مستخدم:Fraihat/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تاريخ قبيلة الفريحات[عدل]

قبل قرابة أربعمائة عام وصل فريح، جد عشيرة الفريحات، إلى نهر الزرقاء بعد طول سفر وعناء ضمن إخوة ثلاثةٌ هم فريح وفرح ومقداد، وشربوا من عذب الماء في منطقة جبل عجلون واستظلوا بوارف الظلال وحطوا الرحال تاركين خلفهم بلادهم، التي يعتقد أنها اليمن، إلى غير رجعة؛حيث أُجلوا عن بلادهم مرغمين ولحكم العادات خاضعين ، لا أمل لهم بالعودة إلى اليمن موطن الأهل ومرابع الصبا؛فهناك دمهم مهدور لِدمٍ طوق أعناقهم وفرض عليهم الجلاء مدى الحياة وكانت هذه العادة حكماً صارماً يطبق على من سفك دم قريبٍ له ، ولم يكن العرف يكتفِ بجلاء الجاني ولكن إخوتهُ يجلون معه وهذا هو العرف السائد آنذاك في اليمن ،وهذا ما أخرجهم من بلاد اليمن إلى بلاد الشام . وقد قيل في المثل "الشام شامك لو الزمن ضامك" وقد كان جلاءهم من اليمن لقتل أحد بني عمومتهم ،لذلك تركوا الأهل والمال نزولاً على العرف السائد ، وجلوا إلى بلد لا يسمع لهم فيها ذكر ، ولا يصل إليهم منها خبر. كانوا في حزن شديد لِما تركوا وراءهم من بلادٍ عزيزةٍ وأهلٍ كرام. وبعد هذا السفر والتعب وبعد أن وصلوا إلى مأمنهم واطمأنت نفوسهم ؛انتابتهم الحيرة إلى أين يذهبون؟ أيتفرقون خوفاً من طالبي الثأر؟أيقطعون الشريعة غرباً؟ أيسيرون إلى دمشق حاضرةُ الشام؟؟

الاستقرار[عدل]

هناك عند ملتقى النهرين وعلى تقاطع طرق القوافل التجاريةِ بسطوا أمرهم وتضاربت آراؤهم ، فمنهم من تعب من المسير وأراد الاستقرار وأعجبته البلاد ورأى أنها وطن جديد بديلٌ عن وطنهِ؛ذلك هو رأي فريح الذي أعجب بنهر الأردن وغور الأردن فالبلاد خضراء، والماء عذب وافرٌ،والدولة غائبة،البلاد تسكنها قبائلٌ رحّل فيهم كرم العربِ ومن الممكن أن يلتطوا إلى قبيلةٍ من قبائل الأردن المتحاربة التي أتعبتها الثارات.

  جلس الثلاثة اللذين ورثوا حكمة أهل اليمن وفكروا ملياً،ورأوا في بقائهم مجتمعين مخاطر باستئصالهم وانقطاع نسلهم  فقد كانوا ثلاثةٌ غرباء ومن الصعب أن يلجأ ثلاثةٌ إلى قبيلةٍ واحدةٍ بوقتٍ واحدٍ خاصةً وأن طالبي الثأر يتسقطون أخبارهم ومن الصعب تظليلهم عن الثلاثة .فقرروا التفرق في بلاد الله لعل في ذلك نجاةٌ لبعضهم أو لكلَهم من طالبي الثأر اللذين يقتفون آثارهم.كما أن ذلك أفضل حيث أن كل واحدٍ منهم أمير نفسهِ وخطيئتهُ برقبتهِ.
  
 تصافحوا ، تعانقوا ، توادعوا وتفرقوا هناك على ملتقى النهرين عندالشريعة في غور الأردن ، حيث قصد كل واحدٍ الطريق الذي هداهُ الله إليه ليكوّن كل واحدٍ منهم عشيره.قطع فرح النهر إلى فلسطين ، وتابع مقداد المسير قاصداً بصرى الشام.

