انتقل إلى المحتوى

حديث موضوع

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الحديث الموضوع في علم الحديث هو الحديث المختلق المصنوع المكذوب على النبي أو على من بعده من الصحابة أو التابعين،[1] وهو شر الأحاديث الضعيفة، ولا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مقرونا ببيان وضعه.[2]

التسمية[عدل]

سُمي الحديث الموضوع «حديثا» بالنظر إلى زعم راويه، وأن صورته على صورة الحديث المعروف المكون من سند ومتن، والوضع في اللغة مأخوذ من وضع الشيء يضعه إذا حطه وأسقطه، ومأخوذ من الضعة وهي الانحطاط في الرتبة، ومأخوذ من وضعت المرأة ولدها إذا ولدته، وهي معاني تتناسب مع المعنى الاصطلاحي للحديث الموضوع، ففيه معنى السقوط والانحطاط في رتبته والتوليد أي إيجاد ما لم يكن موجودا، وإذا قيل حديث «موضوع» بإطلاق فيُقصد به المفترى المكذوب على النبي ، وأما المفترى على غيره فيُقيد بالمفترى عليه، فيقال: «موضوع على ابن عباس» و«موضوع على الإمام علي» «موضوع على مجاهد»[3]

أسباب الوضع[عدل]

الغالب في الحديث الموضوع أن يكون متعمدا، وأقله ما يكون خطئا، وتتنوع الأسباب الدافعة لوضع الحديث.

الحديث الموضوع عمدا[عدل]

وتشمل أسبابه:

  • تشويه الإسلام كما فعل الزنادقة أمثال أحمد بن عبد الله بن خالد الجويباري[4] وعبد الكريم بن أبي العوجاء، الذي لما أخذ ليُضرب عنقه قال: «وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل الحرام»، ورُوي أن الزنادقة وضعوا على رسول الله أربعة عشر ألف حديث.[5]
  • التقرب من السلطان بأن يختلق رواية توافق فعل السلطان وآراءه، ومثله غياث بن إبراهيم، الذي لما رأى أبو عبد الله المهدي يلعب بالحمام ذكر حديث «لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر»» وزاد فيه «أو جناح»، فترك المهدي الحمام بعدها وأمر بذبحها، وقال: «أنا حملته على ذلك»، وذكر أنه لما قام، قال: «أشهد أن قفاك قفا كذاب»[5]
  • التكسب بوضع الحديث فيرتزق به الواضع في قصصه، أو يقلب سند الحديث ليُستغربه الناس، فيشد انتباههم ويرغبون في سماعه
  • نصرة المذهب والرأي بإقامة دليل على ما أفتى به برأيه[5]
«الوضوء سلاح المؤمن» منقوشة على جدران مسجد محمد علي بالقاهرة، وقال الألباني عنه موضوع
  • ترغيب الناس في الدين وقد نُقل عن بعض الكرامية والمتصوفة إباحة الوضع في الترغيب والترهيب، وقد اعتبر السيوطي أن أعظم الوضاعين ضررا هم المنسبون إلى الزهد الذين وضعوا الحديث حسبة في زعمهم، فقُبلت موضوعاتهم ثقة بهم.
    • منهم أبي عصمة نوح بن أبي مريم، ويُقال له «نوح الجامع»، والذي سُئل: «من أين ذلك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة، وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟» فقال: «إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق، فوضعت هذا الحديث حسبة».[6]
    • ومنهم ميسرة بن عبد ربه الفارسي الذي كان يروي الموضوعات،[7] فقيل له: «من أين جئت بهذه الأحاديث، من قرأ كذا فله كذا؟» قال: «وضعتها أُرغب الناس فيها»، كما أقر بوضع سبعين حديثا في فضل علي بن أبي طالب.[5]

الحديث الموضوع خطئا[عدل]

برغم من أن الغالب في الحديث الموضوع أن يكون متعمدا، إلا أن بعض ممن وضع الحديث قد وضعه دون أن يشعر مثل:

  • الحديث الموضوع بفعل الغير بأن يدس شخص حديثا موضوعا في كتب أحد أئمة الحديث مستغلا قربه منه مثل:
  • الحديث الموضوع من دون قصد بأن يقع الراوي في شبه الوضع من غير قصد، ولذا فإن هذا النوع لا يكون حديثا موضوعا حقيقة، بل هو أقرب للحديث المدرج، مثل:
    • الحديث الذي رواه ابن ماجه عن إسماعيل بن محمد الطلحي عن ثابت بن موسى الزاهد عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار» فقد قال الحاكم: دخل ثابت على شريك وهو يملي الحديث قائلا: «حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله ...» وسكت شريك ليعطى المستملي وقتا ليكتب، فلما نظر شريك إلى ثابت قال: «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار». وكان يقصد بذلك ثابتا لزهده وورعه، فظن ثابت أن هذا متن ذلك الإسناد فكان يحدث به.[6]

