بوابة:مصر/شخصية مختارة/29
شَيْخُ الإِسْلاَمِ الإِمَامُ الحَافِظُ العَالِمُ أَبُو الحَارِثِ اللَّيْثُ بنُ سَعْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَهْمِيُّ القَلْقَشَنْدَي (94 هـ/713 م - 175 هـ/791 م) فقيه ومحدث وإمام أهل مصر في زمانه، وصاحب أحد المذاهب الإسلامية المندثرة. وُلد في قرية قلقشندة من أسفل أعمال مصر، وأسرته أصلها فارسي من أصبهان. كان أحد أشهر الفقهاء في زمانه، فاق في علمه وفقهه إمام المدينة المنورة مالك بن أنس، غير أن تلامذته لم يقوموا بتدوين علمه وفقهه ونشره في الآفاق، مثلما فعل تلامذة الإمام مالك، وكان الإمام الشافعي يقول: «اللَّيْثُ أَفْقَهُ مِنْ مَالِكٍ إِلاَّ أَنَّ أَصْحَابَه لَمْ يَقُوْمُوا بِهِ». بلغ مبلغًا عاليًا من العلم والفقة الشرعي بِحيثُ إِنَّ مُتولِّي مصر، وقاضيها، وناظرها كانوا يرجعون إِلى رأيه، ومشُورته. عرف بأنه كان كثير الاتصال بمجالس العلم، بحيث قال ابن بكير: «سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً». ومما كان يتميز به الإمام الليث أنه كان ذا ثروة كثيرة ولعل مصدرها الأراضي التي كان يملكها، لكنه كان رغم ذلك زاهدًا وفق ما نقله معاصروه، فكان يُطعمُ النَّاس في الشتاء الهرائس بعسل النَّحل وسمن البقر، وفي الصيف سويق اللوز في السُكَّر. أما هو فكان يأكل الخبز والزيت. وقيل في سيرته: أنه لم تجب عليه زكاة قط لأنه كان كريماً يعطي الفقراء في أيام السنة؛ فلا ينقضي الحَول عنه حتى ينفقها ويتصدق بها. مَاتَ اللَّيْثُ لِلنصف من شعبان، سنة خمس وسبعين ومائَةٍ، أي قبل وفاة الإمام مالك بأربع سنوات وقيل غير ذلك، وأقيمت له جنازة كبيرة في مصر، وقال البعض إن قبره مكان مبارك معروف بإجابة الدعاء.