مستخدم:مضوي سليمان/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

مجلة جامعة دمشق – المجلد 26 - العدد الأول+الثاني 2010 لينا يوسف طه 709 التفاعل والتعاون بين الإنسان والآلة في عملية الترجمة الدكتورة لينا يوسف طه* الملخص إن انفتاح العالم وتداخل لغاته وتفجر المعلومات في عصرنا الحالي أدى إلى ضرورة اللجوء إلى وسائل تقنية حديثة في سبيل الإسراع في عملية نقلها، مما مهد لاستخدام الحاسوب في عملية الترجمة. يشير البحث بداية إلى مفهوم عملية الترجمة وتعريفها بوصفها نقل معاني نص من لغة إلى أخرى مع مراعاة الدقة والأسلوب. ومن خلال ذلك يشرح البحث عمل المترجم ومهامه، ومن ثم يستعرض عملية الترجمة الآلية وأساليبها المختلفة وهي: -1 الترجمة الآلية بمساعدة البشر -2 الترجمة البشرية بمساعدة الآلة -3 الترجمة الآلية ومع كل المحاولات التحسينية تبقى الترجمة الآلية البحتة أي التي لا يتدخل فيها الإنسان قاصرة في كثير من حقول المعرفة من حيث الدقة والثقة بها والاعتماد عليها. وتبقى أفضل صيغ التفاعل والتعاون بين الإنسان والآلة هي باتباع أسلوب الترجمة الآلية بمساعدة البشر. لا شك أن الحاسوب يقوم بدور كبير ويعمل ذلك بالتدريج، لكن ترجمة اللغة الإنسانية تتطلب قدراً هائلاً من المعالجة والتحليل الذي لن يكون ناجحاً إلا إذا تم التعاون ما بين الإنسان والآلة اختصاراً للجهد والوقت.

  • قسم اللغة الفرنسية – كلية الآداب والعلوم الإنسانية- جامعة دمشق

التفاعل والتعاون بين الإنسان والآلة في عملية الترجمة 710 مقدمة -1 تعريف عملية الترجمة إن أبسط تعريف لعملية الترجمة هو: نقل معاني نص من لغة إلى لغة أخرى مع مراعاة الدقة والأسلوب. ومهنة الترجمة من المهن الخجولة التي لا تحب الظهور، أو أنها لا تحظى إعلاميَا بما تستحقه من أضواء، لأننا نرى تجاه َ لا لها، وتقصيرَا في التعريف بها من قبل المتحدثين في موضوعات المهن والعمل. وقد بلغت الاستهانة بها من قبل بعضهم لدرجة أن وصفوها بمهنة من لا مهنة له. ولعل هذا هو الدليل على الطاقة الاستيعابية الفائضة لمهنة الترجمة، لدرجة أنها تتمكن من احتضان هذا الكم من المترجمين المتطفلين الهواة وغير المحترفين. والآن وبعد أن أصبحت الترجمة تد رس في الكليات والجامعات، أصبح لها طلابها وخريجوها، وسوف يزداد عدد طلاب الترجمة والإقبال عليها كثيرَا في السنوات المقبلة، إذا ما وجدنا الوسيلة لتعريف المقبلين على الدراسة الجامعية بما للترجمة من فوائد وميزات كثيرة، مادية ومعنوية، تمتاز بها على سائر المهن. ومن أهم ما يجب على كل متعلم للترجمة أن يهتم به هو الغنى الثقافي الذي يجب أن يتحلى به المترجم للتمكن من نقل المعاني والمفردات بكل أمانة. صحيح أن بعض تلك المعاهد ليست لتعليم اللغات، ولكن هذا الأمر ضروري في عملية الترجمة، ولا ريب أن الكتابة هي أهم العناصر التكوينية لكي يتمكن طالب الترجمة من التمييز بين الجملة المتداعية الركيكة وبين الجملة الصحيحة من حيث القواعد ومن حيث المعنى . ويؤكد علم اللغة الحديث أن الحدث اللغوي في اللغة الواحدة يمر بعمليات ذهنية معقدة. أما الحدث المترجم فيتضمن في آن واحد ضعف ما يتضمنه الحدث اللغوي من مجلة جامعة دمشق – المجلد 26 - العدد الأول+الثاني 2010 لينا يوسف طه 711 فعاليات! ومن هنا نؤكد ضرورة تعلم اللغة وإتقانها لكل طالب ترجمة، وأهم ما في تعلم هذه اللغة هو تمييز الأصوات وبنية الكلمات وتركيب الجمل. أما مظاهرها الأساسية فهي : التي تعنى ببنية الكلمة ( Morphologie ) -1 المورفولوجيا ويعنى بتكوين الجمل ( Syantaxe ) -2 