مستخدم:Aseelfa/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الحول حول

هي واحدة من المناسبات الاجتماعية التي لا تزال مستمرة إلى وقتنا الراهن في المجتمع العُماني وتسمى " الحول حول " ، وهي للدلالة على اكتمال الحول أو السنة للمولود منذ ولادته وقدومه إلى كنف العائلة ذكرا كان أو أنثى .                                        

تدرج الاستعدادات لمناسبة " الحول حول " ..

- اجتماع الأُسرة ( أُسرة المولود ) الذي أكمل حوله الأوّل لمناقشة حجم ووقت الاحتفالية ، ومن ثم تحديد تاريخ مُعيَّن لجمع الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء إحياءً لهذه المناسبة.

                                                                     

هنا يتكفّل رجال الأسرة أو أحد الصبية الراشدين فيها بالمرور على منازل القرية  منزل بعد آخر ليبلغ الجميع رجالاً وصِبية بموعد هذه الاحتفالية داعيا إياهم بالتفضّل بالحضور في الموعد المُقرّر.                                              

-كذلك هو الحال لدى النسوة فإنه يتم تعيين أو تخصيص امرأة أو فتاة تحمل هذا الخبر من منزل لآخر داعية النساء والفتيات لهذه المناسبة.

البعض يُسمَّي أو يُطّلِقُ على اسم المناسبة أو الاحتفالية بعُمان اسم ( الحوشة ) والحوشة هنا يقصد بها أن يذهب شخص موكّل من طرف العائلة ليحوش أي يستدعي أو يدعوا الناس لحضور مناسبة مُعيَّنة كالزواج أو عقد القِران أو وجبة كبرى تجمع أهل الحي والمعازيم سواءً كانت وجبة غذاء أو عشاء أو الحول حول وغيرها من المناسبات الاجتماعية.

مناسبة الحول حول قد تقام في النهار بإعداد وجبة الغذاء ، أو كوجبة عشاء بوقت المساء حسب اختيار الأُسرة أو مراعاة ظروف الجو ، ففي الصيف يُفضّل أن تقام المناسبة بجو لطيف كوقت المساء والعكس بالشتاء.

كي يتم الاستعداد المناسب لهذه الاحتفالية ، يكون الإعداد التقليدي لطبخ  الطعام ، فما يزيده أكثر جمالاً وروعة  ويضفي عليه طعم أخاذ هو اجتماع أهل القرية بعد صلاة الفجر ليوم مناسبة الحول حول لذبح الذبائح كانت أغنام أو أبقار أو خرفان.

تُحضر الذبائح ويتم ذبحها وسلخها وغسل لحومها للتخلّص من دماءها في جو من الألفة والسعادة والتعاون والتكاتف من أجل المساعدة في تحضير وطهي اللحوم والأرز.

بعدها تنقل هذه الذبائح إلى مقر الطبخ المعهود في القرية ليقوم رجال كبار ومهرة في مزاولة الطبخ باستقبال اللحوم وتوزيعها على القدور الكبيرة أو ما يسمى بالمراجل ليتم غلي اللحم وتجهيزه لمراحل التحضير القادمة.

يتوزع شباب القرية المشاركين بمكان الطبخ مشمرين عن سواعدهم في بوتقة جميلة من التعاون تنصهر فيها كل الجهود ، فهذا يساعد في تخليص الثوم من القشر وذاك يقطع البصل وذاك يخلط معجون الطماطم وكل ما تم جمعه من خُضار للتقطيع ، وكلٍ يتلقَّى التعليمات من أولئك الطباخين الماهرين أصحاب الخبرة في هذا المجال.


هنا يقتصر دور الطبخ على الرجال دون النساء وكذلك هو الحال في أغلب المناسبات.

بالنسبة للوجبة ، هنالك من يذهب إلى التعاقد مع المطاعم الحديثة لتوفيرها للمدعوّين هرباً من الاشتغال بأمور الإعداد أو الطبخ التقليدي والذي يُستخدم فيه عادة الحطب كجذوع النخيل أو حطب شجر السمر الذي يأتي به الأهالي من الأماكن الصحراوية.

هذا وقبل وقت من بداية احتفالية الحول حول تكون الوجبة المُكونة من الرز واللحم الطازج قد تم تجهيزها ، ولم يتبقَّ سوى استقبال المدعوّين لتناول هذه الوجبة .

