انتقل إلى المحتوى

مستخدم:أحمد أمين عبدالهادى/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

قبل البدء بتاول قصة سيدنا آدم وزوجته فى القرآن الكريم , نلاحظ ورود القصة بأكثر من سورة ولكننا نلاحظ بأنه قد جائت السورة بكل قصة وفق موضوع السورة الاصلى ,فقد جائت القصة كاملة فى سورة القرة ,وآل عمران ,والأعراف والحجر والإسراء والكهف وطه وص والسجده وغيرها.

[وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ][1] إخبار الله تعالى الملائكة بخلق آدم – أو جعله في الأرض خليفة .

فقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه خلق آدم من تراب فقال الله فى سورة "آل عمران" (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [2](2) وبذلك يخبرنا الله عز وجل أنه خلق آدم عليه السلام من تراب مثل سيدنا عيسى

وفى سوره السجدة يقول الله عز وجل " الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ" [3]"3" وأخبرنا الله أن آدم خلق من صلصال من حمأ مسنون فقال : "ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون "[4] "4" قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : المراد بالصلصال هاهنا : التراب اليابس . والظاهر أنه كقوله تعالى : ( خلق الإنسان من صلصال كالفخار )[5]5وعن مجاهد أيضا : الصلصال : المنتن . وقوله : ( من حمإ مسنون ) أي : الصلصال من حمأ ،

وهو : الطين . والمسنون : الأملس ، كما قال الشاعر 

ثم خاصرتها إلى القبة الخضراء تمشي في مرمر مسنون أي : أملس صقيل . ولهذا روي عن ابن عباس : أنه قال : هو التراب الرطب . وعن ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك أيضا : أن الحمأ المسنون هو المنتن . وقيل : المراد بالمسنون هاهنا : المصبوب . "6"

ويقول الدكتور محمد وصفى – ذكر الفخار لأن الفخار لايصنع ولايتكون إلا من طين غنى بالعناصر التى يتركب منها الانسان, وينشأ منها الثبات " 7"



6* تفسير القرآن العظيم لإسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي 7* قصص القرآن للاستاذ الدكتور محمد بكر إسماعيل ص 18

فى حين نلاحظ أن عدد الأطوار التى مر بها آدم علية السلام قبل نفخ الروح فيه خمسة على الجملة لا التفصيل 1- طور التراب اليابس الذى لا حراك فيه ولا حياء . 2- طور الطين الذى لم تتفاعل عناصرة بعد . 3- طور الطيب المتماسك الذى أشار الله إليه فى قولة ( إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْطِين لَازِب )[6]1 4- وما لبث هذا الطين- جتى اسود وتفاعلت عناصره- فكان حماً مسنوناً 5- طور الصلصال ,فقد يبس هذا الطين – بعد أن تفاعلت عناصره – يبوسة تامة حتى صار له رنين مثل رنين الفخار وبين كل طور من هذه الأطوار أطوار لا يعلمها إلا الله , ثم سواه الله ونفخ فيه من روحه.2

وكان خلق آدم يوم الجمعة كما أخبرنا الصادق المصدوق (ص) حيث قال :"خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة :فيه خُلق آدم , وفيه أُدخل الجنة ". وعن أبى هريرة قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ" . (3)

خلافته وعلمه

(وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون )[7] (4)


    2*  قصص القرآن  للاستاذ الدكتور محمد بكر إسماعيل ص 18
    3* قصص الانبياء للشيخ محمود المصرى  صـ 15:14
   

