التفسير اللغوي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تفاسير أهل اللغة هي مجموعة من الكتب اتجهت بتفسير القرآن اتجاهًا خاصًّا، وهو الاهتمام بالناحية اللغوية والنحوية لكلمات القرآن وعباراته، ومحاولة فهم النص القرآني من خلال ذلك، وتسمى هذه التفاسير بكتب معاني القرآن.[1] وقد سلك كل عالم مسلكه الخاص في تفسير القرآن منطلقًا من العلم الذي يحسنه ويبرع فيه[2]

والتفسير اللغوي اتجاه متميز في تفسير القرآن، يهتم بالناحية اللغوية أكثر من الجوانب الأخرى في التفسير.[3]

ولا يمكن العدول عن هذه اللُّغة؛ لأن معرفة معاني ألفاظه لا تؤخذ إلَّا منها، قال ابن فارس: إن العلم بلغة العرب واجب على كل متعلق من العلم بالقرآن والسنة والفتيا بسبب، حتى لا غَناءَ بأحد منهم عنه، وذلك أن القرآن نازل بلغة العرب، ورسول الله صلى الله عليه وسلمعربي.[4]

أهمية التفسير اللغوي[عدل]

يؤمن المسلمون أن الله سبحانه اختار نبيَّه الخاتم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلمعربيًّا، وكان من السننِ أن يكون كتابُه بلسانِ قومِه، جَرْيًا على سنَّة الله في إرسالِ الرُّسلِ عليهم السلام؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ۝٤ [إبراهيم:4]، وقد جاءَ النَّصُّ على عربيةِ القرآنِ في غيرِ ما آيةٍ، منها:

  1. قولُه تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [سورة يوسف، الآية: 2]
  2. وقولُه تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} [سورة طه، الآية: 113]
  3. وقوله تعالى: {قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [سورة الزمر، الآية: 28]
  4. وقوله تعالى: {وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} [سورة الأحقاف، الآية: 12]

ولما كان الأمر كذلك؛ فإنه لا يمكن العدول عن هذه اللغة التي نزل بها القرآن إلى غيرها إذا أُريد تفسير الكتاب الذي نزل بها؛ لأن معرفة معاني ألفاظه لا تؤخذ إلا منها.

قال ابن فارس: إن العلم بلغة العرب واجب على كل متعلق من العلم بالقرآن والسنة والفتيا بسبب، حتى لا غَناءَ بأحد منهم عنه، وذلك أن القرآن نازل بلغة العرب، ورسول الله صلى الله عليه وسلمعربي.[5]

أوجه الإهتمام بتفسير القرآن باللغة العربية[عدل]

أولاً: اهتمامه بمعاني المفردات والحروف ومرجع الضمائر[عدل]

القرآن نزل بـ اللغة العربية، ومن هنا كان من وسائل التفسير عند العلماء الأخذ بما دلت عليه لغة العرب؛ لأن القرآن نزل بلسانهم، ولهذا قال إبن تيمية: ويرجع في تفسير القرآن إلى لغة القرآن أو السنة أو لغة العرب، ومن تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه، ويحرم بمجرد الرأي، وقسم ابن عباس رضي الله عنه: التفسير على أربعة أوجه:

  1. وجه تعرفه العرب من كلامها
  2. وتفسير لا يعذر أحد بجهالته
  3. وتفسير يعلمه العلماء
  4. وتفسير لا يعلمه إلا الله[6]
  • وأفرد العلماء مؤلفات مستقلة بمعاني وكلمات القرآن وهي المسماة: بـ كلمات القرآن، أو غريب القرآن، وهناك من أفرد لمعاني الحروف أيضا مؤلفا أو بابا مستقلاً ضمن مصنفاتهم، ولم يغفلها أغلب المفسرين.[7][8][9][10]
  • وكذلك مرجع الضمير فله أثر كبير في إيضاح المعنى وتيسير الفهم والتدبر، وقد نال حظاً وافرا من بحوث العلماء.[11][12][13]

ثانياً: الأهتمام بالشعر وأقوال العرب[عدل]

  • ظهرت عناية المفسرين باللغة العربية من جوانب منها:
  1. الاستشهاد بالشعر العربي.
  2. نقل أقوال العرب من أمثال ونحوها.

ولطالب التفسير الأخذ بمطلق اللغة فإن القرآن نزل بلسان عربي، ونص عليه أحمد بن حنبل في مواضع،[14] وقد سئل عن القرآن تمثل له رجل ببيت من الشعر؟ فقال ما يعجبني، ولهذا قيل في جواز تفسير القرآن بمقتضى اللغة روايتان عن أحمد، وقيل الكراهة تحمل على من يصرف الآية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة يدل عليها القليل من كلام العرب.[15][16]

ومن الأمثلة المستنبطة ما يلي:

  • قوله تعالى:﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَ [البقرة:177].[11][17]
  • قوله تعالى:﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ۝٤٦ [يونس:46]، قال ابن عقيل، في قوله تعالى:﴿فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ۝٤٦ [يونس:46]، والمراد: والله شهيد، إذ شهادة الله لا يتقدمها شيء فتترتب عليه.
  • قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22].[18]

ثالثاً: اهتمامه بالأوجه البلاغية ولطائف التفسير[عدل]

من أوجه إعجاز القرآن بلاغته التي وصلت إلى مرتبة لم يعهد لها مثيل ومن الأمثلة المستنبطة من كلام ابن عقيل ما يلي:[19]

