مستخدم:Za9999in/ملعب
السبت الحزين
ماذا حدث؟
يوم 10 كانون الثاني/يناير، توفّي السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد، ثالث أطول الزعماء حُكماً في العالم، ومهّدت وفاته الطريق لإحدى أكثر عمليات الانتقال السياسي شفافية وتنظيماً في المنطقة. ففي غضون ساعات من إصدار نعيه في 11 كانون الثاني/يناير، نظّمت الدولة جنازته، وأدّى السلطان الجديد هيثم بن طارق قسم اليمين، موجّهاً رسالته حول استمرارية عمان المستقر، وعزمه السير على خطى قابوس.
لماذا هذا التطور مهم؟
تُعتبر سلطنة عُمان صوت مسالم ومعتدل في منطقة غارقة بالاضطرابات. كما أن سياستها الخارجية المحايدة ومهاراتها في الوساطة وتيسير الصعوبات معترف بها عالمياً، التي عادة ما يتمّ اللجوء إليها. ومنذ أن ألمح السلطان قابوس عن مرضه في العام 2014، برزت الكثير من التوقّعات حول مستقبل عُمان ومدى قدرتها على الاستمرار في السياسة التي انتهجها قابوس. أما ما فاقم حالة التوتر فكان نموذج الحكم المختلف في عُمان، والمتأثّر بالتقاليد الإباضية في اختيار الوريث بدلاً من تسميته. فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تهيمن عليها المدرسة الإسلامية الإباضية، وقد كرّست عُمان هذا التقليد في المادة 6 من نظامها الأساسي الصادر في العام 1996، التي تمّ تفعيلها للمرة الأولى بعد وفاة السلطان.
وفقًا للنظام السياسي لعمان، يتعيّن على مجلـس العائلة المالكة اختيار سلطان في غضون ثلاثة أيام. وفي حال فشل في ذلك خلال الفترة المحددة، يُلجأ إلى سيناريو ثانٍ يتمثّل في فتح رسالة مختومة ومكتوبة بخط يد السلطان السابق يكون محددًا فيها اسم مرشّحه كخلف. لكن ما حدث، لم يلتزم تماماً بنص القانون. فقد تنازلت العائلة على الفور عن حقّها في اختيار السلطان وطلبت من مجلس الدفاع فتح وصية السلطان قابوس والاطلاع عليها كـ" إكراما لهذا الرجل وتقديرا له وتعزيزا لمكانته ولسمعته وسمعة عمان أمام الغير".
اختارت العائلة المالكة، في أول فرصة أُتيحت أمامها لإظهار قيادتها المستقلة، بدلاً من ذلك الاعتماد على إرث قابوس، الأمر الذي عزّز من شرعية السلطان الجديد باعتبار أنه خيار قابوس المدروس، ووفّر بالتالي شعوراً بالاستمرارية على نفس النهج. تصرفت العائلة بالسرعة والتصميم والحصافة، وهي صفات ميّزت حكم قابوس، مؤذنةً بذلك توجهها لعصر ما بعد قابوس. وعلى الرغم من أن قرار العائلة المالكة جعل الحكم في عُمان لا يختلف عن الحكم في الدول الخليجية المجاورة، حيث يقوم الحاكم بتسمية وريثه، إلا أن السلطنة، وبصورة غير تقليدية، بثّت على أثير شاشات التلفزة إجراءات التنصيب للسلطان الذي تسلم الحكم عبر رسالة. وشكّلت الشفافية والسرعة والنجاح في معالجة موضوع انتقال الحكم، نموذجاً يُحتذى به بالنسبة إلى العديد من الدول المجاورة التي ستختبر تحوّلات وشيكة في السلطة.