يخبرنا تعالى بإمتنانه على بنى آدم بتنويهه بذكرهم فى الملأ الأعلى قبل إيجادهم ;فقال تعالى "وإذ قال ربك للملائكة " أى : أقصص يامحمد على قومك ذلك :"إنى جاعل فى الأرض خليفة" أى قوماً يخلف بعضهم بعضاً قرناً بعد قرن, وجيلاً بعد جيل كما قال تعالى "وهو الذى جعلكم خلائف الأرض"[8](1). (2) قال ابن ابى حاتم ان تفسير " فى الأرض" دُحيت الأرض من مكة , وأول من طاف بالبيت الملائكة فقال الله :"إنى جاعل فى الأرض خليفة" , يعنى مكة . "خليفة" قال السدي فى تفسيره أن الله قال للملائكة : :"إنى جاعل فى الأرض خليفة" قالوا : ربنا ومايكون ذلك الخلية؟ قال : يكون له ذرية يفسدون فى الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضاً (3) "قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك" إن الملائكة قالوا هذا الكلام على وجه الاستعلام عن وجه الحكمة لا على وجه الإعتراض , والتنقض لبنى آدم والحسد لهم . قال القاسمى : هذا تعجب من أن يستخلف لعمارة الأرض إصلاحها –من يفسد فيها وإستعلام عن الحكمة فى ذلك, أى كيف ستستخلف هؤلاء مع أن منهم من يفسد الأرض ويسفك الدماء , فإن كان عبادتك , فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك – أى لا يصدر عنا شيئ من ذلك – وهل وقع الاقتصار علينا. فقال تعالى مجيباً لهم : "إني أعلم ما لا تعلمون" أى : إن لى حكمة فى خلق الخليقة لا تعلمونها . وقال الملائكة ذلك لأنهم رأوا ما فعلة الجن – قبل أن يخلق الله آدم – من الإفساد وسفك الدماء. قال عبدالله بن عمر : كانت الجن قبل آدم بالفى عام , فسفكوا الدماء , فبعث الله اليهم جنداً من الملائكة فطردهم إلى جزائر البحور(4)



2* تفسير القرآن العظيم للإمام الحافظ عماد الدين أبى الفداء إسماعيل بن كثير القرشى المجلد الاول صـ108:107 3** تفسير القرآن العظيم للإمام الحافظ عماد الدين أبى الفداء إسماعيل بن كثير القرشى المجلد الاول صـ109 4* قصص الانبياء للشيخ محمود المصرى صـ18-19



(وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ . قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ . قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ )[9] (1) الأسماء التى علمها الله لآدم عليه السلام هى جميع المسميات , بمعنى أن الله مكنه من معرفة جميع الملائكة, وأسماء ذريته, وأسماء كل شيئ مما وقعت عليه عيناه من جبال وبحار, وعأنهار وعيون وآبار وغير ذلك, بحيث ركّب فيه جهازاٌ خاصاً يترجم به كل مايعرض عليه من الذوات والأجناس, ويضع له الأسم الذى وضعه الله لها, وأعطاه الهاماً خاصاً يعرف به حقائق الأشياء ومنافعها , وليكون ذلك معجزة له تشهد بنبوته وخلافته (2)

  "  فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ" أى أنبئونى بأسماء من عرضتهم عليكم من المخلوقات وكانت الملائكة تظن أن الله لايخلق خلقاً إلا ويكونون هم أعلم منهم ... فإن كنتم صادقين بأنكم أعلم من كل خلقى الذى منهم آدم, فأنبئونى بأسماء الخلق الذين عرضتهم عليكم.(3)

"قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ " وبعد أن بين القرآن أن الملائكة قد أعترفوا بالعجز عن معرفة ما سئلوا عنه وجه سبحانه الخطاب إلى آدم عليه السلام يأمره فيه بأن يخبر الملائكة بالأسماء التى سئلوا عنها ولم يكونوا على علم بها . والنبأ فى اللغة هو الخبر العظيم الفائدة, وإنباء آدم بالأسماء التى جهلتها الملائكة من الأخبار العظيمة التى عرف الملائكة بها منزلة آدم وشرفه, وإستحقاقة للخلافة عن جدارة وعن قدرة أودعها الله فيه, وهو الذى له العلم التام.(4)




(2) قصص الأنبياء للاستاذ الدكتور محمد بكر إسماعيل صـ23 (3) قصص الأنبياء الشيخ محمود المصرى صـ 22 (4) قصص الأنبياء للاستاذ الدكتور محمد بكر إسماعيل صـ24

سجود الملائكة لآدم " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين "[10](1) السجود فى اللغة : التذلل والخضوع , ويطلق أيضاً على الأنحناء من أجل التجية والتكريم , كما فى قولة تعالى حكاية عن أخوة يوسف علية السلام " ورفع أبوية على العرش وخروا له سجداً "[11](2) ويطلق السجود فى الشرع على وضع الجبهة واليدين والركبتين والقدمين على الأرض ،وهذا لايكون إلالله تعالى . والسجود الذى فعلته الملائكة هو الانحناء على هيئة مخصوصة على حسب خلقتهم , وقد أمروا به تعظيماً له وتحية

  وقد اختلف العلماء فى نسب إبليس إلى الملائكة- هل كان منهم ؟ أم كان معهم . وليس منهم ؟ والصحيح أنه كان معهم صورة وليس منهم مادة, ولا هو على شاكلتهم طبعاً ووضعاٌ,بدليل أنه خرج عن إجماعهم , فقد سجدوا كلهم أجمعون إلا هو, أبى أن يسجد استكباراً  وعلواً.(3)


