مستخدم:Gazalani/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

سلطنة عمان[عدل]

سلطنة عمان .. بين الأمس و اليوم[عدل]

هالني في السلطنة قبل التطور العمراني والحضاري ، تلك السلاسل الجبلية السوداء العائمة فوق كثبان رملية لا نهاية لها ، صخور مترابطة تحيلك على زمن البراكين النائمة في بلد استيقظت فيه براكين الحضارة الإنسانية التي نحتها العمانيون بأيديهم فوق تلك السوداء الصخور ، فالمرافقون يروون لنا ما يشبه الأساطير عن جد واجتهاد وتضحية الإنسان العماني منذ العصور ، فحتى سنوات الثمانينيات لم تكن السلطنة سوى سلسلة من البيوت القديمة والمتباعدة تحاصرها تلك الموحشة الجبال ، ليس فيها سوى 3 مدارس وبضعة كتاتيب ووسائل نقل بدائية مثلها مثل باقي الدول العربية التي كانت لتوها تنفض غبار الاستعمار وتحاول أن تلم شعثها وتجمع شتاتها بأيدي أبنائها.. أما اليوم فالسلطنة وبفضل ذلك التحدي الذي رفعه العمانيون بقيادة السلطان قابوس شعلة من الحضارة والنظافة والتطور ، خاصة أن السلطنة هي ثاني اكبر بلدان الخليج العربي بعد السعودية من حيث المساحة والسكان..

صدقوا أو لا تصدقوا.. مسقط أنظف عاصمة في العالم![عدل]

دائما مبهورون نحن بسحر العواصم الأوربية ومندهشون لتطورها ونظافتها ، لكن الذي تعرفه العاصمة العمانية مسقط من تطور وحضارة وأناقة نافس بل تفوق على الكثير من العالم عواصم ، التي بدأت تتطور بدايات القرن العشرين بينما نهضت مسقط من بين كثبان الرمال وخرجت من تضاريس الصخور فقط بداية التسعينيات ، واكتمل بناؤها وجمالها بداية الألفية الجديدة ، ويكفي أنها حصلت على اعتراف الأمم المتحدة والعالم بأنها العاصمة الأنظف في العالم خلال الأخيرة السنوات ، لا تكاد تلحظ خدشا واحدا يعكر عليك نظرك ، واكتشفت بالسؤال عن تلك النظافة أنها ليست جهدا محصورا على عمال النظافة بل تحولت إلى ثقافة متداولة بين فئات وقطاعات الشعب العماني ، والتزم بها حتى الوافدون على السلطة من باقي بلدان العالم ، فحتى الطرقات الفرعية منها والسريعة على قدر عال من النظافة والإتقان.. وقد لاحظت قلة عمال النظافة بالمقارنة معهم في بلادنا ، فقال لي أحدهم مازحا إنه ليس هناك من يلوث وبالتالي ليس هناك من ينظف؟

وفي زخم إعجابي بنجاح أشقائنا العمانيين في تطوير وتنظيف بلادهم ، تذكرت بؤس عاصمتنا الجزائر الغارقة في القمامة أطنان ، وكيف يحاول مسؤولونا إقناعنا بالتعايش حتى مع الأوساخ ، تخيلت نفسي مارا بين أزقة بلكور ، باب الوادي الحراش أو ، وتذكرت بألم أننا أحيانا نعلم على البيوت عندنا والعناويين بأكوام الزبالة.. والمشكلة انه كلما ازداد عدد عمال النظافة ازدادت معه القمامة وليس من الغرابة أبدا وأنت تتحول في شوارعنا أن تنزل على رأسك أكياس القمامة ، بل صارت القمامات تلك ، للأسف الشديد ، ملاذا للكثير من الفقراء وأحيانا عائلات بكاملها تقتات مما يفلت من أيدي عمال النظافة ، وليس ثمة مجرد تفكير في الاستفادة من تجارب أشقائنا الذين تحدوا الطبيعة ونافسوا الغرب حتى في ابتكاراته ونظافة مدنه..

السلطان.. بيت الحكمة والعدالة[عدل]

ما يرويه العمانيون حول السلطان قابوس أحيانا يعجز اللسان عن وصفه ، خاصة ما يتعلق بحكمة الرجل في جمع شمل شعبه والحفاظ على استقرار البلاد وضمان إقلاعها العمراني والحضاري ورعاية التعايش المذهبي وبناء علاقات صداقة مع كل دول العالم ، فالسلطنة تكاد تكون البلد الوحيد في العالم الذي ليست لديه مشاكل لا مع دول الجوار ولا مع أي دولة أخرى في العالم ، وتلك واحدة من ثمار الحكمة التي يشهد بها العمانيون لسلطانهم ما تترجمه علاقة الحب والود التي وقفنا عليها بين الشعب العماني الشقيق والسلطان قابوس..

