نقاش المستخدم:Aashy2003/أرشيف 1
هذا أرشيف النقاشات السابقة حول مستخدم:Aashy2003. لا تقم بتحرير محتويات هذه الصفحة. إذا كنت ترغب في بدء مناقشة جديدة أو إحياء مناقشة قديمة، يرجى القيام بذلك في صفحة النقاش الحالية. |
أرشيف 1 |
- أرشيف 1
- 2
الكاتب الكبير محمود عوض
الكاتب الكبير محمود عوض كاتب موسوعى من طراز فريد.. تتجلى فرادته فى كتاباته العميقة، التى تقدم المعلومة ببساطة دون تقدر أو فزلكة، يبتعد ما أمكن عن المصطلحات الضخمة وإن لجأ إليها مضطرا يفسرها بطريقة بديعة، كأنه يقدم المعلومة بطريقة مختلفة، ربما حتى لا يشعر قراءه بالجهل.. ذات يوم فى حوار نشر بجريدة العربى فى أغسطس 2003 سألته عن ثقافته الموسوعية، وسر كتابته فى السياسة كأنه محلل سياسى مخضرم، والكتابة فى الفن كأنه ناقد فنى متخصص، إضافة لكونه أديب وروائى فأجاب بتواضع الكبار قائلا: هذا مطلوب من أى كاتب شرط أن يكون مهموما من البداية بتوسيع دائرة ثقافته، أى إنها مسألة متعمدة ومحتاجة لجهد هذا الجهد الذى يبذله الكاتب الكبير محمود عوض مع نفسه ليتمتع ويمتع قراءه بثقافته الموسوعية التى تبدو واضحة فى كتبه التى تقترب من العشرين كتابا وتتنوع بين السياسة والفن والأدب، وأحدثها كتابه المتميز بالعربى الجريح الذى صدر مؤخرا عن دار المعارف ويضم 25 مقالة تتنوع وتنتقل بين السياسة والاقتصاد وذكريات مع أهل الفن وذكريات خاصة.. فى اسلوب غاية فى الإبداع، أسلوب جذاب مدهش، يجعل القارئ يتساءل كيف استطاع محمود عوض أن يقول هذا الكلام بهذه الطريقة.. فأحيانا يجد القارئ الجملة طويلة، حين تتطلب الفكرة ذلك، وأحيانا أخرى، نجد الجملة قصيرة سريعة، كأنها طلقات رصاص تصيب الهدف، وأحيانا تكون كلماتها كقطرات المطر المنعشة فى نهار قائظ. أما أهم ما يميز محمود عوض الكاتب الكبير هو أنه كاتب صاحب رسالة يحاول إيصالها لجمهوره المستهدف، وهو قطاع الشباب الذين يشعر أنهم أحوج ما يكون لكاتب كبير يصل إليهم وعلى أرضيتهم.. وهو ما يتجلى فى كتابه بالعربى الجريح تلك المقالات التى كتبت بالأساس لمجلة الشباب ونشرت فى الفترة من مارس 1997 وحتى يناير2002 وهى مجلة تستهدف الطلائع والشباب من سن 10 - 25 تقريبا، تلك ميزة الكاتب الكبير الذى يصر على ايصال رسالته للشباب المتعطش للمعرفة على أرضيته، وهو ما يثبت أن الكبير كبير إينما حل.. والمدهش أن كاتب بحجم محمود عوض يأخد الموضوع بجدية شديدة ولا يستخف بهذا القطاع من الشباب ويقدم لهم مقالات كل مقالة هى مقطوعة أو نص أدبى يجذب قراءه من رموش عيونهم لمتابعة كل كلمة.. إنه كتاب يستحق القراءة مرارا كتاب شديد الامتاع، منحه الكاتب وقته وجهده، يقول الكاتب عن هذه التجربة فى مقدمة كتابه: هى تجربة أمتعتنى.. وأجهدتنى.. تجربة معجونة من الشوق والقلق.. الحنين