما يشوهون لون الإنسان . * * هذه الأكياس المعممة ... من سوس المقابر ! المحشوة حد الاكتضاض ... بمعلومات " إكسباير " !! رفعت الى الفضاء بقدرة قادر !!! لما يأخذ الجدل الطائفي مداه ... بين هراطقة السنة والشيعة . تعود النِقم التأريخية ... بالشتائم الفضائية !! يكفرون بدين الديمقراطية .... يتدمر الإنسان !! مقتطف بتصرف عن كتاب " صناعة دولة الإنسان " تأليف الدكتور مهند وديع مواطن عراقي أمريكي شعبٌ .. إحتيج لرأسه !! لما غلب المنصور العباسي محمداً النفس الزكية وأخاه إبراهيم ، وقتلهم .. سيّر برؤوس الثوار إلى الأمصار . وكانت جثة إبراهيم قد غُيبت ولم يعثر عليها ، فقيل للمنصور إن هناك شخصاً علوياً في الحجاز يشبهه خلقاً . فأرسل المنصور من يأتيه برأسه !... اعترض الإمام الصادق ( ع ) وكتب للمنصور مستفهماً . فكان الرد بعبارة مقتضبة هي " قد احتيج لرأسه " !! كذلك تتحول المظلمة إلى مسخرة عندما يحولون البلد والشعب إلى ... " حقل تجارب " !! أو كرات قدم من رؤوس ! * * " كما تكونوا .... يوَلَّ عليكم " من توقيعات المنصور على صحيفة شكوى لأهل الكوفة من عاملهم أن يبدله ، " كما تكونوا .... يوَلَّ عليكم " * * كان الحجاز تابعاً للعراق في موازين السياسة الإسلامية على مر تاريخها ... ومن ملك المصرين البصرة والكوفة فكأنه ضم الحجاز إليه ، فبمجرد قطع الميرة تستسلم المدينة ومكة ... والرياض !!! ترى ما موازين المعادلة اليوم ؟! * * عداوات الجيران المستحكمة ... محاقدات الأزمنة .. ارتفعت الى مؤامرات التهجير ، والذبح على الهوية ... كذلك ... يذبحون العراق ... يهجروه ... الى أمريكا !! محيطه العربي عبر التاريخ ؛ بداوة جاهلية . غزوات نهب وسلب وموجات استيطان متحرك سالب . والترك والفرس ... في سجال على الغنيمة .. والعرس وبين العجم والروم .. والأعراب ، بلوة ابتلينا .. ملينا ... انتهينا !!! الإمام الونان مؤرخ   سوء استخدام السلطة " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " حديث شريف * * الحمل الوديع ... صار ذئباً !! أين هذا ؟... في عالم كليلة ودمنه ؟! بل في ... جمهورية دكتاتوريا الديمقراطية الحرة الشعبية . * * قال جد جدودي : " ابن آدم ، مكنهُ ، وانظر فِعاله " وصارت مثلاً ....... عراقياً ! * * بنت عمي ، قطة أليفة . تزوجت ضابطاً صغيراً . فصارت تراني ... ... جندياً حقيراً ! * * رئيس وزراء النرويج . سيق إلى المحاكمة ... بتهمة ، " سوء استخدام السلطة " شعبنا لا يصدق ذلك ! * * كتب المطران حنا راميل في موعظته : " نحن بحاجة ماسة لإنشاء محاكم من هذا النوع في بلدنا " صاحوا به : كلا لا تخترف .. فبلدنا سليم من الفساد . * * قرأت في صحف المريخ : - وهذه أمور قد تحدث في غير كوكبنا الأرضي – إن قاضي بالرمو ، وهو رجل من عامة الناس . ألقى أقطاب الحكومة الإيطالية في قعر السجون .... ... بتهمة .... " الفساد " . * * اسمه الأول : " كليب بن كرامة " . البسوه " صاية " وعباءة ! وأعطوه سيارة وحقيبة ! .. وبنوا له مضيفاً ! فصار : " الشيخ أسد الكريمي " !!! * * الدكتور " آصف بن برخِيا " كان أستاذاً جامعياً . فلما صار معاوناً للعميد . أضحى ... جنرالاً عسكرياً !! * * لست شيوعياً أيها البائس . أنت لا تؤمن بشيء . في صدر المظاهرات ، يرفع اللافتات ... كان : " تحيا الاشتراكية " . ولما صار ..... " وزيراً " . أصبح .... إقطاعياً !! * * فجاءة ... أصبحت زوجتي مليارديره . كانت أول مشاريعها ؛ أن ... تجدد فراشها .... ........ تتزوج ! * * لما دخلت عليه في مقر الفرقة الحزبية كنت رافعاً ...... " الكِلفة " فهو قريبي ... دمي ولحمي . صرخ بي مزمجراً : " قف عدل ، ضم مسبحتك " . واعتدلت .... وأخذت تحية . مع أنه لم يكن عسكرياً . * * نهبنا أربع مراوح من المدرسة . أعطاني واحدة ، وأخذ ثلاثة ! ولما احتكمنا إلى ... " شيخ الحرامية " أعطاه الحق ! لأن المسدس كان بيده . .... وللفارس ضعف ما للراجل !! * * - الو ... - هلو " كرَومي " ... هل تذكر تل النهر العتيق ؟1 - تأدب حقير .... أنا الآن مفوض شرطة . - حجري لا زال دافئاً .... - ... اليوم سأحبسك ، سأعدمك ... * * كان يلهب ظهره بالسياط القوية ويصيح : - " دى ... لعن الله أباك صدام الحرامي المجرم " . وينوء الحمار بحمل العربة الثقيل . كانت محملة بأثاث دائرة الماء والمجاري !! * * قبل أن أتزوج امرأتي الثانية . كنت أقرأ بتشديد ووعيد : " على أن تعدلوا " . وبعد الزواج ، رحت أرتل بصوت رخيم : " ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " . * * قال آية الله محمود في خطبة الجمعة : - " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " ليس اللوم على الملك وحاشيته . الناس يفسدون المسؤولين . هم يدفعونهم دفعاً ليسيئوا استخدام السلطة . " الراشي والمرتشي في النار " . ...... صَهْ .... هذا دجال !! * * كومة الجحاجيح هذه تدخل على من ؟... عقال على عقال ، وزبون فوقه صاية . وكل في جيبه صرة ، أو لفة . يدسها علناً ، أو سراً ، في جيب " رسول " . " تدلل أبا سحر " ... من أبا سحر هذا ؟!! أوه ... كل شيء بيده .... الأسمدة ، والبذور ، والمبيدات و .... وبرنامج الخطة التسويقية . أنه " ... " وزير " هنا . وليس مجرد ... ناظر زراعي !! * * يدبرها ... لا عليكم ارتباطاته مباشرة بالكبار . هي لهم كلها .... هو ... مجرد سمسار . كل شيء يكون " بالفلوس " ..... لا قوانين . أخذنا معنا .... " خروف أقرن " هدية حسب أصول الموضة . أية أبهة !!.... صلوات !... كان بيته . ليس لقمة خبز .. أنه " نائب مدير عام " . جلسنا معه في صدر إيوانه العريض . كان يتحدث عن ... " الفساد " و ... " سوء استخدام السلطة " .... قبل أيام أحلْتُ معلمة إلى لجنة تحقيق . ثم فصلتها تصوروا أنها تأخذ بيضاً ولبناً من الطلاب !! وبانبهار قالوا : " عدلت وأنصفت ، بورك فيك " . قال : " لقد خرقوا العادة بالرشاوي هؤلاء " المعلمين " . قلت في سري ؛ بؤساء ليس بأيديهم سوى الطباشير " !! وكنا نسمع صوت الخروف يمعمع ، ويصيح " باع " . * * كان إمام الحرامية يعظهم ويقول : " كما تكونوا يَوَلَ عليكم " . ونزل حاملاً حقيبته ذات القفل السري ثم صاح : " من سرق حذائي " ؟! وكانوا كلهم حفاة . قال : " لا أبرئكم " أنتم إذ لا تلبسوه ، فقد أكلتموه !! * * - الدفع نقداً .. وبالدولار . عشرون ورقة لا تنقص . بعد شهرين تستلم الوظيفة . - ومن يضمن ؟ - عيب ... أو أنت أول واحد !.. مئات عينتهم قبلك . - نريد الاطمئنان .. لا بد . - يا عم أنا لست قليل ... كلمتي لا تُثْنى و لا تُثَنّى . أنا اشتغل في لجنة النزاهة ! * * تمت كن فيكون ( ) في كانون مر عليه " المَلكْ " وهو يغسل الفجل في الشط ، ويرتعد قراً . قال يحييه ويدعوا الله ليعينه : - " الله يساعدك " . رد زاهقاً متبرماً ناقماً ! - " أين الله هذا ؟! ورجليَ قد مات إحساسي بهما من البرد . - اشكر ربك يا رجل ليزيدك من فضله . - إليك عني بحق الشيطان ، ماذا أعطاني لأشكره ؟! - أعطاك القوة والصحة لتعمل . - أما أنه أعطاها للجميع وفوقها ، فلماذا أنا . ما فرقي عن ذاك التاجر يرفل بحلل الخز ومقطعات الديباج ناعماً دافئاً ، وأنا ...... ارتجف من البرد . - وأنت تريد أن تكون مثله .. ها ؟! - لا يا عم ، أين نحن من هذا !... أنا أقول لربي ، بدل أن أكون في الماء محنياً تحت سياط البرد هكذا ، لو كان لي على الأقل دكان أبيع فيه الفجل ، أجلس فيه مرتاحاً كعبادهِ المحترمين بدل الذي أنا فيه .. لو - كُن ........ فكان . - ومر شهر ، وعاد الملَكْ ، بنفس الهيأة وذات الكلام لم يزد فيه ولم ينقص ! - " الله يساعدك " - ( بتضجر ) الله لم يساعدني . الله دمرني ... هذه عيشة تقصر العمر ... هات الباقة ، وأرجع الشدة ، وهذه يريدها الزبون وتلك لا يريدها ، والفجل والناس أشكال وألوان ... أف ، أأنا أكون بياع فجل !؟ أسفاً ... - كفى كفى لا تهتم ... ماذا تريد من ربك إذن أن تكون ؟ - أريد ؟!!... أيرضى الله العادل أن يكون صالح الحمال تاجر قماش . وأنا بائع فجل ... لو كنت على الأقل ... بزازاً ... لو . - كن ....... فكان . ومر عام وعاد الملك : - الله يساعدك . - أهذه مساعدة هذه ؟!.. لو علمت ما طلبتها من ربك ... سبحانه إذا أراد بعبد سوءاً جعله بزازاً ولذا رماني عليها ... أي ملل وصداع ، طيلة النهار ، هات الطول وقدّر الذراع ، وهذا قصير وهذا طويل والأنواع والأشكال والموديلات لا يحصيها الكومبيوتر ؛ كسطور وحرير ودولين وبوبلين وجرسي ونحسي وتعسي ومسميات أكثر من الهم على القلب ... والتجارة بائرة والقماش كاسد ... آه لو كنت كبعض تجار الجملة ، هؤلاء يفرضون بيع سلعهم بما يرغبون وهم مستريحون . - كن ......... فيكون . ومر عامان ؛.. وعاد الملك : - الله يساعدك . - أهلاً ، ماذا تريد ؟... شحاذ .... ها ، لقد ابتلينا بكم ، نهشكم هش الذباب ... أخرج عليك اللعنة .. الله يعطيك - " وأما السائل فلا تنهر " - يا أخي أنا سائل ، أنا شحاذ ، أنا مجدي ، ماذا لدي ؟... أترى علي أكثر من ثوب خلق ونعال ممزق ؟! - " وأما بنعمة ربك فحدث " . - أحدث بماذا يا " مثبور " ؟!.. أحدث بالمركب الذي غرق أم بالآخر الذي تأخر وانقطعت أخباره ، أم بحرق المخزن السادس عشر ، أم بأموالي المرهونة المجمدة لدى الأجانب ، أم ببضاعتي الكاسدة ، أم بشيب الذين خلفوني ... دعني في دردي ، تول عني ... يا ولد أعطه خمس فلوس لينصرف . - دع خمستك لك وقل لي ماذا تريد أن تكون ؟ - " هادئاً بتبسط " آه .. أهو أنت ؟.. اجلس ، استرح . إن وجهك فليح وجالب للحظ ليس حظاً والسعد لي ... تعال . - أنه ليس حظاً .... هذه إرادة إلهية . - لا علينا.. سأتحفك بهدية ثمينة إذا ما نلت ما أصبوا إليه . - وما ذاك ؟ - أريد أن أكون وزيراً للتموين والتجارة ، لكي أتمكن من تسيير مراكبي على هواي ، ودون رسوم ولا رسميات . - كن ......... فيكون . ومرت خمس سنين .... وعاد الملك . دخل عليه ديوان وزارته بلا استئذان . وفاجأته بتحيته الشعبية البسيطة المعتادة : - " الله يساعدك " . - " منتفضاً كالملدوغ " ما هذا ؟.... من أين دخل هذا العلج الصعلوك .. من أنت يا هذا امسكه يا حرسي ... أين رجال الحماية ؟ ... وأخذته السياط ... - لماذا تسيء الأدب أيها الوقح ؟.. ما " الله يساعدك " هذه ؟! أأنت في سوق الخضار أم بحضرة وزير ... سلم على معاليه بتحية الأمراء ، لا بسلام السوقة . - آ .. حسناً ، السلام عليك أيها الوزير . وصفع الحرسي المَلَك على قفاه ، وصاح : - أنحن أرضاً وقبل أعتابه الموقرة ، وقل له يا سيدي . ولم يشأ الوزير أن يضيع المزيد من الوقت ، أو لعله عرفه ، فقال لجلوازه : - ليقل ما يقول ويخلصني .. دعه يا حرسي ... ها ، قل ماذا تريد ؟ - سأقول ما في قلبك يا ... وزير . - " بدهشة فرح " ماذا ... آه حسناً ، اخرج يا حرسي ، أخرج وأغلق الباب جيداً . دعنا وحدنا . - " بأسلوب مباشر " ها .. أراك غير قانع بالوزارة ! - " بتأفف " الوزارة ... اللعنة عليها . أنها وظيفة خدمية وليست سلطوية . لو كنت محافظاً لكانت سلطاتي أوسع وإمارتي أعظم ، وإحساسي بالسيادة أمتع . - هي السلطة إذن . - بالضبط ، أنت ذكي سريع الفهم . - أتريد أن تكون متصرفاً عاماً ، أم رئيساً للوزراء ؟... - لا لا ما هذه ، وأنت الحليم الرشيد . أريد أن أكون سلطاناً ملكاً . كن ..... فيكون . ومرت عشرة أعوام ...... وعاد المَلَكُ إلى الملكِ باللفظة البسيطة ذاتها : " الله يساعدك " - نعم ، ليساعدني ، فأنا في مسيس الحاجة لخدمات ربك هذا ، كي أدحر جيوش الممالك كلها ، وإذا ما انتصرت عليها فسوف أعينك ملكاً على إحداها ، قل لإلهك هذا القوي أن يزودني بقنابل ذرية ، وأخرى هيدروجينية ، أو نيوترونية – لا أعرف حتى أسماءها – يجب أن تطال أسلحتي كل شبر في الأرض . أريد صواريخ عابرة للقارات تحمل رؤوساً نووية وكيمياوية وجرثومية . أريدها أسلحة دمار شامل تعم الأخضر واليابس .. أريد أن أبيدهم عن بكرة أبيهم ، وأدمرهم تدميراً لأذرها قاعاً صفصفا لا بشر ولا شجر ولا مدر ..... وثم حبذا الإمارة على الحجارة ... كن ..... فيكون . ومر يوم كمئة ألف سنة مما يعدّون . وعاد الملك ، فوجد أن الأرض قد قامت قيامتها . وبحث عن صاحبه بين الأنقاض فوجده جالساً على عرش كجبل من الرعب ، يحف به الجند والخدم . فقال له كالعادة عبارته المعهودة : - الله يساعدك . - فأنتفض مزمجراً وصاح : - الله ؟!.. من " الله " هذا ؟ ويساعد من ؟... أنا ؟!! - الله ربك . - صه ... بل أنا ربه ورب هذه البقية من الناس والحجارة وكل من نازعني الربوبية سأقصمه قصم جبار مقتدر . ولقد بلغني أن " إلهك " هذا مغتر بقوته وجند لديه يسميهم " ملائكة " . ومعتصم في أحد السموات . أنا أيضاً حففت عرشي بملائكتي الغلاظ الشداد ، وملأت السماء حرساً شديداً وشهباً . إن مخابراتي وعيوني على دراية تامة بجحْر اختباءه . أنه يعتصم الآن ، عاصياً ربه أنا في السماء رقم ( 7 ) ، ولكني بالغها وفاتحها بعوني أنا الرب .... قل كن فيكون . لكن الملك قال هذه المرة . - عد ......... فعاد . فإذا هو على شريعة النهر بالماء . يغسل فجلاً ، ويرتعد قراً . تمت هَيكلُ الجَماجم ( ) قال صديقي : أرأيتَ رأساً صار سُلمّه ؟! وكنت في كل نادٍ ، أسبُ الحكومة الظالمة . و " نعمة أمن " يسطر الجماجم تحت رجليه بحكمة . وفي كل يوم يرتفع .... جمجمة .. وليبلغ السطح ؛ رأس واحد بات يلزمه . باغته في داره ..... وبلا أدنى كلمة . أعطيته من رأسي المطلوب ، نطحة معُلمَّة . رمت به من فوق المجرمة !! تمت جُثّة عملاق ( ) متعب ، متعب أنا جداً ، وطريقي طويل ... فلا تقولي : " خذني معك " . لا متسع في قافلة زمني فأنا مسكون باكتضاض ... أنا كوكب مأهول بمخلوقات ... لا تأكل ... لا تشرب لا تتنفس ... لا تنام تفكر .. أنا مجنون مخبول . لن أكون لك وحدك . في الليل أناجي جنياتي ، وأغازلهن . أي بعل ، بغل ، غيري ... أفضل . دعك من صحبتي القاسية الجائرة . والأخطر ... انك لا تعرفين ما أريد . وأنا بعد ، لم أحدد ما أكون . أنا سائر صوب الشمس .... متعلق بخيوطها . علهّا تقبلني كوكباً أدور في فلكها . وربما تلألأت نجماً ملتهباً مثلها . ... وربما وجدت لي شهاباً رصداً ... فتناثرت شهباً ونيازك ... سأحرق ، واحترق . وأعلو وأرتفع . قد أكون وزيراً للشؤون الإسلامية ... لديه مزرعة خنازير ! أو رئيس دولة ديمقراطية اشتراكية ... يمتلك مؤسسة للإعلان .. وثلاث شركات سينمائية .. وخمس مطارات ... وعشر طائرات .. وجزيرة في المحيط ..... و و و .. أو ممثلاً لا يجد عملاً ... بسبب أزمة النصوص .. وقائمة الممنوعات .. أو كاتباً ذو اهتمامات تجارية لا رأسمال له سوى قلمه ... يضطر الى بيعه بعدما يفلس . أو داعياً .... يخرج على الناس بسيفه . أو رقاعاً حافياً !.. أو شحاذاً عليقته " قديفة " !.. فيها قذيفة !! أو راعياً لأغنام الملك !.. أو مكارياً معَوقاً !.. وقد أترك كل هذا ، وأدعو مخلصاً إلى ...... " وحدة الأدَيان " . وأخوض عميقاً في الجدليات والأفضليات ... وقد انتهي أن أصلب منكوساً كأي زنريق ... بتهمة " الهرطقة " أو " إدعاء النبوة " .. ولن ينمو لي كرش ولا لغاديد لأني لا يمكن أن اشتغل ... " قصاباً " . وسترين أني لا أمل من عد وحساب النجوم . ولكني لا يمكن أن أكون منجماً . وقد أفر في آخر الليل . وتفزين مرعوبة تتحسسين دفء مكاني . سأغيب طويلاً .... فهل ستنتظريني . قد أعود لك فيلاً له ثلاثة آذان .. وست قرون . لا تفزعي مني ، ولا تخافي . فأنا باق على وداعتي وظرفي . .... وربما عدت أجدعاً أجَمْ ، مقطوع الأنف . أخيراً ، ربما حفرت لنفسي قبراً . وطلبت منك أن تهيلي عليّ التراب . " رحم الله من أهال التراب ... " ولكن الثابت يقيناً : ..... أن جثتي ...... لن تتعفن تمت أوكسير الملوك ( ) السلطة... التنور العين الحور ... في القبور .. لأهل الجور ! المروحة تدور ورأسي يدور والناعور يدور والإجرام في كل فلك يدور . يعني هذا ؛ أن الدوران ناموس الوجود . " والأيام " – فيما كنا نعلم – أكثر الموجودات دوراناً . يخيل لي أن دولابها مربوط إلى محرك أسطوري . يقع في مجرة ما . قوته الحصانية مئة ألف شمس . أنه يسحق الممالك ، ويحطم الملوك . ممارساً سلطة العدل المطلق رغم أنه كسول وبطيء ... * * في عصر السرعة والحضارة . صعد الناس إلى القمر وركبوا متن الريح الهوج . وسبقوا المرض باللقاح . وأمطروا السماء غصباً عنها . واحبلوا العاقر من خصي . وهم قادرون على أن يقيموا القيامة في الأرض أنّا شاؤوا . ولم يعد إلا له يحتكر لنفسه علم الساعة . وجبابرة ألأرض يتحدّون جبار السموات أن يقصمهم وذلك بفضل الاختراع العلمي المدهش " أوكسير الملوك " . أنه عبارة عن رحل الكتروني يشد على ظهر الأيام . ليركبها الملك كما يركب فرسه المطهّمة . ويمسك باللجام ليدير " جواده الأيامى " أنا شاء . وفي الرحل آلة تقيس سرعة الأيام . ونبضها ... وتقلباتها ... وأجواءها . وهناك جهاز لتسريعها . وآخر لتوقيفها . وثالث لجعلها تدور في فراغ . هنيئاً لملوكنا في عصر العلم والحضارة . لقد خرجوا من دائرة الأيام . وأصبحوا فوق دولابها قاهرون . لتخضع الأيام لسلطانهم . على عكس حكمة التاريخ ... والله القابع في عرشه القديم يتقبل جائزة الأوكسير الملكية موقعاً بالخلود وهو يتسلم أوراق الاعتماد . تمت مقطع طولي من جسد كلمة( ) أخوف ما يريبني في هذه الدنيا هو الجنون . وأنا – إن لبثت – آيل إلى الجنون لا ريب . ليتني كنت حائطاً ، صندوقاً ، جاموسة !! الأفضل أن أصير هواءاً ، خواءاً هباءاً ... ولقد صرت كذلك ، بعد أن تعطلت حواسي كلها . لا افعل ، لا أقول ، لا أتمنى ... قد قطعوا يدي ولساني وخيالي ... لقد امتاحوا ماء بئري حتى الثمالة . والقعر لا تبلغه رواشن دلوي . ليس ثمة ماء للكلام " وجعلنا من الماء كل شيء حي " .. ثمة رواسب من جثث وعظام ، ورماد ، وصديد . موت ... موت .. مقبرة جماعية للألفاظ المفرومة مع الألسن ... كلمات خاوية متكسرة ، ما أن يمسها القلم حتى تتهشم ، تتفتت .. لا تعني شيئاً ... وربما تعني نقيضة . ولكني أبقى أقولها ، أكررها ، أعلكها علكاً ... أعمل منها .... لادناً للمومسات . أو لجاماً للخيل الأصلية . أو تصاميم للإعلانات الكاذبة . واسمع الصرير ، فأغمض عيني ، وأصم أذني . لكني أبقى أكتب .. وأكتب ؛ بطاقات يانصيب للمحظوظين . وذكريات للعاشقين . وآيات للمؤمنين ...... وللملحدين !.. ثم أشير بسهام على المخطط المسلوخ : هذه فراشة . وذا مطر . وذلك ثور . وأولئك " شعراء " وتلك قنبلة .. وهذا كتاب وذينك راقصات .. والدنيا ربيع غير أن الزوابع المتربة لا تهدأ . والجو يرفل بحلل ربيعية من قر وقيظ !... والناس يرقصون في الحر والبرد . ساخترف مثلهم من هجر الحمى . وأهذي عن السيف شعراً . ..... على مائدة الخمر . هل رأى السيف سكارى يحملوه ؟! ليت شعري ، أين منهم خالد أو صعصعة ؟! وبعيداً أو قريباً ، كنت أنظر عنترة . جاء يسري كالسحاب المدلهم . وتقفاه بسيفه فأنشطر . وتنحى عنه مفلوقاً تداعي فرقتين . كل فرق كان كالطود العظيم . أنه كان يحاكي قولتي ... أو فعلتي ... أو مهجتي ... أو كلمتي ... تمت الإنسان والجرذان ( ) تحت الصفر أحياناً . وارمق الحياة من داخل قبو . أنا نصف ميت . نصف مدفون أنا جائع ... أنا عار أنا غارم ... " أنا مبترد " .... ولكن هذا ليس سر عنائي * * في جحري المظلم زارتني فأرة . اقعت أمامي باحترام وود . عيناها البراقتان تخترقاني كعيني جاسوسة . ... قالت : لماذا لا تخطب الشمس ؟! وتغدو ملكاً لها ؟ هل أن الجعل خير منك ؟! والجرذان خير أم الإنسان ؟! * * كان معلمي يسألني : أنت أقوى أم الحمار ؟ فأجيب بعقلي الصغير : أنا الأقوى .... أنا الإنسان . واليوم .. بعقلي الكبير . لا أجد الرد على سؤال بنت الجرذان !! * * كنت أمارس حياتي الرائعة . وأنا في قمة السعادة والارتياح ... أقرأ لنفسي وأكتب لنفسي ألعن الملاعين وأرحم الراحمين لا افرق بين الراشدين والسلاطين والشياطين وابعثها للزمن العادل المنتظر . أوراقاً صفراء مجرمة في زمن دقيانوس !! * * انتصب أمامي جرذ كبير . ينفخ نفسه مثل فيل صغير . مناخيره تفتح وتسد بترقب وحذر . وشواربه نافرة ممتدة . أنه مخيف ، مثل خنزير بري يشرع أنيابه المحربة . قال : أنا هدينا سد مأرب . وهدمنا الممالك . وقهرنا الطغاة . وهزمنا آل فرعون . لم تقصر بنا همتنا عن غاية .. وإذا ما رمنا شيئاً ، مددنا نحوه الأغوار . ووصلنا إليه من فوق الأرض أو من تحتها . وأنا نذير قومي إليك ... أن ترحل . الجحور لنا . هي مملكتنا . ولم نسمح لأنسي بتدنيسها . ورفعت يدي لأحك لحيتي المليئة بالقمل . فقفز الخنزير المصغر نحوي . وأصاب ماء حياتي ... دلقه على التراب . لقد كَسرَ قنينة الحبر . * * ما زلت أحس بالجوع وبالبرد . أتذوق الطعام ، واستمتع بالنار . أحن إلى الأنثى .... التي لم أعرفها قط . أتأسف على الزمن المتسرب كالماء من تحت تبن . أبكي لعمري الذاهب وهو ينطح الأربعين . أحس بالرحمة في العالم ... والألم الأكبر . اكتوي بالدموع ، واحترق بالغضب . اسمع قهقهة السلاطين . أتأمل جنة ونار الراشدين . أتلمس الطاعون والجوع والفقر . أتلمس الايدز ، وأمراض الكلاب ، والأغنياء . احنق للكفر العالمي . وأبحث عن الله في الزوايا المهجورة المنبوذة القصية . أمسك بالقلم والقيد . وأمسك الموت في يدي الأخرى . أرى الدماء في المباسم . أصغي إلى الطيور والجنادل والبلابل . أصغي لبكاء الثكالى والأرامل . وأشم شجر النخل الأشرف ، وهو يُذبح . واقضم الشوك والصبّار بشراهة . وأحصي واردات النفط والنهرين ، ورفات الأئمة بذاكرتي الحيسوبية . أضيف إليها مكة وعرفة .. والحج الأكبر . وأخرج من كل هذا بنتيجة هي : " إن كياني نهم الشعور " * * عن كياني وشعوري النهمين كتبت كتاباً كبيراً . أودعته عصارة روحي ، فصار سفراً عظيماً . سيقيم الدنيا ولا يقعدها . نقلته إلى المطبعة على سبعة جمال . وقد جعلت فيه فصلاً عن الحمار يحمل أسفاراً . وفصلاً عن الأرنب يلعب السيرك . وفصلاً عن القرد يضحك على .... الذقون . وفصلاً عن كلب أهل الكهف . وفصلاً عن الذنب يرعى الغنم . وفصلاً عن جرذان تأكل الحديد . وفصلاً عن لحم الخنزير . وفصلاً عن حقوق ..... الحيوان . وفصلاً عن بلدة تختطف بزاتها الفيلة . وفصلاً عن المخطوطات الممنوعة . * * لما ذهبت أخيراً لتوزيعه . لم أجده شيئاً . قالوا : لقد قرضته الفئران ... * * عدت مخذولاً الى قبوي البعيد . أمارس الحياة كواجب ثقيل خطير . وأمامي لكي أحيا خمس خيارات . أن أكون حماراً ... " يسرح ويرّوح " أن أكون جلاداً ... يسلخ ويذبح . أن أكون واعظاً للسلطان ... يدل وينصح . أن أكون جندياً وفياً . أن أكون جرذاً ذكياً . ولقد اخترت الخامسة . وبقيت أحفر في الظلام . ورغم كل شيء . قد أكون ... سعيداً تمت بلاد الحشرات في ملعب العجائب .. ملايين من البق والخنافس والدبابير . قال صديقي : لن نلعب . - لا أظن أن ذلك ممكناً . إلاّ في حالة واحدة ، هي الموت حسب . اللعبة إجبارية . ولك أن تختار إحدى الفرق . وأعلم أن الكرة ليست تلك التي في الملعب . أنها رأسيي ورأسك . - البق يقرصني ويؤذيني . والخنافس تخيفني وترديني . والدبابير تلدغني وتدميني . - كن بقة ترقص حول الأضواء التلفزيونية . أو دبوراً يخطر بالمسدس والبدلة الزيتونية . أو خنفسة تختبئ في التراب والأماكن القصية والمنسية . تمت أليسَ ملكاً ؟! حشر الناس ضحىً ، وعيونهم إلى مطلع الشمس ، حيث ينتهي إليهم درب " الصد ما رد " ؛ ومن اجتازه وسلم ، فأنه سيكون ملكاً عليهم ، حسب لوائح دستور تلك البلاد . وصفقت الجماهير وهتفت ملبية مؤيدة ، عندما ظهر بعيداً بين التلال القصية ؛ رجل زري الهيأة ، مقتحم المرئى . ذلك هو الملك المنتظر . وحسب النظم والأعراف المقرة في مواد الدستور ، فأن الملك يعطي سلطات مطلقة في أموال الناس وأرواحهم . إلا أن روحه هو ذاته ، تبقى رهناً بجلمود صخر بحجم الفيل ، يعلق بحبل ويدلى فوق عرش الملك ، فوق رأسه تماماً فإذا ما انقطع الحبل ، أو قطع ، أو ... قرضته الفئران . فقل ؛ " كش ملك " ... ومن ثم تعاد اللعبة مرة أخرى . ولكن الملك الجديد كان عبقرياً في الشطرنج . ففي نقله واحدة فقط هدم القلاع وكسّر رقاب الفيلة وصرع الجند والأفراس .... أما الوزير ، فأنه أصدر إليه إرادة ملكية مبجلة ، حالما جلس على العرش ، مفادها : أن ترفع جميع الصخور المعلقة في السقف ، بما فيها هذا الحجر على رأس الحضرة العلية !! تمت الرَماد الوطنيّ العراقي قبل أن تولد الأرض . كان هناك في الكون حريق هائل . وهو عند الله ... عود ثقاب ، أو أحقر . وتكونت الأرض من الرماد . هل يتأجج الرماد ؟! هل يثور الشعب على طاغيته ؟! إني انفخ في غير ضرم . قلت لصاحبتي " الجمرة " إن الحرائق في بلدي لا تنطفئ ، فمالي لا أجد جذوة لأصطلي ؟ فتوجرت وجنتاها وقالت : - أنت تعشق الجمر ، فخذه من شفاهي . وتحب اللهيب ، فخذه من أنفاسي وتهيم بالأشعة الخارقة فخذها من نظراتي . فيّ يمكن أن تجد ما يرضيك من وحرائق وبراكين وانفجارات صدقت ... أنها هائلة كالشمس . لكني أنا الآخر – نجم ملتهب . ولا تلتقي الشموس إلا إذا قامت قياتها . تأبى الحماقة أن تفارق أهلها . هل رأيتم فراشة المصابيح ؟! أنا هي ... درت حول النار أصدم نفسي بها . وأعود مرة بعد مرة أكتوي ، لا أرتوي ، حتى احترقت . لعلي أهون المحترقين . هناك أناس احترقوا عشر مرات ، ومئة ، وألف ... والنخيل احترق . والقرآن احترق . والقلم احترق . والفرات احترق . ومعجم الكلمات احترق . والإنسان احترق .. والله .... احترق !!! و " التراب الوطني العراقي " احترق مراراً وتكراراً ... صار رماداً تذروه الشياطين ، وتنفخ فيه . لكم هو مضحك ومهزل ومغل في آن ... أنهم لا زالوا يسمونه ... " تراباً " ! تمت " وهديناه النجدين " قرآن كريم ليتني ليتني كنت بناءاً يصفّ الحجر . شرط أن ....... لا يفكر ! ليتني مكارياً يقود حماره .... على أن لا يكلمه ! ليتني راعي غنم ...... لا يغني ! ليتني عبداً مملوكاً .... للعبد الأسود ...... بلال الحبشي . ليتني عيناً في منقار طائر ..... كانت تبكي من خشية الله . ليت لي عشر عيون .....لأضعها كلها في خدمة السلطان ! ليتهم يمنوني بملك الري ..... لقتلت الحسين بن فاطمة ! ليت لي قوة فيل ....... لقلعت بخرطومي كل نخل العراق ! ليتني أكون " إسرافيل " لبضع ثوانِ .... لنفخت بالصور قبل أن يأذن الله ! ليتني امتلك الهواء ..... لمنعته عن جميع من لا أحبهم . الشمس ليتها تطيع أمري ... لقلت لها : احرقي النصف الآخر من الكرة الأرضية . ...... أو الأفضل أن لا تطلعي عليه . ليتني أستطيع أن أكذب . ....... لما كذبت قط . ليتني استطيع أن أقول الحق . ......... لسكت . ليتني استطيع أن اسرق ..... لسرقت قلبكِ . ليتكِ .. كنت معي ... وحدكِ ... فوق جزيرة .... لأعدتُ فيكِ أسطورة الخلق الأولى . ليتني امرأة ... أي امرأة . زنت بألف رجل .... ثم تابت ! ليتني كنت فلانة ....... لتركت زوجي ... وتبعتك . ليته يعود ..... زمن الرق والعبودية . ..... لاشتريت ألف جارية . ليتني ... أسد الغابة .... لافترست جميع الثعالب . ولحرمت لحوم الغزلان ولاصدرت عفواً عاماً عن الحمير . ليته يكون الأمر بيدي ... لحولت الدبابات الحربية إلى ... جرّارات زراعية . ليتني كنت ملكاً على العراق ... لفتحت إليه باب الهجرة العالمية . ولرفعت عدد سكانه إلى مئتي مليون . ولصنفْتهم إلى .. مهاجرين وأنصار لأصنع فيه دولة محمد الإنسانية . ليتني سلطاناً على ارض السواد والجزيرة ..... لا يفكر بضم بلاد فارس إلى ملكه . ليتني جدهم " هارون الرشيد " لاعترفت صراحة بأني .... بليد ! ليتني بابا لروما .... يقرأ القرآن ويبكي . ليتني الحسين الشهيد ... لصرخت بأفواج زواري المليونية : أنا لست إله البكاء ... لست صنماً للبركة ... ليتني كنت أميناً عاماً للأمم المتحدة .... شرط أن أتخلى عن تلموديتي ... وصليبيتي . ليتني كنت " عمر " .... لأوصيت بها إلى " علي " . ليتني كنت " ماو " عظيم الصين ... لهتفت : " يا شحاذي العالم اتحدوا " . ليتني كنت " عنترة بن شداد " بدون خرافات وأساطير ... ليت لي جبلان من ذهب .... لابتغيت إليهما ثالثاً .... لأنفقها جميعاً على ........ الفقراء !! ليتني ضابط شرطة ... لا يتعاطى الرشوة .... لا يصطنع الورطة !! ليتني مسؤولاً مغروراً بمنصبه .... لا يسيء استخدام السلطة . ليتها تثنى إلى الوسادة .... لخطبت شهراً ... دون أن أعني شيئاً . ليتهم يسمحون لي بالإشارة حسب .... لو ضعت أصبعي على موضع الداء !! ليت السماء تفتح مجدداً باب " النبوة " بالانتخاب الحر ... لتقدم للترشيح مليون نبي عراقي !! ليتها في كل يوم ..... تغرق بغداد ... أو يصيبها الطاعون ... أو يحتلها أعجمي لتدوم لاصلاء الشعب ، فرص الفرهود والنهب ... ليتني دولة الولايات المتحدة الأمريكية ... لا زلت جميع دكتوتاريات العالم . وأعلنتها ديمقراطية حرة على الدين الأمريكي ... ولمارست دور الإمامة في الأرض ... ولملائمتها قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً !! ليتني العراق الأشم .... لطرحت كبريائي الأجوف .... وصرت أمريكياً . ليس لأن الزمان أمريكياً .... بل لأن دين الله يدعو إلى ... الأمريكانية . تمت الإفادة ليس أكثر من ذلك تثبيتاً وبرهاناً ... ضبطهم متلبسين بالسرقة داخل بيته !.. قد كسروا الأقفال وبعثروا الأغراض والثياب والأثاث ، وشرعوا يسرقون ... ولكن الله نصره عليهم بأسباب من عنده سبحانه . كان ذلك منتصف الليل ، وهو في المرافق الخارجية ، قد خرج لحاجته صدفة ، لما رآهم يدخلون متربصين . جمد مكانه ، وظل ساكناً خائفاً . ثم أنه تسلل خفية إلى الداخل ، وبحذر وروية غلّق عليهم الأبواب كلها ، ثم ارتجها ، فحبسهم داخل الغرفة باجمعهم . وأسرع بسيارته إلى مركز الشرطة القريب . فقبضوا عليهم واقتادوهم مكبلين بالأغلال إلى السجن . ماذا بعد هذا ؟! وماذا بعد الحق إلاّ الضلال ! وهل يحتاج النهار إلى دليل ؟!. وظن خيراً ولا تسأل عن الخبر ، فذلك تقدير العزيز العليم الذي جعل الصدفة كأنها ميعاد مخطط بإحكام ، أو كأن الأقدار الخيرة قد أعدّت للصوص الأشرار كميناً للقبض عليهم ... لوحده أتم صاحب الدار العملية بيسر ، كأنه سبحانه قد أرسل ملائكة من عنده كانت معه تعاونه . مر زمن بانتظار المحاكمة العتيدة للمجرمين . والرجل واثق بنصر ربه ، لا يفتر عن صلاة الشكر ، حتى وصله تبليغ قبل موعد المرافعة الأخيرة يلزمه بالحضور أمام محكمة الجنايات بتهمة .... " الإدعاء الكاذب المزوّر " !! وتبين في حيثيات التحقيق ؛ أن الرجل لا دلائل لديه ولا بينات ، ولا شهود على ما يقول إلا فراد عائلته . فيما ادعى " اللصوص " – فيما ادعوا - ؛ أنهم تجّار خردة دعاهم الرجل لشراء أثاث غرفة نومه ، وقد دخلوا يتفحصونها ... وهم يتعاملون معه حول السعر ، إذ فاجأهم بأن خرج مسرعاً وأوصد الباب عليهم وتركهم . ثم عما قليل فتحت الباب ، فإذا بالشرطة يقبضون عليهم دون كلام ، ويقتادون بالإهانة والضرب إلى السجن ..... وهذه إفادتنا !... واقتيد الرجل إلى السجن وهو يصيح ، وسط هزء الهازئين ؛ كنت في المرحاض الخارجي لما دخلوا يسرقون ، ولم يروني ، صدّقوني أن الله نصرني عليهم بآية من عنده سبحانه ، وإن هم إلا قلبوها بفلوس دسّوها للذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً ..... وهذه إفادتي ! وتبين فيما بعد ؛ أن لـ" اللصوص " إفادة أخرى مختلفة تماماً ، بثوها عبر قنوات الشائعات واستلمتها " الوكالات " بكل اهتمام ، وقالوا فيها – والله على ما يقولون وكيل - : " إننا في الحقيقة كنا وقتها على موعد غرامي خاص مع امرأته . ولكنا لم نستطيع الإفصاح عن ذلك في المحكمة حرصاً على سلامة صاحبتنا " . !! والناس أن لم تصدق خبراً كهذا ، فهي لا تكذبه . يقول فيه أمثلهم طريقة : " الله اعلم " . ماذا وراء الحقيقة يا ترى ؟ هل الرجل صادق ؟ من أساء استخدام القانون ؟ ... والسلطة !! هل الزمن كفيل بفضحها إن كانت روايتهم غير صحيحة ؟ هل ينتظر الزمن ؟... قد نفد لديه الزمن . زيّد " المؤلفون " ونقّصوا ، حتى وصلت الى السجن رواية طويلة ذات أقسام وفصول ، لم يتم قراءتها " أبو المرافق الخارجية – وهكذا أصبح يكنى – حتى مات بالسكتة " . تمت الوعد المنتظر رويدك خفف الوطء واخلع نعليك ... إنك في وادي الأنبياء . هنا النفط .. والرافدان ... ورفات الأئمة . أرض المفرقعات والرسالات . حَمائم تذبح . ودم يفور ... وطوفان قادم . * * * ما أشبه الليلة بالبارحة . هذا محمد وسط كتيبته الخضراء . جاء يفتح مكة . وأبو سفيان يصرخ ؛ " أعل هبل " ويحمل دنان الخمر على الجمال . " بطل سحر محمد !! " وجاء الحاج " بروان " يحج مكة . يحمل أمتعته الثقيلة في الأساطيل . وله في كل خطوة حسنة ...... ومليار دولار !! * * * مائدة الله الكبرى في حرمة الأمن . يأكل منها أهل التلمود والتثليث . رغداً حيث شاؤوا . ولكنها محرمة على المؤمنين . هذا الفرات ، تشرب منه خنازير السواد وحياته . ولا تذق منه قطرة يا ابن فاطمة . * * * لماذا تقاتلوني ؛ أعن سنة بدلتها ، أم شريعة غيرتها ؟ ويأتي الجواب الكافر : " إنما نقاتلك بغضاً لأبيك " . وحب علي إيمان ؛... وبغضه كفر ونفاق . علي أضحى الآن دولة . بل هو أمّة . * * * هذه دولة ترعى الإرهاب . ولا تؤمن بالديمقراطية . وتلك غير صارمة بتعقب الجماعات الإرهابية . وأخرى تسعى لحيازة وإنتاج أسلحة دمار شامل . ذرية وجرثومية وأخريات صنفت في دائرة الشر . يلزمها ضربات تأديبية . فيما تستحق غيرها المساعدات الأمريكية . وفي القرآن آيات معادية للسامية . ويجب تغيير المناهج الدراسية .. " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " . * * * من هنا بدأ الطوفان ... وفار التنور . بسم الله مجراها ومرساها . وهنا استوت على الجودي . ثم ترجّل منها مليون ملحد مدججون بالسلام . من سمح للكفرة بركوب سفينة نوح ؟! " وقلنا أحمل فيها ..... ومن آمن " ومن آمن ، ومن آمن ، ومن آمن ؟! * * * هذه صفين ... وهذان ابن هند وابن العاص ، ينشران أوراقهما من جديد . وها هي عادت جاهلية وجاءت جيوش الروم تحمي الملوك . وعاد معاوية ... بعد أن أعد رواحله للالتحاق بقيصر . * * * من هنا عبر طارق بن زياد . وهناك في القلب كانت بلاط الشهداء . وفتحنا الأندلس بسيف القرآن والرحمن . لكنا حكمناها بسيف السلطان والشيطان . وبعد ثمنمائة عام طردونا . فتشونا وأحرقونا .... في البحر رمونا !! وقعدنا نبكي على فردوسنا المفقود . نتفاخر بصرح طاغوتي خلفناه اسمه " قصر الحمراء " . وفي ذات الوقت ، ذات الوقت . خرجت البعثات الاستكشافية إلى العالم الجديد . تنتشر فيه اللاتينية والمسيحية ... ولولا ... آه ما لولا ... لأسلمت الأمريكتين ... ولكانت اليوم ...... الأرض تتكلم عربي !! * * * هنا ، في بحرنا هذا ... كان يونس ذو النون سائراً في بطن الحوت ذلك قبره ..... وتلك شجرة اليقطين . لمن بحر الشام ، وبحر الظلمات لمن ... ولمن خليج العرب ؟! أنها لهم ... لأساطيلهم ، لترساناتهم . ونحن لم يعد لنا بحر ولا سفينة . إلا سفينة صحرائنا الأولى . عدنا إليها ، عوداً على بدء . إلى البداوة ، إلى الخيمة والشاة والبعير ! .. الى الخرافة وأساطير الأولين ... بعد أن رفضتنا الحضارة والحياة . * * * بعد أن أتم الحاج براون مناسك حجه !!! حجاً مبروراً ، وذنباً مغفوراً .... وجيباً مصروراً !! أراد أن يستمتع امرأة أحياء للسنة .. وتسابقت العوائل العربية الكبيرة للفوز بمصاهرة الشيخ المثلث مع أنه يملك عشرات الأولاد والنساء والمحضيات في المنطقة . لكن مشكلته أنه لا يعدل بين أزواجه وبنيه ... لديه حسناء يهودية معرقة في تلموديتها،يحبها بعمى ويطيع أمرها. مع أنها عاقراً ، لا تنجب ولا تعطي . في حين أن جاريته العربية ، التي يسميها مدللاً " بترول " – معطاء ، ودود ، ولود . وقد أنجبت له تواءم متماثلة كثيرون لا زال بعضهم في اللفة والقماط ؛ يحتاج رعاية أكثر . ...... وزفوا إليه سبعاً من حسناواتنا . عرّس بهن في الأراك ... في ليلة واحدة . * * * عم يتساءلون ! عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون . كلا ستعلمون ، ثم كلا ستعلمون ... عياناً بياناً . إن الرأسمالية ستهزم . ستلحق بأختها الشيوعية . وهذا نظامهم العالمي الجديد . أصابه الخراب في ألف موقع وموقع . وأن الدمع والدم سيختلطا ويثورا . وأن الأنين سيرتفع ويصك الأسماع . ثم يهلل صوت جديد . يأخذ بالألباب ، ويوهي الصم الصلاب . الله أكبر .. بشارة الوعد الحضاري المنتظر . سنملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً . قل وا اسلاماه ولا سلام للناس بعده . قولوا : وا اسلاماه ... ولا سلام للناس بعده . تمت   ذمّة التاريخ في صحن ولي الله علي . يتامى من أربيل وأردبيل . حملق في وجهي طفل من باختران . نصف وجهه محروق ، ويده مقطوعة . لعلّ أحد طيارينا رماه بصاروخ . أراد إبادته كشيء خطير جداً . نزل نحوه بطائرته يريد مسحه بالأرض . ولكنه أخطأه ... خرق حاجزَ الصوت ، فأخرسه واصمه . وفتح صنبور السم المبيد فأحرق صفحة وجهه . وجاء سرب من مئة طائرة . يطارد " الجراد الأصفر " ... يدك المدينة بأهلها . ولكن الطفل " قاسم " عاش !... وجاء يشكو لأبي الأئمة سقمه ويتمه . أحد مواطنينا قتل أباه في الجبهة . لم تكن منازلة رجل لرجل .. رماه بمدفع نمساوي مداه خمسون ميل . وضاعت الحقيقة في المسافة . من قتل من ؟!! أنا أعرف . وذمة التاريخ تسجّل ؛ أنه " جواد " بن " كاظم " بن " جعفر " من شيعة علي في الناصرية . أعطوه حذاءاً أمريكياً وألبسوه بدلة رومانية مرقطة . ليشعروه أنه صار " مغواراً " . وضعوا في يده بندقية روسية . في رأسها حربة مسننة . وعلموه أن يصرخ ، وهو يطعن الشاخص ، في ساحة التدريب . " يا فارسي خذها من يدٍ عربية " . .. من " جوادنا " صنعوا سفاحاً عنصرياً قاتلاً أيتم قاسم ! و " عبد الزهرة " ... الذي طلبته أمه من الزهراء .... صار عميداً . ومع ذلك بقي " منذوراً " للزهراء . سبع راتبه يؤديه لابن الزهراء في كل شهر... يضعه في الشباك ! وفي كل إجازة يزور الحسين . ويطلب منه التوسل في الحفظ والسلامة من الموت في حرب الضياع . من بغداد جاءه أمر " سري وفوري " . " اعدموا العلوج الأسرى " حاملوا العصائب المكتوب عليها " يا حسين يا شهيد " " هبة الزهراء " صار بعد ذلك سفاحاً !! وراح يحاكي فعلات جده " أبا العباس " . ثم انقلب حجاجاً ، فعّالاً . سفاحاً صداماً !!! وسار على رأس جيش فدك الكعبة بالمدافع . في موضع المجانيق على " ثبير " نصبها . وخرق جدران الدين في مليار موضع . وبينما أنا أقارن بين أبرهة والحجاج وعبد الزهرة ... راح المؤذن يدعوا من فوق منارة الإسلام علي ؛ اللهم أنصر وأحفظ قائدنا المجاهد صدام .. سليل أجدادنا العظام أمثال الحجاج والسفاح والحسين الإمام !!! تمت في الوادي المقدس طوى كنا جيراناً في القبور ... ابنها ، وأخي ... والعبرات في وادي الغري الأعظم ... طوفان دمع مندثر في الرمال . والقصص على قفا من يكتب ... هه ! يتحدثون عن أزمة النصوص ، وكل حبة رمل في وادي الغري – بل في وادي الرافدين كله – هي قصة . ملاحم روائية لم يصلها خيال كتاب الميلودراما التراجيدية العالمية . غرائب وعجائب ولا في السينما . تجدها كاملة غير منقوصة ، جاهزة للتأليف والطبع والنشر . كالمعدن الحر . أو كالذهب الملقى في الطبيعة تتناوله بيدك غير متكلف تخليصه من خاماته . وإني هبطت ذلك الوادي ؛ المعروف في السموات والأرض. والفرنسيون يعرفوه كما يعرفون مقبرة البانثيون . غير أن الكثير من العراقيين يجهلوه . " وادي الغري المقدس " يعلم الغربيون أنها أكبر مقبرة في العالم وأنها تضم رفاة الإنسان الأكمل ومجاوريه ، وكما يعرفون جيداً أنها توسعت في عهد صدام ضمن التوسع الشامل والإكثار والتنويع في المقابر . وأن مبانيها أصبحت تظاهي مباني مدينة كبيرة . ويعلمون أنه أعمل فيها جرافاته ، وهدمها كما فعل بالمدن التي ضمت العصاة والهاربين من سلطته .... ولكنهم لا يعلمون أن وادياً مقدساً يوجد تحتها اسمه " طوى " . علام أكتب وفيم ، وأنا وحدي هبطت ذلك الوادي بقلم صغير . يصك أسماعي أخلاط من أصوات شتى كأنها تدعوني لأكتب مأساتها وأدبج آلامها في قصص ؛ الرواة والمحدثون والنائحات والمعددات لأحك صورة وافية أمام ما اسمع بوجداني من أنين الميتين عصراً ، والمعدومين ببطء ، والمقتولين ضياعاً ، والضائعين أسفاً ، والمدفونين أحياءاً ، والمقتولين اغتيالاً ، والمعذبين كفراً والمبدلين جلوداً والمذوبين بالحوامض والمقدمين للأسود والمحلوجين طعماً للسمك وو .... وضج بي أهل القبور ، لكني اعتذرت ، فما أنا بقادر على همة والمسؤولية العظيمة . قلت يا أهل القبور الدوارس أنا لم آت لأكتب ، سأرجع إلى المدينة لأستدعي معي ألف كاتب لنأتيكم في لجنة متخصصة ، لنحيي ما يمكن إحياءه مما مات واندثر إن العملية تحتاج إلى جهد ميداني تنظمه مؤسسة دولية متخصصة ، وترعاه المنظمة العالمية لحقوق الإنسان . إن الخطب عظيم ، والجرح فادح اتركه للمعنيين . أما أنا فقد أتيت لزيارة قبر أخي الذي أعدموه في المنظمة الحزبية بسبب هروبه من الجيش . اعتبروه " جباناً " ، وأخذوا منا ثمن طلقات الإعدام . أمي لم تحتمل التحدي الصارخ للطغيان . وهجمت على المسؤول الحزبي بسكين مطبخ . لكنهم قتلوها قبل أن تصل إليه . استراحت ... هنيئاً لها . أما هذه الأم جارتنا في القبر ، فهي تموت ببطء ، وتتعاطى الموت تكراراً غصة بعد غصة . كنت أجدها أمامي ، وكأنها مقيمة هناك لدى قبر ابنها لا تفارقه . تراها صامتة ساكنة كالخشبة اليابسة . إلا أن عيونها تنضح دمعاً لا ينقطع ، وهي تسمع صوت ابنها الثاوي تحت التراب من شريط كان سجله في حياته يقول فيه . " يا أماه لا تبكني ميتاً ، فأنا ميت في الحياة . أنا ذاهب إلى الموت فهو مني على مرمى حجر . ولعله من السخف أن ألقي بنفسي إلى تهلكة الظالمين ، وتقولي أنت : ( الله كريم ) . لن تلحقني رحمة الله ولا كرمه لأني ذاهب إلى الموت الكافر برجلي كما ألقي بنفسي تحت عجلات القطار ... فوداعاً يا أم " . هذه الوصية وغيرها من ذكريات وحكايات ، كان يدور بها جهاز المسجل مرة ومئة مرة . والمرأة جامدة هامدة ، عيونها هاملة بالدموع وهي ترنو إلى البعيد المجهول . قلت لها : ما دام متأكداً من الموت، فلماذا ذهب إليه برجله ؟ قالت : " أنا أجبرته على الذهاب يا خالة . منظمة الحزب قبالة دارنا . وقد أعدموا أمامنا المئات . فلو غاب ابني سبعاً لأعدموه أمامي على باب الدار ، وهذا ما لا أقوى على احتماله ، لكني قد احتمل أن أسُلمه بيد القدر ورعاية الله .... وليمت بعيداً . بعد مدة وجدت المرأة تقعى لدى قبر ابنها كالساجدة ، المسجل إلى جانبها قد توقف شريطه عن الدوران . وجرة الماء ملقاة على جنب وقد انهمر ماءها . أردت إيقاظها برفق ، فاكتشفت أنها جثة هامدة " . تمت شهَداء !! في العزير ( ) رأيت آلاف القتلى . رأس لدى رجلين . وثلاث أيد مجتمعة . ورؤوس تجمعت في حفرة . وكتلة حمراء معجونة لا تعرف . وقدم مقطوعة لا تزال في الحذاء ... ورأس مثقوب أسنانه تبتسم .. وجثة مختنقة تحت أخرى فوقها ... أنهم شهداء قادسية صدام المجيدة !! * * * في مدرسة الطبابة العسكرية ببغداد .. أردت أن أتغوط . هناك مباول كلبية شاغرة . أما المراحيض فدونها قطار بمئة جندي . وقفت في الدور لساعة وثلاث دقائق . ثم دخلت المستنقع الرهيب . الماء مقطوع والمجاري طافحة . كانت قطع الخراء المسماة " جعاميص " ... تتهادى بحركة نابضية متأرجحة فوق المويجات الصغيرة لبركة الماء والبول . ما أشبهها بمتيم ذاهل . إطار الهوى لبه . فهو سارح خامل لا يعي ما حوله . وضحكت وأنا أتذكر بأسى . قول ذلك الشاعر العاشق لصاحبته : " مثل الخّرا بالماي جيتك مسيَس " * * * الإبريق غاطس في وحل من البراز . ولو لم يكن الماء مقطوعاً .. لابتلع المستنقع كل شيء . ولتكلفت ميزانية الإدارة تخصيص زوارق تبرز . " الجعاميص " تتخذ أشكالاً وهيئات غريبة . وقفت اقرأها كما يفعل الآثاري . ولفت نظري نظام التوزيع أو فوضاه . كان ذلك يشبه ما رأيته في العزير . تمت داء الدال قتله الدال ومات فيه ، أنه " الدال " وليس " الداء " كما يتوهم . أو هو بالضبط " داء الدال " ، داء الدال العظيم والخطب الجسيم ، المعروف كيداً بـ" قادسية " !! كان طالباً . وكان درس الخط العربي . والعبارة المراد رسمها بكل الخطوط ، هي الآية العراقية العتيدة ؛ " قادسية صدام أكليل غار على جبين العرب " . كان في الشارع مجنوناً يمشي ويصيح : " أهي قادسية صدام أم قواد سرسرية صدام. ". الكلاب المسعورة السائبة كانت تملأ الدروب والأزقة . تنشر فيها المرض المميت . وجاء المسكين يهذي بلا عقل ولا حرج ... فتلاقفته وتعاورته نهشاً ثم سحبته بعيداً في المطامير. وفي السطر الثالث ، وفي نسخة الثلث ، نسي الطالب الدال . وقرأها المدرس بصمت فإذا هي " قاسية " . فقال في قلبه ؛ " صدقت ، إنها للقاسية الجائرة " ، لكنه أثبت الدال بقلمه ، وقال للطالب : اكتب غيرها " يرحمك الله " . وكتبت يد أثيمة في الظلام تقريراً مفاده : " أن يداً شعوبية حاقدة كافرة قد حَرفت الكلم عن مواضعه ، وأسقطت نقطة ودالاً ، لتقلب غار القادسية إلى ( قاسية وعار ... ) " . واستدعى الطالب والمدرس إلى الأمن الشديد .. ، .. وراحا فيها ..... في شربة ماء ... في نقطة ودال !!! تمت الله كريم .... مع الكرماء " الله كريم " ... ما معنى هذه العبارة ؟! ما مرادفها في الجرمانية والروسية ؟! ثلاث ساعات مع القواميس ... ولم أتمكن من تحويل " القدر " إلى الإنكليزية ! اليوم عرفت سر تفوق الغرب علينا ؛ لأن لغاتهم خلو من المصطلحات الجبرية . وكذلك هي حياتهم .... أنهم في منئى عن عُصيات الشلل الأكبر . مرض لغتنا ... وديننا ... ودنيانا !!! سألت خالي عن بنيه الخمسة . الذين نفوهم إلى الحدود ، الموت .. باسم " الدفاع عن الوطن " ! قال : وهو يبكي " الله كريم " . لا اعتراض ... لكني لم أفهم وجه كرم الله هنا . ربما قتلوا ..... قلت لاغيضه . رد ببرود : " المكتوب لا مهرب منه " . - " أنهم يقتلون أخوة لهم مسلمون " ! - " هذه قسمتهم من الله " . - " أنهم يحاربون الله ورسوله " !! - " توفيقهم أعوج " . - " وهذا الحجاج يحكم العراق من جديد ! " - " انتظر حلم الله عليه " . - " متى ؟.. وأنتم ساكتون !! " . - " كل شيء مكتوب . وله ساعته المحدودة " . - " قد تمت أنت والظلم باق " ! - " كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك " . - " لماذا تلجئون إلى الغيب ، تطلبون منه كل شيء ؟! " - " الله موجود . الله كريم " . - " الله لم يدل لمحمد بزنبيل .. يا خال وهو نبي ! " علمه الأستناد في تفكيره إلى الحقيقة لا المعجزة . وهذا زمن العقل واليد . لا زمن الغيبيات والطلاسم - لا نملك غير أن ندعو الله . هو أعلم بحالنا . وهو " الكريم " ... - الله كريم مع الكرماء ؛ الذين يعطون لدينهم بسخاء . الذين يضحون بلا حدود لمقدساتهم . الذين يأبون الضيم ولا ينامون على الذل الذين يمتثلون كرم الحسين . الشهيد الأكرم الأكرم .. أما اللؤماء أنتم ؛ فليس لكم التلفظ بعبارة " الله كريم " . ترددونها كاللازمة دون أن تفهموها . إن الله معكم للئيم الوقعة ، شديد العقاب . وأعلموا ، أنه لا فرج ولا كرم ولا رحمة . وابشروا بألف سنة أخرى ... من الجور والظلم والعذاب قال . " سيظهر المهدي " هون عليك يا أبن أخت .... ويملأها قسطاً وعدلاً كما ملأت جوراً وظلماً ..... " انتهينا من حيث بدأنا ... ولم أقل له شيئاً ... بيد أني شعرت برغبة في البكاء ... تمت داخل الحرم الجامعي عندما تخرج النجوم من الثكنة . فأنها تسير على عجلات مسرّفة . تحفر أسفلت الشارع ، وتخرب البلاط . وتشوه الحياة الحضرية . وتعمل معركة في سوق الخضار ، على أصول مدفعية ,.. ترمي بالعيارات الثقيلة ، والطماطم والبطاطس . " اجعل رأسك رقية " ، " والعب به البولنك " . السيقان الطويلة تحب الكرة الطائرة . والأكتاف العريضة المطرزة بالنياشين . من أين نبت لحمها ؟! وهذه البطون المندحقة والأفواه الشرهة ، تقضم مال الله بشراهة . وتعب الخمر عباً . مسلمون يسمنون الخنازير ! لكي تقيء العنف والرعب وحمى الجنس . من فوهات ... بنادق ... المجاري ..... السينمائية !!! * * * داخل الحرم الجامعي حدث ذلك . ثلاث ساعات من الانتظار على بابه . وعرائض تدخل ... وزوار .. وأشياء أخرى . وحراس أشداء . وعيون ولهي ، وشفاه عطشى . تعساً ... لقد تعسكر كل شيء . أعربت له عن " انزعاجي " بلغة جامعية . فألهب كياني كله بسوطه " السليط " . ونادى : " يا حرسي ، القه في السجن " . تعلقت به اشرح له قضيتي " العادلة " . ونشرت أوراقي أمامه . كانت أطروحة بحث عنوانها : " حل الجيوش وإلغاء العسكر ، ضرورة إنسانية حضارية عاجلة " ودون أن يقرأها . استل أحد " أسيافه " المشرعة على المنضدة . واثبت علامة " X " كبيرة . تطلعت إليه أعد " نجومه " وشاراته وأنواطه ونياشينه ...... وطوالعه . وفي قمة أي برج هو ! لم يكن جنرالاً عسكرياً . بل كان .... أستاذاً جامعياً !!! تمت أكباش في مرعى العزة رأيت فيما يرى النائم ؛ أن راعياً دخل قصراً رئاسياً يرعى غنمهُ في حدائقه !... لا عجب ، فكلنا رعاع سائمة نرعى في مرعى يسمونه " قلب العالم " ، سارحين مارحين في منطقة يقولون عنها أنها " مهد الحضارة البشرية " ! ويقول سيدنا الراعي بلهجته البدوية . " أما هي علمتهم شلون ياكلون وشلون يشربون ، والأكثر علمتهم كيف يعبدون الله " . ياه ... لهذه الدرجة مهمة أرضنا !.. لكني أشك بهذا كله لأني لا أرى دنيا ولا ديناً ولا حضارة ... ويقول الهنود – أو الترك لا ادري – " فاقد الشيء لا يعطيه " . يحب الأرض كثيراً " راعينا " طول الله عصاه ، يقول : " عجل هؤلاء ليش يريدون يدنسوها ... لا .. يخسون " . ترى من هؤلاء ؟! وهل هو معهم ؟.. نحن لا ندري ، وهل للبضاعة أن تسأل التاجر . والشاة لا تسأل الراعي . وهو حفظه الله ينعتنا نحو المروج " الحمراء " حيث العزة والكرامة والشرف والسؤدد ... السؤدد يعني ماذا ؟!... سألت الخروف الذي يرعى إلى جانبي ، قال يمعمع : راجع معجم لسان الغنم " . أنا ... من أنا !... لن تعرفوني .. أنا ذاتي لا أعرف عني إلا كوني خروفاً في مرعى العزة يحمل رقماً للإحصاء . أما غير ذلك فلا أعرف شيئاً .. الكلمات متداخلة محشورة بالمعاني حشراً بلا نظام ، فلم تعد تعطي الواحدة منها معنى محدداً . ولن ينفعنا أن نرجع الى المعاجم ، لأن هذه احترقت ، أو أحرى ببقاياها أن تحرق . لأن لا نفع منها بعد أن " تطورت " لغتنا ... نحن بحاجة إلى قاموس جديد ... لا أدري كيف فاتت هذه قائدنا الملهم !.. كيف لم يدعو الى إعادة كتابة " المنجد " كما دعى إلى إعادة كتابة التاريخ !!.. وهو الذي من نبوغه الفكري وذكائه نستمد قوانين ونظم دولتنا العتيدة .. العزيزة !... أنا ... عزيز . هل عرفتموني ؟!.. أظن لا . وأنا مضطر أن أعرفكم باسمي . واسمي في القاموس يختلف معناه ومؤداه عما هو عليه في لغتنا الجديدة . ولكن بلا قواميس ، بلا صداع . أسألكم ببساطة ؛ ماذا يريد أهل الضاد من كلمة " العزة أن تعني " ؟ هي لله جميعاً . والمستكبرون تأخذهم العزة بالإثم . وقال النبي ( ص ) : " ارحموا عزيز قوم ذل " . وكان جدنا أبو الرماح الأزدي ( رضي من رضي عنه ) لا يلتفت إلى الوراء مهما حدث خلفه لـ" عزته " – كذا - !! وحرب الفجار الأولى حدثت لأن أحدهم مد رجله في عكاظ معززاً بعصبته متحدياً من يطأها – الظاهر فاضي وما عنده شغل وعمل – فضربها جرئ بسيفه ... ورب ضربة جرت ضربات . وفي القاموس العراقي الجديد ، يقول فارس الأمة بطل التحرير القومي عبد الله المؤمن ، العربي جداً جداً ... يقول أن العراقيين الأماجد يضحون بأنفسهم من أجل العزة والمعزة . ورفع القائد الملهم الأسطورة الضرورة كلمة " العزة " مكاناً علياً مع كلمات أخرى كثيرة أخرجها من بنك المعاني ، وأزال رصيدها الذهبي ، فجعلها ورقة زائفة كدنانيره ... وشهاداته ! وما زال باني مجد العراق ومهندس انتصاراته ، يدعو الناس إلى العزة ، ويحكي من عجزه ، والعراقيون يعطوه من أموالهم وأنفسهم حتى ملوا ، وكرهوا " العزة " ، وبصقوا عليها ، وهربوا منها . وصار أهون على أحدهم أن يلبس " بوشية " امرأته ، ويقول " أنا امرأة " من أن يقول : " أنا عزيز " . أما أنا فـ" عزيز " كما سماني أهلي . وعندما كبرت دخلت برأسي فكرة سخيفة ، أو صرعة شبابية تقول بأني يجب أن أكون عزيزاً كاسمي . ثم تعلمت من القائد البطل لما كبرت . لما كبرت أكثر تعرفت أن " العزيز " هو الذي . " يكاون زين " مترسماً خطى الأجداد العظام الذين " نصفهم ماتوا على ظهور الخيل !! . وكبرت أكثر وأكثر ... وصرت خروفاً له قرون ، اسرح وأروح دون أن أثير أية قلاقل في الجشر العراقي الخصيب " . وإذا ما أشار لي الراعي المثقف بالقومية والاشتراكية أن أنطح أحداً . تحاميت عن بعد ، وأعطيته ردسه حاطمة ، ولو كان الحسين بن فاطمة ... كذا " العزة " التي تستحق " العفية " وإلا بلاش . تمت الكلّات الناطقة بالحق لمن أهدي كتابي ؟! تلفت حولي ... لمن أهدي كتابي ؟! - إلى صنو عقلي وروحي ... أم لفرجي وفمي !.. من ؟؟ إلى زوجتي... التي لم تتصفح أوراقي ؟!!.. ولن تعي استحقاقي ! كلا . * * - إلى أولادي ..... امتدادي في الحياة . وهل يسمو الرماد كونه تخلف عن النار ؟! كلا . * * - إلى أخوتي ...... دمي ولحمي . .... إلى تنابل عجماء ولدتها أمي ؟! .... نئت بحملها دهراً ... وسحقتني . .... ثم غدت .. طناطل ترهبني ! اعطيتها عطاء الأب .. وقابلتني عقوقاً وجحوداً .. وبغياً مستمراً . ... علمتها حروف الحرية ..واستعبدتني . ... وآخرون استأثروا بأبي فسرّهم .. وأتيناه على الكبرِ كلا .. لبني أمي وأبي ... * * - إلى أبي ، الذي أوجدني ورباني . هل يهدى قلم إلى أمي أعمى ؟! كلا . - إلى أمي ، التي حَملتني " سبع " شهور ولم ترضعني ؟ كلا ... أي امرأة مثلها ، لو وطئها رجل كأبي ... كانت ستلدني ! * * - إلى أعمامي وعشيرتي .. والملجأ الآن إلى العشائرية ، وسنن الجاهلية في غياب المدنية .. ... إلى زبون وعقال ، وبطون ودِلال ... إلى تفاهات ومشيات ، ترهات وهوسات ، وثارات وديّات .. ومحاقدات .. إلى ولائم وعزايم وسخائم ولطائم ؟!!! كلا . * * الى علماء الملل وآيات المذاهب طَر الى أكياس محشوة بمعلومات " أكسباير " أحرى أن ترمى في البحر بعدما لوثت اليابسة ، وسممت حياة البشر كلا لا وزر ... الى ربك يومئذ المستقر * * إلى جاري ... وما زال النبي يوصي بالجار . .... إلى عدو يَعد عليّ أنفاسي .. وخطواتي .. وكتبي .. وزواري .. وأفكاري .. وأرزاقي ؟!! كلا . * * إلى أهل محلتي نساءاً ورجالاً ، شيباً وشباباً . إلى القيل والقال ، وكثرة السؤال ، والتحاسد والتباغض والكلال ، والنفاق والقبلات الكاذبات و ... كيف الأحوال ؟!! كلا . * * إلى شعبي وناسي شرط أن يقولوا جميعاً " لا اله إلا الله "، ويكونوا حقاً من أهل الله. والمؤمنون أمة لوحدهم من دون الناس .... فهل هم كذلك ؟! كلا . * * إلى ماء وتراب وطني .... تراب غانا ، وماء الصين ... يعطي نفس الطين . هل من فرق ؟! كلا . * * إلى تاريخ وأمجاد أمتي . القرآن والفرعون هل يلتقيان ؟! كلا . * * إلى أساتذتي الذين علموني . ... وهل منحت فرصة للتعلم ؟1 كلا .... لم يعلمني أحد * * إلى الله في علياءه . سأرسل صحيفة مظالمي كلها . كلا ..... أخشى أن يكون الله أمياً . * * إلى امرأة تحبني وتخضعني قسراً لسلطان حبها ... تجتاحني كالإعصار . تحتلني كالإيمان تهاجمني كالقدر ، كالزلزال ، كالمطر ... فإذا ألقيت عليها الماء اهتزت .. وانشقت .. وربت وأخرجت أزواج ثرواتي البهيجة المكنونة كلا .. تلك لم توجد بعد !... * * إلى قلم كالصاروخ .... لا حبر فيه . وإلى نفس كالبحر .... لا ماء فيها . وإلى همة كالبركان ..... لم تنفجر بعد . وإلى كلمة ...... لم أقلها بعد . أهدي .. .. .. .. . ما محوت . تمت البركان الخامد ( ) عدوي ..... وعدو عدوي . حكمة صحراوية جافة . ودمي يتكثف ويجف في عروقي . عيني ..... وهل أغلى من العين ؟! كنا نلعب ... هم يقولون ذلك . وأنا اعترف أنها لعبة ! قبل كل شيء إنني الآن ... " أعور " . عيني المزرقة المسلوخة تخيف الأطفال . ولي من الجمال عموده ورداءه . رداء فوق عمود ... يخلق خيمة ! ظل تتهاوى إليه الفتيات في هاجرة الزيف اللاهف . وعند الالتصاق ... يكون ألقي ... والرعب ... والهروب . فعيني مصابة بالزحار . والظل فيه " براز " شاحب . اللعنة على منجسي الفيء . وفي أعلا وجهي ... تحت الجبهة ... على اليمين ... شيء مقرف . كتلة من بلغم مسلول !.. الأزرق والأصفر والأحمر . ما أقبحها من ألوان عندما تحتل المحجر !.. السماء أكرههالأنها .... زرقاء . وألعن الشمس لأنها .... صفراء . والشفاه الحمر في قاموسي . " سجلات جرائم تنطق بأحرف من دم " . إنني شيء خطير ، كقنبلة موقوتة . ككلب مسعور نهشه واحد من أبناء فصيلته . فهو فاغر فاه أبداً يطلب ثاره . يريد أن يغرس أنيابه الموبوءة في كل الموجودات . أنه ميت ، يوزع الموت ، ويجب أن يموت . كساعي بريد أوقفت قلبه رسالة نعت له عزيزاً . وهو ابن عمي ... عزيز عليّ ... ولا أعز من العين . الألم الممض . والصداع المستمر . والكون المهتز من حولي ليتني كنت نجاراً .. نطّ في عينه مسمار . ليتني كنت جاموسة ... فقأت عينها قصبة مسنونة . ليتني كنت صوفياً .... لاقيّر عيني . لأسد هذه الفجوة البركانية الثائرة . كيما تكف عن قذف الحمم والصديد .... وحمى الغيظ . ليتني كنت واحداً من ملايين العوران الراضين المطمئنين . المشكلة إني لست من هؤلاء . أنا صبي لم يراهق . كان يلعب مع ابن عمه في البستان . لعبة من هذه التي تصدرها سينما العنف وتجيء بها أخلاق الحروب . كنا نتعلم الرماية بقوس من عرجون قديم مثقوب الوسط وكانت سهامنا من جريد النخل . إلاّ واحداً من حديد ... كنا نعتز به . ذلك الذي خرق عيني اليمنى حتى العروق . خرجت روحي ... وخرجت العين كلها ... إذا أخرجوا السهم . وتبدلت غير ما أنا ..!... وتبدلت الأرض غير الأرض . هذا في داخل روحي ... أما في خارجها ... فأضحت القضية مجرد ....... " سالفة " !!! ولسوف تنسى . بيد أني اليوم سأجعلها .... " سوالف " !! تكتب وتروى رمى ابن عمي إذ رمى . أو أن الله رمى . ليس مهماً لدي . المهم أني سأرمي . وسأفقأ عينه .... وغير عينه . ولكن ..... إذا ما هدأ البركان . فسيعود الأولاد للعب الرماية في فوهته الجامدة . الحمراء ... الصفراء ... الزرقاء .... التي تشبه ... فوهة عيني !... تمت الوَباء المستوطن بعد مسيرة ميلين ، افتقدوا الجمل الأرقش. ولا يحتاج النهار إلى دليل ، وهي " سرقة في وضح النهار " ، نادى كبيرهم: - لا شك أنهم أهل التمر ، إذ وقفنا نقايضهم الملح .باطل البغي ... عودوا إليهم ... هيا بنا يا ربع ... وثارت غبرة بعيدة أدرك الزعيم ما وراءها . فدعى إليه عميدة النساء وقال لها : " هؤلاء أقبلوا يريدون جملهم ، وجمالاً من دونه.. فماذا ترين ؟! قالت : " لا عليك ، سأدبر الأمر . تلق القوم بالترحاب وأنزلهم . وإذا سألوك عن النواح والعويل فقل لهم ؛ إن الجدري فتك بنصف رجالنا ، وهذا خيرتهم قد مات اليوم . " وفي اللحظات التائهة بين ظهور القوم ووصولهم ، كانت المرأة قد أناخت الجمل وكثفته ، ثم أمرت نساءها أن يلقين بخمرهن وعصائبهن وأزرهن عليه حتى غطينه تماماً . إنما بقي رأسه العالي شامخاً لا حيلة في إخفاءه . ورغاؤه يكاد يقرص آذان القوم ... عندما شدت محزمها ولوّحت بمعصبها في النساء ، وارتجزت تقول وهي تلطم صدرها : - .. " يا خايبه إذن الجمل غطيها " لئلا يجيء ويشوفها راعيها " وبدى كأن النساء على موعد مع النواح والندب والتعديد ، فأخذن يدبكن ويلطمن ويصرخن بكل قوة وهن يدرن حول الجمل البارك حتى تكفل الغبار بتغطية كل شيء ، وكما عمّى الصوات والعياط والعويل على رغاء الجمل المضطرب وهو يفتح فاه كالتنين المرعب وينشر شقشقته البيضاء في كل اتجاه . ولم يترجل الخيالة ، إنما صاحوا بالرجل يهددوه بكل عنف وقوة : - " هات الجمل يا لص ... وإلا سقناكم الآن أسارى على جمالكم .. " وبينما الرجل يلين معهم الكلام لينزلهم أضيافاً على الرحب والسعة ... التفتوا ناحية الديار ورؤا الغبار وسمعوا الهضل والعويل ، فسألوه عن جلية الأمر . قال لهم بحزن وألم ، وهو يمسح عيونه بكمه : " أنه الجدري اللعين قد حل بنا وفتك بخيرة رجالنا ". وحالما سمعوا باسم " الموت " نفضوا عباءاتهم ، وتعّوذوا وتنادوا للهرب ... " يا يابه جدري ، فرّزا أيها الربع بأعماركم " . بينما كان الرجل ينادي في أثرهم : " تعالوا تعالوا فتشوا الديار " . وانهزموا غانمين السلامة ... فالجمل قد تلوث بالداء ، ولو أخذوه لأحرقوه ، فهم تاركيه وأن رّأوه رأي العين ، ولا حاجة بـ" الخائبة " لأن تغطي أذنه ، أو رأسه !.. أنهم لم يمروا بعدها بالحي الموبوء ، خوف الإصابة بالداء . غير أن الحيلة قد تكررت مع الكثير من القوافل المارة من هناك ..... وظل الوباء مستوطناً تلك الديار . تمت لّما يبكي ويضحك ...... عزرائيل !! ما كانت السفينة لتسعُ كلا طفليها التوأم ... فعبّرَتْ احدهما ، وعادت لتأخذ الثاني . في وسط اليم .... أمِرْتُ بقبض روحها . وظل الرضيعان اللطيمان ( ) يصرخان على الضفتين . عندها بَكَيت ....... يقول عزرائيل . لكني ضحكتُ ، بعد أربعين عاماً .... عندما أضحى الوالدان ملكيَن . أحدهما على المغرب ..... والآخر على المشرق !! وقد يجسن القدر السلطة أحياناً ! تمت الليل الأخير أسير على غير هدى . يحتلني الدمار من الداخل ومن الخارج . صرت أحب اللون الأحمر ، وأعشق منظر الحريق . قال لي أحدهم : " شباب كذباب التسي تسي " . ظننتها شتيمة ، ورددت على الفور ، ضربته في جانب رأسه ، وخرشت أسنانه . أمس قالت لي عشيقتي تعال انزح لي مرحاضي ، واحفره حتى العمق . لكني كنت في شغل فاعتذرت . صور الجماجم والعظام تطوق عالمي . تركت المدينة وأهلها ، لما وصلت إلى المكان المحدد لم أجدهم . حزنت كثيراً ، ورميت أطلاقات في الهواء وبطريق رجوعي دست على رأس أفعى ، فتقلصت كالعصا ورمتني بنفسها ، التفت على رقبتي ، خنقتني بقوة ، ضاق عليّ النفس ، وغبت عن الوعي . ثم سمعت صوتاً غريباً ، انتفضت وهربت ، وعادت إليّ روحي ، لما غادرت الحية . وطاف بي طائف من الجن ، حملني إلى عوالم متحجرة ضاحكة . رأيت أحدهم جاء يغير نحوي على حصان لا رأس له ، ولكنه قفز فوقي ولم يمسني . وخلفه جاء رجل مفتوح البطن يسحب أمعاءه ، تسيل دماً وصديداً ، ويحمل بيده مدية يبقر بها بطون المارة . وجاء رجل طويل ، عظيم كالجبل ، يضع في جيوبه أناساً كثيرين ، ويخرج منهما واحداً بعد واحد ، يرميه في حلقه كمن يكرز الحب ، وثم يرمي العظام والشعر كما يطرح القشور بعد سحقها . وإذا صادف نخلة تناولها بيده وقضمها كراس فجل . جاءت ذبابة تسعى إليه حتى إذا حطت على جسده ، قفز قفزة الملدوغ ، ثم سقط يشخر كالثور الأسطوري ..... وبقيت أسير ذلك الليل ، ولم ينبلج الصبح حتى النهاية . خمنته أحد سببين ؛ فأما الشمس قد انطفأت ، أو توقفت الأرض عن الدوران !!.... تمت صورة رمزية هلامية تنقل المعاناة الروحية والنفسية والشطحات الفكرية والعاطفية التي تحتل كيان بعض الشباب وتأخذهم في عوالم ظلامية رهيبة في تيه الظلم ، والأمل الأسطوري في الخروج من القمقم العبثي المرعب . صراع أيدلوجياً أنا قبله بدأت معها المشوار . وجاء هو بعدي بزمن طويل . وذهبنا نستبق .... وتركنا متاعنا . كنا كفرسَيْ رهان . من يحوز قصب السبق . كنت قد قطعت نصف المسافة إلى قلبها . عندما دخل هو المضمار . أزعجني دخوله المفاجئ على الخط مثل متطفل دنيء . قلت : " أنا أحببتها قبلك " . قال يستفزني ساخراً : أنها ليست مقعَد في باص " وقالت هي : " إن تذاكر أوتوبيسي غالية " . من علمها هذا التعبير المبتذل ؟! أول ما عرفتها كان لسانها سليماً . وكذلك روحها . لذا أهديتها نسخة من المصحف الشريف . ثم أردفتها بكتاب عن روح الإسلام لعفيف طباره . وكنت أقدم هداياي بدون مناسبة . أما هو فقد اختار يوم " عيد ميلادها " . وأهداها قرآناً من ذهب ، فيه سلسلة . علقته في رقبتها وهي تغمض عينيها بانشراح ، وتقول : - " الله ... يسلم ذوقك . أنت رائع " . أنه ذات كلامها يوم قدمت لها القرآن الورقي . أيَعقل أن يكون غيَّرها بهذه السرعة ! كلا لم يتغير شيء . أنا واثق أنها فقط إنما تجامل هذا ( الحمار الذهبي اللزقة ) ! . ولأدَعَهُ يحمل أسفاراً مما يشاء . حقائب ، أحمر شفاه ، أحذية ، حلي عطور ، ثياب مجلات .... وأن كان قبولها الحسن يغيضني . لكن تبقى أحاديثي أنا تلقى لديها قبولاً أحسن . " إن كلماتك هي الأخرى من ذهب " .. هكذا تقول . هي جيدة الإصغاء والتسمع . حديثي الأول معها كان عن الإيمان . قلت لها : " إن النفس إذا آمنت اطمأنت " . وثم تسامت في علياء الفضيلة والطهر . وكدت أقنعها بضرورة ارتداء الحجاب . لكن اللعين خرب كل شيء . عندما أهداها بَلوزاً قصيراً الأردان ، واسع الأكمام . وعناداً له وكيداً ، فقد اشتريت لها خماراً . لكنها لبست البلوز والخمار معاً . لا بأس ، أنها محتاجة إلى مزيد من الدرس . ورحت أنظم لها محاضرات طويلة في الوعظ . وأعطيتها المزيد من الكتب . لأبني حولها أسواراً منيعة من الحصون الذاتية . لأمنعه الوصول إليها ،. غير أنه بضحكة واحدة ، كان ينسف ما أبنيه . هو لا يتحدث مثلي . إنما هو .. يضحك فقط . وهو قادر على إضحاكها ، وجعلها تموت ضحكاً . أما أنا فما أفلحت إلا في جعلها مًطرقة . وكنت قبلاً أبْكيها لما أقرا لها عن الحسين . دعوتها أمس إلى لقاء . لنضع النقط على الحروف . لكن المتطفل العنيد جاء وحشر نفسه . وبتحدٍ قال : .. قل لها .... وأقول " . - " ما أنت ، ومالك بها ! هي إلي .... ولديني " - " بل هي لي ، ولقلبي " . وصممت جاداً أن أضربه في قلبه . لكنها – جادة ، أو هازلة قالت تسألني : ماذا ستقدم لي من مهر؟ قلت : " سورة أحفظها من القرآن " . هبطت رأسها إجلالاً ..... ولعلها كانت تفكر . لكنه قطع عليها تفكيرها بضحكة مطرقعة ، أطلقها كرصاصة ... وقال : - " هذه نكتة العام الهجري الجديد " . وضحك .. وضحكت معه . واستمرا يضحكان . وهو يحكي لها نكتاً بعد نكت . وطرائف وقفشات . ويحدثها عن الموضات و الموديلات . ويثني على جمالها ، ورقتها . وعذوبتها وسحرها . ووداعتها و ..... وكان ماءه يعلو شيئاً فشيئاً . حتى غطاها وحملها . ثم صار تياراً عارماً . ..... دفعني بعيداً . لا تحطم على صخور التراث !! تمت غش في درس الدين لم يأمر المدرس بمحو وتنظيف لوح السبورة ، فالمكتوب عليها كان بأحرف انكليزية . وما كان بحاجة لأن يكتب عليها ، فالحصة مخصصة للامتحان بمادة التربية الإسلامية ، وشرع فوراً بتوزيع الأسئلة وقراءتها ؛ وهي كالعادة ثلاثة أسئلة كأنها واحد ، أو واحد في ثلاثة ، هكذا هي الكليشة دائماً : - أكمل قوله تعالى من الآية كذا الى الآية رقم كذا ... ومثله الآخر .... كذلك السؤال الثالث .. هذا المدرس يريد من طلابه أن يحفظوا القرآن الكريم ، كأنهم ورثوا عقل ابن سينا وعبقريته !.. ولعل الشيخ الرئيس ليعجزه ما أتوا من ابتكار مدهش كانوا بفضله موضع مدح وثناء أستاذهم ، فلقد كتبوا الآيات مضبوطة بالشكل والتحريك وعلامات الوقف واصطلاحات الضبط وترقيم الآيات ، حتى جاء كل منهم بورقته الامتحانية وكأنها صفحة من القرآن الكريم. غير أن واحداً من الطلاب بدى في نظر الأستاذ مجنوناً ، ذلك أنه كتب الآيات بلغة عربية وحروف لاتينية !.. ولما سأله : " ماذا أنت فاعل يا هذا ؟ قال له ببساطة : - لقد كنت أنقل ما هو مكتوب على السبورة يا أستاذ ، مثلي مثل كل الطلاب ، مع فارق لا أراه مهماً ، ذلك أنهم حولوا الآيات إلى حروفها العربية ، ينما أبقيتها أنا على الحروف الإنكليزية". جن جنون الأستاذ إذ عرف اللعبة . وأصر على تسميتها " جريمة " ، وتعامل معها على أنها جريمة . فرفع تقريراً إلى السلطات الدينية والدينوية في البلد يطلب فيه الضرب على أيدي المجرمين ، وذلك لاقترافهم جريمة من ثلاث شعب هي : " الغش " و " التفنن في الغش " و " الغش في درس الدين " . أما الغش فعلى السلطات التربوية اتخاذ الإجراءات بحق الغشاشين حسب اللوائح التربوية المقررة . وأما " التفنن في الغش " فهذه جريمة مدنية خطيرة ، وجنحه يعاقب عليها القانون المدني بالحبس . وأما " الغش في درس الدين " ، فهذا له شعبتين : الأولى تخص الغش ذاته من وجهة النظر الدينية الشرعية . والثانية تخصُ كتابة القرآن المنزل بالعربية بأحرف أعجمية !.. وبقيت القضية تتفاعل طويلاً ، وتضطرب في الملفات والدوائر . ولكنها انتهت أخيراً بنقل ذلك المدرس إلى مدرسة نائية !!... وقد يجسن المجانين استخدام السلطة . تمت على ملة رسول الله دخل دارهم ديك غريب ، فقام من فوره مرحباً . - " أهلاً ، أهلاً يا أعز الحبايب ، يا قرة عيني ويا مهجة فؤادي ". وأمر صبيانه فتحاوشوه وأمسكوه ، ثم أدنوه إليه . قالت له امرأته : " هذا حرام " . فرد عليها ساخراً : " وماله يا حبيبتي ؟! نحلله ! " وتله للجبين ( ) ... فيما دعا بسكين . ثم وضع أصابعه في أذنيه ، وصاح بأعلى صوته : - " من ضائع له .... " ثم همس مع نفسه لا يكاد يسمعها ... وأضاف : - " ديك " . كررها ثلاثاً . ثم قال مقرراً : - هذه اللقطة لا مالك لها ، فقد أشهرناها ثلاثاً وعّرفناها حسب الأصول الشرعية ، ولم نظفر بمالكها ، وعليه فللملتقط أن يتملكها ، أو يتصدق بها عن مالكها . والأَوْلى هو الأخير ( ) . فإلى روح صاحبك يا ديك حياً كان أو ميتاً ، نهدي ثواب لحمك ودمك وريشك وعظامك و ... ذروقك ... أي نعم حتى الذروق فيه ثواب . وأشرعه للذبح وقال : - " بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله !! تمت نهّاب وَهّاب رآه مربوطاً في ظل شجرة التوت الكبيرة على الشط ، ناعماً بالشبع والري ، سميناً معافى ، يجتّر نائماً في الفيء السمين . والهواء العليل ينساب من صفحة الماء . جلس عنده يمسد صوفه الناعم ، ويتحسس آليته الثقيلة ... وتمنى أن يكون خروفاً مثله يأتيه طعامه وشرابه وهو نائم . بيد أنه عدل عن الفكرة عندما سحب مديته من جيبه وتذكر حرارة السكين . لكنه لم يضيع وقتاً في الأفكار ، بل راح يتلمس رقبة الخروف المصبوغة بالحناء ، ثم سريعاً قطعها ، تاركاً الرأس يتدلى . وبيد أستاذ محترف ثقب الجلد من أسفل الفخذ وراح ينفخ الذبيحة حتى جعلها كالقربة المنفوخة . ثم ألقاها في الماء ، فراحت تتهادى مدفوعة بتيار النهر . بعدها غسل يديه ومديته ، وأزال مواضع الدم فلا دليل على ذبح ، أو رمي في الماء .... أو طيران في السماء !! العملية كلها لم تستغرق لديه دقيقة أو دونها . وكان أمامه ، خلف الشجرة بخطوات معدودة ، يعمل أهل الخروف في بستانهم ؛ يجنون العنب ويصفونه في السلال ، مشغولين لاهين بعملهم عن خروفهم وما حدث له . مشى نحوهم متخفياً وراء النخلات ، لم يروه حتى دهمهم . حيّاهم ، وراح يصافحهم بحرارة . أنه يعتبر نفسه صديقاً للجميع .. وهل من يجهل " أبو فاضل " أو " أبو طبيخ " كما يسمى لكرمه وسعة قدِره المليء بالطعام ، ولكثرة زواره ومعارفه . أنه من الوجوه البارزة ، تجده في رؤوس الجاهات – المشيات – وصدور الدواوين ومقدمة الحفلات والهوسات والانتخابات . جلس فأدنوا إليه سلة عنب أكلها كلها . ثم تجشأ هائعاً ليرجع صداه المتكسر في الجانب الآخر من الشط . بعدها ودع القوم وسار مواصلاً طريقه دونما رفه جفن ، ولا كان السنور الرهيب قد ابتلع شحمه أو أكل سَلة !... أو خروفاً !!! بعد وقت قصير لحق به القوم يركضون ... سألوه والهين : - " أبا فاضل ، هل رأيت خروفنا الأقرن الثلاثي ذو الرقبة المحناة ؟! " قال لهم ساخراً : - " هذا هو في جيبي ، أو ربما في ( ..... ) فتشوه "وانحنى إلى أمام مشيراً الى دبره . قالوا : " أنه منذور للإمام العباس " قال بسخرية واضحة : " سلام الله على اسمك أبي فاضل – لعله كان يقصد نفسه – أحسبوه قد وصل إذن " . ..... بعيداً ، أمام بيته وقف على الشاطئ ينتظر الفريسة . حتى إذا وصلت تناولها وأخرجها . سلخها وقطعها . ثم ..... فارت القدور ، ووزعت الدعوات للخاصة لحضور الوليمة في بيت الوجيه المحترم الكريم ... النهاب الوهاب . تمت عالم الأحذية في زمن الحصار والتدبير العراقي ، عملت حذاءاً من كرب النخيل . سوف أشرح لكم الطريقة فيما بعد . قلت لامرأتي : " ناوليني حذائي ( الكربة ) " . قالت :" لقد رميته في التنور " . ... لا باس ، ربما انقطع شسعه . " إذن هاتي حذائي الأحمر ، ذي الشريط الفضي " قالت : " لقد أحرقته أيضاً يا عزيزي " . - " عجباً ... لماذا ؟! " . قالت : " حبيبي يقولون أنهم – من هم ؟! – سوف يوزعون على النساء ( قباقيب فرنسية ) ، وعلى الرجال ( يمنيّات ) أمريكية .. " قلت لها : " صدقتِ .... أنهم سيوزعون علينا جميعاً ، أحذية على مقاسات أفواهنا " . تمت الهروب من الحب لم يطق " عواد " البقاء في قريته ، بعد أن زوجوا حبيبتهُ " صفية " من ابن عمها . هامَ على وجهه هارباً من الظلم الاجتماعي ، ولم يعرف أحد وجهته . حتى هو ما كان يعرف إلى أين هو ذاهب وأي بلاد الله يقصد . كان كريماً بفعلته ، فما كانت صفية لتجتمع وزوجها تحت سقف واحد وهي ترى عواداً . ومرت سبع سنين ، ونساه الناس ، ونسوا قصة حب طويلة طالما تحدثوا بها وتناقلوا فيها الروايات والأخبار . ما بقي لعواد إلا أم تندبه في البساتين تبكيه ليل نهار . ولكنها سكتت بعد سنة . قالوا أنها سلته ونسيته . وهل تنسى أم ولدها الوحيد في سنه !... وقالوا أن المرض لم يترك فيها بقية للبكاء ، ثم ما لبث أن سلمها لصاحبه الموت بعد سنين . وولدت صفية خمسة أطفال . ومع ذلك فأن كثيرين في القرية ما كانوا راضين وغير مباركين لهذه الزيجة ، ورافضين لكل حيثياتها ، خصوصاً المتعلقة منها في البون الشاسع بينها وبين زوجها ... قال شاب متحمس : " لا تغركم الأطفال . صدقوني لا يزيدون ولا ينقصون بالنسبة للحب والسعادة . ورأيي الثابت بزوج صفية هذا أنه حمار نزى على فرس أصيلة فأحبلها . وهذا حرام لأن معناه مزيداً من البغال وخسارة في الخيل العتاق . صفية صابرة راضية ، راضخة لقدرها وقسمتها ، تخدم زوجها وأطفالها كما يجب منصرفة الى العمل طيلة وقتها . لكن مسحة الحزن لم تفارقها منذ زواجها . كانت تقفل نفسها على آلام كبيرة ، تحرص على أن لا تظهر منها شيئاً لئلا تعطي بعَلها البغل عذراً لإثارة مزيد من المشاكل . وكان لا يفتأ يناقرها وينغص عليها عيشها وقد يكون له الحق ، فالمرأة تخونه في أفكارها . وتعانق بالخيال عواداً رغم بعده أو سفره إلى المجهول ، أو موته كما هو مشاع . ثم جاءت الحرب ... فقتل زوجها في الجيش . وانتقل حالها من سيء إلى أسوأ فقد وجدت نفسها ترعى شؤون خمسة أطفال وتتكفل بعيشهم ... مسؤولية ثقيلة بدلت حالها غيرة ، حتى كان ينكرها من يراها . أين صفية الأيام الخوالي ؛ الرقة والجمال والأناقة والكمال .. والحب الكبير من هذهِ الغراب الأسود الكئيب . في رأس دورة السنة على وفاة زوجها ، ذهبت لزيارة مرقده في النجف مع جمع من النسوة ، يحملن له الثواب من أطعمة وزعنها لدى قبره على الناس ، ثم يجلسن للندب واللطم والتعديد ومزيد البكاء . ولمزيد من العذاب وتعب القلب لصفية تاه منها أحد أطفالها في سوق النجف الكبير ، فراحت والهة تبحث عنه ودموعها جارية لا تعي ما حولها من فرط حزنها . ثم فجأة رأته ..... ابنها يقوده رجل معممٌ ملتح . وأسرعت نحو ولدها تأخذه من يد الشيخ وتقبلها بحرارة وشكر مسيلة عليها الدموع . واستحت أن تنظر بوجه الشيخ – لكنه ظل يمعن النظر فيها . وقالت له وهي تأخذ الطفل من يده : " شكراً لك يا سيدي الشيخ . جزاك الله خيراً وأحسن إليك ، ووقاك من النار كما أطفأت نار قلبي المحترق على ولدي " . قال لها ودموعه تطفر من عينيه : " كان الله بعونك يا صفية ، الله يساعدك ويخفف عنك " . وما اشد دهشتها وعجبها حين سمعته يناديها باسمها صفية" ! ورفعت بصرها بوجهه فجمدت مكانها لا تريم وفغرت فاها متعجبة ، بينما أضاف وهو يفرج شفيته عن ابتسامة خجولة حنونة : " صفية كيف حالك ؟ " قالت وهي تتلعثم خجلاً ، بينما تحمله بين حدقات عيونها : " من ؟ ... عواد ؟! " - نعم ، أنا عواد يا صفية .. أين أنتِ يا صفية ، كيف حالكِ . - عواد ! غير معقول ، أنت عواد ! أين كنت يا عواد ؟ - أنا هو يا صفية . كيف حالك ؟ - كيف حالي .... الحمد لله على كل حال . - آه يا صفية ، والله إنك صعبانه علي . أنا عرفت أن زوجك قد مات .. كيف حالك الآن ؟ أرى أحوالك متبدلة غيرها . - أنا في عذاب منذ سبع سنين .. أين كنت أنت ؟ - أنا كنت أدرس . - تدرس !... تدرس ماذا ؟ - أدرس العلوم الإسلامية . حال مجيئي الى النجف انتميت إلى مدرسة دينية . والآن أكمل دراستي في الحوزة ... وأنت كيف حالك ؟ - هنيئاً لك والله يا أخي . وتسأل عن حالي ... أنا مت منذ سبع سنين . - لا قالها الله يا صفية ، أنت لا زلت مفعمة بالحياة طلقة المحيا كما عهدتكِ .. والله زمان يا صفية . أنت صفية لم يبدلك الزمان رغم شدة ظروفه . ومرت فترة صمت طويلة ، كانا ينظران لبعضهما بتأمل عميق عمق سنين الجدب السبع . ويطول زمن الصمت ، ويرفع عواد عنها ناظريه مستحرماً ليتأمل ولدها ويطيل إليه النظر . وتلهو به عن ولدها ، وتنسى كل شيء في زحمة الذكريات ، وتتأمل هذه اللحية السوداء المنتظمة زادت ذلك الوجه جمالاً وأضفت عليه جلالاً وهيبة . لم تتغير ملامح عواد حليقاً وملتحياً . وقالت تقطع الصمت الطويل : - أمك بكت كثيراً لفراقك . - فراقي !.. ومن أدراك أني حي ، أنها رحمها الله بكتني ميتاً . - ما شككت لحظة في حياتك . قلبي كان يقول لي أنك حي .. لقد كنت حياً في قلبي . ولما ألححت بالسؤال على أمك أسَرت إليَ بأنك حي ، وأنك تواصلها بأخبارك من مكان بعيد ما كنت أتصوره النجف وإلا لأتيتك . كنت أظنك خارج العراق ... كيف سلوتني يا عواد ؟ - أنا ما هربت إلا لأخلي الوجود حولك لتعيشي حياتك ... كان يجب أن أظل بعيداً . - كنت مخطئاً جداً يا عواد ، أنا أتعذب ، وما كذبني قلبي بحياتك يوماً . أنت حي في دمي وروحي كما أنت على الأرض . - نحن عبثاً نهرب من الحب ، وعبثاً نحاربه في نفوسنا ، إن الحب قدر يلاحقنا . - كيف هنت عليك لتسلمني يا عواد ؟ - تقاليدهم يا صفية كلها حرب على الحب . أنا الآخر كنت أتعذب وليس لنا إلا البعد ، أنت امرأة متزوجة . وما كانت القرية لتسعنا كلينا . - ألا ترى أن الوقت آن لتعود إلى القرية يا عواد ؟ - أعود يا صفية . - و ... نعود يا عواد . - ... ونعود يا صفية . تمت الإنسان والزنبور إن صدقت أمي ، فقد قصرّت بحقي .... أو كفرت ! وإن كذبت .... فقد أجرمت . اخوتي الأربعة ؛ محام ومهندس ومعلم ومدرس . وأنا الخامس " عار أخوته " صار فلاحاً !... ظل أمياً !... قالت غير كاذبة : يا ولدي أنا أرسلتك إلى المدرسة أسوة بهم . لكنك عدت بعين منتفخة . باكياً من لسعة زنبور !.. ورفضت بعدها الذهاب إلى المدرسة . - أهذا كل ما في الأمر ؟! إني لا أقبله ... لا أصدقه منك يا أمي . أيعقل أن " زنبوراً " يغير مستقبل إنسان ؟!! - لقد نصحتك فما انتصحت . وكلمتك فما سمعت ... وأجبرتك فعصيتني . وضربتك فهربت مني . صارت المدرسة عندك " كورة زنابير " ترعبك ، تؤلمك . - وعجزت عني ... يا أمي ؟!!! يا فرساً أنجبت أربعة خيول و " بغل " . " بغل " تركته بإراداتك للحمل والركوب ... ليحمل أثقال أخوته في سفرهم نحو العلا . ألبس كذلك يا .... " ولا تقل لهما أف " . وحملت أثقالهم ، وأثقالاً مع أثقالهم ... عمر وأنا المحمل الأكبر !! غطست بالطين إلى هامتي . ارفس وأحفر وازرع وأسقي وأعمر ، حتى جعلت الأرض جنة خضراء . كان عمري شوط عمل متواصل لا هوادة فيه . وجلست قرير العين مطمئن البال ، أنظر مزرعتي الكبرى . لكني نهضت مفزوعاً مرعوباً ذات يوم من حلم ... كابوس . لقد رأيت " زنابيراً " لا عدّ لها . تخرج من عيون ومناخير وأفواه أخوتي . وتتكتل في سحابة سوداء . ثم تنقض عليّ بدويها الهائل ... تريد أن تلدغني .... تأكلني . وفي يوم جاءني الأربعة . كلُ يريد خُمًسَه .  " أليست بأملاك وأطيان أبينا ؟! "  " هل وقع لك أحدنا عقد مغارسة ؟ "  من كلفك أن تزرع أو تعمر ؟!  أخرج منها راغماً . ليس لك إلا كأحدنا أهل الحق والعرف قالوا ذلك . بل زادوا عليَّ حق الاستغلال . وفي المحكمة ؛ دفعت لهم صاغراً " أجور المثل " لوارد عشرين عاماً مضت ... أمنا ظلت ساكتة ... لكنها كانت تبكي ... تمت الخِصْب والإرهاب من تلك الغافية على جنبي ؟ أشباح الوحدة .. الخوف .. الموت !! .. لا ، بل زوجتي . نائمة أشبه بملك . ما أجملها حبلى .... في الصباح الباكر قمت أصلي . بقرتنا الحمراء لا زالت نائمة . يعتلي الديك قرونها ويصيح . فيما الآخر يؤذن من فوق التنور . والدجاجات يملأن الحضيرة بالكأكأة . يبحثن بالسماد وينقرن القراد من ضرع البقرة المكتنز . حمارنا الأقمر ذو العينين العنبيتين نهض يتمطى . رفع شفيته إلى الأعلى " مشنفاً " ثم اقترب من الجاموسة يشمها . لكنها نفخت في وجهه محذرة . ونفضت رأسها الكبير المثقل بالقرون . لما رآني خروفنا " مياس " . أقبل نحوي يمعمع . نلت له ورقة توت حشوت بها فمه . وخرج الأولاد سبعتهم . قالت بركات : أحذر بابا لئلا ينطحك مياس . ونزل الكلب من منامه في أعلى الدريس . جاء يهز ذيله ويتمسح بالصغار . وعج الوادي بالحركة والصوت . الجميع كانوا يطلبون الطعام . * * * خرجت أطلب لهم الطعام ... منصرفي من حقول الجت بظاهر المدينة . وقفت بسيارتي لدى أحد البساتين . لأشتري بعض الخضر والفاكهة لأطفالي . هل كانوا يراقبونني ؟! تحركت قليلاً ... أنه طريقي اليومي لدى القنطرة الصغيرة جذع يسد الطريق ! من وضعه ؟! وقفت .. نزلت لأوخره . من بطن النهر ، وأشجار الصفصاف الكثيفة ... خرجوا إليّ ملثمين مشهرين السلاح . بسرعة كمموا فمي لم استطع أن أصرخ . حملوني ... دفعوني في السيارة . المسدسات فوق رأسي . جللوني بالكيس الأسود لم أعرف أين ذهبوا بي . البساتين والبزول ... هم أدرى بشعابها قريباً عند (الأرجل ) فيما أظن ... ومن أين تأتي الحمى ؟! ليسوا بعيدين يقيناً . " نريد ثلاث دفاتر " أعرف من قالها ... أنها لغة أهلينا العراقية . أمَرّوا سِكين الذبح على نحري .. وأنا أخابر زوجتي وأطفالي ليتدبروا أمر الفدية !. كانوا ينتظرون مني الغداء . أتتني ضربات ... صرخت ... تأوهت ... خرست . لا أملك غير حيواناتي العزيزات ... وأطفالي . وقد بقوا جميعاً بلا طعام . * * * تمت الهوبعَة انضممت إلى الجميع ورحت أتطلع مثلهم نحو السماء وأمد بعنقي بقوة إلى الأعلى . كانوا يؤشرون رافعي أيديهم نحو القمر وهم يصيحون : ذاك .. ها ذاك " . وتقاطر أهل السوق يتدافعون . وكلما مر فوج حشروا في الجمع وأخذوا يعملون عملهم . إلامَ ينظر هؤلاء ، وعلام يؤشرون ؟!... تساءلت فقال لي أحدهم بلا ارتياح : " مالك لا تفهم لا تعي !.. ألا ترى الناس ؟!.. تنظر الى الزعيم عبد الكريم ، قد ظهرت صورته في القمر " . ورفعت نظري ويدي أتحقق ، ولكني لم أرَ شيئاً . قلت : أين هو ؟.. أروني ... ونهرني الجماعة بغيظ يقولون : - " أأنت أعمى مفصّص ، أما ترى صورة الزعيم تتلألأ ... هاذاك .. ها .. اها .. ذلك وسط القمر " وحققت النظر ثانية . وبحلقت جيداً ... الناس تؤشر وتتصايح : ذاك ... ذاك ... هاذاك قلت لرجل يقف بجانبي ، على استحياء وخوف : - " أنا لم أره ... أآنت تراه ؟ أشهر أصابعه في وجهي صارخاً : - " عمى يعميك . أما الناس كلها تراه .. مالكَ أنت ! " وقال له أحد المؤمنين : - " اتركه ... هذا أعمى قلب مفتح العيون ..... " ومن يضلل الله فما له من هاد " . عندها استدركت كمن عرف خطأه . وصحت بانبهار : - " أي والله ذالك .... ها ذاك " . تمت الاختطاف أرسلت أمي تخطبها لي . وأبي كلم أباها ... وحصل القبول . وقبل ذلك كنا .... وكان الحب ، بمطولاته الملحمية . ليتها تسد .... كل طرق العالم . والسيارات ..... عساها ما وجدت ، ولا كانت ! بهذه السرعة ... تذهب حبيبتي ... يا عصر السرعة ؟! أيستفيد الجميع .. وأدفع ضريبتك وحدي .. أيها " التطور " ! ... كل شيء متأخر في قريتنا النائية إلاّ شيء واحد . ذلك هو " الطريق الدولي العام " الذي تقع عليه . مر أحدهم بسيارته " المودرن " . إبتاع منا عنباً ورطباً .. والتفت يميناً ، فرأى فتاة رائعة الحسن . قال : ما اسمك يا حلوة ؟ فانثنت خجلاً ولم تجبه ؟ إلاّ أن الأولاد – لا ولدتهم أمهاتهم – الذين طافوا حول سيارته متعجبين .... قالوا له أنها " كوثر " محبوبة " مازن " . وبينما ذهب أبي إلى المحسنين ... يقترض منهم مهراً لكوثر ! جاء الرجل - المتطور جداً – يحمل حقيبة نقود ! أعطاها كلها لأبيها ! وشملهم جميعاً بعطفه ، وحنانه و ... تطوره ! وعلى جناح السرعة ، بساط الريح ... متن القوة ... حمل كوثر .. وذهب ! أنا اعتبرت ذلك .... اختطافاً !! ومن يومها وأنا أرمي الحجر في الطريق . كي أمنع " المتطورين " من المرور ! ومزيد الاختطاف !!! تمت " حَب . سگاير . علچ " رأيته بأم عيني يسرق اثنين من الركاب النائمين !... ثم تحول إلى الثالث ... كانت عيني تراقبه ، وترصد له بشكل دائم أنواعاً شتى من جرائم السرقة الصغيرة .. ولكني لا أغير المنكر إلاّ في قلبي ، وأكتم الشهادة إلاّ عن الله وهذا الورق الأصفر.. وأسكت عن الحق كشيطان أخرس ، حيث أعلم أن هذا المصري المقرقم المقتحم ، إنما هو ضابط في جهاز أمن العراق .. عراق صدام !.... ومع مهنته السرية هذه .. يمارس " شحته " - وهذا هو اسمه المعلن – مهنا علنية ؛ منها صبغ الأحذية على أرصفة المحطة ، وبيع الحب " المُكسّرات والكرزات " والسگاير والعلك في القطار . أحد الركاب متكئ برأسه على المقعد .. أراد أن يكشف إن كان غافياً كي يدس يده في جيبه !.. أمسك برأسه المائل إلى الخلف قليلاً ، فأحس الراكب في التو واللحظة وفتح عينيه ، فقال له " شحته " على البديهة ؛ أو لعله عذر حاضر للطوارئ لديه . " أصلك كنت بتشخر ، ورأسك مايله ، فعدلته قلت ( خطية ) .. " قالها بلهجة عراقية . قال له بنية حسنة : " شكراً " ... ثم عاد إلى نومه . وغاب شحته وقتاً ، ثم عاد بعد منتصف الليل تسبقه زيطته " حب سگاير علچش " ... هذه يرددها كأغنية أعجمية لا معنى لها لديه ، إنما يجد فيها مادة لهو ، أو لأزمة تكرارية هي في الحقيقة جزء من " عدّة الشغل " وهو يكررها بمرح وسعادة ، لشعوره بأنه إنما يضحك على شعب كامل بهذه الوسيلة ، فيما الحكومة تعطيه أجراً عالياً فوقها !!.. كانت العربة مكتضة بالمسافرين .. بعضهم ينام على الأرضية . جلهم من الجنود الأشاوس ( حراس البوابة الشرقية ) قد عادوا من جبهات القتال بالإجازة الاعتيادية ، فهم مُتعبون مُترَبون ، ترى كل منهم يضع طاقيته " بيريته " على وجهه ويتكئ برأسه إلى ما وراء الكرسي ويغط في نوع عميق . السكون يتمزق بفعل العجلات الحديدية القاسية .. ولكن تلك الزمجرة الرهيبة لا تلبث أن تتحول بفعل الرتابة والاستمرارية إلى سكون .. وتتمايل رؤوس المسافرين برفق ، ويعلو الشخير ، وتطوف الأحلام على الجميع كملائكة تطير في فضاء العربة . ويدخل ( الشيطان ) بجوقته ، يطلق عدّة قنابر تنوير من طراز " حب سگاير علچ " ليرى على ضوءها النائم من المستيقظ . ويتناهى صوته إلى الأسماع الحالمة ، فيتحول في الطيف إلى صور شتى .. أحد الجنود يبتسم وهو نائم . لقد كان لحظتها يتمشى في منتزه مع حبيبته . وسمعا بائعاً متجولاً ينادي " خطأ! ارتباط غير صالح." فاشتريا منه ... وثانِ يحيط به كابوس ، فيجد نفسه وهو القادم من الحرب قد عاد إليها ، وها هو في المرآب العام – الگراج – يبحث عن سيارة ولا يجد ، وتصك أسماعه زعقات باعة المُكسرات واللفات والشرابات . لم يكن " شحته " يحمل شيئاً مما ينادي عليه . إنما هو جاء يغني أغنية منتصف الليل ، ويديه يضعهما في جيوب سترته القصيرة العريضة المنتفخة ، ويسير محدودباً يطئطئ رأسه منحنياً يبترد . ويبدو وهو الضئيل النحيف كأنه ابن آوى جائع يتربص بدجاجات نائمات ليقتنص منهن ما يشاء . ومن ناحيتي تحولت أنا الآخر إلى ابن آوى ، ورحت أنام بعين واحدة . ورفعت قوة شخيري إلى حدها الأقصى . كنت أنصب له فخاً منذ زمن لأضبطه متلبساً ، ولكنه لم يأتِ إليّ ، إنما قصد جاري في المقعد ... امسك رأسه ، عدله ، فتأكد أنه نائم . بعدها تحسس جيوبه ، ومد يده بثقافة السنور .. انتزع محفظة نقوده . في ذات وقت العملية الشيطانية كانت يدي قد استقرت على بقعة من جسد صاحبي ، لم أتبين ما هي وأنا نصف مغمض ، ولكني قرصتها بقوة ، فهب جاري فزعاً ، وقام وهو بعد نائم ، وامسك اللص بتلقائية . حملق في وجهه متعجباً غاضباً إذ رأى المحفظة في يده وقد أسرع اللص بإسقاطها على الأرض . دون كلام أو مراددة بسؤال وجواب أعطاه صفعة معدّلة طرقعت كالانفجار وهو يصيح به : " كلب ابن الكلب ، سرقت المحفظة وفوقها تقرصني ! " استيقظ الركاب وقام بعضهم بدافع الشفقة ليخلص الخسيس من بين أيدي الجندي الغاضب ذي الدم الحار . وكان اللص يصرخ مستغيثاً ، حتى إذ خلصوه منه انبرى مهدداً وهو يعدل ثيابه وشعره المشعث ، مغتراً بقوة يحسها فيه : - " أنا حَطرْبقها على دماغك النهارده يا ابن الوِسخَة " . وتوجه إلى الركاب يقول لهم بلهجته المصرية ، كأنه يوضح لهم الحالة مفصلاً : - " حقه والله صحيح خير تعمل شر تلقى . أنا كنت بعدل دماغه المايله لأنه بيشخر زي الثور ، قام مسك فِيّ ، قال إيه ، أنا كنت باسرقه ... والله عال .. يا أخوانا أنا مش ..... " وقاطعه جندي آخر من الركاب كان لا يزال ينام على أرضية العربة في الوسخ والتراب متوسداً حذاءه ... قال وهو يلوح له بجزمته العسكرية الثقيلة المحشوة بالمسامير : - " أخ والله لولا إني نعسان هساع وبحلوة نوم ، لكنت قمت عدلت دماغك المايل بهذا البسطال " ثم وضع طاقيته على وجهه ، وعاد إلى نومه دون مزيد . شحته ما يزال يتفلت يريد الخلاص ، واجتاز الجماعة إليه شيخ متوسط يلبس عقالاً وشماغاً ... امسك به من تلابيبه وهو يقول للمحيطين به بلهجته الجنوبية : - " شباب بالله عليكم أرخصوني شوية . أنا أريد أحاچيه وأفهم منه شنهي السالفة " . ثم توجه إلى اللص ليبدأ الحوار بأصوله العقلانية . قال له بسلام المضايف : - " عمي ... الله بالخير " رد عليه بلهجة صلفة غير مبالية : - " أهلاً وسهلاً .. عاوز إيه أنت الاخر ؟ " قال له الشيخ باستغراب : - " انت شنو بوية إنس ، جنس .. شسْمك ومن يا عمام .. سولفلي أهلك وين من يا عرب .. " رد المصري باستكبار : - " بلاش هزار .. عايز إيه انت الاخر .. متقول أنا سرقتك كمان ! " ويبدوا إن الرجل لم يفهم منه شيئاً ، إلاّ أنه استاء من لهجته الشديدة ، ولعله ظنه يشتمه ، فقال بتفجر : - " وفوقها تشتمني .. لا أنت مالك غير العگل تعدل راسك " . ونزع عقاله من راسه ، وراح يضرب اللص بقوة ، لكن الجنود منعوه وحجزوه عنه ، فيما هو يحاول التخلص فيمد يده إلى منافذ سترته ليستخرج مسدساً يخفيه فيها . لكن الجنود كانوا يحكمون وثاقه فلم تفلح محاولاته في الهرب والتفلت . صك أحدهم قبضته على رقبته يريد حنقه قائلاً بلهجة تحقيقية : - " قل لي ما هو قصدك وأنت تمد يدك إلى جيب الجندي ، إذا لم تكن تريد سرقته ؟ ... شلون البوگ أحمر ، اصفر !.. " قال اللص بلهجة عراقية متكسرة : - " أنا قلت ( خطيه ) راسه مايل ويتنفس بصعوبة . " قال الآخر بلهجة تمثيلية ساخرة : - " هل إن مهمتك الرسمية أن تدور على الركاب تعدل رؤوسهم !.. من كلفك بهذا ؟ وصاح صاحب المحفظة : - " يا جماعة أنا أمسكتها بيده ، ضبطته متلبساً . وقال آخر : دعوني مع اللص حتى باب الدار ، وتقدم منه يمسد كتفه وظهره ويقول : - " كم أنت رقيق رحيم بالناس . عملة نادرة أصبحت لا يوجد مثلك . معجزة أهل الكهف عادت . أنت انقرضت منذ قرون كيف عدت . أنت يجب أن نحنطك ونضعك في المتحف .. أنت تحفة نادرة . درة يتيمة .. هيا الى المتحف .. اليوم أحنطك . أخللك .. أسويك طرشي . الطمأنينة في حدها الأقصى لدى الجندي بأن هذا اللص سوف " يُحنط " كحشرة ضارة في سجون صدام الرهيبة . وسحبه من يده وسار به وشحته لا يتمنع حتى وصل به إلى مفرزة شرطة القطار .. استلموه شاكرين .. وقالوا له أن مهمته انتهت ، لكنهم كانوا حريصين على صرف الجندي بسرعة كيما يغادر المكان ثم اعتذروا لشحته وأدوا له التحية فيما تنحى كبيرهم عن مكتبه فجلس عليه شحته وأمسك التلفون متصلاً بمديرية الأمن في الناصرية على الفور ليعملوا استعداداتهم للقبض على مجموعة إرهابية من أعداء القيادة الحكيمة والأمة العربية المجيدة . اُنزلوا جميعاً وسيقوا مُكبلين مخفورين .. ذهبوا ولم يعودوا . فيما بقى شحته يردد نشيده الساخر " خطأ! ارتباط غير صالح." وهو دائر بين العربات . تمت لا يؤمن بشيء بعد الأمة العربية المجيدة ... الوحدة والتراث ! آمن بالاشتراكية ... الطريق الخاص ! ليس الشيوعية ولا الديمقراطية ! عما قليل غادرها إلى ... القطاع المشترك ! صار بعدها رأسمالياً .... معادياً للولايات المتحدة الأمريكية ! فأعلن في مقابلها : " الولايات المتحدة .. العربية ! " ولما رأى أنه ينفخ في قربة مثقوبة ! أبدلها غير هياب ولا متأسف بـ" الولايات المتحدة الأفريقية " ! عنوان أسود جميل ... لكنه محترق هالك مبدد مُستعْبد ! قطار محطم راكس في وحول استوائية ! في الشمال ؛ السوق الأوربية المشتركة تبهره ! واليورو .. العملة الموحدة تكتسحه . لا يصدقه .. يُجَنّنُه .. الاتحاد الأوربي ! بديلاً للعداء التاريخي القومي الحربان ... والصراع الاستعماري عالم لا يفهمه . كيف يتحرك .. لا يعي ما يرى ويقول !.. ألا يعلم أن الإنسان هناك مختلف حضري ؟! هاهم يعلنون ... الاتحاد المتوسطي ! العولمة ... النظام العالمي الجديد ! وسائلهم لخداع العالمين !.... يقول الإسلاميون !! - علمائنا !.. لهم بالمرصاد " علماء المسلمين " !.. لديهم البديل ! الصحابي ابن لادن ... يغزو منهاتن ! والإمام الخميني وصحابته ... ينطح الاستكبار .. بعمامته ! وعبد الله المؤمن المجاهد ينازل قوى الشر العالمي البائد ! والمهدي سيملؤها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً ... والمسيرات المليونية ... حيى على الصلاة ... والزيف والمهرجانية ! الله أكبر ... إليها . العولمة توحد العالم . . الكفر والإيمان يقسمان العالم الإرهاب يهدد ، يبدد العالم ! الجاهلية ... تغزو العالم ! الانفجار السكاني ... ناقوس خطر ! الاحتباس الحراري ... إنذار بالفناء ! السماء تنشق ... النجوم تنطمس ... المنابر تهتز ! سقطت الكراسي الإسلامية !... كلا ، أنها موصولة بأوتاد تربطها بعرش الله ! تكاثرت المسامير المدقوقة في جبين الله ! النزف خطير جداً ، التلوث ... في دماغ الله ! سقط الله ... مات الله ! تمت " باقةُ عَدَس " سرق ونهب ونصب وغصب ... وهرب بجريمته الكبيرة حاملاً غنيمته على كتفه لم يدَعْها ، والقوم خلفه يطلبوه بين بيادر العدس . وعلى بُعد خطوات من الحي الآخر ، وفي غمضة عين ، دس كيس المسروقات الثمين في بطن بيدر . وأخذ باقة عدس ، باقة صغيرة واحدة لا غيرها ، حَمَلها بيده ، وهو على حال ركضه السريع . والتقاه رجال الحي يستجلوه الأمر ، فقال في نفسه : " الذي يدري فأنه يدري . والذي لا يدري ، فأنها ... " . ثم رفع الباقة يلوّح بها أمامهم ، وجهر بالقول ، لاهثاً أنفاسه : - " أنها باقة عدس .. " . فصاح زعيمهم باستنكار وغضب : - " باطل !!!... أهذا الطلبُ كله خلف واحد أخذ باقةَ عدس ؟! " وتناخى الرجال لنجدة الدخيل الضعيف الغريب الجائع الشارد المطلوب . المضطر ... والتقوا " البغاة " بزمر البنادق وصدور الخيل ، يصدوهم ويمنعوا الدخيل . لكن الطالبون ظنوا أن هؤلاء إنما ينصروا المجرم ، بل هو منهم ، أرسلوه بغياً لإثارة الحرب وإفشال السجال الهدنة القائمة بين الحيين المتناحرين منذ القدم . لم يوقفوا خيولهم عن زحفها ، ولم يسحبوا الأعنّة لتخفيف وطئها ، وغلب السيف العذل ، واشتبكوا معهم بضرب ملتهب . ودارت رحى الحرب ، واشتد أوارها ، وثار غبارها ، حتى عفت آثارها ، ولم يعرف الثابت من فارّها ، ولا محترقتها من نُظّارها . ودكّت سنابك الخيل البيادر في مضمارها ، فغدت تراباً ضيّعت أخبارها !.. وعثرت رجل جواد بشيء كان مدفوناً بتراب العدس . وتبينه الفارس فإذا هو جراب مليء بالذهب والحاجات الثمينة . فحمله على رأس رمحه ، وانطلق بين المتحاربين يصيح : - كفّو .. لقد وجدتها . واستكانوا ... ثم كفو عن القتال . واستبان الرشد فإذا المناجزة قبل المحاجزة ، والسيف قد سبَق العذل . وطلبوا صاحب الباقة فلم يعثروا له على أثر . وعادوا فما وجدوا إلاّ أنفسهم يلوموها ويبكتوها ويلعنوها . ولكنهم حتى في اللوم لم يتفقوا وانقسموا أحزاباً وجماعات ومُسميات ... ففريق سماه بيوم البيادر ... وإنها لبيادر من الحمق والغفلة والجاهلية ، سحقت بيادر من غلال العدس . وآخرون قالوا : بل هو يوم باقة العدس ، وأنها لأكبرُ من باقة أحلامكم وأفكارهم . وكثر التبكيت واللعن ، فخرج جماعة يلعنون اللاعنين واللائمين والمبكتين ، ويقولون ؛ أنه لا لوم ولا تثريب ، فإنما ذاك ليس رجلاً البتة ، إنما هو إبليس بشخصه جاءكم يحمل باقة عدس وأنه لقدر مكتوب ، وسمى هؤلاء ( المؤمنون ) فيما دعاهم خصومهم " المارقون " واعترض مجادلون على " تجسيم " إبليس ، بأنه هرطقة وتضليل وزيف ... فيما عُباد لإبليس انتصروا لربهم بالسيف . وآخرين أعلنوا الحرب على الفريقين الضالين وسمو بـ" الفرقة الناجية " . ثم تقسموا أحزاباً وكتلاً وجبهات ... ومحاصصات !! واختلف الناس من يومها فهم في خلاف واختلاف حتى قيام الساعة . تمت اللثام أناديها بـ" قطر الندى " . وتدعوني أيا ... " بل الصدى " . قالت : موعدنا غداً . عصيراً ... تحت السدرة . وحضرت ككل مرة . فخرج إليّ رجلٌ ملثم بالمرة . قال : من هذا ... فلان ؟! قلت : نعم ... وأنا أرتجف كالبردان . فخرست وخفت ... وتأهبت للنزال . فأنه ؛ واحد من أهلها !... أو أحد العذال . قال : جئت تلتقي " فلانة " يا خلي البال . مكانك ... سأريك فعل الرجال . واقترب مني سألاً خنجر الردى . وكشف لثامه ، فإذا هي .... قطر الندى !! تمت شعبُ الفلاسفَة تعداني مُسرعاً . وما كنت مصدقاً أن مثله سيقف لمثلي في ذلك المنقطع من الطريق العام ... ودهشت لما شطحت السيارة على الإسفلت ، ووقفت قربي بمسافة قصيرة . ركضت نحوها مهرولاً . فتحت الباب ... جلست متهالكاً على المقعد الوثير الدافئ ، بعد ساعتين من الوقوف الشاق في البرد والظلام . لما سلمت ، رد السلام بتحبب وود ، وزاده عبارة " هلو يا ورداني ، يا روحي وكياني " ... كان مزاجه منبسطاً على ما يبدو حتى أخر رواقة . ضغط بكل قوته على دواسة البنزين ، فانطلقت السيارة وهي تعيط ، كأنها تستنكر فعلته . السرعة على أقصاها ، والمسجل يصرخ بأعلى صوته وهو يدور شريطاً من هذا الغناء السوقي المنحط لمغنٍ شعبي معروف بعهره . قال : أتعرف هذا المطرب . قلت : بلى ، أليس هو " فلان " ؟ أشار بنعم وأردف يقول بأسى : " بس خطيه استشهد " هه !... والله بلاش يا زمن الشهادة !.. ما أرخصك في بلد الأنبياء !... ينالك حتى القوادين واللواطيين !!.. وبتعجب سالت صاحبي : - غير معقول . ما الذي أدى بهذا إلى الجبهة لـ.. " يستشهد ! " ؟.. ومن بقي مكانه في خندق الرقص والدعارة والقصف ؟!.. رد بجد ، وهو ينظر في وجهي : - لم يمت بالجبهة ، إنما ...... " طگت عليه فرخ " . وضج في ضحك هستيري غير موزون مصحوباً بحركات انفعالية لا إرادية حتى فقد السيطرة على مقود السيارة ، فراحت تتمايل بشكل مروع ... كان يضحَّك نفسه ، أو يضحك عليها !... أما أنا فقد احتلني الخوف من طيشه وعربدته . بقيت ساكناً جامداً في مكاني .. توقف المسجل ، ناولته الأجرة المعلومة فرفض أن يأخذ فلساً ، وقال يجاملني بلطف وكأنه يعرفني كصديق حميم : - أخذ منك أجرة ؟ مستحيل .. أنت كيف ترضاها !. عيب على شيب أبيك ، كلا ارجع فلوسك يا ابن عم .. والدك رائع .. أحبه . كيف حاله ؟ وبدى من حديثه المتخبط أنه غير واعٍ . ربما أنه مخمور أو سكران ، إلاّ إني أجبته بالصدق كما ينبغي : - أبي مات منذ سنين . وكأن الخبر وقع عليه وقوع الصاعقة ، فلطم جبهته ، وأراد أن يمزق ثيابه . ثم أوقف السيارة وسط الطريق يتساءل باهتمام منقطع النضير : - كيف مات ؟ أأنت تصدق أم تكذب ؟.. متى وأين مات ؟... آه روح طاهرة .. ألف لعنات على روحه ، وسبع رحمات كان " حيد . مرعيد . خوش يكاون " . وراح يتمتم كأنه يتلو الفاتحة ، أو يخترف كالمجنون ، أو هكذا هو كما تصورت . ورأيته يمد يده إلى جيبه ويستخرج قنينة صغيرة ، فتحها وراح يكرع منها ، ثم مد يده بها إليّ بعدما اكتفى ، وقال : - خذ لك كمع ثوابات على روح المرحوم ، عشرُ لعنات على روحه ... لم احتج وأنا اسمعه يسب أبي لمرتين ... ليس على المجنون حرج ، وأنا في سيارته آخذ راحتي ، مستريح بأكثر من استراحة أبي في القبور . كان يسير بسرعة جنونية ، ونحن على طريق كميت ـ العمارة ـ الكوت ـ بغداد العام عائدين من الجبهة بعد منتصف ليلة 17/12/1985 . بدأت أخاف على حياتي أن تقدم قرباناً رخيصاً على مذبح السكر ، ناسياً أنها قبل ساعتين كانت مصفوفة في طابور مليوني على منحر الضياع والموت والزيف والاستضعاف والغلبة . قلت : أنزلني أيها الأخ . ولكنه لم يجبني حتى كررت القول ، وأنا غير جاد . قهقهة بلا مبالاة وقال : - لا يمكنني أن أتركك . أنا أخدمك بعيني تكريماً لذكرى الوالد الطيب . حدثني عن ذكريات والدك واضح أنه يريد موضوعاً لحديث ، أي كلام ... أي كلام ليقتل به الوقت ، وإلاّ أين هو الشاب الأربعيني من أبي شيخ السبعين الذي مات منذ سنين ؟! ولكني بقيت أتساءل مع نفسي : " أتراه يعرف عائلتنا ؟ " .. ربما ! قد أكون رأيته ، وأعرفه ، لكن الحرب والبرد والليل أنسانيه . قلت : ما اسمك الكريم أيها الأخ ؟ قال : أنا عراقي .. هذا يكفي . العراقيون متشابهون بأخلاقهم وأشكالهم وحتى أسمائهم . لم ألح . قلت دون قناعة : " أنا أيضاً عراقي " ... محارب ، متعب ... الأفضل أن أغمض عيني وأنام .... ولكن المشكلة أنه " يريد يسولف " ... قال :  العراقيون على أخلاق ملوكهم .. فاسدون . قلت أصحح له قوله :  " الناس على دين ملوكهم " هذا هو القول العام المأثور .  لكن العراقيين أفسدتهم الملوك .  الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها . وهذا العراق ما هو في التاريخ إلاّ ساحة حرب بين الملوك شرقاً وغرباً وشعبه مغلوب مقهور مُستضعف وحكمته في السياسة هي مثله الدارج " كل الياخذ أمي يصير عمي " .  هذا من الضعف . العراق شعب قليل العدد كثير الثروات ولذا صار مطمعة للعالمين .  أوافقك .. لا يوجد تناسب معقول . هناك بون شاسع بين السكان والثروات أدى إلى ( تخلخل الضغط السكاني ) في المنطقة وما حولها ، مما سبب الأعاصير – الحروب ... بغداد هذه بؤرة الإعصار الدائم .  الحل إذن أن نزيد عدد السكان ، وهذا هو توجه القيادة الحكيمة الآن .. في الجبهة الآن ثمانية عشر مواليد أي جيل بأكمله .. أبي تزوج أربعاً وخلف عشيرة ، نصفهم ماتوا في الحرب .  أبوك حمار . والحمار لا يخلف إلاّ الحمير . أنا أدعوا إلى زيادة إستراتيجية لا تأتي عن طريق الولادات ، إنما يفتح باب الهجرة العالمية على هذا البلد من اجل تلاقح الحضارات والأجناس وخلق مجتمع مولد إنساني سليم خالٍ من الأدران الطائفية والعقد القومية والعرقية .  يا ليت يا عم ... على الأقل الواحد منا يجد منكحاً سهلاً يسيراً أينما ذهب ، كأهل أوربا .  وأنت ما نظرت إلاّ لهذه ؟!... من أدراك أن البغاء والزنا أقل عندكم ؟.. " لأنتم شر مكاناً ولكن لا تعلمون " ... أنتم إن كنتم تعيشون لغاية ، فإنما هي جنسية بحتة . ما أنتم إلاّ بطون مندحقة وفروج ملتهبة ... أما أهل أوربا فقد تجاوزوها وتركوها مطروحة على هامش الحياة ، مُلقاة بإهمال دون رقيب ، يعب منها أهل الهامش ما شاءوا . الجنس لديهم ليس غاية .  أنا ذهبت مرة إلى أوربا ، نكحت مئة فتاة .. أنت كم واحدة نكحت في عمرك ؟  أنا لم أرَ غير امرأتي .  عمرك خسارة .. داعيك أوصل العدد لحد الآن إلى ثمنمائة وست وأربعون .. أريد أن أجعلهن ألفاً لأحاكي فعلات جدي هارون الرشيد ... بالمناسبة أنا اسمي رشيد . أنت ما اسمك .  اسمي محمد .  وماذا تعمل يا محمد .  أنا خريج كلية الآداب . والآن جندي في صنف الدروع .  " خريج . مريج . الكل يشرب بالابريج " .  أريد أن أتبول .. هل لديك إبريق .. كه ها هاي ... بفجأة أوقف السيارة .. نزل يبول واقفاً على قارعة الطريق . كان يسألني عن اسمي وسكني وعملي دون اهتمام بحيثيات وأهداف السؤال ، كأن الكلام يخرج من فيه دون أن يقصده أو يشعر به ، أو يقصد من وراءه مفهوماً محدداً واضحاً . أجوبتي أنا الآخر كانت تحمل نفس الطابع .. كلمات مشروخة مفرومة مبعثرة مشوهة كالجثث في الجبهة ... كطعم الحياة نصف المعطلة ، كالأرواح والنفوس العراقية الآيلة للسقوط ... كدين المنافقين !!! كنت مُغمِض العينين ، مُستلقياً على الكرسي .. اسمع . أحلم . أجيب . أضحك . أتكلم ... أسكر مثله ، بيد إني في الحقيقة نصف غافٍ . قال : أنت عسكري منضبط كما يبدو .  " نعم ... لكني سوف أهرب " .. قلت بمباشرة سريعة فيها حماسة . قال بنفس لهجتي :  جبان ... لا تفعلها .  وأنت ألا تهرب .  أنا لست في الجبهة . بل في مركز محافظة ميسان ، شبه مدني . أنا أعمل في مقر الفيلق الرابع مرتاح وآمن و " منسق " انزل في أي ساعة أشاء .. و " أنكح " يومياً ... كم يوماً قضى لك في الجبهة ؟  أربعون .  وبماذا تفكر الآن .  مشتاق لامرأتي .  أربعون يوماً تركتها !... قد تجد مصرياً يضاجعها الآن .  هذا أخي العربي .. لا ضير ، بعضنا من بعض .  كها هه هاي ... تحيا الأمة العربية .  .......  كيف تصبر أربعين يوماً .  أقرأ كل الوقت ... الكتاب لا يفارقني ، على الساتر ، في الحجابات .  مجنون ... الجنود بعضهم يلوط ببعض ... على دين ملكهم كه كها ياي ... صدام يستأجر مصرياً يلوطه .. هل سمعت بهذا .  الله أعلم .  هذه حقيقة مؤكدة من مصادر كثيرة، صدقني لا تستغرب.  بلا شك . أنا أيضاً سمعتها .  أخبار حقيقية تؤكد أنه مأبون ... أنا لا أهزل .  مالك مهتم جداً ... هذه ليست جديدة ... حكام العراق وولاته أكثرهم لوطيون ، بل مأبونون .. اقرأ التاريخ .  والحكاية القائلة إن صدام نغل ، وأن أمه كذا وكذا .  صدام سيد من آل النبي أو نغل . هذا كله غير مهم لديّ .  ما هو المهم إذن أكثر من هذا ؟  أولاً وقبل كل شيء ؛ صدام مجنون سلطة جاهلي .  لكن أفعاله لا يعملها إلاّ ابن زنا .  ابن الزنا من أنجبه ؟... والفرعون من فرعنه ؟!  صحيح " كما تكونوا يول عليكم " رعيته أسوأ منه ... وهو منهم وإليهم ... هذه الدهماء الموغلة في الجاهلية والزيف كفرت بالحرية كفرانة بالسلطة هم أفسدوه ، وهم آلة فساده .  أما إنك من رعيته ؟  وهل أوسخ وأقذر مني كائناً ؟!  كيف تقول هذا عن نفسك ؟  هذه حقيقة ، أروي لك طرفاً منها ... لماذا المكابرة ... وراح يحكي وأنا جيداً أستمع له بدل المذياع : أنا ... مكرم جنابك ، نائب ضابط إعاشة . كنا من الناهبين الأوائل عند تحرير المحمرة – وإلى الأبد – وجدت فتاة عربية ترعى الغنم أو تائهة فاغتصبتها وقتلتها ... اغتصبت كثيرات .  قتلتهن .  كلا ... واحدة ...  لماذا .  هذه كان قائد الفيلق هناك ، وخفنا . فخنقتها بيدي ودفنتها في الموضع . لكنها " شورت بيّ " في الحال ... أخي كان مغواراً بطلاً مثلك . تقلد ثلاث أنواط شجاعة ... استشهد في اليوم نفسه ... وسكت برهة يهز رأسه بأسى ثم أضاف : إيه .. أخي حمدان لا تدري ماذا فعل بي . أردت أن انتحر لما سمعت خبره ... كان معي في لواء المغاوير نفسه . على كل حال .. دنيا تمر .. وكلنا على هذا الطريق ... اشتعل أخي ، اقصد انتعل .. " خطيه طك عليه لغم مال دبابة " . وضحك بعنف ، ثم فجأة قطع ضحكه الهستيري ، وأضاف متجهماً مغيضاً كأنه ندم على سبب روح أخيه .. : قتل أخي ، وتحولت روحه " الطاهرة " إلى ... سيارة ! ها أنذا أركبها الآن ... وامرأته أيضاً ركبتها ... وهل لو كان حياً سيعطيني سيارة .. وامرأة !!... ليذهب إلى الجحيم . قلت متقززاً : إن أدنى الحيوانات تعفُ عن فعلاتك الخسيسة هذه . قال دونما أدنى غضب :  كل العراقيين هكذا .  أحك عن نفسك السيئة .. لا تعمم ، العراقيون أمة راقية .  أبداً .. هذه الخطيئة أي سجعي سطحي تافه لقنك إياها ... بل هم أمة واطئة ... ربما أنا أصدقهم لهجة . أعلنت عن الحقيقة بصراحة . وندمت على ذنوبي وحاولت التكفير عنها ... ألا تراهم جميعاً يفعلون فعلي وأنكر منه ... هذا المجتمع تحول إلى بهائم سارحة ينزو بعضها على بعض ثم يذبحون بعضها وهي تجتر .. المال والسيارات والرواتب التقاعدية المجزية ومنح الشهداء وقطع السكن المخصصة لذويهم ... هذا وغيره أفسد كل الروابط الاجتماعية بعد العلاقات الإنسانية .. حتى الأخلاق والمحرمات والنقاط التي كانت حمر اصفرت واخضرت ...  صدقت . أعرف أباءاً تمنوا أن يُقتل أبناءهم ليتحصلوا على سيارات .. وقد تحققت أمانيهم وسعدوا .  بل قتل والد ولده .. وكرمه صدام وأخرجه في التلفاز وأوعز أن يرسلوه إلى الخارج لـ" يصلحولو عويناتو وظهرو " ألا يستحي هؤلاء ... إذا كانت الأبوة هذا حالها في العراق فما تسل عما دونها . . هه عراقيون أماجد !!  ميّز الضحية من الجلاد يا عزيزي . نحن قلنا : أن الناس على دين ملوكهم . وهذا عبث الملك الجاهلي صدام بأخلاقيات المجتمع العراقي .  بل المجتمع العراقي بدوي جاهلي أصلاً . هو صنع صدام وأفسده .  نعم . وعلى الحاكمين أن يعالجوا حالة البداوة والجهالة فيه ، من أجل التحضير والتعصير . الذي يحدث ؛ أنهم يحيون القيم البدوية ليؤسسوا عليها ملكهم الجاهلي .. خذ حالتك مثلاً : لو لم يجتاح صدام بعسكره المحمرة .. وما بعدها . أكنت كمواطن تجد إمكانية للنهب والسلب ، وثم الاغتصاب والقتل العمد ... لقد ركبك صدام على صاروخ اخترق بك الموبقات السبع .. لقد دمرك كإنسان ، ومثلك أكثر من نصف الشعب ... فما تسل بعد عن النصف الثاني ؟! ملوك الزمان كلهم ساروا على هذا الخط . لم يجد العراقيون راعياً حضرياً يرتقي بهم سلالم التطور الحقيقي . حتى الصالحين من أهل الدين والتقوى كانوا في الحقيقة جاهلين لا يرتقون ، وتزل أقدامهم ولا يهتدون لأنهم لا يمتثلون الأمم الحية المتقدمة وحضارتها امتثالهم لـ" السلف الصالح " والخلافة وزمنها . فأن ارتقوا خطوة عادوا القهقرى خطوات . أما الطالحون فكانوا وحوشاً متحجرة يحيون الهمجية ويرجعون بالحياة إلى أدنى صورها ، لأنهم في الغواية والجهل والبداوة والهمجية راكسون .  سيدي الكريم .. كلامك أحكام فلسفة عامة ، وأنا أعرف منك بنفسي ... سادينها خارج أحكامك الاستنتاجية الوعرة ... اسمع : أنا لما نهبت ، ما كان النهب حلالاً في دين الملك . بل كانت وصايا صدام مشددة في أمر المحمرة والقرى العربية حولها أن تُصان ... مع ذلك ، أنا نهبت وأصحابي نهبا كثيراً .... وثم اغتصبنا حرة عربية تُعد من ( ماجدات ) صدام . ولو وصل النبأ إلى قائد الفيلق لأعدمنا ، ولذلك ارتكبنا الموبقة الكبرى وقتلناها . خفف حملتك الشعواء على الملوك يا أخي . الناس أسوأ من الملوك . والعراقيون هم يفسدون ملوكهم بالملق والنفاق ولعلي أخاف على الشيطان منهم أن يفتنوه ويغووه ويوسوسوا له ... وأسقط بيدي وأنا ابتسم متعجباً لبيناته الواضحات قلت مسترخياً أقلب كلماته ، وفيها إدانة صريحة لا ترد :  ماذا أقول لك يا أخي .. إن الغزو والاجتياح والحرب ، يولد أكثر من هذا الذي أنت فيه . رد بتصميم عالٍ ، وهو يضرب بمقبضه المقود :  كلا...أنا على يقين ثابت ؛ لو كان الغزاة جنود من الألمان أو الإنكليز أو الأمريكان ، لما نهبوا ولا غصبوا ولا قتلوا بل حتى البرابرة والمغول لم تفعل أفاعيل جند صدام ليس في إيران والكويت حسب ، بل في المدن العراقية ذاتها ... وتأفف بضجر وأضاف : بلا ملوك ، بلا حروب يا أخي ... هاك صورة واحدة للإنسان العراقي تكفي . كانت بغداد تُنهب وتُسلب من قبل أهلها كلما دهمها فيضان ، أو أجلى سكانها وباء !.. لماذا لم يحدث مثل هذا في باريس ولندن وبرلين ، وكانت ساحات حرب لمرات عديدة ؟! لأن الإنسان هناك أرقى . ـ من أدراك لم يحدث فيها نهب من قبل أهلها .. بلا قد حدث لكن قد يكون أقل . قد يكون أقل ، ويقيناً إن الإنسانية تتمدن حتى في سلوكها الحربي ... غير أن البداوة متأصلة فينا ، ولن تخرج وتغادرنا بالطرق التقليدية كالإصلاح والوعظ والإرشاد والتقنين ، بل هذه تزيدنا سوءً ... إنما إصلاحنا يحتاج إلى خطوة إستراتيجية تعمل على تبديل الإنسان . تمدين الإنسان . تجديد الإنسان . تكثير الإنسان . تلقيح الإنسان ...... استيراد الإنسان ! لم يعلق ... لم يفهم كلامي الكبير هذا ... هو قطعاً ليس لأمثاله . يجب أن أسمعه آخرين مختصين ، أمميين ، إنسانيين ، عالمين ... ويل لي من الجاهلين . وسكتنا برهة ... الطريق طويل ... اجتزنا المدائن . دخلنا بغداد ... انفجر صاحبي بالبكاء فجأة ... التفت إليه دون كلام . قال بأسى وهو يكفكف دموعه :  مسكين أخي . كان يصلي خمس مرات في اليوم ، وقرآنه بقدر قنبلة المدفع . يضعه على حاوية عتاد كبيرة في باب الملجأ .. أنه جندي باسل ومنضبط . قد يكون لا زال يصلي ويدعو في قبره .. وهو بملابسه الخاكي .. وقعت قنبلة في ملجئه لم يصدها قرآنه ...! وثم طرقعت ضحكته الهستيرية غير المألوفة ... سلوكه غير المتوازن كان ينم عن فكر مشوش أنها حالة نفسية معروفة ، أو مرض عصبي . أو لعلها " الازدواجية " مرض العراقيين القديم عاودهم في الحرب بأقسى حال وأشنع مآل . النقمة المحبوسة في الداخل ، تولد انفجاراً يبقى محبوساً في الروح فيدمرها تدميراً . كل عراقي يحمل ثورة ضد الواقع ، مكتومة مقهورة ، وها هي تظهر بهذا الشكل المنحرف من السلوك اللامتوازن . أنه جنون خفي يظهر تارة ويخفت أخرى . وقد لا يكون ضاراً أحياناً. الرجل رايته جاداً هازلاً في آن معاً . يضحك ويبكي . يسخر ويحترم ، ويغضب ويفرح ... إنما ساحته نفسه ، يعنفها ، ينتقم منها .. إن المرض فيها . ليته يبقى مرضاً نفسياً ... الخطير الكارثي عندما يتحول إلى " فلسفة " ! فلسفة تمزج الحزن بالفرح كيف يجتمع النقيضان ؟! ... هذه خاصة بالعراقيين وحدهم ... خاصة بالعراقيين من دون الشعوب رأيت دموعه حقيقية على أخيه ، سألته ناشداً الحقيقة وحدها :  ما لي أراك تضحك بعد كل دموعك السخينة على أخيك ؟ ولع سيكارته بأناة ، وقال وهو يرنو إلى البعيد :  ما كانت لي أدنى رغبة لأخذ امرأته . لكنها إرادة الوالد ، وعيون بنات أخي . كنا حُزانى كلنا ، بعد أكثر من ستة شهور على " استشهاد " المرحوم . وأثر انهمار الأموال علينا كالسيل ، تغيرت أشياء كثيرة في حياتنا ... أنا كنت مغرماً بالسيارة ، لا أريد غيرها ، أخذتني إلى المدينة وأبرزت لي جميع مفاتنها . هي المعاش . هي الفراش . هي المرأة . هي اللذة والنزهة ... لا أريد شيئاً . امرأة أخي غراب أبقع ، مسودة حزناً على زوجها ، تبكيه ليل نهار . دهّنوها ، صبّغوها ، أعدّوها ... قال أبي : أدخل الليلة . قد أكملنا التحضيرات كلها . دخلت بروح منقبضة ، مسدودة ، متصدعة ، كبناء يريد أن ينهار . جلست بعيداً على كنبة في الركن القصي من الغرفة . أشارت إليّ بقفازيها الأبيضين أن هات . لم أقم إليها .. ليتني ما دخلت .. عزمت أن أخرج لولا .. بعد قليل قامت ... وقفت بإزائي وأنا قاعد . بما وضعت من أدوات وخرق ، بان محتواها .. ظهرت كامرأة .... اشتهيتها ... ما كنت أنظر إلى وجهها ، يقابل وجهي وسطها ، أردت لمسها .. انحت عليّ ، قالت : " قبلني " . لما هممت ، أنطفأت ، وجاشت نفسي بالألم والحزن ... أنها " عفراء " امرأة أخي . قلت : هل من طلب لي إليكِ يا أم غصون ؟ قالت : قل .. ولكن ادعني باسمي قل لي ، يا عفراء . قلت : يا عفراء هل لك أن تلبسي حجاباً . قالت بانزعاج واضح ، وقد فهمت :  لماذا ألست امرأتك ؟ قلت : أرجوك دعينا اليوم . قالت تدلق لسانها وتعيبني به :  ماذا !... قم يلا قم . وقام .. وقمت كما أرادت ... أعطيتها حقها . كان الجميع حزينون ، ومتوجسون من أمر واحد ، ذلك هو أن لا نكون زوجين كما يجب ، بسبب النفور والألم النفسي الممضِ المرافق للحالة . وسريعاً أخبرت أمهاتها وصاحباتها ، بأنه اقتحم العقبة ، فرحن يزغردن .. ما أشد ضيقي وانزعاجي لما سمعت الهلاهل . أردت الخروج بسيارتي لما انتهت المهمة ، لكنهم منعوني. قال أبي : " اعقل ولا تفضحنا . ابق لدى امرأتك لا تخرج حتى الصباح " . أتعلم ماذا فعلت ليلتها !. هل سمعت بالدبة التي تختطف الرجال ، في جبال الشمال يحكي عنها الجنود قصصاًَ غير كذوب. عفراء امرأة أخي ... كانت الدبة ! امتصتني .. ازدردتني .. لحستني .. أكلتني وقذفتني جيء بالطعام والشراب والورود ... على مهلها كانت تؤكلني ... لا أشتهي .. بيدها تحشو فمي ... غصّصتني ... جرّعتني . كذلك فعلت ... بمجامع عزمي . لم تعد بيّ رغبة ... أرغمتني ... وقعت فوقي . وفي الحمام ... لم تعفني ... صارعتني .. في كل فن غازلتني .. أهذه يا رب ، أمس ... كانت تبكي ؟! ... امرأة أخي! لما سكت ، طفقت أضحك دون هوادة . لا أدري أي شيطان تفل في حلقي .. قال : لماذا تضحك ؟... أنا ذاتي لا أعرف السبب ... ربما لسذاجة القصة وتفاهتها ... حقاً هناك أناس يتعثرون بشرنقة من خيط العنكبوت يلفوها حولهم . تأكدت أن الرجل موسوس ... إنما رثيت لامرأته التي ورثها من أخيه ، كيف تعالج حبها واشتهاءها مع شقاءه وشقوته !.. الشقي أسر لي أنه يخطط لتضييعها والتخلص منها ... صحبتي له لا تتعدى رحلة بالسيارة فماذا يمكن أن أفعل سوى النصيحة والوعظ . إنسانة من حقها أن تعيش . تمارس الحب كما تهوى . تأتي حرثها أنا تشاء كما الرجل ... لماذا تحسدها ؟. قد أوفت لأخيك حياً . ولما مات بكت نفسها ، حظها ، نصيبها ... هذه حقيقة كل أرملة . أو بكت لزوج أحبته رحل وتركها في فراغ لابد من ملئه . لم يرد عليّ بحرف .. صامتاً مكفهراً أخرج قنينته مرة أخرى ، وأخذ جرعة ثم أخرى وأخرى حتى أفرغها في جوفه ، ورمى القنينة الفارغة . وبدى أن السكر استولى عليه . ولكن مسيرة ما أنفك معتدلاً ، وسيطرته على السيارة تامة كأنه تعلم السياقة تحت اللاشعور ... أنا ما عدت أـخشى السكارى في شعب ثمل بالخمر والعهر ... والفلسفة !! وقريباً من شارع فرعي ، قال لي باحترام وود :  أخي الكريم ، من فضلك ، أنا ذاهب من هنا إلى " الكاولية " ( ) فهل ترغب في الذهاب معي ؟ قلت بنفاق مفضوح :  " ولا تقربوا الزنا أنه كان فاحشة وساء سبيلاً " . وبدى كأنه يسمع الآية لأول مرة ، وكأن عقله عاد إليه فقال مستفهماً :  ها. صحيح. الفاحشة، والله ما كنت أدري . مَن قال هذا ؟ قلت بتركيز وإيمان : الله تعالى . قال يتفلسف ، كأي حمار عراقي :  الله في الجبهة .. وفي الشارع .. وفي المسجد يحرق ويلعن ويُطرد لكني أرى الحياة في الماخور هادئة عطوفة حنونة لذيذة دافئة بعيدة عن دنيا الحرب والكفر والدجل والنفاق ... إني أجد الله هناك اقرب ... هيا بنا لعلنا نرى الله ... ما كنت قادراً على منعه ، ولست بمستطيع مغادرة مقعدي الدافئ المريح إلى البرد والشارع الموحش في هذا الفجر الأليم . وبدى أنه عدل عن فكرته عندما قرعت أسماعه تكبيرات مآذن بغداد . قلت : لنصلي . قال : أنا لا أدخل الجامع ، إنما سأسكت هنا دقيقة صمت ، حداداً .. على موت الله . وسكتنا دقائق ونحن نسير في الشوارع الكبيرة المنورة بصخب . قلت : أترى أن هذه مدينة حرب ؟ قال : بل هي مدينة السلام ، بغداد صدام . وكانت امرأة تشير من بعيد بإلحاح ... قال : ما رأيك أن نأخذ هذه ، نستمتعها .. على سنة الله ورسوله ؟ قلت : ماذا تعني ؟ قال بثقة العارف : هذه مومس محترفة ، خرجت في الفجر ( على باب الله ) تحصل رزقها .. تيقن أنها صَلت ودعت حسب الأصول ، قبل أن تخرج في الغبش ... إنها تبحث عن فحل مؤمن صلى لصدام وصام أربعين يوماً . سبحان الله !... كل يرى الناس بحسب نفسه .. قلت بلهجة فيها عدم ارتياح !  بأي حق ترمي المحصنات ... ما أدراك لعل مصيبة أخرجتها في هذا الوقت المبكر من الفجر ؟ وقف لديها ، فرمت بنفسها على السيارة تقول بلهفة : فدوه أروحلكم ، وياكم ... زوجي جلبوه شهيداً ، وخابرونا أن نستلم جثته من مستشفى الرشيد أرجوكم الرحمة ، خذوني . وسريعاً فتحت الباب وتكومت في المقعد الخلفي وهي تجهش بالبكاء .. زوجها !.. وحدها !.. في هذا الصباح الأليم !.. الله أكبر ... إلى أين آلامكم يا أهل العراق ؟ أنا الآخر رحت أبكي بحزن حقيقي . ومددت يدي لأسد المسجل وطبوله المنكرة . لكنه لم يسمح لي ، وقال : دعه . قلت : إذن افتح محطة الإذاعة على قرآن الفجر .. ها هو يؤذن . صدع لرأيي حياءاً وتذمماً ، وأدار الراديو على إذاعة دينية .. لكنه أبقى الصوت واطئاً جداً . وقطعت المرأة بكاءها وقالت :  عيني .. إلى أين أنتم ذاهبون ؟ قال لها صاحبي بنزق : " ذاهبون إلى " الكاولية " قالت بأسلوب مباشر : " خذوني معكم " وفيما كنت أتلفت لأفهم ، قرص صاحبي فخذي وقال : " هل تعرف أن تسوق " ؟ قلت : بلى قال : تعال مكاني . وتباطأ حتى وقف ... لكن فهمي كان بطيئاً جداً ... تصورت في البدء أنه داخ من العرق والسكر ... ويريد أن يستريح . قال لي : خذ هذا الشارع الطويل ... كن بطيئاً سق على مهلك . نزل سريعاً ، واستدرت مكانه ، فيما تحول هو إلى المقعد الخلفي مع المرأة !... بدأت أفهم الحالة ببطء . بعد مسيرة ميل على غير هدى ، لم احتمل الحالة ... لا أقدر أن أقود .. المرأة كانت فاحشة وشهوانية بلا حدود ... والصوت أقسى من الصورة !... الأنْعاظ ضايقني .. وقفت في الظلام . لما قضى صاحبي وطره منها ، بادلني الحراسة والسياقة .. ودخلت .. المقعد الخلفي .. يا لله ما الخلفي !. بعد أربعون يوماً من الحرمان.. الصيام .. على دين عبد الله المؤمن صدام !!! لم تطلب شيئاً لما قال مازحاً : " أأمري " .. لكنه لم يعطها فلوساً ، إنما ناولها كيس كبير فيه علب بسكويت ومعلبات ... مؤكد أنه سرقها من حانوت الإعاشة العسكرية حيث يعمل . أما أنا فقد سلمتها خمسة دنانير من راتبي البالغ أربعاً وثلاثون ديناراً ... تستاهل . تاخذها حلالاً طيباً ، منحة خالصة من كل قلبي ... لقد تعلمت ثلثي المرأة على يديها .. كانت امرأة .. والنساء قليل . قلت لها منسكباً على ترائبها الحنونة : كليها هنيئاً مرئياً ، لأنك كنت بحق هنية مرية شهية .. بارك الله فيك تؤدين عملك بإتقان وعشق وإخلاص لا يتوفر لدى العاملين ... أنت فنانة تذوب وتتفاعل في دورها ... أنت مؤمنة تسجد بخشوع واستغراق . وضحك صاحبي وراح ينشد : وعابدةٍ .. لكن تصلي على القفا وتدعو برجليها .. إذا الليل أقبلا وأطلق ضحكته الهستيرية العالية وأضاف :  " هذا الفتى أيضاً .. أُصيبَ بالفلسفة " ... وقالت هي بصدق فيما أوّلت :  إني أحببت هذا الشاب اللطيف . أنه بريء نظيف . لا زال خامة بيضاء لم يدنس ... لا أحب أن أكون قد دنسته . وأريد أن يشملني بطهره ... ليتني أتوب على يديه ، وأكون له وحده . وصاح صاحبي بانبهار : الله الله .. ونحن أين نكون يا شعب الفلاسفة ؟ ثم راح يداعبها بمرحه المبتذل .. يقرصها في مواضع ... لم يرق لي منه ذلك . وكنا قد بلغنا الصباح في الباب الشرقي ( ) .. أوقف صاحبنا سيارته ، وقال كأنه لا يعرفنا : " انزلوا هذا هو حدي " . نزلنا ، وهو يشيعنا بآيات الترحيب والتأهيل العراقية الحارة ... ثم تحرك مواصلاً طريقه ، فيما مضى كل منا إلى غايته ، وسط زحام ساحة التحرير . حمدت الله على السلامة . وسرت أنوء بحمل أفكاري الثقيلة ... أغربلها .. أحللها ؛ أيها الصح ، وأيها الخطأ ... أنا أم هذا العراقي ؟.. وقد انتهينا إلى ذات الفعل المزدوج !... لكننا لم نؤذي الحياة ، ولم نسيء الى أهلها فيما أرى . وهذه العراقية الرائعة إنسلت من بين يدي كخطرة خيال ... أعطتني جسدها ، ولم تعطني اسمها ، لكي تحافظ على " ازدواجيتها العراقية " ، فتكون " امرأة شهيد ! " .. ما أقدسها في الاسم .. في القول ... وفي الفعل هي " عاهرة تبيع الهوى " ... ولكنها تحترم عملها حد التقديس . العراقيون المزدوجون .. كلهم في الفعل متشابهون . في القول ، مختلفون ... متفلسفون ! كبر مقتاً فلاسفة الازدواجية السكارى بالخمر . والقهر . والعهر ... قديماً .... لا خوف من اجتماع الخمر بالعهر . إنما .. في الحرب والظلم والكفر يدخل مع الخمر والعهر ... ثالوث اسمه القهر .. لينتج " الازدواجية " ... الفلسفة الأشر وهناك يكمن الخطر . تمت أَصناف وألطاف يكذبني . يخدعني . أبشمني . أيئسني . وهو إبني ، أرضعته لبني . سرقني مئة مرة ومرة . بدأ بمحقرات . صغائر ، لم يعافها .. رغم كل معالجاتي . ترك المدرسة . هرب وعصى .. ضربته فأبى . أبوه قتيل حرب . صار رجل البيت ... خان البيت ! لو أعطيته قنينة الغاز ليملأها ، ذهب بها . باعها . سرقها . جدته تحبه ، ترحمه ... سرق سوارها . فقدت بعض الحاجات من محل خالد الذي يعمل به . ربطه إلى العمود وضربه ضرباً مبرحاً . لم يعترف ... طرده . صار محترفاً خطيراً يلقف كل ما يجد . ملابس أخواته المنشورة على الحبل ... أواني الطبخ ... خرطوم الماء في الحديقة . المشكلة أنه لا يعترف ... عرفت أنه يشتري المخدرات .. يتعاطاها . يبيعها . صار خطيراً لا أقدر عليه . طردته من البيت ... لا أريده . اشتروه ... سَخّروه . صار إرهابياً ... قاتلاً . نعم ... أنا أمه ... لم أقصر في جهدي ... عجزت عنه . أرى القانون أرحم به . وبي . وبالمجتمع . لما حكمه بالإعدام ... بدموعي التمس تخفيضه إلى الأشغال الشاقة المؤبدة أريده حياً لا أحتمل أن يموت . تمت ولله لصوص أيضاً !! حي على الصلاة ... منذ ثلاث تركت الصلاة . وفكرت ببناء مسجد في الصين . يحمل اسمي الرنان ويقربني خطوة من خالق الشيطان . * * أشياء أراها في دار جاري كلها تبكي على " حرامي " . سأشن غارة على الجيران . ومن الغنائم أكمل مسجدي الرنان . * * بعد نقاش صاخب وحام اتفقت وصديقي التقي على جواز أن نسرق اللصوص . من أين نبدأ يا تقي ؟ قال : من الرئيس * * لبسنا العمائم مثل اللصوص . خلعها صاحبي . قال لا يجوز ... " العمامة تعني الاستقامة " . لما عملت وزيراً ... للقبور أمرت ببناء أضرحة ومساجد قال وكلاء وزارتي : ما أكثر التكايا في البلد ... اعمل غيرها . علمانيون ... طردتهم جئت بـ " ديّانين " أطالوا المنائر زججوها .. غلفوها بالذهب " ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " لكن قلبي لا طمأنينة فيه أخشى أن يغير عليها بعض " الوهابية " أوعزت لصدقائي بسرقتها . تمت " السانيَة " طرحت جثة رضيعها أمام الشيخ في ديوانه المكتظ بالرجال ، وقالت : - " إن ابنك قتله " . ... زين شباب العشيرة وفارسها ... كيف يقتل طفلاً بريئاً ؟! ... " قولي غيرها يا امرأة ! " وصكت وجهها صارخة نادبة : " أريد ولدي ! " . وجاء ابن الشيخ يقول صادقاً : " لم أرها ولا ابنها ، وما أفقه ولا حرفاً مما تدعي ! " . وأحضروا " العارفة " فسألها أمام الملأ : - " متى وكيف تم ذلك " . قالت في إفادتها : " في الصباح لما خرجت ابتغي حزمة من الحطب ، وتركت ولدي في ظل عليقة صغيرة ... عما قليل رأيت فارساً على صهوة جواده يمرق كالسهم بالقرب منه ، هو هذا الفتى. وصرخ الطفل فركضت إليه . وحملته إلى البيت ... لكنه لم يسكت حتى مات . "  عجباً !... ربما يكون قد لدغته أفعى .  كلا ، بل هي رجّة حوافر الفرس أوقفت قلبه وهو ابن ثلاث شهور .  لكنها لم تطأه .. هذا باعترافك أنتِ . قال العارفة : " إن حوافر الخيل ثقيلة على الأرض تدكها دكاً .  الله !... وتميت من هزتها ؟!  الفارس يضمن إذا حرك الماء .. هكذا السانية العشائرية .  كيف ذلك ؟  نملأ قدحاً بالماء ، نضعه في موضع منام الطفل تحت العليقة ويمر ابنك بفرسه في طريقه الذي أتى منه فأن أرتجّ الماء فعليه الوزر ويدفع الديّة .  أهكذا حكمك ؟  نعم ... وهو الحق حسب السواني التي وضعها الأولون .  وأنا قِبلت شريطة وضعها بقانون . لما تتحول أساطير الأولين وحكاياتهم الى ... " سواني " يختنق القانون . تمت القانون والساطور في الدور الثاني ، وتحديداً في درس الجغرافية ، لم يكن هناك إلاّ ممتحن واحد ، طالب فرد لا غيره في كل المركز الامتحاني الابتدائي . المدرسة ابتدائية في أقاصي الأرياف ، وقد حضر الملاك كاملاً : المراقبات الثمانية – وكن كلّهن معلمات – إضافة إلى مدير المركز ومعاونه . تصرف المدير ببدع من رأيه – وكبادرة إنسانية بحتة – وإذن للمعلمات المراقبات بعدم الحضور في اليوم التالي لمن شاءت – وكلهن شئن طبعاً – حيث الحالة مكررة ، ولا يوجد سوى مُكمل واحد ( ممتحن ) أيضاً في مادة التاريخ ... المقبلة . صدفة ... جاء المشرف المتابع ... لم يجد سوى المدير ومعاونه في المركز الامتحاني كله !!.. مع الطالب الممتحن ! جن جنونه !... كتب مذكرة في هذه " المهزلة " – كما سماها – ألقى المسؤولية وتبعاتها كاملة على المدير واتهمه بـ" سوء استخدام السلطة " ، خصوصاً عندما استحمق الأخير واعترف أنه أذن للمعلمات بعدم الحضور ، لعدم الحاجة لحضورهن – حسب رأيه – فالقانون لديه ليس مطرقة بيد حداد أو ساطور قصاب . بل هو إشارة ضوء ، نورها يكفي حسب . غدت القضية الساخنة حديث المديرية الساخر والمستهجن . السلطة من يحترمها .. من يتعبدها ، يعبدها ! لم يعبأ المدير بالمشرف ، راح يتحداه ويصفه بالشكلية والتزمت والسطحية والقشرية .. ظل مصراً على رأيه يدافع عنه في كل نادِ حتى أمام المدير العام المشهور بتوقيعاته الرسمية الأصولية " حسب التعليمات " ... وهكذا كتب على هامش المذكرة المقدمة إليه . صدرت العقوبة بحق المدير مشددة للغاية .. حسب التعليمات ! أما المعلمات فوصلهن بالبريد إلفات نظر لعدم احترامهن سلطة القانون والتعليمات ... إنما كُن يتساءلن في همس : ترى من هو المسيء الحقيقي للسلطة ؟!.... تمت " مسؤولية الكلمة " خرج أحد " أجدادنا العظام " واسمه " حمار بن عدي " بجماعة من قبيلته العربية العريقة ( .... ) وقف بطريق الحجاج واعترضهم . وكانوا بحماية " ابن سبكتكين " أحد الأجانب الذين احتلوا أرضنا وملكوا شعبنا .. بذلوا له خمسة آلاف ، ولكنه أبى وأصر أن يسلبهم جميعاً بعد أن يقتلهم . ولكن شاباً من خراسان – لابد أنه فارسي شعوبي حاقد – رماه بسهم وقتله ، فتفرق أصحابه .. أي نعم فالعرب لا يكونون بلا قائد ، والقائد لديهم ضرورة . هذا هو النص التاريخي الموجود في الكتب ... لو سقط " الدكتور العربي جداً جداً نقمة لئيم العزائي " على هذا الخبر التاريخي ، لفرح بأن وجد فرصة لافتراء النِقم واللؤم ، وسَعِدَ إن وقع على مادة للثارات العنصرية ، وحجة في الأحقاد القومية التي يتبناها ويدرسها للناس ، باثاً لهم إياها بالصحائف والموجات دون أدنى إحساس بمسؤولية الكلمة . * * * الدكتور نقمة لئيم عزائي : كان له برنامج يومي في إذاعة بغداد . وأعمدة طويلة في الصحف ، يتحدث فيها عما يسميه بـ" العداء العربي الفارسي " منقباً في الكتب عن الأخبار والحوادث ، يديمها ، ويعلق عليها ، ويفسرها بتهويل وتضليل وخداع ليرضي فيها أهل السلطة والجاهلية . أنها ليست كلمات قيلت ومضت . بل هي شوفينية عنصرية ضد قيم الأخوة الإسلامية والإنسانية . بل هي لا أبا لك حرب ، كتلك التي طالت ثماني سنين بلا روج ولا معنى .. إلاّ روح الانتقام ومعاني الحقد والجهل .... " وكل امرئ بما كسب رهين " . * * * تمت الكلب ... المتطهّر شمّر عن ساعديه للوضوء ... لكنه تذكر أنه على جنابة ، فقام يغتسل ، ركبّتُ أعوادي السحرية ، وأخرجت له جنية فاتنة عارية لا تقاوم . لما رآها طلب مني بإلحاح مضاجعتها ، فقلت لك ذلك . وحالاً راح يتلو عليها النص الشرعي للزواج المؤقت ، ليستمتعها على سنة الله ورسوله !... لما قام إليها منعضاً .... انقلبت في الحال كلبة . قال لي متطهراً : - أرجوك أعرني " ك " لأنكح به الكلبة لئلا يتنجس " ي " تمت أنواط الشجاعة كان الأولاد يرعون الأغنام . وعلى التل بنو قصراً رئاسياً فخماً . إلى جانبه اصطبل ملكي . الجشر الواسع المحيط بالقرية مرعى للحيوانات وساحة لكرة القدم ، وفي أثناء الهجومات يتحول إلى جبهة قتال . أما الآن فقد جعله الأولاد ميدان سباق للخيل الرئاسية ! كانوا يتسابقون على الحمير على أنها جياد الفارس المغوار حامي شرف الدار ، بطل الأمة ... مَن وَطء أمة ؟! الرئيس القائد في الجبهة يقلد أنواط الشجاعة لجنوده الأشاوس .. أنواط من ذهب .. أو كذب !.. ربما أصدق منها تلك الروثات اليابسات والبعرات ، يشدها بالخوص ويعلقها الولد الرئيس عدنان ( اثنا عشر عاماً ) – على أجياد وصدور الصبيان الصغار من أصحابه وأترابه في المرعى .. وهو يقهقه ويهز كتفيه ، تماماً كالقائد الضرورة – أبو بعرورة ، يردد كلمته المعتادة " عفيه " ، وهو يربت على الأكتاف العريضة المثقلة ... بالزيف ! والنياشين ! أنواط شجاعة صدام ... روث مشدد بالخوص !!... أي مسخرة ! نقلها متملق إلى الفرقة الحزبية بتقرير ملفق ، وراح فيها الولد ( الرئيس ) وأبيه !! إلى طامورات الأمن .. إلى المقابر السرية . وفي إحدى ردهات القصر الجمهوري السرية ، كان القائد العام للقوات المسلحة يستجوب قائد الفيلق الثاني .... صاح غاضباً : خائن !.. انزع جميع الأوسمة والشارات وأنواط الشجاعة الاثنى عشر ... وردد شعار الحزب المقدس . ثم أعدمه بمسدسه الشخصي . الأمة تمر في زمن تحدِ مصيري – هكذا هي دائماً في عرف الطغاة – وأي تهاون في الصغائر ، يَجر على الكبائر .. المرحلة لا تحتمل خياراً أقل من النصر ( ) . تمت بائع التمر والخمر والشعر ... في قرارة عينيها سؤال مرتبك ... ولديّ رغبة عارمة للتحدث عن نفسي . أنت ماذا ؟ ... أنت مَن ؟ أرجوك لا تعتبريني بائع تمر ! أفضّل أن اعتصر الخمر ! أو أقبل الجمر ! أهديك أنا الطائر الحبيس سيدتي : تحية الغصون ، والفضاء الرحب ، والحرية . وبعد : فأني تركت القراءة والصلاة .. لا غيب في عالم مظلم .. بهيج . رددي معي أنشودة الخنافس . واستمعي معي إلى صرير القلم المجرم على الورق الأصفر . ستري ثعابين جميلة ملونة . تطل برؤسِها من الجحور . تنقض عليها مردة سود ضخمة ، تزدردها في الحال . ورجال يسبحون في التيزاب . وآخرون يقبلون البغايا الكاسيات . على موائد الخمر والشعر . والدنيا مسرجة مدندشة ... تسير كأحصنة السيرك . أحد عشر واقفون على أكتاف واحد ! واحد + واحد = خمسة عِشر جاهل حاقد . والأخضر هو الأحمر ! قل نعم ... وإلاّ ستُعدم !  كل القيم مهدرة ...  ولكن الأمن مستتب .  حيا على الأمن .  والحرية  قنبلة !  هل لي بحرية أن أقول الشعر ؟  الأفضل لك أن تبيع التمر .... والخمر .  مهنة بيني وبينها ألف ميل .. كيف سأقول كلمتي ؟!  قلها تمراً ... خمراً ... لا فرق .  ما علاقتهما بالشعر ؟!  مترابطة بأحكام ... فكرّ .  ألا يكون شعراً بدون خمر ؟  نعم يكون ... إذا أردت شعراً بدون نشر .  في النشر لابد من خمر ؟!.. ألا يعوّض التمر ؟  لا فرق ، أنه في النهاية سيتحول إلى ... خمر .  لا أفهم ... يبدو مستغلقاً معقداً هذا الأمر . وأطل في الحائط فلا أرى شيئاً ... ولا نفسي تقر واراها من الشباك ملهمتي تمر . فأتدفق كالإعصار ، كالنيران ، كالمطر . أبيع الشعر ... أو التمر أو الخمر ... لا فرق تمت يومٌ ... بلا صَدّاميات أخوف شيء يريبني في هذه الدنيا هو الجنون ... لكني ، وما أنا فيه ، آيل إلى الجنون لابد . لكم أتمنى أن أكون جاهلاً ، بعيراً ، حماراً ، جاموسة ! وأنت يا عقلي الكبير ؛ ألا تستطيع أن تحد بسعتك ترهات جاهلة مكرورة ضيقة ... لماذا هذه الحساسية المفرطة تجاه كل الموجودات العراقية ؟! لقد لوثوا الحياة العراقية بميكروب قاتل اسمه صدام . أخيراً وجدت العلاج ... الحل لمشكلتي ، تبينته شعاراً : " يوم بلا صداميات " . وقبل أن أنام رأيت أن من المهم أن أعمل بعض التحضيرات لتساعدني في تنفيذ خطتي ، فنبهت على أهلي أن لا يفتحوا التلفاز ولا الراديو غداَ وأنا داخل البيت . فجراً نهضت للصلاة ، فسمعت المؤذن يدعوا : " اللهم أحفظ قائدنا ، اللهم انصر جيشنا .... " يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ، يا مثبت العقول في الرووس " .. ومسكت صدغي وقد انبثق منه ألم تطاير مع شعاعه عقلي ، وأسرعت إلى القرآن ، قرأت سورة يس ثم صليت فهدأت نفسي وشعرت بالنعاس فنمت ، لكني حلمت كأني في المدرسة ، وقد ازدانت بصور القائد والزهور والرسوم والإذاعة المدرسية تصدح بأغاني النصر وتتغنى بأناشيد حب بطل الأمة المنصور . وفززت مرعوباً فإذا البيت كله يعج بطبول صدام الصاخبة وعنترياته الإعلامية .. والراديو بأعلى صوته .. وتحسست قلبي فإذ هو يريد أن ينفلت من مكانه ، وقدرت أني سوف أنفجر ، فأسرعّت إلى الهول حيث الراديو ، رفعته من على المنضدة وأهويت به على الكاشي ، فغدى جذاذاً و .... سكت . نعم ، لو لم يسكت لسكت أنا .. وتحسست قلبي فإذا هو يعود هادئاً ، لكنه ارتفع فجأة عندما استبد به الغضب يريد تأديب هذا الذي خرج على أوامري وفتح الراديو ، فإذا هي زوجة أخي تظهر لي قبل أن أسأل وتقول – وهي صاحبة الحق - : " هذه ليست عيشة معك ، محرومين من كل شيء ... لو كان الراديو مالك ما كسرته " . الراديو اشتراه زوجها من مالية البيت المشتركة . لكنها تعتبره ملكهم ضمن أشياء أخرى كثيرة . سكت لأن الكلام قد يتطور إلى أن تخبر المرأة الشرطة و ... " انعدم " ، اما ان اباً في الكوت بصق على صدام في التلفاز باعتراف ابنته الصغيرة وثم ... أعدموه ! وأسرعت خارجاً من البيت وأنا متمسك بشعاري : " يوم بلا صداميات " ... لا بتعد سحابة يومي عن كل ما هو " صدامي " يثيرني . ونايا بنفسي عن مستعمرات صدام ، هربت إلى البساتين والغيطان .. قررت قضاء يومي بعيدا عن الانتصارات والاحتفالات . بعد جولة في المزرعة جلست لأقرأ ؛ لم يبق لي سوى هذا الصديق السمج الثقيل أجير نفسي على مجالسته وفتحت كتابي وقرأت : " أهل التسوية فريق من الشعوبيين الأنذال يذهبون إلى أن الناس متساوون لا فرق بينهم أبداً محتجين بعبارة " إلا بالتقوى " وما علموا أن هذه تخص الله والدين ... نعم أنهم ميساوون أمام الخالق في الأمور الدينية ، أما في الأمور الدنيوية فهم متفاوتون ، أما قال النبي ( ص ) : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " وقال : " أقيلوا ذوي الهيآت عثراتهم " . وقد صار الأدباء الشعوبيون تأسيساً على ذلك لا يمدحون بالنسب المجيد والأصل الباذخ والفرع الشامخ مستهينين بأنساب العرب الشماء ، وراحوا يمدحون من لا أصول لهم من الفرس بما يصفونه من معروف وبما لهم من عقل وحكمة ، محتجين بأن خير ما يرفع المرء عمله ! " . هذه الشوفينية العنصرية الجاهلية والتضليل والتهويل والزيف والخداع ، ليس كلام جرائد شتامة ، أو حزبيات هدامة لا عتب عليها .. إنما هو مادة دراسية تقدم للنشئ في المناهج المدرسية لتربيتهم وتوجيههم في قرن الحضارة الإنسانية وزمن العولمة الأممية ! .. عوداً الى قرون الجاهلية الجهلاء . وحالاً رميت كتابي وركلته ككرة مثقوبة فولى عن وجهي وسقط في الساقية ، وطوح به الماء بعيداً ليغسله من السموم والأدران والخرافات والأضاليل . ولفت نظري حشرة تتسلق غصناً أخضر يانعاً تجرده من ورقة ، فحصرتها بالعيدان حتى سحقتها فسقطت كتلة قذارة ... لماذا تعيش هذه ؟!... ولا أدري لم ارتفع إلى ذهني جواب من أعماق روحي يقول : " إن صدام العراق يتسلق وزبانيته غصنه الوارف ويعيثوا به فساداً ... لا حول ولا قوة إلاّ بالله .. لماذا يصر صدام هذا أن يتمثل أمامي في كل شيء ! وسرق أفكاري للحظات منظر الشجر والزرع والماء ، ألا إني سمعت من بعيد صوت طفل في بستان جيراننا يغني ويقول : " والله ناويها عليهم " إلاّ نلعب لعب بيهم .. يا نصر صدام بينا قائد الأمة الأمينة يا وطن هذا عهدنا بحيلنا الأول بعدنا وانتظرت لحظات صابرا على مضض لعله يسكت ولكنه وبعد أن اشبع هذه تكراراً انتقل إلى أخرى مثلها مهوساً : ها أخوتي عليهم – كل الصوج منهم ومن أيديهم ... إلا نلعب لعب بيهم !! وجاءت أخته تنغم بصوت رخيم مقطوعة أخرى من هذه الأناشيد التي تبثها الإذاعة ليل نهار : على كل لسان اسمك وبكل شفة ـ هلهولة وفرحه وغنوة فرح ترفه وعلى منوالها نسجت : " على كل ( رقصة حرب) اسمك ، وبكل رفة ـ دمّرت البلد بجهلك ، في كل حرفه " واستمروا يغنون وينشدون بصوت عال وبعد أن استوفتها ترديداً وتكراراً راحت تشترك مع أخوتها في مجموعة غنائية قوية الرنين صاخبة الجرس ذات تأثير بيّن على النفوس ليسمعها حتى من يرفضها ... كانوا يصيحون كمجموعة غيلان ، كمائة ويزيدون أنشدوها ... كيف جمعوهم من طغاة المغنين ؟! حتى بالليل الشمس نزلت على القاطع حول الظلمة نهار الفيلق الرابع الحدود بيد أبطال – وصوابهم قتال همة حراسة ثقاة وسيفهم قاطع .. براعم صدام يصدحون له .. لا يسمعون غير هذا يتكرر على أسماعهم ليل نهار في البيت وفي المدرسة والفضاء ... يردد الأطفال ما يسمعون . * * * كنت قد خرجت بلا فطور . واقترب الغداء ، فعدت إلى البيت . وعندما وصلت الطريق العام الذي يمر بقريتنا مرت سيارة كبيرة مكتوب عليها " دائرة الإعلام الداخلي " ترفع بالمكبرات أنشودة " يا جيشنا الحر الأبي يا غالي " " يا الراد عنا الأجنبي .. يا غالي " فضحكت من حالة التغصيص الثقافي ..! أيّة محاصرة ثقافية هذه التي يمارسوها على الناس ، هل يمكن لأحد أن لا يسمعهم .. وأين شعاري " يوم بلا صداميات ! " قلت هاتوا غدائي . وما أخذت لقمة لم أبلعها طرقت الباب . خرجت فإذا مسؤول المنطقة الحزبي واثنان من الرفاق معه ، جاؤا يبلغونا أمر جمع التبرعات لدعم المجهود الحربي . سلمني ( العدو – الرفيق ) وصلا بمئة وخمسين ديناراً ، قال أنهم قدروها على بيتنا ... وكان ينظر لي شزراً قبل ستة أشهر كانت آخر حملة للتبرعات ، وكانت خاصة بالمصوغات . بالمصوغات الذهبية بدأتها زوجة الرئيس بكيلوغرامين من الذهب ، وأعطتهم أمي سوارها ... قلت للمأمور الحزبي : لا نملك شيئاً ، وما دامت اسمها تبرع فلا إجبار فيها ... هز البعثي الورقة بوجهي كأني شتمته وقال : " إذا راح الوطن ما ترجعه 150 دينار .. ماذا تقول إذا جاء الفرس المجوس وأخذوا دارك ودنسوا عرضك ... ولعلمك فأن العراق غير محتاج ، لكن الرئيس الله يحفظه يداري مشاعر الناس الطيبين لأنهم يلحوا عليه أن يفتح باب التبرع لكي تعبر الناس عن مشاعرها تجاه الوطن والقيادة " لم أتغدَ ... سدت نفسي . خطفت بنطالي وقميصي وخرجت أسحب حذائي سحباً .. قلت لأمي أنا هارب إلى المدينة . خرجت فإذا الناس تتراكض صوب الشارع الكبير من قريتنا .. وارتفع العويل والصوات .. وجاءت سيارة عسكرية تحمل نعشاً مغطى بعلم عراقي كبير ، والنساء ترمي أنفسها عليه. يا دافع البلاء .. ماذا هناك ! أي متعوس قد جاء دوره في الضياع .. أنه حميد بن عبد الزهرة ابن سعدية أويلي على أمه ، رمت بنفسها على السطح فوق نعشه . لا جديد .. لطم وعياط وصريخ يصم الاذان .. القرية عن بكرة أبيها انحشرت في الحوش الضيق الفقير أبي طلب مني الذهاب معهم للدفن في النجف ... اعتذرت ، أنا لا أسير خلف الضائعين . مجالس الفاتحة والعزاء على أرواح المغلوبين في كل مكان . قريتنا لا يفرغ مسجدها يوماً . وقفت سويعة لتأدية الواجب . الرفاق الحزبيون يأتون بمواكبهم المهيبة وحرسهم الشديد لقراءة الفاتحة .. سيارات مضللة ومدرعة وحماية وشرطة وأبهات عظمى ... يزورون كل عزاء كأنهم صدام بجلال قدرة المهيب . يؤدون الواجب حسب الأصول التي يوعز بها الحزب . أنهم يمسكون له الجبهة الداخلية ويتحدثون للناس . ببساطة ولطف وقهقهة صدامية .. يسألون عن أحوالهم .. هكذا دخل موكب أمين سر الفرقة . قال هؤلاء شهداء الوطن والحزب والقائد نحن نحملهم على أكتافنا .. تراكض الرجال للترحيب والتأهيل ... الرفاق يحملون النعوش الى ميدان الزيف ! لم أطق المشهد .. غادرت على جناح السرعة . أحدهم كان خارجاً تواً بسيارته . أشرت إليه . تعلقت به . تهالكت مدمراً في المقعد .. كان من أصهارنا في المدينة . قلت خذني معك . راديو السيارة كان يذيع مارشات عسكرية وأناشيد للقادسية ... قال : " اليوم هجوم على الشلامچة " . قلت : " بحق الملايچة لا أريد أن أسمع شيئاً " . ودون استئذان أدرت قرص الراديو على إذاعة الكويت لابتعد عن الصداميات ... كانت إذاعة الكويت تنقل أخبار الهجوم أولاً بأول في بث مباشر من إذاعة بغداد ... البيانات والعنتريات والأغنيات .. فيما مغنِ كويتي ينشد لبطل الأمة العربية . يزهي الفرح بالديرة – صدام يا أبو " القيرة " أغلقته متأففاً ... قال صاحبي ساخراً : - " هؤلاء سوف يقيرَهم صدام أبو الغيرة ! " صمتنا كالنخيل والظهيرة .. وقتلاّ للوقت تناولت جريدة كانت موضوعة أمامي على ديشبول السيارة .. الثورة ، فتحتها فإذا : - جند صدام ينفذون عملية اقتحامية . - الرئيس القائد : لن نسد فوهة القبر ... لن يرجع منهم أحد هذه المرة . - مغاوير الفيلق الرابع يهوسون : " يا حوم اتبع لو جرينا " لم احتمل . عفستها . رميتها.. هذه جريدة أخبار الوطن !! في السيطرة أنزلوني . فتشوني ... قيل : إجازتك . هويتك . قلت : أنا طالب ... وأريته هويتي على الفور . قال لا بس زيتوني ، مسرفن بأذرع غليظة ... - أمتاكد أنت طالب .. وين خاتل . مواليدك كلهم ماتوا .. تتذرعون بالطلابية .. خَوَنة ... ماي عيني صدام في الصيف سوقكم لجبهات الهور في حملة القصب والبردي ... والله لو بيدي أذبكم حجابات ... شلونهن الجامعيات ... بس لكم ... أوه ليلة واحدة وي جامعيه والموت حق ... قال له صاحبه : في اليوم التالي تروح لغيرك . رد بعيون حمراء غاضبة : " وأنا مخبل أخليها عايشه للصبح وأقطع راسها " قلت : لماذا هذا الغضب على الجامعيات ؟! صاح بيّ مزمجراً : انچب ليك قشمر يلا إنجر وحمد لي صاحبي سلامتي وهو ينجر سريعاً وخلفه رتل من سيارات كثيرة تجمعت . * * * كانت المدينة تصرخ .. أربع مكبرات صوت في كل ساحة وشارع ، تلغو باغان وطبول وبيانات .. يا رب .. الى متى هذا المهرجان الوحشي الصاخب ! ورحت أبحث عن سيارة تنقلني إلى منزل صديق لي من شكلي ، أقع عليه لأرتاح وأتفسح كلما ضاقت بي الحال لنشتم صدام معاً ونخفف عن أنفسنا بالكلام ونحن في مأمن لا يسمعنا أحد . لم أجده . قالت أمه أنتظره ربع ساعة . وجلست في الاستقبال ونيتي صافية ثابتة أن أنتظره فأنا ما جئت إلاّ لهذا ... إلا أنه حدث شي : على الكنبة رأيت مجلة " الدستور " بطبعتها الأنيقة وورقها الصقيل الملون ... تناولتها باهتمام ... هذه تصدر في لندن ، ولابد أن فيها حضارة وعلماً غير الجاهليات التي تحكمنا ... قرأت بالعناوين العريضة المُشكلة بالصور والتنميقات:  حسم عسكري عراقي لحرب الخليج .  يوم في حياة مقاتل عراقي .  قائد القوة الجوية يتحدث للدستور : " سنحرق إيران على الخميني "  طارق عزيز : الحوار الهادئ مع إيران ، تكتيك خاطئ . عجباً ، هذه تنطق بهوى صدام كأنها مجلة ألف باء وصدام ما أفسده غير الهوى وحديث الأهواء للمتزلفين والمنافقين والمتملقين .. جعله لا يرى الأشياء على حالها حتى أنطفأ عقله الواقعي مئة بالمئة .. هم يريدوه كذا كيما يرموه في أوارها داهية ما دهت .. وكذلك فعلوا ويفعلون .... أنها حروبهم وموبقاتهم ، وما صدام فيها سوى ممثل بائس تافه لهم . قرقوز على مسرح تمثيلهم . ومزقت المجلة ونثرتها زبالة على أرض الغرفة وخرجت بلا وداع . جئت أسير بالشارع كالسكران ، وأنا خاوي البطن ممتلئ الدماغ بأفكار سامة قاهرة .. واستوقفتني رائحة شواء . فإذا مطعم دجاج يشوى . فتذكرت ساعتها أسطورة ذلك الرجل الشرقي الذي تعلق بغصن شجرة وتحته أسد يتلمض وفارة تقرض الغصن . وثم رأى قطرة عسل ساقطة من خلية نحل على ورقة قرب فمه ، فمد لسانه يلحسها ! تلك تماماً حالة الإنسان العراقي ، قد وضعوا حياته على كف عفريت ... سلسلة لا تنتهي من المخاطرات والمغامرات ، ليبقى العراقيون في دوامة قلق وخوف وانهيار عصبي حتى يجنوا فيقيموا عليهم الحجر !!! إن الخوف العراقي المخضرم مع أزمان الملوك جر إلى مرض الازدواجية الخطير السرمدي في الحياة العراقية ، وفي الشخصية العراقية . * * * امتلأت وشبعت فرد لي جزء من نفسي الذاهبة ورحت أسير في السوق ... هناك نساء كاسيات عاريات وقفت أنظر إليهن باستمتاع ... كانت إحداهن تلبس قميصاً عليه صورة صدام ... كرهتهن . أريد أن أتقيأ ، مشيت إلى المكتبة علّي أجد كتاباً جيداً ، فما وجدت سوى ما يسمونه " مؤلفات صدام " وكتب عن الجنس والعنف والطبخ وروايات غرامية وبوليسية قديمة مهترئة . وكتب دينية أثقل من الهم على القلب . عبرت الجسر في طريقي إلى المرآب المؤدي إلى القرى . كانت عشرات الأكف المشرعة كالحراب تطلب صدقة إجبارية بمختلف الدعوات التي تستدر عطف الناس وشفقتهم . ولكن الذي استعصى على أفهامي ولم أعرف له تفسيراً ذلك النشيد الذي يردده شحاذ أظنه مجنوناً ... كان يردد بصوت عالِ ودون انقطاع : " زمان السلّط العگروگ عالرگ " عبارة مبهمة لم أفهم كنهها . لعلها شفرة استخبارية ، أو عنواناً لعملية عظيمة ربما ستطيح بالنظام . وإلاّ لماذا هجم رجال الأمن على الشحاذ المسكين واقتادوه ضرباً وركلاً إلى السيارة الحمراء أودعوه صندوقها الأسود الرهيب . من حديث بعض الناس فهمت أن هذا الشحاذ المعتوه تستغله جهات شعوبية وأجنبية عميلة معادية للحزب والثورة لنشر الشتائم المبطنة التي تسيء لرمز القيادة الحكيمة ، فما " العگروگ " ( ) الهزيل الضعيف إلا صدام . وقد تسلط على " الرگك " ( ) الكبير القوي وهو الشعب .. ويا لعجب الزمان ! وأنا أفكر بهذه المستعصية المبهمة ، دخلت سوق الخضار فصكت سمعي نداءات الباعة . وجلهم من المصريين والسودان . ولفت اهتمامي مصري ضخم الجثة سمين كأنه فتوة السوق يقعد على كرسي مرتفع بباب محلة وينادي على بضاعته بدون توقف ، حتى إذا جاء أحد ليشتري منه راح يجأر رافعاً صوته بمدح صدام وحكومته قائلاً بلهجته : " عاوزين إيه العراقيين بقا أكثر من كده . نعمه ملهاش حد . كل دا بفضل الرئيس صدام اللهم أحفظه وأعطيه العافية وطولت العمر .. دا يخوانا حق رئيس محصلش والله .. يعيش الرئيس صدام حسين . يعيش " كلا لا أظن أنهم أعطوه شيئاً ليقول هذا ، إنما هي المفاهيم المضللة الباطلة ، تختلط على العامة الادناع في كل مكان وزمان ، وتؤدي إلى عبادة البطل ؛ بطل التحرير القومي الذي نفى العراقيين إلى الحدود الشرقية للوطن العربي باسم " الدفاع المقدس " وأبدلهم مثلهم من رعاع المغرب ومصر والسودان فعبدوه بما أعطاهم ووهبهم مما لا يملك . * * * عدت إلى أهلي ... في السيارة ، كان السائق يفتح الراديو عالياً على إذاعة بغداد ... بيان عسكري طويل مليء بالشتائم القومية والأحقاد العرقية ، وجنون الزيف ... أصابني غثيان . أردت أن أتقيأ . رجوت السائق أن يسده بدعوى الصداع والتعب. فقال : - " عمي ما أقدر أسده ، أمر حكومة مو بكيفنا . تبليغات الحزب . بعضهم زودهم بمكبرات خارجية على سياراتهم . الهجوم اليوم على أشده ... الدنيا مقلوبة ، حرب موت ، أنت وين عايش !! " وتقول لي سد الراديو ... تريد تحبسنا ! هكذا إذن .. حمداً على السلامة لما وصلت إلى البيت التقتني بها أمي والهة حرى .... قلقة بشكل يكاد يكون دائماً كلما خرج أحدنا من البيت حتى يعود ... اَكل الأمهات مثل أمي ؟! ويل للأمومة العراقية . ولمعالجة قلق أمي ، كان أبي قد أصدر أمراً إلينا جميعاً يقضي بالحضور الحتمي الإلزامي ساعة الغروب إلى البيت لنصلي جمعاً خلفه . وجهاز التلفاز لا يسمح بفتحه إلاّ بعد العشاء ... وأمر أبي مطاع في داخل البيت إلا أنه كان يفتحه لتتبع أخبار الهجوم أولاً بأول . كان صدام قد احتله تلك الليلة على كل القنوات يثلط " مراطيط ذائق الخضار والجموع تهوس وتصفق له ، فما كان مني إلاّ أن بصقت عليه ، وأغلقت التلفاز وصعدت إلى غرفتي ... كانت زوجة أخي ترمقني بشزر . استلقيت على فراشي ببنطلوني وحذائي .... ما لي أنا متأزم هكذا . لا أدري ما هذه الحساسية المفرطة من ( حشرة الدم) صدام ... أوه .. أهذا يوم أردته بلا صداميات . ليتني ما طرحته شعاراً .. قد غلبني قهراً .. صفعني بالهواء والفضاء الى الخواء والخبال !... أين المفر ، كلا لا وزر .. إلى ربك يؤمئذ المستقر ... ليتني أغفو بمخدر .. أين النوم وروحي تتأجج كأنها الجبهة . وسياسة الأرض المحروقة . أردت أن أسمع إذاعة إيران لأعرف شيئاً من مجانين الطرف الآخر ... دورت جهازي على محطتها فإذا رصاص ينطلق يخرش الأسماع فيتعذر سماع أي شيء من شدة التشويش . حالة لا تُطاق .. أهكذا يحاصر صدام الناس .. أي قوة وسلطان منحوه . ملكوه حتى الأثير كي لا يسمع لغير صوته أن يملأه !؟ وجاءت أختي الصغيرة تخبرني أن التلفاز يعرض صوراً من المعركة ... نزلت مسرعا فإذا " الحصاد الأكبر " كما سماه صدام غير كذوب ... على أي دين يا أهل الله ؟! على أي حضارة يا أهل العولمة وحوار الحضارات وحقوق الإنسان ؟! .. ألا من نهاية لـ " يوم بلا صداميات " ؟ تمت هل استيقظ أهل الكهف ؟! من هم المغضوب عليهم ومن الضالين ؟ أنهم اليهود والنصارى !! يكرروها سبعة عشر مرة يومياً في صلواتهم ! المرابطون على الثغور يحاربون الكافرين في عالم العولمة ... وحوار الحضارات !! * * * أمريكيون ( مثلثون ) جاؤا من وراء البحار . أطاحوا بعرش العتل الزنيم الذي أفسد في أرض التوحيد . معمم صغير قال : " صدام نحن أسقطناه بالدعاء " جرّب دعائك سيدي .... الآن يخترق القفص ؟! لعلها خترفة النائم ... وبعض أهل الكهف لم يستقيظ بعد !!! * * * النهاية أيضاً ستكون علوية سماوية لا بالدروع الصاروخية ... ولا القنابل الذرية أعلنت الحرب الطائفية مئات المحطات العربية والإسلامية تبثها الأقمار الصناعية باسم الحرية الفكرية والدينية والعولمة ... والنظم العالمية . عما قليل سينفجر الفضاء بالهرطقية لينتحر الديانون وتتحرر البشرية . * * * تمت " وَقفة عَلى الأعراف " قبل أن أحبو ، وحتى أن أرى ابن حفيدي . سوف أبقى ، وكثيراً ، دائماً أشدو نشيدي . أمّا أن أكنْ ، أو لا أكون . أنا حطابٌ فقير ، أو ملك . لا لأِرضٍ ... بل لكون . أنا نارٌ أو رمادٌ . قل ترابٌ ، أو وسخ . ليس ما بين الثريا والثرى ... أن يُحَدَّ ، لا بميل أو بفرسخ . أنا في الدنيا ملاك ، أو نبي ، أو إمام . كذا في الأخرى عليين المقام . أنا لص ، أنا قاتل ، أنا زنديق وكافر ... وإذا ما صدقوا ما زعموا . أن بعثا بعدها ..... إني لخاسر ... * * * هل لمثلي من وقفة على الأعراف ؟ ما أشد كرهي لأواسط الحلول .. الأمور ! أن شر الحلول أوسطها . أيسمى حلاً أن يؤخذ من الحق قليلاً ويُعطى للباطل ، أو بالعكس ! إن هذا برأيي إساءة عظمى لكل حسن في الحياة . وإقرار صريح – لا ضمني – بالخطأ . حاكماً وقاضياً على ذات الكرسي مع الصح . تلك إساءة عظمى لكل حسن في الحياة . ولن يرضى السيؤون أيضاً الأبيض سيكون هو الأسود ... موازين الطبيعة سوف تختلف . ستعترض الأضداد كلها على هذا . لأنها لن تُعرَف ببعضها بعد أبداً . أنها نظرية يرعاها الشيطان ... مدارات مجرمة للخطأ كي يستفحِل . وليبق الصواب عليلاً سقيماً لا يحكم الحياة . هم يحاربون الصواب بكل وسيلة ... ولكن !! لا يريدون للصح أن يموت ... لأنهم سيموتون معه بالضرورة . فالخطأ وحده لا يستطيع أن يسيّر الحياة . والصح يمكنه تسييرها بجزء منه .. بجرعة ، ولو قليلة ، مئة . هات إذن جرعتك اللازمة لبقاءهم يا صح . وابق مكانك مزجر الكلب ، لا تتقدم موضع الأحذية من القوم . هكذا كان موقع الصح ودورة دائماً . لذا امتلأت حياتنا بالأخطاء . والأخطاء تتولد عنها الجرائم . أن الخطأ الأعظم في تاريخنا جاء بسبب " الحل الوسط " فتعالوا يا أنصار الكلمات الكبرى : " حق . أصولية . علي . حد . لا . سيف " تعالوا معي لنحطم كل ما هو وسطي ، ترددي ، تساومي .. لا خير في الحياة ، إن كانت في مجملها " وقفة قلقة على الأعراف" أني العنها ، انبذها ، ألغيها ، ألقيها في مقر جهنم . ذلك يرضيني أكثر . يسعدني أكثر . كن دائماً في رأس الأمر . إن كان خيراً أو شر ... قل يا عزف الجنة أو قعر سقر . وبعدها لا تبق قولاً أو تذر * * * رأيت لما وعيت الحياة ... ثورتي ... غير صالحة للحياة . تمت " المحاجَزة قَبل المناجَزة " هذا هو عدوه القديم ، وخصمه العتيد عيناً بعين ، ظهر له فجأة من وراء التل في ألف من رجاله .. جاء يطلبه دون سابق إنذار أو علم . أهي خطة أم صدفة ؟.. ذاك كلام لا ينفع . إنهما الآن وجهاً لوجه . لما تراءى له وعرفه ، عسكر بجيشه الضخم قرب الماء منهم ليمنعهم عنه ، ثم دعاه إليه ليستسلم دون قيد أو شرط ... لكنه لم يجبه ... ما زال يفكر ... كان معه ست صابرون لا غيرهم ؛ فهل يغلبوا ألفاً ؟!. لم يبرحوا رابية التل ، فيما ملأ جيش خصمهم فسحة الوادي ... وسريعاً أمر رجاله بالاختفاء وحفر مواضع متباعدة كثيراً ، وقال لهم في خطة طوارئ سريعة أعدها على عجل : - " ليثبت كل واحد منكم في حفرته لا يريم عنها قيد أنمله ، فأما هي قبره ، أو وسيلته للخلاص .. نفذوا أوامري بالدقة المتناهية . سأتولى بنفسي مساومة القوم ومفاوضتهم للصلح ، الذي لابد منه وسيلة للخلاص دونها الموت لا غيره .... اللازم المهم الآن أن نساومهم عن قوة ، لنشعرهم إننا بقدرهم عدداً ، إن لم نكن أكثر ... إياكم ثم إياكم أن يعلموا إننا سبع رجال فقط . عندها لن يفاوضونا ، سيميلوا علينا ميلة واحدة ، فلا صريخ لنا بعدها ... " وراح يشرح لرجاله خطة العملية التعبوية السريعة .. قال لهم : - " إذا أنا وقفت بإزاء القوم أكلمهم ، فليقم واحد منكم بعد آخر من حفرته ، يمد بندقيته ، ويقول لي كلاماً يوهم القوم من خلاله ؛ إن كل واحد منكم إنما هو قائد لمجموعة قوامها ألفاً مدفونة متحصنة بالجبل ومستعدة لإطلاق النار " .. بطريقة رياضية سهلة يمكن تحويل السبعة إلى سبعة آلاف باستخدام الصفر ... كذلك في الحرب يمكن استخدام الفراغ ، الصفر الذي لا يساوي شيئاً ، ليكون له الوزن الذي يرجح الكفة . وأمر واحداً من رجاله أن يقود له جَواده ، كما الملوك أو القواد العظام ... جاء يتخطاهم بكبرياء يَليق بالفرسان ، غير مبالٍ يجمعهم ، ولا هيّاب لكثرتهم ، ولا مبدٍ ضعفاً من قلة . ترجل عن حصانه ، وأمر صاحبه أن يمد له سماطاً وسط العسكر ... كان يرفع راية سلم بيضاء . وجاء زعيم القوم إليه . دار حوله بفرسه وهو يهز سنانه في وجهه بتحدِ صارخ قائلاً : - " لا محاجزة بيننا . أنت ميت اليوم لا محالة ، ولكني لا أقتلك إلاّ في ساحة حرب ... اتكأ على جنب غير عابئ بخصمه ، وقال بتؤدة : - " العن الشيطان يا رجل .. هذه ألوف مؤلفة بيني وبينك ستتقاتل ، وتطيح رؤوس وأيدي ، وإني جِئتك كيما أؤدي الذي عليّ أمام الله وعباده من قبل أن تزهق أرواح وتتيتم أطفال وتترمل نساء فتبوء بإثمي وإثمك ... - ( بكبرياء ) ماذا تريد ؟ رفع يديه عالياً وصاح مسمعاً العسكر : - السلم لا غيره نريد ... السلام بيننا وبينكم . لن نفنى ، ولن تبيدو ... ستبقى الحرب سجال بيننا يوم لنا ويوم لكم .. وقام واحد من الرجال الخمسة الراقدين في الجحور .. هز رمحه حتى تطوى ، وراح يلقي شعراً حماسياً يومئ به إلى قائده بأن هذه ألف أطلاقة مخبوءة تحت الأصابع خلف التل تنتظر الإشارة بأمر الإطلاق ... وقال له زعيمه ينهره بشدة : - اسكت لا سكتت بلابلاك ... إذا انطلقت رصاصة واحدة من " جيشك " فسأعيدها إلى صدرك .. لن أحاسب غيرك ، لا أعرف ألاك ، هل فهمت ... أكفني شر الجهلة والحمقى . اندفن في غارك ولا تبين بعد .. لا أريد لأحد منكم أن يرفع رأسه . وفي الحال قام الآخر من جحره الأبعد يلوح ببندقيته ، ويرتجز مقاطع حماسية مؤثرة كما الأول مثيرة للعزائم .. ولكن " رئيسه " لم يمهله أن يكمل أرجوزته ، وقاطعه صائحاً ليخرس ويقطع اللغط في ... " جيشه " .. وأضاف : وارتفع رأس البندقية ليبين من تحتها ثالث صاح الله أكبر ثلاثاً .. لكن صوت " القائد الأعلى " كان أعلى فأسكته . ناداه يقول : - اسمع يا أنت .. ذمة الله وعهده عليكم أن لا يتحرك واحدكم عن ( مسلحته ) قيد أنمه مهما طال الكلام بيني وبين القوم أو ارتفع إلى سبي أو حتى ضربي ... أريد أن يبوؤا بالإثم كله ، سأؤجل الشر ما استطعت ، فلي متسع إن شئت تعجله ... " . وما كان الأمر بحاجة الى رابع ... إلا أنهم جميعا كانوا يطلون برؤوسهم من الجحور بين الفينة والفنية كأنهم الأفاعي الرقطاء ، فيظن الرائي أن أمة من جيش لجب محبوسة في جحور هذا التل ، يتركزون في موضع عالٍ حصين ، وأنها الآن لو ثارت فلن يصيبهم كلهم ولن يضحوا بمحجمة دم ، فيما سيكون أهل الوادي غرضاً للرماة قريباً متناولاً . وجاء الإيعاز السري بالانسحاب ... وتأجلت المناجزة إلى ما بعد المحاجزة .. تمت " ساحة حرب " اجتازت الشاحنة الطويلة شاحنة أخرى أطول منها ، وهي تزمر بثلاث زمارات هوائية مزمجرة بدون انقطاع . ولدى اصطفاف كابينتي القيادة على كلا جانبي الطريق ، صاح السائق المجتاز بأعلى صوته مؤشراً بالشتم والوعيد : - " لا تقل إني جئتك غفلاً " . ثم مال بقوة على خط سير الآخر ... وتقهقرت الشاحنة العملاقة ، وانحرفت عن مسارها حتى كادت أن تنقلب .. وصاح سائقها من مكانه متفجراً بالغيظ يقول بلهجة سوقية مُبتذلة : - " أي أخ الـ( ..... ) على هذه الطلعة .. اليوم أسَوّيك تنكه ، هدية لأهل السكراب " . تحولت المعركة من " بين أشخاص " الى "ما بين سيارات" ، وصار الطريق العام ساحة لتصفية الحسابات وبلوغ الثارات .. وكانت العشرات من السيارات الصغيرة قد انقلبت ، أو تصادمت وتحطمت من جراء ذلك الصراع الهمجي بين العملاقين الشرسين. أنهم يصفون ثاراً قديماً ... فقبل سنة حدثت معركة " على الأرض " بين سائقين ؛ انتهت بأحدهما إلى أسبوع في المستشفى متأثراً بضربة " درنفيس " في بلعومه ... كان هذا " المدَرْفسْ " يصرخ طيلة الوقت فيما بعد مهدداً يقول : " أنا أعلمك . اصبر علي . إذا ما قلبتك فأنا لست فلان .. لابد أن أقلبك في يوم .. " . وأظنه هذا هو اليوم !!.. تمت الصحوة الإسلامية أبّان الصحوة الإسلامية قرأت كتاباً في " فدك " أردفته بمجلد عن بيعة الغدير ... ومثله عن بيعة السقيفة . وتوجّت مطالعاتي ببحوث عن الروافض والخوارج . وعثرت على كُتيب في " ضلع الزهراء " . وأبحث الآن عن كتاب في ....... الردّة ! * * * " ولتجدن أكثر الناس عداوة للذين آمنوا اليهود ... " " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ... " بهاتين الآيتين الكريمتين صدّر أحد حمير الهراطقة سِفره الضخم " حوار الحضارات " * * * مكافحة " المخدرات الفكرية " مهمة قاهرة ، وهذا الهذر الزائف المعوج يغزونا ، يتحذف علينا من كل اتجاه في كتب غالية منمقة .... توزع مجاناً !! * * * الصحوة الإسلامية ، أيها المفتون .. الأنتم بها فرحون لماذا تحولت ... الى طاعون !! * * * لما ذبح الشمر الحسين ضحك الملائكة القليلون وبكت الشياطين ضج الكون بالبكائيين .... لأنهم الأكثرين !! * * * عندما احتل العراق أمريكا أسمت الأمريكتين ... انطلقت " الصحوة الإسلامية " لتمنع أن " يتأمرك العراق " عبرت مضيق جبل طارق . حكمت الأندلس . وبنفس الطريقة .... أضاعت العراق !! * * * تمت " عرفات ... والزير التلمودي " 24/7/2007 الآن سألقي عليكم دروساً في الخل والطرشي !... والمناسبة هي صياغة إعلان تجاري لخمرة مُعتقة تدعى " عرفات" إذا كبس التمر أربعين صباحاً ، سيصير خلاً ..هل مثله الزيتون ؟ خذ بيارة من زيتون غزة . تكفي لري حجاج القدس خمراً عرفاتياً ! طريقة التحضير بسيطة جداً . والمادة الأولية فائضة في منطقة الشرق الأوسط . كل شيء هنا يصلح للكبس والتخليل والتخمير والخلط .... التمر والزبيب ، والزكاة والزيتون . والعقول والعاقول . والدين والطين . والشعير والشعور والشارع . والرجال والقهوة والنفط . وبنات آوى وبنات نعش وبنات آدم . والشرق والبرق والمرق والعرق . وعكه ومكة وكعكة ... وكل شيء لا يشبه شيء !!! أما معدات العمل ، فهي " الزيران " على اختلاف أنواعها . ولا شيء غير الزيران . ولا تسألوني عن أنواع الزيران . فهذا " سر الله " ... فلا تتكلفوه . وسر " المهنة الملكية " ... فلا تلجوه . وسر " عرفات " ... فاسألوه . فهو سيد العارفين فيه . " عجي " موائد الملوك و " دبّور " أضوائهم ! من مثله !.. من يدانيه !... هل من مبارز ؟! خمّروه في تل أبيب . وحمضوه في هوليود . ووزعوه خمراً في الصالات وعلى الموائد . من لا يعرف خمر عرفات ... " أبو الشايب " ؟! ذو العقال العربي ، والبنطال الأوربي ! عرفات ... الأكثر مبيعاً في أمريكا ! عرفات ... الأشهر بين زوار العواصم . عرفات .. دائماً هو الأحسن والأضمن ... عرفات .. تحميه الآساد .. والموساد . عرفات ... رمز الجودة والأناقة والذوق .... اليهودي . عرفات ... يشربه الرؤساء والأثرياء . عرفات كالثوم ... تناولوه على أسرة الملوك . وجالسوا به الحمير . وقاؤه على المزابل ، لما تعفن وفسد ! عرفات ... يحولك إلى حمل وديع يحمل غصن الزيتون . ولكن إياك أن تكون خروفاً ، وتقضم الغصن ! وتجعلنا مضحكة لليهود والنصارى . ولكي ترضي عنك المسلمين . وتكمل حجك العرفا إبراهيمي ... تصدق بـ" خمر عرفات " على جبل عرفات . لست فلسطينياً إذا لم تحمل في جيبك قنينة من " خمر عرفات " . ولكن إياك أن تحولها في الشارع إلى زجاجات حارقة . لأن عرفات سوف يغضب عليك . ويأمر ساقيه أن يحبسك في .. " الخمارة " ! امتلأت الخمارة !! فسد كل ما فيها . أفاق عرفات من حلمه . لقد نام في الزير التلمودي أربعين عاماً . ولما صحا .... وجد أن الدنيا قد تغيرت . وأن التيه اليهودي لن يوصله إلى سيناء . إلا من " معبر رفح " ..... اللاآمن ! فلسطين تقزمت ... ذهب اسمها ... التاريخ . صارت ... قطاع وضفة ! حكومة ؟!... أليس كذلك ! حبذا الأمارة ... ولو في الدعارة ... لكن ( دولة أوسلو المتجمدة ) ذوبتها أيام التسويف الحيف الحيف ... قام رجل بالسيف ... مجانين الحجارة ؛ ينازلون الدبابات ، والطائرات ... والمفاعلات يقاتلون بموتهم !.. انتحاريون ، إرهابيون . بل ..... استشهاديون !! قبل أن تمر ، ركب عرفات الموجة . صرخ بأعلى صوته : شهيد شهيد شهيد . ليكن ... قد اختار نهايته . اكسباير ....... إلى الموت البطيء . مَنْ بعدهُ في لعبة الشهادة ؟ حماس . عباس . ترباس . فتح . ذبح . غلق . فتق . مزق ... كله واحد ! أضداد من نفس النوع . تُساق للتخمير .... إلى الزير التلمودي الكبير !... تمت النازحون من البصرة طرقت علينا الباب ليلة ... خرجت ، فإذا رجل ، ولوري مًُحمل بأغراض وأثاث بيت . سلم علي فرددت السلام . ثم قدم نفسه غلي قائلاً : " أنا بصراوي " وفهمت كل شيء ؛ البصرة مدينة المليون مقاتل !.. حبيبة القائد " أنهجم بيتهم منين ياخذوها " ! وجريد نخلها سيوف ... و " البصرية الحلوة الحبابة تطش الجكليت " !.. وماهر وطالع !.. والفيلق السابع وأم الرصاص .. وأم الزعاطيط ... وسخائم أخرى أخرها " حرب المدن " ! قلت بكدر ، وأنا أجذب حسرة للبصرة وغير البصرة : - تفضل يا أخي . أهلاً وسهلاً . ثم إنهمكنا في تنزيل بعض الأغراض والنساء والأطفال من اللوري . قد جاؤا على ظهره من البصرة وحتى كربلاء ، ينفخ في أجسادهم إسرافيل كانون حتى جعلهم خشباً مُسندة ... أثناء ذلك تقاطر علينا جمع من هذه الوجوه التي لا ترى إلا عند كل سواة . مواطنون ، ورفاق حزبيون وأعضاء مجلس القضاء والناحية ومشايخ وطناطل وتنابل ... قالت ( شريفة ) تلبس عباءة وخماراً : - سود الله وجه الخميني ... ماذا عمل بهذه الأوادم .. سباها سبايا الحسين ! قلت : " هذه لماذا لا تذكر صداماً .. أليس هو الآخر .... " وقرصني أبو زهير لئلا أكمل ... يعرفني لا أسيطر على لساني فينفلت مني في كل مرة وأُساق إلى الأمن أو الحزب لـ.. يعدموني ، أو يقطعوا لساني ! وليجزي الله عديلي أبا رافع خير الجزاء فأنا مدين له برقبتي يعتقها ، يشتريها من الجلادين ، يفك عنها حبال الشنق بماله وجاهه ، مرة بعد مرة . مشاكلي مع الأمن كثيرة ، وملفي ممتلئ مكتض ... كلها كلمات لا غير ، ولكن من نوع هذه الكلمات التي تؤدي في العراق إلى قطع الرؤوس والألسنة . زوجتي أم صادق لامتني تخاصمني ، لأني لا آخذ بوصاياها المفعمة باللهفة والحسرة : " أبو صادق صدقه لعينك استر علينا ، خلينا عايشين . الوضع بأي حال وأنت تحكي ما بدا لك ... تريد تروح بشربة ماء ، بكلمه ! " وكلما كُرثنا بكارثة يجرها علينا لساني ، لجأت زوجتي إلى أختها تبكي وتولول ، حتى تستدر عطفها ، ثم من بعد عطف الأخت يأتي عطف الزوج .... وثم تعطف عليّ الحكومة ، ذلك أن أبا رافع يرفع ويكبس في مرمى شباك طائرة ألاعيب الحكومة ... فهو معاون المحافظ . * * * بصري أخر جاء يسأل ، يريد بيتاً يؤجره كي يأتي بعائلته التي أنذروها بالرحيل لتحول مدينتهم إلى ( منطقة عسكرية ) . أرشدوه بأن لديّ بيتاً للإيجار ... لي بيوت كثيرة .. وحاقدون كُثر يستكثرونها علي .. لكنها كلها امتلأت بأهل البصرة ... وهذا آخرهم . وأنا أسير معه لأدله ، وليرَ البيت ، كان لا يكف يشتم الخميني ... وكنت يومها أحب الخميني حب الله ورسوله . وأراه المخلّص الأوحد . قلت : لقد استثنيت ، لا أؤجرك البيت . قال بصلافة : " مو بكيفك " غصباً عليك ، الآن أروح أخبر عنك المنظمة الحزبية . أمر من السيد الرئيس الله يحفظه يقول : كل البيوت تفتح أمام أهل البصرة ، ومن لا يعطيكم الأقفال ، أكسروه قلت بحماقة وأنا أتأجج غيضاً : - " والله أنعل أبوك لا أبو الحزب لا أبو الرئيس كلب ابن الكلب " .. ثم نفخت كفي وأعطيته لطمة أردفتها بلكمة ، وتوليته رفساً حتى غاب عن الوعي . بعدها تركته وعدت إلى بيتي أروي القضية بتفاصيلها لامرأتي !! بعد ساعة أو دونها جاء شرطة الحزب أخذوني .... وتبين أنه من عبثيي البصرة .. وكان ممكناً أن " أضيع " . ولكن عديلي توقاها بألف دينار دفعها لمدير أمن كربلاء – وكان صديقاً له - .. وهكذا نجوت بمعجزة . * * * وكان لأختي بيت شهيد ، بنته بفلوس قسطوها إياها ثمناً لزوجها الذي ضاع في قادسيتهم .. وقد اكتمل تواً إلاّ من لمسات أخيرة .. وثم تنتقل إليه . ذهبت إليه يوماً على عادتها ، فوجدته محتلاً قد امتلأ بالأغراض والنساء من اللائي إياهن . تقدمت منها كبراهن ، قدمت نفسها بأنها زوجة مسؤول الجمعيات – لا ندري أي جمعيات ! – في البصرة ، وأنهم وقع عينهم على هذا البيت فاختاروه وطلبوا من الفرقة الحزبية استئجاره ! كان بيت أختي قصراً يليق بالحكام . ليتنا عبناه قبل أن يأخذه الملوك غصباً . لكن الخضر لم يمر علينا وينذرنا ، مع أنه يتجول في الدنيا فيما يقولون . لما احتجت أختي قابَِلتها بالسخرية ... ثم دعيت إلى المحكمة لتوقيع عقد إيجار واستئجار . ولكنها دهشت لما علمت أن قيمة الإيجار هي ثلاثون ديناراً لا غيرها ! والذي يطلع على قوانين الاستئجار في عهد صدام يعلم أنه أفضل من التمليك لما يمنحه للمستأجر من حقوق وصلاحيات تفوق حقوق المالك وتجرده من سلطته على ماله التي منحه الشرع إياها . * * * بعد الشبع والري والدفء له وعياله ، جلست أحدثُ ضيفي وامرأته وابنتيه وهم يبكون البصرة وبيتهم فيها ونخلهم وأرضهم وشطهم ، يغمغمون حزناً على الحال التي هم فيها . سألته : شلونها البصرة فأجاب : لا بصرة بعد ... ذهبت البصرة .  أخذها الخميني ؟  ليته يفعل ويخلصنا من صدام لكنه لا يقدر . دول القوة كلها مع صدام ، هذه حرب عالمية ، الأدوار فيها مُقسمة كما يريد الكبار .  لماذا لا يرعوي إذن ويفهم ، وهو يقرأ قول الإمام علي ( ع ) : " أفلح من نهض بجناح ، أو استسلم فأراح " .  لا يقدر . الأمر ليس بيده ... ولا بيد صدام .  كيف ؟!.. صدام والخميني بيدهما الأمر كله .  يتهيأ لك هذا ... الحقائق لا تؤخذ من الإعلام ... القرار خارج الحدود . وراء الكواليس . بيد الكبار .. وما هؤلاء الحاكمين إلاّ بيادق ألعاب يحركونها بذكاء ودهاء لإبقاء المنطقة والعالم في أتون نار .  ( بتصميم ) أنت مخطئ يا عزيزي . بل هي حرب الإسلام ضد الكفر والنفاق ... الخميني هو حسين العصر وهذا الشيطان الأبقع يزيده ... ويأبى الله أن يقتل الحسين مرتين .  ( متبسماً بأسى شفيف ) قال : حزني على المؤمنين لا يعرفون الشطرنج . يحرموه !... فيما يلعبوه بهم كل يوم .... ولكي تستقر لعبتهم وتطول ، لا يقتلوا الملوك .. يبقونهم إلى ما لا نهاية ، لأن ليس في نيتهم إنهاء لعبة الشرق الأوسط الشطرنجية !! أما هذه الجولة المُسماة ( صدام / خميني ) فسيوقفوها بلا غالب ولا مغلوب عندما يستنفدونها حتى الثمالة لينقعوا بها لحية الخميني يدنسوها ، وأنف صدام يرغموه ، يكسرون به الكاس ... وثم يبقون نهاياتها السائبة بأيديهم يحركونها أنا شاؤا . قمت أتأجج غيضاً ، كأني أحرقه . لكن لمزيد المعرفة أبقيته .... سألته :  - هل أنت عضو شعبة في البصرة ؟ أجاب بتبسُّط :  لو كنت كذلك لأخرجت صاحبي من اللعبة ، بطلاً ، كما يسموه .  لعلها مناورات ابن العاص التحكيمية !  ( بتأفف ) لا تربط الماضي بالحاضر بهذه الطريقة الفاجعة . خطؤنا عبادة التاريخ . تكراره .. لا ننفك من رموزه .. العاملون في ساحتنا اليوم لا يقرءون تاريخنا إلاّ بقدر تعرف عوراتنا ... الإرهابية ! يحاصرني . يحيرني ... أحب الخميني . قلت ثائراً :  الإمام الخميني شيء مختلف ، ومن الدواهي التي جرها عليه الزمان ؛ مقارنته بصدام . ولكل نبي فرعون !  سيدي ؛ إذا كان صدام ( مجنون سلطة ) . فأن الخميني (مجنون ثورة ) كلاهما أساءا السلطة والثورة بجنون مفرط.  ( بتفجر ) أرجوك احترم . أنت المجنون وصاحبك وأبيك . ولولا حرمة الضيف لطردتك الآن من بيتي ... لا أسمح لمخلوق أن يمس الخميني بسوء ، إنه إمام مجاهد على نهج رسول الله وسنة أهل بيته .  رسول الله ( ص ) هادن الكفار في صلح الحديبية . - ولا صلح مع الكفار – إنما لمصلحة المسلمين وحرصاً على دماءهم ... فعل ( ص ) ذلك .  أين هذا من ثمانٍ مجنونة ، قتل فيها من المسلمين أضعاف أضعاف ما قضوا في كل حروب المسلمين ! * * * الأثاث والأغراض بقيت في " اللوري " بات السائق المصري في حراستها ، ومعه المالك الذي رفض المبيت إلاّ في شاحنته العزيزة ، خوف أن تسرق . في الصباح ركب أبو طارق البصري في اللوري ليبحث عن بيت للإيجار في الأحياء . ولأننا تحدثنا طويلاً الليلة الماضية وتعارفنا ، فلم أترك ضيفي وحده ، رغم اختلاف الرأي فنحن علمنا ديننا قبل الديمقراطية أن أحرص على حقك وأعطيك كامل حقوقك ، وأنا أناجزك الجدل وأخالفك المعتقد . لبثنا النهار بطوله نبحث دون جدوى . لا شبر فارغ في كربلاء . البصريون والمصريون وغيرهم ملئوها . وقيل أن المحافظ يرعى العوائل النازحة من جراء القصف وذهبنا إلى هناك فقيل المحافظ لديه اجتماع ، وبعد انتظار ثلاث ساعات قيل اكتبوا عريضة حال وطلب ثم أطبعوها على الآلة الكاتبة حسب النظام . لا نظام ... لو رفعوا أيديهم لسارت الأمور بلا اجتماعات ، ولا تعقيدات . في الثانية ظهراً أُفرج عن الرد : " يراجع مقر فرع الحزب " وذهبنا إلى " مقر الإفساد في الأرض " فأخذونا على حمام أهلي مهجور تعود ملكيته إلى حاج عاصم أحد الذين سفرتهم الحكومة في عام 1980 لأن تبعيتهم إيرانية ! كان حاج عاصم هذا من الأثرياء يملك دوراً ومحلات وعقارات ثم تبين للحكومة الرشيدة أنه " من التبعية الإيرانية " وكما أن ابنه " طلع حزب الدعوة ! " فأطفئوا داره واجتثوا عرقه من أعمق نقطة .. حسب تعليمات القيادة . لا علينا من هذه التفاصيل .. " كل من عليها فان " لكن المهم في الأمر أن أبا طارق رفض الإقامة في موضع مغصوب ، لكنه لم يعلن عن ذلك للمفرزة الحزبية التي رافقتنا ... إنما السبب المُعلن هو عدم صلاحية المكان ووجود عائلتين تشغلانه قبله .. فكأن حياة المعسكرات الشيوعية العبثية تظهر في كربلاء ! زهق الرجل وقال سأرجع إلى البصرة ، ولامت في القصف ، خير من هذا العذاب . كان صاحب اللوري – وهو من النجف – يمسك لنا ساعته ، كلما دارت العقارب دورة ، قال : زاد السعر الأجرة خمسة دنانير ... هذا زيادة على الأجرة الأصلية التي جاؤا بها من البصرة وقيمتها 230 ديناراً حسب الاتفاق . بعد تطواح طويل عقيم عدنا بخفي حنين إلى بيت قعيدته " هلال العيد " أم صادق . تعشى الجميع بسعادة وحبور ، لكن الملاك النجفي عكر الصفو بإصراره على خمسين ديناراً أجرة مبيت اللوري رفض أن ينقصها رغم تشفعنا بالنجف وساكنها والغري وأهله . وكانت الأجرة قد ارتفعت إلى أربعمائة دينار ، وليس لدى البصري سوى ثلثمائة دينار جمعها لعوادي الزمن . وأصر صاحب اللوري أن يعطيه أجرته كاملة أو يرمي أغراضه في الشارع . ولم احتمل المشادة الجائرة فصحت بالنجفي بعنف " اتق الله الرجل في محنه ويستحق المساعدة " . قال : ساعده أنت من مالك . قلت : الأجدر أن يساعده الحزب ... ثم التفت إلى البصري وأضفت : أبا طارق أهرع إلى المنظمة الحزبية أخبرها ستتولى عنك أمر هذا ومباشرة شتم السائق الحزب وقال : - العن أبو الحزب . حقي أنا آخذه بيدي . ثم نادى على سائقه : " بنداري هات الهنگ " وجاءه مسرعاً بقضيب حديدي طويل رفعه النجفي وهزه بوجهي قال : أما فلوسي وأما آخذ الأغراض كلها واذهب . عندها قلت له بتؤدة : - على كيفك عمي . أنا أتعهد بالفلوس . أنزلوا الأغراض وبك خير وتدلل . قال : توجه على العباس احلف براسه الحار . وحلفت غير هياب وأنزلنا الأغراض حشرناها في أحد غرف بيتنا . ودفعت الباقي كاملاً بعدما صفر جيب أبي طارق وفقد القدرة على الحركة والانتقال ليبقى وأغراضه وبناته وامرأته في بيتي ... امرأتي ظلت طويلاً تبحث عن حل . ولم تجد ... أنا كنت أرى أن البيت يكفينا جميعاً ، خصوصاً وأن الأغراض كانت تتناقص ، يبيعوها فرادى ليعتاشوا بثمنها . عطاءاتي لم تنقطع لأبي طارق ، بيد إننا لم نتفق في الرؤى حتى النهاية . تمت تعذيب كان " علي صدام " يفتخر بأنه " ابن صدام " معلناً بأنه فدائي لـ" أبيه " . لذا ارتقى سريعاً إلى رتبة " مقدم " ، وصار من أكبر وارهب وأقسى ضباط التعذيب في الأمن العامة ، وأعلاهم راتباً .... شارباه الطويلان المعقوفان المخيفان يتقاضى عنهما مخصصات تعدل راتب .. معلم . كان الضابط الذي له خط تلفون خاص مباشر مع الكبير ، في مكتب التحقيق الفخم يتصفح ملف أحد المغضوب عليهم الماثل أمامه ... قال يتندر مع " قحبته " : - هل غسلتِ لباسي ؟ قالت تضاحكه : - نعم ، ولكن لا حبل لنشره . وكان يستجوب أحدهم . فضغط الجرس . حضر بعض جلاوزة الجحيم . قال لهم متضاحكاً وهو يتكئ بارتياح على كرسيه الدوار : - " خذوا هذا ، اعملوا من " زبّه " حبل " . وعلى الفور سحبوه من ذكره حتى خلعوه ... كانوا جميعاً ... يضحكون ! ولا زالوا ........ يضحكون !! تمت طنطل اسمي " طنطل " هذا أفضل من محمود " القاتل " الرحمة الرحمة من الذات اللائمة . " ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا " . من أين لي بالرقبة المقيدة ؟! وقد تحرر العبيد ، والغي الرق ! من يحرر رقبتي ؟ ورقاب الملايين من الرق الجديد . ليتني كنت عبداً مملوكاً ... للعبد الأسود .... بلال الحبشي . وأعود ألفاً وأربعمائة ... عبر الزمن والمسافة . من أرض السواد الخصيبة إلى صحراء الجوع والعطش . من القرن الحضاري الجديد ... إلى الشاء والبعير . لأرى ... محمداً . * * * في الجيش .... ترتبك المعاني . وتذهل كل كلمة عن مدلولها . ويبدل القتل غير القتل . لقد أخذوني إلى الجبال لأُقتل . والعسكري حرفته " القتل " ولا شيء غيرها . وقد قتلت ... كما أمروني . قتلت " عباساً " ما ... وأنا لا أجد فرقاً بين العبابسة الثلاث ؛ عباس بن زنگنة وعباس الذي من قرية بغداد وعباس القمي . هم هدفهم الأعلى قتل العباس أينما وجد . وكائناً من كان ... كردياًُ متمرداً ! أو فارسياً مجوسياً !! أو عربياً أصيلاً !!! أو هاشمياً علوياً ..!!!! * * * لا نار ، لا وقود ، لا خيام ... والريح تعوي في الجبال تعزف لحن الموت الأبيض . في منتصف الليل ، صدرت الأوامر بالتوقف . صاح الضابط ؛ أيها الجنود : الحذر الحذر العسكري يحمي نفسه . القوة كلها تبقى خافرة . المنطقة ملغومة بالعصاة وقد نطوق ونحاصر في أي لحظة . ويعمل الخنجر الكردي في رقابنا ذبحاً .... * * * جمعتني نقطة الحراسة مع جندي لا أعرفه . قال : لنتعارف .. ما اسمك الكريم ؟ عم يتحدث الخلي ؟! في الجيش اسم واحد : " قاتل " ، وجمعها " قتلة " . قلت : أرجوك دعنا بلا أسماء لقد جمد البرد دماغي ، فنسيت حتى اسمي . قال : لكن مهمتنا تتطلب أسماءاً ، نحن نعسكر و ... - أوه ... سمني ما شئت . - خطأ . لابد أن أدعوك باسمك ، والأسباب هي : وراح يعدد لوحده أسباب الضرورة الاسمية ... عسكري محترف .. ما أوسع خلقه !! الكلمات كالمسامير المحماة بالثلج تندق في جمجمتي والأسماء مهرجانات دعايات كاذبة ، قد تعني نقائضها . وفي حمأة التوتر المغيط قلت مازحاً مستخفاً : - اسمي طنطل هل هناك عراقي لا يعرف " طنطل " ؟! باقر البطون الأسطوري الذي يخافه الأطفال .. ألم تخوفه أمه بطنطل وهو صغير ؟ صاحبي التعيس الحظ تعرف على " طنطل " ، فيما يبدو ، لأول مرة . لم يكن طنطل العجائز والأطفال . إنما طنطل العسكري . الجبلي . الثلجي . الجهنمي . الانتراتيكي ! وعقل المسكين الحكاية . وقال مجاملاً بأدب جم : - أهلاً وسهلاً سيد طنطل . وأنا عباس من بغداد . * * * في لحظة ... تحول راسي إلى " طناطل " . راحوا يقرعون جمجمتي ، يصرخون بإلحاح : - " أمّن البندقية " . أجزاء من جسمي انقطع اتصالها بدماغي . البرد والجليد تسد أكثر الطرق والمنافذ . وعاد الطنطل القائل فيّ يلح : - " أمّن البندقية " . رفعت يداي بصعوبة مددت كفي أريد زر الأمان ، فلم تطاوعني . كل مقاطعات الثغور والأطراف أعلنت العصيان ... في جسدي . أذاني وأنفي وأصابعي و .... إحساساتي . الجنرال " انجماد " أغار عليها واحتلها . والجنرال طنطل القائل يصرخ في كل أذاني الداخلية : - " أمّن البندقية " . إذا لم تؤمنها ستنفجر وتقتلك مع صاحبك . هاجس لعين غريب ركبني ، كأن قدراً يلح عليّ بالموت . خلى عقلي تماماً إلاّ من كلمتي ؛ " أمّن " ، " البندقية " . تترددان في جنبات ذاتي الخاوية ... ويرجع صداها ، مثل بوق تنفخ فيه جوقة غيلان . وأمرت الوالي المتمرد في كفي المحتل . إن أغلق زر الأمان ( ) إذا لأضغط من ثم على العقرب ، كي أتأكد من الإغلاق . وسمعت صلية رصاص انتفضت فزعاً . أنها قربي . كأنها في حجري . ترى من رمانا ؟ عجباً ، هل أنا حي ؟! وتحسست جسمي ، ونفضت نفسي . وتساقط الثلج . وسمعته يتأوه ... ها !... أنه صاحبي يخور بدمه . قال : لقد قتلني يا غادر - من ؟!.. أنا ؟!.. ربما ...! غير معقول ! وفغرت فاي ،بينما كان يريد أن يصوب بندقيته نحوي ! لكنه لم يقو على حملها فسقطت من يده . * * * في النزع الأخير سألوه : - من أطلق عليك النار . هل رأيت من ضربك ؟ قال بتأكيد شديد : قتلني طنطل وراح يكررها بشعور كامل : لكنهم ضحكوا علية ... حسبوها منه هذيانا وخترفة احتضار . كنت منهاراً أرتعد قراً وخوفاً ... وأقل تحقيق يمكن أن يؤدي إلى اعترافي التام . ولكن ، لا تحقيق ولا محققون ولا حق .. أصلاً في الجيش . إذا كانت الأرواح هناك بالمجان . والأحياء ميتون مع إيقاف التنفيذ . فألا يبدو التحقيق في مقتل ميت عادي .. ضرب من العبث والسخف ومضت روح عباس إلى السماء لأشاهد على إزهاقها سوى الله ..... وطنطل ! تمت أدب المناظرة والجدل هذه رسالة جوابية استلمتها من " شيخ عالم " رفعت له تقريراً عن موضوع فيه خلاف ... أحاول إقناعه بوجهة النظر الأخرى بسم الشيطان الغوي الرجيم إلى الزنديق المرتد والرافضي الكافر سفالة " فلان " أبو زنيم . الحمار الحامل لأسفار الكفر تحقير ورزالة وبعد : فقد قرأت سفاسفك . ووقفت على بعض هرطقاتك . والجواب جهنم الحمراء لكم يا أعداء الله . نتمنى لك العدم والجور ، والموت والثبور ،... والحرب عليكم وسخط الله ولعناته . التوقيع شيخ الجماعة النهايات عيشنا في عشنا ، عاش الهنا – في خيمة الحب بظهر الجدول تلك أضغاث أحلام شاعرية لا تسمن ولا تغني . عشت بها محروماً طيلة شبابي الأول ، لا أملك شيئاً لتحقيق أدناها . بيد أن الموضوع الآن ليس حلماً . أنها قصة " حب أعمى " معروفة مستهلكة ؛ مطلقة حلوة ثرية لا تزال صغيرة ... قالت جدتي : " خذ مطلقات البين ، ولا تأخذ مطلقات الرجال " ... حكمة قديمة مستهلكة أيضاً . وَلست بغاضٍ للحكم ، وهذا الملف التاريخي قرضه العصر ... والجرذان . وهو محتاج إلى من يخطه ويجدده ... أما أنا فلسوف أبدأ من المليون . أما الصفر ، فأنا تاركة للأغبياء المهوسين . عرفت فيما بعد أن " أم منار " طلقها الاثنان ؛ البين والرجال وكلاهما على شر . أما الأول فجندي " استبسل " بأن قتل مجموعة من رافعي الأكف والرايات البيض ، فنال تكريماً من لدن القائد وصار ضابط درع ، ثم احترق بدبابته في الجبهة بعد ذلك . والثاني كان زير نساء نصاب مختص بـ" نسوان الشهداء " قضى وطره مع أم منار ثم طلقها . والثالث أنا .. فقير معدم ... وما جئت على خير .. بدءاً . قال الشيطان ، وصدق الرحمن ، واختلط الصدق بالكذب ، مؤدياً إلى صدق في النهاية . الكذب ؛ إن أبي كان تاجراً . وإني تزوجت امرأة وطلقتها . وأني خلو من العلاقات العاطفية الآن خصوصاً في الكلية . وإن إيماني بالله والخير راسخ . وأن أمي دلالة ، وأني أحب صدام وأن لدي أقارب في الكويت .... أما الصدق فأنا طالب معدم في الجامعة التكنولوجية . يلزمني مئة ألف ويزيد لأكسي " آمالي العراقية " ثوب الحقيقة .. فـ" بيت وسيارة وامرأة " ... ياه !.. " امرأة " .. تلك طلب ملح ، ليتها بدينار ، لتدخل المطعم تقول للخادم : هات امرأة . بدل " نفر كباب " !... الصدق أن صلاتي " بين سطر وسطر " ، وأن عمري ثمان وعشرون سنة ولم أمس النساء قط . وأني طالب ذكي نشط متحرك لأني مُكلف بإعالة أمي وأخوتي ... ونسكن بيتاً صغيراً بالإيجار . " الطلابية " تلك في الصباح . أما عصراً فأنا " كولي " صنائعي من هذا النوع الذي يسميه المصريون " بتاع كله " .. فأحمل الآتي على ظهري ، وأدور في الأحياء السكنية التي اختطتها الحكومة لذوي قتلى الحرب تحت مسميات ؛ حي الشهداء ، حي الضباط ، حي الشرطة ، حي العسكري . الخ ... كنت أنادي على نفسي كأني أبيعها في سوق النخاسة . أعلن عن خدماتي كعبد ماهر مطيع يجهز الماء والكهرباء ويشد الزجاج ويصبغ الدور ، وكما لديه خبرة متواضعة في إصلاح الأعطال العامة في كافة الأجهزة والآلات المنزلية ... التكنولوجيا صنعتي ودراستي ، لكن المال هدفي . وما كذبت قلامة ظفر . لقد كانت خبرتي العملية النظامية معروفة لدى السكان وخصوصاً ربات البيوت اللاتي يستعن بي في أدق الترتيبات التي يحتجنها في منازلهن ، وبأسعار رمزية . أما دار أم منار فقد أنجزت معظم أعمالها بيدي ، وأودعت فيها كل عبقريتي في الضبط والإتقان والشكل . كانت تحب الجديد والجميل . ولديها الفلوس ، فتنظر في جنبات البيت لتضيف وتغير وتوسع معتمدة آرائي وابتكاراتي ... وذوقي أيضاً . أصلحنا الماء وجددنا الكهرباء وصبغنا الأبواب والشبابيك وأبدلنا الستائر ... وحتى الحديقة حرثتها وغرستها ونظمتها ، رغم أني لم أكن حدائقياً . ثم قررت أم منار أن تجدد وتديم أثاث البيت ، وطلبت مني أن أشرف على المهمة وأصمم ديكوراتها حسب ذوقي وخبرتي ... وكنت معها اشتري الأشياء والحاجات بحسب معرفتي واختياري ، وهي تدفع الفلوس حسب . أصرت أم منار أن يكون كل شيء في بيتها جديداً . وأهم شيء أن لا يكون فيه شيئاً من حياتها القديمة ... حتى غرفة نومها باعت أثاثها في السوق ، وحكمت رأيي وذوقي لاختيار واحدة بدلها جئت بها إلى البيت الجديد ، حتى إذا أكملت نصبها وتركيبها قالت بلهجة ودودة مرحه : - أحزر ماذا ينقص هذه الغرفة . قلت بانبهار وحب : - لا شيء . أنها كاملة تامة ، مثل عروس مزفوفة . قالت بشوق وهي تسبل جفونها باستسلام : - ولكن أين العريس ؟!... ... وفي ظرف ثوان ... أصبحت عريساً ! * * * لما دعتني حكومة الحروب العبثية إلى الانتظام في طابور الحمقى والمغلوبين ... وجاء دوري في لعبة القتل والضياع والزيف .... لأكون جندياً في " الجيش العراقي الباهش " بعدما أكملت دراستي في الجامعة ... رفضت زوجتي أن أتيه في زحام الباطل .. قالت بعزم وتصميم : - " سأقتل نفسي إذا ذهبت الى الجيش ... لن ادعك " تستشهد " مثل زوجي الأول . قلت : كيف ذاك ودونه المقاتل ... هذا مقر الأمن قرب الحي ومن يتخلف سيأخذوه يقتلوه .  لن أدعك تخرج من البيت إلى الموت .. مستحيل سأظمك بين جوانحي .  والعمل ... والحياة .  لا نريد عملاً بعد ... لقد صرت مهندساً فلا تناسبك الأعمال الحرفية بعد ... عيب  كيف نعيش ؟  لا عليك ، سأتدبر هذا كله .. فقط لا تمت ، أرجوك . وبقيت في رعاية أم منار دافئاً آمناً إلى ما شاء الله ، تنفق علي من مالها ، وتصد عني عيون الظالمين وإذا هم لقد تحقق حلمي الشاعري القديم ثم بدأت أزاول بعض أعمال التصليح داخل البيت أمارس بعض مهاراتي لأتكسب منها سراً بمعونة زوجتي . فقد عملت في غرفة سرية داخل البيت ورشة لتصليح وصيانة الأجهزة المنزلية ، أعمل فيها سراً طيلة الوقت ، لا أعلن عن تواجدي الظاهري فيها إلاّ أسبوعاً في الشهر كأي عسكري نظامي حيث الإجازة المعتادة بزعمي . أما بقية الشهر فأنا في الجيش ، لا أعلن عن وجودي ، فيما تتولى أم منار مهمة التعامل مع الزبائن وأهل الحاجات حسب الأصول ... عشنا حياة هانئة بهذه الطريقة يأتينا رزقنا رغداً إلى البيت . إنما لا تخلو الحالة من مخاطرة وضيق وأذى وتعب . وفي الأزمات عندما تنظم الحكومة حملات لتعقب الهاربين وتصفية المعارضين ننتقل للعيش في مزرعة زوج أختها في الأرياف ... وبالسر أيضاً . انتهينا إلى إيمان وعمل وكفاح وحب وجهاد ورحمن .... ولكن تجربتي الشخصية الحقيقية تقول : إن هذا الخير في تبلوره ونضجه على هذا النحو الرحماني المطلق ... كان قد مر في ... محطات شيطانية . أنا الآن حاضر للمحاكمة ... فماذا يفتي المفتون ؟! تمت ( لحن من نشيد " أرامل الشهداء " العراقي ) خطبت بنتاً " اسمهما مكارم " . كانت تكره صدام الخطأ ... شبكتها ، وفرح أهلها وأهلي – كانوا جميعاً عائلة معارضة – تم كل شيء ... وسنتزوج ، ثم تركتها فجأة ، وفسخت الخطبة . ولم أبين سبباً لأن السبب مما يؤدي إلى طامورة أبي غريب الرهيبة . لم أصرح ، نوهت لها تنويهاً أن نعمل في الكفاح المسلح لمحاربة سلطة العبث الصدامي الباطلة . اعتذرت بهدوء وقالت : أنها لا تملك أدنى استعداد لتقبل فكرة كهذه ... في القول ؛ نعم . أما الفعل ؛ فلا ... كلهم هكذا .. العراقيون ! أعطيها الحق " مكارم " .. هي تبحث عن حياة زوجية مستقرة هادئة ، تكره السياسة وأهلها . ولا يمكن أن تتزوج سياسياً ، ناهيك عن أن تعمل هي في السياسة .. مع فهمها العميق للسياسة . رجتني أن ابتعد عن طريقها بكل احترام ، وكأن شيئاً لم يكن ... اتفقنا على الافتراق بأدب جم وسلوك حضري قويم ، مع تعهد بكتم السر حتى عن الأهل .. صاحبتي هذه نوع نادر في العراق . كانت زميلتي في الكلية . عاقلة أريبة عميقة تؤخذ منها النصيحة لما عرفت هَوَسي السياسي نصحتني بإخلاص أن أبحث عن واحدة موتورة قد جرحَِتها السلطة الظالمة بأحد أعزائها ، فهي تطلب ثأرها وترحب بك نصيراً تعمل معها بنفس الاتجاه .. وما أكثر هذين في عراق الضائعين ! أنا كنت منشغلاً بالجهاد لا أقدم شيئاً عليه .. حتى الزواج إنما هو لدي جهاد لإكمال الدين وصون الذات ، فلا أقبل امرأة غير مجاهدة ، ولدي في رسول الله ( ص ) أسوة حسنة. لقد وظف المرأة توظيفا جهادياً ، حتى أن كل زيجاته كانت سياسية من أجل خدمة دينه القويم . كنت في العمل السياسي السري . ولدي بعض الارتباطات المشبوهة المؤشرة لدى سلطة العبث ... فلا يمكن أن أدخل لحياتي امرأة ليس لها استعداد للعمل السياسي ولو كان بسيطاً ، وإلا سأكون خدعت نفسي . بعض صحابتي الأبرار في التنظيم " رضي الله عنهم " يعتمدوا السرية التامة حتى مع زوجاتهم . وبعضهم يعتبر المرأة شيء ثانوي لا يلزم إطلاعها على أكثر من شؤون البيت والأولاد مترسمين خُطى الأجداد . لست من هؤلاء ، بل أنا على الضد التام من رأيهم حيث أدعوا إلى إشراك كامل وفعلي للمرأة في الشأن السياسي ، شرط أن توافق هي عن قناعة واستعداد ، لا أن تحشر فيه رغماً عنها ، أو تستغفل وتُجبر على الخضوع لأمر واقع ثم تجد نفسها فجأة " امرأة شهيد " ! قرت عينها !!.. السياسة ميدان خاص يلزمه تخصص ومتخصصون يعملون بها عن قناعة وعلم ومسؤولية صادقة ، وأرفض قطعياً أن يتعاطاها كل من هب ودب ، فيتسيس كل شيء ويكون الشعب والناس كلهم سياسيون كما هو حاصل في العراق الخطأ . هذه الوسائل الغوغائية في العمل السياسي يعتمدها الدجالون من أجل إغراق العامة و" تسييسهم " ( ) ثم تعويمهم كلكاً( ) منفوخاً يعبّرون عليه غاياتهم ، وثم يدفعهم التيار خارج اللعبة نهائياً . لقد نصحتني " مكارم " – وقد بقيت معي على خط النصيحة فقط – أن التي تنفعني بحق ، واحدة من أرامل قتلى الحرب ، على أن أدرسها بعناية قبل أن أقدم .. وقالت مكارم : " ما دمت وضعت نفسك مشروع استشهاد فخذ ( امرأة شهيد ) أنما أحذر الزلل فأكثرهن يقبلن شرطك بنعم على أنه..( نعم القاضي )" التي تعني الزواج . كُن كثيرات في حيّنا .. جارات لنا ، لكن أيهن تناسبني .. و تريثت لأعطِ لنفسي فرصة الاختيار الأسلم . الأمر محتاج إلى دراسة دقيقة .. بأي طريقة أدخل !.. وأين وقتي .. لابد أن أستعين بأمي ، لكنها استغربت طلبي ، ثم رفضته .. كلفت أختي بالمهمة ، وأوضحت لها مطالبي وشروطي المبدئية في العمل السياسي . لا يمكنني أن أصرح بأي شيء . يجب أن تكون موافقة بدون تصريح .. يأتي ذلك بعد الزواج ... كلا . دع الأمر الآن . أخيراً اخترت " أم معين " جاءت تمشي بقدرها . وقع عقلي عليها . أنا أعمل بعقلي فقط . أما القلب فمتعطل جاف منذ زمن طويل ، لما فتحت عليه نافذة السياسة فأيبسته . " أم معين " أرملة قتيل تكبرني بعشر سنين . تملك ما يمكنني من التعويض ؛ بيتان وسيارة وأربعة أطفال ، أكبرهم في العاشرة . أمي قالت : " هذه تجرِ بقطار لها " ... لتكن . كانت تأتي لدي أمي لبعض شؤونها . سمعتها مرة تقول لها : " يا خاله ، إن زوجي غفر الله له قتل نفسه بيده . كان يعلم أنه ميت . وكلما عاد من الإجازة ، أوصى أنه لن يعود . وكنت أمنعه وأنصحه بالا يضيع شبابه في حرب صدام ويخسر الدارين ، لكنه ما كان يمتلك إرادة ، فضاع وضيعنا معه " . وخرجت من غرفتي وسألتها : - " أم معين " ، ماذا ترين مصيره فيما لو كان هرب من الجيش كما ترين ؟ . سُيعدم خائناً جباناً ، ويلحق بك وبأولادك العار . .. على الأقل . أنه الآن " الشهيد البطل " وقد تقاضيتم ثمنه سيارة وبيت وراتب !!! قالت أم معين تجر حسرة عميقة : - لو بقي حياً لتحصل على سيارات وبيوت أضعافاً . كان رحمه الله " أسطة بناء " ماهر يكسب جيداً ... وبعد ؛ أتعلم مقدار معاناتنا بعده ... هذه الأموال التي يضلون بها الناس ، لا تعوض شيئاً ... ليتنا متنا من الجوع . ليته مات وهو يجاهد الباطل صدام ... " قلت ( هيَ ، هيَ ) في نفسي ... ولأمي أيضاً .. أرسلت إليها شروطي بالنبأ العظيم فلم تمانع .. بقيت موافقتها على شروطي يجب أن أسمعها من لسانها . كلمتها عن إله العبث صدام فكفرت به دون خشية . قلت : أنا عامل على هدم أصنامه ، فماذا ترين ، هل تعملين معي ؟.. قالت بعاطفية ثائرة : " ومستعدة للموت أنا وأولادي .. لكن من يصل إلى صدام القاتل الهدام .. قد قتل الناس وخرب البلاد وأفسد في الأرض وهو سالم ... " سنصل إليه بعون الله والمجاهدين ... وبعونه تعالى تم الزواج على سنة الله بأيسر وأسهل السبل بتدبير أمي . زفتني بثوبي – لا أملك غيره – إلى بيتها ، لأجد هناك كل شيء . ولاكتني ألسنة الناس من حولي لادن غانيات وبصقوني على المزابل الاجتماعية مع كومة شائعات ودعايات حقيرة ... ثم عزفوا لي النشيد الوطني العراقي الخاص بـ" نسوان الشهداء " !!.. نظموا جوقة منهم ، من أحجياءهم وأشقيائهم – سواء – تتعقبني لتسمعني اللحن المعهود في زفات رعاعية متتالية لا تنقطع. ولم احتمل مضايقات الناس في المنطقة ، فانتقلت بزوجتي و " أطفالي " إلى المدينة ، إلى " بيت زوجها الشهيد " في الحي العسكري . هناك بدأت جهادي المسلح ضد السلطة الظالمة .. اتخذت البيت قاعدة انطلاق لعمليات كانت خليتها الأولى عائلتي الصغيرة. حاربت حزب العبث الاشتراكي ، الذراع المدني المحكم للسلطة الضالة في العراق ... حتى أقلقته . ظنوه جيشاً منظماً تدعمه إيران .. وما علموا أنهم أربعة أطفال ورجل وامرأة ، وسلاحهم " وَلاعة وخنجر ومسدس وقلم " لا غير !!.. أُحرقنا وقُتلنا ودُمرنا واُغتلنا وهُددنا وكتبنا على الجدران ... دوخنا الحزب والمحافظة لما يزيد على السنة ... الخطأ أني أردت توسيع قاعدة العمليات ، فاخترقتنا الخيانة ؛ طاعون العمل السياسي في العراق المريض. الإنسان المريض ! استشهد طفلان من أولادي الأحبة ؛ الأكبر والذي يليه . وتشرد الاثنان الآخران .... وخامس ذهب مع أمه في بطنها – يا لهف روحي - .. عندما كبس الأمن العتيد بيتنا . قاومناهم ، أصابوا امرأتي ، أخذوها ... هربت أنا إلى الشطرة جنوباً ... على الأقل أنا الآن فيها أكتب قصتي لأخلّد الشهادة والسعادة التي منحتها لأم معين حَبيبتي وأولادي فيها ... سلامي على روحك وأطفالك أم معين... أنتم أمامي في الجنة . سأتابع بعدها رحلتي وأنا أبحث عن " أرملة شهيد " أخرى لأواصل معها الحب والشهادة ... أليس هذا هو طريق العمل السياسي في العراق . تمت أزمة شاب عراقي منذ أسبوع لا أصلي .. أمهد لعملية كبيرة .. خزينة الشركة تكاد تدعوني إلى .. خدرها . و " أبو أديب " – الرائع جداً – يقترح عليّ مشروعاً ضخماً .. دائرتنا تضم شكولا شتى .. رفاق ، صحابة ، حواسم ، قواودة ، صوفيون ، أخوان ، دعاة .. كلها على باب الله .. أبي – المعرّس دائماً – طردني وأمي من البيت بعد الحواسم الصغرى أثرى وتزوج من عاهرة .. ذات خلفية .. أمي تصلي وتدعوا عليه .. صلاتها سبب مأساتي ... أخي وأن هو أصغر مني تزوج أرملة أكبر منه .. ثرية .. زوجة عضو ... وأخي الآخر لم أره منذ سنة لما ارتقى إلى أمير ، أو والٍ في دولة العراق الإسلامية. والآخر سافر إلى نيوزيلندا في جنوب الأرض. رموا أمي عليّ وذهبوا ... لم تأخذ من الدار غير السجادة والقرآن ... سكنا في " أرض التجاوز " وثلثي العراقيون متجاوزون . وأنا أعمل جيداً في الشركة . واتحصل على " إكراميات " مع راتبي . لكن مع ذلك لا أتمكن من الزواج .... وجه الفقر " فتاتي " تلح في ضرورة سرعة العرس . ويلزمني ثلاثاً معها لأكمل النصاب - كابي – أنا محتاج إلى التعويض الكامل بعد الحرمان الشامل .... سأشتري قطاراً ، وأبيع " فرارات " لأجمع ثروة !! سعيد أبو العرق في حيّنا ربح بطاقة يا نصيب . حرام قال شيخنا .. الى الجحيم شيوخ آخر زمن . كلما هممت بشراء ثوب أو حذاء أعمل جمعية وأصحابي ... هذا قبل أن يعدل بول بول بريمر " رضي الله عنه " الرواتب. لما نُهبت الكويت كنت صغيراً . وفرصة النهب والسلب الكبيرة المسماة " حواسم " لم استغلها . أفسدتها عليّ أمي والصلاة ... وهذه ثالثة الأثافي الكبرى يجب أن لا أضيعها ، وإن كانوا ابتدعوا لها اسماً رهيباً ؛ " الفساد الإداري " ارتباطه مباشرة بالسلطة القضائية المستقلة ، والمنفصلة عن الحكومة . في دولتنا الجديدة .. المفسد الإداري أمام القانون لحظة بلحظة . لا يفلت من لجنة النزاهة والمفتش العام و .. و .. هذه " الهلمّات " الدعائية لا تخيفيني . كلهم " حرامية " ... " لجنة النزاهة " من ينزهها .. يا للسخرية ، وهل بقي في البلد نزيهاً !.. هم دنسوا الإنسان بعدما خربوا الأرض .... المفسدون . " تمرات العبد " كلهن بخسات نجسات . " زين " يعرفهن . هو بال عليهن لما شبع ... وأكلهن لما جاع .. أعلن أنهن نضاف .. " قال نزاهة قال " ! أهي بالقول والإعلان !! كان للحرامية شيخ واحد يحكمهم . ويمكن الركون إليه في حالات طفح الكيل والمجاري .. فيأمر وينهي بخير ، وهو قادر .. وإن كان ثوراً عاقصاً قرنيه . أما الآن فقد تشابه البقر علينا . والجميع يرفعون " خرقة نزاهة " صفراء فاقع لونها ... تسر الناظرين ... أحزاب . شخصيات . حكومات . منظمات . فضائيات . ميليشيات إمارات .... ظلمات بعضها فوق بعض ... دخيل الله ! لا شأن لي بهذا ... أريد امرأة وبيت وسيارة ، طموح عراقي متواضع . كنت أرى شباباً معدمين مثلي يقفزون نحو الثراء الفاحش .... سوقية و " عربنجية " بطالة وفاشلين .. سبقوا السابقين .. سيارات ودولارات و .. شركات !! وأنا جلبت إلى البيت بعض أشياء تركها الناهبون ، فالتقتني أمي بالصوات الفاضح : " أتريد أن تدخل الحرام إلى بيتي . أما سمعت نداء المرجعية " هددتني إن لم أرجعهن مكانهن أن تقتل نفسها . عاندتها بغباء في البدء . قالت : " أنت كأبيك . كلكم مثله نهازوا فرص دون هدى من كتاب منير " .... ليتني كنت كأبي .. أني لا منكِ ولا منهُ .. قد ضيعت المشيتين . أخيراً غلبت علي أمي والصلاة فأعدتهن ... ما الفائدة ؟!.. أخذهن نهاب آخر وجدهن جاهزات ، فسرّ بهن .. كان ذلك أمام عيني . عدت حزيناً . لم أصلي المساء . صحت بأمي وهي تلح عليّ بالصلاة : أتركيني أرجوك . أنا أشعر بالغلبة . إن كذبة كبيرة تطوق الجميع . تخنقهم بالصوم والصلاة ... الثراء هو الحل . المال يعطيك كل شيء حتى الدين .. اعرف ناساً استغلوا " فرصة الحواسم " على ما يرام ، ثم عملوا " مؤسسات خيرية " .. استخرجوا فيما بعد فتاوى بحلية نهب الحواسم !... وتزكية الأموال ... " ومن يتوب ، يتوب الله عليه " لم ، لا ، التوبة جائزة في كل حال . والمؤمن الثري خير من المؤمن الفقير . و ... سأعود إلى الرحمن من سنتين ... سجادة أمي المفروشة على الدوام كرهتها ... بت أراها كومة قيم مبعثرة ، مهدرة ، مرماة باهمال مع الأوساخ والنفايات تحت الشمس والمطر ... والقنابل والمتفجرات . حديث التأزم والتردد والخوف مستمر وأصحابي ... كلهم مثلي .. يصلون ، ولديهم أمهات تنهاهم ... وإذا جد الجد ينكصون ويجبنون .. ولكني سأفعلها وحدي .. سأطبع المفتاح على صابونه .. أو إني فعلت ذلك ، بل ونفدت أجزاء من العملية العتيدة . وهذا هو المفتاح في يدي .. لا مشاكل ، لا حواجز ؛ هذه يدي – النظيفة – والمفتاح والخزينة ... ألا إن جبلاً شاهقاً في نفسي أفلحت باجتيازه – بحمد الله – أنه ليس جبناً ولا خوراً .. أنا لا أملك شيئاً لأخاف عليه . قال المغفل صالح : " كنت تملك شيئاً ثميناً أضعته " .  صه .. ابق متعفناً في محرابك أيها المخرف ، ستتفسخ وياكلك الدود . بل هو أكلك حياً .  ستندم .. ولات حين مندم  أليس لك قصراً في الجنة .. لابد أن تذكر صداقتنا ، وتجد عليّ بغرفة فيه ، ولو كانت بقدر مرحاض .. يا بخت من يجد مرحاضاً في الجنة .. كهكها ...  لا حاجة للمراحيض في الجنة . هناك روح وريحان ، أيها السطحي المرتد . أنت يجب أن تُذبح . لم أضع وقتي معه . هؤلاء هنا لا يعرفون غير القتل ، ولا يحسنون إلاّ تخريج أحكام الإعدام من نصوص الفقه . أخطأت في تنفيذ العملية . ضُبطتُ متلبساً . ساقوني إلى السجن . فصلوني من الوظيفة . أخوتي لم يزرني منهم أحد. أبي – النظيف جداً – جاء يبصق عليّ من الشباك لأني " سودت وجهه ! ". أمي بقيت معي تبكي . في السجن ... عدت للصلاة !... تمت الطلقاء ... واغتيال ... قحط ...  لقد بغوا .. وأفسدوا في الأرض ... ألا أنهم لم يتركوا الصلاة . الشهيد زيد بن علي بن الحسين (ع)  أرى الجاهلية أحمى لنا وأنئى عن الموقف الأرذلِ الشريف الرضي * * * قبل أن تُستدعى مواليده لخدمة الاحتياط الثالث .. كان الرفيق " حميد قحط عطشان " قد اشترك متطوعاً في " ألوية المهمات الخاصة " ( ) انتهى أقرانه ، خلصوا ، أبيدوا .. نفد الذكور من مواليد 1951 قتلاً وأسراً وتعويقاً وخبالاً ، لكن حظ حميد كان حسناً فقد أصيب في الحرب وانكسرت يده كسراً مضاعفاً استطاع أن يفيد منه ويستغله جيداً بعمل تقارير طبية أجلته لأكثر من سنة عن خدمة الاحتياط في الجيش الصدّامي الرهيب . ثم تمكن الرفيق حميد بعلاقاته الحزبية ، وفلوس دسها لبعض المشتغلين في اللجان الطبية العسكرية ، أن يرفع درجة عوقه إلى الستين بالمئة ، ليُعفى قانونياً من خدمات الاحتياط المستمرة .. بقرار طبي مزوّر . ولكن " لجنة شرحبيل " ( ) – أو " لجنة شروبيل " كما يسمونها – أرجعته ثانية ، فعاد إلى الجيش جندياً في سرايا الحجابات المميتة ، غير أنه نسب إلى سرية المقر ليعمل في التوجيه السياسي والمعنوي لأنه من الكوادر الحزبية الموصى بها. فجأة ، وبضربة حظ سعيد ، تخلص من " الشر الوبيل " أثر قرار رحيم من لدن القيادة الحكيمة ، بعفو جميع البعثيين المنضوين في ألوية المهمات الخاصة من خَدمة الاحتياط بكل صنوفها ، وتكريمهم بإضافة درجة حزبية لكل عضو ، ليستمروا في مهامهم النضالية في الميدان الحزبي ومن موقع أعلى !.. سلم حميد قحط عطشان كتابه العسكري ، وعاد بملفه الحزبي إلى المدينة نسراً لا يسعه الفضاء بالفرصة والمعنويات العالية ، وحب أعمى يقرب من العبادة يكنه للقيادة الحكيمة ، وعلى رأسها بطل التحرير القومي السيد الرئيس القائد صدام حسين حفظه الله ورعاه . وعلى نهجها المتقن المًعد من قبل الكبار ، استمرت السلطة القوية في صناعة " النموذج الفاعل " وإعداده للدخول بجدارة إلى ساحة العمل فبالغت في ما تسميه " تكريم المناضلين " ، وأن هو إلاّ شراء كلي وامتلاك مطلق للذمم والنفوس والعقول والضمائر ، لدرجة " الإيمان " والحب الحقيقي . التكريم المعنوي رفع الرفيق حميد رأساً إلى " عضو شعبة " بمنحه درجات حزبية مجانية . فصار " يحبس " و " يعذب " بل " يعدم " ... صار سبعاً " يأكل أوادم " ولا حد للتكريم المادي أنهم رجال صدام للمهمات .... حصل على " سيارة رفاق " ومنح قطعة أرض زراعية ( للرفاق ) مساحتها خمسة دونمات في منطقته . وربح قرعتين في توزيع قطع سكنية في الأحياء الجديدة . ومن السماء أيضاً جاءه تكريم ؛ عندما دعته – في أزمة الرجال الذكور – أرملة عقيد شهيد إلى قصرها وعرضت عليه الزواج ، مع أنه كانت تحته يومها امرأتان ؛ ابنة عمه في الأرياف مع أطفالها و " حسينه " التي كف عنها الكلام لما تزوجها ( الرفيق حميد قحط ) ثم ما لبثت أن صارت مثله ... " رفيقه " ! الرجال كلهم مشاريع استشهاد للوطن والقائد . وامرأة العقيد طلقها البين مرتين ، فهل تتزوج في الثالثة ضابطاً أيضاً .. ولديها ثلاث قصور وخمس سيارات وأنواط ومكارم ووو... بلايا ليس في الساحة من الرجال غير " الجدعان " فحول متفرغون للحب – هل تتزوج جدعاً مصرياً ؟.. إذن يجب أن تصم – أو تجدع – أذنيها عن القيل والقال !.... كيف ذاك وهي " أم إقبال " .. وينتهي السؤال والمقال . لم يبق غير هذا الرفيق المعوّق لأغراض اعتبارية ... ما عَوَقَه ؟.. يَده ؟!.. لا شيء فيها .. ولتكن ضعيفة ... المهم سيفه المجرّب ، قوي حديد . وتزوجها .. بالرفاء والبنين ، وهيمن على آلافها وملايينها ورواتبها وشاراتها وقطعها وأراضيها .. راح يبني ويسحب مواد بناء من المؤسسات الرسمية ليبيعها في السوق السوداء .. ويشتري ويبيع ويتاجر بكل شيء – حتى البشر ونسوان الشهداء !- وسريعاً صار حميد مقاولاً ثم ارتقى تاجراً أو رجل أعمال يدير شؤونه الخاصة ستاف سري متخصص . كلام لا يخلو من مبالغة .. هكذا هو حديث الناس إذا كرهوا أو أن أحبوا !... والحقيقة أن المال يجلب المال والجد السعيد . إنما هناك سعي وجهد .. وجهاد !.. الرفيق المناضل حميد قحط متحرك متطلع نشط ، لا يقعد ولا يهجع ، وهو دائب السعي في مصالحه وأطماعه ، ثقف لقف كالسنور يبتلعها وهي طائرة ، لا تفوته شاردة أو واردة وهو في مقر فرع الحزب الرئيس في المحافظة واقف لخدمة نفسه أولا ، وثم يأتي البعث والعروبة ، غير أنه لا يقصر فيها قيد أنملة ... مستغل ذكي لكنه يخاف القانون ولا يتجاوزه ، ولم تسجل عليه قضية اختلاس أو فساد أو تزوير أو سرقة كشأن غيره من المسؤولين الحزبيين ... بل لم يشكوه أحد من المواطنين بظلم .. هو يعرف كيف يلعب .. ومتى يشتغل ... ومن أين تأكل الكتف . لعبته الحقيقية كانت " أموال الدولة " ، سفينة المساكين يشتريها بحقها في الظاهر ، إنما كان وراءه ملك يأخذ كل سفينة غصباً . السارق الحقيقي هو النظام القائم ، دولة العبث الصدامي الجاهلي ، وما حميد قحط وغيره إلاّ ضباع جيف على فريسة المسبعة الرهيبة في غابة العراق !.. في بدايته كان يضع الألف على الألف يجمعها يريد أن يجعلها خمسيناً لكي يشتري مدجناً كانت الحكومة قد عرضته للبيع إلاّ أنها جعلت المزايدة للبعثيين فقط . رست عليه ، واشتراه بحقه ، لكنه تعلم كيف يربح المزايدات على أموال الدولة التي كانت تعمل على إنهاء القطاع الاشتراكي وثم أضاعت المشيات كلها فباعت الدولة وما فيها لخاصتها كيما يبقى الأسد الهصور محصور في القصور ناعماً بالسرور وكرسيه يدور .. بالعدل أو بالجور .. استمر حميد قحط يعمل وينّمي ويشتري ويتقدم ... ويتزوج أيضاً .... لا يغادر سنة الله ورسوله . بالمناسبة فأن الرفيق حميد مع أنه بعثي ( قرص ) من رأسه على أخمص قدميه .. وخصيتيه ، ويخدم الحزب والمخابرات والأجهزة السرية ، وأذنيه وعينيه ورجليه ويديه في خدمة السلطة أو القيادة – كما يسميها – إلا أنه مع هذا .. كان يصلي .. ليس تيمناً بعبد الله المؤمن ابن العراق البار الذي كان يحبه حد العبادة ، لم يبدل ولم يغير بتاتاً رغم تغير الأمور وتقلب الأحوال . إنما هو لم يبدل صلاته التي وجد عليها أبيه ، ثم زادها صوماً وتُقى " عبداً ألاهياً على نياته " فرزقه الله حجة مجانية نظمها صدام المؤمن لخاصة أوليائه الحزبيين في ظرف ما . صلاة حميد قديمة أصلية . في مبتدئها ما كانت عبادة ، إنما هي عادة وجد عليها آباءه .. ثم تحولت إلى " مودة " لما لبسها عبيد الله بن أبيه ومن بعده دعاة الدين وأدعياءهِ ومتحزبته وأحصياءه ... ما زالت الصلاة على علاتها – بحميد قحط حتى صارت تنهاه عن الفحشاء والمنكر وتقربه إلى الله زلفى ، فأظهر التقوى بالإيمان الحقيقي وصار يعمل لمرضاة الله وينفق في سبيله ويسعى في أمر الله بالنصيحة والخير والتقوى فغدى إضافة إلى موقفه الحزبي وجهاً اجتماعياً مرموقاً وشخصية بارزة لا يتخلف عن الحضور في كل مسعى خير لحل مشكلة أو تقريب رأي أو محاربة منكر . راح حميد قحط يحاول جهده التكفير عن ذنوبه والتحبب للناس من أجل تغيير صورته القديمة وكأنه كان يؤسس لعهد جديد يترقبه . لم يرق مسعاه لبعض الكبار فعملوا على إعفاءه من مهامه وتهميشه ليبقى بعيداً ، وكان الحزب قد استغنى عنه رغم أنه يعد نفسه من المناضلين الأوائل غير أن ذلك وغيره لم يؤثر في حبه الدائم لصدام كإنسان وكرئيس ... إن حميد قحط لم يخفِ مشاعره وأحاسيسه الدفاقة بحب صدام حتى النهاية بل كان مدافعاً عنه في كل جدال رامياً الموبقات والخطايا كلها على أطراف أخرى كأقاربه ورفاقه وأشقاءه العرب ... وزبانيته .. وما أرخص الحجج لمن يريدها ! استمرت الأوراق مخلوطة وما زالت ، قد استغلقت طلاسمها على الحل والتحليل لما غير اللاعبون القدامى وَسائلهم وأطاحوا بصنمهم العتيد صدام . الحاج حميد اليوم من أثرياء البلد وكبّاره في كل فن وشأن وليس المال والدين والسياسة حسب . لسنا بصدد تعداد ممتلكاته ، فتلك مزقت الخياط ما شاء الله ولا تُحصى كأفضاله على الناس . أنه من أبرز وجوه الخير في المدينة ، سبّاق على كل غانمة ، مقدم في جاهة . غير هذا أن الحاج حميد الآن له أربع نساء ، وهو رب لأسرة ثقيلة يربو تعداد أفرادها على الثلاثين جلهم من الأطفال والطلاب الجامعيين ... يعد أباً مثالياً ونِعم ما أنجب وربى فأولاده من خيرة الشباب الناجحين المرضيين . وهو زوج كريم تشيد بعدالته نساءه . اجتمعت عليه اللجان كلها ؛ العدالة والمسائلة والاجتثاث والنزاهة ... لم يطالبه أحد بدم . لكن أمواله حُجزت وجُمدت ريثما يتم مصادرتها . يعلم الجميع أن أصولها من دماء وحقوق هذه الأكثرية المغلوبة من الشعب . ولكن هذه اللجان ذاتها اختلف أعضاؤها في جدلهم وقرارهم بشأنه ... فقالوا ، والقول مختلف :  هذا البربري البائس المتخلف حميد قحط عطشان ، عضو فرع الحزب سابقاً ، أسوأ منه زمنه العبثي العابث قد تفاني في خدمة النظام المقبور .. دمه وماله وولده حرام في حرام . أنه آمن بصدام رباً يضر وينفع .  الصحيح أن الرفيق حميد ما خدم إلاّ نفسه ، وما آمن إلاّ بها .. ما أخلص لحزب ولا حكومة ولا رئيس .... ذلك لا يعفيه من المسؤولية . أنه انتهازي مستغل نعم ، لكن الأهم أن يده لم تُلطخ بالدماء من قبل ومن بعد .. هل طالبه أحد بدم أو ثأر . أو حق والمال هل سلبه من شخص معين ... هل من دعوى حقوقية أو قضائية ضده أقامها الأفراد ؟ هين أمره ما دام الجواب بكلا . فعنوان جريمته سيكون " اختلاس أموال الدولة " بدلاً من " الإفساد في الأرض " كما عليه أشباهه .  وهل سيعيد أموال الدولة - !.. هو ذاته أضحى الآن دولة . ملكياته تعدل ميزانيات دول ، كلها استلبها من أموال الشعب  بطريقة أو بأخرى استطاع التحصل عليها ، بعض طرقه شرعية لا غبار عليها غير أنه استفاد من موقعه الحزبي بلا شك .  كل ما كسبه هو ثمن خدماته للدولة الظالمة وحزبها العتيد .. هو ذاته يعترف بهذا دون مواربة .  ليست أمواله كلها حرام .. كلا . الصحيح أن بعض أصول أمواله محرمة ، نعم . لكنه استثمرها ونماها فربت أضعافاً مضاعفة .  ما أسس على باطل فهو باطل .  كلمة حق تريد بها باطل .. لا تخن من خانك ولا تظلم من ظلمك تلك وصايا النبي الخاتم . وجاء في فتاوي حفيده الإمام الصادق لما سأله المنصور الدوانيقي عن أموال بني أمية واستيلاءه عليها . قال له : [ لا تجوز لك إلاّ بِحِلِّها . أُنظر ما هو حرام منها أعده إلى أهله أو إلى بيت مال المسلمين . أما ما هو لهم فأبقه على حدود حقه ]. هذه فتوى الإمام الصادق المعصوم في أموال بني أمية بعد زوال دولتهم ، يمكن تطبيقها حرفياً على أموال أتباع النظام العبثي بكافة انتماءاتهم وأشكالهم مَن هم في السلطة أو حولها أو خارجها ...  إن جد الصادق عليّ بن أبي طالب قال في الأموال المغصوبة من الحق العام : " والله لو وجدته قد تزوج به النساء أو ملك به الإماء لرددته ، فأن في العدل سعة ، ومَن ضاق عليه الحق فالجور عليه أضيق ... " .  لا خلاف .. أصل الحق يؤخذ عنوة ويُعاد لأهله بالقانون العدل " ولكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون " .. هذا هو حكم الله .  والنماء . والمكاسب . والزمن في عهدة مَن ؟! إذا تُزوجَ برأس المال الحرام ، فما حكم الولد ؟  يعيد رأس المال لأهله ، والولد حلال له كأن يعيد ثمن الجارية ، ألأو أجر المثل لبيت المال .. ذلك هو المنطق الحق الذي قصده عليّ ( ع ) ... أما إعادة المال بنماءه فذلك منطق غير مستقيم و أصولية متطرفة تتقاطع مع منطق الفلسفة العملية " البراجماتية " الحضرية . وهي مثالية يتعذر تطبيقها بدليل أن علي بعظمته عجز عن تحقيقها ولو جزئياً في بعض المواقع .  وماذا تريدون إذن . هل نتنازل لهم عما سرقوا ونهب لهم ما نهبوا . لو كان مالاً شخصياً لما هم القلب أن يتنازل عنه ولية ، ولكنه مال الناس العام . من يملك حق هبته ؟.. من يتحمل المسؤولية القانونية ؟  سيدي ما كانت الأموال مبعثرة مباحة للبعثيين أو غيرهم هناك فساد ، لكن الناس يبالغون بوصفهم أن أحبوا أو كرهوا. لا شأن لنا بالعائلة الحاكمة .. الرئيس وبنيه وامرأته ومقربيه وخاصته وبطانته ومتنفذيه أولئك شأنهم مختلف ، ولا يقاس بهم غيرهم . أما حميد قحط فكان يخاف القانون ولا يتجاوزه ، ولم تسجل عليه قضية اختلاس أو سرقة أو تزوير كشأن كثيرين غيره من المسؤولين الحزبيين ... الرجل لم يشكوه أحد بظلم ، لكنهم أخذوا عليه وفاءه المطلق للنظام ولي نعمته .. وهو مستغل ذكي لعبته الحقيقية ( أموال الدولة ) سفينة المساكين . يشتريها بحقها في الظاهر . إنما كان وراءه ملك يأخذ كل سفينة غصباً .. الحقيقة أن المال يجلب المال والجد السعيد . إنما هناك سعي وجهد وجهاد ... الرفيق المناضل حميد قحط كان متحركاً نشطاً ( لا يقعد ولا يهجع ) ، وهو دائب السعي في مصالحه المادية ، فجمع وأوعى وخلط حلالاً بحرام ، كيف نميزه ولا دليل . الخليفة عمر كان يقاسم هؤلاء أموالهم فيأخذ منها النصف لبيت المال وعلي ( ع ) استرجع رأس المال – ثمن الجارية – وترك لهم النماء – الولد – ... ولنا في سيرة الصحابة العدول أسوة .  لأجل أن لا نفصل الوالدة عن ولدها نهبهم ثمنها لأجل ولدنا رحمنا وملك رقاب أهلها لكي نؤلف الناس ، نشدهم إلى بعضهم ، نقربهم بالإحسان والتسامح والرحم والقربى ... إننا أمام جيل من ( المماليك ) لحم أكتافهم من بيت المال العام .. هل نقطع أو نخلع أكتافهم بحق الشرع وعدله وقانونه أم نعتقهم برحمته وسماحته وعفوه ؟ ! .. ليس أمامنا إلاّ أن نفعل ذلك فإذا أخذنا الناس بذنوبهم – وهو الحق – فرقناهم ، أبعدناهم عن بعضهم شأوا بعيداً . وكان لزاماً علينا أن نحشو هذا الفراغ حرساً شديداً وشُهباً ، وهل نحن قادرون على ذلك . محمد ( ص ) كان قادراً منصوراً من الأرض والسماء لكنه لم يفعلها واختار العفو . أفضل بنا أن نعود إلى حكمة نبينا ( ص ) - إِن كنا نمتثله – عندما قابل كفران قريش وعدائهم بالإحسان والعفو والتأليف ، فقال لهم وقد فتح مكة – وهو الحق – " اذهبوا فأنتم الطلقاء " لم يستثنِ من عفوه إلاّ أهل الدماء والجريمة الخطرين وقد حصرهم ببضع رجال أهدر دماءهم ، فيما شمل عفوه أبو سفيان رأس الكفر والجريمة .... بل أعطاه وآلف قلبه ...  أي .. وماذا كانت النتيجة !.. هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان ؟.. بماذا قابلت قريش إحسان نبيها .. أما عدت على ابنته ظلمتها ، وبغت على وليها ، أعلنت الحرب بلا هوادة على صهره وابن عمه ووصيه .. ولم يكفها حتى قتلت سبطيه بأبشع الوسائل ثم سبت ذراريه وحرمه وبناته سبي الترك والديلم في جريمة لا أخت لها في تاريخ الأمم؟ دعونا أيها الناس بحق السماء ، لا نريد طلقاء جُدد يقتلون الحسين من جديد .  سيدي إن حكم الطلقاء سنة نبي ليس من حقك أنت ولا الأكبر منك أن يرفضها ، ولا حتى أن يقترح أو يعدّل أو يتقول فيها . تلك ثوابتنا العقائدية التي بدونها نكون في خبط عشواء يضرب بعضنا وجوه بعض وننتهي إلى عدم( ) ... " الطلقائية " المحمدية لم تكن سياسة وظروف إنما كانت نهج السماء . والشارع المقدس حكيم عليم محيط شديد تواب رحيم .. تأتي أنت الحقود المحدود ترفض الطلقائية وتقول لا نريد طلقاء جُدد !... أتعترض على نهج محمد المقدس ؟  الحالة مختلفة أيها القوم . دعوتنا ترفع مظالم أمدها خمساً وثلاثين سنة من القتل والإرهاب والتخريب .. هناك بغي وإفساد في الأرض كبير ، هناك جرائم ضد الإنسانية ، هناك مقابر جماعية ، هناك إبادة شاملة ، هناك جرائم حرب لا عقلانية ، قتلى بمئات الألوف ، بل تعدّت الملايين .. كم قتيلاً كان بين محمد وقريش !.. يعدون على الأصابع .. ما كان بينهم إلاّ سِجال حروب ، وقائع محدودة أشبه ما تكون بحروب قبائل أو عوائل ، اختلفت على أمر خاص من إِمرةٍ وسيادة وتجارة ثم رضخت للأقوى ، فما كان منه إلاّ أن بادر إلى إصدار عفو عام ليحافظ على البنية العامة والمصالح الخاصة - التي ما جاء ضدها – تماماً كما يحدث في الانقلابات والثورات .  أستاذي العزيز أنت ماذا تخرف ، هل تعي ما تقول !.. هذا نبي قوله وفعله حجة وسنة .. هل لديك اعتراض ليتبين لنا كفرك من إيمانك .  اللعنة عليكم ، وضعتموها بهذه الدائرة الضيقة ، أنتم تريدون حشرها في هذه البودقة الحرجة كيما تكفرون .. هذا دأبكم ووسيلة انتقامكم ... التكفير .  أجبني ، لا تتهرب . هل تعترض على حكم وتصرف النبي ( ص ) ؟  كلا ، إنما الحالة مختلفة . اقرأها جيداً وقارن .  الناس والزمن لم يتغيرا . الحكم ثابت .  المتغير هو الحاكم . ذاك نبي له حكمه الخاص . نحن لا نصل إلى درجة عفوه وقوة تحمله . كان يواصل الصوم ونهي الناس عن صوم الوصال ... تزوج تسعاً وحدد للرجال أربعاً .  إلى أين انحرفت في سيرك الضال .. هذا هروب من الموضوع ، إلى سفسطة فارغة .  أنتم ماذا تريدون بالضبط !.. أن يعود العبثيون الذين عبثوا بالحياة وخربوها على مدى عقود ، وكأن شيئاً لم يحدث !.. ماذا .. أهو لعب عيال ؟!.. وثم تعلقون جرائم القرن على شماعة الأنبياء ! هذه الأرض العراقية النازّة بالدماء ، المحشوة حد الاكتضاض بالمظالم والأحزان .. على أي دين يا أهل الله !.. على أي قانون يا أهل العدل !.. على أي عُرف يا أهل السواني والعشائر ... وهؤلاء الذين ذهبوا ضياعاً وماتوا غمراً وغصرا.. أين الدماء ، أين الأموال ، أين الأعراض ، أين النفوس والأعمار والأزمان ، أين حقوق الإنسان ؟! من أين نبدأ ، وماذا نقول ، أنها أعيّت على الحصر والإحصاء .. هل صدام والخمس والخمسون وحدهم الذين أجرموا .. من نفذ الطامة الإنسانية الكبرى .. من أقام قيامة العراق .. أجهزة القهر العتيدة التي أدارت دوامة التيهور ( ) الصدامي لا زالت تعمل أنها مُصممة كأجهزة موت تعمل في الظلام في دولة الخوف أعضاء حزب البعث الذين كانوا ينفذون لا يتناقشون هم أداروا العملية . كانوا واجهتها الأمامية ... زنابير التعذيب في حاكمية المخابرات ، هؤلاء الخارجون عن سمت الأبالسة ، المعروفون واحداً واحداً من قبل مجلوديهم ، الخاصون والمجهولون والملثمون والظلاميون عقارب الأقبية السرية والواجهة الخلفية للنظام .. هل يُقال لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ؟! والذين قتلوا الناس وأحرقوا المدن وخربوا كل شيء في العراق والكويت وإيران ، والذين أزاحوا النخيل في البصرة وكربلاء وبابل .. هل يعفو النخيل عمن قتله ؟!.. والذين اشتروا الأراضي والعقارات بمال السلطان وسجلوه " طابو " بأسمائهم .. هل يبقى ( الطابو العراقي ) ملكاً صرفاً لأصحابه إذا تصالحنا ؟!.. الذين باعوا العراق وحولوه إلى أرصدة سرية لهم في الخارج والذين عاشوا بظل الملك صدام أسعد بكثير من الملوك ، هل يبقون في قصورهم ومشايخهم ومضايفهم !... والذين ما زالوا يذبحون ويرهبون ويفجرون ... والذين يهجّرون ، والذين لله يحاربون ... يجاهدون !... والذين والذين والذين .... ( وأولاد الخايبه ) ، الضائعون ، المهانون ، المغلوبون ، الخاسرون ، المهجّرون ، المعذبون ، المدفونون وهم أحياء ، المرملات ، الأيتام .. أين الأعمار التي ضاعت ، أين الأزمات التي تولت ، أين الأموال التي سُرقت ، أين الحيف ، أين السيف ، أين الله ؟!!! صدام يا قوم ما كان رئيس دولة ، إنما شيخ بداوة جاهلية تحفه أجهزة الموت من كل جانب ، حتى صار يباري الله في أوامره لملك الموت فقصمه كما يقصم الجبارين .. لعل أكثرهم لا يعرف صدام ما هو . المستحيل بتعريفه الوافي أن يسقط نظام صدام بجهد عراقي ، لكن أذكياء المحيطات قعدوا له ذات اليمين ، وكان قد وضع إلى شماله " ستاف " من أعتى مؤججي جهنم متربعاً على عرش جحيم العراق واثقاً بقوة زبانية يثئرون له حتى لو سقط أو قتل ... وهذا تماماً ما حدث . لما انهزم إبليس وتولى ، واصل المهمة الشيطانية أصحاب المشئمة من زبانيته وصنائعه وجنده وفدائييه وأقاربه وأولياء نعمته وجلاوزته ووعاظه وحميره وكلابه ضباط جيشه وشيوخه ... ومن وراء هؤلاء أشقاءه العرب الذين اختلف معهم لقليل ضئيل . أصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة ، المجرمون المجرمون أولئك المقربون .. يجب أن نحاكمهم جميعاً لا نستثني منهم أحداً ، وكل يأخذ جزاءه العادل عما أجرم وارتكب أو سلب ونهب ، فأن لم يثبت عليه شيء أو لم يطالبه أحد بمال أو بدم فهو في حِل من الشعب والدولة يعيش مواطناً صالحاً كغيره ، ومن جاءَ بالصغائر تسمح له ، ومن ارتكب كبيرة وتاب نقيل له عثرته شرط أن يعيد الحقوق إلى أهلها ويؤدي الديات أو يعفو ولي الدم .. الجميع أهلنا ولا نفرط بأحد منهم وغايتنا إصلاح هذا المجتمع المُهدم وتضميد جراحه ليتعافى ويبل من أمراضه ... ولا يكون ذلك إلا بإحقاق الحق .  وكان الله يحب المحسنين .. ونحن لا نريد غير هذا الذي ختمت به خطبتك العصماء الطويلة أيها الشيخ ، قد أطنبت وأسهبت ولا كأنك تكلم عراقيين منبتين في هذه الأرض ، وهل من عراقي أصيل لا يعرف جرائم صدام ...  الخطير في الأمر سيدي أنكم تؤولون السنة المطهرة لصالح أهل العبث الإجرامي . تريدون منا أن نقول لهم " عفى الله عما سلف " أبطلنا اللعب وانتهينا يا أولاد ... ما هذا الضحك على الذقون وعلى الحقيقة والحق والتاريخ والشرع والموازين أنه إخلال بمنطق الأشياء في الوجود .. لا تستقيم الأشياء إلاّ بالصح .. ولا نسمح مطلقاً لـ" نبي " جديد من " الرحماء " أن يقول لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء " لأن مآسي المسلمين – بل البشرية على طول التاريخ – أنما صنعها الطلقاء .. ولا نريد طلقاء جُدد ... أو الأصح " لا نريد متنبئين جدد " .  