السنتاكس التي تعنى بالصفات الصوتية ( Fhonologie ) -3 الفونولوجيا ويعنى بالأسلوب (Stylistique(ٍ -4 الستيليستيك ولكن فضلاً كل هذا، تبقى الترجمة أولاً وأخيراً مهنة بذاتها، لا تكمن رسالتها في تعلم اللغات فقط وإنما هي طريقة وكيفية ومهنة. إن المترجم عبارة عن مهني رسمي أولاً، من خلال ما حصله من تدريب وتعليم جامعيين، ثم من خلال التمييز بين الترجمة "البيداغوجية-الديداكتية" والترجمة "المهنية"**، ثم باعتراف الحكومات بأن الترجمة مهنة معتمدة عبر منحها بعض الألقاب مثل مترجم محّلف ومترجم فوري إلخ... والمقصود بهذا كّله أن مدرسة الترجمة ليست مدرسة لغات، حيث يعطى الطلاب درسين أو ثلاثة في الترجمة في السنة الأخيرة. إن هدف مدارس الترجمة ليس تدريب مترجمين أدبيين في الدرجة الأولى بقدر ما هو التركيز على حاجات السوق. (أما مدارس اللغات فهي لا تهتم بجعل المترجم

  • الترجمة البداغوجية هي وسيلة لتعلم اللغة أي " تدريب وتمرين" كتركيب الجملة وتعلم المفردات،

إلخ.. في حين تهدف الترجمة المهنية إلى التواصل. الترجمة الديداكتية تعمل على نصوص أدبية، أ ما الترجمة المهنية فتعمل على نصوص صحفية، وتقنية، وإدارية، وعلمية، إلخ. إنها تغذي مهنة المترجم. (معظم المترجمين لا يترجمون أدباً. 90 % منهم يترجمون مواد علمية وتجارية وإدارية وما شابه ذلك، والأقلية أي ربما 10 % يعيشون من ترجماتهم الأدبية، كالرواية مثلاً. التفاعل والتعاون بين الإنسان والآلة في عملية الترجمة 712 صاحب مهنة) وهي تدرب طلابها لإدخالهم سوق العمل بعد أن ترسخ في ذهن كل منهم هذا الهدف وتز وده بأدوات مهنة الترجمة أي "العدة" التي عليه استعمالها في عمله بصفته مترجماً. ما هذه العدة؟ ثمة عدة مكتبية، وثمة "مساعدات في الترجمة". الأولى، أي ما نسميه معالجة النص والشابكة "إنترنيت"، لكن "مساعدات في الترجمة" تتعلق بذاكرة الترجمة كالبرامج الحاسوبية الحديثة في مجال الترجمة الآلية، ومهمتها مساعدة المترجم. أما الدروس التي يجب أن يتعلمها طالب الترجمة، فهي دروس توثيقية ليتقن عملية البحث، إذ لا يستطيع المترجم أن يعرف كل شيء، وهكذا يتعلم كيفية التوثيق السريع في موضوعات مختلفة. ويعطى كذلك دروساً في علم الاصطلاحات ثم دروساً تدريبية في الترجمة في مختلف الحقول والنشاطات، كالترجمة القانونية، والإقتصادية، والطبية، والعسكرية، إلخ. ولكن يبقى من المستحيل تدريبه على الحقول والنشاطات جميعها، لذلك نعطيه طريقة عمل، ودروساً نظرية في الترجمة والمعلوماتية، طبعاً بعد أن نمّتن معرفته اللغوية خلال السنة الأولى من الدراسة. ولاسيما أن الشباب اليوم - (بوجود الحاسوب والشابكة)- نادراً ما يكتبون، ولكن هذا الأمر ضروري في عملية الترجمة، ولا ريب أن مادة الإنشاء من أهم العناصر التكوينية لكي يتمكن طالب الترجمة من التمييز بين الجملة المتداعية الركيكة وبين الجملة الصحيحة من حيث القواعد، ومن حيث المعنى . -2 الحاجة إلى إيجاد وسائل جديدة في الترجمة إلى هنا وما زالت الترجمة نشاطاً بشرياً بحتاً. إلا أن انفتاح العالم وتداخل لغاته بعضها بعضاً وتطور الوسائل التقنية أدى إلى ضرورة الإسراع في نقل مختلف المعلومات وتناقلها بين مختلف اللغات وظهرت على الساحة محاولات جادة لجعل الترجمة آلية وحاسوبية أي بمعنى آخر استخدام الحاسوب في عملية الترجمة . مجلة جامعة دمشق – المجلد 26 - العدد الأول+الثاني 2010 لينا يوسف طه 713 ما هدف الترجمة ؟ إن الهدف الأساسي هو نقل معاني كلمات نص ما من لغة إلى أخرى على أن نحقق المعادلة بين اللغة المصدر واللغة الهدف للحصول على نص له المعنى نفسه والوقع والأثر نفسهما على القارئ أو المتلقي الجديد الذي تختلف لغته وثقافته عن لغة وثقافة النص، ونحرص خلال ذلك على أن نأخذ بالحسبان الدقة والأسلوب والقواعد. وهنا نطرح سؤالاً مهماً عن نجاح هذه المهمة، ومدى كفاية الضعف وحدوده أو الثقة التي يمكننا أن نمنحها للنص المترجم. وتتساءل أيضاً عن إمكانية نجاح المترجم في توصيل الرسالة التي يتضمنها النص المصدر، و قد نسميه(المرسل) إلى المرسل إليه أو المتلقي. وهنا يؤدي المترجم دورَا مهما إذ يتحتم عليه أن يكون متلقيَا ومرسلاً في الوقت نفسه، ويتحتم عليه أن يسيطر على نظامين مختلفين من الترميز اللغوي فيفهم الأول بشكل كامل ويفك رموز الصيغ في لغة المصدر، ويعيد تركيب رموز جديدة يفترض بها أن تكون واضحة وتحاكي الأول في مضمونها ولهجتها وأسلوبها. ومن أقدر من الإنسان على تحقيق ذلك إذا ما اعتبرنا أن النظام اللغوي لدى البشر هو الأرقى والأكثر تعقيداً بين كل الأنظمة الأخرى، على الرغم من بعض الأخطاء التي ترافق أحياناً الترجمة البشرية مع أن القائم بها بشر يتمتع بقدرة عالية على التفكير والفهم والإفهام. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف هي الحال إذا كان من يقوم بالترجمة آلة ؟ ما مدى كفاية الآلة في نقل الرسائل من لغة طبيعية إلى لغة طبيعية أخرى؟ ما ميزات الآلة على البشر وما المعوقات التي تجعلها باعتراف الجميع دون البشر؟ ما إمكانات التفاعل أو التعاون وفوائدهما بين الإنسان و الآلة لإنتاج ترجمة صحيحة ؟ للإجابة عن هذه الأسئلة لابد من ذكر بعض أنواع الترجمة وبعض التطورات التي طرأت عليها وأساليب إنجازها. التفاعل والتعاون بين الإنسان والآلة في عملية الترجمة 714 Traduction ) يعرف استخدام الحاسوب أداة للترجمة بالترجمة الآلية ويميل بعضهم إلى تسمية يرونها أكثر ملاءمة، وهي الترجمة ،(automatique بمعاونة الحاسوب وتشتمل على ثلاث مراحل أساسية (Traduction assistée par l'ordinateur) وهي: التحليل ثم النقل (أي الترجمة الأولية) ثم تكوين الجمل في اللغة المترجم إليها. إن هناك ثلاثة أساليب مختلفة في الترجمة الآلية هي: -1 الترجمة الآلية مع تحرير لاحق، أي مراجعة بشرية بعد الترجمة: ثبت من التجربة أن الترجمة الآلية حتى للنصوص العلمية والتقنية تتطلب مراجعة بنسبة من 2 إلى 4 % أحيانَا، حتى تصبح الترجمة مقبولة للنشر. وهذا التنقيح يشمل تعديلات من حيث المعجم أو الكلمات ومن حيث التراكيب وغير ذلك. أما إذا كانت الترجمة بغرض الاطلاع العام وتع رف محتوى النص بصورة إجمالية فقد لا نحتاج إلى تنقيحها. -2 الترجمة مع التحرير السابق، بمعنى أن الإنسان يحرر النص المراد ترجمته. مث َ لا نبسط الجمل المعقدة، ونحدد المعنى المطلوب للكلمات التي لها معانٍ كثيرة وهكذا، أي أننا نعدل النص بحيث يستطيع أن يفهمه الحاسوب، وتسمى هذه اللغة (Langage acceptable pour la machine ) المقبولة للآلة أو الترجمة الآلية بمعاونة الإنسان. Interactive -3 الترجمة التحاورية ومن حيث الأنواع هناك الترجمة التحريرية، والترجمة الشفهية، والترجمة الثنائية، والترجمة العامة، والترجمة الخاصة، وغيرها كثير. ومن حيث الأساليب في إنجاز الترجمة هناك طريقتان مفادهما أن إحداهما تهتم بالمفردة والأخرى تهتم بالمعنى. الأولى يطلق عليها اسم -الترجمة الحرفية- و الثانية -الترجمة التكافؤية مجلة جامعة دمشق – المجلد 26 - العدد الأول+الثاني 2010 لينا يوسف طه 715 المعنوية-. وبعد أن كان الإنسان يلجأ إلى هاتين الطريقتين في الترجمة وكانتا تشيران إلى عمل الإنسان