والتوتر.. الإقبال التردد.. لقد احتار الناشر هنا أن يقدم للقارئ مقالاتى فى الشباب لكنى أقدم لك قلبى فى الشباب قلب ينبض بالعربى الفصيح.. وغالبا بالعربى الصريح.. وأحيانا بالعربى الجريح ومعذرة لو أراد القلب بعدها فرصة لقليل من الراحة. هكذا نبدأ جولتنا بين ضفتى هذا الكتاب، الذى فيه من المتعة والألم الضحك والبكاء بقدر ما فيه من المناقشة الواعية العميقة لقضايا مهمة، ولنبدأ من عنوان الكتاب بالعربى الجريح والذى يفسره الكاتب فى آخر فقرة فى كتابه فى مقال بعنوان صباح الخير..يا أوروبا! وهو يدور حول نجاح 12 دولة أوروبية فى التكامل الاقتصادى وطرح عملتهم الموحدة اليورو رغم أنهم يتحدثون لغات عدة، بينما يفشل العرب رغم أن هناك لغة واحدة تجمعهم: أحيانا تكون أحلام الناس أكبر من قدراتهم لكننا هنا أمام حالة عكسية: أحلامنا تصبح أصغر وأصغر من قدراتنا، وبالمقارنة مع أوروبا. هذا ليس فارقا فى العقول، إنه فارق فى السياسات، لقد كتبت سابقا بالعربى الفصيح دفاعا عن لغتنا العربية فى مواجهة اللهجات المحلية، وكتبت بالعربى الصريح عما جرى للبترول العربى فى أكبر عملية نهب فى القرن العشرين، فى هذه المرة أكتب بالعربى الجريح عن سيطرة العزف المنفرد على سياسات دولنا العربية فتصبح كل منهاأكثر ضعفا واعتمادا على الآخرين. وإذا كانت السياسة فى أبسط تعريفاتها هى حسن إدارة مصالح الناس ومستقبلهم فإن ما صنع الاتحاد الأوروبى والعملة الموحدة إحدى ثماره هو نقل لفكرة الاتحاد قوة إلى أرض الواقع اعتمادا على لغة المصالح المشتركة فى أبسط صورها.. وصباح الخير يا أوروبا.. مساء الخير يا عرب. وحول فكرة اللغة العربية الواحدة التى لم تنجح فى جمع العرب كوحدة اقتصادية، يتناولها الكاتب فى أكثر من فصل بالكتاب، ومنها فصل الله يعطيك العافية الذى يناقش فيه الكاتب مفارقات مضحكة نابعة من فكرة اختلاف اللهجات منها كلمة عيط التى تعنى فى اللهجمات الشامية النداء وتعنى فى اللهجة المصرية البكاء وكلمة التقبيل السعودية التى تعنى البيع، وكلمة انتشلت العراقية التى تعنى الإصابة بنوبة برد، ويسوق الكاتب واقعة طريفة كان أحد شهودها. حدثت فى مقر ملك المغرب، وهى واقعة يعود ليحكيها بشكل أكثر تفصيلا فى فصل آخر من فصول الكتاب بعنوان مات الملك.. عاش الملك وتدور هذه الواقعة حول دعوة عدد من الفنانين الحفل بقصر ملك المغرب ومنهم عبدالحليم حافظ، فريد الأطرش، ومحمد عبدالوهاب، وكاتبنا طبعا، وفى هذا الحفل يغنى فريد الأطرش، وبعد انتهائه من الغناء يتوجه إليه الملك ليشكره بحرارة قائلا: يا أخ فريد أنت أبدعت.. فيرد فريد الأطرش بتلقائية: أبدا والله.. ده مجرد إن سموك حساس جدا.. وهنا يمتقع وجه الملك!! طبعا من وقع الكلمة وهنا يفسر لنا الكاتب ما حدث بسبب اختلاف اللهجات، ففى