بعد حضور الرجال في مجلس القرية الذي يجمع كل المدعوّين للمناسبة يتم تقديم واجب الضيافة كتناول الحلوى أو التمر بالإضافة إلى الفواكه والقهوة العُمانية ومنها يتم إرسال إشارات بعدد الصحون التي يتطلبُها المجلس لمن يقوم بالإشراف على توزيع الأرز واللحم لسد وتغطية عدد الحاضرين بالمجلس، يصحب ذلك توزيع الماء والتمر مع كل صحن يوضع أمام الضيوف.

ننتقل إلى الجانب النسائي داخل منزل اسرة الطفل المحتفل به ، هنا تأتي نساء القرية القريبات والجارات لهذه الأُسرة بعد وقت طلوع شمس صباح الحول حول للمساعدة في تنظيم وفرش المنزل بالسُجّاد ونحوه وتحضير القهوة لجميع المحتفلين لاحقاً ومنهن من يقمن بالإشراف على استقبال النساء الآتيات للاحتفال وتقديم الخدمة والضيافة لهنَّ حتى موعد رحيلهن بعد فترة لاحقة.


هنالك من النساء من يقمن بجلب أوراق الليمون أو السفرجل أو المانجو ولابد أن تكون هذه الأوراق خضراء وليست باليابسة ثم يتم غسلها وتجفيفها من الماء ليتم وضعها بعد ذلك بداخل مشغولة سعفية تقليديّة تُستخدم في حصاد ثمار النخيل وهي ما يطلق عليها باللهجة المحلّية ( القفير / الجفير ) أو ( المَجد ) )   ،

يضاف إلى أوراق الشجر هذه ما يبهج ويفرح الأطفال كقطع الحلوى المُغلّفة وبعضٍ من النقودِ المعدنيّة والورقيّة في بعض الأحيان ، وكذلك يخلط بجوف هذا القفير شيء من الوجبات الخفيفة والمُملّحة كالبطاطس المجففة المعبئة في أكياس بالإضافة إلى بعض البسكويت والفوشار أو ما يسمى بالمحلّي بالفُرّاخ ونحوه .

يُحضر أطفال القرية بوسط فناء منزل الحول حول ( الحوش ) ويطلب منهم أن يتجمهروا ويرفعوا أصواتهم مُرددينَ بعض العبارات كترديدهم : حول حول كمّل حول ، حول حول كمّل حول  ، وبكل مرّة يطلب منهم الترديد حول حول كمّل حول ، هنا يصبِحُ للأطفال جو وعالم آخر حتى أنه يشد فضولك محاولاً الدخول إلى مشاهدة هذا المشهد الرائع والجذّاب والأخاذ حقاً.

بعدها يحمل الطفل ( عريس المُناسبة ) فوق كتف إحدى قريباته لتشق به جمهرة الأطفال وتقف به بالمنتصف والأطفال يهزجون .. حول حول كمّل حول

وهنالك إهزوجة أخرى ببعض محافظات السلطنة تقول:


حول حول يا صغيرين

حولٍ دايم يا صغيرين

خطوة خطوة يا صغيرين

هذه بيسة وفُرّاخ

هذا سبال وحنّاء

تأتي بعدها إحدى النساء بالقفير الممتلئ بما تم وضعه بداخله من أوراق شجر ونقود وقِطعِ حلوى ليتم نثره فوق رأس الطفل المحتفل به وما أن تسقط وتتناثر تلك الأوراق والنقود الا ويشتد هجوم الأطفال للتنافس على جمع المفاجآت المنهمرة عليهم وقد تزداد الغلة بتحضير المزيد مما قد تم رصده لهم بحاويات سعفية أخرى.

هنا تعم الابتسامة والسعادة والفرحة في المكان ، حيث هذه المناسبة تبعث السرور من تصرفات الصغار وتشتت فكرهم بالمنافسة على اللحاق بالمفاجآت المنهمرة على الطفل المحتفل به .

بعض الأطفال المحتفل بهم يصلون إلى حد البُكاء من الدهشة والصدمة لأنهم لا زالوا لا يعون ماذا تصنع أُسرهم بهم بهذه المناسبة ولما هذا التجمهر من الأطفال ولماذا يتم نثر هذه الأوراق فوق رأسي ولما هذا الضجيج ؟!  

بعد أن تشارف احتفالية الحول حول الطفل على الانتهاء ، يتم توزيع الهدايا الأجمل على كافة الأطفال كمُكافأة من الأُسرة لقاء حضورهم والمشاركة في هذه الاحتفالية الاجتماعية البسيطة ، الكبيرة في معانيها.

حينها يتم توزيع الأرز - وجبة الغذاء على النساء والأطفال ثم بعدها يكون إعلان نهاية الاحتفال وتوديع المدعوّين لأسرة الحول حول والدعاء لهم ولطفلهم بالخير