السلطان قابوس هو ذلك الأب الروحي لوحدة العمانيين ونمائهم وهو أيضا هيبة الدولة وسيفها المسلول في وجه المتجاوزين أو المخالفين للقوانين على قلتهم ، فالرجل لا يتردد في إنصاف المظلومين مهما كان حجم الظالم ، ويروي لنا العمانيون بفخر كيف أن السلطان تدخل في إحدى المرات بنفسه ليهدم قصرا عملاقا بني على غير الأسس القانونية المتعارف عليها ، والمفارقة أن القصر كان ملكا لأحد الوزراء المعروفين بالنفوذ والمال ، ولقد خلفت تلك الحادثة ارتياحا شعبيا كبيرا ثبت تلك الثقة بين السلطان وشعبه ، كيف لا وهم يرونه ينتصر للفقير ويفرض سلطة القانون حتى على كبار القوم.. عدت بذهني إلى عالمنا العربي وأنا أستمع إلى تلك القصص القادمة من الزمن الجميل ، فلم أر سوى طوفانا من الفساد ينخر جسد الأمة ويحيل شعوبنا العربية والإسلامية على الفقر والنزاعات والانتحارات ، وتراءت بين ناظري قوارب الموت التي تبتلع سنويا مئات الشباب الباحث عن الحياة..

ما شدني أيضا في السلطان قابوس أنه رجل أفعال لا أقوال ، فالسلطان لا يخطب إلا مرة كل سنة لبضع دقائق يحدد فيها معالم المستقبل بناء على المحققة الإنجازات ، وهو بالضبط ما شهدناه وسمعناه منه في صلالة مدينة ، سمعنا كلمات مقتضبات هادئة وهادية وهادفة ، وأقوى ما شدني فيها قوله "نحن لا نتدخل في شؤون غيرنا ولن نسمح لغيرنا بالتدخل في شؤوننا" وانصرف بعدها السلطان إلى عمله تاركا أبناءه يكرمون ضيوفهم.. تذكرت بعدها أن جل رؤسائنا وملوكنا في العالم العربي يصدعون رؤوسنا في خطاباتهم بالساعات ، لكنهم في النهاية لا يقولون ولا يفعلون شيئا..

يقول لنا بعض من كانوا مكلفين بمرافقتنا إن للسلطان عادة زادت شعبه حبا له ، فالرجل يحرص على زيارة القرى والمداشر مناسبة دون ، وكثيرا ما يتوقف بسيارته عند أماكن عديدة ليست مبرمجة في زياراته ، حتى انه في إحدى المرات استوقفته كتابات حائطية فنزل واستقصى وسأل عن نوع تلك المشاكل التي تدفع الشباب للجوء إلى الجدراء بدل اللجوء إلى المسؤولين؟.. وقد استفزتني تلك المواقف فوجدت نفسي اندفع بفخر أحكي لمن كان معي من رؤساء تحرير قصص المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم ، وكيف كان يصطحب معه دلو صباغة ليصحح به أخطاء اللغة العربية في لافتات الطرقات أينما حل وارتحل.

الاستثمار في الإنسان.. سر الإقلاع[عدل]

بالرغم أن السلطنة من البلدان المنتجة للنفط والغاز ، إلا أن طبيعتها الصخرية جعلتها لا تجد نفس اليسر والسهولة استخراجه في ، كما تفعل الجزائر وباقي الأوبك دول ، فاختراق الصخر للوصول إلى هذه الخيرات يكلف العمانيين الكثير من الجهد والوقت والمال ، حتى أن أحد الخبراء العمانيين قال لنا إن انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 15 دولارا سيجعل العمانيين يتركونه تحت الصخر ، لأن تكلفة استخراجه ستكون أكثر من المداخيل منه المتوقعه ، لذلك وجدت السلطنة الشقيقة في ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الأخيرة إلى أكثر من 70 دولارا فرصة كبيرة في تطوير البلاد واستغلال الخيرات الباطنية لفائدة الإنسان العماني ، بل أكثر من ذلك استغلال هذا الدخل في استحداث مداخيل أخرى ، على نحو تطوير الإنتاج الوطني من زراعة وسياحة وصيد بما يوسع من مصادر الخزينة ويحررها من سلطة البترول الزائلة..

ولذلك تجد العمانيين يسابقون الزمن وطنهم بناء في وترسيخ أسس الحضارة وتقوية البنية التحتية والاستفادة من الخبرات الأجنبية مهما كانت ، والاستثمار خاصة في الإنسان العماني من خلال التعليم والتكوين الفني عال المستوى ، والعمل على تأهيل الشباب العماني للإمساك بكل دواليب التسيير خاصة التكنولوجي المعقد منه.