انتقل إلى المحتوى

مستخدم:Tarawneh/ملعب/الاستعمار الفرنسي للمغرب العربي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


عندما احتلت فرنسا منطقة المغرب العربي بدءاً بالجزائر, كان هدفها في تلك المرحلة من التسلط الاستعاري ليس الاستثمار الاقتصادي فقط، ولكن أيضاً العمل على دمج هذه المنطقة والحاقها بالكيان الفرنسي، وسلكت لذلك طرقاً شتّى كالاستيطان والاستحواذ على الأراضي والتجنيس وغير ذلك من مختلف الاجراءات السياسية والادارية والقضائية المتخذة لهذا الغرض.

وبقطع النظرعن النوايا المبيتة من قبل فانّ فرنسا كانت تدرك أن احتلالها لن يكون هينا وأنها ستواجه شعباً له حضارته وتاريخه العريق وله أمجاده وتقاليده؛ فليس من السَّهل عليها ابتلاعه الا إذا مكنت من هدم مقوماته وبلبلة عقول أفراده بادخال كا قال أحدهم «الاضطراب على مجرى أفكارهم ونحطم أسس المعتقدات التي بها يؤمنون والقضاء علي التقاليد والمفاهيم التي بها يتشبثون»[1].

ووصولاً إلى هذا الهدف عمد الاستعار الفرنسي إلى تنفيذ ما بلي :

أولاً الفرنسة:

تطلبت سياسة الدمج والالحاق التي عزمت فرنسا على تنفيذها، العمل على تحويل سكان المغرب العربي إلى فرنسيين، وأولى الخطوات لتحقيق ذلك، القضاء على اللغة العربية واحلال الفرنسية محلها اذ هي في نظرها اللغة الأساسية لجميع أبناء المنطقة التي بها يمارسون ويعبّرون عن مختلف أوجه نشاطهم الاجتماعي والحضاري في المجالات الاقتصادية والدينية والادارية والثقافية.

ومن هنا نظرت اليها فرنسا نظرة عدائية رهيية وصممت على محقها بالكامل وبمختلف الوسائل ويظهر هذا من أول يوم وطئت فيه أقدام المستعمر الفرنسي أرض الجزائر سنة 1830 حيث صدر مرسوم في أوائل أيام الاحتلال جاء فيه: ان ايالة الجزائر لن تصبح حقيقة ممتلكة فرنسية الا عندما تصبح لغتنا هناك قومية. والعمل الجبار الذي يترتب علينا انجازه هو السعي وراء نشر اللغة الفرنسية بين الأهالي بالتدريج إلى أن تقوم مقام اللغة العربية الدارجة بينهم الآن.[2]

وبعد حوالي عشرين سنة من الاحتلال جاء في تقرير رسمي وضع سنة 1849 ما يلي : «لا ننس لغتنا هي اللغة الحاكمة : فان قضاءنا المدني والعقابي يصدر أحكامه على العرب الذين يقفون في ساحته بهذه اللّغة وبهذه اللغة يجب أن تصدر، بأعظم ما يمكن من السرعة، جميع البلاغات الرسمية وبها يحب أن تكتب جميع العقود. وليس لنا أن نتنازل عن حقوق لغتنا، فإن أهم الأمور التي يجب أن يعتنى بها قبل كل شيء هو السعي وراء جعل اللغة الفرنسية دارجة وعامة بين الجزائريين الذين عقدنا العزم على استمالتهم إلينا وتمثيلهم بنا وادماجهم فينا وجعلهم فرنسيين»[3].

وسار الاستعار الفرنسى في هذا الانجاه وذلك ب :

1- عزل العربية عن الحياة العامة في التعلم والادارة وغيرهما كما هو معروف في الأقطار الثلاثة: المغرب الجزائر- تونس.

2- محاولة جعل البربرية كبديل عن العربية حيث كتبت بحروف لاتينية صارت تدرّس بصورة رسمية سنة 1913 بمعهد الدراسات الشرقية بباريس، وقام أندريه باسى بنشاط حثيث طوال اقامته بارض المغرب العربي[4] لتحقيق هذا الغرض والذي مارس هو الآخر تدريس اللهجات البربرية بالمعهد المذكور. ولم يكتف المستعمر بذلك، بل أنشأ في نطاق هذا المخطط متوسطة آزروه بمراكش لتعلم اللهجات البربرية.

