انتقل إلى المحتوى

مستخدم:Kadi3iyad/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

صح عن الإمام مالك رحمه الله إنكار قراءة القرآن جماعة، وتابعه على هذا عدد من علماء المالكية، وأبى ذلك آخرون، وأجازوا قراءة القرآن جماعة. ومن النصوص المأثورة عن الإمام مالك في ذلك: قال محمد العتبي الأندلسي المالكي (المتوفى سنة ٢٥٥هـ) في العتبية (١/ ٢٩٨): قال ابن القاسم: قال مالك في القوم يجتمعون جميعا فيقرؤون في السورة الواحدة مثل ما يفعل أهل الإسكندرية، فكره ذلك وأنكر أن يكون من فعل الناس. انتهى. قال ابن رشد في البيان والتحصيل (١/ ٢٩٨): إنما كرهه لأنه أمر مبتدع ليس من فعل السلف، ولأنهم يبتغون به الألحان وتحسين الأصوات بموافقة بعضهم بعضا وزيادة بعضهم في صوت بعض على نحو ما يفعل في الغناء، فوجه المكروه في ذلك بَيِّن، والله أعلم. وقال محمد العتبي الأندلسي المالكي كذلك في العتبية (١/ ٢٤٢): وسئل عن القراءة في المسجد فقال: لم يكن بالأمر القديم، وإنما هو شيء أحدث، ولم يأت آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها، والقرآن حسن. قال ابن رشد في البيان والتحصيل (١/ ٢٤٢): يريد أن التزام القراءة في المسجد بإثر صلاة من الصلوات أو على وجه ما مخصوص حتى يصير ذلك كأنه سنة مثل ما يفعل بجامع قرطبة إثر صلاة الصبح، فرأى ذلك بدعة، وأما

القراءة على غير هذا الوجه فلابأس بها في المسجد ولا وجه لكراهيتها ... إلى آخر كلامه.

وقال محمد العتبي الأندلسي المالكي كذلك في العتبية (٢/ ١٧): وسئل عن دراسة القرآن بعد صلاة الصبح في المسجد، يجتمع عليه نفر فيقرؤون في سورة واحدة، فقال: كرهها مالك ونهى عنها ورآها بدعة. وكرر مالك نفس الشيء كما في العتبية كذلك (١٨/ ٣٤٩ - البيان والتحصيل) وقال: لا يعجبني ولا أحبه، واحتج بقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:٢٠٤]. وذكر الطرطوشي في الحوادث والبدع (١١٧ - ١١٨) قراءة القرآن جماعة ضمن البدع، غير أنه أجازه بالإدارة أي: أن يقرأ هذا، ثم يقرأ الذي بعده، فهذه غير داخلة في القراءة جماعة. ونقل (١١٨) من مختصر ما ليس في المختصر لابن شعبان قول مالك: والذين يجتمعون ويقرؤون سورة واحدة حتى يختموها، يختمها كل واحد على إثر صاحبه مكروه منكر، ولو قرأ أحدهم منها آيات، ثم قرأ الآخر على إثر صاحبه، والآخر كذلك، لم يكن به بأس، هؤلاء يعرضون بعضهم على بعض. وسئل أبو إسحاق الشاطبي عن قراءة الحزب بالجمع هل يتناوله قوله عليه السلام: «ما اجتمع قوم في بيت». الحديث كما وقع لبعض الناس أهو بدعة؟

فأجاب: إن مالكا سئل عن ذلك فكرهه، وقال: هذا لم يكن من عمل الناس. وفي العتبية: سئل عن القراءة في المسجد يعني على وجه مخصوص كالحزب ونحوه، فقال: لم يكن بالأمر القديم، وإنما هو شيء أحدث، يعني أنه لم يكن في زمان الصحابة والتابعين، قال: ولن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها. وقال في موضع آخر: أترى الناس اليوم أرغب في الخير ممن مضى؟ يعني أنه لو كان في ذلك خير لكان السلف أسبق إليه، يدل على أنه ليس بداخل تحت معنى الحديث. المعيار (١١/ ١١٢).

وقال في الاعتصام (٢/ ٣٩٦): وقد أحدث بالمغرب المتسمي بالمهدي تثويباً عند طلوع الفجر وهو قولهم: "أصبح ولله الحمد" إشعاراً بأن الفجر قد طلع، لإلزام الطاعة، ولحضور الجماعة، وللغدو لكل ما يؤمرون به. فَمَحَّضَه هؤلاء المتأخرون تثويباً بالصلاة كالأذان. ونقل أيضاً إلى أهل المغرب الحزب المحدث بالإسكندرية، وهو المعتاد في جوامع الأندلس وغيرها، فصار ذلك كله سنة في المساجد إلى الآن، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقال (٢/ ٣٠١) عادًّا البدع الإضافية: ومن ذلك قراءة القرآن بهيئة الاجتماع. وانظر (٢/ ٣٢١). وممن اختار المنع من قراءة القرآن مفتي رابطة علماء المغرب العلامة محمد كنوني المذكوري، وأيده الأمين العام للرابطة علامة المغرب بغير منازع عبد الله كنون.

قال محمد كنوني في جوابه على أسئلة وردت على الأمانة العامة لرابطة علماء المغرب: الجواب عن السؤال العاشر: حول قراءة القرءان بالصفة الجماعية، على النحو الذي يفعله قراؤنا.

