مستخدم:محمد فوزى الصباغ

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الحديبية ديمقراطية وشورى ... دين ودنيا

كتبه / محمد فوزى الصباغ

مشهد واحد من الحديبية كان بين النبى صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب تراه وتسمعه كما يلى:

يتكلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه يفصح عما في نفسه، بما هو معروف عنه من الصلابة في الحق، وحب المراجعة فيما لم يستبن له فيه وجه الحق والصواب.

فيقوم يحتج ويراجع النبي - صلى الله عليه وسلم –عمر يحتج ويراجع خاتم الأنبياء والرسل فيقول للنبى: (ألست نبي الله حقا؟

قال: ((بلى)).

السؤال الثانى والنبى في مكان المسؤل وعمر في موضع السائل ولم يضجر النبى ولم يعنف عمرا ولم يمنعه من السؤال ،

يقول عمر للنبى :قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟

قال: ((بلى)).

ثم يطيل عمرا في طرح الأسئلة والمشهد لا يحتمل نقاشا ولا كلاما ولا مراجعه لأن أبا جندل في تعذيب ومحنه والنبى يرجعه لقريش ، والصحابة غاضبون من هذا الصلح بشروطه وفي خضم هذا الزخم وهذه التداخلات يكمل عمرا المساءلة

فيقول للنبى: فلم نعطي الدنية في ديننا؟؟؟؟

لو تخيلت عمرا في هذا الموقف من قوة وشده في الحق وفى حب الإسلام وحب النبى ومن رقه وضعف امام النبى صلى الله عليه وسلم لعلمت شدة هذا الموقف على عمر بن الخطاب وهو بحضرة النبى.

قال النبى: "إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري"

ومازال ابن الخطاب يسترسل السؤال تلو الآخر ولم يسكت والنبى ما زال يحلم على عمر بن الخطاب ، مع أن ابن الخطاب كان من الممكن أن يتمهل ويمتنع عن السؤال للنبى بمجرد سماعه جواب النبى "إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري". ولكن ذلك لم يكن بل الذى كان أن سأل السؤال التالى

قال ابن الخطاب: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟

قال النبى: "بلى، فأخبرتك أنَّا نأتيه العام؟"

قال عمر: قلت: لا.

قال النبى: "فإنك آتيه ومطوف به"

بشر رسول الله عمر بن الخطاب في نهاية المحادثة والمجادله العميقة الإيمان من عمر والأكثر عمقا في حلم النبى وحسن سياسته وفطنته وسماعه لأصحابه مهما كان الظرف ومهما كان الداعى ومهما كان السبب للوصول إلى نتيجة واحده وهى أنى انا رسول الله ولست أعصيه وهو ناصرى،أيضا ان الصحابة ومنهم عمر بن الخطاب سمع كلام النبى ويحفظه عن ظهر قلب بديل انه استرجع في هذا الصدد كل حرف قاله النبى فيه ولم يغب عنه منه شيء إلا انه  لم يفقهه حق فقهه ولو كان ذلك كذلك ما راجع النبى فيه ودليل قولى جواب النبى على سؤال عمر: "أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟"

قال النبى: "بلى، أفأخبرتك أنَّا نأتيه العام؟"

قال عمر: قلت: لا.

ولكن هل انتهى عمرا ؟كلا لم ينتهى من أشئلته وفحصه وتدقيقه في هذا الأمر (أمر الصلح) وظل عمر رضي الله عنه في حالة من الكرب، لا تهدأ نفسه حتى ذهب إلى أبي بكر رضي الله عنه، وسأله كما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأجابه كما أجابه، روى ذلك الإمام مسلم رحمه الله، قال: (فانطلق عمر، فلم يصبر متغيظًا، فأتى أبا بكر

فقال: يا أبا بكر، ألسنا على حق وهم على باطل؟

قال: بلى.

قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟

قال: بلى.

قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟

فقال: يابن الخطاب، إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا.


وبقى في نفس عمر رضي الله عنه بعض الحرج، حتى (نزل القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفتح، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه، فقال: يا رسول الله، أو فتح هو؟ قال: نعم. فطابت نفسه ورجع


وندم عمر رضي الله عنه على ما بدر منه من مراجعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، واعتراضه عليه، فيقول: (ما زلت أصوم وأتصدق وأصلي وأعتق، من الذي صنعت، مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ، حتى رجوت أن يكون خيرًا.

• وعمر في هذا الإطار هل كان يتكلم في سياسة أم كان يتكلم في الرسالة والوحى؟

والجواب :السياسة كل قول وفعل من شأنه اصلاح أمور العامة او الرعية بما يتوافق مع صحيح الدين بلا مغالاه وبلا تفريط وإذا قسنا كلام عمر بن الخطاب على هذا رأينا أنه يتحدث كسياسى مع القائد النبى الذى يوحى إليه. والسياسة " ... ما كان من الأفعال بيحث يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد،وإن لم يشرعه الرسول ولا نزل به الوحى"أ.هـ إعلام الموقعين جـ4 ص372 ط بيروت 1973م

ولكن النبى صلى الله عليه وسلم أخبر عمرا

• لاحظ وبدقة شديدة غياب أبو بكر الصديق من هذا المشهد تماما مع علمه بما قاله النبى قبل المجيء إلى مكة المكرمة إلا أنه لم يراجع النبى مراجعة عمر له فالثبات يبدو أنه سمة فطرية عند أبى بكر مع حبه للنبى وتصديقه في كل ما جاء به النبى إذا فالمسألة منهية عند أبى بكر الصديق ،فلا داعى إذا للجدال والنقاش.

• ترى في ذلك ان النبى صلى الله عليه وسلم بين الصحابة رضوان الله عليهم وكانوا حوله شبابا وشيوخا ،وكان صلى الله عليه وسلم يأتيه الوحى على فترات قد تتزامن مع احداث فى حياة الأمة وقد تكون أصولا وقواعد ترتب وتضبط حياة الافراد والجماعه فى الدولة الإسلامية،ومع ذلك ترى لفظ الإجتهاد واردا على لسان الصحابة الذين ارسلهم النبى رسلا للدعوة الى الله فى احياء العرب.

• أيضا طاعة ولى الأمر وإن ترتب ذلك فيما يبدو خسارة مادية أو معنوية طالما تمت الاستشارات والمناقشات حول ما سيتم اتخاذه من قرارات فقد كان النيى صلى الله عليه وسلم كذلك مع أصحابه وكان السؤال دائما عما إذا كان قرار النبى وحى أم هو الرأى والمشورة ،فإن كان وحيا فلا كلام ولا رأى ولا اجتهاد مع الوحى ، وإن كان الراى والمشورة فقد كانوا يعطون الرأى والشورى للنبى كما حدث فى حفر الحندق والامثلة على ذلك كثيرة .

محمد فوزى الصباغ

جمهورية مصر العربية - البحيرة - دمنهور 23/1/2021