وفي سنة 1925 أدمجت مادة «اللغة البربرية» في مقررات معهد الدراسات العليا بمراكش.

والاستعمار الفرنسي لا يقصد من وراء اهتمامه المزعوم تطوير البربرية وجعلها أداة لغوية مقتدرة، وانما انخذها كخطوة تكتيكية لعزل العربية، مما يفسح له المجال لاحلال الفرنسية محل الاثنتين. وليس هذا القول مجرد استنتاج تم التوصل اليه من خلال التحليل لأساليب الاستعار الثقافية في المنطقة وانما هو حقيقة تضمتتها مخططاته المبيتة قد عبر عنها الأستاذ جودفري دمونبين بصورة لا لبس فيها بقوله: «يجب أن تقوم اللغة الفرنسية لا البربرية مقام اللغة العربية كلغة مشتركة وكلغة للمدنية. [5]

ومما يفضح هذا المسلك الاستعماري هو أن السلطات الفرنسية لها موقف مختلف من اللهجات المحلية التى ما تزال موجودة إلى الآن بفرنسا والتي تفوق حسب بعض الدراسات عشر لهجات - (لها حضارة وأدب وعلم مكتوب)[6] حيث نجد أن الاهتّام

بها لا يتعدى الحدود المحلية فقط . أما من حيث التخطيط العام» فالسلطات الفرنسية

سائرة بها نحو الانقراض والتلاشي وهو عكس ما تصنعه في المغرب العربي.

وعلى صعيد اخر فقد أنشاً الاستعار الفرنسي ما عي «بالمدارس البربرية» وهي

مدارس لا تدرّس البربرية ولا يدرّس بباء وانما سميت بذلك» والهدف منها فرنسة أبناء

البربر لا غير» وهذا ما عبّر عنه الكومندان «مارتي» أحد كبار دعاة السياسة البربرية

بقوله: «ان المدرسة الفرنسية البربرية» هي مدرسة فرنسية بتعليمها وحياتها؛ بربرية

بتلامذتها وبيثتاء©. ١

ويقول الاستاذ دمونبين السابق الذكر: «ان برامج المدارس البربرية هي نفس

البرامج البدوية الأخرى الا في ما بخص المعلمين فيجب عليهم الا يستعملوا في أي حال

من الأحوال اللغة العربية ولو في أوائل الدراسة.. 2 في الحالة الي لا يمكن للمعام اتباع

6 -

7 - ابن عبد البر: القصد والامم... المصدر المذكور سابقا ص : 25.

8 - يقول: (واما البربر فالاختلاف فيهم كثير وأثبت ما قيل فيهم انهم من ولد قبط بن حام) المصدر نفسه ص : 24.

8أ - كتاب التيجان في ملوك حمير: نشر مركز الدراسات والبحوث اليمنية صنعاء 1979 ص : 60.

8ب - كتاب التيجان... المصدر نفسه ص : 421.

8ج - كتاب التيجان... المصدر نفسه وهو من روايته عن النسابين وهب وعبيد.

9 - ابن حزم أبو محمد علي بن أحمد الاندلسي: جمهرة أنساب العرب تحقيق عبد السلام هارون دار المعارف مصر- 1962 ص: 495 وابن خلدون: كتاب العبر... ج 6 ص: 176.

10 - ابن خلدون عبد الرحان: كتاب العبر وديوان الممبتدأ والخبر... دار الكتاب البناني بيروت 1959 ج 6 ص: 186.

11 - ابن خلدون: كتاب العبر... المصدر نفسه ص : 186.

12 - النويري شهاب الدين أحمد: نهاية الأرب في فنون الأدب وزارة الثقافة والارشاد القومي المؤسسة المصرية العامة القاهرة بلا تاريخ ج 2 ص : 189.

13 - ابن خلدون: كتاب العبر... المصدر المذكور سابقا ج 6 ص: 191.

14 - الطبري: تاريخ الانم... المصدر المذكور سابقا ج 1 ص: 207.

15 - علي جواد : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام دار العلم للملايين الطبعة الثانية - بيروت 1976 ج 1 ص: 346.

