انتقل إلى المحتوى

مستخدم:لميسن/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

ولاية الفقيه نظرية ولاية الفقيه، نظرية سياسية دينية تعتمد على جذور ومباني تنظيرية وفكرية وعملية، وتأتي الولاية بمفهومها اللغوي بمعنى السلطنة، والسيطرة، والنصرة تحديدا هي المراد من ولاية الفقيه، كما أن الولاية السياسية هي المراد حصريا في نظرية ولاية الفقيه (الشاملة). وتتلخص النظرية في أنه يحق للفقيه الجامع للشرائط أن يباشر سلطة الإمام الغائب بصفته نائبا له، وتصف النظرية وضائف دينية وسياسية واجتماعية ( تطبيق الشريعة، العدل، خدمة الناس..) يمارسها الفقيه بما يعني أن وظيفته شمولية وغير مقيدة إلا بالقانون الإلهي.

الجذور التاريخية لنظرية ولاية الفقيه:[عدل]

شكّلت غيبة الإمام الثاني عشر عند الشيعة الإثني عشرية، من دون تحديد موعد لظهوره كمهدي للأمة فراغاً عملياً في منصب المرجعية الدينية والقيادة السياسية. وبدأ علماء المذهب بالبحث عن آليات لسد هذا الفراغ للإجابة على المسائل الفقهية والدينية المستجدة من جهة، وترشيد سلوك الشيعة السياسي والاجتماعي تجاه السلطة السياسية القائمة من جهة اخرى. بدأ التأصيل والتنظير لولاية الفقيه بمفهومها الخاص (الحسبة)، أي الإقتصار بالإهتمام في نطاق القضاء وإقامة الحدود وليس نطاق الحكم والشأن السياسي، في القرن الرابع عشر للهجرة.[1] وقد تناولها بالبحث والتنقيب أعلام الطائفة الإمامية ومن هؤلاء العلماء الشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي ومن بعدهم الشيخ المفيد وعلي بن الحسين المرتضى.[2] ويعتبر الشيخ علي الكركي (870 هـ 940 - هـ ) أول فقيه شيعي أعطى لنظرية ولاية الفقيه بعدا سياسيا وهو ما أشارت له كتاباته عن شمول ولاية الفقيه على إقامة الحكومة والنظام الإسلامي، يقول المحقق الكركي في مسألة ولاية الفقيه :"لابد من قبول حكومة المستضعفين، ولابد من العمل من أجلها، وإن المرجع الجامع للشرائط لابد أن يكون حاكما للمسلمين، ولابد أن تكون القيادة تحت تصرفه."[3]

مع الشيخ النراقي تحولت ولاية الفقيه من موقفا فقهيا إلى نظرية سياسية ـ دينية متكاملة.[4]وعليه يكاد يكون الشيخ النراقي المنظر الأول لولاية الفقيه العامة بصورتها التي استقرت عليها في عصرنا الحديث.

يمكن أن نفهم تجذر مسألة ولاية الفقيه الشاملة في الفكر الإمامي الشيعي من كلام الإمام الخميني(قد)، يقول الإمام الخميني:" إن موضوع ولاية الفقيه ليس موضوعا جديدا جئنا به نحن، بل إن هذه المسألة وقعت محلا للبحث منذ البداية...بحسب ما ينقل، فإن المرحوم كاشف الغطاء قد تعرض أيضا للكثير من هذه الأمور. وقد ذكرت لكم أنه من بين المتأخرين، فإن المرحوم النراقي يرى ثبوت جميع شؤون رسول الله(ص) للفقهاء. والمرحوم النائيني يقول أيضا إن هذا المطلب يستفاد من مقبولة "عمر بن حنظلة". وعلى أي حال هذا البحث ليس جديدا، وإنما زدنا نحن البحث حوله فحسب، ووضعنا تشعبات المطلب المذكور في متناول السادة لتتضح المسألة أكثر. كما بيننا تبعا لأمر الله تعالى وبلسان نبيه(ص) بعض الأمور المبتلى بها هذه الأيام، وإلا فإن المطلب هو نفسه ما فهمه الكثيرون وذكروه."[5]

ظلت ولاية الفقيه الشاملة نظرية لم تتجاوز أذهان منظريها إلى أن ظهر الإمام الخميني (قد)، فأخرجها من ساحة الفكر إلى رحابة الواقع الخارجي واستطاع الإمام أن يأخذ بها إلى حيز التطبيق العملي عبر إقامة “الجمهورية الإسلامية” في إيران عام 1979 بعد انتصار الثورة على الشاه محمد رضا بهلوي.