  • إسكان آدم وزوجته الحنة :
  "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ"[12](4)

"أمر الله سبحانه وتعالى آدم أن يسكن الجنة ,هو وزوجه التى خلقها الله من ضلعه , فليس معروف عن توقيت سكن آدم وزوجته الجنه هل عقب سجود الملائكة له مباشرة , أم كان ذلك بعد زمن طويل , ولاندرى هل خلق الله حواء مع آدم أم خلقها بعده بسنين".(5)



(3) قصص الأنبياء للاستاذ الدكتور محمد بكر إسماعيل صـ25

(5) قصص الأنبياء للاستاذ الدكتور محمد بكر إسماعيل صــ26 , بتصرف


"اسكن ": امر من السكنى بمعنى اتخاذ المسكن , "أنت" : توكيد للمستكن .(1)

اختلاف على نوع الشجرة فقيل الحنطة ,وقيل نخيل,وقيل كافور,وقيل تين, وقيل حنظل, وقيل وقيل ... (2)

"اسكن" : يشعر بأنه سيخرج منها يوماً ما, لأن الذى يسكن فى مكان لابد أن يتحول عنه, وهو فى الغالب لا يملكه, فدخول آدم وحواء للجنه – كما يقول القرطبى فى تفسيره- كان دخول سكنى لا دخول إقامة. ولم يذكر الله سبحانه وتعالى نوع الشجرة لأنه لا يتعلق بذكر نوعها فائدة فى حين قال الإمام الطبرى "إن الله جل ثناؤه نهى آدمَ وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها، فخالفا إلى ما نهاهما الله عنه، فأكلا منها كما وصفهما الله جل ثناؤه به. ولا علم عندنا أي شجرة كانت على التعيين، لأن الله لم يَضَع لعباده دليلا على ذلك في القرآن، ولا في السنة الصحيحة. فأنَّى يأتي ذلك؟". (3)

  • إخراجهما منها :

" فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ "[13] (4) فقد أغرى الشيطان آدم وزوجه بالأكل من الشجرة , وأذهبهما وأبعدهما عن الجنة بكذبة عليهما أنه ناصح لهما , كما دل عليه قوله جل شأنه : " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين" [14](5)



(1) ابى الفضل شهاب الدين ,روح المعانى تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى ص234 (2) المرجع السابق ص236 (3) قصص الأنبياء للاستاذ الدكتور محمد بكر إسماعيل ص 26 ,27


( ليبدي لهما ) في هذا اللام قولان :

 أحدهما : أنه لام العاقبة كما في قوله : ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا )
( القصص : 8 ) وذلك لأن الشيطان لم يقصد بالوسوسة ظهور عورتهما ، ولم يعلم أنهما إن أكلا من الشجرة بدت عوراتهما ، وإنما كان قصده أن يحملهما على المعصية فقط . 

الثاني : لا يبعد أيضا أن يقال : إنه لام الغرض ، ثم فيه وجهان : أحدهما : أن يجعل بدو العورة كناية عن سقوط الحرمة وزوال الجاه ، والمعنى : أن غرضه من إلقاء تلك الوسوسة إلى آدم زوال حرمته وذهاب منصبه . والثاني : لعله رأى في اللوح المحفوظ أو سمع من بعض الملائكة ، أنه إذا أكل من الشجرة بدت عورته ، وذلك يدل على نهاية الضرر وسقوط الحرمة ، فكان يوسوس إليه لحصول هذا الغرض .

كيف وسوس الشيطان إلى آدم وكان هو فى الجنة وإبليس أخرج منها ؟ والجواب : قال الحسن : كان يوسوس من الأرض إلى السماء وإلى الجنة بالقوة الفوقية التي جعلها الله تعالى له ، وقال أبو مسلم الأصفهاني : بل كان آدم وإبليس في الجنة ؛ لأن هذه الجنة كانت بعض جنات الأرض ، والذي يقوله بعض الناس من أن إبليس دخل في جوف الحية ، ودخلت الحية في الجنة فتلك القصة الركيكة مشهورة ، وقال آخرون : إن آدم وحواء ربما قربا من باب الجنة ، وكان إبليس واقفا من خارج الجنة على بابها ، فيقرب أحدهما من الآخر وتحصل الوسوسة هناك . السؤال الثاني : إن آدم عليه السلام كان يعرف ما بينه وبين إبليس من العداوة فكيف قبل قوله والجواب : لا يبعد أن يقال إن إبليس لقي آدم مرارا كثيرة ورغبه في أكل الشجرة بطرق كثيرة : فلأجل المواظبة والمداومة على هذا التمويه أثر كلامه في آدم عليه السلام .(1)


