انتقل إلى المحتوى

مستخدم:يعقوب فؤاد/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

في ظل تغييب الوعي وتعليبه من جانب الإعلام المسيطر، وفي ظل التسطيح العظيم من قبل الإعلام الجديد . . نجِدُ العالم يتجه نحو الهاوية – وهو يضحك كالغبيِّ – . وهنا يأتي دور (زُمرة المثقفين) لإنقاذ العالم وتحويل مساره ولو لتأخير سقوطهِ المُدَوّي. وذلك بمحاولة توعية طبقتين من بقية المجتمع، عامة الناس، و أفواج المغفلين. ولنقل بأن أفواج المغفلين أعدادهم ليست بالتي يُستهان بها في عالم اليوم، فعامة الناس تمثل نسبةً محترمة في المجتمعات، ومع ذلك يتم إما جذبها بسهولة إلى أفواج المغفلين، وإما تندرج مع زمرة المثقفين والذين لا حول لهم ولا قوة في ظل جبروت الإعلام الجديد! وبذلك تتمدد الفوهة بين طبقات المجتمع، ويصبح التواصل عقيماً، وبدون أن نعلم، يصبح لدينا طبقتين فكريتين فقط، وعامة الناس يبدأون بالإنقراض التدريجي. يقول نعوم تشومسكي (الفيلسوف الأمريكي) :”إن أحد النتائج السلبية لتويتر، هي أنه يُسطح الأفكار . . فالأشياء التي لا تستطيع قولها في أقل من ١٤٠ حرف، فهي لا وجود لها، وتصل المعلومات ناقصة، و ينشأ لدينا جيلاً ناقص العقل، فكل الأفكار التي تحتاج إلى توضيح وتركيز وقدرٌ أكبر من المعلومات، هي مستبعدة تماماً من وسائل التواصل الجديدة”. فتتحول الكتب العتيقة إلى تماثيلَ ومسانِد، وتُهجر المساجد . . ويتحول العالم إلى مسرحيةٍ كوميديةٍ رخيصة، تُناقش فيها قشور القضايا الهامشية الحديثة، والحياة تصبح حكايةً جوفاء، تعجُّ بالضجيج والصخب التي يرويها أحد المغفلين. لكن لا تخف، فالمؤسسات الإعلامية وُجدت للدفاع عن حقك في معرفة المعلومة ( وليس الحقيقة )، فلسان حالها يقول ، حسناً . . دعني ألهيك بموضوعٍ آخراً وأحشوه لك بالتفاهات الحديثة، قبل ذلك دعني أسرد لك عدد الضحايا في سوريا، والإنتهاكات في فلسطين، وكل وما يحدث من تراجيديا، ومن ثم أرمي لك بعددٍ من دول أفريقيا التي تموتُ جوعاً، ولكن كل هذه الأحداث لن تأخذ مني إلا ساعةً من الأخبار – العاجلة – . ولكي تستمر في متابعتي ولكي أحقق أعلى نسبةً من المشاهدة – وهذا ما يهمني أكثر – فسوف يكون ما تبقى من الأخبار هي ما يروق لك ، أو بالأصح ما جعلته أنا وسائل الإعلام . . بأن يروق لك ! الفضائح، الهوامش، الأحلام الهوليوودية، الحياة الوردية، كل شيء . . إلا معرفة الحقيقة. إذاً، هل هذا يعني بأن نبتعد عن وسائل الإعلام الجديدة ، ونمزق الجريدة، و نطفئ التلفاز والمحطات الإذاعية ؟ أرجوا أن لا نفعل ذلك، فهذا سيجعلنا في مصاف المتخلفين، ولكن الإستغلال الذكي لهذه الوسائل، والوعي الكافي بالقضايا الأساسية وعدم الإنجراف مع سيل الأخبار الهامشية هي الحكمة من ذلك، لذلك يأتي دور زمرة المثقفين مرة أخرى، فيُعيدون طهارة الدين من ما يحدث له من تدليسٍ بإسمه، و تتطور الأندية أدبية، و تُحتضن الفنون، و ينشرون النور، وتصبح المجتمعات غير مستغفلة، وتنقرض الأفواج المغفلة.وثم أما بعد: عزيزي القارئ، إن على الجميع مسئولية الإنتاج في المجتمع، وليس هنالك إنتاجٌ في كونك من أفواج المغفلين.