الأسس العامة لنظرية ولاية الفقيه:[عدل]

كغيرها من النظريات، تستند نظرية ولاية الفقيه إلى العديد من المرتكزات تشكل مبادئ معينة تقوم عليها هذه النظرية، وهذه الأسس هي:

  • وحدة الأمر الديني والسياسي:

ويراد به الجمع بين ماهو ديني (قدسي)، وماهو دنيوي (سياسي)، فنظرية ولاية الفقيه تؤمن بالجمع بين ماهو ديني وماهو دنيوي في إدارة الحياة وتنظيم الأمور، وهي بذلك تقع على طرفي نقيض مع العلمانية. لذا قال الإمام الخميني:" قاولوا عن الإسلام : إنه لا علاقة له بتنظيم الحياة والمجتمع، أو تأسيس حكومة من أي نوع...ولا يملك بعد ذلك منم تنظيم الحياة أي شيء...،."[6]

  • الإسلام دين شامل:

تؤمن نظرية ولاية الفقيه بأن الإسلام دين شامل جاء ليوفر الحلول الناجعة للإنسانية على المسويين الدنيوي والأخروي ويؤمن النموذج الأفضل للحياة الإجتماعية. وفی هذا الصدد يتحدث الإمام(قد) قائلا:" أحيانا يوسوسون إلى الناس بأن الإسلام ناقص... وأنه لا حكومة في التشريع الإسلامي، ولا مؤسسات حكومية في الإسلام، وعلى فرض وجود أحكام شرعية مهمة، فإنها تفتقر إلى ما يضمن لها التنفيذ...وفي الحقيقة فإن أحكام الشرع تحتوي على قوانين متنوعة لنظام اجتماعي متكامل. وتحت هذا النظام تسد جميع حاجات الإنسان...،."[7]

  • ترابط مبادئ الإسلام وأحكامه:

أي أن المسائل العقدية والتشريعية التي جاء بها الإسلام متماسكة لا ينفك بعضها عن بعض، وبالتالي فإنكار أي جزء من هذه المسائل على المستوى العملي والتنظيري يضر بالهيكلية العامة للإسلام.[8]

  • تفعيل مصادر الشريعة:

وهو ما أكد عليه الإمام الخميني(قد) بقوله: "إذا أردنا تخليد أعمال الشرع عمليا، ومنع الظلم والإعتداء على حقوق الضعفاء من الخلق ومنع الفساد في الأرض، ومن أجل تطبيق أحكام الشرع بشكل عادل ومحاربة البدع والضلالات.. ومنع نفوذ وتدخل الأعداء في شؤون المسلمين، من أجل ذلك كله لا بد من تشكيل الحكومة."[9]

  • الإجتهاد:

وهو من الركائز الأساسية في نظرية ولاية الفقيه فلا بد من الرجوع إلى الإعتبارات والنصوص الشرعية لإثبات ولاية الفقيه، وبالتالي فالإجتهاد هو من أوجد أصل النظرية، يقول الإمام(قد) :" الولاية تعني الحكومة والإدارة وسياسة البلاد، وليست كما يتصور بعضهم امتيازا أو محابات أو أثرة، بل هي وضيفة عملية ذات خطورة بالغة. ولاية الفقيه أمر اعتباري جعله الشرع."[10]

المراجع[عدل]

  1. ^ زين الدين العاملي، مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام، ج1، ص16
  2. ^ محمد مصطفوي، نظريات الحكم والدولة دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الدستوري الوضعي، ص154
  3. ^ الدين والسياسة في الدولة الصفوية، رسول جعفريان، ص 32 و 312.
  4. ^ انظر بحث احمد النراقي حول ولاية الفقيه في كتابه: عوائد الأيام من قواعد من قواعد الفقهاء الأعلام
  5. ^ الإمام الخمينيّ، الحكومة الإسلاميّة، ، ص158
  6. ^ الحكومة الإسلامية، الإمام الخميني، ص10
  7. ^ انظر: روح الله الموسوي الخميني، الحكومة الإسلامية، ص 11 ـ 28
  8. ^ محمد مصطفوي، نظريات الحكم والدولة دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الدستوري الوضعي،ص205
  9. ^ روح الله الموسوي الخميني، الحكومة الإسلامية، ص 39
  10. ^ روح الله الموسوي الخميني، الحكومة الإسلامية، ص 50