(1)ا لتفسير الكبير ,الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل


 خدع الشيطان آدم وزوجه وأقسم لهما بالله تعالى أنه صادق فيما ادعاه, فأعتقدا أنه لا يجرؤ أحد أن يحلف بالله كذباً فصدقاه , وغفلا عن تحذير الله لهما الوارد فى قوله جل شأنه "فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى " [15](1) وقد أقسم لهما إبليس مراراً وبالغ فى ذلك ليحملهم على التصديق بأنه لهما ناصح أمين بدليل قوله تعالى "وقاسمهما" لأن هذه الصيغة تدل على المبالغه والمشاركة والتكثير, وقد أغراهما اللعين بأنهما لو أكلا من الشجره فسوف يكونان كالملكين فى القوة وطول البقاء, وعدم التأثر بفواعل الكون المؤلمة وغير ذلك من الخصائص التى تتميز الملائكة بها, وسوف يكونان فى الجنة من الخالدين , او الذين لا يموتون , وهما أمران يطمع فيهما الإنسان بحكم ما ركب الله فيه من غرائز كحب التملك وغريزه حب البقاء.
 وعلق الشيطان هذا الوعد على الأكل من الشجرة التى حرمها الله , بينما علق الله وعده على ترك الأكل من الشجرة, فوعد الله حق لا يتخلف ,ووعد الشيطان خداع وغرور.
 ومن هذا يتبين لنا أن آدم عليه السلام قد عصى الله وغوى عن الطريق الذى رسمه الله له من غير قصد إلى المعصيه والمخالفة بدليل  قول الله تعالى فى فى سورة الأعراف : "فدلاهما بغرور" وبدليل قوله تعالى "ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزماً"[16](2)

أى فنسى النهى عن الأكل من الشجرة, ونسى تحذيرات الله من الشيطان, ولم يكن له عزم عن المعصية, فوقع فيها قضاء وقدراً, فيكون بذلك عاصياً بمخالفة لا يستحق العقاب عليها, لهذا تلقاه الله بالكلمات اللى تاب بها عليه فى قوله تعالى : "قال ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" [17](3) وعندما أقبل آدم وزوجه على الشجرة فأكلا منها , حل بهما من الكرب والألم والخجل ,فقد أخذا يضعان على سوآتهما من أوراق الشجر,ليستترا بها حياءً من الله وملائكته, وفراراً من رؤية كل منهما للأخر. وهذا ولم يكن هبوط آدم من الجنة إلى الأرض عقوبة له , ولكن كان ذلك من أجل أن يعمر الأرض , ويمارس عمله فيها وفقما أمره الله عز وجل , بعد أن قضى فى الجنه ماشاء الله له أن يقضيه. وكأن الله قد أسكنه الجنهليستمع فيها بعروسة جزءاً من الوقت ليقبل على عمله بعد ذلك بهمة ونشاط, ولكى يعرف الفرق بين الراحة والنَصبَ , ولكى يأخذ درساً يعرف به عداوة الشيطان له ولذريته فيحذروه . (4)



(4) قصص الأنبياء للاستاذ الدكتور محمد بكر إسماعيل صــ30:28 بتصرف

  1. ^ سورة البقرة ، آية 30 ، الجزء الأول
  2. ^ سورة آل عمران آيه 59,الجزء4
  3. ^ سورة السجدة , آية : 7 ,جزء21
  4. ^ سورة السجدة ,آية :26,جزء21
  5. ^ سورة الرحمن, آية : 14, الجزء 27
  6. ^ سورة الصافات, آية11, الجزء 23
  7. ^ سورة البقرة, آية 30, الجزء الاول
  8. ^ سورة الانعام , ايه:65, الجزء7
  9. ^ سورة البقرة, الآية 33:31, الجزء الأول
  10. ^ سورة البقرة, آية 34, الجزء الأول
  11. ^ سورة يوسف آية: 100, الجزء 13
  12. ^ سورة البقرة , الآية :35. الجزء الأول
  13. ^ سورة البقرة, آية :36, الجزء الأول
  14. ^ سورة الأعراف, آية 22:20, الجزء8
  15. ^ سورة طه, آية 117, الجزء9
  16. ^ سورة طه , آية 115,الجزء 9
  17. ^ سورة الأعراف, آية 23, الجزء8