16 - علي جواد: المفصل في تاريخ العرب... المصدر نفسه ص : 347.

17 - ابن خلدون: كتاب العبر... المصدر المذكور سابقا ج 6 ص : 181 والقلقشندي نبابة الأرب ص : 119.

18 - ابن خلدون: كتاب العبر... المصدر نفسه ص: 177.

19 - ابن عبد البر: القصد والاتم... المصدر المذكور سابقا ص: 26.

20 - ابن عبد البر: القصد والاهم.. ص: 26 وابن خلدون: كتاب العبر.. ج 6 ص : 186.

21 - ابن خلدون: كتاب العبر... المصدر المذكور سابقا ج 6 ص: 187.

22 - ابن خلدون: كتاب العبر... المصدر المذكور سابقا ج 6 ص: 187.

23 - ابن خلدون كتاب العبر.. ج 6 ص : 182 والقلقشندي: نهاية الأرب ص: 118.

24 المرجعان نفسهما ص : 182 - ص: 118.

25 - القلقشندي ابو العباس أحمد: نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب الشركة العربية للطباعة والنشر» القاهرة 1959 ص: 118.

26 - ابن خلدون كتاب العبر... المصدر المذكور سابقا ج 6 ص: 183 القلقشندي: نباية الأرب..ص: 118.

27 - المرجعان نفسهما ص : 183 - ص: 119.

28 - سفرصمويل الاول: الاصحاح السابع عشر الاية 4 و23.

29 - سورة البقرة: الاية 251 ( فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ).

29أ - كتاب التيجان... المصدر السابق ص 189.

30 - فتوح افريقية والاندلس تحقيق عبد الله انيس الطباع. مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللبناني بيروت 1964 ص: 27.

31 - مروج الذهب ومعادن الجوهر: شرحه وقدم له الدكتور مفيد محمد ميحه دار الكتب العلمية - بيروت 986 ج1 ص:52.

32 - القصد والامم.. المصدر المذكور سابقا ص: 26.

33 - المسالك والممالك... المصدر المذكور سابقا ص : 92.

34 - كتاب الاستبصار في عجائب الامصار لمؤلف مرا كشي مجهول - تحقيق سعد زغلول عبد الحميد الدار البيضاء ص : 155.

35 36 - ابن عبد البر: القصد والانم... المصدر المذكور سابقا ص: 26.

36أ - كتاب التيجان... المصدر السابق ص : 188.

37 - 38 ابن عبد البر: القصد والامم.. المصدر نفسه ص: 26.

39 - ابن خلدون: كتاب العبر.. المصدر المذكور سابقا ج 6 ص : 184 وج 7 ص :6.

40 - ابن خلدون: كتاب العبر... المصدر المذكور سابقا ص : 184.

41 - ابن خلدون: كتاب العبر... المصدر نفسه ص : 184 - مروج الذهب ج 1 ص: 52.

42 - كتاب الاستبصار: المصدر المذكور سابقا ص: 155.

43 - ابو الحسن البلاذري: فتوح البلدان: راجعه رضوان محمد رضوان دار الكتب العلمية بيروت 1983 ص: 226.

  1. ^ أ. همباني با: المأثور الحي - الوارد في (تاريخ افريقيا العام) طبعة جون أفريك اليونسكو. تورينو (ايطاليا) 1983 ج 1 ص: 209 هامش 8.
  2. ^ ابن عبد البر: ابو عمر يوسف القرطبي: القصد والامم في التعريف بأصول أنساب العرب والعجم - مكتبة القديسي القاهرة 1350هـ ص: 26.
  3. ^ الطبري أبو جعفر محمد بن جرير: تاريخ الامم والملوك - دار سويدان - بيروت بلا تاريخ ج 1 ص : 442.
  4. ^ تاريخ اليعقوبي (أحمد بن أبي يعقوب) دار بيروت للطباعة والنشر. بيروت 1980 ج 1 ص : 190.
  5. ^ المسالك والمالك: طبعة ليدن 1889
  6. ^ الصولي الذي يقول: (وهم من ولد بربر بن كسلوجم بن مصرايم بن حام بن نوح) ابن خلدون: كتاب العبر... ج 6 ص : 184.