وإنجازه في هذا المجال، دخلت الآلة لتقدم العون له وتساعده في إنجاز الترجمة وأصبح بوسعنا الاعتماد في عملية الترجمة على أربعة أساليب هي: La traduction Humaine -1 الترجمة البشرية La traduction automatique -2 الترجمة الآلية La traduction humaine -3 الترجمة البشرية بمساعدة الآلة assistée par la machine La traduction automatique assistée -4 الترجمة الآلية بمساعدة البشر par l'homme هذه الأساليب الأربعة ما هي في واقع الأمر سوى أسلوبين فقط: الترجمة البشرية والترجمة الآلية . -3 عملية الترجمة الآلية: أما الترجمة الآلية فتكون عندما تقوم الآلة وحدها بالترجمة من لغة إلى أخرى دون تدخل الإنسان، تبدأ عملية الترجمة الآلية بأن يتع رف الحاسب الآلي أولاً مفردات اللغة المصدر ويحللها تحليلاً صرفياً ليعرف جذر كل كلمة ومصدرها فيتع رف الأشكال المختلفة للأسماء والتصريفات المختلفة للأفعال. وبعد ذلك يبدأ الحاسب الآلي في إعراب الجملة ومعرفة بنيتها النحوية فيتع رف الاسم والفعل واسم الإشارة وحرف الجر وغيره ويتعرف على مكونات هذه التراكيب كّلها. وبناء على ذلك يبدأ الحاسب الآلي في تحديد الوظائف النحوية لكل واحد من هذه التراكيب كّلها فيحدد القائم بالحدث (الفاعل) ومن وقع عليه الحدث (المفعول) وغير ذلك من الوظائف النحوية. ثم يبدأ الحاسب الآلي بعد ذلك في تحديد معاني المفردات طبقاً للسياق واختيار المعنى التفاعل والتعاون بين الإنسان والآلة في عملية الترجمة 716 المناسب من بين خيارات متعددة؛ وفي هذه المرحلة يعتمد الحاسب الآلي على أدوات مساعدة في فك اللبس وتع رف المصطلحات. وبعد الانتهاء من تحليل الجملة وفهمها في اللغة المصدر تبدأ عملية التحويل إلى اللغة الهدف، ويتم نقل المعنى على المستوى النحوي واللفظي إلى اللغة الهدف، وبعد نقل المعنى يبقى كثير من المعالجة التي ينبغي القيام بها، فيجب وضع الكلمات في ترتيبها الصحيح بما يتناسب وطبيعة اللغة المنقول إليها، وبعد ترتيب الكلمات يجب تطبيق عدد من السمات المهمة التي تربط بين المكونات المختلفة للبنية النحوية ألا وهي سمات المطابقة. يحدث هذا كّله طبعاً بعد تغذية الحاسوب بالقواميس والبرامج التي تضم القواعد الصرفية والنحوية والدلالية في اللغة الهدف، وبالطبع فإن هذه الترجمة تتطلب معرفة وخبرة في مجالين مختلفين هما (عالم الحاسوب) وعلم اللغة (اللسانيات). واختصاراً أو ثنائية (unilingue) للزمن جهزت الحواسب بالمعاجم الالكترونية أحادية اللغة أو متعددة اللغات. (bilingue) وبوجود المعاجم الثنائية اللغة بدأت الترجمة الآلية في التطور حيث تترجم المفردة بمفردة دون الاهتمام بالقواعد الصرفية والنحوية . ثم توسعت هذه المعاجم فأصبحت تضم تعابير اصطلاحية كاملة أو جملاً كاملة أو تخصصت في مجال معين كالعلوم والطب والهندسة والفلك، ونشاطات إنسانية أخرى، وبدأ بعضهم يعتقد أن الترجمة الآلية ستلغي دور الإنسان وستحقق المعجزات في نقل آلاف الكتب والبحوث والدوريات والمراجع بين لغات العالم المختلفة خلال ساعات بدل الأشهر والسنين التي يتطلبها المترجمون البشر .