الطريق إلى الفندق حيث يقيم الفنانون المدعوون يدور هذا الحديث الذى يسوقه الكاتب: فى سيارة العودة شرح لى محمدعبدالوهاب الموقف فكلمه حساس فى لهجتنا المعتادة تعنى إطراء.. بينما فى اللهجة المغربية تقال عن شخص شاذ.. وليلتها لم يسلم فريد الأطرش من مداعبة عبدالوهاب: الله يجازيك يا فريد.. تقول للراجل إنه حساس؟! وكمان.. حساس جدا! ها ها ها... وبعد هذه الواقعة الطريفة الضاحكة يعود الكاتب إلى الجديدة قائلا: وإذا كنا قد تجولنا لبعض الوقت فى هذا الفصل مع مفارقات اللهجات المحلية فى البلاد العربية، فإن المفارقات تطول وتنقلب أحيانا من الطرافة إلى الهم والغم، لكن هذا كله يظل مدخلا إلى المفارقة الأكبر والأخطر فى الموضوع كله. ففى الشمال انطلقوا من لغات متعددة إلى الوحدة ونحن انطلقنا من لغة واحدة إلى التمزق. ومع ذلك يختتم الكاتب هذا الفصل بجملة فيها تفاؤل قائلا: الآن نريد أن نقول بجدية وبالعربى الفصيح: نحن 21 بلدا عربيا تجمع بينها لغة مشتركة نعمة لا بأس بها.. كبداية. ومن هذه الحكاية التى يسوقها لنا الكاتب عن فريد الأطرش دعونا ننطلق إلى فصول أخرى من فصول الكتاب عن أهل الفن فى مصر والخارج.. منها فصل بعنوان: عزيزى عبدالحليم.. وحشتنا وفى هذا الفصل يحكى لنا الكاتب كيف كتب لعبدالحليم أرجوك لا تفهمنى بسرعة وهو العمل الدرامى الوحيد الذى سجله عبدالحليم للإذاعة عام 1973 وأذيع فى شهر رمضان وكان العمل الدرامى الوحيد الذى ظلت الإذاعة تذيعه رغم وقف كل ما عداه من أعمال فنية لا تتناول فكرة الحرب والمعركة بسبب حرب أكتوبر. ويشير الكاتب إلى أن عبدالحليم عندما تعاقد مع الإذاعة اشترط طلبا واحدا وهو أن محمود عوض يكتب له القصة.. وكان عبدالحليم وعوض صديقين يسافران ويسهران معا، وفى يوم طلب منه عبدالحليم أن يذهبا معا فى مشوار وإذا به يذهب به للإسكندرية حيث عبدالحليم كان يملك شاليه فى منطقة العجمى.. وذهبا معا إلى هناك وفى الصباح وجد كاتبنا نفسه و حيدا فى الشاليه مع عم فرج الذى يعمل فى الشاليه سأله عوض عن عبدالحليم أجاب أنه لا يعرف أين ذهب ثم إذا بمكالمة تليفونية من حليم: بعد ساعات دق جرس التليفون. المكالمة ترنك. ثم المفاجأة: ها ها ها ها.. خلاص يا عم أنا رجعت مصر وأنت عندك محبوس فى العجمى لغاية ما تكتب القصة. بعدها فقط أبعث لك عبدالفتاح السائق بالسيارة يرجعك. رمضان قرب ومفيش وقت.. ها ها... ومن عبدالحليم إلى أنتونى كوين يدور فصل زوربا: الحياة بالطول والعرض حيث يحكى لنا الكاتب كيف تعرف على الفنان العالمى أنتونى كوين عبر صديق مصرى يقيم فى أمريكا وكان اللقاء مدينة نيويورك حيث كان هذا الفنان يقوم بتصوير فيلم وكان هذا الصديق المصرى منتجا مشاركا مع أنتونى فى هذا الفيلم وفى هذا الفصل يتناول الكاتب بعض الجوانب الإنسانية