والجواب هو أن الله تعالى يقول: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون، لذلك كان السلف الصالح من الصحابة فمن بعدهم، لا يقرأون مثل هذه القراءة المسؤول عنها، بل يقرأ الواحد ويستمع الباقون، وذلك بإجادة التلاوة وإجادة الاستماع، فيدخل الجميع في رحمة الله، وقد روى لنا من ذلك صورة فريدة، أبو عبد الله البخاري، وكذلك مسلم من حديث الأعمش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرأ علي»، فقلت يا رسول الله، اقرأ عليك وعليك أنزل، قال: «نعم، إني أحب أن أسمعه من غيري»، فقرأت سورة النساء، حتى أتيت إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً} [النساء:٤١]. فقال: حسبك الآن، فإذا عيناه تذرفان (١)، قال الحافظ ابن كثير: وقد روي من طرق متعددة عن ابن مسعود، فهو مقطوع به عنه، ورواه أحمد من طريق أبي حيان (٢) وأبي رزين (٣) عنه. اهـ (١) رواه البخاري (٤٣٠٦ - ٤٧٦٢ - ٤٧٦٨) ومسلم (٨٠٠) وأبو داود (٣٦٦٨) والترمذي (٣٠٢٥) وأحمد (١/ ٣٨٠ - ٤٣٢) وابن حبان (٧٣٥) وابن أبي شيبة (٦/ ١٥٥) وأبو يعلى (٥٢٢٨) والبزار (١٥١٠ - ١٥٦٤) والطبراني في الكبير (٩/ ٨٠) عن الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله. (٢) مسند أحمد (١/ ٣٧٤). (٣) مسند أحمد (١/ ٣٧٤).

فهذه الصورة هي السائدة عند السلف الصالح، ولا زال العمل جاريا بها في المشرق، ولكن العمل في المغرب جرى بالاجتماع للقراءة في المساجد وغيرها، ومن المقرر المعلوم أن الإمام مالكا رحمه الله يقول بكراهة ذلك حيث قال: ليست القراءة في المساجد من الأمر القديم، وإنما هو شيء أحدث، ولن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها.

واستشهد الإمام المازري بحديث الصحيح من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده» اهـ (١)، حيث قال: ظاهر الحديث يبيح الاجتماع لقراءة القرآن في المساجد، وإن كان مالك كره ذلك في المدونة، لأنه لم ير السلف يفعلونه مع حرصهم على اتباع السنة، ولعله من البدع الحسنة كقيام رمضان وغيره اهـ. وقد نقل الفقهاء عن صاحب المعيار قوله بالجواز وتعضده الآثار الصحيحة وكرهه مالك، وبجوازه جرى العمل اهـ. وقال ابن لب: وبقراءة الحزب في الجماعة جرى العمل، وعليه الجمهور، وذكر ابن هلال أنه بدعة، وأن بعض المتأخرين ذكر أنه جرى به العمل دون كراهة اهـ. (١) رواه مسلم (٢٦٩٩) وأبو داود (١٤٥٥) والترمذي (٢٩٤٥) وابن ماجه (٢٢٥) وأحمد (٢/ ٢٥٢) وابن حبان (٧٦٨) وغيرهم من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.

ولو تتبعنا كلام الفقهاء لطال بنا الحال لكثرة القيل والقال، فتبين مما سطرناه عمل السلف وعمل الخلف.

ولكن هذا القلم المتواضع يسطر هاهنا ملاحظة لم يشر لها أحد فيما وقفنا عليه من كلامهم، وهي ما يفوت القارئ في الجماعة من بعض الآيات عند تنفسه أو تنحنحه أو سعاله أو أي عارض آخر يعرض له. وهذا العارض لا يختص به واحد، بل الجميع فيه سواء وهكذا يسري هذا الخلل عند جميع القراء وفي جميع القرآن، وهذا أمر معلوم عندهم بالضرورة. وتارة يطرأ هذا العارض عند رأس الآية أو في وسطها أو بين الحروف فيما إذا كان هناك مد مثلا، وهناك يقع الفصل بين الجميع. والذي ينبغي الأخذ به هو عمل السلف الصالح، ومنهم الإمام مالك رضي الله عن الجميع. هذا مع احترامنا لساداتنا الفقهاء ومذاهبهم وآرائهم ما دام الكل يسعى لمصلحة الأمة الإسلامية وشريعتها الغراء. وقبل إلقاء القلم، أنبه القارئ أني أعلم ما قاله بعض الفقهاء مما يخالف بعض ما سطرته في أجوبتنا هذه، ولكنني آثرت ما كتبته آخذا من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو أخبار وآثار السلف الصالح الذين هم أقرب عهدا وأصح سندا بالنسبة لمصدري التشريع الإسلامي الذي هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقربهم من القرون الثلاثة.

وإني وإن كنت أحب السابقين واللاحقين، فأنا كما قال القائل:

ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا ... بكاها فقلت الفضل للمتقدم وإنني أشكر السائل الفاضل الذي أثار هذه المسائل التي أخذها من واقع الشعب وصميمه، كما أوجه شكري إلى أخينا العالم الجليل السيد عبد الله كنون المشرف على جريدة الميثاق والتي يوجهها توجيها دينيا، نحن في حاجة أكيدة إليه، سيما في هذا العصر الذي قل فيه الناصر لدين الله، وفق الله جهود المصلحين المخلصين. قاله وكتبه قليل الاطلاع قصير الباع، راد العلم إلى الله. محمد كنوني المذكوري. ومنع الشيخ في نفس الفتاوى (٧١) تقسيم البدع مطلقا إلى خمسة أقسام. وعد من البدع المكروهة كراهة شديدة: الختمة على الميت (٧٢). ومن البدع المكروهة كراهة تنزيه: المصافحة بعد أدبار الصلوات. وجزم ببدعة الهيللة مع الجنازة، وقد تقدم كلامه.