ناسين بذلك دور الذكاء والوعي البشريين القادرين على التعلم والفهم والتفكير والإبداع لاكتشاف الخطأ وتصحيحه وعدم تكراره . هذه الصفات كلها ضرورية لعملية الترجمة، خاصة بالدماغ البشري ولا يمكن لأي آلة أن تمتلكها أو أن تغذى بها كاملاً. إن أهم ما في الترجمة هو فهم النص فنحن – البشر- لا يمكننا أن نترجم ما لا نفهمه، ومن ثم لا يمكن لأي آلة أن تفهم ماذا تفعل ونحن لا مجلة جامعة دمشق – المجلد 26 - العدد الأول+الثاني 2010 لينا يوسف طه 717 نريد أن نتجاهل أو نلغي الخدمات الجمة التي تقدمها الآلة للإنسان في توفير الجهد والمال والدقة في عملية الترجمة. -4 إمكانات التفاعل و التعاون وفوائدهما بين الإنسان والآلة: -1 الترجمة البشرية بمساعدة الآلة أما الترجمة البشرية بمساعدة الآلة فهذا أسلوب يعني أن الإنسان يترجم والآلة تعاونه. وهذا عكس الترجمة التحاورية. هنا نجد أن الإنسان يترجم والآلة تبحث له في المعجم عن الكلمات وتعطيه معاني الكلمات كما تعطيه المفردات من ذاكرتها. هنا أيضاً يأتي دور بنوك المصطلحات الآلية. في هذه العملية نبحث في المعجم عن معاني الكلمات والمفردات وعلى المترجم هنا اختيار ما يناسب منطق اللغة الهدف ليشكل نصاً جديداً مكافئاً للنص المصدر. المعاجم الحاسوبية والمحوسبة: - المعاجم أحادية اللغة، تساعد الباحث في تع رف الألفاظ الدقيقة المناسبة للتعبير عن فكرة ما. - المعاجم ثنائية اللغة ويميل بعضهم إلى تسميتها بالمعجم الإلكتروني وهو معجم محوسب، أي قاموس ثنائي اللغة (غالباً) يقدم للمترجم المقابل اللفظي بين اللغات المخزونة في ذاكرة الحاسوب. - الموسوعات المحوسبة وهي معين مهم للمعلومات المفيدة للمترجمين تأتي في صور مختلفة، أهمها الأقراص المضغوطة أو عن طريق الشابكة (لإنترنت)، وذلك فضلاً عن معاجم الجيب وبرامج تنسيق النصوص المتطورة، كالاستعانة بالنصوص المترجمة التي كثيراً ما ترد في صور متشابهة. وهنا يستدعي المترجم النص المطلوب ويجري عليه بعض التعديلات المطلوبة ليصبح جاهزاً، التفاعل والتعاون بين الإنسان والآلة في عملية الترجمة 718 وذلك بدلاً من ترجمة كامل النص. وكذلك التدقيق الإملائي والتصحيح النحوي والأسلوبي ويقترح حتى بعض التصويبات الممكنة. وتكون مهمة الآلة هنا تسهيل ترجمة الإنسان أو تسريعها. هذه الآلة إذاً تساعد الإنسان فيعدل ويصحح وينتقي مما وضعته بمتناول يده من المراجع والكتب والمصادر والمعاجم المتخصصة والعامة التي يستغرق البحث اليدوي عنها وقتاً طويلاً. وهذا أحد أوجه التفاعل و التعاون المثمر بين الإنسان والآلة. -2 الترجمة الآلية بمساعدة البشر إن أفضل صيغ التعاون والتفاعل بين الإنسان والآلة سيكون باتباع أسلوب الترجمة الآلية بمساعدة البشر، أي إعطاء النص للآلة فتترجمه، ويقوم المترجم من ثم بمراجعته وتصحيحه فيعدل أو يضيف إلى التعابير أو التركيبات النحوية، وهذا كّله يكون متوفراً أمامه على شاشة الحاسوب، وهو يعمل هنا لتحسين النص وإعطائه الصيغة النهائية. وقد تتم الترجمة جملة جملة، ويظهر جزء من النص الأصلي مع ما يقابله من الترجمة. وإذا أشكل على الحاسوب أو لاحظ المترجم الذي يتابع عملية الترجمة على شاشة المرقاب مشكلة ما تدخل بصور مختلفة، حسب نوع الإشكال الوارد في العملية (وهذا أسهل طبعاً من المراجعة الكاملة). في هذه العملية قد يسأل أم ماذا؟ éducation الحاسوب مثلاً عن معنى كلمة "تربية" في نص ما، هل يقصد بها والمترجم يقول له ما يقصد. فيحفظ الحاسوب هذه الصيغة ويستعملها في المستقبل، وهذا ما أطلق عليها بعضهم الترجمة التحاورية، إذ إ ن هناك تحاوراً بين الإنسان والآلة.