يشين كلامك مسحة غضب عارم تلازمه تتطرف فيه إلى أقصى يمين العاطفية مما يحسر مياه الحقيقة عن العقل فلا يصلها ويضعف عن تناولها فيما تحضى العاطفية بأكبر الكلمات وأثقلها وأقسى التعابير وأشنعها . اعلم أيها السيد إننا لا نؤول السنة إلاّ لصالح الصح والحقيقة واتهامك لنا بالتأويل لصالح أهل العبث والصِدام خطير نرده بقوة ونعتبره رمي لنا بفساد في العقل والدين ... لا اجتهاد في هذا النص الواضح الصريح .. إنما أنت تؤول وتحول المسألة إلى ( لعب عيال ) – كما تسميه – وتتجرأ على مقام النبوة فلا تسمح .. من أنت يا أخي لتسمح أو لا تسمح – لنبي أن يقول " اذهبوا فأنتم الطلقاء " مرجعاً سبب مآسي المسلمين في طول تاريخهم إلى الأوائل الذين أطلقهم النبي أليس هذا تحديداً فحوى ومعنى كلامك ؟! يا أخي نحن المسلمون اعتدنا عندما يشتد الجدل والنزاع فيما بيننا في قضية ما أن نصلي على محمد وآل محمد فيصمت الجميع ويهدأ اللغط ويكف الكلام ليستمع الجميع إلى المؤذن بالصلاة فيقول كلاماً للنبي حديث شريف أو سنة مُتبعة فلا يجرؤ أحد على رده كقانون مقدس ... هذه ثوابتنا عليها تتفق نقطة الصح التي تقع خارج فوضى ذواتنا ، ولولاها لما استمر الإسلام شامخاً قوياً ، بل لما قامت له قائمة ابتدأ ، فالإنسان أكثر شيء جدلاً ، وربما اختار السلوك الخاطئ وأحاطه بالتبريرات . ولا يتبين الرشد من الغي إلاّ بعد حين وذلك هو الداء الذي استشرى فيما بعد وأضعف الإسلام بالجدل السياسي الفقهي ... . كان بعض الصحابة يعترضون على النبي ( ص ) ، ولا يقتنعوا برأيه إنما يسلموا له عندما يخبرهم أنه أمر إلهي فيه تنزيل وقرآن . " ولا يجدوا حرجاً فيما قضيت ويسلموا تسليماً " . " فإذا عزمت فتوكل على الله " . اعترض بعض المسلمين على صلح الحديبية . واعتراضهم ربما جائز عقلاً لأنهم الأقوى . ولكن النبي ( ص ) أبرمة وأقرة بعزمه وتوكله فسلموا تسليماً . بينت الأحداث فيما بعد أن مصلحة الإسلام ديناً ودولة كانت في ذلك الصلح . الحالة كانت مشابهة في فتح مكة ، لما أعلن ( ص ) العفو العام عن أعتى أعداء الإسلام ، وهو المنتصر الأعلى . اعترض بعض المسلمين . واستمر الاعتراض إلى يومنا هذا ، وأنت يا شيخ من المعترضين ، وأن كنت لا تجرؤ أن تجهر بهذا . قد احترمك وإن خالفتك ، ولكني هنا لا احترم رأيك ، ولا أقبل اعتراضك لأنه كفران مبين يخل بثوابتنا ، ويحاول – يائساً – أن يزلزل دعائم الصح والاتفاق الإسلامي العام الذي أقره النبي بسلوكه وأثبته في شرعه . هل تعلم أن قريش الشرك التي استلسمت للقوة – والنبي يعلم ذلك جيداً – لكنه أطلقها ، بل صانعها وألّفها وصاهرها وسوّدها .. بل واستخلفها أيضاً ... قريش هذه غدت عما قليل مادة الإسلام التي بها انتشر وثبت وارتقى على الدين كله . فماذا يخرف المعترضون على الله ورسوله !.. هؤلاء إنما إلى الحضيض الأسفل ينزلون ، في الجحور العميقة والمغاور السحيقة يبحلقون . لا ينظرون إلى بناء الإسلام وعمرانه الشاهق إلى السماء ، ارجع البصر كرتين هل ترى من فطور ؟!.. إنما الفطور والثقوب في النفوس المريضة ، في الأبنية الفكرية الضالة المتهرئة والآيلة إلى السقوط والاندثار . الذين يظهرون السلبيات يضخمونها ، ويغمطون الإيجابيات يكفرونها ، فيظهرون الإسلام بوجوده وتاريخه كأنه صراع بين ( الفرقة الناجية ) و ( أبناء الطلقاء ) .. بين الشيعة والسنة .... في هذه الدوامة المهلكة دار المسلمون تاريخاً ووجوداً وحاضراً ... اليوم نحن نرى تشابهاً يكاد يكون تاماً في موضع " الطلقائية المحمدية " الكبرى بين مكة وبغداد .. مع إسقاط الزمن . العراق في 9/4/2003 هو مكة الجاهلية المشركة قد استسلمت لقوة الصح ، والله رب الحقيقة والصح ينصر دينه بما يشاء من جنده ولو كان وراء المحيط أنه سبحانه يجند لإرادته المؤمن والكافر والظالم والعادل . والكافر العادل أفضل لأن لنا عدله وعليه كفره ولربه دينه . " وما النصر إلاّ من عند الله " ... كيف نستثمر النصر الإلهي على أبي سفيان العصر وحزبه ، الذي لوّث البلد وأفسد الإنسان .. هل نبدّل الناس غيرهم !.. العراق كله بعثي صدامي ، معبوث به مصدوم منجّس ، لا نستثني أحداً . هناك قلة مُستضعفون مُهمشون منبوذون خارجاً .. نعم ، لكن الأكثرية العادية من الشعب متعايشة مع الخطأ مشتركة مرتكسة فيه بصورة أو بأخرى ، شاءت أم أبت . من حارب الثمان الخطأ مستمراً ؟!.. من استباح الكويت وازدردها ؟.. مَن رَقَصَ " الهوبعة " ؟! هذه عمليات دولة بكامل الوجود البشري فيها ، وليس عصابة السلطان الغاشم وجنده حسب . صدام حرص على أن يشرك الشعب كله بموبقاته .. وللحقيقة والتاريخ عبئهم أمام الكاميرات بإرادتهم ، وبتسجيل منصف للحقيقة رقص العراقيون كلهم لصدام .. ارجعوا إلى الأرشيف المسجل .. صدام لوث ثلاثة أجيال عراقية ، جرّفهم جميعاً بمجاريه الآسنة .  هي الدنيا إذا أدبرت سلبتك محاسنك ... صدام ما كان كله خطأ . وليس وحده صنع الخطأ ، قد بعث في قوم خطأ .. و " كما تكونوا يولّ عليكم " . لا نقاش ، لا خلاف في موضع النص . نبينا أذهبهم ، أطلقهم .. هذه منتهية ، محسومة منذ صباح يوم 9/4/2003 يوم الفتح المبين مكة / بغداد ... هؤلاء جاؤوها متأخرين ، يسمونها " المصالحة الوطنية " . قال الشاعر العراقي : من أحجار البداوة الجاهلية وأطيان القروية الزائفة منهم ... مثلهم ... هم بنوه بأيديهم ثم هتفوا وصفقوا : " سقط الصنم العراقي " . من أسقط الصنم ؟! من كان يعبد الصنم ؟!! بقيت " الصنمية " في العراق المشكلة تكمن في الإنسان من خلق الإنسان ، يعيده .. يرسل الأنبياء . قد ختمهم بمحمد الذي عالجهم ، أصلحهم بالإطلاق .. اتبعوا سنة نبيكم ... سميتموها " مصالحة وطنية " ونسميها " الإطلاقة النبوية " . الأهم لدى محمد ( ص ) يوم فتح مكة هو الإسلام ، على هذا الوتد بنى عَفوه الاستراتيجي ... ومن محمد نتعلم – وأكرم به معلماً جباراً – إن كنا لا نتعبد نصوصه الحكمية ... والأهم لدينا هو العراق . لم يمتثلوا محمداً ، لم يتعلموا منه ... جاؤا بدعوى التطهير الشامل والاجتثاث الكامل ، وهم أضعف من هذا وأعجز . ليتهم قدروا وفعلوا ، فحاكموهم – كمحاكم نور مبركك ـ أو ناصفوهم ـ كعمر ـ أو أنصفوهم ـ كعلي ـ ... وليتهم أطلقوهم ـ كمحمد ( ص ) ـ ... لم يعتبروا بواحد من هؤلاء . لم يتعلموا من نبي أو وصي أو صحابي أو فيلسوف ، تفوقوا وتطفلوا على هؤلاء جميعاً ... وثم لم يفعلوا شيئاً غير المط والمطل والتسويف والجدل فانتهى الأمر بالشعب إلى أبشع صور الحرب الأهلية بالتهجير والتقتيل على الهوية ولكنهم لا يجرؤون على إعلانها وتسميتها باسمها !! ما يهمنا في هذه المرحلة هو العراق ، هذه السفينة السائرة في عباب البحر المحاط بالسباع والوحوش ، تحمل الصالح والطالح ، فأن ثقبها شقي غرق الجميع ... وأُكِلوا . آخر أخبار مدينتنا تقول : إن الحاج حميد قحط يطالب مختطفوه بفدية قدرها ثلاثة أضعاف ما أكل من سحت العبث . وقد أدى ذووه الفدية كاملة كما أراد " الإرهابيون المجهولون " ... وهم ينتظرون خروجه بعد يومين من تسليمهم المال ، إذ وجدوا جثته مقطوعة الرأس على قارعة طريق ، وعليها آثار تعذيب !! بعد أسبوع سجلت الدوائر الأمنية حادثاً إرهابياً بشعاً حدث في وضح النهار وعلى مرئى ومسمع من الناس حيث اختطف عصابة مسلحة أحد بنات الرفيق حميد قحط أمام حرم الجامعة !.. لتتكرر لعبة الفداء والتعذيب والذبح .. لكنها زيدت اغتصاباً وبشاعة !! وقامت مجموعة مسلحة باحتلال مدرسة ابتدائية لتخرج منها أطفالاً فيهم ثلاثة من أولاد الرفيق قحط اقتادتهم إلى جهة مجهولة ... ولكي لا تستمر الشناعات فتفني آل قحط ، عليهم أن يحموا أنفسهم فشكلوا من بينهم مجموعات حراسة مسلحة ترافق البنات والأولاد إلى المدرسة وكما تحمي بيوتهم ومحالهم ومزارعهم .. قد غدا لديهم جيش من " الحمايات " ! وحدثت مصادمة مسلحة مع أشقياء جاؤا يعاكسون طالبات المدارس ... أخيراً تركوا المدارس ، وتحولوا إلى ميليشيا تطالب بالثار. ثم جاء معمم يقرأ قرآناً يقول فيه : " والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون " " ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " . وخرجوا ينتصرون ... يبغون ... يعتدون .. كما فسّر لهم شيخهم !! تمت الحُبُ وَالغربَة لولا الحنين في غربتي ... لكنت سعيداً في دار هجرتي . وأحياناً .... أتشاجر وزوجتي .. لكنها لا تقاضيني إلى " حماتي " أو " عمتي " . إنما هي تشكوني ، فقط .. إلى ابنتي ! بلغة الحدوثة اليومية الرواية . وتبدأ القصة منذ البداية . وأنا أسمعها تقول لها ؛.. إذ تسرد الحكاية : كان هناك شاباً ، اسمه طاها . عَلِقَ بنتاً حلوة ، وذاب في هواها . وكان كلما أمن أعين الرقباء التقاها . أبوه صعلوك فقير مهزول وأبوها ... " ابن أصول " ! لذلك ، لم يحصل القبول . واصطدمت جهود الخيرين بصخرة المستحيل .. وفي ليلة .. أخذت حفنة ذهب من خزينة أبيها وتزوجها الشاب بمهر ؛ ساقه منها ... إليها ! لكنهما تركا القرية ... إذ لم يعد لهما فيها مقام . وتحملا الغربة والهجرة بكل ما فيها من آلام واتهام ولا ملام .. فقد أوقفا فيهما تنفيذ الحكم بالإعدام . عاشا معاً في البعد ... ثمانية أعوام . وخلفا بنتاً مثلك ، جميلة الوجه والقوام . لكنه ما زال ، كلما ذكر أرضه ... وأهله . يسومها الخسف لوماً ... أنها قطعت حبله ! أما هي ... فتبكي أباها ضارعة إلى عفوه بكبت ... وتبكي أيضاً أمها ، وأهلها بصمت " لقد استضعفها وظلمها " ؛ قالت البنت . " لأنها لا ناصر لها ، ولا معين ... ولا بيت " . - ما هو الحل حبيبتي ، برأيك ؟ - الحل يا أماه أن تتركه لشأنه ، بلا شك - لكنها تحبهُ .............. وتنتحب !! - أماه ... ما معنى الحب ؟. أجبتها أنا المراقب عن كثب : - الحب يا حبيبتي ..... هو قبلة على جبين ماما . ثم قبلتها ... فرضيت عني ، إلى حد ما . تمت لا تعليق كما يتزاحم الصحفيون حول شخصية مهمة !..  عشرون سؤالاً من فضلك  لا ... كلمة واحدة ، بحق الواحد الأحد .  للناس رأي يجب أن لا يهمل .  كلا . لا أريد إرضاء الناس . إنما أفكر كيف أسكت الناس ... الأفضل أن أجد طريقة لأتوارى عن أعين الناس .  ليس من حقك .. الرأي العام له قوة .  قوة الغوغاء ... الجهلة .  ألسنة الناس أقلام الحق . أوه .. أحياناً أصاب بالقرف ، وأمسك راسي لأتقيأ ... المال . السكر . العسل ... هل يرد النفس المشمئزة . وعاد أحدهم يقول :  نصف سؤال من فضلك ... كيف تزوجتها ؟ ربما قدرت أن أجيب بضحكه مبتسرة وربع جواب ...  هه .. ومالكم أنتم ! لكنهم ألحّوا .. قلت : سوف أروي لكم حكاية أول أمس ، بعد العشاء ، قلت لها : " أنتِ طالق " ، رغم أن عصمة الزواج بيدها . كنت مشمئزاً من شكلها . وأعربتِ لها بعبارة صريحة عن " انزعاجي من قبحها " ... لا يحق لي ذلك بحسب لوائح الاتفاق الأولية . قامت وبصقت في منتصف وجهي تماماً . ولطمتها فلطمتني . وأردت الخروج من قصرها زعلاً ... لكنها ردتني .. وحبستني في " قفص من ذهب " . فكنت أصرخ من وراء القضبان : " أنت طالق " . لكننا تصالحنا منتصف الليل . وعدنا زوجين ... بعد البينونتين ( ) أمي قالت : " من يطيق هذه الفطيسة " لكن أبي قال : خذها ، الفحل غير عواف . وضممتها ، مثل أي حصان يطأ أتاناً عجوزاً . قال صديقي : " إن أردأ بغل لا يفعل فعلتك " . وأضاف ينشر روحي نشراً : - أي نعم ، قد يثب حمار أهوج على بغلة كركوبة عظماء شوهاء كحيزبونك !.... أما الخيل فتعافها . لاموني فيها ... هل عرفوا أسوأ ما فيها ! مالها ... يظنه الأغبياء مزيتها الوحيدة .... وهكذا حسبتُ !... ماذا بقي بعد فيها بطنها الأعجز . أم فخذها الأشعر وسوط النار ... لسانها يلذعني آكلاً وشارباً ولابساً ... أما نائماً ، فأنه يلحسني بنعومة الأفعى . أخيراً ، هربت جائعاً عرياناً . ولما التقوني ، سألوني : - لماذا : وكيف ؟ وعلام ؟ ومتى ؟ وحتامَ ؟ قلت : لا تعليق . تمت " قَسَم " الأولاد في الشارع يلعبون ... يبحثون في القمامة عن " الفلوس " . ويشربون من بركة ماء المطر . وأيضاً ، يسيرون فيها القوارب الورقية . ويصيدون الضفادع والقواقع . أحدهم يتسلق عمود الكهرباء . يكاد يمس الأسلاك مفتخراً بجرأته . و " أم وطن " تنشر الغسيل على السطح . ومن أعلى ترقب وحيدها المدلل الحبيب . وهو يحبو ، ويتعلم الوقوف . ثم يخطو ... ويقع يتدحرج في تؤدة كرائد فضاء . ويطلق أصواتاً عذبة من حنجرته الصغيرة . خلاخيله الذهبية ترن وتبرق . وهو يتحرك على سجادة من الثيل الأخضر ... مملكته الصغيرة الكائنة في الرصيف المحاذي لباب الدار . جاءت امرأة ملفعة بالسواد كأنها غرب كبير . أقعت لدى الطفل تلاعبه وتمسده . نزعت خلاخيله وأقراطه وطاقيته و ..... ثيابه ! وانسلت تبتعد مسرعة .. كان الطفل سعيداً بعريه ، منتشياً بخفته . كان يقفز ويضحك رغم البرد . وقبل أن تتوارى .. قالت لها أم وطن ! وهي لا تصدق ما ترى - لماذا هكذا يا .... جارتي ؟! ولكن الجارة تظاهرت بالصمم . وصاحت أم وطن بصوت أعلى . وحَثت الجارة خطاها . وانعطفت في أقرب زقاق .. ضاعت فيه . ولما ذهبت أم وطن إلى بيتها قالت : - " والله العظيم ، وحق الحسين لست أنا .... - لقد رأيتك بعيني هل أكذب عيني ؟! أنت واهمة . والله العظيم ثلاثاً لست أنا .. كيف تسمحين لنفسِك أن تشكيّ بي ؟!! " - ليس شكاً ... كيف أغادر يقيني ؟! - هاتي القرآن لأحلف لك . هل لك علي غير اليمين . -وبعد ! - وبعد راجعي طبيباً أو حكيماً يشفيك من هوسك أو سحرك . تمت " العَتَبةُ الذهَبيَّة " أخوها صديق حميم من الطراز الأول . وعندما أزوره في بيته ، تفتحُ هي لي الباب ... مرة ومرتان وعشرة ... عرفتني وألفتني . وأصبحت التحية العابرة تزداد كلمة وكلمتين وثلاث .. حتى غدت حديثاً على الباب ، أو قل .. لقاءاً مسروقاً . تصارحنا بالحب ، وتشاكينا الغرام على العتبة التي أسميناها ذهبية ، ومنها صُغنا القفص الذهبي . .. مالنا ومال الناس ! تمت " خبزُ البطالة " ربط رجل حصانه ودخل السوق ... وجاء شحاذ ، نفض عليقته للحصان ، وفيها بقايا طعام وفتات خبر ليأكلها . لما عاد الرجل وركب حصانه ، حَرِنَ به ولم يتحرك خطوة . ثم بَرك مكانه ، فصاح بالناس مستنكراً مستفهماً : " ماذا فعلتم بحصاني ؟ " واجتمع بعضهم ، وأخذوا يفحصون الحصان ؛ فبين قائل " أنه مسموم " . وآخر يقول : " أنها عين ابن آدم صرعته " . وثالث يظن أن خبز الشحاذ متعفن ... والخ .. من الأسباب . وتقدم رجل كبير وقور ، وقال للرجل : - " لا بأس عليك ، حصانك بخير ، إلاّ أنه قد أكل خبز البطالة ، فكره العمل ، وأصيب بمرض الشحاذة ! تمت " الرحيل والحب " لولا الحنين في غربتي .. لكنت سعيداً في دار هجرتي . وأحياناً أتشاجر وزوجتي . لكنها لا تقاضيني إلى " حماتي " أو " عمتي " . إنما هي تشكوني إلى ... ابنتي ! بلغة الحدوثة اليومية الرواية . لكنها تبدأ القصة منذ البداية . وأنا أسمعها تقول ؛.. إذ تسرد الحكاية : كان هناك شاب اسمه " طاها " . عَلِقَ بنتاً حلوة ، وذاب في هواها . أبوه صعلوك ، وأبوها " ابن أصول " ! لذلك لم يحصل القبول . وفي ليلة أخذت حفنة ذهب من خزينة أبيها وتزوجها الشاب بمهر ساقه منها إليها !! لكنهما تركا القرية ، إذ لم يعد لهما فيها مقام . وعاشا معاً في البعد ثمانية أعوام . وخلفا بنتاً مثلك ، جميلة الوجه والقوام . لكنه ما زال ، كلما ذكر أرضه وأهله . يسومها الخسف لوماً ، أنها قطعت حبله ! أما هي فتبكي أهلها بصمت . راجية عفو أبيها ، ضارعة بكبت . " قد استضعفها " .. قالت البنت . " لأنها لا أهل لها ، ولا سند ولا بيت " . - " ما هو الحل حبيبتي برأيك ؟ " - الحل أن تتركه بشأنه بلا شك " - " لكنها تحبهُ " ..... وتنتحب !! - " أماه ... ما معنى الحب ؟!: أجبتها ؛ أنا المراقب عن كثب : - " الحب يا حبيبتي ؛ هو قُبلة على جبين ماما " . ثم قبلتها ... فرضيت عني إلى حد ما . تمت " المُكابر " كان " سيء السيرة " في مرضه الذي هلك فيه . نائماً يعاني سكرات الموت ، وقد حشرجت وضاق بها الصدر ، إذ قالوا له ؛ " إن فلاناً وفلاناً قد جاؤا لعيادتك " . فأنتبه وقال أمراً بجزع: - " هاتوا لي عقالي وكوفيتي ... " . وجيء له بهما على عجل ، فلبسهما ، وبالكاد عَدَل نفسه . وقال لأولاده " أسندوني لأقعد واحملوني لأقوم " . ودخل العواد " الشامتون " فقالوا له : - " كيف حالك يا أبا كسّار ، مشافى إن شاء الله .. " قال يغالب السقم المشتد : " ومالي أنا وما بي ؟! " قالوا : " أنك مريض مدنف . أراك الله العافية " . قال وهو يلقف أنفاسه ، وروحه تصعد فينزلها بكل عزمه : - " من قال هذا ، أنا لست مريضاً !... هذه إشاعات مغرضة لحاقدين " . ثم دعا أولاده قائلاً : " من يقدم لي جوادي ، أريد أن ... " وانقطع صوته ، أو انحبست أنفاسه . ولكن " كسار " صاح بأخوته : - " هيا بسرعة قوموا أسرجوا الفرس " . وأخذ الرجال ينظرون إلى بعضهم . ثم قاموا عما قليل وهم يقولون : - " ما شاء الله ، أبعد الله أيامك وكذب خبرك ، وعجل شفاءك أبا كسار " . قال : " وما بي أنا لأشفى ، إنما تُقال هذه للمريض شفاكم الله ! ..." ولما تجاوزوا الديار سمعوا صريخاً مكتوماً .. ثم خرجت ابنته تلطم وجهها وتصيح مولولة : - ياباه وأبتاه ... لقد مات أبي ... تمت " كتابُ سعدي " لسنين بحالها كنت ترى سعدي يحمل بيده كتاباً كبيراً مجلداً ضخماً في التاريخ – على ما يُظن – أو لعله في الهرطقة والزيف . هو لم يقرؤه ، ولا نصفه ، ولا رُبعه ولا عشره !.. لكنه سامع من – لا يعرف تحديداً مصدر معلوماته -.. بأن هذا كتاب مهم وموسوعي ومصدري وحساس ، لذا انتقاه واشتراه ، وحازه وحمله .. تراه متأبطاً إياه في كل حين تحت أبطه ، دائراً به في كل وادٍ وناد كنبي إسرائيلي !.. وكل من سأله عنه – أو لم يسأله – يوسع له شرحاً وتفصيلاً فيما يحلو له قوله عن هذا الكتاب ، ففيه تفصيل كل شيء ، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ، وهو بيان للناس كافة لا غنى لإنسان عنه ... فيه تاريخ وفقه وعقائد ، وطب وعلوم ورياضيات وطبيعيات وميتافيزيقيات وسحر وجن ولا عقلانيات وروحانيات ... " والشعراء في كل واد يهيمون " !! وإذا ما التقى عنصرياً قومياً قال هذا كتاب المثالب والمناقب . وإذا ما صادف شيعياً قال هل أدلك على أئمتك الاثنى عشر .. وإذا اجتمع مع ناصبي قال أعرف هنا خبر ضلع الزهراء وفدكها وأفك عائشة وجملها ... وإذا ما أراد أن يكفكف دموع شيوعي على الصرح الذي تداعى قال له دع " رأس المال وماركس ولينين " وخذ الاشتراكية من هنا ... يؤشر على المجلد الضخم المحمول على صدره باحترام وإجلال ... يؤشر عليه فقط ، لا يقتحمه ولا يفتحه ، بل لا يسمح لأحد بلمسه . يقول أسألوا وأنا أجيبكم بما في الكتاب . هولا يجيب .. إنما يخوض مع كل خائض بما في (كتابه) بازاً المتحدثين ، مخرساً الخاطبين بما يحلو له مما يطرق عقله ويداعب خياله في كل فرع ولون دون علم ولا هدى ، ولا كتاب ! كان سعدي يدس بوزه في كل ما يعرفه أو لا يعرفه ، يريد أن يُشار له بالبنان بأنه الفهامة العلامة المتحدث . فإذا ما خاضوا في مبتدأ الخليقة وآدم ونوح والطوفان علا صوته على الأصوات كلها بأنه عارف كم هي دسر السفينة بما في كتابه عن هذا مما فيه شفاء الغلة وبغية الطالب . وإذا ذكروا النساء في مجلس قال أن في كتابه فصل يريك المرأة مجسمة عارية كذا وكذا .. ويفيض في الوصف بما يرغب من الهذر الرخيص حتى تغطي وجهك . وإذا ما تحدثوا في الإنسان واصل الخلق قال : " في كتابي أشجار القبائل وأسماء الأولين والآخرين " ... ولكن إذا ما سأله قرشي عن عبد مناف ، لاذ بالوتوتة والتحرف ثم وعده ... أن يكشف له الكتاب ! إضافة إلى كتابه الفهرس . فأن سعدي ذاته موسوعة معارف متحركة قائماً بذاته . تجد لديه كل طريف وتالد من معلومات عن كل شيء ، حتى ليجذبك ويسحرك ويشدك بما يفيضه في أذنيك من غث القول وسمينه .... تجد لديه أخبار البلدة وأسرارها كمجلة الفن والراقصات ، وما يجري في الأخبية وغرف النوم وعلى الأسرّة مفصلاً بالصوت والصورة الملونة .. وفي جعبته من قيل وقال النساء صيد وفير فهو يطلعك على الفضائح الاجتماعية السرية جداً والطازجة التي تمت تسويتها ، أو لا زالت ، حتى ليرد لك الزيجات كلها إلى " إنّ " كانت قبلها ! ولا يكتفي سعدي بالحاضر يقرؤه ، والتاريخ يفصله ... إنما يعمد إلى المستقبل يستطلعه ، منبئاً عما سيقع ويكون ! وينتهي سعدي بأخبار المال والأعمال ويفيض فيها ويوسع ـ وهو المفلس ـ مفصلاً قصص الارتقاء إلى المليونيرية ، وطرائق الغنى والسبل إليه ، والشطارة والفهلوة والحلال والحرام .... أما ما سيكونه هو – لما يصير كبيراً طبعاً – فهذا كتاب آخر يحتاج لقراءته إلى ... أعمار !... ودهور ! .. أما ( آخر الأخبار ) فأن ( سعدي ) يعمل ليل نهار للترشيح والفوز في مجلس المحافظة وربما ارتقى الى نائب .. وكان أبوه " قندرجي " . لا عجب ، فالنجاح في السياسة العراقية يحتاج الى ( جرعة من سعدي ) ونسخة من كتابه !! لا عمل لديه سوى التسكع هنا وهناك وإذا ما سألته قال أنه متفرغ لأعمال الثقافة وشؤون الكتب . أما حديثه الدائم في السياسة فهو هواية وتمضية وقت ... ومصداق ذلك أنه ينتمي الى عشرين حزباً ويزيد ... بيد أنه لا يسيء استخدام السلطة !! تمت " مسجد ، مسجد " في كل زيارة أو مناسبة دينية أرى هذين الغلامين بعينهما في صحن الإمام علي وهما يدوران على الزوار ويناديان " مسجد ، مسجد " فتنهال عليهما الناس بالدراهم والدنانير . تقدمت من أحدهما وسألته :  أما اكتمل المسجد أيها الفتى ؟ منذ سنين وأنتما تناديان عليه فرد عليّ بلهجة تنم عن احتراف ودربه :  شارك أيها الحاج ، قدم ولو ثمن طابوقة تزاح بقدرها من ذنوبك عن صدرك يوم القيامة . عندها لم أملك إلاّ أن مددت يدي إلى جيبي وأعطيته ديناراً وأنا أعلم يقيناً أن لا مسجد .. إنما هي طريقة مبتكرة من طرق الشحاذة . تمت " اللّمَمْ ... وكبائر " لَلَم " الرأي .. ماذا لديك يا عَمْرْو ... ولك مصر !.. قد أعددت رواحلي للالتحاق بقيصر ! ... هي الغمرات ... ثم تنجلي . قد ذهب إلى ربه علي ... ولكن مصراً ... لعبد العزيز ... * * * الديون كثيرة ؛ سماوية وأرضية ... وتاريخية ! بلغت دعاويها عشر شكاوى رسمية . نصب وتسويف وتعب ، بلا حسم ولا كسب أكثرها عمليات احتيال ونصب ، وشاي ومشيخة وكذب وجاءت المقاولات وقال الحزب !... لا طاقة له على الهرب ... أو إيفاء الطلب . قال له صاحبه : في " التحكيم " ستنتصر لا محال .. ماذا بعدها غير القيل والقال !  كيف ؟... هل الحاكم حمارٌ أعجَم ؟!  ليكن أسداً عرمرم .. إنما أنت كن قرداً أبكمْ .  كيف ؟... أوضح لي مضمون الخطة  اليكها نقطة نقطة ... إنما لي النصف في " الخبطة " .  اتفقنا يا صديقي العزيز .  ومصر لعمرو ... لا لعبد العزيز !  الله على من يخون . سنكتب العهد الأمين المأمون ... ونعلقه في الكعبة الحرم المصون ....  هه !.. كوصية الخليفة البليد هارون !!... لا ثقة .. قانون أبدي .... إنما إليكها ... يا صاحبي الردي أتعلم لِمَ لا أخاف منك التعدي ؟!!... لأن مفاتيحها بيدي !!  ..............................  اسمع ! إذا وقفت أمام القاضي فقل : " للم " .  للَمَْ !.. وما للم ؟  لا عليك . أنها لفظة لا معنى لها . إنما لا تحسن أنت غيرها ، كالخروف يقول كل ما يريده معمعةً .  للم . للم . للم ....  أحسنت كررها ... أنها لفظة صغيرة مبهمة . وكلما سألك أو أستجوبك أو كلمك القاضي فقل :  للم ....  ممتاز ... قد اتقنتها ... بيد أن الأهم أن تثبت عليها لو ضربوك . * * *  لماذا لا تفي دائنيك ؟  للم .  هل عندك موارد أموال . أملاك . أطيان ؟ كي نحجز عليها.  للم .  هل أنت مطلوب لأحد ؟  للم .  هل تطلب أحداً .  للم .  كم . لمن . متى . كيف ..؟  للم . للم . للم . للم ...  ما اسمك يا هذا أأنت الـ ..  للم صاح أحد الغارمين بحرقه :  أنه يكذب سيدي ... يتظاهر . قال القاضي في حيرة :  لعله ليس الشخص المطلوب! من أي سجن أو مصحة جلبتم هذا أنه أبكم أصم مجنون.  أضربوه . أجلدوه .. سوف يعترف .  ليس تلك مهمتنا .. أعيدوه إلى الحجز . * * * وتكرر مشهد " للم " في الجلسة الثانية أخيراً زهق القاضي وصاح يائساً :  " ما هذا .. أخرجوه .. لا تضيعوا وقت المحكمة " . وكتب مقرراً : " ولا على المجنون حرج " . * * * وجاء معلمه يطالبه بالقسم . بالنصف ، حسب الاتفاق المبرم فلم يزد على أن قال له : " للم " . صفق بيديه يائساً وقال :  أما أني أنا الذي علمك وفهمك ؟!  للم .  سوف أخبر السلطان .. وعليّ وعلى أعدائي مهما كان . عرف أنها ستقع عليه وحده ، فأسقط في يده وقال يكلم نفسه : " استوفي بالكيل .. أبا مجرم " وهتف قرب أذنه كأنه يطلق رصاصة ، صارخاً :  للم  " مشمئزاً " اشرب بكأس كنت تسقي بها  للم  لن تعيش ....  للم ...  " وكأنه يجيب نفسه " وكلنا ميتون .... فيما تأتيه " أطلاقات لمم " صلياً كراجمة صواريخ لديه . ما زال يصرخ بـ" لمم " حتى خرج المجرمون .. وبيضت السجون ، ثم اجتمع إليه الملأ في الحواسم ومن بعدها الطاعون . هل الحواسم من مصغرات الذنوب " اللمم " ؟! أم هي كبائرٌ " للمم " ؟! تعلم الناس من الأولين الـ " للم " فهم لا يتركون اللمم !! تمت المساواة عدّل عقاله ومسح شاربيه ، وقام من مقعده بخفة وابتسامة ، مخلياً مكانه لامرأة شابة صعدت السيارة تواً : - تفضلي هنا أجلسي مكاني . كانت السيارة مكتضة بالواقفين .. قالت له بلطافة وحنو : - " لا يا عم ، استرح مكانك ، أنا أقدر منك على الوقوف " لكنه لمس جحوداً في لهجتها ، فعاد إلى مجلسه غاضباً يغمغم وهو يقول كأنه أحس بالمهانة لرجولته . - " ما تگعدين للگبر الأسود " قال بعضهم : " لعل الحاج لا يعلم إننا في عصر المساواة " ! تمت الأخت هي تستقبل الضيوف ... إذ غاب أخوها ... معيوف . وينام آمناً في الليل ... إذ لا تنام " الزلم " . وتبقى أخته النشمية في حراسة البيت والغنم ! والذئاب – بكل أنواعها – لا تقرب حمى " الداورية " إذا ما مسكت " علاهن " البندقية . جاء الرجال في جاهة كبيرة لخطبتها . فقال لهم أخوها معيوف - " عمي أأنتم ما عندكم بخت ، أما تخافون الله هل من أحد يعطي أخوه ، حزام ظهره " ورفض حتى النهاية . تمت العدوى حذار لا تلمسيني ... لئلا يتنشبك المرض اللعين . فأنا موبوء . مسكون بملايين المخلوقات الشيطانية . أتركيني في الدار وارحلي .. وسَتُعذري ... فصاحبك مصاب بالجدري . * * أمس كانت الحمى ... " إياك ومعاشرة الفاسق " . يبقى الطالب طالب ... والسائق سائق . وقد عاشرت القوم أربعينات من الأيام . ورأيتهم يكتبون القصاصات الورقية . ويتفقون على إشارات بعينها . لكن أحداً لا يسمي ذلك غشاً . ... واليوم ظهر الطفح الأحمر سريعاً اجتاحتني أعراض المرض الجهنمي . وجدت نفسي في المبغى . بين يدي مومس تنفث الأيدز والزهري . تداويني بالتي كانت هي الداء . * * فقاقيع حمر مزرقة مسلوخة . تسيل دماً صديداً بركة ملئ بالأقذار كنت أتمرغ فيها كالخنزير البري . أكل اليساريع النتنة بشراهة . وأقضم القواقع وحيّات الطين . ....... أنه المرض في أطواره الأخيرة . ابعد عني آدميتي ... ديني ... خلقي . ... وجاءت ساعة الحسم . المجدور ميت . وكنت أرى القبر تحتي فاغراً فاه . عميقاً مظلماً آسناً كفجوة في جهنم . تنبعث منها رائحة يجور منها أهل النار . .... وأطل من علياءه شامخاً يقول . تَشَهَّدْ ..... افتحْ يدك . على أي دينٍ يا أبا الديانات ؟!! أنه ليس اسماً ... ليس ابناً ... بل شرعة ومنهاج . الموت أولى من ركوب العار والعار أولى من دخول النار . ونفسي معي كيف لا أواجهها . هل ابتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء . وذهلت عن ذاتي وأمري . ورنوت إليه . ... لم يكن عزرائيل مَن يكون إذن ؟!!! أما تستلم أمانتي ؟! هيا افعل . الستَ مأموراً بقبض أرواح المجدورين ؟!! قال يبتسم : ليس كلهم ... يا إلهي !! وجهه كغرة الفجر . تنبعث منه أمواج من الأشعة الكونية . ... لا أقاوم ... لا أتكلم ... لا أتنفس .. وعرف أني سأموت فتوارى سريعاً . مسامح كريم . كلا .... ملك كريم . " والله من ورائهم محيط " . * * وذهبت العَبرة وبقيت العِبرة ... محفورة في جدار المخ . كأقوى وأعمق بثور خلفها جدري . " لماذا ؟ " ... " غير معقول ! " .. " أنا بقيت ارتجف " . ... حفر أتحسسها كالنصل الغائر في الصدر . " أنت تغش ؟!!! ولمن تغش ؟... أنا ؟!! " رحَمك بي ، أنت تنشرني نشراً أيها الرحيم الكريم . - " كيف تغامر بمستقبلك ؟ " - ليس هذا ما يدميني الآن ... المسألة أكبر . - المسألة نسبية ... الآلاف يغشون .. البلد كله مغشوش . - أنها مادة مقحمة إقحاماً على المنهج لا نفع منها . - لا يعنيني هذا .. أنا أمام حالة غش شرعاً وقانوناً . - ليتك أبقيتها داخل هذا الإطار . - لقد جعلتني أرى الحياة على غير ما كنت أرى . لقد طعنت موطناً غاية في الحساسية في نفسي. " الثقة بالخيرين ". ويأتي الرد ميتاً ملصاً كسقط في شهره الخامس : - لكل جواد كبوه . - هذه المقولة الصحراوية البليدة المنقرضة ... أتراها تصمد في هذه الزعازع ؟! ولا غيرها ... أفضل شيء أن تسكت ... اذهب اسكت .. اذهب .. اذهب .. اسكت .. اسكت .. اذهب اس .. إذ ... اس ... إذ ... اس ... اذ .. اس تمت " الاستمرارية والانعطاف " ( ) العشرون والمئة ... التسعون .. السبعون .. واسرافيل نفخ في فرامل العجلة . وضحك عزرائيل للحصاد . ومات ... ثلاث ثوان فقط ثم انشقت الحياة . أولاً في قدميه وغاصت الدواسة حتى الرُكب وناح المحرك بثلاثة ألاف آه ... وترنحت مثل عملاق تداعى . واصفر الوجه ، وتيبست الشفاه ، وخفق القلب . ورآه ممدداً . وإذا استوت ثانية على الطريق ، سأل نفسه : هل رأيت دماً ؟ هل حدث شيء ؟ ولمع الجواب برقاً يشق غيوم الذات المتلبدة : - كلا ... لم أفعل شيئاً . وهامت دقيقة الحدث في فراغ الاستمرارية الشاسع . وعاد المؤشر يستقر على المئة والعشرين . تمت ظلمات ... أطباقاً مشاغل ، مشاكل . مشاعل . مزابل ... مباذل . أين الهواجل والصواهل والمناصل والذوابل !! كل ما تريد من زوجها ، يأتي عبر السائق . هل تزوجت ... السائق ؟! ..... قد ... أحبت السائق !! ما أنكر فحولته !... رائق .. عايْق ! إن هذا لفي صحف الأولين ... صحف الطباخين ، والسواقين ... والخدم والتابعين !! دعته لنفسها ... وهي امرأة عزيز ! ... في الإفريز ! ........... لا عجيب ولا غريب ! أنه العشق ... وضعف الرقيب ! صدفة ... ضبطهما زوجها متلبسين !! ........... ما كانا حذرين !! لكنهما تمكنا منه ... وخنقاه ! قتلاه ... ودفناه !! وحسب الأصول ... قيدت القضية .. ضد مجهول !! ماذا قال الزمن الأهوج الزائف الظالم ؟! علقها على شماعة الإرهاب الغاشم ! وبقي صامتاً لما رأت لصاحبها " حُذام " . أن يبقَ قريباً ... لا تبعده الأيام ... فزوجته ابنتها .... كما اشتهى ورام ! والقول ما قالت حذام ! وبقي معها ........ ماؤهُ في ماءِها !! ........ لا زالا .. معاً !!!!! تمت دُخان الشرف الحر .. الظهر .. الباص .. الازدحام .. الالتصاق .. الروائح .. العرق ...... التدخين ! وواحد يصدر صوتاً مخنوقاً من بين الأجساد المتراصة صائحاً يستغيث : - يا ربي هواك والسيارة ، والركاب ؛ يتنفسون .. وفي الأوكسجين أزمة . وامرأة تزاحم الواقفين يجسدها الفاضح ، وسيكارتها بين شفتيها المصبوغتين ... تتأفف قرفاً وتقول : " أوي ، شويّة وسّع .. قطيعة تقطعكم " . - لا أحد يرد عليها .. الناس منشغلة بهمومها الكبيرة . ما لها وهذه . لكن أحدهم يطلق تصريحاً خطيراً من طرف السيارة قائلاً بصوت خطابي جهوري ليسمعه الجميع ! - بربي . بديني ، هذه التي تدخن بالسيارة مو شريفة . وعلى البديهة الحاضرة أجابته : - هذا أي سخيف منحط ما عنده شرف يحچي هيچ ... صاح من مكانه مباشرة : - ولچ لو كنت شريفة ما نطقت . لكنك تريدين أن تعلني عن نفسك بأشنع الوقاحة يا سافلة . وعاد الصوت الأنثوي الرفيع يرد فوراً بكلمات كأنها الرصاص : - إنچب سافل أنت وعشيرتك حقير جبان .. آه لو لزمتك بيدي لعبيت حلقك زباله . - العن أبوچ لا أبو الرابطيچ .. سايبه . لو كان عندچ رباط لما هدچ كذا . ويبدوا أن الرجل " فاضي " و " عنده خلگ " فراح يعطيها وتعطيه ... شتائم وإهانات يتقاذفانها من خلال الزحام ، دون أن يرى أحدهما الآخر . ظلوا ساعة في مساجلات من هذا الكلام السوقي المنحط مما يتبادله سفلة أهل الشوارع بلا تهيب ولا خجل . لم يتدخل الركاب . لا أحد يفهم ما يجري . قد يكون قريبها أو زوجها . لعلهما مجنونان . وتطور الأمر وتحول السجال عراكاً حقيقياً لما تحركت المرأة نحو الرجل تشق الزحام بجسدها الثقيل العريض . عباءتها التي تعلقها على قمة رأسها سقطت ، وبان جسدها المكور الذي يلفه الثوب فيزيدهُ فتنة . وكانت العيون المتعبة المسهدة تثبتت على صدرها ونهديها النافرين وهما ينضغطان في الزحام . كان الرجل قد سكت . ونكص على عقبيه . وإذ اقتربت منه قال للذين حوله - " ولكم يخوتي عود وصلت هاي ، وسوتها صدگ " فقال له معقل كبير : - " تخسا الزلم ، وأنت تخاف منها " ثم مد يده على عقاله وهم به وأضاف " والله هاي مال أخرطك عگال .. تستاهل " قال : " عمي وأنت تعرف هذه شنو ، ومن تكون ؟ " - " مرة عايق .. شنو ! " - " لا يابه لا . أنت واهم . دير بالك عمي هذه تعمل بالأمن مال صدام . وعملها كله وي الكبار . والي يوقف أمامها تضيعه ... " وفغر المعقل فاه وقال متعجباً : - " أنا أخوك !... هذه مبينه مو راحة " - أي لعد شعبالك ... توخروا أنتم . خلوني وياها ويحكم الله . لو طارحتني ، لو طارحها . " وما النصر إلا من عند الله " عدل الرجل عقاله وبلع ريقه ، ووقف لا يريم .. بمجرد أن سمع باسم الأمن العتيد . واقتربت المرأة من خصمها ، وأمسكت بتلابيبه تجره إليها وتقول بلهجة أمرة : " انزل معاي يلا أريد أعلمك منو أني " إذا ما مرغتك بالتراب . وصاحت بالسائق أن يقف لكنه لم يقف . وسحبت الرجل نحوها تصارعه رجلاً لرجل . وانتظر أهل الباص فصلاً مثيراً .. لكن الرجل نكص على عقبيه ، وقال بتذلل يشبه المزاح ، أو لعله كان فصلاً تمثيلياً متفقان بشأنه : - التوبة . سامحيني هذه المرة . وراح يتمايل بين يديها يكاد يقع ، وهي تهزه هزا فيقول مستغيثاً بمن حوله : - ألحقوني ، رحت أموت . خنقتني .. الرحمة . عندها أطلقته ودفعته عنها قائلة : - " عبالي صدگ رجال والله اغتريت بيك " قال يستعرض قوته : - جربي بطريقة أخرى ، سترين رجلاً يرضيك . وتغير المشهد بسرعة إلى ما يشبه الغزل الصريح . ثم رأى الناس أنهما صارا يتحدثان سويه بهمس ويتضاحكان بقهقهة عالية . ثم أخيراً نزلا سويه في منطقة واحدة وانطلقا وهما ممسكان بيدي بعضهما . قال أحدهم مستغرباً : ما هذان اللا شريفان أجابه آخر : الخبيثون للخبيثات . قالت إحداهن : لا شك أنهما كلاهما من عناصر الأمن . - أي أمن هذا ... الناس لا تفهم ما تقول ولا تعي المسميات بحقائقها لأن كل مصادر معلوماتها مشوهة مشوشة مأخوذة من الشارع ... أظن يقيناً أن هذان عنصرا تمثيل في مشهد للكاميرا الخفية يمثلان فصلاً على الناس وللناس . من يدري .. الذي يريد الحقيقة عليه أن ينزل معهما ويتابعهما حتى النهاية ... لكن هذه الأمور تحتاج إلى " خلگ " ورغبة في البحث ... وهذه غير متوفرة لدينا . لم يتطوع أحد لنزول ساحة البحث .. وضجت السيارة بالكلام .. سنبقى في الكلام . تمت " لا تقربي الشجَرة ثانيةً " أيتها المرأة المرأة ... يا سيف الدولة ومتنبّيها ... وخيلها وخيالها وليلها ولئلائها ... " فيك الخصام وأنت الخصم والحكم " كم هم الذين قالوا فيك .... ويقولون . بقدر الهم على القلب . بقدر عشاق الحرب ورعاع السلب والنهب! بقدر ذباب المزابل . بقدر أسلحة الدمارِ الشامل . بين خاطب لبنات الحقيقة فيك ومراود لها – للحقيقة – على مجون وجئت أنا اليوم أنتمي إلى ناديهم . نادي " أعدقاء " المرأة . مع أني .... لا أحسن التحدث إلى المرأة ! عيب فيّ قديم . أو ربما هي " مزية " فيما ترين . فالحكم لك وحدك ... أخيراً قد أكون هماً آخر على قلبك أو ذبابة أطنطن قرب أذنيك المثقلتين بالأقراط . أو ربما كنت صاروخاً عابراً للقارات يحمل رأساً " إسلامياً " رأسك لا تلفيه بخمار أو جسدك . فهذا ليس الأهم . إنما أوصيك محذراً : " لا تقربي الشجرة ثانية فتكوني من الهالكين " شجرة الهرطقة والزيف وأساطير الأولين تكررين مرة بعد مرة خطأ أمك الأولى . ..... عندما قالوا لك " أسفري يا أبنه فهر " هل تبينت التفاحة وإبليس في هذا ؟! لقد أزلك الشيطان وأكلتِ ... قد شبعتِ الآن تفاحاً خرافياً ، فما عاد يضُرك . قد تمنعتٍ لقاحاً حضرياً يفتح الأضواء حولك . لقد أخرجوك ... من جنة الأساطير عرّوكِ وكسوكِ .... خنقوكِ ! وشكّلوكِ وصَبّغوك وزوّقوكِ . صانوا " حرائرهم " وأبرزوك . عارضه أزياء قشرية ... بالبوشية ... والعباءة الإسلامية !! وأمالوكِ .............................................. فملتِ رأسك كأسنمة البختِ . وستقوم عليكِ الساعة وأنتِ ... أنتِ لن تفعلي ما أردتِ . بعيداً أختاه ستريني واقفاً وحدي متقوقعاً على نفسي مكوراً كحائط آيل إلى السقوط لن أدعوكِ إلى " ظلي " وأنت في هاجرة الزيف اللاهف . لأني لم أدعُ إليّ امرأة قط . أنتن صويحبات يوسف ... ولعلّي .... من أصحاب الكهف . وإلى العولمة والعلمانية .... جاء يدعو ... والخرف !! بحرية ومساواة المرأة قد كان حلف . تمت " صاعد ، نازل " مستمران بحديثهما لم يقطعاه وهما يصعدان . احتلا موقعاً وسطاً وأشعلا سيكارتيهما ... كانا يتحدثان عن ... " الإصلاح " بصوت عالٍ : - دنيا خطأ . لا يصلحها إلاّ المگوار والخنجر . - قل السيف !... أي استهتار بالقيم والأخلاق . هذا آخر الزمان . جندي نائم يضع طاقيته على وجهه ، صاح بغيظ : " دعوني أنام " . صاح به أحدهما بانزعاج : - " نَم ببيت أمك ، هذه سيارة " . وعاد لصاحبه يكمل له " السالفة " : " أي .. أين وصلنا أبا جَبّار ؟ " قال يتنحّط بغيظ : - " آه ... نسوان يمشين على السيف ! " ماذا أقول لك وأحكي ! ... " ما تتسولف " - ( مستنكراً ) " أي نعم ... لم يوافق أبوها ونهاه أعمامها فوضعت يدها بيده وهربا " أين ذهبا إلى جزر الواق واق !؟.. اما من رجال تصِلهم ! - ( بتفجر ) " أخ .... ذبْح !! " ..أين الخناجر ! وأخذ نفساً عميقاً من سيكارته ونفثه بغيظ ، وصاح بامرأة تبكي خلفه . تجهش بنحيب أزعجه : - " غضب الله على رأسك .. مالك قلبتيها مناحة !!؟ " " خلينا نسولف " ردت عليه عجوز تجلس جنبها : - " يا ... خاله وما شأنك أنت بها هذا من نار قلبها ، خطية زوجها ميت " . - " كل من عليها فان ، أهو أول الدنيا أم أخرها " . وقطعت المرأة بكاءها ، وقالت بلسان حارق كأنه بركان يقذف الحمم : - " وما أنت في الدنيا أيها الزبالة ، جعله الله أخر أيامك آمين نعاله يسواك ، لكن الأرض لا تنام إلاّ على السباع ، لأن القرود أمثالك تنجسها .. تف على هذا الشارب ، ما شأنك أنت بي ؟! " . - وقفز مذعوراً كالملسوع ، وقد أصمّت الإهانة صداه . قال متلفتاً حوله : - " ها !... شاربي ، شرف العشيرة ، تف !... أعطوني إياها اليوم أحرق روح رجلها وهو بقبره " . لكن صاحبه أقعده ، وقال له مهدئاً : - " دعها ، هذه امرأة نصف عقل . لا تضع عقلك الكامل معها " . ألعن الشيطان . واستمر يكمل له الحكاية : " النتيجة .. عدّت أشهرها وأدهرها وجابت ولد " . وكان " ولد " صغير يعبث بربطة عنقه ، فنهره : - " اقعد بابا تأدّب ( زغيّر ) " . والتفت لصاحبه : " إيه .. لقحه شيطان تعلق رأساً " .. أي ربما قبل هذا .... أي أكيد . - " أقعد عمي اهدأ ، لا تلعب أيها الصغير " . - " مرّت الأيام ... وفي ذات ليلة عثر أخوتها على صاحبها فذبحوه " . - عفيه .. هذي الزلم . - " اترك خالي ... والله ورطه الجاهل " . لكن الطفل لم يتركه ، ولم يكف عن شد رباطه والتعلق به . فصاح بأمه : - " أنت يا امرأة ، أما تمنعي ابنك ، أما ترينه يعبث برباطي !" ردت عليه تنهره بوقاحة : يا .. ومالك تتعارك مع اردانك !.. طفل بريء يلعب " . - ( بتفجر ) " أهي اربطه المحترمين لعب ( زعاطيط ) ... أهذا طفل بريء أم شيطان رجيم ، أقوم والله أكسر رقبته " . - ( بسخرية وغيظ ) : " يا والله سبع يا أبو سلسلة ، ما جابت النسوان مثله ... " جرّك شويه من رشمتك شصار شجرى ، والله حاطلك خرقه برقبتك متباهي بيها!. ها انت ششايف روحك .. " - ( مهدداً ) : " أتمنعين ابنك لو أقوم أرده بأمه ، وألعن أبو الرابطچ ، ولو انك لا مربوطة ولا مضبوطة " ودون تمهل نزعت فردة حذائها وقامت متفلته يمسكها من حولها أن ترميه ، صاحت بغيظ : - " دعوني الطمه بالنعال على حلقه لأعلمه الضبط والربط هذا يبدو غير مؤدب " - ( ثائراً يتنفخ ) : " اللهم العن الشيطان ، الآن أقوم أرميها هي ونغلها من شباك السيارة .. " وضحك أحدهم بارتياح قائلاً لمن حوله : " يستاهل .. إذا أردت إهانة رجل فسلط عليه امرأة ، لقد أسكتته ، بل خنقته .. " ولكن صاحبه راح ينقذه فجرّه إليه وأقعده قائلاً له : " أقعد ، لا عليك منها . امرأة ناقصة عقل مستهترة مسترجلة تعارك الرجال ، عيب عليك كرجل أن تراددها " . - " صدقت / فالرد على المرأة لا يكون بالكلام ، إنما بالمگوار والخنجر " . - " لا فضّ فوك ... قضية عشيرتنا ما حلها إلاّ المگوار والخنجر .. " . .............. نازل عمي نازل .. نزلت بكما نازلة بحق السماء !.. تمت " الرهان " البون شاسع ، والمدى بعيد ... نصحه أبوه وأعمامه بالكف عن " الجنون " .. إنها حكاية الحب والفقر والغنى القديمة . لم يرعوي وركب رأس الثور الهائج ليلقي بنفسه الى التهلكة ... توجه وحده الى مطلع الشمس يخطبها من أبيها ، لم يصطحب أحداً أو يقدم للأمر بجاهه . كان الثري الوجيه رائقاً في جلسة سمر مع أصحابه قال مقهقهاً بسعادة : - ما اسمك أيها الجعل ؟ ودون أن ينتظر جواباً أضاف مكلماً رجاله : - قبله خطب الجعل قرص الشمس فاشترطت عليه أن يكنس الأرض ينظفها من الأوساخ فراح يجمع القاذورات يكورها ويرفعها ... وهكذا هو فاعل الى يوم القيامة . سالوه : هل تكنس الأرض تحت قدميها ؟ قال : نعم . وما كان أكرم من جعل لديهم ، إنما يجب دعسه خارج البلاط الرخامي النازك للقصر. أراد أن يصرفه عنها بحيلة قد تؤدي به الى حتفه ليموت فيستريح منه . قال له على مسمع من البنت ، وكأنه يمازحه ، أو يداري جنون العشق فيه : - " ليس لدينا عليك أية طلبات ولا شروط . إنما هو شرط واحد لا غيره ، ولا بدل عنه ؛ هو أن تمضي ليلة شتاء بطولها في الشط الكبير " . وبكل عنفوان قبل الفتى الرهان . وشهد عليه جماعة الحاضرين والأخوان وفي ليلة قر زرقاء ، كان بردها يقص المسمار ، نزل الفتى في الماء مع الغروب ، عائماً وبقي في وسط الشط حتى الصباح . وكانت أمه المسكينة ترابط طيلة الليل على ضفة الشط تبكي ولدها ، وتناديه أن يخرج من الماء لئلا يموت . ولكنه لم يستجب لتوسلاتها . وظل يصارع البرد والموج والريح والزمهرير بقوة حرارة الحب والشباب . وكلما نادَتْهُ أمه لائمة مبكّتة . " ماذا جرى لعقلك يا بني ، هل جننت ! " ناداها وهو يعوم بيديه ورجليه : " أماه هذه رهون لا جنون " . وتصدع قلب الوالدة الحنون خوفاً على ولدها . فما كان منها إلاّ أن جمعت حطباً كثيراً وألقته على ضفة الشط العريض ، وأشعلت فيه النار ، لعل سناها يصل على فلذة كبدها المحترقة بالبرد . وظلت تشعل النار لأبنها طيلة الليل ، فيما هو مستقر في وسط الشط ينازل المستحيل . وفي الصباح خرج الفتى المفتون من الماء سالماً معافى ، فذهب من فوره إلى مراهنه ليقبض منه ثمن الرهان وهو البنت . ولكن الرجل الثري القوي صده وسخر منه مدعياً عليه أنه أخل بالشرط ، فقد أشعلت له أمه النار فاستدفأ بها عن البرد . ولو لا نار أمه لمات ، ولكسب هو الرهان . ورفع الفتى دعوى على خصمه لدى القاضي . فدعا القاضي الرجل الوجيه إلى بيته مع الشهود ، وكان شريفاً في قومه ، نافذ القول والفعل في البلدة . فقال له كأنه يداري مكانته ويحترم موقعه : - " إني لم أشأ – وأنت العزيز الكريم – إن أوقفك مع هذا الفتى الغرير يخاصمك في حضرة الناس . ولذا دعوتك معه إلى بيتي لنتدبر الأمر بيننا . ولم نستدع معكم إلاّ جماعة الشهود " . ثم دعا غلمانه وقال لهم : " أطبخوا الطعام وجهزوا وليمة فاخرة على شرف السيد المسود " . وجلسوا يتجاذبون أطراف الحديث ريثما ينضج الطعام ، فالمعهود أن لا يبت في الأمر أو يخاض فيه إلاّ بعد تناول الطعام أو الشراب . وكان الخدم قد أحضروا القدور وربطوها بالحبال ، ثم صعدوا إلى رؤوس نخلات في منزل القاضي عاليات شدوا الحبال هناك وسحبوها حتى استوت القدور علواً مع رؤوس النخل . بعدها أشعلوا النيران تحتها وراحوا يئزونها أزاً . وكان الرجل ينظر على ما يعمل هؤلاء ويتعجب أشد العجب ، وينتظر من القاضي أن يقول شيئاً في الأمر . إلاّ أن الأخير كان غارقاً في الحديث لا يأبه لما يصنع الخدم وكأنه لا يراهم ، أو لا يرى غباراً على ما يفعلون . وانتصف النهار ، والخدم يؤججون النار لا يفترون . فيما لا تفتر شفاه القاضي عن الذكر والتذكير والوعظ والتحذير والرواية والحديث ... وضاق الرجل ذرعاً بما يرى ويشاهد . وكلما حاول الاحتجاج على ما يجري أو الاستفسار عن النكتة ، لم يجد القوة على ذلك ، كأن الحياء يمنعه أن ينبه القاضي إلى ما لا حاجة لأن ينبهه عليه أحد . وصَلّوا الظهر مولين وجوههم شطر القدور وهي " تفور " فيما يلي القبلة ، معلقة بين السماء والأرض ، كأنها أوثان لعبادة البطون تتعلق بها الحواس والعيون . وضجت عليه عصافير بطنه تصرخ بالزقزقة . فأنفجر الرجل يقول : - ما هذا يا شيخنا القاضي !.. أين الطعام ؟! وماذا يفعل هؤلاء ؟!! قال القاضي بهدوء وتمهل : - " هَون عليك يا أخي . أن الله لا يحب الجواعين النهمين ، هاهم الخدم يطبخون الطعام ، هل هم أسرع أو أقوى من النار ؟! " . وفرغ صبر الرجل وصاح : - أي نار يا سيدي .. أين هي النار ؟! - وما هذه إذن ، أليست ناراً يكاد سناها يحرقنا ؟! أصبر حتى ينضج الطعام إن الله يحب الصابرين " . - " عجباً !... وهل تدري قدورك أن ناراً تحتها ؟! يا رجل أن القدور في السماء والنار في الأرض " !.. - حسناً يا سيدي .. كيف إذن تحتج على الشاب بأنه استدفأ بنار أمه على الشاطئ ، وهو في وسط الشط ؟! وأسقط في يد الرجل . وانكفأ على نفسه مهبطاً رأسه في الأرض وقد فهم مكر القاضي الذي من فمه أدانه حتى جعله ينوء بحمل الحق في أثقل حالاته . ولكنه رفع رأسه وقال : " يا سيدي القاضي ، أو صدقت أنت الأمر . إنما الحكاية كلها دعابة سخيفة فرضناها على هذا المعتوه المأفون لنصرفه . وما كنا نتصور أنه سيفعلها". قال القاضي بتأكيد وحزم : " نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الزواج والطلاق هزلهما جد " . - في سنة رسول الله ( ص ) لا يكون الزواج بمراهنة أو ما شابهها . وأين أبنتي من هذا الصعلوك البائس المفلس لا يوجد أدنى توازن لكي أوافق . - المراهنة هذه أخرجت الأمر من يدك . بقي رأي البنت فقط ، فأن قبلت فليس لك أن تقول لا . وكما ليس لك حق في أية طلبات حسب الشرط . وللفتى أن يأخذ عروسه ولو بالثوب الذي عليها . إن لم تجهزها له بما يليق فيها . وارتضت البنت زوجاً من بات من أجلها ليلة قرشاتية في الماء وكسب الفتى الرهان ... تمت مَن يقرأ ...؟!! كل ظُلامات المعذبين في الأرض . كتبتها في قصاصات ... رفعْتها إلى الله في عَلياءه . ... أخشى ... أن يكون ... الله .... أمّياً !! تمت '''نص غليظ''' الفهرس التسلسل الموضوع الصفحة 1. تدمير الإنسان العراقي 13 2. شعب أحتيج لرأسه 15 3. سوء استخدام السلطة 17 4. كن فيكون 25 5. هيكل الجماجم 32 6. جثة عملاق 33 7. أوكسير الملوك 36 8. مقطع طولي من جسد كلمة 39 9. الإنسان والجرذان 41 10. بلاد الحشرات 48 11. أليس ملكاً ! 49 12. الرماد الوطني العراقي 50 13. ليتني 52 14. الإفادة 57 15. الوعد المنتظر 60 16. ذمة التاريخ 66 17. في الوادي المقدس طوى 69 18. شهداء 73 19. داء الدال 75 20. الله كريم مع الكرماء 77 21. داخل الحرم الجامعي 80 22. أكباش في مرعى العزة 83 23. لمن أهدى كتابي 87 24. البركان الخامد 92 25. الوباء المستوطن 97 26. لما يبكي ويضحك ... عزرائيل 100 27. الليل الأخير 101 28. صراع 103 29. غش في درس الدين ! 107 30. على ملة رسول الله 109 31. نهاب وهاب 111 32. عالم الأحذية 114 33. الهروب من الحب 115 34. الإنسان والزنبور 121 35. الحطب والإرهاب 124 36. الهوبعة 127 37. الاختطاف 129 38. " حَب . سگاير . علچ " 131 39. لا يؤمن بشيء 139 40. باقة عدس 142 41. اللثام 145 42. شعب الفلاسفة 146 43. أصناف وألطاف 173 44. ولله لصوص أيضاً 175 45. السانيه 177 46. القانون والساطور 179 47. مسؤولية الكلمة 181 48. الكلب المتطهر 183 49. أنواط الشجاعة 184 50. بائع التمر . والخمر . والشعر 186 51. يوم .. بلا صداميات 189 52. هل أستيقظ أهل الكهف 206 53. وقفة على الأعراف 208 54. المحاجزة قبل المناجزة 211 55. ساحة حرب 216 56. الصحوة الإسلامية 218 57. عرفات ... والزير التلمودي 220 58. النازحون من البصرة 224 59. تعذيب 235 60. طنطل 237 61. أدب المناظرة والجدل 244 62. النهايات 245 63. لحن من نشيد " أرامل الشهداء " 251 64. أزمة شاب عراقي 258 65. الطلقاء ... واغتيال قحط 263 66. الحب والغربة 290 67. لا تعليق 292 68. قسم 295 69. العتبة الذهبية 297 70. خبز البطالة 298 71. الرحيل .. والحب 299 72. المكابر 301 73. كتاب سعدي 303 74. مسجد . مسجد 307 75. اللَمَمْ .. وكبائر لَلَم 308 76. المساواة 313 77. الأخت 314 78. العدوى 315 79. الاستمرارية والانعطاف 320 80. ظلمات أطباقاً 322 81. دخان الشرف 324 82. لا تقربي الشجرة ثانية 329 83. صاعد . نازل 332 84. الرهان 337 85. من يقرأ ؟!! 343   للكاتب : سوء استخدام السلطة " وإذا الوحوش حُشرت " تانيا غداً ... لا تطلع الشمس الواغلون في الزيف " والأرض وضعها للأنام " رجولة .. ورجال ديوان الأيامى والعوانس العراقيون ودعاء النخيل الصحراء والعطش'
فرق موحد للتغييرات المصنوعة بواسطة التعديل (edit_diff)
'@@ -1,2 +1,4253 @@ +[[ملف:سوء استخدام السلطة|نعم px|تصغير|مركز|كتاب]] +'''''نص غليظ''''''''نص غليظ''''''''نص غليظ''[http://سوء%20استخدام%20السلطة سوء استخدام السلطة] +[[<ref>ملف:سوء استخدام السلطة|300px|تصغير|كتاب</ref> +== +== نص العنوان == +== نص العنوان == +* +# عنصر قائمة منقطة<nowiki><br /> +نص غير منسق<big>نص كبير</big></nowiki> + == +]] +'''== نص العنوان == +د.ابو لدم الأنساني +سوء استخدام السلطة + + + + +حقوق الاقتباس والدراما والتمثيل + ممنوحة – شرط إذن المؤلف + ط 2 / أيلول 2008 + + +سوء استخدام السلطة + +د.ابو ادم الأنساني + + + + +طبعة أولى +2009 + + + + المركز الثقافي للطباعة والنشر +The Cultural Center for Printing and Publishing C.C.P.P + ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ +حلة/شارع الإمام علي (ع) /عمارة علي ط2 + +Mob: 07801168410 +E-mail:ccpp_iraq@yahoo.com +E-mail:w_alsawaf@yahoo.com +  +1 / + د.ابو ادم الأنساني +سوء استخدام السلطة : د.ابو ادم الأنساني + المركز الثقافي للطباعة والنشر/ بابل ط1 2009 + ص . 23 سم +م . و 1. + 2 . أ . العنوان + + + المكتبة الوطنية ( الفهرسة أثناء النشر ) + رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد لسنة 2009 + + + + + + +ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ +حقوق الطباعة والنشر محفوظة للمؤلف +ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ +التنضيد الداخلي : نبيل الحسيني +تصميم الغــلاف : المركز الثقافي للطباعة والنشر +إشـــــــــــــراف : ولاء الصواف +تــوزيـــع: مكتبة الفرات في الحلة +  +( كلكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته ) + حديث شريف + + + +الإهداء + + +إلى الذين يحسنون استخدام السلطة +من المواطنين . . . + والحاكمين . . . + والشرطة . . . +  + + +ليت السماء تفتح مجدداً باب " النبوة " + بالانتخاب الحر !! + لتقدم للترشيح + مليون + نبي + عراقي !! + + + + +د. م أبو الأثير البابلي + +تقديم +هذه نصوص هي عبارة عن خليط متجانس من قصة وشعر وخواطر وشطحات ورؤى فلسفية .. كوكتيل أدبي لعوالم سلطوية مختلفة ، تبدأ بالنفس وخطراتها والمجتمع ومظالمه ، وتنتهي إلى الملوك وسلطتها.. لكنها تتوحد جميعاً في السلطات على اختلاف أنواعها . +إذا تمعنت في نص ما فستجده لا محالة متصل من مكان ما بسلطة ما ، سوءا أو استخداماً ... من قريب أو من بعيد ... +سميتها " سوء استخدام السلطة " . وقد يتبادر لذهن البعض أنها بحث ، أو تقرير في حكم العبث الخطأ وكبائر شيخ الجاهلية الأخيرة صدام الذي أساء استخدام السلطة ... +نعم هي تضمنت الكثير من هذا ، وهو موضوعها الرئيس ، بيد أني لم أركز على الجرائم المعروفة من الموبقات السبع ، لأن الحديث كثر في هذا ، وبات واضحاً كالشمس ، وما أردت الخوض مع الخائضين لأنبري بنفسي عن أن أكون سباباً ، لا يعمل غير السب ، ولا يحسن غيره . خصوصاً وإني ما رأيت بعض الشاتمين بأحسن حالاً من المشتوم . +صدام ما جاء من عالم آخر ، إنما هو من هذه الدهماء الموغلة في البداوة والجاهلية والزيف ... و " كما تكونوا يُوَلّ عليكم " . +ولما ولى ( الملك صدام ) إلى الجحيم الأمريكي والخمس والخمسون من صنائعه ... أين الطيور التي على أشكالها وقع ، أو على " شكوله " وقعت !؟.. أليست هي مادة الإرهاب وحشوات مفخخاته الموتورة ؟ +أنا لا أبكي كما يتباكى الناس على الدمار الكبير الذي حل بالبلد من جراء الحروب الكافرة والسياسات المجنونة .... هنا النفط والرافدان ، ورفات الأئمة .. المال وفير وفائض لنبني ، وننشئ ونعيد ... لكني أبكي على أمرين اثنين هما : +الزمن الذي ضاع . والإنسان الذي تدمر وعاد إلى أسفل سافلين . +الطامة الكبرى تكمن في الإنسان العراقي الذي تشوه وتعوق واندثر حضارياً ، بفعل سوء السلطة الدكتاتورية وطول زمنها ... ثم هجمت فجأة بعدها الحرية والديمقراطية الأمريكية بغير شروطها ومؤهلاتها ، فأساء الناس استخدامها بأكثر مما أساء العبثيون السلطة .. حتى أن كتابي القادم سأسميه " سوء استخدام الحرية " . +لا أصدق . لا أعقل . لا افهم ... ألا يكون خيراً كلهُ هذا الدفق الحضاري الذي اجتاحنا ، طوفان الحرية الذي ضربنا كالطلق على حين غِرة بعد العقود العجاف ، وحمل الفقر والعقر والقهر !! +أدت ( رجّة التدريب ) على الحرية – فيما يبدو – وجرعة ( التطور ) الزائدة الى تسمم حضاري وخبال اجتماعي ورجوعية في الشعب المتعب أصلاً ، فعاد القهقري الى القرون الوسطى ، وانبعثت البداوة الكامنة فيه والجاهلية الأولى . +هل قرأتم " ألف ليلة وليلة " ؟.. ربما عجبتم ، أو سخرتم من الصياد الذي وجد درة يتيمة في بطن سمكة !.. +والحفار الذي عثر على كنز ! +أو الحطاب الذي تزوج .. بنت الملك ! +ما عادت تلك أساطير شهرزاد ... +إنما هي وقائع ليالي بغداد !! +" عربنجية " كانوا ... وَأضْحوا الآن مقاولين .. مليارديرية ! جوعية شبعوا !.. محدثي نعمة بطروا ... وما شكروا تجار ومقاولون .. كانوا ... " أولاد ناس " ... " حمايل " ... كاولية ! مُعمّمون ... تبين أنهم .. تجار مخدرات ... وترهات !! حملةُ دكتوراه !.... أميون ... لا يقرؤون ولا يكتبون ! مدججون .... " سباع " !.... انتهت إليهم مخازن سلاح الجيش ! +قوادين .. سرسرية !... يبنون جوامع !.. يهدمون مصانع !! متزوجات ... وهن على ذمة آخرين !! +يافطات عريضة ، وأقلام طويلة .. وكُتل ... لمُخضرمي ولاء ! محجبات .. ملالي ، يقرأن على الحسين ... يدرن مواخير سرية ! +فقراء .... أغناهم صدام !... يبجلوه !.. يعبدوه !! +مليارات تبني مدن ... وتهدم مدائن !... نهبت في جهالة " مداخل المدن " ! +لوطيون ... ينادون بشطر المدارس المختلطة ! ... شرفاء جداً ، سماسرة يصيحون بحرقة : " وطن للبيع ... بكم أقول " !!! +من للفساد الإداري ... بعد الحواسم الكبرى !! +لجنة النزاهة .. من ينزهها في أمة تولت ؟ ! +سيستبدل الله قوما غيرهم ... ثم لا يكونوا أمثالهم . ( ) +الجميع يرتل قرآن العراق . +من كفر بالعراق ؟.. من أحرق العراق ؟!! +﴿ وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون  ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ﴾( ) +هذه ليست توليفات شعرية للصورة ... واقعنا أدهى وأمر . +الطالحون أقوى وأكثر . وتأثيرهم أعلى وأنكر . +فلتكن سلاحنا الكلمة كالرصاص المنهمر . حقيقية مؤثرة تخترق القلب ، وتمر بالنفس ، وتتمشى في الروح ، لتستقر أخيراً في العقل ، حيث الراعي والرعية . +الكلمة " المؤدبة " التي نريد ؛ تلك التي ترضي فضول الشاعر ، وتحرك مشاعر الأديب . وتفسر مقاصد الفيلسوف . وتحرك طموح المصلح السياسي . +ولا نقف لدى هؤلاء الخاصة الكبار بعمق الإيماءة وتداخل المقاصد والسريالية النصيّة ، بل نَنْزِل بالسهل الممتنع الى لغة العامة المبسطة نخاطب بها الجمهور ، رغم الفهم المغلوط المؤدي إلى السخرية أحياناً . +والميزة الجيدة فيما حوت بعض نصوص هذا الكتاب ؛ أنها تحتمل أكثر من تأويل ، فيفهمها كل على قدر معرفته ويراها كلٌ من زاويته ... وربما تعددت الأفهام على قدر المفاهيم ... بل وتعاكست . +الظريف أن مقاطع من هذه النصوص تم نشرها في بعض صحف النظام البائد . وكنت ألجأ إلى الاستعارة والتشبيه والإغراق بالرمزية ، لأمر بأفكاري من بين قرني الثور ! +متفاءل جداً أطل بكلماتي الحنونة اليوم على قومي الذين يسيئون استخدام السلطة مع أنفسهم وأهليهم وإخوانهم وعشيرتهم . فيجد العامي لدي ما يصلحه ، والعالم ما يطمئنه ، والناسي ما يذكره . +أما أهل السلطة والسياسة ، فلا آمنهم على رقبتي أن يقطعوها ، إلا كما أمِنْتُ عليها صاحبهم من قبل !! +ومتعوذاً صدرت كتابي بحديث النبي ( ص ) " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " ، ليقع على العلة ويشفيها ؛ في شموليته وآلية بناءه المعنوي واللفظي .... وما ينطق عن الهوى ، ليبعث صلى الله عليه وآله التفاؤل بمستقبل الشعب العراقي المتعبد لسنة رسول الله يتبعها ويحييها . + +تدمير الإنسان العراقي + حرب الجنون الثماني أتلفت الإنسان العراقي أرجعته إلى حيوانيته ... +جعلته حماراً وحشياً يأكل وينكح ويرفس وينطح ... ويحمل أسفار الكفر ! + أما سنين الحصار فقد هدمته متداعياً وبنته معوجاً .. إنما علمته : +- درس الجوع والعمل +- درس السفر والهجرة +- حقيقة صدام . + أما مناة الثالثة الأخرى ..... +فقد علمت العراقيين +" سوء استخدام الحرية " + * * +عندما يقسمون العالمين ... +الى .. مؤمنين ... وكافرين !! +... إنما يشوهون لون الإنسان . + * * +هذه الأكياس المعممة ... من سوس المقابر ! +المحشوة حد الاكتضاض ... بمعلومات " إكسباير " !! +رفعت الى الفضاء بقدرة قادر !!! +لما يأخذ الجدل الطائفي مداه ... بين هراطقة السنة والشيعة . +تعود النِقم التأريخية ... بالشتائم الفضائية !! +يكفرون بدين الديمقراطية +.... يتدمر الإنسان !! + + +مقتطف بتصرف + عن كتاب + " صناعة دولة الإنسان " + تأليف +الدكتور مهند وديع + مواطن عراقي أمريكي + +شعبٌ .. إحتيج لرأسه !! +لما غلب المنصور العباسي محمداً النفس الزكية وأخاه إبراهيم ، وقتلهم .. سيّر برؤوس الثوار إلى الأمصار . وكانت جثة إبراهيم قد غُيبت ولم يعثر عليها ، فقيل للمنصور إن هناك شخصاً علوياً في الحجاز يشبهه خلقاً . فأرسل المنصور من يأتيه برأسه !... +اعترض الإمام الصادق ( ع ) وكتب للمنصور مستفهماً . فكان الرد بعبارة مقتضبة هي " قد احتيج لرأسه " !! +كذلك تتحول المظلمة إلى مسخرة عندما يحولون البلد والشعب إلى ... +" حقل تجارب " !! +أو كرات قدم من رؤوس ! + * * +" كما تكونوا .... يوَلَّ عليكم " +من توقيعات المنصور على صحيفة شكوى لأهل الكوفة من عاملهم أن يبدله ، " كما تكونوا .... يوَلَّ عليكم " + * * +كان الحجاز تابعاً للعراق في موازين السياسة الإسلامية على مر تاريخها ... ومن ملك المصرين البصرة والكوفة فكأنه ضم الحجاز إليه ، فبمجرد قطع الميرة تستسلم المدينة ومكة ... والرياض !!! +ترى ما موازين المعادلة اليوم ؟! + * * +عداوات الجيران المستحكمة ... محاقدات الأزمنة .. +ارتفعت الى مؤامرات التهجير ، والذبح على الهوية ... +كذلك ... يذبحون العراق ... +يهجروه ... الى أمريكا !! +محيطه العربي عبر التاريخ ؛ بداوة جاهلية . +غزوات نهب وسلب +وموجات استيطان متحرك سالب . +والترك والفرس ... +في سجال على الغنيمة .. والعرس +وبين العجم والروم .. والأعراب ، بلوة ابتلينا .. + ملينا ... انتهينا !!! + + +الإمام الونان + مؤرخ +  +سوء استخدام السلطة +" كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " + حديث شريف + * * +الحمل الوديع ... صار ذئباً !! +أين هذا ؟... في عالم كليلة ودمنه ؟! +بل في ... جمهورية دكتاتوريا الديمقراطية الحرة الشعبية . + * * +قال جد جدودي : +" ابن آدم ، مكنهُ ، وانظر فِعاله " +وصارت مثلاً ....... عراقياً ! + * * +بنت عمي ، قطة أليفة . +تزوجت ضابطاً صغيراً . +فصارت تراني ... +... جندياً حقيراً ! + * * +رئيس وزراء النرويج . +سيق إلى المحاكمة ... +بتهمة ، " سوء استخدام السلطة " +شعبنا لا يصدق ذلك ! + * * +كتب المطران حنا راميل في موعظته : +" نحن بحاجة ماسة لإنشاء محاكم من هذا النوع في بلدنا " +صاحوا به : كلا لا تخترف .. +فبلدنا سليم من الفساد . + * * +قرأت في صحف المريخ : +- وهذه أمور قد تحدث في غير كوكبنا الأرضي – +إن قاضي بالرمو ، وهو رجل من عامة الناس . +ألقى أقطاب الحكومة الإيطالية في قعر السجون .... +... بتهمة .... " الفساد " . + * * +اسمه الأول : " كليب بن كرامة " . +البسوه " صاية " وعباءة ! +وأعطوه سيارة وحقيبة ! +.. وبنوا له مضيفاً ! +فصار : " الشيخ أسد الكريمي " !!! + * * +الدكتور " آصف بن برخِيا " +كان أستاذاً جامعياً . +فلما صار معاوناً للعميد . +أضحى ... جنرالاً عسكرياً !! + * * +لست شيوعياً أيها البائس . +أنت لا تؤمن بشيء . +في صدر المظاهرات ، يرفع اللافتات ... كان : +" تحيا الاشتراكية " . +ولما صار ..... " وزيراً " . +أصبح .... إقطاعياً !! + * * +فجاءة ... أصبحت زوجتي مليارديره . +كانت أول مشاريعها ؛ +أن ... تجدد فراشها .... +........ تتزوج ! + * * +لما دخلت عليه في مقر الفرقة الحزبية +كنت رافعاً ...... " الكِلفة " +فهو قريبي ... دمي ولحمي . +صرخ بي مزمجراً : +" قف عدل ، ضم مسبحتك " . +واعتدلت .... وأخذت تحية . +مع أنه لم يكن عسكرياً . + * * +نهبنا أربع مراوح من المدرسة . +أعطاني واحدة ، وأخذ ثلاثة ! +ولما احتكمنا إلى ... " شيخ الحرامية " +أعطاه الحق ! +لأن المسدس كان بيده . +.... وللفارس ضعف ما للراجل !! + * * +- الو ... +- هلو " كرَومي " ... هل تذكر تل النهر العتيق ؟1 +- تأدب حقير .... أنا الآن مفوض شرطة . +- حجري لا زال دافئاً .... +- ... اليوم سأحبسك ، سأعدمك ... + * * +كان يلهب ظهره بالسياط القوية ويصيح : +- " دى ... لعن الله أباك صدام الحرامي المجرم " . +وينوء الحمار بحمل العربة الثقيل . +كانت محملة بأثاث دائرة الماء والمجاري !! + * * +قبل أن أتزوج امرأتي الثانية . +كنت أقرأ بتشديد ووعيد : +" على أن تعدلوا " . +وبعد الزواج ، رحت أرتل بصوت رخيم : +" ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " . + * * +قال آية الله محمود في خطبة الجمعة : +- " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " +ليس اللوم على الملك وحاشيته . +الناس يفسدون المسؤولين . +هم يدفعونهم دفعاً ليسيئوا استخدام السلطة . +" الراشي والمرتشي في النار " . +...... صَهْ .... هذا دجال !! + * * +كومة الجحاجيح هذه تدخل على من ؟... +عقال على عقال ، وزبون فوقه صاية . +وكل في جيبه صرة ، أو لفة . +يدسها علناً ، أو سراً ، في جيب " رسول " . +" تدلل أبا سحر " ... +من أبا سحر هذا ؟!! +أوه ... كل شيء بيده .... +الأسمدة ، والبذور ، والمبيدات و .... وبرنامج الخطة التسويقية . +أنه " ... " وزير " هنا . +وليس مجرد ... ناظر زراعي !! + * * +يدبرها ... لا عليكم +ارتباطاته مباشرة بالكبار . +هي لهم كلها .... +هو ... مجرد سمسار . +كل شيء يكون " بالفلوس " ..... لا قوانين . +أخذنا معنا .... " خروف أقرن " +هدية حسب أصول الموضة . +أية أبهة !!.... صلوات !... كان بيته . +ليس لقمة خبز .. أنه " نائب مدير عام " . +جلسنا معه في صدر إيوانه العريض . +كان يتحدث عن ... " الفساد " و ... " سوء استخدام السلطة " +.... قبل أيام أحلْتُ معلمة إلى لجنة تحقيق . ثم فصلتها +تصوروا أنها تأخذ بيضاً ولبناً من الطلاب !! +وبانبهار قالوا : " عدلت وأنصفت ، بورك فيك " . +قال : " لقد خرقوا العادة بالرشاوي هؤلاء " المعلمين " . +قلت في سري ؛ بؤساء ليس بأيديهم سوى الطباشير " !! +وكنا نسمع صوت الخروف يمعمع ، ويصيح " باع " . + * * +كان إمام الحرامية يعظهم ويقول : +" كما تكونوا يَوَلَ عليكم " . +ونزل حاملاً حقيبته ذات القفل السري +ثم صاح : " من سرق حذائي " ؟! +وكانوا كلهم حفاة . +قال : " لا أبرئكم " +أنتم إذ لا تلبسوه ، فقد أكلتموه !! + * * +- الدفع نقداً .. وبالدولار . +عشرون ورقة لا تنقص . +بعد شهرين تستلم الوظيفة . +- ومن يضمن ؟ +- عيب ... أو أنت أول واحد !.. مئات عينتهم قبلك . +- نريد الاطمئنان .. لا بد . +- يا عم أنا لست قليل ... كلمتي لا تُثْنى و لا تُثَنّى . +أنا اشتغل في لجنة النزاهة ! + + * * + + + + + + + + + + +تمت + +كن فيكون ( ) +في كانون مر عليه " المَلكْ " وهو يغسل الفجل في الشط ، ويرتعد قراً . قال يحييه ويدعوا الله ليعينه : +- " الله يساعدك " . +رد زاهقاً متبرماً ناقماً ! +- " أين الله هذا ؟! ورجليَ قد مات إحساسي بهما من البرد . +- اشكر ربك يا رجل ليزيدك من فضله . +- إليك عني بحق الشيطان ، ماذا أعطاني لأشكره ؟! +- أعطاك القوة والصحة لتعمل . +- أما أنه أعطاها للجميع وفوقها ، فلماذا أنا . ما فرقي عن ذاك التاجر يرفل بحلل الخز ومقطعات الديباج ناعماً دافئاً ، وأنا ...... ارتجف من البرد . +- وأنت تريد أن تكون مثله .. ها ؟! +- لا يا عم ، أين نحن من هذا !... أنا أقول لربي ، بدل أن أكون في الماء محنياً تحت سياط البرد هكذا ، لو كان لي على الأقل دكان أبيع فيه الفجل ، أجلس فيه مرتاحاً كعبادهِ المحترمين بدل الذي أنا فيه .. لو +- كُن ........ فكان . +- ومر شهر ، وعاد الملَكْ ، بنفس الهيأة وذات الكلام لم يزد فيه ولم ينقص ! +- " الله يساعدك " +- ( بتضجر ) الله لم يساعدني . الله دمرني ... هذه عيشة تقصر العمر ... هات الباقة ، وأرجع الشدة ، وهذه يريدها الزبون وتلك لا يريدها ، والفجل والناس أشكال وألوان ... أف ، أأنا أكون بياع فجل !؟ أسفاً ... +- كفى كفى لا تهتم ... ماذا تريد من ربك إذن أن تكون ؟ +- أريد ؟!!... أيرضى الله العادل أن يكون صالح الحمال تاجر قماش . وأنا بائع فجل ... لو كنت على الأقل ... بزازاً ... لو . +- كن ....... فكان . +ومر عام وعاد الملك : +- الله يساعدك . +- أهذه مساعدة هذه ؟!.. لو علمت ما طلبتها من ربك ... سبحانه إذا أراد بعبد سوءاً جعله بزازاً ولذا رماني عليها ... أي ملل وصداع ، طيلة النهار ، هات الطول وقدّر الذراع ، وهذا قصير وهذا طويل والأنواع والأشكال والموديلات لا يحصيها الكومبيوتر ؛ كسطور وحرير ودولين وبوبلين وجرسي ونحسي وتعسي ومسميات أكثر من الهم على القلب ... والتجارة بائرة والقماش كاسد ... آه لو كنت كبعض تجار الجملة ، هؤلاء يفرضون بيع سلعهم بما يرغبون وهم مستريحون . +- كن ......... فيكون . +ومر عامان ؛.. وعاد الملك : +- الله يساعدك . +- أهلاً ، ماذا تريد ؟... شحاذ .... ها ، لقد ابتلينا بكم ، نهشكم هش الذباب ... أخرج عليك اللعنة .. الله يعطيك +- " وأما السائل فلا تنهر " +- يا أخي أنا سائل ، أنا شحاذ ، أنا مجدي ، ماذا لدي ؟... أترى علي أكثر من ثوب خلق ونعال ممزق ؟! +- " وأما بنعمة ربك فحدث " . +- أحدث بماذا يا " مثبور " ؟!.. أحدث بالمركب الذي غرق أم بالآخر الذي تأخر وانقطعت أخباره ، أم بحرق المخزن السادس عشر ، أم بأموالي المرهونة المجمدة لدى الأجانب ، أم ببضاعتي الكاسدة ، أم بشيب الذين خلفوني ... دعني في دردي ، تول عني ... يا ولد أعطه خمس فلوس لينصرف . +- دع خمستك لك وقل لي ماذا تريد أن تكون ؟ +- " هادئاً بتبسط " آه .. أهو أنت ؟.. اجلس ، استرح . إن وجهك فليح وجالب للحظ ليس حظاً والسعد لي ... تعال . +- أنه ليس حظاً .... هذه إرادة إلهية . +- لا علينا.. سأتحفك بهدية ثمينة إذا ما نلت ما أصبوا إليه . +- وما ذاك ؟ +- أريد أن أكون وزيراً للتموين والتجارة ، لكي أتمكن من تسيير مراكبي على هواي ، ودون رسوم ولا رسميات . +- كن ......... فيكون . +ومرت خمس سنين .... وعاد الملك . +دخل عليه ديوان وزارته بلا استئذان . وفاجأته بتحيته الشعبية البسيطة المعتادة : +- " الله يساعدك " . +- " منتفضاً كالملدوغ " ما هذا ؟.... من أين دخل هذا العلج الصعلوك .. من أنت يا هذا امسكه يا حرسي ... أين رجال الحماية ؟ +... وأخذته السياط ... +- لماذا تسيء الأدب أيها الوقح ؟.. ما " الله يساعدك " هذه ؟! أأنت في سوق الخضار أم بحضرة وزير ... سلم على معاليه بتحية الأمراء ، لا بسلام السوقة . +- آ .. حسناً ، السلام عليك أيها الوزير . +وصفع الحرسي المَلَك على قفاه ، وصاح : +- أنحن أرضاً وقبل أعتابه الموقرة ، وقل له يا سيدي . +ولم يشأ الوزير أن يضيع المزيد من الوقت ، أو لعله عرفه ، فقال لجلوازه : +- ليقل ما يقول ويخلصني .. دعه يا حرسي ... ها ، قل ماذا تريد ؟ +- سأقول ما في قلبك يا ... وزير . +- " بدهشة فرح " ماذا ... آه حسناً ، اخرج يا حرسي ، أخرج وأغلق الباب جيداً . +دعنا وحدنا . +- " بأسلوب مباشر " ها .. أراك غير قانع بالوزارة ! +- " بتأفف " الوزارة ... اللعنة عليها . أنها وظيفة خدمية وليست سلطوية . لو كنت محافظاً لكانت سلطاتي أوسع وإمارتي أعظم ، وإحساسي بالسيادة أمتع . +- هي السلطة إذن . +- بالضبط ، أنت ذكي سريع الفهم . +- أتريد أن تكون متصرفاً عاماً ، أم رئيساً للوزراء ؟... +- لا لا ما هذه ، وأنت الحليم الرشيد . أريد أن أكون سلطاناً ملكاً . +كن ..... فيكون . +ومرت عشرة أعوام ...... وعاد المَلَكُ إلى الملكِ باللفظة البسيطة ذاتها : +" الله يساعدك " +- نعم ، ليساعدني ، فأنا في مسيس الحاجة لخدمات ربك هذا ، كي أدحر جيوش الممالك كلها ، وإذا ما انتصرت عليها فسوف أعينك ملكاً على إحداها ، قل لإلهك هذا القوي أن يزودني بقنابل ذرية ، وأخرى هيدروجينية ، أو نيوترونية – لا أعرف حتى أسماءها – يجب أن تطال أسلحتي كل شبر في الأرض . أريد صواريخ عابرة للقارات تحمل رؤوساً نووية وكيمياوية وجرثومية . أريدها أسلحة دمار شامل تعم الأخضر واليابس .. أريد أن أبيدهم عن بكرة أبيهم ، وأدمرهم تدميراً لأذرها قاعاً صفصفا لا بشر ولا شجر ولا مدر ..... وثم حبذا الإمارة على الحجارة ... كن ..... فيكون . +ومر يوم كمئة ألف سنة مما يعدّون . +وعاد الملك ، فوجد أن الأرض قد قامت قيامتها . وبحث عن صاحبه بين الأنقاض فوجده جالساً على عرش كجبل من الرعب ، يحف به الجند والخدم . +فقال له كالعادة عبارته المعهودة : +- الله يساعدك . +- فأنتفض مزمجراً وصاح : +- الله ؟!.. من " الله " هذا ؟ ويساعد من ؟... أنا ؟!! +- الله ربك . +- صه ... بل أنا ربه ورب هذه البقية من الناس والحجارة وكل من نازعني الربوبية سأقصمه قصم جبار مقتدر . ولقد بلغني أن " إلهك " هذا مغتر بقوته وجند لديه يسميهم " ملائكة " . ومعتصم في أحد السموات . +أنا أيضاً حففت عرشي بملائكتي الغلاظ الشداد ، وملأت السماء حرساً شديداً وشهباً . إن مخابراتي وعيوني على دراية تامة بجحْر اختباءه . أنه يعتصم الآن ، عاصياً ربه أنا في السماء رقم ( 7 ) ، ولكني بالغها وفاتحها بعوني أنا الرب .... قل كن فيكون . +لكن الملك قال هذه المرة . +- عد ......... فعاد . +فإذا هو على شريعة النهر بالماء . يغسل فجلاً ، ويرتعد قراً . + + +تمت + +هَيكلُ الجَماجم ( ) + +قال صديقي : أرأيتَ رأساً صار سُلمّه ؟! +وكنت في كل نادٍ ، أسبُ الحكومة الظالمة . +و " نعمة أمن " يسطر الجماجم تحت رجليه بحكمة . +وفي كل يوم يرتفع .... جمجمة .. +وليبلغ السطح ؛ رأس واحد بات يلزمه . +باغته في داره ..... وبلا أدنى كلمة . +أعطيته من رأسي المطلوب ، نطحة معُلمَّة . +رمت به من فوق المجرمة !! + + + + + +تمت + +جُثّة عملاق ( ) + +متعب ، متعب أنا جداً ، وطريقي طويل ... +فلا تقولي : " خذني معك " . +لا متسع في قافلة زمني +فأنا مسكون باكتضاض ... +أنا كوكب مأهول بمخلوقات ... لا تأكل ... لا تشرب + لا تتنفس ... لا تنام + تفكر .. +أنا مجنون مخبول . +لن أكون لك وحدك . +في الليل أناجي جنياتي ، وأغازلهن . +أي بعل ، بغل ، غيري ... أفضل . +دعك من صحبتي القاسية الجائرة . +والأخطر ... انك لا تعرفين ما أريد . +وأنا بعد ، لم أحدد ما أكون . +أنا سائر صوب الشمس .... متعلق بخيوطها . +علهّا تقبلني كوكباً أدور في فلكها . +وربما تلألأت نجماً ملتهباً مثلها . +... وربما وجدت لي شهاباً رصداً ... +فتناثرت شهباً ونيازك ... سأحرق ، واحترق . +وأعلو وأرتفع . +قد أكون وزيراً للشؤون الإسلامية ... لديه مزرعة خنازير ! +أو رئيس دولة ديمقراطية اشتراكية ... +يمتلك مؤسسة للإعلان .. +وثلاث شركات سينمائية .. +وخمس مطارات ... وعشر طائرات .. +وجزيرة في المحيط ..... و و و .. +أو ممثلاً لا يجد عملاً ... بسبب أزمة النصوص .. + وقائمة الممنوعات .. +أو كاتباً ذو اهتمامات تجارية +لا رأسمال له سوى قلمه ... +يضطر الى بيعه بعدما يفلس . +أو داعياً .... يخرج على الناس بسيفه . +أو رقاعاً حافياً !.. + أو شحاذاً عليقته " قديفة " !.. فيها قذيفة !! + أو راعياً لأغنام الملك !.. + أو مكارياً معَوقاً !.. +وقد أترك كل هذا ، وأدعو مخلصاً إلى ...... " وحدة الأدَيان " . +وأخوض عميقاً في الجدليات والأفضليات ... +وقد انتهي أن أصلب منكوساً كأي زنريق ... +بتهمة " الهرطقة " أو " إدعاء النبوة " .. +ولن ينمو لي كرش ولا لغاديد +لأني لا يمكن أن اشتغل ... " قصاباً " . +وسترين أني لا أمل من عد وحساب النجوم . +ولكني لا يمكن أن أكون منجماً . +وقد أفر في آخر الليل . +وتفزين مرعوبة تتحسسين دفء مكاني . +سأغيب طويلاً .... فهل ستنتظريني . +قد أعود لك فيلاً له ثلاثة آذان .. وست قرون . +لا تفزعي مني ، ولا تخافي . فأنا باق على وداعتي وظرفي . +.... وربما عدت أجدعاً أجَمْ ، مقطوع الأنف . +أخيراً ، ربما حفرت لنفسي قبراً . +وطلبت منك أن تهيلي عليّ التراب . +" رحم الله من أهال التراب ... " +ولكن الثابت يقيناً : ..... +أن جثتي ...... لن تتعفن +تمت +أوكسير الملوك ( ) + +السلطة... التنور +العين الحور ... في القبور .. لأهل الجور ! +المروحة تدور +ورأسي يدور +والناعور يدور +والإجرام في كل فلك يدور . +يعني هذا ؛ أن الدوران ناموس الوجود . +" والأيام " – فيما كنا نعلم – أكثر الموجودات دوراناً . +يخيل لي أن دولابها مربوط إلى محرك أسطوري . يقع في مجرة ما . +قوته الحصانية مئة ألف شمس . +أنه يسحق الممالك ، ويحطم الملوك . +ممارساً سلطة العدل المطلق +رغم أنه كسول وبطيء ... + * * +في عصر السرعة والحضارة . +صعد الناس إلى القمر +وركبوا متن الريح الهوج . +وسبقوا المرض باللقاح . +وأمطروا السماء غصباً عنها . +واحبلوا العاقر من خصي . +وهم قادرون على أن يقيموا القيامة في الأرض أنّا شاؤوا . +ولم يعد إلا له يحتكر لنفسه علم الساعة . +وجبابرة ألأرض يتحدّون جبار السموات أن يقصمهم +وذلك بفضل الاختراع العلمي المدهش " أوكسير الملوك " . +أنه عبارة عن رحل الكتروني يشد على ظهر الأيام . +ليركبها الملك كما يركب فرسه المطهّمة . +ويمسك باللجام ليدير " جواده الأيامى " أنا شاء . +وفي الرحل آلة تقيس سرعة الأيام . +ونبضها ... وتقلباتها ... وأجواءها . +وهناك جهاز لتسريعها . وآخر لتوقيفها . +وثالث لجعلها تدور في فراغ . +هنيئاً لملوكنا في عصر العلم والحضارة . +لقد خرجوا من دائرة الأيام . +وأصبحوا فوق دولابها قاهرون . +لتخضع الأيام لسلطانهم . +على عكس حكمة التاريخ ... +والله القابع في عرشه القديم +يتقبل جائزة الأوكسير الملكية +موقعاً بالخلود +وهو يتسلم أوراق الاعتماد . + + + + + + +تمت + +مقطع طولي من جسد كلمة( ) + +أخوف ما يريبني في هذه الدنيا هو الجنون . +وأنا – إن لبثت – آيل إلى الجنون لا ريب . +ليتني كنت حائطاً ، صندوقاً ، جاموسة !! +الأفضل أن أصير هواءاً ، خواءاً هباءاً ... +ولقد صرت كذلك ، بعد أن تعطلت حواسي كلها . +لا افعل ، لا أقول ، لا أتمنى ... +قد قطعوا يدي ولساني وخيالي ... +لقد امتاحوا ماء بئري حتى الثمالة . +والقعر لا تبلغه رواشن دلوي . +ليس ثمة ماء للكلام " وجعلنا من الماء كل شيء حي " .. +ثمة رواسب من جثث وعظام ، ورماد ، وصديد . +موت ... موت .. مقبرة جماعية للألفاظ المفرومة مع الألسن ... +كلمات خاوية متكسرة ، ما أن يمسها القلم حتى تتهشم ، تتفتت .. +لا تعني شيئاً ... وربما تعني نقيضة . +ولكني أبقى أقولها ، أكررها ، أعلكها علكاً ... +أعمل منها .... لادناً للمومسات . + أو لجاماً للخيل الأصلية . + أو تصاميم للإعلانات الكاذبة . +واسمع الصرير ، فأغمض عيني ، وأصم أذني . +لكني أبقى أكتب .. وأكتب ؛ +بطاقات يانصيب للمحظوظين . +وذكريات للعاشقين . +وآيات للمؤمنين ...... وللملحدين !.. +ثم أشير بسهام على المخطط المسلوخ : +هذه فراشة . وذا مطر . وذلك ثور . وأولئك " شعراء " وتلك قنبلة .. وهذا كتاب وذينك راقصات .. +والدنيا ربيع +غير أن الزوابع المتربة لا تهدأ . +والجو يرفل بحلل ربيعية من قر وقيظ !... +والناس يرقصون في الحر والبرد . +ساخترف مثلهم من هجر الحمى . +وأهذي عن السيف شعراً . + ..... على مائدة الخمر . +هل رأى السيف سكارى يحملوه ؟! +ليت شعري ، أين منهم خالد أو صعصعة ؟! +وبعيداً أو قريباً ، كنت أنظر عنترة . +جاء يسري كالسحاب المدلهم . +وتقفاه بسيفه فأنشطر . +وتنحى عنه مفلوقاً تداعي فرقتين . +كل فرق كان كالطود العظيم . +أنه كان يحاكي قولتي ... + أو فعلتي ... + أو مهجتي ... +أو كلمتي ... + + + + + + +تمت + +الإنسان والجرذان ( ) + +تحت الصفر أحياناً . +وارمق الحياة من داخل قبو . +أنا نصف ميت . + نصف مدفون +أنا جائع ... أنا عار + أنا غارم ... " أنا مبترد " .... + ولكن هذا ليس سر عنائي + * * +في جحري المظلم زارتني فأرة . +اقعت أمامي باحترام وود . +عيناها البراقتان تخترقاني كعيني جاسوسة . + ... قالت : لماذا لا تخطب الشمس ؟! +وتغدو ملكاً لها ؟ +هل أن الجعل خير منك ؟! +والجرذان خير أم الإنسان ؟! + * * +كان معلمي يسألني : + أنت أقوى أم الحمار ؟ +فأجيب بعقلي الصغير : + أنا الأقوى .... أنا الإنسان . +واليوم .. بعقلي الكبير . + لا أجد الرد على سؤال بنت الجرذان !! + * * +كنت أمارس حياتي الرائعة . +وأنا في قمة السعادة والارتياح ... + أقرأ لنفسي + وأكتب لنفسي + ألعن الملاعين + وأرحم الراحمين +لا افرق بين الراشدين والسلاطين والشياطين +وابعثها للزمن العادل المنتظر . +أوراقاً صفراء مجرمة + في زمن دقيانوس !! + * * +انتصب أمامي جرذ كبير . +ينفخ نفسه مثل فيل صغير . +مناخيره تفتح وتسد بترقب وحذر . +وشواربه نافرة ممتدة . +أنه مخيف ، مثل خنزير بري يشرع أنيابه المحربة . +قال : أنا هدينا سد مأرب . + وهدمنا الممالك . + وقهرنا الطغاة . + وهزمنا آل فرعون . +لم تقصر بنا همتنا عن غاية .. +وإذا ما رمنا شيئاً ، مددنا نحوه الأغوار . +ووصلنا إليه من فوق الأرض أو من تحتها . +وأنا نذير قومي إليك ... أن ترحل . + الجحور لنا . + هي مملكتنا . + ولم نسمح لأنسي بتدنيسها . +ورفعت يدي لأحك لحيتي المليئة بالقمل . +فقفز الخنزير المصغر نحوي . +وأصاب ماء حياتي ... + دلقه على التراب . +لقد كَسرَ قنينة الحبر . + * * +ما زلت أحس بالجوع وبالبرد . +أتذوق الطعام ، واستمتع بالنار . +أحن إلى الأنثى .... التي لم أعرفها قط . +أتأسف على الزمن المتسرب كالماء من تحت تبن . +أبكي لعمري الذاهب وهو ينطح الأربعين . +أحس بالرحمة في العالم ... والألم الأكبر . +اكتوي بالدموع ، واحترق بالغضب . +اسمع قهقهة السلاطين . +أتأمل جنة ونار الراشدين . +أتلمس الطاعون والجوع والفقر . +أتلمس الايدز ، وأمراض الكلاب ، والأغنياء . +احنق للكفر العالمي . +وأبحث عن الله في الزوايا المهجورة المنبوذة القصية . +أمسك بالقلم والقيد . +وأمسك الموت في يدي الأخرى . +أرى الدماء في المباسم . +أصغي إلى الطيور والجنادل والبلابل . +أصغي لبكاء الثكالى والأرامل . +وأشم شجر النخل الأشرف ، وهو يُذبح . +واقضم الشوك والصبّار بشراهة . +وأحصي واردات النفط والنهرين ، ورفات الأئمة بذاكرتي الحيسوبية . +أضيف إليها مكة وعرفة .. + والحج الأكبر . +وأخرج من كل هذا بنتيجة هي : + " إن كياني نهم الشعور " + * * +عن كياني وشعوري النهمين + كتبت كتاباً كبيراً . +أودعته عصارة روحي ، فصار سفراً عظيماً . + سيقيم الدنيا ولا يقعدها . +نقلته إلى المطبعة على سبعة جمال . +وقد جعلت فيه فصلاً عن الحمار يحمل أسفاراً . + وفصلاً عن الأرنب يلعب السيرك . + وفصلاً عن القرد يضحك على .... الذقون . + وفصلاً عن كلب أهل الكهف . + وفصلاً عن الذنب يرعى الغنم . + وفصلاً عن جرذان تأكل الحديد . + وفصلاً عن لحم الخنزير . + وفصلاً عن حقوق ..... الحيوان . + وفصلاً عن بلدة تختطف بزاتها الفيلة . + وفصلاً عن المخطوطات الممنوعة . + * * +لما ذهبت أخيراً لتوزيعه . +لم أجده شيئاً . +قالوا : لقد قرضته الفئران ... + * * +عدت مخذولاً الى قبوي البعيد . +أمارس الحياة كواجب ثقيل خطير . +وأمامي لكي أحيا خمس خيارات . +أن أكون حماراً ... " يسرح ويرّوح " +أن أكون جلاداً ... يسلخ ويذبح . +أن أكون واعظاً للسلطان ... يدل وينصح . +أن أكون جندياً وفياً . +أن أكون جرذاً ذكياً . +ولقد اخترت الخامسة . +وبقيت أحفر في الظلام . +ورغم كل شيء . +قد أكون ... سعيداً +تمت + +بلاد الحشرات + +في ملعب العجائب .. +ملايين من البق والخنافس والدبابير . +قال صديقي : لن نلعب . +- لا أظن أن ذلك ممكناً . +إلاّ في حالة واحدة ، هي الموت حسب . +اللعبة إجبارية . +ولك أن تختار إحدى الفرق . +وأعلم أن الكرة ليست تلك التي في الملعب . +أنها رأسيي ورأسك . +- البق يقرصني ويؤذيني . +والخنافس تخيفني وترديني . +والدبابير تلدغني وتدميني . +- كن بقة ترقص حول الأضواء التلفزيونية . +أو دبوراً يخطر بالمسدس والبدلة الزيتونية . +أو خنفسة تختبئ في التراب والأماكن القصية والمنسية . + + +تمت + + أليسَ ملكاً ؟! + +حشر الناس ضحىً ، وعيونهم إلى مطلع الشمس ، حيث ينتهي إليهم درب " الصد ما رد " ؛ ومن اجتازه وسلم ، فأنه سيكون ملكاً عليهم ، حسب لوائح دستور تلك البلاد . +وصفقت الجماهير وهتفت ملبية مؤيدة ، عندما ظهر بعيداً بين التلال القصية ؛ رجل زري الهيأة ، مقتحم المرئى . ذلك هو الملك المنتظر . +وحسب النظم والأعراف المقرة في مواد الدستور ، فأن الملك يعطي سلطات مطلقة في أموال الناس وأرواحهم . إلا أن روحه هو ذاته ، تبقى رهناً بجلمود صخر بحجم الفيل ، يعلق بحبل ويدلى فوق عرش الملك ، فوق رأسه تماماً فإذا ما انقطع الحبل ، أو قطع ، أو ... قرضته الفئران . فقل ؛ " كش ملك " ... ومن ثم تعاد اللعبة مرة أخرى . +ولكن الملك الجديد كان عبقرياً في الشطرنج . ففي نقله واحدة فقط هدم القلاع وكسّر رقاب الفيلة وصرع الجند والأفراس .... أما الوزير ، فأنه أصدر إليه إرادة ملكية مبجلة ، حالما جلس على العرش ، مفادها : أن ترفع جميع الصخور المعلقة في السقف ، بما فيها هذا الحجر على رأس الحضرة العلية !! +تمت + الرَماد الوطنيّ العراقي + +قبل أن تولد الأرض . +كان هناك في الكون حريق هائل . +وهو عند الله ... عود ثقاب ، أو أحقر . +وتكونت الأرض من الرماد . +هل يتأجج الرماد ؟! +هل يثور الشعب على طاغيته ؟! +إني انفخ في غير ضرم . +قلت لصاحبتي " الجمرة " +إن الحرائق في بلدي لا تنطفئ ، فمالي لا أجد جذوة لأصطلي ؟ +فتوجرت وجنتاها وقالت : +- أنت تعشق الجمر ، فخذه من شفاهي . +وتحب اللهيب ، فخذه من أنفاسي +وتهيم بالأشعة الخارقة فخذها من نظراتي . +فيّ يمكن أن تجد ما يرضيك من وحرائق وبراكين وانفجارات +صدقت ... أنها هائلة كالشمس . +لكني أنا الآخر – نجم ملتهب . +ولا تلتقي الشموس إلا إذا قامت قياتها . +تأبى الحماقة أن تفارق أهلها . +هل رأيتم فراشة المصابيح ؟! +أنا هي ... +درت حول النار أصدم نفسي بها . +وأعود مرة بعد مرة +أكتوي ، لا أرتوي ، حتى احترقت . +لعلي أهون المحترقين . +هناك أناس احترقوا عشر مرات ، ومئة ، وألف ... +والنخيل احترق . +والقرآن احترق . +والقلم احترق . +والفرات احترق . +ومعجم الكلمات احترق . +والإنسان احترق .. +والله .... احترق !!! +و " التراب الوطني العراقي " احترق مراراً وتكراراً ... +صار رماداً تذروه الشياطين ، وتنفخ فيه . +لكم هو مضحك ومهزل ومغل في آن ... +أنهم لا زالوا يسمونه ... " تراباً " ! +تمت + +" وهديناه النجدين " +قرآن كريم + ليتني + +ليتني كنت بناءاً يصفّ الحجر . + شرط أن ....... لا يفكر ! +ليتني مكارياً يقود حماره .... على أن لا يكلمه ! +ليتني راعي غنم ...... لا يغني ! +ليتني عبداً مملوكاً .... للعبد الأسود ...... بلال الحبشي . +ليتني عيناً في منقار طائر ..... + كانت تبكي من خشية الله . +ليت لي عشر عيون .....لأضعها كلها في خدمة السلطان ! +ليتهم يمنوني بملك الري ..... لقتلت الحسين بن فاطمة ! +ليت لي قوة فيل ....... لقلعت بخرطومي كل نخل العراق ! +ليتني أكون " إسرافيل " لبضع ثوانِ .... + لنفخت بالصور قبل أن يأذن الله ! +ليتني امتلك الهواء ..... لمنعته عن جميع من لا أحبهم . +الشمس ليتها تطيع أمري ... + لقلت لها : احرقي النصف الآخر من الكرة الأرضية . + ...... أو الأفضل أن لا تطلعي عليه . +ليتني أستطيع أن أكذب . + ....... لما كذبت قط . +ليتني استطيع أن أقول الحق . + ......... لسكت . +ليتني استطيع أن اسرق ..... لسرقت قلبكِ . +ليتكِ .. كنت معي ... وحدكِ ... فوق جزيرة .... لأعدتُ فيكِ أسطورة الخلق الأولى . +ليتني امرأة ... أي امرأة . + زنت بألف رجل .... ثم تابت ! +ليتني كنت فلانة ....... + لتركت زوجي ... وتبعتك . +ليته يعود ..... زمن الرق والعبودية . + ..... لاشتريت ألف جارية . +ليتني ... أسد الغابة .... + لافترست جميع الثعالب . + ولحرمت لحوم الغزلان + ولاصدرت عفواً عاماً عن الحمير . +ليته يكون الأمر بيدي ... + لحولت الدبابات الحربية إلى ... جرّارات زراعية . +ليتني كنت ملكاً على العراق ... + لفتحت إليه باب الهجرة العالمية . + ولرفعت عدد سكانه إلى مئتي مليون . +ولصنفْتهم إلى .. مهاجرين وأنصار +لأصنع فيه دولة محمد الإنسانية . +ليتني سلطاناً على ارض السواد والجزيرة ..... + لا يفكر بضم بلاد فارس إلى ملكه . +ليتني جدهم " هارون الرشيد " + لاعترفت صراحة بأني .... بليد ! +ليتني بابا لروما .... يقرأ القرآن ويبكي . +ليتني الحسين الشهيد ... + لصرخت بأفواج زواري المليونية : + أنا لست إله البكاء ... + لست صنماً للبركة ... +ليتني كنت أميناً عاماً للأمم المتحدة .... + شرط أن أتخلى عن تلموديتي ... وصليبيتي . +ليتني كنت " عمر " .... + لأوصيت بها إلى " علي " . +ليتني كنت " ماو " عظيم الصين ... + لهتفت : " يا شحاذي العالم اتحدوا " . +ليتني كنت " عنترة بن شداد " + بدون خرافات وأساطير ... +ليت لي جبلان من ذهب .... + لابتغيت إليهما ثالثاً .... + لأنفقها جميعاً على ........ الفقراء !! +ليتني ضابط شرطة ... لا يتعاطى الرشوة .... لا يصطنع الورطة !! +ليتني مسؤولاً مغروراً بمنصبه .... لا يسيء استخدام السلطة . +ليتها تثنى إلى الوسادة .... + لخطبت شهراً ... دون أن أعني شيئاً . +ليتهم يسمحون لي بالإشارة حسب .... + لو ضعت أصبعي على موضع الداء !! +ليت السماء تفتح مجدداً باب " النبوة " بالانتخاب الحر ... + لتقدم للترشيح مليون نبي عراقي !! +ليتها في كل يوم ..... + تغرق بغداد ... أو يصيبها الطاعون ... أو يحتلها أعجمي + لتدوم لاصلاء الشعب ، فرص الفرهود والنهب ... +ليتني دولة الولايات المتحدة الأمريكية ... + لا زلت جميع دكتوتاريات العالم . + وأعلنتها ديمقراطية حرة على الدين الأمريكي ... +ولمارست دور الإمامة في الأرض ... + ولملائمتها قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً !! +ليتني العراق الأشم .... + لطرحت كبريائي الأجوف .... + وصرت أمريكياً . +ليس لأن الزمان أمريكياً .... +بل لأن دين الله يدعو إلى ... الأمريكانية . + + + +تمت + + الإفادة + +ليس أكثر من ذلك تثبيتاً وبرهاناً ... ضبطهم متلبسين بالسرقة داخل بيته !.. قد كسروا الأقفال وبعثروا الأغراض والثياب والأثاث ، وشرعوا يسرقون ... ولكن الله نصره عليهم بأسباب من عنده سبحانه . +كان ذلك منتصف الليل ، وهو في المرافق الخارجية ، قد خرج لحاجته صدفة ، لما رآهم يدخلون متربصين . جمد مكانه ، وظل ساكناً خائفاً . ثم أنه تسلل خفية إلى الداخل ، وبحذر وروية غلّق عليهم الأبواب كلها ، ثم ارتجها ، فحبسهم داخل الغرفة باجمعهم . وأسرع بسيارته إلى مركز الشرطة القريب . فقبضوا عليهم واقتادوهم مكبلين بالأغلال إلى السجن . +ماذا بعد هذا ؟! وماذا بعد الحق إلاّ الضلال ! وهل يحتاج النهار إلى دليل ؟!. وظن خيراً ولا تسأل عن الخبر ، فذلك تقدير العزيز العليم الذي جعل الصدفة كأنها ميعاد مخطط بإحكام ، أو كأن الأقدار الخيرة قد أعدّت للصوص الأشرار كميناً للقبض عليهم ... لوحده أتم صاحب الدار العملية بيسر ، كأنه سبحانه قد أرسل ملائكة من عنده كانت معه تعاونه . +مر زمن بانتظار المحاكمة العتيدة للمجرمين . والرجل واثق بنصر ربه ، لا يفتر عن صلاة الشكر ، حتى وصله تبليغ قبل موعد المرافعة الأخيرة يلزمه بالحضور أمام محكمة الجنايات بتهمة .... " الإدعاء الكاذب المزوّر " !! +وتبين في حيثيات التحقيق ؛ أن الرجل لا دلائل لديه ولا بينات ، ولا شهود على ما يقول إلا فراد عائلته . فيما ادعى " اللصوص " – فيما ادعوا - ؛ أنهم تجّار خردة دعاهم الرجل لشراء أثاث غرفة نومه ، وقد دخلوا يتفحصونها ... وهم يتعاملون معه حول السعر ، إذ فاجأهم بأن خرج مسرعاً وأوصد الباب عليهم وتركهم . ثم عما قليل فتحت الباب ، فإذا بالشرطة يقبضون عليهم دون كلام ، ويقتادون بالإهانة والضرب إلى السجن ..... وهذه إفادتنا !... +واقتيد الرجل إلى السجن وهو يصيح ، وسط هزء الهازئين ؛ كنت في المرحاض الخارجي لما دخلوا يسرقون ، ولم يروني ، صدّقوني أن الله نصرني عليهم بآية من عنده سبحانه ، وإن هم إلا قلبوها بفلوس دسّوها للذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً ..... وهذه إفادتي ! +وتبين فيما بعد ؛ أن لـ" اللصوص " إفادة أخرى مختلفة تماماً ، بثوها عبر قنوات الشائعات واستلمتها " الوكالات " بكل اهتمام ، وقالوا فيها – والله على ما يقولون وكيل - : +" إننا في الحقيقة كنا وقتها على موعد غرامي خاص مع امرأته . ولكنا لم نستطيع الإفصاح عن ذلك في المحكمة حرصاً على سلامة صاحبتنا " . !! +والناس أن لم تصدق خبراً كهذا ، فهي لا تكذبه . +يقول فيه أمثلهم طريقة : " الله اعلم " . +ماذا وراء الحقيقة يا ترى ؟ +هل الرجل صادق ؟ +من أساء استخدام القانون ؟ ... والسلطة !! +هل الزمن كفيل بفضحها إن كانت روايتهم غير صحيحة ؟ +هل ينتظر الزمن ؟... قد نفد لديه الزمن . +زيّد " المؤلفون " ونقّصوا ، حتى وصلت الى السجن رواية طويلة ذات أقسام وفصول ، لم يتم قراءتها " أبو المرافق الخارجية – وهكذا أصبح يكنى – حتى مات بالسكتة " . + + + + +تمت + + الوعد المنتظر + +رويدك خفف الوطء +واخلع نعليك ... إنك في وادي الأنبياء . +هنا النفط .. والرافدان ... ورفات الأئمة . +أرض المفرقعات والرسالات . +حَمائم تذبح . +ودم يفور ... +وطوفان قادم . + * * * +ما أشبه الليلة بالبارحة . +هذا محمد وسط كتيبته الخضراء . +جاء يفتح مكة . +وأبو سفيان يصرخ ؛ " أعل هبل " +ويحمل دنان الخمر على الجمال . +" بطل سحر محمد !! " +وجاء الحاج " بروان " يحج مكة . +يحمل أمتعته الثقيلة في الأساطيل . +وله في كل خطوة حسنة ...... ومليار دولار !! + * * * +مائدة الله الكبرى في حرمة الأمن . +يأكل منها أهل التلمود والتثليث . +رغداً حيث شاؤوا . +ولكنها محرمة على المؤمنين . +هذا الفرات ، تشرب منه خنازير السواد وحياته . +ولا تذق منه قطرة يا ابن فاطمة . + * * * +لماذا تقاتلوني ؛ أعن سنة بدلتها ، أم شريعة غيرتها ؟ +ويأتي الجواب الكافر : +" إنما نقاتلك بغضاً لأبيك " . +وحب علي إيمان ؛... +وبغضه كفر ونفاق . +علي أضحى الآن دولة . +بل هو أمّة . + * * * +هذه دولة ترعى الإرهاب . ولا تؤمن بالديمقراطية . +وتلك غير صارمة بتعقب الجماعات الإرهابية . +وأخرى تسعى لحيازة وإنتاج أسلحة دمار شامل . ذرية وجرثومية +وأخريات صنفت في دائرة الشر . +يلزمها ضربات تأديبية . +فيما تستحق غيرها المساعدات الأمريكية . +وفي القرآن آيات معادية للسامية . +ويجب تغيير المناهج الدراسية .. +" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " . + * * * +من هنا بدأ الطوفان ... وفار التنور . +بسم الله مجراها ومرساها . +وهنا استوت على الجودي . +ثم ترجّل منها مليون ملحد مدججون بالسلام . +من سمح للكفرة بركوب سفينة نوح ؟! +" وقلنا أحمل فيها ..... ومن آمن " +ومن آمن ، ومن آمن ، ومن آمن ؟! + * * * +هذه صفين ... +وهذان ابن هند وابن العاص ، ينشران أوراقهما من جديد . +وها هي عادت جاهلية +وجاءت جيوش الروم تحمي الملوك . +وعاد معاوية ... بعد أن أعد رواحله للالتحاق بقيصر . + * * * + +من هنا عبر طارق بن زياد . +وهناك في القلب كانت بلاط الشهداء . +وفتحنا الأندلس بسيف القرآن والرحمن . +لكنا حكمناها بسيف السلطان والشيطان . +وبعد ثمنمائة عام طردونا . +فتشونا وأحرقونا .... في البحر رمونا !! +وقعدنا نبكي على فردوسنا المفقود . +نتفاخر بصرح طاغوتي خلفناه اسمه " قصر الحمراء " . +وفي ذات الوقت ، ذات الوقت . +خرجت البعثات الاستكشافية إلى العالم الجديد . +تنتشر فيه اللاتينية والمسيحية ... +ولولا ... آه ما لولا ... +لأسلمت الأمريكتين ... +ولكانت اليوم ...... الأرض تتكلم عربي !! + * * * +هنا ، في بحرنا هذا ... +كان يونس ذو النون +سائراً في بطن الحوت +ذلك قبره ..... وتلك شجرة اليقطين . +لمن بحر الشام ، وبحر الظلمات لمن ... ولمن خليج العرب ؟! +أنها لهم ... لأساطيلهم ، لترساناتهم . +ونحن لم يعد لنا بحر ولا سفينة . +إلا سفينة صحرائنا الأولى . +عدنا إليها ، عوداً على بدء . إلى البداوة ، إلى الخيمة والشاة والبعير ! .. الى الخرافة وأساطير الأولين ... +بعد أن رفضتنا الحضارة والحياة . + * * * +بعد أن أتم الحاج براون مناسك حجه !!! +حجاً مبروراً ، وذنباً مغفوراً .... وجيباً مصروراً !! +أراد أن يستمتع امرأة أحياء للسنة .. +وتسابقت العوائل العربية الكبيرة للفوز بمصاهرة الشيخ المثلث +مع أنه يملك عشرات الأولاد والنساء والمحضيات في المنطقة . +لكن مشكلته أنه لا يعدل بين أزواجه وبنيه ... +لديه حسناء يهودية معرقة في تلموديتها،يحبها بعمى ويطيع أمرها. +مع أنها عاقراً ، لا تنجب ولا تعطي . +في حين أن جاريته العربية ، التي يسميها مدللاً " بترول " – معطاء ، ودود ، ولود . +وقد أنجبت له تواءم متماثلة كثيرون +لا زال بعضهم في اللفة والقماط ؛ يحتاج رعاية أكثر . +...... وزفوا إليه سبعاً من حسناواتنا . +عرّس بهن في الأراك ... +في ليلة واحدة . + * * * +عم يتساءلون ! +عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون . +كلا ستعلمون ، ثم كلا ستعلمون ... عياناً بياناً . +إن الرأسمالية ستهزم . +ستلحق بأختها الشيوعية . +وهذا نظامهم العالمي الجديد . +أصابه الخراب في ألف موقع وموقع . +وأن الدمع والدم سيختلطا ويثورا . +وأن الأنين سيرتفع ويصك الأسماع . +ثم يهلل صوت جديد . +يأخذ بالألباب ، ويوهي الصم الصلاب . +الله أكبر .. +بشارة الوعد الحضاري المنتظر . +سنملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً . +قل وا اسلاماه ولا سلام للناس بعده . +قولوا : وا اسلاماه ... ولا سلام للناس بعده . +تمت +  + ذمّة التاريخ + +في صحن ولي الله علي . +يتامى من أربيل وأردبيل . +حملق في وجهي طفل من باختران . +نصف وجهه محروق ، ويده مقطوعة . +لعلّ أحد طيارينا رماه بصاروخ . +أراد إبادته كشيء خطير جداً . +نزل نحوه بطائرته يريد مسحه بالأرض . +ولكنه أخطأه ... +خرق حاجزَ الصوت ، فأخرسه واصمه . +وفتح صنبور السم المبيد فأحرق صفحة وجهه . +وجاء سرب من مئة طائرة . +يطارد " الجراد الأصفر " ... +يدك المدينة بأهلها . +ولكن الطفل " قاسم " عاش !... +وجاء يشكو لأبي الأئمة سقمه ويتمه . +أحد مواطنينا قتل أباه في الجبهة . +لم تكن منازلة رجل لرجل .. +رماه بمدفع نمساوي مداه خمسون ميل . +وضاعت الحقيقة في المسافة . +من قتل من ؟!! +أنا أعرف . وذمة التاريخ تسجّل ؛ +أنه " جواد " بن " كاظم " بن " جعفر " +من شيعة علي في الناصرية . +أعطوه حذاءاً أمريكياً +وألبسوه بدلة رومانية مرقطة . +ليشعروه أنه صار " مغواراً " . +وضعوا في يده بندقية روسية . +في رأسها حربة مسننة . +وعلموه أن يصرخ ، وهو يطعن الشاخص ، في ساحة التدريب . +" يا فارسي خذها من يدٍ عربية " . +.. من " جوادنا " صنعوا سفاحاً عنصرياً قاتلاً أيتم قاسم ! +و " عبد الزهرة " ... الذي طلبته أمه من الزهراء .... +صار عميداً . +ومع ذلك بقي " منذوراً " للزهراء . +سبع راتبه يؤديه لابن الزهراء في كل شهر... يضعه في الشباك ! +وفي كل إجازة يزور الحسين . +ويطلب منه التوسل في الحفظ والسلامة من الموت في حرب الضياع . +من بغداد جاءه أمر " سري وفوري " . +" اعدموا العلوج الأسرى " +حاملوا العصائب المكتوب عليها " يا حسين يا شهيد " +" هبة الزهراء " صار بعد ذلك سفاحاً !! +وراح يحاكي فعلات جده " أبا العباس " . +ثم انقلب حجاجاً ، فعّالاً . سفاحاً صداماً !!! +وسار على رأس جيش فدك الكعبة بالمدافع . +في موضع المجانيق على " ثبير " نصبها . +وخرق جدران الدين في مليار موضع . +وبينما أنا أقارن بين أبرهة والحجاج وعبد الزهرة ... +راح المؤذن يدعوا من فوق منارة الإسلام علي ؛ اللهم أنصر وأحفظ قائدنا المجاهد صدام .. سليل أجدادنا العظام +أمثال الحجاج والسفاح +والحسين الإمام !!! + +تمت + + في الوادي المقدس طوى +كنا جيراناً في القبور ... ابنها ، وأخي ... والعبرات في وادي الغري الأعظم ... طوفان دمع مندثر في الرمال . والقصص على قفا من يكتب ... هه ! يتحدثون عن أزمة النصوص ، وكل حبة رمل في وادي الغري – بل في وادي الرافدين كله – هي قصة . +ملاحم روائية لم يصلها خيال كتاب الميلودراما التراجيدية العالمية . غرائب وعجائب ولا في السينما . +تجدها كاملة غير منقوصة ، جاهزة للتأليف والطبع والنشر . كالمعدن الحر . أو كالذهب الملقى في الطبيعة تتناوله بيدك غير متكلف تخليصه من خاماته . +وإني هبطت ذلك الوادي ؛ المعروف في السموات والأرض. +والفرنسيون يعرفوه كما يعرفون مقبرة البانثيون . غير أن الكثير من العراقيين يجهلوه . +" وادي الغري المقدس " يعلم الغربيون أنها أكبر مقبرة في العالم وأنها تضم رفاة الإنسان الأكمل ومجاوريه ، وكما يعرفون جيداً أنها توسعت في عهد صدام ضمن التوسع الشامل والإكثار والتنويع في المقابر . وأن مبانيها أصبحت تظاهي مباني مدينة كبيرة . ويعلمون أنه أعمل فيها جرافاته ، وهدمها كما فعل بالمدن التي ضمت العصاة والهاربين من سلطته .... ولكنهم لا يعلمون أن وادياً مقدساً يوجد تحتها اسمه " طوى " . علام أكتب وفيم ، وأنا وحدي هبطت ذلك الوادي بقلم صغير . +يصك أسماعي أخلاط من أصوات شتى كأنها تدعوني لأكتب مأساتها وأدبج آلامها في قصص ؛ الرواة والمحدثون والنائحات والمعددات لأحك صورة وافية أمام ما اسمع بوجداني من أنين الميتين عصراً ، والمعدومين ببطء ، والمقتولين ضياعاً ، والضائعين أسفاً ، والمدفونين أحياءاً ، والمقتولين اغتيالاً ، والمعذبين كفراً والمبدلين جلوداً والمذوبين بالحوامض والمقدمين للأسود والمحلوجين طعماً للسمك وو .... وضج بي أهل القبور ، لكني اعتذرت ، فما أنا بقادر على همة والمسؤولية العظيمة . قلت يا أهل القبور الدوارس أنا لم آت لأكتب ، سأرجع إلى المدينة لأستدعي معي ألف كاتب لنأتيكم في لجنة متخصصة ، لنحيي ما يمكن إحياءه مما مات واندثر إن العملية تحتاج إلى جهد ميداني تنظمه مؤسسة دولية متخصصة ، وترعاه المنظمة العالمية لحقوق الإنسان . +إن الخطب عظيم ، والجرح فادح اتركه للمعنيين . أما أنا فقد أتيت لزيارة قبر أخي الذي أعدموه في المنظمة الحزبية بسبب هروبه من الجيش . اعتبروه " جباناً " ، وأخذوا منا ثمن طلقات الإعدام . +أمي لم تحتمل التحدي الصارخ للطغيان . وهجمت على المسؤول الحزبي بسكين مطبخ . لكنهم قتلوها قبل أن تصل إليه . +استراحت ... هنيئاً لها . +أما هذه الأم جارتنا في القبر ، فهي تموت ببطء ، وتتعاطى الموت تكراراً غصة بعد غصة . +كنت أجدها أمامي ، وكأنها مقيمة هناك لدى قبر ابنها لا تفارقه . +تراها صامتة ساكنة كالخشبة اليابسة . إلا أن عيونها تنضح دمعاً لا ينقطع ، وهي تسمع صوت ابنها الثاوي تحت التراب من شريط كان سجله في حياته يقول فيه . +" يا أماه لا تبكني ميتاً ، فأنا ميت في الحياة . أنا ذاهب إلى الموت فهو مني على مرمى حجر . ولعله من السخف أن ألقي بنفسي إلى تهلكة الظالمين ، وتقولي أنت : ( الله كريم ) . لن تلحقني رحمة الله ولا كرمه لأني ذاهب إلى الموت الكافر برجلي كما ألقي بنفسي تحت عجلات القطار ... فوداعاً يا أم " . +هذه الوصية وغيرها من ذكريات وحكايات ، كان يدور بها جهاز المسجل مرة ومئة مرة . والمرأة جامدة هامدة ، عيونها هاملة بالدموع وهي ترنو إلى البعيد المجهول . +قلت لها : ما دام متأكداً من الموت، فلماذا ذهب إليه برجله ؟ +قالت : " أنا أجبرته على الذهاب يا خالة . منظمة الحزب قبالة دارنا . وقد أعدموا أمامنا المئات . فلو غاب ابني سبعاً لأعدموه أمامي على باب الدار ، وهذا ما لا أقوى على احتماله ، لكني قد احتمل أن أسُلمه بيد القدر ورعاية الله .... وليمت بعيداً . +بعد مدة وجدت المرأة تقعى لدى قبر ابنها كالساجدة ، المسجل إلى جانبها قد توقف شريطه عن الدوران . وجرة الماء ملقاة على جنب وقد انهمر ماءها . أردت إيقاظها برفق ، فاكتشفت أنها جثة هامدة " . + + + + +تمت + + شهَداء !! + في العزير ( ) رأيت آلاف القتلى . +رأس لدى رجلين . +وثلاث أيد مجتمعة . +ورؤوس تجمعت في حفرة . +وكتلة حمراء معجونة لا تعرف . +وقدم مقطوعة لا تزال في الحذاء ... +ورأس مثقوب أسنانه تبتسم .. +وجثة مختنقة تحت أخرى فوقها ... +أنهم شهداء قادسية صدام المجيدة !! + * * * +في مدرسة الطبابة العسكرية ببغداد .. +أردت أن أتغوط . +هناك مباول كلبية شاغرة . +أما المراحيض فدونها قطار بمئة جندي . +وقفت في الدور لساعة وثلاث دقائق . +ثم دخلت المستنقع الرهيب . +الماء مقطوع والمجاري طافحة . +كانت قطع الخراء المسماة " جعاميص " ... +تتهادى بحركة نابضية متأرجحة +فوق المويجات الصغيرة لبركة الماء والبول . +ما أشبهها بمتيم ذاهل . +إطار الهوى لبه . +فهو سارح خامل لا يعي ما حوله . +وضحكت وأنا أتذكر بأسى . +قول ذلك الشاعر العاشق لصاحبته : +" مثل الخّرا بالماي جيتك مسيَس " + * * * +الإبريق غاطس في وحل من البراز . +ولو لم يكن الماء مقطوعاً .. +لابتلع المستنقع كل شيء . +ولتكلفت ميزانية الإدارة تخصيص زوارق تبرز . +" الجعاميص " تتخذ أشكالاً وهيئات غريبة . +وقفت اقرأها كما يفعل الآثاري . +ولفت نظري نظام التوزيع أو فوضاه . +كان ذلك يشبه ما رأيته في العزير . +تمت + + داء الدال +قتله الدال ومات فيه ، أنه " الدال " وليس " الداء " كما يتوهم . أو هو بالضبط " داء الدال " ، داء الدال العظيم والخطب الجسيم ، المعروف كيداً بـ" قادسية " !! +كان طالباً . وكان درس الخط العربي . والعبارة المراد رسمها بكل الخطوط ، هي الآية العراقية العتيدة ؛ " قادسية صدام أكليل غار على جبين العرب " . +كان في الشارع مجنوناً يمشي ويصيح : " أهي قادسية صدام أم قواد سرسرية صدام. ". +الكلاب المسعورة السائبة كانت تملأ الدروب والأزقة . +تنشر فيها المرض المميت . وجاء المسكين يهذي بلا عقل ولا حرج ... فتلاقفته وتعاورته نهشاً ثم سحبته بعيداً في المطامير. +وفي السطر الثالث ، وفي نسخة الثلث ، نسي الطالب الدال . وقرأها المدرس بصمت فإذا هي " قاسية " . فقال في قلبه ؛ " صدقت ، إنها للقاسية الجائرة " ، لكنه أثبت الدال بقلمه ، وقال للطالب : اكتب غيرها " يرحمك الله " . +وكتبت يد أثيمة في الظلام تقريراً مفاده : " أن يداً شعوبية حاقدة كافرة قد حَرفت الكلم عن مواضعه ، وأسقطت نقطة ودالاً ، لتقلب غار القادسية إلى ( قاسية وعار ... ) " . +واستدعى الطالب والمدرس إلى الأمن الشديد .. ، .. وراحا فيها ..... في شربة ماء ... في نقطة ودال !!! + + + + +تمت + + الله كريم .... مع الكرماء +" الله كريم " ... ما معنى هذه العبارة ؟! +ما مرادفها في الجرمانية والروسية ؟! +ثلاث ساعات مع القواميس ... +ولم أتمكن من تحويل " القدر " إلى الإنكليزية ! +اليوم عرفت سر تفوق الغرب علينا ؛ لأن لغاتهم خلو من المصطلحات الجبرية . +وكذلك هي حياتهم .... +أنهم في منئى عن عُصيات الشلل الأكبر . +مرض لغتنا ... + وديننا ... + ودنيانا !!! +سألت خالي عن بنيه الخمسة . +الذين نفوهم إلى الحدود ، الموت .. باسم " الدفاع عن الوطن " ! +قال : وهو يبكي " الله كريم " . +لا اعتراض ... +لكني لم أفهم وجه كرم الله هنا . +ربما قتلوا ..... قلت لاغيضه . +رد ببرود : " المكتوب لا مهرب منه " . +- " أنهم يقتلون أخوة لهم مسلمون " ! +- " هذه قسمتهم من الله " . +- " أنهم يحاربون الله ورسوله " !! +- " توفيقهم أعوج " . +- " وهذا الحجاج يحكم العراق من جديد ! " +- " انتظر حلم الله عليه " . +- " متى ؟.. وأنتم ساكتون !! " . +- " كل شيء مكتوب . وله ساعته المحدودة " . +- " قد تمت أنت والظلم باق " ! +- " كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك " . +- " لماذا تلجئون إلى الغيب ، تطلبون منه كل شيء ؟! " +- " الله موجود . الله كريم " . +- " الله لم يدل لمحمد بزنبيل .. يا خال وهو نبي ! " +علمه الأستناد في تفكيره إلى الحقيقة لا المعجزة . +وهذا زمن العقل واليد . +لا زمن الغيبيات والطلاسم +- لا نملك غير أن ندعو الله . +هو أعلم بحالنا . +وهو " الكريم " ... +- الله كريم مع الكرماء ؛ +الذين يعطون لدينهم بسخاء . +الذين يضحون بلا حدود لمقدساتهم . +الذين يأبون الضيم ولا ينامون على الذل +الذين يمتثلون كرم الحسين . + الشهيد الأكرم الأكرم .. +أما اللؤماء أنتم ؛ +فليس لكم التلفظ بعبارة " الله كريم " . +ترددونها كاللازمة دون أن تفهموها . +إن الله معكم للئيم الوقعة ، شديد العقاب . +وأعلموا ، أنه لا فرج + ولا كرم ولا رحمة . +وابشروا بألف سنة أخرى ... +من الجور والظلم والعذاب +قال . " سيظهر المهدي " + هون عليك يا أبن أخت .... +ويملأها قسطاً وعدلاً +كما ملأت جوراً وظلماً ..... " +انتهينا من حيث بدأنا ... +ولم أقل له شيئاً ... +بيد أني شعرت برغبة في البكاء ... +تمت + + داخل الحرم الجامعي + +عندما تخرج النجوم من الثكنة . +فأنها تسير على عجلات مسرّفة . +تحفر أسفلت الشارع ، وتخرب البلاط . +وتشوه الحياة الحضرية . +وتعمل معركة في سوق الخضار ، على أصول مدفعية ,.. +ترمي بالعيارات الثقيلة ، والطماطم والبطاطس . +" اجعل رأسك رقية " ، " والعب به البولنك " . +السيقان الطويلة تحب الكرة الطائرة . +والأكتاف العريضة المطرزة بالنياشين . + من أين نبت لحمها ؟! +وهذه البطون المندحقة والأفواه الشرهة ، +تقضم مال الله بشراهة . +وتعب الخمر عباً . +مسلمون يسمنون الخنازير ! +لكي تقيء العنف والرعب وحمى الجنس . +من فوهات ... + بنادق ... + المجاري ..... + السينمائية !!! +* * * +داخل الحرم الجامعي حدث ذلك . +ثلاث ساعات من الانتظار على بابه . +وعرائض تدخل ... وزوار .. وأشياء أخرى . +وحراس أشداء . +وعيون ولهي ، وشفاه عطشى . +تعساً ... لقد تعسكر كل شيء . +أعربت له عن " انزعاجي " بلغة جامعية . +فألهب كياني كله بسوطه " السليط " . +ونادى : " يا حرسي ، القه في السجن " . +تعلقت به اشرح له قضيتي " العادلة " . +ونشرت أوراقي أمامه . +كانت أطروحة بحث عنوانها : +" حل الجيوش وإلغاء العسكر ، ضرورة إنسانية حضارية عاجلة " +ودون أن يقرأها . +استل أحد " أسيافه " المشرعة على المنضدة . +واثبت علامة " X " كبيرة . +تطلعت إليه أعد " نجومه " وشاراته وأنواطه ونياشينه ...... وطوالعه . +وفي قمة أي برج هو ! +لم يكن جنرالاً عسكرياً . +بل كان .... أستاذاً جامعياً !!! + + + + + +تمت + + أكباش في مرعى العزة +رأيت فيما يرى النائم ؛ أن راعياً دخل قصراً رئاسياً يرعى غنمهُ في حدائقه !... لا عجب ، فكلنا رعاع سائمة نرعى في مرعى يسمونه " قلب العالم " ، سارحين مارحين في منطقة يقولون عنها أنها " مهد الحضارة البشرية " ! +ويقول سيدنا الراعي بلهجته البدوية . +" أما هي علمتهم شلون ياكلون وشلون يشربون ، والأكثر علمتهم كيف يعبدون الله " . +ياه ... لهذه الدرجة مهمة أرضنا !.. لكني أشك بهذا كله لأني لا أرى دنيا ولا ديناً ولا حضارة ... ويقول الهنود – أو الترك لا ادري – " فاقد الشيء لا يعطيه " . +يحب الأرض كثيراً " راعينا " طول الله عصاه ، يقول : " عجل هؤلاء ليش يريدون يدنسوها ... لا .. يخسون " . ترى من هؤلاء ؟! وهل هو معهم ؟.. نحن لا ندري ، وهل للبضاعة أن تسأل التاجر . والشاة لا تسأل الراعي . وهو حفظه الله ينعتنا نحو المروج " الحمراء " حيث العزة والكرامة والشرف والسؤدد ... السؤدد يعني ماذا ؟!... سألت الخروف الذي يرعى إلى جانبي ، قال يمعمع : راجع معجم لسان الغنم " . +أنا ... من أنا !... لن تعرفوني .. أنا ذاتي لا أعرف عني إلا كوني خروفاً في مرعى العزة يحمل رقماً للإحصاء . أما غير ذلك فلا أعرف شيئاً .. الكلمات متداخلة محشورة بالمعاني حشراً بلا نظام ، فلم تعد تعطي الواحدة منها معنى محدداً . ولن ينفعنا أن نرجع الى المعاجم ، لأن هذه احترقت ، أو أحرى ببقاياها أن تحرق . +لأن لا نفع منها بعد أن " تطورت " لغتنا ... نحن بحاجة إلى قاموس جديد ... لا أدري كيف فاتت هذه قائدنا الملهم !.. كيف لم يدعو الى إعادة كتابة " المنجد " كما دعى إلى إعادة كتابة التاريخ !!.. وهو الذي من نبوغه الفكري وذكائه نستمد قوانين ونظم دولتنا العتيدة .. العزيزة !... +أنا ... عزيز . +هل عرفتموني ؟!.. أظن لا . وأنا مضطر أن أعرفكم باسمي . واسمي في القاموس يختلف معناه ومؤداه عما هو عليه في لغتنا الجديدة . +ولكن بلا قواميس ، بلا صداع . أسألكم ببساطة ؛ ماذا يريد أهل الضاد من كلمة " العزة أن تعني " ؟ هي لله جميعاً . +والمستكبرون تأخذهم العزة بالإثم . +وقال النبي ( ص ) : " ارحموا عزيز قوم ذل " . +وكان جدنا أبو الرماح الأزدي ( رضي من رضي عنه ) لا يلتفت إلى الوراء مهما حدث خلفه لـ" عزته " – كذا - !! وحرب الفجار الأولى حدثت لأن أحدهم مد رجله في عكاظ معززاً بعصبته متحدياً من يطأها – الظاهر فاضي وما عنده شغل وعمل – فضربها جرئ بسيفه ... ورب ضربة جرت ضربات . +وفي القاموس العراقي الجديد ، يقول فارس الأمة بطل التحرير القومي عبد الله المؤمن ، العربي جداً جداً ... يقول أن العراقيين الأماجد يضحون بأنفسهم من أجل العزة والمعزة . +ورفع القائد الملهم الأسطورة الضرورة كلمة " العزة " مكاناً علياً مع كلمات أخرى كثيرة أخرجها من بنك المعاني ، وأزال رصيدها الذهبي ، فجعلها ورقة زائفة كدنانيره ... وشهاداته ! +وما زال باني مجد العراق ومهندس انتصاراته ، يدعو الناس إلى العزة ، ويحكي من عجزه ، والعراقيون يعطوه من أموالهم وأنفسهم حتى ملوا ، وكرهوا " العزة " ، وبصقوا عليها ، وهربوا منها . وصار أهون على أحدهم أن يلبس " بوشية " امرأته ، ويقول " أنا امرأة " من أن يقول : " أنا عزيز " . +أما أنا فـ" عزيز " كما سماني أهلي . +وعندما كبرت دخلت برأسي فكرة سخيفة ، أو صرعة شبابية تقول بأني يجب أن أكون عزيزاً كاسمي . ثم تعلمت من القائد البطل لما كبرت . +لما كبرت أكثر تعرفت أن " العزيز " هو الذي . " يكاون زين " مترسماً خطى الأجداد العظام الذين " نصفهم ماتوا على ظهور الخيل !! . وكبرت أكثر وأكثر ... وصرت خروفاً له قرون ، اسرح وأروح دون أن أثير أية قلاقل في الجشر العراقي الخصيب " . +وإذا ما أشار لي الراعي المثقف بالقومية والاشتراكية أن أنطح أحداً . تحاميت عن بعد ، وأعطيته ردسه حاطمة ، ولو كان الحسين بن فاطمة ... كذا " العزة " التي تستحق " العفية " وإلا بلاش . + + + +تمت + + الكلّات الناطقة بالحق +لمن أهدي كتابي ؟! +تلفت حولي ... لمن أهدي كتابي ؟! +- إلى صنو عقلي وروحي ... أم لفرجي وفمي !.. +من ؟؟ +إلى زوجتي... التي لم تتصفح أوراقي ؟!!.. ولن تعي استحقاقي ! +كلا . + * * +- إلى أولادي ..... امتدادي في الحياة . +وهل يسمو الرماد كونه تخلف عن النار ؟! +كلا . + * * +- إلى أخوتي ...... دمي ولحمي . +.... إلى تنابل عجماء ولدتها أمي ؟! +.... نئت بحملها دهراً ... وسحقتني . +.... ثم غدت .. طناطل ترهبني ! +اعطيتها عطاء الأب .. وقابلتني عقوقاً وجحوداً .. وبغياً مستمراً . +... علمتها حروف الحرية ..واستعبدتني . +... وآخرون استأثروا بأبي فسرّهم .. وأتيناه على الكبرِ +كلا .. لبني أمي وأبي ... + * * +- إلى أبي ، الذي أوجدني ورباني . +هل يهدى قلم إلى أمي أعمى ؟! +كلا . +- إلى أمي ، التي حَملتني " سبع " شهور ولم ترضعني ؟ +كلا ... أي امرأة مثلها ، لو وطئها رجل كأبي ... كانت ستلدني ! + * * +- إلى أعمامي وعشيرتي .. والملجأ الآن إلى العشائرية ، وسنن الجاهلية في غياب المدنية .. +... إلى زبون وعقال ، وبطون ودِلال ... إلى تفاهات ومشيات ، ترهات وهوسات ، وثارات وديّات .. ومحاقدات .. إلى ولائم وعزايم وسخائم ولطائم ؟!!! +كلا . + * * +الى علماء الملل وآيات المذاهب طَر +الى أكياس محشوة بمعلومات " أكسباير " أحرى أن ترمى في البحر +بعدما لوثت اليابسة ، وسممت حياة البشر +كلا لا وزر ... الى ربك يومئذ المستقر + * * +إلى جاري ... وما زال النبي يوصي بالجار . +.... إلى عدو يَعد عليّ أنفاسي .. وخطواتي .. وكتبي .. +وزواري .. وأفكاري .. وأرزاقي ؟!! +كلا . + * * +إلى أهل محلتي نساءاً ورجالاً ، شيباً وشباباً . +إلى القيل والقال ، وكثرة السؤال ، والتحاسد والتباغض والكلال ، والنفاق والقبلات الكاذبات و ... كيف الأحوال ؟!! +كلا . +* * +إلى شعبي وناسي +شرط أن يقولوا جميعاً " لا اله إلا الله "، ويكونوا حقاً من أهل الله. +والمؤمنون أمة لوحدهم من دون الناس .... +فهل هم كذلك ؟! +كلا . + * * +إلى ماء وتراب وطني .... +تراب غانا ، وماء الصين ... يعطي نفس الطين . +هل من فرق ؟! +كلا . + * * +إلى تاريخ وأمجاد أمتي . +القرآن والفرعون هل يلتقيان ؟! +كلا . + * * +إلى أساتذتي الذين علموني . +... وهل منحت فرصة للتعلم ؟