انتقل إلى المحتوى

مستخدم:Industrial design department

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

النسبــة الذهبيــة

[عدل]

النسبــة الذهبيــة

     هذه التدوينة تهم كل من يملك موهبة فنية، في التصوير والرسم والتصميم والعمارة والديكور وحتى الموسيقى وغيرهم ممن يصنعون الأشياء الجميلة. كما تهم كل مفتون بالجمال وباحث عن أسراره. إنها تتناول سراً رياضياً خطيراً اكتشفه الإنسان القديم، نسبة رياضية بسيطة تخلق الأشياء الجميلة! نسبة رياضية تجعل الرسمة أخّاذة، والصورة جذابة، والمبنى فاتناً. نسبة رياضية ألهمت الفنانين من كل صوب، فصارت تقوّم أشكالهم وأعمالهم فتجعلها جميلة ساحرة تشد الأبصار فتسر الناظرين. كم شغَلَت هذه النسبة بالي أثناء دراستي لأحد مناهج العمارة، وذلك حين جاءت في سياق درس يفسر أسباب الجمال المعماري.

فهل تحب معرفة هذه النسبة؟ ورؤية أمثلة عليها؟

    لنعد معاً نحو 2400 سنة في الماضي نحو عصر الحضارة اليونانية، حين كانت الثورة المعرفية والفنية في أوجها عند الإغريق. كان اليونان أول من بدأ في وضع النظريات العلمية الدقيقة للفنون كالرسم والنحت والموسيقى وقد اهتموا بربطها بالرياضيات فطوروا علوماً مثل علم هندسة الأشكال (Geometry) والذي يدمج بين الرياضيات والرسم، وهو العلم الذي جاءت منه النسبة الذهبية. إن ما يميز الحضارة اليونانية أنها امتلكت فكراً رقيقاً ناعماً اعتنى بالطبيعة والفلسفة، فكانت فنونها مثل هذا الفكر رقيقة جميلة، على العكس من الحضارة الرومانية التي كانت عسكرية بالدرجة الأولى، فكانت فنونها تعكس جانبها الإمبريالي التوسعي، فأعمالهم المعمارية ضخمة وذات أعمدة مستقيمة عريضة معبرة عن رغبة التوسع والتضخم في كل اتجاه، في حين كانت العمارة اليونانية أنيقة وذات منحنيات وأقواس رقيقة، وأعمدة يبدو الواحد منها كما لو أنه جسد امرأة فاتنة.

خلال اشتغال اليونانيين في العلوم والفنون، جاء عالم الرياضيات “أقليدس” واكتشف النسبة الذهبية، إذ هي عبارة عن تناسب أطوال: أن تكون نسبة الطول كاملاً للجزء الكبير منه، مثل نسبة الجزء الكبير للصغير، ببساطة هل يعني هذا أن النسبة مرتبطة بالخطوط المستقيمة فقط؟ كلا، فهذا الشكل اللولبي الشهير يقوم بأكمله على النسبة الذهبية، بل إنه يوظفها أكثر من مرة بشكل متداخل يتصاغر مع كل انحناءة، وعلى هذا يمكنك القياس في المجالات الفنية الواسعة التي يمكن استغلال النسبة في تجميلها، من رسوم ومنحوتات ومباني وكل شيء يراد منه أن يكون جميلاً. ملاحظة إقليدس كانت وليدة انتباهات لعلماء سبقوه، وقد اهتم بها علماء لحقوه كذلك، وتبين مع الدراسات والتجارب أن وجود هذه النسبة الذهبية في الأشكال والأطوال والتقسيمات يغدو أجمل في نظر الناس، وفي نظر الفنانين فإن النسبة الذهبية هي الأجمل في تنظيم وترتيب أجزاء العمل الفني. إن هذا يفتح باباً للتساؤلات: هل التذوق الجمالي الإنساني -مع تنوعه- خاضع دائماً لنسب رياضية؟ مرة أخرى أجد الإنسان والأرقام قريبين من بعضهما.