معرفة الحديث الموضوع[عدل]

انكب العلماء على محاربة الأحاديث الموضوعة، وكان غرضهم تنقية الشريعة من الدخيل فيها، امتثالا للحديث المتواتر عن رسول الله «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار»، وقد بحث العلماء في الأسانيد، ورفضوا ما لا إسناد له، وتتبعوا عدالة رجال الإسناد وضبتهم، فميزوا بين الثقات وغيرهم، وحذروا الناس من الرواة الكذابين، وأظهروا كذبهم في الحديث ليعرفه، ووضعوا ضوابط يُكشف بها الحديث الموضوع، وألفوا المؤلفات في الأحاديث الموضوعة للتنبيه عليها والتحذير منها.

علامات الحديث الموضوع[عدل]

ذكر المحدثون أمورا كليه، يعرف بها كون الحديث موضوعا منها:[6][8][9]

إقرار الراوي بوضع الحديث[عدل]

  • مثله: إقرار أبي عصمة نوح بن أبي مريم وإقرار ميسرة بن عبد ربه (انظر أعلاه).

الركة في اللفظ أو المعنى[عدل]

ويدخل فيه اشتماله على مجازفات في الوعد والوعيد لا يقول مثلها رسول الله ، كالإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الصغير، أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير.

  • مثله:
  • «من صلى كذا فله سبعون دارا، في كل دار سبعون ألف بيت، في كل بيت سبعون ألف سريرن على كل سرير سبعون ألف جارية» -حديث موضوع
  • «من صام يوما كان كأجر ألف حاج وألف معتمر وكان له ثواب أيوب» -حديث موضوع
  • «من قال لا إله إلا الله خلق الله من تلك الكلمة طائرًا له سبعون ألف لسان، لكل لسان سبعون ألف لغة يستغفرون الله له» -حديث موضوع

كما يدخل في لك تكذيب الحس له، وسماجته وكونه مما يسخر منه، أو أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء، كأحاديث فضل الباذنجانن والأرز، والعدس، وغيرها

  • مثله:
  • «لو كان الأرز رجلا لكان حليمًا، ما أكله جائع إلا أشبعه» -حديث موضوع
  • «أربع لا تشبع من أربع أنثى من ذكر، وأرض من مطر، وعين من نظر، وأذن من خبر» -حديث موضوع
  • «المجرة التي في السماء من عرق الأفعى التي تحت العرش» -حديث موضوع
  • «الباذنجان شفاء من كل داء» -حديث موضوع
  • «الباذنجان لما أكل له» -حديث موضوع
  • «حب الوطن من الإيمان» -حديث موضوع
  • «شاوروهن وخالفوهن» -حديث موضوع

وكل حديث يشتمل على فساد أو ظلم، أو عبث، أو مدح باطل، أو ذم حق، كأحاديث ذم الترك، وذم الخصيان، وذم المماليك، وذم الحبشة والسودان، ومدح من اسمه محمد وأحمد، وأن كل من يسمى بهذه الأسماء لا يدخل النار.

  • مثله:
  • «الزنجي إذا شَبع زنى، وإذا جاع سرق» -حديث موضوع
  • «دعوني من السودان، إنما الأسود لبطنه وفرجه» -حديث موضوع
  • «لو عَلم الله في الخصيان خيرًا لأخرج من أصلابهم ذُرية يعبدون الله» -حديث موضوع
  • «شَرّ المال في آخر الزمان المماليك» -حديث موضوع

وجود قرائن تدل على كذب الراوي[عدل]

كأن يختلق الشخص حديثا ليحقق به غاية أو ينتصر به لرأي

  • مثله: ما أسنده الحاكم عن سيف بن عمر التميمي قال: كنت عند سعد بن طريف فجاء ابنه من الكتاب يبكي، فقال: «مالك؟» قال: «ضربني المعلم» قال: «لأخزينهم اليوم» حدثني عكرمة عن ابن عباس مرفوعا:

«معلموا صبيانكم شراركم، أقلهم رحمة لليتيم، وأغلظهم على المسكين» -حديث موضوع

  • ومثله: لما قيل لمأمون بن أحمد الهروي: ألا ترى إلى الشافعي ومن تبعه بخراسان؟ فقال حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا عبيد الله بن معدان الأزدي عن أنس مرفوعا:

«يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس، ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي هو سراج أمتي» -حديث موضوع

غياب الحديث من صدور الرواة وبطون الكتب[عدل]

فلم يسمع به أحد من رواة الأحاديث، ولم يدونه أحد في أي من كتب السنة

  • مثله:
  • «إن الله أخذ الميثاق على كل مؤمن أن يبغض كل منافق، وعلى كل منافق أن يبغض كل مؤمن» -لم يوجد
  • «إن الله لا يقبل دعاءا ملحونا» -لا يُعرف له أصل

مخالفة الحديث للمنقول أو المعقول أو الأصول[عدل]

كأن يخالف الحديث صريح القرآن، أو صريح السنة المتواترة، أو الإجماع القطعي مع عدم إمكان الجمع والتوفيق.

  • مثله:
  • مقدار مدة الدنيا «وأنها سبعة آلاف سنة ونحن في الألف السابعة» -حديث موضوع
  • «ثلاثة لا يلامون على سوء الخلق: المريض، والصائم حتى يفطر، والإمام العادل» -حديث موضوع
  • «رأيت ربي يوم عرفة بعرفات على جمل أحمر عليه إزاران..» -حديث موضوع

ومما يندرج فيه أيضا أن يكون الحديث عن أمر جسيم، تتوفر الدواعي على نقل جمع من الصحابة له، ثم لا ينقله منهم إلا واحد

  • مثله:
  • «أبو بكر يلي أمتي من بعدي» -باطل
  • «هذا وصيي وأخي، والخليفة من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا» -حديث موضوع

أو يخالف العقل ولا يقبل التأويل، كأن يشتمل على أمر تدفعه المشاهدة أو الواقع التاريخي، أو يشتمل على تواريخ أيام مستقبلة

  • مثله:
  • «خلق الورد من عرقي» -باطل
  • «تختموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر» -باطل
  • «إذا عطس الرجل عند الحديث فهو دليل صدقه» -حديث موضوع

الألفاظ الدالة على الحديث الموضوع[عدل]

يستخدم علماء الحديث ألفاظ للدلالة على الحديث موضوع، إما بالتصريح كلفظ «حديث موضوع»، «كذب»، «باطل»، وقول الأئمة الكبار «لا أعرفه» أو «لا أصل له» أي ليس له إسناد يُعرف، أما قولهم «لا يثبت» أو «لا يصح» فليسا نصا على وضعه، لأنه لا يلزم من عدم الصحة أو عدم الثبوت الوضع.

أما الألفاظ الدالة على الوضع كناية فمثل قولهم: «هذا الحديث من بلايا فلان»، «سنده مظلم»، «عليه ظلمات» وهذه العبارات تكثر في «ميزان الاعتدال في نقد الرجال» للذهبي، و«لسان الميزان» لابن حجر، وأما قولهم: «حديث مطروح» فمنهم من ألحقه بالموضوع، ومنهم من جعله دون الموضوع، ومنهم من جعله كالحديث المتروك. [3]

مصادر الحديث الموضوع[عدل]

حكم الحديث الموضوع[عدل]

اتفق العلماء على أن تعمد الكذب على النبي من الكبائر، وذهب أبو محمد الجويني لتكفير من تعمد الكذب على النبي ، والحديث الموضوع لا تجوز روايته إلا مقترنا ببيان وضعه وسقوطه، ومن روى شيئا من ذلك من غير بيان وهو يعلم فهو آثم أشد الإثم، كما أنه لا يجوز العمل بالموضوع، وما شاكله قط لا في الحلال والحرام ولا في باب الترغيب والترهيب والقصص والمواعظ ولا في التفسير، لأنه مختلق مكذوب، فمن عمل به فقد زاد في الشرع ما ليس منه.[3]

انظر أيضا[عدل]

وصلات خارجية[عدل]

مصادر[عدل]

  1. ^ كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث لمحمد أبو شهبة
  2. ^ مقدمة ابن الصلاح
  3. ^ ا ب ج كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث لمحمد أبو شهبة
  4. ^ كتاب ميزان الاعتدال لشمس الدين الذهبي
  5. ^ ا ب ج د ه كتاب تدريب الراوي للسيوطي
  6. ^ ا ب ج كتاب قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث لجمال الدين القاسمي
  7. ^ كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين لابن حبان
  8. ^ المنار المنيف في الصحيح والضعيف
  9. ^ كتاب منهج النقد في علوم الحديث لنور الدين عتر