1 +كلا .... لم يعلمني أحد + * * +إلى الله في علياءه . +سأرسل صحيفة مظالمي كلها . +كلا ..... +أخشى أن يكون الله أمياً . + * * +إلى امرأة تحبني +وتخضعني قسراً لسلطان حبها ... +تجتاحني كالإعصار . +تحتلني كالإيمان +تهاجمني كالقدر ، كالزلزال ، كالمطر ... +فإذا ألقيت عليها الماء اهتزت .. وانشقت .. وربت +وأخرجت أزواج ثرواتي البهيجة المكنونة +كلا .. تلك لم توجد بعد !... + * * +إلى قلم كالصاروخ .... لا حبر فيه . +وإلى نفس كالبحر .... لا ماء فيها . +وإلى همة كالبركان ..... لم تنفجر بعد . +وإلى كلمة ...... لم أقلها بعد . +أهدي .. .. .. .. . ما محوت . + + + + + + +تمت + + البركان الخامد ( ) +عدوي ..... وعدو عدوي . +حكمة صحراوية جافة . +ودمي يتكثف ويجف في عروقي . +عيني ..... وهل أغلى من العين ؟! +كنا نلعب ... + هم يقولون ذلك . + وأنا اعترف أنها لعبة ! +قبل كل شيء إنني الآن ... " أعور " . +عيني المزرقة المسلوخة تخيف الأطفال . +ولي من الجمال عموده ورداءه . +رداء فوق عمود ... يخلق خيمة ! +ظل تتهاوى إليه الفتيات في هاجرة الزيف اللاهف . +وعند الالتصاق ... يكون ألقي ... + والرعب ... + والهروب . +فعيني مصابة بالزحار . +والظل فيه " براز " شاحب . +اللعنة على منجسي الفيء . +وفي أعلا وجهي ... + تحت الجبهة ... + على اليمين ... + شيء مقرف . +كتلة من بلغم مسلول !.. +الأزرق والأصفر والأحمر . +ما أقبحها من ألوان عندما تحتل المحجر !.. +السماء أكرههالأنها .... زرقاء . +وألعن الشمس لأنها .... صفراء . +والشفاه الحمر في قاموسي . +" سجلات جرائم تنطق بأحرف من دم " . +إنني شيء خطير ، كقنبلة موقوتة . +ككلب مسعور نهشه واحد من أبناء فصيلته . +فهو فاغر فاه أبداً يطلب ثاره . +يريد أن يغرس أنيابه الموبوءة في كل الموجودات . +أنه ميت ، يوزع الموت ، ويجب أن يموت . +كساعي بريد أوقفت قلبه رسالة نعت له عزيزاً . +وهو ابن عمي ... + عزيز عليّ ... +ولا أعز من العين . +الألم الممض . والصداع المستمر . والكون المهتز من حولي +ليتني كنت نجاراً .. نطّ في عينه مسمار . +ليتني كنت جاموسة ... فقأت عينها قصبة مسنونة . +ليتني كنت صوفياً .... لاقيّر عيني . +لأسد هذه الفجوة البركانية الثائرة . +كيما تكف عن قذف الحمم والصديد .... + وحمى الغيظ . +ليتني كنت واحداً من ملايين العوران الراضين المطمئنين . +المشكلة إني لست من هؤلاء . +أنا صبي لم يراهق . +كان يلعب مع ابن عمه في البستان . +لعبة من هذه التي تصدرها سينما العنف وتجيء بها أخلاق الحروب . +كنا نتعلم الرماية بقوس من عرجون قديم مثقوب الوسط +وكانت سهامنا من جريد النخل . +إلاّ واحداً من حديد ... كنا نعتز به . +ذلك الذي خرق عيني اليمنى حتى العروق . +خرجت روحي ... + وخرجت العين كلها ... + إذا أخرجوا السهم . +وتبدلت غير ما أنا ..!... +وتبدلت الأرض غير الأرض . +هذا في داخل روحي ... +أما في خارجها ... +فأضحت القضية مجرد ....... " سالفة " !!! +ولسوف تنسى . +بيد أني اليوم سأجعلها .... " سوالف " !! + تكتب + وتروى +رمى ابن عمي إذ رمى . +أو أن الله رمى . + ليس مهماً لدي . +المهم أني سأرمي . +وسأفقأ عينه .... + وغير عينه . +ولكن ..... +إذا ما هدأ البركان . +فسيعود الأولاد للعب الرماية في فوهته الجامدة . +الحمراء ... + الصفراء ... + الزرقاء .... +التي تشبه ... فوهة عيني !... + + +تمت + + الوَباء المستوطن +بعد مسيرة ميلين ، افتقدوا الجمل الأرقش. ولا يحتاج النهار إلى دليل ، وهي " سرقة في وضح النهار " ، نادى كبيرهم: +- لا شك أنهم أهل التمر ، إذ وقفنا نقايضهم الملح .باطل البغي ... عودوا إليهم ... هيا بنا يا ربع ... +وثارت غبرة بعيدة أدرك الزعيم ما وراءها . فدعى إليه عميدة النساء وقال لها : " هؤلاء أقبلوا يريدون جملهم ، وجمالاً من دونه.. فماذا ترين ؟! قالت : " لا عليك ، سأدبر الأمر . تلق القوم بالترحاب وأنزلهم . وإذا سألوك عن النواح والعويل فقل لهم ؛ إن الجدري فتك بنصف رجالنا ، وهذا خيرتهم قد مات اليوم . " +وفي اللحظات التائهة بين ظهور القوم ووصولهم ، كانت المرأة قد أناخت الجمل وكثفته ، ثم أمرت نساءها أن يلقين بخمرهن وعصائبهن وأزرهن عليه حتى غطينه تماماً . إنما بقي رأسه العالي شامخاً لا حيلة في إخفاءه . ورغاؤه يكاد يقرص آذان القوم ... عندما شدت محزمها ولوّحت بمعصبها في النساء ، وارتجزت تقول وهي تلطم صدرها : +- .. " يا خايبه إذن الجمل غطيها " +لئلا يجيء ويشوفها راعيها " +وبدى كأن النساء على موعد مع النواح والندب والتعديد ، فأخذن يدبكن ويلطمن ويصرخن بكل قوة وهن يدرن حول الجمل البارك حتى تكفل الغبار بتغطية كل شيء ، وكما عمّى الصوات والعياط والعويل على رغاء الجمل المضطرب وهو يفتح فاه كالتنين المرعب وينشر شقشقته البيضاء في كل اتجاه . +ولم يترجل الخيالة ، إنما صاحوا بالرجل يهددوه بكل عنف وقوة : +- " هات الجمل يا لص ... وإلا سقناكم الآن أسارى على جمالكم .. " +وبينما الرجل يلين معهم الكلام لينزلهم أضيافاً على الرحب والسعة ... التفتوا ناحية الديار ورؤا الغبار وسمعوا الهضل والعويل ، فسألوه عن جلية الأمر . +قال لهم بحزن وألم ، وهو يمسح عيونه بكمه : " أنه الجدري اللعين قد حل بنا وفتك بخيرة رجالنا ". +وحالما سمعوا باسم " الموت " نفضوا عباءاتهم ، وتعّوذوا وتنادوا للهرب ... " يا يابه جدري ، فرّزا أيها الربع بأعماركم " . بينما كان الرجل ينادي في أثرهم : " تعالوا تعالوا فتشوا الديار " . +وانهزموا غانمين السلامة ... فالجمل قد تلوث بالداء ، ولو أخذوه لأحرقوه ، فهم تاركيه وأن رّأوه رأي العين ، ولا حاجة بـ" الخائبة " لأن تغطي أذنه ، أو رأسه !.. أنهم لم يمروا بعدها بالحي الموبوء ، خوف الإصابة بالداء . غير أن الحيلة قد تكررت مع الكثير من القوافل المارة من هناك ..... وظل الوباء مستوطناً تلك الديار . +تمت + + + لّما يبكي ويضحك ...... عزرائيل !! +ما كانت السفينة لتسعُ كلا طفليها التوأم ... +فعبّرَتْ احدهما ، وعادت لتأخذ الثاني . +في وسط اليم .... أمِرْتُ بقبض روحها . +وظل الرضيعان اللطيمان ( ) يصرخان على الضفتين . +عندها بَكَيت ....... يقول عزرائيل . +لكني ضحكتُ ، بعد أربعين عاماً .... +عندما أضحى الوالدان ملكيَن . +أحدهما على المغرب ..... والآخر على المشرق !! +وقد يجسن القدر السلطة أحياناً ! + + + + +تمت + + الليل الأخير +أسير على غير هدى . يحتلني الدمار من الداخل ومن الخارج . صرت أحب اللون الأحمر ، وأعشق منظر الحريق . قال لي أحدهم : " شباب كذباب التسي تسي " . ظننتها شتيمة ، ورددت على الفور ، ضربته في جانب رأسه ، وخرشت أسنانه . أمس قالت لي عشيقتي تعال انزح لي مرحاضي ، واحفره حتى العمق . لكني كنت في شغل فاعتذرت . صور الجماجم والعظام تطوق عالمي . تركت المدينة وأهلها ، لما وصلت إلى المكان المحدد لم أجدهم . حزنت كثيراً ، ورميت أطلاقات في الهواء وبطريق رجوعي دست على رأس أفعى ، فتقلصت كالعصا ورمتني بنفسها ، التفت على رقبتي ، خنقتني بقوة ، ضاق عليّ النفس ، وغبت عن الوعي . ثم سمعت صوتاً غريباً ، انتفضت وهربت ، وعادت إليّ روحي ، لما غادرت الحية . وطاف بي طائف من الجن ، حملني إلى عوالم متحجرة ضاحكة . رأيت أحدهم جاء يغير نحوي على حصان لا رأس له ، ولكنه قفز فوقي ولم يمسني . وخلفه جاء رجل مفتوح البطن يسحب أمعاءه ، تسيل دماً وصديداً ، ويحمل بيده مدية يبقر بها بطون المارة . وجاء رجل طويل ، عظيم كالجبل ، يضع في جيوبه أناساً كثيرين ، ويخرج منهما واحداً بعد واحد ، يرميه في حلقه كمن يكرز الحب ، وثم يرمي العظام والشعر كما يطرح القشور بعد سحقها . وإذا صادف نخلة تناولها بيده وقضمها كراس فجل . جاءت ذبابة تسعى إليه حتى إذا حطت على جسده ، قفز قفزة الملدوغ ، ثم سقط يشخر كالثور الأسطوري ..... وبقيت أسير ذلك الليل ، ولم ينبلج الصبح حتى النهاية . خمنته أحد سببين ؛ فأما الشمس قد انطفأت ، أو توقفت الأرض عن الدوران !!.... + + +تمت + + +صورة رمزية هلامية تنقل المعاناة الروحية والنفسية والشطحات الفكرية والعاطفية التي تحتل كيان بعض الشباب وتأخذهم في عوالم ظلامية رهيبة في تيه الظلم ، والأمل الأسطوري في الخروج من القمقم العبثي المرعب . + + صراع أيدلوجياً +أنا قبله بدأت معها المشوار . +وجاء هو بعدي بزمن طويل . +وذهبنا نستبق .... وتركنا متاعنا . +كنا كفرسَيْ رهان . +من يحوز قصب السبق . +كنت قد قطعت نصف المسافة إلى قلبها . +عندما دخل هو المضمار . +أزعجني دخوله المفاجئ على الخط مثل متطفل دنيء . +قلت : " أنا أحببتها قبلك " . +قال يستفزني ساخراً : أنها ليست مقعَد في باص " +وقالت هي : " إن تذاكر أوتوبيسي غالية " . +من علمها هذا التعبير المبتذل ؟! +أول ما عرفتها كان لسانها سليماً . +وكذلك روحها . +لذا أهديتها نسخة من المصحف الشريف . +ثم أردفتها بكتاب عن روح الإسلام لعفيف طباره . +وكنت أقدم هداياي بدون مناسبة . +أما هو فقد اختار يوم " عيد ميلادها " . +وأهداها قرآناً من ذهب ، فيه سلسلة . +علقته في رقبتها وهي تغمض عينيها بانشراح ، وتقول : +- " الله ... يسلم ذوقك . أنت رائع " . +أنه ذات كلامها يوم قدمت لها القرآن الورقي . +أيَعقل أن يكون غيَّرها بهذه السرعة ! +كلا لم يتغير شيء . +أنا واثق أنها فقط إنما تجامل هذا ( الحمار الذهبي اللزقة ) ! . +ولأدَعَهُ يحمل أسفاراً مما يشاء . +حقائب ، أحمر شفاه ، أحذية ، حلي عطور ، ثياب مجلات .... +وأن كان قبولها الحسن يغيضني . +لكن تبقى أحاديثي أنا تلقى لديها قبولاً أحسن . +" إن كلماتك هي الأخرى من ذهب " .. هكذا تقول . +هي جيدة الإصغاء والتسمع . +حديثي الأول معها كان عن الإيمان . +قلت لها : " إن النفس إذا آمنت اطمأنت " . +وثم تسامت في علياء الفضيلة والطهر . +وكدت أقنعها بضرورة ارتداء الحجاب . +لكن اللعين خرب كل شيء . +عندما أهداها بَلوزاً قصيراً الأردان ، واسع الأكمام . +وعناداً له وكيداً ، فقد اشتريت لها خماراً . +لكنها لبست البلوز والخمار معاً . +لا بأس ، أنها محتاجة إلى مزيد من الدرس . +ورحت أنظم لها محاضرات طويلة في الوعظ . +وأعطيتها المزيد من الكتب . +لأبني حولها أسواراً منيعة من الحصون الذاتية . +لأمنعه الوصول إليها ،. +غير أنه بضحكة واحدة ، كان ينسف ما أبنيه . +هو لا يتحدث مثلي . +إنما هو .. يضحك فقط . +وهو قادر على إضحاكها ، وجعلها تموت ضحكاً . +أما أنا فما أفلحت إلا في جعلها مًطرقة . +وكنت قبلاً أبْكيها لما أقرا لها عن الحسين . +دعوتها أمس إلى لقاء . لنضع النقط على الحروف . +لكن المتطفل العنيد جاء وحشر نفسه . +وبتحدٍ قال : .. قل لها .... وأقول " . +- " ما أنت ، ومالك بها ! هي إلي .... ولديني " +- " بل هي لي ، ولقلبي " . +وصممت جاداً أن أضربه في قلبه . +لكنها – جادة ، أو هازلة قالت تسألني : ماذا ستقدم لي من مهر؟ +قلت : " سورة أحفظها من القرآن " . +هبطت رأسها إجلالاً ..... +ولعلها كانت تفكر . +لكنه قطع عليها تفكيرها بضحكة مطرقعة ، أطلقها كرصاصة ... وقال : +- " هذه نكتة العام الهجري الجديد " . +وضحك .. وضحكت معه . +واستمرا يضحكان . +وهو يحكي لها نكتاً بعد نكت . +وطرائف وقفشات . +ويحدثها عن الموضات و الموديلات . +ويثني على جمالها ، ورقتها . +وعذوبتها وسحرها . +ووداعتها و ..... +وكان ماءه يعلو شيئاً فشيئاً . +حتى غطاها وحملها . +ثم صار تياراً عارماً . +..... دفعني بعيداً . +لا تحطم على صخور التراث !! + +تمت + + غش في درس الدين +لم يأمر المدرس بمحو وتنظيف لوح السبورة ، فالمكتوب عليها كان بأحرف انكليزية . وما كان بحاجة لأن يكتب عليها ، فالحصة مخصصة للامتحان بمادة التربية الإسلامية ، وشرع فوراً بتوزيع الأسئلة وقراءتها ؛ وهي كالعادة ثلاثة أسئلة كأنها واحد ، أو واحد في ثلاثة ، هكذا هي الكليشة دائماً : +- أكمل قوله تعالى من الآية كذا الى الآية رقم كذا ... +ومثله الآخر .... كذلك السؤال الثالث .. +هذا المدرس يريد من طلابه أن يحفظوا القرآن الكريم ، كأنهم ورثوا عقل ابن سينا وعبقريته !.. ولعل الشيخ الرئيس ليعجزه ما أتوا من ابتكار مدهش كانوا بفضله موضع مدح وثناء أستاذهم ، فلقد كتبوا الآيات مضبوطة بالشكل والتحريك وعلامات الوقف واصطلاحات الضبط وترقيم الآيات ، حتى جاء كل منهم بورقته الامتحانية وكأنها صفحة من القرآن الكريم. +غير أن واحداً من الطلاب بدى في نظر الأستاذ مجنوناً ، ذلك أنه كتب الآيات بلغة عربية وحروف لاتينية !.. ولما سأله : " ماذا أنت فاعل يا هذا ؟ قال له ببساطة : +- لقد كنت أنقل ما هو مكتوب على السبورة يا أستاذ ، مثلي مثل كل الطلاب ، مع فارق لا أراه مهماً ، ذلك أنهم حولوا الآيات إلى حروفها العربية ، ينما أبقيتها أنا على الحروف الإنكليزية". +جن جنون الأستاذ إذ عرف اللعبة . وأصر على تسميتها " جريمة " ، وتعامل معها على أنها جريمة . فرفع تقريراً إلى السلطات الدينية والدينوية في البلد يطلب فيه الضرب على أيدي المجرمين ، وذلك لاقترافهم جريمة من ثلاث شعب هي : " الغش " و " التفنن في الغش " و " الغش في درس الدين " . +أما الغش فعلى السلطات التربوية اتخاذ الإجراءات بحق الغشاشين حسب اللوائح التربوية المقررة . +وأما " التفنن في الغش " فهذه جريمة مدنية خطيرة ، وجنحه يعاقب عليها القانون المدني بالحبس . +وأما " الغش في درس الدين " ، فهذا له شعبتين : الأولى تخص الغش ذاته من وجهة النظر الدينية الشرعية . والثانية تخصُ كتابة القرآن المنزل بالعربية بأحرف أعجمية !.. +وبقيت القضية تتفاعل طويلاً ، وتضطرب في الملفات والدوائر . ولكنها انتهت أخيراً بنقل ذلك المدرس إلى مدرسة نائية !!... وقد يجسن المجانين استخدام السلطة . + +تمت + + على ملة رسول الله +دخل دارهم ديك غريب ، فقام من فوره مرحباً . +- " أهلاً ، أهلاً يا أعز الحبايب ، يا قرة عيني ويا مهجة فؤادي ". +وأمر صبيانه فتحاوشوه وأمسكوه ، ثم أدنوه إليه . +قالت له امرأته : " هذا حرام " . +فرد عليها ساخراً : " وماله يا حبيبتي ؟! نحلله ! " +وتله للجبين ( ) ... فيما دعا بسكين . +ثم وضع أصابعه في أذنيه ، وصاح بأعلى صوته : +- " من ضائع له .... " +ثم همس مع نفسه لا يكاد يسمعها ... وأضاف : +- " ديك " . +كررها ثلاثاً . ثم قال مقرراً : +- هذه اللقطة لا مالك لها ، فقد أشهرناها ثلاثاً وعّرفناها حسب الأصول الشرعية ، ولم نظفر بمالكها ، وعليه فللملتقط أن يتملكها ، أو يتصدق بها عن مالكها . والأَوْلى هو الأخير ( ) . فإلى روح صاحبك يا ديك حياً كان أو ميتاً ، نهدي ثواب لحمك ودمك وريشك وعظامك و ... ذروقك ... أي نعم حتى الذروق فيه ثواب . +وأشرعه للذبح وقال : +- " بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله !! + + + + +تمت + + نهّاب وَهّاب +رآه مربوطاً في ظل شجرة التوت الكبيرة على الشط ، ناعماً بالشبع والري ، سميناً معافى ، يجتّر نائماً في الفيء السمين . والهواء العليل ينساب من صفحة الماء . +جلس عنده يمسد صوفه الناعم ، ويتحسس آليته الثقيلة ... وتمنى أن يكون خروفاً مثله يأتيه طعامه وشرابه وهو نائم . بيد أنه عدل عن الفكرة عندما سحب مديته من جيبه وتذكر حرارة السكين . +لكنه لم يضيع وقتاً في الأفكار ، بل راح يتلمس رقبة الخروف المصبوغة بالحناء ، ثم سريعاً قطعها ، تاركاً الرأس يتدلى . +وبيد أستاذ محترف ثقب الجلد من أسفل الفخذ وراح ينفخ الذبيحة حتى جعلها كالقربة المنفوخة . ثم ألقاها في الماء ، فراحت تتهادى مدفوعة بتيار النهر . بعدها غسل يديه ومديته ، وأزال مواضع الدم فلا دليل على ذبح ، أو رمي في الماء .... أو طيران في السماء !! +العملية كلها لم تستغرق لديه دقيقة أو دونها . وكان أمامه ، خلف الشجرة بخطوات معدودة ، يعمل أهل الخروف في بستانهم ؛ يجنون العنب ويصفونه في السلال ، مشغولين لاهين بعملهم عن خروفهم وما حدث له . +مشى نحوهم متخفياً وراء النخلات ، لم يروه حتى دهمهم . حيّاهم ، وراح يصافحهم بحرارة . أنه يعتبر نفسه صديقاً للجميع .. وهل من يجهل " أبو فاضل " أو " أبو طبيخ " كما يسمى لكرمه وسعة قدِره المليء بالطعام ، ولكثرة زواره ومعارفه . أنه من الوجوه البارزة ، تجده في رؤوس الجاهات – المشيات – وصدور الدواوين ومقدمة الحفلات والهوسات والانتخابات . +جلس فأدنوا إليه سلة عنب أكلها كلها . ثم تجشأ هائعاً ليرجع صداه المتكسر في الجانب الآخر من الشط . بعدها ودع القوم وسار مواصلاً طريقه دونما رفه جفن ، ولا كان السنور الرهيب قد ابتلع شحمه أو أكل سَلة !... أو خروفاً !!! +بعد وقت قصير لحق به القوم يركضون ... سألوه والهين : +- " أبا فاضل ، هل رأيت خروفنا الأقرن الثلاثي ذو الرقبة المحناة ؟! " +قال لهم ساخراً : +- " هذا هو في جيبي ، أو ربما في ( ..... ) فتشوه "وانحنى إلى أمام مشيراً الى دبره . +قالوا : " أنه منذور للإمام العباس " +قال بسخرية واضحة : " سلام الله على اسمك أبي فاضل – لعله كان يقصد نفسه – أحسبوه قد وصل إذن " . +..... بعيداً ، أمام بيته وقف على الشاطئ ينتظر الفريسة . حتى إذا وصلت تناولها وأخرجها . سلخها وقطعها . ثم ..... فارت القدور ، ووزعت الدعوات للخاصة لحضور الوليمة في بيت الوجيه المحترم الكريم ... النهاب الوهاب . + + + + + +تمت + + عالم الأحذية +في زمن الحصار والتدبير العراقي ، عملت حذاءاً من كرب النخيل . +سوف أشرح لكم الطريقة فيما بعد . +قلت لامرأتي : " ناوليني حذائي ( الكربة ) " . +قالت :" لقد رميته في التنور " . +... لا باس ، ربما انقطع شسعه . +" إذن هاتي حذائي الأحمر ، ذي الشريط الفضي " +قالت : " لقد أحرقته أيضاً يا عزيزي " . +- " عجباً ... لماذا ؟! " . +قالت : " حبيبي يقولون أنهم – من هم ؟! – سوف يوزعون على النساء ( قباقيب فرنسية ) ، وعلى الرجال ( يمنيّات ) أمريكية .. " +قلت لها : " صدقتِ .... أنهم سيوزعون علينا جميعاً ، أحذية على مقاسات أفواهنا " . + + + +تمت + + الهروب من الحب +لم يطق " عواد " البقاء في قريته ، بعد أن زوجوا حبيبتهُ " صفية " من ابن عمها . +هامَ على وجهه هارباً من الظلم الاجتماعي ، ولم يعرف أحد وجهته . +حتى هو ما كان يعرف إلى أين هو ذاهب وأي بلاد الله يقصد . كان كريماً بفعلته ، فما كانت صفية لتجتمع وزوجها تحت سقف واحد وهي ترى عواداً . +ومرت سبع سنين ، ونساه الناس ، ونسوا قصة حب طويلة طالما تحدثوا بها وتناقلوا فيها الروايات والأخبار . +ما بقي لعواد إلا أم تندبه في البساتين تبكيه ليل نهار . ولكنها سكتت بعد سنة . قالوا أنها سلته ونسيته . وهل تنسى أم ولدها الوحيد في سنه !... وقالوا أن المرض لم يترك فيها بقية للبكاء ، ثم ما لبث أن سلمها لصاحبه الموت بعد سنين . +وولدت صفية خمسة أطفال . ومع ذلك فأن كثيرين في القرية ما كانوا راضين وغير مباركين لهذه الزيجة ، ورافضين لكل حيثياتها ، خصوصاً المتعلقة منها في البون الشاسع بينها وبين زوجها ... قال شاب متحمس : " لا تغركم الأطفال . صدقوني لا يزيدون ولا ينقصون بالنسبة للحب والسعادة . ورأيي الثابت بزوج صفية هذا أنه حمار نزى على فرس أصيلة فأحبلها . وهذا حرام لأن معناه مزيداً من البغال وخسارة في الخيل العتاق . +صفية صابرة راضية ، راضخة لقدرها وقسمتها ، تخدم زوجها وأطفالها كما يجب منصرفة الى العمل طيلة وقتها . لكن مسحة الحزن لم تفارقها منذ زواجها . كانت تقفل نفسها على آلام كبيرة ، تحرص على أن لا تظهر منها شيئاً لئلا تعطي بعَلها البغل عذراً لإثارة مزيد من المشاكل . +وكان لا يفتأ يناقرها وينغص عليها عيشها وقد يكون له الحق ، فالمرأة تخونه في أفكارها . وتعانق بالخيال عواداً رغم بعده أو سفره إلى المجهول ، أو موته كما هو مشاع . +ثم جاءت الحرب ... فقتل زوجها في الجيش . +وانتقل حالها من سيء إلى أسوأ فقد وجدت نفسها ترعى شؤون خمسة أطفال وتتكفل بعيشهم ... مسؤولية ثقيلة بدلت حالها غيرة ، حتى كان ينكرها من يراها . أين صفية الأيام الخوالي ؛ الرقة والجمال والأناقة والكمال .. والحب الكبير من هذهِ الغراب الأسود الكئيب . +في رأس دورة السنة على وفاة زوجها ، ذهبت لزيارة مرقده في النجف مع جمع من النسوة ، يحملن له الثواب من أطعمة وزعنها لدى قبره على الناس ، ثم يجلسن للندب واللطم والتعديد ومزيد البكاء . +ولمزيد من العذاب وتعب القلب لصفية تاه منها أحد أطفالها في سوق النجف الكبير ، فراحت والهة تبحث عنه ودموعها جارية لا تعي ما حولها من فرط حزنها . +ثم فجأة رأته ..... ابنها يقوده رجل معممٌ ملتح . +وأسرعت نحو ولدها تأخذه من يد الشيخ وتقبلها بحرارة وشكر مسيلة عليها الدموع . +واستحت أن تنظر بوجه الشيخ – لكنه ظل يمعن النظر فيها . وقالت له وهي تأخذ الطفل من يده : " شكراً لك يا سيدي الشيخ . جزاك الله خيراً وأحسن إليك ، ووقاك من النار كما أطفأت نار قلبي المحترق على ولدي " . +قال لها ودموعه تطفر من عينيه : " كان الله بعونك يا صفية ، الله يساعدك ويخفف عنك " . +وما اشد دهشتها وعجبها حين سمعته يناديها باسمها صفية" ! +ورفعت بصرها بوجهه فجمدت مكانها لا تريم وفغرت فاها متعجبة ، بينما أضاف وهو يفرج شفيته عن ابتسامة خجولة حنونة : " صفية كيف حالك ؟ " +قالت وهي تتلعثم خجلاً ، بينما تحمله بين حدقات عيونها : " من ؟ ... عواد ؟! " +- نعم ، أنا عواد يا صفية .. أين أنتِ يا صفية ، كيف حالكِ . +- عواد ! غير معقول ، أنت عواد ! أين كنت يا عواد ؟ +- أنا هو يا صفية . كيف حالك ؟ +- كيف حالي .... الحمد لله على كل حال . +- آه يا صفية ، والله إنك صعبانه علي . أنا عرفت أن زوجك قد مات .. كيف حالك الآن ؟ أرى أحوالك متبدلة غيرها . +- أنا في عذاب منذ سبع سنين .. أين كنت أنت ؟ +- أنا كنت أدرس . +- تدرس !... تدرس ماذا ؟ +- أدرس العلوم الإسلامية . حال مجيئي الى النجف انتميت إلى مدرسة دينية . والآن أكمل دراستي في الحوزة ... وأنت كيف حالك ؟ +- هنيئاً لك والله يا أخي . وتسأل عن حالي ... أنا مت منذ سبع سنين . +- لا قالها الله يا صفية ، أنت لا زلت مفعمة بالحياة طلقة المحيا كما عهدتكِ .. والله زمان يا صفية . أنت صفية لم يبدلك الزمان رغم شدة ظروفه . +ومرت فترة صمت طويلة ، كانا ينظران لبعضهما بتأمل عميق عمق سنين الجدب السبع . ويطول زمن الصمت ، ويرفع عواد عنها ناظريه مستحرماً ليتأمل ولدها ويطيل إليه النظر . +وتلهو به عن ولدها ، وتنسى كل شيء في زحمة الذكريات ، وتتأمل هذه اللحية السوداء المنتظمة زادت ذلك الوجه جمالاً وأضفت عليه جلالاً وهيبة . لم تتغير ملامح عواد حليقاً وملتحياً . +وقالت تقطع الصمت الطويل : +- أمك بكت كثيراً لفراقك . +- فراقي !.. ومن أدراك أني حي ، أنها رحمها الله بكتني ميتاً . +- ما شككت لحظة في حياتك . قلبي كان يقول لي أنك حي .. لقد كنت حياً في قلبي . +ولما ألححت بالسؤال على أمك أسَرت إليَ بأنك حي ، وأنك تواصلها بأخبارك من مكان بعيد ما كنت أتصوره النجف وإلا لأتيتك . كنت أظنك خارج العراق ... كيف سلوتني يا عواد ؟ +- أنا ما هربت إلا لأخلي الوجود حولك لتعيشي حياتك ... كان يجب أن أظل بعيداً . +- كنت مخطئاً جداً يا عواد ، أنا أتعذب ، وما كذبني قلبي بحياتك يوماً . +أنت حي في دمي وروحي كما أنت على الأرض . +- نحن عبثاً نهرب من الحب ، وعبثاً نحاربه في نفوسنا ، إن الحب قدر يلاحقنا . +- كيف هنت عليك لتسلمني يا عواد ؟ +- تقاليدهم يا صفية كلها حرب على الحب . أنا الآخر كنت أتعذب وليس لنا إلا البعد ، أنت امرأة متزوجة . وما كانت القرية لتسعنا كلينا . +- ألا ترى أن الوقت آن لتعود إلى القرية يا عواد ؟ +- أعود يا صفية . +- و ... نعود يا عواد . +- ... ونعود يا صفية . + + + + + +تمت + + الإنسان والزنبور +إن صدقت أمي ، فقد قصرّت بحقي .... أو كفرت ! +وإن كذبت .... فقد أجرمت . +اخوتي الأربعة ؛ محام ومهندس ومعلم ومدرس . +وأنا الخامس " عار أخوته " صار فلاحاً !... ظل أمياً !... +قالت غير كاذبة : يا ولدي أنا أرسلتك إلى المدرسة أسوة بهم . +لكنك عدت بعين منتفخة . +باكياً من لسعة زنبور !.. +ورفضت بعدها الذهاب إلى المدرسة . +- أهذا كل ما في الأمر ؟! +إني لا أقبله ... لا أصدقه منك يا أمي . +أيعقل أن " زنبوراً " يغير مستقبل إنسان ؟!! +- لقد نصحتك فما انتصحت . وكلمتك فما سمعت ... +وأجبرتك فعصيتني . وضربتك فهربت مني . +صارت المدرسة عندك " كورة زنابير " ترعبك ، تؤلمك . +- وعجزت عني ... يا أمي ؟!!! +يا فرساً أنجبت أربعة خيول و " بغل " . +" بغل " تركته بإراداتك للحمل والركوب ... +ليحمل أثقال أخوته في سفرهم نحو العلا . +ألبس كذلك يا .... " ولا تقل لهما أف " . +وحملت أثقالهم ، وأثقالاً مع أثقالهم ... عمر وأنا المحمل الأكبر !! +غطست بالطين إلى هامتي . +ارفس وأحفر وازرع وأسقي وأعمر ، حتى جعلت الأرض جنة خضراء . +كان عمري شوط عمل متواصل لا هوادة فيه . +وجلست قرير العين مطمئن البال ، أنظر مزرعتي الكبرى . +لكني نهضت مفزوعاً مرعوباً ذات يوم من حلم ... كابوس . +لقد رأيت " زنابيراً " لا عدّ لها . +تخرج من عيون ومناخير وأفواه أخوتي . +وتتكتل في سحابة سوداء . +ثم تنقض عليّ بدويها الهائل ... +تريد أن تلدغني .... تأكلني . +وفي يوم جاءني الأربعة . +كلُ يريد خُمًسَه . + " أليست بأملاك وأطيان أبينا ؟! " + " هل وقع لك أحدنا عقد مغارسة ؟ " + من كلفك أن تزرع أو تعمر ؟! + أخرج منها راغماً . ليس لك إلا كأحدنا +أهل الحق والعرف قالوا ذلك . +بل زادوا عليَّ حق الاستغلال . +وفي المحكمة ؛ دفعت لهم صاغراً " أجور المثل " +لوارد عشرين عاماً مضت ... +أمنا ظلت ساكتة ... +لكنها كانت تبكي ... + + + +تمت + + الخِصْب والإرهاب +من تلك الغافية على جنبي ؟ +أشباح الوحدة .. الخوف .. الموت !! .. لا ، بل زوجتي . +نائمة أشبه بملك . +ما أجملها حبلى .... +في الصباح الباكر قمت أصلي . +بقرتنا الحمراء لا زالت نائمة . +يعتلي الديك قرونها ويصيح . +فيما الآخر يؤذن من فوق التنور . +والدجاجات يملأن الحضيرة بالكأكأة . +يبحثن بالسماد وينقرن القراد من ضرع البقرة المكتنز . +حمارنا الأقمر ذو العينين العنبيتين نهض يتمطى . +رفع شفيته إلى الأعلى " مشنفاً " +ثم اقترب من الجاموسة يشمها . +لكنها نفخت في وجهه محذرة . +ونفضت رأسها الكبير المثقل بالقرون . +لما رآني خروفنا " مياس " . +أقبل نحوي يمعمع . +نلت له ورقة توت حشوت بها فمه . +وخرج الأولاد سبعتهم . +قالت بركات : +أحذر بابا لئلا ينطحك مياس . +ونزل الكلب من منامه في أعلى الدريس . +جاء يهز ذيله ويتمسح بالصغار . +وعج الوادي بالحركة والصوت . +الجميع كانوا يطلبون الطعام . + * * * +خرجت أطلب لهم الطعام ... +منصرفي من حقول الجت بظاهر المدينة . +وقفت بسيارتي لدى أحد البساتين . +لأشتري بعض الخضر والفاكهة لأطفالي . +هل كانوا يراقبونني ؟! +تحركت قليلاً ... أنه طريقي اليومي +لدى القنطرة الصغيرة جذع يسد الطريق ! +من وضعه ؟! +وقفت .. نزلت لأوخره . +من بطن النهر ، وأشجار الصفصاف الكثيفة ... +خرجوا إليّ ملثمين مشهرين السلاح . +بسرعة كمموا فمي +لم استطع أن أصرخ . +حملوني ... دفعوني في السيارة . +المسدسات فوق رأسي . +جللوني بالكيس الأسود +لم أعرف أين ذهبوا بي . +البساتين والبزول ... هم أدرى بشعابها +قريباً عند (الأرجل ) فيما أظن ... ومن أين تأتي الحمى ؟! +ليسوا بعيدين يقيناً . +" نريد ثلاث دفاتر " +أعرف من قالها ... أنها لغة أهلينا العراقية . +أمَرّوا سِكين الذبح على نحري .. +وأنا أخابر زوجتي وأطفالي ليتدبروا أمر الفدية !. +كانوا ينتظرون مني الغداء . +أتتني ضربات ... صرخت ... تأوهت ... خرست . +لا أملك غير حيواناتي العزيزات ... وأطفالي . +وقد بقوا جميعاً بلا طعام . + * * * +تمت + + الهوبعَة +انضممت إلى الجميع ورحت أتطلع مثلهم نحو السماء وأمد بعنقي بقوة إلى الأعلى . كانوا يؤشرون رافعي أيديهم نحو القمر وهم يصيحون : ذاك .. ها ذاك " . +وتقاطر أهل السوق يتدافعون . وكلما مر فوج حشروا في الجمع وأخذوا يعملون عملهم . +إلامَ ينظر هؤلاء ، وعلام يؤشرون ؟!... تساءلت فقال لي أحدهم بلا ارتياح : " مالك لا تفهم لا تعي !.. ألا ترى الناس ؟!.. تنظر الى الزعيم عبد الكريم ، قد ظهرت صورته في القمر " . +ورفعت نظري ويدي أتحقق ، ولكني لم أرَ شيئاً . +قلت : أين هو ؟.. أروني ... +ونهرني الجماعة بغيظ يقولون : +- " أأنت أعمى مفصّص ، أما ترى صورة الزعيم تتلألأ ... +هاذاك .. ها .. اها .. ذلك وسط القمر " +وحققت النظر ثانية . وبحلقت جيداً ... +الناس تؤشر وتتصايح : ذاك ... ذاك ... هاذاك +قلت لرجل يقف بجانبي ، على استحياء وخوف : +- " أنا لم أره ... أآنت تراه ؟ +أشهر أصابعه في وجهي صارخاً : +- " عمى يعميك . أما الناس كلها تراه .. مالكَ أنت ! " +وقال له أحد المؤمنين : +- " اتركه ... هذا أعمى قلب مفتح العيون ..... " ومن يضلل الله فما له من هاد " . +عندها استدركت كمن عرف خطأه . وصحت بانبهار : +- " أي والله ذالك .... ها ذاك " . + + +تمت + + + الاختطاف +أرسلت أمي تخطبها لي . +وأبي كلم أباها ... وحصل القبول . +وقبل ذلك كنا .... وكان الحب ، بمطولاته الملحمية . +ليتها تسد .... كل طرق العالم . +والسيارات ..... عساها ما وجدت ، ولا كانت ! +بهذه السرعة ... تذهب حبيبتي ... يا عصر السرعة ؟! +أيستفيد الجميع .. وأدفع ضريبتك وحدي .. أيها " التطور " ! +... كل شيء متأخر في قريتنا النائية إلاّ شيء واحد . +ذلك هو " الطريق الدولي العام " الذي تقع عليه . +مر أحدهم بسيارته " المودرن " . +إبتاع منا عنباً ورطباً .. +والتفت يميناً ، فرأى فتاة رائعة الحسن . +قال : ما اسمك يا حلوة ؟ +فانثنت خجلاً ولم تجبه ؟ +إلاّ أن الأولاد – لا ولدتهم أمهاتهم – +الذين طافوا حول سيارته متعجبين .... +قالوا له أنها " كوثر " محبوبة " مازن " . +وبينما ذهب أبي إلى المحسنين ... +يقترض منهم مهراً لكوثر ! +جاء الرجل - المتطور جداً – يحمل حقيبة نقود ! +أعطاها كلها لأبيها ! +وشملهم جميعاً بعطفه ، وحنانه و ... تطوره ! +وعلى جناح السرعة ، بساط الريح ... متن القوة ... +حمل كوثر .. وذهب ! +أنا اعتبرت ذلك .... اختطافاً !! +ومن يومها وأنا أرمي الحجر في الطريق . +كي أمنع " المتطورين " من المرور ! +ومزيد الاختطاف !!! +تمت + + " حَب . سگاير . علچ " +رأيته بأم عيني يسرق اثنين من الركاب النائمين !... +ثم تحول إلى الثالث ... +كانت عيني تراقبه ، وترصد له بشكل دائم أنواعاً شتى من جرائم السرقة الصغيرة .. ولكني لا أغير المنكر إلاّ في قلبي ، وأكتم الشهادة إلاّ عن الله وهذا الورق الأصفر.. وأسكت عن الحق كشيطان أخرس ، حيث أعلم أن هذا المصري المقرقم المقتحم ، إنما هو ضابط في جهاز أمن العراق .. عراق صدام !.... +ومع مهنته السرية هذه .. يمارس " شحته " - وهذا هو اسمه المعلن – مهنا علنية ؛ منها صبغ الأحذية على أرصفة المحطة ، وبيع الحب " المُكسّرات والكرزات " والسگاير والعلك في القطار . +أحد الركاب متكئ برأسه على المقعد .. أراد أن يكشف إن كان غافياً كي يدس يده في جيبه !.. أمسك برأسه المائل إلى الخلف قليلاً ، فأحس الراكب في التو واللحظة وفتح عينيه ، فقال له " شحته " على البديهة ؛ أو لعله عذر حاضر للطوارئ لديه . " أصلك كنت بتشخر ، ورأسك مايله ، فعدلته قلت ( خطية ) .. " قالها بلهجة عراقية . +قال له بنية حسنة : " شكراً " ... ثم عاد إلى نومه . +وغاب شحته وقتاً ، ثم عاد بعد منتصف الليل تسبقه زيطته " حب سگاير علچش " ... هذه يرددها كأغنية أعجمية لا معنى لها لديه ، إنما يجد فيها مادة لهو ، أو لأزمة تكرارية هي في الحقيقة جزء من " عدّة الشغل " وهو يكررها بمرح وسعادة ، لشعوره بأنه إنما يضحك على شعب كامل بهذه الوسيلة ، فيما الحكومة تعطيه أجراً عالياً فوقها !!.. +كانت العربة مكتضة بالمسافرين .. بعضهم ينام على الأرضية . جلهم من الجنود الأشاوس ( حراس البوابة الشرقية ) قد عادوا من جبهات القتال بالإجازة الاعتيادية ، فهم مُتعبون مُترَبون ، ترى كل منهم يضع طاقيته " بيريته " على وجهه ويتكئ برأسه إلى ما وراء الكرسي ويغط في نوع عميق . +السكون يتمزق بفعل العجلات الحديدية القاسية .. ولكن تلك الزمجرة الرهيبة لا تلبث أن تتحول بفعل الرتابة والاستمرارية إلى سكون .. وتتمايل رؤوس المسافرين برفق ، ويعلو الشخير ، وتطوف الأحلام على الجميع كملائكة تطير في فضاء العربة . +ويدخل ( الشيطان ) بجوقته ، يطلق عدّة قنابر تنوير من طراز " حب سگاير علچ " ليرى على ضوءها النائم من المستيقظ . ويتناهى صوته إلى الأسماع الحالمة ، فيتحول في الطيف إلى صور شتى .. +أحد الجنود يبتسم وهو نائم . لقد كان لحظتها يتمشى في منتزه مع حبيبته . وسمعا بائعاً متجولاً ينادي " خطأ! ارتباط غير صالح." فاشتريا منه ... وثانِ يحيط به كابوس ، فيجد نفسه وهو القادم من الحرب قد عاد إليها ، وها هو في المرآب العام – الگراج – يبحث عن سيارة ولا يجد ، وتصك أسماعه زعقات باعة المُكسرات واللفات والشرابات . +لم يكن " شحته " يحمل شيئاً مما ينادي عليه . إنما هو جاء يغني أغنية منتصف الليل ، ويديه يضعهما في جيوب سترته القصيرة العريضة المنتفخة ، ويسير محدودباً يطئطئ رأسه منحنياً يبترد . ويبدو وهو الضئيل النحيف كأنه ابن آوى جائع يتربص بدجاجات نائمات ليقتنص منهن ما يشاء . +ومن ناحيتي تحولت أنا الآخر إلى ابن آوى ، ورحت أنام بعين واحدة . ورفعت قوة شخيري إلى حدها الأقصى . كنت أنصب له فخاً منذ زمن لأضبطه متلبساً ، ولكنه لم يأتِ إليّ ، إنما قصد جاري في المقعد ... امسك رأسه ، عدله ، فتأكد أنه نائم . بعدها تحسس جيوبه ، ومد يده بثقافة السنور .. انتزع محفظة نقوده . +في ذات وقت العملية الشيطانية كانت يدي قد استقرت على بقعة من جسد صاحبي ، لم أتبين ما هي وأنا نصف مغمض ، ولكني قرصتها بقوة ، فهب جاري فزعاً ، وقام وهو بعد نائم ، وامسك اللص بتلقائية . +حملق في وجهه متعجباً غاضباً إذ رأى المحفظة في يده وقد أسرع اللص بإسقاطها على الأرض . +دون كلام أو مراددة بسؤال وجواب أعطاه صفعة معدّلة طرقعت كالانفجار وهو يصيح به : " كلب ابن الكلب ، سرقت المحفظة وفوقها تقرصني ! " +استيقظ الركاب وقام بعضهم بدافع الشفقة ليخلص الخسيس من بين أيدي الجندي الغاضب ذي الدم الحار . وكان اللص يصرخ مستغيثاً ، حتى إذ خلصوه منه انبرى مهدداً وهو يعدل ثيابه وشعره المشعث ، مغتراً بقوة يحسها فيه : +- " أنا حَطرْبقها على دماغك النهارده يا ابن الوِسخَة " . +وتوجه إلى الركاب يقول لهم بلهجته المصرية ، كأنه يوضح لهم الحالة مفصلاً : +- " حقه والله صحيح خير تعمل شر تلقى . أنا كنت بعدل دماغه المايله لأنه بيشخر زي الثور ، قام مسك فِيّ ، قال إيه ، أنا كنت باسرقه ... والله عال .. يا أخوانا أنا مش ..... " +وقاطعه جندي آخر من الركاب كان لا يزال ينام على أرضية العربة في الوسخ والتراب متوسداً حذاءه ... قال وهو يلوح له بجزمته العسكرية الثقيلة المحشوة بالمسامير : +- " أخ والله لولا إني نعسان هساع وبحلوة نوم ، لكنت قمت عدلت دماغك المايل بهذا البسطال " +ثم وضع طاقيته على وجهه ، وعاد إلى نومه دون مزيد . +شحته ما يزال يتفلت يريد الخلاص ، واجتاز الجماعة إليه شيخ متوسط يلبس عقالاً وشماغاً ... +امسك به من تلابيبه وهو يقول للمحيطين به بلهجته الجنوبية : +- " شباب بالله عليكم أرخصوني شوية . أنا أريد أحاچيه وأفهم منه شنهي السالفة " . +ثم توجه إلى اللص ليبدأ الحوار بأصوله العقلانية . قال له بسلام المضايف : +- " عمي ... الله بالخير " +رد عليه بلهجة صلفة غير مبالية : +- " أهلاً وسهلاً .. عاوز إيه أنت الاخر ؟ " +قال له الشيخ باستغراب : +- " انت شنو بوية إنس ، جنس .. شسْمك ومن يا عمام .. سولفلي أهلك وين من يا عرب .. " +رد المصري باستكبار : +- " بلاش هزار .. عايز إيه انت الاخر .. متقول أنا سرقتك كمان ! " +ويبدوا إن الرجل لم يفهم منه شيئاً ، إلاّ أنه استاء من لهجته الشديدة ، ولعله ظنه يشتمه ، فقال بتفجر : +- " وفوقها تشتمني .. لا أنت مالك غير العگل تعدل راسك " . +ونزع عقاله من راسه ، وراح يضرب اللص بقوة ، لكن الجنود منعوه وحجزوه عنه ، فيما هو يحاول التخلص فيمد يده إلى منافذ سترته ليستخرج مسدساً يخفيه فيها . لكن الجنود كانوا يحكمون وثاقه فلم تفلح محاولاته في الهرب والتفلت . +صك أحدهم قبضته على رقبته يريد حنقه قائلاً بلهجة تحقيقية : +- " قل لي ما هو قصدك وأنت تمد يدك إلى جيب الجندي ، إذا لم تكن تريد سرقته ؟ ... شلون البوگ أحمر ، اصفر !.. " +قال اللص بلهجة عراقية متكسرة : +- " أنا قلت ( خطيه ) راسه مايل ويتنفس بصعوبة . " +قال الآخر بلهجة تمثيلية ساخرة : +- " هل إن مهمتك الرسمية أن تدور على الركاب تعدل رؤوسهم !.. من كلفك بهذا ؟ +وصاح صاحب المحفظة : +- " يا جماعة أنا أمسكتها بيده ، ضبطته متلبساً . +وقال آخر : دعوني مع اللص حتى باب الدار ، وتقدم منه يمسد كتفه وظهره ويقول : +- " كم أنت رقيق رحيم بالناس . عملة نادرة أصبحت لا يوجد مثلك . معجزة أهل الكهف عادت . أنت انقرضت منذ قرون كيف عدت . أنت يجب أن نحنطك ونضعك في المتحف .. أنت تحفة نادرة . درة يتيمة .. هيا الى المتحف .. اليوم أحنطك . أخللك .. أسويك طرشي . +الطمأنينة في حدها الأقصى لدى الجندي بأن هذا اللص سوف " يُحنط " كحشرة ضارة في سجون صدام الرهيبة . +وسحبه من يده وسار به وشحته لا يتمنع حتى وصل به إلى مفرزة شرطة القطار .. +استلموه شاكرين .. وقالوا له أن مهمته انتهت ، لكنهم كانوا حريصين على صرف الجندي بسرعة كيما يغادر المكان ثم اعتذروا لشحته وأدوا له التحية فيما تنحى كبيرهم عن مكتبه فجلس عليه شحته وأمسك التلفون متصلاً بمديرية الأمن في الناصرية على الفور ليعملوا استعداداتهم للقبض على مجموعة إرهابية من أعداء القيادة الحكيمة والأمة العربية المجيدة . +اُنزلوا جميعاً وسيقوا مُكبلين مخفورين .. ذهبوا ولم يعودوا . فيما بقى شحته يردد نشيده الساخر " خطأ! ارتباط غير صالح." وهو دائر بين العربات . + + +تمت + + + + لا يؤمن بشيء + +بعد الأمة العربية المجيدة ... الوحدة والتراث ! +آمن بالاشتراكية ... الطريق الخاص ! +ليس الشيوعية ولا الديمقراطية ! +عما قليل غادرها إلى ... القطاع المشترك ! +صار بعدها رأسمالياً .... معادياً للولايات المتحدة الأمريكية ! +فأعلن في مقابلها : " الولايات المتحدة .. العربية ! " +ولما رأى أنه ينفخ في قربة مثقوبة ! +أبدلها غير هياب ولا متأسف بـ" الولايات المتحدة الأفريقية " ! +عنوان أسود جميل ... +لكنه محترق هالك مبدد مُستعْبد ! +قطار محطم راكس في وحول استوائية ! +في الشمال ؛ السوق الأوربية المشتركة تبهره ! +واليورو .. العملة الموحدة تكتسحه . +لا يصدقه .. يُجَنّنُه .. الاتحاد الأوربي ! +بديلاً للعداء التاريخي القومي +الحربان ... والصراع الاستعماري +عالم لا يفهمه . كيف يتحرك .. لا يعي ما يرى ويقول !.. +ألا يعلم أن الإنسان هناك مختلف حضري ؟! +هاهم يعلنون ... الاتحاد المتوسطي ! +العولمة ... النظام العالمي الجديد ! +وسائلهم لخداع العالمين !.... يقول الإسلاميون !! +- علمائنا !.. لهم بالمرصاد " علماء المسلمين " !.. لديهم البديل ! +الصحابي ابن لادن ... يغزو منهاتن ! +والإمام الخميني وصحابته ... ينطح الاستكبار .. بعمامته ! +وعبد الله المؤمن المجاهد ينازل قوى الشر العالمي البائد ! +والمهدي سيملؤها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً ... +والمسيرات المليونية ... +حيى على الصلاة ... والزيف والمهرجانية ! +الله أكبر ... إليها . +العولمة توحد العالم . . الكفر والإيمان يقسمان العالم +الإرهاب يهدد ، يبدد العالم ! +الجاهلية ... تغزو العالم ! +الانفجار السكاني ... ناقوس خطر ! +الاحتباس الحراري ... إنذار بالفناء ! +السماء تنشق ... النجوم تنطمس ... المنابر تهتز ! +سقطت الكراسي الإسلامية !... +كلا ، أنها موصولة بأوتاد تربطها بعرش الله ! +تكاثرت المسامير المدقوقة في جبين الله ! +النزف خطير جداً ، التلوث ... في دماغ الله ! +سقط الله ... مات الله ! + +تمت + + " باقةُ عَدَس " +سرق ونهب ونصب وغصب ... وهرب بجريمته الكبيرة حاملاً غنيمته على كتفه لم يدَعْها ، والقوم خلفه يطلبوه بين بيادر العدس . +وعلى بُعد خطوات من الحي الآخر ، وفي غمضة عين ، دس كيس المسروقات الثمين في بطن بيدر . وأخذ باقة عدس ، باقة صغيرة واحدة لا غيرها ، حَمَلها بيده ، وهو على حال ركضه السريع . +والتقاه رجال الحي يستجلوه الأمر ، فقال في نفسه : " الذي يدري فأنه يدري . والذي لا يدري ، فأنها ... " . +ثم رفع الباقة يلوّح بها أمامهم ، وجهر بالقول ، لاهثاً أنفاسه : +- " أنها باقة عدس .. " . +فصاح زعيمهم باستنكار وغضب : +- " باطل !!!... أهذا الطلبُ كله خلف واحد أخذ باقةَ عدس ؟! " +وتناخى الرجال لنجدة الدخيل الضعيف الغريب الجائع الشارد المطلوب . المضطر ... +والتقوا " البغاة " بزمر البنادق وصدور الخيل ، يصدوهم ويمنعوا الدخيل . +لكن الطالبون ظنوا أن هؤلاء إنما ينصروا المجرم ، بل هو منهم ، أرسلوه بغياً لإثارة الحرب وإفشال السجال الهدنة القائمة بين الحيين المتناحرين منذ القدم . +لم يوقفوا خيولهم عن زحفها ، ولم يسحبوا الأعنّة لتخفيف وطئها ، وغلب السيف العذل ، واشتبكوا معهم بضرب ملتهب . +ودارت رحى الحرب ، واشتد أوارها ، وثار غبارها ، حتى عفت آثارها ، ولم يعرف الثابت من فارّها ، ولا محترقتها من نُظّارها . ودكّت سنابك الخيل البيادر في مضمارها ، فغدت تراباً ضيّعت أخبارها !.. +وعثرت رجل جواد بشيء كان مدفوناً بتراب العدس . وتبينه الفارس فإذا هو جراب مليء بالذهب والحاجات الثمينة . فحمله على رأس رمحه ، وانطلق بين المتحاربين يصيح : +- كفّو .. لقد وجدتها . +واستكانوا ... ثم كفو عن القتال . +واستبان الرشد فإذا المناجزة قبل المحاجزة ، والسيف قد سبَق العذل . +وطلبوا صاحب الباقة فلم يعثروا له على أثر . +وعادوا فما وجدوا إلاّ أنفسهم يلوموها ويبكتوها ويلعنوها . +ولكنهم حتى في اللوم لم يتفقوا وانقسموا أحزاباً وجماعات ومُسميات ... +ففريق سماه بيوم البيادر ... وإنها لبيادر من الحمق والغفلة والجاهلية ، سحقت بيادر من غلال العدس . +وآخرون قالوا : بل هو يوم باقة العدس ، وأنها لأكبرُ من باقة أحلامكم وأفكارهم . +وكثر التبكيت واللعن ، فخرج جماعة يلعنون اللاعنين واللائمين والمبكتين ، ويقولون ؛ أنه لا لوم ولا تثريب ، فإنما ذاك ليس رجلاً البتة ، إنما هو إبليس بشخصه جاءكم يحمل باقة عدس وأنه لقدر مكتوب ، وسمى هؤلاء ( المؤمنون ) فيما دعاهم خصومهم " المارقون " واعترض مجادلون على " تجسيم " إبليس ، بأنه هرطقة وتضليل وزيف ... +فيما عُباد لإبليس انتصروا لربهم بالسيف . وآخرين أعلنوا الحرب على الفريقين الضالين وسمو بـ" الفرقة الناجية " . ثم تقسموا أحزاباً وكتلاً وجبهات ... ومحاصصات !! +واختلف الناس من يومها فهم في خلاف واختلاف حتى قيام الساعة . + + +تمت + + اللثام +أناديها بـ" قطر الندى " . +وتدعوني أيا ... " بل الصدى " . +قالت : موعدنا غداً . +عصيراً ... تحت السدرة . +وحضرت ككل مرة . +فخرج إليّ رجلٌ ملثم بالمرة . +قال : من هذا ... فلان ؟! +قلت : نعم ... وأنا أرتجف كالبردان . +فخرست وخفت ... وتأهبت للنزال . +فأنه ؛ واحد من أهلها !... أو أحد العذال . +قال : جئت تلتقي " فلانة " يا خلي البال . +مكانك ... سأريك فعل الرجال . +واقترب مني سألاً خنجر الردى . +وكشف لثامه ، فإذا هي .... قطر الندى !! + +تمت + + شعبُ الفلاسفَة +تعداني مُسرعاً . وما كنت مصدقاً أن مثله سيقف لمثلي في ذلك المنقطع من الطريق العام ... ودهشت لما شطحت السيارة على الإسفلت ، ووقفت قربي بمسافة قصيرة . +ركضت نحوها مهرولاً . فتحت الباب ... جلست متهالكاً على المقعد الوثير الدافئ ، بعد ساعتين من الوقوف الشاق في البرد والظلام . +لما سلمت ، رد السلام بتحبب وود ، وزاده عبارة " هلو يا ورداني ، يا روحي وكياني " ... كان مزاجه منبسطاً على ما يبدو حتى أخر رواقة . +ضغط بكل قوته على دواسة البنزين ، فانطلقت السيارة وهي تعيط ، كأنها تستنكر فعلته . +السرعة على أقصاها ، والمسجل يصرخ بأعلى صوته وهو يدور شريطاً من هذا الغناء السوقي المنحط لمغنٍ شعبي معروف بعهره . +قال : أتعرف هذا المطرب . +قلت : بلى ، أليس هو " فلان " ؟ +أشار بنعم وأردف يقول بأسى : " بس خطيه استشهد " هه !... والله بلاش يا زمن الشهادة !.. ما أرخصك في بلد الأنبياء !... ينالك حتى القوادين واللواطيين !!.. +وبتعجب سالت صاحبي : +- غير معقول . ما الذي أدى بهذا إلى الجبهة لـ.. " يستشهد ! " ؟.. ومن بقي مكانه في خندق الرقص والدعارة والقصف ؟!.. +رد بجد ، وهو ينظر في وجهي : +- لم يمت بالجبهة ، إنما ...... " طگت عليه فرخ " . وضج في ضحك هستيري غير موزون مصحوباً بحركات انفعالية لا إرادية حتى فقد السيطرة على مقود السيارة ، فراحت تتمايل بشكل مروع ... كان يضحَّك نفسه ، أو يضحك عليها !... أما أنا فقد احتلني الخوف من طيشه وعربدته . +بقيت ساكناً جامداً في مكاني .. توقف المسجل ، ناولته الأجرة المعلومة فرفض أن يأخذ فلساً ، وقال يجاملني بلطف وكأنه يعرفني كصديق حميم : +- أخذ منك أجرة ؟ مستحيل .. أنت كيف ترضاها !. عيب على شيب أبيك ، كلا ارجع فلوسك يا ابن عم .. والدك رائع .. أحبه . كيف حاله ؟ +وبدى من حديثه المتخبط أنه غير واعٍ . ربما أنه مخمور أو سكران ، إلاّ إني أجبته بالصدق كما ينبغي : +- أبي مات منذ سنين . +وكأن الخبر وقع عليه وقوع الصاعقة ، فلطم جبهته ، وأراد أن يمزق ثيابه . ثم أوقف السيارة وسط الطريق يتساءل باهتمام منقطع النضير : +- كيف مات ؟ أأنت تصدق أم تكذب ؟.. متى وأين مات ؟... آه روح طاهرة .. ألف لعنات على روحه ، وسبع رحمات كان " حيد . مرعيد . خوش يكاون " . +وراح يتمتم كأنه يتلو الفاتحة ، أو يخترف كالمجنون ، أو هكذا هو كما تصورت . +ورأيته يمد يده إلى جيبه ويستخرج قنينة صغيرة ، فتحها وراح يكرع منها ، ثم مد يده بها إليّ بعدما اكتفى ، وقال : +- خذ لك كمع ثوابات على روح المرحوم ، عشرُ لعنات على روحه ... لم احتج وأنا اسمعه يسب أبي لمرتين ... ليس على المجنون حرج ، وأنا في سيارته آخذ راحتي ، مستريح بأكثر من استراحة أبي في القبور . +كان يسير بسرعة جنونية ، ونحن على طريق كميت ـ العمارة ـ الكوت ـ بغداد العام عائدين من الجبهة بعد منتصف ليلة 17/12/1985 . +بدأت أخاف على حياتي أن تقدم قرباناً رخيصاً على مذبح السكر ، ناسياً أنها قبل ساعتين كانت مصفوفة في طابور مليوني على منحر الضياع والموت والزيف والاستضعاف والغلبة . +قلت : أنزلني أيها الأخ . +ولكنه لم يجبني حتى كررت القول ، وأنا غير جاد . قهقهة بلا مبالاة وقال : +- لا يمكنني أن أتركك . أنا أخدمك بعيني تكريماً لذكرى الوالد الطيب . حدثني عن ذكريات والدك +واضح أنه يريد موضوعاً لحديث ، أي كلام ... أي كلام ليقتل به الوقت ، وإلاّ أين هو الشاب الأربعيني من أبي شيخ السبعين الذي مات منذ سنين ؟! +ولكني بقيت أتساءل مع نفسي : " أتراه يعرف عائلتنا ؟ " .. ربما ! +قد أكون رأيته ، وأعرفه ، لكن الحرب والبرد والليل أنسانيه . +قلت : ما اسمك الكريم أيها الأخ ؟ +قال : أنا عراقي .. هذا يكفي . العراقيون متشابهون بأخلاقهم وأشكالهم وحتى أسمائهم . +لم ألح . قلت دون قناعة : " أنا أيضاً عراقي " ... محارب ، متعب ... +الأفضل أن أغمض عيني وأنام .... ولكن المشكلة أنه " يريد يسولف " ... قال : + العراقيون على أخلاق ملوكهم .. فاسدون . +قلت أصحح له قوله : + " الناس على دين ملوكهم " هذا هو القول العام المأثور . + لكن العراقيين أفسدتهم الملوك . + الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها . وهذا العراق ما هو في التاريخ إلاّ ساحة حرب بين الملوك شرقاً وغرباً وشعبه مغلوب مقهور مُستضعف وحكمته في السياسة هي مثله الدارج " كل الياخذ أمي يصير عمي " . + هذا من الضعف . العراق شعب قليل العدد كثير الثروات ولذا صار مطمعة للعالمين . + أوافقك .. لا يوجد تناسب معقول . هناك بون شاسع بين السكان والثروات أدى إلى ( تخلخل الضغط السكاني ) في المنطقة وما حولها ، مما سبب الأعاصير – الحروب ... بغداد هذه بؤرة الإعصار الدائم . + الحل إذن أن نزيد عدد السكان ، وهذا هو توجه القيادة الحكيمة الآن .. في الجبهة الآن ثمانية عشر مواليد أي جيل بأكمله .. أبي تزوج أربعاً وخلف عشيرة ، نصفهم ماتوا في الحرب . + أبوك حمار . والحمار لا يخلف إلاّ الحمير . أنا أدعوا إلى زيادة إستراتيجية لا تأتي عن طريق الولادات ، إنما يفتح باب الهجرة العالمية على هذا البلد من اجل تلاقح الحضارات والأجناس وخلق مجتمع مولد إنساني سليم خالٍ من الأدران الطائفية والعقد القومية والعرقية . + يا ليت يا عم ... على الأقل الواحد منا يجد منكحاً سهلاً يسيراً أينما ذهب ، كأهل أوربا . + وأنت ما نظرت إلاّ لهذه ؟!... من أدراك أن البغاء والزنا أقل عندكم ؟.. " لأنتم شر مكاناً ولكن لا تعلمون " ... أنتم إن كنتم تعيشون لغاية ، فإنما هي جنسية بحتة . ما أنتم إلاّ بطون مندحقة وفروج ملتهبة ... أما أهل أوربا فقد تجاوزوها وتركوها مطروحة على هامش الحياة ، مُلقاة بإهمال دون رقيب ، يعب منها أهل الهامش ما شاءوا . الجنس لديهم ليس غاية . + أنا ذهبت مرة إلى أوربا ، نكحت مئة فتاة .. أنت كم واحدة نكحت في عمرك ؟ + أنا لم أرَ غير امرأتي . + عمرك خسارة .. داعيك أوصل العدد لحد الآن إلى ثمنمائة وست وأربعون .. أريد أن أجعلهن ألفاً لأحاكي فعلات جدي هارون الرشيد ... بالمناسبة أنا اسمي رشيد . أنت ما اسمك . + اسمي محمد . + وماذا تعمل يا محمد . + أنا خريج كلية الآداب . والآن جندي في صنف الدروع . + " خريج . مريج . الكل يشرب بالابريج " . + أريد أن أتبول .. هل لديك إبريق .. كه ها هاي ... بفجأة أوقف السيارة .. نزل يبول واقفاً على قارعة الطريق . +كان يسألني عن اسمي وسكني وعملي دون اهتمام بحيثيات وأهداف السؤال ، كأن الكلام يخرج من فيه دون أن يقصده أو يشعر به ، أو يقصد من وراءه مفهوماً محدداً +واضحاً . +أجوبتي أنا الآخر كانت تحمل نفس الطابع .. كلمات مشروخة مفرومة مبعثرة مشوهة كالجثث في الجبهة ... كطعم الحياة نصف المعطلة ، كالأرواح والنفوس العراقية الآيلة للسقوط ... كدين المنافقين !!! +كنت مُغمِض العينين ، مُستلقياً على الكرسي .. اسمع . أحلم . أجيب . أضحك . أتكلم ... أسكر مثله ، بيد إني في الحقيقة نصف غافٍ . +قال : أنت عسكري منضبط كما يبدو . + " نعم ... لكني سوف أهرب " .. قلت بمباشرة سريعة فيها حماسة . قال بنفس لهجتي : + جبان ... لا تفعلها . + وأنت ألا تهرب . + أنا لست في الجبهة . بل في مركز محافظة ميسان ، شبه مدني . أنا أعمل في مقر الفيلق الرابع مرتاح وآمن و " منسق " انزل في أي ساعة أشاء .. و " أنكح " يومياً ... كم يوماً قضى لك في الجبهة ؟ + أربعون . + وبماذا تفكر الآن . + مشتاق لامرأتي . + أربعون يوماً تركتها !... قد تجد مصرياً يضاجعها الآن . + هذا أخي العربي .. لا ضير ، بعضنا من بعض . + كها هه هاي ... تحيا الأمة العربية . + ....... + كيف تصبر أربعين يوماً . + أقرأ كل الوقت ... الكتاب لا يفارقني ، على الساتر ، في الحجابات . + مجنون ... الجنود بعضهم يلوط ببعض ... على دين ملكهم كه كها ياي ... صدام يستأجر مصرياً يلوطه .. هل سمعت بهذا . + الله أعلم . + هذه حقيقة مؤكدة من مصادر كثيرة، صدقني لا تستغرب. + بلا شك . أنا أيضاً سمعتها . + أخبار حقيقية تؤكد أنه مأبون ... أنا لا أهزل . + مالك مهتم جداً ... هذه ليست جديدة ... حكام العراق وولاته أكثرهم لوطيون ، بل مأبونون .. اقرأ التاريخ . + والحكاية القائلة إن صدام نغل ، وأن أمه كذا وكذا . + صدام سيد من آل النبي أو نغل . هذا كله غير مهم لديّ . + ما هو المهم إذن أكثر من هذا ؟ + أولاً وقبل كل شيء ؛ صدام مجنون سلطة جاهلي . + لكن أفعاله لا يعملها إلاّ ابن زنا . + ابن الزنا من أنجبه ؟... والفرعون من فرعنه ؟! + صحيح " كما تكونوا يول عليكم " رعيته أسوأ منه ... وهو منهم وإليهم ... هذه الدهماء الموغلة في الجاهلية والزيف كفرت بالحرية كفرانة بالسلطة +هم أفسدوه ، وهم آلة فساده . + أما إنك من رعيته ؟ + وهل أوسخ وأقذر مني كائناً ؟! + كيف تقول هذا عن نفسك ؟ + هذه حقيقة ، أروي لك طرفاً منها ... لماذا المكابرة ... وراح يحكي وأنا جيداً أستمع له بدل المذياع : +أنا ... مكرم جنابك ، نائب ضابط إعاشة . كنا من الناهبين الأوائل عند تحرير المحمرة – وإلى الأبد – وجدت فتاة عربية ترعى الغنم أو تائهة فاغتصبتها وقتلتها ... اغتصبت كثيرات . + قتلتهن . + كلا ... واحدة ... + لماذا . + هذه كان قائد الفيلق هناك ، وخفنا . فخنقتها بيدي ودفنتها في الموضع . لكنها " شورت بيّ " في الحال ... أخي كان مغواراً بطلاً مثلك . تقلد ثلاث أنواط شجاعة ... استشهد في اليوم نفسه ... +وسكت برهة يهز رأسه بأسى ثم أضاف : +إيه .. أخي حمدان لا تدري ماذا فعل بي . أردت أن انتحر لما سمعت خبره ... كان معي في لواء المغاوير نفسه . +على كل حال .. دنيا تمر .. وكلنا على هذا الطريق ... اشتعل أخي ، اقصد انتعل .. " خطيه طك عليه لغم مال دبابة " . +وضحك بعنف ، ثم فجأة قطع ضحكه الهستيري ، وأضاف متجهماً مغيضاً كأنه ندم على سبب روح أخيه .. : +قتل أخي ، وتحولت روحه " الطاهرة " إلى ... سيارة ! ها أنذا أركبها الآن ... وامرأته أيضاً ركبتها ... وهل لو كان حياً سيعطيني سيارة .. وامرأة !!... ليذهب إلى الجحيم . +قلت متقززاً : إن أدنى الحيوانات تعفُ عن فعلاتك الخسيسة هذه . +قال دونما أدنى غضب : + كل العراقيين هكذا . + أحك عن نفسك السيئة .. لا تعمم ، العراقيون أمة راقية . + أبداً .. هذه الخطيئة أي سجعي سطحي تافه لقنك إياها ... بل هم أمة واطئة ... ربما أنا أصدقهم لهجة . أعلنت عن الحقيقة بصراحة . وندمت على ذنوبي وحاولت التكفير عنها ... ألا تراهم جميعاً يفعلون فعلي وأنكر منه ... هذا المجتمع تحول إلى بهائم سارحة ينزو بعضها على بعض ثم يذبحون بعضها وهي تجتر .. المال والسيارات والرواتب التقاعدية المجزية ومنح الشهداء وقطع السكن المخصصة لذويهم ... هذا وغيره أفسد كل الروابط الاجتماعية بعد العلاقات الإنسانية .. حتى الأخلاق والمحرمات والنقاط التي كانت حمر اصفرت واخضرت ... + صدقت . أعرف أباءاً تمنوا أن يُقتل أبناءهم ليتحصلوا على سيارات .. وقد تحققت أمانيهم وسعدوا . + بل قتل والد ولده .. وكرمه صدام وأخرجه في التلفاز وأوعز أن يرسلوه إلى الخارج لـ" يصلحولو عويناتو وظهرو " ألا يستحي هؤلاء ... إذا كانت الأبوة هذا حالها في العراق فما تسل عما دونها . . هه عراقيون أماجد !! + ميّز الضحية من الجلاد يا عزيزي . نحن قلنا : أن الناس على دين ملوكهم . وهذا عبث الملك الجاهلي صدام بأخلاقيات المجتمع العراقي . + بل المجتمع العراقي بدوي جاهلي أصلاً . هو صنع صدام وأفسده . + نعم . وعلى الحاكمين أن يعالجوا حالة البداوة والجهالة فيه ، من أجل التحضير والتعصير . +الذي يحدث ؛ أنهم يحيون القيم البدوية ليؤسسوا عليها ملكهم الجاهلي .. +خذ حالتك مثلاً : +لو لم يجتاح صدام بعسكره المحمرة .. وما بعدها . +أكنت كمواطن تجد إمكانية للنهب والسلب ، وثم الاغتصاب والقتل العمد ... لقد ركبك صدام على صاروخ اخترق بك الموبقات السبع .. لقد دمرك كإنسان ، ومثلك أكثر من نصف الشعب ... فما تسل بعد عن النصف الثاني ؟! +ملوك الزمان كلهم ساروا على هذا الخط . لم يجد العراقيون راعياً حضرياً يرتقي بهم سلالم التطور الحقيقي . +حتى الصالحين من أهل الدين والتقوى كانوا في الحقيقة جاهلين لا يرتقون ، وتزل أقدامهم ولا يهتدون لأنهم لا يمتثلون الأمم الحية المتقدمة وحضارتها امتثالهم لـ" السلف الصالح " والخلافة وزمنها . فأن ارتقوا خطوة عادوا القهقرى خطوات . +أما الطالحون فكانوا وحوشاً متحجرة يحيون الهمجية ويرجعون بالحياة إلى أدنى صورها ، لأنهم في الغواية والجهل والبداوة والهمجية راكسون . + سيدي الكريم .. كلامك أحكام فلسفة عامة ، وأنا أعرف منك بنفسي ... سادينها خارج أحكامك الاستنتاجية الوعرة ... اسمع : +أنا لما نهبت ، ما كان النهب حلالاً في دين الملك . بل كانت وصايا صدام مشددة في أمر المحمرة والقرى العربية حولها أن تُصان ... +مع ذلك ، أنا نهبت وأصحابي نهبا كثيراً .... وثم اغتصبنا حرة عربية تُعد من ( ماجدات ) صدام . ولو وصل النبأ إلى قائد الفيلق لأعدمنا ، ولذلك ارتكبنا الموبقة الكبرى وقتلناها . +خفف حملتك الشعواء على الملوك يا أخي . الناس أسوأ من الملوك . والعراقيون هم يفسدون ملوكهم بالملق والنفاق ولعلي أخاف على الشيطان منهم أن يفتنوه ويغووه ويوسوسوا له ... +وأسقط بيدي وأنا ابتسم متعجباً لبيناته الواضحات قلت مسترخياً أقلب كلماته ، وفيها إدانة صريحة لا ترد : + ماذا أقول لك يا أخي .. إن الغزو والاجتياح والحرب ، يولد أكثر من هذا الذي أنت فيه . +رد بتصميم عالٍ ، وهو يضرب بمقبضه المقود : + كلا...أنا على يقين ثابت ؛ لو كان الغزاة جنود من الألمان أو الإنكليز أو الأمريكان ، لما نهبوا ولا غصبوا ولا قتلوا بل حتى البرابرة والمغول لم تفعل أفاعيل جند صدام ليس في إيران والكويت حسب ، بل في المدن العراقية ذاتها ... وتأفف بضجر وأضاف : +بلا ملوك ، بلا حروب يا أخي ... هاك صورة واحدة للإنسان العراقي تكفي . +كانت بغداد تُنهب وتُسلب من قبل أهلها كلما دهمها فيضان ، أو أجلى سكانها وباء !.. +لماذا لم يحدث مثل هذا في باريس ولندن وبرلين ، وكانت ساحات حرب لمرات عديدة ؟! لأن الإنسان هناك أرقى . +ـ من أدراك لم يحدث فيها نهب من قبل أهلها .. بلا قد حدث لكن قد يكون أقل . +قد يكون أقل ، ويقيناً إن الإنسانية تتمدن حتى في سلوكها الحربي ... غير أن البداوة متأصلة فينا ، ولن تخرج وتغادرنا بالطرق التقليدية كالإصلاح والوعظ والإرشاد والتقنين ، بل هذه تزيدنا سوءً ... إنما إصلاحنا يحتاج إلى خطوة إستراتيجية تعمل على تبديل الإنسان . تمدين الإنسان . تجديد الإنسان . تكثير الإنسان . تلقيح الإنسان ...... استيراد الإنسان ! +لم يعلق ... لم يفهم كلامي الكبير هذا ... هو قطعاً ليس لأمثاله . يجب أن أسمعه آخرين مختصين ، أمميين ، إنسانيين ، عالمين ... ويل لي من الجاهلين . +وسكتنا برهة ... الطريق طويل ... اجتزنا المدائن . دخلنا بغداد ... +انفجر صاحبي بالبكاء فجأة ... التفت إليه دون كلام . +قال بأسى وهو يكفكف دموعه : + مسكين أخي . كان يصلي خمس مرات في اليوم ، وقرآنه بقدر قنبلة المدفع . يضعه على حاوية عتاد كبيرة في باب الملجأ .. أنه جندي باسل ومنضبط . قد يكون لا زال يصلي ويدعو في قبره .. وهو بملابسه الخاكي .. وقعت قنبلة في ملجئه لم يصدها قرآنه ...! +وثم طرقعت ضحكته الهستيرية غير المألوفة ... سلوكه غير المتوازن كان ينم عن فكر مشوش أنها حالة نفسية معروفة ، أو مرض عصبي . أو لعلها " الازدواجية " مرض العراقيين القديم عاودهم في الحرب بأقسى حال وأشنع مآل . +النقمة المحبوسة في الداخل ، تولد انفجاراً يبقى محبوساً في الروح فيدمرها تدميراً . +كل عراقي يحمل ثورة ضد الواقع ، مكتومة مقهورة ، وها هي تظهر بهذا الشكل المنحرف من السلوك اللامتوازن . أنه جنون خفي يظهر تارة ويخفت أخرى . وقد لا يكون ضاراً أحياناً. +الرجل رايته جاداً هازلاً في آن معاً . يضحك ويبكي . يسخر ويحترم ، ويغضب ويفرح ... إنما ساحته نفسه ، يعنفها ، ينتقم منها .. إن المرض فيها . +ليته يبقى مرضاً نفسياً ... الخطير الكارثي عندما يتحول إلى " فلسفة " ! +فلسفة تمزج الحزن بالفرح كيف يجتمع النقيضان ؟! ... هذه خاصة بالعراقيين وحدهم ... خاصة بالعراقيين من دون الشعوب رأيت دموعه حقيقية على أخيه ، سألته ناشداً الحقيقة وحدها : + ما لي أراك تضحك بعد كل دموعك السخينة على أخيك ؟ +ولع سيكارته بأناة ، وقال وهو يرنو إلى البعيد : + ما كانت لي أدنى رغبة لأخذ امرأته . لكنها إرادة الوالد ، وعيون بنات أخي . +كنا حُزانى كلنا ، بعد أكثر من ستة شهور على " استشهاد " المرحوم . +وأثر انهمار الأموال علينا كالسيل ، تغيرت أشياء كثيرة في حياتنا ... أنا كنت مغرماً بالسيارة ، لا أريد غيرها ، أخذتني إلى المدينة وأبرزت لي جميع مفاتنها . هي المعاش . هي الفراش . هي المرأة . هي اللذة والنزهة ... لا أريد شيئاً . +امرأة أخي غراب أبقع ، مسودة حزناً على زوجها ، تبكيه ليل نهار . دهّنوها ، صبّغوها ، أعدّوها ... +قال أبي : أدخل الليلة . قد أكملنا التحضيرات كلها . +دخلت بروح منقبضة ، مسدودة ، متصدعة ، كبناء يريد أن ينهار . +جلست بعيداً على كنبة في الركن القصي من الغرفة . +أشارت إليّ بقفازيها الأبيضين أن هات . +لم أقم إليها .. ليتني ما دخلت .. عزمت أن أخرج لولا .. +بعد قليل قامت ... وقفت بإزائي وأنا قاعد . بما وضعت من أدوات وخرق ، بان محتواها .. ظهرت كامرأة .... اشتهيتها ... ما كنت أنظر إلى وجهها ، يقابل وجهي وسطها ، أردت لمسها .. انحت عليّ ، قالت : +" قبلني " . لما هممت ، أنطفأت ، وجاشت نفسي بالألم والحزن ... أنها " عفراء " امرأة أخي . +قلت : هل من طلب لي إليكِ يا أم غصون ؟ +قالت : قل .. ولكن ادعني باسمي قل لي ، يا عفراء . +قلت : يا عفراء هل لك أن تلبسي حجاباً . +قالت بانزعاج واضح ، وقد فهمت : + لماذا ألست امرأتك ؟ +قلت : أرجوك دعينا اليوم . +قالت تدلق لسانها وتعيبني به : + ماذا !... قم يلا قم . +وقام .. وقمت كما أرادت ... أعطيتها حقها . +كان الجميع حزينون ، ومتوجسون من أمر واحد ، ذلك هو أن لا نكون زوجين كما يجب ، بسبب النفور والألم النفسي الممضِ المرافق للحالة . +وسريعاً أخبرت أمهاتها وصاحباتها ، بأنه اقتحم العقبة ، فرحن يزغردن .. +ما أشد ضيقي وانزعاجي لما سمعت الهلاهل . +أردت الخروج بسيارتي لما انتهت المهمة ، لكنهم منعوني. +قال أبي : " اعقل ولا تفضحنا . ابق لدى امرأتك لا تخرج حتى الصباح " . +أتعلم ماذا فعلت ليلتها !. هل سمعت بالدبة التي تختطف الرجال ، في جبال الشمال يحكي عنها الجنود قصصاًَ غير كذوب. +عفراء امرأة أخي ... كانت الدبة ! +امتصتني .. ازدردتني .. لحستني .. أكلتني وقذفتني جيء بالطعام والشراب والورود ... +على مهلها كانت تؤكلني ... لا أشتهي .. بيدها تحشو فمي ... غصّصتني ... جرّعتني . +كذلك فعلت ... بمجامع عزمي . +لم تعد بيّ رغبة ... أرغمتني ... وقعت فوقي . +وفي الحمام ... لم تعفني ... صارعتني .. في كل فن غازلتني .. +أهذه يا رب ، أمس ... كانت تبكي ؟! ... امرأة أخي! +لما سكت ، طفقت أضحك دون هوادة . لا أدري أي شيطان تفل في حلقي .. قال : لماذا تضحك ؟... أنا ذاتي لا أعرف السبب ... +ربما لسذاجة القصة وتفاهتها ... حقاً هناك أناس يتعثرون بشرنقة من خيط العنكبوت يلفوها حولهم . تأكدت أن الرجل موسوس ... إنما رثيت لامرأته التي ورثها من أخيه ، كيف تعالج حبها واشتهاءها مع شقاءه وشقوته !.. +الشقي أسر لي أنه يخطط لتضييعها والتخلص منها ... صحبتي له لا تتعدى رحلة بالسيارة فماذا يمكن أن أفعل سوى النصيحة والوعظ . +إنسانة من حقها أن تعيش . تمارس الحب كما تهوى . تأتي حرثها أنا تشاء كما الرجل ... لماذا تحسدها ؟. قد أوفت لأخيك حياً . ولما مات بكت نفسها ، حظها ، نصيبها ... هذه حقيقة كل أرملة . أو بكت لزوج أحبته رحل وتركها في فراغ لابد من ملئه . +لم يرد عليّ بحرف .. صامتاً مكفهراً أخرج قنينته مرة أخرى ، وأخذ جرعة ثم أخرى وأخرى حتى أفرغها في جوفه ، ورمى القنينة الفارغة . +وبدى أن السكر استولى عليه . ولكن مسيرة ما أنفك معتدلاً ، وسيطرته على السيارة تامة كأنه تعلم السياقة تحت اللاشعور ... أنا ما عدت أـخشى السكارى في شعب ثمل بالخمر والعهر ... والفلسفة !! +وقريباً من شارع فرعي ، قال لي باحترام وود : + أخي الكريم ، من فضلك ، أنا ذاهب من هنا إلى " الكاولية " ( ) فهل ترغب في الذهاب معي ؟ +قلت بنفاق مفضوح : + " ولا تقربوا الزنا أنه كان فاحشة وساء سبيلاً " . +وبدى كأنه يسمع الآية لأول مرة ، وكأن عقله عاد إليه فقال مستفهماً : + ها. صحيح. الفاحشة، والله ما كنت أدري . مَن قال هذا ؟ +قلت بتركيز وإيمان : الله تعالى . +قال يتفلسف ، كأي حمار عراقي : + الله في الجبهة .. وفي الشارع .. وفي المسجد يحرق ويلعن ويُطرد +لكني أرى الحياة في الماخور هادئة عطوفة حنونة لذيذة دافئة بعيدة عن دنيا الحرب والكفر والدجل والنفاق ... إني أجد الله هناك اقرب ... هيا بنا لعلنا نرى الله ... +ما كنت قادراً على منعه ، ولست بمستطيع مغادرة مقعدي الدافئ المريح إلى البرد والشارع الموحش في هذا الفجر الأليم . +وبدى أنه عدل عن فكرته عندما قرعت أسماعه تكبيرات مآذن بغداد . +قلت : لنصلي . +قال : أنا لا أدخل الجامع ، إنما سأسكت هنا دقيقة صمت ، حداداً .. على موت الله . +وسكتنا دقائق ونحن نسير في الشوارع الكبيرة المنورة بصخب . +قلت : أترى أن هذه مدينة حرب ؟ +قال : بل هي مدينة السلام ، بغداد صدام . +وكانت امرأة تشير من بعيد بإلحاح ... +قال : ما رأيك أن نأخذ هذه ، نستمتعها .. على سنة الله ورسوله ؟ +قلت : ماذا تعني ؟ +قال بثقة العارف : هذه مومس محترفة ، خرجت في الفجر ( على باب الله ) تحصل رزقها .. تيقن أنها صَلت ودعت حسب الأصول ، قبل أن تخرج في الغبش ... إنها تبحث عن فحل مؤمن صلى لصدام وصام أربعين يوماً . +سبحان الله !... كل يرى الناس بحسب نفسه .. قلت بلهجة فيها عدم ارتياح ! + بأي حق ترمي المحصنات ... ما أدراك لعل مصيبة أخرجتها في هذا الوقت المبكر من الفجر ؟ +وقف لديها ، فرمت بنفسها على السيارة تقول بلهفة : +فدوه أروحلكم ، وياكم ... زوجي جلبوه شهيداً ، وخابرونا أن نستلم جثته من مستشفى الرشيد أرجوكم الرحمة ، خذوني . +وسريعاً فتحت الباب وتكومت في المقعد الخلفي وهي تجهش بالبكاء .. +زوجها !.. وحدها !.. في هذا الصباح الأليم !.. الله أكبر ... إلى أين آلامكم يا أهل العراق ؟ أنا الآخر رحت أبكي بحزن حقيقي . +ومددت يدي لأسد المسجل وطبوله المنكرة . لكنه لم يسمح لي ، وقال : دعه . +قلت : إذن افتح محطة الإذاعة على قرآن الفجر .. ها هو يؤذن . +صدع لرأيي حياءاً وتذمماً ، وأدار الراديو على إذاعة دينية .. لكنه أبقى الصوت واطئاً جداً . +وقطعت المرأة بكاءها وقالت : + عيني .. إلى أين أنتم ذاهبون ؟ +قال لها صاحبي بنزق : " ذاهبون إلى " الكاولية " +قالت بأسلوب مباشر : " خذوني معكم " +وفيما كنت أتلفت لأفهم ، قرص صاحبي فخذي +وقال : " هل تعرف أن تسوق " ؟ +قلت : بلى +قال : تعال مكاني . +وتباطأ حتى وقف ... لكن فهمي كان بطيئاً جداً ... تصورت في البدء أنه داخ من العرق والسكر ... ويريد أن يستريح . +قال لي : خذ هذا الشارع الطويل ... كن بطيئاً سق على مهلك . +نزل سريعاً ، واستدرت مكانه ، فيما تحول هو إلى المقعد الخلفي مع المرأة !... بدأت أفهم الحالة ببطء . +بعد مسيرة ميل على غير هدى ، لم احتمل الحالة ... لا أقدر أن أقود .. المرأة كانت فاحشة وشهوانية بلا حدود ... والصوت أقسى من الصورة !... الأنْعاظ ضايقني .. وقفت في الظلام . +لما قضى صاحبي وطره منها ، بادلني الحراسة والسياقة .. ودخلت .. المقعد الخلفي .. يا لله ما الخلفي !. بعد أربعون يوماً من الحرمان.. الصيام .. على دين عبد الله المؤمن صدام !!! +لم تطلب شيئاً لما قال مازحاً : " أأمري " .. لكنه لم يعطها فلوساً ، إنما ناولها كيس كبير فيه علب بسكويت ومعلبات ... مؤكد أنه سرقها من حانوت الإعاشة العسكرية حيث يعمل . +أما أنا فقد سلمتها خمسة دنانير من راتبي البالغ أربعاً وثلاثون ديناراً ... تستاهل . تاخذها حلالاً طيباً ، منحة خالصة من كل قلبي ... لقد تعلمت ثلثي المرأة على يديها .. كانت امرأة .. والنساء قليل . +قلت لها منسكباً على ترائبها الحنونة : +كليها هنيئاً مرئياً ، لأنك كنت بحق هنية مرية شهية .. بارك الله فيك تؤدين عملك بإتقان وعشق وإخلاص لا يتوفر لدى العاملين ... أنت فنانة تذوب وتتفاعل في دورها ... أنت مؤمنة تسجد بخشوع واستغراق . +وضحك صاحبي وراح ينشد : +وعابدةٍ .. لكن تصلي على القفا +وتدعو برجليها .. إذا الليل أقبلا +وأطلق ضحكته الهستيرية العالية وأضاف : + " هذا الفتى أيضاً .. أُصيبَ بالفلسفة " ... +وقالت هي بصدق فيما أوّلت : + إني أحببت هذا الشاب اللطيف . أنه بريء نظيف . لا زال خامة بيضاء لم يدنس ... لا أحب أن أكون قد دنسته . وأريد أن يشملني بطهره ... ليتني أتوب على يديه ، وأكون له وحده . +وصاح صاحبي بانبهار : الله الله .. ونحن أين نكون يا شعب الفلاسفة ؟ +ثم راح يداعبها بمرحه المبتذل .. يقرصها في مواضع ... +لم يرق لي منه ذلك . +وكنا قد بلغنا الصباح في الباب الشرقي ( ) .. أوقف صاحبنا سيارته ، وقال كأنه لا يعرفنا : +" انزلوا هذا هو حدي " . +نزلنا ، وهو يشيعنا بآيات الترحيب والتأهيل العراقية الحارة ... +ثم تحرك مواصلاً طريقه ، فيما مضى كل منا إلى غايته ، وسط زحام ساحة التحرير . +حمدت الله على السلامة . وسرت أنوء بحمل أفكاري الثقيلة ... أغربلها .. أحللها ؛ أيها الصح ، وأيها الخطأ ... أنا أم هذا العراقي ؟.. وقد انتهينا إلى ذات الفعل المزدوج !... لكننا لم نؤذي الحياة ، ولم نسيء الى أهلها فيما أرى . +وهذه العراقية الرائعة إنسلت من بين يدي كخطرة خيال ... أعطتني جسدها ، ولم تعطني اسمها ، لكي تحافظ على " ازدواجيتها العراقية " ، فتكون " امرأة شهيد ! " .. ما أقدسها في الاسم .. في القول ... وفي الفعل هي " عاهرة تبيع الهوى " ... ولكنها تحترم عملها حد التقديس . +العراقيون المزدوجون .. كلهم في الفعل متشابهون . في القول ، مختلفون ... متفلسفون ! +كبر مقتاً فلاسفة الازدواجية السكارى بالخمر . والقهر . والعهر ... +قديماً .... لا خوف من اجتماع الخمر بالعهر . +إنما .. في الحرب والظلم والكفر +يدخل مع الخمر والعهر ... +ثالوث اسمه القهر .. +لينتج " الازدواجية " ... الفلسفة الأشر +وهناك يكمن الخطر . + + +تمت + + أَصناف وألطاف +يكذبني . يخدعني . +أبشمني . أيئسني . +وهو إبني ، أرضعته لبني . +سرقني مئة مرة ومرة . +بدأ بمحقرات . صغائر ، لم يعافها .. رغم كل معالجاتي . +ترك المدرسة . هرب وعصى .. ضربته فأبى . +أبوه قتيل حرب . +صار رجل البيت ... خان البيت ! +لو أعطيته قنينة الغاز ليملأها ، ذهب بها . باعها . سرقها . +جدته تحبه ، ترحمه ... سرق سوارها . +فقدت بعض الحاجات من محل خالد الذي يعمل به . +ربطه إلى العمود وضربه ضرباً مبرحاً . +لم يعترف ... طرده . +صار محترفاً خطيراً يلقف كل ما يجد . +ملابس أخواته المنشورة على الحبل ... +أواني الطبخ ... خرطوم الماء في الحديقة . +المشكلة أنه لا يعترف ... +عرفت أنه يشتري المخدرات .. يتعاطاها . يبيعها . +صار خطيراً لا أقدر عليه . +طردته من البيت ... لا أريده . +اشتروه ... سَخّروه . +صار إرهابياً ... قاتلاً . +نعم ... أنا أمه ... لم أقصر في جهدي ... عجزت عنه . +أرى القانون أرحم به . وبي . وبالمجتمع . +لما حكمه بالإعدام ... +بدموعي التمس تخفيضه إلى الأشغال الشاقة المؤبدة +أريده حياً +لا أحتمل أن يموت . + + + + + +تمت + + + ولله لصوص أيضاً !! +حي على الصلاة ... +منذ ثلاث تركت الصلاة . +وفكرت ببناء مسجد في الصين . +يحمل اسمي الرنان +ويقربني خطوة من خالق الشيطان . + * * +أشياء أراها في دار جاري +كلها تبكي على " حرامي " . +سأشن غارة على الجيران . +ومن الغنائم أكمل مسجدي الرنان . + * * +بعد نقاش صاخب وحام +اتفقت وصديقي التقي على جواز أن نسرق اللصوص . +من أين نبدأ يا تقي ؟ +قال : من الرئيس + * * +لبسنا العمائم مثل اللصوص . +خلعها صاحبي . قال لا يجوز ... +" العمامة تعني الاستقامة " . +لما عملت وزيراً ... للقبور +أمرت ببناء أضرحة ومساجد +قال وكلاء وزارتي : +ما أكثر التكايا في البلد ... اعمل غيرها . +علمانيون ... طردتهم +جئت بـ " ديّانين " أطالوا المنائر +زججوها .. غلفوها بالذهب +" ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " +لكن قلبي لا طمأنينة فيه +أخشى أن يغير عليها بعض " الوهابية " +أوعزت لصدقائي بسرقتها . + + +تمت + + " السانيَة " +طرحت جثة رضيعها أمام الشيخ في ديوانه المكتظ بالرجال ، وقالت : +- " إن ابنك قتله " . +... زين شباب العشيرة وفارسها ... كيف يقتل طفلاً بريئاً ؟! ... " قولي غيرها يا امرأة ! " +وصكت وجهها صارخة نادبة : " أريد ولدي ! " . +وجاء ابن الشيخ يقول صادقاً : " لم أرها ولا ابنها ، وما أفقه ولا حرفاً مما تدعي ! " . +وأحضروا " العارفة " فسألها أمام الملأ : +- " متى وكيف تم ذلك " . +قالت في إفادتها : " في الصباح لما خرجت ابتغي حزمة من الحطب ، وتركت ولدي في ظل عليقة صغيرة ... عما قليل رأيت فارساً على صهوة جواده يمرق كالسهم بالقرب منه ، هو هذا الفتى. وصرخ الطفل فركضت إليه . وحملته إلى البيت ... لكنه لم يسكت حتى مات . " + عجباً !... ربما يكون قد لدغته أفعى . + كلا ، بل هي رجّة حوافر الفرس أوقفت قلبه وهو ابن ثلاث شهور . + لكنها لم تطأه .. هذا باعترافك أنتِ . +قال العارفة : " إن حوافر الخيل ثقيلة على الأرض تدكها دكاً . + الله !... وتميت من هزتها ؟! + الفارس يضمن إذا حرك الماء .. هكذا السانية العشائرية . + كيف ذلك ؟ + نملأ قدحاً بالماء ، نضعه في موضع منام الطفل تحت العليقة ويمر ابنك بفرسه في طريقه الذي أتى منه فأن أرتجّ الماء فعليه الوزر ويدفع الديّة . + أهكذا حكمك ؟ + نعم ... وهو الحق حسب السواني التي وضعها الأولون . + وأنا قِبلت شريطة وضعها بقانون . +لما تتحول أساطير الأولين وحكاياتهم الى ... " سواني " يختنق القانون . + + +تمت + + القانون والساطور +في الدور الثاني ، وتحديداً في درس الجغرافية ، لم يكن هناك إلاّ ممتحن واحد ، طالب فرد لا غيره في كل المركز الامتحاني الابتدائي . المدرسة ابتدائية في أقاصي +الأرياف ، وقد حضر الملاك كاملاً : المراقبات الثمانية – وكن كلّهن معلمات – إضافة إلى مدير المركز ومعاونه . +تصرف المدير ببدع من رأيه – وكبادرة إنسانية بحتة – وإذن للمعلمات المراقبات بعدم الحضور في اليوم التالي لمن شاءت – وكلهن شئن طبعاً – حيث الحالة مكررة ، ولا يوجد سوى مُكمل واحد ( ممتحن ) أيضاً في مادة التاريخ ... المقبلة . +صدفة ... جاء المشرف المتابع ... لم يجد سوى المدير ومعاونه في المركز الامتحاني كله !!.. مع الطالب الممتحن ! +جن جنونه !... كتب مذكرة في هذه " المهزلة " – كما سماها – ألقى المسؤولية وتبعاتها كاملة على المدير واتهمه بـ" سوء استخدام السلطة " ، خصوصاً عندما استحمق الأخير واعترف أنه أذن للمعلمات بعدم الحضور ، لعدم الحاجة لحضورهن – حسب رأيه – فالقانون لديه ليس مطرقة بيد حداد أو ساطور قصاب . بل هو إشارة ضوء ، نورها يكفي حسب . +غدت القضية الساخنة حديث المديرية الساخر والمستهجن . السلطة من يحترمها .. من يتعبدها ، يعبدها ! +لم يعبأ المدير بالمشرف ، راح يتحداه ويصفه بالشكلية والتزمت والسطحية والقشرية .. ظل مصراً على رأيه يدافع عنه في كل نادِ حتى أمام المدير العام المشهور بتوقيعاته الرسمية الأصولية " حسب التعليمات " ... وهكذا كتب على هامش المذكرة المقدمة إليه . +صدرت العقوبة بحق المدير مشددة للغاية .. حسب التعليمات ! +أما المعلمات فوصلهن بالبريد إلفات نظر لعدم احترامهن سلطة القانون والتعليمات ... إنما كُن يتساءلن في همس : ترى من هو المسيء الحقيقي للسلطة ؟!.... + + + +تمت + + " مسؤولية الكلمة " +خرج أحد " أجدادنا العظام " واسمه " حمار بن عدي " بجماعة من قبيلته العربية العريقة ( .... ) وقف بطريق الحجاج واعترضهم . وكانوا بحماية " ابن سبكتكين " أحد الأجانب الذين احتلوا أرضنا وملكوا شعبنا .. +بذلوا له خمسة آلاف ، ولكنه أبى وأصر أن يسلبهم جميعاً بعد أن يقتلهم . +ولكن شاباً من خراسان – لابد أنه فارسي شعوبي حاقد – رماه بسهم وقتله ، فتفرق أصحابه .. أي نعم فالعرب لا يكونون بلا قائد ، والقائد لديهم ضرورة . +هذا هو النص التاريخي الموجود في الكتب ... +لو سقط " الدكتور العربي جداً جداً نقمة لئيم العزائي " على هذا الخبر التاريخي ، لفرح بأن وجد فرصة لافتراء النِقم واللؤم ، وسَعِدَ إن وقع على مادة للثارات العنصرية ، وحجة في الأحقاد القومية التي يتبناها ويدرسها للناس ، باثاً لهم إياها بالصحائف والموجات دون أدنى إحساس بمسؤولية الكلمة . +* * * +الدكتور نقمة لئيم عزائي : كان له برنامج يومي في إذاعة بغداد . وأعمدة طويلة في الصحف ، يتحدث فيها عما يسميه بـ" العداء العربي الفارسي " منقباً في الكتب عن الأخبار والحوادث ، يديمها ، ويعلق عليها ، ويفسرها بتهويل وتضليل وخداع ليرضي فيها أهل السلطة والجاهلية . أنها ليست كلمات قيلت ومضت . بل هي شوفينية عنصرية ضد قيم الأخوة الإسلامية والإنسانية . +بل هي لا أبا لك حرب ، كتلك التي طالت ثماني سنين بلا روج ولا معنى .. إلاّ روح الانتقام ومعاني الحقد والجهل .... +" وكل امرئ بما كسب رهين " . + * * * + + + +تمت + الكلب ... المتطهّر +شمّر عن ساعديه للوضوء ... +لكنه تذكر أنه على جنابة ، فقام يغتسل ، +ركبّتُ أعوادي السحرية ، +وأخرجت له جنية فاتنة عارية لا تقاوم . +لما رآها طلب مني بإلحاح مضاجعتها ، فقلت لك ذلك . +وحالاً راح يتلو عليها النص الشرعي للزواج المؤقت ، +ليستمتعها على سنة الله ورسوله !... +لما قام إليها منعضاً .... انقلبت في الحال كلبة . +قال لي متطهراً : +- أرجوك أعرني " ك " لأنكح به الكلبة لئلا يتنجس " ي " + + + +تمت + + أنواط الشجاعة +كان الأولاد يرعون الأغنام . وعلى التل بنو قصراً رئاسياً فخماً . إلى جانبه اصطبل ملكي . +الجشر الواسع المحيط بالقرية مرعى للحيوانات وساحة لكرة القدم ، وفي أثناء الهجومات يتحول إلى جبهة قتال . أما الآن فقد جعله الأولاد ميدان سباق للخيل الرئاسية ! +كانوا يتسابقون على الحمير على أنها جياد الفارس المغوار حامي شرف الدار ، بطل الأمة ... مَن وَطء أمة ؟! +الرئيس القائد في الجبهة يقلد أنواط الشجاعة لجنوده الأشاوس .. أنواط من ذهب .. أو كذب !.. ربما أصدق منها تلك الروثات اليابسات والبعرات ، يشدها بالخوص ويعلقها الولد الرئيس عدنان ( اثنا عشر عاماً ) – على أجياد وصدور الصبيان الصغار من أصحابه وأترابه في المرعى .. وهو يقهقه ويهز كتفيه ، تماماً كالقائد الضرورة – أبو بعرورة ، يردد كلمته المعتادة " عفيه " ، وهو يربت على الأكتاف العريضة المثقلة ... بالزيف ! والنياشين ! +أنواط شجاعة صدام ... روث مشدد بالخوص !!... أي مسخرة ! نقلها متملق إلى الفرقة الحزبية بتقرير ملفق ، وراح فيها الولد ( الرئيس ) وأبيه !! إلى طامورات الأمن .. إلى المقابر السرية . +وفي إحدى ردهات القصر الجمهوري السرية ، كان القائد العام للقوات المسلحة يستجوب قائد الفيلق الثاني .... +صاح غاضباً : خائن !.. انزع جميع الأوسمة والشارات وأنواط الشجاعة الاثنى عشر ... وردد شعار الحزب المقدس . +ثم أعدمه بمسدسه الشخصي . +الأمة تمر في زمن تحدِ مصيري – هكذا هي دائماً في عرف الطغاة – وأي تهاون في الصغائر ، يَجر على الكبائر .. المرحلة لا تحتمل خياراً أقل من النصر ( ) . + + +تمت + + بائع التمر +والخمر +والشعر ... +في قرارة عينيها سؤال مرتبك ... +ولديّ رغبة عارمة للتحدث عن نفسي . +أنت ماذا ؟ ... أنت مَن ؟ +أرجوك لا تعتبريني بائع تمر ! +أفضّل أن اعتصر الخمر ! +أو أقبل الجمر ! +أهديك أنا الطائر الحبيس سيدتي : +تحية الغصون ، والفضاء الرحب ، والحرية . +وبعد : +فأني تركت القراءة والصلاة .. +لا غيب في عالم مظلم .. بهيج . +رددي معي أنشودة الخنافس . +واستمعي معي إلى صرير القلم المجرم على الورق الأصفر . +ستري ثعابين جميلة ملونة . + تطل برؤسِها من الجحور . +تنقض عليها مردة سود ضخمة ، تزدردها في الحال . +ورجال يسبحون في التيزاب . +وآخرون يقبلون البغايا الكاسيات . +على موائد الخمر والشعر . +والدنيا مسرجة مدندشة ... +تسير كأحصنة السيرك . +أحد عشر واقفون على أكتاف واحد ! +واحد + واحد = خمسة عِشر جاهل حاقد . +والأخضر هو الأحمر ! +قل نعم ... وإلاّ ستُعدم ! + كل القيم مهدرة ... + ولكن الأمن مستتب . + حيا على الأمن . + والحرية + قنبلة ! + هل لي بحرية أن أقول الشعر ؟ + الأفضل لك أن تبيع التمر .... والخمر . + مهنة بيني وبينها ألف ميل .. كيف سأقول كلمتي ؟! + قلها تمراً ... خمراً ... لا فرق . + ما علاقتهما بالشعر ؟! + مترابطة بأحكام ... فكرّ . + ألا يكون شعراً بدون خمر ؟ + نعم يكون ... إذا أردت شعراً بدون نشر . + في النشر لابد من خمر ؟!.. ألا يعوّض التمر ؟ + لا فرق ، أنه في النهاية سيتحول إلى ... خمر . + لا أفهم ... يبدو مستغلقاً معقداً هذا الأمر . +وأطل في الحائط فلا أرى شيئاً ... + ولا نفسي تقر +واراها من الشباك ملهمتي تمر . +فأتدفق كالإعصار ، كالنيران ، كالمطر . +أبيع الشعر ... + أو التمر + أو الخمر ... +لا فرق + + +تمت + + يومٌ ... بلا صَدّاميات +أخوف شيء يريبني في هذه الدنيا هو الجنون ... +لكني ، وما أنا فيه ، آيل إلى الجنون لابد . +لكم أتمنى أن أكون جاهلاً ، بعيراً ، حماراً ، جاموسة ! +وأنت يا عقلي الكبير ؛ ألا تستطيع أن تحد بسعتك ترهات جاهلة مكرورة ضيقة ... لماذا هذه الحساسية المفرطة تجاه كل الموجودات العراقية ؟! +لقد لوثوا الحياة العراقية بميكروب قاتل اسمه صدام . +أخيراً وجدت العلاج ... الحل لمشكلتي ، تبينته شعاراً : " يوم بلا صداميات " . +وقبل أن أنام رأيت أن من المهم أن أعمل بعض التحضيرات لتساعدني في تنفيذ خطتي ، فنبهت على أهلي أن لا يفتحوا التلفاز ولا الراديو غداَ وأنا داخل البيت . +فجراً نهضت للصلاة ، فسمعت المؤذن يدعوا : " اللهم أحفظ قائدنا ، اللهم انصر جيشنا .... " يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ، يا مثبت العقول في الرووس " .. +ومسكت صدغي وقد انبثق منه ألم تطاير مع شعاعه عقلي ، وأسرعت إلى القرآن ، قرأت سورة يس ثم صليت فهدأت نفسي وشعرت بالنعاس فنمت ، لكني حلمت كأني في المدرسة ، وقد ازدانت بصور القائد والزهور والرسوم والإذاعة المدرسية تصدح بأغاني النصر وتتغنى بأناشيد حب بطل الأمة المنصور . +وفززت مرعوباً فإذا البيت كله يعج بطبول صدام الصاخبة وعنترياته الإعلامية .. والراديو بأعلى صوته .. وتحسست قلبي فإذ هو يريد أن ينفلت من مكانه ، وقدرت أني سوف أنفجر ، فأسرعّت إلى الهول حيث الراديو ، رفعته من على المنضدة وأهويت به على الكاشي ، فغدى جذاذاً و .... سكت . +نعم ، لو لم يسكت لسكت أنا .. وتحسست قلبي فإذا هو يعود هادئاً ، لكنه ارتفع فجأة عندما استبد به الغضب يريد تأديب هذا الذي خرج على أوامري وفتح الراديو ، فإذا هي زوجة أخي تظهر لي قبل أن أسأل وتقول – وهي صاحبة الحق - : " هذه ليست عيشة معك ، محرومين من كل شيء ... لو كان الراديو مالك ما كسرته " . +الراديو اشتراه زوجها من مالية البيت المشتركة . لكنها تعتبره ملكهم ضمن أشياء أخرى كثيرة . +سكت لأن الكلام قد يتطور إلى أن تخبر المرأة الشرطة و ... " انعدم " ، اما ان اباً في الكوت بصق على صدام في التلفاز باعتراف ابنته الصغيرة وثم ... أعدموه ! +وأسرعت خارجاً من البيت وأنا متمسك بشعاري : " يوم بلا صداميات " ... لا بتعد سحابة يومي عن كل ما هو " صدامي " يثيرني . +ونايا بنفسي عن مستعمرات صدام ، هربت إلى البساتين والغيطان .. قررت قضاء يومي بعيدا عن الانتصارات والاحتفالات . +بعد جولة في المزرعة جلست لأقرأ ؛ لم يبق لي سوى هذا الصديق السمج الثقيل أجير نفسي على مجالسته وفتحت كتابي وقرأت : +" أهل التسوية فريق من الشعوبيين الأنذال يذهبون إلى أن الناس متساوون لا فرق بينهم أبداً محتجين بعبارة " إلا بالتقوى " وما علموا أن هذه تخص الله والدين ... نعم أنهم ميساوون أمام الخالق في الأمور الدينية ، أما في الأمور الدنيوية فهم متفاوتون ، أما قال النبي ( ص ) : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " وقال : " أقيلوا ذوي الهيآت عثراتهم " . +وقد صار الأدباء الشعوبيون تأسيساً على ذلك لا يمدحون بالنسب المجيد والأصل الباذخ والفرع الشامخ مستهينين بأنساب العرب الشماء ، وراحوا يمدحون من لا أصول لهم من الفرس بما يصفونه من معروف وبما لهم من عقل وحكمة ، محتجين بأن خير ما يرفع المرء عمله ! " . +هذه الشوفينية العنصرية الجاهلية والتضليل والتهويل والزيف والخداع ، ليس كلام جرائد شتامة ، أو حزبيات هدامة لا عتب عليها .. إنما هو مادة دراسية تقدم للنشئ في المناهج المدرسية لتربيتهم وتوجيههم في قرن الحضارة الإنسانية وزمن العولمة الأممية ! .. عوداً الى قرون الجاهلية الجهلاء . +وحالاً رميت كتابي وركلته ككرة مثقوبة فولى عن وجهي وسقط في الساقية ، وطوح به الماء بعيداً ليغسله من السموم والأدران والخرافات والأضاليل . +ولفت نظري حشرة تتسلق غصناً أخضر يانعاً تجرده من ورقة ، فحصرتها بالعيدان حتى سحقتها فسقطت كتلة قذارة ... لماذا تعيش هذه ؟!... ولا أدري لم ارتفع إلى ذهني جواب من أعماق روحي يقول : " إن صدام العراق يتسلق وزبانيته غصنه الوارف ويعيثوا به فساداً ... لا حول ولا قوة إلاّ بالله .. لماذا يصر صدام هذا أن يتمثل أمامي في كل شيء ! +وسرق أفكاري للحظات منظر الشجر والزرع والماء ، ألا إني سمعت من بعيد صوت طفل في بستان جيراننا يغني ويقول : " والله ناويها عليهم " +إلاّ نلعب لعب بيهم .. +يا نصر صدام بينا + قائد الأمة الأمينة +يا وطن هذا عهدنا +بحيلنا الأول بعدنا +وانتظرت لحظات صابرا على مضض لعله يسكت ولكنه وبعد أن اشبع هذه تكراراً انتقل إلى أخرى مثلها مهوساً : +ها أخوتي عليهم – كل الصوج منهم ومن أيديهم ... إلا نلعب لعب بيهم !! +وجاءت أخته تنغم بصوت رخيم مقطوعة أخرى من هذه الأناشيد التي تبثها الإذاعة ليل نهار : +على كل لسان اسمك وبكل شفة ـ هلهولة وفرحه وغنوة فرح ترفه +وعلى منوالها نسجت : +" على كل ( رقصة حرب) اسمك ، وبكل رفة ـ دمّرت البلد بجهلك ، في كل حرفه " +واستمروا يغنون وينشدون بصوت عال وبعد أن استوفتها ترديداً وتكراراً راحت تشترك مع أخوتها في مجموعة غنائية قوية الرنين صاخبة الجرس ذات تأثير بيّن على النفوس ليسمعها حتى من يرفضها ... كانوا يصيحون كمجموعة غيلان ، كمائة ويزيدون أنشدوها ... كيف جمعوهم من طغاة المغنين ؟! +حتى بالليل الشمس نزلت على القاطع +حول الظلمة نهار الفيلق الرابع +الحدود بيد أبطال – وصوابهم قتال +همة حراسة ثقاة وسيفهم قاطع .. براعم صدام يصدحون له .. لا يسمعون غير هذا يتكرر على أسماعهم ليل نهار في البيت وفي المدرسة والفضاء ... يردد الأطفال ما يسمعون . +* * * +كنت قد خرجت بلا فطور . واقترب الغداء ، فعدت إلى البيت . +وعندما وصلت الطريق العام الذي يمر بقريتنا مرت سيارة كبيرة مكتوب عليها " دائرة الإعلام الداخلي " ترفع بالمكبرات أنشودة " يا جيشنا الحر الأبي يا غالي " + " يا الراد عنا الأجنبي .. يا غالي " +فضحكت من حالة التغصيص الثقافي ..! أيّة محاصرة ثقافية هذه التي يمارسوها على الناس ، هل يمكن لأحد أن لا يسمعهم .. وأين شعاري " يوم بلا صداميات ! " +قلت هاتوا غدائي . وما أخذت لقمة لم أبلعها طرقت الباب . خرجت فإذا مسؤول المنطقة الحزبي واثنان من الرفاق معه ، جاؤا يبلغونا أمر جمع التبرعات لدعم المجهود الحربي . +سلمني ( العدو – الرفيق ) وصلا بمئة وخمسين ديناراً ، قال أنهم قدروها على بيتنا ... وكان ينظر لي شزراً قبل ستة أشهر كانت آخر حملة للتبرعات ، وكانت خاصة بالمصوغات . بالمصوغات الذهبية بدأتها زوجة الرئيس بكيلوغرامين من الذهب ، وأعطتهم أمي سوارها ... +قلت للمأمور الحزبي : لا نملك شيئاً ، وما دامت اسمها تبرع فلا إجبار فيها ... +هز البعثي الورقة بوجهي كأني شتمته وقال : +" إذا راح الوطن ما ترجعه 150 دينار .. ماذا تقول إذا جاء الفرس المجوس وأخذوا دارك ودنسوا عرضك ... ولعلمك فأن العراق غير محتاج ، لكن الرئيس الله يحفظه يداري مشاعر الناس الطيبين لأنهم يلحوا عليه أن يفتح باب التبرع لكي تعبر الناس عن مشاعرها تجاه الوطن والقيادة " +لم أتغدَ ... سدت نفسي . خطفت بنطالي وقميصي وخرجت أسحب حذائي سحباً .. قلت لأمي أنا هارب إلى المدينة . +خرجت فإذا الناس تتراكض صوب الشارع الكبير من قريتنا .. وارتفع العويل والصوات .. وجاءت سيارة عسكرية تحمل نعشاً مغطى بعلم عراقي كبير ، والنساء ترمي أنفسها عليه. +يا دافع البلاء .. ماذا هناك ! أي متعوس قد جاء دوره في الضياع .. أنه حميد بن عبد الزهرة ابن سعدية أويلي على أمه ، رمت بنفسها على السطح فوق نعشه . +لا جديد .. لطم وعياط وصريخ يصم الاذان .. القرية عن بكرة أبيها انحشرت في الحوش الضيق الفقير أبي طلب مني الذهاب معهم للدفن في النجف ... اعتذرت ، أنا لا أسير خلف الضائعين . +مجالس الفاتحة والعزاء على أرواح المغلوبين في كل مكان . قريتنا لا يفرغ مسجدها يوماً . +وقفت سويعة لتأدية الواجب . +الرفاق الحزبيون يأتون بمواكبهم المهيبة وحرسهم الشديد لقراءة الفاتحة .. سيارات مضللة ومدرعة وحماية وشرطة وأبهات عظمى ... يزورون كل عزاء كأنهم صدام بجلال قدرة المهيب . +يؤدون الواجب حسب الأصول التي يوعز بها الحزب . +أنهم يمسكون له الجبهة الداخلية ويتحدثون للناس . ببساطة ولطف وقهقهة صدامية .. يسألون عن أحوالهم .. +هكذا دخل موكب أمين سر الفرقة . قال هؤلاء شهداء الوطن والحزب والقائد نحن نحملهم على أكتافنا .. تراكض الرجال للترحيب والتأهيل ... الرفاق يحملون النعوش الى ميدان الزيف ! +لم أطق المشهد .. غادرت على جناح السرعة . +أحدهم كان خارجاً تواً بسيارته . أشرت إليه . تعلقت به . تهالكت مدمراً في المقعد .. كان من أصهارنا في المدينة . قلت خذني معك . +راديو السيارة كان يذيع مارشات عسكرية وأناشيد للقادسية ... قال : " اليوم هجوم على الشلامچة " . +قلت : " بحق الملايچة لا أريد أن أسمع شيئاً " . +ودون استئذان أدرت قرص الراديو على إذاعة الكويت لابتعد عن الصداميات ... كانت إذاعة الكويت تنقل أخبار الهجوم أولاً بأول في بث مباشر من إذاعة بغداد ... البيانات والعنتريات والأغنيات .. فيما مغنِ كويتي ينشد لبطل الأمة العربية . +يزهي الفرح بالديرة – صدام يا أبو " القيرة " +أغلقته متأففاً ... +قال صاحبي ساخراً : +- " هؤلاء سوف يقيرَهم صدام أبو الغيرة ! " +صمتنا كالنخيل والظهيرة .. وقتلاّ للوقت تناولت جريدة كانت موضوعة أمامي على ديشبول السيارة .. الثورة ، فتحتها فإذا : +- جند صدام ينفذون عملية اقتحامية . +- الرئيس القائد : لن نسد فوهة القبر ... لن يرجع منهم أحد هذه المرة . +- مغاوير الفيلق الرابع يهوسون : " يا حوم اتبع لو جرينا " +لم احتمل . عفستها . رميتها.. هذه جريدة أخبار الوطن !! +في السيطرة أنزلوني . فتشوني ... +قيل : إجازتك . هويتك . +قلت : أنا طالب ... وأريته هويتي على الفور . +قال لا بس زيتوني ، مسرفن بأذرع غليظة ... +- أمتاكد أنت طالب .. وين خاتل . مواليدك كلهم ماتوا .. +تتذرعون بالطلابية .. خَوَنة ... ماي عيني صدام في الصيف سوقكم لجبهات الهور في حملة القصب والبردي ... والله لو بيدي أذبكم حجابات ... شلونهن الجامعيات ... بس لكم ... أوه ليلة واحدة وي جامعيه والموت حق ... +قال له صاحبه : في اليوم التالي تروح لغيرك . +رد بعيون حمراء غاضبة : " وأنا مخبل أخليها عايشه للصبح وأقطع راسها " +قلت : لماذا هذا الغضب على الجامعيات ؟! +صاح بيّ مزمجراً : انچب ليك قشمر يلا إنجر وحمد لي صاحبي سلامتي وهو ينجر سريعاً وخلفه رتل من سيارات كثيرة تجمعت . + * * * +كانت المدينة تصرخ .. أربع مكبرات صوت في كل ساحة وشارع ، تلغو باغان وطبول وبيانات .. يا رب .. الى متى هذا المهرجان الوحشي الصاخب ! +ورحت أبحث عن سيارة تنقلني إلى منزل صديق لي من شكلي ، أقع عليه لأرتاح وأتفسح كلما ضاقت بي الحال لنشتم صدام معاً ونخفف عن أنفسنا بالكلام ونحن في مأمن لا يسمعنا أحد . +لم أجده . قالت أمه أنتظره ربع ساعة . +وجلست في الاستقبال ونيتي صافية ثابتة أن أنتظره فأنا ما جئت إلاّ لهذا ... إلا أنه حدث شي : +على الكنبة رأيت مجلة " الدستور " بطبعتها الأنيقة وورقها الصقيل الملون ... تناولتها باهتمام ... هذه تصدر في لندن ، ولابد أن فيها حضارة وعلماً غير الجاهليات التي تحكمنا ... قرأت بالعناوين العريضة المُشكلة بالصور والتنميقات: + حسم عسكري عراقي لحرب الخليج . + يوم في حياة مقاتل عراقي . + قائد القوة الجوية يتحدث للدستور : +" سنحرق إيران على الخميني " + طارق عزيز : الحوار الهادئ مع إيران ، تكتيك خاطئ . +عجباً ، هذه تنطق بهوى صدام كأنها مجلة ألف باء وصدام ما أفسده غير الهوى وحديث الأهواء للمتزلفين والمنافقين والمتملقين .. جعله لا يرى الأشياء على حالها حتى أنطفأ عقله الواقعي مئة بالمئة .. +هم يريدوه كذا كيما يرموه في أوارها داهية ما دهت .. وكذلك فعلوا ويفعلون .... أنها حروبهم وموبقاتهم ، وما صدام فيها سوى ممثل بائس تافه لهم . قرقوز على مسرح تمثيلهم . +ومزقت المجلة ونثرتها زبالة على أرض الغرفة وخرجت بلا وداع . +جئت أسير بالشارع كالسكران ، وأنا خاوي البطن ممتلئ الدماغ بأفكار سامة قاهرة .. +واستوقفتني رائحة شواء . فإذا مطعم دجاج يشوى . فتذكرت ساعتها أسطورة ذلك الرجل الشرقي الذي تعلق بغصن شجرة وتحته أسد يتلمض وفارة تقرض الغصن . وثم رأى قطرة عسل ساقطة من خلية نحل على ورقة قرب فمه ، فمد لسانه يلحسها ! +تلك تماماً حالة الإنسان العراقي ، قد وضعوا حياته على كف عفريت ... سلسلة لا تنتهي من المخاطرات والمغامرات ، ليبقى العراقيون في دوامة قلق وخوف وانهيار عصبي حتى يجنوا فيقيموا عليهم الحجر !!! +إن الخوف العراقي المخضرم مع أزمان الملوك جر إلى مرض الازدواجية الخطير السرمدي في الحياة العراقية ، وفي الشخصية العراقية . +* * * +امتلأت وشبعت فرد لي جزء من نفسي الذاهبة ورحت أسير في السوق ... هناك نساء كاسيات عاريات وقفت أنظر إليهن باستمتاع ... كانت إحداهن تلبس قميصاً عليه صورة صدام ... كرهتهن . +أريد أن أتقيأ ، مشيت إلى المكتبة علّي أجد كتاباً جيداً ، فما وجدت سوى ما يسمونه " مؤلفات صدام " وكتب عن الجنس والعنف والطبخ وروايات غرامية وبوليسية قديمة +مهترئة . وكتب دينية أثقل من الهم على القلب . +عبرت الجسر في طريقي إلى المرآب المؤدي إلى القرى . +كانت عشرات الأكف المشرعة كالحراب تطلب صدقة إجبارية بمختلف الدعوات التي تستدر عطف الناس وشفقتهم . +ولكن الذي استعصى على أفهامي ولم أعرف له تفسيراً ذلك النشيد الذي يردده شحاذ أظنه مجنوناً ... كان يردد بصوت عالِ ودون انقطاع : " زمان السلّط العگروگ عالرگ " عبارة مبهمة لم أفهم كنهها . +لعلها شفرة استخبارية ، أو عنواناً لعملية عظيمة ربما ستطيح بالنظام . وإلاّ لماذا هجم رجال الأمن على الشحاذ المسكين واقتادوه ضرباً وركلاً إلى السيارة الحمراء أودعوه صندوقها الأسود الرهيب . +من حديث بعض الناس فهمت أن هذا الشحاذ المعتوه تستغله جهات شعوبية وأجنبية عميلة معادية للحزب والثورة لنشر الشتائم المبطنة التي تسيء لرمز القيادة الحكيمة ، فما +" العگروگ " ( ) الهزيل الضعيف إلا صدام . وقد تسلط على " الرگك " ( ) الكبير القوي وهو الشعب .. ويا لعجب الزمان ! +وأنا أفكر بهذه المستعصية المبهمة ، دخلت سوق الخضار فصكت سمعي نداءات الباعة . وجلهم من المصريين والسودان . +ولفت اهتمامي مصري ضخم الجثة سمين كأنه فتوة السوق يقعد على كرسي مرتفع بباب محلة وينادي على بضاعته بدون توقف ، حتى إذا جاء أحد ليشتري منه راح يجأر رافعاً صوته بمدح صدام وحكومته قائلاً بلهجته : +" عاوزين إيه العراقيين بقا أكثر من كده . نعمه ملهاش حد . كل دا بفضل الرئيس صدام اللهم أحفظه وأعطيه العافية وطولت العمر .. دا يخوانا حق رئيس محصلش والله .. يعيش الرئيس صدام حسين . يعيش " +كلا لا أظن أنهم أعطوه شيئاً ليقول هذا ، إنما هي المفاهيم المضللة الباطلة ، تختلط على العامة الادناع في كل مكان وزمان ، وتؤدي إلى عبادة البطل ؛ بطل التحرير القومي الذي نفى العراقيين إلى الحدود الشرقية للوطن العربي باسم " الدفاع المقدس " وأبدلهم مثلهم من رعاع المغرب ومصر والسودان فعبدوه بما أعطاهم ووهبهم مما لا يملك . +* * * +عدت إلى أهلي ... في السيارة ، كان السائق يفتح الراديو عالياً على إذاعة بغداد ... بيان عسكري طويل مليء بالشتائم القومية والأحقاد العرقية ، وجنون الزيف ... أصابني غثيان . أردت أن أتقيأ . رجوت السائق أن يسده بدعوى الصداع والتعب. فقال : +- " عمي ما أقدر أسده ، أمر حكومة مو بكيفنا . تبليغات الحزب . بعضهم زودهم بمكبرات خارجية على سياراتهم . الهجوم اليوم على أشده ... الدنيا مقلوبة ، حرب موت ، أنت وين عايش !! " وتقول لي سد الراديو ... تريد تحبسنا ! +هكذا إذن .. حمداً على السلامة لما وصلت إلى البيت التقتني بها أمي والهة حرى .... قلقة بشكل يكاد يكون دائماً كلما خرج أحدنا من البيت حتى يعود ... اَكل الأمهات مثل أمي ؟! ويل للأمومة العراقية . +ولمعالجة قلق أمي ، كان أبي قد أصدر أمراً إلينا جميعاً يقضي بالحضور الحتمي الإلزامي ساعة الغروب إلى البيت لنصلي جمعاً خلفه . +وجهاز التلفاز لا يسمح بفتحه إلاّ بعد العشاء ... وأمر أبي مطاع في داخل البيت إلا أنه كان يفتحه لتتبع أخبار الهجوم أولاً بأول . +كان صدام قد احتله تلك الليلة على كل القنوات يثلط " مراطيط ذائق الخضار والجموع تهوس وتصفق له ، فما كان مني إلاّ أن بصقت عليه ، وأغلقت التلفاز وصعدت إلى غرفتي ... كانت زوجة أخي ترمقني بشزر . +استلقيت على فراشي ببنطلوني وحذائي .... ما لي أنا متأزم هكذا . لا أدري ما هذه الحساسية المفرطة من ( حشرة الدم) صدام ... أوه .. أهذا يوم أردته بلا صداميات . ليتني ما طرحته شعاراً .. قد غلبني قهراً .. صفعني بالهواء والفضاء الى الخواء والخبال !... أين المفر ، كلا لا وزر .. إلى ربك يؤمئذ المستقر ... ليتني أغفو بمخدر .. أين النوم وروحي تتأجج كأنها الجبهة . وسياسة الأرض المحروقة . +أردت أن أسمع إذاعة إيران لأعرف شيئاً من مجانين الطرف الآخر ... دورت جهازي على محطتها فإذا رصاص ينطلق يخرش الأسماع فيتعذر سماع أي شيء من شدة التشويش . +حالة لا تُطاق .. أهكذا يحاصر صدام الناس .. أي قوة وسلطان منحوه . ملكوه حتى الأثير كي لا يسمع لغير صوته أن يملأه !؟ +وجاءت أختي الصغيرة تخبرني أن التلفاز يعرض صوراً من المعركة ... نزلت مسرعا فإذا " الحصاد الأكبر " كما سماه صدام غير كذوب ... على أي دين يا أهل الله ؟! على أي حضارة يا أهل العولمة وحوار الحضارات وحقوق الإنسان ؟! .. ألا من نهاية لـ " يوم بلا صداميات " ؟ +تمت + + هل استيقظ أهل الكهف ؟! +من هم المغضوب عليهم ومن الضالين ؟ +أنهم اليهود والنصارى !! +يكرروها سبعة عشر مرة يومياً في صلواتهم ! +المرابطون على الثغور +يحاربون الكافرين +في عالم العولمة ... وحوار الحضارات !! +* * * +أمريكيون ( مثلثون ) جاؤا من وراء البحار . +أطاحوا بعرش العتل الزنيم +الذي أفسد في أرض التوحيد . +معمم صغير قال : " صدام نحن أسقطناه بالدعاء " +جرّب دعائك سيدي .... + الآن يخترق القفص ؟! +لعلها خترفة النائم ... +وبعض أهل الكهف لم يستقيظ بعد !!! + * * * +النهاية أيضاً ستكون علوية سماوية +لا بالدروع الصاروخية ... ولا القنابل الذرية +أعلنت الحرب الطائفية +مئات المحطات العربية والإسلامية +تبثها الأقمار الصناعية +باسم الحرية الفكرية والدينية +والعولمة ... والنظم العالمية . +عما قليل سينفجر الفضاء بالهرطقية + لينتحر الديانون وتتحرر البشرية . +* * * + +تمت + + " وَقفة عَلى الأعراف " +قبل أن أحبو ، وحتى أن أرى ابن حفيدي . +سوف أبقى ، وكثيراً ، دائماً أشدو نشيدي . +أمّا أن أكنْ ، أو لا أكون . +أنا حطابٌ فقير ، أو ملك . +لا لأِرضٍ ... بل لكون . +أنا نارٌ أو رمادٌ . قل ترابٌ ، أو وسخ . +ليس ما بين الثريا والثرى ... +أن يُحَدَّ ، لا بميل أو بفرسخ . +أنا في الدنيا ملاك ، أو نبي ، أو إمام . +كذا في الأخرى عليين المقام . +أنا لص ، أنا قاتل ، أنا زنديق وكافر ... +وإذا ما صدقوا ما زعموا . +أن بعثا بعدها ..... إني لخاسر ... +* * * +هل لمثلي من وقفة على الأعراف ؟ +ما أشد كرهي لأواسط الحلول .. الأمور ! +أن شر الحلول أوسطها . +أيسمى حلاً أن يؤخذ من الحق قليلاً ويُعطى للباطل ، أو بالعكس ! +إن هذا برأيي إساءة عظمى لكل حسن في الحياة . +وإقرار صريح – لا ضمني – بالخطأ . +حاكماً وقاضياً على ذات الكرسي مع الصح . +تلك إساءة عظمى لكل حسن في الحياة . +ولن يرضى السيؤون أيضاً +الأبيض سيكون هو الأسود ... +موازين الطبيعة سوف تختلف . +ستعترض الأضداد كلها على هذا . +لأنها لن تُعرَف ببعضها بعد أبداً . +أنها نظرية يرعاها الشيطان ... +مدارات مجرمة للخطأ كي يستفحِل . +وليبق الصواب عليلاً سقيماً لا يحكم الحياة . +هم يحاربون الصواب بكل وسيلة ... ولكن !! +لا يريدون للصح أن يموت ... لأنهم سيموتون معه بالضرورة . +فالخطأ وحده لا يستطيع أن يسيّر الحياة . +والصح يمكنه تسييرها بجزء منه .. بجرعة ، ولو قليلة ، مئة . +هات إذن جرعتك اللازمة لبقاءهم يا صح . +وابق مكانك مزجر الكلب ، لا تتقدم موضع الأحذية من القوم . +هكذا كان موقع الصح ودورة دائماً . +لذا امتلأت حياتنا بالأخطاء . +والأخطاء تتولد عنها الجرائم . +أن الخطأ الأعظم في تاريخنا جاء بسبب " الحل الوسط " +فتعالوا يا أنصار الكلمات الكبرى : +" حق . أصولية . علي . حد . لا . سيف " +تعالوا معي لنحطم كل ما هو وسطي ، ترددي ، تساومي .. +لا خير في الحياة ، إن كانت في مجملها " وقفة قلقة على الأعراف" +أني العنها ، انبذها ، ألغيها ، ألقيها في مقر جهنم . +ذلك يرضيني أكثر . يسعدني أكثر . +كن دائماً في رأس الأمر . +إن كان خيراً أو شر ... +قل يا عزف الجنة أو قعر سقر . +وبعدها لا تبق قولاً أو تذر +* * * +رأيت لما وعيت الحياة ... +ثورتي ... غير صالحة للحياة . + +تمت + + + " المحاجَزة قَبل المناجَزة " +هذا هو عدوه القديم ، وخصمه العتيد عيناً بعين ، ظهر له فجأة من وراء التل في ألف من رجاله .. جاء يطلبه دون سابق إنذار أو علم . أهي خطة أم صدفة ؟.. ذاك كلام لا ينفع . إنهما الآن وجهاً لوجه . +لما تراءى له وعرفه ، عسكر بجيشه الضخم قرب الماء منهم ليمنعهم عنه ، ثم دعاه إليه ليستسلم دون قيد أو شرط ... لكنه لم يجبه ... ما زال يفكر ... كان معه ست صابرون لا غيرهم ؛ فهل يغلبوا ألفاً ؟!. +لم يبرحوا رابية التل ، فيما ملأ جيش خصمهم فسحة الوادي ... +وسريعاً أمر رجاله بالاختفاء وحفر مواضع متباعدة كثيراً ، وقال لهم في خطة طوارئ سريعة أعدها على عجل : +- " ليثبت كل واحد منكم في حفرته لا يريم عنها قيد أنمله ، فأما هي قبره ، أو وسيلته للخلاص .. نفذوا أوامري بالدقة المتناهية . سأتولى بنفسي مساومة القوم ومفاوضتهم للصلح ، الذي لابد منه وسيلة للخلاص دونها الموت لا غيره .... اللازم المهم الآن أن نساومهم عن قوة ، لنشعرهم إننا بقدرهم عدداً ، إن لم نكن أكثر ... إياكم ثم إياكم أن يعلموا إننا سبع رجال فقط . عندها لن يفاوضونا ، سيميلوا علينا ميلة واحدة ، فلا صريخ لنا بعدها ... " +وراح يشرح لرجاله خطة العملية التعبوية السريعة .. قال لهم : +- " إذا أنا وقفت بإزاء القوم أكلمهم ، فليقم واحد منكم بعد آخر من حفرته ، يمد بندقيته ، ويقول لي كلاماً يوهم القوم من خلاله ؛ إن كل واحد منكم إنما هو قائد لمجموعة قوامها ألفاً مدفونة متحصنة بالجبل ومستعدة لإطلاق النار " .. +بطريقة رياضية سهلة يمكن تحويل السبعة إلى سبعة آلاف باستخدام الصفر ... كذلك في الحرب يمكن استخدام الفراغ ، الصفر الذي لا يساوي شيئاً ، ليكون له الوزن الذي يرجح الكفة . +وأمر واحداً من رجاله أن يقود له جَواده ، كما الملوك أو القواد العظام ... +جاء يتخطاهم بكبرياء يَليق بالفرسان ، غير مبالٍ يجمعهم ، ولا هيّاب لكثرتهم ، ولا مبدٍ ضعفاً من قلة . +ترجل عن حصانه ، وأمر صاحبه أن يمد له سماطاً وسط العسكر ... كان يرفع راية سلم بيضاء . +وجاء زعيم القوم إليه . دار حوله بفرسه وهو يهز سنانه في وجهه بتحدِ صارخ قائلاً : +- " لا محاجزة بيننا . أنت ميت اليوم لا محالة ، ولكني لا أقتلك إلاّ في ساحة حرب ... +اتكأ على جنب غير عابئ بخصمه ، وقال بتؤدة : +- " العن الشيطان يا رجل .. هذه ألوف مؤلفة بيني وبينك ستتقاتل ، وتطيح رؤوس وأيدي ، وإني جِئتك كيما أؤدي الذي عليّ أمام الله وعباده من قبل أن تزهق أرواح وتتيتم أطفال وتترمل نساء فتبوء بإثمي وإثمك ... +- ( بكبرياء ) ماذا تريد ؟ +رفع يديه عالياً وصاح مسمعاً العسكر : +- السلم لا غيره نريد ... السلام بيننا وبينكم . لن نفنى ، ولن تبيدو ... ستبقى الحرب سجال بيننا يوم لنا ويوم لكم .. وقام واحد من الرجال الخمسة الراقدين في الجحور .. هز رمحه حتى تطوى ، وراح يلقي شعراً حماسياً يومئ به إلى قائده بأن هذه ألف أطلاقة مخبوءة تحت الأصابع خلف التل تنتظر الإشارة بأمر الإطلاق ... +وقال له زعيمه ينهره بشدة : +- اسكت لا سكتت بلابلاك ... إذا انطلقت رصاصة واحدة من " جيشك " فسأعيدها إلى صدرك .. لن أحاسب غيرك ، لا أعرف ألاك ، هل فهمت ... أكفني شر الجهلة +والحمقى . اندفن في غارك ولا تبين بعد .. لا أريد لأحد منكم أن يرفع رأسه . +وفي الحال قام الآخر من جحره الأبعد يلوح ببندقيته ، ويرتجز مقاطع حماسية مؤثرة كما الأول مثيرة للعزائم .. ولكن " رئيسه " لم يمهله أن يكمل أرجوزته ، وقاطعه صائحاً ليخرس ويقطع اللغط في ... " جيشه " .. وأضاف : +وارتفع رأس البندقية ليبين من تحتها ثالث صاح الله أكبر ثلاثاً .. لكن صوت " القائد الأعلى " كان أعلى فأسكته . ناداه يقول : +- اسمع يا أنت .. ذمة الله وعهده عليكم أن لا يتحرك واحدكم عن ( مسلحته ) قيد أنمه مهما طال الكلام بيني وبين القوم أو ارتفع إلى سبي أو حتى ضربي ... أريد أن يبوؤا بالإثم كله ، سأؤجل الشر ما استطعت ، فلي متسع إن شئت تعجله ... " . +وما كان الأمر بحاجة الى رابع ... إلا أنهم جميعا كانوا يطلون برؤوسهم من الجحور بين الفينة والفنية كأنهم الأفاعي الرقطاء ، فيظن الرائي أن أمة من جيش لجب محبوسة في جحور هذا التل ، يتركزون في موضع عالٍ حصين ، وأنها الآن لو ثارت فلن يصيبهم كلهم ولن يضحوا بمحجمة دم ، فيما سيكون أهل الوادي غرضاً للرماة قريباً متناولاً . +وجاء الإيعاز السري بالانسحاب ... وتأجلت المناجزة إلى ما بعد المحاجزة .. + + +تمت + + " ساحة حرب " +اجتازت الشاحنة الطويلة شاحنة أخرى أطول منها ، وهي تزمر بثلاث زمارات هوائية مزمجرة بدون انقطاع . ولدى اصطفاف كابينتي القيادة على كلا جانبي الطريق ، صاح السائق المجتاز بأعلى صوته مؤشراً بالشتم والوعيد : +- " لا تقل إني جئتك غفلاً " . +ثم مال بقوة على خط سير الآخر ... وتقهقرت الشاحنة العملاقة ، وانحرفت عن مسارها حتى كادت أن تنقلب .. وصاح سائقها من مكانه متفجراً بالغيظ يقول بلهجة سوقية مُبتذلة : +- " أي أخ الـ( ..... ) على هذه الطلعة .. اليوم أسَوّيك تنكه ، هدية لأهل السكراب " . +تحولت المعركة من " بين أشخاص " الى "ما بين سيارات" ، وصار الطريق العام ساحة لتصفية الحسابات وبلوغ الثارات .. وكانت العشرات من السيارات الصغيرة قد انقلبت ، أو تصادمت وتحطمت من جراء ذلك الصراع الهمجي بين العملاقين الشرسين. +أنهم يصفون ثاراً قديماً ... فقبل سنة حدثت معركة " على الأرض " بين سائقين ؛ انتهت بأحدهما إلى أسبوع في المستشفى متأثراً بضربة " درنفيس " في بلعومه ... كان هذا +" المدَرْفسْ " يصرخ طيلة الوقت فيما بعد مهدداً يقول : " أنا أعلمك . اصبر علي . إذا ما قلبتك فأنا لست فلان .. لابد أن أقلبك في يوم .. " . +وأظنه هذا هو اليوم !!.. + + + + +تمت + + + + + + + الصحوة الإسلامية +أبّان الصحوة الإسلامية +قرأت كتاباً في " فدك " +أردفته بمجلد عن بيعة الغدير ... +ومثله عن بيعة السقيفة . +وتوجّت مطالعاتي ببحوث عن الروافض والخوارج . +وعثرت على كُتيب في " ضلع الزهراء " . +وأبحث الآن عن كتاب في ....... الردّة ! +* * * +" ولتجدن أكثر الناس عداوة للذين آمنوا اليهود ... " +" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ... " +بهاتين الآيتين الكريمتين صدّر أحد حمير الهراطقة سِفره الضخم " حوار الحضارات " +* * * +مكافحة " المخدرات الفكرية " مهمة قاهرة ، وهذا الهذر الزائف المعوج يغزونا ، يتحذف علينا من كل اتجاه في كتب غالية منمقة .... توزع مجاناً !! +* * * +الصحوة الإسلامية ، أيها المفتون .. الأنتم بها فرحون +لماذا تحولت ... الى طاعون !! +* * * +لما ذبح الشمر الحسين +ضحك الملائكة القليلون +وبكت الشياطين +ضج الكون بالبكائيين .... +لأنهم الأكثرين !! +* * * +عندما احتل العراق أمريكا +أسمت الأمريكتين ... +انطلقت " الصحوة الإسلامية " +لتمنع أن " يتأمرك العراق " +عبرت مضيق جبل طارق . +حكمت الأندلس . +وبنفس الطريقة .... +أضاعت العراق !! +* * * + + + +تمت + + " عرفات ... والزير التلمودي " +24/7/2007 +الآن سألقي عليكم دروساً في الخل والطرشي !... +والمناسبة هي صياغة إعلان تجاري لخمرة مُعتقة تدعى " عرفات" +إذا كبس التمر أربعين صباحاً ، سيصير خلاً ..هل مثله الزيتون ؟ +خذ بيارة من زيتون غزة . +تكفي لري حجاج القدس خمراً عرفاتياً ! +طريقة التحضير بسيطة جداً . +والمادة الأولية فائضة في منطقة الشرق الأوسط . +كل شيء هنا يصلح للكبس والتخليل والتخمير والخلط .... +التمر والزبيب ، والزكاة والزيتون . والعقول والعاقول . والدين والطين . والشعير والشعور والشارع . والرجال والقهوة والنفط . وبنات آوى وبنات نعش وبنات آدم . والشرق والبرق والمرق والعرق . وعكه ومكة وكعكة ... وكل شيء لا يشبه شيء !!! +أما معدات العمل ، فهي " الزيران " على اختلاف أنواعها . +ولا شيء غير الزيران . +ولا تسألوني عن أنواع الزيران . +فهذا " سر الله " ... فلا تتكلفوه . +وسر " المهنة الملكية " ... فلا تلجوه . +وسر " عرفات " ... فاسألوه . +فهو سيد العارفين فيه . +" عجي " موائد الملوك و " دبّور " أضوائهم ! +من مثله !.. من يدانيه !... هل من مبارز ؟! +خمّروه في تل أبيب . +وحمضوه في هوليود . +ووزعوه خمراً في الصالات وعلى الموائد . +من لا يعرف خمر عرفات ... " أبو الشايب " ؟! +ذو العقال العربي ، والبنطال الأوربي ! +عرفات ... الأكثر مبيعاً في أمريكا ! +عرفات ... الأشهر بين زوار العواصم . +عرفات .. دائماً هو الأحسن والأضمن ... +عرفات .. تحميه الآساد .. والموساد . +عرفات ... رمز الجودة والأناقة والذوق .... اليهودي . +عرفات ... يشربه الرؤساء والأثرياء . +عرفات كالثوم ... تناولوه على أسرة الملوك . + وجالسوا به الحمير . + وقاؤه على المزابل ، لما تعفن وفسد ! +عرفات ... يحولك إلى حمل وديع يحمل غصن الزيتون . +ولكن إياك أن تكون خروفاً ، وتقضم الغصن ! +وتجعلنا مضحكة لليهود والنصارى . +ولكي ترضي عنك المسلمين . وتكمل حجك العرفا إبراهيمي ... +تصدق بـ" خمر عرفات " على جبل عرفات . +لست فلسطينياً إذا لم تحمل في جيبك قنينة من " خمر عرفات " . +ولكن إياك أن تحولها في الشارع إلى زجاجات حارقة . +لأن عرفات سوف يغضب عليك . +ويأمر ساقيه أن يحبسك في .. " الخمارة " ! +امتلأت الخمارة !! +فسد كل ما فيها . +أفاق عرفات من حلمه . +لقد نام في الزير التلمودي أربعين عاماً . +ولما صحا .... وجد أن الدنيا قد تغيرت . +وأن التيه اليهودي لن يوصله إلى سيناء . +إلا من " معبر رفح " ..... اللاآمن ! +فلسطين تقزمت ... ذهب اسمها ... التاريخ . +صارت ... قطاع وضفة ! +حكومة ؟!... أليس كذلك ! +حبذا الأمارة ... ولو في الدعارة ... +لكن ( دولة أوسلو المتجمدة ) ذوبتها أيام التسويف +الحيف الحيف ... +قام رجل بالسيف ... +مجانين الحجارة ؛ ينازلون الدبابات ، والطائرات ... والمفاعلات +يقاتلون بموتهم !.. انتحاريون ، إرهابيون . +بل ..... استشهاديون !! +قبل أن تمر ، ركب عرفات الموجة . +صرخ بأعلى صوته : شهيد شهيد شهيد . +ليكن ... قد اختار نهايته . +اكسباير ....... إلى الموت البطيء . +مَنْ بعدهُ في لعبة الشهادة ؟ +حماس . عباس . ترباس . فتح . ذبح . غلق . فتق . مزق ... كله واحد ! +أضداد من نفس النوع . +تُساق للتخمير .... +إلى الزير التلمودي الكبير !... + + + +تمت + + النازحون من البصرة +طرقت علينا الباب ليلة ... خرجت ، فإذا رجل ، ولوري مًُحمل بأغراض وأثاث بيت . سلم علي فرددت السلام . ثم قدم نفسه غلي قائلاً : " أنا بصراوي " +وفهمت كل شيء ؛ البصرة مدينة المليون مقاتل !.. حبيبة القائد " أنهجم بيتهم منين ياخذوها " ! وجريد نخلها سيوف ... و " البصرية الحلوة الحبابة تطش الجكليت " !.. وماهر وطالع !.. والفيلق السابع وأم الرصاص .. وأم الزعاطيط ... وسخائم أخرى أخرها " حرب المدن " ! +قلت بكدر ، وأنا أجذب حسرة للبصرة وغير البصرة : +- تفضل يا أخي . أهلاً وسهلاً . +ثم إنهمكنا في تنزيل بعض الأغراض والنساء والأطفال من اللوري . قد جاؤا على ظهره من البصرة وحتى كربلاء ، ينفخ في أجسادهم إسرافيل كانون حتى جعلهم خشباً +مُسندة ... +أثناء ذلك تقاطر علينا جمع من هذه الوجوه التي لا ترى إلا عند كل سواة . مواطنون ، ورفاق حزبيون وأعضاء مجلس القضاء والناحية ومشايخ وطناطل وتنابل ... قالت ( شريفة ) تلبس عباءة وخماراً : +- سود الله وجه الخميني ... ماذا عمل بهذه الأوادم .. سباها سبايا الحسين ! +قلت : " هذه لماذا لا تذكر صداماً .. أليس هو الآخر .... " وقرصني أبو زهير لئلا أكمل ... يعرفني لا أسيطر على لساني فينفلت مني في كل مرة وأُساق إلى الأمن أو الحزب لـ.. يعدموني ، أو يقطعوا لساني ! وليجزي الله عديلي أبا رافع خير الجزاء فأنا مدين له برقبتي يعتقها ، يشتريها من الجلادين ، يفك عنها حبال الشنق بماله وجاهه ، مرة بعد مرة . +مشاكلي مع الأمن كثيرة ، وملفي ممتلئ مكتض ... كلها كلمات لا غير ، ولكن من نوع هذه الكلمات التي تؤدي في العراق إلى قطع الرؤوس والألسنة . +زوجتي أم صادق لامتني تخاصمني ، لأني لا آخذ بوصاياها المفعمة باللهفة والحسرة : " أبو صادق صدقه لعينك استر علينا ، خلينا عايشين . الوضع بأي حال وأنت تحكي ما بدا لك ... تريد تروح بشربة ماء ، بكلمه ! " +وكلما كُرثنا بكارثة يجرها علينا لساني ، لجأت زوجتي إلى أختها تبكي وتولول ، حتى تستدر عطفها ، ثم من بعد عطف الأخت يأتي عطف الزوج .... وثم تعطف عليّ الحكومة ، ذلك أن أبا رافع يرفع ويكبس في مرمى شباك طائرة ألاعيب الحكومة ... فهو معاون المحافظ . +* * * +بصري أخر جاء يسأل ، يريد بيتاً يؤجره كي يأتي بعائلته التي أنذروها بالرحيل لتحول مدينتهم إلى ( منطقة عسكرية ) . +أرشدوه بأن لديّ بيتاً للإيجار ... لي بيوت كثيرة .. وحاقدون كُثر يستكثرونها علي .. لكنها كلها امتلأت بأهل البصرة ... وهذا آخرهم . +وأنا أسير معه لأدله ، وليرَ البيت ، كان لا يكف يشتم الخميني ... وكنت يومها أحب الخميني حب الله ورسوله . وأراه المخلّص الأوحد . +قلت : لقد استثنيت ، لا أؤجرك البيت . +قال بصلافة : " مو بكيفك " غصباً عليك ، الآن أروح أخبر عنك المنظمة الحزبية . أمر من السيد الرئيس الله يحفظه يقول : كل البيوت تفتح أمام أهل البصرة ، ومن لا يعطيكم الأقفال ، أكسروه قلت بحماقة وأنا أتأجج غيضاً : +- " والله أنعل أبوك لا أبو الحزب لا أبو الرئيس كلب ابن الكلب " .. ثم نفخت كفي وأعطيته لطمة أردفتها بلكمة ، وتوليته رفساً حتى غاب عن الوعي . بعدها تركته وعدت إلى بيتي أروي القضية بتفاصيلها لامرأتي !! +بعد ساعة أو دونها جاء شرطة الحزب أخذوني .... وتبين أنه من عبثيي البصرة .. وكان ممكناً أن " أضيع " . ولكن عديلي توقاها بألف دينار دفعها لمدير أمن كربلاء – وكان صديقاً له - .. وهكذا نجوت بمعجزة . + * * * +وكان لأختي بيت شهيد ، بنته بفلوس قسطوها إياها ثمناً لزوجها الذي ضاع في قادسيتهم .. وقد اكتمل تواً إلاّ من لمسات أخيرة .. وثم تنتقل إليه . +ذهبت إليه يوماً على عادتها ، فوجدته محتلاً قد امتلأ بالأغراض والنساء من اللائي إياهن . +تقدمت منها كبراهن ، قدمت نفسها بأنها زوجة مسؤول الجمعيات – لا ندري أي جمعيات ! – في البصرة ، وأنهم وقع عينهم على هذا البيت فاختاروه وطلبوا من الفرقة الحزبية استئجاره ! +كان بيت أختي قصراً يليق بالحكام . ليتنا عبناه قبل أن يأخذه الملوك غصباً . لكن الخضر لم يمر علينا وينذرنا ، مع أنه يتجول في الدنيا فيما يقولون . +لما احتجت أختي قابَِلتها بالسخرية ... ثم دعيت إلى المحكمة لتوقيع عقد إيجار واستئجار . ولكنها دهشت لما علمت أن قيمة الإيجار هي ثلاثون ديناراً لا غيرها ! +والذي يطلع على قوانين الاستئجار في عهد صدام يعلم أنه أفضل من التمليك لما يمنحه للمستأجر من حقوق وصلاحيات تفوق حقوق المالك وتجرده من سلطته على ماله التي منحه الشرع إياها . +* * * +بعد الشبع والري والدفء له وعياله ، جلست أحدثُ ضيفي وامرأته وابنتيه وهم يبكون البصرة وبيتهم فيها ونخلهم وأرضهم وشطهم ، يغمغمون حزناً على الحال التي هم +فيها . +سألته : شلونها البصرة +فأجاب : لا بصرة بعد ... ذهبت البصرة . + أخذها الخميني ؟ + ليته يفعل ويخلصنا من صدام لكنه لا يقدر . دول القوة كلها مع صدام ، هذه حرب عالمية ، الأدوار فيها مُقسمة كما يريد الكبار . + لماذا لا يرعوي إذن ويفهم ، وهو يقرأ قول الإمام علي ( ع ) : " أفلح من نهض بجناح ، أو استسلم فأراح " . + لا يقدر . الأمر ليس بيده ... ولا بيد صدام . + كيف ؟!.. صدام والخميني بيدهما الأمر كله . + يتهيأ لك هذا ... الحقائق لا تؤخذ من الإعلام ... +القرار خارج الحدود . وراء الكواليس . بيد الكبار .. وما هؤلاء الحاكمين إلاّ بيادق ألعاب يحركونها بذكاء ودهاء لإبقاء المنطقة والعالم في أتون نار . + ( بتصميم ) أنت مخطئ يا عزيزي . بل هي حرب الإسلام ضد الكفر والنفاق ... الخميني هو حسين العصر وهذا الشيطان الأبقع يزيده ... ويأبى الله أن يقتل الحسين مرتين . + ( متبسماً بأسى شفيف ) قال : حزني على المؤمنين لا يعرفون الشطرنج . يحرموه !... فيما يلعبوه بهم كل يوم .... ولكي تستقر لعبتهم وتطول ، لا يقتلوا الملوك .. يبقونهم إلى ما لا نهاية ، لأن ليس في نيتهم إنهاء لعبة الشرق الأوسط الشطرنجية !! +أما هذه الجولة المُسماة ( صدام / خميني ) فسيوقفوها بلا غالب ولا مغلوب عندما يستنفدونها حتى الثمالة لينقعوا بها لحية الخميني يدنسوها ، وأنف صدام يرغموه ، يكسرون به الكاس ... وثم يبقون نهاياتها السائبة بأيديهم يحركونها أنا شاؤا . +قمت أتأجج غيضاً ، كأني أحرقه . لكن لمزيد المعرفة أبقيته .... سألته : + - هل أنت عضو شعبة في البصرة ؟ +أجاب بتبسُّط : + لو كنت كذلك لأخرجت صاحبي من اللعبة ، بطلاً ، كما يسموه . + لعلها مناورات ابن العاص التحكيمية ! + ( بتأفف ) لا تربط الماضي بالحاضر بهذه الطريقة الفاجعة . خطؤنا عبادة التاريخ . تكراره .. لا ننفك من رموزه .. العاملون في ساحتنا اليوم لا يقرءون تاريخنا إلاّ بقدر تعرف عوراتنا ... الإرهابية ! +يحاصرني . يحيرني ... أحب الخميني . قلت ثائراً : + الإمام الخميني شيء مختلف ، ومن الدواهي التي جرها عليه الزمان ؛ مقارنته بصدام . ولكل نبي فرعون ! + سيدي ؛ إذا كان صدام ( مجنون سلطة ) . فأن الخميني (مجنون ثورة ) كلاهما أساءا السلطة والثورة بجنون مفرط. + ( بتفجر ) أرجوك احترم . أنت المجنون وصاحبك وأبيك . ولولا حرمة الضيف لطردتك الآن من بيتي ... لا أسمح لمخلوق أن يمس الخميني بسوء ، إنه إمام مجاهد على نهج رسول الله وسنة أهل بيته . + رسول الله ( ص ) هادن الكفار في صلح الحديبية . - ولا صلح مع الكفار – إنما لمصلحة المسلمين وحرصاً على دماءهم ... فعل ( ص ) ذلك . + أين هذا من ثمانٍ مجنونة ، قتل فيها من المسلمين أضعاف أضعاف ما قضوا في كل حروب المسلمين ! +* * * +الأثاث والأغراض بقيت في " اللوري " بات السائق المصري في حراستها ، ومعه المالك الذي رفض المبيت إلاّ في شاحنته العزيزة ، خوف أن تسرق . +في الصباح ركب أبو طارق البصري في اللوري ليبحث عن بيت للإيجار في الأحياء . ولأننا تحدثنا طويلاً الليلة الماضية وتعارفنا ، فلم أترك ضيفي وحده ، رغم اختلاف الرأي فنحن علمنا ديننا قبل الديمقراطية أن أحرص على حقك وأعطيك كامل حقوقك ، وأنا أناجزك الجدل وأخالفك المعتقد . +لبثنا النهار بطوله نبحث دون جدوى . لا شبر فارغ في كربلاء . البصريون والمصريون وغيرهم ملئوها . +وقيل أن المحافظ يرعى العوائل النازحة من جراء القصف وذهبنا إلى هناك فقيل المحافظ لديه اجتماع ، وبعد انتظار ثلاث ساعات قيل اكتبوا عريضة حال وطلب ثم أطبعوها على الآلة الكاتبة حسب النظام . +لا نظام ... لو رفعوا أيديهم لسارت الأمور بلا اجتماعات ، ولا تعقيدات . +في الثانية ظهراً أُفرج عن الرد : " يراجع مقر فرع الحزب " +وذهبنا إلى " مقر الإفساد في الأرض " فأخذونا على حمام أهلي مهجور تعود ملكيته إلى حاج عاصم أحد الذين سفرتهم الحكومة في عام 1980 لأن تبعيتهم إيرانية ! كان حاج عاصم هذا من الأثرياء يملك دوراً ومحلات وعقارات ثم تبين للحكومة الرشيدة أنه " من التبعية الإيرانية " وكما أن ابنه " طلع حزب الدعوة ! " فأطفئوا داره واجتثوا عرقه من أعمق نقطة .. حسب تعليمات القيادة . +لا علينا من هذه التفاصيل .. " كل من عليها فان " لكن المهم في الأمر أن أبا طارق رفض الإقامة في موضع مغصوب ، لكنه لم يعلن عن ذلك للمفرزة الحزبية التي رافقتنا ... إنما السبب المُعلن هو عدم صلاحية المكان ووجود عائلتين تشغلانه قبله .. فكأن حياة المعسكرات الشيوعية العبثية تظهر في كربلاء ! +زهق الرجل وقال سأرجع إلى البصرة ، ولامت في القصف ، خير من هذا العذاب . +كان صاحب اللوري – وهو من النجف – يمسك لنا ساعته ، كلما دارت العقارب دورة ، قال : زاد السعر الأجرة خمسة دنانير ... هذا زيادة على الأجرة الأصلية التي جاؤا بها من البصرة وقيمتها 230 ديناراً حسب الاتفاق . +بعد تطواح طويل عقيم عدنا بخفي حنين إلى بيت قعيدته " هلال العيد " أم صادق . +تعشى الجميع بسعادة وحبور ، لكن الملاك النجفي عكر الصفو بإصراره على خمسين ديناراً أجرة مبيت اللوري رفض أن ينقصها رغم تشفعنا بالنجف وساكنها والغري وأهله . +وكانت الأجرة قد ارتفعت إلى أربعمائة دينار ، وليس لدى البصري سوى ثلثمائة دينار جمعها لعوادي الزمن . وأصر صاحب اللوري أن يعطيه أجرته كاملة أو يرمي أغراضه في الشارع . +ولم احتمل المشادة الجائرة فصحت بالنجفي بعنف " اتق الله الرجل في محنه ويستحق المساعدة " . +قال : ساعده أنت من مالك . +قلت : الأجدر أن يساعده الحزب ... +ثم التفت إلى البصري وأضفت : أبا طارق أهرع إلى المنظمة الحزبية أخبرها ستتولى عنك أمر هذا ومباشرة شتم السائق الحزب وقال : +- العن أبو الحزب . حقي أنا آخذه بيدي . +ثم نادى على سائقه : " بنداري هات الهنگ " وجاءه مسرعاً بقضيب حديدي طويل رفعه النجفي وهزه بوجهي قال : أما فلوسي وأما آخذ الأغراض كلها واذهب . +عندها قلت له بتؤدة : +- على كيفك عمي . أنا أتعهد بالفلوس . أنزلوا الأغراض وبك خير وتدلل . +قال : توجه على العباس احلف براسه الحار . +وحلفت غير هياب +وأنزلنا الأغراض حشرناها في أحد غرف بيتنا . +ودفعت الباقي كاملاً بعدما صفر جيب أبي طارق وفقد القدرة على الحركة والانتقال ليبقى وأغراضه وبناته وامرأته في بيتي ... +امرأتي ظلت طويلاً تبحث عن حل . ولم تجد ... أنا كنت أرى أن البيت يكفينا جميعاً ، خصوصاً وأن الأغراض كانت تتناقص ، يبيعوها فرادى ليعتاشوا بثمنها . +عطاءاتي لم تنقطع لأبي طارق ، بيد إننا لم نتفق في الرؤى حتى النهاية . + + + + + +تمت + + تعذيب +كان " علي صدام " يفتخر بأنه " ابن صدام " معلناً بأنه فدائي لـ" أبيه " . لذا ارتقى سريعاً إلى رتبة " مقدم " ، وصار من أكبر وارهب وأقسى ضباط التعذيب في الأمن العامة ، وأعلاهم راتباً .... شارباه الطويلان المعقوفان المخيفان يتقاضى عنهما مخصصات تعدل راتب .. معلم . +كان الضابط الذي له خط تلفون خاص مباشر مع الكبير ، في مكتب التحقيق الفخم يتصفح ملف أحد المغضوب عليهم الماثل أمامه ... +قال يتندر مع " قحبته " : +- هل غسلتِ لباسي ؟ +قالت تضاحكه : +- نعم ، ولكن لا حبل لنشره . +وكان يستجوب أحدهم . فضغط الجرس . +حضر بعض جلاوزة الجحيم . +قال لهم متضاحكاً وهو يتكئ بارتياح على كرسيه الدوار : +- " خذوا هذا ، اعملوا من " زبّه " حبل " . +وعلى الفور سحبوه من ذكره حتى خلعوه ... +كانوا جميعاً ... يضحكون ! + ولا زالوا ........ يضحكون !! + + + + + +تمت + + طنطل +اسمي " طنطل " +هذا أفضل من محمود " القاتل " +الرحمة الرحمة من الذات اللائمة . +" ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا " . +من أين لي بالرقبة المقيدة ؟! +وقد تحرر العبيد ، والغي الرق ! +من يحرر رقبتي ؟ +ورقاب الملايين من الرق الجديد . +ليتني كنت عبداً مملوكاً ... +للعبد الأسود .... بلال الحبشي . +وأعود ألفاً وأربعمائة ... +عبر الزمن والمسافة . +من أرض السواد الخصيبة +إلى صحراء الجوع والعطش . +من القرن الحضاري الجديد ... +إلى الشاء والبعير . +لأرى ... محمداً . +* * * +في الجيش .... +ترتبك المعاني . +وتذهل كل كلمة عن مدلولها . +ويبدل القتل غير القتل . +لقد أخذوني إلى الجبال لأُقتل . +والعسكري حرفته " القتل " ولا شيء غيرها . +وقد قتلت ... كما أمروني . +قتلت " عباساً " ما ... +وأنا لا أجد فرقاً بين العبابسة الثلاث ؛ +عباس بن زنگنة +وعباس الذي من قرية بغداد +وعباس القمي . +هم هدفهم الأعلى قتل العباس أينما وجد . +وكائناً من كان ... +كردياًُ متمرداً ! +أو فارسياً مجوسياً !! +أو عربياً أصيلاً !!! +أو هاشمياً علوياً ..!!!! +* * * +لا نار ، لا وقود ، لا خيام ... +والريح تعوي في الجبال +تعزف لحن الموت الأبيض . +في منتصف الليل ، صدرت الأوامر بالتوقف . +صاح الضابط ؛ أيها الجنود : الحذر الحذر +العسكري يحمي نفسه . +القوة كلها تبقى خافرة . +المنطقة ملغومة بالعصاة +وقد نطوق ونحاصر في أي لحظة . +ويعمل الخنجر الكردي في رقابنا ذبحاً .... +* * * +جمعتني نقطة الحراسة مع جندي لا أعرفه . +قال : لنتعارف .. ما اسمك الكريم ؟ +عم يتحدث الخلي ؟! +في الجيش اسم واحد : " قاتل " ، وجمعها " قتلة " . +قلت : أرجوك دعنا بلا أسماء +لقد جمد البرد دماغي ، فنسيت حتى اسمي . +قال : لكن مهمتنا تتطلب أسماءاً ، نحن نعسكر و ... +- أوه ... سمني ما شئت . +- خطأ . لابد أن أدعوك باسمك ، والأسباب هي : +وراح يعدد لوحده أسباب الضرورة الاسمية ... +عسكري محترف .. ما أوسع خلقه !! +الكلمات كالمسامير المحماة بالثلج تندق في جمجمتي +والأسماء مهرجانات دعايات كاذبة ، قد تعني نقائضها . +وفي حمأة التوتر المغيط قلت مازحاً مستخفاً : +- اسمي طنطل +هل هناك عراقي لا يعرف " طنطل " ؟! +باقر البطون الأسطوري الذي يخافه الأطفال .. +ألم تخوفه أمه بطنطل وهو صغير ؟ +صاحبي التعيس الحظ +تعرف على " طنطل " ، فيما يبدو ، لأول مرة . +لم يكن طنطل العجائز والأطفال . +إنما طنطل العسكري . الجبلي . الثلجي . الجهنمي . الانتراتيكي ! +وعقل المسكين الحكاية . وقال مجاملاً بأدب جم : +- أهلاً وسهلاً سيد طنطل . وأنا عباس من بغداد . +* * * +في لحظة ... +تحول راسي إلى " طناطل " . +راحوا يقرعون جمجمتي ، يصرخون بإلحاح : +- " أمّن البندقية " . +أجزاء من جسمي انقطع اتصالها بدماغي . +البرد والجليد تسد أكثر الطرق والمنافذ . +وعاد الطنطل القائل فيّ يلح : +- " أمّن البندقية " . +رفعت يداي بصعوبة +مددت كفي أريد زر الأمان ، فلم تطاوعني . +كل مقاطعات الثغور والأطراف أعلنت العصيان ... في جسدي . +أذاني وأنفي وأصابعي و .... إحساساتي . +الجنرال " انجماد " أغار عليها واحتلها . +والجنرال طنطل القائل يصرخ في كل أذاني الداخلية : +- " أمّن البندقية " . +إذا لم تؤمنها ستنفجر وتقتلك مع صاحبك . +هاجس لعين غريب ركبني ، كأن قدراً يلح عليّ بالموت . +خلى عقلي تماماً إلاّ من كلمتي ؛ " أمّن " ، " البندقية " . +تترددان في جنبات ذاتي الخاوية ... +ويرجع صداها ، مثل بوق تنفخ فيه جوقة غيلان . +وأمرت الوالي المتمرد في كفي المحتل . +إن أغلق زر الأمان ( ) +إذا لأضغط من ثم على العقرب ، كي أتأكد من الإغلاق . +وسمعت صلية رصاص +انتفضت فزعاً . +أنها قربي . كأنها في حجري . ترى من رمانا ؟ +عجباً ، هل أنا حي ؟! +وتحسست جسمي ، ونفضت نفسي . +وتساقط الثلج . +وسمعته يتأوه ... +ها !... أنه صاحبي يخور بدمه . +قال : لقد قتلني يا غادر +- من ؟!.. أنا ؟!.. ربما ...! غير معقول ! +وفغرت فاي ،بينما كان يريد أن يصوب بندقيته نحوي ! +لكنه لم يقو على حملها فسقطت من يده . +* * * +في النزع الأخير سألوه : +- من أطلق عليك النار . هل رأيت من ضربك ؟ +قال بتأكيد شديد : قتلني طنطل +وراح يكررها بشعور كامل : +لكنهم ضحكوا علية ... +حسبوها منه هذيانا وخترفة احتضار . +كنت منهاراً أرتعد قراً وخوفاً ... +وأقل تحقيق يمكن أن يؤدي إلى اعترافي التام . +ولكن ، لا تحقيق ولا محققون ولا حق .. أصلاً في الجيش . +إذا كانت الأرواح هناك بالمجان . +والأحياء ميتون مع إيقاف التنفيذ . +فألا يبدو التحقيق في مقتل ميت عادي .. +ضرب من العبث والسخف +ومضت روح عباس إلى السماء +لأشاهد على إزهاقها سوى الله ..... وطنطل ! + + + + + +تمت + + أدب المناظرة والجدل +هذه رسالة جوابية استلمتها من " شيخ عالم " رفعت له تقريراً عن موضوع فيه خلاف ... أحاول إقناعه بوجهة النظر الأخرى +بسم الشيطان الغوي الرجيم +إلى الزنديق المرتد والرافضي الكافر +سفالة " فلان " أبو زنيم . الحمار الحامل لأسفار الكفر تحقير ورزالة وبعد : +فقد قرأت سفاسفك . ووقفت على بعض هرطقاتك . والجواب جهنم الحمراء لكم يا أعداء الله . +نتمنى لك العدم والجور ، والموت والثبور ،... +والحرب عليكم وسخط الله ولعناته . + +التوقيع + شيخ الجماعة + + + + النهايات +عيشنا في عشنا ، عاش الهنا – في خيمة الحب بظهر الجدول +تلك أضغاث أحلام شاعرية لا تسمن ولا تغني . عشت بها محروماً طيلة شبابي الأول ، لا أملك شيئاً لتحقيق أدناها . بيد أن الموضوع الآن ليس حلماً . أنها قصة " حب أعمى " معروفة مستهلكة ؛ مطلقة حلوة ثرية لا تزال صغيرة ... +قالت جدتي : " خذ مطلقات البين ، ولا تأخذ مطلقات الرجال " ... حكمة قديمة مستهلكة أيضاً . وَلست بغاضٍ للحكم ، وهذا الملف التاريخي قرضه العصر ... والجرذان . وهو محتاج إلى من يخطه ويجدده ... +أما أنا فلسوف أبدأ من المليون . أما الصفر ، فأنا تاركة للأغبياء المهوسين . +عرفت فيما بعد أن " أم منار " طلقها الاثنان ؛ البين والرجال وكلاهما على شر . +أما الأول فجندي " استبسل " بأن قتل مجموعة من رافعي الأكف والرايات البيض ، فنال تكريماً من لدن القائد وصار ضابط درع ، ثم احترق بدبابته في الجبهة بعد ذلك . +والثاني كان زير نساء نصاب مختص بـ" نسوان الشهداء " قضى وطره مع أم منار ثم طلقها . +والثالث أنا .. فقير معدم ... وما جئت على خير .. بدءاً . +قال الشيطان ، وصدق الرحمن ، واختلط الصدق بالكذب ، مؤدياً إلى صدق في النهاية . +الكذب ؛ إن أبي كان تاجراً . وإني تزوجت امرأة وطلقتها . وأني خلو من العلاقات العاطفية الآن خصوصاً في الكلية . وإن إيماني بالله والخير راسخ . وأن أمي دلالة ، وأني أحب صدام وأن لدي أقارب في الكويت .... +أما الصدق فأنا طالب معدم في الجامعة التكنولوجية . يلزمني مئة ألف ويزيد لأكسي " آمالي العراقية " ثوب الحقيقة .. فـ" بيت وسيارة وامرأة " ... ياه !.. " امرأة " .. تلك طلب ملح ، ليتها بدينار ، لتدخل المطعم تقول للخادم : هات امرأة . بدل " نفر كباب " !... +الصدق أن صلاتي " بين سطر وسطر " ، وأن عمري ثمان وعشرون سنة ولم أمس النساء قط . وأني طالب ذكي نشط متحرك لأني مُكلف بإعالة أمي وأخوتي ... ونسكن بيتاً صغيراً بالإيجار . +" الطلابية " تلك في الصباح . أما عصراً فأنا " كولي " صنائعي من هذا النوع الذي يسميه المصريون " بتاع كله " .. فأحمل الآتي على ظهري ، وأدور في الأحياء السكنية التي اختطتها الحكومة لذوي قتلى الحرب تحت مسميات ؛ حي الشهداء ، حي الضباط ، حي الشرطة ، حي العسكري . الخ ... +كنت أنادي على نفسي كأني أبيعها في سوق النخاسة . أعلن عن خدماتي كعبد ماهر مطيع يجهز الماء والكهرباء ويشد الزجاج ويصبغ الدور ، وكما لديه خبرة متواضعة في إصلاح الأعطال العامة في كافة الأجهزة والآلات المنزلية ... التكنولوجيا صنعتي ودراستي ، لكن المال هدفي . +وما كذبت قلامة ظفر . لقد كانت خبرتي العملية النظامية معروفة لدى السكان وخصوصاً ربات البيوت اللاتي يستعن بي في أدق الترتيبات التي يحتجنها في منازلهن ، وبأسعار رمزية . +أما دار أم منار فقد أنجزت معظم أعمالها بيدي ، وأودعت فيها كل عبقريتي في الضبط والإتقان والشكل . +كانت تحب الجديد والجميل . ولديها الفلوس ، فتنظر في جنبات البيت لتضيف وتغير وتوسع معتمدة آرائي وابتكاراتي ... وذوقي أيضاً . +أصلحنا الماء وجددنا الكهرباء وصبغنا الأبواب والشبابيك وأبدلنا الستائر ... وحتى الحديقة حرثتها وغرستها ونظمتها ، رغم أني لم أكن حدائقياً . +ثم قررت أم منار أن تجدد وتديم أثاث البيت ، وطلبت مني أن أشرف على المهمة وأصمم ديكوراتها حسب ذوقي وخبرتي ... وكنت معها اشتري الأشياء والحاجات بحسب معرفتي واختياري ، وهي تدفع الفلوس حسب . +أصرت أم منار أن يكون كل شيء في بيتها جديداً . وأهم شيء أن لا يكون فيه شيئاً من حياتها القديمة ... حتى غرفة نومها باعت أثاثها في السوق ، وحكمت رأيي وذوقي لاختيار واحدة بدلها جئت بها إلى البيت الجديد ، حتى إذا أكملت نصبها وتركيبها قالت بلهجة ودودة مرحه : +- أحزر ماذا ينقص هذه الغرفة . +قلت بانبهار وحب : +- لا شيء . أنها كاملة تامة ، مثل عروس مزفوفة . +قالت بشوق وهي تسبل جفونها باستسلام : +- ولكن أين العريس ؟!... +... وفي ظرف ثوان ... أصبحت عريساً ! +* * * +لما دعتني حكومة الحروب العبثية إلى الانتظام في طابور الحمقى والمغلوبين ... وجاء دوري في لعبة القتل والضياع والزيف .... لأكون جندياً في " الجيش العراقي الباهش " بعدما أكملت دراستي في الجامعة ... +رفضت زوجتي أن أتيه في زحام الباطل .. قالت بعزم وتصميم : +- " سأقتل نفسي إذا ذهبت الى الجيش ... لن ادعك " تستشهد " مثل زوجي الأول . +قلت : كيف ذاك ودونه المقاتل ... هذا مقر الأمن قرب الحي ومن يتخلف سيأخذوه يقتلوه . + لن أدعك تخرج من البيت إلى الموت .. مستحيل سأظمك بين جوانحي . + والعمل ... والحياة . + لا نريد عملاً بعد ... لقد صرت مهندساً فلا تناسبك الأعمال الحرفية بعد ... عيب + كيف نعيش ؟ + لا عليك ، سأتدبر هذا كله .. فقط لا تمت ، أرجوك . +وبقيت في رعاية أم منار دافئاً آمناً إلى ما شاء الله ، تنفق علي من مالها ، وتصد عني عيون الظالمين وإذا هم لقد تحقق حلمي الشاعري القديم ثم بدأت أزاول بعض أعمال التصليح داخل البيت أمارس بعض مهاراتي لأتكسب منها سراً بمعونة زوجتي . فقد عملت في غرفة سرية داخل البيت ورشة لتصليح وصيانة الأجهزة المنزلية ، أعمل فيها سراً طيلة الوقت ، لا أعلن عن تواجدي الظاهري فيها إلاّ أسبوعاً في الشهر كأي عسكري نظامي حيث الإجازة المعتادة بزعمي . +أما بقية الشهر فأنا في الجيش ، لا أعلن عن وجودي ، فيما تتولى أم منار مهمة التعامل مع الزبائن وأهل الحاجات حسب الأصول ... +عشنا حياة هانئة بهذه الطريقة يأتينا رزقنا رغداً إلى البيت . إنما لا تخلو الحالة من مخاطرة وضيق وأذى وتعب . +وفي الأزمات عندما تنظم الحكومة حملات لتعقب الهاربين وتصفية المعارضين ننتقل للعيش في مزرعة زوج أختها في الأرياف ... وبالسر أيضاً . +انتهينا إلى إيمان وعمل وكفاح وحب وجهاد ورحمن .... ولكن تجربتي الشخصية الحقيقية تقول : إن هذا الخير في تبلوره ونضجه على هذا النحو الرحماني المطلق ... كان قد مر في ... محطات شيطانية . +أنا الآن حاضر للمحاكمة ... فماذا يفتي المفتون ؟! + + + + + +تمت + + ( لحن من نشيد " أرامل الشهداء " العراقي ) +خطبت بنتاً " اسمهما مكارم " . كانت تكره صدام الخطأ ... شبكتها ، وفرح أهلها وأهلي – كانوا جميعاً عائلة معارضة – تم كل شيء ... وسنتزوج ، ثم تركتها فجأة ، وفسخت الخطبة . ولم أبين سبباً لأن السبب مما يؤدي إلى طامورة أبي غريب الرهيبة . +لم أصرح ، نوهت لها تنويهاً أن نعمل في الكفاح المسلح لمحاربة سلطة العبث الصدامي الباطلة . +اعتذرت بهدوء وقالت : أنها لا تملك أدنى استعداد لتقبل فكرة كهذه ... في القول ؛ نعم . أما الفعل ؛ فلا ... كلهم هكذا .. العراقيون ! +أعطيها الحق " مكارم " .. هي تبحث عن حياة زوجية مستقرة هادئة ، تكره السياسة وأهلها . ولا يمكن أن تتزوج سياسياً ، ناهيك عن أن تعمل هي في السياسة .. مع فهمها العميق للسياسة . +رجتني أن ابتعد عن طريقها بكل احترام ، وكأن شيئاً لم يكن ... +اتفقنا على الافتراق بأدب جم وسلوك حضري قويم ، مع تعهد بكتم السر حتى عن الأهل .. صاحبتي هذه نوع نادر في العراق . كانت زميلتي في الكلية . عاقلة أريبة عميقة تؤخذ منها النصيحة لما عرفت هَوَسي السياسي نصحتني بإخلاص أن أبحث عن واحدة موتورة قد جرحَِتها السلطة الظالمة بأحد أعزائها ، فهي تطلب ثأرها وترحب بك نصيراً تعمل معها بنفس الاتجاه .. وما أكثر هذين في عراق الضائعين ! +أنا كنت منشغلاً بالجهاد لا أقدم شيئاً عليه .. حتى الزواج إنما هو لدي جهاد لإكمال الدين وصون الذات ، فلا أقبل امرأة غير مجاهدة ، ولدي في رسول الله ( ص ) أسوة حسنة. لقد وظف المرأة توظيفا جهادياً ، حتى أن كل زيجاته كانت سياسية من أجل خدمة دينه القويم . +كنت في العمل السياسي السري . ولدي بعض الارتباطات المشبوهة المؤشرة لدى سلطة العبث ... فلا يمكن أن أدخل لحياتي امرأة ليس لها استعداد للعمل السياسي ولو كان بسيطاً ، وإلا سأكون خدعت نفسي . +بعض صحابتي الأبرار في التنظيم " رضي الله عنهم " يعتمدوا السرية التامة حتى مع زوجاتهم . وبعضهم يعتبر المرأة شيء ثانوي لا يلزم إطلاعها على أكثر من شؤون البيت والأولاد مترسمين خُطى الأجداد . +لست من هؤلاء ، بل أنا على الضد التام من رأيهم حيث أدعوا إلى إشراك كامل وفعلي للمرأة في الشأن السياسي ، شرط أن توافق هي عن قناعة واستعداد ، لا أن تحشر فيه رغماً عنها ، أو تستغفل وتُجبر على الخضوع لأمر واقع ثم تجد نفسها فجأة " امرأة شهيد " ! قرت عينها !!.. +السياسة ميدان خاص يلزمه تخصص ومتخصصون يعملون بها عن قناعة وعلم ومسؤولية صادقة ، وأرفض قطعياً أن يتعاطاها كل من هب ودب ، فيتسيس كل شيء ويكون الشعب والناس كلهم سياسيون كما هو حاصل في العراق الخطأ . +هذه الوسائل الغوغائية في العمل السياسي يعتمدها الدجالون من أجل إغراق العامة و" تسييسهم " ( ) ثم تعويمهم كلكاً( ) منفوخاً يعبّرون عليه غاياتهم ، وثم يدفعهم التيار خارج اللعبة نهائياً . +لقد نصحتني " مكارم " – وقد بقيت معي على خط النصيحة فقط – أن التي تنفعني بحق ، واحدة من أرامل قتلى الحرب ، على أن أدرسها بعناية قبل أن أقدم .. وقالت مكارم : " ما دمت وضعت نفسك مشروع استشهاد فخذ ( امرأة شهيد ) أنما أحذر الزلل فأكثرهن يقبلن شرطك بنعم على أنه..( نعم القاضي )" التي تعني الزواج . +كُن كثيرات في حيّنا .. جارات لنا ، لكن أيهن تناسبني .. و تريثت لأعطِ لنفسي فرصة الاختيار الأسلم . الأمر محتاج إلى دراسة دقيقة .. بأي طريقة أدخل !.. وأين وقتي .. لابد أن أستعين بأمي ، لكنها استغربت طلبي ، ثم رفضته .. كلفت أختي بالمهمة ، وأوضحت لها مطالبي وشروطي المبدئية في العمل السياسي . لا يمكنني أن أصرح بأي شيء . يجب أن تكون موافقة بدون تصريح .. يأتي ذلك بعد الزواج ... كلا . دع الأمر الآن . +أخيراً اخترت " أم معين " جاءت تمشي بقدرها . وقع عقلي عليها . أنا أعمل بعقلي فقط . أما القلب فمتعطل جاف منذ زمن طويل ، لما فتحت عليه نافذة السياسة فأيبسته . +" أم معين " أرملة قتيل تكبرني بعشر سنين . تملك ما يمكنني من التعويض ؛ بيتان وسيارة وأربعة أطفال ، أكبرهم في العاشرة . +أمي قالت : " هذه تجرِ بقطار لها " ... لتكن . +كانت تأتي لدي أمي لبعض شؤونها . سمعتها مرة تقول لها : " يا خاله ، إن زوجي غفر الله له قتل نفسه بيده . كان يعلم أنه ميت . وكلما عاد من الإجازة ، أوصى أنه لن يعود . وكنت أمنعه وأنصحه بالا يضيع شبابه في حرب صدام ويخسر الدارين ، لكنه ما كان يمتلك إرادة ، فضاع وضيعنا معه " . +وخرجت من غرفتي وسألتها : +- " أم معين " ، ماذا ترين مصيره فيما لو كان هرب من الجيش كما ترين ؟ . سُيعدم خائناً جباناً ، ويلحق بك وبأولادك العار . +.. على الأقل . أنه الآن " الشهيد البطل " وقد تقاضيتم ثمنه سيارة وبيت وراتب !!! +قالت أم معين تجر حسرة عميقة : +- لو بقي حياً لتحصل على سيارات وبيوت أضعافاً . كان رحمه الله " أسطة بناء " ماهر يكسب جيداً ... وبعد ؛ أتعلم مقدار معاناتنا بعده ... هذه الأموال التي يضلون بها الناس ، لا تعوض شيئاً ... ليتنا متنا من الجوع . ليته مات وهو يجاهد الباطل صدام ... " +قلت ( هيَ ، هيَ ) في نفسي ... ولأمي أيضاً .. أرسلت إليها شروطي بالنبأ العظيم فلم تمانع .. بقيت موافقتها على شروطي يجب أن أسمعها من لسانها . +كلمتها عن إله العبث صدام فكفرت به دون خشية . قلت : أنا عامل على هدم أصنامه ، فماذا ترين ، هل تعملين معي ؟.. قالت بعاطفية ثائرة : " ومستعدة للموت أنا وأولادي .. لكن من يصل إلى صدام القاتل الهدام .. قد قتل الناس وخرب البلاد وأفسد في الأرض وهو سالم ... " +سنصل إليه بعون الله والمجاهدين ... +وبعونه تعالى تم الزواج على سنة الله بأيسر وأسهل السبل بتدبير أمي . +زفتني بثوبي – لا أملك غيره – إلى بيتها ، لأجد هناك كل شيء . +ولاكتني ألسنة الناس من حولي لادن غانيات وبصقوني على المزابل الاجتماعية مع كومة شائعات ودعايات حقيرة ... ثم عزفوا لي النشيد الوطني العراقي الخاص بـ" نسوان الشهداء " !!.. نظموا جوقة منهم ، من أحجياءهم وأشقيائهم – سواء – تتعقبني لتسمعني اللحن المعهود في زفات رعاعية متتالية لا تنقطع. +ولم احتمل مضايقات الناس في المنطقة ، فانتقلت بزوجتي و " أطفالي " إلى المدينة ، إلى " بيت زوجها الشهيد " في الحي العسكري . +هناك بدأت جهادي المسلح ضد السلطة الظالمة .. اتخذت البيت قاعدة انطلاق لعمليات كانت خليتها الأولى عائلتي الصغيرة. +حاربت حزب العبث الاشتراكي ، الذراع المدني المحكم للسلطة الضالة في العراق ... حتى أقلقته . +ظنوه جيشاً منظماً تدعمه إيران .. وما علموا أنهم أربعة أطفال ورجل وامرأة ، وسلاحهم " وَلاعة وخنجر ومسدس وقلم " لا غير !!.. +أُحرقنا وقُتلنا ودُمرنا واُغتلنا وهُددنا وكتبنا على الجدران ... دوخنا الحزب والمحافظة لما يزيد على السنة ... +الخطأ أني أردت توسيع قاعدة العمليات ، فاخترقتنا الخيانة ؛ طاعون العمل السياسي في العراق المريض. الإنسان المريض ! +استشهد طفلان من أولادي الأحبة ؛ الأكبر والذي يليه . وتشرد الاثنان الآخران .... وخامس ذهب مع أمه في بطنها – يا لهف روحي - .. عندما كبس الأمن العتيد بيتنا . قاومناهم ، أصابوا امرأتي ، أخذوها ... +هربت أنا إلى الشطرة جنوباً ... على الأقل أنا الآن فيها أكتب قصتي لأخلّد الشهادة والسعادة التي منحتها لأم معين حَبيبتي وأولادي فيها ... سلامي على روحك وأطفالك أم معين... أنتم أمامي في الجنة . +سأتابع بعدها رحلتي وأنا أبحث عن " أرملة شهيد " أخرى لأواصل معها الحب والشهادة ... أليس هذا هو طريق العمل السياسي في العراق . +تمت + + + أزمة شاب عراقي +منذ أسبوع لا أصلي .. أمهد لعملية كبيرة .. خزينة الشركة تكاد تدعوني إلى .. خدرها . و " أبو أديب " – الرائع جداً – يقترح عليّ مشروعاً ضخماً .. دائرتنا تضم شكولا شتى .. رفاق ، صحابة ، حواسم ، قواودة ، صوفيون ، أخوان ، دعاة .. كلها على باب الله .. +أبي – المعرّس دائماً – طردني وأمي من البيت بعد الحواسم الصغرى أثرى وتزوج من عاهرة .. ذات خلفية .. أمي تصلي وتدعوا عليه .. صلاتها سبب مأساتي ... أخي وأن هو أصغر مني تزوج أرملة أكبر منه .. ثرية .. زوجة عضو ... وأخي الآخر لم أره منذ سنة لما ارتقى إلى أمير ، أو والٍ في دولة العراق الإسلامية. والآخر سافر إلى نيوزيلندا في جنوب الأرض. +رموا أمي عليّ وذهبوا ... لم تأخذ من الدار غير السجادة والقرآن ... سكنا في " أرض التجاوز " وثلثي العراقيون متجاوزون . وأنا أعمل جيداً في الشركة . واتحصل على " إكراميات " مع راتبي . لكن مع ذلك لا أتمكن من الزواج .... وجه الفقر " فتاتي " تلح في ضرورة سرعة العرس . ويلزمني ثلاثاً معها لأكمل النصاب - كابي – أنا محتاج إلى التعويض الكامل بعد الحرمان الشامل .... سأشتري قطاراً ، وأبيع " فرارات " لأجمع ثروة !! +سعيد أبو العرق في حيّنا ربح بطاقة يا نصيب . حرام قال شيخنا .. الى الجحيم شيوخ آخر زمن . +كلما هممت بشراء ثوب أو حذاء أعمل جمعية وأصحابي ... هذا قبل أن يعدل بول بول بريمر " رضي الله عنه " الرواتب. +لما نُهبت الكويت كنت صغيراً . +وفرصة النهب والسلب الكبيرة المسماة " حواسم " لم استغلها . أفسدتها عليّ أمي والصلاة ... +وهذه ثالثة الأثافي الكبرى يجب أن لا أضيعها ، وإن كانوا ابتدعوا لها اسماً رهيباً ؛ " الفساد الإداري " ارتباطه مباشرة بالسلطة القضائية المستقلة ، والمنفصلة عن الحكومة . في دولتنا الجديدة .. المفسد الإداري أمام القانون لحظة بلحظة . لا يفلت من لجنة النزاهة والمفتش العام و .. و .. +هذه " الهلمّات " الدعائية لا تخيفيني . كلهم " حرامية " ... " لجنة النزاهة " من ينزهها .. يا للسخرية ، وهل بقي في البلد نزيهاً !.. هم دنسوا الإنسان بعدما خربوا الأرض .... المفسدون . +" تمرات العبد " كلهن بخسات نجسات . " زين " يعرفهن . هو بال عليهن لما شبع ... وأكلهن لما جاع .. أعلن أنهن نضاف .. " قال نزاهة قال " ! أهي بالقول والإعلان !! +كان للحرامية شيخ واحد يحكمهم . ويمكن الركون إليه في حالات طفح الكيل والمجاري .. فيأمر وينهي بخير ، وهو قادر .. وإن كان ثوراً عاقصاً قرنيه . أما الآن فقد تشابه البقر علينا . والجميع يرفعون " خرقة نزاهة " صفراء فاقع لونها ... تسر الناظرين ... +أحزاب . شخصيات . حكومات . منظمات . فضائيات . ميليشيات إمارات .... ظلمات بعضها فوق بعض ... دخيل الله ! +لا شأن لي بهذا ... أريد امرأة وبيت وسيارة ، طموح عراقي متواضع . +كنت أرى شباباً معدمين مثلي يقفزون نحو الثراء الفاحش .... سوقية و " عربنجية " بطالة وفاشلين .. سبقوا السابقين .. سيارات ودولارات و .. شركات !! +وأنا جلبت إلى البيت بعض أشياء تركها الناهبون ، فالتقتني أمي بالصوات الفاضح : " أتريد أن تدخل الحرام إلى بيتي . أما سمعت نداء المرجعية " هددتني إن لم أرجعهن مكانهن أن تقتل نفسها . +عاندتها بغباء في البدء . قالت : " أنت كأبيك . كلكم مثله نهازوا فرص دون هدى من كتاب منير " .... ليتني كنت كأبي .. أني لا منكِ ولا منهُ .. قد ضيعت المشيتين . +أخيراً غلبت علي أمي والصلاة فأعدتهن ... ما الفائدة ؟!.. أخذهن نهاب آخر وجدهن جاهزات ، فسرّ بهن .. كان ذلك أمام عيني . +عدت حزيناً . لم أصلي المساء . صحت بأمي وهي تلح عليّ بالصلاة : +أتركيني أرجوك . أنا أشعر بالغلبة . إن كذبة كبيرة تطوق الجميع . تخنقهم بالصوم والصلاة ... الثراء هو الحل . المال يعطيك كل شيء حتى الدين .. اعرف ناساً استغلوا +" فرصة الحواسم " على ما يرام ، ثم عملوا " مؤسسات خيرية " .. استخرجوا فيما بعد فتاوى بحلية نهب الحواسم !... وتزكية الأموال ... " ومن يتوب ، يتوب الله عليه " +لم ، لا ، التوبة جائزة في كل حال . والمؤمن الثري خير من المؤمن الفقير . و ... سأعود إلى الرحمن من سنتين ... +سجادة أمي المفروشة على الدوام كرهتها ... بت أراها كومة قيم مبعثرة ، مهدرة ، مرماة باهمال مع الأوساخ والنفايات تحت الشمس والمطر ... والقنابل والمتفجرات . +حديث التأزم والتردد والخوف مستمر وأصحابي ... كلهم مثلي .. يصلون ، ولديهم أمهات تنهاهم ... وإذا جد الجد ينكصون ويجبنون .. ولكني سأفعلها وحدي .. سأطبع المفتاح على صابونه .. أو إني فعلت ذلك ، بل ونفدت أجزاء من العملية العتيدة . وهذا هو المفتاح في يدي .. لا مشاكل ، لا حواجز ؛ هذه يدي – النظيفة – والمفتاح والخزينة ... ألا إن جبلاً شاهقاً في نفسي أفلحت باجتيازه – بحمد الله – أنه ليس جبناً ولا خوراً .. أنا لا أملك شيئاً لأخاف عليه . +قال المغفل صالح : +" كنت تملك شيئاً ثميناً أضعته " . + صه .. ابق متعفناً في محرابك أيها المخرف ، ستتفسخ وياكلك الدود . بل هو أكلك حياً . + ستندم .. ولات حين مندم + أليس لك قصراً في الجنة .. لابد أن تذكر صداقتنا ، وتجد عليّ بغرفة فيه ، ولو كانت بقدر مرحاض .. يا بخت من يجد مرحاضاً في الجنة .. كهكها ... + لا حاجة للمراحيض في الجنة . هناك روح وريحان ، أيها السطحي المرتد . أنت يجب أن تُذبح . +لم أضع وقتي معه . هؤلاء هنا لا يعرفون غير القتل ، ولا يحسنون إلاّ تخريج أحكام الإعدام من نصوص الفقه . +أخطأت في تنفيذ العملية . ضُبطتُ متلبساً . ساقوني إلى السجن . فصلوني من الوظيفة . +أخوتي لم يزرني منهم أحد. أبي – النظيف جداً – جاء يبصق عليّ من الشباك لأني " سودت وجهه ! ". أمي بقيت معي تبكي . +في السجن ... عدت للصلاة !... +تمت + + الطلقاء ... + واغتيال ... قحط ... + لقد بغوا .. +وأفسدوا في الأرض ... + ألا أنهم لم يتركوا الصلاة . +الشهيد زيد بن علي بن الحسين (ع) + أرى الجاهلية أحمى لنا + وأنئى عن الموقف الأرذلِ + الشريف الرضي +* * * +قبل أن تُستدعى مواليده لخدمة الاحتياط الثالث .. كان الرفيق " حميد قحط عطشان " قد اشترك متطوعاً في " ألوية المهمات الخاصة " ( ) +انتهى أقرانه ، خلصوا ، أبيدوا .. نفد الذكور من مواليد 1951 قتلاً وأسراً وتعويقاً وخبالاً ، لكن حظ حميد كان حسناً فقد أصيب في الحرب وانكسرت يده كسراً مضاعفاً استطاع أن يفيد منه ويستغله جيداً بعمل تقارير طبية أجلته لأكثر من سنة عن خدمة الاحتياط في الجيش الصدّامي الرهيب . +ثم تمكن الرفيق حميد بعلاقاته الحزبية ، وفلوس دسها لبعض المشتغلين في اللجان الطبية العسكرية ، أن يرفع درجة عوقه إلى الستين بالمئة ، ليُعفى قانونياً من خدمات الاحتياط المستمرة .. بقرار طبي مزوّر . +ولكن " لجنة شرحبيل " ( ) – أو " لجنة شروبيل " كما يسمونها – أرجعته ثانية ، فعاد إلى الجيش جندياً في سرايا الحجابات المميتة ، غير أنه نسب إلى سرية المقر ليعمل في التوجيه السياسي والمعنوي لأنه من الكوادر الحزبية الموصى بها. +فجأة ، وبضربة حظ سعيد ، تخلص من " الشر الوبيل " أثر قرار رحيم من لدن القيادة الحكيمة ، بعفو جميع البعثيين المنضوين في ألوية المهمات الخاصة من خَدمة الاحتياط بكل صنوفها ، وتكريمهم بإضافة درجة حزبية لكل عضو ، ليستمروا في مهامهم النضالية في الميدان الحزبي ومن موقع أعلى !.. +سلم حميد قحط عطشان كتابه العسكري ، وعاد بملفه الحزبي إلى المدينة نسراً لا يسعه الفضاء بالفرصة والمعنويات العالية ، وحب أعمى يقرب من العبادة يكنه للقيادة +الحكيمة ، وعلى رأسها بطل التحرير القومي السيد الرئيس القائد صدام حسين حفظه الله ورعاه . +وعلى نهجها المتقن المًعد من قبل الكبار ، استمرت السلطة القوية في صناعة " النموذج الفاعل " وإعداده للدخول بجدارة إلى ساحة العمل فبالغت في ما تسميه " تكريم المناضلين " ، وأن هو إلاّ شراء كلي وامتلاك مطلق للذمم والنفوس والعقول والضمائر ، لدرجة " الإيمان " والحب الحقيقي . +التكريم المعنوي رفع الرفيق حميد رأساً إلى " عضو شعبة " بمنحه درجات حزبية مجانية . فصار " يحبس " و " يعذب " بل " يعدم " ... صار سبعاً " يأكل أوادم " +ولا حد للتكريم المادي أنهم رجال صدام للمهمات .... +حصل على " سيارة رفاق " +ومنح قطعة أرض زراعية ( للرفاق ) مساحتها خمسة دونمات في منطقته . +وربح قرعتين في توزيع قطع سكنية في الأحياء الجديدة . +ومن السماء أيضاً جاءه تكريم ؛ عندما دعته – في أزمة الرجال الذكور – أرملة عقيد شهيد إلى قصرها وعرضت عليه الزواج ، مع أنه كانت تحته يومها امرأتان ؛ ابنة عمه في الأرياف مع أطفالها و " حسينه " التي كف عنها الكلام لما تزوجها ( الرفيق حميد قحط ) ثم ما لبثت أن صارت مثله ... " رفيقه " ! +الرجال كلهم مشاريع استشهاد للوطن والقائد . وامرأة العقيد طلقها البين مرتين ، فهل تتزوج في الثالثة ضابطاً أيضاً .. ولديها ثلاث قصور وخمس سيارات وأنواط ومكارم ووو... بلايا +ليس في الساحة من الرجال غير " الجدعان " فحول متفرغون للحب – هل تتزوج جدعاً مصرياً ؟.. إذن يجب أن تصم – أو تجدع – أذنيها عن القيل والقال !.... كيف ذاك وهي " أم إقبال " .. وينتهي السؤال والمقال . +لم يبق غير هذا الرفيق المعوّق لأغراض اعتبارية ... ما عَوَقَه ؟.. يَده ؟!.. لا شيء فيها .. ولتكن ضعيفة ... المهم سيفه المجرّب ، قوي حديد . +وتزوجها .. بالرفاء والبنين ، وهيمن على آلافها وملايينها ورواتبها وشاراتها وقطعها وأراضيها .. راح يبني ويسحب مواد بناء من المؤسسات الرسمية ليبيعها في السوق السوداء .. ويشتري ويبيع ويتاجر بكل شيء – حتى البشر ونسوان الشهداء !- وسريعاً صار حميد مقاولاً ثم ارتقى تاجراً أو رجل أعمال يدير شؤونه الخاصة ستاف سري متخصص . +كلام لا يخلو من مبالغة .. هكذا هو حديث الناس إذا كرهوا أو أن أحبوا !... والحقيقة أن المال يجلب المال والجد السعيد . إنما هناك سعي وجهد .. وجهاد !.. الرفيق المناضل حميد قحط متحرك متطلع نشط ، لا يقعد ولا يهجع ، وهو دائب السعي في مصالحه وأطماعه ، ثقف لقف كالسنور يبتلعها وهي طائرة ، لا تفوته شاردة أو واردة وهو في مقر فرع الحزب الرئيس في المحافظة واقف لخدمة نفسه أولا ، وثم يأتي البعث والعروبة ، غير أنه لا يقصر فيها قيد أنملة ... +مستغل ذكي لكنه يخاف القانون ولا يتجاوزه ، ولم تسجل عليه قضية اختلاس أو فساد أو تزوير أو سرقة كشأن غيره من المسؤولين الحزبيين ... بل لم يشكوه أحد من المواطنين بظلم .. هو يعرف كيف يلعب .. ومتى يشتغل ... ومن أين تأكل الكتف . +لعبته الحقيقية كانت " أموال الدولة " ، سفينة المساكين يشتريها بحقها في الظاهر ، إنما كان وراءه ملك يأخذ كل سفينة غصباً . +السارق الحقيقي هو النظام القائم ، دولة العبث الصدامي الجاهلي ، وما حميد قحط وغيره إلاّ ضباع جيف على فريسة المسبعة الرهيبة في غابة العراق !.. +في بدايته كان يضع الألف على الألف يجمعها يريد أن يجعلها خمسيناً لكي يشتري مدجناً كانت الحكومة قد عرضته للبيع إلاّ أنها جعلت المزايدة للبعثيين فقط . +رست عليه ، واشتراه بحقه ، لكنه تعلم كيف يربح المزايدات على أموال الدولة التي كانت تعمل على إنهاء القطاع الاشتراكي وثم أضاعت المشيات كلها فباعت الدولة وما فيها لخاصتها كيما يبقى الأسد الهصور محصور في القصور ناعماً بالسرور وكرسيه يدور .. بالعدل أو بالجور .. +استمر حميد قحط يعمل وينّمي ويشتري ويتقدم ... ويتزوج أيضاً .... لا يغادر سنة الله ورسوله . +بالمناسبة فأن الرفيق حميد مع أنه بعثي ( قرص ) من رأسه على أخمص قدميه .. وخصيتيه ، ويخدم الحزب والمخابرات والأجهزة السرية ، وأذنيه وعينيه ورجليه ويديه في خدمة السلطة أو القيادة – كما يسميها – إلا أنه مع هذا .. كان يصلي .. ليس تيمناً بعبد الله المؤمن ابن العراق البار الذي كان يحبه حد العبادة ، لم يبدل ولم يغير بتاتاً رغم تغير الأمور وتقلب الأحوال . إنما هو لم يبدل صلاته التي وجد عليها أبيه ، ثم زادها صوماً وتُقى " عبداً ألاهياً على نياته " فرزقه الله حجة مجانية نظمها صدام المؤمن لخاصة أوليائه الحزبيين في ظرف ما . +صلاة حميد قديمة أصلية . في مبتدئها ما كانت عبادة ، إنما هي عادة وجد عليها آباءه .. ثم تحولت إلى " مودة " لما لبسها عبيد الله بن أبيه ومن بعده دعاة الدين وأدعياءهِ ومتحزبته وأحصياءه ... +ما زالت الصلاة على علاتها – بحميد قحط حتى صارت تنهاه عن الفحشاء والمنكر وتقربه إلى الله زلفى ، فأظهر التقوى بالإيمان الحقيقي وصار يعمل لمرضاة الله وينفق في سبيله ويسعى في أمر الله بالنصيحة والخير والتقوى فغدى إضافة إلى موقفه الحزبي وجهاً اجتماعياً مرموقاً وشخصية بارزة لا يتخلف عن الحضور في كل مسعى خير لحل مشكلة أو تقريب رأي أو محاربة منكر . +راح حميد قحط يحاول جهده التكفير عن ذنوبه والتحبب للناس من أجل تغيير صورته القديمة وكأنه كان يؤسس لعهد جديد يترقبه . +لم يرق مسعاه لبعض الكبار فعملوا على إعفاءه من مهامه وتهميشه ليبقى بعيداً ، وكان الحزب قد استغنى عنه رغم أنه يعد نفسه من المناضلين الأوائل غير أن ذلك وغيره لم يؤثر في حبه الدائم لصدام كإنسان وكرئيس ... إن حميد قحط لم يخفِ مشاعره وأحاسيسه الدفاقة بحب صدام حتى النهاية بل كان مدافعاً عنه في كل جدال رامياً الموبقات والخطايا كلها على أطراف أخرى كأقاربه ورفاقه وأشقاءه العرب ... وزبانيته .. وما أرخص الحجج لمن يريدها ! +استمرت الأوراق مخلوطة وما زالت ، قد استغلقت طلاسمها على الحل والتحليل لما غير اللاعبون القدامى وَسائلهم وأطاحوا بصنمهم العتيد صدام . +الحاج حميد اليوم من أثرياء البلد وكبّاره في كل فن وشأن وليس المال والدين والسياسة حسب . +لسنا بصدد تعداد ممتلكاته ، فتلك مزقت الخياط ما شاء الله ولا تُحصى كأفضاله على الناس . أنه من أبرز وجوه الخير في المدينة ، سبّاق على كل غانمة ، مقدم في جاهة . +غير هذا أن الحاج حميد الآن له أربع نساء ، وهو رب لأسرة ثقيلة يربو تعداد أفرادها على الثلاثين جلهم من الأطفال والطلاب الجامعيين ... يعد أباً مثالياً ونِعم ما أنجب وربى فأولاده من خيرة الشباب الناجحين المرضيين . وهو زوج كريم تشيد بعدالته نساءه . +اجتمعت عليه اللجان كلها ؛ العدالة والمسائلة والاجتثاث والنزاهة ... لم يطالبه أحد بدم . لكن أمواله حُجزت وجُمدت ريثما يتم مصادرتها . يعلم الجميع أن أصولها من دماء وحقوق هذه الأكثرية المغلوبة من الشعب . +ولكن هذه اللجان ذاتها اختلف أعضاؤها في جدلهم وقرارهم بشأنه ... فقالوا ، والقول مختلف : + هذا البربري البائس المتخلف حميد قحط عطشان ، عضو فرع الحزب سابقاً ، أسوأ منه زمنه العبثي العابث قد تفاني في خدمة النظام المقبور .. دمه وماله وولده حرام في حرام . أنه آمن بصدام رباً يضر وينفع . + الصحيح أن الرفيق حميد ما خدم إلاّ نفسه ، وما آمن إلاّ بها .. ما أخلص لحزب ولا حكومة ولا رئيس .... ذلك لا يعفيه من المسؤولية . أنه انتهازي مستغل نعم ، لكن الأهم أن يده لم تُلطخ بالدماء من قبل ومن بعد .. هل طالبه أحد بدم أو ثأر . أو حق والمال هل سلبه من شخص معين ... هل من دعوى حقوقية أو قضائية ضده أقامها الأفراد ؟ +هين أمره ما دام الجواب بكلا . فعنوان جريمته سيكون " اختلاس أموال الدولة " بدلاً من " الإفساد في الأرض " كما عليه أشباهه . + وهل سيعيد أموال الدولة - !.. هو ذاته أضحى الآن دولة . ملكياته تعدل ميزانيات دول ، كلها استلبها من أموال الشعب + بطريقة أو بأخرى استطاع التحصل عليها ، بعض طرقه شرعية لا غبار عليها غير أنه استفاد من موقعه الحزبي بلا شك . + كل ما كسبه هو ثمن خدماته للدولة الظالمة وحزبها العتيد .. هو ذاته يعترف بهذا دون مواربة . + ليست أمواله كلها حرام .. كلا . الصحيح أن بعض أصول أمواله محرمة ، نعم . لكنه استثمرها ونماها فربت أضعافاً مضاعفة . + ما أسس على باطل فهو باطل . + كلمة حق تريد بها باطل .. لا تخن من خانك ولا تظلم من ظلمك تلك وصايا النبي الخاتم . +وجاء في فتاوي حفيده الإمام الصادق لما سأله المنصور الدوانيقي عن أموال بني أمية واستيلاءه عليها . قال له : [ لا تجوز لك إلاّ بِحِلِّها . أُنظر ما هو حرام منها أعده إلى أهله أو إلى بيت مال المسلمين . أما ما هو لهم فأبقه على حدود حقه ]. هذه فتوى الإمام الصادق المعصوم في أموال بني أمية بعد زوال دولتهم ، يمكن تطبيقها حرفياً على أموال أتباع النظام العبثي بكافة انتماءاتهم وأشكالهم مَن هم في السلطة أو حولها أو خارجها ... + إن جد الصادق عليّ بن أبي طالب قال في الأموال المغصوبة من الحق العام : " والله لو وجدته قد تزوج به النساء أو ملك به الإماء لرددته ، فأن في العدل سعة ، ومَن ضاق عليه الحق فالجور عليه أضيق ... " . + لا خلاف .. أصل الحق يؤخذ عنوة ويُعاد لأهله بالقانون العدل " ولكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون " .. هذا هو حكم الله . + والنماء . والمكاسب . والزمن في عهدة مَن ؟! +إذا تُزوجَ برأس المال الحرام ، فما حكم الولد ؟ + يعيد رأس المال لأهله ، والولد حلال له كأن يعيد ثمن الجارية ، ألأو أجر المثل لبيت المال .. ذلك هو المنطق الحق الذي قصده عليّ ( ع ) ... أما إعادة المال بنماءه فذلك منطق غير مستقيم و أصولية متطرفة تتقاطع مع منطق الفلسفة العملية " البراجماتية " الحضرية . وهي مثالية يتعذر تطبيقها بدليل أن علي بعظمته عجز عن تحقيقها ولو جزئياً في بعض المواقع . + وماذا تريدون إذن . هل نتنازل لهم عما سرقوا ونهب لهم ما نهبوا . لو كان مالاً شخصياً لما هم القلب أن يتنازل عنه ولية ، ولكنه مال الناس العام . من يملك حق هبته ؟.. من يتحمل المسؤولية القانونية ؟ + سيدي ما كانت الأموال مبعثرة مباحة للبعثيين أو غيرهم هناك فساد ، لكن الناس يبالغون بوصفهم أن أحبوا أو كرهوا. +لا شأن لنا بالعائلة الحاكمة .. الرئيس وبنيه وامرأته ومقربيه وخاصته وبطانته ومتنفذيه أولئك شأنهم مختلف ، ولا يقاس بهم غيرهم . +أما حميد قحط فكان يخاف القانون ولا يتجاوزه ، ولم تسجل عليه قضية اختلاس أو سرقة أو تزوير كشأن كثيرين غيره من المسؤولين الحزبيين ... +الرجل لم يشكوه أحد بظلم ، لكنهم أخذوا عليه وفاءه المطلق للنظام ولي نعمته .. وهو مستغل ذكي لعبته الحقيقية ( أموال الدولة ) سفينة المساكين . يشتريها بحقها في الظاهر . إنما كان وراءه ملك يأخذ كل سفينة غصباً .. +الحقيقة أن المال يجلب المال والجد السعيد . إنما هناك سعي وجهد وجهاد ... الرفيق المناضل حميد قحط كان متحركاً نشطاً ( لا يقعد ولا يهجع ) ، وهو دائب السعي في مصالحه المادية ، فجمع وأوعى وخلط حلالاً بحرام ، كيف نميزه ولا دليل . الخليفة عمر كان يقاسم هؤلاء أموالهم فيأخذ منها النصف لبيت المال وعلي ( ع ) استرجع رأس المال – ثمن الجارية – وترك لهم النماء – الولد – ... ولنا في سيرة الصحابة العدول أسوة . + لأجل أن لا نفصل الوالدة عن ولدها نهبهم ثمنها لأجل ولدنا رحمنا وملك رقاب أهلها لكي نؤلف الناس ، نشدهم إلى بعضهم ، نقربهم بالإحسان والتسامح والرحم +والقربى ... إننا أمام جيل من ( المماليك ) لحم أكتافهم من بيت المال العام .. هل نقطع أو نخلع أكتافهم بحق الشرع وعدله وقانونه أم نعتقهم برحمته وسماحته وعفوه ؟ ! .. +ليس أمامنا إلاّ أن نفعل ذلك +فإذا أخذنا الناس بذنوبهم – وهو الحق – فرقناهم ، أبعدناهم عن بعضهم شأوا بعيداً . وكان لزاماً علينا أن نحشو هذا الفراغ حرساً شديداً وشُهباً ، وهل نحن قادرون على ذلك . محمد ( ص ) كان قادراً منصوراً من الأرض والسماء لكنه لم يفعلها واختار العفو . أفضل بنا أن نعود إلى حكمة نبينا ( ص ) - إِن كنا نمتثله – عندما قابل كفران قريش وعدائهم بالإحسان والعفو والتأليف ، فقال لهم وقد فتح مكة – وهو الحق – " اذهبوا فأنتم الطلقاء " لم يستثنِ من عفوه إلاّ أهل الدماء والجريمة الخطرين وقد حصرهم ببضع رجال أهدر دماءهم ، فيما شمل عفوه أبو سفيان رأس الكفر والجريمة .... بل أعطاه وآلف قلبه ... + أي .. وماذا كانت النتيجة !.. هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان ؟.. بماذا قابلت قريش إحسان نبيها .. أما عدت على ابنته ظلمتها ، وبغت على وليها ، أعلنت الحرب بلا هوادة على صهره وابن عمه ووصيه .. ولم يكفها حتى قتلت سبطيه بأبشع الوسائل ثم سبت ذراريه وحرمه وبناته سبي الترك والديلم في جريمة لا أخت لها في تاريخ الأمم؟ +دعونا أيها الناس بحق السماء ، لا نريد طلقاء جُدد يقتلون الحسين من جديد . + سيدي إن حكم الطلقاء سنة نبي ليس من حقك أنت ولا الأكبر منك أن يرفضها ، ولا حتى أن يقترح أو يعدّل أو يتقول فيها . تلك ثوابتنا العقائدية التي بدونها نكون في خبط عشواء يضرب بعضنا وجوه بعض وننتهي إلى عدم( ) ... " الطلقائية " المحمدية لم تكن سياسة وظروف إنما كانت نهج السماء . والشارع المقدس حكيم عليم محيط شديد تواب رحيم .. تأتي أنت الحقود المحدود ترفض الطلقائية وتقول لا نريد طلقاء جُدد !... أتعترض على نهج محمد المقدس ؟ + الحالة مختلفة أيها القوم . دعوتنا ترفع مظالم أمدها خمساً وثلاثين سنة من القتل والإرهاب والتخريب .. هناك بغي وإفساد في الأرض كبير ، هناك جرائم ضد الإنسانية ، هناك مقابر جماعية ، هناك إبادة شاملة ، هناك جرائم حرب لا عقلانية ، قتلى بمئات الألوف ، بل تعدّت الملايين .. كم قتيلاً كان بين محمد وقريش !.. يعدون على الأصابع .. ما كان بينهم إلاّ سِجال حروب ، وقائع محدودة أشبه ما تكون بحروب قبائل أو عوائل ، اختلفت على أمر خاص من إِمرةٍ وسيادة وتجارة ثم رضخت للأقوى ، فما كان منه إلاّ أن بادر إلى إصدار عفو عام ليحافظ على البنية العامة والمصالح الخاصة - التي ما جاء ضدها – تماماً كما يحدث في الانقلابات والثورات . + أستاذي العزيز أنت ماذا تخرف ، هل تعي ما تقول !.. هذا نبي قوله وفعله حجة وسنة .. هل لديك اعتراض ليتبين لنا كفرك من إيمانك . + اللعنة عليكم ، وضعتموها بهذه الدائرة الضيقة ، أنتم تريدون حشرها في هذه البودقة الحرجة كيما تكفرون .. هذا دأبكم ووسيلة انتقامكم ... التكفير . + أجبني ، لا تتهرب . هل تعترض على حكم وتصرف النبي ( ص ) ؟ + كلا ، إنما الحالة مختلفة . اقرأها جيداً وقارن . + الناس والزمن لم يتغيرا . الحكم ثابت . + المتغير هو الحاكم . ذاك نبي له حكمه الخاص . نحن لا نصل إلى درجة عفوه وقوة تحمله . كان يواصل الصوم ونهي الناس عن صوم الوصال ... تزوج تسعاً وحدد للرجال أربعاً . + إلى أين انحرفت في سيرك الضال .. هذا هروب من الموضوع ، إلى سفسطة فارغة . + أنتم ماذا تريدون بالضبط !.. أن يعود العبثيون الذين عبثوا بالحياة وخربوها على مدى عقود ، وكأن شيئاً لم يحدث !.. ماذا .. أهو لعب عيال ؟!.. وثم تعلقون جرائم القرن على شماعة الأنبياء ! +هذه الأرض العراقية النازّة بالدماء ، المحشوة حد الاكتضاض بالمظالم والأحزان .. على أي دين يا أهل الله !.. على أي قانون يا أهل العدل !.. على أي عُرف يا أهل السواني والعشائر ... وهؤلاء الذين ذهبوا ضياعاً وماتوا غمراً وغصرا.. أين الدماء ، أين الأموال ، أين الأعراض ، أين النفوس والأعمار والأزمان ، أين حقوق الإنسان ؟! +من أين نبدأ ، وماذا نقول ، أنها أعيّت على الحصر والإحصاء .. هل صدام والخمس والخمسون وحدهم الذين أجرموا .. من نفذ الطامة الإنسانية الكبرى .. من أقام قيامة العراق .. أجهزة القهر العتيدة التي أدارت دوامة التيهور ( ) الصدامي لا زالت تعمل أنها مُصممة كأجهزة موت تعمل في الظلام في دولة الخوف أعضاء حزب البعث الذين كانوا ينفذون لا يتناقشون هم أداروا العملية . كانوا واجهتها الأمامية ... زنابير التعذيب في حاكمية المخابرات ، هؤلاء الخارجون عن سمت الأبالسة ، المعروفون واحداً واحداً من قبل مجلوديهم ، الخاصون والمجهولون والملثمون والظلاميون عقارب الأقبية السرية والواجهة الخلفية للنظام .. هل يُقال لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ؟! +والذين قتلوا الناس وأحرقوا المدن وخربوا كل شيء في العراق والكويت وإيران ، والذين أزاحوا النخيل في البصرة وكربلاء وبابل .. هل يعفو النخيل عمن قتله ؟!.. والذين اشتروا الأراضي والعقارات بمال السلطان وسجلوه " طابو " بأسمائهم .. هل يبقى ( الطابو العراقي ) ملكاً صرفاً لأصحابه إذا تصالحنا ؟!.. الذين باعوا العراق وحولوه إلى أرصدة سرية لهم في الخارج والذين عاشوا بظل الملك صدام أسعد بكثير من الملوك ، هل يبقون في قصورهم ومشايخهم ومضايفهم !... والذين ما زالوا يذبحون ويرهبون ويفجرون ... والذين يهجّرون ، والذين لله يحاربون ... يجاهدون !... والذين والذين والذين .... ( وأولاد +الخايبه ) ، الضائعون ، المهانون ، المغلوبون ، الخاسرون ، المهجّرون ، المعذبون ، المدفونون وهم أحياء ، المرملات ، الأيتام .. أين الأعمار التي ضاعت ، أين الأزمات التي تولت ، أين الأموال التي سُرقت ، أين الحيف ، أين السيف ، أين الله ؟!!! +صدام يا قوم ما كان رئيس دولة ، إنما شيخ بداوة جاهلية تحفه أجهزة الموت من كل جانب ، حتى صار يباري الله في أوامره لملك الموت فقصمه كما يقصم الجبارين .. لعل أكثرهم لا يعرف صدام ما هو . +المستحيل بتعريفه الوافي أن يسقط نظام صدام بجهد عراقي ، لكن أذكياء المحيطات قعدوا له ذات اليمين ، وكان قد وضع إلى شماله " ستاف " من أعتى مؤججي جهنم متربعاً على عرش جحيم العراق واثقاً بقوة زبانية يثئرون له حتى لو سقط أو قتل ... وهذا تماماً ما حدث . +لما انهزم إبليس وتولى ، واصل المهمة الشيطانية أصحاب المشئمة من زبانيته وصنائعه وجنده وفدائييه وأقاربه وأولياء نعمته وجلاوزته ووعاظه وحميره وكلابه ضباط جيشه وشيوخه ... ومن وراء هؤلاء أشقاءه العرب الذين اختلف معهم لقليل ضئيل . +أصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة ، المجرمون المجرمون أولئك المقربون .. يجب أن نحاكمهم جميعاً لا نستثني منهم أحداً ، وكل يأخذ جزاءه العادل عما أجرم وارتكب أو سلب ونهب ، فأن لم يثبت عليه شيء أو لم يطالبه أحد بمال أو بدم فهو في حِل من الشعب والدولة يعيش مواطناً صالحاً كغيره ، ومن جاءَ بالصغائر تسمح له ، ومن ارتكب كبيرة وتاب نقيل له عثرته شرط أن يعيد الحقوق إلى أهلها ويؤدي الديات أو يعفو ولي الدم .. الجميع أهلنا ولا نفرط بأحد منهم وغايتنا إصلاح هذا المجتمع المُهدم وتضميد جراحه ليتعافى ويبل من أمراضه ... ولا يكون ذلك إلا بإحقاق الحق . + وكان الله يحب المحسنين .. ونحن لا نريد غير هذا الذي ختمت به خطبتك العصماء الطويلة أيها الشيخ ، قد أطنبت وأسهبت ولا كأنك تكلم عراقيين منبتين في هذه الأرض ، وهل من عراقي أصيل لا يعرف جرائم صدام ... + الخطير في الأمر سيدي أنكم تؤولون السنة المطهرة لصالح أهل العبث الإجرامي . تريدون منا أن نقول لهم " عفى الله عما سلف " أبطلنا اللعب وانتهينا يا أولاد ... ما هذا الضحك على الذقون وعلى الحقيقة والحق والتاريخ والشرع والموازين أنه إخلال بمنطق الأشياء في الوجود .. لا تستقيم الأشياء إلاّ بالصح .. ولا نسمح مطلقاً +لـ" نبي " جديد من " الرحماء " أن يقول لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء " لأن مآسي المسلمين – بل البشرية على طول التاريخ – أنما صنعها الطلقاء .. ولا نريد طلقاء جُدد ... أو الأصح " لا نريد متنبئين جدد " . + يشين كلامك مسحة غضب عارم تلازمه تتطرف فيه إلى أقصى يمين العاطفية مما يحسر مياه الحقيقة عن العقل فلا يصلها ويضعف عن تناولها فيما تحضى العاطفية بأكبر الكلمات وأثقلها وأقسى التعابير وأشنعها . +اعلم أيها السيد إننا لا نؤول السنة إلاّ لصالح الصح والحقيقة واتهامك لنا بالتأويل لصالح أهل العبث والصِدام خطير نرده بقوة ونعتبره رمي لنا بفساد في العقل والدين ... +لا اجتهاد في هذا النص الواضح الصريح .. إنما أنت تؤول وتحول المسألة إلى ( لعب عيال ) – كما تسميه – وتتجرأ على مقام النبوة فلا تسمح .. من أنت يا أخي لتسمح أو لا تسمح – لنبي أن يقول " اذهبوا فأنتم الطلقاء " مرجعاً سبب مآسي المسلمين في طول تاريخهم إلى الأوائل الذين أطلقهم النبي أليس هذا تحديداً فحوى ومعنى كلامك ؟! +يا أخي نحن المسلمون اعتدنا عندما يشتد الجدل والنزاع فيما بيننا في قضية ما أن نصلي على محمد وآل محمد فيصمت الجميع ويهدأ اللغط ويكف الكلام ليستمع الجميع إلى المؤذن بالصلاة فيقول كلاماً للنبي حديث شريف أو سنة مُتبعة فلا يجرؤ أحد على رده كقانون مقدس ... هذه ثوابتنا عليها تتفق نقطة الصح التي تقع خارج فوضى ذواتنا ، ولولاها لما استمر الإسلام شامخاً قوياً ، بل لما قامت له قائمة ابتدأ ، فالإنسان أكثر شيء جدلاً ، وربما اختار السلوك الخاطئ وأحاطه بالتبريرات . ولا يتبين الرشد من الغي إلاّ بعد حين وذلك هو الداء الذي استشرى فيما بعد وأضعف الإسلام بالجدل السياسي الفقهي ... . كان بعض الصحابة يعترضون على النبي ( ص ) ، ولا يقتنعوا برأيه إنما يسلموا له عندما يخبرهم أنه أمر إلهي فيه تنزيل وقرآن . " ولا يجدوا حرجاً فيما قضيت ويسلموا تسليماً " . " فإذا عزمت فتوكل على الله " . +اعترض بعض المسلمين على صلح الحديبية . واعتراضهم ربما جائز عقلاً لأنهم الأقوى . ولكن النبي ( ص ) أبرمة وأقرة بعزمه وتوكله فسلموا تسليماً . +بينت الأحداث فيما بعد أن مصلحة الإسلام ديناً ودولة كانت في ذلك الصلح . +الحالة كانت مشابهة في فتح مكة ، لما أعلن ( ص ) العفو العام عن أعتى أعداء الإسلام ، وهو المنتصر الأعلى . +اعترض بعض المسلمين . واستمر الاعتراض إلى يومنا هذا ، وأنت يا شيخ من المعترضين ، وأن كنت لا تجرؤ أن تجهر بهذا . +قد احترمك وإن خالفتك ، ولكني هنا لا احترم رأيك ، ولا أقبل اعتراضك لأنه كفران مبين يخل بثوابتنا ، ويحاول – يائساً – أن يزلزل دعائم الصح والاتفاق الإسلامي العام الذي أقره النبي بسلوكه وأثبته في شرعه . +هل تعلم أن قريش الشرك التي استلسمت للقوة – والنبي يعلم ذلك جيداً – لكنه أطلقها ، بل صانعها وألّفها وصاهرها وسوّدها .. بل واستخلفها أيضاً ... قريش هذه غدت عما قليل مادة الإسلام التي بها انتشر وثبت وارتقى على الدين كله . +فماذا يخرف المعترضون على الله ورسوله !.. هؤلاء إنما إلى الحضيض الأسفل ينزلون ، في الجحور العميقة والمغاور السحيقة يبحلقون . لا ينظرون إلى بناء الإسلام وعمرانه الشاهق إلى السماء ، ارجع البصر كرتين هل ترى من فطور ؟!.. +إنما الفطور والثقوب في النفوس المريضة ، في الأبنية الفكرية الضالة المتهرئة والآيلة إلى السقوط والاندثار . الذين يظهرون السلبيات يضخمونها ، ويغمطون الإيجابيات يكفرونها ، فيظهرون الإسلام بوجوده وتاريخه كأنه صراع بين ( الفرقة الناجية ) و ( أبناء الطلقاء ) .. بين الشيعة والسنة .... +في هذه الدوامة المهلكة دار المسلمون تاريخاً ووجوداً وحاضراً ... اليوم نحن نرى تشابهاً يكاد يكون تاماً في موضع " الطلقائية المحمدية " الكبرى بين مكة وبغداد .. مع إسقاط الزمن . +العراق في 9/4/2003 هو مكة الجاهلية المشركة قد استسلمت لقوة الصح ، والله رب الحقيقة والصح ينصر دينه بما يشاء من جنده ولو كان وراء المحيط أنه سبحانه يجند لإرادته المؤمن والكافر والظالم والعادل . والكافر العادل أفضل لأن لنا عدله وعليه كفره ولربه دينه . +" وما النصر إلاّ من عند الله " ... +كيف نستثمر النصر الإلهي على أبي سفيان العصر وحزبه ، الذي لوّث البلد وأفسد الإنسان .. هل نبدّل الناس غيرهم !.. العراق كله بعثي صدامي ، معبوث به مصدوم منجّس ، لا نستثني أحداً . +هناك قلة مُستضعفون مُهمشون منبوذون خارجاً .. نعم ، لكن الأكثرية العادية من الشعب متعايشة مع الخطأ مشتركة مرتكسة فيه بصورة أو بأخرى ، شاءت أم أبت . +من حارب الثمان الخطأ مستمراً ؟!.. من استباح الكويت وازدردها ؟.. مَن رَقَصَ " الهوبعة " ؟! +هذه عمليات دولة بكامل الوجود البشري فيها ، وليس عصابة السلطان الغاشم وجنده حسب . +صدام حرص على أن يشرك الشعب كله بموبقاته .. وللحقيقة والتاريخ عبئهم أمام الكاميرات بإرادتهم ، وبتسجيل منصف للحقيقة رقص العراقيون كلهم لصدام .. ارجعوا إلى الأرشيف المسجل .. صدام لوث ثلاثة أجيال عراقية ، جرّفهم جميعاً بمجاريه الآسنة . + هي الدنيا إذا أدبرت سلبتك محاسنك ... صدام ما كان كله خطأ . وليس وحده صنع الخطأ ، قد بعث في قوم خطأ .. و " كما تكونوا يولّ عليكم " . +لا نقاش ، لا خلاف في موضع النص . نبينا أذهبهم ، أطلقهم .. هذه منتهية ، محسومة منذ صباح يوم 9/4/2003 يوم الفتح المبين مكة / بغداد ... هؤلاء جاؤوها متأخرين ، يسمونها " المصالحة الوطنية " . +قال الشاعر العراقي : +من أحجار البداوة الجاهلية +وأطيان القروية الزائفة +منهم ... مثلهم ... هم بنوه بأيديهم +ثم هتفوا وصفقوا : " سقط الصنم العراقي " . +من أسقط الصنم ؟! +من كان يعبد الصنم ؟!! +بقيت " الصنمية " في العراق +المشكلة تكمن في الإنسان +من خلق الإنسان ، يعيده .. يرسل الأنبياء . +قد ختمهم بمحمد الذي عالجهم ، أصلحهم بالإطلاق .. +اتبعوا سنة نبيكم ... سميتموها " مصالحة وطنية " +ونسميها " الإطلاقة النبوية " . +الأهم لدى محمد ( ص ) يوم فتح مكة هو الإسلام ، على هذا الوتد بنى عَفوه الاستراتيجي ... +ومن محمد نتعلم – وأكرم به معلماً جباراً – إن كنا لا نتعبد نصوصه الحكمية ... والأهم لدينا هو العراق . +لم يمتثلوا محمداً ، لم يتعلموا منه ... جاؤا بدعوى التطهير الشامل والاجتثاث الكامل ، وهم أضعف من هذا وأعجز . ليتهم قدروا وفعلوا ، فحاكموهم – كمحاكم نور مبركك ـ أو ناصفوهم ـ كعمر ـ أو أنصفوهم ـ كعلي ـ ... وليتهم أطلقوهم ـ كمحمد ( ص ) ـ ... لم يعتبروا بواحد من هؤلاء . لم يتعلموا من نبي أو وصي أو صحابي أو فيلسوف ، تفوقوا وتطفلوا على هؤلاء جميعاً ... وثم لم يفعلوا شيئاً غير المط والمطل والتسويف والجدل فانتهى الأمر بالشعب إلى أبشع صور الحرب الأهلية بالتهجير والتقتيل على الهوية ولكنهم لا يجرؤون على إعلانها وتسميتها باسمها !! +ما يهمنا في هذه المرحلة هو العراق ، هذه السفينة السائرة في عباب البحر المحاط بالسباع والوحوش ، تحمل الصالح والطالح ، فأن ثقبها شقي غرق الجميع ... وأُكِلوا . +آخر أخبار مدينتنا تقول : إن الحاج حميد قحط يطالب مختطفوه بفدية قدرها ثلاثة أضعاف ما أكل من سحت العبث . +وقد أدى ذووه الفدية كاملة كما أراد " الإرهابيون المجهولون " ... +وهم ينتظرون خروجه بعد يومين من تسليمهم المال ، إذ وجدوا جثته مقطوعة الرأس على قارعة طريق ، وعليها آثار تعذيب !! +بعد أسبوع سجلت الدوائر الأمنية حادثاً إرهابياً بشعاً حدث في وضح النهار وعلى مرئى ومسمع من الناس حيث اختطف عصابة مسلحة أحد بنات الرفيق حميد قحط أمام حرم الجامعة !.. لتتكرر لعبة الفداء والتعذيب والذبح .. لكنها زيدت اغتصاباً وبشاعة !! +وقامت مجموعة مسلحة باحتلال مدرسة ابتدائية لتخرج منها أطفالاً فيهم ثلاثة من أولاد الرفيق قحط اقتادتهم إلى جهة مجهولة ... +ولكي لا تستمر الشناعات فتفني آل قحط ، عليهم أن يحموا أنفسهم فشكلوا من بينهم مجموعات حراسة مسلحة ترافق البنات والأولاد إلى المدرسة وكما تحمي بيوتهم ومحالهم ومزارعهم .. قد غدا لديهم جيش من " الحمايات " ! +وحدثت مصادمة مسلحة مع أشقياء جاؤا يعاكسون طالبات المدارس ... +أخيراً تركوا المدارس ، وتحولوا إلى ميليشيا تطالب بالثار. +ثم جاء معمم يقرأ قرآناً يقول فيه : " والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون " " ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " . +وخرجوا ينتصرون ... يبغون ... يعتدون .. كما فسّر لهم شيخهم !! + +تمت + + الحُبُ وَالغربَة +لولا الحنين في غربتي ... +لكنت سعيداً في دار هجرتي . +وأحياناً .... أتشاجر وزوجتي .. +لكنها لا تقاضيني إلى " حماتي " أو " عمتي " . +إنما هي تشكوني ، فقط .. إلى ابنتي ! +بلغة الحدوثة اليومية الرواية . +وتبدأ القصة منذ البداية . +وأنا أسمعها تقول لها ؛.. إذ تسرد الحكاية : +كان هناك شاباً ، اسمه طاها . +عَلِقَ بنتاً حلوة ، وذاب في هواها . +وكان كلما أمن أعين الرقباء التقاها . +أبوه صعلوك فقير مهزول وأبوها ... " ابن أصول " ! +لذلك ، لم يحصل القبول . +واصطدمت جهود الخيرين بصخرة المستحيل .. +وفي ليلة .. أخذت حفنة ذهب من خزينة أبيها +وتزوجها الشاب بمهر ؛ ساقه منها ... إليها ! +لكنهما تركا القرية ... إذ لم يعد لهما فيها مقام . +وتحملا الغربة والهجرة بكل ما فيها من آلام واتهام ولا ملام .. فقد أوقفا فيهما تنفيذ الحكم بالإعدام . +عاشا معاً في البعد ... ثمانية أعوام . +وخلفا بنتاً مثلك ، جميلة الوجه والقوام . +لكنه ما زال ، كلما ذكر أرضه ... وأهله . +يسومها الخسف لوماً ... أنها قطعت حبله ! +أما هي ... فتبكي أباها ضارعة إلى عفوه بكبت ... +وتبكي أيضاً أمها ، وأهلها بصمت +" لقد استضعفها وظلمها " ؛ قالت البنت . +" لأنها لا ناصر لها ، ولا معين ... ولا بيت " . +- ما هو الحل حبيبتي ، برأيك ؟ +- الحل يا أماه أن تتركه لشأنه ، بلا شك +- لكنها تحبهُ .............. وتنتحب !! +- أماه ... ما معنى الحب ؟. +أجبتها أنا المراقب عن كثب : +- الحب يا حبيبتي ..... هو قبلة على جبين ماما . +ثم قبلتها ... فرضيت عني ، إلى حد ما . + + +تمت + + لا تعليق +كما يتزاحم الصحفيون حول شخصية مهمة !.. + عشرون سؤالاً من فضلك + لا ... كلمة واحدة ، بحق الواحد الأحد . + للناس رأي يجب أن لا يهمل . + كلا . لا أريد إرضاء الناس . إنما أفكر كيف أسكت الناس ... الأفضل أن أجد طريقة لأتوارى عن أعين الناس . + ليس من حقك .. الرأي العام له قوة . + قوة الغوغاء ... الجهلة . + ألسنة الناس أقلام الحق . +أوه .. أحياناً أصاب بالقرف ، وأمسك راسي لأتقيأ ... +المال . السكر . العسل ... هل يرد النفس المشمئزة . وعاد أحدهم يقول : + نصف سؤال من فضلك ... كيف تزوجتها ؟ +ربما قدرت أن أجيب بضحكه مبتسرة وربع جواب ... + هه .. ومالكم أنتم ! +لكنهم ألحّوا .. +قلت : سوف أروي لكم حكاية +أول أمس ، بعد العشاء ، قلت لها : " أنتِ طالق " ، رغم أن عصمة الزواج بيدها . +كنت مشمئزاً من شكلها . وأعربتِ لها بعبارة صريحة عن " انزعاجي من قبحها " ... +لا يحق لي ذلك بحسب لوائح الاتفاق الأولية . +قامت وبصقت في منتصف وجهي تماماً . +ولطمتها فلطمتني . +وأردت الخروج من قصرها زعلاً ... +لكنها ردتني .. وحبستني في " قفص من ذهب " . +فكنت أصرخ من وراء القضبان : " أنت طالق " . +لكننا تصالحنا منتصف الليل . +وعدنا زوجين ... بعد البينونتين ( ) +أمي قالت : " من يطيق هذه الفطيسة " +لكن أبي قال : خذها ، الفحل غير عواف . +وضممتها ، مثل أي حصان يطأ أتاناً عجوزاً . +قال صديقي : " إن أردأ بغل لا يفعل فعلتك " . +وأضاف ينشر روحي نشراً : +- أي نعم ، قد يثب حمار أهوج على بغلة كركوبة عظماء شوهاء كحيزبونك !.... أما الخيل فتعافها . +لاموني فيها ... +هل عرفوا أسوأ ما فيها ! +مالها ... يظنه الأغبياء مزيتها الوحيدة .... +وهكذا حسبتُ !... +ماذا بقي بعد فيها +بطنها الأعجز . أم فخذها الأشعر +وسوط النار ... لسانها +يلذعني آكلاً وشارباً ولابساً ... +أما نائماً ، فأنه يلحسني بنعومة الأفعى . +أخيراً ، هربت جائعاً عرياناً . +ولما التقوني ، سألوني : +- لماذا : وكيف ؟ وعلام ؟ ومتى ؟ وحتامَ ؟ +قلت : لا تعليق . + + + +تمت + + " قَسَم " +الأولاد في الشارع يلعبون ... +يبحثون في القمامة عن " الفلوس " . +ويشربون من بركة ماء المطر . +وأيضاً ، يسيرون فيها القوارب الورقية . +ويصيدون الضفادع والقواقع . +أحدهم يتسلق عمود الكهرباء . +يكاد يمس الأسلاك مفتخراً بجرأته . +و " أم وطن " تنشر الغسيل على السطح . +ومن أعلى ترقب وحيدها المدلل الحبيب . +وهو يحبو ، ويتعلم الوقوف . ثم يخطو ... ويقع +يتدحرج في تؤدة كرائد فضاء . +ويطلق أصواتاً عذبة من حنجرته الصغيرة . +خلاخيله الذهبية ترن وتبرق . +وهو يتحرك على سجادة من الثيل الأخضر ... +مملكته الصغيرة الكائنة في الرصيف المحاذي لباب الدار . +جاءت امرأة ملفعة بالسواد كأنها غرب كبير . +أقعت لدى الطفل تلاعبه وتمسده . + نزعت خلاخيله وأقراطه وطاقيته و ..... ثيابه ! + وانسلت تبتعد مسرعة .. +كان الطفل سعيداً بعريه ، منتشياً بخفته . + كان يقفز ويضحك رغم البرد . +وقبل أن تتوارى .. + قالت لها أم وطن ! وهي لا تصدق ما ترى +- لماذا هكذا يا .... جارتي ؟! +ولكن الجارة تظاهرت بالصمم . +وصاحت أم وطن بصوت أعلى . + وحَثت الجارة خطاها . +وانعطفت في أقرب زقاق .. ضاعت فيه . +ولما ذهبت أم وطن إلى بيتها قالت : +- " والله العظيم ، وحق الحسين لست أنا .... +- لقد رأيتك بعيني هل أكذب عيني ؟! +أنت واهمة . والله العظيم ثلاثاً لست أنا .. +كيف تسمحين لنفسِك أن تشكيّ بي ؟!! " +- ليس شكاً ... كيف أغادر يقيني ؟! +- هاتي القرآن لأحلف لك . هل لك علي غير اليمين . +-وبعد ! +- وبعد راجعي طبيباً أو حكيماً يشفيك من هوسك أو سحرك . +تمت + + " العَتَبةُ الذهَبيَّة " +أخوها صديق حميم من الطراز الأول . وعندما أزوره في بيته ، تفتحُ هي لي الباب ... +مرة ومرتان وعشرة ... عرفتني وألفتني . وأصبحت التحية العابرة تزداد كلمة وكلمتين وثلاث .. حتى غدت حديثاً على الباب ، أو قل .. لقاءاً مسروقاً . +تصارحنا بالحب ، وتشاكينا الغرام على العتبة التي أسميناها ذهبية ، ومنها صُغنا القفص الذهبي . +.. مالنا ومال الناس ! + + + + +تمت + + " خبزُ البطالة " +ربط رجل حصانه ودخل السوق ... +وجاء شحاذ ، نفض عليقته للحصان ، وفيها بقايا طعام وفتات خبر ليأكلها . + لما عاد الرجل وركب حصانه ، حَرِنَ به ولم يتحرك خطوة . ثم بَرك مكانه ، فصاح بالناس مستنكراً مستفهماً : " ماذا فعلتم بحصاني ؟ " +واجتمع بعضهم ، وأخذوا يفحصون الحصان ؛ فبين قائل " أنه مسموم " . وآخر يقول : " أنها عين ابن آدم صرعته " . وثالث يظن أن خبز الشحاذ متعفن ... والخ .. من الأسباب . +وتقدم رجل كبير وقور ، وقال للرجل : +- " لا بأس عليك ، حصانك بخير ، إلاّ أنه قد أكل خبز البطالة ، فكره العمل ، وأصيب بمرض الشحاذة ! + + + +تمت + + " الرحيل والحب " +لولا الحنين في غربتي .. +لكنت سعيداً في دار هجرتي . +وأحياناً أتشاجر وزوجتي . +لكنها لا تقاضيني إلى " حماتي " أو " عمتي " . +إنما هي تشكوني إلى ... ابنتي ! +بلغة الحدوثة اليومية الرواية . +لكنها تبدأ القصة منذ البداية . +وأنا أسمعها تقول ؛.. إذ تسرد الحكاية : +كان هناك شاب اسمه " طاها " . +عَلِقَ بنتاً حلوة ، وذاب في هواها . +أبوه صعلوك ، وأبوها " ابن أصول " ! +لذلك لم يحصل القبول . +وفي ليلة أخذت حفنة ذهب من خزينة أبيها +وتزوجها الشاب بمهر ساقه منها إليها !! +لكنهما تركا القرية ، إذ لم يعد لهما فيها مقام . +وعاشا معاً في البعد ثمانية أعوام . +وخلفا بنتاً مثلك ، جميلة الوجه والقوام . +لكنه ما زال ، كلما ذكر أرضه وأهله . +يسومها الخسف لوماً ، أنها قطعت حبله ! +أما هي فتبكي أهلها بصمت . +راجية عفو أبيها ، ضارعة بكبت . +" قد استضعفها " .. قالت البنت . +" لأنها لا أهل لها ، ولا سند ولا بيت " . +- " ما هو الحل حبيبتي برأيك ؟ " +- الحل أن تتركه بشأنه بلا شك " +- " لكنها تحبهُ " ..... وتنتحب !! +- " أماه ... ما معنى الحب ؟!: +أجبتها ؛ أنا المراقب عن كثب : +- " الحب يا حبيبتي ؛ هو قُبلة على جبين ماما " . +ثم قبلتها ... فرضيت عني إلى حد ما . + + + + + +تمت + +" المُكابر " +كان " سيء السيرة " في مرضه الذي هلك فيه . نائماً يعاني سكرات الموت ، وقد حشرجت وضاق بها الصدر ، إذ قالوا له ؛ " إن فلاناً وفلاناً قد جاؤا لعيادتك " . فأنتبه وقال أمراً بجزع: +- " هاتوا لي عقالي وكوفيتي ... " . +وجيء له بهما على عجل ، فلبسهما ، وبالكاد عَدَل نفسه . وقال لأولاده " أسندوني لأقعد واحملوني لأقوم " . +ودخل العواد " الشامتون " فقالوا له : +- " كيف حالك يا أبا كسّار ، مشافى إن شاء الله .. " +قال يغالب السقم المشتد : " ومالي أنا وما بي ؟! " +قالوا : " أنك مريض مدنف . أراك الله العافية " . +قال وهو يلقف أنفاسه ، وروحه تصعد فينزلها بكل عزمه : +- " من قال هذا ، أنا لست مريضاً !... هذه إشاعات مغرضة لحاقدين " . +ثم دعا أولاده قائلاً : " من يقدم لي جوادي ، أريد أن ... " +وانقطع صوته ، أو انحبست أنفاسه . ولكن " كسار " صاح بأخوته : +- " هيا بسرعة قوموا أسرجوا الفرس " . +وأخذ الرجال ينظرون إلى بعضهم . ثم قاموا عما قليل وهم يقولون : +- " ما شاء الله ، أبعد الله أيامك وكذب خبرك ، وعجل شفاءك أبا كسار " . +قال : " وما بي أنا لأشفى ، إنما تُقال هذه للمريض شفاكم الله ! ..." +ولما تجاوزوا الديار سمعوا صريخاً مكتوماً .. ثم خرجت ابنته تلطم وجهها وتصيح مولولة : +- ياباه وأبتاه ... لقد مات أبي ... + + + + +تمت + +" كتابُ سعدي " +لسنين بحالها كنت ترى سعدي يحمل بيده كتاباً كبيراً مجلداً ضخماً في التاريخ – على ما يُظن – أو لعله في الهرطقة والزيف . +هو لم يقرؤه ، ولا نصفه ، ولا رُبعه ولا عشره !.. لكنه سامع من – لا يعرف تحديداً مصدر معلوماته -.. بأن هذا كتاب مهم وموسوعي ومصدري وحساس ، لذا انتقاه واشتراه ، وحازه وحمله .. تراه متأبطاً إياه في كل حين تحت أبطه ، دائراً به في كل وادٍ وناد كنبي إسرائيلي !.. وكل من سأله عنه – أو لم يسأله – يوسع له شرحاً وتفصيلاً فيما يحلو له قوله عن هذا الكتاب ، ففيه تفصيل كل شيء ، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ، وهو بيان للناس كافة لا غنى لإنسان عنه ... فيه تاريخ وفقه وعقائد ، وطب وعلوم ورياضيات وطبيعيات وميتافيزيقيات وسحر وجن ولا عقلانيات وروحانيات ... " والشعراء في كل واد يهيمون " !! +وإذا ما التقى عنصرياً قومياً قال هذا كتاب المثالب والمناقب . +وإذا ما صادف شيعياً قال هل أدلك على أئمتك الاثنى عشر .. وإذا اجتمع مع ناصبي قال أعرف هنا خبر ضلع الزهراء وفدكها وأفك عائشة وجملها ... +وإذا ما أراد أن يكفكف دموع شيوعي على الصرح الذي تداعى قال له دع " رأس المال وماركس ولينين " وخذ الاشتراكية من هنا ... يؤشر على المجلد الضخم المحمول على صدره باحترام وإجلال ... يؤشر عليه فقط ، لا يقتحمه ولا يفتحه ، بل لا يسمح لأحد بلمسه . يقول أسألوا وأنا أجيبكم بما في الكتاب . +هولا يجيب .. إنما يخوض مع كل خائض بما في (كتابه) بازاً المتحدثين ، مخرساً الخاطبين بما يحلو له مما يطرق عقله ويداعب خياله في كل فرع ولون دون علم ولا هدى ، ولا كتاب ! +كان سعدي يدس بوزه في كل ما يعرفه أو لا يعرفه ، يريد أن يُشار له بالبنان بأنه الفهامة العلامة المتحدث . فإذا ما خاضوا في مبتدأ الخليقة وآدم ونوح والطوفان علا صوته على الأصوات كلها بأنه عارف كم هي دسر السفينة بما في كتابه عن هذا مما فيه شفاء الغلة وبغية الطالب . وإذا ذكروا النساء في مجلس قال أن في كتابه فصل يريك المرأة مجسمة عارية كذا وكذا .. ويفيض في الوصف بما يرغب من الهذر الرخيص حتى تغطي وجهك . +وإذا ما تحدثوا في الإنسان واصل الخلق قال : " في كتابي أشجار القبائل وأسماء الأولين والآخرين " ... ولكن إذا ما سأله قرشي عن عبد مناف ، لاذ بالوتوتة والتحرف ثم وعده ... أن يكشف له الكتاب ! +إضافة إلى كتابه الفهرس . فأن سعدي ذاته موسوعة معارف متحركة قائماً بذاته . تجد لديه كل طريف وتالد من معلومات عن كل شيء ، حتى ليجذبك ويسحرك ويشدك بما يفيضه في أذنيك من غث القول وسمينه .... تجد لديه أخبار البلدة وأسرارها كمجلة الفن والراقصات ، وما يجري في الأخبية وغرف النوم وعلى الأسرّة مفصلاً بالصوت والصورة الملونة .. وفي جعبته من قيل وقال النساء صيد وفير فهو يطلعك على الفضائح الاجتماعية السرية جداً والطازجة التي تمت تسويتها ، أو لا زالت ، حتى ليرد لك الزيجات كلها إلى " إنّ " كانت قبلها ! +ولا يكتفي سعدي بالحاضر يقرؤه ، والتاريخ يفصله ... إنما يعمد إلى المستقبل يستطلعه ، منبئاً عما سيقع ويكون ! +وينتهي سعدي بأخبار المال والأعمال ويفيض فيها ويوسع ـ وهو المفلس ـ مفصلاً قصص الارتقاء إلى المليونيرية ، وطرائق الغنى والسبل إليه ، والشطارة والفهلوة والحلال والحرام .... +أما ما سيكونه هو – لما يصير كبيراً طبعاً – فهذا كتاب آخر يحتاج لقراءته إلى ... أعمار !... ودهور ! .. +أما ( آخر الأخبار ) فأن ( سعدي ) يعمل ليل نهار للترشيح والفوز في مجلس المحافظة وربما ارتقى الى نائب .. وكان أبوه " قندرجي " . +لا عجب ، فالنجاح في السياسة العراقية يحتاج الى ( جرعة من سعدي ) ونسخة من كتابه !! +لا عمل لديه سوى التسكع هنا وهناك وإذا ما سألته قال أنه متفرغ لأعمال الثقافة وشؤون الكتب . أما حديثه الدائم في السياسة فهو هواية وتمضية وقت ... ومصداق ذلك أنه ينتمي الى عشرين حزباً ويزيد ... بيد أنه لا يسيء استخدام السلطة !! + + +تمت + +" مسجد ، مسجد " +في كل زيارة أو مناسبة دينية أرى هذين الغلامين بعينهما في صحن الإمام علي وهما يدوران على الزوار ويناديان " مسجد ، مسجد " فتنهال عليهما الناس بالدراهم والدنانير . +تقدمت من أحدهما وسألته : + أما اكتمل المسجد أيها الفتى ؟ منذ سنين وأنتما تناديان عليه فرد عليّ بلهجة تنم عن احتراف ودربه : + شارك أيها الحاج ، قدم ولو ثمن طابوقة تزاح بقدرها من ذنوبك عن صدرك يوم القيامة . +عندها لم أملك إلاّ أن مددت يدي إلى جيبي وأعطيته ديناراً وأنا أعلم يقيناً أن لا مسجد .. إنما هي طريقة مبتكرة من طرق الشحاذة . + + + + +تمت + +" اللّمَمْ ... وكبائر " لَلَم " +الرأي .. ماذا لديك يا عَمْرْو ... ولك مصر !.. +قد أعددت رواحلي للالتحاق بقيصر ! +... هي الغمرات ... ثم تنجلي . +قد ذهب إلى ربه علي ... +ولكن مصراً ... لعبد العزيز ... +* * * +الديون كثيرة ؛ سماوية وأرضية ... وتاريخية ! +بلغت دعاويها عشر شكاوى رسمية . +نصب وتسويف وتعب ، بلا حسم ولا كسب +أكثرها عمليات احتيال ونصب ، وشاي ومشيخة وكذب +وجاءت المقاولات وقال الحزب !... +لا طاقة له على الهرب ... أو إيفاء الطلب . +قال له صاحبه : +في " التحكيم " ستنتصر لا محال .. ماذا بعدها غير القيل والقال ! + كيف ؟... هل الحاكم حمارٌ أعجَم ؟! + ليكن أسداً عرمرم .. إنما أنت كن قرداً أبكمْ . + كيف ؟... أوضح لي مضمون الخطة + اليكها نقطة نقطة ... إنما لي النصف في " الخبطة " . + اتفقنا يا صديقي العزيز . + ومصر لعمرو ... لا لعبد العزيز ! + الله على من يخون . +سنكتب العهد الأمين المأمون ... + ونعلقه في الكعبة الحرم المصون .... + هه !.. كوصية الخليفة البليد هارون !!... +لا ثقة .. قانون أبدي .... + إنما إليكها ... يا صاحبي الردي + أتعلم لِمَ لا أخاف منك التعدي ؟!!... + لأن مفاتيحها بيدي !! + .............................. + اسمع ! + إذا وقفت أمام القاضي فقل : " للم " . + للَمَْ !.. وما للم ؟ + لا عليك . أنها لفظة لا معنى لها . إنما لا تحسن أنت غيرها ، كالخروف يقول كل ما يريده معمعةً . + للم . للم . للم .... + أحسنت كررها ... أنها لفظة صغيرة مبهمة . وكلما سألك أو أستجوبك أو كلمك القاضي فقل : + للم .... + ممتاز ... قد اتقنتها ... بيد أن الأهم أن تثبت عليها لو ضربوك . +* * * + لماذا لا تفي دائنيك ؟ + للم . + هل عندك موارد أموال . أملاك . أطيان ؟ كي نحجز عليها. + للم . + هل أنت مطلوب لأحد ؟ + للم . + هل تطلب أحداً . + للم . + كم . لمن . متى . كيف ..؟ + للم . للم . للم . للم ... + ما اسمك يا هذا أأنت الـ .. + للم +صاح أحد الغارمين بحرقه : + أنه يكذب سيدي ... يتظاهر . +قال القاضي في حيرة : + لعله ليس الشخص المطلوب! من أي سجن أو مصحة جلبتم هذا أنه أبكم أصم مجنون. + أضربوه . أجلدوه .. سوف يعترف . + ليس تلك مهمتنا .. أعيدوه إلى الحجز . +* * * +وتكرر مشهد " للم " في الجلسة الثانية +أخيراً زهق القاضي وصاح يائساً : + " ما هذا .. أخرجوه .. لا تضيعوا وقت المحكمة " . +وكتب مقرراً : " ولا على المجنون حرج " . + * * * +وجاء معلمه يطالبه بالقسم . بالنصف ، حسب الاتفاق المبرم فلم يزد على أن قال له : " للم " . +صفق بيديه يائساً وقال : + أما أني أنا الذي علمك وفهمك ؟! + للم . + سوف أخبر السلطان .. وعليّ وعلى أعدائي مهما كان . +عرف أنها ستقع عليه وحده ، فأسقط في يده وقال يكلم نفسه : +" استوفي بالكيل .. أبا مجرم " +وهتف قرب أذنه كأنه يطلق رصاصة ، صارخاً : + للم + " مشمئزاً " اشرب بكأس كنت تسقي بها + للم + لن تعيش .... + للم ... + " وكأنه يجيب نفسه " وكلنا ميتون .... +فيما تأتيه " أطلاقات لمم " صلياً كراجمة صواريخ لديه . +ما زال يصرخ بـ" لمم " حتى خرج المجرمون .. وبيضت السجون ، ثم اجتمع إليه الملأ في الحواسم ومن بعدها الطاعون . +هل الحواسم من مصغرات الذنوب " اللمم " ؟! +أم هي كبائرٌ " للمم " ؟! +تعلم الناس من الأولين الـ " للم " +فهم لا يتركون اللمم !! + + + + + +تمت +المساواة +عدّل عقاله ومسح شاربيه ، وقام من مقعده بخفة وابتسامة ، مخلياً مكانه لامرأة شابة صعدت السيارة تواً : +- تفضلي هنا أجلسي مكاني . +كانت السيارة مكتضة بالواقفين .. +قالت له بلطافة وحنو : +- " لا يا عم ، استرح مكانك ، أنا أقدر منك على الوقوف " لكنه لمس جحوداً في لهجتها ، فعاد إلى مجلسه غاضباً يغمغم وهو يقول كأنه أحس بالمهانة لرجولته . +- " ما تگعدين للگبر الأسود " +قال بعضهم : " لعل الحاج لا يعلم إننا في عصر المساواة " ! + + + +تمت + +الأخت +هي تستقبل الضيوف ... إذ غاب أخوها ... معيوف . وينام آمناً في الليل ... إذ لا تنام " الزلم " . +وتبقى أخته النشمية في حراسة البيت والغنم ! +والذئاب – بكل أنواعها – لا تقرب حمى " الداورية " +إذا ما مسكت " علاهن " البندقية . +جاء الرجال في جاهة كبيرة لخطبتها . +فقال لهم أخوها معيوف +- " عمي أأنتم ما عندكم بخت ، أما تخافون الله هل من أحد يعطي أخوه ، حزام ظهره " +ورفض حتى النهاية . + + + + +تمت + +العدوى + + +حذار لا تلمسيني ... +لئلا يتنشبك المرض اللعين . +فأنا موبوء . +مسكون بملايين المخلوقات الشيطانية . +أتركيني في الدار وارحلي .. +وسَتُعذري ... +فصاحبك مصاب بالجدري . + * * +أمس كانت الحمى ... +" إياك ومعاشرة الفاسق " . +يبقى الطالب طالب ... والسائق سائق . +وقد عاشرت القوم أربعينات من الأيام . +ورأيتهم يكتبون القصاصات الورقية . +ويتفقون على إشارات بعينها . +لكن أحداً لا يسمي ذلك غشاً . +... واليوم ظهر الطفح الأحمر +سريعاً اجتاحتني أعراض المرض الجهنمي . +وجدت نفسي في المبغى . +بين يدي مومس تنفث الأيدز والزهري . +تداويني بالتي كانت هي الداء . + * * +فقاقيع حمر مزرقة مسلوخة . +تسيل دماً صديداً +بركة ملئ بالأقذار +كنت أتمرغ فيها كالخنزير البري . +أكل اليساريع النتنة بشراهة . +وأقضم القواقع وحيّات الطين . +....... أنه المرض في أطواره الأخيرة . +ابعد عني آدميتي ... ديني ... خلقي . +... وجاءت ساعة الحسم . +المجدور ميت . +وكنت أرى القبر تحتي فاغراً فاه . +عميقاً مظلماً آسناً كفجوة في جهنم . +تنبعث منها رائحة يجور منها أهل النار . +.... وأطل من علياءه شامخاً يقول . +تَشَهَّدْ ..... افتحْ يدك . +على أي دينٍ يا أبا الديانات ؟!! +أنه ليس اسماً ... ليس ابناً ... بل شرعة ومنهاج . +الموت أولى من ركوب العار +والعار أولى من دخول النار . +ونفسي معي كيف لا أواجهها . +هل ابتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء . +وذهلت عن ذاتي وأمري . +ورنوت إليه . +... لم يكن عزرائيل +مَن يكون إذن ؟!!! +أما تستلم أمانتي ؟! هيا افعل . +الستَ مأموراً بقبض أرواح المجدورين ؟!! +قال يبتسم : ليس كلهم ... +يا إلهي !! وجهه كغرة الفجر . +تنبعث منه أمواج من الأشعة الكونية . +... لا أقاوم ... لا أتكلم ... لا أتنفس .. +وعرف أني سأموت فتوارى سريعاً . +مسامح كريم . +كلا .... ملك كريم . +" والله من ورائهم محيط " . + * * +وذهبت العَبرة وبقيت العِبرة ... +محفورة في جدار المخ . +كأقوى وأعمق بثور خلفها جدري . +" لماذا ؟ " ... " غير معقول ! " .. " أنا بقيت ارتجف " . +... حفر أتحسسها كالنصل الغائر في الصدر . +" أنت تغش ؟!!! ولمن تغش ؟... أنا ؟!! " +رحَمك بي ، أنت تنشرني نشراً أيها الرحيم الكريم . +- " كيف تغامر بمستقبلك ؟ " +- ليس هذا ما يدميني الآن ... المسألة أكبر . +- المسألة نسبية ... الآلاف يغشون .. البلد كله مغشوش . +- أنها مادة مقحمة إقحاماً على المنهج لا نفع منها . +- لا يعنيني هذا .. أنا أمام حالة غش شرعاً وقانوناً . +- ليتك أبقيتها داخل هذا الإطار . +- لقد جعلتني أرى الحياة على غير ما كنت أرى . +لقد طعنت موطناً غاية في الحساسية في نفسي. " الثقة بالخيرين ". +ويأتي الرد ميتاً ملصاً كسقط في شهره الخامس : +- لكل جواد كبوه . +- هذه المقولة الصحراوية البليدة المنقرضة ... +أتراها تصمد في هذه الزعازع ؟! +ولا غيرها ... +أفضل شيء أن تسكت ... اذهب +اسكت .. اذهب .. اذهب .. اسكت .. اسكت .. اذهب + اس .. إذ ... اس ... إذ ... اس ... اذ .. اس + + +تمت + +" الاستمرارية والانعطاف " ( ) +العشرون والمئة ... +التسعون .. +السبعون .. +واسرافيل نفخ في فرامل العجلة . +وضحك عزرائيل للحصاد . +ومات ... +ثلاث ثوان فقط +ثم انشقت الحياة . +أولاً في قدميه +وغاصت الدواسة حتى الرُكب +وناح المحرك بثلاثة ألاف آه ... +وترنحت مثل عملاق تداعى . +واصفر الوجه ، وتيبست الشفاه ، وخفق القلب . +ورآه ممدداً . +وإذا استوت ثانية على الطريق ، سأل نفسه : +هل رأيت دماً ؟ +هل حدث شيء ؟ +ولمع الجواب برقاً يشق غيوم الذات المتلبدة : +- كلا ... لم أفعل شيئاً . +وهامت دقيقة الحدث في فراغ الاستمرارية الشاسع . +وعاد المؤشر يستقر على المئة والعشرين . + + +تمت + +ظلمات ... أطباقاً +مشاغل ، مشاكل . مشاعل . مزابل ... مباذل . +أين الهواجل والصواهل والمناصل والذوابل !! +كل ما تريد من زوجها ، يأتي عبر السائق . +هل تزوجت ... السائق ؟! +..... قد ... أحبت السائق !! +ما أنكر فحولته !... رائق .. عايْق ! +إن هذا لفي صحف الأولين ... +صحف الطباخين ، والسواقين ... والخدم والتابعين !! +دعته لنفسها ... وهي امرأة عزيز ! ... في الإفريز ! +........... لا عجيب ولا غريب ! +أنه العشق ... وضعف الرقيب ! +صدفة ... ضبطهما زوجها متلبسين !! +........... ما كانا حذرين !! +لكنهما تمكنا منه ... وخنقاه ! +قتلاه ... ودفناه !! +وحسب الأصول ... +قيدت القضية .. ضد مجهول !! +ماذا قال الزمن الأهوج الزائف الظالم ؟! +علقها على شماعة الإرهاب الغاشم ! +وبقي صامتاً لما رأت لصاحبها " حُذام " . +أن يبقَ قريباً ... لا تبعده الأيام ... +فزوجته ابنتها .... كما اشتهى ورام ! +والقول ما قالت حذام ! +وبقي معها +........ ماؤهُ في ماءِها !! +........ لا زالا .. معاً !!!!! + + + + + + + + + +تمت + + +دُخان الشرف +الحر .. الظهر .. الباص .. الازدحام .. الالتصاق .. الروائح .. العرق ...... التدخين ! +وواحد يصدر صوتاً مخنوقاً من بين الأجساد المتراصة صائحاً يستغيث : +- يا ربي هواك +والسيارة ، والركاب ؛ يتنفسون .. وفي الأوكسجين أزمة . +وامرأة تزاحم الواقفين يجسدها الفاضح ، وسيكارتها بين شفتيها المصبوغتين ... تتأفف قرفاً وتقول : " أوي ، شويّة وسّع .. قطيعة تقطعكم " . +- لا أحد يرد عليها .. الناس منشغلة بهمومها الكبيرة . ما لها وهذه . +لكن أحدهم يطلق تصريحاً خطيراً من طرف السيارة قائلاً بصوت خطابي جهوري ليسمعه الجميع ! +- بربي . بديني ، هذه التي تدخن بالسيارة مو شريفة . وعلى البديهة الحاضرة أجابته : +- هذا أي سخيف منحط ما عنده شرف يحچي هيچ ... +صاح من مكانه مباشرة : +- ولچ لو كنت شريفة ما نطقت . لكنك تريدين أن تعلني عن نفسك بأشنع الوقاحة يا سافلة . +وعاد الصوت الأنثوي الرفيع يرد فوراً بكلمات كأنها الرصاص : +- إنچب سافل أنت وعشيرتك حقير جبان .. آه لو لزمتك بيدي لعبيت حلقك زباله . +- العن أبوچ لا أبو الرابطيچ .. سايبه . لو كان عندچ رباط لما هدچ كذا . +ويبدوا أن الرجل " فاضي " و " عنده خلگ " فراح يعطيها وتعطيه ... شتائم وإهانات يتقاذفانها من خلال الزحام ، دون أن يرى أحدهما الآخر . +ظلوا ساعة في مساجلات من هذا الكلام السوقي المنحط مما يتبادله سفلة أهل الشوارع بلا تهيب ولا خجل . +لم يتدخل الركاب . لا أحد يفهم ما يجري . قد يكون قريبها أو زوجها . لعلهما مجنونان . +وتطور الأمر وتحول السجال عراكاً حقيقياً لما تحركت المرأة نحو الرجل تشق الزحام بجسدها الثقيل العريض . +عباءتها التي تعلقها على قمة رأسها سقطت ، وبان جسدها المكور الذي يلفه الثوب فيزيدهُ فتنة . وكانت العيون المتعبة المسهدة تثبتت على صدرها ونهديها النافرين وهما ينضغطان في الزحام . +كان الرجل قد سكت . ونكص على عقبيه . وإذ اقتربت منه قال للذين حوله +- " ولكم يخوتي عود وصلت هاي ، وسوتها صدگ " فقال له معقل كبير : +- " تخسا الزلم ، وأنت تخاف منها " +ثم مد يده على عقاله وهم به وأضاف +" والله هاي مال أخرطك عگال .. تستاهل " +قال : " عمي وأنت تعرف هذه شنو ، ومن تكون ؟ " +- " مرة عايق .. شنو ! " +- " لا يابه لا . أنت واهم . دير بالك عمي هذه تعمل بالأمن مال صدام . وعملها كله وي الكبار . والي يوقف أمامها تضيعه ... " +وفغر المعقل فاه وقال متعجباً : +- " أنا أخوك !... هذه مبينه مو راحة " +- أي لعد شعبالك ... توخروا أنتم . خلوني وياها ويحكم الله . لو طارحتني ، لو طارحها . " وما النصر إلا من عند الله " +عدل الرجل عقاله وبلع ريقه ، ووقف لا يريم .. بمجرد أن سمع باسم الأمن العتيد . +واقتربت المرأة من خصمها ، وأمسكت بتلابيبه تجره إليها وتقول بلهجة أمرة : " انزل معاي يلا أريد أعلمك منو أني " إذا ما مرغتك بالتراب . +وصاحت بالسائق أن يقف لكنه لم يقف . +وسحبت الرجل نحوها تصارعه رجلاً لرجل . +وانتظر أهل الباص فصلاً مثيراً .. لكن الرجل نكص على عقبيه ، وقال بتذلل يشبه المزاح ، أو لعله كان فصلاً تمثيلياً متفقان بشأنه : +- التوبة . سامحيني هذه المرة . +وراح يتمايل بين يديها يكاد يقع ، وهي تهزه هزا فيقول مستغيثاً بمن حوله : +- ألحقوني ، رحت أموت . خنقتني .. الرحمة . عندها أطلقته ودفعته عنها قائلة : +- " عبالي صدگ رجال والله اغتريت بيك " +قال يستعرض قوته : +- جربي بطريقة أخرى ، سترين رجلاً يرضيك . +وتغير المشهد بسرعة إلى ما يشبه الغزل الصريح . ثم رأى الناس أنهما صارا يتحدثان سويه بهمس ويتضاحكان بقهقهة عالية . +ثم أخيراً نزلا سويه في منطقة واحدة وانطلقا وهما ممسكان بيدي بعضهما . +قال أحدهم مستغرباً : ما هذان اللا شريفان +أجابه آخر : الخبيثون للخبيثات . +قالت إحداهن : لا شك أنهما كلاهما من عناصر الأمن . +- أي أمن هذا ... الناس لا تفهم ما تقول ولا تعي المسميات بحقائقها لأن كل مصادر معلوماتها مشوهة مشوشة مأخوذة من الشارع ... +أظن يقيناً أن هذان عنصرا تمثيل في مشهد للكاميرا الخفية يمثلان فصلاً على الناس وللناس . +من يدري .. الذي يريد الحقيقة عليه أن ينزل معهما ويتابعهما حتى النهاية ... لكن هذه الأمور تحتاج إلى " خلگ " ورغبة في البحث ... وهذه غير متوفرة لدينا . +لم يتطوع أحد لنزول ساحة البحث .. وضجت السيارة بالكلام .. سنبقى في الكلام . + +تمت + +" لا تقربي الشجَرة ثانيةً " +أيتها المرأة المرأة ... +يا سيف الدولة ومتنبّيها ... + وخيلها وخيالها وليلها ولئلائها ... + " فيك الخصام وأنت الخصم والحكم " +كم هم الذين قالوا فيك .... ويقولون . +بقدر الهم على القلب . بقدر عشاق الحرب ورعاع السلب والنهب! +بقدر ذباب المزابل . +بقدر أسلحة الدمارِ الشامل . +بين خاطب لبنات الحقيقة فيك +ومراود لها – للحقيقة – على مجون +وجئت أنا اليوم أنتمي إلى ناديهم . +نادي " أعدقاء " المرأة . + مع أني .... لا أحسن التحدث إلى المرأة ! +عيب فيّ قديم . +أو ربما هي " مزية " فيما ترين . + فالحكم لك وحدك ... أخيراً +قد أكون هماً آخر على قلبك +أو ذبابة أطنطن قرب أذنيك المثقلتين بالأقراط . +أو ربما كنت صاروخاً عابراً للقارات + يحمل رأساً " إسلامياً " +رأسك لا تلفيه بخمار أو جسدك . +فهذا ليس الأهم . +إنما أوصيك محذراً : + " لا تقربي الشجرة ثانية فتكوني من الهالكين " +شجرة الهرطقة والزيف وأساطير الأولين +تكررين مرة بعد مرة خطأ أمك الأولى . +..... عندما قالوا لك " أسفري يا أبنه فهر " +هل تبينت التفاحة وإبليس في هذا ؟! +لقد أزلك الشيطان وأكلتِ ... +قد شبعتِ الآن تفاحاً خرافياً ، فما عاد يضُرك . +قد تمنعتٍ لقاحاً حضرياً يفتح الأضواء حولك . +لقد أخرجوك ... من جنة الأساطير + عرّوكِ وكسوكِ .... خنقوكِ ! +وشكّلوكِ وصَبّغوك وزوّقوكِ . +صانوا " حرائرهم " وأبرزوك . +عارضه أزياء قشرية ... +بالبوشية ... والعباءة الإسلامية !! +وأمالوكِ .............................................. فملتِ + رأسك كأسنمة البختِ . + وستقوم عليكِ الساعة وأنتِ ... أنتِ +لن تفعلي ما أردتِ . +بعيداً أختاه ستريني واقفاً وحدي +متقوقعاً على نفسي مكوراً + كحائط آيل إلى السقوط +لن أدعوكِ إلى " ظلي " + وأنت في هاجرة الزيف اللاهف . +لأني لم أدعُ إليّ امرأة قط . +أنتن صويحبات يوسف ... +ولعلّي .... من أصحاب الكهف . +وإلى العولمة والعلمانية .... +جاء يدعو ... والخرف !! +بحرية ومساواة المرأة +قد كان حلف . + + +تمت + + + +" صاعد ، نازل " +مستمران بحديثهما لم يقطعاه وهما يصعدان . احتلا موقعاً وسطاً وأشعلا سيكارتيهما ... كانا يتحدثان عن ... " الإصلاح " بصوت عالٍ : +- دنيا خطأ . لا يصلحها إلاّ المگوار والخنجر . +- قل السيف !... أي استهتار بالقيم والأخلاق . هذا آخر الزمان . +جندي نائم يضع طاقيته على وجهه ، صاح بغيظ : " دعوني أنام " . +صاح به أحدهما بانزعاج : +- " نَم ببيت أمك ، هذه سيارة " . +وعاد لصاحبه يكمل له " السالفة " : " أي .. أين وصلنا أبا جَبّار ؟ " +قال يتنحّط بغيظ : +- " آه ... نسوان يمشين على السيف ! " ماذا أقول لك وأحكي ! ... " ما تتسولف " +- ( مستنكراً ) " أي نعم ... لم يوافق أبوها ونهاه أعمامها فوضعت يدها بيده وهربا " +أين ذهبا إلى جزر الواق واق !؟.. اما من رجال تصِلهم ! +- ( بتفجر ) " أخ .... ذبْح !! " ..أين الخناجر ! +وأخذ نفساً عميقاً من سيكارته ونفثه بغيظ ، وصاح بامرأة تبكي خلفه . تجهش بنحيب أزعجه : +- " غضب الله على رأسك .. مالك قلبتيها مناحة !!؟ " " خلينا نسولف " +ردت عليه عجوز تجلس جنبها : +- " يا ... خاله وما شأنك أنت بها هذا من نار قلبها ، خطية زوجها ميت " . +- " كل من عليها فان ، أهو أول الدنيا أم أخرها " . +وقطعت المرأة بكاءها ، وقالت بلسان حارق كأنه بركان يقذف الحمم : +- " وما أنت في الدنيا أيها الزبالة ، جعله الله أخر أيامك آمين نعاله يسواك ، لكن الأرض لا تنام إلاّ على السباع ، لأن القرود أمثالك تنجسها .. تف على هذا الشارب ، ما شأنك أنت بي ؟! " . +- وقفز مذعوراً كالملسوع ، وقد أصمّت الإهانة صداه . قال متلفتاً حوله : +- " ها !... شاربي ، شرف العشيرة ، تف !... أعطوني إياها اليوم أحرق روح رجلها وهو بقبره " . +لكن صاحبه أقعده ، وقال له مهدئاً : +- " دعها ، هذه امرأة نصف عقل . لا تضع عقلك الكامل معها " . ألعن الشيطان . +واستمر يكمل له الحكاية : " النتيجة .. عدّت أشهرها وأدهرها وجابت ولد " . +وكان " ولد " صغير يعبث بربطة عنقه ، فنهره : +- " اقعد بابا تأدّب ( زغيّر ) " . +والتفت لصاحبه : " إيه .. لقحه شيطان تعلق رأساً " .. أي ربما قبل هذا .... أي أكيد . +- " أقعد عمي اهدأ ، لا تلعب أيها الصغير " . +- " مرّت الأيام ... وفي ذات ليلة عثر أخوتها على صاحبها فذبحوه " . +- عفيه .. هذي الزلم . +- " اترك خالي ... والله ورطه الجاهل " . +لكن الطفل لم يتركه ، ولم يكف عن شد رباطه والتعلق به . فصاح بأمه : +- " أنت يا امرأة ، أما تمنعي ابنك ، أما ترينه يعبث برباطي !" +ردت عليه تنهره بوقاحة : يا .. ومالك تتعارك مع اردانك !.. طفل بريء يلعب " . +- ( بتفجر ) " أهي اربطه المحترمين لعب ( زعاطيط ) ... أهذا طفل بريء أم شيطان رجيم ، أقوم والله أكسر رقبته " . +- ( بسخرية وغيظ ) : " يا والله سبع يا أبو سلسلة ، ما جابت النسوان مثله ... +" جرّك شويه من رشمتك شصار شجرى ، والله حاطلك خرقه برقبتك متباهي بيها!. ها انت ششايف روحك .. " +- ( مهدداً ) : " أتمنعين ابنك لو أقوم أرده بأمه ، وألعن أبو الرابطچ ، ولو انك لا مربوطة ولا مضبوطة " +ودون تمهل نزعت فردة حذائها وقامت متفلته يمسكها من حولها أن ترميه ، صاحت بغيظ : +- " دعوني الطمه بالنعال على حلقه لأعلمه الضبط والربط هذا يبدو غير مؤدب " +- ( ثائراً يتنفخ ) : " اللهم العن الشيطان ، الآن أقوم أرميها هي ونغلها من شباك السيارة .. " +وضحك أحدهم بارتياح قائلاً لمن حوله : " يستاهل .. إذا أردت إهانة رجل فسلط عليه امرأة ، لقد أسكتته ، بل خنقته .. " +ولكن صاحبه راح ينقذه فجرّه إليه وأقعده قائلاً له : " أقعد ، لا عليك منها . امرأة ناقصة عقل مستهترة مسترجلة تعارك الرجال ، عيب عليك كرجل أن تراددها " . +- " صدقت / فالرد على المرأة لا يكون بالكلام ، إنما بالمگوار والخنجر " . +- " لا فضّ فوك ... قضية عشيرتنا ما حلها إلاّ المگوار والخنجر .. " . +.............. نازل عمي نازل .. +نزلت بكما نازلة بحق السماء !.. + + + + +تمت + + +" الرهان " +البون شاسع ، والمدى بعيد ... نصحه أبوه وأعمامه بالكف عن " الجنون " .. إنها حكاية الحب والفقر والغنى القديمة . +لم يرعوي وركب رأس الثور الهائج ليلقي بنفسه الى التهلكة ... +توجه وحده الى مطلع الشمس يخطبها من أبيها ، لم يصطحب أحداً أو يقدم للأمر بجاهه . +كان الثري الوجيه رائقاً في جلسة سمر مع أصحابه قال مقهقهاً بسعادة : +- ما اسمك أيها الجعل ؟ +ودون أن ينتظر جواباً أضاف مكلماً رجاله : +- قبله خطب الجعل قرص الشمس فاشترطت عليه أن يكنس الأرض ينظفها من الأوساخ فراح يجمع القاذورات يكورها ويرفعها ... وهكذا هو فاعل الى يوم القيامة . +سالوه : هل تكنس الأرض تحت قدميها ؟ +قال : نعم . +وما كان أكرم من جعل لديهم ، إنما يجب دعسه خارج البلاط الرخامي النازك للقصر. +أراد أن يصرفه عنها بحيلة قد تؤدي به الى حتفه ليموت فيستريح منه . قال له على مسمع من البنت ، وكأنه يمازحه ، أو يداري جنون العشق فيه : +- " ليس لدينا عليك أية طلبات ولا شروط . إنما هو شرط واحد لا غيره ، ولا بدل عنه ؛ هو أن تمضي ليلة شتاء بطولها في الشط الكبير " . +وبكل عنفوان قبل الفتى الرهان . وشهد عليه جماعة الحاضرين والأخوان +وفي ليلة قر زرقاء ، كان بردها يقص المسمار ، نزل الفتى في الماء مع الغروب ، عائماً وبقي في وسط الشط حتى الصباح . +وكانت أمه المسكينة ترابط طيلة الليل على ضفة الشط تبكي ولدها ، وتناديه أن يخرج من الماء لئلا يموت . ولكنه لم يستجب لتوسلاتها . وظل يصارع البرد والموج والريح والزمهرير بقوة حرارة الحب والشباب . +وكلما نادَتْهُ أمه لائمة مبكّتة . " ماذا جرى لعقلك يا بني ، هل جننت ! " ناداها وهو يعوم بيديه ورجليه : " أماه هذه رهون لا جنون " . +وتصدع قلب الوالدة الحنون خوفاً على ولدها . فما كان منها إلاّ أن جمعت حطباً كثيراً وألقته على ضفة الشط العريض ، وأشعلت فيه النار ، لعل سناها يصل على فلذة كبدها المحترقة بالبرد . +وظلت تشعل النار لأبنها طيلة الليل ، فيما هو مستقر في وسط الشط ينازل المستحيل . +وفي الصباح خرج الفتى المفتون من الماء سالماً معافى ، فذهب من فوره إلى مراهنه ليقبض منه ثمن الرهان وهو البنت . +ولكن الرجل الثري القوي صده وسخر منه مدعياً عليه أنه أخل بالشرط ، فقد أشعلت له أمه النار فاستدفأ بها عن البرد . ولو لا نار أمه لمات ، ولكسب هو الرهان . +ورفع الفتى دعوى على خصمه لدى القاضي . فدعا القاضي الرجل الوجيه إلى بيته مع الشهود ، وكان شريفاً في قومه ، نافذ القول والفعل في البلدة . فقال له كأنه يداري مكانته ويحترم موقعه : +- " إني لم أشأ – وأنت العزيز الكريم – إن أوقفك مع هذا الفتى الغرير يخاصمك في حضرة الناس . ولذا دعوتك معه إلى بيتي لنتدبر الأمر بيننا . ولم نستدع معكم إلاّ جماعة الشهود " . +ثم دعا غلمانه وقال لهم : " أطبخوا الطعام وجهزوا وليمة فاخرة على شرف السيد المسود " . +وجلسوا يتجاذبون أطراف الحديث ريثما ينضج الطعام ، فالمعهود أن لا يبت في الأمر أو يخاض فيه إلاّ بعد تناول الطعام أو الشراب . +وكان الخدم قد أحضروا القدور وربطوها بالحبال ، ثم صعدوا إلى رؤوس نخلات في منزل القاضي عاليات شدوا الحبال هناك وسحبوها حتى استوت القدور علواً مع رؤوس النخل . بعدها أشعلوا النيران تحتها وراحوا يئزونها أزاً . وكان الرجل ينظر على ما يعمل هؤلاء ويتعجب أشد العجب ، وينتظر من القاضي أن يقول شيئاً في الأمر . إلاّ أن الأخير كان غارقاً في الحديث لا يأبه لما يصنع الخدم وكأنه لا يراهم ، أو لا يرى غباراً على ما يفعلون . +وانتصف النهار ، والخدم يؤججون النار لا يفترون . فيما لا تفتر شفاه القاضي عن الذكر والتذكير والوعظ والتحذير والرواية والحديث ... +وضاق الرجل ذرعاً بما يرى ويشاهد . وكلما حاول الاحتجاج على ما يجري أو الاستفسار عن النكتة ، لم يجد القوة على ذلك ، كأن الحياء يمنعه أن ينبه القاضي إلى ما لا حاجة لأن ينبهه عليه أحد . +وصَلّوا الظهر مولين وجوههم شطر القدور وهي " تفور " فيما يلي القبلة ، معلقة بين السماء والأرض ، كأنها أوثان لعبادة البطون تتعلق بها الحواس والعيون . +وضجت عليه عصافير بطنه تصرخ بالزقزقة . فأنفجر الرجل يقول : +- ما هذا يا شيخنا القاضي !.. أين الطعام ؟! وماذا يفعل هؤلاء ؟!! +قال القاضي بهدوء وتمهل : +- " هَون عليك يا أخي . أن الله لا يحب الجواعين النهمين ، هاهم الخدم يطبخون الطعام ، هل هم أسرع أو أقوى من النار ؟! " . +وفرغ صبر الرجل وصاح : +- أي نار يا سيدي .. أين هي النار ؟! +- وما هذه إذن ، أليست ناراً يكاد سناها يحرقنا ؟! أصبر حتى ينضج الطعام إن الله يحب الصابرين " . +- " عجباً !... وهل تدري قدورك أن ناراً تحتها ؟! يا رجل أن القدور في السماء والنار في الأرض " !.. +- حسناً يا سيدي .. كيف إذن تحتج على الشاب بأنه استدفأ بنار أمه على الشاطئ ، وهو في وسط الشط ؟! +وأسقط في يد الرجل . وانكفأ على نفسه مهبطاً رأسه في الأرض وقد فهم مكر القاضي الذي من فمه أدانه حتى جعله ينوء بحمل الحق في أثقل حالاته . +ولكنه رفع رأسه وقال : " يا سيدي القاضي ، أو صدقت أنت الأمر . إنما الحكاية كلها دعابة سخيفة فرضناها على هذا المعتوه المأفون لنصرفه . وما كنا نتصور أنه سيفعلها". +قال القاضي بتأكيد وحزم : " نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الزواج والطلاق هزلهما جد " . +- في سنة رسول الله ( ص ) لا يكون الزواج بمراهنة أو ما شابهها . وأين أبنتي من هذا الصعلوك البائس المفلس لا يوجد أدنى توازن لكي أوافق . +- المراهنة هذه أخرجت الأمر من يدك . بقي رأي البنت فقط ، فأن قبلت فليس لك أن تقول لا . وكما ليس لك حق في أية طلبات حسب الشرط . وللفتى أن يأخذ عروسه ولو بالثوب الذي عليها . إن لم تجهزها له بما يليق فيها . +وارتضت البنت زوجاً من بات من أجلها ليلة قرشاتية في الماء وكسب الفتى الرهان ... + +تمت + +مَن يقرأ ...؟!! +كل ظُلامات المعذبين في الأرض . +كتبتها في قصاصات ... +رفعْتها إلى الله في عَلياءه . +... أخشى ... + أن يكون ... + الله .... + أمّياً !! + + + + + تمت + +'''نص غليظ''' + +الفهرس +التسلسل الموضوع الصفحة +1. تدمير الإنسان العراقي 13 +2. شعب أحتيج لرأسه 15 +3. سوء استخدام السلطة 17 +4. كن فيكون 25 +5. هيكل الجماجم 32 +6. جثة عملاق 33 +7. أوكسير الملوك 36 +8. مقطع طولي من جسد كلمة 39 +9. الإنسان والجرذان 41 +10. بلاد الحشرات 48 +11. أليس ملكاً ! 49 +12. الرماد الوطني العراقي 50 +13. ليتني 52 +14. الإفادة 57 +15. الوعد المنتظر 60 +16. ذمة التاريخ 66 +17. في الوادي المقدس طوى 69 +18. شهداء 73 +19. داء الدال 75 +20. الله كريم مع الكرماء 77 +21. داخل الحرم الجامعي 80 +22. أكباش في مرعى العزة 83 +23. لمن أهدى كتابي 87 +24. البركان الخامد 92 +25. الوباء المستوطن 97 +26. لما يبكي ويضحك ... عزرائيل 100 +27. الليل الأخير 101 +28. صراع 103 +29. غش في درس الدين ! 107 +30. على ملة رسول الله 109 +31. نهاب وهاب 111 +32. عالم الأحذية 114 +33. الهروب من الحب 115 +34. الإنسان والزنبور 121 +35. الحطب والإرهاب 124 +36. الهوبعة 127 +37. الاختطاف 129 +38. " حَب . سگاير . علچ " 131 +39. لا يؤمن بشيء 139 +40. باقة عدس 142 +41. اللثام 145 +42. شعب الفلاسفة 146 +43. أصناف وألطاف 173 +44. ولله لصوص أيضاً 175 +45. السانيه 177 +46. القانون والساطور 179 +47. مسؤولية الكلمة 181 +48. الكلب المتطهر 183 +49. أنواط الشجاعة 184 +50. بائع التمر . والخمر . والشعر 186 +51. يوم .. بلا صداميات 189 +52. هل أستيقظ أهل الكهف 206 +53. وقفة على الأعراف 208 +54. المحاجزة قبل المناجزة 211 +55. ساحة حرب 216 +56. الصحوة الإسلامية 218 +57. عرفات ... والزير التلمودي 220 +58. النازحون من البصرة 224 +59. تعذيب 235 +60. طنطل 237 +61. أدب المناظرة والجدل 244 +62. النهايات 245 +63. لحن من نشيد " أرامل الشهداء " 251 +64. أزمة شاب عراقي 258 +65. الطلقاء ... واغتيال قحط 263 +66. الحب والغربة 290 +67. لا تعليق 292 +68. قسم 295 +69. العتبة الذهبية 297 +70. خبز البطالة 298 +71. الرحيل .. والحب 299 +72. المكابر 301 +73. كتاب سعدي 303 +74. مسجد . مسجد 307 +75. اللَمَمْ .. وكبائر لَلَم 308 +76. المساواة 313 +77. الأخت 314 +78. العدوى 315 +79. الاستمرارية والانعطاف 320 +80. ظلمات أطباقاً 322 +81. دخان الشرف 324 +82. لا تقربي الشجرة ثانية 329 +83. صاعد . نازل 332 +84. الرهان 337 +85. من يقرأ ؟!! 343 +  +للكاتب : + سوء استخدام السلطة + " وإذا الوحوش حُشرت " + تانيا + غداً ... لا تطلع الشمس + الواغلون في الزيف + " والأرض وضعها للأنام " + رجولة .. ورجال + ديوان الأيامى والعوانس + العراقيون ودعاء النخيل + الصحراء والعطش '
حجم الصفحة الجديد (new_size)
403693
حجم الصفحة القديم (old_size)
0
الحجم المتغير في التعديل (edit_delta)
403693
السطور المضافة في التعديل (added_lines)