لكن المشكلة الأساسية في هذا الأسلوب من الترجمة الآلية ضرورة وجود المترجم أمام الحاسوب طوال عملية الترجمة. مجلة جامعة دمشق – المجلد 26 - العدد الأول+الثاني 2010 لينا يوسف طه 719 -5 المعوقات التي تجعل الآلة دون البشر / سمات المطابقة على الرغم من كل المحاولات التحسينية تبقى الترجمة الآلية البحتة أي التي لا يتدخل فيها الإنسان قاصرة في كثير من حقول المعرفة من حيث الدقة والثقة بها والاعتماد عليها. قد تنتج الأخطاء في الترجمة الآلية بسبب خطأ في التحليل على مستوى اللغة المصدر، وقد تنتج أيضاً بسبب خطأ في التحويل على مستوى اللغة الهدف. والمطابقة عامل مهم جداً تجب مراعاته حتى نضمن أن الجمل الخارجة في اللغة الهدف هي جمل صحيحة. ونظراً إلى أ ن المطابقة تُطبقُ على اللغة الهدف فيجب أن تكون موافقة لمتطلبات هذه اللغة.......................وعلى الرغم من أن قواعد ترتيب أجزاء الجملة تعد أمراً أساسياً لإنتاج جمل صحيحة في اللغة الهدف إلا أنها مجرد قواعد محددة المعالم، وتأتي هذه القواعد من المعرفة النحوية. أما قواعد المطابقة فهي أكثر تعقيداً، ويظهر هذا التعقيد بشكل واضح عند القيام بعمليا ت الترجمة الآلية بين لغات بينها اختلاف صرفي كبير وتباين في متطلبات المطابقة. فالفعل في اللغة الفرنسية على سبيل المثال يبين هل الفاعل مفرد أو جمع (هذا في حالة ما إذا كان الفعل في المضارع والفاعل غائباً. مثال: قد يكون الفاعل في فعل لكنه مفرد في جميع الأحوال. إلا أنه لا يعطي أي Je ou il أنا أو هو joue يلعب مثل jouons, jouez, jouent : معلومة عن نوع الفاعل فيما يتعلق بالتذكير والتأنيث،(مثال وكل ما نعرفه هنا أن الفاعل جمع .أما الفعل في اللغة الإنكليزية في الزمن الماضي مثلاً، هل هو فعل لفاعل I will play .played . مثلاً أو المستقبل فنجده محايداً تماماً مفرد أو جمع؟ مذكر أم مؤنث؟ حتى الصفات وأدوات التعريف والتنكير والإشارة محايدة إلى درجة كبيرة فيما يتعلق بالعدد (الإفراد والجمع) والنوع (التذكير والتأنيث)، وهذا يشكل مشكلة أمام الترجمة من الإنجليزية إلى العربية التي هي لغة ذات حساسية عالية لسمات المطابقة. فالأفعال والصفات والأدوات في اللغة العربية ترتبط بالاسم التفاعل والتعاون بين الإنسان والآلة في عملية الترجمة 720 الذي تصفه ارتباطاً كبيراً من ناحية الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث والتعريف والتنكير والضمير والإعراب. ولعمل مطابقة دقيقة يمكن لبرامج الحاسب الآلي استخراج المعلومات التي تحتاجها في بعض الحالات من اللغة المصدر، ففي اللغة المصدر(إذا اعتبرناها هنا اللغة الفرنسية) يجب أن يعرفَ العدد والنوع في بعض المفردات ولاسيما أسماء الأعلام والألقاب، فنحتاج على سبيل المثال من اللغة المصدر أن تخبرنا أن جيل) فهو اسم مؤنث. وفي بعض الأحيان ) Gille جاك) اسم مذكر أما )Jacques الأخرى تُسَتخْرج المعلومات اللازمة للمطابقة من اللغة الهدف، ففي اللغة الهدف تُعرفَ المفردات ولاسيما أسماء الصفات، وتبين هل هي مذكرة أم مؤنثة، مفردة أو جمع. فعلى سبيل المثال تخبرنا اللغة الهدف (إذا افترضنا هنا أنها اللغة العربية) أن book, ) كلمة "كتاب" مذكر أما "مذكِّرة" فهي مؤنث مع أن مقابليهما في اللغة الإنجليزية لا تحتوي على مثل هذه المعلومات. وهناك حالة أكثر تعقيداً ألا وهي (notebook عندما تكون المعلومات اللازمة للمطابقة لا يمكن استخراجها من اللغة المصدر أو اللغة الهدف بل يكون السياق هو العامل الأساسي فيقوم برنامج الترجمة بعمل استكشاف (ينظر في الجملة جيئة وذهاباً) باحثاً عن المعلومات التي يحتاجها لصنع The student likes her teacher مطابقة صحيحة، ففي الجملة الإنجليزية لا تدل على النوع وهل هو مذكر أو مؤنث؟ لكن الإشارة student نجد أن كلمة دلتنا على أن المقصود "الطالبة" وليس "الطالب"، ففي هذه الحالة ينبغي her إليها بكلمة أن نستكشف الجملة والسياق جيداً قبل الحكم على نوع الاسم. أما في الألفاظ مثلاً، فإننا نجد أن الآلة يمكنها- بعد تغذيتها كما ذكرنا- أن تتع رف على الكلمة وتحللها صرفياً وتحدد هل هذه الكلمة اسم أم فعل أم صفة؟ وتعرف أيضاً أن هذه الكلمة تشير إلى مفرد أو مثنى أو جمع. أما المصطلحات فهي مجلة جامعة دمشق – المجلد 26 - العدد الأول+الثاني 2010 لينا يوسف طه 721 مشكلة بالنسبة للآلة من حيث المبدأ إذ حتى الإنسان معرض للخطأ في ترجمة بعض المصطلحات ولا يكفيه أن يعرف معاني الكلمات مستقلة لكي يترجم المصطلح فما بالنا بالآلة ؟ وهل ستميز بين الكلمة وبين التعبير الاصطلاحي ؟ كذلك هناك مشكلة الضمائر العائدة ووظيفتها ودورها في الجملة ولاسيما في الجمل المعقدة ما لم يحللها الإنسان ويبسطها ويقدمها إلى الآلة بلغة مقبولة لكي تتمكن من ثم من إعطائه الترجمة . -6 أمثلة واقعية: مثلاً ) Systran هناك عدة برامج منتشرة ومتاحة للجميع ( كبرنامج سيستران ولكنها جميعها أظهرت قصورها أمام المترجم ( Yahoo وياهو Google و( جوجل الخبير وعجزها وسخافة ذكائها الصناعي ولاسيما في التعبيرات الخاصة بكل لغة التي لا يمكن للترجمة الآلية أن تعطينا منها سوى المعنى الظاهر. أو ((سيستران)) (( Google )) فيما يلي عدد من الأمثلة باستخدام ترجمة وجميعها تبين غرابة التراكيب و الاضطراب في تمييز المعنى، ومنها ما هو غاية في الطرافة أو السخافة . ولجعل هذا البحث يقوم على أرض الواقع اعتمدت على بعض هذه البرامج المتاحة في الترجمة الآلية ودعم البحث بأمثلة لإثبات إخفاقها في عمل المطابقة، ولكن هذا لا ينفي أبداً نجاحها في بعض المجالات كالترجمة العلمية أو في مجال الأرصاد الجوية ولكننا لم نتطرق إلى ذلك في هذا البحث. -1 النص: بيني ما الفرق بين السماء والسمو ؟ the evident difference the sky and his highness? : الترجمة ونرى هنا أن التركيب النحوي مختل : Evident فكلمة بين فهمها على أنها بين (أي واضح وجلي ) فترجمها بالتفاعل والتعاون بين الإنسان والآلة في عملية الترجمة 722 وكلمة السمو أي العلاء فهمها البرنامج على أنها صاحب السمو فترجمها ب غير موجود في النص . His مع أن المقابل لكلمة His Highness -2 النص : ذهب أمين وأخته صِديقة إلى الصعيد. 1)Un entrain du gardien amical au domaine. : الترجمة 2)A keeper go friendly to the domaine……………………….. www.lexilogos.com -3 النص: ذهب أمين وأخته صادقة إلى الصعيد. Amin and his sister went to the genuine level. : الترجمة وهنا يكون البرنامج قد حول اسم العلم صادقة إلى صفة، وكلمة الصعيد حولها إلى صعيد بمعنى مستوى. -4 النص : زرت مختار وأمينة في الريف . I visit Mayor and secretary in the countryside. : الترجمة النص : زار صاحب السمو صاحبة السمو. Rendu visit à Son Altesse le son Altesse. الترجمة ونرى أننا لم نفهم شيئَا من هذه الجملة، وفي أحسن الأحوال ستكون الترجمة على الشكل الآتي: Son Altesse a rendu visite à son Altesse………… ونرى هنا أن البرنامج لم يستطع التمييز بين المذكر والمؤنث، حتى لو أنه ميز فهو لم يقم بما يلزم لإظهار الفرق . -5 النص: الصلوات والطيبات لله 1- Prayers and god is my honor to nominate him. : الترجمة 2- Les prières et le Dieu est mon honneur pour le nommer. مجلة جامعة دمشق – المجلد 26 - العدد الأول+الثاني 2010 لينا يوسف طه 723 نرى هنا انعدام المعنى في كلتا الجملتين . Le ciel est de couleur bleue : النص الترجمة: السماء الزرقاء اللون نرى في ترجمة الجملة إلى اللغة العربية أن تحويل الجملة الفعلية إلى جملة اسمية مع رفة أدى إلى خلل فيها، إذ إنَّنا بانتظار