فى حياة الفنان العالمى كوين الذى يرفض أفلام العنف الأمريكية ويشرح قواعد هوليوود مدينة السينما.. ويحلم بأن يكون كاتبا. وفى فصل آخر بعنوان: محنة. فوق رءوسنا! ينطلق بنا الكاتب مرة أخرى لعالم أنتونى كوين وهنا يحكى لنا واقعة حدثت فى طفولة كوين ظلت عقدة دائمة لديه ولم يتخلص منها إلا فى الستين من عمره.. وهذه الواقعة تلخص حياة أنتونى كوين بكاملها.. حين يسرد لنا الكاتب فى أسلوب شائق أن أنتونى كوين من أصل مكسيكى ويصف الكاتب المكسيك بالجار الجنوبى الفقير للولايات المتحدة. وكان كوين أسرة فقيرة وكانت أمه تصحبه. وهو صغير ابن السادسة كل صيف فى هجرة غير مشروعة عبر الحدود بحثا عن فرصة عمل فى أقرب مزرعة أمريكية.. وهذا النوع من الهجرة كما يصفه الكاتب بأنه يجعل السلطات الأمريكية تغض عيونها عنه لمصلحة محددة فأصحاب المزارع الأمريكية يريدون عمالة رخيصة، وشرطة الحدود تسمح لهم بذلك لأنها تعرف أن العامل المكسيكى الذى يوجد على الأرض الأمريكية بطريقة غير قانونية يصيح أكثر قابلية للتحكم فيه والسيطرة عليه بعيدا عن الحقوق والقوانين والنقابات، لأنه مع أى خطأ يرتكبه العامل المكسيكى يستطيع صاحب المزرعة أن يسلمه إلى الشرطة فيجد نفسه معتقلا.. بلا حقوق ولا نقود ولا هوية.. وربما بمصيبة فوق رأسه.. فى هذه الظروف كانت أم أنتونى كوين تعمل ومعها كوين طفلا وفى يوم من الأيام جاءت السيدة صاحبة المزرعة التى تعمل بها الأم التى كان يبدو عليها الفقر والتى تعرف السيدة الثرية عنها أن لديها العديد من الأطفال غير أنتونى الذى لم تستطع بعد الحاقه بالمدرسة رغم وصوله للسن القانونى لفقرها، فعرضت عليها السيدة الثرية ان تتبنى انتونى مقابل مبلغا مغريا من الدولارات تضمن به حياة معقولة لباقى ابنائها.. وهنا صممت والده أنتونى وأخبرت السيدة الثرية أنها ستفكر فى العرض.. وفى الفجر أخذت أم كوين ابنها وهربت من المزرعة إلى مكان آخر أقرب إلى الحدود الأمريكية مع المكسيك بعد ذلك تعدلت الأمور وهاجر كوين نفسه فى مطلع شبابه إلى أمريكا جرب مهن عدة إلى أن نجح كممثل سينمائى بعد ذلك جاء النجاح والشهرة والثروة، وأحضر أمه من المكسيك لتعيش معه فى أمريكا ليعوضها عن الحرمان والشقاء والمعاناة فى المكسيك.. لكن مع ذلك كما يقول الكاتب استمر المشهد إياه حاجزا نفسيا لدى أنتونى كوين نحو أمه.. ولم يصارحها به سوى عندما كان فى الستين من عمره.. حيث سألها كيف كنت أهون عليك، هل يعقل أنك فكرت ولو للحظات قليلة أن تبيعينى لصاحبة المزرعة.. أنك طلبتى منها مهلة للتفكير.. فإذا بالأم تفاجأ أن ابنها مازال يحتفظ طوال هذا العمر بتلك العقدة.. وهنا تنطلق الأم موضحة، قائلة: فكرت لحظتها.. ليس فى الصفقة التى تعرضها ولكن في: ماذا يكون رد فعلها لو أننى رفضت الصفقة فى التو واللحظة هل ستخطفك منى؟ هل ستسلمنا للشرطة فندخل السجن معا بتهمة الاقامة غير المشروعة هل.. وهل.. وهل..؟!.. لهذا طلبت مهلة حتى أجد حلا، وكان الحل هو أن أهرب بك. ومع الانتقال بين فصول الكتاب يندهش القاريء حين لا يجد حكاية عن عبدالحليم إلا إذا كانت تخص محمود عوض نفسه، ومنها حكاية المسلسل والاسكندرية وحكاية فريد الأطرش وملك المغرب السابقتين، وهذا ملفتا للنظر، وهنا يبرز سؤال لماذا لم يكتب محمود عوض عن عبدالحليم، رغم الصداقة التى كانت تجمعهما، ورغم أن الكثيرين ممن لم يعرفوا عبدالحليم بنفس القدر كتبوا عنه. وهنا تأتى إجابة الكاتب عن هذا السؤال فى نهاية فصل بعنوان: مشاعر.. من لحم ودم.. يقول: لماذا لم أكتب عن عبدالحليم حافظ؟ فكرت كثيرا وترددت، السبب هناك حالة استرازق انتشرت بفجاجة فى الكتابة عن عبدالحليم حافظ وغيره؟ فكرت كثيرا وترددت السبب هناك حالة استرزاق انتشرت بفجاجة فى الكتابة عن عبدالحليم وغيره، وأكثرها أكاذيب وأقلها أنصاف حقائق. هذه واحدة، أما الأخرى فهى أن من تشرفت بمعرفتهم عن قرب انسانى حميم، من طه حسين إلى أم كلثوم، وعبدالحليم، ومحمد عبدالوهاب، وتوفيق الحكيم.. وماتزال ذكرياتى معهم لصيقة بى تحت الجلد وحتى الآن لا أستطيع الانفصال نفسيا عن تلك الذكريات بما يسمح لى بأن أصبها على الورق.. ومن الفن إلى الكتب والثقافة أنقل عن كاتبنا هذا المقطع من فصل قضية كل جيل.. وسؤال كل عصر الكتب كالنساء.. قليلها يستمر عطره معك بعد انصرافه.. والكتب فيها من صفات النساء.. هناك نساء تغلق عينيك حتى تراها، وكتب تغلق عينيك وتفتح عقلك حتى تستوعبها، وكما أن هناك امرأة تذكرها بنوعها، فهى ككل النساء، هناك امرأة تذكرها بتميزها وتفردها.. كذلك الكتب هناك كتاب فيه كل شيء من ملامح الكتب وليس أكثر.. وهناك كتاب فيه، غير ملامح الكتب صفات كاسحة الألغام.. فهو يطهر أمامك أرضا خطيرة ويضيف إليك شجاعة لازمة. هناك امرأة تحرك خيالك.. تستثير غرائزك، فى الكتب أيضا القليل مما يضيء عقلك والكثير مما يقتحم حواسك.. هناك امرأة تكتفى من العصر بقشوره وأخرى تضيف إلى العصر لمسات تنقصه كذلك الكتب وفى هذا الفصل الذى يبدأه محمود عوض بتلك البداية المثيرة لا يريد الكاتب الحديث عن النساء إنما عن الكتب، ومنه تجربة خاصة مع كتاب أفكار ضد الرصاص الذى صدر عن سلسلة اقرأ بدار المعارف فى السبعينيات والذى صدر منه حتى الآن تسع طبعات ثم أعيد طبعه فى دار الشروق، صدر منه 280 ألف نسخة، وهذا الكتاب موضوعه هو الكتب التى أثرت فى حياتنا الثقافية وأثارت أزمات منها كتاب قاسم أمين تحرير المرأة وكتاب طبائع الاستبداد لعبدالرحمن الكواكبى وكتاب الاسلام وأصول الحكم للشيخ على عبدالرازق والرابع كتاب د. طه حسين فى الشعر الجاهلى.. وكان السؤال الذى يطرحه كاتبنا محمود عوض فى نهاية كل فصل هو: كيف يجب علينا أن نفكر.. ونعيش؟ ويستطرد الكاتب قائلا: وبقدر بساطة السؤال تأتى صعوبته، فالسؤال متجدد وهو سؤال يطرح نفسه على كل جيل فى حياتنا الثقافية والسياسية، والمشكلة دائما هى أن المجتمع يريد أن يجمع بين التطور وراحة البال لكن بمجرد أن يحدث تقاطع، يجد المجتمع أغلبية كافية بين أعضائه تتمسك براحة البال على حساب التطور، بينما تخرج أقلية محدودة إلى العراء لكى تقول إن التطور يستحق أن نضحى فى سبيله بين وقت وآخر.. براحة البال وفى الحالات الأربع التى عشتها على الورق بكل أعصابى كانت تفاجئنى دائما بضراوة المعركة. ومن الأدب للسياسة نتنقل مع الكاتب بين خمسة فصول من الكتاب حول حرب أكتوبر وحرب الاستنزاف بعنوان رجال اليوم السابع واليوم السابع هو يوم 6 أكتوبر الذى يعتبره الكاتب هو اليوم السابع بعد الأيام الستة للنكسة.. وفى هذه الفصول التى تتناول رجال اليوم السابع يتناول الكاتب عددا من الرجال الذين صنعوا النصر أو وضعوا لبناته ومنهم عبدالمنعم رياض الذى يسوق لنا الكاتب واقعة نقلا عن مصطفى طلاس ونريد الدفاع السورى السابق، وتدور أحداثها بعد استشهاد عبدالمنعم رياض الذى حضر جنازته الشعبية الزعيم جمال عبدالناصر.. اقتربت من الرئيس.. لأقول له يقصد الكاتب هنا طلاس سيادة الرئيس هذا التفاعل الذى شهدناه اليوم من الشعب المصرى هو أكبر عزاء لك فى استشهاد عبدالمنعم رياضى، قاطعنى عبدالناصر قائلا: لا يا طلاس، أنا ذهبت إلى الجنازة لمشاركة الناس وليس لتقبل العزاء فى رياض بالنسبة لى لا عزاء فى رياض العزاء الوحيد عندى وعند عبدالمنعم رياض وعند كل العسكريين المصريين هو تحرير الأرض، كل الأرض لا أتكلم هنا عن سيناء فأمرها محسوم، أتكلم عن القدس، قبل سيناء والجولان، هى القدس يا طلاس. وعن أبطال وأحداث اليوم السابع يسوق لنا قصة طريفة نقلا عن أحد زملاء دفعته وهو ضابط يدعى مصطفى من ضباط الجيش الثانى جاء ذات يوم فى اجازة من الجبهة يزور زملاءه وكان شخصا يتمتع بروح المرح.. وراح يحكى لهم نكته عن رجل ذهب للجمعية يشترى كيلو سمك وبعد زحام وانتظار ساعتين اشتراه وعندما ذهب إلى البيت لم يجد زيتاً، وأخذ يبحث ويلف، فلم يجد فأخذ السمك وذهب لأحد المحال ليشويه فوجد المحل مغلق فتعب فألقى السمك فى النيل الذى كان يسير بجواره فغاص السمك فى الماء ثم قفز إلى أعلى فى الهواء وهو يهتف يعيش جمال عبدالناصر.. وهى نكتة تشير لما أصاب المصريين من تقشف بعد النكسة المهم هذا الضابط بعد أن ألقى نكتة وأضحك زملاءه راح أحدهم يوبخه على أنه يلقى نكتة فى هذه الظروف التى تمر بها البلاد، فأخبره مصطفى قائلا: هذه النكتة نقلها إلينا الرئيس جمال عبدالناصر ويستطرد هذا الضابط أن الضباط على الجبهة فجأة وجدوا الزعيم جمال عبدالناصر بين