[ 0 => '[[ملف:سوء استخدام السلطة|نعم px|تصغير|مركز|كتاب]]', 1 => ''''''نص غليظ''''''''نص غليظ''''''''نص غليظ''[http://سوء%20استخدام%20السلطة سوء استخدام السلطة]', 2 => '[[<ref>ملف:سوء استخدام السلطة|300px|تصغير|كتاب</ref>', 3 => '== ', 4 => '== نص العنوان ==', 5 => '== نص العنوان ==', 6 => '* ', 7 => '# عنصر قائمة منقطة<nowiki><br />', 8 => 'نص غير منسق<big>نص كبير</big></nowiki>', 9 => ' ==', 10 => ']]', 11 => ''''== نص العنوان ==', 12 => 'د.ابو لدم الأنساني', 13 => 'سوء استخدام السلطة ', 14 => false, 15 => false, 16 => ' ', 17 => false, 18 => 'حقوق الاقتباس والدراما والتمثيل ', 19 => ' ممنوحة – شرط إذن المؤلف', 20 => ' ط 2 / أيلول 2008 ', 21 => ' ', 22 => ' ', 23 => 'سوء استخدام السلطة ', 24 => false, 25 => 'د.ابو ادم الأنساني ', 26 => false, 27 => false, 28 => false, 29 => false, 30 => 'طبعة أولى ', 31 => '2009 ', 32 => false, 33 => false, 34 => ' ', 35 => ' المركز الثقافي للطباعة والنشر', 36 => 'The Cultural Center for Printing and Publishing C.C.P.P ', 37 => ' ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ', 38 => 'حلة/شارع الإمام علي (ع) /عمارة علي ط2 ', 39 => false, 40 => 'Mob: 07801168410 ', 41 => 'E-mail:ccpp_iraq@yahoo.com', 42 => 'E-mail:w_alsawaf@yahoo.com', 43 => ' ', 44 => '1 / ', 45 => ' د.ابو ادم الأنساني', 46 => 'سوء استخدام السلطة : د.ابو ادم الأنساني', 47 => ' المركز الثقافي للطباعة والنشر/ بابل ط1 2009', 48 => ' ص . 23 سم ', 49 => 'م . و 1.', 50 => ' 2 . أ . العنوان ', 51 => false, 52 => false, 53 => ' المكتبة الوطنية ( الفهرسة أثناء النشر )', 54 => ' رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد لسنة 2009', 55 => false, 56 => false, 57 => false, 58 => false, 59 => false, 60 => false, 61 => 'ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ', 62 => 'حقوق الطباعة والنشر محفوظة للمؤلف ', 63 => 'ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ', 64 => 'التنضيد الداخلي : نبيل الحسيني ', 65 => 'تصميم الغــلاف : المركز الثقافي للطباعة والنشر', 66 => 'إشـــــــــــــراف : ولاء الصواف ', 67 => 'تــوزيـــع: مكتبة الفرات في الحلة ', 68 => ' ', 69 => '( كلكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته )', 70 => ' حديث شريف', 71 => false, 72 => false, 73 => false, 74 => 'الإهداء', 75 => false, 76 => false, 77 => 'إلى الذين يحسنون استخدام السلطة ', 78 => 'من المواطنين . . . ', 79 => ' والحاكمين . . . ', 80 => ' والشرطة . . . ', 81 => ' ', 82 => false, 83 => false, 84 => 'ليت السماء تفتح مجدداً باب " النبوة " ', 85 => ' بالانتخاب الحر !!', 86 => ' لتقدم للترشيح ', 87 => ' مليون ', 88 => ' نبي ', 89 => ' عراقي !!', 90 => false, 91 => false, 92 => false, 93 => false, 94 => 'د. م أبو الأثير البابلي', 95 => ' ', 96 => 'تقديم ', 97 => 'هذه نصوص هي عبارة عن خليط متجانس من قصة وشعر وخواطر وشطحات ورؤى فلسفية .. كوكتيل أدبي لعوالم سلطوية مختلفة ، تبدأ بالنفس وخطراتها والمجتمع ومظالمه ، وتنتهي إلى الملوك وسلطتها.. لكنها تتوحد جميعاً في السلطات على اختلاف أنواعها . ', 98 => 'إذا تمعنت في نص ما فستجده لا محالة متصل من مكان ما بسلطة ما ، سوءا أو استخداماً ... من قريب أو من بعيد ... ', 99 => 'سميتها " سوء استخدام السلطة " . وقد يتبادر لذهن البعض أنها بحث ، أو تقرير في حكم العبث الخطأ وكبائر شيخ الجاهلية الأخيرة صدام الذي أساء استخدام السلطة ...', 100 => 'نعم هي تضمنت الكثير من هذا ، وهو موضوعها الرئيس ، بيد أني لم أركز على الجرائم المعروفة من الموبقات السبع ، لأن الحديث كثر في هذا ، وبات واضحاً كالشمس ، وما أردت الخوض مع الخائضين لأنبري بنفسي عن أن أكون سباباً ، لا يعمل غير السب ، ولا يحسن غيره . خصوصاً وإني ما رأيت بعض الشاتمين بأحسن حالاً من المشتوم . ', 101 => 'صدام ما جاء من عالم آخر ، إنما هو من هذه الدهماء الموغلة في البداوة والجاهلية والزيف ... و " كما تكونوا يُوَلّ عليكم " . ', 102 => 'ولما ولى ( الملك صدام ) إلى الجحيم الأمريكي والخمس والخمسون من صنائعه ... أين الطيور التي على أشكالها وقع ، أو على " شكوله " وقعت !؟.. أليست هي مادة الإرهاب وحشوات مفخخاته الموتورة ؟', 103 => 'أنا لا أبكي كما يتباكى الناس على الدمار الكبير الذي حل بالبلد من جراء الحروب الكافرة والسياسات المجنونة .... هنا النفط والرافدان ، ورفات الأئمة .. المال وفير وفائض لنبني ، وننشئ ونعيد ... لكني أبكي على أمرين اثنين هما : ', 104 => 'الزمن الذي ضاع . والإنسان الذي تدمر وعاد إلى أسفل سافلين . ', 105 => 'الطامة الكبرى تكمن في الإنسان العراقي الذي تشوه وتعوق واندثر حضارياً ، بفعل سوء السلطة الدكتاتورية وطول زمنها ... ثم هجمت فجأة بعدها الحرية والديمقراطية الأمريكية بغير شروطها ومؤهلاتها ، فأساء الناس استخدامها بأكثر مما أساء العبثيون السلطة .. حتى أن كتابي القادم سأسميه " سوء استخدام الحرية " . ', 106 => 'لا أصدق . لا أعقل . لا افهم ... ألا يكون خيراً كلهُ هذا الدفق الحضاري الذي اجتاحنا ، طوفان الحرية الذي ضربنا كالطلق على حين غِرة بعد العقود العجاف ، وحمل الفقر والعقر والقهر !! ', 107 => 'أدت ( رجّة التدريب ) على الحرية – فيما يبدو – وجرعة ( التطور ) الزائدة الى تسمم حضاري وخبال اجتماعي ورجوعية في الشعب المتعب أصلاً ، فعاد القهقري الى القرون الوسطى ، وانبعثت البداوة الكامنة فيه والجاهلية الأولى .', 108 => 'هل قرأتم " ألف ليلة وليلة " ؟.. ربما عجبتم ، أو سخرتم من الصياد الذي وجد درة يتيمة في بطن سمكة !..', 109 => 'والحفار الذي عثر على كنز !', 110 => 'أو الحطاب الذي تزوج .. بنت الملك !', 111 => 'ما عادت تلك أساطير شهرزاد ...', 112 => 'إنما هي وقائع ليالي بغداد !!', 113 => '" عربنجية " كانوا ... وَأضْحوا الآن مقاولين .. مليارديرية ! جوعية شبعوا !.. محدثي نعمة بطروا ... وما شكروا تجار ومقاولون .. كانوا ... " أولاد ناس " ... " حمايل " ... كاولية ! مُعمّمون ... تبين أنهم .. تجار مخدرات ... وترهات !! حملةُ دكتوراه !.... أميون ... لا يقرؤون ولا يكتبون ! مدججون .... " سباع " !.... انتهت إليهم مخازن سلاح الجيش !', 114 => 'قوادين .. سرسرية !... يبنون جوامع !.. يهدمون مصانع !! متزوجات ... وهن على ذمة آخرين !! ', 115 => 'يافطات عريضة ، وأقلام طويلة .. وكُتل ... لمُخضرمي ولاء ! محجبات .. ملالي ، يقرأن على الحسين ... يدرن مواخير سرية ! ', 116 => 'فقراء .... أغناهم صدام !... يبجلوه !.. يعبدوه !!', 117 => 'مليارات تبني مدن ... وتهدم مدائن !... نهبت في جهالة " مداخل المدن " !', 118 => 'لوطيون ... ينادون بشطر المدارس المختلطة ! ... شرفاء جداً ، سماسرة يصيحون بحرقة : " وطن للبيع ... بكم أقول " !!!', 119 => 'من للفساد الإداري ... بعد الحواسم الكبرى !!', 120 => 'لجنة النزاهة .. من ينزهها في أمة تولت ؟ !', 121 => 'سيستبدل الله قوما غيرهم ... ثم لا يكونوا أمثالهم . ( )', 122 => 'الجميع يرتل قرآن العراق .', 123 => 'من كفر بالعراق ؟.. من أحرق العراق ؟!!', 124 => '﴿ وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون  ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ﴾( )', 125 => 'هذه ليست توليفات شعرية للصورة ... واقعنا أدهى وأمر . ', 126 => 'الطالحون أقوى وأكثر . وتأثيرهم أعلى وأنكر . ', 127 => 'فلتكن سلاحنا الكلمة كالرصاص المنهمر . حقيقية مؤثرة تخترق القلب ، وتمر بالنفس ، وتتمشى في الروح ، لتستقر أخيراً في العقل ، حيث الراعي والرعية . ', 128 => 'الكلمة " المؤدبة " التي نريد ؛ تلك التي ترضي فضول الشاعر ، وتحرك مشاعر الأديب . وتفسر مقاصد الفيلسوف . وتحرك طموح المصلح السياسي . ', 129 => 'ولا نقف لدى هؤلاء الخاصة الكبار بعمق الإيماءة وتداخل المقاصد والسريالية النصيّة ، بل نَنْزِل بالسهل الممتنع الى لغة العامة المبسطة نخاطب بها الجمهور ، رغم الفهم المغلوط المؤدي إلى السخرية أحياناً . ', 130 => 'والميزة الجيدة فيما حوت بعض نصوص هذا الكتاب ؛ أنها تحتمل أكثر من تأويل ، فيفهمها كل على قدر معرفته ويراها كلٌ من زاويته ... وربما تعددت الأفهام على قدر المفاهيم ... بل وتعاكست . ', 131 => 'الظريف أن مقاطع من هذه النصوص تم نشرها في بعض صحف النظام البائد . وكنت ألجأ إلى الاستعارة والتشبيه والإغراق بالرمزية ، لأمر بأفكاري من بين قرني الثور ! ', 132 => 'متفاءل جداً أطل بكلماتي الحنونة اليوم على قومي الذين يسيئون استخدام السلطة مع أنفسهم وأهليهم وإخوانهم وعشيرتهم . فيجد العامي لدي ما يصلحه ، والعالم ما يطمئنه ، والناسي ما يذكره . ', 133 => 'أما أهل السلطة والسياسة ، فلا آمنهم على رقبتي أن يقطعوها ، إلا كما أمِنْتُ عليها صاحبهم من قبل !!', 134 => 'ومتعوذاً صدرت كتابي بحديث النبي ( ص ) " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " ، ليقع على العلة ويشفيها ؛ في شموليته وآلية بناءه المعنوي واللفظي .... وما ينطق عن الهوى ، ليبعث صلى الله عليه وآله التفاؤل بمستقبل الشعب العراقي المتعبد لسنة رسول الله يتبعها ويحييها . ', 135 => ' ', 136 => 'تدمير الإنسان العراقي', 137 => ' حرب الجنون الثماني أتلفت الإنسان العراقي أرجعته إلى حيوانيته ...', 138 => 'جعلته حماراً وحشياً يأكل وينكح ويرفس وينطح ... ويحمل أسفار الكفر !', 139 => ' أما سنين الحصار فقد هدمته متداعياً وبنته معوجاً .. إنما علمته :', 140 => '- درس الجوع والعمل ', 141 => '- درس السفر والهجرة ', 142 => '- حقيقة صدام . ', 143 => ' أما مناة الثالثة الأخرى .....', 144 => 'فقد علمت العراقيين ', 145 => '" سوء استخدام الحرية "', 146 => ' * *', 147 => 'عندما يقسمون العالمين ...', 148 => 'الى .. مؤمنين ... وكافرين !!', 149 => '... إنما يشوهون لون الإنسان .', 150 => ' * *', 151 => 'هذه الأكياس المعممة ... من سوس المقابر !', 152 => 'المحشوة حد الاكتضاض ... بمعلومات " إكسباير " !!', 153 => 'رفعت الى الفضاء بقدرة قادر !!!', 154 => 'لما يأخذ الجدل الطائفي مداه ... بين هراطقة السنة والشيعة .', 155 => 'تعود النِقم التأريخية ... بالشتائم الفضائية !!', 156 => 'يكفرون بدين الديمقراطية ', 157 => '.... يتدمر الإنسان !!', 158 => ' ', 159 => false, 160 => 'مقتطف بتصرف ', 161 => ' عن كتاب ', 162 => ' " صناعة دولة الإنسان " ', 163 => ' تأليف', 164 => 'الدكتور مهند وديع ', 165 => ' مواطن عراقي أمريكي ', 166 => ' ', 167 => 'شعبٌ .. إحتيج لرأسه !!', 168 => 'لما غلب المنصور العباسي محمداً النفس الزكية وأخاه إبراهيم ، وقتلهم .. سيّر برؤوس الثوار إلى الأمصار . وكانت جثة إبراهيم قد غُيبت ولم يعثر عليها ، فقيل للمنصور إن هناك شخصاً علوياً في الحجاز يشبهه خلقاً . فأرسل المنصور من يأتيه برأسه !...', 169 => 'اعترض الإمام الصادق ( ع ) وكتب للمنصور مستفهماً . فكان الرد بعبارة مقتضبة هي " قد احتيج لرأسه " !!', 170 => 'كذلك تتحول المظلمة إلى مسخرة عندما يحولون البلد والشعب إلى ...', 171 => '" حقل تجارب " !! ', 172 => 'أو كرات قدم من رؤوس !', 173 => ' * *', 174 => '" كما تكونوا .... يوَلَّ عليكم " ', 175 => 'من توقيعات المنصور على صحيفة شكوى لأهل الكوفة من عاملهم أن يبدله ، " كما تكونوا .... يوَلَّ عليكم " ', 176 => ' * *', 177 => 'كان الحجاز تابعاً للعراق في موازين السياسة الإسلامية على مر تاريخها ... ومن ملك المصرين البصرة والكوفة فكأنه ضم الحجاز إليه ، فبمجرد قطع الميرة تستسلم المدينة ومكة ... والرياض !!!', 178 => 'ترى ما موازين المعادلة اليوم ؟!', 179 => ' * *', 180 => 'عداوات الجيران المستحكمة ... محاقدات الأزمنة ..', 181 => 'ارتفعت الى مؤامرات التهجير ، والذبح على الهوية ...', 182 => 'كذلك ... يذبحون العراق ...', 183 => 'يهجروه ... الى أمريكا !!', 184 => 'محيطه العربي عبر التاريخ ؛ بداوة جاهلية .', 185 => 'غزوات نهب وسلب ', 186 => 'وموجات استيطان متحرك سالب .', 187 => 'والترك والفرس ...', 188 => 'في سجال على الغنيمة .. والعرس ', 189 => 'وبين العجم والروم .. والأعراب ، بلوة ابتلينا ..', 190 => ' ملينا ... انتهينا !!!', 191 => false, 192 => false, 193 => 'الإمام الونان ', 194 => ' مؤرخ ', 195 => ' ', 196 => 'سوء استخدام السلطة', 197 => '" كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته "', 198 => ' حديث شريف', 199 => ' * *', 200 => 'الحمل الوديع ... صار ذئباً !!', 201 => 'أين هذا ؟... في عالم كليلة ودمنه ؟! ', 202 => 'بل في ... جمهورية دكتاتوريا الديمقراطية الحرة الشعبية . ', 203 => ' * *', 204 => 'قال جد جدودي : ', 205 => '" ابن آدم ، مكنهُ ، وانظر فِعاله " ', 206 => 'وصارت مثلاً ....... عراقياً !', 207 => ' * *', 208 => 'بنت عمي ، قطة أليفة . ', 209 => 'تزوجت ضابطاً صغيراً . ', 210 => 'فصارت تراني ... ', 211 => '... جندياً حقيراً !', 212 => ' * *', 213 => 'رئيس وزراء النرويج . ', 214 => 'سيق إلى المحاكمة ...', 215 => 'بتهمة ، " سوء استخدام السلطة "', 216 => 'شعبنا لا يصدق ذلك ! ', 217 => ' * *', 218 => 'كتب المطران حنا راميل في موعظته : ', 219 => '" نحن بحاجة ماسة لإنشاء محاكم من هذا النوع في بلدنا " ', 220 => 'صاحوا به : كلا لا تخترف ..', 221 => 'فبلدنا سليم من الفساد . ', 222 => ' * *', 223 => 'قرأت في صحف المريخ : ', 224 => '- وهذه أمور قد تحدث في غير كوكبنا الأرضي – ', 225 => 'إن قاضي بالرمو ، وهو رجل من عامة الناس . ', 226 => 'ألقى أقطاب الحكومة الإيطالية في قعر السجون ....', 227 => '... بتهمة .... " الفساد " .', 228 => ' * *', 229 => 'اسمه الأول : " كليب بن كرامة " . ', 230 => 'البسوه " صاية " وعباءة !', 231 => 'وأعطوه سيارة وحقيبة !', 232 => '.. وبنوا له مضيفاً !', 233 => 'فصار : " الشيخ أسد الكريمي " !!!', 234 => ' * *', 235 => 'الدكتور " آصف بن برخِيا " ', 236 => 'كان أستاذاً جامعياً . ', 237 => 'فلما صار معاوناً للعميد . ', 238 => 'أضحى ... جنرالاً عسكرياً !!', 239 => ' * *', 240 => 'لست شيوعياً أيها البائس . ', 241 => 'أنت لا تؤمن بشيء . ', 242 => 'في صدر المظاهرات ، يرفع اللافتات ... كان : ', 243 => '" تحيا الاشتراكية " . ', 244 => 'ولما صار ..... " وزيراً " . ', 245 => 'أصبح .... إقطاعياً !!', 246 => ' * *', 247 => 'فجاءة ... أصبحت زوجتي مليارديره . ', 248 => 'كانت أول مشاريعها ؛ ', 249 => 'أن ... تجدد فراشها ....', 250 => '........ تتزوج !', 251 => ' * *', 252 => 'لما دخلت عليه في مقر الفرقة الحزبية ', 253 => 'كنت رافعاً ...... " الكِلفة " ', 254 => 'فهو قريبي ... دمي ولحمي . ', 255 => 'صرخ بي مزمجراً : ', 256 => '" قف عدل ، ضم مسبحتك " . ', 257 => 'واعتدلت .... وأخذت تحية . ', 258 => 'مع أنه لم يكن عسكرياً . ', 259 => ' * *', 260 => 'نهبنا أربع مراوح من المدرسة . ', 261 => 'أعطاني واحدة ، وأخذ ثلاثة !', 262 => 'ولما احتكمنا إلى ... " شيخ الحرامية " ', 263 => 'أعطاه الحق !', 264 => 'لأن المسدس كان بيده . ', 265 => '.... وللفارس ضعف ما للراجل !!', 266 => ' * *', 267 => '- الو ...', 268 => '- هلو " كرَومي " ... هل تذكر تل النهر العتيق ؟1', 269 => '- تأدب حقير .... أنا الآن مفوض شرطة . ', 270 => '- حجري لا زال دافئاً ....', 271 => '- ... اليوم سأحبسك ، سأعدمك ...', 272 => ' * *', 273 => 'كان يلهب ظهره بالسياط القوية ويصيح : ', 274 => '- " دى ... لعن الله أباك صدام الحرامي المجرم " . ', 275 => 'وينوء الحمار بحمل العربة الثقيل . ', 276 => 'كانت محملة بأثاث دائرة الماء والمجاري !!', 277 => ' * *', 278 => 'قبل أن أتزوج امرأتي الثانية . ', 279 => 'كنت أقرأ بتشديد ووعيد : ', 280 => '" على أن تعدلوا " . ', 281 => 'وبعد الزواج ، رحت أرتل بصوت رخيم : ', 282 => '" ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " .', 283 => ' * *', 284 => 'قال آية الله محمود في خطبة الجمعة : ', 285 => '- " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " ', 286 => 'ليس اللوم على الملك وحاشيته . ', 287 => 'الناس يفسدون المسؤولين . ', 288 => 'هم يدفعونهم دفعاً ليسيئوا استخدام السلطة . ', 289 => '" الراشي والمرتشي في النار " . ', 290 => '...... صَهْ .... هذا دجال !!', 291 => ' * *', 292 => 'كومة الجحاجيح هذه تدخل على من ؟... ', 293 => 'عقال على عقال ، وزبون فوقه صاية . ', 294 => 'وكل في جيبه صرة ، أو لفة . ', 295 => 'يدسها علناً ، أو سراً ، في جيب " رسول " . ', 296 => '" تدلل أبا سحر " ...', 297 => 'من أبا سحر هذا ؟!!', 298 => 'أوه ... كل شيء بيده ....', 299 => 'الأسمدة ، والبذور ، والمبيدات و .... وبرنامج الخطة التسويقية . ', 300 => 'أنه " ... " وزير " هنا . ', 301 => 'وليس مجرد ... ناظر زراعي !!', 302 => ' * *', 303 => 'يدبرها ... لا عليكم ', 304 => 'ارتباطاته مباشرة بالكبار . ', 305 => 'هي لهم كلها .... ', 306 => 'هو ... مجرد سمسار . ', 307 => 'كل شيء يكون " بالفلوس " ..... لا قوانين . ', 308 => 'أخذنا معنا .... " خروف أقرن "', 309 => 'هدية حسب أصول الموضة . ', 310 => 'أية أبهة !!.... صلوات !... كان بيته . ', 311 => 'ليس لقمة خبز .. أنه " نائب مدير عام " . ', 312 => 'جلسنا معه في صدر إيوانه العريض . ', 313 => 'كان يتحدث عن ... " الفساد " و ... " سوء استخدام السلطة " ', 314 => '.... قبل أيام أحلْتُ معلمة إلى لجنة تحقيق . ثم فصلتها', 315 => 'تصوروا أنها تأخذ بيضاً ولبناً من الطلاب !!', 316 => 'وبانبهار قالوا : " عدلت وأنصفت ، بورك فيك " . ', 317 => 'قال : " لقد خرقوا العادة بالرشاوي هؤلاء " المعلمين " . ', 318 => 'قلت في سري ؛ بؤساء ليس بأيديهم سوى الطباشير " !!', 319 => 'وكنا نسمع صوت الخروف يمعمع ، ويصيح " باع " . ', 320 => ' * *', 321 => 'كان إمام الحرامية يعظهم ويقول : ', 322 => '" كما تكونوا يَوَلَ عليكم " . ', 323 => 'ونزل حاملاً حقيبته ذات القفل السري', 324 => 'ثم صاح : " من سرق حذائي " ؟!', 325 => 'وكانوا كلهم حفاة . ', 326 => 'قال : " لا أبرئكم " ', 327 => 'أنتم إذ لا تلبسوه ، فقد أكلتموه !!', 328 => ' * *', 329 => '- الدفع نقداً .. وبالدولار . ', 330 => 'عشرون ورقة لا تنقص . ', 331 => 'بعد شهرين تستلم الوظيفة . ', 332 => '- ومن يضمن ؟ ', 333 => '- عيب ... أو أنت أول واحد !.. مئات عينتهم قبلك . ', 334 => '- نريد الاطمئنان .. لا بد . ', 335 => '- يا عم أنا لست قليل ... كلمتي لا تُثْنى و لا تُثَنّى .', 336 => 'أنا اشتغل في لجنة النزاهة ! ', 337 => false, 338 => ' * *', 339 => false, 340 => false, 341 => false, 342 => false, 343 => false, 344 => false, 345 => false, 346 => false, 347 => false, 348 => false, 349 => 'تمت', 350 => ' ', 351 => 'كن فيكون ( )', 352 => 'في كانون مر عليه " المَلكْ " وهو يغسل الفجل في الشط ، ويرتعد قراً . قال يحييه ويدعوا الله ليعينه : ', 353 => '- " الله يساعدك " . ', 354 => 'رد زاهقاً متبرماً ناقماً !', 355 => '- " أين الله هذا ؟! ورجليَ قد مات إحساسي بهما من البرد .', 356 => '- اشكر ربك يا رجل ليزيدك من فضله . ', 357 => '- إليك عني بحق الشيطان ، ماذا أعطاني لأشكره ؟!', 358 => '- أعطاك القوة والصحة لتعمل . ', 359 => '- أما أنه أعطاها للجميع وفوقها ، فلماذا أنا . ما فرقي عن ذاك التاجر يرفل بحلل الخز ومقطعات الديباج ناعماً دافئاً ، وأنا ...... ارتجف من البرد .', 360 => '- وأنت تريد أن تكون مثله .. ها ؟! ', 361 => '- لا يا عم ، أين نحن من هذا !... أنا أقول لربي ، بدل أن أكون في الماء محنياً تحت سياط البرد هكذا ، لو كان لي على الأقل دكان أبيع فيه الفجل ، أجلس فيه مرتاحاً كعبادهِ المحترمين بدل الذي أنا فيه .. لو ', 362 => '- كُن ........ فكان . ', 363 => '- ومر شهر ، وعاد الملَكْ ، بنفس الهيأة وذات الكلام لم يزد فيه ولم ينقص ! ', 364 => '- " الله يساعدك " ', 365 => '- ( بتضجر ) الله لم يساعدني . الله دمرني ... هذه عيشة تقصر العمر ... هات الباقة ، وأرجع الشدة ، وهذه يريدها الزبون وتلك لا يريدها ، والفجل والناس أشكال وألوان ... أف ، أأنا أكون بياع فجل !؟ أسفاً ... ', 366 => '- كفى كفى لا تهتم ... ماذا تريد من ربك إذن أن تكون ؟', 367 => '- أريد ؟!!... أيرضى الله العادل أن يكون صالح الحمال تاجر قماش . وأنا بائع فجل ... لو كنت على الأقل ... بزازاً ... لو . ', 368 => '- كن ....... فكان . ', 369 => 'ومر عام وعاد الملك : ', 370 => '- الله يساعدك . ', 371 => '- أهذه مساعدة هذه ؟!.. لو علمت ما طلبتها من ربك ... سبحانه إذا أراد بعبد سوءاً جعله بزازاً ولذا رماني عليها ... أي ملل وصداع ، طيلة النهار ، هات الطول وقدّر الذراع ، وهذا قصير وهذا طويل والأنواع والأشكال والموديلات لا يحصيها الكومبيوتر ؛ كسطور وحرير ودولين وبوبلين وجرسي ونحسي وتعسي ومسميات أكثر من الهم على القلب ... والتجارة بائرة والقماش كاسد ... آه لو كنت كبعض تجار الجملة ، هؤلاء يفرضون بيع سلعهم بما يرغبون وهم مستريحون .', 372 => '- كن ......... فيكون . ', 373 => 'ومر عامان ؛.. وعاد الملك : ', 374 => '- الله يساعدك . ', 375 => '- أهلاً ، ماذا تريد ؟... شحاذ .... ها ، لقد ابتلينا بكم ، نهشكم هش الذباب ... أخرج عليك اللعنة .. الله يعطيك ', 376 => '- " وأما السائل فلا تنهر " ', 377 => '- يا أخي أنا سائل ، أنا شحاذ ، أنا مجدي ، ماذا لدي ؟... أترى علي أكثر من ثوب خلق ونعال ممزق ؟!', 378 => '- " وأما بنعمة ربك فحدث " . ', 379 => '- أحدث بماذا يا " مثبور " ؟!.. أحدث بالمركب الذي غرق أم بالآخر الذي تأخر وانقطعت أخباره ، أم بحرق المخزن السادس عشر ، أم بأموالي المرهونة المجمدة لدى الأجانب ، أم ببضاعتي الكاسدة ، أم بشيب الذين خلفوني ... دعني في دردي ، تول عني ... يا ولد أعطه خمس فلوس لينصرف . ', 380 => '- دع خمستك لك وقل لي ماذا تريد أن تكون ؟ ', 381 => '- " هادئاً بتبسط " آه .. أهو أنت ؟.. اجلس ، استرح . إن وجهك فليح وجالب للحظ ليس حظاً والسعد لي ... تعال . ', 382 => '- أنه ليس حظاً .... هذه إرادة إلهية . ', 383 => '- لا علينا.. سأتحفك بهدية ثمينة إذا ما نلت ما أصبوا إليه . ', 384 => '- وما ذاك ؟ ', 385 => '- أريد أن أكون وزيراً للتموين والتجارة ، لكي أتمكن من تسيير مراكبي على هواي ، ودون رسوم ولا رسميات . ', 386 => '- كن ......... فيكون . ', 387 => 'ومرت خمس سنين .... وعاد الملك . ', 388 => 'دخل عليه ديوان وزارته بلا استئذان . وفاجأته بتحيته الشعبية البسيطة المعتادة : ', 389 => '- " الله يساعدك " . ', 390 => '- " منتفضاً كالملدوغ " ما هذا ؟.... من أين دخل هذا العلج الصعلوك .. من أنت يا هذا امسكه يا حرسي ... أين رجال الحماية ؟ ', 391 => '... وأخذته السياط ... ', 392 => '- لماذا تسيء الأدب أيها الوقح ؟.. ما " الله يساعدك " هذه ؟! أأنت في سوق الخضار أم بحضرة وزير ... سلم على معاليه بتحية الأمراء ، لا بسلام السوقة . ', 393 => '- آ .. حسناً ، السلام عليك أيها الوزير . ', 394 => 'وصفع الحرسي المَلَك على قفاه ، وصاح : ', 395 => '- أنحن أرضاً وقبل أعتابه الموقرة ، وقل له يا سيدي . ', 396 => 'ولم يشأ الوزير أن يضيع المزيد من الوقت ، أو لعله عرفه ، فقال لجلوازه : ', 397 => '- ليقل ما يقول ويخلصني .. دعه يا حرسي ... ها ، قل ماذا تريد ؟ ', 398 => '- سأقول ما في قلبك يا ... وزير . ', 399 => '- " بدهشة فرح " ماذا ... آه حسناً ، اخرج يا حرسي ، أخرج وأغلق الباب جيداً . ', 400 => 'دعنا وحدنا . ', 401 => '- " بأسلوب مباشر " ها .. أراك غير قانع بالوزارة !', 402 => '- " بتأفف " الوزارة ... اللعنة عليها . أنها وظيفة خدمية وليست سلطوية . لو كنت محافظاً لكانت سلطاتي أوسع وإمارتي أعظم ، وإحساسي بالسيادة أمتع . ', 403 => '- هي السلطة إذن . ', 404 => '- بالضبط ، أنت ذكي سريع الفهم . ', 405 => '- أتريد أن تكون متصرفاً عاماً ، أم رئيساً للوزراء ؟...', 406 => '- لا لا ما هذه ، وأنت الحليم الرشيد . أريد أن أكون سلطاناً ملكاً . ', 407 => 'كن ..... فيكون . ', 408 => 'ومرت عشرة أعوام ...... وعاد المَلَكُ إلى الملكِ باللفظة البسيطة ذاتها : ', 409 => '" الله يساعدك " ', 410 => '- نعم ، ليساعدني ، فأنا في مسيس الحاجة لخدمات ربك هذا ، كي أدحر جيوش الممالك كلها ، وإذا ما انتصرت عليها فسوف أعينك ملكاً على إحداها ، قل لإلهك هذا القوي أن يزودني بقنابل ذرية ، وأخرى هيدروجينية ، أو نيوترونية – لا أعرف حتى أسماءها – يجب أن تطال أسلحتي كل شبر في الأرض . أريد صواريخ عابرة للقارات تحمل رؤوساً نووية وكيمياوية وجرثومية . أريدها أسلحة دمار شامل تعم الأخضر واليابس .. أريد أن أبيدهم عن بكرة أبيهم ، وأدمرهم تدميراً لأذرها قاعاً صفصفا لا بشر ولا شجر ولا مدر ..... وثم حبذا الإمارة على الحجارة ... كن ..... فيكون . ', 411 => 'ومر يوم كمئة ألف سنة مما يعدّون . ', 412 => 'وعاد الملك ، فوجد أن الأرض قد قامت قيامتها . وبحث عن صاحبه بين الأنقاض فوجده جالساً على عرش كجبل من الرعب ، يحف به الجند والخدم . ', 413 => 'فقال له كالعادة عبارته المعهودة : ', 414 => '- الله يساعدك .', 415 => '- فأنتفض مزمجراً وصاح : ', 416 => '- الله ؟!.. من " الله " هذا ؟ ويساعد من ؟... أنا ؟!!', 417 => '- الله ربك . ', 418 => '- صه ... بل أنا ربه ورب هذه البقية من الناس والحجارة وكل من نازعني الربوبية سأقصمه قصم جبار مقتدر . ولقد بلغني أن " إلهك " هذا مغتر بقوته وجند لديه يسميهم " ملائكة " . ومعتصم في أحد السموات .', 419 => 'أنا أيضاً حففت عرشي بملائكتي الغلاظ الشداد ، وملأت السماء حرساً شديداً وشهباً . إن مخابراتي وعيوني على دراية تامة بجحْر اختباءه . أنه يعتصم الآن ، عاصياً ربه أنا في السماء رقم ( 7 ) ، ولكني بالغها وفاتحها بعوني أنا الرب .... قل كن فيكون . ', 420 => 'لكن الملك قال هذه المرة . ', 421 => '- عد ......... فعاد . ', 422 => 'فإذا هو على شريعة النهر بالماء . يغسل فجلاً ، ويرتعد قراً . ', 423 => false, 424 => false, 425 => 'تمت', 426 => ' ', 427 => 'هَيكلُ الجَماجم ( )', 428 => false, 429 => 'قال صديقي : أرأيتَ رأساً صار سُلمّه ؟!', 430 => 'وكنت في كل نادٍ ، أسبُ الحكومة الظالمة . ', 431 => 'و " نعمة أمن " يسطر الجماجم تحت رجليه بحكمة . ', 432 => 'وفي كل يوم يرتفع .... جمجمة ..', 433 => 'وليبلغ السطح ؛ رأس واحد بات يلزمه . ', 434 => 'باغته في داره ..... وبلا أدنى كلمة . ', 435 => 'أعطيته من رأسي المطلوب ، نطحة معُلمَّة . ', 436 => 'رمت به من فوق المجرمة !!', 437 => false, 438 => false, 439 => false, 440 => false, 441 => false, 442 => 'تمت', 443 => ' ', 444 => 'جُثّة عملاق ( )', 445 => false, 446 => 'متعب ، متعب أنا جداً ، وطريقي طويل ... ', 447 => 'فلا تقولي : " خذني معك " . ', 448 => 'لا متسع في قافلة زمني ', 449 => 'فأنا مسكون باكتضاض ...', 450 => 'أنا كوكب مأهول بمخلوقات ... لا تأكل ... لا تشرب', 451 => ' لا تتنفس ... لا تنام ', 452 => ' تفكر ..', 453 => 'أنا مجنون مخبول . ', 454 => 'لن أكون لك وحدك . ', 455 => 'في الليل أناجي جنياتي ، وأغازلهن . ', 456 => 'أي بعل ، بغل ، غيري ... أفضل . ', 457 => 'دعك من صحبتي القاسية الجائرة . ', 458 => 'والأخطر ... انك لا تعرفين ما أريد . ', 459 => 'وأنا بعد ، لم أحدد ما أكون . ', 460 => 'أنا سائر صوب الشمس .... متعلق بخيوطها . ', 461 => 'علهّا تقبلني كوكباً أدور في فلكها . ', 462 => 'وربما تلألأت نجماً ملتهباً مثلها . ', 463 => '... وربما وجدت لي شهاباً رصداً ...', 464 => 'فتناثرت شهباً ونيازك ... سأحرق ، واحترق . ', 465 => 'وأعلو وأرتفع . ', 466 => 'قد أكون وزيراً للشؤون الإسلامية ... لديه مزرعة خنازير ! ', 467 => 'أو رئيس دولة ديمقراطية اشتراكية ...', 468 => 'يمتلك مؤسسة للإعلان ..', 469 => 'وثلاث شركات سينمائية ..', 470 => 'وخمس مطارات ... وعشر طائرات ..', 471 => 'وجزيرة في المحيط ..... و و و ..', 472 => 'أو ممثلاً لا يجد عملاً ... بسبب أزمة النصوص .. ', 473 => ' وقائمة الممنوعات ..', 474 => 'أو كاتباً ذو اهتمامات تجارية ', 475 => 'لا رأسمال له سوى قلمه ...', 476 => 'يضطر الى بيعه بعدما يفلس .', 477 => 'أو داعياً .... يخرج على الناس بسيفه . ', 478 => 'أو رقاعاً حافياً !..', 479 => ' أو شحاذاً عليقته " قديفة " !.. فيها قذيفة !!', 480 => ' أو راعياً لأغنام الملك !..', 481 => ' أو مكارياً معَوقاً !..', 482 => 'وقد أترك كل هذا ، وأدعو مخلصاً إلى ...... " وحدة الأدَيان " . ', 483 => 'وأخوض عميقاً في الجدليات والأفضليات ...', 484 => 'وقد انتهي أن أصلب منكوساً كأي زنريق ...', 485 => 'بتهمة " الهرطقة " أو " إدعاء النبوة " ..', 486 => 'ولن ينمو لي كرش ولا لغاديد ', 487 => 'لأني لا يمكن أن اشتغل ... " قصاباً " . ', 488 => 'وسترين أني لا أمل من عد وحساب النجوم . ', 489 => 'ولكني لا يمكن أن أكون منجماً . ', 490 => 'وقد أفر في آخر الليل . ', 491 => 'وتفزين مرعوبة تتحسسين دفء مكاني . ', 492 => 'سأغيب طويلاً .... فهل ستنتظريني . ', 493 => 'قد أعود لك فيلاً له ثلاثة آذان .. وست قرون . ', 494 => 'لا تفزعي مني ، ولا تخافي . فأنا باق على وداعتي وظرفي . ', 495 => '.... وربما عدت أجدعاً أجَمْ ، مقطوع الأنف . ', 496 => 'أخيراً ، ربما حفرت لنفسي قبراً . ', 497 => 'وطلبت منك أن تهيلي عليّ التراب . ', 498 => '" رحم الله من أهال التراب ... " ', 499 => 'ولكن الثابت يقيناً : .....', 500 => 'أن جثتي ...... لن تتعفن ', 501 => 'تمت', 502 => 'أوكسير الملوك ( )', 503 => false, 504 => 'السلطة... التنور ', 505 => 'العين الحور ... في القبور .. لأهل الجور !', 506 => 'المروحة تدور ', 507 => 'ورأسي يدور ', 508 => 'والناعور يدور ', 509 => 'والإجرام في كل فلك يدور . ', 510 => 'يعني هذا ؛ أن الدوران ناموس الوجود . ', 511 => '" والأيام " – فيما كنا نعلم – أكثر الموجودات دوراناً . ', 512 => 'يخيل لي أن دولابها مربوط إلى محرك أسطوري . يقع في مجرة ما . ', 513 => 'قوته الحصانية مئة ألف شمس . ', 514 => 'أنه يسحق الممالك ، ويحطم الملوك .', 515 => 'ممارساً سلطة العدل المطلق ', 516 => 'رغم أنه كسول وبطيء ...', 517 => ' * * ', 518 => 'في عصر السرعة والحضارة . ', 519 => 'صعد الناس إلى القمر ', 520 => 'وركبوا متن الريح الهوج .', 521 => 'وسبقوا المرض باللقاح .', 522 => 'وأمطروا السماء غصباً عنها .', 523 => 'واحبلوا العاقر من خصي .', 524 => 'وهم قادرون على أن يقيموا القيامة في الأرض أنّا شاؤوا . ', 525 => 'ولم يعد إلا له يحتكر لنفسه علم الساعة . ', 526 => 'وجبابرة ألأرض يتحدّون جبار السموات أن يقصمهم ', 527 => 'وذلك بفضل الاختراع العلمي المدهش " أوكسير الملوك " . ', 528 => 'أنه عبارة عن رحل الكتروني يشد على ظهر الأيام . ', 529 => 'ليركبها الملك كما يركب فرسه المطهّمة . ', 530 => 'ويمسك باللجام ليدير " جواده الأيامى " أنا شاء . ', 531 => 'وفي الرحل آلة تقيس سرعة الأيام . ', 532 => 'ونبضها ... وتقلباتها ... وأجواءها . ', 533 => 'وهناك جهاز لتسريعها . وآخر لتوقيفها .', 534 => 'وثالث لجعلها تدور في فراغ . ', 535 => 'هنيئاً لملوكنا في عصر العلم والحضارة . ', 536 => 'لقد خرجوا من دائرة الأيام . ', 537 => 'وأصبحوا فوق دولابها قاهرون . ', 538 => 'لتخضع الأيام لسلطانهم . ', 539 => 'على عكس حكمة التاريخ ...', 540 => 'والله القابع في عرشه القديم ', 541 => 'يتقبل جائزة الأوكسير الملكية ', 542 => 'موقعاً بالخلود ', 543 => 'وهو يتسلم أوراق الاعتماد .', 544 => false, 545 => false, 546 => false, 547 => false, 548 => false, 549 => false, 550 => 'تمت', 551 => ' ', 552 => 'مقطع طولي من جسد كلمة( )', 553 => false, 554 => 'أخوف ما يريبني في هذه الدنيا هو الجنون .', 555 => 'وأنا – إن لبثت – آيل إلى الجنون لا ريب . ', 556 => 'ليتني كنت حائطاً ، صندوقاً ، جاموسة !!', 557 => 'الأفضل أن أصير هواءاً ، خواءاً هباءاً ...', 558 => 'ولقد صرت كذلك ، بعد أن تعطلت حواسي كلها .', 559 => 'لا افعل ، لا أقول ، لا أتمنى ...', 560 => 'قد قطعوا يدي ولساني وخيالي ...', 561 => 'لقد امتاحوا ماء بئري حتى الثمالة . ', 562 => 'والقعر لا تبلغه رواشن دلوي . ', 563 => 'ليس ثمة ماء للكلام " وجعلنا من الماء كل شيء حي " ..', 564 => 'ثمة رواسب من جثث وعظام ، ورماد ، وصديد . ', 565 => 'موت ... موت .. مقبرة جماعية للألفاظ المفرومة مع الألسن ...', 566 => 'كلمات خاوية متكسرة ، ما أن يمسها القلم حتى تتهشم ، تتفتت ..', 567 => 'لا تعني شيئاً ... وربما تعني نقيضة . ', 568 => 'ولكني أبقى أقولها ، أكررها ، أعلكها علكاً ...', 569 => 'أعمل منها .... لادناً للمومسات . ', 570 => ' أو لجاماً للخيل الأصلية . ', 571 => ' أو تصاميم للإعلانات الكاذبة . ', 572 => 'واسمع الصرير ، فأغمض عيني ، وأصم أذني . ', 573 => 'لكني أبقى أكتب .. وأكتب ؛ ', 574 => 'بطاقات يانصيب للمحظوظين . ', 575 => 'وذكريات للعاشقين . ', 576 => 'وآيات للمؤمنين ...... وللملحدين !..', 577 => 'ثم أشير بسهام على المخطط المسلوخ : ', 578 => 'هذه فراشة . وذا مطر . وذلك ثور . وأولئك " شعراء " وتلك قنبلة .. وهذا كتاب وذينك راقصات ..', 579 => 'والدنيا ربيع ', 580 => 'غير أن الزوابع المتربة لا تهدأ . ', 581 => 'والجو يرفل بحلل ربيعية من قر وقيظ !...', 582 => 'والناس يرقصون في الحر والبرد . ', 583 => 'ساخترف مثلهم من هجر الحمى . ', 584 => 'وأهذي عن السيف شعراً . ', 585 => ' ..... على مائدة الخمر . ', 586 => 'هل رأى السيف سكارى يحملوه ؟!', 587 => 'ليت شعري ، أين منهم خالد أو صعصعة ؟!', 588 => 'وبعيداً أو قريباً ، كنت أنظر عنترة . ', 589 => 'جاء يسري كالسحاب المدلهم . ', 590 => 'وتقفاه بسيفه فأنشطر .', 591 => 'وتنحى عنه مفلوقاً تداعي فرقتين . ', 592 => 'كل فرق كان كالطود العظيم . ', 593 => 'أنه كان يحاكي قولتي ...', 594 => ' أو فعلتي ...', 595 => ' أو مهجتي ...', 596 => 'أو كلمتي ...', 597 => false, 598 => false, 599 => false, 600 => false, 601 => false, 602 => false, 603 => 'تمت', 604 => ' ', 605 => 'الإنسان والجرذان ( )', 606 => false, 607 => 'تحت الصفر أحياناً . ', 608 => 'وارمق الحياة من داخل قبو . ', 609 => 'أنا نصف ميت . ', 610 => ' نصف مدفون ', 611 => 'أنا جائع ... أنا عار ', 612 => ' أنا غارم ... " أنا مبترد " .... ', 613 => ' ولكن هذا ليس سر عنائي ', 614 => ' * * ', 615 => 'في جحري المظلم زارتني فأرة . ', 616 => 'اقعت أمامي باحترام وود . ', 617 => 'عيناها البراقتان تخترقاني كعيني جاسوسة .', 618 => ' ... قالت : لماذا لا تخطب الشمس ؟!', 619 => 'وتغدو ملكاً لها ؟ ', 620 => 'هل أن الجعل خير منك ؟!', 621 => 'والجرذان خير أم الإنسان ؟!', 622 => ' * * ', 623 => 'كان معلمي يسألني : ', 624 => ' أنت أقوى أم الحمار ؟', 625 => 'فأجيب بعقلي الصغير : ', 626 => ' أنا الأقوى .... أنا الإنسان . ', 627 => 'واليوم .. بعقلي الكبير . ', 628 => ' لا أجد الرد على سؤال بنت الجرذان !!', 629 => ' * * ', 630 => 'كنت أمارس حياتي الرائعة . ', 631 => 'وأنا في قمة السعادة والارتياح ...', 632 => ' أقرأ لنفسي ', 633 => ' وأكتب لنفسي ', 634 => ' ألعن الملاعين ', 635 => ' وأرحم الراحمين ', 636 => 'لا افرق بين الراشدين والسلاطين والشياطين ', 637 => 'وابعثها للزمن العادل المنتظر . ', 638 => 'أوراقاً صفراء مجرمة ', 639 => ' في زمن دقيانوس !!', 640 => ' * * ', 641 => 'انتصب أمامي جرذ كبير . ', 642 => 'ينفخ نفسه مثل فيل صغير . ', 643 => 'مناخيره تفتح وتسد بترقب وحذر . ', 644 => 'وشواربه نافرة ممتدة . ', 645 => 'أنه مخيف ، مثل خنزير بري يشرع أنيابه المحربة . ', 646 => 'قال : أنا هدينا سد مأرب . ', 647 => ' وهدمنا الممالك . ', 648 => ' وقهرنا الطغاة . ', 649 => ' وهزمنا آل فرعون .', 650 => 'لم تقصر بنا همتنا عن غاية ..', 651 => 'وإذا ما رمنا شيئاً ، مددنا نحوه الأغوار . ', 652 => 'ووصلنا إليه من فوق الأرض أو من تحتها . ', 653 => 'وأنا نذير قومي إليك ... أن ترحل . ', 654 => ' الجحور لنا . ', 655 => ' هي مملكتنا . ', 656 => ' ولم نسمح لأنسي بتدنيسها . ', 657 => 'ورفعت يدي لأحك لحيتي المليئة بالقمل . ', 658 => 'فقفز الخنزير المصغر نحوي . ', 659 => 'وأصاب ماء حياتي ...', 660 => ' دلقه على التراب . ', 661 => 'لقد كَسرَ قنينة الحبر . ', 662 => ' * * ', 663 => 'ما زلت أحس بالجوع وبالبرد . ', 664 => 'أتذوق الطعام ، واستمتع بالنار .', 665 => 'أحن إلى الأنثى .... التي لم أعرفها قط . ', 666 => 'أتأسف على الزمن المتسرب كالماء من تحت تبن . ', 667 => 'أبكي لعمري الذاهب وهو ينطح الأربعين . ', 668 => 'أحس بالرحمة في العالم ... والألم الأكبر . ', 669 => 'اكتوي بالدموع ، واحترق بالغضب . ', 670 => 'اسمع قهقهة السلاطين .', 671 => 'أتأمل جنة ونار الراشدين . ', 672 => 'أتلمس الطاعون والجوع والفقر . ', 673 => 'أتلمس الايدز ، وأمراض الكلاب ، والأغنياء . ', 674 => 'احنق للكفر العالمي . ', 675 => 'وأبحث عن الله في الزوايا المهجورة المنبوذة القصية . ', 676 => 'أمسك بالقلم والقيد . ', 677 => 'وأمسك الموت في يدي الأخرى .', 678 => 'أرى الدماء في المباسم . ', 679 => 'أصغي إلى الطيور والجنادل والبلابل . ', 680 => 'أصغي لبكاء الثكالى والأرامل . ', 681 => 'وأشم شجر النخل الأشرف ، وهو يُذبح . ', 682 => 'واقضم الشوك والصبّار بشراهة . ', 683 => 'وأحصي واردات النفط والنهرين ، ورفات الأئمة بذاكرتي الحيسوبية . ', 684 => 'أضيف إليها مكة وعرفة ..', 685 => ' والحج الأكبر . ', 686 => 'وأخرج من كل هذا بنتيجة هي : ', 687 => ' " إن كياني نهم الشعور " ', 688 => ' * * ', 689 => 'عن كياني وشعوري النهمين ', 690 => ' كتبت كتاباً كبيراً . ', 691 => 'أودعته عصارة روحي ، فصار سفراً عظيماً . ', 692 => ' سيقيم الدنيا ولا يقعدها . ', 693 => 'نقلته إلى المطبعة على سبعة جمال . ', 694 => 'وقد جعلت فيه فصلاً عن الحمار يحمل أسفاراً . ', 695 => ' وفصلاً عن الأرنب يلعب السيرك . ', 696 => ' وفصلاً عن القرد يضحك على .... الذقون . ', 697 => ' وفصلاً عن كلب أهل الكهف . ', 698 => ' وفصلاً عن الذنب يرعى الغنم .', 699 => ' وفصلاً عن جرذان تأكل الحديد .', 700 => ' وفصلاً عن لحم الخنزير . ', 701 => ' وفصلاً عن حقوق ..... الحيوان .', 702 => ' وفصلاً عن بلدة تختطف بزاتها الفيلة . ', 703 => ' وفصلاً عن المخطوطات الممنوعة . ', 704 => ' * * ', 705 => 'لما ذهبت أخيراً لتوزيعه . ', 706 => 'لم أجده شيئاً . ', 707 => 'قالوا : لقد قرضته الفئران ...', 708 => ' * * ', 709 => 'عدت مخذولاً الى قبوي البعيد . ', 710 => 'أمارس الحياة كواجب ثقيل خطير . ', 711 => 'وأمامي لكي أحيا خمس خيارات . ', 712 => 'أن أكون حماراً ... " يسرح ويرّوح "', 713 => 'أن أكون جلاداً ... يسلخ ويذبح . ', 714 => 'أن أكون واعظاً للسلطان ... يدل وينصح . ', 715 => 'أن أكون جندياً وفياً .', 716 => 'أن أكون جرذاً ذكياً . ', 717 => 'ولقد اخترت الخامسة . ', 718 => 'وبقيت أحفر في الظلام . ', 719 => 'ورغم كل شيء . ', 720 => 'قد أكون ... سعيداً ', 721 => 'تمت', 722 => ' ', 723 => 'بلاد الحشرات ', 724 => false, 725 => 'في ملعب العجائب ..', 726 => 'ملايين من البق والخنافس والدبابير . ', 727 => 'قال صديقي : لن نلعب . ', 728 => '- لا أظن أن ذلك ممكناً . ', 729 => 'إلاّ في حالة واحدة ، هي الموت حسب . ', 730 => 'اللعبة إجبارية .', 731 => 'ولك أن تختار إحدى الفرق . ', 732 => 'وأعلم أن الكرة ليست تلك التي في الملعب .', 733 => 'أنها رأسيي ورأسك .', 734 => '- البق يقرصني ويؤذيني . ', 735 => 'والخنافس تخيفني وترديني . ', 736 => 'والدبابير تلدغني وتدميني . ', 737 => '- كن بقة ترقص حول الأضواء التلفزيونية . ', 738 => 'أو دبوراً يخطر بالمسدس والبدلة الزيتونية . ', 739 => 'أو خنفسة تختبئ في التراب والأماكن القصية والمنسية . ', 740 => false, 741 => false, 742 => 'تمت ', 743 => ' ', 744 => ' أليسَ ملكاً ؟! ', 745 => false, 746 => 'حشر الناس ضحىً ، وعيونهم إلى مطلع الشمس ، حيث ينتهي إليهم درب " الصد ما رد " ؛ ومن اجتازه وسلم ، فأنه سيكون ملكاً عليهم ، حسب لوائح دستور تلك البلاد . ', 747 => 'وصفقت الجماهير وهتفت ملبية مؤيدة ، عندما ظهر بعيداً بين التلال القصية ؛ رجل زري الهيأة ، مقتحم المرئى . ذلك هو الملك المنتظر .', 748 => 'وحسب النظم والأعراف المقرة في مواد الدستور ، فأن الملك يعطي سلطات مطلقة في أموال الناس وأرواحهم . إلا أن روحه هو ذاته ، تبقى رهناً بجلمود صخر بحجم الفيل ، يعلق بحبل ويدلى فوق عرش الملك ، فوق رأسه تماماً فإذا ما انقطع الحبل ، أو قطع ، أو ... قرضته الفئران . فقل ؛ " كش ملك " ... ومن ثم تعاد اللعبة مرة أخرى . ', 749 => 'ولكن الملك الجديد كان عبقرياً في الشطرنج . ففي نقله واحدة فقط هدم القلاع وكسّر رقاب الفيلة وصرع الجند والأفراس .... أما الوزير ، فأنه أصدر إليه إرادة ملكية مبجلة ، حالما جلس على العرش ، مفادها : أن ترفع جميع الصخور المعلقة في السقف ، بما فيها هذا الحجر على رأس الحضرة العلية !!', 750 => 'تمت', 751 => ' الرَماد الوطنيّ العراقي', 752 => false, 753 => 'قبل أن تولد الأرض . ', 754 => 'كان هناك في الكون حريق هائل . ', 755 => 'وهو عند الله ... عود ثقاب ، أو أحقر . ', 756 => 'وتكونت الأرض من الرماد . ', 757 => 'هل يتأجج الرماد ؟!', 758 => 'هل يثور الشعب على طاغيته ؟!', 759 => 'إني انفخ في غير ضرم . ', 760 => 'قلت لصاحبتي " الجمرة " ', 761 => 'إن الحرائق في بلدي لا تنطفئ ، فمالي لا أجد جذوة لأصطلي ؟ ', 762 => 'فتوجرت وجنتاها وقالت :', 763 => '- أنت تعشق الجمر ، فخذه من شفاهي . ', 764 => 'وتحب اللهيب ، فخذه من أنفاسي ', 765 => 'وتهيم بالأشعة الخارقة فخذها من نظراتي .', 766 => 'فيّ يمكن أن تجد ما يرضيك من وحرائق وبراكين وانفجارات', 767 => 'صدقت ... أنها هائلة كالشمس . ', 768 => 'لكني أنا الآخر – نجم ملتهب . ', 769 => 'ولا تلتقي الشموس إلا إذا قامت قياتها . ', 770 => 'تأبى الحماقة أن تفارق أهلها . ', 771 => 'هل رأيتم فراشة المصابيح ؟! ', 772 => 'أنا هي ...', 773 => 'درت حول النار أصدم نفسي بها . ', 774 => 'وأعود مرة بعد مرة ', 775 => 'أكتوي ، لا أرتوي ، حتى احترقت . ', 776 => 'لعلي أهون المحترقين .', 777 => 'هناك أناس احترقوا عشر مرات ، ومئة ، وألف ...', 778 => 'والنخيل احترق .', 779 => 'والقرآن احترق . ', 780 => 'والقلم احترق . ', 781 => 'والفرات احترق . ', 782 => 'ومعجم الكلمات احترق . ', 783 => 'والإنسان احترق ..', 784 => 'والله .... احترق !!!', 785 => 'و " التراب الوطني العراقي " احترق مراراً وتكراراً ...', 786 => 'صار رماداً تذروه الشياطين ، وتنفخ فيه . ', 787 => 'لكم هو مضحك ومهزل ومغل في آن ...', 788 => 'أنهم لا زالوا يسمونه ... " تراباً " !', 789 => 'تمت', 790 => ' ', 791 => '" وهديناه النجدين "', 792 => 'قرآن كريم ', 793 => ' ليتني ', 794 => false, 795 => 'ليتني كنت بناءاً يصفّ الحجر .', 796 => ' شرط أن ....... لا يفكر !', 797 => 'ليتني مكارياً يقود حماره .... على أن لا يكلمه !', 798 => 'ليتني راعي غنم ...... لا يغني !', 799 => 'ليتني عبداً مملوكاً .... للعبد الأسود ...... بلال الحبشي . ', 800 => 'ليتني عيناً في منقار طائر .....', 801 => ' كانت تبكي من خشية الله . ', 802 => 'ليت لي عشر عيون .....لأضعها كلها في خدمة السلطان !', 803 => 'ليتهم يمنوني بملك الري ..... لقتلت الحسين بن فاطمة !', 804 => 'ليت لي قوة فيل ....... لقلعت بخرطومي كل نخل العراق !', 805 => 'ليتني أكون " إسرافيل " لبضع ثوانِ ....', 806 => ' لنفخت بالصور قبل أن يأذن الله !', 807 => 'ليتني امتلك الهواء ..... لمنعته عن جميع من لا أحبهم .', 808 => 'الشمس ليتها تطيع أمري ...', 809 => ' لقلت لها : احرقي النصف الآخر من الكرة الأرضية .', 810 => ' ...... أو الأفضل أن لا تطلعي عليه .', 811 => 'ليتني أستطيع أن أكذب .', 812 => ' ....... لما كذبت قط . ', 813 => 'ليتني استطيع أن أقول الحق . ', 814 => ' ......... لسكت .', 815 => 'ليتني استطيع أن اسرق ..... لسرقت قلبكِ . ', 816 => 'ليتكِ .. كنت معي ... وحدكِ ... فوق جزيرة .... لأعدتُ فيكِ أسطورة الخلق الأولى .', 817 => 'ليتني امرأة ... أي امرأة . ', 818 => ' زنت بألف رجل .... ثم تابت !', 819 => 'ليتني كنت فلانة .......', 820 => ' لتركت زوجي ... وتبعتك . ', 821 => 'ليته يعود ..... زمن الرق والعبودية . ', 822 => ' ..... لاشتريت ألف جارية .', 823 => 'ليتني ... أسد الغابة ....', 824 => ' لافترست جميع الثعالب .', 825 => ' ولحرمت لحوم الغزلان ', 826 => ' ولاصدرت عفواً عاماً عن الحمير . ', 827 => 'ليته يكون الأمر بيدي ...', 828 => ' لحولت الدبابات الحربية إلى ... جرّارات زراعية .', 829 => 'ليتني كنت ملكاً على العراق ...', 830 => ' لفتحت إليه باب الهجرة العالمية . ', 831 => ' ولرفعت عدد سكانه إلى مئتي مليون . ', 832 => 'ولصنفْتهم إلى .. مهاجرين وأنصار ', 833 => 'لأصنع فيه دولة محمد الإنسانية .', 834 => 'ليتني سلطاناً على ارض السواد والجزيرة .....', 835 => ' لا يفكر بضم بلاد فارس إلى ملكه . ', 836 => 'ليتني جدهم " هارون الرشيد " ', 837 => ' لاعترفت صراحة بأني .... بليد ! ', 838 => 'ليتني بابا لروما .... يقرأ القرآن ويبكي . ', 839 => 'ليتني الحسين الشهيد ...', 840 => ' لصرخت بأفواج زواري المليونية : ', 841 => ' أنا لست إله البكاء ...', 842 => ' لست صنماً للبركة ...', 843 => 'ليتني كنت أميناً عاماً للأمم المتحدة ....', 844 => ' شرط أن أتخلى عن تلموديتي ... وصليبيتي .', 845 => 'ليتني كنت " عمر " ....', 846 => ' لأوصيت بها إلى " علي " . ', 847 => 'ليتني كنت " ماو " عظيم الصين ... ', 848 => ' لهتفت : " يا شحاذي العالم اتحدوا " . ', 849 => 'ليتني كنت " عنترة بن شداد " ', 850 => ' بدون خرافات وأساطير ...', 851 => 'ليت لي جبلان من ذهب ....', 852 => ' لابتغيت إليهما ثالثاً ....', 853 => ' لأنفقها جميعاً على ........ الفقراء !!', 854 => 'ليتني ضابط شرطة ... لا يتعاطى الرشوة .... لا يصطنع الورطة !!', 855 => 'ليتني مسؤولاً مغروراً بمنصبه .... لا يسيء استخدام السلطة .', 856 => 'ليتها تثنى إلى الوسادة ....', 857 => ' لخطبت شهراً ... دون أن أعني شيئاً . ', 858 => 'ليتهم يسمحون لي بالإشارة حسب ....', 859 => ' لو ضعت أصبعي على موضع الداء !!', 860 => 'ليت السماء تفتح مجدداً باب " النبوة " بالانتخاب الحر ...', 861 => ' لتقدم للترشيح مليون نبي عراقي !!', 862 => 'ليتها في كل يوم .....', 863 => ' تغرق بغداد ... أو يصيبها الطاعون ... أو يحتلها أعجمي ', 864 => ' لتدوم لاصلاء الشعب ، فرص الفرهود والنهب ...', 865 => 'ليتني دولة الولايات المتحدة الأمريكية ...', 866 => ' لا زلت جميع دكتوتاريات العالم . ', 867 => ' وأعلنتها ديمقراطية حرة على الدين الأمريكي ...', 868 => 'ولمارست دور الإمامة في الأرض ...', 869 => ' ولملائمتها قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً !!', 870 => 'ليتني العراق الأشم ....', 871 => ' لطرحت كبريائي الأجوف ....', 872 => ' وصرت أمريكياً . ', 873 => 'ليس لأن الزمان أمريكياً ....', 874 => 'بل لأن دين الله يدعو إلى ... الأمريكانية . ', 875 => false, 876 => false, 877 => false, 878 => 'تمت', 879 => ' ', 880 => ' الإفادة ', 881 => false, 882 => 'ليس أكثر من ذلك تثبيتاً وبرهاناً ... ضبطهم متلبسين بالسرقة داخل بيته !.. قد كسروا الأقفال وبعثروا الأغراض والثياب والأثاث ، وشرعوا يسرقون ... ولكن الله نصره عليهم بأسباب من عنده سبحانه .', 883 => 'كان ذلك منتصف الليل ، وهو في المرافق الخارجية ، قد خرج لحاجته صدفة ، لما رآهم يدخلون متربصين . جمد مكانه ، وظل ساكناً خائفاً . ثم أنه تسلل خفية إلى الداخل ، وبحذر وروية غلّق عليهم الأبواب كلها ، ثم ارتجها ، فحبسهم داخل الغرفة باجمعهم . وأسرع بسيارته إلى مركز الشرطة القريب . فقبضوا عليهم واقتادوهم مكبلين بالأغلال إلى السجن . ', 884 => 'ماذا بعد هذا ؟! وماذا بعد الحق إلاّ الضلال ! وهل يحتاج النهار إلى دليل ؟!. وظن خيراً ولا تسأل عن الخبر ، فذلك تقدير العزيز العليم الذي جعل الصدفة كأنها ميعاد مخطط بإحكام ، أو كأن الأقدار الخيرة قد أعدّت للصوص الأشرار كميناً للقبض عليهم ... لوحده أتم صاحب الدار العملية بيسر ، كأنه سبحانه قد أرسل ملائكة من عنده كانت معه تعاونه . ', 885 => 'مر زمن بانتظار المحاكمة العتيدة للمجرمين . والرجل واثق بنصر ربه ، لا يفتر عن صلاة الشكر ، حتى وصله تبليغ قبل موعد المرافعة الأخيرة يلزمه بالحضور أمام محكمة الجنايات بتهمة .... " الإدعاء الكاذب المزوّر " !!', 886 => 'وتبين في حيثيات التحقيق ؛ أن الرجل لا دلائل لديه ولا بينات ، ولا شهود على ما يقول إلا فراد عائلته . فيما ادعى " اللصوص " – فيما ادعوا - ؛ أنهم تجّار خردة دعاهم الرجل لشراء أثاث غرفة نومه ، وقد دخلوا يتفحصونها ... وهم يتعاملون معه حول السعر ، إذ فاجأهم بأن خرج مسرعاً وأوصد الباب عليهم وتركهم . ثم عما قليل فتحت الباب ، فإذا بالشرطة يقبضون عليهم دون كلام ، ويقتادون بالإهانة والضرب إلى السجن ..... وهذه إفادتنا !...', 887 => 'واقتيد الرجل إلى السجن وهو يصيح ، وسط هزء الهازئين ؛ كنت في المرحاض الخارجي لما دخلوا يسرقون ، ولم يروني ، صدّقوني أن الله نصرني عليهم بآية من عنده سبحانه ، وإن هم إلا قلبوها بفلوس دسّوها للذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً ..... وهذه إفادتي ! ', 888 => 'وتبين فيما بعد ؛ أن لـ" اللصوص " إفادة أخرى مختلفة تماماً ، بثوها عبر قنوات الشائعات واستلمتها " الوكالات " بكل اهتمام ، وقالوا فيها – والله على ما يقولون وكيل - : ', 889 => '" إننا في الحقيقة كنا وقتها على موعد غرامي خاص مع امرأته . ولكنا لم نستطيع الإفصاح عن ذلك في المحكمة حرصاً على سلامة صاحبتنا " . !!', 890 => 'والناس أن لم تصدق خبراً كهذا ، فهي لا تكذبه . ', 891 => 'يقول فيه أمثلهم طريقة : " الله اعلم " . ', 892 => 'ماذا وراء الحقيقة يا ترى ؟', 893 => 'هل الرجل صادق ؟ ', 894 => 'من أساء استخدام القانون ؟ ... والسلطة !!', 895 => 'هل الزمن كفيل بفضحها إن كانت روايتهم غير صحيحة ؟ ', 896 => 'هل ينتظر الزمن ؟... قد نفد لديه الزمن . ', 897 => 'زيّد " المؤلفون " ونقّصوا ، حتى وصلت الى السجن رواية طويلة ذات أقسام وفصول ، لم يتم قراءتها " أبو المرافق الخارجية – وهكذا أصبح يكنى – حتى مات بالسكتة " . ', 898 => false, 899 => false, 900 => false, 901 => false, 902 => 'تمت', 903 => ' ', 904 => ' الوعد المنتظر ', 905 => false, 906 => 'رويدك خفف الوطء ', 907 => 'واخلع نعليك ... إنك في وادي الأنبياء .', 908 => 'هنا النفط .. والرافدان ... ورفات الأئمة . ', 909 => 'أرض المفرقعات والرسالات . ', 910 => 'حَمائم تذبح . ', 911 => 'ودم يفور ...', 912 => 'وطوفان قادم . ', 913 => ' * * *', 914 => 'ما أشبه الليلة بالبارحة . ', 915 => 'هذا محمد وسط كتيبته الخضراء . ', 916 => 'جاء يفتح مكة . ', 917 => 'وأبو سفيان يصرخ ؛ " أعل هبل " ', 918 => 'ويحمل دنان الخمر على الجمال .', 919 => '" بطل سحر محمد !! " ', 920 => 'وجاء الحاج " بروان " يحج مكة . ', 921 => 'يحمل أمتعته الثقيلة في الأساطيل .', 922 => 'وله في كل خطوة حسنة ...... ومليار دولار !!', 923 => ' * * *', 924 => 'مائدة الله الكبرى في حرمة الأمن . ', 925 => 'يأكل منها أهل التلمود والتثليث . ', 926 => 'رغداً حيث شاؤوا . ', 927 => 'ولكنها محرمة على المؤمنين . ', 928 => 'هذا الفرات ، تشرب منه خنازير السواد وحياته . ', 929 => 'ولا تذق منه قطرة يا ابن فاطمة . ', 930 => ' * * *', 931 => 'لماذا تقاتلوني ؛ أعن سنة بدلتها ، أم شريعة غيرتها ؟ ', 932 => 'ويأتي الجواب الكافر : ', 933 => '" إنما نقاتلك بغضاً لأبيك " . ', 934 => 'وحب علي إيمان ؛...', 935 => 'وبغضه كفر ونفاق . ', 936 => 'علي أضحى الآن دولة .', 937 => 'بل هو أمّة . ', 938 => ' * * *', 939 => 'هذه دولة ترعى الإرهاب . ولا تؤمن بالديمقراطية . ', 940 => 'وتلك غير صارمة بتعقب الجماعات الإرهابية . ', 941 => 'وأخرى تسعى لحيازة وإنتاج أسلحة دمار شامل . ذرية وجرثومية ', 942 => 'وأخريات صنفت في دائرة الشر . ', 943 => 'يلزمها ضربات تأديبية . ', 944 => 'فيما تستحق غيرها المساعدات الأمريكية . ', 945 => 'وفي القرآن آيات معادية للسامية . ', 946 => 'ويجب تغيير المناهج الدراسية ..', 947 => '" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " .', 948 => ' * * *', 949 => 'من هنا بدأ الطوفان ... وفار التنور . ', 950 => 'بسم الله مجراها ومرساها . ', 951 => 'وهنا استوت على الجودي . ', 952 => 'ثم ترجّل منها مليون ملحد مدججون بالسلام . ', 953 => 'من سمح للكفرة بركوب سفينة نوح ؟!', 954 => '" وقلنا أحمل فيها ..... ومن آمن "', 955 => 'ومن آمن ، ومن آمن ، ومن آمن ؟!', 956 => ' * * *', 957 => 'هذه صفين ...', 958 => 'وهذان ابن هند وابن العاص ، ينشران أوراقهما من جديد . ', 959 => 'وها هي عادت جاهلية ', 960 => 'وجاءت جيوش الروم تحمي الملوك . ', 961 => 'وعاد معاوية ... بعد أن أعد رواحله للالتحاق بقيصر . ', 962 => ' * * *', 963 => false, 964 => 'من هنا عبر طارق بن زياد . ', 965 => 'وهناك في القلب كانت بلاط الشهداء . ', 966 => 'وفتحنا الأندلس بسيف القرآن والرحمن . ', 967 => 'لكنا حكمناها بسيف السلطان والشيطان . ', 968 => 'وبعد ثمنمائة عام طردونا . ', 969 => 'فتشونا وأحرقونا .... في البحر رمونا !!', 970 => 'وقعدنا نبكي على فردوسنا المفقود . ', 971 => 'نتفاخر بصرح طاغوتي خلفناه اسمه " قصر الحمراء " . ', 972 => 'وفي ذات الوقت ، ذات الوقت . ', 973 => 'خرجت البعثات الاستكشافية إلى العالم الجديد . ', 974 => 'تنتشر فيه اللاتينية والمسيحية ...', 975 => 'ولولا ... آه ما لولا ...', 976 => 'لأسلمت الأمريكتين ...', 977 => 'ولكانت اليوم ...... الأرض تتكلم عربي !!', 978 => ' * * *', 979 => 'هنا ، في بحرنا هذا ...', 980 => 'كان يونس ذو النون ', 981 => 'سائراً في بطن الحوت ', 982 => 'ذلك قبره ..... وتلك شجرة اليقطين .', 983 => 'لمن بحر الشام ، وبحر الظلمات لمن ... ولمن خليج العرب ؟!', 984 => 'أنها لهم ... لأساطيلهم ، لترساناتهم .', 985 => 'ونحن لم يعد لنا بحر ولا سفينة . ', 986 => 'إلا سفينة صحرائنا الأولى . ', 987 => 'عدنا إليها ، عوداً على بدء . إلى البداوة ، إلى الخيمة والشاة والبعير ! .. الى الخرافة وأساطير الأولين ...', 988 => 'بعد أن رفضتنا الحضارة والحياة .', 989 => ' * * *', 990 => 'بعد أن أتم الحاج براون مناسك حجه !!!', 991 => 'حجاً مبروراً ، وذنباً مغفوراً .... وجيباً مصروراً !!', 992 => 'أراد أن يستمتع امرأة أحياء للسنة ..', 993 => 'وتسابقت العوائل العربية الكبيرة للفوز بمصاهرة الشيخ المثلث ', 994 => 'مع أنه يملك عشرات الأولاد والنساء والمحضيات في المنطقة .', 995 => 'لكن مشكلته أنه لا يعدل بين أزواجه وبنيه ...', 996 => 'لديه حسناء يهودية معرقة في تلموديتها،يحبها بعمى ويطيع أمرها. ', 997 => 'مع أنها عاقراً ، لا تنجب ولا تعطي .', 998 => 'في حين أن جاريته العربية ، التي يسميها مدللاً " بترول " – معطاء ، ودود ، ولود . ', 999 => 'وقد أنجبت له تواءم متماثلة كثيرون ', 1000 => 'لا زال بعضهم في اللفة والقماط ؛ يحتاج رعاية أكثر . ', 1001 => '...... وزفوا إليه سبعاً من حسناواتنا . ', 1002 => 'عرّس بهن في الأراك ...', 1003 => 'في ليلة واحدة . ', 1004 => ' * * *', 1005 => 'عم يتساءلون !', 1006 => 'عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون . ', 1007 => 'كلا ستعلمون ، ثم كلا ستعلمون ... عياناً بياناً . ', 1008 => 'إن الرأسمالية ستهزم . ', 1009 => 'ستلحق بأختها الشيوعية . ', 1010 => 'وهذا نظامهم العالمي الجديد . ', 1011 => 'أصابه الخراب في ألف موقع وموقع . ', 1012 => 'وأن الدمع والدم سيختلطا ويثورا . ', 1013 => 'وأن الأنين سيرتفع ويصك الأسماع . ', 1014 => 'ثم يهلل صوت جديد . ', 1015 => 'يأخذ بالألباب ، ويوهي الصم الصلاب . ', 1016 => 'الله أكبر ..', 1017 => 'بشارة الوعد الحضاري المنتظر .', 1018 => 'سنملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً . ', 1019 => 'قل وا اسلاماه ولا سلام للناس بعده . ', 1020 => 'قولوا : وا اسلاماه ... ولا سلام للناس بعده . ', 1021 => 'تمت', 1022 => ' ', 1023 => ' ذمّة التاريخ ', 1024 => false, 1025 => 'في صحن ولي الله علي . ', 1026 => 'يتامى من أربيل وأردبيل .', 1027 => 'حملق في وجهي طفل من باختران . ', 1028 => 'نصف وجهه محروق ، ويده مقطوعة . ', 1029 => 'لعلّ أحد طيارينا رماه بصاروخ . ', 1030 => 'أراد إبادته كشيء خطير جداً . ', 1031 => 'نزل نحوه بطائرته يريد مسحه بالأرض . ', 1032 => 'ولكنه أخطأه ...', 1033 => 'خرق حاجزَ الصوت ، فأخرسه واصمه . ', 1034 => 'وفتح صنبور السم المبيد فأحرق صفحة وجهه . ', 1035 => 'وجاء سرب من مئة طائرة . ', 1036 => 'يطارد " الجراد الأصفر " ...', 1037 => 'يدك المدينة بأهلها . ', 1038 => 'ولكن الطفل " قاسم " عاش !...', 1039 => 'وجاء يشكو لأبي الأئمة سقمه ويتمه . ', 1040 => 'أحد مواطنينا قتل أباه في الجبهة . ', 1041 => 'لم تكن منازلة رجل لرجل ..', 1042 => 'رماه بمدفع نمساوي مداه خمسون ميل . ', 1043 => 'وضاعت الحقيقة في المسافة . ', 1044 => 'من قتل من ؟!!', 1045 => 'أنا أعرف . وذمة التاريخ تسجّل ؛', 1046 => 'أنه " جواد " بن " كاظم " بن " جعفر " ', 1047 => 'من شيعة علي في الناصرية . ', 1048 => 'أعطوه حذاءاً أمريكياً ', 1049 => 'وألبسوه بدلة رومانية مرقطة . ', 1050 => 'ليشعروه أنه صار " مغواراً " . ', 1051 => 'وضعوا في يده بندقية روسية . ', 1052 => 'في رأسها حربة مسننة . ', 1053 => 'وعلموه أن يصرخ ، وهو يطعن الشاخص ، في ساحة التدريب . ', 1054 => '" يا فارسي خذها من يدٍ عربية " . ', 1055 => '.. من " جوادنا " صنعوا سفاحاً عنصرياً قاتلاً أيتم قاسم !', 1056 => 'و " عبد الزهرة " ... الذي طلبته أمه من الزهراء ....', 1057 => 'صار عميداً . ', 1058 => 'ومع ذلك بقي " منذوراً " للزهراء . ', 1059 => 'سبع راتبه يؤديه لابن الزهراء في كل شهر... يضعه في الشباك !', 1060 => 'وفي كل إجازة يزور الحسين . ', 1061 => 'ويطلب منه التوسل في الحفظ والسلامة من الموت في حرب الضياع .', 1062 => 'من بغداد جاءه أمر " سري وفوري " .', 1063 => '" اعدموا العلوج الأسرى " ', 1064 => 'حاملوا العصائب المكتوب عليها " يا حسين يا شهيد " ', 1065 => '" هبة الزهراء " صار بعد ذلك سفاحاً !!', 1066 => 'وراح يحاكي فعلات جده " أبا العباس " . ', 1067 => 'ثم انقلب حجاجاً ، فعّالاً . سفاحاً صداماً !!!', 1068 => 'وسار على رأس جيش فدك الكعبة بالمدافع . ', 1069 => 'في موضع المجانيق على " ثبير " نصبها . ', 1070 => 'وخرق جدران الدين في مليار موضع . ', 1071 => 'وبينما أنا أقارن بين أبرهة والحجاج وعبد الزهرة ...', 1072 => 'راح المؤذن يدعوا من فوق منارة الإسلام علي ؛ اللهم أنصر وأحفظ قائدنا المجاهد صدام .. سليل أجدادنا العظام ', 1073 => 'أمثال الحجاج والسفاح ', 1074 => 'والحسين الإمام !!! ', 1075 => false, 1076 => 'تمت', 1077 => ' ', 1078 => ' في الوادي المقدس طوى ', 1079 => 'كنا جيراناً في القبور ... ابنها ، وأخي ... والعبرات في وادي الغري الأعظم ... طوفان دمع مندثر في الرمال . والقصص على قفا من يكتب ... هه ! يتحدثون عن أزمة النصوص ، وكل حبة رمل في وادي الغري – بل في وادي الرافدين كله – هي قصة . ', 1080 => 'ملاحم روائية لم يصلها خيال كتاب الميلودراما التراجيدية العالمية . غرائب وعجائب ولا في السينما . ', 1081 => 'تجدها كاملة غير منقوصة ، جاهزة للتأليف والطبع والنشر . كالمعدن الحر . أو كالذهب الملقى في الطبيعة تتناوله بيدك غير متكلف تخليصه من خاماته . ', 1082 => 'وإني هبطت ذلك الوادي ؛ المعروف في السموات والأرض. ', 1083 => 'والفرنسيون يعرفوه كما يعرفون مقبرة البانثيون . غير أن الكثير من العراقيين يجهلوه . ', 1084 => '" وادي الغري المقدس " يعلم الغربيون أنها أكبر مقبرة في العالم وأنها تضم رفاة الإنسان الأكمل ومجاوريه ، وكما يعرفون جيداً أنها توسعت في عهد صدام ضمن التوسع الشامل والإكثار والتنويع في المقابر . وأن مبانيها أصبحت تظاهي مباني مدينة كبيرة . ويعلمون أنه أعمل فيها جرافاته ، وهدمها كما فعل بالمدن التي ضمت العصاة والهاربين من سلطته .... ولكنهم لا يعلمون أن وادياً مقدساً يوجد تحتها اسمه " طوى " . علام أكتب وفيم ، وأنا وحدي هبطت ذلك الوادي بقلم صغير . ', 1085 => 'يصك أسماعي أخلاط من أصوات شتى كأنها تدعوني لأكتب مأساتها وأدبج آلامها في قصص ؛ الرواة والمحدثون والنائحات والمعددات لأحك صورة وافية أمام ما اسمع بوجداني من أنين الميتين عصراً ، والمعدومين ببطء ، والمقتولين ضياعاً ، والضائعين أسفاً ، والمدفونين أحياءاً ، والمقتولين اغتيالاً ، والمعذبين كفراً والمبدلين جلوداً والمذوبين بالحوامض والمقدمين للأسود والمحلوجين طعماً للسمك وو .... وضج بي أهل القبور ، لكني اعتذرت ، فما أنا بقادر على همة والمسؤولية العظيمة . قلت يا أهل القبور الدوارس أنا لم آت لأكتب ، سأرجع إلى المدينة لأستدعي معي ألف كاتب لنأتيكم في لجنة متخصصة ، لنحيي ما يمكن إحياءه مما مات واندثر إن العملية تحتاج إلى جهد ميداني تنظمه مؤسسة دولية متخصصة ، وترعاه المنظمة العالمية لحقوق الإنسان . ', 1086 => 'إن الخطب عظيم ، والجرح فادح اتركه للمعنيين . أما أنا فقد أتيت لزيارة قبر أخي الذي أعدموه في المنظمة الحزبية بسبب هروبه من الجيش . اعتبروه " جباناً " ، وأخذوا منا ثمن طلقات الإعدام . ', 1087 => 'أمي لم تحتمل التحدي الصارخ للطغيان . وهجمت على المسؤول الحزبي بسكين مطبخ . لكنهم قتلوها قبل أن تصل إليه .', 1088 => 'استراحت ... هنيئاً لها . ', 1089 => 'أما هذه الأم جارتنا في القبر ، فهي تموت ببطء ، وتتعاطى الموت تكراراً غصة بعد غصة . ', 1090 => 'كنت أجدها أمامي ، وكأنها مقيمة هناك لدى قبر ابنها لا تفارقه . ', 1091 => 'تراها صامتة ساكنة كالخشبة اليابسة . إلا أن عيونها تنضح دمعاً لا ينقطع ، وهي تسمع صوت ابنها الثاوي تحت التراب من شريط كان سجله في حياته يقول فيه . ', 1092 => '" يا أماه لا تبكني ميتاً ، فأنا ميت في الحياة . أنا ذاهب إلى الموت فهو مني على مرمى حجر . ولعله من السخف أن ألقي بنفسي إلى تهلكة الظالمين ، وتقولي أنت : ( الله كريم ) . لن تلحقني رحمة الله ولا كرمه لأني ذاهب إلى الموت الكافر برجلي كما ألقي بنفسي تحت عجلات القطار ... فوداعاً يا أم " . ', 1093 => 'هذه الوصية وغيرها من ذكريات وحكايات ، كان يدور بها جهاز المسجل مرة ومئة مرة . والمرأة جامدة هامدة ، عيونها هاملة بالدموع وهي ترنو إلى البعيد المجهول . ', 1094 => 'قلت لها : ما دام متأكداً من الموت، فلماذا ذهب إليه برجله ؟ ', 1095 => 'قالت : " أنا أجبرته على الذهاب يا خالة . منظمة الحزب قبالة دارنا . وقد أعدموا أمامنا المئات . فلو غاب ابني سبعاً لأعدموه أمامي على باب الدار ، وهذا ما لا أقوى على احتماله ، لكني قد احتمل أن أسُلمه بيد القدر ورعاية الله .... وليمت بعيداً . ', 1096 => 'بعد مدة وجدت المرأة تقعى لدى قبر ابنها كالساجدة ، المسجل إلى جانبها قد توقف شريطه عن الدوران . وجرة الماء ملقاة على جنب وقد انهمر ماءها . أردت إيقاظها برفق ، فاكتشفت أنها جثة هامدة " . ', 1097 => false, 1098 => false, 1099 => false, 1100 => false, 1101 => 'تمت', 1102 => ' ', 1103 => ' شهَداء !! ', 1104 => ' في العزير ( ) رأيت آلاف القتلى . ', 1105 => 'رأس لدى رجلين . ', 1106 => 'وثلاث أيد مجتمعة . ', 1107 => 'ورؤوس تجمعت في حفرة . ', 1108 => 'وكتلة حمراء معجونة لا تعرف . ', 1109 => 'وقدم مقطوعة لا تزال في الحذاء ...', 1110 => 'ورأس مثقوب أسنانه تبتسم ..', 1111 => 'وجثة مختنقة تحت أخرى فوقها ...', 1112 => 'أنهم شهداء قادسية صدام المجيدة !!', 1113 => ' * * * ', 1114 => 'في مدرسة الطبابة العسكرية ببغداد ..', 1115 => 'أردت أن أتغوط .', 1116 => 'هناك مباول كلبية شاغرة . ', 1117 => 'أما المراحيض فدونها قطار بمئة جندي . ', 1118 => 'وقفت في الدور لساعة وثلاث دقائق . ', 1119 => 'ثم دخلت المستنقع الرهيب . ', 1120 => 'الماء مقطوع والمجاري طافحة . ', 1121 => 'كانت قطع الخراء المسماة " جعاميص " ...', 1122 => 'تتهادى بحركة نابضية متأرجحة ', 1123 => 'فوق المويجات الصغيرة لبركة الماء والبول . ', 1124 => 'ما أشبهها بمتيم ذاهل .', 1125 => 'إطار الهوى لبه . ', 1126 => 'فهو سارح خامل لا يعي ما حوله . ', 1127 => 'وضحكت وأنا أتذكر بأسى . ', 1128 => 'قول ذلك الشاعر العاشق لصاحبته : ', 1129 => '" مثل الخّرا بالماي جيتك مسيَس " ', 1130 => ' * * * ', 1131 => 'الإبريق غاطس في وحل من البراز . ', 1132 => 'ولو لم يكن الماء مقطوعاً ..', 1133 => 'لابتلع المستنقع كل شيء . ', 1134 => 'ولتكلفت ميزانية الإدارة تخصيص زوارق تبرز .', 1135 => '" الجعاميص " تتخذ أشكالاً وهيئات غريبة . ', 1136 => 'وقفت اقرأها كما يفعل الآثاري . ', 1137 => 'ولفت نظري نظام التوزيع أو فوضاه .', 1138 => 'كان ذلك يشبه ما رأيته في العزير . ', 1139 => 'تمت', 1140 => ' ', 1141 => ' داء الدال ', 1142 => 'قتله الدال ومات فيه ، أنه " الدال " وليس " الداء " كما يتوهم . أو هو بالضبط " داء الدال " ، داء الدال العظيم والخطب الجسيم ، المعروف كيداً بـ" قادسية " !! ', 1143 => 'كان طالباً . وكان درس الخط العربي . والعبارة المراد رسمها بكل الخطوط ، هي الآية العراقية العتيدة ؛ " قادسية صدام أكليل غار على جبين العرب " . ', 1144 => 'كان في الشارع مجنوناً يمشي ويصيح : " أهي قادسية صدام أم قواد سرسرية صدام. ". ', 1145 => 'الكلاب المسعورة السائبة كانت تملأ الدروب والأزقة . ', 1146 => 'تنشر فيها المرض المميت . وجاء المسكين يهذي بلا عقل ولا حرج ... فتلاقفته وتعاورته نهشاً ثم سحبته بعيداً في المطامير. ', 1147 => 'وفي السطر الثالث ، وفي نسخة الثلث ، نسي الطالب الدال . وقرأها المدرس بصمت فإذا هي " قاسية " . فقال في قلبه ؛ " صدقت ، إنها للقاسية الجائرة " ، لكنه أثبت الدال بقلمه ، وقال للطالب : اكتب غيرها " يرحمك الله " . ', 1148 => 'وكتبت يد أثيمة في الظلام تقريراً مفاده : " أن يداً شعوبية حاقدة كافرة قد حَرفت الكلم عن مواضعه ، وأسقطت نقطة ودالاً ، لتقلب غار القادسية إلى ( قاسية وعار ... ) " . ', 1149 => 'واستدعى الطالب والمدرس إلى الأمن الشديد .. ، .. وراحا فيها ..... في شربة ماء ... في نقطة ودال !!!', 1150 => false, 1151 => false, 1152 => false, 1153 => false, 1154 => 'تمت', 1155 => ' ', 1156 => ' الله كريم .... مع الكرماء ', 1157 => '" الله كريم " ... ما معنى هذه العبارة ؟! ', 1158 => 'ما مرادفها في الجرمانية والروسية ؟!', 1159 => 'ثلاث ساعات مع القواميس ...', 1160 => 'ولم أتمكن من تحويل " القدر " إلى الإنكليزية !', 1161 => 'اليوم عرفت سر تفوق الغرب علينا ؛ لأن لغاتهم خلو من المصطلحات الجبرية . ', 1162 => 'وكذلك هي حياتهم ....', 1163 => 'أنهم في منئى عن عُصيات الشلل الأكبر . ', 1164 => 'مرض لغتنا ...', 1165 => ' وديننا ...', 1166 => ' ودنيانا !!!', 1167 => 'سألت خالي عن بنيه الخمسة . ', 1168 => 'الذين نفوهم إلى الحدود ، الموت .. باسم " الدفاع عن الوطن " !', 1169 => 'قال : وهو يبكي " الله كريم " . ', 1170 => 'لا اعتراض ...', 1171 => 'لكني لم أفهم وجه كرم الله هنا . ', 1172 => 'ربما قتلوا ..... قلت لاغيضه . ', 1173 => 'رد ببرود : " المكتوب لا مهرب منه " . ', 1174 => '- " أنهم يقتلون أخوة لهم مسلمون " !', 1175 => '- " هذه قسمتهم من الله " . ', 1176 => '- " أنهم يحاربون الله ورسوله " !!', 1177 => '- " توفيقهم أعوج " . ', 1178 => '- " وهذا الحجاج يحكم العراق من جديد ! "', 1179 => '- " انتظر حلم الله عليه " . ', 1180 => '- " متى ؟.. وأنتم ساكتون !! " .', 1181 => '- " كل شيء مكتوب . وله ساعته المحدودة " . ', 1182 => '- " قد تمت أنت والظلم باق " !', 1183 => '- " كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك " . ', 1184 => '- " لماذا تلجئون إلى الغيب ، تطلبون منه كل شيء ؟! " ', 1185 => '- " الله موجود . الله كريم " . ', 1186 => '- " الله لم يدل لمحمد بزنبيل .. يا خال وهو نبي ! "', 1187 => 'علمه الأستناد في تفكيره إلى الحقيقة لا المعجزة .', 1188 => 'وهذا زمن العقل واليد . ', 1189 => 'لا زمن الغيبيات والطلاسم ', 1190 => '- لا نملك غير أن ندعو الله . ', 1191 => 'هو أعلم بحالنا . ', 1192 => 'وهو " الكريم " ...', 1193 => '- الله كريم مع الكرماء ؛ ', 1194 => 'الذين يعطون لدينهم بسخاء . ', 1195 => 'الذين يضحون بلا حدود لمقدساتهم . ', 1196 => 'الذين يأبون الضيم ولا ينامون على الذل ', 1197 => 'الذين يمتثلون كرم الحسين . ', 1198 => ' الشهيد الأكرم الأكرم ..', 1199 => 'أما اللؤماء أنتم ؛ ', 1200 => 'فليس لكم التلفظ بعبارة " الله كريم " . ', 1201 => 'ترددونها كاللازمة دون أن تفهموها . ', 1202 => 'إن الله معكم للئيم الوقعة ، شديد العقاب . ', 1203 => 'وأعلموا ، أنه لا فرج ', 1204 => ' ولا كرم ولا رحمة .', 1205 => 'وابشروا بألف سنة أخرى ...', 1206 => 'من الجور والظلم والعذاب ', 1207 => 'قال . " سيظهر المهدي "', 1208 => ' هون عليك يا أبن أخت ....', 1209 => 'ويملأها قسطاً وعدلاً ', 1210 => 'كما ملأت جوراً وظلماً ..... " ', 1211 => 'انتهينا من حيث بدأنا ...', 1212 => 'ولم أقل له شيئاً ...', 1213 => 'بيد أني شعرت برغبة في البكاء ...', 1214 => 'تمت', 1215 => false, 1216 => ' داخل الحرم الجامعي ', 1217 => false, 1218 => 'عندما تخرج النجوم من الثكنة .', 1219 => 'فأنها تسير على عجلات مسرّفة . ', 1220 => 'تحفر أسفلت الشارع ، وتخرب البلاط . ', 1221 => 'وتشوه الحياة الحضرية . ', 1222 => 'وتعمل معركة في سوق الخضار ، على أصول مدفعية ,..', 1223 => 'ترمي بالعيارات الثقيلة ، والطماطم والبطاطس . ', 1224 => '" اجعل رأسك رقية " ، " والعب به البولنك " . ', 1225 => 'السيقان الطويلة تحب الكرة الطائرة . ', 1226 => 'والأكتاف العريضة المطرزة بالنياشين . ', 1227 => ' من أين نبت لحمها ؟!', 1228 => 'وهذه البطون المندحقة والأفواه الشرهة ، ', 1229 => 'تقضم مال الله بشراهة . ', 1230 => 'وتعب الخمر عباً . ', 1231 => 'مسلمون يسمنون الخنازير !', 1232 => 'لكي تقيء العنف والرعب وحمى الجنس .', 1233 => 'من فوهات ...', 1234 => ' بنادق ...', 1235 => ' المجاري .....', 1236 => ' السينمائية !!!', 1237 => '* * *', 1238 => 'داخل الحرم الجامعي حدث ذلك . ', 1239 => 'ثلاث ساعات من الانتظار على بابه . ', 1240 => 'وعرائض تدخل ... وزوار .. وأشياء أخرى . ', 1241 => 'وحراس أشداء . ', 1242 => 'وعيون ولهي ، وشفاه عطشى . ', 1243 => 'تعساً ... لقد تعسكر كل شيء . ', 1244 => 'أعربت له عن " انزعاجي " بلغة جامعية . ', 1245 => 'فألهب كياني كله بسوطه " السليط " .', 1246 => 'ونادى : " يا حرسي ، القه في السجن " . ', 1247 => 'تعلقت به اشرح له قضيتي " العادلة " . ', 1248 => 'ونشرت أوراقي أمامه . ', 1249 => 'كانت أطروحة بحث عنوانها : ', 1250 => '" حل الجيوش وإلغاء العسكر ، ضرورة إنسانية حضارية عاجلة " ', 1251 => 'ودون أن يقرأها . ', 1252 => 'استل أحد " أسيافه " المشرعة على المنضدة . ', 1253 => 'واثبت علامة " X " كبيرة . ', 1254 => 'تطلعت إليه أعد " نجومه " وشاراته وأنواطه ونياشينه ...... وطوالعه . ', 1255 => 'وفي قمة أي برج هو !', 1256 => 'لم يكن جنرالاً عسكرياً . ', 1257 => 'بل كان .... أستاذاً جامعياً !!! ', 1258 => false, 1259 => false, 1260 => false, 1261 => false, 1262 => false, 1263 => 'تمت', 1264 => ' ', 1265 => ' أكباش في مرعى العزة ', 1266 => 'رأيت فيما يرى النائم ؛ أن راعياً دخل قصراً رئاسياً يرعى غنمهُ في حدائقه !... لا عجب ، فكلنا رعاع سائمة نرعى في مرعى يسمونه " قلب العالم " ، سارحين مارحين في منطقة يقولون عنها أنها " مهد الحضارة البشرية " ! ', 1267 => 'ويقول سيدنا الراعي بلهجته البدوية . ', 1268 => '" أما هي علمتهم شلون ياكلون وشلون يشربون ، والأكثر علمتهم كيف يعبدون الله " . ', 1269 => 'ياه ... لهذه الدرجة مهمة أرضنا !.. لكني أشك بهذا كله لأني لا أرى دنيا ولا ديناً ولا حضارة ... ويقول الهنود – أو الترك لا ادري – " فاقد الشيء لا يعطيه " . ', 1270 => 'يحب الأرض كثيراً " راعينا " طول الله عصاه ، يقول : " عجل هؤلاء ليش يريدون يدنسوها ... لا .. يخسون " . ترى من هؤلاء ؟! وهل هو معهم ؟.. نحن لا ندري ، وهل للبضاعة أن تسأل التاجر . والشاة لا تسأل الراعي . وهو حفظه الله ينعتنا نحو المروج " الحمراء " حيث العزة والكرامة والشرف والسؤدد ... السؤدد يعني ماذا ؟!... سألت الخروف الذي يرعى إلى جانبي ، قال يمعمع : راجع معجم لسان الغنم " . ', 1271 => 'أنا ... من أنا !... لن تعرفوني .. أنا ذاتي لا أعرف عني إلا كوني خروفاً في مرعى العزة يحمل رقماً للإحصاء . أما غير ذلك فلا أعرف شيئاً .. الكلمات متداخلة محشورة بالمعاني حشراً بلا نظام ، فلم تعد تعطي الواحدة منها معنى محدداً . ولن ينفعنا أن نرجع الى المعاجم ، لأن هذه احترقت ، أو أحرى ببقاياها أن تحرق . ', 1272 => 'لأن لا نفع منها بعد أن " تطورت " لغتنا ... نحن بحاجة إلى قاموس جديد ... لا أدري كيف فاتت هذه قائدنا الملهم !.. كيف لم يدعو الى إعادة كتابة " المنجد " كما دعى إلى إعادة كتابة التاريخ !!.. وهو الذي من نبوغه الفكري وذكائه نستمد قوانين ونظم دولتنا العتيدة .. العزيزة !...', 1273 => 'أنا ... عزيز . ', 1274 => 'هل عرفتموني ؟!.. أظن لا . وأنا مضطر أن أعرفكم باسمي . واسمي في القاموس يختلف معناه ومؤداه عما هو عليه في لغتنا الجديدة . ', 1275 => 'ولكن بلا قواميس ، بلا صداع . أسألكم ببساطة ؛ ماذا يريد أهل الضاد من كلمة " العزة أن تعني " ؟ هي لله جميعاً . ', 1276 => 'والمستكبرون تأخذهم العزة بالإثم . ', 1277 => 'وقال النبي ( ص ) : " ارحموا عزيز قوم ذل " . ', 1278 => 'وكان جدنا أبو الرماح الأزدي ( رضي من رضي عنه ) لا يلتفت إلى الوراء مهما حدث خلفه لـ" عزته " – كذا - !! وحرب الفجار الأولى حدثت لأن أحدهم مد رجله في عكاظ معززاً بعصبته متحدياً من يطأها – الظاهر فاضي وما عنده شغل وعمل – فضربها جرئ بسيفه ... ورب ضربة جرت ضربات .', 1279 => 'وفي القاموس العراقي الجديد ، يقول فارس الأمة بطل التحرير القومي عبد الله المؤمن ، العربي جداً جداً ... يقول أن العراقيين الأماجد يضحون بأنفسهم من أجل العزة والمعزة . ', 1280 => 'ورفع القائد الملهم الأسطورة الضرورة كلمة " العزة " مكاناً علياً مع كلمات أخرى كثيرة أخرجها من بنك المعاني ، وأزال رصيدها الذهبي ، فجعلها ورقة زائفة كدنانيره ... وشهاداته ! ', 1281 => 'وما زال باني مجد العراق ومهندس انتصاراته ، يدعو الناس إلى العزة ، ويحكي من عجزه ، والعراقيون يعطوه من أموالهم وأنفسهم حتى ملوا ، وكرهوا " العزة " ، وبصقوا عليها ، وهربوا منها . وصار أهون على أحدهم أن يلبس " بوشية " امرأته ، ويقول " أنا امرأة " من أن يقول : " أنا عزيز " . ', 1282 => 'أما أنا فـ" عزيز " كما سماني أهلي . ', 1283 => 'وعندما كبرت دخلت برأسي فكرة سخيفة ، أو صرعة شبابية تقول بأني يجب أن أكون عزيزاً كاسمي . ثم تعلمت من القائد البطل لما كبرت .', 1284 => 'لما كبرت أكثر تعرفت أن " العزيز " هو الذي . " يكاون زين " مترسماً خطى الأجداد العظام الذين " نصفهم ماتوا على ظهور الخيل !! . وكبرت أكثر وأكثر ... وصرت خروفاً له قرون ، اسرح وأروح دون أن أثير أية قلاقل في الجشر العراقي الخصيب " . ', 1285 => 'وإذا ما أشار لي الراعي المثقف بالقومية والاشتراكية أن أنطح أحداً . تحاميت عن بعد ، وأعطيته ردسه حاطمة ، ولو كان الحسين بن فاطمة ... كذا " العزة " التي تستحق " العفية " وإلا بلاش . ', 1286 => false, 1287 => false, 1288 => false, 1289 => 'تمت', 1290 => ' ', 1291 => ' الكلّات الناطقة بالحق', 1292 => 'لمن أهدي كتابي ؟!', 1293 => 'تلفت حولي ... لمن أهدي كتابي ؟!', 1294 => '- إلى صنو عقلي وروحي ... أم لفرجي وفمي !..', 1295 => 'من ؟؟', 1296 => 'إلى زوجتي... التي لم تتصفح أوراقي ؟!!.. ولن تعي استحقاقي !', 1297 => 'كلا . ', 1298 => ' * *', 1299 => '- إلى أولادي ..... امتدادي في الحياة . ', 1300 => 'وهل يسمو الرماد كونه تخلف عن النار ؟!', 1301 => 'كلا . ', 1302 => ' * *', 1303 => '- إلى أخوتي ...... دمي ولحمي . ', 1304 => '.... إلى تنابل عجماء ولدتها أمي ؟!', 1305 => '.... نئت بحملها دهراً ... وسحقتني . ', 1306 => '.... ثم غدت .. طناطل ترهبني !', 1307 => 'اعطيتها عطاء الأب .. وقابلتني عقوقاً وجحوداً .. وبغياً مستمراً .', 1308 => '... علمتها حروف الحرية ..واستعبدتني . ', 1309 => '... وآخرون استأثروا بأبي فسرّهم .. وأتيناه على الكبرِ ', 1310 => 'كلا .. لبني أمي وأبي ...', 1311 => ' * *', 1312 => '- إلى أبي ، الذي أوجدني ورباني . ', 1313 => 'هل يهدى قلم إلى أمي أعمى ؟!', 1314 => 'كلا . ', 1315 => '- إلى أمي ، التي حَملتني " سبع " شهور ولم ترضعني ؟ ', 1316 => 'كلا ... أي امرأة مثلها ، لو وطئها رجل كأبي ... كانت ستلدني !', 1317 => ' * *', 1318 => '- إلى أعمامي وعشيرتي .. والملجأ الآن إلى العشائرية ، وسنن الجاهلية في غياب المدنية ..', 1319 => '... إلى زبون وعقال ، وبطون ودِلال ... إلى تفاهات ومشيات ، ترهات وهوسات ، وثارات وديّات .. ومحاقدات .. إلى ولائم وعزايم وسخائم ولطائم ؟!!!', 1320 => 'كلا . ', 1321 => ' * *', 1322 => 'الى علماء الملل وآيات المذاهب طَر ', 1323 => 'الى أكياس محشوة بمعلومات " أكسباير " أحرى أن ترمى في البحر ', 1324 => 'بعدما لوثت اليابسة ، وسممت حياة البشر ', 1325 => 'كلا لا وزر ... الى ربك يومئذ المستقر ', 1326 => ' * *', 1327 => 'إلى جاري ... وما زال النبي يوصي بالجار . ', 1328 => '.... إلى عدو يَعد عليّ أنفاسي .. وخطواتي .. وكتبي ..', 1329 => 'وزواري .. وأفكاري .. وأرزاقي ؟!!', 1330 => 'كلا . ', 1331 => ' * *', 1332 => 'إلى أهل محلتي نساءاً ورجالاً ، شيباً وشباباً . ', 1333 => 'إلى القيل والقال ، وكثرة السؤال ، والتحاسد والتباغض والكلال ، والنفاق والقبلات الكاذبات و ... كيف الأحوال ؟!!', 1334 => 'كلا . ', 1335 => '* *', 1336 => 'إلى شعبي وناسي ', 1337 => 'شرط أن يقولوا جميعاً " لا اله إلا الله "، ويكونوا حقاً من أهل الله. ', 1338 => 'والمؤمنون أمة لوحدهم من دون الناس ....', 1339 => 'فهل هم كذلك ؟!', 1340 => 'كلا . ', 1341 => ' * *', 1342 => 'إلى ماء وتراب وطني ....', 1343 => 'تراب غانا ، وماء الصين ... يعطي نفس الطين . ', 1344 => 'هل من فرق ؟!', 1345 => 'كلا . ', 1346 => ' * *', 1347 => 'إلى تاريخ وأمجاد أمتي . ', 1348 => 'القرآن والفرعون هل يلتقيان ؟!', 1349 => 'كلا . ', 1350 => ' * *', 1351 => 'إلى أساتذتي الذين علموني . ', 1352 => '... وهل منحت فرصة للتعلم ؟1', 1353 => 'كلا .... لم يعلمني أحد ', 1354 => ' * *', 1355 => 'إلى الله في علياءه . ', 1356 => 'سأرسل صحيفة مظالمي كلها . ', 1357 => 'كلا .....', 1358 => 'أخشى أن يكون الله أمياً . ', 1359 => ' * *', 1360 => 'إلى امرأة تحبني ', 1361 => 'وتخضعني قسراً لسلطان حبها ...', 1362 => 'تجتاحني كالإعصار .', 1363 => 'تحتلني كالإيمان ', 1364 => 'تهاجمني كالقدر ، كالزلزال ، كالمطر ...', 1365 => 'فإذا ألقيت عليها الماء اهتزت .. وانشقت .. وربت ', 1366 => 'وأخرجت أزواج ثرواتي البهيجة المكنونة ', 1367 => 'كلا .. تلك لم توجد بعد !...', 1368 => ' * *', 1369 => 'إلى قلم كالصاروخ .... لا حبر فيه . ', 1370 => 'وإلى نفس كالبحر .... لا ماء فيها . ', 1371 => 'وإلى همة كالبركان ..... لم تنفجر بعد . ', 1372 => 'وإلى كلمة ...... لم أقلها بعد . ', 1373 => 'أهدي .. .. .. .. . ما محوت . ', 1374 => false, 1375 => false, 1376 => false, 1377 => false, 1378 => false, 1379 => false, 1380 => 'تمت', 1381 => ' ', 1382 => ' البركان الخامد ( )', 1383 => 'عدوي ..... وعدو عدوي . ', 1384 => 'حكمة صحراوية جافة . ', 1385 => 'ودمي يتكثف ويجف في عروقي . ', 1386 => 'عيني ..... وهل أغلى من العين ؟!', 1387 => 'كنا نلعب ...', 1388 => ' هم يقولون ذلك . ', 1389 => ' وأنا اعترف أنها لعبة !', 1390 => 'قبل كل شيء إنني الآن ... " أعور " . ', 1391 => 'عيني المزرقة المسلوخة تخيف الأطفال . ', 1392 => 'ولي من الجمال عموده ورداءه . ', 1393 => 'رداء فوق عمود ... يخلق خيمة !', 1394 => 'ظل تتهاوى إليه الفتيات في هاجرة الزيف اللاهف . ', 1395 => 'وعند الالتصاق ... يكون ألقي ...', 1396 => ' والرعب ...', 1397 => ' والهروب . ', 1398 => 'فعيني مصابة بالزحار . ', 1399 => 'والظل فيه " براز " شاحب . ', 1400 => 'اللعنة على منجسي الفيء . ', 1401 => 'وفي أعلا وجهي ...', 1402 => ' تحت الجبهة ...', 1403 => ' على اليمين ...', 1404 => ' شيء مقرف . ', 1405 => 'كتلة من بلغم مسلول !..', 1406 => 'الأزرق والأصفر والأحمر .', 1407 => 'ما أقبحها من ألوان عندما تحتل المحجر !..', 1408 => 'السماء أكرههالأنها .... زرقاء . ', 1409 => 'وألعن الشمس لأنها .... صفراء .', 1410 => 'والشفاه الحمر في قاموسي . ', 1411 => '" سجلات جرائم تنطق بأحرف من دم " . ', 1412 => 'إنني شيء خطير ، كقنبلة موقوتة . ', 1413 => 'ككلب مسعور نهشه واحد من أبناء فصيلته . ', 1414 => 'فهو فاغر فاه أبداً يطلب ثاره . ', 1415 => 'يريد أن يغرس أنيابه الموبوءة في كل الموجودات . ', 1416 => 'أنه ميت ، يوزع الموت ، ويجب أن يموت . ', 1417 => 'كساعي بريد أوقفت قلبه رسالة نعت له عزيزاً . ', 1418 => 'وهو ابن عمي ...', 1419 => ' عزيز عليّ ...', 1420 => 'ولا أعز من العين . ', 1421 => 'الألم الممض . والصداع المستمر . والكون المهتز من حولي ', 1422 => 'ليتني كنت نجاراً .. نطّ في عينه مسمار . ', 1423 => 'ليتني كنت جاموسة ... فقأت عينها قصبة مسنونة . ', 1424 => 'ليتني كنت صوفياً .... لاقيّر عيني . ', 1425 => 'لأسد هذه الفجوة البركانية الثائرة .', 1426 => 'كيما تكف عن قذف الحمم والصديد ....', 1427 => ' وحمى الغيظ . ', 1428 => 'ليتني كنت واحداً من ملايين العوران الراضين المطمئنين . ', 1429 => 'المشكلة إني لست من هؤلاء . ', 1430 => 'أنا صبي لم يراهق . ', 1431 => 'كان يلعب مع ابن عمه في البستان . ', 1432 => 'لعبة من هذه التي تصدرها سينما العنف وتجيء بها أخلاق الحروب . ', 1433 => 'كنا نتعلم الرماية بقوس من عرجون قديم مثقوب الوسط ', 1434 => 'وكانت سهامنا من جريد النخل . ', 1435 => 'إلاّ واحداً من حديد ... كنا نعتز به . ', 1436 => 'ذلك الذي خرق عيني اليمنى حتى العروق . ', 1437 => 'خرجت روحي ...', 1438 => ' وخرجت العين كلها ...', 1439 => ' إذا أخرجوا السهم . ', 1440 => 'وتبدلت غير ما أنا ..!...', 1441 => 'وتبدلت الأرض غير الأرض . ', 1442 => 'هذا في داخل روحي ...', 1443 => 'أما في خارجها ...', 1444 => 'فأضحت القضية مجرد ....... " سالفة " !!! ', 1445 => 'ولسوف تنسى . ', 1446 => 'بيد أني اليوم سأجعلها .... " سوالف " !!', 1447 => ' تكتب ', 1448 => ' وتروى ', 1449 => 'رمى ابن عمي إذ رمى . ', 1450 => 'أو أن الله رمى . ', 1451 => ' ليس مهماً لدي . ', 1452 => 'المهم أني سأرمي . ', 1453 => 'وسأفقأ عينه ....', 1454 => ' وغير عينه . ', 1455 => 'ولكن .....', 1456 => 'إذا ما هدأ البركان . ', 1457 => 'فسيعود الأولاد للعب الرماية في فوهته الجامدة . ', 1458 => 'الحمراء ... ', 1459 => ' الصفراء ...', 1460 => ' الزرقاء ....', 1461 => 'التي تشبه ... فوهة عيني !...', 1462 => false, 1463 => false, 1464 => 'تمت', 1465 => ' ', 1466 => ' الوَباء المستوطن ', 1467 => 'بعد مسيرة ميلين ، افتقدوا الجمل الأرقش. ولا يحتاج النهار إلى دليل ، وهي " سرقة في وضح النهار " ، نادى كبيرهم: ', 1468 => '- لا شك أنهم أهل التمر ، إذ وقفنا نقايضهم الملح .باطل البغي ... عودوا إليهم ... هيا بنا يا ربع ...', 1469 => 'وثارت غبرة بعيدة أدرك الزعيم ما وراءها . فدعى إليه عميدة النساء وقال لها : " هؤلاء أقبلوا يريدون جملهم ، وجمالاً من دونه.. فماذا ترين ؟! قالت : " لا عليك ، سأدبر الأمر . تلق القوم بالترحاب وأنزلهم . وإذا سألوك عن النواح والعويل فقل لهم ؛ إن الجدري فتك بنصف رجالنا ، وهذا خيرتهم قد مات اليوم . " ', 1470 => 'وفي اللحظات التائهة بين ظهور القوم ووصولهم ، كانت المرأة قد أناخت الجمل وكثفته ، ثم أمرت نساءها أن يلقين بخمرهن وعصائبهن وأزرهن عليه حتى غطينه تماماً . إنما بقي رأسه العالي شامخاً لا حيلة في إخفاءه . ورغاؤه يكاد يقرص آذان القوم ... عندما شدت محزمها ولوّحت بمعصبها في النساء ، وارتجزت تقول وهي تلطم صدرها : ', 1471 => '- .. " يا خايبه إذن الجمل غطيها "', 1472 => 'لئلا يجيء ويشوفها راعيها " ', 1473 => 'وبدى كأن النساء على موعد مع النواح والندب والتعديد ، فأخذن يدبكن ويلطمن ويصرخن بكل قوة وهن يدرن حول الجمل البارك حتى تكفل الغبار بتغطية كل شيء ، وكما عمّى الصوات والعياط والعويل على رغاء الجمل المضطرب وهو يفتح فاه كالتنين المرعب وينشر شقشقته البيضاء في كل اتجاه . ', 1474 => 'ولم يترجل الخيالة ، إنما صاحوا بالرجل يهددوه بكل عنف وقوة : ', 1475 => '- " هات الجمل يا لص ... وإلا سقناكم الآن أسارى على جمالكم .. " ', 1476 => 'وبينما الرجل يلين معهم الكلام لينزلهم أضيافاً على الرحب والسعة ... التفتوا ناحية الديار ورؤا الغبار وسمعوا الهضل والعويل ، فسألوه عن جلية الأمر . ', 1477 => 'قال لهم بحزن وألم ، وهو يمسح عيونه بكمه : " أنه الجدري اللعين قد حل بنا وفتك بخيرة رجالنا ".', 1478 => 'وحالما سمعوا باسم " الموت " نفضوا عباءاتهم ، وتعّوذوا وتنادوا للهرب ... " يا يابه جدري ، فرّزا أيها الربع بأعماركم " . بينما كان الرجل ينادي في أثرهم : " تعالوا تعالوا فتشوا الديار " . ', 1479 => 'وانهزموا غانمين السلامة ... فالجمل قد تلوث بالداء ، ولو أخذوه لأحرقوه ، فهم تاركيه وأن رّأوه رأي العين ، ولا حاجة بـ" الخائبة " لأن تغطي أذنه ، أو رأسه !.. أنهم لم يمروا بعدها بالحي الموبوء ، خوف الإصابة بالداء . غير أن الحيلة قد تكررت مع الكثير من القوافل المارة من هناك ..... وظل الوباء مستوطناً تلك الديار . ', 1480 => 'تمت', 1481 => ' ', 1482 => ' ', 1483 => ' لّما يبكي ويضحك ...... عزرائيل !!', 1484 => 'ما كانت السفينة لتسعُ كلا طفليها التوأم ...', 1485 => 'فعبّرَتْ احدهما ، وعادت لتأخذ الثاني .', 1486 => 'في وسط اليم .... أمِرْتُ بقبض روحها . ', 1487 => 'وظل الرضيعان اللطيمان ( ) يصرخان على الضفتين . ', 1488 => 'عندها بَكَيت ....... يقول عزرائيل . ', 1489 => 'لكني ضحكتُ ، بعد أربعين عاماً ....', 1490 => 'عندما أضحى الوالدان ملكيَن . ', 1491 => 'أحدهما على المغرب ..... والآخر على المشرق !!', 1492 => 'وقد يجسن القدر السلطة أحياناً !', 1493 => false, 1494 => false, 1495 => false, 1496 => false, 1497 => 'تمت', 1498 => ' ', 1499 => ' الليل الأخير ', 1500 => 'أسير على غير هدى . يحتلني الدمار من الداخل ومن الخارج . صرت أحب اللون الأحمر ، وأعشق منظر الحريق . قال لي أحدهم : " شباب كذباب التسي تسي " . ظننتها شتيمة ، ورددت على الفور ، ضربته في جانب رأسه ، وخرشت أسنانه . أمس قالت لي عشيقتي تعال انزح لي مرحاضي ، واحفره حتى العمق . لكني كنت في شغل فاعتذرت . صور الجماجم والعظام تطوق عالمي . تركت المدينة وأهلها ، لما وصلت إلى المكان المحدد لم أجدهم . حزنت كثيراً ، ورميت أطلاقات في الهواء وبطريق رجوعي دست على رأس أفعى ، فتقلصت كالعصا ورمتني بنفسها ، التفت على رقبتي ، خنقتني بقوة ، ضاق عليّ النفس ، وغبت عن الوعي . ثم سمعت صوتاً غريباً ، انتفضت وهربت ، وعادت إليّ روحي ، لما غادرت الحية . وطاف بي طائف من الجن ، حملني إلى عوالم متحجرة ضاحكة . رأيت أحدهم جاء يغير نحوي على حصان لا رأس له ، ولكنه قفز فوقي ولم يمسني . وخلفه جاء رجل مفتوح البطن يسحب أمعاءه ، تسيل دماً وصديداً ، ويحمل بيده مدية يبقر بها بطون المارة . وجاء رجل طويل ، عظيم كالجبل ، يضع في جيوبه أناساً كثيرين ، ويخرج منهما واحداً بعد واحد ، يرميه في حلقه كمن يكرز الحب ، وثم يرمي العظام والشعر كما يطرح القشور بعد سحقها . وإذا صادف نخلة تناولها بيده وقضمها كراس فجل . جاءت ذبابة تسعى إليه حتى إذا حطت على جسده ، قفز قفزة الملدوغ ، ثم سقط يشخر كالثور الأسطوري ..... وبقيت أسير ذلك الليل ، ولم ينبلج الصبح حتى النهاية . خمنته أحد سببين ؛ فأما الشمس قد انطفأت ، أو توقفت الأرض عن الدوران !!....', 1501 => false, 1502 => false, 1503 => 'تمت', 1504 => false, 1505 => false, 1506 => 'صورة رمزية هلامية تنقل المعاناة الروحية والنفسية والشطحات الفكرية والعاطفية التي تحتل كيان بعض الشباب وتأخذهم في عوالم ظلامية رهيبة في تيه الظلم ، والأمل الأسطوري في الخروج من القمقم العبثي المرعب .', 1507 => ' ', 1508 => ' صراع أيدلوجياً ', 1509 => 'أنا قبله بدأت معها المشوار . ', 1510 => 'وجاء هو بعدي بزمن طويل . ', 1511 => 'وذهبنا نستبق .... وتركنا متاعنا . ', 1512 => 'كنا كفرسَيْ رهان . ', 1513 => 'من يحوز قصب السبق . ', 1514 => 'كنت قد قطعت نصف المسافة إلى قلبها . ', 1515 => 'عندما دخل هو المضمار . ', 1516 => 'أزعجني دخوله المفاجئ على الخط مثل متطفل دنيء . ', 1517 => 'قلت : " أنا أحببتها قبلك " . ', 1518 => 'قال يستفزني ساخراً : أنها ليست مقعَد في باص " ', 1519 => 'وقالت هي : " إن تذاكر أوتوبيسي غالية " . ', 1520 => 'من علمها هذا التعبير المبتذل ؟!', 1521 => 'أول ما عرفتها كان لسانها سليماً . ', 1522 => 'وكذلك روحها . ', 1523 => 'لذا أهديتها نسخة من المصحف الشريف . ', 1524 => 'ثم أردفتها بكتاب عن روح الإسلام لعفيف طباره . ', 1525 => 'وكنت أقدم هداياي بدون مناسبة . ', 1526 => 'أما هو فقد اختار يوم " عيد ميلادها " . ', 1527 => 'وأهداها قرآناً من ذهب ، فيه سلسلة . ', 1528 => 'علقته في رقبتها وهي تغمض عينيها بانشراح ، وتقول : ', 1529 => '- " الله ... يسلم ذوقك . أنت رائع " . ', 1530 => 'أنه ذات كلامها يوم قدمت لها القرآن الورقي . ', 1531 => 'أيَعقل أن يكون غيَّرها بهذه السرعة !', 1532 => 'كلا لم يتغير شيء . ', 1533 => 'أنا واثق أنها فقط إنما تجامل هذا ( الحمار الذهبي اللزقة ) ! . ', 1534 => 'ولأدَعَهُ يحمل أسفاراً مما يشاء . ', 1535 => 'حقائب ، أحمر شفاه ، أحذية ، حلي عطور ، ثياب مجلات ....', 1536 => 'وأن كان قبولها الحسن يغيضني . ', 1537 => 'لكن تبقى أحاديثي أنا تلقى لديها قبولاً أحسن .', 1538 => '" إن كلماتك هي الأخرى من ذهب " .. هكذا تقول . ', 1539 => 'هي جيدة الإصغاء والتسمع . ', 1540 => 'حديثي الأول معها كان عن الإيمان . ', 1541 => 'قلت لها : " إن النفس إذا آمنت اطمأنت " . ', 1542 => 'وثم تسامت في علياء الفضيلة والطهر . ', 1543 => 'وكدت أقنعها بضرورة ارتداء الحجاب .', 1544 => 'لكن اللعين خرب كل شيء . ', 1545 => 'عندما أهداها بَلوزاً قصيراً الأردان ، واسع الأكمام . ', 1546 => 'وعناداً له وكيداً ، فقد اشتريت لها خماراً . ', 1547 => 'لكنها لبست البلوز والخمار معاً . ', 1548 => 'لا بأس ، أنها محتاجة إلى مزيد من الدرس . ', 1549 => 'ورحت أنظم لها محاضرات طويلة في الوعظ . ', 1550 => 'وأعطيتها المزيد من الكتب . ', 1551 => 'لأبني حولها أسواراً منيعة من الحصون الذاتية . ', 1552 => 'لأمنعه الوصول إليها ،. ', 1553 => 'غير أنه بضحكة واحدة ، كان ينسف ما أبنيه . ', 1554 => 'هو لا يتحدث مثلي . ', 1555 => 'إنما هو .. يضحك فقط . ', 1556 => 'وهو قادر على إضحاكها ، وجعلها تموت ضحكاً . ', 1557 => 'أما أنا فما أفلحت إلا في جعلها مًطرقة .', 1558 => 'وكنت قبلاً أبْكيها لما أقرا لها عن الحسين . ', 1559 => 'دعوتها أمس إلى لقاء . لنضع النقط على الحروف . ', 1560 => 'لكن المتطفل العنيد جاء وحشر نفسه . ', 1561 => 'وبتحدٍ قال : .. قل لها .... وأقول " . ', 1562 => '- " ما أنت ، ومالك بها ! هي إلي .... ولديني " ', 1563 => '- " بل هي لي ، ولقلبي " . ', 1564 => 'وصممت جاداً أن أضربه في قلبه . ', 1565 => 'لكنها – جادة ، أو هازلة قالت تسألني : ماذا ستقدم لي من مهر؟ ', 1566 => 'قلت : " سورة أحفظها من القرآن " . ', 1567 => 'هبطت رأسها إجلالاً .....', 1568 => 'ولعلها كانت تفكر . ', 1569 => 'لكنه قطع عليها تفكيرها بضحكة مطرقعة ، أطلقها كرصاصة ... وقال : ', 1570 => '- " هذه نكتة العام الهجري الجديد " . ', 1571 => 'وضحك .. وضحكت معه . ', 1572 => 'واستمرا يضحكان . ', 1573 => 'وهو يحكي لها نكتاً بعد نكت . ', 1574 => 'وطرائف وقفشات . ', 1575 => 'ويحدثها عن الموضات و الموديلات . ', 1576 => 'ويثني على جمالها ، ورقتها . ', 1577 => 'وعذوبتها وسحرها . ', 1578 => 'ووداعتها و .....', 1579 => 'وكان ماءه يعلو شيئاً فشيئاً . ', 1580 => 'حتى غطاها وحملها . ', 1581 => 'ثم صار تياراً عارماً . ', 1582 => '..... دفعني بعيداً . ', 1583 => 'لا تحطم على صخور التراث !!', 1584 => false, 1585 => 'تمت', 1586 => ' ', 1587 => ' غش في درس الدين ', 1588 => 'لم يأمر المدرس بمحو وتنظيف لوح السبورة ، فالمكتوب عليها كان بأحرف انكليزية . وما كان بحاجة لأن يكتب عليها ، فالحصة مخصصة للامتحان بمادة التربية الإسلامية ، وشرع فوراً بتوزيع الأسئلة وقراءتها ؛ وهي كالعادة ثلاثة أسئلة كأنها واحد ، أو واحد في ثلاثة ، هكذا هي الكليشة دائماً : ', 1589 => '- أكمل قوله تعالى من الآية كذا الى الآية رقم كذا ...', 1590 => 'ومثله الآخر .... كذلك السؤال الثالث ..', 1591 => 'هذا المدرس يريد من طلابه أن يحفظوا القرآن الكريم ، كأنهم ورثوا عقل ابن سينا وعبقريته !.. ولعل الشيخ الرئيس ليعجزه ما أتوا من ابتكار مدهش كانوا بفضله موضع مدح وثناء أستاذهم ، فلقد كتبوا الآيات مضبوطة بالشكل والتحريك وعلامات الوقف واصطلاحات الضبط وترقيم الآيات ، حتى جاء كل منهم بورقته الامتحانية وكأنها صفحة من القرآن الكريم. ', 1592 => 'غير أن واحداً من الطلاب بدى في نظر الأستاذ مجنوناً ، ذلك أنه كتب الآيات بلغة عربية وحروف لاتينية !.. ولما سأله : " ماذا أنت فاعل يا هذا ؟ قال له ببساطة : ', 1593 => '- لقد كنت أنقل ما هو مكتوب على السبورة يا أستاذ ، مثلي مثل كل الطلاب ، مع فارق لا أراه مهماً ، ذلك أنهم حولوا الآيات إلى حروفها العربية ، ينما أبقيتها أنا على الحروف الإنكليزية". ', 1594 => 'جن جنون الأستاذ إذ عرف اللعبة . وأصر على تسميتها " جريمة " ، وتعامل معها على أنها جريمة . فرفع تقريراً إلى السلطات الدينية والدينوية في البلد يطلب فيه الضرب على أيدي المجرمين ، وذلك لاقترافهم جريمة من ثلاث شعب هي : " الغش " و " التفنن في الغش " و " الغش في درس الدين " .', 1595 => 'أما الغش فعلى السلطات التربوية اتخاذ الإجراءات بحق الغشاشين حسب اللوائح التربوية المقررة .', 1596 => 'وأما " التفنن في الغش " فهذه جريمة مدنية خطيرة ، وجنحه يعاقب عليها القانون المدني بالحبس . ', 1597 => 'وأما " الغش في درس الدين " ، فهذا له شعبتين : الأولى تخص الغش ذاته من وجهة النظر الدينية الشرعية . والثانية تخصُ كتابة القرآن المنزل بالعربية بأحرف أعجمية !..', 1598 => 'وبقيت القضية تتفاعل طويلاً ، وتضطرب في الملفات والدوائر . ولكنها انتهت أخيراً بنقل ذلك المدرس إلى مدرسة نائية !!... وقد يجسن المجانين استخدام السلطة .', 1599 => false, 1600 => 'تمت', 1601 => ' ', 1602 => ' على ملة رسول الله ', 1603 => 'دخل دارهم ديك غريب ، فقام من فوره مرحباً .', 1604 => '- " أهلاً ، أهلاً يا أعز الحبايب ، يا قرة عيني ويا مهجة فؤادي ". ', 1605 => 'وأمر صبيانه فتحاوشوه وأمسكوه ، ثم أدنوه إليه . ', 1606 => 'قالت له امرأته : " هذا حرام " .', 1607 => 'فرد عليها ساخراً : " وماله يا حبيبتي ؟! نحلله ! " ', 1608 => 'وتله للجبين ( ) ... فيما دعا بسكين . ', 1609 => 'ثم وضع أصابعه في أذنيه ، وصاح بأعلى صوته : ', 1610 => '- " من ضائع له .... " ', 1611 => 'ثم همس مع نفسه لا يكاد يسمعها ... وأضاف : ', 1612 => '- " ديك " . ', 1613 => 'كررها ثلاثاً . ثم قال مقرراً : ', 1614 => '- هذه اللقطة لا مالك لها ، فقد أشهرناها ثلاثاً وعّرفناها حسب الأصول الشرعية ، ولم نظفر بمالكها ، وعليه فللملتقط أن يتملكها ، أو يتصدق بها عن مالكها . والأَوْلى هو الأخير ( ) . فإلى روح صاحبك يا ديك حياً كان أو ميتاً ، نهدي ثواب لحمك ودمك وريشك وعظامك و ... ذروقك ... أي نعم حتى الذروق فيه ثواب . ', 1615 => 'وأشرعه للذبح وقال : ', 1616 => '- " بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله !!', 1617 => false, 1618 => false, 1619 => false, 1620 => false, 1621 => 'تمت', 1622 => ' ', 1623 => ' نهّاب وَهّاب ', 1624 => 'رآه مربوطاً في ظل شجرة التوت الكبيرة على الشط ، ناعماً بالشبع والري ، سميناً معافى ، يجتّر نائماً في الفيء السمين . والهواء العليل ينساب من صفحة الماء . ', 1625 => 'جلس عنده يمسد صوفه الناعم ، ويتحسس آليته الثقيلة ... وتمنى أن يكون خروفاً مثله يأتيه طعامه وشرابه وهو نائم . بيد أنه عدل عن الفكرة عندما سحب مديته من جيبه وتذكر حرارة السكين . ', 1626 => 'لكنه لم يضيع وقتاً في الأفكار ، بل راح يتلمس رقبة الخروف المصبوغة بالحناء ، ثم سريعاً قطعها ، تاركاً الرأس يتدلى . ', 1627 => 'وبيد أستاذ محترف ثقب الجلد من أسفل الفخذ وراح ينفخ الذبيحة حتى جعلها كالقربة المنفوخة . ثم ألقاها في الماء ، فراحت تتهادى مدفوعة بتيار النهر . بعدها غسل يديه ومديته ، وأزال مواضع الدم فلا دليل على ذبح ، أو رمي في الماء .... أو طيران في السماء !!', 1628 => 'العملية كلها لم تستغرق لديه دقيقة أو دونها . وكان أمامه ، خلف الشجرة بخطوات معدودة ، يعمل أهل الخروف في بستانهم ؛ يجنون العنب ويصفونه في السلال ، مشغولين لاهين بعملهم عن خروفهم وما حدث له . ', 1629 => 'مشى نحوهم متخفياً وراء النخلات ، لم يروه حتى دهمهم . حيّاهم ، وراح يصافحهم بحرارة . أنه يعتبر نفسه صديقاً للجميع .. وهل من يجهل " أبو فاضل " أو " أبو طبيخ " كما يسمى لكرمه وسعة قدِره المليء بالطعام ، ولكثرة زواره ومعارفه . أنه من الوجوه البارزة ، تجده في رؤوس الجاهات – المشيات – وصدور الدواوين ومقدمة الحفلات والهوسات والانتخابات .', 1630 => 'جلس فأدنوا إليه سلة عنب أكلها كلها . ثم تجشأ هائعاً ليرجع صداه المتكسر في الجانب الآخر من الشط . بعدها ودع القوم وسار مواصلاً طريقه دونما رفه جفن ، ولا كان السنور الرهيب قد ابتلع شحمه أو أكل سَلة !... أو خروفاً !!! ', 1631 => 'بعد وقت قصير لحق به القوم يركضون ... سألوه والهين : ', 1632 => '- " أبا فاضل ، هل رأيت خروفنا الأقرن الثلاثي ذو الرقبة المحناة ؟! " ', 1633 => 'قال لهم ساخراً : ', 1634 => '- " هذا هو في جيبي ، أو ربما في ( ..... ) فتشوه "وانحنى إلى أمام مشيراً الى دبره .', 1635 => 'قالوا : " أنه منذور للإمام العباس " ', 1636 => 'قال بسخرية واضحة : " سلام الله على اسمك أبي فاضل – لعله كان يقصد نفسه – أحسبوه قد وصل إذن " . ', 1637 => '..... بعيداً ، أمام بيته وقف على الشاطئ ينتظر الفريسة . حتى إذا وصلت تناولها وأخرجها . سلخها وقطعها . ثم ..... فارت القدور ، ووزعت الدعوات للخاصة لحضور الوليمة في بيت الوجيه المحترم الكريم ... النهاب الوهاب . ', 1638 => false, 1639 => false, 1640 => false, 1641 => false, 1642 => false, 1643 => 'تمت', 1644 => ' ', 1645 => ' عالم الأحذية ', 1646 => 'في زمن الحصار والتدبير العراقي ، عملت حذاءاً من كرب النخيل . ', 1647 => 'سوف أشرح لكم الطريقة فيما بعد . ', 1648 => 'قلت لامرأتي : " ناوليني حذائي ( الكربة ) " . ', 1649 => 'قالت :" لقد رميته في التنور " . ', 1650 => '... لا باس ، ربما انقطع شسعه . ', 1651 => '" إذن هاتي حذائي الأحمر ، ذي الشريط الفضي " ', 1652 => 'قالت : " لقد أحرقته أيضاً يا عزيزي " . ', 1653 => '- " عجباً ... لماذا ؟! " . ', 1654 => 'قالت : " حبيبي يقولون أنهم – من هم ؟! – سوف يوزعون على النساء ( قباقيب فرنسية ) ، وعلى الرجال ( يمنيّات ) أمريكية .. " ', 1655 => 'قلت لها : " صدقتِ .... أنهم سيوزعون علينا جميعاً ، أحذية على مقاسات أفواهنا " . ', 1656 => false, 1657 => false, 1658 => false, 1659 => 'تمت', 1660 => ' ', 1661 => ' الهروب من الحب ', 1662 => 'لم يطق " عواد " البقاء في قريته ، بعد أن زوجوا حبيبتهُ " صفية " من ابن عمها . ', 1663 => 'هامَ على وجهه هارباً من الظلم الاجتماعي ، ولم يعرف أحد وجهته . ', 1664 => 'حتى هو ما كان يعرف إلى أين هو ذاهب وأي بلاد الله يقصد . كان كريماً بفعلته ، فما كانت صفية لتجتمع وزوجها تحت سقف واحد وهي ترى عواداً . ', 1665 => 'ومرت سبع سنين ، ونساه الناس ، ونسوا قصة حب طويلة طالما تحدثوا بها وتناقلوا فيها الروايات والأخبار . ', 1666 => 'ما بقي لعواد إلا أم تندبه في البساتين تبكيه ليل نهار . ولكنها سكتت بعد سنة . قالوا أنها سلته ونسيته . وهل تنسى أم ولدها الوحيد في سنه !... وقالوا أن المرض لم يترك فيها بقية للبكاء ، ثم ما لبث أن سلمها لصاحبه الموت بعد سنين .', 1667 => 'وولدت صفية خمسة أطفال . ومع ذلك فأن كثيرين في القرية ما كانوا راضين وغير مباركين لهذه الزيجة ، ورافضين لكل حيثياتها ، خصوصاً المتعلقة منها في البون الشاسع بينها وبين زوجها ... قال شاب متحمس : " لا تغركم الأطفال . صدقوني لا يزيدون ولا ينقصون بالنسبة للحب والسعادة . ورأيي الثابت بزوج صفية هذا أنه حمار نزى على فرس أصيلة فأحبلها . وهذا حرام لأن معناه مزيداً من البغال وخسارة في الخيل العتاق .', 1668 => 'صفية صابرة راضية ، راضخة لقدرها وقسمتها ، تخدم زوجها وأطفالها كما يجب منصرفة الى العمل طيلة وقتها . لكن مسحة الحزن لم تفارقها منذ زواجها . كانت تقفل نفسها على آلام كبيرة ، تحرص على أن لا تظهر منها شيئاً لئلا تعطي بعَلها البغل عذراً لإثارة مزيد من المشاكل . ', 1669 => 'وكان لا يفتأ يناقرها وينغص عليها عيشها وقد يكون له الحق ، فالمرأة تخونه في أفكارها . وتعانق بالخيال عواداً رغم بعده أو سفره إلى المجهول ، أو موته كما هو مشاع . ', 1670 => 'ثم جاءت الحرب ... فقتل زوجها في الجيش .', 1671 => 'وانتقل حالها من سيء إلى أسوأ فقد وجدت نفسها ترعى شؤون خمسة أطفال وتتكفل بعيشهم ... مسؤولية ثقيلة بدلت حالها غيرة ، حتى كان ينكرها من يراها . أين صفية الأيام الخوالي ؛ الرقة والجمال والأناقة والكمال .. والحب الكبير من هذهِ الغراب الأسود الكئيب .', 1672 => 'في رأس دورة السنة على وفاة زوجها ، ذهبت لزيارة مرقده في النجف مع جمع من النسوة ، يحملن له الثواب من أطعمة وزعنها لدى قبره على الناس ، ثم يجلسن للندب واللطم والتعديد ومزيد البكاء . ', 1673 => 'ولمزيد من العذاب وتعب القلب لصفية تاه منها أحد أطفالها في سوق النجف الكبير ، فراحت والهة تبحث عنه ودموعها جارية لا تعي ما حولها من فرط حزنها . ', 1674 => 'ثم فجأة رأته ..... ابنها يقوده رجل معممٌ ملتح . ', 1675 => 'وأسرعت نحو ولدها تأخذه من يد الشيخ وتقبلها بحرارة وشكر مسيلة عليها الدموع . ', 1676 => 'واستحت أن تنظر بوجه الشيخ – لكنه ظل يمعن النظر فيها . وقالت له وهي تأخذ الطفل من يده : " شكراً لك يا سيدي الشيخ . جزاك الله خيراً وأحسن إليك ، ووقاك من النار كما أطفأت نار قلبي المحترق على ولدي " . ', 1677 => 'قال لها ودموعه تطفر من عينيه : " كان الله بعونك يا صفية ، الله يساعدك ويخفف عنك " . ', 1678 => 'وما اشد دهشتها وعجبها حين سمعته يناديها باسمها صفية" !', 1679 => 'ورفعت بصرها بوجهه فجمدت مكانها لا تريم وفغرت فاها متعجبة ، بينما أضاف وهو يفرج شفيته عن ابتسامة خجولة حنونة : " صفية كيف حالك ؟ "', 1680 => 'قالت وهي تتلعثم خجلاً ، بينما تحمله بين حدقات عيونها : " من ؟ ... عواد ؟! "', 1681 => '- نعم ، أنا عواد يا صفية .. أين أنتِ يا صفية ، كيف حالكِ .', 1682 => '- عواد ! غير معقول ، أنت عواد ! أين كنت يا عواد ؟', 1683 => '- أنا هو يا صفية . كيف حالك ؟', 1684 => '- كيف حالي .... الحمد لله على كل حال . ', 1685 => '- آه يا صفية ، والله إنك صعبانه علي . أنا عرفت أن زوجك قد مات .. كيف حالك الآن ؟ أرى أحوالك متبدلة غيرها . ', 1686 => '- أنا في عذاب منذ سبع سنين .. أين كنت أنت ؟ ', 1687 => '- أنا كنت أدرس . ', 1688 => '- تدرس !... تدرس ماذا ؟ ', 1689 => '- أدرس العلوم الإسلامية . حال مجيئي الى النجف انتميت إلى مدرسة دينية . والآن أكمل دراستي في الحوزة ... وأنت كيف حالك ؟ ', 1690 => '- هنيئاً لك والله يا أخي . وتسأل عن حالي ... أنا مت منذ سبع سنين . ', 1691 => '- لا قالها الله يا صفية ، أنت لا زلت مفعمة بالحياة طلقة المحيا كما عهدتكِ .. والله زمان يا صفية . أنت صفية لم يبدلك الزمان رغم شدة ظروفه . ', 1692 => 'ومرت فترة صمت طويلة ، كانا ينظران لبعضهما بتأمل عميق عمق سنين الجدب السبع . ويطول زمن الصمت ، ويرفع عواد عنها ناظريه مستحرماً ليتأمل ولدها ويطيل إليه النظر .', 1693 => 'وتلهو به عن ولدها ، وتنسى كل شيء في زحمة الذكريات ، وتتأمل هذه اللحية السوداء المنتظمة زادت ذلك الوجه جمالاً وأضفت عليه جلالاً وهيبة . لم تتغير ملامح عواد حليقاً وملتحياً . ', 1694 => 'وقالت تقطع الصمت الطويل : ', 1695 => '- أمك بكت كثيراً لفراقك . ', 1696 => '- فراقي !.. ومن أدراك أني حي ، أنها رحمها الله بكتني ميتاً . ', 1697 => '- ما شككت لحظة في حياتك . قلبي كان يقول لي أنك حي .. لقد كنت حياً في قلبي . ', 1698 => 'ولما ألححت بالسؤال على أمك أسَرت إليَ بأنك حي ، وأنك تواصلها بأخبارك من مكان بعيد ما كنت أتصوره النجف وإلا لأتيتك . كنت أظنك خارج العراق ... كيف سلوتني يا عواد ؟ ', 1699 => '- أنا ما هربت إلا لأخلي الوجود حولك لتعيشي حياتك ... كان يجب أن أظل بعيداً . ', 1700 => '- كنت مخطئاً جداً يا عواد ، أنا أتعذب ، وما كذبني قلبي بحياتك يوماً . ', 1701 => 'أنت حي في دمي وروحي كما أنت على الأرض . ', 1702 => '- نحن عبثاً نهرب من الحب ، وعبثاً نحاربه في نفوسنا ، إن الحب قدر يلاحقنا . ', 1703 => '- كيف هنت عليك لتسلمني يا عواد ؟ ', 1704 => '- تقاليدهم يا صفية كلها حرب على الحب . أنا الآخر كنت أتعذب وليس لنا إلا البعد ، أنت امرأة متزوجة . وما كانت القرية لتسعنا كلينا . ', 1705 => '- ألا ترى أن الوقت آن لتعود إلى القرية يا عواد ؟ ', 1706 => '- أعود يا صفية . ', 1707 => '- و ... نعود يا عواد . ', 1708 => '- ... ونعود يا صفية . ', 1709 => false, 1710 => false, 1711 => false, 1712 => false, 1713 => false, 1714 => 'تمت', 1715 => ' ', 1716 => ' الإنسان والزنبور ', 1717 => 'إن صدقت أمي ، فقد قصرّت بحقي .... أو كفرت !', 1718 => 'وإن كذبت .... فقد أجرمت . ', 1719 => 'اخوتي الأربعة ؛ محام ومهندس ومعلم ومدرس . ', 1720 => 'وأنا الخامس " عار أخوته " صار فلاحاً !... ظل أمياً !...', 1721 => 'قالت غير كاذبة : يا ولدي أنا أرسلتك إلى المدرسة أسوة بهم . ', 1722 => 'لكنك عدت بعين منتفخة . ', 1723 => 'باكياً من لسعة زنبور !..', 1724 => 'ورفضت بعدها الذهاب إلى المدرسة . ', 1725 => '- أهذا كل ما في الأمر ؟!', 1726 => 'إني لا أقبله ... لا أصدقه منك يا أمي . ', 1727 => 'أيعقل أن " زنبوراً " يغير مستقبل إنسان ؟!!', 1728 => '- لقد نصحتك فما انتصحت . وكلمتك فما سمعت ...', 1729 => 'وأجبرتك فعصيتني . وضربتك فهربت مني .', 1730 => 'صارت المدرسة عندك " كورة زنابير " ترعبك ، تؤلمك .', 1731 => '- وعجزت عني ... يا أمي ؟!!!', 1732 => 'يا فرساً أنجبت أربعة خيول و " بغل " . ', 1733 => '" بغل " تركته بإراداتك للحمل والركوب ...', 1734 => 'ليحمل أثقال أخوته في سفرهم نحو العلا . ', 1735 => 'ألبس كذلك يا .... " ولا تقل لهما أف " . ', 1736 => 'وحملت أثقالهم ، وأثقالاً مع أثقالهم ... عمر وأنا المحمل الأكبر !!', 1737 => 'غطست بالطين إلى هامتي . ', 1738 => 'ارفس وأحفر وازرع وأسقي وأعمر ، حتى جعلت الأرض جنة خضراء . ', 1739 => 'كان عمري شوط عمل متواصل لا هوادة فيه . ', 1740 => 'وجلست قرير العين مطمئن البال ، أنظر مزرعتي الكبرى . ', 1741 => 'لكني نهضت مفزوعاً مرعوباً ذات يوم من حلم ... كابوس . ', 1742 => 'لقد رأيت " زنابيراً " لا عدّ لها .', 1743 => 'تخرج من عيون ومناخير وأفواه أخوتي . ', 1744 => 'وتتكتل في سحابة سوداء . ', 1745 => 'ثم تنقض عليّ بدويها الهائل ...', 1746 => 'تريد أن تلدغني .... تأكلني .', 1747 => 'وفي يوم جاءني الأربعة . ', 1748 => 'كلُ يريد خُمًسَه . ', 1749 => ' " أليست بأملاك وأطيان أبينا ؟! "', 1750 => ' " هل وقع لك أحدنا عقد مغارسة ؟ " ', 1751 => ' من كلفك أن تزرع أو تعمر ؟!', 1752 => ' أخرج منها راغماً . ليس لك إلا كأحدنا ', 1753 => 'أهل الحق والعرف قالوا ذلك . ', 1754 => 'بل زادوا عليَّ حق الاستغلال . ', 1755 => 'وفي المحكمة ؛ دفعت لهم صاغراً " أجور المثل "', 1756 => 'لوارد عشرين عاماً مضت ...', 1757 => 'أمنا ظلت ساكتة ... ', 1758 => 'لكنها كانت تبكي ...', 1759 => false, 1760 => false, 1761 => false, 1762 => 'تمت', 1763 => ' ', 1764 => ' الخِصْب والإرهاب ', 1765 => 'من تلك الغافية على جنبي ؟ ', 1766 => 'أشباح الوحدة .. الخوف .. الموت !! .. لا ، بل زوجتي .', 1767 => 'نائمة أشبه بملك . ', 1768 => 'ما أجملها حبلى ....', 1769 => 'في الصباح الباكر قمت أصلي .', 1770 => 'بقرتنا الحمراء لا زالت نائمة . ', 1771 => 'يعتلي الديك قرونها ويصيح . ', 1772 => 'فيما الآخر يؤذن من فوق التنور . ', 1773 => 'والدجاجات يملأن الحضيرة بالكأكأة . ', 1774 => 'يبحثن بالسماد وينقرن القراد من ضرع البقرة المكتنز . ', 1775 => 'حمارنا الأقمر ذو العينين العنبيتين نهض يتمطى . ', 1776 => 'رفع شفيته إلى الأعلى " مشنفاً " ', 1777 => 'ثم اقترب من الجاموسة يشمها . ', 1778 => 'لكنها نفخت في وجهه محذرة . ', 1779 => 'ونفضت رأسها الكبير المثقل بالقرون . ', 1780 => 'لما رآني خروفنا " مياس " .', 1781 => 'أقبل نحوي يمعمع . ', 1782 => 'نلت له ورقة توت حشوت بها فمه . ', 1783 => 'وخرج الأولاد سبعتهم . ', 1784 => 'قالت بركات : ', 1785 => 'أحذر بابا لئلا ينطحك مياس . ', 1786 => 'ونزل الكلب من منامه في أعلى الدريس . ', 1787 => 'جاء يهز ذيله ويتمسح بالصغار . ', 1788 => 'وعج الوادي بالحركة والصوت . ', 1789 => 'الجميع كانوا يطلبون الطعام . ', 1790 => ' * * *', 1791 => 'خرجت أطلب لهم الطعام ...', 1792 => 'منصرفي من حقول الجت بظاهر المدينة . ', 1793 => 'وقفت بسيارتي لدى أحد البساتين . ', 1794 => 'لأشتري بعض الخضر والفاكهة لأطفالي . ', 1795 => 'هل كانوا يراقبونني ؟!', 1796 => 'تحركت قليلاً ... أنه طريقي اليومي ', 1797 => 'لدى القنطرة الصغيرة جذع يسد الطريق !', 1798 => 'من وضعه ؟!', 1799 => 'وقفت .. نزلت لأوخره . ', 1800 => 'من بطن النهر ، وأشجار الصفصاف الكثيفة ...', 1801 => 'خرجوا إليّ ملثمين مشهرين السلاح . ', 1802 => 'بسرعة كمموا فمي ', 1803 => 'لم استطع أن أصرخ . ', 1804 => 'حملوني ... دفعوني في السيارة . ', 1805 => 'المسدسات فوق رأسي . ', 1806 => 'جللوني بالكيس الأسود ', 1807 => 'لم أعرف أين ذهبوا بي . ', 1808 => 'البساتين والبزول ... هم أدرى بشعابها ', 1809 => 'قريباً عند (الأرجل ) فيما أظن ... ومن أين تأتي الحمى ؟!', 1810 => 'ليسوا بعيدين يقيناً . ', 1811 => '" نريد ثلاث دفاتر " ', 1812 => 'أعرف من قالها ... أنها لغة أهلينا العراقية . ', 1813 => 'أمَرّوا سِكين الذبح على نحري ..', 1814 => 'وأنا أخابر زوجتي وأطفالي ليتدبروا أمر الفدية !. ', 1815 => 'كانوا ينتظرون مني الغداء . ', 1816 => 'أتتني ضربات ... صرخت ... تأوهت ... خرست . ', 1817 => 'لا أملك غير حيواناتي العزيزات ... وأطفالي .', 1818 => 'وقد بقوا جميعاً بلا طعام . ', 1819 => ' * * *', 1820 => 'تمت', 1821 => ' ', 1822 => ' الهوبعَة ', 1823 => 'انضممت إلى الجميع ورحت أتطلع مثلهم نحو السماء وأمد بعنقي بقوة إلى الأعلى . كانوا يؤشرون رافعي أيديهم نحو القمر وهم يصيحون : ذاك .. ها ذاك " . ', 1824 => 'وتقاطر أهل السوق يتدافعون . وكلما مر فوج حشروا في الجمع وأخذوا يعملون عملهم . ', 1825 => 'إلامَ ينظر هؤلاء ، وعلام يؤشرون ؟!... تساءلت فقال لي أحدهم بلا ارتياح : " مالك لا تفهم لا تعي !.. ألا ترى الناس ؟!.. تنظر الى الزعيم عبد الكريم ، قد ظهرت صورته في القمر " . ', 1826 => 'ورفعت نظري ويدي أتحقق ، ولكني لم أرَ شيئاً . ', 1827 => 'قلت : أين هو ؟.. أروني ...', 1828 => 'ونهرني الجماعة بغيظ يقولون : ', 1829 => '- " أأنت أعمى مفصّص ، أما ترى صورة الزعيم تتلألأ ... ', 1830 => 'هاذاك .. ها .. اها .. ذلك وسط القمر " ', 1831 => 'وحققت النظر ثانية . وبحلقت جيداً ...', 1832 => 'الناس تؤشر وتتصايح : ذاك ... ذاك ... هاذاك ', 1833 => 'قلت لرجل يقف بجانبي ، على استحياء وخوف : ', 1834 => '- " أنا لم أره ... أآنت تراه ؟ ', 1835 => 'أشهر أصابعه في وجهي صارخاً : ', 1836 => '- " عمى يعميك . أما الناس كلها تراه .. مالكَ أنت ! " ', 1837 => 'وقال له أحد المؤمنين : ', 1838 => '- " اتركه ... هذا أعمى قلب مفتح العيون ..... " ومن يضلل الله فما له من هاد " . ', 1839 => 'عندها استدركت كمن عرف خطأه . وصحت بانبهار : ', 1840 => '- " أي والله ذالك .... ها ذاك " . ', 1841 => false, 1842 => false, 1843 => 'تمت', 1844 => ' ', 1845 => ' ', 1846 => ' الاختطاف', 1847 => 'أرسلت أمي تخطبها لي .', 1848 => 'وأبي كلم أباها ... وحصل القبول .', 1849 => 'وقبل ذلك كنا .... وكان الحب ، بمطولاته الملحمية . ', 1850 => 'ليتها تسد .... كل طرق العالم . ', 1851 => 'والسيارات ..... عساها ما وجدت ، ولا كانت !', 1852 => 'بهذه السرعة ... تذهب حبيبتي ... يا عصر السرعة ؟!', 1853 => 'أيستفيد الجميع .. وأدفع ضريبتك وحدي .. أيها " التطور " !', 1854 => '... كل شيء متأخر في قريتنا النائية إلاّ شيء واحد .', 1855 => 'ذلك هو " الطريق الدولي العام " الذي تقع عليه . ', 1856 => 'مر أحدهم بسيارته " المودرن " . ', 1857 => 'إبتاع منا عنباً ورطباً ..', 1858 => 'والتفت يميناً ، فرأى فتاة رائعة الحسن . ', 1859 => 'قال : ما اسمك يا حلوة ؟ ', 1860 => 'فانثنت خجلاً ولم تجبه ؟ ', 1861 => 'إلاّ أن الأولاد – لا ولدتهم أمهاتهم –', 1862 => 'الذين طافوا حول سيارته متعجبين ....', 1863 => 'قالوا له أنها " كوثر " محبوبة " مازن " . ', 1864 => 'وبينما ذهب أبي إلى المحسنين ...', 1865 => 'يقترض منهم مهراً لكوثر !', 1866 => 'جاء الرجل - المتطور جداً – يحمل حقيبة نقود !', 1867 => 'أعطاها كلها لأبيها !', 1868 => 'وشملهم جميعاً بعطفه ، وحنانه و ... تطوره !', 1869 => 'وعلى جناح السرعة ، بساط الريح ... متن القوة ...', 1870 => 'حمل كوثر .. وذهب !', 1871 => 'أنا اعتبرت ذلك .... اختطافاً !!', 1872 => 'ومن يومها وأنا أرمي الحجر في الطريق . ', 1873 => 'كي أمنع " المتطورين " من المرور !', 1874 => 'ومزيد الاختطاف !!!', 1875 => 'تمت', 1876 => ' ', 1877 => ' " حَب . سگاير . علچ "', 1878 => 'رأيته بأم عيني يسرق اثنين من الركاب النائمين !...', 1879 => 'ثم تحول إلى الثالث ...', 1880 => 'كانت عيني تراقبه ، وترصد له بشكل دائم أنواعاً شتى من جرائم السرقة الصغيرة .. ولكني لا أغير المنكر إلاّ في قلبي ، وأكتم الشهادة إلاّ عن الله وهذا الورق الأصفر.. وأسكت عن الحق كشيطان أخرس ، حيث أعلم أن هذا المصري المقرقم المقتحم ، إنما هو ضابط في جهاز أمن العراق .. عراق صدام !.... ', 1881 => 'ومع مهنته السرية هذه .. يمارس " شحته " - وهذا هو اسمه المعلن – مهنا علنية ؛ منها صبغ الأحذية على أرصفة المحطة ، وبيع الحب " المُكسّرات والكرزات " والسگاير والعلك في القطار . ', 1882 => 'أحد الركاب متكئ برأسه على المقعد .. أراد أن يكشف إن كان غافياً كي يدس يده في جيبه !.. أمسك برأسه المائل إلى الخلف قليلاً ، فأحس الراكب في التو واللحظة وفتح عينيه ، فقال له " شحته " على البديهة ؛ أو لعله عذر حاضر للطوارئ لديه . " أصلك كنت بتشخر ، ورأسك مايله ، فعدلته قلت ( خطية ) .. " قالها بلهجة عراقية .', 1883 => 'قال له بنية حسنة : " شكراً " ... ثم عاد إلى نومه . ', 1884 => 'وغاب شحته وقتاً ، ثم عاد بعد منتصف الليل تسبقه زيطته " حب سگاير علچش " ... هذه يرددها كأغنية أعجمية لا معنى لها لديه ، إنما يجد فيها مادة لهو ، أو لأزمة تكرارية هي في الحقيقة جزء من " عدّة الشغل " وهو يكررها بمرح وسعادة ، لشعوره بأنه إنما يضحك على شعب كامل بهذه الوسيلة ، فيما الحكومة تعطيه أجراً عالياً فوقها !!..', 1885 => 'كانت العربة مكتضة بالمسافرين .. بعضهم ينام على الأرضية . جلهم من الجنود الأشاوس ( حراس البوابة الشرقية ) قد عادوا من جبهات القتال بالإجازة الاعتيادية ، فهم مُتعبون مُترَبون ، ترى كل منهم يضع طاقيته " بيريته " على وجهه ويتكئ برأسه إلى ما وراء الكرسي ويغط في نوع عميق . ', 1886 => 'السكون يتمزق بفعل العجلات الحديدية القاسية .. ولكن تلك الزمجرة الرهيبة لا تلبث أن تتحول بفعل الرتابة والاستمرارية إلى سكون .. وتتمايل رؤوس المسافرين برفق ، ويعلو الشخير ، وتطوف الأحلام على الجميع كملائكة تطير في فضاء العربة .', 1887 => 'ويدخل ( الشيطان ) بجوقته ، يطلق عدّة قنابر تنوير من طراز " حب سگاير علچ " ليرى على ضوءها النائم من المستيقظ . ويتناهى صوته إلى الأسماع الحالمة ، فيتحول في الطيف إلى صور شتى .. ', 1888 => 'أحد الجنود يبتسم وهو نائم . لقد كان لحظتها يتمشى في منتزه مع حبيبته . وسمعا بائعاً متجولاً ينادي " خطأ! ارتباط غير صالح." فاشتريا منه ... وثانِ يحيط به كابوس ، فيجد نفسه وهو القادم من الحرب قد عاد إليها ، وها هو في المرآب العام – الگراج – يبحث عن سيارة ولا يجد ، وتصك أسماعه زعقات باعة المُكسرات واللفات والشرابات . ', 1889 => 'لم يكن " شحته " يحمل شيئاً مما ينادي عليه . إنما هو جاء يغني أغنية منتصف الليل ، ويديه يضعهما في جيوب سترته القصيرة العريضة المنتفخة ، ويسير محدودباً يطئطئ رأسه منحنياً يبترد . ويبدو وهو الضئيل النحيف كأنه ابن آوى جائع يتربص بدجاجات نائمات ليقتنص منهن ما يشاء . ', 1890 => 'ومن ناحيتي تحولت أنا الآخر إلى ابن آوى ، ورحت أنام بعين واحدة . ورفعت قوة شخيري إلى حدها الأقصى . كنت أنصب له فخاً منذ زمن لأضبطه متلبساً ، ولكنه لم يأتِ إليّ ، إنما قصد جاري في المقعد ... امسك رأسه ، عدله ، فتأكد أنه نائم . بعدها تحسس جيوبه ، ومد يده بثقافة السنور .. انتزع محفظة نقوده . ', 1891 => 'في ذات وقت العملية الشيطانية كانت يدي قد استقرت على بقعة من جسد صاحبي ، لم أتبين ما هي وأنا نصف مغمض ، ولكني قرصتها بقوة ، فهب جاري فزعاً ، وقام وهو بعد نائم ، وامسك اللص بتلقائية .', 1892 => 'حملق في وجهه متعجباً غاضباً إذ رأى المحفظة في يده وقد أسرع اللص بإسقاطها على الأرض .', 1893 => 'دون كلام أو مراددة بسؤال وجواب أعطاه صفعة معدّلة طرقعت كالانفجار وهو يصيح به : " كلب ابن الكلب ، سرقت المحفظة وفوقها تقرصني ! " ', 1894 => 'استيقظ الركاب وقام بعضهم بدافع الشفقة ليخلص الخسيس من بين أيدي الجندي الغاضب ذي الدم الحار . وكان اللص يصرخ مستغيثاً ، حتى إذ خلصوه منه انبرى مهدداً وهو يعدل ثيابه وشعره المشعث ، مغتراً بقوة يحسها فيه : ', 1895 => '- " أنا حَطرْبقها على دماغك النهارده يا ابن الوِسخَة " . ', 1896 => 'وتوجه إلى الركاب يقول لهم بلهجته المصرية ، كأنه يوضح لهم الحالة مفصلاً : ', 1897 => '- " حقه والله صحيح خير تعمل شر تلقى . أنا كنت بعدل دماغه المايله لأنه بيشخر زي الثور ، قام مسك فِيّ ، قال إيه ، أنا كنت باسرقه ... والله عال .. يا أخوانا أنا مش ..... " ', 1898 => 'وقاطعه جندي آخر من الركاب كان لا يزال ينام على أرضية العربة في الوسخ والتراب متوسداً حذاءه ... قال وهو يلوح له بجزمته العسكرية الثقيلة المحشوة بالمسامير : ', 1899 => '- " أخ والله لولا إني نعسان هساع وبحلوة نوم ، لكنت قمت عدلت دماغك المايل بهذا البسطال " ', 1900 => 'ثم وضع طاقيته على وجهه ، وعاد إلى نومه دون مزيد . ', 1901 => 'شحته ما يزال يتفلت يريد الخلاص ، واجتاز الجماعة إليه شيخ متوسط يلبس عقالاً وشماغاً ... ', 1902 => 'امسك به من تلابيبه وهو يقول للمحيطين به بلهجته الجنوبية : ', 1903 => '- " شباب بالله عليكم أرخصوني شوية . أنا أريد أحاچيه وأفهم منه شنهي السالفة " . ', 1904 => 'ثم توجه إلى اللص ليبدأ الحوار بأصوله العقلانية . قال له بسلام المضايف : ', 1905 => '- " عمي ... الله بالخير " ', 1906 => 'رد عليه بلهجة صلفة غير مبالية : ', 1907 => '- " أهلاً وسهلاً .. عاوز إيه أنت الاخر ؟ " ', 1908 => 'قال له الشيخ باستغراب : ', 1909 => '- " انت شنو بوية إنس ، جنس .. شسْمك ومن يا عمام .. سولفلي أهلك وين من يا عرب .. " ', 1910 => 'رد المصري باستكبار : ', 1911 => '- " بلاش هزار .. عايز إيه انت الاخر .. متقول أنا سرقتك كمان ! "', 1912 => 'ويبدوا إن الرجل لم يفهم منه شيئاً ، إلاّ أنه استاء من لهجته الشديدة ، ولعله ظنه يشتمه ، فقال بتفجر : ', 1913 => '- " وفوقها تشتمني .. لا أنت مالك غير العگل تعدل راسك " . ', 1914 => 'ونزع عقاله من راسه ، وراح يضرب اللص بقوة ، لكن الجنود منعوه وحجزوه عنه ، فيما هو يحاول التخلص فيمد يده إلى منافذ سترته ليستخرج مسدساً يخفيه فيها . لكن الجنود كانوا يحكمون وثاقه فلم تفلح محاولاته في الهرب والتفلت . ', 1915 => 'صك أحدهم قبضته على رقبته يريد حنقه قائلاً بلهجة تحقيقية : ', 1916 => '- " قل لي ما هو قصدك وأنت تمد يدك إلى جيب الجندي ، إذا لم تكن تريد سرقته ؟ ... شلون البوگ أحمر ، اصفر !.. "', 1917 => 'قال اللص بلهجة عراقية متكسرة : ', 1918 => '- " أنا قلت ( خطيه ) راسه مايل ويتنفس بصعوبة . " ', 1919 => 'قال الآخر بلهجة تمثيلية ساخرة : ', 1920 => '- " هل إن مهمتك الرسمية أن تدور على الركاب تعدل رؤوسهم !.. من كلفك بهذا ؟ ', 1921 => 'وصاح صاحب المحفظة : ', 1922 => '- " يا جماعة أنا أمسكتها بيده ، ضبطته متلبساً . ', 1923 => 'وقال آخر : دعوني مع اللص حتى باب الدار ، وتقدم منه يمسد كتفه وظهره ويقول :', 1924 => '- " كم أنت رقيق رحيم بالناس . عملة نادرة أصبحت لا يوجد مثلك . معجزة أهل الكهف عادت . أنت انقرضت منذ قرون كيف عدت . أنت يجب أن نحنطك ونضعك في المتحف .. أنت تحفة نادرة . درة يتيمة .. هيا الى المتحف .. اليوم أحنطك . أخللك .. أسويك طرشي .', 1925 => 'الطمأنينة في حدها الأقصى لدى الجندي بأن هذا اللص سوف " يُحنط " كحشرة ضارة في سجون صدام الرهيبة .', 1926 => 'وسحبه من يده وسار به وشحته لا يتمنع حتى وصل به إلى مفرزة شرطة القطار .. ', 1927 => 'استلموه شاكرين .. وقالوا له أن مهمته انتهت ، لكنهم كانوا حريصين على صرف الجندي بسرعة كيما يغادر المكان ثم اعتذروا لشحته وأدوا له التحية فيما تنحى كبيرهم عن مكتبه فجلس عليه شحته وأمسك التلفون متصلاً بمديرية الأمن في الناصرية على الفور ليعملوا استعداداتهم للقبض على مجموعة إرهابية من أعداء القيادة الحكيمة والأمة العربية المجيدة . ', 1928 => 'اُنزلوا جميعاً وسيقوا مُكبلين مخفورين .. ذهبوا ولم يعودوا . فيما بقى شحته يردد نشيده الساخر " خطأ! ارتباط غير صالح." وهو دائر بين العربات . ', 1929 => false, 1930 => false, 1931 => 'تمت', 1932 => false, 1933 => false, 1934 => ' ', 1935 => ' لا يؤمن بشيء', 1936 => false, 1937 => 'بعد الأمة العربية المجيدة ... الوحدة والتراث !', 1938 => 'آمن بالاشتراكية ... الطريق الخاص !', 1939 => 'ليس الشيوعية ولا الديمقراطية !', 1940 => 'عما قليل غادرها إلى ... القطاع المشترك !', 1941 => 'صار بعدها رأسمالياً .... معادياً للولايات المتحدة الأمريكية !', 1942 => 'فأعلن في مقابلها : " الولايات المتحدة .. العربية ! "', 1943 => 'ولما رأى أنه ينفخ في قربة مثقوبة !', 1944 => 'أبدلها غير هياب ولا متأسف بـ" الولايات المتحدة الأفريقية " !', 1945 => 'عنوان أسود جميل ... ', 1946 => 'لكنه محترق هالك مبدد مُستعْبد !', 1947 => 'قطار محطم راكس في وحول استوائية !', 1948 => 'في الشمال ؛ السوق الأوربية المشتركة تبهره !', 1949 => 'واليورو .. العملة الموحدة تكتسحه . ', 1950 => 'لا يصدقه .. يُجَنّنُه .. الاتحاد الأوربي !', 1951 => 'بديلاً للعداء التاريخي القومي ', 1952 => 'الحربان ... والصراع الاستعماري ', 1953 => 'عالم لا يفهمه . كيف يتحرك .. لا يعي ما يرى ويقول !..', 1954 => 'ألا يعلم أن الإنسان هناك مختلف حضري ؟!', 1955 => 'هاهم يعلنون ... الاتحاد المتوسطي ! ', 1956 => 'العولمة ... النظام العالمي الجديد !', 1957 => 'وسائلهم لخداع العالمين !.... يقول الإسلاميون !!', 1958 => '- علمائنا !.. لهم بالمرصاد " علماء المسلمين " !.. لديهم البديل !', 1959 => 'الصحابي ابن لادن ... يغزو منهاتن !', 1960 => 'والإمام الخميني وصحابته ... ينطح الاستكبار .. بعمامته !', 1961 => 'وعبد الله المؤمن المجاهد ينازل قوى الشر العالمي البائد !', 1962 => 'والمهدي سيملؤها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً ...', 1963 => 'والمسيرات المليونية ...', 1964 => 'حيى على الصلاة ... والزيف والمهرجانية !', 1965 => 'الله أكبر ... إليها . ', 1966 => 'العولمة توحد العالم . . الكفر والإيمان يقسمان العالم ', 1967 => 'الإرهاب يهدد ، يبدد العالم !', 1968 => 'الجاهلية ... تغزو العالم !', 1969 => 'الانفجار السكاني ... ناقوس خطر !', 1970 => 'الاحتباس الحراري ... إنذار بالفناء !', 1971 => 'السماء تنشق ... النجوم تنطمس ... المنابر تهتز !', 1972 => 'سقطت الكراسي الإسلامية !...', 1973 => 'كلا ، أنها موصولة بأوتاد تربطها بعرش الله !', 1974 => 'تكاثرت المسامير المدقوقة في جبين الله !', 1975 => 'النزف خطير جداً ، التلوث ... في دماغ الله !', 1976 => 'سقط الله ... مات الله !', 1977 => false, 1978 => 'تمت', 1979 => ' ', 1980 => ' " باقةُ عَدَس "', 1981 => 'سرق ونهب ونصب وغصب ... وهرب بجريمته الكبيرة حاملاً غنيمته على كتفه لم يدَعْها ، والقوم خلفه يطلبوه بين بيادر العدس .', 1982 => 'وعلى بُعد خطوات من الحي الآخر ، وفي غمضة عين ، دس كيس المسروقات الثمين في بطن بيدر . وأخذ باقة عدس ، باقة صغيرة واحدة لا غيرها ، حَمَلها بيده ، وهو على حال ركضه السريع . ', 1983 => 'والتقاه رجال الحي يستجلوه الأمر ، فقال في نفسه : " الذي يدري فأنه يدري . والذي لا يدري ، فأنها ... " .', 1984 => 'ثم رفع الباقة يلوّح بها أمامهم ، وجهر بالقول ، لاهثاً أنفاسه : ', 1985 => '- " أنها باقة عدس .. " . ', 1986 => 'فصاح زعيمهم باستنكار وغضب : ', 1987 => '- " باطل !!!... أهذا الطلبُ كله خلف واحد أخذ باقةَ عدس ؟! " ', 1988 => 'وتناخى الرجال لنجدة الدخيل الضعيف الغريب الجائع الشارد المطلوب . المضطر ... ', 1989 => 'والتقوا " البغاة " بزمر البنادق وصدور الخيل ، يصدوهم ويمنعوا الدخيل . ', 1990 => 'لكن الطالبون ظنوا أن هؤلاء إنما ينصروا المجرم ، بل هو منهم ، أرسلوه بغياً لإثارة الحرب وإفشال السجال الهدنة القائمة بين الحيين المتناحرين منذ القدم . ', 1991 => 'لم يوقفوا خيولهم عن زحفها ، ولم يسحبوا الأعنّة لتخفيف وطئها ، وغلب السيف العذل ، واشتبكوا معهم بضرب ملتهب . ', 1992 => 'ودارت رحى الحرب ، واشتد أوارها ، وثار غبارها ، حتى عفت آثارها ، ولم يعرف الثابت من فارّها ، ولا محترقتها من نُظّارها . ودكّت سنابك الخيل البيادر في مضمارها ، فغدت تراباً ضيّعت أخبارها !..', 1993 => 'وعثرت رجل جواد بشيء كان مدفوناً بتراب العدس . وتبينه الفارس فإذا هو جراب مليء بالذهب والحاجات الثمينة . فحمله على رأس رمحه ، وانطلق بين المتحاربين يصيح : ', 1994 => '- كفّو .. لقد وجدتها . ', 1995 => 'واستكانوا ... ثم كفو عن القتال .', 1996 => 'واستبان الرشد فإذا المناجزة قبل المحاجزة ، والسيف قد سبَق العذل . ', 1997 => 'وطلبوا صاحب الباقة فلم يعثروا له على أثر . ', 1998 => 'وعادوا فما وجدوا إلاّ أنفسهم يلوموها ويبكتوها ويلعنوها . ', 1999 => 'ولكنهم حتى في اللوم لم يتفقوا وانقسموا أحزاباً وجماعات ومُسميات ...', 2000 => 'ففريق سماه بيوم البيادر ... وإنها لبيادر من الحمق والغفلة والجاهلية ، سحقت بيادر من غلال العدس . ', 2001 => 'وآخرون قالوا : بل هو يوم باقة العدس ، وأنها لأكبرُ من باقة أحلامكم وأفكارهم . ', 2002 => 'وكثر التبكيت واللعن ، فخرج جماعة يلعنون اللاعنين واللائمين والمبكتين ، ويقولون ؛ أنه لا لوم ولا تثريب ، فإنما ذاك ليس رجلاً البتة ، إنما هو إبليس بشخصه جاءكم يحمل باقة عدس وأنه لقدر مكتوب ، وسمى هؤلاء ( المؤمنون ) فيما دعاهم خصومهم " المارقون " واعترض مجادلون على " تجسيم " إبليس ، بأنه هرطقة وتضليل وزيف ...', 2003 => 'فيما عُباد لإبليس انتصروا لربهم بالسيف . وآخرين أعلنوا الحرب على الفريقين الضالين وسمو بـ" الفرقة الناجية " . ثم تقسموا أحزاباً وكتلاً وجبهات ... ومحاصصات !!', 2004 => 'واختلف الناس من يومها فهم في خلاف واختلاف حتى قيام الساعة .', 2005 => false, 2006 => false, 2007 => 'تمت', 2008 => ' ', 2009 => ' اللثام', 2010 => 'أناديها بـ" قطر الندى " .', 2011 => 'وتدعوني أيا ... " بل الصدى " . ', 2012 => 'قالت : موعدنا غداً . ', 2013 => 'عصيراً ... تحت السدرة . ', 2014 => 'وحضرت ككل مرة . ', 2015 => 'فخرج إليّ رجلٌ ملثم بالمرة .', 2016 => 'قال : من هذا ... فلان ؟!', 2017 => 'قلت : نعم ... وأنا أرتجف كالبردان . ', 2018 => 'فخرست وخفت ... وتأهبت للنزال .', 2019 => 'فأنه ؛ واحد من أهلها !... أو أحد العذال .', 2020 => 'قال : جئت تلتقي " فلانة " يا خلي البال . ', 2021 => 'مكانك ... سأريك فعل الرجال . ', 2022 => 'واقترب مني سألاً خنجر الردى . ', 2023 => 'وكشف لثامه ، فإذا هي .... قطر الندى !!', 2024 => false, 2025 => 'تمت', 2026 => ' ', 2027 => ' شعبُ الفلاسفَة', 2028 => 'تعداني مُسرعاً . وما كنت مصدقاً أن مثله سيقف لمثلي في ذلك المنقطع من الطريق العام ... ودهشت لما شطحت السيارة على الإسفلت ، ووقفت قربي بمسافة قصيرة . ', 2029 => 'ركضت نحوها مهرولاً . فتحت الباب ... جلست متهالكاً على المقعد الوثير الدافئ ، بعد ساعتين من الوقوف الشاق في البرد والظلام . ', 2030 => 'لما سلمت ، رد السلام بتحبب وود ، وزاده عبارة " هلو يا ورداني ، يا روحي وكياني " ... كان مزاجه منبسطاً على ما يبدو حتى أخر رواقة . ', 2031 => 'ضغط بكل قوته على دواسة البنزين ، فانطلقت السيارة وهي تعيط ، كأنها تستنكر فعلته . ', 2032 => 'السرعة على أقصاها ، والمسجل يصرخ بأعلى صوته وهو يدور شريطاً من هذا الغناء السوقي المنحط لمغنٍ شعبي معروف بعهره .', 2033 => 'قال : أتعرف هذا المطرب .', 2034 => 'قلت : بلى ، أليس هو " فلان " ؟ ', 2035 => 'أشار بنعم وأردف يقول بأسى : " بس خطيه استشهد " هه !... والله بلاش يا زمن الشهادة !.. ما أرخصك في بلد الأنبياء !... ينالك حتى القوادين واللواطيين !!.. ', 2036 => 'وبتعجب سالت صاحبي : ', 2037 => '- غير معقول . ما الذي أدى بهذا إلى الجبهة لـ.. " يستشهد ! " ؟.. ومن بقي مكانه في خندق الرقص والدعارة والقصف ؟!..', 2038 => 'رد بجد ، وهو ينظر في وجهي : ', 2039 => '- لم يمت بالجبهة ، إنما ...... " طگت عليه فرخ " . وضج في ضحك هستيري غير موزون مصحوباً بحركات انفعالية لا إرادية حتى فقد السيطرة على مقود السيارة ، فراحت تتمايل بشكل مروع ... كان يضحَّك نفسه ، أو يضحك عليها !... أما أنا فقد احتلني الخوف من طيشه وعربدته . ', 2040 => 'بقيت ساكناً جامداً في مكاني .. توقف المسجل ، ناولته الأجرة المعلومة فرفض أن يأخذ فلساً ، وقال يجاملني بلطف وكأنه يعرفني كصديق حميم : ', 2041 => '- أخذ منك أجرة ؟ مستحيل .. أنت كيف ترضاها !. عيب على شيب أبيك ، كلا ارجع فلوسك يا ابن عم .. والدك رائع .. أحبه . كيف حاله ؟ ', 2042 => 'وبدى من حديثه المتخبط أنه غير واعٍ . ربما أنه مخمور أو سكران ، إلاّ إني أجبته بالصدق كما ينبغي : ', 2043 => '- أبي مات منذ سنين . ', 2044 => 'وكأن الخبر وقع عليه وقوع الصاعقة ، فلطم جبهته ، وأراد أن يمزق ثيابه . ثم أوقف السيارة وسط الطريق يتساءل باهتمام منقطع النضير : ', 2045 => '- كيف مات ؟ أأنت تصدق أم تكذب ؟.. متى وأين مات ؟... آه روح طاهرة .. ألف لعنات على روحه ، وسبع رحمات كان " حيد . مرعيد . خوش يكاون " . ', 2046 => 'وراح يتمتم كأنه يتلو الفاتحة ، أو يخترف كالمجنون ، أو هكذا هو كما تصورت .', 2047 => 'ورأيته يمد يده إلى جيبه ويستخرج قنينة صغيرة ، فتحها وراح يكرع منها ، ثم مد يده بها إليّ بعدما اكتفى ، وقال : ', 2048 => '- خذ لك كمع ثوابات على روح المرحوم ، عشرُ لعنات على روحه ... لم احتج وأنا اسمعه يسب أبي لمرتين ... ليس على المجنون حرج ، وأنا في سيارته آخذ راحتي ، مستريح بأكثر من استراحة أبي في القبور . ', 2049 => 'كان يسير بسرعة جنونية ، ونحن على طريق كميت ـ العمارة ـ الكوت ـ بغداد العام عائدين من الجبهة بعد منتصف ليلة 17/12/1985 . ', 2050 => 'بدأت أخاف على حياتي أن تقدم قرباناً رخيصاً على مذبح السكر ، ناسياً أنها قبل ساعتين كانت مصفوفة في طابور مليوني على منحر الضياع والموت والزيف والاستضعاف والغلبة .', 2051 => 'قلت : أنزلني أيها الأخ . ', 2052 => 'ولكنه لم يجبني حتى كررت القول ، وأنا غير جاد . قهقهة بلا مبالاة وقال :', 2053 => '- لا يمكنني أن أتركك . أنا أخدمك بعيني تكريماً لذكرى الوالد الطيب . حدثني عن ذكريات والدك', 2054 => 'واضح أنه يريد موضوعاً لحديث ، أي كلام ... أي كلام ليقتل به الوقت ، وإلاّ أين هو الشاب الأربعيني من أبي شيخ السبعين الذي مات منذ سنين ؟! ', 2055 => 'ولكني بقيت أتساءل مع نفسي : " أتراه يعرف عائلتنا ؟ " .. ربما ! ', 2056 => 'قد أكون رأيته ، وأعرفه ، لكن الحرب والبرد والليل أنسانيه . ', 2057 => 'قلت : ما اسمك الكريم أيها الأخ ؟ ', 2058 => 'قال : أنا عراقي .. هذا يكفي . العراقيون متشابهون بأخلاقهم وأشكالهم وحتى أسمائهم . ', 2059 => 'لم ألح . قلت دون قناعة : " أنا أيضاً عراقي " ... محارب ، متعب ... ', 2060 => 'الأفضل أن أغمض عيني وأنام .... ولكن المشكلة أنه " يريد يسولف " ... قال :', 2061 => ' العراقيون على أخلاق ملوكهم .. فاسدون .', 2062 => 'قلت أصحح له قوله :', 2063 => ' " الناس على دين ملوكهم " هذا هو القول العام المأثور . ', 2064 => ' لكن العراقيين أفسدتهم الملوك . ', 2065 => ' الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها . وهذا العراق ما هو في التاريخ إلاّ ساحة حرب بين الملوك شرقاً وغرباً وشعبه مغلوب مقهور مُستضعف وحكمته في السياسة هي مثله الدارج " كل الياخذ أمي يصير عمي " .', 2066 => ' هذا من الضعف . العراق شعب قليل العدد كثير الثروات ولذا صار مطمعة للعالمين .', 2067 => ' أوافقك .. لا يوجد تناسب معقول . هناك بون شاسع بين السكان والثروات أدى إلى ( تخلخل الضغط السكاني ) في المنطقة وما حولها ، مما سبب الأعاصير – الحروب ... بغداد هذه بؤرة الإعصار الدائم .', 2068 => ' الحل إذن أن نزيد عدد السكان ، وهذا هو توجه القيادة الحكيمة الآن .. في الجبهة الآن ثمانية عشر مواليد أي جيل بأكمله .. أبي تزوج أربعاً وخلف عشيرة ، نصفهم ماتوا في الحرب .', 2069 => ' أبوك حمار . والحمار لا يخلف إلاّ الحمير . أنا أدعوا إلى زيادة إستراتيجية لا تأتي عن طريق الولادات ، إنما يفتح باب الهجرة العالمية على هذا البلد من اجل تلاقح الحضارات والأجناس وخلق مجتمع مولد إنساني سليم خالٍ من الأدران الطائفية والعقد القومية والعرقية .', 2070 => ' يا ليت يا عم ... على الأقل الواحد منا يجد منكحاً سهلاً يسيراً أينما ذهب ، كأهل أوربا . ', 2071 => ' وأنت ما نظرت إلاّ لهذه ؟!... من أدراك أن البغاء والزنا أقل عندكم ؟.. " لأنتم شر مكاناً ولكن لا تعلمون " ... أنتم إن كنتم تعيشون لغاية ، فإنما هي جنسية بحتة . ما أنتم إلاّ بطون مندحقة وفروج ملتهبة ... أما أهل أوربا فقد تجاوزوها وتركوها مطروحة على هامش الحياة ، مُلقاة بإهمال دون رقيب ، يعب منها أهل الهامش ما شاءوا . الجنس لديهم ليس غاية .', 2072 => ' أنا ذهبت مرة إلى أوربا ، نكحت مئة فتاة .. أنت كم واحدة نكحت في عمرك ؟', 2073 => ' أنا لم أرَ غير امرأتي .', 2074 => ' عمرك خسارة .. داعيك أوصل العدد لحد الآن إلى ثمنمائة وست وأربعون .. أريد أن أجعلهن ألفاً لأحاكي فعلات جدي هارون الرشيد ... بالمناسبة أنا اسمي رشيد . أنت ما اسمك .', 2075 => ' اسمي محمد . ', 2076 => ' وماذا تعمل يا محمد . ', 2077 => ' أنا خريج كلية الآداب . والآن جندي في صنف الدروع . ', 2078 => ' " خريج . مريج . الكل يشرب بالابريج " . ', 2079 => ' أريد أن أتبول .. هل لديك إبريق .. كه ها هاي ... بفجأة أوقف السيارة .. نزل يبول واقفاً على قارعة الطريق . ', 2080 => 'كان يسألني عن اسمي وسكني وعملي دون اهتمام بحيثيات وأهداف السؤال ، كأن الكلام يخرج من فيه دون أن يقصده أو يشعر به ، أو يقصد من وراءه مفهوماً محدداً ', 2081 => 'واضحاً . ', 2082 => 'أجوبتي أنا الآخر كانت تحمل نفس الطابع .. كلمات مشروخة مفرومة مبعثرة مشوهة كالجثث في الجبهة ... كطعم الحياة نصف المعطلة ، كالأرواح والنفوس العراقية الآيلة للسقوط ... كدين المنافقين !!!', 2083 => 'كنت مُغمِض العينين ، مُستلقياً على الكرسي .. اسمع . أحلم . أجيب . أضحك . أتكلم ... أسكر مثله ، بيد إني في الحقيقة نصف غافٍ . ', 2084 => 'قال : أنت عسكري منضبط كما يبدو . ', 2085 => ' " نعم ... لكني سوف أهرب " .. قلت بمباشرة سريعة فيها حماسة . قال بنفس لهجتي :', 2086 => ' جبان ... لا تفعلها .', 2087 => ' وأنت ألا تهرب .', 2088 => ' أنا لست في الجبهة . بل في مركز محافظة ميسان ، شبه مدني . أنا أعمل في مقر الفيلق الرابع مرتاح وآمن و " منسق " انزل في أي ساعة أشاء .. و " أنكح " يومياً ... كم يوماً قضى لك في الجبهة ؟', 2089 => ' أربعون . ', 2090 => ' وبماذا تفكر الآن .', 2091 => ' مشتاق لامرأتي . ', 2092 => ' أربعون يوماً تركتها !... قد تجد مصرياً يضاجعها الآن . ', 2093 => ' هذا أخي العربي .. لا ضير ، بعضنا من بعض .', 2094 => ' كها هه هاي ... تحيا الأمة العربية .', 2095 => ' .......', 2096 => ' كيف تصبر أربعين يوماً . ', 2097 => ' أقرأ كل الوقت ... الكتاب لا يفارقني ، على الساتر ، في الحجابات .', 2098 => ' مجنون ... الجنود بعضهم يلوط ببعض ... على دين ملكهم كه كها ياي ... صدام يستأجر مصرياً يلوطه .. هل سمعت بهذا . ', 2099 => ' الله أعلم . ', 2100 => ' هذه حقيقة مؤكدة من مصادر كثيرة، صدقني لا تستغرب.', 2101 => ' بلا شك . أنا أيضاً سمعتها . ', 2102 => ' أخبار حقيقية تؤكد أنه مأبون ... أنا لا أهزل .', 2103 => ' مالك مهتم جداً ... هذه ليست جديدة ... حكام العراق وولاته أكثرهم لوطيون ، بل مأبونون .. اقرأ التاريخ .', 2104 => ' والحكاية القائلة إن صدام نغل ، وأن أمه كذا وكذا . ', 2105 => ' صدام سيد من آل النبي أو نغل . هذا كله غير مهم لديّ . ', 2106 => ' ما هو المهم إذن أكثر من هذا ؟ ', 2107 => ' أولاً وقبل كل شيء ؛ صدام مجنون سلطة جاهلي . ', 2108 => ' لكن أفعاله لا يعملها إلاّ ابن زنا .', 2109 => ' ابن الزنا من أنجبه ؟... والفرعون من فرعنه ؟!', 2110 => ' صحيح " كما تكونوا يول عليكم " رعيته أسوأ منه ... وهو منهم وإليهم ... هذه الدهماء الموغلة في الجاهلية والزيف كفرت بالحرية كفرانة بالسلطة ', 2111 => 'هم أفسدوه ، وهم آلة فساده . ', 2112 => ' أما إنك من رعيته ؟ ', 2113 => ' وهل أوسخ وأقذر مني كائناً ؟!', 2114 => ' كيف تقول هذا عن نفسك ؟ ', 2115 => ' هذه حقيقة ، أروي لك طرفاً منها ... لماذا المكابرة ... وراح يحكي وأنا جيداً أستمع له بدل المذياع :', 2116 => 'أنا ... مكرم جنابك ، نائب ضابط إعاشة . كنا من الناهبين الأوائل عند تحرير المحمرة – وإلى الأبد – وجدت فتاة عربية ترعى الغنم أو تائهة فاغتصبتها وقتلتها ... اغتصبت كثيرات .', 2117 => ' قتلتهن . ', 2118 => ' كلا ... واحدة ...', 2119 => ' لماذا . ', 2120 => ' هذه كان قائد الفيلق هناك ، وخفنا . فخنقتها بيدي ودفنتها في الموضع . لكنها " شورت بيّ " في الحال ... أخي كان مغواراً بطلاً مثلك . تقلد ثلاث أنواط شجاعة ... استشهد في اليوم نفسه ...', 2121 => 'وسكت برهة يهز رأسه بأسى ثم أضاف : ', 2122 => 'إيه .. أخي حمدان لا تدري ماذا فعل بي . أردت أن انتحر لما سمعت خبره ... كان معي في لواء المغاوير نفسه .', 2123 => 'على كل حال .. دنيا تمر .. وكلنا على هذا الطريق ... اشتعل أخي ، اقصد انتعل .. " خطيه طك عليه لغم مال دبابة " . ', 2124 => 'وضحك بعنف ، ثم فجأة قطع ضحكه الهستيري ، وأضاف متجهماً مغيضاً كأنه ندم على سبب روح أخيه .. :', 2125 => 'قتل أخي ، وتحولت روحه " الطاهرة " إلى ... سيارة ! ها أنذا أركبها الآن ... وامرأته أيضاً ركبتها ... وهل لو كان حياً سيعطيني سيارة .. وامرأة !!... ليذهب إلى الجحيم .', 2126 => 'قلت متقززاً : إن أدنى الحيوانات تعفُ عن فعلاتك الخسيسة هذه . ', 2127 => 'قال دونما أدنى غضب : ', 2128 => ' كل العراقيين هكذا . ', 2129 => ' أحك عن نفسك السيئة .. لا تعمم ، العراقيون أمة راقية .', 2130 => ' أبداً .. هذه الخطيئة أي سجعي سطحي تافه لقنك إياها ... بل هم أمة واطئة ... ربما أنا أصدقهم لهجة . أعلنت عن الحقيقة بصراحة . وندمت على ذنوبي وحاولت التكفير عنها ... ألا تراهم جميعاً يفعلون فعلي وأنكر منه ... هذا المجتمع تحول إلى بهائم سارحة ينزو بعضها على بعض ثم يذبحون بعضها وهي تجتر .. المال والسيارات والرواتب التقاعدية المجزية ومنح الشهداء وقطع السكن المخصصة لذويهم ... هذا وغيره أفسد كل الروابط الاجتماعية بعد العلاقات الإنسانية .. حتى الأخلاق والمحرمات والنقاط التي كانت حمر اصفرت واخضرت ...', 2131 => ' صدقت . أعرف أباءاً تمنوا أن يُقتل أبناءهم ليتحصلوا على سيارات .. وقد تحققت أمانيهم وسعدوا . ', 2132 => ' بل قتل والد ولده .. وكرمه صدام وأخرجه في التلفاز وأوعز أن يرسلوه إلى الخارج لـ" يصلحولو عويناتو وظهرو " ألا يستحي هؤلاء ... إذا كانت الأبوة هذا حالها في العراق فما تسل عما دونها . . هه عراقيون أماجد !!', 2133 => ' ميّز الضحية من الجلاد يا عزيزي . نحن قلنا : أن الناس على دين ملوكهم . وهذا عبث الملك الجاهلي صدام بأخلاقيات المجتمع العراقي .', 2134 => ' بل المجتمع العراقي بدوي جاهلي أصلاً . هو صنع صدام وأفسده . ', 2135 => ' نعم . وعلى الحاكمين أن يعالجوا حالة البداوة والجهالة فيه ، من أجل التحضير والتعصير .', 2136 => 'الذي يحدث ؛ أنهم يحيون القيم البدوية ليؤسسوا عليها ملكهم الجاهلي ..', 2137 => 'خذ حالتك مثلاً : ', 2138 => 'لو لم يجتاح صدام بعسكره المحمرة .. وما بعدها . ', 2139 => 'أكنت كمواطن تجد إمكانية للنهب والسلب ، وثم الاغتصاب والقتل العمد ... لقد ركبك صدام على صاروخ اخترق بك الموبقات السبع .. لقد دمرك كإنسان ، ومثلك أكثر من نصف الشعب ... فما تسل بعد عن النصف الثاني ؟! ', 2140 => 'ملوك الزمان كلهم ساروا على هذا الخط . لم يجد العراقيون راعياً حضرياً يرتقي بهم سلالم التطور الحقيقي .', 2141 => 'حتى الصالحين من أهل الدين والتقوى كانوا في الحقيقة جاهلين لا يرتقون ، وتزل أقدامهم ولا يهتدون لأنهم لا يمتثلون الأمم الحية المتقدمة وحضارتها امتثالهم لـ" السلف الصالح " والخلافة وزمنها . فأن ارتقوا خطوة عادوا القهقرى خطوات . ', 2142 => 'أما الطالحون فكانوا وحوشاً متحجرة يحيون الهمجية ويرجعون بالحياة إلى أدنى صورها ، لأنهم في الغواية والجهل والبداوة والهمجية راكسون . ', 2143 => ' سيدي الكريم .. كلامك أحكام فلسفة عامة ، وأنا أعرف منك بنفسي ... سادينها خارج أحكامك الاستنتاجية الوعرة ... اسمع : ', 2144 => 'أنا لما نهبت ، ما كان النهب حلالاً في دين الملك . بل كانت وصايا صدام مشددة في أمر المحمرة والقرى العربية حولها أن تُصان ... ', 2145 => 'مع ذلك ، أنا نهبت وأصحابي نهبا كثيراً .... وثم اغتصبنا حرة عربية تُعد من ( ماجدات ) صدام . ولو وصل النبأ إلى قائد الفيلق لأعدمنا ، ولذلك ارتكبنا الموبقة الكبرى وقتلناها .', 2146 => 'خفف حملتك الشعواء على الملوك يا أخي . الناس أسوأ من الملوك . والعراقيون هم يفسدون ملوكهم بالملق والنفاق ولعلي أخاف على الشيطان منهم أن يفتنوه ويغووه ويوسوسوا له ...', 2147 => 'وأسقط بيدي وأنا ابتسم متعجباً لبيناته الواضحات قلت مسترخياً أقلب كلماته ، وفيها إدانة صريحة لا ترد : ', 2148 => ' ماذا أقول لك يا أخي .. إن الغزو والاجتياح والحرب ، يولد أكثر من هذا الذي أنت فيه . ', 2149 => 'رد بتصميم عالٍ ، وهو يضرب بمقبضه المقود : ', 2150 => ' كلا...أنا على يقين ثابت ؛ لو كان الغزاة جنود من الألمان أو الإنكليز أو الأمريكان ، لما نهبوا ولا غصبوا ولا قتلوا بل حتى البرابرة والمغول لم تفعل أفاعيل جند صدام ليس في إيران والكويت حسب ، بل في المدن العراقية ذاتها ... وتأفف بضجر وأضاف :', 2151 => 'بلا ملوك ، بلا حروب يا أخي ... هاك صورة واحدة للإنسان العراقي تكفي .', 2152 => 'كانت بغداد تُنهب وتُسلب من قبل أهلها كلما دهمها فيضان ، أو أجلى سكانها وباء !..', 2153 => 'لماذا لم يحدث مثل هذا في باريس ولندن وبرلين ، وكانت ساحات حرب لمرات عديدة ؟! لأن الإنسان هناك أرقى .', 2154 => 'ـ من أدراك لم يحدث فيها نهب من قبل أهلها .. بلا قد حدث لكن قد يكون أقل .', 2155 => 'قد يكون أقل ، ويقيناً إن الإنسانية تتمدن حتى في سلوكها الحربي ... غير أن البداوة متأصلة فينا ، ولن تخرج وتغادرنا بالطرق التقليدية كالإصلاح والوعظ والإرشاد والتقنين ، بل هذه تزيدنا سوءً ... إنما إصلاحنا يحتاج إلى خطوة إستراتيجية تعمل على تبديل الإنسان . تمدين الإنسان . تجديد الإنسان . تكثير الإنسان . تلقيح الإنسان ...... استيراد الإنسان !', 2156 => 'لم يعلق ... لم يفهم كلامي الكبير هذا ... هو قطعاً ليس لأمثاله . يجب أن أسمعه آخرين مختصين ، أمميين ، إنسانيين ، عالمين ... ويل لي من الجاهلين . ', 2157 => 'وسكتنا برهة ... الطريق طويل ... اجتزنا المدائن . دخلنا بغداد ... ', 2158 => 'انفجر صاحبي بالبكاء فجأة ... التفت إليه دون كلام . ', 2159 => 'قال بأسى وهو يكفكف دموعه : ', 2160 => ' مسكين أخي . كان يصلي خمس مرات في اليوم ، وقرآنه بقدر قنبلة المدفع . يضعه على حاوية عتاد كبيرة في باب الملجأ .. أنه جندي باسل ومنضبط . قد يكون لا زال يصلي ويدعو في قبره .. وهو بملابسه الخاكي .. وقعت قنبلة في ملجئه لم يصدها قرآنه ...!', 2161 => 'وثم طرقعت ضحكته الهستيرية غير المألوفة ... سلوكه غير المتوازن كان ينم عن فكر مشوش أنها حالة نفسية معروفة ، أو مرض عصبي . أو لعلها " الازدواجية " مرض العراقيين القديم عاودهم في الحرب بأقسى حال وأشنع مآل . ', 2162 => 'النقمة المحبوسة في الداخل ، تولد انفجاراً يبقى محبوساً في الروح فيدمرها تدميراً . ', 2163 => 'كل عراقي يحمل ثورة ضد الواقع ، مكتومة مقهورة ، وها هي تظهر بهذا الشكل المنحرف من السلوك اللامتوازن . أنه جنون خفي يظهر تارة ويخفت أخرى . وقد لا يكون ضاراً أحياناً. ', 2164 => 'الرجل رايته جاداً هازلاً في آن معاً . يضحك ويبكي . يسخر ويحترم ، ويغضب ويفرح ... إنما ساحته نفسه ، يعنفها ، ينتقم منها .. إن المرض فيها . ', 2165 => 'ليته يبقى مرضاً نفسياً ... الخطير الكارثي عندما يتحول إلى " فلسفة " !', 2166 => 'فلسفة تمزج الحزن بالفرح كيف يجتمع النقيضان ؟! ... هذه خاصة بالعراقيين وحدهم ... خاصة بالعراقيين من دون الشعوب رأيت دموعه حقيقية على أخيه ، سألته ناشداً الحقيقة وحدها : ', 2167 => ' ما لي أراك تضحك بعد كل دموعك السخينة على أخيك ؟ ', 2168 => 'ولع سيكارته بأناة ، وقال وهو يرنو إلى البعيد : ', 2169 => ' ما كانت لي أدنى رغبة لأخذ امرأته . لكنها إرادة الوالد ، وعيون بنات أخي .', 2170 => 'كنا حُزانى كلنا ، بعد أكثر من ستة شهور على " استشهاد " المرحوم . ', 2171 => 'وأثر انهمار الأموال علينا كالسيل ، تغيرت أشياء كثيرة في حياتنا ... أنا كنت مغرماً بالسيارة ، لا أريد غيرها ، أخذتني إلى المدينة وأبرزت لي جميع مفاتنها . هي المعاش . هي الفراش . هي المرأة . هي اللذة والنزهة ... لا أريد شيئاً . ', 2172 => 'امرأة أخي غراب أبقع ، مسودة حزناً على زوجها ، تبكيه ليل نهار . دهّنوها ، صبّغوها ، أعدّوها ...', 2173 => 'قال أبي : أدخل الليلة . قد أكملنا التحضيرات كلها . ', 2174 => 'دخلت بروح منقبضة ، مسدودة ، متصدعة ، كبناء يريد أن ينهار . ', 2175 => 'جلست بعيداً على كنبة في الركن القصي من الغرفة . ', 2176 => 'أشارت إليّ بقفازيها الأبيضين أن هات . ', 2177 => 'لم أقم إليها .. ليتني ما دخلت .. عزمت أن أخرج لولا .. ', 2178 => 'بعد قليل قامت ... وقفت بإزائي وأنا قاعد . بما وضعت من أدوات وخرق ، بان محتواها .. ظهرت كامرأة .... اشتهيتها ... ما كنت أنظر إلى وجهها ، يقابل وجهي وسطها ، أردت لمسها .. انحت عليّ ، قالت : ', 2179 => '" قبلني " . لما هممت ، أنطفأت ، وجاشت نفسي بالألم والحزن ... أنها " عفراء " امرأة أخي . ', 2180 => 'قلت : هل من طلب لي إليكِ يا أم غصون ؟', 2181 => 'قالت : قل .. ولكن ادعني باسمي قل لي ، يا عفراء . ', 2182 => 'قلت : يا عفراء هل لك أن تلبسي حجاباً .', 2183 => 'قالت بانزعاج واضح ، وقد فهمت : ', 2184 => ' لماذا ألست امرأتك ؟ ', 2185 => 'قلت : أرجوك دعينا اليوم . ', 2186 => 'قالت تدلق لسانها وتعيبني به : ', 2187 => ' ماذا !... قم يلا قم . ', 2188 => 'وقام .. وقمت كما أرادت ... أعطيتها حقها . ', 2189 => 'كان الجميع حزينون ، ومتوجسون من أمر واحد ، ذلك هو أن لا نكون زوجين كما يجب ، بسبب النفور والألم النفسي الممضِ المرافق للحالة . ', 2190 => 'وسريعاً أخبرت أمهاتها وصاحباتها ، بأنه اقتحم العقبة ، فرحن يزغردن ..', 2191 => 'ما أشد ضيقي وانزعاجي لما سمعت الهلاهل . ', 2192 => 'أردت الخروج بسيارتي لما انتهت المهمة ، لكنهم منعوني. ', 2193 => 'قال أبي : " اعقل ولا تفضحنا . ابق لدى امرأتك لا تخرج حتى الصباح " . ', 2194 => 'أتعلم ماذا فعلت ليلتها !. هل سمعت بالدبة التي تختطف الرجال ، في جبال الشمال يحكي عنها الجنود قصصاًَ غير كذوب.', 2195 => 'عفراء امرأة أخي ... كانت الدبة !', 2196 => 'امتصتني .. ازدردتني .. لحستني .. أكلتني وقذفتني جيء بالطعام والشراب والورود ...', 2197 => 'على مهلها كانت تؤكلني ... لا أشتهي .. بيدها تحشو فمي ... غصّصتني ... جرّعتني . ', 2198 => 'كذلك فعلت ... بمجامع عزمي . ', 2199 => 'لم تعد بيّ رغبة ... أرغمتني ... وقعت فوقي . ', 2200 => 'وفي الحمام ... لم تعفني ... صارعتني .. في كل فن غازلتني .. ', 2201 => 'أهذه يا رب ، أمس ... كانت تبكي ؟! ... امرأة أخي!', 2202 => 'لما سكت ، طفقت أضحك دون هوادة . لا أدري أي شيطان تفل في حلقي .. قال : لماذا تضحك ؟... أنا ذاتي لا أعرف السبب ...', 2203 => 'ربما لسذاجة القصة وتفاهتها ... حقاً هناك أناس يتعثرون بشرنقة من خيط العنكبوت يلفوها حولهم . تأكدت أن الرجل موسوس ... إنما رثيت لامرأته التي ورثها من أخيه ، كيف تعالج حبها واشتهاءها مع شقاءه وشقوته !..', 2204 => 'الشقي أسر لي أنه يخطط لتضييعها والتخلص منها ... صحبتي له لا تتعدى رحلة بالسيارة فماذا يمكن أن أفعل سوى النصيحة والوعظ . ', 2205 => 'إنسانة من حقها أن تعيش . تمارس الحب كما تهوى . تأتي حرثها أنا تشاء كما الرجل ... لماذا تحسدها ؟. قد أوفت لأخيك حياً . ولما مات بكت نفسها ، حظها ، نصيبها ... هذه حقيقة كل أرملة . أو بكت لزوج أحبته رحل وتركها في فراغ لابد من ملئه . ', 2206 => 'لم يرد عليّ بحرف .. صامتاً مكفهراً أخرج قنينته مرة أخرى ، وأخذ جرعة ثم أخرى وأخرى حتى أفرغها في جوفه ، ورمى القنينة الفارغة .', 2207 => 'وبدى أن السكر استولى عليه . ولكن مسيرة ما أنفك معتدلاً ، وسيطرته على السيارة تامة كأنه تعلم السياقة تحت اللاشعور ... أنا ما عدت أـخشى السكارى في شعب ثمل بالخمر والعهر ... والفلسفة !! ', 2208 => 'وقريباً من شارع فرعي ، قال لي باحترام وود : ', 2209 => ' أخي الكريم ، من فضلك ، أنا ذاهب من هنا إلى " الكاولية " ( ) فهل ترغب في الذهاب معي ؟ ', 2210 => 'قلت بنفاق مفضوح : ', 2211 => ' " ولا تقربوا الزنا أنه كان فاحشة وساء سبيلاً " .', 2212 => 'وبدى كأنه يسمع الآية لأول مرة ، وكأن عقله عاد إليه فقال مستفهماً : ', 2213 => ' ها. صحيح. الفاحشة، والله ما كنت أدري . مَن قال هذا ؟ ', 2214 => 'قلت بتركيز وإيمان : الله تعالى . ', 2215 => 'قال يتفلسف ، كأي حمار عراقي : ', 2216 => ' الله في الجبهة .. وفي الشارع .. وفي المسجد يحرق ويلعن ويُطرد ', 2217 => 'لكني أرى الحياة في الماخور هادئة عطوفة حنونة لذيذة دافئة بعيدة عن دنيا الحرب والكفر والدجل والنفاق ... إني أجد الله هناك اقرب ... هيا بنا لعلنا نرى الله ... ', 2218 => 'ما كنت قادراً على منعه ، ولست بمستطيع مغادرة مقعدي الدافئ المريح إلى البرد والشارع الموحش في هذا الفجر الأليم .', 2219 => 'وبدى أنه عدل عن فكرته عندما قرعت أسماعه تكبيرات مآذن بغداد . ', 2220 => 'قلت : لنصلي . ', 2221 => 'قال : أنا لا أدخل الجامع ، إنما سأسكت هنا دقيقة صمت ، حداداً .. على موت الله . ', 2222 => 'وسكتنا دقائق ونحن نسير في الشوارع الكبيرة المنورة بصخب . ', 2223 => 'قلت : أترى أن هذه مدينة حرب ؟', 2224 => 'قال : بل هي مدينة السلام ، بغداد صدام . ', 2225 => 'وكانت امرأة تشير من بعيد بإلحاح ...', 2226 => 'قال : ما رأيك أن نأخذ هذه ، نستمتعها .. على سنة الله ورسوله ؟ ', 2227 => 'قلت : ماذا تعني ؟ ', 2228 => 'قال بثقة العارف : هذه مومس محترفة ، خرجت في الفجر ( على باب الله ) تحصل رزقها .. تيقن أنها صَلت ودعت حسب الأصول ، قبل أن تخرج في الغبش ... إنها تبحث عن فحل مؤمن صلى لصدام وصام أربعين يوماً . ', 2229 => 'سبحان الله !... كل يرى الناس بحسب نفسه .. قلت بلهجة فيها عدم ارتياح !', 2230 => ' بأي حق ترمي المحصنات ... ما أدراك لعل مصيبة أخرجتها في هذا الوقت المبكر من الفجر ؟', 2231 => 'وقف لديها ، فرمت بنفسها على السيارة تقول بلهفة : ', 2232 => 'فدوه أروحلكم ، وياكم ... زوجي جلبوه شهيداً ، وخابرونا أن نستلم جثته من مستشفى الرشيد أرجوكم الرحمة ، خذوني . ', 2233 => 'وسريعاً فتحت الباب وتكومت في المقعد الخلفي وهي تجهش بالبكاء ..', 2234 => 'زوجها !.. وحدها !.. في هذا الصباح الأليم !.. الله أكبر ... إلى أين آلامكم يا أهل العراق ؟ أنا الآخر رحت أبكي بحزن حقيقي . ', 2235 => 'ومددت يدي لأسد المسجل وطبوله المنكرة . لكنه لم يسمح لي ، وقال : دعه . ', 2236 => 'قلت : إذن افتح محطة الإذاعة على قرآن الفجر .. ها هو يؤذن . ', 2237 => 'صدع لرأيي حياءاً وتذمماً ، وأدار الراديو على إذاعة دينية .. لكنه أبقى الصوت واطئاً جداً . ', 2238 => 'وقطعت المرأة بكاءها وقالت : ', 2239 => ' عيني .. إلى أين أنتم ذاهبون ؟ ', 2240 => 'قال لها صاحبي بنزق : " ذاهبون إلى " الكاولية " ', 2241 => 'قالت بأسلوب مباشر : " خذوني معكم " ', 2242 => 'وفيما كنت أتلفت لأفهم ، قرص صاحبي فخذي ', 2243 => 'وقال : " هل تعرف أن تسوق " ؟ ', 2244 => 'قلت : بلى ', 2245 => 'قال : تعال مكاني . ', 2246 => 'وتباطأ حتى وقف ... لكن فهمي كان بطيئاً جداً ... تصورت في البدء أنه داخ من العرق والسكر ... ويريد أن يستريح .', 2247 => 'قال لي : خذ هذا الشارع الطويل ... كن بطيئاً سق على مهلك . ', 2248 => 'نزل سريعاً ، واستدرت مكانه ، فيما تحول هو إلى المقعد الخلفي مع المرأة !... بدأت أفهم الحالة ببطء .', 2249 => 'بعد مسيرة ميل على غير هدى ، لم احتمل الحالة ... لا أقدر أن أقود .. المرأة كانت فاحشة وشهوانية بلا حدود ... والصوت أقسى من الصورة !... الأنْعاظ ضايقني .. وقفت في الظلام . ', 2250 => 'لما قضى صاحبي وطره منها ، بادلني الحراسة والسياقة .. ودخلت .. المقعد الخلفي .. يا لله ما الخلفي !. بعد أربعون يوماً من الحرمان.. الصيام .. على دين عبد الله المؤمن صدام !!!', 2251 => 'لم تطلب شيئاً لما قال مازحاً : " أأمري " .. لكنه لم يعطها فلوساً ، إنما ناولها كيس كبير فيه علب بسكويت ومعلبات ... مؤكد أنه سرقها من حانوت الإعاشة العسكرية حيث يعمل . ', 2252 => 'أما أنا فقد سلمتها خمسة دنانير من راتبي البالغ أربعاً وثلاثون ديناراً ... تستاهل . تاخذها حلالاً طيباً ، منحة خالصة من كل قلبي ... لقد تعلمت ثلثي المرأة على يديها .. كانت امرأة .. والنساء قليل . ', 2253 => 'قلت لها منسكباً على ترائبها الحنونة : ', 2254 => 'كليها هنيئاً مرئياً ، لأنك كنت بحق هنية مرية شهية .. بارك الله فيك تؤدين عملك بإتقان وعشق وإخلاص لا يتوفر لدى العاملين ... أنت فنانة تذوب وتتفاعل في دورها ... أنت مؤمنة تسجد بخشوع واستغراق . ', 2255 => 'وضحك صاحبي وراح ينشد : ', 2256 => 'وعابدةٍ .. لكن تصلي على القفا', 2257 => 'وتدعو برجليها .. إذا الليل أقبلا ', 2258 => 'وأطلق ضحكته الهستيرية العالية وأضاف : ', 2259 => ' " هذا الفتى أيضاً .. أُصيبَ بالفلسفة " ... ', 2260 => 'وقالت هي بصدق فيما أوّلت : ', 2261 => ' إني أحببت هذا الشاب اللطيف . أنه بريء نظيف . لا زال خامة بيضاء لم يدنس ... لا أحب أن أكون قد دنسته . وأريد أن يشملني بطهره ... ليتني أتوب على يديه ، وأكون له وحده . ', 2262 => 'وصاح صاحبي بانبهار : الله الله .. ونحن أين نكون يا شعب الفلاسفة ؟ ', 2263 => 'ثم راح يداعبها بمرحه المبتذل .. يقرصها في مواضع ... ', 2264 => 'لم يرق لي منه ذلك . ', 2265 => 'وكنا قد بلغنا الصباح في الباب الشرقي ( ) .. أوقف صاحبنا سيارته ، وقال كأنه لا يعرفنا : ', 2266 => '" انزلوا هذا هو حدي " . ', 2267 => 'نزلنا ، وهو يشيعنا بآيات الترحيب والتأهيل العراقية الحارة ... ', 2268 => 'ثم تحرك مواصلاً طريقه ، فيما مضى كل منا إلى غايته ، وسط زحام ساحة التحرير . ', 2269 => 'حمدت الله على السلامة . وسرت أنوء بحمل أفكاري الثقيلة ... أغربلها .. أحللها ؛ أيها الصح ، وأيها الخطأ ... أنا أم هذا العراقي ؟.. وقد انتهينا إلى ذات الفعل المزدوج !... لكننا لم نؤذي الحياة ، ولم نسيء الى أهلها فيما أرى . ', 2270 => 'وهذه العراقية الرائعة إنسلت من بين يدي كخطرة خيال ... أعطتني جسدها ، ولم تعطني اسمها ، لكي تحافظ على " ازدواجيتها العراقية " ، فتكون " امرأة شهيد ! " .. ما أقدسها في الاسم .. في القول ... وفي الفعل هي " عاهرة تبيع الهوى " ... ولكنها تحترم عملها حد التقديس . ', 2271 => 'العراقيون المزدوجون .. كلهم في الفعل متشابهون . في القول ، مختلفون ... متفلسفون !', 2272 => 'كبر مقتاً فلاسفة الازدواجية السكارى بالخمر . والقهر . والعهر ...', 2273 => 'قديماً .... لا خوف من اجتماع الخمر بالعهر . ', 2274 => 'إنما .. في الحرب والظلم والكفر ', 2275 => 'يدخل مع الخمر والعهر ...', 2276 => 'ثالوث اسمه القهر ..', 2277 => 'لينتج " الازدواجية " ... الفلسفة الأشر ', 2278 => 'وهناك يكمن الخطر . ', 2279 => false, 2280 => false, 2281 => 'تمت', 2282 => ' ', 2283 => ' أَصناف وألطاف ', 2284 => 'يكذبني . يخدعني . ', 2285 => 'أبشمني . أيئسني .', 2286 => 'وهو إبني ، أرضعته لبني . ', 2287 => 'سرقني مئة مرة ومرة . ', 2288 => 'بدأ بمحقرات . صغائر ، لم يعافها .. رغم كل معالجاتي . ', 2289 => 'ترك المدرسة . هرب وعصى .. ضربته فأبى . ', 2290 => 'أبوه قتيل حرب . ', 2291 => 'صار رجل البيت ... خان البيت !', 2292 => 'لو أعطيته قنينة الغاز ليملأها ، ذهب بها . باعها . سرقها .', 2293 => 'جدته تحبه ، ترحمه ... سرق سوارها . ', 2294 => 'فقدت بعض الحاجات من محل خالد الذي يعمل به . ', 2295 => 'ربطه إلى العمود وضربه ضرباً مبرحاً . ', 2296 => 'لم يعترف ... طرده . ', 2297 => 'صار محترفاً خطيراً يلقف كل ما يجد . ', 2298 => 'ملابس أخواته المنشورة على الحبل ...', 2299 => 'أواني الطبخ ... خرطوم الماء في الحديقة .', 2300 => 'المشكلة أنه لا يعترف ...', 2301 => 'عرفت أنه يشتري المخدرات .. يتعاطاها . يبيعها . ', 2302 => 'صار خطيراً لا أقدر عليه . ', 2303 => 'طردته من البيت ... لا أريده . ', 2304 => 'اشتروه ... سَخّروه . ', 2305 => 'صار إرهابياً ... قاتلاً . ', 2306 => 'نعم ... أنا أمه ... لم أقصر في جهدي ... عجزت عنه . ', 2307 => 'أرى القانون أرحم به . وبي . وبالمجتمع .', 2308 => 'لما حكمه بالإعدام ...', 2309 => 'بدموعي التمس تخفيضه إلى الأشغال الشاقة المؤبدة ', 2310 => 'أريده حياً ', 2311 => 'لا أحتمل أن يموت .', 2312 => false, 2313 => false, 2314 => false, 2315 => false, 2316 => false, 2317 => 'تمت', 2318 => false, 2319 => ' ', 2320 => ' ولله لصوص أيضاً !!', 2321 => 'حي على الصلاة ...', 2322 => 'منذ ثلاث تركت الصلاة . ', 2323 => 'وفكرت ببناء مسجد في الصين . ', 2324 => 'يحمل اسمي الرنان ', 2325 => 'ويقربني خطوة من خالق الشيطان . ', 2326 => ' * * ', 2327 => 'أشياء أراها في دار جاري ', 2328 => 'كلها تبكي على " حرامي " . ', 2329 => 'سأشن غارة على الجيران . ', 2330 => 'ومن الغنائم أكمل مسجدي الرنان . ', 2331 => ' * * ', 2332 => 'بعد نقاش صاخب وحام ', 2333 => 'اتفقت وصديقي التقي على جواز أن نسرق اللصوص . ', 2334 => 'من أين نبدأ يا تقي ؟ ', 2335 => 'قال : من الرئيس ', 2336 => ' * * ', 2337 => 'لبسنا العمائم مثل اللصوص . ', 2338 => 'خلعها صاحبي . قال لا يجوز ...', 2339 => '" العمامة تعني الاستقامة " . ', 2340 => 'لما عملت وزيراً ... للقبور ', 2341 => 'أمرت ببناء أضرحة ومساجد', 2342 => 'قال وكلاء وزارتي :', 2343 => 'ما أكثر التكايا في البلد ... اعمل غيرها .', 2344 => 'علمانيون ... طردتهم ', 2345 => 'جئت بـ " ديّانين " أطالوا المنائر ', 2346 => 'زججوها .. غلفوها بالذهب ', 2347 => '" ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب "', 2348 => 'لكن قلبي لا طمأنينة فيه ', 2349 => 'أخشى أن يغير عليها بعض " الوهابية " ', 2350 => 'أوعزت لصدقائي بسرقتها . ', 2351 => false, 2352 => false, 2353 => 'تمت', 2354 => ' ', 2355 => ' " السانيَة "', 2356 => 'طرحت جثة رضيعها أمام الشيخ في ديوانه المكتظ بالرجال ، وقالت : ', 2357 => '- " إن ابنك قتله " .', 2358 => '... زين شباب العشيرة وفارسها ... كيف يقتل طفلاً بريئاً ؟! ... " قولي غيرها يا امرأة ! " ', 2359 => 'وصكت وجهها صارخة نادبة : " أريد ولدي ! " .', 2360 => 'وجاء ابن الشيخ يقول صادقاً : " لم أرها ولا ابنها ، وما أفقه ولا حرفاً مما تدعي ! " . ', 2361 => 'وأحضروا " العارفة " فسألها أمام الملأ : ', 2362 => '- " متى وكيف تم ذلك " . ', 2363 => 'قالت في إفادتها : " في الصباح لما خرجت ابتغي حزمة من الحطب ، وتركت ولدي في ظل عليقة صغيرة ... عما قليل رأيت فارساً على صهوة جواده يمرق كالسهم بالقرب منه ، هو هذا الفتى. وصرخ الطفل فركضت إليه . وحملته إلى البيت ... لكنه لم يسكت حتى مات . "', 2364 => ' عجباً !... ربما يكون قد لدغته أفعى . ', 2365 => ' كلا ، بل هي رجّة حوافر الفرس أوقفت قلبه وهو ابن ثلاث شهور . ', 2366 => ' لكنها لم تطأه .. هذا باعترافك أنتِ . ', 2367 => 'قال العارفة : " إن حوافر الخيل ثقيلة على الأرض تدكها دكاً . ', 2368 => ' الله !... وتميت من هزتها ؟! ', 2369 => ' الفارس يضمن إذا حرك الماء .. هكذا السانية العشائرية . ', 2370 => ' كيف ذلك ؟ ', 2371 => ' نملأ قدحاً بالماء ، نضعه في موضع منام الطفل تحت العليقة ويمر ابنك بفرسه في طريقه الذي أتى منه فأن أرتجّ الماء فعليه الوزر ويدفع الديّة . ', 2372 => ' أهكذا حكمك ؟ ', 2373 => ' نعم ... وهو الحق حسب السواني التي وضعها الأولون . ', 2374 => ' وأنا قِبلت شريطة وضعها بقانون .', 2375 => 'لما تتحول أساطير الأولين وحكاياتهم الى ... " سواني " يختنق القانون .', 2376 => false, 2377 => false, 2378 => 'تمت', 2379 => ' ', 2380 => ' القانون والساطور ', 2381 => 'في الدور الثاني ، وتحديداً في درس الجغرافية ، لم يكن هناك إلاّ ممتحن واحد ، طالب فرد لا غيره في كل المركز الامتحاني الابتدائي . المدرسة ابتدائية في أقاصي ', 2382 => 'الأرياف ، وقد حضر الملاك كاملاً : المراقبات الثمانية – وكن كلّهن معلمات – إضافة إلى مدير المركز ومعاونه .', 2383 => 'تصرف المدير ببدع من رأيه – وكبادرة إنسانية بحتة – وإذن للمعلمات المراقبات بعدم الحضور في اليوم التالي لمن شاءت – وكلهن شئن طبعاً – حيث الحالة مكررة ، ولا يوجد سوى مُكمل واحد ( ممتحن ) أيضاً في مادة التاريخ ... المقبلة .', 2384 => 'صدفة ... جاء المشرف المتابع ... لم يجد سوى المدير ومعاونه في المركز الامتحاني كله !!.. مع الطالب الممتحن !', 2385 => 'جن جنونه !... كتب مذكرة في هذه " المهزلة " – كما سماها – ألقى المسؤولية وتبعاتها كاملة على المدير واتهمه بـ" سوء استخدام السلطة " ، خصوصاً عندما استحمق الأخير واعترف أنه أذن للمعلمات بعدم الحضور ، لعدم الحاجة لحضورهن – حسب رأيه – فالقانون لديه ليس مطرقة بيد حداد أو ساطور قصاب . بل هو إشارة ضوء ، نورها يكفي حسب . ', 2386 => 'غدت القضية الساخنة حديث المديرية الساخر والمستهجن . السلطة من يحترمها .. من يتعبدها ، يعبدها !', 2387 => 'لم يعبأ المدير بالمشرف ، راح يتحداه ويصفه بالشكلية والتزمت والسطحية والقشرية .. ظل مصراً على رأيه يدافع عنه في كل نادِ حتى أمام المدير العام المشهور بتوقيعاته الرسمية الأصولية " حسب التعليمات " ... وهكذا كتب على هامش المذكرة المقدمة إليه .', 2388 => 'صدرت العقوبة بحق المدير مشددة للغاية .. حسب التعليمات ! ', 2389 => 'أما المعلمات فوصلهن بالبريد إلفات نظر لعدم احترامهن سلطة القانون والتعليمات ... إنما كُن يتساءلن في همس : ترى من هو المسيء الحقيقي للسلطة ؟!....', 2390 => false, 2391 => false, 2392 => false, 2393 => 'تمت', 2394 => ' ', 2395 => ' " مسؤولية الكلمة "', 2396 => 'خرج أحد " أجدادنا العظام " واسمه " حمار بن عدي " بجماعة من قبيلته العربية العريقة ( .... ) وقف بطريق الحجاج واعترضهم . وكانوا بحماية " ابن سبكتكين " أحد الأجانب الذين احتلوا أرضنا وملكوا شعبنا ..', 2397 => 'بذلوا له خمسة آلاف ، ولكنه أبى وأصر أن يسلبهم جميعاً بعد أن يقتلهم . ', 2398 => 'ولكن شاباً من خراسان – لابد أنه فارسي شعوبي حاقد – رماه بسهم وقتله ، فتفرق أصحابه .. أي نعم فالعرب لا يكونون بلا قائد ، والقائد لديهم ضرورة .', 2399 => 'هذا هو النص التاريخي الموجود في الكتب ...', 2400 => 'لو سقط " الدكتور العربي جداً جداً نقمة لئيم العزائي " على هذا الخبر التاريخي ، لفرح بأن وجد فرصة لافتراء النِقم واللؤم ، وسَعِدَ إن وقع على مادة للثارات العنصرية ، وحجة في الأحقاد القومية التي يتبناها ويدرسها للناس ، باثاً لهم إياها بالصحائف والموجات دون أدنى إحساس بمسؤولية الكلمة .', 2401 => '* * * ', 2402 => 'الدكتور نقمة لئيم عزائي : كان له برنامج يومي في إذاعة بغداد . وأعمدة طويلة في الصحف ، يتحدث فيها عما يسميه بـ" العداء العربي الفارسي " منقباً في الكتب عن الأخبار والحوادث ، يديمها ، ويعلق عليها ، ويفسرها بتهويل وتضليل وخداع ليرضي فيها أهل السلطة والجاهلية . أنها ليست كلمات قيلت ومضت . بل هي شوفينية عنصرية ضد قيم الأخوة الإسلامية والإنسانية . ', 2403 => 'بل هي لا أبا لك حرب ، كتلك التي طالت ثماني سنين بلا روج ولا معنى .. إلاّ روح الانتقام ومعاني الحقد والجهل .... ', 2404 => '" وكل امرئ بما كسب رهين " . ', 2405 => ' * * * ', 2406 => false, 2407 => false, 2408 => false, 2409 => 'تمت ', 2410 => ' الكلب ... المتطهّر', 2411 => 'شمّر عن ساعديه للوضوء ...', 2412 => 'لكنه تذكر أنه على جنابة ، فقام يغتسل ، ', 2413 => 'ركبّتُ أعوادي السحرية ، ', 2414 => 'وأخرجت له جنية فاتنة عارية لا تقاوم . ', 2415 => 'لما رآها طلب مني بإلحاح مضاجعتها ، فقلت لك ذلك . ', 2416 => 'وحالاً راح يتلو عليها النص الشرعي للزواج المؤقت ، ', 2417 => 'ليستمتعها على سنة الله ورسوله !... ', 2418 => 'لما قام إليها منعضاً .... انقلبت في الحال كلبة . ', 2419 => 'قال لي متطهراً : ', 2420 => '- أرجوك أعرني " ك " لأنكح به الكلبة لئلا يتنجس " ي " ', 2421 => false, 2422 => false, 2423 => false, 2424 => 'تمت', 2425 => ' ', 2426 => ' أنواط الشجاعة ', 2427 => 'كان الأولاد يرعون الأغنام . وعلى التل بنو قصراً رئاسياً فخماً . إلى جانبه اصطبل ملكي . ', 2428 => 'الجشر الواسع المحيط بالقرية مرعى للحيوانات وساحة لكرة القدم ، وفي أثناء الهجومات يتحول إلى جبهة قتال . أما الآن فقد جعله الأولاد ميدان سباق للخيل الرئاسية !', 2429 => 'كانوا يتسابقون على الحمير على أنها جياد الفارس المغوار حامي شرف الدار ، بطل الأمة ... مَن وَطء أمة ؟!', 2430 => 'الرئيس القائد في الجبهة يقلد أنواط الشجاعة لجنوده الأشاوس .. أنواط من ذهب .. أو كذب !.. ربما أصدق منها تلك الروثات اليابسات والبعرات ، يشدها بالخوص ويعلقها الولد الرئيس عدنان ( اثنا عشر عاماً ) – على أجياد وصدور الصبيان الصغار من أصحابه وأترابه في المرعى .. وهو يقهقه ويهز كتفيه ، تماماً كالقائد الضرورة – أبو بعرورة ، يردد كلمته المعتادة " عفيه " ، وهو يربت على الأكتاف العريضة المثقلة ... بالزيف ! والنياشين !', 2431 => 'أنواط شجاعة صدام ... روث مشدد بالخوص !!... أي مسخرة ! نقلها متملق إلى الفرقة الحزبية بتقرير ملفق ، وراح فيها الولد ( الرئيس ) وأبيه !! إلى طامورات الأمن .. إلى المقابر السرية .', 2432 => 'وفي إحدى ردهات القصر الجمهوري السرية ، كان القائد العام للقوات المسلحة يستجوب قائد الفيلق الثاني ....', 2433 => 'صاح غاضباً : خائن !.. انزع جميع الأوسمة والشارات وأنواط الشجاعة الاثنى عشر ... وردد شعار الحزب المقدس .', 2434 => 'ثم أعدمه بمسدسه الشخصي . ', 2435 => 'الأمة تمر في زمن تحدِ مصيري – هكذا هي دائماً في عرف الطغاة – وأي تهاون في الصغائر ، يَجر على الكبائر .. المرحلة لا تحتمل خياراً أقل من النصر ( ) . ', 2436 => false, 2437 => false, 2438 => 'تمت', 2439 => ' ', 2440 => ' بائع التمر ', 2441 => 'والخمر ', 2442 => 'والشعر ...', 2443 => 'في قرارة عينيها سؤال مرتبك ...', 2444 => 'ولديّ رغبة عارمة للتحدث عن نفسي . ', 2445 => 'أنت ماذا ؟ ... أنت مَن ؟ ', 2446 => 'أرجوك لا تعتبريني بائع تمر ! ', 2447 => 'أفضّل أن اعتصر الخمر !', 2448 => 'أو أقبل الجمر !', 2449 => 'أهديك أنا الطائر الحبيس سيدتي : ', 2450 => 'تحية الغصون ، والفضاء الرحب ، والحرية . ', 2451 => 'وبعد : ', 2452 => 'فأني تركت القراءة والصلاة ..', 2453 => 'لا غيب في عالم مظلم .. بهيج . ', 2454 => 'رددي معي أنشودة الخنافس . ', 2455 => 'واستمعي معي إلى صرير القلم المجرم على الورق الأصفر . ', 2456 => 'ستري ثعابين جميلة ملونة . ', 2457 => ' تطل برؤسِها من الجحور . ', 2458 => 'تنقض عليها مردة سود ضخمة ، تزدردها في الحال . ', 2459 => 'ورجال يسبحون في التيزاب . ', 2460 => 'وآخرون يقبلون البغايا الكاسيات . ', 2461 => 'على موائد الخمر والشعر . ', 2462 => 'والدنيا مسرجة مدندشة ...', 2463 => 'تسير كأحصنة السيرك . ', 2464 => 'أحد عشر واقفون على أكتاف واحد !', 2465 => 'واحد + واحد = خمسة عِشر جاهل حاقد . ', 2466 => 'والأخضر هو الأحمر !', 2467 => 'قل نعم ... وإلاّ ستُعدم !', 2468 => ' كل القيم مهدرة ...', 2469 => ' ولكن الأمن مستتب . ', 2470 => ' حيا على الأمن . ', 2471 => ' والحرية ', 2472 => ' قنبلة !', 2473 => ' هل لي بحرية أن أقول الشعر ؟', 2474 => ' الأفضل لك أن تبيع التمر .... والخمر . ', 2475 => ' مهنة بيني وبينها ألف ميل .. كيف سأقول كلمتي ؟!', 2476 => ' قلها تمراً ... خمراً ... لا فرق . ', 2477 => ' ما علاقتهما بالشعر ؟!', 2478 => ' مترابطة بأحكام ... فكرّ . ', 2479 => ' ألا يكون شعراً بدون خمر ؟ ', 2480 => ' نعم يكون ... إذا أردت شعراً بدون نشر . ', 2481 => ' في النشر لابد من خمر ؟!.. ألا يعوّض التمر ؟ ', 2482 => ' لا فرق ، أنه في النهاية سيتحول إلى ... خمر . ', 2483 => ' لا أفهم ... يبدو مستغلقاً معقداً هذا الأمر . ', 2484 => 'وأطل في الحائط فلا أرى شيئاً ...', 2485 => ' ولا نفسي تقر ', 2486 => 'واراها من الشباك ملهمتي تمر . ', 2487 => 'فأتدفق كالإعصار ، كالنيران ، كالمطر . ', 2488 => 'أبيع الشعر ... ', 2489 => ' أو التمر ', 2490 => ' أو الخمر ... ', 2491 => 'لا فرق ', 2492 => false, 2493 => false, 2494 => 'تمت', 2495 => ' ', 2496 => ' يومٌ ... بلا صَدّاميات ', 2497 => 'أخوف شيء يريبني في هذه الدنيا هو الجنون ...', 2498 => 'لكني ، وما أنا فيه ، آيل إلى الجنون لابد . ', 2499 => 'لكم أتمنى أن أكون جاهلاً ، بعيراً ، حماراً ، جاموسة !', 2500 => 'وأنت يا عقلي الكبير ؛ ألا تستطيع أن تحد بسعتك ترهات جاهلة مكرورة ضيقة ... لماذا هذه الحساسية المفرطة تجاه كل الموجودات العراقية ؟! ', 2501 => 'لقد لوثوا الحياة العراقية بميكروب قاتل اسمه صدام . ', 2502 => 'أخيراً وجدت العلاج ... الحل لمشكلتي ، تبينته شعاراً : " يوم بلا صداميات " .', 2503 => 'وقبل أن أنام رأيت أن من المهم أن أعمل بعض التحضيرات لتساعدني في تنفيذ خطتي ، فنبهت على أهلي أن لا يفتحوا التلفاز ولا الراديو غداَ وأنا داخل البيت . ', 2504 => 'فجراً نهضت للصلاة ، فسمعت المؤذن يدعوا : " اللهم أحفظ قائدنا ، اللهم انصر جيشنا .... " يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ، يا مثبت العقول في الرووس " .. ', 2505 => 'ومسكت صدغي وقد انبثق منه ألم تطاير مع شعاعه عقلي ، وأسرعت إلى القرآن ، قرأت سورة يس ثم صليت فهدأت نفسي وشعرت بالنعاس فنمت ، لكني حلمت كأني في المدرسة ، وقد ازدانت بصور القائد والزهور والرسوم والإذاعة المدرسية تصدح بأغاني النصر وتتغنى بأناشيد حب بطل الأمة المنصور . ', 2506 => 'وفززت مرعوباً فإذا البيت كله يعج بطبول صدام الصاخبة وعنترياته الإعلامية .. والراديو بأعلى صوته .. وتحسست قلبي فإذ هو يريد أن ينفلت من مكانه ، وقدرت أني سوف أنفجر ، فأسرعّت إلى الهول حيث الراديو ، رفعته من على المنضدة وأهويت به على الكاشي ، فغدى جذاذاً و .... سكت . ', 2507 => 'نعم ، لو لم يسكت لسكت أنا .. وتحسست قلبي فإذا هو يعود هادئاً ، لكنه ارتفع فجأة عندما استبد به الغضب يريد تأديب هذا الذي خرج على أوامري وفتح الراديو ، فإذا هي زوجة أخي تظهر لي قبل أن أسأل وتقول – وهي صاحبة الحق - : " هذه ليست عيشة معك ، محرومين من كل شيء ... لو كان الراديو مالك ما كسرته " . ', 2508 => 'الراديو اشتراه زوجها من مالية البيت المشتركة . لكنها تعتبره ملكهم ضمن أشياء أخرى كثيرة . ', 2509 => 'سكت لأن الكلام قد يتطور إلى أن تخبر المرأة الشرطة و ... " انعدم " ، اما ان اباً في الكوت بصق على صدام في التلفاز باعتراف ابنته الصغيرة وثم ... أعدموه ! ', 2510 => 'وأسرعت خارجاً من البيت وأنا متمسك بشعاري : " يوم بلا صداميات " ... لا بتعد سحابة يومي عن كل ما هو " صدامي " يثيرني .', 2511 => 'ونايا بنفسي عن مستعمرات صدام ، هربت إلى البساتين والغيطان .. قررت قضاء يومي بعيدا عن الانتصارات والاحتفالات .', 2512 => 'بعد جولة في المزرعة جلست لأقرأ ؛ لم يبق لي سوى هذا الصديق السمج الثقيل أجير نفسي على مجالسته وفتحت كتابي وقرأت :', 2513 => '" أهل التسوية فريق من الشعوبيين الأنذال يذهبون إلى أن الناس متساوون لا فرق بينهم أبداً محتجين بعبارة " إلا بالتقوى " وما علموا أن هذه تخص الله والدين ... نعم أنهم ميساوون أمام الخالق في الأمور الدينية ، أما في الأمور الدنيوية فهم متفاوتون ، أما قال النبي ( ص ) : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " وقال : " أقيلوا ذوي الهيآت عثراتهم " .', 2514 => 'وقد صار الأدباء الشعوبيون تأسيساً على ذلك لا يمدحون بالنسب المجيد والأصل الباذخ والفرع الشامخ مستهينين بأنساب العرب الشماء ، وراحوا يمدحون من لا أصول لهم من الفرس بما يصفونه من معروف وبما لهم من عقل وحكمة ، محتجين بأن خير ما يرفع المرء عمله ! " . ', 2515 => 'هذه الشوفينية العنصرية الجاهلية والتضليل والتهويل والزيف والخداع ، ليس كلام جرائد شتامة ، أو حزبيات هدامة لا عتب عليها .. إنما هو مادة دراسية تقدم للنشئ في المناهج المدرسية لتربيتهم وتوجيههم في قرن الحضارة الإنسانية وزمن العولمة الأممية ! .. عوداً الى قرون الجاهلية الجهلاء .', 2516 => 'وحالاً رميت كتابي وركلته ككرة مثقوبة فولى عن وجهي وسقط في الساقية ، وطوح به الماء بعيداً ليغسله من السموم والأدران والخرافات والأضاليل . ', 2517 => 'ولفت نظري حشرة تتسلق غصناً أخضر يانعاً تجرده من ورقة ، فحصرتها بالعيدان حتى سحقتها فسقطت كتلة قذارة ... لماذا تعيش هذه ؟!... ولا أدري لم ارتفع إلى ذهني جواب من أعماق روحي يقول : " إن صدام العراق يتسلق وزبانيته غصنه الوارف ويعيثوا به فساداً ... لا حول ولا قوة إلاّ بالله .. لماذا يصر صدام هذا أن يتمثل أمامي في كل شيء ! ', 2518 => 'وسرق أفكاري للحظات منظر الشجر والزرع والماء ، ألا إني سمعت من بعيد صوت طفل في بستان جيراننا يغني ويقول : " والله ناويها عليهم " ', 2519 => 'إلاّ نلعب لعب بيهم .. ', 2520 => 'يا نصر صدام بينا ', 2521 => ' قائد الأمة الأمينة', 2522 => 'يا وطن هذا عهدنا ', 2523 => 'بحيلنا الأول بعدنا ', 2524 => 'وانتظرت لحظات صابرا على مضض لعله يسكت ولكنه وبعد أن اشبع هذه تكراراً انتقل إلى أخرى مثلها مهوساً : ', 2525 => 'ها أخوتي عليهم – كل الصوج منهم ومن أيديهم ... إلا نلعب لعب بيهم !!', 2526 => 'وجاءت أخته تنغم بصوت رخيم مقطوعة أخرى من هذه الأناشيد التي تبثها الإذاعة ليل نهار : ', 2527 => 'على كل لسان اسمك وبكل شفة ـ هلهولة وفرحه وغنوة فرح ترفه', 2528 => 'وعلى منوالها نسجت :', 2529 => '" على كل ( رقصة حرب) اسمك ، وبكل رفة ـ دمّرت البلد بجهلك ، في كل حرفه " ', 2530 => 'واستمروا يغنون وينشدون بصوت عال وبعد أن استوفتها ترديداً وتكراراً راحت تشترك مع أخوتها في مجموعة غنائية قوية الرنين صاخبة الجرس ذات تأثير بيّن على النفوس ليسمعها حتى من يرفضها ... كانوا يصيحون كمجموعة غيلان ، كمائة ويزيدون أنشدوها ... كيف جمعوهم من طغاة المغنين ؟!', 2531 => 'حتى بالليل الشمس نزلت على القاطع ', 2532 => 'حول الظلمة نهار الفيلق الرابع ', 2533 => 'الحدود بيد أبطال – وصوابهم قتال ', 2534 => 'همة حراسة ثقاة وسيفهم قاطع .. براعم صدام يصدحون له .. لا يسمعون غير هذا يتكرر على أسماعهم ليل نهار في البيت وفي المدرسة والفضاء ... يردد الأطفال ما يسمعون . ', 2535 => '* * *', 2536 => 'كنت قد خرجت بلا فطور . واقترب الغداء ، فعدت إلى البيت . ', 2537 => 'وعندما وصلت الطريق العام الذي يمر بقريتنا مرت سيارة كبيرة مكتوب عليها " دائرة الإعلام الداخلي " ترفع بالمكبرات أنشودة " يا جيشنا الحر الأبي يا غالي " ', 2538 => ' " يا الراد عنا الأجنبي .. يا غالي " ', 2539 => 'فضحكت من حالة التغصيص الثقافي ..! أيّة محاصرة ثقافية هذه التي يمارسوها على الناس ، هل يمكن لأحد أن لا يسمعهم .. وأين شعاري " يوم بلا صداميات ! " ', 2540 => 'قلت هاتوا غدائي . وما أخذت لقمة لم أبلعها طرقت الباب . خرجت فإذا مسؤول المنطقة الحزبي واثنان من الرفاق معه ، جاؤا يبلغونا أمر جمع التبرعات لدعم المجهود الحربي .', 2541 => 'سلمني ( العدو – الرفيق ) وصلا بمئة وخمسين ديناراً ، قال أنهم قدروها على بيتنا ... وكان ينظر لي شزراً قبل ستة أشهر كانت آخر حملة للتبرعات ، وكانت خاصة بالمصوغات . بالمصوغات الذهبية بدأتها زوجة الرئيس بكيلوغرامين من الذهب ، وأعطتهم أمي سوارها ... ', 2542 => 'قلت للمأمور الحزبي : لا نملك شيئاً ، وما دامت اسمها تبرع فلا إجبار فيها ... ', 2543 => 'هز البعثي الورقة بوجهي كأني شتمته وقال : ', 2544 => '" إذا راح الوطن ما ترجعه 150 دينار .. ماذا تقول إذا جاء الفرس المجوس وأخذوا دارك ودنسوا عرضك ... ولعلمك فأن العراق غير محتاج ، لكن الرئيس الله يحفظه يداري مشاعر الناس الطيبين لأنهم يلحوا عليه أن يفتح باب التبرع لكي تعبر الناس عن مشاعرها تجاه الوطن والقيادة " ', 2545 => 'لم أتغدَ ... سدت نفسي . خطفت بنطالي وقميصي وخرجت أسحب حذائي سحباً .. قلت لأمي أنا هارب إلى المدينة . ', 2546 => 'خرجت فإذا الناس تتراكض صوب الشارع الكبير من قريتنا .. وارتفع العويل والصوات .. وجاءت سيارة عسكرية تحمل نعشاً مغطى بعلم عراقي كبير ، والنساء ترمي أنفسها عليه. ', 2547 => 'يا دافع البلاء .. ماذا هناك ! أي متعوس قد جاء دوره في الضياع .. أنه حميد بن عبد الزهرة ابن سعدية أويلي على أمه ، رمت بنفسها على السطح فوق نعشه . ', 2548 => 'لا جديد .. لطم وعياط وصريخ يصم الاذان .. القرية عن بكرة أبيها انحشرت في الحوش الضيق الفقير أبي طلب مني الذهاب معهم للدفن في النجف ... اعتذرت ، أنا لا أسير خلف الضائعين .', 2549 => 'مجالس الفاتحة والعزاء على أرواح المغلوبين في كل مكان . قريتنا لا يفرغ مسجدها يوماً . ', 2550 => 'وقفت سويعة لتأدية الواجب . ', 2551 => 'الرفاق الحزبيون يأتون بمواكبهم المهيبة وحرسهم الشديد لقراءة الفاتحة .. سيارات مضللة ومدرعة وحماية وشرطة وأبهات عظمى ... يزورون كل عزاء كأنهم صدام بجلال قدرة المهيب . ', 2552 => 'يؤدون الواجب حسب الأصول التي يوعز بها الحزب . ', 2553 => 'أنهم يمسكون له الجبهة الداخلية ويتحدثون للناس . ببساطة ولطف وقهقهة صدامية .. يسألون عن أحوالهم ..', 2554 => 'هكذا دخل موكب أمين سر الفرقة . قال هؤلاء شهداء الوطن والحزب والقائد نحن نحملهم على أكتافنا .. تراكض الرجال للترحيب والتأهيل ... الرفاق يحملون النعوش الى ميدان الزيف !', 2555 => 'لم أطق المشهد .. غادرت على جناح السرعة . ', 2556 => 'أحدهم كان خارجاً تواً بسيارته . أشرت إليه . تعلقت به . تهالكت مدمراً في المقعد .. كان من أصهارنا في المدينة . قلت خذني معك . ', 2557 => 'راديو السيارة كان يذيع مارشات عسكرية وأناشيد للقادسية ... قال : " اليوم هجوم على الشلامچة " . ', 2558 => 'قلت : " بحق الملايچة لا أريد أن أسمع شيئاً " . ', 2559 => 'ودون استئذان أدرت قرص الراديو على إذاعة الكويت لابتعد عن الصداميات ... كانت إذاعة الكويت تنقل أخبار الهجوم أولاً بأول في بث مباشر من إذاعة بغداد ... البيانات والعنتريات والأغنيات .. فيما مغنِ كويتي ينشد لبطل الأمة العربية . ', 2560 => 'يزهي الفرح بالديرة – صدام يا أبو " القيرة " ', 2561 => 'أغلقته متأففاً ... ', 2562 => 'قال صاحبي ساخراً : ', 2563 => '- " هؤلاء سوف يقيرَهم صدام أبو الغيرة ! " ', 2564 => 'صمتنا كالنخيل والظهيرة .. وقتلاّ للوقت تناولت جريدة كانت موضوعة أمامي على ديشبول السيارة .. الثورة ، فتحتها فإذا : ', 2565 => '- جند صدام ينفذون عملية اقتحامية . ', 2566 => '- الرئيس القائد : لن نسد فوهة القبر ... لن يرجع منهم أحد هذه المرة . ', 2567 => '- مغاوير الفيلق الرابع يهوسون : " يا حوم اتبع لو جرينا " ', 2568 => 'لم احتمل . عفستها . رميتها.. هذه جريدة أخبار الوطن !!', 2569 => 'في السيطرة أنزلوني . فتشوني ...', 2570 => 'قيل : إجازتك . هويتك . ', 2571 => 'قلت : أنا طالب ... وأريته هويتي على الفور . ', 2572 => 'قال لا بس زيتوني ، مسرفن بأذرع غليظة ...', 2573 => '- أمتاكد أنت طالب .. وين خاتل . مواليدك كلهم ماتوا .. ', 2574 => 'تتذرعون بالطلابية .. خَوَنة ... ماي عيني صدام في الصيف سوقكم لجبهات الهور في حملة القصب والبردي ... والله لو بيدي أذبكم حجابات ... شلونهن الجامعيات ... بس لكم ... أوه ليلة واحدة وي جامعيه والموت حق ...', 2575 => 'قال له صاحبه : في اليوم التالي تروح لغيرك . ', 2576 => 'رد بعيون حمراء غاضبة : " وأنا مخبل أخليها عايشه للصبح وأقطع راسها "', 2577 => 'قلت : لماذا هذا الغضب على الجامعيات ؟!', 2578 => 'صاح بيّ مزمجراً : انچب ليك قشمر يلا إنجر وحمد لي صاحبي سلامتي وهو ينجر سريعاً وخلفه رتل من سيارات كثيرة تجمعت . ', 2579 => ' * * *', 2580 => 'كانت المدينة تصرخ .. أربع مكبرات صوت في كل ساحة وشارع ، تلغو باغان وطبول وبيانات .. يا رب .. الى متى هذا المهرجان الوحشي الصاخب ! ', 2581 => 'ورحت أبحث عن سيارة تنقلني إلى منزل صديق لي من شكلي ، أقع عليه لأرتاح وأتفسح كلما ضاقت بي الحال لنشتم صدام معاً ونخفف عن أنفسنا بالكلام ونحن في مأمن لا يسمعنا أحد . ', 2582 => 'لم أجده . قالت أمه أنتظره ربع ساعة . ', 2583 => 'وجلست في الاستقبال ونيتي صافية ثابتة أن أنتظره فأنا ما جئت إلاّ لهذا ... إلا أنه حدث شي : ', 2584 => 'على الكنبة رأيت مجلة " الدستور " بطبعتها الأنيقة وورقها الصقيل الملون ... تناولتها باهتمام ... هذه تصدر في لندن ، ولابد أن فيها حضارة وعلماً غير الجاهليات التي تحكمنا ... قرأت بالعناوين العريضة المُشكلة بالصور والتنميقات: ', 2585 => ' حسم عسكري عراقي لحرب الخليج . ', 2586 => ' يوم في حياة مقاتل عراقي . ', 2587 => ' قائد القوة الجوية يتحدث للدستور : ', 2588 => '" سنحرق إيران على الخميني "', 2589 => ' طارق عزيز : الحوار الهادئ مع إيران ، تكتيك خاطئ . ', 2590 => 'عجباً ، هذه تنطق بهوى صدام كأنها مجلة ألف باء وصدام ما أفسده غير الهوى وحديث الأهواء للمتزلفين والمنافقين والمتملقين .. جعله لا يرى الأشياء على حالها حتى أنطفأ عقله الواقعي مئة بالمئة .. ', 2591 => 'هم يريدوه كذا كيما يرموه في أوارها داهية ما دهت .. وكذلك فعلوا ويفعلون .... أنها حروبهم وموبقاتهم ، وما صدام فيها سوى ممثل بائس تافه لهم . قرقوز على مسرح تمثيلهم .', 2592 => 'ومزقت المجلة ونثرتها زبالة على أرض الغرفة وخرجت بلا وداع . ', 2593 => 'جئت أسير بالشارع كالسكران ، وأنا خاوي البطن ممتلئ الدماغ بأفكار سامة قاهرة ..', 2594 => 'واستوقفتني رائحة شواء . فإذا مطعم دجاج يشوى . فتذكرت ساعتها أسطورة ذلك الرجل الشرقي الذي تعلق بغصن شجرة وتحته أسد يتلمض وفارة تقرض الغصن . وثم رأى قطرة عسل ساقطة من خلية نحل على ورقة قرب فمه ، فمد لسانه يلحسها !', 2595 => 'تلك تماماً حالة الإنسان العراقي ، قد وضعوا حياته على كف عفريت ... سلسلة لا تنتهي من المخاطرات والمغامرات ، ليبقى العراقيون في دوامة قلق وخوف وانهيار عصبي حتى يجنوا فيقيموا عليهم الحجر !!!', 2596 => 'إن الخوف العراقي المخضرم مع أزمان الملوك جر إلى مرض الازدواجية الخطير السرمدي في الحياة العراقية ، وفي الشخصية العراقية . ', 2597 => '* * *', 2598 => 'امتلأت وشبعت فرد لي جزء من نفسي الذاهبة ورحت أسير في السوق ... هناك نساء كاسيات عاريات وقفت أنظر إليهن باستمتاع ... كانت إحداهن تلبس قميصاً عليه صورة صدام ... كرهتهن . ', 2599 => 'أريد أن أتقيأ ، مشيت إلى المكتبة علّي أجد كتاباً جيداً ، فما وجدت سوى ما يسمونه " مؤلفات صدام " وكتب عن الجنس والعنف والطبخ وروايات غرامية وبوليسية قديمة ', 2600 => 'مهترئة . وكتب دينية أثقل من الهم على القلب . ', 2601 => 'عبرت الجسر في طريقي إلى المرآب المؤدي إلى القرى . ', 2602 => 'كانت عشرات الأكف المشرعة كالحراب تطلب صدقة إجبارية بمختلف الدعوات التي تستدر عطف الناس وشفقتهم . ', 2603 => 'ولكن الذي استعصى على أفهامي ولم أعرف له تفسيراً ذلك النشيد الذي يردده شحاذ أظنه مجنوناً ... كان يردد بصوت عالِ ودون انقطاع : " زمان السلّط العگروگ عالرگ " عبارة مبهمة لم أفهم كنهها .', 2604 => 'لعلها شفرة استخبارية ، أو عنواناً لعملية عظيمة ربما ستطيح بالنظام . وإلاّ لماذا هجم رجال الأمن على الشحاذ المسكين واقتادوه ضرباً وركلاً إلى السيارة الحمراء أودعوه صندوقها الأسود الرهيب . ', 2605 => 'من حديث بعض الناس فهمت أن هذا الشحاذ المعتوه تستغله جهات شعوبية وأجنبية عميلة معادية للحزب والثورة لنشر الشتائم المبطنة التي تسيء لرمز القيادة الحكيمة ، فما ', 2606 => '" العگروگ " ( ) الهزيل الضعيف إلا صدام . وقد تسلط على " الرگك " ( ) الكبير القوي وهو الشعب .. ويا لعجب الزمان ! ', 2607 => 'وأنا أفكر بهذه المستعصية المبهمة ، دخلت سوق الخضار فصكت سمعي نداءات الباعة . وجلهم من المصريين والسودان . ', 2608 => 'ولفت اهتمامي مصري ضخم الجثة سمين كأنه فتوة السوق يقعد على كرسي مرتفع بباب محلة وينادي على بضاعته بدون توقف ، حتى إذا جاء أحد ليشتري منه راح يجأر رافعاً صوته بمدح صدام وحكومته قائلاً بلهجته : ', 2609 => '" عاوزين إيه العراقيين بقا أكثر من كده . نعمه ملهاش حد . كل دا بفضل الرئيس صدام اللهم أحفظه وأعطيه العافية وطولت العمر .. دا يخوانا حق رئيس محصلش والله .. يعيش الرئيس صدام حسين . يعيش " ', 2610 => 'كلا لا أظن أنهم أعطوه شيئاً ليقول هذا ، إنما هي المفاهيم المضللة الباطلة ، تختلط على العامة الادناع في كل مكان وزمان ، وتؤدي إلى عبادة البطل ؛ بطل التحرير القومي الذي نفى العراقيين إلى الحدود الشرقية للوطن العربي باسم " الدفاع المقدس " وأبدلهم مثلهم من رعاع المغرب ومصر والسودان فعبدوه بما أعطاهم ووهبهم مما لا يملك . ', 2611 => '* * *', 2612 => 'عدت إلى أهلي ... في السيارة ، كان السائق يفتح الراديو عالياً على إذاعة بغداد ... بيان عسكري طويل مليء بالشتائم القومية والأحقاد العرقية ، وجنون الزيف ... أصابني غثيان . أردت أن أتقيأ . رجوت السائق أن يسده بدعوى الصداع والتعب. فقال : ', 2613 => '- " عمي ما أقدر أسده ، أمر حكومة مو بكيفنا . تبليغات الحزب . بعضهم زودهم بمكبرات خارجية على سياراتهم . الهجوم اليوم على أشده ... الدنيا مقلوبة ، حرب موت ، أنت وين عايش !! " وتقول لي سد الراديو ... تريد تحبسنا !', 2614 => 'هكذا إذن .. حمداً على السلامة لما وصلت إلى البيت التقتني بها أمي والهة حرى .... قلقة بشكل يكاد يكون دائماً كلما خرج أحدنا من البيت حتى يعود ... اَكل الأمهات مثل أمي ؟! ويل للأمومة العراقية .', 2615 => 'ولمعالجة قلق أمي ، كان أبي قد أصدر أمراً إلينا جميعاً يقضي بالحضور الحتمي الإلزامي ساعة الغروب إلى البيت لنصلي جمعاً خلفه . ', 2616 => 'وجهاز التلفاز لا يسمح بفتحه إلاّ بعد العشاء ... وأمر أبي مطاع في داخل البيت إلا أنه كان يفتحه لتتبع أخبار الهجوم أولاً بأول .', 2617 => 'كان صدام قد احتله تلك الليلة على كل القنوات يثلط " مراطيط ذائق الخضار والجموع تهوس وتصفق له ، فما كان مني إلاّ أن بصقت عليه ، وأغلقت التلفاز وصعدت إلى غرفتي ... كانت زوجة أخي ترمقني بشزر . ', 2618 => 'استلقيت على فراشي ببنطلوني وحذائي .... ما لي أنا متأزم هكذا . لا أدري ما هذه الحساسية المفرطة من ( حشرة الدم) صدام ... أوه .. أهذا يوم أردته بلا صداميات . ليتني ما طرحته شعاراً .. قد غلبني قهراً .. صفعني بالهواء والفضاء الى الخواء والخبال !... أين المفر ، كلا لا وزر .. إلى ربك يؤمئذ المستقر ... ليتني أغفو بمخدر .. أين النوم وروحي تتأجج كأنها الجبهة . وسياسة الأرض المحروقة . ', 2619 => 'أردت أن أسمع إذاعة إيران لأعرف شيئاً من مجانين الطرف الآخر ... دورت جهازي على محطتها فإذا رصاص ينطلق يخرش الأسماع فيتعذر سماع أي شيء من شدة التشويش . ', 2620 => 'حالة لا تُطاق .. أهكذا يحاصر صدام الناس .. أي قوة وسلطان منحوه . ملكوه حتى الأثير كي لا يسمع لغير صوته أن يملأه !؟ ', 2621 => 'وجاءت أختي الصغيرة تخبرني أن التلفاز يعرض صوراً من المعركة ... نزلت مسرعا فإذا " الحصاد الأكبر " كما سماه صدام غير كذوب ... على أي دين يا أهل الله ؟! على أي حضارة يا أهل العولمة وحوار الحضارات وحقوق الإنسان ؟! .. ألا من نهاية لـ " يوم بلا صداميات " ؟', 2622 => 'تمت', 2623 => ' ', 2624 => ' هل استيقظ أهل الكهف ؟!', 2625 => 'من هم المغضوب عليهم ومن الضالين ؟ ', 2626 => 'أنهم اليهود والنصارى !!', 2627 => 'يكرروها سبعة عشر مرة يومياً في صلواتهم !', 2628 => 'المرابطون على الثغور ', 2629 => 'يحاربون الكافرين ', 2630 => 'في عالم العولمة ... وحوار الحضارات !!', 2631 => '* * *', 2632 => 'أمريكيون ( مثلثون ) جاؤا من وراء البحار .', 2633 => 'أطاحوا بعرش العتل الزنيم ', 2634 => 'الذي أفسد في أرض التوحيد .', 2635 => 'معمم صغير قال : " صدام نحن أسقطناه بالدعاء " ', 2636 => 'جرّب دعائك سيدي ....', 2637 => ' الآن يخترق القفص ؟!', 2638 => 'لعلها خترفة النائم ... ', 2639 => 'وبعض أهل الكهف لم يستقيظ بعد !!!', 2640 => ' * * *', 2641 => 'النهاية أيضاً ستكون علوية سماوية ', 2642 => 'لا بالدروع الصاروخية ... ولا القنابل الذرية', 2643 => 'أعلنت الحرب الطائفية ', 2644 => 'مئات المحطات العربية والإسلامية ', 2645 => 'تبثها الأقمار الصناعية ', 2646 => 'باسم الحرية الفكرية والدينية ', 2647 => 'والعولمة ... والنظم العالمية .', 2648 => 'عما قليل سينفجر الفضاء بالهرطقية ', 2649 => ' لينتحر الديانون وتتحرر البشرية .', 2650 => '* * *', 2651 => false, 2652 => 'تمت', 2653 => ' ', 2654 => ' " وَقفة عَلى الأعراف "', 2655 => 'قبل أن أحبو ، وحتى أن أرى ابن حفيدي .', 2656 => 'سوف أبقى ، وكثيراً ، دائماً أشدو نشيدي . ', 2657 => 'أمّا أن أكنْ ، أو لا أكون . ', 2658 => 'أنا حطابٌ فقير ، أو ملك . ', 2659 => 'لا لأِرضٍ ... بل لكون . ', 2660 => 'أنا نارٌ أو رمادٌ . قل ترابٌ ، أو وسخ . ', 2661 => 'ليس ما بين الثريا والثرى ...', 2662 => 'أن يُحَدَّ ، لا بميل أو بفرسخ . ', 2663 => 'أنا في الدنيا ملاك ، أو نبي ، أو إمام . ', 2664 => 'كذا في الأخرى عليين المقام . ', 2665 => 'أنا لص ، أنا قاتل ، أنا زنديق وكافر ...', 2666 => 'وإذا ما صدقوا ما زعموا . ', 2667 => 'أن بعثا بعدها ..... إني لخاسر ...', 2668 => '* * *', 2669 => 'هل لمثلي من وقفة على الأعراف ؟ ', 2670 => 'ما أشد كرهي لأواسط الحلول .. الأمور !', 2671 => 'أن شر الحلول أوسطها . ', 2672 => 'أيسمى حلاً أن يؤخذ من الحق قليلاً ويُعطى للباطل ، أو بالعكس !', 2673 => 'إن هذا برأيي إساءة عظمى لكل حسن في الحياة .', 2674 => 'وإقرار صريح – لا ضمني – بالخطأ . ', 2675 => 'حاكماً وقاضياً على ذات الكرسي مع الصح .', 2676 => 'تلك إساءة عظمى لكل حسن في الحياة . ', 2677 => 'ولن يرضى السيؤون أيضاً ', 2678 => 'الأبيض سيكون هو الأسود ...', 2679 => 'موازين الطبيعة سوف تختلف . ', 2680 => 'ستعترض الأضداد كلها على هذا . ', 2681 => 'لأنها لن تُعرَف ببعضها بعد أبداً . ', 2682 => 'أنها نظرية يرعاها الشيطان ...', 2683 => 'مدارات مجرمة للخطأ كي يستفحِل . ', 2684 => 'وليبق الصواب عليلاً سقيماً لا يحكم الحياة . ', 2685 => 'هم يحاربون الصواب بكل وسيلة ... ولكن !!', 2686 => 'لا يريدون للصح أن يموت ... لأنهم سيموتون معه بالضرورة . ', 2687 => 'فالخطأ وحده لا يستطيع أن يسيّر الحياة . ', 2688 => 'والصح يمكنه تسييرها بجزء منه .. بجرعة ، ولو قليلة ، مئة . ', 2689 => 'هات إذن جرعتك اللازمة لبقاءهم يا صح . ', 2690 => 'وابق مكانك مزجر الكلب ، لا تتقدم موضع الأحذية من القوم . ', 2691 => 'هكذا كان موقع الصح ودورة دائماً . ', 2692 => 'لذا امتلأت حياتنا بالأخطاء . ', 2693 => 'والأخطاء تتولد عنها الجرائم . ', 2694 => 'أن الخطأ الأعظم في تاريخنا جاء بسبب " الحل الوسط " ', 2695 => 'فتعالوا يا أنصار الكلمات الكبرى : ', 2696 => '" حق . أصولية . علي . حد . لا . سيف " ', 2697 => 'تعالوا معي لنحطم كل ما هو وسطي ، ترددي ، تساومي .. ', 2698 => 'لا خير في الحياة ، إن كانت في مجملها " وقفة قلقة على الأعراف" ', 2699 => 'أني العنها ، انبذها ، ألغيها ، ألقيها في مقر جهنم . ', 2700 => 'ذلك يرضيني أكثر . يسعدني أكثر . ', 2701 => 'كن دائماً في رأس الأمر . ', 2702 => 'إن كان خيراً أو شر ...', 2703 => 'قل يا عزف الجنة أو قعر سقر .', 2704 => 'وبعدها لا تبق قولاً أو تذر ', 2705 => '* * *', 2706 => 'رأيت لما وعيت الحياة ...', 2707 => 'ثورتي ... غير صالحة للحياة . ', 2708 => false, 2709 => 'تمت', 2710 => false, 2711 => false, 2712 => ' " المحاجَزة قَبل المناجَزة " ', 2713 => 'هذا هو عدوه القديم ، وخصمه العتيد عيناً بعين ، ظهر له فجأة من وراء التل في ألف من رجاله .. جاء يطلبه دون سابق إنذار أو علم . أهي خطة أم صدفة ؟.. ذاك كلام لا ينفع . إنهما الآن وجهاً لوجه .', 2714 => 'لما تراءى له وعرفه ، عسكر بجيشه الضخم قرب الماء منهم ليمنعهم عنه ، ثم دعاه إليه ليستسلم دون قيد أو شرط ... لكنه لم يجبه ... ما زال يفكر ... كان معه ست صابرون لا غيرهم ؛ فهل يغلبوا ألفاً ؟!. ', 2715 => 'لم يبرحوا رابية التل ، فيما ملأ جيش خصمهم فسحة الوادي ...', 2716 => 'وسريعاً أمر رجاله بالاختفاء وحفر مواضع متباعدة كثيراً ، وقال لهم في خطة طوارئ سريعة أعدها على عجل : ', 2717 => '- " ليثبت كل واحد منكم في حفرته لا يريم عنها قيد أنمله ، فأما هي قبره ، أو وسيلته للخلاص .. نفذوا أوامري بالدقة المتناهية . سأتولى بنفسي مساومة القوم ومفاوضتهم للصلح ، الذي لابد منه وسيلة للخلاص دونها الموت لا غيره .... اللازم المهم الآن أن نساومهم عن قوة ، لنشعرهم إننا بقدرهم عدداً ، إن لم نكن أكثر ... إياكم ثم إياكم أن يعلموا إننا سبع رجال فقط . عندها لن يفاوضونا ، سيميلوا علينا ميلة واحدة ، فلا صريخ لنا بعدها ... " ', 2718 => 'وراح يشرح لرجاله خطة العملية التعبوية السريعة .. قال لهم : ', 2719 => '- " إذا أنا وقفت بإزاء القوم أكلمهم ، فليقم واحد منكم بعد آخر من حفرته ، يمد بندقيته ، ويقول لي كلاماً يوهم القوم من خلاله ؛ إن كل واحد منكم إنما هو قائد لمجموعة قوامها ألفاً مدفونة متحصنة بالجبل ومستعدة لإطلاق النار " .. ', 2720 => 'بطريقة رياضية سهلة يمكن تحويل السبعة إلى سبعة آلاف باستخدام الصفر ... كذلك في الحرب يمكن استخدام الفراغ ، الصفر الذي لا يساوي شيئاً ، ليكون له الوزن الذي يرجح الكفة . ', 2721 => 'وأمر واحداً من رجاله أن يقود له جَواده ، كما الملوك أو القواد العظام ... ', 2722 => 'جاء يتخطاهم بكبرياء يَليق بالفرسان ، غير مبالٍ يجمعهم ، ولا هيّاب لكثرتهم ، ولا مبدٍ ضعفاً من قلة . ', 2723 => 'ترجل عن حصانه ، وأمر صاحبه أن يمد له سماطاً وسط العسكر ... كان يرفع راية سلم بيضاء . ', 2724 => 'وجاء زعيم القوم إليه . دار حوله بفرسه وهو يهز سنانه في وجهه بتحدِ صارخ قائلاً : ', 2725 => '- " لا محاجزة بيننا . أنت ميت اليوم لا محالة ، ولكني لا أقتلك إلاّ في ساحة حرب ... ', 2726 => 'اتكأ على جنب غير عابئ بخصمه ، وقال بتؤدة :', 2727 => '- " العن الشيطان يا رجل .. هذه ألوف مؤلفة بيني وبينك ستتقاتل ، وتطيح رؤوس وأيدي ، وإني جِئتك كيما أؤدي الذي عليّ أمام الله وعباده من قبل أن تزهق أرواح وتتيتم أطفال وتترمل نساء فتبوء بإثمي وإثمك ...', 2728 => '- ( بكبرياء ) ماذا تريد ؟ ', 2729 => 'رفع يديه عالياً وصاح مسمعاً العسكر : ', 2730 => '- السلم لا غيره نريد ... السلام بيننا وبينكم . لن نفنى ، ولن تبيدو ... ستبقى الحرب سجال بيننا يوم لنا ويوم لكم .. وقام واحد من الرجال الخمسة الراقدين في الجحور .. هز رمحه حتى تطوى ، وراح يلقي شعراً حماسياً يومئ به إلى قائده بأن هذه ألف أطلاقة مخبوءة تحت الأصابع خلف التل تنتظر الإشارة بأمر الإطلاق ... ', 2731 => 'وقال له زعيمه ينهره بشدة : ', 2732 => '- اسكت لا سكتت بلابلاك ... إذا انطلقت رصاصة واحدة من " جيشك " فسأعيدها إلى صدرك .. لن أحاسب غيرك ، لا أعرف ألاك ، هل فهمت ... أكفني شر الجهلة ', 2733 => 'والحمقى . اندفن في غارك ولا تبين بعد .. لا أريد لأحد منكم أن يرفع رأسه . ', 2734 => 'وفي الحال قام الآخر من جحره الأبعد يلوح ببندقيته ، ويرتجز مقاطع حماسية مؤثرة كما الأول مثيرة للعزائم .. ولكن " رئيسه " لم يمهله أن يكمل أرجوزته ، وقاطعه صائحاً ليخرس ويقطع اللغط في ... " جيشه " .. وأضاف : ', 2735 => 'وارتفع رأس البندقية ليبين من تحتها ثالث صاح الله أكبر ثلاثاً .. لكن صوت " القائد الأعلى " كان أعلى فأسكته . ناداه يقول : ', 2736 => '- اسمع يا أنت .. ذمة الله وعهده عليكم أن لا يتحرك واحدكم عن ( مسلحته ) قيد أنمه مهما طال الكلام بيني وبين القوم أو ارتفع إلى سبي أو حتى ضربي ... أريد أن يبوؤا بالإثم كله ، سأؤجل الشر ما استطعت ، فلي متسع إن شئت تعجله ... " . ', 2737 => 'وما كان الأمر بحاجة الى رابع ... إلا أنهم جميعا كانوا يطلون برؤوسهم من الجحور بين الفينة والفنية كأنهم الأفاعي الرقطاء ، فيظن الرائي أن أمة من جيش لجب محبوسة في جحور هذا التل ، يتركزون في موضع عالٍ حصين ، وأنها الآن لو ثارت فلن يصيبهم كلهم ولن يضحوا بمحجمة دم ، فيما سيكون أهل الوادي غرضاً للرماة قريباً متناولاً . ', 2738 => 'وجاء الإيعاز السري بالانسحاب ... وتأجلت المناجزة إلى ما بعد المحاجزة ..', 2739 => false, 2740 => false, 2741 => 'تمت', 2742 => ' ', 2743 => ' " ساحة حرب "', 2744 => 'اجتازت الشاحنة الطويلة شاحنة أخرى أطول منها ، وهي تزمر بثلاث زمارات هوائية مزمجرة بدون انقطاع . ولدى اصطفاف كابينتي القيادة على كلا جانبي الطريق ، صاح السائق المجتاز بأعلى صوته مؤشراً بالشتم والوعيد : ', 2745 => '- " لا تقل إني جئتك غفلاً " . ', 2746 => 'ثم مال بقوة على خط سير الآخر ... وتقهقرت الشاحنة العملاقة ، وانحرفت عن مسارها حتى كادت أن تنقلب .. وصاح سائقها من مكانه متفجراً بالغيظ يقول بلهجة سوقية مُبتذلة : ', 2747 => '- " أي أخ الـ( ..... ) على هذه الطلعة .. اليوم أسَوّيك تنكه ، هدية لأهل السكراب " . ', 2748 => 'تحولت المعركة من " بين أشخاص " الى "ما بين سيارات" ، وصار الطريق العام ساحة لتصفية الحسابات وبلوغ الثارات .. وكانت العشرات من السيارات الصغيرة قد انقلبت ، أو تصادمت وتحطمت من جراء ذلك الصراع الهمجي بين العملاقين الشرسين.', 2749 => 'أنهم يصفون ثاراً قديماً ... فقبل سنة حدثت معركة " على الأرض " بين سائقين ؛ انتهت بأحدهما إلى أسبوع في المستشفى متأثراً بضربة " درنفيس " في بلعومه ... كان هذا ', 2750 => '" المدَرْفسْ " يصرخ طيلة الوقت فيما بعد مهدداً يقول : " أنا أعلمك . اصبر علي . إذا ما قلبتك فأنا لست فلان .. لابد أن أقلبك في يوم .. " . ', 2751 => 'وأظنه هذا هو اليوم !!..', 2752 => false, 2753 => false, 2754 => false, 2755 => false, 2756 => 'تمت', 2757 => ' ', 2758 => ' ', 2759 => false, 2760 => ' ', 2761 => ' ', 2762 => ' ', 2763 => ' الصحوة الإسلامية', 2764 => 'أبّان الصحوة الإسلامية ', 2765 => 'قرأت كتاباً في " فدك " ', 2766 => 'أردفته بمجلد عن بيعة الغدير ...', 2767 => 'ومثله عن بيعة السقيفة . ', 2768 => 'وتوجّت مطالعاتي ببحوث عن الروافض والخوارج . ', 2769 => 'وعثرت على كُتيب في " ضلع الزهراء " . ', 2770 => 'وأبحث الآن عن كتاب في ....... الردّة !', 2771 => '* * *', 2772 => '" ولتجدن أكثر الناس عداوة للذين آمنوا اليهود ... "', 2773 => '" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ... "', 2774 => 'بهاتين الآيتين الكريمتين صدّر أحد حمير الهراطقة سِفره الضخم " حوار الحضارات " ', 2775 => '* * *', 2776 => 'مكافحة " المخدرات الفكرية " مهمة قاهرة ، وهذا الهذر الزائف المعوج يغزونا ، يتحذف علينا من كل اتجاه في كتب غالية منمقة .... توزع مجاناً !!', 2777 => '* * *', 2778 => 'الصحوة الإسلامية ، أيها المفتون .. الأنتم بها فرحون ', 2779 => 'لماذا تحولت ... الى طاعون !!', 2780 => '* * *', 2781 => 'لما ذبح الشمر الحسين ', 2782 => 'ضحك الملائكة القليلون', 2783 => 'وبكت الشياطين ', 2784 => 'ضج الكون بالبكائيين ....', 2785 => 'لأنهم الأكثرين !!', 2786 => '* * *', 2787 => 'عندما احتل العراق أمريكا ', 2788 => 'أسمت الأمريكتين ...', 2789 => 'انطلقت " الصحوة الإسلامية "', 2790 => 'لتمنع أن " يتأمرك العراق " ', 2791 => 'عبرت مضيق جبل طارق .', 2792 => 'حكمت الأندلس .', 2793 => 'وبنفس الطريقة ....', 2794 => 'أضاعت العراق !!', 2795 => '* * *', 2796 => false, 2797 => false, 2798 => false, 2799 => 'تمت', 2800 => ' ', 2801 => ' " عرفات ... والزير التلمودي "', 2802 => '24/7/2007', 2803 => 'الآن سألقي عليكم دروساً في الخل والطرشي !...', 2804 => 'والمناسبة هي صياغة إعلان تجاري لخمرة مُعتقة تدعى " عرفات" ', 2805 => 'إذا كبس التمر أربعين صباحاً ، سيصير خلاً ..هل مثله الزيتون ؟', 2806 => 'خذ بيارة من زيتون غزة . ', 2807 => 'تكفي لري حجاج القدس خمراً عرفاتياً !', 2808 => 'طريقة التحضير بسيطة جداً . ', 2809 => 'والمادة الأولية فائضة في منطقة الشرق الأوسط . ', 2810 => 'كل شيء هنا يصلح للكبس والتخليل والتخمير والخلط ....', 2811 => 'التمر والزبيب ، والزكاة والزيتون . والعقول والعاقول . والدين والطين . والشعير والشعور والشارع . والرجال والقهوة والنفط . وبنات آوى وبنات نعش وبنات آدم . والشرق والبرق والمرق والعرق . وعكه ومكة وكعكة ... وكل شيء لا يشبه شيء !!!', 2812 => 'أما معدات العمل ، فهي " الزيران " على اختلاف أنواعها . ', 2813 => 'ولا شيء غير الزيران . ', 2814 => 'ولا تسألوني عن أنواع الزيران . ', 2815 => 'فهذا " سر الله " ... فلا تتكلفوه . ', 2816 => 'وسر " المهنة الملكية " ... فلا تلجوه . ', 2817 => 'وسر " عرفات " ... فاسألوه . ', 2818 => 'فهو سيد العارفين فيه . ', 2819 => '" عجي " موائد الملوك و " دبّور " أضوائهم ! ', 2820 => 'من مثله !.. من يدانيه !... هل من مبارز ؟!', 2821 => 'خمّروه في تل أبيب . ', 2822 => 'وحمضوه في هوليود . ', 2823 => 'ووزعوه خمراً في الصالات وعلى الموائد . ', 2824 => 'من لا يعرف خمر عرفات ... " أبو الشايب " ؟!', 2825 => 'ذو العقال العربي ، والبنطال الأوربي !', 2826 => 'عرفات ... الأكثر مبيعاً في أمريكا !', 2827 => 'عرفات ... الأشهر بين زوار العواصم . ', 2828 => 'عرفات .. دائماً هو الأحسن والأضمن ...', 2829 => 'عرفات .. تحميه الآساد .. والموساد .', 2830 => 'عرفات ... رمز الجودة والأناقة والذوق .... اليهودي . ', 2831 => 'عرفات ... يشربه الرؤساء والأثرياء . ', 2832 => 'عرفات كالثوم ... تناولوه على أسرة الملوك . ', 2833 => ' وجالسوا به الحمير . ', 2834 => ' وقاؤه على المزابل ، لما تعفن وفسد ! ', 2835 => 'عرفات ... يحولك إلى حمل وديع يحمل غصن الزيتون . ', 2836 => 'ولكن إياك أن تكون خروفاً ، وتقضم الغصن !', 2837 => 'وتجعلنا مضحكة لليهود والنصارى . ', 2838 => 'ولكي ترضي عنك المسلمين . وتكمل حجك العرفا إبراهيمي ...', 2839 => 'تصدق بـ" خمر عرفات " على جبل عرفات . ', 2840 => 'لست فلسطينياً إذا لم تحمل في جيبك قنينة من " خمر عرفات " . ', 2841 => 'ولكن إياك أن تحولها في الشارع إلى زجاجات حارقة . ', 2842 => 'لأن عرفات سوف يغضب عليك . ', 2843 => 'ويأمر ساقيه أن يحبسك في .. " الخمارة " !', 2844 => 'امتلأت الخمارة !!', 2845 => 'فسد كل ما فيها . ', 2846 => 'أفاق عرفات من حلمه . ', 2847 => 'لقد نام في الزير التلمودي أربعين عاماً . ', 2848 => 'ولما صحا .... وجد أن الدنيا قد تغيرت . ', 2849 => 'وأن التيه اليهودي لن يوصله إلى سيناء . ', 2850 => 'إلا من " معبر رفح " ..... اللاآمن !', 2851 => 'فلسطين تقزمت ... ذهب اسمها ... التاريخ . ', 2852 => 'صارت ... قطاع وضفة !', 2853 => 'حكومة ؟!... أليس كذلك !', 2854 => 'حبذا الأمارة ... ولو في الدعارة ...', 2855 => 'لكن ( دولة أوسلو المتجمدة ) ذوبتها أيام التسويف ', 2856 => 'الحيف الحيف ...', 2857 => 'قام رجل بالسيف ...', 2858 => 'مجانين الحجارة ؛ ينازلون الدبابات ، والطائرات ... والمفاعلات ', 2859 => 'يقاتلون بموتهم !.. انتحاريون ، إرهابيون . ', 2860 => 'بل ..... استشهاديون !!', 2861 => 'قبل أن تمر ، ركب عرفات الموجة . ', 2862 => 'صرخ بأعلى صوته : شهيد شهيد شهيد . ', 2863 => 'ليكن ... قد اختار نهايته . ', 2864 => 'اكسباير ....... إلى الموت البطيء . ', 2865 => 'مَنْ بعدهُ في لعبة الشهادة ؟ ', 2866 => 'حماس . عباس . ترباس . فتح . ذبح . غلق . فتق . مزق ... كله واحد !', 2867 => 'أضداد من نفس النوع . ', 2868 => 'تُساق للتخمير ....', 2869 => 'إلى الزير التلمودي الكبير !...', 2870 => false, 2871 => false, 2872 => false, 2873 => 'تمت', 2874 => ' ', 2875 => ' النازحون من البصرة ', 2876 => 'طرقت علينا الباب ليلة ... خرجت ، فإذا رجل ، ولوري مًُحمل بأغراض وأثاث بيت . سلم علي فرددت السلام . ثم قدم نفسه غلي قائلاً : " أنا بصراوي " ', 2877 => 'وفهمت كل شيء ؛ البصرة مدينة المليون مقاتل !.. حبيبة القائد " أنهجم بيتهم منين ياخذوها " ! وجريد نخلها سيوف ... و " البصرية الحلوة الحبابة تطش الجكليت " !.. وماهر وطالع !.. والفيلق السابع وأم الرصاص .. وأم الزعاطيط ... وسخائم أخرى أخرها " حرب المدن " !', 2878 => 'قلت بكدر ، وأنا أجذب حسرة للبصرة وغير البصرة : ', 2879 => '- تفضل يا أخي . أهلاً وسهلاً . ', 2880 => 'ثم إنهمكنا في تنزيل بعض الأغراض والنساء والأطفال من اللوري . قد جاؤا على ظهره من البصرة وحتى كربلاء ، ينفخ في أجسادهم إسرافيل كانون حتى جعلهم خشباً ', 2881 => 'مُسندة ... ', 2882 => 'أثناء ذلك تقاطر علينا جمع من هذه الوجوه التي لا ترى إلا عند كل سواة . مواطنون ، ورفاق حزبيون وأعضاء مجلس القضاء والناحية ومشايخ وطناطل وتنابل ... قالت ( شريفة ) تلبس عباءة وخماراً : ', 2883 => '- سود الله وجه الخميني ... ماذا عمل بهذه الأوادم .. سباها سبايا الحسين ! ', 2884 => 'قلت : " هذه لماذا لا تذكر صداماً .. أليس هو الآخر .... " وقرصني أبو زهير لئلا أكمل ... يعرفني لا أسيطر على لساني فينفلت مني في كل مرة وأُساق إلى الأمن أو الحزب لـ.. يعدموني ، أو يقطعوا لساني ! وليجزي الله عديلي أبا رافع خير الجزاء فأنا مدين له برقبتي يعتقها ، يشتريها من الجلادين ، يفك عنها حبال الشنق بماله وجاهه ، مرة بعد مرة .', 2885 => 'مشاكلي مع الأمن كثيرة ، وملفي ممتلئ مكتض ... كلها كلمات لا غير ، ولكن من نوع هذه الكلمات التي تؤدي في العراق إلى قطع الرؤوس والألسنة . ', 2886 => 'زوجتي أم صادق لامتني تخاصمني ، لأني لا آخذ بوصاياها المفعمة باللهفة والحسرة : " أبو صادق صدقه لعينك استر علينا ، خلينا عايشين . الوضع بأي حال وأنت تحكي ما بدا لك ... تريد تروح بشربة ماء ، بكلمه ! " ', 2887 => 'وكلما كُرثنا بكارثة يجرها علينا لساني ، لجأت زوجتي إلى أختها تبكي وتولول ، حتى تستدر عطفها ، ثم من بعد عطف الأخت يأتي عطف الزوج .... وثم تعطف عليّ الحكومة ، ذلك أن أبا رافع يرفع ويكبس في مرمى شباك طائرة ألاعيب الحكومة ... فهو معاون المحافظ . ', 2888 => '* * *', 2889 => 'بصري أخر جاء يسأل ، يريد بيتاً يؤجره كي يأتي بعائلته التي أنذروها بالرحيل لتحول مدينتهم إلى ( منطقة عسكرية ) . ', 2890 => 'أرشدوه بأن لديّ بيتاً للإيجار ... لي بيوت كثيرة .. وحاقدون كُثر يستكثرونها علي .. لكنها كلها امتلأت بأهل البصرة ... وهذا آخرهم . ', 2891 => 'وأنا أسير معه لأدله ، وليرَ البيت ، كان لا يكف يشتم الخميني ... وكنت يومها أحب الخميني حب الله ورسوله . وأراه المخلّص الأوحد . ', 2892 => 'قلت : لقد استثنيت ، لا أؤجرك البيت . ', 2893 => 'قال بصلافة : " مو بكيفك " غصباً عليك ، الآن أروح أخبر عنك المنظمة الحزبية . أمر من السيد الرئيس الله يحفظه يقول : كل البيوت تفتح أمام أهل البصرة ، ومن لا يعطيكم الأقفال ، أكسروه قلت بحماقة وأنا أتأجج غيضاً : ', 2894 => '- " والله أنعل أبوك لا أبو الحزب لا أبو الرئيس كلب ابن الكلب " .. ثم نفخت كفي وأعطيته لطمة أردفتها بلكمة ، وتوليته رفساً حتى غاب عن الوعي . بعدها تركته وعدت إلى بيتي أروي القضية بتفاصيلها لامرأتي !! ', 2895 => 'بعد ساعة أو دونها جاء شرطة الحزب أخذوني .... وتبين أنه من عبثيي البصرة .. وكان ممكناً أن " أضيع " . ولكن عديلي توقاها بألف دينار دفعها لمدير أمن كربلاء – وكان صديقاً له - .. وهكذا نجوت بمعجزة . ', 2896 => ' * * *', 2897 => 'وكان لأختي بيت شهيد ، بنته بفلوس قسطوها إياها ثمناً لزوجها الذي ضاع في قادسيتهم .. وقد اكتمل تواً إلاّ من لمسات أخيرة .. وثم تنتقل إليه . ', 2898 => 'ذهبت إليه يوماً على عادتها ، فوجدته محتلاً قد امتلأ بالأغراض والنساء من اللائي إياهن . ', 2899 => 'تقدمت منها كبراهن ، قدمت نفسها بأنها زوجة مسؤول الجمعيات – لا ندري أي جمعيات ! – في البصرة ، وأنهم وقع عينهم على هذا البيت فاختاروه وطلبوا من الفرقة الحزبية استئجاره ! ', 2900 => 'كان بيت أختي قصراً يليق بالحكام . ليتنا عبناه قبل أن يأخذه الملوك غصباً . لكن الخضر لم يمر علينا وينذرنا ، مع أنه يتجول في الدنيا فيما يقولون . ', 2901 => 'لما احتجت أختي قابَِلتها بالسخرية ... ثم دعيت إلى المحكمة لتوقيع عقد إيجار واستئجار . ولكنها دهشت لما علمت أن قيمة الإيجار هي ثلاثون ديناراً لا غيرها ! ', 2902 => 'والذي يطلع على قوانين الاستئجار في عهد صدام يعلم أنه أفضل من التمليك لما يمنحه للمستأجر من حقوق وصلاحيات تفوق حقوق المالك وتجرده من سلطته على ماله التي منحه الشرع إياها . ', 2903 => '* * *', 2904 => 'بعد الشبع والري والدفء له وعياله ، جلست أحدثُ ضيفي وامرأته وابنتيه وهم يبكون البصرة وبيتهم فيها ونخلهم وأرضهم وشطهم ، يغمغمون حزناً على الحال التي هم ', 2905 => 'فيها . ', 2906 => 'سألته : شلونها البصرة ', 2907 => 'فأجاب : لا بصرة بعد ... ذهبت البصرة .', 2908 => ' أخذها الخميني ؟ ', 2909 => ' ليته يفعل ويخلصنا من صدام لكنه لا يقدر . دول القوة كلها مع صدام ، هذه حرب عالمية ، الأدوار فيها مُقسمة كما يريد الكبار . ', 2910 => ' لماذا لا يرعوي إذن ويفهم ، وهو يقرأ قول الإمام علي ( ع ) : " أفلح من نهض بجناح ، أو استسلم فأراح " . ', 2911 => ' لا يقدر . الأمر ليس بيده ... ولا بيد صدام . ', 2912 => ' كيف ؟!.. صدام والخميني بيدهما الأمر كله . ', 2913 => ' يتهيأ لك هذا ... الحقائق لا تؤخذ من الإعلام ... ', 2914 => 'القرار خارج الحدود . وراء الكواليس . بيد الكبار .. وما هؤلاء الحاكمين إلاّ بيادق ألعاب يحركونها بذكاء ودهاء لإبقاء المنطقة والعالم في أتون نار . ', 2915 => ' ( بتصميم ) أنت مخطئ يا عزيزي . بل هي حرب الإسلام ضد الكفر والنفاق ... الخميني هو حسين العصر وهذا الشيطان الأبقع يزيده ... ويأبى الله أن يقتل الحسين مرتين . ', 2916 => ' ( متبسماً بأسى شفيف ) قال : حزني على المؤمنين لا يعرفون الشطرنج . يحرموه !... فيما يلعبوه بهم كل يوم .... ولكي تستقر لعبتهم وتطول ، لا يقتلوا الملوك .. يبقونهم إلى ما لا نهاية ، لأن ليس في نيتهم إنهاء لعبة الشرق الأوسط الشطرنجية !! ', 2917 => 'أما هذه الجولة المُسماة ( صدام / خميني ) فسيوقفوها بلا غالب ولا مغلوب عندما يستنفدونها حتى الثمالة لينقعوا بها لحية الخميني يدنسوها ، وأنف صدام يرغموه ، يكسرون به الكاس ... وثم يبقون نهاياتها السائبة بأيديهم يحركونها أنا شاؤا . ', 2918 => 'قمت أتأجج غيضاً ، كأني أحرقه . لكن لمزيد المعرفة أبقيته .... سألته : ', 2919 => ' - هل أنت عضو شعبة في البصرة ؟ ', 2920 => 'أجاب بتبسُّط : ', 2921 => ' لو كنت كذلك لأخرجت صاحبي من اللعبة ، بطلاً ، كما يسموه . ', 2922 => ' لعلها مناورات ابن العاص التحكيمية !', 2923 => ' ( بتأفف ) لا تربط الماضي بالحاضر بهذه الطريقة الفاجعة . خطؤنا عبادة التاريخ . تكراره .. لا ننفك من رموزه .. العاملون في ساحتنا اليوم لا يقرءون تاريخنا إلاّ بقدر تعرف عوراتنا ... الإرهابية ! ', 2924 => 'يحاصرني . يحيرني ... أحب الخميني . قلت ثائراً : ', 2925 => ' الإمام الخميني شيء مختلف ، ومن الدواهي التي جرها عليه الزمان ؛ مقارنته بصدام . ولكل نبي فرعون ! ', 2926 => ' سيدي ؛ إذا كان صدام ( مجنون سلطة ) . فأن الخميني (مجنون ثورة ) كلاهما أساءا السلطة والثورة بجنون مفرط. ', 2927 => ' ( بتفجر ) أرجوك احترم . أنت المجنون وصاحبك وأبيك . ولولا حرمة الضيف لطردتك الآن من بيتي ... لا أسمح لمخلوق أن يمس الخميني بسوء ، إنه إمام مجاهد على نهج رسول الله وسنة أهل بيته . ', 2928 => ' رسول الله ( ص ) هادن الكفار في صلح الحديبية . - ولا صلح مع الكفار – إنما لمصلحة المسلمين وحرصاً على دماءهم ... فعل ( ص ) ذلك .', 2929 => ' أين هذا من ثمانٍ مجنونة ، قتل فيها من المسلمين أضعاف أضعاف ما قضوا في كل حروب المسلمين !', 2930 => '* * *', 2931 => 'الأثاث والأغراض بقيت في " اللوري " بات السائق المصري في حراستها ، ومعه المالك الذي رفض المبيت إلاّ في شاحنته العزيزة ، خوف أن تسرق . ', 2932 => 'في الصباح ركب أبو طارق البصري في اللوري ليبحث عن بيت للإيجار في الأحياء . ولأننا تحدثنا طويلاً الليلة الماضية وتعارفنا ، فلم أترك ضيفي وحده ، رغم اختلاف الرأي فنحن علمنا ديننا قبل الديمقراطية أن أحرص على حقك وأعطيك كامل حقوقك ، وأنا أناجزك الجدل وأخالفك المعتقد . ', 2933 => 'لبثنا النهار بطوله نبحث دون جدوى . لا شبر فارغ في كربلاء . البصريون والمصريون وغيرهم ملئوها . ', 2934 => 'وقيل أن المحافظ يرعى العوائل النازحة من جراء القصف وذهبنا إلى هناك فقيل المحافظ لديه اجتماع ، وبعد انتظار ثلاث ساعات قيل اكتبوا عريضة حال وطلب ثم أطبعوها على الآلة الكاتبة حسب النظام . ', 2935 => 'لا نظام ... لو رفعوا أيديهم لسارت الأمور بلا اجتماعات ، ولا تعقيدات . ', 2936 => 'في الثانية ظهراً أُفرج عن الرد : " يراجع مقر فرع الحزب " ', 2937 => 'وذهبنا إلى " مقر الإفساد في الأرض " فأخذونا على حمام أهلي مهجور تعود ملكيته إلى حاج عاصم أحد الذين سفرتهم الحكومة في عام 1980 لأن تبعيتهم إيرانية ! كان حاج عاصم هذا من الأثرياء يملك دوراً ومحلات وعقارات ثم تبين للحكومة الرشيدة أنه " من التبعية الإيرانية " وكما أن ابنه " طلع حزب الدعوة ! " فأطفئوا داره واجتثوا عرقه من أعمق نقطة .. حسب تعليمات القيادة . ', 2938 => 'لا علينا من هذه التفاصيل .. " كل من عليها فان " لكن المهم في الأمر أن أبا طارق رفض الإقامة في موضع مغصوب ، لكنه لم يعلن عن ذلك للمفرزة الحزبية التي رافقتنا ... إنما السبب المُعلن هو عدم صلاحية المكان ووجود عائلتين تشغلانه قبله .. فكأن حياة المعسكرات الشيوعية العبثية تظهر في كربلاء ! ', 2939 => 'زهق الرجل وقال سأرجع إلى البصرة ، ولامت في القصف ، خير من هذا العذاب . ', 2940 => 'كان صاحب اللوري – وهو من النجف – يمسك لنا ساعته ، كلما دارت العقارب دورة ، قال : زاد السعر الأجرة خمسة دنانير ... هذا زيادة على الأجرة الأصلية التي جاؤا بها من البصرة وقيمتها 230 ديناراً حسب الاتفاق . ', 2941 => 'بعد تطواح طويل عقيم عدنا بخفي حنين إلى بيت قعيدته " هلال العيد " أم صادق . ', 2942 => 'تعشى الجميع بسعادة وحبور ، لكن الملاك النجفي عكر الصفو بإصراره على خمسين ديناراً أجرة مبيت اللوري رفض أن ينقصها رغم تشفعنا بالنجف وساكنها والغري وأهله . ', 2943 => 'وكانت الأجرة قد ارتفعت إلى أربعمائة دينار ، وليس لدى البصري سوى ثلثمائة دينار جمعها لعوادي الزمن . وأصر صاحب اللوري أن يعطيه أجرته كاملة أو يرمي أغراضه في الشارع . ', 2944 => 'ولم احتمل المشادة الجائرة فصحت بالنجفي بعنف " اتق الله الرجل في محنه ويستحق المساعدة " . ', 2945 => 'قال : ساعده أنت من مالك . ', 2946 => 'قلت : الأجدر أن يساعده الحزب ...', 2947 => 'ثم التفت إلى البصري وأضفت : أبا طارق أهرع إلى المنظمة الحزبية أخبرها ستتولى عنك أمر هذا ومباشرة شتم السائق الحزب وقال : ', 2948 => '- العن أبو الحزب . حقي أنا آخذه بيدي . ', 2949 => 'ثم نادى على سائقه : " بنداري هات الهنگ " وجاءه مسرعاً بقضيب حديدي طويل رفعه النجفي وهزه بوجهي قال : أما فلوسي وأما آخذ الأغراض كلها واذهب . ', 2950 => 'عندها قلت له بتؤدة : ', 2951 => '- على كيفك عمي . أنا أتعهد بالفلوس . أنزلوا الأغراض وبك خير وتدلل . ', 2952 => 'قال : توجه على العباس احلف براسه الحار . ', 2953 => 'وحلفت غير هياب ', 2954 => 'وأنزلنا الأغراض حشرناها في أحد غرف بيتنا . ', 2955 => 'ودفعت الباقي كاملاً بعدما صفر جيب أبي طارق وفقد القدرة على الحركة والانتقال ليبقى وأغراضه وبناته وامرأته في بيتي ...', 2956 => 'امرأتي ظلت طويلاً تبحث عن حل . ولم تجد ... أنا كنت أرى أن البيت يكفينا جميعاً ، خصوصاً وأن الأغراض كانت تتناقص ، يبيعوها فرادى ليعتاشوا بثمنها . ', 2957 => 'عطاءاتي لم تنقطع لأبي طارق ، بيد إننا لم نتفق في الرؤى حتى النهاية .', 2958 => false, 2959 => false, 2960 => false, 2961 => false, 2962 => false, 2963 => 'تمت', 2964 => ' ', 2965 => ' تعذيب ', 2966 => 'كان " علي صدام " يفتخر بأنه " ابن صدام " معلناً بأنه فدائي لـ" أبيه " . لذا ارتقى سريعاً إلى رتبة " مقدم " ، وصار من أكبر وارهب وأقسى ضباط التعذيب في الأمن العامة ، وأعلاهم راتباً .... شارباه الطويلان المعقوفان المخيفان يتقاضى عنهما مخصصات تعدل راتب .. معلم . ', 2967 => 'كان الضابط الذي له خط تلفون خاص مباشر مع الكبير ، في مكتب التحقيق الفخم يتصفح ملف أحد المغضوب عليهم الماثل أمامه ...', 2968 => 'قال يتندر مع " قحبته " : ', 2969 => '- هل غسلتِ لباسي ؟ ', 2970 => 'قالت تضاحكه : ', 2971 => '- نعم ، ولكن لا حبل لنشره . ', 2972 => 'وكان يستجوب أحدهم . فضغط الجرس . ', 2973 => 'حضر بعض جلاوزة الجحيم . ', 2974 => 'قال لهم متضاحكاً وهو يتكئ بارتياح على كرسيه الدوار :', 2975 => '- " خذوا هذا ، اعملوا من " زبّه " حبل " . ', 2976 => 'وعلى الفور سحبوه من ذكره حتى خلعوه ... ', 2977 => 'كانوا جميعاً ... يضحكون !', 2978 => ' ولا زالوا ........ يضحكون !!', 2979 => false, 2980 => false, 2981 => false, 2982 => false, 2983 => false, 2984 => 'تمت', 2985 => ' ', 2986 => ' طنطل ', 2987 => 'اسمي " طنطل " ', 2988 => 'هذا أفضل من محمود " القاتل " ', 2989 => 'الرحمة الرحمة من الذات اللائمة . ', 2990 => '" ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا " . ', 2991 => 'من أين لي بالرقبة المقيدة ؟!', 2992 => 'وقد تحرر العبيد ، والغي الرق ! ', 2993 => 'من يحرر رقبتي ؟ ', 2994 => 'ورقاب الملايين من الرق الجديد . ', 2995 => 'ليتني كنت عبداً مملوكاً ...', 2996 => 'للعبد الأسود .... بلال الحبشي . ', 2997 => 'وأعود ألفاً وأربعمائة ...', 2998 => 'عبر الزمن والمسافة . ', 2999 => 'من أرض السواد الخصيبة ', 3000 => 'إلى صحراء الجوع والعطش .', 3001 => 'من القرن الحضاري الجديد ...', 3002 => 'إلى الشاء والبعير . ', 3003 => 'لأرى ... محمداً . ', 3004 => '* * *', 3005 => 'في الجيش ....', 3006 => 'ترتبك المعاني . ', 3007 => 'وتذهل كل كلمة عن مدلولها . ', 3008 => 'ويبدل القتل غير القتل . ', 3009 => 'لقد أخذوني إلى الجبال لأُقتل . ', 3010 => 'والعسكري حرفته " القتل " ولا شيء غيرها . ', 3011 => 'وقد قتلت ... كما أمروني . ', 3012 => 'قتلت " عباساً " ما ...', 3013 => 'وأنا لا أجد فرقاً بين العبابسة الثلاث ؛', 3014 => 'عباس بن زنگنة ', 3015 => 'وعباس الذي من قرية بغداد ', 3016 => 'وعباس القمي . ', 3017 => 'هم هدفهم الأعلى قتل العباس أينما وجد . ', 3018 => 'وكائناً من كان ...', 3019 => 'كردياًُ متمرداً !', 3020 => 'أو فارسياً مجوسياً !!', 3021 => 'أو عربياً أصيلاً !!!', 3022 => 'أو هاشمياً علوياً ..!!!!', 3023 => '* * *', 3024 => 'لا نار ، لا وقود ، لا خيام ...', 3025 => 'والريح تعوي في الجبال ', 3026 => 'تعزف لحن الموت الأبيض . ', 3027 => 'في منتصف الليل ، صدرت الأوامر بالتوقف . ', 3028 => 'صاح الضابط ؛ أيها الجنود : الحذر الحذر ', 3029 => 'العسكري يحمي نفسه . ', 3030 => 'القوة كلها تبقى خافرة . ', 3031 => 'المنطقة ملغومة بالعصاة ', 3032 => 'وقد نطوق ونحاصر في أي لحظة . ', 3033 => 'ويعمل الخنجر الكردي في رقابنا ذبحاً ....', 3034 => '* * *', 3035 => 'جمعتني نقطة الحراسة مع جندي لا أعرفه . ', 3036 => 'قال : لنتعارف .. ما اسمك الكريم ؟ ', 3037 => 'عم يتحدث الخلي ؟!', 3038 => 'في الجيش اسم واحد : " قاتل " ، وجمعها " قتلة " . ', 3039 => 'قلت : أرجوك دعنا بلا أسماء ', 3040 => 'لقد جمد البرد دماغي ، فنسيت حتى اسمي . ', 3041 => 'قال : لكن مهمتنا تتطلب أسماءاً ، نحن نعسكر و ...', 3042 => '- أوه ... سمني ما شئت . ', 3043 => '- خطأ . لابد أن أدعوك باسمك ، والأسباب هي : ', 3044 => 'وراح يعدد لوحده أسباب الضرورة الاسمية ...', 3045 => 'عسكري محترف .. ما أوسع خلقه !!', 3046 => 'الكلمات كالمسامير المحماة بالثلج تندق في جمجمتي ', 3047 => 'والأسماء مهرجانات دعايات كاذبة ، قد تعني نقائضها . ', 3048 => 'وفي حمأة التوتر المغيط قلت مازحاً مستخفاً : ', 3049 => '- اسمي طنطل ', 3050 => 'هل هناك عراقي لا يعرف " طنطل " ؟!', 3051 => 'باقر البطون الأسطوري الذي يخافه الأطفال ..', 3052 => 'ألم تخوفه أمه بطنطل وهو صغير ؟ ', 3053 => 'صاحبي التعيس الحظ ', 3054 => 'تعرف على " طنطل " ، فيما يبدو ، لأول مرة . ', 3055 => 'لم يكن طنطل العجائز والأطفال . ', 3056 => 'إنما طنطل العسكري . الجبلي . الثلجي . الجهنمي . الانتراتيكي !', 3057 => 'وعقل المسكين الحكاية . وقال مجاملاً بأدب جم : ', 3058 => '- أهلاً وسهلاً سيد طنطل . وأنا عباس من بغداد . ', 3059 => '* * *', 3060 => 'في لحظة ...', 3061 => 'تحول راسي إلى " طناطل " . ', 3062 => 'راحوا يقرعون جمجمتي ، يصرخون بإلحاح : ', 3063 => '- " أمّن البندقية " . ', 3064 => 'أجزاء من جسمي انقطع اتصالها بدماغي . ', 3065 => 'البرد والجليد تسد أكثر الطرق والمنافذ . ', 3066 => 'وعاد الطنطل القائل فيّ يلح : ', 3067 => '- " أمّن البندقية " . ', 3068 => 'رفعت يداي بصعوبة ', 3069 => 'مددت كفي أريد زر الأمان ، فلم تطاوعني . ', 3070 => 'كل مقاطعات الثغور والأطراف أعلنت العصيان ... في جسدي . ', 3071 => 'أذاني وأنفي وأصابعي و .... إحساساتي . ', 3072 => 'الجنرال " انجماد " أغار عليها واحتلها . ', 3073 => 'والجنرال طنطل القائل يصرخ في كل أذاني الداخلية : ', 3074 => '- " أمّن البندقية " . ', 3075 => 'إذا لم تؤمنها ستنفجر وتقتلك مع صاحبك . ', 3076 => 'هاجس لعين غريب ركبني ، كأن قدراً يلح عليّ بالموت . ', 3077 => 'خلى عقلي تماماً إلاّ من كلمتي ؛ " أمّن " ، " البندقية " . ', 3078 => 'تترددان في جنبات ذاتي الخاوية ...', 3079 => 'ويرجع صداها ، مثل بوق تنفخ فيه جوقة غيلان . ', 3080 => 'وأمرت الوالي المتمرد في كفي المحتل .', 3081 => 'إن أغلق زر الأمان ( ) ', 3082 => 'إذا لأضغط من ثم على العقرب ، كي أتأكد من الإغلاق . ', 3083 => 'وسمعت صلية رصاص ', 3084 => 'انتفضت فزعاً . ', 3085 => 'أنها قربي . كأنها في حجري . ترى من رمانا ؟', 3086 => 'عجباً ، هل أنا حي ؟!', 3087 => 'وتحسست جسمي ، ونفضت نفسي . ', 3088 => 'وتساقط الثلج . ', 3089 => 'وسمعته يتأوه ...', 3090 => 'ها !... أنه صاحبي يخور بدمه . ', 3091 => 'قال : لقد قتلني يا غادر ', 3092 => '- من ؟!.. أنا ؟!.. ربما ...! غير معقول ! ', 3093 => 'وفغرت فاي ،بينما كان يريد أن يصوب بندقيته نحوي !', 3094 => 'لكنه لم يقو على حملها فسقطت من يده . ', 3095 => '* * *', 3096 => 'في النزع الأخير سألوه : ', 3097 => '- من أطلق عليك النار . هل رأيت من ضربك ؟ ', 3098 => 'قال بتأكيد شديد : قتلني طنطل ', 3099 => 'وراح يكررها بشعور كامل : ', 3100 => 'لكنهم ضحكوا علية ... ', 3101 => 'حسبوها منه هذيانا وخترفة احتضار .', 3102 => 'كنت منهاراً أرتعد قراً وخوفاً ...', 3103 => 'وأقل تحقيق يمكن أن يؤدي إلى اعترافي التام . ', 3104 => 'ولكن ، لا تحقيق ولا محققون ولا حق .. أصلاً في الجيش . ', 3105 => 'إذا كانت الأرواح هناك بالمجان . ', 3106 => 'والأحياء ميتون مع إيقاف التنفيذ . ', 3107 => 'فألا يبدو التحقيق في مقتل ميت عادي ..', 3108 => 'ضرب من العبث والسخف ', 3109 => 'ومضت روح عباس إلى السماء ', 3110 => 'لأشاهد على إزهاقها سوى الله ..... وطنطل !', 3111 => false, 3112 => false, 3113 => false, 3114 => false, 3115 => false, 3116 => 'تمت', 3117 => ' ', 3118 => ' أدب المناظرة والجدل ', 3119 => 'هذه رسالة جوابية استلمتها من " شيخ عالم " رفعت له تقريراً عن موضوع فيه خلاف ... أحاول إقناعه بوجهة النظر الأخرى ', 3120 => 'بسم الشيطان الغوي الرجيم', 3121 => 'إلى الزنديق المرتد والرافضي الكافر', 3122 => 'سفالة " فلان " أبو زنيم . الحمار الحامل لأسفار الكفر تحقير ورزالة وبعد : ', 3123 => 'فقد قرأت سفاسفك . ووقفت على بعض هرطقاتك . والجواب جهنم الحمراء لكم يا أعداء الله . ', 3124 => 'نتمنى لك العدم والجور ، والموت والثبور ،... ', 3125 => 'والحرب عليكم وسخط الله ولعناته . ', 3126 => false, 3127 => 'التوقيع', 3128 => ' شيخ الجماعة', 3129 => ' ', 3130 => false, 3131 => ' ', 3132 => ' النهايات', 3133 => 'عيشنا في عشنا ، عاش الهنا – في خيمة الحب بظهر الجدول ', 3134 => 'تلك أضغاث أحلام شاعرية لا تسمن ولا تغني . عشت بها محروماً طيلة شبابي الأول ، لا أملك شيئاً لتحقيق أدناها . بيد أن الموضوع الآن ليس حلماً . أنها قصة " حب أعمى " معروفة مستهلكة ؛ مطلقة حلوة ثرية لا تزال صغيرة ...', 3135 => 'قالت جدتي : " خذ مطلقات البين ، ولا تأخذ مطلقات الرجال " ... حكمة قديمة مستهلكة أيضاً . وَلست بغاضٍ للحكم ، وهذا الملف التاريخي قرضه العصر ... والجرذان . وهو محتاج إلى من يخطه ويجدده ...', 3136 => 'أما أنا فلسوف أبدأ من المليون . أما الصفر ، فأنا تاركة للأغبياء المهوسين . ', 3137 => 'عرفت فيما بعد أن " أم منار " طلقها الاثنان ؛ البين والرجال وكلاهما على شر .', 3138 => 'أما الأول فجندي " استبسل " بأن قتل مجموعة من رافعي الأكف والرايات البيض ، فنال تكريماً من لدن القائد وصار ضابط درع ، ثم احترق بدبابته في الجبهة بعد ذلك . ', 3139 => 'والثاني كان زير نساء نصاب مختص بـ" نسوان الشهداء " قضى وطره مع أم منار ثم طلقها . ', 3140 => 'والثالث أنا .. فقير معدم ... وما جئت على خير .. بدءاً . ', 3141 => 'قال الشيطان ، وصدق الرحمن ، واختلط الصدق بالكذب ، مؤدياً إلى صدق في النهاية . ', 3142 => 'الكذب ؛ إن أبي كان تاجراً . وإني تزوجت امرأة وطلقتها . وأني خلو من العلاقات العاطفية الآن خصوصاً في الكلية . وإن إيماني بالله والخير راسخ . وأن أمي دلالة ، وأني أحب صدام وأن لدي أقارب في الكويت ....', 3143 => 'أما الصدق فأنا طالب معدم في الجامعة التكنولوجية . يلزمني مئة ألف ويزيد لأكسي " آمالي العراقية " ثوب الحقيقة .. فـ" بيت وسيارة وامرأة " ... ياه !.. " امرأة " .. تلك طلب ملح ، ليتها بدينار ، لتدخل المطعم تقول للخادم : هات امرأة . بدل " نفر كباب " !...', 3144 => 'الصدق أن صلاتي " بين سطر وسطر " ، وأن عمري ثمان وعشرون سنة ولم أمس النساء قط . وأني طالب ذكي نشط متحرك لأني مُكلف بإعالة أمي وأخوتي ... ونسكن بيتاً صغيراً بالإيجار . ', 3145 => '" الطلابية " تلك في الصباح . أما عصراً فأنا " كولي " صنائعي من هذا النوع الذي يسميه المصريون " بتاع كله " .. فأحمل الآتي على ظهري ، وأدور في الأحياء السكنية التي اختطتها الحكومة لذوي قتلى الحرب تحت مسميات ؛ حي الشهداء ، حي الضباط ، حي الشرطة ، حي العسكري . الخ ...', 3146 => 'كنت أنادي على نفسي كأني أبيعها في سوق النخاسة . أعلن عن خدماتي كعبد ماهر مطيع يجهز الماء والكهرباء ويشد الزجاج ويصبغ الدور ، وكما لديه خبرة متواضعة في إصلاح الأعطال العامة في كافة الأجهزة والآلات المنزلية ... التكنولوجيا صنعتي ودراستي ، لكن المال هدفي . ', 3147 => 'وما كذبت قلامة ظفر . لقد كانت خبرتي العملية النظامية معروفة لدى السكان وخصوصاً ربات البيوت اللاتي يستعن بي في أدق الترتيبات التي يحتجنها في منازلهن ، وبأسعار رمزية .', 3148 => 'أما دار أم منار فقد أنجزت معظم أعمالها بيدي ، وأودعت فيها كل عبقريتي في الضبط والإتقان والشكل . ', 3149 => 'كانت تحب الجديد والجميل . ولديها الفلوس ، فتنظر في جنبات البيت لتضيف وتغير وتوسع معتمدة آرائي وابتكاراتي ... وذوقي أيضاً .', 3150 => 'أصلحنا الماء وجددنا الكهرباء وصبغنا الأبواب والشبابيك وأبدلنا الستائر ... وحتى الحديقة حرثتها وغرستها ونظمتها ، رغم أني لم أكن حدائقياً . ', 3151 => 'ثم قررت أم منار أن تجدد وتديم أثاث البيت ، وطلبت مني أن أشرف على المهمة وأصمم ديكوراتها حسب ذوقي وخبرتي ... وكنت معها اشتري الأشياء والحاجات بحسب معرفتي واختياري ، وهي تدفع الفلوس حسب . ', 3152 => 'أصرت أم منار أن يكون كل شيء في بيتها جديداً . وأهم شيء أن لا يكون فيه شيئاً من حياتها القديمة ... حتى غرفة نومها باعت أثاثها في السوق ، وحكمت رأيي وذوقي لاختيار واحدة بدلها جئت بها إلى البيت الجديد ، حتى إذا أكملت نصبها وتركيبها قالت بلهجة ودودة مرحه : ', 3153 => '- أحزر ماذا ينقص هذه الغرفة . ', 3154 => 'قلت بانبهار وحب : ', 3155 => '- لا شيء . أنها كاملة تامة ، مثل عروس مزفوفة . ', 3156 => 'قالت بشوق وهي تسبل جفونها باستسلام : ', 3157 => '- ولكن أين العريس ؟!...', 3158 => '... وفي ظرف ثوان ... أصبحت عريساً !', 3159 => '* * *', 3160 => 'لما دعتني حكومة الحروب العبثية إلى الانتظام في طابور الحمقى والمغلوبين ... وجاء دوري في لعبة القتل والضياع والزيف .... لأكون جندياً في " الجيش العراقي الباهش " بعدما أكملت دراستي في الجامعة ...', 3161 => 'رفضت زوجتي أن أتيه في زحام الباطل .. قالت بعزم وتصميم : ', 3162 => '- " سأقتل نفسي إذا ذهبت الى الجيش ... لن ادعك " تستشهد " مثل زوجي الأول . ', 3163 => 'قلت : كيف ذاك ودونه المقاتل ... هذا مقر الأمن قرب الحي ومن يتخلف سيأخذوه يقتلوه . ', 3164 => ' لن أدعك تخرج من البيت إلى الموت .. مستحيل سأظمك بين جوانحي . ', 3165 => ' والعمل ... والحياة .', 3166 => ' لا نريد عملاً بعد ... لقد صرت مهندساً فلا تناسبك الأعمال الحرفية بعد ... عيب ', 3167 => ' كيف نعيش ؟ ', 3168 => ' لا عليك ، سأتدبر هذا كله .. فقط لا تمت ، أرجوك . ', 3169 => 'وبقيت في رعاية أم منار دافئاً آمناً إلى ما شاء الله ، تنفق علي من مالها ، وتصد عني عيون الظالمين وإذا هم لقد تحقق حلمي الشاعري القديم ثم بدأت أزاول بعض أعمال التصليح داخل البيت أمارس بعض مهاراتي لأتكسب منها سراً بمعونة زوجتي . فقد عملت في غرفة سرية داخل البيت ورشة لتصليح وصيانة الأجهزة المنزلية ، أعمل فيها سراً طيلة الوقت ، لا أعلن عن تواجدي الظاهري فيها إلاّ أسبوعاً في الشهر كأي عسكري نظامي حيث الإجازة المعتادة بزعمي . ', 3170 => 'أما بقية الشهر فأنا في الجيش ، لا أعلن عن وجودي ، فيما تتولى أم منار مهمة التعامل مع الزبائن وأهل الحاجات حسب الأصول ...', 3171 => 'عشنا حياة هانئة بهذه الطريقة يأتينا رزقنا رغداً إلى البيت . إنما لا تخلو الحالة من مخاطرة وضيق وأذى وتعب . ', 3172 => 'وفي الأزمات عندما تنظم الحكومة حملات لتعقب الهاربين وتصفية المعارضين ننتقل للعيش في مزرعة زوج أختها في الأرياف ... وبالسر أيضاً . ', 3173 => 'انتهينا إلى إيمان وعمل وكفاح وحب وجهاد ورحمن .... ولكن تجربتي الشخصية الحقيقية تقول : إن هذا الخير في تبلوره ونضجه على هذا النحو الرحماني المطلق ... كان قد مر في ... محطات شيطانية . ', 3174 => 'أنا الآن حاضر للمحاكمة ... فماذا يفتي المفتون ؟!', 3175 => false, 3176 => false, 3177 => false, 3178 => false, 3179 => false, 3180 => 'تمت', 3181 => ' ', 3182 => ' ( لحن من نشيد " أرامل الشهداء " العراقي )', 3183 => 'خطبت بنتاً " اسمهما مكارم " . كانت تكره صدام الخطأ ... شبكتها ، وفرح أهلها وأهلي – كانوا جميعاً عائلة معارضة – تم كل شيء ... وسنتزوج ، ثم تركتها فجأة ، وفسخت الخطبة . ولم أبين سبباً لأن السبب مما يؤدي إلى طامورة أبي غريب الرهيبة .', 3184 => 'لم أصرح ، نوهت لها تنويهاً أن نعمل في الكفاح المسلح لمحاربة سلطة العبث الصدامي الباطلة .', 3185 => 'اعتذرت بهدوء وقالت : أنها لا تملك أدنى استعداد لتقبل فكرة كهذه ... في القول ؛ نعم . أما الفعل ؛ فلا ... كلهم هكذا .. العراقيون !', 3186 => 'أعطيها الحق " مكارم " .. هي تبحث عن حياة زوجية مستقرة هادئة ، تكره السياسة وأهلها . ولا يمكن أن تتزوج سياسياً ، ناهيك عن أن تعمل هي في السياسة .. مع فهمها العميق للسياسة . ', 3187 => 'رجتني أن ابتعد عن طريقها بكل احترام ، وكأن شيئاً لم يكن ...', 3188 => 'اتفقنا على الافتراق بأدب جم وسلوك حضري قويم ، مع تعهد بكتم السر حتى عن الأهل .. صاحبتي هذه نوع نادر في العراق . كانت زميلتي في الكلية . عاقلة أريبة عميقة تؤخذ منها النصيحة لما عرفت هَوَسي السياسي نصحتني بإخلاص أن أبحث عن واحدة موتورة قد جرحَِتها السلطة الظالمة بأحد أعزائها ، فهي تطلب ثأرها وترحب بك نصيراً تعمل معها بنفس الاتجاه .. وما أكثر هذين في عراق الضائعين !', 3189 => 'أنا كنت منشغلاً بالجهاد لا أقدم شيئاً عليه .. حتى الزواج إنما هو لدي جهاد لإكمال الدين وصون الذات ، فلا أقبل امرأة غير مجاهدة ، ولدي في رسول الله ( ص ) أسوة حسنة. لقد وظف المرأة توظيفا جهادياً ، حتى أن كل زيجاته كانت سياسية من أجل خدمة دينه القويم .', 3190 => 'كنت في العمل السياسي السري . ولدي بعض الارتباطات المشبوهة المؤشرة لدى سلطة العبث ... فلا يمكن أن أدخل لحياتي امرأة ليس لها استعداد للعمل السياسي ولو كان بسيطاً ، وإلا سأكون خدعت نفسي . ', 3191 => 'بعض صحابتي الأبرار في التنظيم " رضي الله عنهم " يعتمدوا السرية التامة حتى مع زوجاتهم . وبعضهم يعتبر المرأة شيء ثانوي لا يلزم إطلاعها على أكثر من شؤون البيت والأولاد مترسمين خُطى الأجداد . ', 3192 => 'لست من هؤلاء ، بل أنا على الضد التام من رأيهم حيث أدعوا إلى إشراك كامل وفعلي للمرأة في الشأن السياسي ، شرط أن توافق هي عن قناعة واستعداد ، لا أن تحشر فيه رغماً عنها ، أو تستغفل وتُجبر على الخضوع لأمر واقع ثم تجد نفسها فجأة " امرأة شهيد " ! قرت عينها !!..', 3193 => 'السياسة ميدان خاص يلزمه تخصص ومتخصصون يعملون بها عن قناعة وعلم ومسؤولية صادقة ، وأرفض قطعياً أن يتعاطاها كل من هب ودب ، فيتسيس كل شيء ويكون الشعب والناس كلهم سياسيون كما هو حاصل في العراق الخطأ . ', 3194 => 'هذه الوسائل الغوغائية في العمل السياسي يعتمدها الدجالون من أجل إغراق العامة و" تسييسهم " ( ) ثم تعويمهم كلكاً( ) منفوخاً يعبّرون عليه غاياتهم ، وثم يدفعهم التيار خارج اللعبة نهائياً . ', 3195 => 'لقد نصحتني " مكارم " – وقد بقيت معي على خط النصيحة فقط – أن التي تنفعني بحق ، واحدة من أرامل قتلى الحرب ، على أن أدرسها بعناية قبل أن أقدم .. وقالت مكارم : " ما دمت وضعت نفسك مشروع استشهاد فخذ ( امرأة شهيد ) أنما أحذر الزلل فأكثرهن يقبلن شرطك بنعم على أنه..( نعم القاضي )" التي تعني الزواج .', 3196 => 'كُن كثيرات في حيّنا .. جارات لنا ، لكن أيهن تناسبني .. و تريثت لأعطِ لنفسي فرصة الاختيار الأسلم . الأمر محتاج إلى دراسة دقيقة .. بأي طريقة أدخل !.. وأين وقتي .. لابد أن أستعين بأمي ، لكنها استغربت طلبي ، ثم رفضته .. كلفت أختي بالمهمة ، وأوضحت لها مطالبي وشروطي المبدئية في العمل السياسي . لا يمكنني أن أصرح بأي شيء . يجب أن تكون موافقة بدون تصريح .. يأتي ذلك بعد الزواج ... كلا . دع الأمر الآن . ', 3197 => 'أخيراً اخترت " أم معين " جاءت تمشي بقدرها . وقع عقلي عليها . أنا أعمل بعقلي فقط . أما القلب فمتعطل جاف منذ زمن طويل ، لما فتحت عليه نافذة السياسة فأيبسته . ', 3198 => '" أم معين " أرملة قتيل تكبرني بعشر سنين . تملك ما يمكنني من التعويض ؛ بيتان وسيارة وأربعة أطفال ، أكبرهم في العاشرة . ', 3199 => 'أمي قالت : " هذه تجرِ بقطار لها " ... لتكن . ', 3200 => 'كانت تأتي لدي أمي لبعض شؤونها . سمعتها مرة تقول لها : " يا خاله ، إن زوجي غفر الله له قتل نفسه بيده . كان يعلم أنه ميت . وكلما عاد من الإجازة ، أوصى أنه لن يعود . وكنت أمنعه وأنصحه بالا يضيع شبابه في حرب صدام ويخسر الدارين ، لكنه ما كان يمتلك إرادة ، فضاع وضيعنا معه " .', 3201 => 'وخرجت من غرفتي وسألتها : ', 3202 => '- " أم معين " ، ماذا ترين مصيره فيما لو كان هرب من الجيش كما ترين ؟ . سُيعدم خائناً جباناً ، ويلحق بك وبأولادك العار . ', 3203 => '.. على الأقل . أنه الآن " الشهيد البطل " وقد تقاضيتم ثمنه سيارة وبيت وراتب !!! ', 3204 => 'قالت أم معين تجر حسرة عميقة : ', 3205 => '- لو بقي حياً لتحصل على سيارات وبيوت أضعافاً . كان رحمه الله " أسطة بناء " ماهر يكسب جيداً ... وبعد ؛ أتعلم مقدار معاناتنا بعده ... هذه الأموال التي يضلون بها الناس ، لا تعوض شيئاً ... ليتنا متنا من الجوع . ليته مات وهو يجاهد الباطل صدام ... " ', 3206 => 'قلت ( هيَ ، هيَ ) في نفسي ... ولأمي أيضاً .. أرسلت إليها شروطي بالنبأ العظيم فلم تمانع .. بقيت موافقتها على شروطي يجب أن أسمعها من لسانها . ', 3207 => 'كلمتها عن إله العبث صدام فكفرت به دون خشية . قلت : أنا عامل على هدم أصنامه ، فماذا ترين ، هل تعملين معي ؟.. قالت بعاطفية ثائرة : " ومستعدة للموت أنا وأولادي .. لكن من يصل إلى صدام القاتل الهدام .. قد قتل الناس وخرب البلاد وأفسد في الأرض وهو سالم ... "', 3208 => 'سنصل إليه بعون الله والمجاهدين ...', 3209 => 'وبعونه تعالى تم الزواج على سنة الله بأيسر وأسهل السبل بتدبير أمي . ', 3210 => 'زفتني بثوبي – لا أملك غيره – إلى بيتها ، لأجد هناك كل شيء . ', 3211 => 'ولاكتني ألسنة الناس من حولي لادن غانيات وبصقوني على المزابل الاجتماعية مع كومة شائعات ودعايات حقيرة ... ثم عزفوا لي النشيد الوطني العراقي الخاص بـ" نسوان الشهداء " !!.. نظموا جوقة منهم ، من أحجياءهم وأشقيائهم – سواء – تتعقبني لتسمعني اللحن المعهود في زفات رعاعية متتالية لا تنقطع. ', 3212 => 'ولم احتمل مضايقات الناس في المنطقة ، فانتقلت بزوجتي و " أطفالي " إلى المدينة ، إلى " بيت زوجها الشهيد " في الحي العسكري . ', 3213 => 'هناك بدأت جهادي المسلح ضد السلطة الظالمة .. اتخذت البيت قاعدة انطلاق لعمليات كانت خليتها الأولى عائلتي الصغيرة.', 3214 => 'حاربت حزب العبث الاشتراكي ، الذراع المدني المحكم للسلطة الضالة في العراق ... حتى أقلقته .', 3215 => 'ظنوه جيشاً منظماً تدعمه إيران .. وما علموا أنهم أربعة أطفال ورجل وامرأة ، وسلاحهم " وَلاعة وخنجر ومسدس وقلم " لا غير !!..', 3216 => 'أُحرقنا وقُتلنا ودُمرنا واُغتلنا وهُددنا وكتبنا على الجدران ... دوخنا الحزب والمحافظة لما يزيد على السنة ... ', 3217 => 'الخطأ أني أردت توسيع قاعدة العمليات ، فاخترقتنا الخيانة ؛ طاعون العمل السياسي في العراق المريض. الإنسان المريض !', 3218 => 'استشهد طفلان من أولادي الأحبة ؛ الأكبر والذي يليه . وتشرد الاثنان الآخران .... وخامس ذهب مع أمه في بطنها – يا لهف روحي - .. عندما كبس الأمن العتيد بيتنا . قاومناهم ، أصابوا امرأتي ، أخذوها ... ', 3219 => 'هربت أنا إلى الشطرة جنوباً ... على الأقل أنا الآن فيها أكتب قصتي لأخلّد الشهادة والسعادة التي منحتها لأم معين حَبيبتي وأولادي فيها ... سلامي على روحك وأطفالك أم معين... أنتم أمامي في الجنة .', 3220 => 'سأتابع بعدها رحلتي وأنا أبحث عن " أرملة شهيد " أخرى لأواصل معها الحب والشهادة ... أليس هذا هو طريق العمل السياسي في العراق . ', 3221 => 'تمت', 3222 => ' ', 3223 => ' ', 3224 => ' أزمة شاب عراقي ', 3225 => 'منذ أسبوع لا أصلي .. أمهد لعملية كبيرة .. خزينة الشركة تكاد تدعوني إلى .. خدرها . و " أبو أديب " – الرائع جداً – يقترح عليّ مشروعاً ضخماً .. دائرتنا تضم شكولا شتى .. رفاق ، صحابة ، حواسم ، قواودة ، صوفيون ، أخوان ، دعاة .. كلها على باب الله .. ', 3226 => 'أبي – المعرّس دائماً – طردني وأمي من البيت بعد الحواسم الصغرى أثرى وتزوج من عاهرة .. ذات خلفية .. أمي تصلي وتدعوا عليه .. صلاتها سبب مأساتي ... أخي وأن هو أصغر مني تزوج أرملة أكبر منه .. ثرية .. زوجة عضو ... وأخي الآخر لم أره منذ سنة لما ارتقى إلى أمير ، أو والٍ في دولة العراق الإسلامية. والآخر سافر إلى نيوزيلندا في جنوب الأرض.', 3227 => 'رموا أمي عليّ وذهبوا ... لم تأخذ من الدار غير السجادة والقرآن ... سكنا في " أرض التجاوز " وثلثي العراقيون متجاوزون . وأنا أعمل جيداً في الشركة . واتحصل على " إكراميات " مع راتبي . لكن مع ذلك لا أتمكن من الزواج .... وجه الفقر " فتاتي " تلح في ضرورة سرعة العرس . ويلزمني ثلاثاً معها لأكمل النصاب - كابي – أنا محتاج إلى التعويض الكامل بعد الحرمان الشامل .... سأشتري قطاراً ، وأبيع " فرارات " لأجمع ثروة !! ', 3228 => 'سعيد أبو العرق في حيّنا ربح بطاقة يا نصيب . حرام قال شيخنا .. الى الجحيم شيوخ آخر زمن .', 3229 => 'كلما هممت بشراء ثوب أو حذاء أعمل جمعية وأصحابي ... هذا قبل أن يعدل بول بول بريمر " رضي الله عنه " الرواتب. ', 3230 => 'لما نُهبت الكويت كنت صغيراً . ', 3231 => 'وفرصة النهب والسلب الكبيرة المسماة " حواسم " لم استغلها . أفسدتها عليّ أمي والصلاة ...', 3232 => 'وهذه ثالثة الأثافي الكبرى يجب أن لا أضيعها ، وإن كانوا ابتدعوا لها اسماً رهيباً ؛ " الفساد الإداري " ارتباطه مباشرة بالسلطة القضائية المستقلة ، والمنفصلة عن الحكومة . في دولتنا الجديدة .. المفسد الإداري أمام القانون لحظة بلحظة . لا يفلت من لجنة النزاهة والمفتش العام و .. و ..', 3233 => 'هذه " الهلمّات " الدعائية لا تخيفيني . كلهم " حرامية " ... " لجنة النزاهة " من ينزهها .. يا للسخرية ، وهل بقي في البلد نزيهاً !.. هم دنسوا الإنسان بعدما خربوا الأرض .... المفسدون . ', 3234 => '" تمرات العبد " كلهن بخسات نجسات . " زين " يعرفهن . هو بال عليهن لما شبع ... وأكلهن لما جاع .. أعلن أنهن نضاف .. " قال نزاهة قال " ! أهي بالقول والإعلان !!', 3235 => 'كان للحرامية شيخ واحد يحكمهم . ويمكن الركون إليه في حالات طفح الكيل والمجاري .. فيأمر وينهي بخير ، وهو قادر .. وإن كان ثوراً عاقصاً قرنيه . أما الآن فقد تشابه البقر علينا . والجميع يرفعون " خرقة نزاهة " صفراء فاقع لونها ... تسر الناظرين ...', 3236 => 'أحزاب . شخصيات . حكومات . منظمات . فضائيات . ميليشيات إمارات .... ظلمات بعضها فوق بعض ... دخيل الله !', 3237 => 'لا شأن لي بهذا ... أريد امرأة وبيت وسيارة ، طموح عراقي متواضع . ', 3238 => 'كنت أرى شباباً معدمين مثلي يقفزون نحو الثراء الفاحش .... سوقية و " عربنجية " بطالة وفاشلين .. سبقوا السابقين .. سيارات ودولارات و .. شركات !! ', 3239 => 'وأنا جلبت إلى البيت بعض أشياء تركها الناهبون ، فالتقتني أمي بالصوات الفاضح : " أتريد أن تدخل الحرام إلى بيتي . أما سمعت نداء المرجعية " هددتني إن لم أرجعهن مكانهن أن تقتل نفسها . ', 3240 => 'عاندتها بغباء في البدء . قالت : " أنت كأبيك . كلكم مثله نهازوا فرص دون هدى من كتاب منير " .... ليتني كنت كأبي .. أني لا منكِ ولا منهُ .. قد ضيعت المشيتين . ', 3241 => 'أخيراً غلبت علي أمي والصلاة فأعدتهن ... ما الفائدة ؟!.. أخذهن نهاب آخر وجدهن جاهزات ، فسرّ بهن .. كان ذلك أمام عيني . ', 3242 => 'عدت حزيناً . لم أصلي المساء . صحت بأمي وهي تلح عليّ بالصلاة : ', 3243 => 'أتركيني أرجوك . أنا أشعر بالغلبة . إن كذبة كبيرة تطوق الجميع . تخنقهم بالصوم والصلاة ... الثراء هو الحل . المال يعطيك كل شيء حتى الدين .. اعرف ناساً استغلوا ', 3244 => '" فرصة الحواسم " على ما يرام ، ثم عملوا " مؤسسات خيرية " .. استخرجوا فيما بعد فتاوى بحلية نهب الحواسم !... وتزكية الأموال ... " ومن يتوب ، يتوب الله عليه " ', 3245 => 'لم ، لا ، التوبة جائزة في كل حال . والمؤمن الثري خير من المؤمن الفقير . و ... سأعود إلى الرحمن من سنتين ...', 3246 => 'سجادة أمي المفروشة على الدوام كرهتها ... بت أراها كومة قيم مبعثرة ، مهدرة ، مرماة باهمال مع الأوساخ والنفايات تحت الشمس والمطر ... والقنابل والمتفجرات . ', 3247 => 'حديث التأزم والتردد والخوف مستمر وأصحابي ... كلهم مثلي .. يصلون ، ولديهم أمهات تنهاهم ... وإذا جد الجد ينكصون ويجبنون .. ولكني سأفعلها وحدي .. سأطبع المفتاح على صابونه .. أو إني فعلت ذلك ، بل ونفدت أجزاء من العملية العتيدة . وهذا هو المفتاح في يدي .. لا مشاكل ، لا حواجز ؛ هذه يدي – النظيفة – والمفتاح والخزينة ... ألا إن جبلاً شاهقاً في نفسي أفلحت باجتيازه – بحمد الله – أنه ليس جبناً ولا خوراً .. أنا لا أملك شيئاً لأخاف عليه . ', 3248 => 'قال المغفل صالح :', 3249 => '" كنت تملك شيئاً ثميناً أضعته " . ', 3250 => ' صه .. ابق متعفناً في محرابك أيها المخرف ، ستتفسخ وياكلك الدود . بل هو أكلك حياً . ', 3251 => ' ستندم .. ولات حين مندم ', 3252 => ' أليس لك قصراً في الجنة .. لابد أن تذكر صداقتنا ، وتجد عليّ بغرفة فيه ، ولو كانت بقدر مرحاض .. يا بخت من يجد مرحاضاً في الجنة .. كهكها ... ', 3253 => ' لا حاجة للمراحيض في الجنة . هناك روح وريحان ، أيها السطحي المرتد . أنت يجب أن تُذبح . ', 3254 => 'لم أضع وقتي معه . هؤلاء هنا لا يعرفون غير القتل ، ولا يحسنون إلاّ تخريج أحكام الإعدام من نصوص الفقه .', 3255 => 'أخطأت في تنفيذ العملية . ضُبطتُ متلبساً . ساقوني إلى السجن . فصلوني من الوظيفة . ', 3256 => 'أخوتي لم يزرني منهم أحد. أبي – النظيف جداً – جاء يبصق عليّ من الشباك لأني " سودت وجهه ! ". أمي بقيت معي تبكي . ', 3257 => 'في السجن ... عدت للصلاة !...', 3258 => 'تمت', 3259 => ' ', 3260 => ' الطلقاء ...', 3261 => ' واغتيال ... قحط ...', 3262 => ' لقد بغوا ..', 3263 => 'وأفسدوا في الأرض ... ', 3264 => ' ألا أنهم لم يتركوا الصلاة . ', 3265 => 'الشهيد زيد بن علي بن الحسين (ع)', 3266 => ' أرى الجاهلية أحمى لنا ', 3267 => ' وأنئى عن الموقف الأرذلِ', 3268 => ' الشريف الرضي', 3269 => '* * *', 3270 => 'قبل أن تُستدعى مواليده لخدمة الاحتياط الثالث .. كان الرفيق " حميد قحط عطشان " قد اشترك متطوعاً في " ألوية المهمات الخاصة " ( ) ', 3271 => 'انتهى أقرانه ، خلصوا ، أبيدوا .. نفد الذكور من مواليد 1951 قتلاً وأسراً وتعويقاً وخبالاً ، لكن حظ حميد كان حسناً فقد أصيب في الحرب وانكسرت يده كسراً مضاعفاً استطاع أن يفيد منه ويستغله جيداً بعمل تقارير طبية أجلته لأكثر من سنة عن خدمة الاحتياط في الجيش الصدّامي الرهيب . ', 3272 => 'ثم تمكن الرفيق حميد بعلاقاته الحزبية ، وفلوس دسها لبعض المشتغلين في اللجان الطبية العسكرية ، أن يرفع درجة عوقه إلى الستين بالمئة ، ليُعفى قانونياً من خدمات الاحتياط المستمرة .. بقرار طبي مزوّر . ', 3273 => 'ولكن " لجنة شرحبيل " ( ) – أو " لجنة شروبيل " كما يسمونها – أرجعته ثانية ، فعاد إلى الجيش جندياً في سرايا الحجابات المميتة ، غير أنه نسب إلى سرية المقر ليعمل في التوجيه السياسي والمعنوي لأنه من الكوادر الحزبية الموصى بها. ', 3274 => 'فجأة ، وبضربة حظ سعيد ، تخلص من " الشر الوبيل " أثر قرار رحيم من لدن القيادة الحكيمة ، بعفو جميع البعثيين المنضوين في ألوية المهمات الخاصة من خَدمة الاحتياط بكل صنوفها ، وتكريمهم بإضافة درجة حزبية لكل عضو ، ليستمروا في مهامهم النضالية في الميدان الحزبي ومن موقع أعلى !..', 3275 => 'سلم حميد قحط عطشان كتابه العسكري ، وعاد بملفه الحزبي إلى المدينة نسراً لا يسعه الفضاء بالفرصة والمعنويات العالية ، وحب أعمى يقرب من العبادة يكنه للقيادة ', 3276 => 'الحكيمة ، وعلى رأسها بطل التحرير القومي السيد الرئيس القائد صدام حسين حفظه الله ورعاه . ', 3277 => 'وعلى نهجها المتقن المًعد من قبل الكبار ، استمرت السلطة القوية في صناعة " النموذج الفاعل " وإعداده للدخول بجدارة إلى ساحة العمل فبالغت في ما تسميه " تكريم المناضلين " ، وأن هو إلاّ شراء كلي وامتلاك مطلق للذمم والنفوس والعقول والضمائر ، لدرجة " الإيمان " والحب الحقيقي . ', 3278 => 'التكريم المعنوي رفع الرفيق حميد رأساً إلى " عضو شعبة " بمنحه درجات حزبية مجانية . فصار " يحبس " و " يعذب " بل " يعدم " ... صار سبعاً " يأكل أوادم "', 3279 => 'ولا حد للتكريم المادي أنهم رجال صدام للمهمات ....', 3280 => 'حصل على " سيارة رفاق " ', 3281 => 'ومنح قطعة أرض زراعية ( للرفاق ) مساحتها خمسة دونمات في منطقته . ', 3282 => 'وربح قرعتين في توزيع قطع سكنية في الأحياء الجديدة . ', 3283 => 'ومن السماء أيضاً جاءه تكريم ؛ عندما دعته – في أزمة الرجال الذكور – أرملة عقيد شهيد إلى قصرها وعرضت عليه الزواج ، مع أنه كانت تحته يومها امرأتان ؛ ابنة عمه في الأرياف مع أطفالها و " حسينه " التي كف عنها الكلام لما تزوجها ( الرفيق حميد قحط ) ثم ما لبثت أن صارت مثله ... " رفيقه " !', 3284 => 'الرجال كلهم مشاريع استشهاد للوطن والقائد . وامرأة العقيد طلقها البين مرتين ، فهل تتزوج في الثالثة ضابطاً أيضاً .. ولديها ثلاث قصور وخمس سيارات وأنواط ومكارم ووو... بلايا', 3285 => 'ليس في الساحة من الرجال غير " الجدعان " فحول متفرغون للحب – هل تتزوج جدعاً مصرياً ؟.. إذن يجب أن تصم – أو تجدع – أذنيها عن القيل والقال !.... كيف ذاك وهي " أم إقبال " .. وينتهي السؤال والمقال . ', 3286 => 'لم يبق غير هذا الرفيق المعوّق لأغراض اعتبارية ... ما عَوَقَه ؟.. يَده ؟!.. لا شيء فيها .. ولتكن ضعيفة ... المهم سيفه المجرّب ، قوي حديد . ', 3287 => 'وتزوجها .. بالرفاء والبنين ، وهيمن على آلافها وملايينها ورواتبها وشاراتها وقطعها وأراضيها .. راح يبني ويسحب مواد بناء من المؤسسات الرسمية ليبيعها في السوق السوداء .. ويشتري ويبيع ويتاجر بكل شيء – حتى البشر ونسوان الشهداء !- وسريعاً صار حميد مقاولاً ثم ارتقى تاجراً أو رجل أعمال يدير شؤونه الخاصة ستاف سري متخصص .', 3288 => 'كلام لا يخلو من مبالغة .. هكذا هو حديث الناس إذا كرهوا أو أن أحبوا !... والحقيقة أن المال يجلب المال والجد السعيد . إنما هناك سعي وجهد .. وجهاد !.. الرفيق المناضل حميد قحط متحرك متطلع نشط ، لا يقعد ولا يهجع ، وهو دائب السعي في مصالحه وأطماعه ، ثقف لقف كالسنور يبتلعها وهي طائرة ، لا تفوته شاردة أو واردة وهو في مقر فرع الحزب الرئيس في المحافظة واقف لخدمة نفسه أولا ، وثم يأتي البعث والعروبة ، غير أنه لا يقصر فيها قيد أنملة ...', 3289 => 'مستغل ذكي لكنه يخاف القانون ولا يتجاوزه ، ولم تسجل عليه قضية اختلاس أو فساد أو تزوير أو سرقة كشأن غيره من المسؤولين الحزبيين ... بل لم يشكوه أحد من المواطنين بظلم .. هو يعرف كيف يلعب .. ومتى يشتغل ... ومن أين تأكل الكتف . ', 3290 => 'لعبته الحقيقية كانت " أموال الدولة " ، سفينة المساكين يشتريها بحقها في الظاهر ، إنما كان وراءه ملك يأخذ كل سفينة غصباً . ', 3291 => 'السارق الحقيقي هو النظام القائم ، دولة العبث الصدامي الجاهلي ، وما حميد قحط وغيره إلاّ ضباع جيف على فريسة المسبعة الرهيبة في غابة العراق !..', 3292 => 'في بدايته كان يضع الألف على الألف يجمعها يريد أن يجعلها خمسيناً لكي يشتري مدجناً كانت الحكومة قد عرضته للبيع إلاّ أنها جعلت المزايدة للبعثيين فقط .', 3293 => 'رست عليه ، واشتراه بحقه ، لكنه تعلم كيف يربح المزايدات على أموال الدولة التي كانت تعمل على إنهاء القطاع الاشتراكي وثم أضاعت المشيات كلها فباعت الدولة وما فيها لخاصتها كيما يبقى الأسد الهصور محصور في القصور ناعماً بالسرور وكرسيه يدور .. بالعدل أو بالجور .. ', 3294 => 'استمر حميد قحط يعمل وينّمي ويشتري ويتقدم ... ويتزوج أيضاً .... لا يغادر سنة الله ورسوله . ', 3295 => 'بالمناسبة فأن الرفيق حميد مع أنه بعثي ( قرص ) من رأسه على أخمص قدميه .. وخصيتيه ، ويخدم الحزب والمخابرات والأجهزة السرية ، وأذنيه وعينيه ورجليه ويديه في خدمة السلطة أو القيادة – كما يسميها – إلا أنه مع هذا .. كان يصلي .. ليس تيمناً بعبد الله المؤمن ابن العراق البار الذي كان يحبه حد العبادة ، لم يبدل ولم يغير بتاتاً رغم تغير الأمور وتقلب الأحوال . إنما هو لم يبدل صلاته التي وجد عليها أبيه ، ثم زادها صوماً وتُقى " عبداً ألاهياً على نياته " فرزقه الله حجة مجانية نظمها صدام المؤمن لخاصة أوليائه الحزبيين في ظرف ما . ', 3296 => 'صلاة حميد قديمة أصلية . في مبتدئها ما كانت عبادة ، إنما هي عادة وجد عليها آباءه .. ثم تحولت إلى " مودة " لما لبسها عبيد الله بن أبيه ومن بعده دعاة الدين وأدعياءهِ ومتحزبته وأحصياءه ...', 3297 => 'ما زالت الصلاة على علاتها – بحميد قحط حتى صارت تنهاه عن الفحشاء والمنكر وتقربه إلى الله زلفى ، فأظهر التقوى بالإيمان الحقيقي وصار يعمل لمرضاة الله وينفق في سبيله ويسعى في أمر الله بالنصيحة والخير والتقوى فغدى إضافة إلى موقفه الحزبي وجهاً اجتماعياً مرموقاً وشخصية بارزة لا يتخلف عن الحضور في كل مسعى خير لحل مشكلة أو تقريب رأي أو محاربة منكر . ', 3298 => 'راح حميد قحط يحاول جهده التكفير عن ذنوبه والتحبب للناس من أجل تغيير صورته القديمة وكأنه كان يؤسس لعهد جديد يترقبه . ', 3299 => 'لم يرق مسعاه لبعض الكبار فعملوا على إعفاءه من مهامه وتهميشه ليبقى بعيداً ، وكان الحزب قد استغنى عنه رغم أنه يعد نفسه من المناضلين الأوائل غير أن ذلك وغيره لم يؤثر في حبه الدائم لصدام كإنسان وكرئيس ... إن حميد قحط لم يخفِ مشاعره وأحاسيسه الدفاقة بحب صدام حتى النهاية بل كان مدافعاً عنه في كل جدال رامياً الموبقات والخطايا كلها على أطراف أخرى كأقاربه ورفاقه وأشقاءه العرب ... وزبانيته .. وما أرخص الحجج لمن يريدها !', 3300 => 'استمرت الأوراق مخلوطة وما زالت ، قد استغلقت طلاسمها على الحل والتحليل لما غير اللاعبون القدامى وَسائلهم وأطاحوا بصنمهم العتيد صدام .', 3301 => 'الحاج حميد اليوم من أثرياء البلد وكبّاره في كل فن وشأن وليس المال والدين والسياسة حسب .', 3302 => 'لسنا بصدد تعداد ممتلكاته ، فتلك مزقت الخياط ما شاء الله ولا تُحصى كأفضاله على الناس . أنه من أبرز وجوه الخير في المدينة ، سبّاق على كل غانمة ، مقدم في جاهة . ', 3303 => 'غير هذا أن الحاج حميد الآن له أربع نساء ، وهو رب لأسرة ثقيلة يربو تعداد أفرادها على الثلاثين جلهم من الأطفال والطلاب الجامعيين ... يعد أباً مثالياً ونِعم ما أنجب وربى فأولاده من خيرة الشباب الناجحين المرضيين . وهو زوج كريم تشيد بعدالته نساءه . ', 3304 => 'اجتمعت عليه اللجان كلها ؛ العدالة والمسائلة والاجتثاث والنزاهة ... لم يطالبه أحد بدم . لكن أمواله حُجزت وجُمدت ريثما يتم مصادرتها . يعلم الجميع أن أصولها من دماء وحقوق هذه الأكثرية المغلوبة من الشعب . ', 3305 => 'ولكن هذه اللجان ذاتها اختلف أعضاؤها في جدلهم وقرارهم بشأنه ... فقالوا ، والقول مختلف : ', 3306 => ' هذا البربري البائس المتخلف حميد قحط عطشان ، عضو فرع الحزب سابقاً ، أسوأ منه زمنه العبثي العابث قد تفاني في خدمة النظام المقبور .. دمه وماله وولده حرام في حرام . أنه آمن بصدام رباً يضر وينفع . ', 3307 => ' الصحيح أن الرفيق حميد ما خدم إلاّ نفسه ، وما آمن إلاّ بها .. ما أخلص لحزب ولا حكومة ولا رئيس .... ذلك لا يعفيه من المسؤولية . أنه انتهازي مستغل نعم ، لكن الأهم أن يده لم تُلطخ بالدماء من قبل ومن بعد .. هل طالبه أحد بدم أو ثأر . أو حق والمال هل سلبه من شخص معين ... هل من دعوى حقوقية أو قضائية ضده أقامها الأفراد ؟ ', 3308 => 'هين أمره ما دام الجواب بكلا . فعنوان جريمته سيكون " اختلاس أموال الدولة " بدلاً من " الإفساد في الأرض " كما عليه أشباهه . ', 3309 => ' وهل سيعيد أموال الدولة - !.. هو ذاته أضحى الآن دولة . ملكياته تعدل ميزانيات دول ، كلها استلبها من أموال الشعب ', 3310 => ' بطريقة أو بأخرى استطاع التحصل عليها ، بعض طرقه شرعية لا غبار عليها غير أنه استفاد من موقعه الحزبي بلا شك . ', 3311 => ' كل ما كسبه هو ثمن خدماته للدولة الظالمة وحزبها العتيد .. هو ذاته يعترف بهذا دون مواربة . ', 3312 => ' ليست أمواله كلها حرام .. كلا . الصحيح أن بعض أصول أمواله محرمة ، نعم . لكنه استثمرها ونماها فربت أضعافاً مضاعفة . ', 3313 => ' ما أسس على باطل فهو باطل . ', 3314 => ' كلمة حق تريد بها باطل .. لا تخن من خانك ولا تظلم من ظلمك تلك وصايا النبي الخاتم .', 3315 => 'وجاء في فتاوي حفيده الإمام الصادق لما سأله المنصور الدوانيقي عن أموال بني أمية واستيلاءه عليها . قال له : [ لا تجوز لك إلاّ بِحِلِّها . أُنظر ما هو حرام منها أعده إلى أهله أو إلى بيت مال المسلمين . أما ما هو لهم فأبقه على حدود حقه ]. هذه فتوى الإمام الصادق المعصوم في أموال بني أمية بعد زوال دولتهم ، يمكن تطبيقها حرفياً على أموال أتباع النظام العبثي بكافة انتماءاتهم وأشكالهم مَن هم في السلطة أو حولها أو خارجها ... ', 3316 => ' إن جد الصادق عليّ بن أبي طالب قال في الأموال المغصوبة من الحق العام : " والله لو وجدته قد تزوج به النساء أو ملك به الإماء لرددته ، فأن في العدل سعة ، ومَن ضاق عليه الحق فالجور عليه أضيق ... " . ', 3317 => ' لا خلاف .. أصل الحق يؤخذ عنوة ويُعاد لأهله بالقانون العدل " ولكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون " .. هذا هو حكم الله .', 3318 => ' والنماء . والمكاسب . والزمن في عهدة مَن ؟!', 3319 => 'إذا تُزوجَ برأس المال الحرام ، فما حكم الولد ؟', 3320 => ' يعيد رأس المال لأهله ، والولد حلال له كأن يعيد ثمن الجارية ، ألأو أجر المثل لبيت المال .. ذلك هو المنطق الحق الذي قصده عليّ ( ع ) ... أما إعادة المال بنماءه فذلك منطق غير مستقيم و أصولية متطرفة تتقاطع مع منطق الفلسفة العملية " البراجماتية " الحضرية . وهي مثالية يتعذر تطبيقها بدليل أن علي بعظمته عجز عن تحقيقها ولو جزئياً في بعض المواقع . ', 3321 => ' وماذا تريدون إذن . هل نتنازل لهم عما سرقوا ونهب لهم ما نهبوا . لو كان مالاً شخصياً لما هم القلب أن يتنازل عنه ولية ، ولكنه مال الناس العام . من يملك حق هبته ؟.. من يتحمل المسؤولية القانونية ؟ ', 3322 => ' سيدي ما كانت الأموال مبعثرة مباحة للبعثيين أو غيرهم هناك فساد ، لكن الناس يبالغون بوصفهم أن أحبوا أو كرهوا. ', 3323 => 'لا شأن لنا بالعائلة الحاكمة .. الرئيس وبنيه وامرأته ومقربيه وخاصته وبطانته ومتنفذيه أولئك شأنهم مختلف ، ولا يقاس بهم غيرهم . ', 3324 => 'أما حميد قحط فكان يخاف القانون ولا يتجاوزه ، ولم تسجل عليه قضية اختلاس أو سرقة أو تزوير كشأن كثيرين غيره من المسؤولين الحزبيين ...', 3325 => 'الرجل لم يشكوه أحد بظلم ، لكنهم أخذوا عليه وفاءه المطلق للنظام ولي نعمته .. وهو مستغل ذكي لعبته الحقيقية ( أموال الدولة ) سفينة المساكين . يشتريها بحقها في الظاهر . إنما كان وراءه ملك يأخذ كل سفينة غصباً ..', 3326 => 'الحقيقة أن المال يجلب المال والجد السعيد . إنما هناك سعي وجهد وجهاد ... الرفيق المناضل حميد قحط كان متحركاً نشطاً ( لا يقعد ولا يهجع ) ، وهو دائب السعي في مصالحه المادية ، فجمع وأوعى وخلط حلالاً بحرام ، كيف نميزه ولا دليل . الخليفة عمر كان يقاسم هؤلاء أموالهم فيأخذ منها النصف لبيت المال وعلي ( ع ) استرجع رأس المال – ثمن الجارية – وترك لهم النماء – الولد – ... ولنا في سيرة الصحابة العدول أسوة .', 3327 => ' لأجل أن لا نفصل الوالدة عن ولدها نهبهم ثمنها لأجل ولدنا رحمنا وملك رقاب أهلها لكي نؤلف الناس ، نشدهم إلى بعضهم ، نقربهم بالإحسان والتسامح والرحم ', 3328 => 'والقربى ... إننا أمام جيل من ( المماليك ) لحم أكتافهم من بيت المال العام .. هل نقطع أو نخلع أكتافهم بحق الشرع وعدله وقانونه أم نعتقهم برحمته وسماحته وعفوه ؟ ! ..', 3329 => 'ليس أمامنا إلاّ أن نفعل ذلك ', 3330 => 'فإذا أخذنا الناس بذنوبهم – وهو الحق – فرقناهم ، أبعدناهم عن بعضهم شأوا بعيداً . وكان لزاماً علينا أن نحشو هذا الفراغ حرساً شديداً وشُهباً ، وهل نحن قادرون على ذلك . محمد ( ص ) كان قادراً منصوراً من الأرض والسماء لكنه لم يفعلها واختار العفو . أفضل بنا أن نعود إلى حكمة نبينا ( ص ) - إِن كنا نمتثله – عندما قابل كفران قريش وعدائهم بالإحسان والعفو والتأليف ، فقال لهم وقد فتح مكة – وهو الحق – " اذهبوا فأنتم الطلقاء " لم يستثنِ من عفوه إلاّ أهل الدماء والجريمة الخطرين وقد حصرهم ببضع رجال أهدر دماءهم ، فيما شمل عفوه أبو سفيان رأس الكفر والجريمة .... بل أعطاه وآلف قلبه ... ', 3331 => ' أي .. وماذا كانت النتيجة !.. هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان ؟.. بماذا قابلت قريش إحسان نبيها .. أما عدت على ابنته ظلمتها ، وبغت على وليها ، أعلنت الحرب بلا هوادة على صهره وابن عمه ووصيه .. ولم يكفها حتى قتلت سبطيه بأبشع الوسائل ثم سبت ذراريه وحرمه وبناته سبي الترك والديلم في جريمة لا أخت لها في تاريخ الأمم؟ ', 3332 => 'دعونا أيها الناس بحق السماء ، لا نريد طلقاء جُدد يقتلون الحسين من جديد . ', 3333 => ' سيدي إن حكم الطلقاء سنة نبي ليس من حقك أنت ولا الأكبر منك أن يرفضها ، ولا حتى أن يقترح أو يعدّل أو يتقول فيها . تلك ثوابتنا العقائدية التي بدونها نكون في خبط عشواء يضرب بعضنا وجوه بعض وننتهي إلى عدم( ) ... " الطلقائية " المحمدية لم تكن سياسة وظروف إنما كانت نهج السماء . والشارع المقدس حكيم عليم محيط شديد تواب رحيم .. تأتي أنت الحقود المحدود ترفض الطلقائية وتقول لا نريد طلقاء جُدد !... أتعترض على نهج محمد المقدس ؟', 3334 => ' الحالة مختلفة أيها القوم . دعوتنا ترفع مظالم أمدها خمساً وثلاثين سنة من القتل والإرهاب والتخريب .. هناك بغي وإفساد في الأرض كبير ، هناك جرائم ضد الإنسانية ، هناك مقابر جماعية ، هناك إبادة شاملة ، هناك جرائم حرب لا عقلانية ، قتلى بمئات الألوف ، بل تعدّت الملايين .. كم قتيلاً كان بين محمد وقريش !.. يعدون على الأصابع .. ما كان بينهم إلاّ سِجال حروب ، وقائع محدودة أشبه ما تكون بحروب قبائل أو عوائل ، اختلفت على أمر خاص من إِمرةٍ وسيادة وتجارة ثم رضخت للأقوى ، فما كان منه إلاّ أن بادر إلى إصدار عفو عام ليحافظ على البنية العامة والمصالح الخاصة - التي ما جاء ضدها – تماماً كما يحدث في الانقلابات والثورات . ', 3335 => ' أستاذي العزيز أنت ماذا تخرف ، هل تعي ما تقول !.. هذا نبي قوله وفعله حجة وسنة .. هل لديك اعتراض ليتبين لنا كفرك من إيمانك . ', 3336 => ' اللعنة عليكم ، وضعتموها بهذه الدائرة الضيقة ، أنتم تريدون حشرها في هذه البودقة الحرجة كيما تكفرون .. هذا دأبكم ووسيلة انتقامكم ... التكفير .', 3337 => ' أجبني ، لا تتهرب . هل تعترض على حكم وتصرف النبي ( ص ) ؟ ', 3338 => ' كلا ، إنما الحالة مختلفة . اقرأها جيداً وقارن . ', 3339 => ' الناس والزمن لم يتغيرا . الحكم ثابت . ', 3340 => ' المتغير هو الحاكم . ذاك نبي له حكمه الخاص . نحن لا نصل إلى درجة عفوه وقوة تحمله . كان يواصل الصوم ونهي الناس عن صوم الوصال ... تزوج تسعاً وحدد للرجال أربعاً . ', 3341 => ' إلى أين انحرفت في سيرك الضال .. هذا هروب من الموضوع ، إلى سفسطة فارغة . ', 3342 => ' أنتم ماذا تريدون بالضبط !.. أن يعود العبثيون الذين عبثوا بالحياة وخربوها على مدى عقود ، وكأن شيئاً لم يحدث !.. ماذا .. أهو لعب عيال ؟!.. وثم تعلقون جرائم القرن على شماعة الأنبياء !', 3343 => 'هذه الأرض العراقية النازّة بالدماء ، المحشوة حد الاكتضاض بالمظالم والأحزان .. على أي دين يا أهل الله !.. على أي قانون يا أهل العدل !.. على أي عُرف يا أهل السواني والعشائر ... وهؤلاء الذين ذهبوا ضياعاً وماتوا غمراً وغصرا.. أين الدماء ، أين الأموال ، أين الأعراض ، أين النفوس والأعمار والأزمان ، أين حقوق الإنسان ؟!', 3344 => 'من أين نبدأ ، وماذا نقول ، أنها أعيّت على الحصر والإحصاء .. هل صدام والخمس والخمسون وحدهم الذين أجرموا .. من نفذ الطامة الإنسانية الكبرى .. من أقام قيامة العراق .. أجهزة القهر العتيدة التي أدارت دوامة التيهور ( ) الصدامي لا زالت تعمل أنها مُصممة كأجهزة موت تعمل في الظلام في دولة الخوف أعضاء حزب البعث الذين كانوا ينفذون لا يتناقشون هم أداروا العملية . كانوا واجهتها الأمامية ... زنابير التعذيب في حاكمية المخابرات ، هؤلاء الخارجون عن سمت الأبالسة ، المعروفون واحداً واحداً من قبل مجلوديهم ، الخاصون والمجهولون والملثمون والظلاميون عقارب الأقبية السرية والواجهة الخلفية للنظام .. هل يُقال لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ؟!', 3345 => 'والذين قتلوا الناس وأحرقوا المدن وخربوا كل شيء في العراق والكويت وإيران ، والذين أزاحوا النخيل في البصرة وكربلاء وبابل .. هل يعفو النخيل عمن قتله ؟!.. والذين اشتروا الأراضي والعقارات بمال السلطان وسجلوه " طابو " بأسمائهم .. هل يبقى ( الطابو العراقي ) ملكاً صرفاً لأصحابه إذا تصالحنا ؟!.. الذين باعوا العراق وحولوه إلى أرصدة سرية لهم في الخارج والذين عاشوا بظل الملك صدام أسعد بكثير من الملوك ، هل يبقون في قصورهم ومشايخهم ومضايفهم !... والذين ما زالوا يذبحون ويرهبون ويفجرون ... والذين يهجّرون ، والذين لله يحاربون ... يجاهدون !... والذين والذين والذين .... ( وأولاد ', 3346 => 'الخايبه ) ، الضائعون ، المهانون ، المغلوبون ، الخاسرون ، المهجّرون ، المعذبون ، المدفونون وهم أحياء ، المرملات ، الأيتام .. أين الأعمار التي ضاعت ، أين الأزمات التي تولت ، أين الأموال التي سُرقت ، أين الحيف ، أين السيف ، أين الله ؟!!!', 3347 => 'صدام يا قوم ما كان رئيس دولة ، إنما شيخ بداوة جاهلية تحفه أجهزة الموت من كل جانب ، حتى صار يباري الله في أوامره لملك الموت فقصمه كما يقصم الجبارين .. لعل أكثرهم لا يعرف صدام ما هو .', 3348 => 'المستحيل بتعريفه الوافي أن يسقط نظام صدام بجهد عراقي ، لكن أذكياء المحيطات قعدوا له ذات اليمين ، وكان قد وضع إلى شماله " ستاف " من أعتى مؤججي جهنم متربعاً على عرش جحيم العراق واثقاً بقوة زبانية يثئرون له حتى لو سقط أو قتل ... وهذا تماماً ما حدث .', 3349 => 'لما انهزم إبليس وتولى ، واصل المهمة الشيطانية أصحاب المشئمة من زبانيته وصنائعه وجنده وفدائييه وأقاربه وأولياء نعمته وجلاوزته ووعاظه وحميره وكلابه ضباط جيشه وشيوخه ... ومن وراء هؤلاء أشقاءه العرب الذين اختلف معهم لقليل ضئيل . ', 3350 => 'أصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة ، المجرمون المجرمون أولئك المقربون .. يجب أن نحاكمهم جميعاً لا نستثني منهم أحداً ، وكل يأخذ جزاءه العادل عما أجرم وارتكب أو سلب ونهب ، فأن لم يثبت عليه شيء أو لم يطالبه أحد بمال أو بدم فهو في حِل من الشعب والدولة يعيش مواطناً صالحاً كغيره ، ومن جاءَ بالصغائر تسمح له ، ومن ارتكب كبيرة وتاب نقيل له عثرته شرط أن يعيد الحقوق إلى أهلها ويؤدي الديات أو يعفو ولي الدم .. الجميع أهلنا ولا نفرط بأحد منهم وغايتنا إصلاح هذا المجتمع المُهدم وتضميد جراحه ليتعافى ويبل من أمراضه ... ولا يكون ذلك إلا بإحقاق الحق . ', 3351 => ' وكان الله يحب المحسنين .. ونحن لا نريد غير هذا الذي ختمت به خطبتك العصماء الطويلة أيها الشيخ ، قد أطنبت وأسهبت ولا كأنك تكلم عراقيين منبتين في هذه الأرض ، وهل من عراقي أصيل لا يعرف جرائم صدام ...', 3352 => ' الخطير في الأمر سيدي أنكم تؤولون السنة المطهرة لصالح أهل العبث الإجرامي . تريدون منا أن نقول لهم " عفى الله عما سلف " أبطلنا اللعب وانتهينا يا أولاد ... ما هذا الضحك على الذقون وعلى الحقيقة والحق والتاريخ والشرع والموازين أنه إخلال بمنطق الأشياء في الوجود .. لا تستقيم الأشياء إلاّ بالصح .. ولا نسمح مطلقاً ', 3353 => 'لـ" نبي " جديد من " الرحماء " أن يقول لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء " لأن مآسي المسلمين – بل البشرية على طول التاريخ – أنما صنعها الطلقاء .. ولا نريد طلقاء جُدد ... أو الأصح " لا نريد متنبئين جدد " .', 3354 => ' يشين كلامك مسحة غضب عارم تلازمه تتطرف فيه إلى أقصى يمين العاطفية مما يحسر مياه الحقيقة عن العقل فلا يصلها ويضعف عن تناولها فيما تحضى العاطفية بأكبر الكلمات وأثقلها وأقسى التعابير وأشنعها . ', 3355 => 'اعلم أيها السيد إننا لا نؤول السنة إلاّ لصالح الصح والحقيقة واتهامك لنا بالتأويل لصالح أهل العبث والصِدام خطير نرده بقوة ونعتبره رمي لنا بفساد في العقل والدين ...', 3356 => 'لا اجتهاد في هذا النص الواضح الصريح .. إنما أنت تؤول وتحول المسألة إلى ( لعب عيال ) – كما تسميه – وتتجرأ على مقام النبوة فلا تسمح .. من أنت يا أخي لتسمح أو لا تسمح – لنبي أن يقول " اذهبوا فأنتم الطلقاء " مرجعاً سبب مآسي المسلمين في طول تاريخهم إلى الأوائل الذين أطلقهم النبي أليس هذا تحديداً فحوى ومعنى كلامك ؟!', 3357 => 'يا أخي نحن المسلمون اعتدنا عندما يشتد الجدل والنزاع فيما بيننا في قضية ما أن نصلي على محمد وآل محمد فيصمت الجميع ويهدأ اللغط ويكف الكلام ليستمع الجميع إلى المؤذن بالصلاة فيقول كلاماً للنبي حديث شريف أو سنة مُتبعة فلا يجرؤ أحد على رده كقانون مقدس ... هذه ثوابتنا عليها تتفق نقطة الصح التي تقع خارج فوضى ذواتنا ، ولولاها لما استمر الإسلام شامخاً قوياً ، بل لما قامت له قائمة ابتدأ ، فالإنسان أكثر شيء جدلاً ، وربما اختار السلوك الخاطئ وأحاطه بالتبريرات . ولا يتبين الرشد من الغي إلاّ بعد حين وذلك هو الداء الذي استشرى فيما بعد وأضعف الإسلام بالجدل السياسي الفقهي ... . كان بعض الصحابة يعترضون على النبي ( ص ) ، ولا يقتنعوا برأيه إنما يسلموا له عندما يخبرهم أنه أمر إلهي فيه تنزيل وقرآن . " ولا يجدوا حرجاً فيما قضيت ويسلموا تسليماً " . " فإذا عزمت فتوكل على الله " . ', 3358 => 'اعترض بعض المسلمين على صلح الحديبية . واعتراضهم ربما جائز عقلاً لأنهم الأقوى . ولكن النبي ( ص ) أبرمة وأقرة بعزمه وتوكله فسلموا تسليماً . ', 3359 => 'بينت الأحداث فيما بعد أن مصلحة الإسلام ديناً ودولة كانت في ذلك الصلح . ', 3360 => 'الحالة كانت مشابهة في فتح مكة ، لما أعلن ( ص ) العفو العام عن أعتى أعداء الإسلام ، وهو المنتصر الأعلى . ', 3361 => 'اعترض بعض المسلمين . واستمر الاعتراض إلى يومنا هذا ، وأنت يا شيخ من المعترضين ، وأن كنت لا تجرؤ أن تجهر بهذا . ', 3362 => 'قد احترمك وإن خالفتك ، ولكني هنا لا احترم رأيك ، ولا أقبل اعتراضك لأنه كفران مبين يخل بثوابتنا ، ويحاول – يائساً – أن يزلزل دعائم الصح والاتفاق الإسلامي العام الذي أقره النبي بسلوكه وأثبته في شرعه . ', 3363 => 'هل تعلم أن قريش الشرك التي استلسمت للقوة – والنبي يعلم ذلك جيداً – لكنه أطلقها ، بل صانعها وألّفها وصاهرها وسوّدها .. بل واستخلفها أيضاً ... قريش هذه غدت عما قليل مادة الإسلام التي بها انتشر وثبت وارتقى على الدين كله . ', 3364 => 'فماذا يخرف المعترضون على الله ورسوله !.. هؤلاء إنما إلى الحضيض الأسفل ينزلون ، في الجحور العميقة والمغاور السحيقة يبحلقون . لا ينظرون إلى بناء الإسلام وعمرانه الشاهق إلى السماء ، ارجع البصر كرتين هل ترى من فطور ؟!..', 3365 => 'إنما الفطور والثقوب في النفوس المريضة ، في الأبنية الفكرية الضالة المتهرئة والآيلة إلى السقوط والاندثار . الذين يظهرون السلبيات يضخمونها ، ويغمطون الإيجابيات يكفرونها ، فيظهرون الإسلام بوجوده وتاريخه كأنه صراع بين ( الفرقة الناجية ) و ( أبناء الطلقاء ) .. بين الشيعة والسنة ....', 3366 => 'في هذه الدوامة المهلكة دار المسلمون تاريخاً ووجوداً وحاضراً ... اليوم نحن نرى تشابهاً يكاد يكون تاماً في موضع " الطلقائية المحمدية " الكبرى بين مكة وبغداد .. مع إسقاط الزمن .', 3367 => 'العراق في 9/4/2003 هو مكة الجاهلية المشركة قد استسلمت لقوة الصح ، والله رب الحقيقة والصح ينصر دينه بما يشاء من جنده ولو كان وراء المحيط أنه سبحانه يجند لإرادته المؤمن والكافر والظالم والعادل . والكافر العادل أفضل لأن لنا عدله وعليه كفره ولربه دينه .', 3368 => '" وما النصر إلاّ من عند الله " ...', 3369 => 'كيف نستثمر النصر الإلهي على أبي سفيان العصر وحزبه ، الذي لوّث البلد وأفسد الإنسان .. هل نبدّل الناس غيرهم !.. العراق كله بعثي صدامي ، معبوث به مصدوم منجّس ، لا نستثني أحداً .', 3370 => 'هناك قلة مُستضعفون مُهمشون منبوذون خارجاً .. نعم ، لكن الأكثرية العادية من الشعب متعايشة مع الخطأ مشتركة مرتكسة فيه بصورة أو بأخرى ، شاءت أم أبت . ', 3371 => 'من حارب الثمان الخطأ مستمراً ؟!.. من استباح الكويت وازدردها ؟.. مَن رَقَصَ " الهوبعة " ؟!', 3372 => 'هذه عمليات دولة بكامل الوجود البشري فيها ، وليس عصابة السلطان الغاشم وجنده حسب . ', 3373 => 'صدام حرص على أن يشرك الشعب كله بموبقاته .. وللحقيقة والتاريخ عبئهم أمام الكاميرات بإرادتهم ، وبتسجيل منصف للحقيقة رقص العراقيون كلهم لصدام .. ارجعوا إلى الأرشيف المسجل .. صدام لوث ثلاثة أجيال عراقية ، جرّفهم جميعاً بمجاريه الآسنة . ', 3374 => ' هي الدنيا إذا أدبرت سلبتك محاسنك ... صدام ما كان كله خطأ . وليس وحده صنع الخطأ ، قد بعث في قوم خطأ .. و " كما تكونوا يولّ عليكم " . ', 3375 => 'لا نقاش ، لا خلاف في موضع النص . نبينا أذهبهم ، أطلقهم .. هذه منتهية ، محسومة منذ صباح يوم 9/4/2003 يوم الفتح المبين مكة / بغداد ... هؤلاء جاؤوها متأخرين ، يسمونها " المصالحة الوطنية " . ', 3376 => 'قال الشاعر العراقي : ', 3377 => 'من أحجار البداوة الجاهلية ', 3378 => 'وأطيان القروية الزائفة ', 3379 => 'منهم ... مثلهم ... هم بنوه بأيديهم ', 3380 => 'ثم هتفوا وصفقوا : " سقط الصنم العراقي " .', 3381 => 'من أسقط الصنم ؟!', 3382 => 'من كان يعبد الصنم ؟!!', 3383 => 'بقيت " الصنمية " في العراق ', 3384 => 'المشكلة تكمن في الإنسان ', 3385 => 'من خلق الإنسان ، يعيده .. يرسل الأنبياء . ', 3386 => 'قد ختمهم بمحمد الذي عالجهم ، أصلحهم بالإطلاق ..', 3387 => 'اتبعوا سنة نبيكم ... سميتموها " مصالحة وطنية " ', 3388 => 'ونسميها " الإطلاقة النبوية " . ', 3389 => 'الأهم لدى محمد ( ص ) يوم فتح مكة هو الإسلام ، على هذا الوتد بنى عَفوه الاستراتيجي ...', 3390 => 'ومن محمد نتعلم – وأكرم به معلماً جباراً – إن كنا لا نتعبد نصوصه الحكمية ... والأهم لدينا هو العراق . ', 3391 => 'لم يمتثلوا محمداً ، لم يتعلموا منه ... جاؤا بدعوى التطهير الشامل والاجتثاث الكامل ، وهم أضعف من هذا وأعجز . ليتهم قدروا وفعلوا ، فحاكموهم – كمحاكم نور مبركك ـ أو ناصفوهم ـ كعمر ـ أو أنصفوهم ـ كعلي ـ ... وليتهم أطلقوهم ـ كمحمد ( ص ) ـ ... لم يعتبروا بواحد من هؤلاء . لم يتعلموا من نبي أو وصي أو صحابي أو فيلسوف ، تفوقوا وتطفلوا على هؤلاء جميعاً ... وثم لم يفعلوا شيئاً غير المط والمطل والتسويف والجدل فانتهى الأمر بالشعب إلى أبشع صور الحرب الأهلية بالتهجير والتقتيل على الهوية ولكنهم لا يجرؤون على إعلانها وتسميتها باسمها !!', 3392 => 'ما يهمنا في هذه المرحلة هو العراق ، هذه السفينة السائرة في عباب البحر المحاط بالسباع والوحوش ، تحمل الصالح والطالح ، فأن ثقبها شقي غرق الجميع ... وأُكِلوا . ', 3393 => 'آخر أخبار مدينتنا تقول : إن الحاج حميد قحط يطالب مختطفوه بفدية قدرها ثلاثة أضعاف ما أكل من سحت العبث . ', 3394 => 'وقد أدى ذووه الفدية كاملة كما أراد " الإرهابيون المجهولون " ...', 3395 => 'وهم ينتظرون خروجه بعد يومين من تسليمهم المال ، إذ وجدوا جثته مقطوعة الرأس على قارعة طريق ، وعليها آثار تعذيب !!', 3396 => 'بعد أسبوع سجلت الدوائر الأمنية حادثاً إرهابياً بشعاً حدث في وضح النهار وعلى مرئى ومسمع من الناس حيث اختطف عصابة مسلحة أحد بنات الرفيق حميد قحط أمام حرم الجامعة !.. لتتكرر لعبة الفداء والتعذيب والذبح .. لكنها زيدت اغتصاباً وبشاعة !!', 3397 => 'وقامت مجموعة مسلحة باحتلال مدرسة ابتدائية لتخرج منها أطفالاً فيهم ثلاثة من أولاد الرفيق قحط اقتادتهم إلى جهة مجهولة ...', 3398 => 'ولكي لا تستمر الشناعات فتفني آل قحط ، عليهم أن يحموا أنفسهم فشكلوا من بينهم مجموعات حراسة مسلحة ترافق البنات والأولاد إلى المدرسة وكما تحمي بيوتهم ومحالهم ومزارعهم .. قد غدا لديهم جيش من " الحمايات " ! ', 3399 => 'وحدثت مصادمة مسلحة مع أشقياء جاؤا يعاكسون طالبات المدارس ...', 3400 => 'أخيراً تركوا المدارس ، وتحولوا إلى ميليشيا تطالب بالثار.', 3401 => 'ثم جاء معمم يقرأ قرآناً يقول فيه : " والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون " " ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " . ', 3402 => 'وخرجوا ينتصرون ... يبغون ... يعتدون .. كما فسّر لهم شيخهم !!', 3403 => false, 3404 => 'تمت ', 3405 => ' ', 3406 => ' الحُبُ وَالغربَة ', 3407 => 'لولا الحنين في غربتي ...', 3408 => 'لكنت سعيداً في دار هجرتي . ', 3409 => 'وأحياناً .... أتشاجر وزوجتي ..', 3410 => 'لكنها لا تقاضيني إلى " حماتي " أو " عمتي " . ', 3411 => 'إنما هي تشكوني ، فقط .. إلى ابنتي !', 3412 => 'بلغة الحدوثة اليومية الرواية . ', 3413 => 'وتبدأ القصة منذ البداية .', 3414 => 'وأنا أسمعها تقول لها ؛.. إذ تسرد الحكاية : ', 3415 => 'كان هناك شاباً ، اسمه طاها . ', 3416 => 'عَلِقَ بنتاً حلوة ، وذاب في هواها . ', 3417 => 'وكان كلما أمن أعين الرقباء التقاها . ', 3418 => 'أبوه صعلوك فقير مهزول وأبوها ... " ابن أصول " !', 3419 => 'لذلك ، لم يحصل القبول . ', 3420 => 'واصطدمت جهود الخيرين بصخرة المستحيل ..', 3421 => 'وفي ليلة .. أخذت حفنة ذهب من خزينة أبيها ', 3422 => 'وتزوجها الشاب بمهر ؛ ساقه منها ... إليها !', 3423 => 'لكنهما تركا القرية ... إذ لم يعد لهما فيها مقام . ', 3424 => 'وتحملا الغربة والهجرة بكل ما فيها من آلام واتهام ولا ملام .. فقد أوقفا فيهما تنفيذ الحكم بالإعدام .', 3425 => 'عاشا معاً في البعد ... ثمانية أعوام . ', 3426 => 'وخلفا بنتاً مثلك ، جميلة الوجه والقوام . ', 3427 => 'لكنه ما زال ، كلما ذكر أرضه ... وأهله . ', 3428 => 'يسومها الخسف لوماً ... أنها قطعت حبله !', 3429 => 'أما هي ... فتبكي أباها ضارعة إلى عفوه بكبت ...', 3430 => 'وتبكي أيضاً أمها ، وأهلها بصمت ', 3431 => '" لقد استضعفها وظلمها " ؛ قالت البنت . ', 3432 => '" لأنها لا ناصر لها ، ولا معين ... ولا بيت " .', 3433 => '- ما هو الحل حبيبتي ، برأيك ؟ ', 3434 => '- الحل يا أماه أن تتركه لشأنه ، بلا شك ', 3435 => '- لكنها تحبهُ .............. وتنتحب !!', 3436 => '- أماه ... ما معنى الحب ؟. ', 3437 => 'أجبتها أنا المراقب عن كثب : ', 3438 => '- الحب يا حبيبتي ..... هو قبلة على جبين ماما . ', 3439 => 'ثم قبلتها ... فرضيت عني ، إلى حد ما . ', 3440 => false, 3441 => false, 3442 => 'تمت', 3443 => ' ', 3444 => ' لا تعليق ', 3445 => 'كما يتزاحم الصحفيون حول شخصية مهمة !..', 3446 => ' عشرون سؤالاً من فضلك ', 3447 => ' لا ... كلمة واحدة ، بحق الواحد الأحد . ', 3448 => ' للناس رأي يجب أن لا يهمل . ', 3449 => ' كلا . لا أريد إرضاء الناس . إنما أفكر كيف أسكت الناس ... الأفضل أن أجد طريقة لأتوارى عن أعين الناس .', 3450 => ' ليس من حقك .. الرأي العام له قوة . ', 3451 => ' قوة الغوغاء ... الجهلة . ', 3452 => ' ألسنة الناس أقلام الحق . ', 3453 => 'أوه .. أحياناً أصاب بالقرف ، وأمسك راسي لأتقيأ ... ', 3454 => 'المال . السكر . العسل ... هل يرد النفس المشمئزة . وعاد أحدهم يقول : ', 3455 => ' نصف سؤال من فضلك ... كيف تزوجتها ؟ ', 3456 => 'ربما قدرت أن أجيب بضحكه مبتسرة وربع جواب ... ', 3457 => ' هه .. ومالكم أنتم ! ', 3458 => 'لكنهم ألحّوا .. ', 3459 => 'قلت : سوف أروي لكم حكاية ', 3460 => 'أول أمس ، بعد العشاء ، قلت لها : " أنتِ طالق " ، رغم أن عصمة الزواج بيدها . ', 3461 => 'كنت مشمئزاً من شكلها . وأعربتِ لها بعبارة صريحة عن " انزعاجي من قبحها " ...', 3462 => 'لا يحق لي ذلك بحسب لوائح الاتفاق الأولية . ', 3463 => 'قامت وبصقت في منتصف وجهي تماماً . ', 3464 => 'ولطمتها فلطمتني . ', 3465 => 'وأردت الخروج من قصرها زعلاً ... ', 3466 => 'لكنها ردتني .. وحبستني في " قفص من ذهب " . ', 3467 => 'فكنت أصرخ من وراء القضبان : " أنت طالق " . ', 3468 => 'لكننا تصالحنا منتصف الليل . ', 3469 => 'وعدنا زوجين ... بعد البينونتين ( ) ', 3470 => 'أمي قالت : " من يطيق هذه الفطيسة " ', 3471 => 'لكن أبي قال : خذها ، الفحل غير عواف . ', 3472 => 'وضممتها ، مثل أي حصان يطأ أتاناً عجوزاً . ', 3473 => 'قال صديقي : " إن أردأ بغل لا يفعل فعلتك " .', 3474 => 'وأضاف ينشر روحي نشراً : ', 3475 => '- أي نعم ، قد يثب حمار أهوج على بغلة كركوبة عظماء شوهاء كحيزبونك !.... أما الخيل فتعافها . ', 3476 => 'لاموني فيها ...', 3477 => 'هل عرفوا أسوأ ما فيها !', 3478 => 'مالها ... يظنه الأغبياء مزيتها الوحيدة ....', 3479 => 'وهكذا حسبتُ !...', 3480 => 'ماذا بقي بعد فيها ', 3481 => 'بطنها الأعجز . أم فخذها الأشعر ', 3482 => 'وسوط النار ... لسانها ', 3483 => 'يلذعني آكلاً وشارباً ولابساً ...', 3484 => 'أما نائماً ، فأنه يلحسني بنعومة الأفعى . ', 3485 => 'أخيراً ، هربت جائعاً عرياناً . ', 3486 => 'ولما التقوني ، سألوني : ', 3487 => '- لماذا : وكيف ؟ وعلام ؟ ومتى ؟ وحتامَ ؟ ', 3488 => 'قلت : لا تعليق . ', 3489 => false, 3490 => false, 3491 => false, 3492 => 'تمت', 3493 => ' ', 3494 => ' " قَسَم " ', 3495 => 'الأولاد في الشارع يلعبون ...', 3496 => 'يبحثون في القمامة عن " الفلوس " .', 3497 => 'ويشربون من بركة ماء المطر . ', 3498 => 'وأيضاً ، يسيرون فيها القوارب الورقية . ', 3499 => 'ويصيدون الضفادع والقواقع . ', 3500 => 'أحدهم يتسلق عمود الكهرباء . ', 3501 => 'يكاد يمس الأسلاك مفتخراً بجرأته . ', 3502 => 'و " أم وطن " تنشر الغسيل على السطح . ', 3503 => 'ومن أعلى ترقب وحيدها المدلل الحبيب . ', 3504 => 'وهو يحبو ، ويتعلم الوقوف . ثم يخطو ... ويقع ', 3505 => 'يتدحرج في تؤدة كرائد فضاء . ', 3506 => 'ويطلق أصواتاً عذبة من حنجرته الصغيرة .', 3507 => 'خلاخيله الذهبية ترن وتبرق . ', 3508 => 'وهو يتحرك على سجادة من الثيل الأخضر ...', 3509 => 'مملكته الصغيرة الكائنة في الرصيف المحاذي لباب الدار . ', 3510 => 'جاءت امرأة ملفعة بالسواد كأنها غرب كبير . ', 3511 => 'أقعت لدى الطفل تلاعبه وتمسده .', 3512 => ' نزعت خلاخيله وأقراطه وطاقيته و ..... ثيابه !', 3513 => ' وانسلت تبتعد مسرعة ..', 3514 => 'كان الطفل سعيداً بعريه ، منتشياً بخفته . ', 3515 => ' كان يقفز ويضحك رغم البرد . ', 3516 => 'وقبل أن تتوارى ..', 3517 => ' قالت لها أم وطن ! وهي لا تصدق ما ترى ', 3518 => '- لماذا هكذا يا .... جارتي ؟!', 3519 => 'ولكن الجارة تظاهرت بالصمم . ', 3520 => 'وصاحت أم وطن بصوت أعلى .', 3521 => ' وحَثت الجارة خطاها . ', 3522 => 'وانعطفت في أقرب زقاق .. ضاعت فيه . ', 3523 => 'ولما ذهبت أم وطن إلى بيتها قالت :', 3524 => '- " والله العظيم ، وحق الحسين لست أنا ....', 3525 => '- لقد رأيتك بعيني هل أكذب عيني ؟!', 3526 => 'أنت واهمة . والله العظيم ثلاثاً لست أنا ..', 3527 => 'كيف تسمحين لنفسِك أن تشكيّ بي ؟!! " ', 3528 => '- ليس شكاً ... كيف أغادر يقيني ؟!', 3529 => '- هاتي القرآن لأحلف لك . هل لك علي غير اليمين . ', 3530 => '-وبعد !', 3531 => '- وبعد راجعي طبيباً أو حكيماً يشفيك من هوسك أو سحرك .', 3532 => 'تمت', 3533 => ' ', 3534 => ' " العَتَبةُ الذهَبيَّة " ', 3535 => 'أخوها صديق حميم من الطراز الأول . وعندما أزوره في بيته ، تفتحُ هي لي الباب ...', 3536 => 'مرة ومرتان وعشرة ... عرفتني وألفتني . وأصبحت التحية العابرة تزداد كلمة وكلمتين وثلاث .. حتى غدت حديثاً على الباب ، أو قل .. لقاءاً مسروقاً . ', 3537 => 'تصارحنا بالحب ، وتشاكينا الغرام على العتبة التي أسميناها ذهبية ، ومنها صُغنا القفص الذهبي . ', 3538 => '.. مالنا ومال الناس !', 3539 => false, 3540 => false, 3541 => false, 3542 => false, 3543 => 'تمت', 3544 => ' ', 3545 => ' " خبزُ البطالة "', 3546 => 'ربط رجل حصانه ودخل السوق ...', 3547 => 'وجاء شحاذ ، نفض عليقته للحصان ، وفيها بقايا طعام وفتات خبر ليأكلها . ', 3548 => ' لما عاد الرجل وركب حصانه ، حَرِنَ به ولم يتحرك خطوة . ثم بَرك مكانه ، فصاح بالناس مستنكراً مستفهماً : " ماذا فعلتم بحصاني ؟ " ', 3549 => 'واجتمع بعضهم ، وأخذوا يفحصون الحصان ؛ فبين قائل " أنه مسموم " . وآخر يقول : " أنها عين ابن آدم صرعته " . وثالث يظن أن خبز الشحاذ متعفن ... والخ .. من الأسباب .', 3550 => 'وتقدم رجل كبير وقور ، وقال للرجل : ', 3551 => '- " لا بأس عليك ، حصانك بخير ، إلاّ أنه قد أكل خبز البطالة ، فكره العمل ، وأصيب بمرض الشحاذة ! ', 3552 => false, 3553 => false, 3554 => false, 3555 => 'تمت', 3556 => ' ', 3557 => ' " الرحيل والحب " ', 3558 => 'لولا الحنين في غربتي ..', 3559 => 'لكنت سعيداً في دار هجرتي . ', 3560 => 'وأحياناً أتشاجر وزوجتي .', 3561 => 'لكنها لا تقاضيني إلى " حماتي " أو " عمتي " . ', 3562 => 'إنما هي تشكوني إلى ... ابنتي !', 3563 => 'بلغة الحدوثة اليومية الرواية . ', 3564 => 'لكنها تبدأ القصة منذ البداية .', 3565 => 'وأنا أسمعها تقول ؛.. إذ تسرد الحكاية : ', 3566 => 'كان هناك شاب اسمه " طاها " . ', 3567 => 'عَلِقَ بنتاً حلوة ، وذاب في هواها . ', 3568 => 'أبوه صعلوك ، وأبوها " ابن أصول " !', 3569 => 'لذلك لم يحصل القبول . ', 3570 => 'وفي ليلة أخذت حفنة ذهب من خزينة أبيها ', 3571 => 'وتزوجها الشاب بمهر ساقه منها إليها !!', 3572 => 'لكنهما تركا القرية ، إذ لم يعد لهما فيها مقام . ', 3573 => 'وعاشا معاً في البعد ثمانية أعوام . ', 3574 => 'وخلفا بنتاً مثلك ، جميلة الوجه والقوام . ', 3575 => 'لكنه ما زال ، كلما ذكر أرضه وأهله . ', 3576 => 'يسومها الخسف لوماً ، أنها قطعت حبله !', 3577 => 'أما هي فتبكي أهلها بصمت . ', 3578 => 'راجية عفو أبيها ، ضارعة بكبت . ', 3579 => '" قد استضعفها " .. قالت البنت . ', 3580 => '" لأنها لا أهل لها ، ولا سند ولا بيت " .', 3581 => '- " ما هو الحل حبيبتي برأيك ؟ " ', 3582 => '- الحل أن تتركه بشأنه بلا شك " ', 3583 => '- " لكنها تحبهُ " ..... وتنتحب !!', 3584 => '- " أماه ... ما معنى الحب ؟!: ', 3585 => 'أجبتها ؛ أنا المراقب عن كثب : ', 3586 => '- " الحب يا حبيبتي ؛ هو قُبلة على جبين ماما " . ', 3587 => 'ثم قبلتها ... فرضيت عني إلى حد ما . ', 3588 => false, 3589 => false, 3590 => false, 3591 => false, 3592 => false, 3593 => 'تمت', 3594 => ' ', 3595 => '" المُكابر "', 3596 => 'كان " سيء السيرة " في مرضه الذي هلك فيه . نائماً يعاني سكرات الموت ، وقد حشرجت وضاق بها الصدر ، إذ قالوا له ؛ " إن فلاناً وفلاناً قد جاؤا لعيادتك " . فأنتبه وقال أمراً بجزع: ', 3597 => '- " هاتوا لي عقالي وكوفيتي ... " .', 3598 => 'وجيء له بهما على عجل ، فلبسهما ، وبالكاد عَدَل نفسه . وقال لأولاده " أسندوني لأقعد واحملوني لأقوم " .', 3599 => 'ودخل العواد " الشامتون " فقالوا له : ', 3600 => '- " كيف حالك يا أبا كسّار ، مشافى إن شاء الله .. " ', 3601 => 'قال يغالب السقم المشتد : " ومالي أنا وما بي ؟! " ', 3602 => 'قالوا : " أنك مريض مدنف . أراك الله العافية " .', 3603 => 'قال وهو يلقف أنفاسه ، وروحه تصعد فينزلها بكل عزمه : ', 3604 => '- " من قال هذا ، أنا لست مريضاً !... هذه إشاعات مغرضة لحاقدين " .', 3605 => 'ثم دعا أولاده قائلاً : " من يقدم لي جوادي ، أريد أن ... " ', 3606 => 'وانقطع صوته ، أو انحبست أنفاسه . ولكن " كسار " صاح بأخوته : ', 3607 => '- " هيا بسرعة قوموا أسرجوا الفرس " .', 3608 => 'وأخذ الرجال ينظرون إلى بعضهم . ثم قاموا عما قليل وهم يقولون : ', 3609 => '- " ما شاء الله ، أبعد الله أيامك وكذب خبرك ، وعجل شفاءك أبا كسار " . ', 3610 => 'قال : " وما بي أنا لأشفى ، إنما تُقال هذه للمريض شفاكم الله ! ..." ', 3611 => 'ولما تجاوزوا الديار سمعوا صريخاً مكتوماً .. ثم خرجت ابنته تلطم وجهها وتصيح مولولة : ', 3612 => '- ياباه وأبتاه ... لقد مات أبي ...', 3613 => false, 3614 => false, 3615 => false, 3616 => false, 3617 => 'تمت', 3618 => ' ', 3619 => '" كتابُ سعدي "', 3620 => 'لسنين بحالها كنت ترى سعدي يحمل بيده كتاباً كبيراً مجلداً ضخماً في التاريخ – على ما يُظن – أو لعله في الهرطقة والزيف .', 3621 => 'هو لم يقرؤه ، ولا نصفه ، ولا رُبعه ولا عشره !.. لكنه سامع من – لا يعرف تحديداً مصدر معلوماته -.. بأن هذا كتاب مهم وموسوعي ومصدري وحساس ، لذا انتقاه واشتراه ، وحازه وحمله .. تراه متأبطاً إياه في كل حين تحت أبطه ، دائراً به في كل وادٍ وناد كنبي إسرائيلي !.. وكل من سأله عنه – أو لم يسأله – يوسع له شرحاً وتفصيلاً فيما يحلو له قوله عن هذا الكتاب ، ففيه تفصيل كل شيء ، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ، وهو بيان للناس كافة لا غنى لإنسان عنه ... فيه تاريخ وفقه وعقائد ، وطب وعلوم ورياضيات وطبيعيات وميتافيزيقيات وسحر وجن ولا عقلانيات وروحانيات ... " والشعراء في كل واد يهيمون " !!', 3622 => 'وإذا ما التقى عنصرياً قومياً قال هذا كتاب المثالب والمناقب . ', 3623 => 'وإذا ما صادف شيعياً قال هل أدلك على أئمتك الاثنى عشر .. وإذا اجتمع مع ناصبي قال أعرف هنا خبر ضلع الزهراء وفدكها وأفك عائشة وجملها ... ', 3624 => 'وإذا ما أراد أن يكفكف دموع شيوعي على الصرح الذي تداعى قال له دع " رأس المال وماركس ولينين " وخذ الاشتراكية من هنا ... يؤشر على المجلد الضخم المحمول على صدره باحترام وإجلال ... يؤشر عليه فقط ، لا يقتحمه ولا يفتحه ، بل لا يسمح لأحد بلمسه . يقول أسألوا وأنا أجيبكم بما في الكتاب . ', 3625 => 'هولا يجيب .. إنما يخوض مع كل خائض بما في (كتابه) بازاً المتحدثين ، مخرساً الخاطبين بما يحلو له مما يطرق عقله ويداعب خياله في كل فرع ولون دون علم ولا هدى ، ولا كتاب ! ', 3626 => 'كان سعدي يدس بوزه في كل ما يعرفه أو لا يعرفه ، يريد أن يُشار له بالبنان بأنه الفهامة العلامة المتحدث . فإذا ما خاضوا في مبتدأ الخليقة وآدم ونوح والطوفان علا صوته على الأصوات كلها بأنه عارف كم هي دسر السفينة بما في كتابه عن هذا مما فيه شفاء الغلة وبغية الطالب . وإذا ذكروا النساء في مجلس قال أن في كتابه فصل يريك المرأة مجسمة عارية كذا وكذا .. ويفيض في الوصف بما يرغب من الهذر الرخيص حتى تغطي وجهك . ', 3627 => 'وإذا ما تحدثوا في الإنسان واصل الخلق قال : " في كتابي أشجار القبائل وأسماء الأولين والآخرين " ... ولكن إذا ما سأله قرشي عن عبد مناف ، لاذ بالوتوتة والتحرف ثم وعده ... أن يكشف له الكتاب !', 3628 => 'إضافة إلى كتابه الفهرس . فأن سعدي ذاته موسوعة معارف متحركة قائماً بذاته . تجد لديه كل طريف وتالد من معلومات عن كل شيء ، حتى ليجذبك ويسحرك ويشدك بما يفيضه في أذنيك من غث القول وسمينه .... تجد لديه أخبار البلدة وأسرارها كمجلة الفن والراقصات ، وما يجري في الأخبية وغرف النوم وعلى الأسرّة مفصلاً بالصوت والصورة الملونة .. وفي جعبته من قيل وقال النساء صيد وفير فهو يطلعك على الفضائح الاجتماعية السرية جداً والطازجة التي تمت تسويتها ، أو لا زالت ، حتى ليرد لك الزيجات كلها إلى " إنّ " كانت قبلها ! ', 3629 => 'ولا يكتفي سعدي بالحاضر يقرؤه ، والتاريخ يفصله ... إنما يعمد إلى المستقبل يستطلعه ، منبئاً عما سيقع ويكون ! ', 3630 => 'وينتهي سعدي بأخبار المال والأعمال ويفيض فيها ويوسع ـ وهو المفلس ـ مفصلاً قصص الارتقاء إلى المليونيرية ، وطرائق الغنى والسبل إليه ، والشطارة والفهلوة والحلال والحرام .... ', 3631 => 'أما ما سيكونه هو – لما يصير كبيراً طبعاً – فهذا كتاب آخر يحتاج لقراءته إلى ... أعمار !... ودهور ! ..', 3632 => 'أما ( آخر الأخبار ) فأن ( سعدي ) يعمل ليل نهار للترشيح والفوز في مجلس المحافظة وربما ارتقى الى نائب .. وكان أبوه " قندرجي " . ', 3633 => 'لا عجب ، فالنجاح في السياسة العراقية يحتاج الى ( جرعة من سعدي ) ونسخة من كتابه !!', 3634 => 'لا عمل لديه سوى التسكع هنا وهناك وإذا ما سألته قال أنه متفرغ لأعمال الثقافة وشؤون الكتب . أما حديثه الدائم في السياسة فهو هواية وتمضية وقت ... ومصداق ذلك أنه ينتمي الى عشرين حزباً ويزيد ... بيد أنه لا يسيء استخدام السلطة !! ', 3635 => false, 3636 => false, 3637 => 'تمت', 3638 => ' ', 3639 => '" مسجد ، مسجد "', 3640 => 'في كل زيارة أو مناسبة دينية أرى هذين الغلامين بعينهما في صحن الإمام علي وهما يدوران على الزوار ويناديان " مسجد ، مسجد " فتنهال عليهما الناس بالدراهم والدنانير .', 3641 => 'تقدمت من أحدهما وسألته : ', 3642 => ' أما اكتمل المسجد أيها الفتى ؟ منذ سنين وأنتما تناديان عليه فرد عليّ بلهجة تنم عن احتراف ودربه : ', 3643 => ' شارك أيها الحاج ، قدم ولو ثمن طابوقة تزاح بقدرها من ذنوبك عن صدرك يوم القيامة . ', 3644 => 'عندها لم أملك إلاّ أن مددت يدي إلى جيبي وأعطيته ديناراً وأنا أعلم يقيناً أن لا مسجد .. إنما هي طريقة مبتكرة من طرق الشحاذة . ', 3645 => false, 3646 => false, 3647 => false, 3648 => false, 3649 => 'تمت', 3650 => ' ', 3651 => '" اللّمَمْ ... وكبائر " لَلَم "', 3652 => 'الرأي .. ماذا لديك يا عَمْرْو ... ولك مصر !..', 3653 => 'قد أعددت رواحلي للالتحاق بقيصر !', 3654 => '... هي الغمرات ... ثم تنجلي . ', 3655 => 'قد ذهب إلى ربه علي ...', 3656 => 'ولكن مصراً ... لعبد العزيز ...', 3657 => '* * *', 3658 => 'الديون كثيرة ؛ سماوية وأرضية ... وتاريخية !', 3659 => 'بلغت دعاويها عشر شكاوى رسمية . ', 3660 => 'نصب وتسويف وتعب ، بلا حسم ولا كسب ', 3661 => 'أكثرها عمليات احتيال ونصب ، وشاي ومشيخة وكذب ', 3662 => 'وجاءت المقاولات وقال الحزب !...', 3663 => 'لا طاقة له على الهرب ... أو إيفاء الطلب . ', 3664 => 'قال له صاحبه : ', 3665 => 'في " التحكيم " ستنتصر لا محال .. ماذا بعدها غير القيل والقال !', 3666 => ' كيف ؟... هل الحاكم حمارٌ أعجَم ؟!', 3667 => ' ليكن أسداً عرمرم .. إنما أنت كن قرداً أبكمْ . ', 3668 => ' كيف ؟... أوضح لي مضمون الخطة ', 3669 => ' اليكها نقطة نقطة ... إنما لي النصف في " الخبطة " . ', 3670 => ' اتفقنا يا صديقي العزيز . ', 3671 => ' ومصر لعمرو ... لا لعبد العزيز !', 3672 => ' الله على من يخون . ', 3673 => 'سنكتب العهد الأمين المأمون ...', 3674 => ' ونعلقه في الكعبة الحرم المصون ....', 3675 => ' هه !.. كوصية الخليفة البليد هارون !!...', 3676 => 'لا ثقة .. قانون أبدي .... ', 3677 => ' إنما إليكها ... يا صاحبي الردي ', 3678 => ' أتعلم لِمَ لا أخاف منك التعدي ؟!!...', 3679 => ' لأن مفاتيحها بيدي !!', 3680 => ' ..............................', 3681 => ' اسمع ! ', 3682 => ' إذا وقفت أمام القاضي فقل : " للم " .', 3683 => ' للَمَْ !.. وما للم ؟ ', 3684 => ' لا عليك . أنها لفظة لا معنى لها . إنما لا تحسن أنت غيرها ، كالخروف يقول كل ما يريده معمعةً . ', 3685 => ' للم . للم . للم ....', 3686 => ' أحسنت كررها ... أنها لفظة صغيرة مبهمة . وكلما سألك أو أستجوبك أو كلمك القاضي فقل : ', 3687 => ' للم ....', 3688 => ' ممتاز ... قد اتقنتها ... بيد أن الأهم أن تثبت عليها لو ضربوك . ', 3689 => '* * *', 3690 => ' لماذا لا تفي دائنيك ؟', 3691 => ' للم . ', 3692 => ' هل عندك موارد أموال . أملاك . أطيان ؟ كي نحجز عليها.', 3693 => ' للم . ', 3694 => ' هل أنت مطلوب لأحد ؟ ', 3695 => ' للم . ', 3696 => ' هل تطلب أحداً . ', 3697 => ' للم . ', 3698 => ' كم . لمن . متى . كيف ..؟ ', 3699 => ' للم . للم . للم . للم ...', 3700 => ' ما اسمك يا هذا أأنت الـ .. ', 3701 => ' للم ', 3702 => 'صاح أحد الغارمين بحرقه : ', 3703 => ' أنه يكذب سيدي ... يتظاهر . ', 3704 => 'قال القاضي في حيرة : ', 3705 => ' لعله ليس الشخص المطلوب! من أي سجن أو مصحة جلبتم هذا أنه أبكم أصم مجنون.', 3706 => ' أضربوه . أجلدوه .. سوف يعترف . ', 3707 => ' ليس تلك مهمتنا .. أعيدوه إلى الحجز . ', 3708 => '* * *', 3709 => 'وتكرر مشهد " للم " في الجلسة الثانية ', 3710 => 'أخيراً زهق القاضي وصاح يائساً : ', 3711 => ' " ما هذا .. أخرجوه .. لا تضيعوا وقت المحكمة " . ', 3712 => 'وكتب مقرراً : " ولا على المجنون حرج " . ', 3713 => ' * * *', 3714 => 'وجاء معلمه يطالبه بالقسم . بالنصف ، حسب الاتفاق المبرم فلم يزد على أن قال له : " للم " . ', 3715 => 'صفق بيديه يائساً وقال : ', 3716 => ' أما أني أنا الذي علمك وفهمك ؟!', 3717 => ' للم . ', 3718 => ' سوف أخبر السلطان .. وعليّ وعلى أعدائي مهما كان . ', 3719 => 'عرف أنها ستقع عليه وحده ، فأسقط في يده وقال يكلم نفسه : ', 3720 => '" استوفي بالكيل .. أبا مجرم " ', 3721 => 'وهتف قرب أذنه كأنه يطلق رصاصة ، صارخاً : ', 3722 => ' للم ', 3723 => ' " مشمئزاً " اشرب بكأس كنت تسقي بها ', 3724 => ' للم ', 3725 => ' لن تعيش ....', 3726 => ' للم ...', 3727 => ' " وكأنه يجيب نفسه " وكلنا ميتون ....', 3728 => 'فيما تأتيه " أطلاقات لمم " صلياً كراجمة صواريخ لديه .', 3729 => 'ما زال يصرخ بـ" لمم " حتى خرج المجرمون .. وبيضت السجون ، ثم اجتمع إليه الملأ في الحواسم ومن بعدها الطاعون . ', 3730 => 'هل الحواسم من مصغرات الذنوب " اللمم " ؟! ', 3731 => 'أم هي كبائرٌ " للمم " ؟!', 3732 => 'تعلم الناس من الأولين الـ " للم " ', 3733 => 'فهم لا يتركون اللمم !!', 3734 => false, 3735 => false, 3736 => false, 3737 => false, 3738 => false, 3739 => 'تمت', 3740 => 'المساواة', 3741 => 'عدّل عقاله ومسح شاربيه ، وقام من مقعده بخفة وابتسامة ، مخلياً مكانه لامرأة شابة صعدت السيارة تواً : ', 3742 => '- تفضلي هنا أجلسي مكاني . ', 3743 => 'كانت السيارة مكتضة بالواقفين ..', 3744 => 'قالت له بلطافة وحنو : ', 3745 => '- " لا يا عم ، استرح مكانك ، أنا أقدر منك على الوقوف " لكنه لمس جحوداً في لهجتها ، فعاد إلى مجلسه غاضباً يغمغم وهو يقول كأنه أحس بالمهانة لرجولته . ', 3746 => '- " ما تگعدين للگبر الأسود " ', 3747 => 'قال بعضهم : " لعل الحاج لا يعلم إننا في عصر المساواة " ! ', 3748 => false, 3749 => false, 3750 => false, 3751 => 'تمت', 3752 => ' ', 3753 => 'الأخت', 3754 => 'هي تستقبل الضيوف ... إذ غاب أخوها ... معيوف . وينام آمناً في الليل ... إذ لا تنام " الزلم " . ', 3755 => 'وتبقى أخته النشمية في حراسة البيت والغنم !', 3756 => 'والذئاب – بكل أنواعها – لا تقرب حمى " الداورية " ', 3757 => 'إذا ما مسكت " علاهن " البندقية . ', 3758 => 'جاء الرجال في جاهة كبيرة لخطبتها .', 3759 => 'فقال لهم أخوها معيوف ', 3760 => '- " عمي أأنتم ما عندكم بخت ، أما تخافون الله هل من أحد يعطي أخوه ، حزام ظهره " ', 3761 => 'ورفض حتى النهاية .', 3762 => false, 3763 => false, 3764 => false, 3765 => false, 3766 => 'تمت', 3767 => ' ', 3768 => 'العدوى', 3769 => false, 3770 => false, 3771 => 'حذار لا تلمسيني ... ', 3772 => 'لئلا يتنشبك المرض اللعين .', 3773 => 'فأنا موبوء . ', 3774 => 'مسكون بملايين المخلوقات الشيطانية .', 3775 => 'أتركيني في الدار وارحلي ..', 3776 => 'وسَتُعذري ...', 3777 => 'فصاحبك مصاب بالجدري .', 3778 => ' * * ', 3779 => 'أمس كانت الحمى ...', 3780 => '" إياك ومعاشرة الفاسق " .', 3781 => 'يبقى الطالب طالب ... والسائق سائق . ', 3782 => 'وقد عاشرت القوم أربعينات من الأيام .', 3783 => 'ورأيتهم يكتبون القصاصات الورقية . ', 3784 => 'ويتفقون على إشارات بعينها .', 3785 => 'لكن أحداً لا يسمي ذلك غشاً . ', 3786 => '... واليوم ظهر الطفح الأحمر ', 3787 => 'سريعاً اجتاحتني أعراض المرض الجهنمي . ', 3788 => 'وجدت نفسي في المبغى .', 3789 => 'بين يدي مومس تنفث الأيدز والزهري . ', 3790 => 'تداويني بالتي كانت هي الداء . ', 3791 => ' * * ', 3792 => 'فقاقيع حمر مزرقة مسلوخة .', 3793 => 'تسيل دماً صديداً ', 3794 => 'بركة ملئ بالأقذار', 3795 => 'كنت أتمرغ فيها كالخنزير البري .', 3796 => 'أكل اليساريع النتنة بشراهة .', 3797 => 'وأقضم القواقع وحيّات الطين .', 3798 => '....... أنه المرض في أطواره الأخيرة .', 3799 => 'ابعد عني آدميتي ... ديني ... خلقي .', 3800 => '... وجاءت ساعة الحسم .', 3801 => 'المجدور ميت .', 3802 => 'وكنت أرى القبر تحتي فاغراً فاه .', 3803 => 'عميقاً مظلماً آسناً كفجوة في جهنم .', 3804 => 'تنبعث منها رائحة يجور منها أهل النار .', 3805 => '.... وأطل من علياءه شامخاً يقول .', 3806 => 'تَشَهَّدْ ..... افتحْ يدك . ', 3807 => 'على أي دينٍ يا أبا الديانات ؟!!', 3808 => 'أنه ليس اسماً ... ليس ابناً ... بل شرعة ومنهاج .', 3809 => 'الموت أولى من ركوب العار ', 3810 => 'والعار أولى من دخول النار .', 3811 => 'ونفسي معي كيف لا أواجهها .', 3812 => 'هل ابتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء .', 3813 => 'وذهلت عن ذاتي وأمري .', 3814 => 'ورنوت إليه .', 3815 => '... لم يكن عزرائيل ', 3816 => 'مَن يكون إذن ؟!!!', 3817 => 'أما تستلم أمانتي ؟! هيا افعل . ', 3818 => 'الستَ مأموراً بقبض أرواح المجدورين ؟!!', 3819 => 'قال يبتسم : ليس كلهم ...', 3820 => 'يا إلهي !! وجهه كغرة الفجر .', 3821 => 'تنبعث منه أمواج من الأشعة الكونية .', 3822 => '... لا أقاوم ... لا أتكلم ... لا أتنفس ..', 3823 => 'وعرف أني سأموت فتوارى سريعاً .', 3824 => 'مسامح كريم .', 3825 => 'كلا .... ملك كريم .', 3826 => '" والله من ورائهم محيط " .', 3827 => ' * *', 3828 => 'وذهبت العَبرة وبقيت العِبرة ...', 3829 => 'محفورة في جدار المخ .', 3830 => 'كأقوى وأعمق بثور خلفها جدري .', 3831 => '" لماذا ؟ " ... " غير معقول ! " .. " أنا بقيت ارتجف " .', 3832 => '... حفر أتحسسها كالنصل الغائر في الصدر .', 3833 => '" أنت تغش ؟!!! ولمن تغش ؟... أنا ؟!! " ', 3834 => 'رحَمك بي ، أنت تنشرني نشراً أيها الرحيم الكريم .', 3835 => '- " كيف تغامر بمستقبلك ؟ " ', 3836 => '- ليس هذا ما يدميني الآن ... المسألة أكبر . ', 3837 => '- المسألة نسبية ... الآلاف يغشون .. البلد كله مغشوش . ', 3838 => '- أنها مادة مقحمة إقحاماً على المنهج لا نفع منها .', 3839 => '- لا يعنيني هذا .. أنا أمام حالة غش شرعاً وقانوناً . ', 3840 => '- ليتك أبقيتها داخل هذا الإطار .', 3841 => '- لقد جعلتني أرى الحياة على غير ما كنت أرى .', 3842 => 'لقد طعنت موطناً غاية في الحساسية في نفسي. " الثقة بالخيرين ". ', 3843 => 'ويأتي الرد ميتاً ملصاً كسقط في شهره الخامس :', 3844 => '- لكل جواد كبوه . ', 3845 => '- هذه المقولة الصحراوية البليدة المنقرضة ...', 3846 => 'أتراها تصمد في هذه الزعازع ؟! ', 3847 => 'ولا غيرها ...', 3848 => 'أفضل شيء أن تسكت ... اذهب ', 3849 => 'اسكت .. اذهب .. اذهب .. اسكت .. اسكت .. اذهب ', 3850 => ' اس .. إذ ... اس ... إذ ... اس ... اذ .. اس ', 3851 => false, 3852 => false, 3853 => 'تمت', 3854 => ' ', 3855 => '" الاستمرارية والانعطاف " ( )', 3856 => 'العشرون والمئة ...', 3857 => 'التسعون ..', 3858 => 'السبعون ..', 3859 => 'واسرافيل نفخ في فرامل العجلة .', 3860 => 'وضحك عزرائيل للحصاد . ', 3861 => 'ومات ...', 3862 => 'ثلاث ثوان فقط ', 3863 => 'ثم انشقت الحياة .', 3864 => 'أولاً في قدميه ', 3865 => 'وغاصت الدواسة حتى الرُكب ', 3866 => 'وناح المحرك بثلاثة ألاف آه ...', 3867 => 'وترنحت مثل عملاق تداعى .', 3868 => 'واصفر الوجه ، وتيبست الشفاه ، وخفق القلب .', 3869 => 'ورآه ممدداً .', 3870 => 'وإذا استوت ثانية على الطريق ، سأل نفسه :', 3871 => 'هل رأيت دماً ؟', 3872 => 'هل حدث شيء ؟', 3873 => 'ولمع الجواب برقاً يشق غيوم الذات المتلبدة :', 3874 => '- كلا ... لم أفعل شيئاً . ', 3875 => 'وهامت دقيقة الحدث في فراغ الاستمرارية الشاسع .', 3876 => 'وعاد المؤشر يستقر على المئة والعشرين . ', 3877 => false, 3878 => false, 3879 => 'تمت', 3880 => ' ', 3881 => 'ظلمات ... أطباقاً', 3882 => 'مشاغل ، مشاكل . مشاعل . مزابل ... مباذل .', 3883 => 'أين الهواجل والصواهل والمناصل والذوابل !!', 3884 => 'كل ما تريد من زوجها ، يأتي عبر السائق . ', 3885 => 'هل تزوجت ... السائق ؟!', 3886 => '..... قد ... أحبت السائق !!', 3887 => 'ما أنكر فحولته !... رائق .. عايْق !', 3888 => 'إن هذا لفي صحف الأولين ...', 3889 => 'صحف الطباخين ، والسواقين ... والخدم والتابعين !!', 3890 => 'دعته لنفسها ... وهي امرأة عزيز ! ... في الإفريز !', 3891 => '........... لا عجيب ولا غريب !', 3892 => 'أنه العشق ... وضعف الرقيب !', 3893 => 'صدفة ... ضبطهما زوجها متلبسين !!', 3894 => '........... ما كانا حذرين !!', 3895 => 'لكنهما تمكنا منه ... وخنقاه !', 3896 => 'قتلاه ... ودفناه !!', 3897 => 'وحسب الأصول ...', 3898 => 'قيدت القضية .. ضد مجهول !!', 3899 => 'ماذا قال الزمن الأهوج الزائف الظالم ؟!', 3900 => 'علقها على شماعة الإرهاب الغاشم !', 3901 => 'وبقي صامتاً لما رأت لصاحبها " حُذام " . ', 3902 => 'أن يبقَ قريباً ... لا تبعده الأيام ...', 3903 => 'فزوجته ابنتها .... كما اشتهى ورام !', 3904 => 'والقول ما قالت حذام !', 3905 => 'وبقي معها ', 3906 => '........ ماؤهُ في ماءِها !!', 3907 => '........ لا زالا .. معاً !!!!!', 3908 => false, 3909 => false, 3910 => false, 3911 => false, 3912 => false, 3913 => false, 3914 => false, 3915 => false, 3916 => false, 3917 => 'تمت', 3918 => false, 3919 => ' ', 3920 => 'دُخان الشرف ', 3921 => 'الحر .. الظهر .. الباص .. الازدحام .. الالتصاق .. الروائح .. العرق ...... التدخين ! ', 3922 => 'وواحد يصدر صوتاً مخنوقاً من بين الأجساد المتراصة صائحاً يستغيث : ', 3923 => '- يا ربي هواك ', 3924 => 'والسيارة ، والركاب ؛ يتنفسون .. وفي الأوكسجين أزمة . ', 3925 => 'وامرأة تزاحم الواقفين يجسدها الفاضح ، وسيكارتها بين شفتيها المصبوغتين ... تتأفف قرفاً وتقول : " أوي ، شويّة وسّع .. قطيعة تقطعكم " .', 3926 => '- لا أحد يرد عليها .. الناس منشغلة بهمومها الكبيرة . ما لها وهذه .', 3927 => 'لكن أحدهم يطلق تصريحاً خطيراً من طرف السيارة قائلاً بصوت خطابي جهوري ليسمعه الجميع !', 3928 => '- بربي . بديني ، هذه التي تدخن بالسيارة مو شريفة . وعلى البديهة الحاضرة أجابته :', 3929 => '- هذا أي سخيف منحط ما عنده شرف يحچي هيچ ... ', 3930 => 'صاح من مكانه مباشرة : ', 3931 => '- ولچ لو كنت شريفة ما نطقت . لكنك تريدين أن تعلني عن نفسك بأشنع الوقاحة يا سافلة . ', 3932 => 'وعاد الصوت الأنثوي الرفيع يرد فوراً بكلمات كأنها الرصاص : ', 3933 => '- إنچب سافل أنت وعشيرتك حقير جبان .. آه لو لزمتك بيدي لعبيت حلقك زباله .', 3934 => '- العن أبوچ لا أبو الرابطيچ .. سايبه . لو كان عندچ رباط لما هدچ كذا . ', 3935 => 'ويبدوا أن الرجل " فاضي " و " عنده خلگ " فراح يعطيها وتعطيه ... شتائم وإهانات يتقاذفانها من خلال الزحام ، دون أن يرى أحدهما الآخر . ', 3936 => 'ظلوا ساعة في مساجلات من هذا الكلام السوقي المنحط مما يتبادله سفلة أهل الشوارع بلا تهيب ولا خجل .', 3937 => 'لم يتدخل الركاب . لا أحد يفهم ما يجري . قد يكون قريبها أو زوجها . لعلهما مجنونان . ', 3938 => 'وتطور الأمر وتحول السجال عراكاً حقيقياً لما تحركت المرأة نحو الرجل تشق الزحام بجسدها الثقيل العريض .', 3939 => 'عباءتها التي تعلقها على قمة رأسها سقطت ، وبان جسدها المكور الذي يلفه الثوب فيزيدهُ فتنة . وكانت العيون المتعبة المسهدة تثبتت على صدرها ونهديها النافرين وهما ينضغطان في الزحام . ', 3940 => 'كان الرجل قد سكت . ونكص على عقبيه . وإذ اقتربت منه قال للذين حوله ', 3941 => '- " ولكم يخوتي عود وصلت هاي ، وسوتها صدگ " فقال له معقل كبير : ', 3942 => '- " تخسا الزلم ، وأنت تخاف منها " ', 3943 => 'ثم مد يده على عقاله وهم به وأضاف ', 3944 => '" والله هاي مال أخرطك عگال .. تستاهل " ', 3945 => 'قال : " عمي وأنت تعرف هذه شنو ، ومن تكون ؟ " ', 3946 => '- " مرة عايق .. شنو ! "', 3947 => '- " لا يابه لا . أنت واهم . دير بالك عمي هذه تعمل بالأمن مال صدام . وعملها كله وي الكبار . والي يوقف أمامها تضيعه ... " ', 3948 => 'وفغر المعقل فاه وقال متعجباً : ', 3949 => '- " أنا أخوك !... هذه مبينه مو راحة " ', 3950 => '- أي لعد شعبالك ... توخروا أنتم . خلوني وياها ويحكم الله . لو طارحتني ، لو طارحها . " وما النصر إلا من عند الله " ', 3951 => 'عدل الرجل عقاله وبلع ريقه ، ووقف لا يريم .. بمجرد أن سمع باسم الأمن العتيد . ', 3952 => 'واقتربت المرأة من خصمها ، وأمسكت بتلابيبه تجره إليها وتقول بلهجة أمرة : " انزل معاي يلا أريد أعلمك منو أني " إذا ما مرغتك بالتراب .', 3953 => 'وصاحت بالسائق أن يقف لكنه لم يقف . ', 3954 => 'وسحبت الرجل نحوها تصارعه رجلاً لرجل . ', 3955 => 'وانتظر أهل الباص فصلاً مثيراً .. لكن الرجل نكص على عقبيه ، وقال بتذلل يشبه المزاح ، أو لعله كان فصلاً تمثيلياً متفقان بشأنه : ', 3956 => '- التوبة . سامحيني هذه المرة .', 3957 => 'وراح يتمايل بين يديها يكاد يقع ، وهي تهزه هزا فيقول مستغيثاً بمن حوله : ', 3958 => '- ألحقوني ، رحت أموت . خنقتني .. الرحمة . عندها أطلقته ودفعته عنها قائلة :', 3959 => '- " عبالي صدگ رجال والله اغتريت بيك " ', 3960 => 'قال يستعرض قوته : ', 3961 => '- جربي بطريقة أخرى ، سترين رجلاً يرضيك . ', 3962 => 'وتغير المشهد بسرعة إلى ما يشبه الغزل الصريح . ثم رأى الناس أنهما صارا يتحدثان سويه بهمس ويتضاحكان بقهقهة عالية . ', 3963 => 'ثم أخيراً نزلا سويه في منطقة واحدة وانطلقا وهما ممسكان بيدي بعضهما .', 3964 => 'قال أحدهم مستغرباً : ما هذان اللا شريفان ', 3965 => 'أجابه آخر : الخبيثون للخبيثات . ', 3966 => 'قالت إحداهن : لا شك أنهما كلاهما من عناصر الأمن . ', 3967 => '- أي أمن هذا ... الناس لا تفهم ما تقول ولا تعي المسميات بحقائقها لأن كل مصادر معلوماتها مشوهة مشوشة مأخوذة من الشارع ...', 3968 => 'أظن يقيناً أن هذان عنصرا تمثيل في مشهد للكاميرا الخفية يمثلان فصلاً على الناس وللناس . ', 3969 => 'من يدري .. الذي يريد الحقيقة عليه أن ينزل معهما ويتابعهما حتى النهاية ... لكن هذه الأمور تحتاج إلى " خلگ " ورغبة في البحث ... وهذه غير متوفرة لدينا .', 3970 => 'لم يتطوع أحد لنزول ساحة البحث .. وضجت السيارة بالكلام .. سنبقى في الكلام .', 3971 => false, 3972 => 'تمت', 3973 => ' ', 3974 => '" لا تقربي الشجَرة ثانيةً "', 3975 => 'أيتها المرأة المرأة ...', 3976 => 'يا سيف الدولة ومتنبّيها ...', 3977 => ' وخيلها وخيالها وليلها ولئلائها ...', 3978 => ' " فيك الخصام وأنت الخصم والحكم "', 3979 => 'كم هم الذين قالوا فيك .... ويقولون . ', 3980 => 'بقدر الهم على القلب . بقدر عشاق الحرب ورعاع السلب والنهب!', 3981 => 'بقدر ذباب المزابل . ', 3982 => 'بقدر أسلحة الدمارِ الشامل . ', 3983 => 'بين خاطب لبنات الحقيقة فيك ', 3984 => 'ومراود لها – للحقيقة – على مجون ', 3985 => 'وجئت أنا اليوم أنتمي إلى ناديهم . ', 3986 => 'نادي " أعدقاء " المرأة . ', 3987 => ' مع أني .... لا أحسن التحدث إلى المرأة !', 3988 => 'عيب فيّ قديم . ', 3989 => 'أو ربما هي " مزية " فيما ترين . ', 3990 => ' فالحكم لك وحدك ... أخيراً ', 3991 => 'قد أكون هماً آخر على قلبك', 3992 => 'أو ذبابة أطنطن قرب أذنيك المثقلتين بالأقراط .', 3993 => 'أو ربما كنت صاروخاً عابراً للقارات ', 3994 => ' يحمل رأساً " إسلامياً " ', 3995 => 'رأسك لا تلفيه بخمار أو جسدك . ', 3996 => 'فهذا ليس الأهم . ', 3997 => 'إنما أوصيك محذراً : ', 3998 => ' " لا تقربي الشجرة ثانية فتكوني من الهالكين " ', 3999 => 'شجرة الهرطقة والزيف وأساطير الأولين ', 4000 => 'تكررين مرة بعد مرة خطأ أمك الأولى . ', 4001 => '..... عندما قالوا لك " أسفري يا أبنه فهر " ', 4002 => 'هل تبينت التفاحة وإبليس في هذا ؟!', 4003 => 'لقد أزلك الشيطان وأكلتِ ... ', 4004 => 'قد شبعتِ الآن تفاحاً خرافياً ، فما عاد يضُرك . ', 4005 => 'قد تمنعتٍ لقاحاً حضرياً يفتح الأضواء حولك . ', 4006 => 'لقد أخرجوك ... من جنة الأساطير ', 4007 => ' عرّوكِ وكسوكِ .... خنقوكِ !', 4008 => 'وشكّلوكِ وصَبّغوك وزوّقوكِ .', 4009 => 'صانوا " حرائرهم " وأبرزوك . ', 4010 => 'عارضه أزياء قشرية ...', 4011 => 'بالبوشية ... والعباءة الإسلامية !!', 4012 => 'وأمالوكِ .............................................. فملتِ ', 4013 => ' رأسك كأسنمة البختِ . ', 4014 => ' وستقوم عليكِ الساعة وأنتِ ... أنتِ ', 4015 => 'لن تفعلي ما أردتِ .', 4016 => 'بعيداً أختاه ستريني واقفاً وحدي ', 4017 => 'متقوقعاً على نفسي مكوراً ', 4018 => ' كحائط آيل إلى السقوط ', 4019 => 'لن أدعوكِ إلى " ظلي " ', 4020 => ' وأنت في هاجرة الزيف اللاهف .', 4021 => 'لأني لم أدعُ إليّ امرأة قط . ', 4022 => 'أنتن صويحبات يوسف ...', 4023 => 'ولعلّي .... من أصحاب الكهف . ', 4024 => 'وإلى العولمة والعلمانية .... ', 4025 => 'جاء يدعو ... والخرف !!', 4026 => 'بحرية ومساواة المرأة ', 4027 => 'قد كان حلف .', 4028 => false, 4029 => false, 4030 => 'تمت ', 4031 => false, 4032 => ' ', 4033 => ' ', 4034 => '" صاعد ، نازل "', 4035 => 'مستمران بحديثهما لم يقطعاه وهما يصعدان . احتلا موقعاً وسطاً وأشعلا سيكارتيهما ... كانا يتحدثان عن ... " الإصلاح " بصوت عالٍ : ', 4036 => '- دنيا خطأ . لا يصلحها إلاّ المگوار والخنجر . ', 4037 => '- قل السيف !... أي استهتار بالقيم والأخلاق . هذا آخر الزمان .', 4038 => 'جندي نائم يضع طاقيته على وجهه ، صاح بغيظ : " دعوني أنام " . ', 4039 => 'صاح به أحدهما بانزعاج :', 4040 => '- " نَم ببيت أمك ، هذه سيارة " . ', 4041 => 'وعاد لصاحبه يكمل له " السالفة " : " أي .. أين وصلنا أبا جَبّار ؟ " ', 4042 => 'قال يتنحّط بغيظ :', 4043 => '- " آه ... نسوان يمشين على السيف ! " ماذا أقول لك وأحكي ! ... " ما تتسولف "', 4044 => '- ( مستنكراً ) " أي نعم ... لم يوافق أبوها ونهاه أعمامها فوضعت يدها بيده وهربا " ', 4045 => 'أين ذهبا إلى جزر الواق واق !؟.. اما من رجال تصِلهم !', 4046 => '- ( بتفجر ) " أخ .... ذبْح !! " ..أين الخناجر !', 4047 => 'وأخذ نفساً عميقاً من سيكارته ونفثه بغيظ ، وصاح بامرأة تبكي خلفه . تجهش بنحيب أزعجه :', 4048 => '- " غضب الله على رأسك .. مالك قلبتيها مناحة !!؟ " " خلينا نسولف " ', 4049 => 'ردت عليه عجوز تجلس جنبها : ', 4050 => '- " يا ... خاله وما شأنك أنت بها هذا من نار قلبها ، خطية زوجها ميت " . ', 4051 => '- " كل من عليها فان ، أهو أول الدنيا أم أخرها " .', 4052 => 'وقطعت المرأة بكاءها ، وقالت بلسان حارق كأنه بركان يقذف الحمم :', 4053 => '- " وما أنت في الدنيا أيها الزبالة ، جعله الله أخر أيامك آمين نعاله يسواك ، لكن الأرض لا تنام إلاّ على السباع ، لأن القرود أمثالك تنجسها .. تف على هذا الشارب ، ما شأنك أنت بي ؟! " .', 4054 => '- وقفز مذعوراً كالملسوع ، وقد أصمّت الإهانة صداه . قال متلفتاً حوله : ', 4055 => '- " ها !... شاربي ، شرف العشيرة ، تف !... أعطوني إياها اليوم أحرق روح رجلها وهو بقبره " . ', 4056 => 'لكن صاحبه أقعده ، وقال له مهدئاً : ', 4057 => '- " دعها ، هذه امرأة نصف عقل . لا تضع عقلك الكامل معها " . ألعن الشيطان .', 4058 => 'واستمر يكمل له الحكاية : " النتيجة .. عدّت أشهرها وأدهرها وجابت ولد " . ', 4059 => 'وكان " ولد " صغير يعبث بربطة عنقه ، فنهره :', 4060 => '- " اقعد بابا تأدّب ( زغيّر ) " .', 4061 => 'والتفت لصاحبه : " إيه .. لقحه شيطان تعلق رأساً " .. أي ربما قبل هذا .... أي أكيد . ', 4062 => '- " أقعد عمي اهدأ ، لا تلعب أيها الصغير " .', 4063 => '- " مرّت الأيام ... وفي ذات ليلة عثر أخوتها على صاحبها فذبحوه " . ', 4064 => '- عفيه .. هذي الزلم . ', 4065 => '- " اترك خالي ... والله ورطه الجاهل " . ', 4066 => 'لكن الطفل لم يتركه ، ولم يكف عن شد رباطه والتعلق به . فصاح بأمه : ', 4067 => '- " أنت يا امرأة ، أما تمنعي ابنك ، أما ترينه يعبث برباطي !" ', 4068 => 'ردت عليه تنهره بوقاحة : يا .. ومالك تتعارك مع اردانك !.. طفل بريء يلعب " .', 4069 => '- ( بتفجر ) " أهي اربطه المحترمين لعب ( زعاطيط ) ... أهذا طفل بريء أم شيطان رجيم ، أقوم والله أكسر رقبته " . ', 4070 => '- ( بسخرية وغيظ ) : " يا والله سبع يا أبو سلسلة ، ما جابت النسوان مثله ... ', 4071 => '" جرّك شويه من رشمتك شصار شجرى ، والله حاطلك خرقه برقبتك متباهي بيها!. ها انت ششايف روحك .. "', 4072 => '- ( مهدداً ) : " أتمنعين ابنك لو أقوم أرده بأمه ، وألعن أبو الرابطچ ، ولو انك لا مربوطة ولا مضبوطة " ', 4073 => 'ودون تمهل نزعت فردة حذائها وقامت متفلته يمسكها من حولها أن ترميه ، صاحت بغيظ : ', 4074 => '- " دعوني الطمه بالنعال على حلقه لأعلمه الضبط والربط هذا يبدو غير مؤدب " ', 4075 => '- ( ثائراً يتنفخ ) : " اللهم العن الشيطان ، الآن أقوم أرميها هي ونغلها من شباك السيارة .. " ', 4076 => 'وضحك أحدهم بارتياح قائلاً لمن حوله : " يستاهل .. إذا أردت إهانة رجل فسلط عليه امرأة ، لقد أسكتته ، بل خنقته .. " ', 4077 => 'ولكن صاحبه راح ينقذه فجرّه إليه وأقعده قائلاً له : " أقعد ، لا عليك منها . امرأة ناقصة عقل مستهترة مسترجلة تعارك الرجال ، عيب عليك كرجل أن تراددها " . ', 4078 => '- " صدقت / فالرد على المرأة لا يكون بالكلام ، إنما بالمگوار والخنجر " . ', 4079 => '- " لا فضّ فوك ... قضية عشيرتنا ما حلها إلاّ المگوار والخنجر .. " . ', 4080 => '.............. نازل عمي نازل ..', 4081 => 'نزلت بكما نازلة بحق السماء !..', 4082 => false, 4083 => false, 4084 => false, 4085 => false, 4086 => 'تمت', 4087 => ' ', 4088 => ' ', 4089 => '" الرهان "', 4090 => 'البون شاسع ، والمدى بعيد ... نصحه أبوه وأعمامه بالكف عن " الجنون " .. إنها حكاية الحب والفقر والغنى القديمة .', 4091 => 'لم يرعوي وركب رأس الثور الهائج ليلقي بنفسه الى التهلكة ...', 4092 => 'توجه وحده الى مطلع الشمس يخطبها من أبيها ، لم يصطحب أحداً أو يقدم للأمر بجاهه .', 4093 => 'كان الثري الوجيه رائقاً في جلسة سمر مع أصحابه قال مقهقهاً بسعادة :', 4094 => '- ما اسمك أيها الجعل ؟', 4095 => 'ودون أن ينتظر جواباً أضاف مكلماً رجاله : ', 4096 => '- قبله خطب الجعل قرص الشمس فاشترطت عليه أن يكنس الأرض ينظفها من الأوساخ فراح يجمع القاذورات يكورها ويرفعها ... وهكذا هو فاعل الى يوم القيامة .', 4097 => 'سالوه : هل تكنس الأرض تحت قدميها ؟', 4098 => 'قال : نعم .', 4099 => 'وما كان أكرم من جعل لديهم ، إنما يجب دعسه خارج البلاط الرخامي النازك للقصر.', 4100 => 'أراد أن يصرفه عنها بحيلة قد تؤدي به الى حتفه ليموت فيستريح منه . قال له على مسمع من البنت ، وكأنه يمازحه ، أو يداري جنون العشق فيه : ', 4101 => '- " ليس لدينا عليك أية طلبات ولا شروط . إنما هو شرط واحد لا غيره ، ولا بدل عنه ؛ هو أن تمضي ليلة شتاء بطولها في الشط الكبير " . ', 4102 => 'وبكل عنفوان قبل الفتى الرهان . وشهد عليه جماعة الحاضرين والأخوان ', 4103 => 'وفي ليلة قر زرقاء ، كان بردها يقص المسمار ، نزل الفتى في الماء مع الغروب ، عائماً وبقي في وسط الشط حتى الصباح . ', 4104 => 'وكانت أمه المسكينة ترابط طيلة الليل على ضفة الشط تبكي ولدها ، وتناديه أن يخرج من الماء لئلا يموت . ولكنه لم يستجب لتوسلاتها . وظل يصارع البرد والموج والريح والزمهرير بقوة حرارة الحب والشباب . ', 4105 => 'وكلما نادَتْهُ أمه لائمة مبكّتة . " ماذا جرى لعقلك يا بني ، هل جننت ! " ناداها وهو يعوم بيديه ورجليه : " أماه هذه رهون لا جنون " . ', 4106 => 'وتصدع قلب الوالدة الحنون خوفاً على ولدها . فما كان منها إلاّ أن جمعت حطباً كثيراً وألقته على ضفة الشط العريض ، وأشعلت فيه النار ، لعل سناها يصل على فلذة كبدها المحترقة بالبرد . ', 4107 => 'وظلت تشعل النار لأبنها طيلة الليل ، فيما هو مستقر في وسط الشط ينازل المستحيل . ', 4108 => 'وفي الصباح خرج الفتى المفتون من الماء سالماً معافى ، فذهب من فوره إلى مراهنه ليقبض منه ثمن الرهان وهو البنت . ', 4109 => 'ولكن الرجل الثري القوي صده وسخر منه مدعياً عليه أنه أخل بالشرط ، فقد أشعلت له أمه النار فاستدفأ بها عن البرد . ولو لا نار أمه لمات ، ولكسب هو الرهان . ', 4110 => 'ورفع الفتى دعوى على خصمه لدى القاضي . فدعا القاضي الرجل الوجيه إلى بيته مع الشهود ، وكان شريفاً في قومه ، نافذ القول والفعل في البلدة . فقال له كأنه يداري مكانته ويحترم موقعه : ', 4111 => '- " إني لم أشأ – وأنت العزيز الكريم – إن أوقفك مع هذا الفتى الغرير يخاصمك في حضرة الناس . ولذا دعوتك معه إلى بيتي لنتدبر الأمر بيننا . ولم نستدع معكم إلاّ جماعة الشهود " . ', 4112 => 'ثم دعا غلمانه وقال لهم : " أطبخوا الطعام وجهزوا وليمة فاخرة على شرف السيد المسود " . ', 4113 => 'وجلسوا يتجاذبون أطراف الحديث ريثما ينضج الطعام ، فالمعهود أن لا يبت في الأمر أو يخاض فيه إلاّ بعد تناول الطعام أو الشراب . ', 4114 => 'وكان الخدم قد أحضروا القدور وربطوها بالحبال ، ثم صعدوا إلى رؤوس نخلات في منزل القاضي عاليات شدوا الحبال هناك وسحبوها حتى استوت القدور علواً مع رؤوس النخل . بعدها أشعلوا النيران تحتها وراحوا يئزونها أزاً . وكان الرجل ينظر على ما يعمل هؤلاء ويتعجب أشد العجب ، وينتظر من القاضي أن يقول شيئاً في الأمر . إلاّ أن الأخير كان غارقاً في الحديث لا يأبه لما يصنع الخدم وكأنه لا يراهم ، أو لا يرى غباراً على ما يفعلون . ', 4115 => 'وانتصف النهار ، والخدم يؤججون النار لا يفترون . فيما لا تفتر شفاه القاضي عن الذكر والتذكير والوعظ والتحذير والرواية والحديث ...', 4116 => 'وضاق الرجل ذرعاً بما يرى ويشاهد . وكلما حاول الاحتجاج على ما يجري أو الاستفسار عن النكتة ، لم يجد القوة على ذلك ، كأن الحياء يمنعه أن ينبه القاضي إلى ما لا حاجة لأن ينبهه عليه أحد . ', 4117 => 'وصَلّوا الظهر مولين وجوههم شطر القدور وهي " تفور " فيما يلي القبلة ، معلقة بين السماء والأرض ، كأنها أوثان لعبادة البطون تتعلق بها الحواس والعيون . ', 4118 => 'وضجت عليه عصافير بطنه تصرخ بالزقزقة . فأنفجر الرجل يقول : ', 4119 => '- ما هذا يا شيخنا القاضي !.. أين الطعام ؟! وماذا يفعل هؤلاء ؟!!', 4120 => 'قال القاضي بهدوء وتمهل : ', 4121 => '- " هَون عليك يا أخي . أن الله لا يحب الجواعين النهمين ، هاهم الخدم يطبخون الطعام ، هل هم أسرع أو أقوى من النار ؟! " .', 4122 => 'وفرغ صبر الرجل وصاح : ', 4123 => '- أي نار يا سيدي .. أين هي النار ؟!', 4124 => '- وما هذه إذن ، أليست ناراً يكاد سناها يحرقنا ؟! أصبر حتى ينضج الطعام إن الله يحب الصابرين " . ', 4125 => '- " عجباً !... وهل تدري قدورك أن ناراً تحتها ؟! يا رجل أن القدور في السماء والنار في الأرض " !..', 4126 => '- حسناً يا سيدي .. كيف إذن تحتج على الشاب بأنه استدفأ بنار أمه على الشاطئ ، وهو في وسط الشط ؟!', 4127 => 'وأسقط في يد الرجل . وانكفأ على نفسه مهبطاً رأسه في الأرض وقد فهم مكر القاضي الذي من فمه أدانه حتى جعله ينوء بحمل الحق في أثقل حالاته .', 4128 => 'ولكنه رفع رأسه وقال : " يا سيدي القاضي ، أو صدقت أنت الأمر . إنما الحكاية كلها دعابة سخيفة فرضناها على هذا المعتوه المأفون لنصرفه . وما كنا نتصور أنه سيفعلها".', 4129 => 'قال القاضي بتأكيد وحزم : " نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الزواج والطلاق هزلهما جد " . ', 4130 => '- في سنة رسول الله ( ص ) لا يكون الزواج بمراهنة أو ما شابهها . وأين أبنتي من هذا الصعلوك البائس المفلس لا يوجد أدنى توازن لكي أوافق . ', 4131 => '- المراهنة هذه أخرجت الأمر من يدك . بقي رأي البنت فقط ، فأن قبلت فليس لك أن تقول لا . وكما ليس لك حق في أية طلبات حسب الشرط . وللفتى أن يأخذ عروسه ولو بالثوب الذي عليها . إن لم تجهزها له بما يليق فيها . ', 4132 => 'وارتضت البنت زوجاً من بات من أجلها ليلة قرشاتية في الماء وكسب الفتى الرهان ...', 4133 => false, 4134 => 'تمت', 4135 => ' ', 4136 => 'مَن يقرأ ...؟!!', 4137 => 'كل ظُلامات المعذبين في الأرض . ', 4138 => 'كتبتها في قصاصات ...', 4139 => 'رفعْتها إلى الله في عَلياءه . ', 4140 => '... أخشى ...', 4141 => ' أن يكون ... ', 4142 => ' الله .... ', 4143 => ' أمّياً !!', 4144 => ' ', 4145 => false, 4146 => ' ', 4147 => ' ', 4148 => ' تمت', 4149 => false, 4150 => ''''نص غليظ'''', 4151 => ' ', 4152 => 'الفهرس', 4153 => 'التسلسل الموضوع الصفحة', 4154 => '1. تدمير الإنسان العراقي 13', 4155 => '2. شعب أحتيج لرأسه 15', 4156 => '3. سوء استخدام السلطة 17', 4157 => '4. كن فيكون 25', 4158 => '5. هيكل الجماجم 32', 4159 => '6. جثة عملاق 33', 4160 => '7. أوكسير الملوك 36', 4161 => '8. مقطع طولي من جسد كلمة 39', 4162 => '9. الإنسان والجرذان 41', 4163 => '10. بلاد الحشرات 48', 4164 => '11. أليس ملكاً ! 49', 4165 => '12. الرماد الوطني العراقي 50', 4166 => '13. ليتني 52', 4167 => '14. الإفادة 57', 4168 => '15. الوعد المنتظر 60', 4169 => '16. ذمة التاريخ 66', 4170 => '17. في الوادي المقدس طوى 69', 4171 => '18. شهداء 73', 4172 => '19. داء الدال 75', 4173 => '20. الله كريم مع الكرماء 77', 4174 => '21. داخل الحرم الجامعي 80 ', 4175 => '22. أكباش في مرعى العزة 83', 4176 => '23. لمن أهدى كتابي 87', 4177 => '24. البركان الخامد 92', 4178 => '25. الوباء المستوطن 97', 4179 => '26. لما يبكي ويضحك ... عزرائيل 100', 4180 => '27. الليل الأخير 101', 4181 => '28. صراع 103', 4182 => '29. غش في درس الدين ! 107', 4183 => '30. على ملة رسول الله 109', 4184 => '31. نهاب وهاب 111', 4185 => '32. عالم الأحذية 114', 4186 => '33. الهروب من الحب 115', 4187 => '34. الإنسان والزنبور 121', 4188 => '35. الحطب والإرهاب 124', 4189 => '36. الهوبعة 127', 4190 => '37. الاختطاف 129', 4191 => '38. " حَب . سگاير . علچ " 131', 4192 => '39. لا يؤمن بشيء 139', 4193 => '40. باقة عدس 142', 4194 => '41. اللثام 145', 4195 => '42. شعب الفلاسفة 146', 4196 => '43. أصناف وألطاف 173', 4197 => '44. ولله لصوص أيضاً 175 ', 4198 => '45. السانيه 177', 4199 => '46. القانون والساطور 179', 4200 => '47. مسؤولية الكلمة 181', 4201 => '48. الكلب المتطهر 183', 4202 => '49. أنواط الشجاعة 184', 4203 => '50. بائع التمر . والخمر . والشعر 186', 4204 => '51. يوم .. بلا صداميات 189', 4205 => '52. هل أستيقظ أهل الكهف 206', 4206 => '53. وقفة على الأعراف 208', 4207 => '54. المحاجزة قبل المناجزة 211', 4208 => '55. ساحة حرب 216', 4209 => '56. الصحوة الإسلامية 218 ', 4210 => '57. عرفات ... والزير التلمودي 220', 4211 => '58. النازحون من البصرة 224', 4212 => '59. تعذيب 235', 4213 => '60. طنطل 237', 4214 => '61. أدب المناظرة والجدل 244', 4215 => '62. النهايات 245', 4216 => '63. لحن من نشيد " أرامل الشهداء " 251', 4217 => '64. أزمة شاب عراقي 258 ', 4218 => '65. الطلقاء ... واغتيال قحط 263', 4219 => '66. الحب والغربة 290', 4220 => '67. لا تعليق 292', 4221 => '68. قسم 295', 4222 => '69. العتبة الذهبية 297', 4223 => '70. خبز البطالة 298', 4224 => '71. الرحيل .. والحب 299', 4225 => '72. المكابر 301', 4226 => '73. كتاب سعدي 303', 4227 => '74. مسجد . مسجد 307', 4228 => '75. اللَمَمْ .. وكبائر لَلَم 308', 4229 => '76. المساواة 313', 4230 => '77. الأخت 314', 4231 => '78. العدوى 315', 4232 => '79. الاستمرارية والانعطاف 320', 4233 => '80. ظلمات أطباقاً 322', 4234 => '81. دخان الشرف 324', 4235 => '82. لا تقربي الشجرة ثانية 329', 4236 => '83. صاعد . نازل 332', 4237 => '84. الرهان 337', 4238 => '85. من يقرأ ؟!! 343', 4239 => ' ', 4240 => 'للكاتب : ', 4241 => ' سوء استخدام السلطة ', 4242 => ' " وإذا الوحوش حُشرت " ', 4243 => ' تانيا ', 4244 => ' غداً ... لا تطلع الشمس ', 4245 => ' الواغلون في الزيف ', 4246 => ' " والأرض وضعها للأنام " ', 4247 => ' رجولة .. ورجال ', 4248 => ' ديوان الأيامى والعوانس ', 4249 => ' العراقيون ودعاء النخيل ', 4250 => ' الصحراء والعطش' ]
السطور المزالة في التعديل (removed_lines)
[]
ما إذا كان التعديل قد تم عمله من خلال عقدة خروج تور (tor_exit_node)
0
طابع زمن التغيير ليونكس (timestamp)
1438713827