   إنها نسبة رياضية عجيبة (شكل (1)). كلما نقَّبت عنها وجدتها – أو حولها - في كثير مما خلق الله تعالى من شيء! فإن سعيت للقبض عليها زاغت وانزلقت من أيسر طريق! لماذا؟ لأنها عدد أصم، بمعنى أنك تستطيع دائماً حصر قيمتها بين قيمتين، عليا وسفلى، لكن مهما حاولت تضييق الخناق عليها باقتراب هاتين القيمتين منها تحيرت قيمتها بينهما بما لا يعلم إلا الله مآلها الحقيقي، هذا إن كان لها من مآل!
   ولكن العجيب ليس في أن النسبة الذهبية عددٌ أصمٌ، فالأعداد الصمّاء كثيرة، ومنها مثلاً العدد (2√) و (5√). بل العجيب أن النسبة الذهبية (ويرمز له في الأدبيات بالرمزφ ويُنطق فاي) تتواجد هنا وهناك، وحيثما نتوجه بأنظارنا، وفي أشياء يصعب الربط بينها.

ونجد لذلك إحالات لأمثلة ربما لا تنتهي: تركيب جسم الإنسان، نجد هنا بعض الأمثلة (دون الكل): الطبيعة والخلق: نمو النباتات:

حيث تتبع في نموها النسبة الذهبية  φ  ولا تتبع ثوابت أخرى مثل  e، أو  π،  والتي لو تبعتها لتغيرت طرق نموها عما نراه في الخليقة، كما بالشكل التالي :

النسبة في هندسة الأبنية التي تجاوزت آفاق التاريخ: الأعمال الفنية ذائعة الصيت عبر القرون: في التصميم الصناعي، فيتبارى المصمون في استخدامها : أما في الهندسة، فما أكثر أمثلتها، وهنا بعضٌ منها: أما حسابياً وجبرياً، فالنسبة الذهبية دالة تقاربية، مثلها مثل كثير من الدوال التقاربية، غير أنها أبعدهم (أي أبطأهم) تقارباً على الإطلاق!!! و تعتبر النسبة الذهبية بسبب هذه الصفة بشكل خاص دالة فريدة لا تدانيها أي دالة أخرى على الإطلاق. وهذا ما جعلها دالة متميزة بشكل لا مثيل له!!! وأكسبها الصفات التي رأيناها أعلى في كل مناحي التطبيقات. لماذا تجعل النسبة الذهبية من الشكل جميلاً؟

   التناسب بشكل عام (حتى لو لم يكن تبعاً للنسبة الذهبية) هو واحد من أكبر أسرار الجمال، فالوجه الحسن يكون جميلاً بوجود تناسب متزن بين أطوال أجزائه، والسيارة تكون جميلة إذا ما جاءت أطوالها متناسبة بشكل يريح الناظر، وحتى قطع الأثاث والأدوات الصغيرة وكل ما يحيط بنا سوف يغدو جميلاً في حال كانت أطواله متناسبة رياضياً ولم تكن عشوائية الأطوال. بل حتى التوقيت الزمني للأشياء يكون جميلاً إذا توالى في تناسب مدروس، فيستحسن مثلاً أن يتناسب طول مقدمة محاضرة مع المحاضرة كاملة، لأن السامع سوف يخرج باستنتاجه الزمني بمجرد سماع المقدمة، وسوف يضطرب في حال كان طول باقي المحاضرة قريباً من طول المقدمة مثلاً.
   إن النسبة الذهبية موجودة حولنا في الطبيعة، بل موجودة في تركيبة أجسادنا، مثل ما بين نصف الكف إلى نصف الإصبع، وغيره من أقسام الإصبع المتوالية كما توضحها هذه الصورة السينية لعظام الكف  
 دافينشي يعتني بتفاصيل لوحاته فقد جسد تناسب الكف هذا في جزء دقيق من أحد أشهر أعماله. 
     كما تحتوي أجزاء الرأس المختلفة على نسب ذهبية متعددة، وغيره مما بحثه “دافينشي” حينما أفنى زماناً في دراسة جسد الإنسان. كما تتواجد النسبة الذهبية حولنا في الحيوانات وبعض أنواع الأشجار بأكثر من صورة؛ بين الجذع فالأغصان فالفروع حتى الأوراق.

هيا أيها الفنانون، جربوا توظيف هذه النسبة في أعمالكم لجعلها أكثر جمالاً.


Search by: Designer: alwaleed habib Allah Industrial design department of O .A.U