مستخدم:Reds liverpool/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

قالب:الشاعر المرحوم أسامة المفتي المرحوم الشاعر أسامة المفتي الذي غيبه الموت قبل سبع سنوات هو من الرموز الشعرية القوية التي ظلت على عهدها من الالتزام بثوابت الأمة ومواقفها وقضاياها المصيرية، وما زلنا في الكرك نذكره قامةً أدبية وإنسانية لها شأنها وحضورها بين أبناء المنطقة.

ولد المرحوم المفتي في الكرك سنة 1930 وكان والده الطبيب محمد مختار المفتي من أوائل المؤسسين للعمل الطبي في الأردن، وقد حاز من الشهرة الطبية حتى اكتفى الناس عند ذكره بكلمة المختار فقط، في هذا الجو العلمي العربق بثقافته وأخلاقه عاش أسامة المفتي وترعرع، ولم تكن شوارع الكرك وجبالها وناسها وتاريخها وقلعتها تبارح نظره وفكره وعاطفته، كان شديد التعلق بالمكان فلم يساوم عليه أو يفكر بالرحيل عنه أو نسيانه بالانزواء والانحباس في البيت.

لقد عرفته من عقد، وكنت في كل مرة أكون فيها في المدينة(الكرك) تكون لقيا شاعرنا الكبير من أولوياتي، وكنت اعرف أين أجده؛ فعنوانه الرئيس هو قلعة الكرك الكرك وتجدني أخذت طريقي إلى القلعة ولا تطول رحلة البحث عنه فالعين لا تخطئه وقد بدا من بعيد شامة جميلة في عباءته وشماغه، وأتنحنح قبل أن اقطع عليه رحلته التأملية، فيلاقيني بابتسامة ودودة، لم يكن البحر الميت وفلسطين غائبة عن المشهد البصري الممتد أمامنا، وكم قال لي وهو يؤشر إلى الغرب: هاهي فلسطين أمامنا ولكننا فرطنا بها.. ويقول من الشعر ما يطفئ شيئا من نار غضبه، ثم ينهض على مضض لنأخذ طريقنا إلى بطن المدينة..

ناضل المرحوم المفتي بالكلمة الحرة المسؤولة في شعره وكتاباته، وكان حضور قوي في الصحف والمجلات والمنابر المحلية والعربية، وقد حفلت قصائده بموقفه الثابت من قضايا أمته ومناهضته لكل أشكال الاستعمار، أو الوصاية على الشعب العربي، أو التهاون بالحقوق العربية، أما الكرك فهي القريبة دائما من ذهنه وقلمه، ينطلق منها مُطوّفاً في كل البلاد، يتسلّم من قلعتها عنفواناً يُضفيه على قصائده لتأتي مجلجلة بمجدٍ كركي عريق، فلا عجب أن يُعرف ب(راهب القلعة) و(ابن شيحان)، انه الشمم الذي كان ينشده هذا الشاعر وترك بصمته الواضحة على شعره وثباته على مواقفه.

حينما انتقل الشاعر إلى رحمة الله في شهر آذار سنة 2004 خشينا على تركته الثقافية ولكن أولاده طمأنونا عليها وإنها ستكون في المتناول في القريب العاجل، ونحن نعرف انه خلّف وراءه نتاجا غزيرا من مذكرات ودواوين شعرية مطبوعة ومخطوطة وقصائد متناثرة هنا وهناك، الأمر الذي يستدعي الالتفات إلى ذلك كي لا يكون النسيان هو المصير المؤلم.

منذ أسابيع وُلدت في الفضاء الثقافي مؤسسة جليلة تحمل اسم المرحوم المفتي وهي موجهة للشؤون الثقافية والاجتماعية في الكرك والأردن وستتوج ذلك بجائزة سنوية للشعر تحمل اسم المرحوم وستحوز على ترخيص دولي لتكون حمىً وملاذاً لكل من لا حمى له، ستكون حاضنة دافئة لكل المقهورين من الأقليات والطوائف والاثنيات وتحمل قضاياهم وهمومهم مدافعة عنهم وضامنة لحياة كريمة ينالونها.. انه رمز شريف في بلادنا يستحق هذا الاهتمام.

تمتاز قصيدة أسامة المفتي بقوة العبارة الشعرية والحرص على الموسيقى وكأنه نظم قصائده لتُعنّى، فضلا عن الصورة الشعرية الحية، أما مضامينه فهي نشدان العزة والحرية والكرامة للأمة وخلاصها من الذل والعبودية والوهن، يقول الشاعر:


وطني فديتك والمنى ديني أقمت له الشعائر

وطني وراية أمتي خفاقة فوق المنابر

شدنا قواعد مجدنا بالمجد في عزم البواتر

والمجد تصنعه الدماء وليس تصنعه المنابر

ويقول مخاطبا القدس الشريف:

الله أكبر ما خانت مآذنها يوما هداها ولا الزيتون ما خانا

ما جئت للقدس واستمعت إلى صوت المؤذن إلا ازددت إيمانا

ولا استفقت بفجر من مآذنها إلا و عشت بقايا الليل نشوانا

قرآنها صانع للناس مغفرة عدلا وتنزيلها ما ضاق غفرانا

وانشد للعراق القصائد الطوال، ويقول في بغداد:

بغداد دربك واسع وممهد وجهاد شعبك صادق ومؤكد

بغداد يا بلد الرشيد وساحه يا موطن الأحرار مجدك سرمد

أما الكرك فهي القريبة من قلبه فلها الحصة الوافرة من شعره:

على أجفان أنسام الليالي وفوق رموشها السود الطوال

عبرت دروب آمالي فخوراً لأشدو الحب في كرك الرجال

وأسرج من صدى الأشواق مهراً كريم الطبع مشهور الخصال

يثير النقع في الآفاق حتى تسابق لهفتي مرمى خيالي

واحمل من ذرى شيحان عهدا عميق الجذر في ركب الجلال

أقدمه إلى الكرك اعتزازا وعرفانا لأيامي الخوال

كأن حروفها شوقٌ، وحبٌّ وان مدادها دمع الدوالي

وفي عمقي إلى الكرك انتماء توقده السنون على التوالي

هي البلد التي عزت وثارت على كل العداة بلا جدال

فما هانت ولا أحنت جبينا ولا سبرت سوى درب المعالي

ولكنا عن الكرك ارتحلنا إلى وطن السراب إلى الرمال

ويتغنى بقلعتها التي يمضي فيها معظم ساعات يومه حتى لُقّب ب(راهب القلعة):

أنا لا أغني حسنها ورياضها أو لانسياب النهر في القيعان

لكن غنائي من عطاء أصولها من عمق هذا الحصن في أوطاني