جواب للسماء الزرقاء اللون.... -6 النص : ذهب العمدة للقاء المأمور في قسم المنطقة He went to meet with mayor ordered section region. : الترجمة ونرى هنا كيف تغير معنى الجملة بأكملها، بل أصبحت لا معنى لها فترجم ordered البرنامج المأمور ب section region وترجم قسم المنطقة ب -7 النص: ذهب ولم يعد. Gold no longer : الترجمة النتيجة: الواضح بعد سرد هذه الأمثلة ولا مجال لسرد أمثلة أكثر من ذلك، أن الترجمة تقوم في هذه الأمثلة كلها على مستوى اللفظ وليس على مستوى الجملة. وأن البرنامج حين لا يجد كلمة مقابلة للكلمة المصدر يأتي بكلمة أخرى تشبهها في الحروف. كما أنه لا يهتم بالتراكيب اللغوية الصحيحة واتباع القواعد المنطقية في اللغة. كما أنه - بكل بساطة- يمكن إرباك البرنامج والخروج بترجمات غاية في السخف، هذا إذا لم نأخذ بالحسبان أيضاً موضوع الإخلاص في الترجمة، وأثر النص المصدر في النفس، التفاعل والتعاون بين الإنسان والآلة في عملية الترجمة 724 ووقع الكلام على الإنسان. ولا مجال هنا طبعاً للحديث عن ترجمة الشعر بمفرداته وإيحاءاته ومجازاته وموسيقاه وصوره وإيماءاته الانفعالية . وهذا ما يثبت أن مقاليد الترجمة ستبقى بين يدي المترجم البشري. لا شك أن الحاسوب يمكن أن يقوم بدور كبير وهو يعمل ذلك بالتدريج، كما أن الذاكرة الحاسوبية الترجمية بدأت تذخر بمعلومات تراثية قيمة، لكن الخطر يكمن في أن تثنينا هذه الثقافة الحاسوبية عن التعلم والتثقف الضروريين للمترجم .ونستنتج في النهاية، أن كثيراً من نواحي القصور في ناتج الترجمة الآلية قد يحدث إما بسبب خطأ في تحليل الجملة المدخلة أو بسبب خطأ في بناء الجملة الخارجة. وتحسين هذه الترجمة يعتمد -إلى حد كبير- على تحسين معرفتنا باللغة وتزويد الحاسب الآلي بالقواعد اللازمة للتعامل مع اللغة. إن الترجمة الآلية ذات الدقة العالية لم تتحقق حتى الآن وليس منظوراً أن تتحقق في المستقبل القريب، ولكن ما زال أمامنا الكثير الذي نستطيع أن نفعله لتحسين جودة الترجمة والزيادة من فعاليتها وإمكانية الاستفادة منها. إن ترجمة اللغة الإنسانية إلى لغة أخرى ليست بالأمر اليسير. إذ إ ن اللغة الإنسانية هي عبارة عن اتساق ونظام معقد جداً، ولذلك فإن الترجمة الآلية تتطلب قدراً هائلاً من المعالجة والتحليل الذي لن يكون ناجحاً إلا إذا تم التعاون ما بين الإنسان والآلة ليكمل أحدهما الآخر؛ بغية اللحاق بركب التطور الهائل نتيجة شعور الإنسان، مع ظهور الحاسب الآلي، بالحاجة إلى الترجمة الآلية اختصاراً للجهد والوقت. مجلة جامعة دمشق – المجلد 26 - العدد الأول+الثاني 2010 لينا يوسف طه 725 المراجع -1 الديداوي، محمد، الترجمة والتعريب بين اللغة البيانية واللغة الحاسوبية، المركز الثقافي العربي 312 ،2002 صفحة -2 الديداوي، محمد، مترجم المستقبل استعباد الآلة أم استبعادها؟ مجلة ترجمان (2) مجلة متخصصة تعنى بقضايا الترجمة التحريرية والترجمة الفورية 2005 -3 الديداوي، محمد، منهاج المترجم بين الكتابة والاصطلاح والهواية والاحتراف، المركز الثقافي العربي، 2005 -4 جبوري، عبد الكريم، سبيلك إلى الترجمة، دار مكتبة هلال، 2001 -5 علي، نبيل ، تحديات عصر المعلومات، الهيئة المصرية للكتاب 2003 ، القاهرة، 274 صفحة . -6 محمد، عوض محمد، فن الترجمة، معهد البحوث والدراسات العربية 1969 www.josor.net 2005 ( -7 الكمبيوتر والترجمة، مجلة جسور الثقافة العدد( 5 -Jean Claude Margot, Traduire sans trahir, édition l'Age d'Homme 1979. -8 . .2007/9/ تاريخ ورود البحث إلى مجلة جامعة دمشق 16