انتقل إلى المحتوى

مستخدم:مهرة ١٢٣/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الموسوعة العمانية

درجت في البلاد العربية مؤخرا، مؤلفات على شكل موسوعات. تتناول تاريخ بلد بعينه، أو مدينة من مدنه. ومن بين هذه الموسوعات التي خرجت مؤخرا «الموسوعة العمانية» الصادرة عن وزارة التراث والثقافة في عمان. أشرفت عليها لجنة من كبار الأساتذة، والمختصين العمانيين، ترأسها عبد الله بن ناصر الحراصي. مستيعنة بأقلام وخبرات أساتذة عمانيين، مشهود لهم في تحرير المواد التي حوتها هذه الموسوعة، الواقعة في 3871 صفحة من القطع الكبير. مقسمة على عشرة مجلدات. أُلحق بها مجلد يقع في 272 صفحة. خصص للفهارس، وشرح المنهجية، ومفاتيح الدخول إليها، للاستفادة من موادها على أتم وجه. وخُتمت بلائحة ضمت أسماء المساهمين في هذا العمل الضخم. فأصبحت في نهاية المطاف، ككواكب يوسف الصديق أحد عشر كوكبا.

وقد سبقتها موسوعة أخرى وهي « موسوعة أرض عمان »، التي انصب اهتمامها على المدن، والقرى العمانية. هذا إذا علمنا أن علماء عمان عبر التاريخ، كانت لهم في عالم الموسوعات يد طولى، وإضافات كثيرة. فخرجت من بين أيديهم أول موسوعة في مفردات اللغة العربية، وهي «كتاب العين» للخليل بن أحمد الفراهيدي (100 ــ 170 / 718 ــ 786). ثم تلتها موسوعة ضخمة أخرى في اللغة العربية أيضا «كتاب جمهرة اللغة» لأبي بكر محمد بن دريد الأزدي (223 ــ 321 / 837 ــ 934). لتأتي بعدها، أول وأهم موسوعة في المصطلحات الطبية، والأدوية، والأعشاب، في اللغة العربية، وهي «كتاب الماء»، لعبد الله بن محمد الأزدي الصحاري (ت 456 / 1064). وكثير غيرها من الموسوعات العلمية التي تزخر وتفتخر بها المكتبة العربية.

تعتبر هذه الموسوعة التي بين أيدينا، عملا ضخما، لا يختلف في ذلك اثنان. وهي مرتبة على حروف المعجم. متوازنة من حيث تقسيم الموضوعات، والمواد. بلغة علمية رصينة مدروسة بدقة، وعناية. بدون الاستغراق في الشوفانية، والعبارات البراقة. فكانت تعبيرا صادقا عن عمان الوطن والإنسان. وما حوته أرضه من نباتات، وأشجار، وحيوانات، وحشرات. مركزة على الإنسان العماني، وكل ما نتج عنه من عادات، وتقاليد، وصناعات تقليدية، وألعاب أطفال، وملابس، وأدوات زينة. وكل ما يستخدمه العماني من أدوات منزلية، وزراعية، وأدوات صيد، بري وبحري. ونماذج من الفنون التشكيلية المعاصرة المختلفة، للفنانين العمانيين. وتراجم لعلمائها، ونتاجهم العلمي. ونماذج من خطوطهم، ومخطوطاتهم. ومجموعة القوانين المنظمة لشؤون الحياة، والاقتصاد، والتعليم… وقد ترافقت مواد الموسوعة مع صور، ورسومات توضيحية، وخرائط، وصور للمواقع الأثرية، والمدن، والقرى. وكذلك صور للأشخاص الذين توفر الحصول على صورهم.

وفي المحصلة تشكل هذه الموسوعة مرجعا مهما لكل باحث في تاريخ عمان، وجغرافيتها، وآثارها، وعاداتها، وتقاليدها، وقاموسها اللغوي، وتعابير أهلها، نساء ورجالا وأطفالا.. وهو ما عبر عنه المشرف عليها الحراصي في المقدمة بقوله: « إذ تم الشروع فيه ليشمل كل ما له علاقة بإنسان عمان وطبيعتها».

ومن الأمور المهمة التي تحسب لهذه الموسوعة أيضا، أنه كما نعلم أن العمانيين، واليمنيين، كانوا سادة البحر في منطقة الخليج العربي، والمحيط الهندي. وأنهم نقلوا إلى بيئاتهم بسبب كثرة أسفارهم، واحتكاكهم بالشعوب الأخرى، أنواعا كثيرة من الأشجار، والنباتات العطرية، والطبية، والخضار، والفاكهة، من كل البلاد التي حطت فيها أقدامهم. وهو ما أثرى الحياة في عمان واليمن بصفة عامة. وقد أماطت هذه الموسوعة اللثام عن كل ذلك. وقدمته للقراء بضاعة مزجاة، موضحة أصول تلك النباتات، والأشجار، والخضار، والفاكهة… ليس من باب النقد، ولكن من باب الفاضل والأفضل. فإن هذه الموسوعة تشكو من شُحٍ في وضع علامات الإعراب (التشكيل). إذ أن كثيرا من المواد، تحتاج إلى علامات الإعراب. مثل أسماء الأماكن، والحيوانات، وأسماء العلم، والمفردات العمانية الخاصة في الآلات الزراعية، وبعض الأدوات المنزلية، وألعاب الأطفال الخ.. لأن في وضعها خير معين على قراءتها بشكل صحيح، وخصوصا لغير العمانيين. مما يسهل الاعتماد على المادة كوثيقة. والاستشهاد بها من قبل الدارسين اللغويين للهجة العمانية. فعلى سبيل المثال، مادة « أبو الدعن»، وهو أحد أصناف النخيل، ويقال له « أبو نويرية» فإننا لا نعرف كيف تلفظ هذه الكلمة، ولا مرادفها. ولا كيفية تحريك حروفهما، ليكون لفظهما سليما، كونهما بدون علامات الإعراب.