  • قوله تعالى:﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ۝٦٢ [التوبة:62]، [11]، قال ابن عقيل: ولم يقل يرضوهما وطلب رسول الله ما ذكره الله في كتابه، وهاء الكناية في التثنية والجمع أبلغ من الجمع بالواو.[20]
  • وقوله سبحانه:﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا [يوسف:36]، قال ابن عقيل: يريد به ما يصير خمرا، وإنما يعصر عصيرا.[20]
  • قوله تعالى:﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء:43]، قال ابن عقيل: حقيقة في اللمس، إلا أنه يطلق على الجماع مجازا فيحمل عليهما جميعا، فنقول كل معنيين جاز إرادتهما بلفظ يصلح لهما فهما كالمعنيين المتفقين.[20]
  • قوله تعالى:﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا [يوسف:82]، قال ابن عقيل معناه: سل أهل القرية، فحذف أهلها المراد سؤالهم، وأقام القرية.[11][20]

أشهر كتب التفسير اللغوي[عدل]

وأشهر كتب معاني القرآن:

انظر أيضًا[عدل]

المراجع[عدل]

  1. ^ غانم بن قدوري التكريتي (1423هـ-2003م:). [محاضرات في علوم القرآن (ط. الأولى). عمان: دار عمار. ص. (193)]. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link)
  2. ^ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (1394هـ-1974م). [الإتقان في علوم القرآن. ، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم. الهيئة المصرية العامة للكتاب. ج. 4. ص. (243)]. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  3. ^ أ ب غانم بن قدوري التكريتي (1423هـ-2003م). [محاضرات في علوم القرآن (ط. الأولى). عمان: دار عمار. ص. (194)]. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  4. ^ مساعد الطيار (1432هـ). [التفسير اللغوي للقرآن الكريم (ط. الأولى). دار ابن الجوزي. ص. (40)]. مؤرشف من الأصل في 2022-07-28.
  5. ^ د مساعد الطيار (1432هـ). [التفسير اللغوي للقرآن الكريم (ط. الأولى). دار ابن الجوزي. ص. (40-41)].
  6. ^ ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد. "كتاب مقدمة في أصول التفسير". shamela.ws. دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، ١٤٩٠هـ- ١٩٨٠م. ص. 81،116. مؤرشف من الأصل في 2022-08-08. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-01.
  7. ^ ابن هشام، عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، أبو محمد، جمال الدين،. "كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب - المكتبة الشاملة". shamela.ws. دار الفكر، دمشق، الطبعة: السادسة، ١٩٨٥م. ص. 21. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.
  8. ^ السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين. "كتاب الإتقان في علوم القرآن - المكتبة الشاملة". shamela.ws. طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب، الجزء الثاني. ص. 410. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.
  9. ^ الدينوري، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة. "كتاب تأويل مشكل القرآن - المكتبة الشاملة". shamela.ws. دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. ص. 278. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.
  10. ^ الحنبلي، لقاضي أبو يعلى، محمد بن الحسين الفراء البغدادي. "كتاب العدة في أصول الفقه - المكتبة الشاملة". shamela.ws. أحمد بن علي بن سير المباركي، الجزء الأول، الطبعة: الثانية ١٤١٠ هـ - ١٩٩٠م. ص. 208. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.
  11. ^ أ ب ت ث الثنيان، راشد بن حمود بن راشد. "كتاب منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعا ودراسة - المكتبة الشاملة". shamela.ws. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - كلية أصول الدين - قسم القرآن وعلومه، ١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م. ص. 56،57،61،64،63،64،66. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.
  12. ^ الحربي، حسين بن علي بن حسين. "كتاب قواعد الترجيح عند المفسرين دراسة نظرية تطبيقية - المكتبة الشاملة". shamela.ws. دار القاسم، السعودية، ١٤١٥هـ، الجزء الثاني، الطبعة: الثانية، ١٤٢٩هـ - ٢٠٠٨م. ص. 583. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.
  13. ^ السبت، خالد بن عثمان. "كتاب مختصر في قواعد التفسير - المكتبة الشاملة". shamela.ws. دار ابن القيم، دار ابن عفان، الجزء الأول، الطبعة: الأولى ١٤٢٦هـ- ٢٠٠٥م. ص. 398. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.
  14. ^ أبو الفلاح، عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد العَكري الحنبلي. "كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب - المكتبة الشاملة". shamela.ws. دار ابن كثير، دمشق، بيروت، الجزء السادس، الطبعة: الأولى، ١٤٠٦هـ - ١٩٨٦م. ص. 335. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.
  15. ^ الزركشي، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر. "كتاب البرهان في علوم القرآن - المكتبة الشاملة". shamela.ws. دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركائه، ١٣٧٦هـ - ١٩٥٧م. ص. 167،175. مؤرشف من الأصل في 2023-04-30. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-01.
  16. ^ ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين، أبو الفضل، أحمد بن علي بن محمد بن بن محمد بن أحمد. "كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة - المكتبة الشاملة". shamela.ws. دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن، الهند، الجزء الثالث، الطبعة: الثانية (١٣٩٢ هـ = ١٩٧٢م. ص. 397. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.
  17. ^ سورة البقرة، آية رقم: 177.
  18. ^ سورة النساء، آية رقم: 22.
  19. ^ الطيب، أبو بكر الباقلاني محمد بن. "كتاب إعجاز القرآن للباقلاني - المكتبة الشاملة". shamela.ws. دار المعارف، مصر، ١٩٩٧م. ص. 30. مؤرشف من الأصل في 2023-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.
  20. ^ أ ب ت ث الظفري، أبو الوفاء، علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي ،. "كتاب الواضح في أصول الفقه - المكتبة الشاملة". shamela.ws. مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الجزء الثاني، الطبعة: الأولى، ١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م. ص. 385،305،51،272،488. مؤرشف من الأصل في 2021-09-16. اطلع عليه بتاريخ 2023-05-03.