الجنود على الجبهة: لقيناه طب علينا فجأة فى عربية جيب لابس قميص وبنطلون يعنى لابس ملكى ومعاه محمد فوزى وزير الحربية وعربية جيب ثانية للحراسة، بس كده.. وهكذا كما جاء الرئيس فجأة انصرف فجأة ليقوم بزيارة مماثلة للواء آخر على الجبهة. وأخيرا عزيزى القاريء دعونا نلتقط بعض المقاطع من بين فصول الكتاب التى ينطبق عليها وصف قطرات المطر المنعش فى نهار قائظ، منها هذا المقطع من فصل غرام يقصف العمر يقول: شاغبتنى.. لا طفتنى.. طاردتنى.. حاصرتنى.. لكنها لم تتجاوز الحدود.. تابعتنى فى الصبا.. لاحقتنى فى الجامعة.. عاكستنى فى العمل ظل طيفها أمامى فى كل وقت تحايلنى من على مسافة تحاورنى فى كل مكان عام، تتسلل إلى فى مكان خاص، ومن قبل حتى أن أفتح فمى يصبح طيفها فى مسامى، وتحت جلدى وسابحا فى شرايينى. وهكذا حين يمنى القاريء نفسه بضبط محمود عوض متلبسا بالغرام، يكتشف أن الكاتب لا يقصد سوى السيجارة التى ظل يبتعد عنها سنوات ثم يستسلم لها ويدمنها.. وفى مقال سندريلا.. بالمقلوب يقول: فى البداية كان الخبر، ثم تحول الخبر إلى عنوان، والعنوان إلى تفاصيل متلاحقة والتفاصيل تشكلت منها قصة والقصة فى هذا الفصل هى قصة الأميرة الراحلة ديانا التى صنعتها وقتلتها صحافة التابلويد الصفراء التى يصفها الكاتب بأنها لا تعرف الحدود بشكل يثير القشعرة.. ويختتم هذا الفصل قائلا: رحم الله تلك الشابة التى كانت وماتزال وقودا لإله اعلام جهنمية أكبر من فهمها وإدراكها..و.. رحمنا الله نحن أيضا. وأخيرا هو كتاب يستحق أن يقرأ عدة مرات للاستمتاع بنصوصه الغنية الممتعة. وفاته واكتشفت وفاة الكاتب المرموق بالصدفة بعدما تأخر عن تسليم مقاله الأسبوعي لصحيفة "اليوم السابع" المصرية حديثة الصدور والتي أرسل مسؤولوها أحد مندوبيها إلى منزله بالقرب من جامعة القاهرة لتسلم المقال بعد محاولات عدة للاتصال به هاتفيا دون جدوى.
لكن المندوب لم يجد من يجيب عليه في المنزل فعاد لصحيفته التي اتصلت بشقيق الراحل الذي قام بكسر باب المنزل ليجد الكاتب الكبير جثة هامدة ويكتشف أنه توفي قبل يومين كاملين دون أن يدري أحد بوفاته.
وأكدت المعاينة المبدئية للجثة والمسكن عدم وجود شبهة جنائية وراء الوفاة لكن لم يصدر حتى الآن تقرير رسمي عن سببها.
ولد الراحل بمدينة طلخا بمحافظة الدقهلية بدلتا النيل وعمل لسنوات طويلة بصحيفة أخبار اليوم وشغل فيها منصب نائب رئيس التحرير ولقبه الكاتب الراحل إحسان عبد القدوس بـ"عندليب الصحافة".
نشر محمود عوض العديد من المقالات في صحف مصرية وعربية وعددا من الكتب في مجالات الفن والسياسة والثقافة.
وكتب محمود عوض للإذاعة المسلسل الوحيد الذي قدمه صديقه الحميم المطرب الراحل عبد الحليم حافظ بعنوان "أرجوك لا تفهمني بسرعة" والذي شارك في بطولته النجم عادل إمام.