فريح يبحث عن ملجأٍ منيع[عدل]

     ودع فريح أخويهِ عند مصب نهر الزرقاء بالشريعةِ واتجه شمالاً يريد وطنه الجديد.وفي سياحته التقى الرعاة على عيون الماء وفتح أذنيه لما يتردد من الأخبار، وسار من مكان إلى مكان وجالس الرعاة،فأكل من خبزهم وشرب من لبنهم ،وكان حريصاً  على إخفاء أصلهِ و فصلهِ وتفاصيل الأحداث التي مرت بهِ.
    وقاده ترحاله إلى جبل عجلون الذي ذكرهُ بلادهُ في علوِّ جبالها وصعوبة مسالكها ،وقد أعجبه منعة جبل عجلون ؛حيث رأى فيهِ جبلاً عصياً على طلاب الثأر،هذا بالإضافة إلى ما حبا الله به جبال عجلون من الغابات الكثيفة والماء والخضرة،فاطمأنت إليه نفسه، ووجد ضالته وقصد عيون الماء من جديد ليشرب الماء الزلال ويتبين أحوال البلاد وسكانها وأخبار شيوخها وأحوالهم من طيب وكرم وحسب ونسب، وكان يبحث عن شيخ كريم يلجأ إليه،وكانت أخبار الشيخ حمد الخطابي يتداولها الناس، كان معروفاً كنار على علم .فحل عليهِ ضيفاً وقصده دون مشايخ البلاد لما وصله من حسن سيرتهِ وكرمهِ،وفعلاً وجد ما قيل عنه من أخبار صحيح فهو كريم وحكيم ذو فراسة فارتاحت نفس فريح وقرر أن يعمل لدى الشيخ ولو على (مؤنتهِ).

فريح قهوجي[عدل]

حل فريح ضيفاً على الشيخ حمد الذي عرف من حال هذا الشاب وهيئته ولهجته أنه غريب من بلادٍ بعيدةٍ وأن له شأنٌ وقصه، ولكن لم تكن المروءةُ تسمح لهُ أن يستجوب ضيفهُ أو يسألهُ حتى انقضت مدة الضيافةِ ثلاث أيام وثلث بحسب العادات السائدة.

   كان الشيخ ذو فراسة وخبرة بالرجال وكانت الحال أفصح من المقال وخلال أيام الضيافةِ لفت انتباه الشيخ لباقة فريح وفصاحتهُ فعلم من حديثه وأخباره أن هذا ليس راعياً ولا صانعاً بل هو من أبناء الشيوخ وعليةَ القوم .
    وبعد مرور ثلاث أيام توجه فريح إلى الشيخ وشكا له الحال وغربة الديار وقال:يا شيخ أريد أن أكون منكم والتطي بكم وأنعم بجيرتكم وأبحث عن عمل أعتاش منه بينكم فرحب به الشيخ ووكله بأمر القهوة والترحيب بالضيوف والقيام على خدمتهم .
    في ديوان الشيخ كان عمل فريح "قهوجي" يعد القهوة ويدور بها على الجالسين ويجلس بقربهم ويسمع كل شاردة ووارده فتعلم بوقتٍ غير طويل عن أحوال البلاد وأخبارها وتحالفاتها ورجالها ما كان يحتاجُ سنين ليعرفه خارج مجلس الشيخ حمد .

فريح"شويّر"[عدل]

     كان فريح في مجلس الشيخ قهوجي ،ولكنه كان يشاركُ في الحديث ويبدي رأيه في بعض المسائل المطروحة من أحوال العرب.ورويداً رويداً أحبه الشيخ حمد ورأى فيه صاحب عقلٍ وخبرةٌ وفصاحةٌ ونباهةٌ وسرعةُ بديهة،وكان معجباً بأحاديثهِ الغير مألوفةِ في هذه البلاد،وصار يستشيرهُ في بعض الأمور ؛ فوجد فيه صاحب نظرٍثاقب، وصاحب رأيٍ صائب،فصار مستشاراً لهُ أمين على أسرارهِ لا يقطع بأمرٍ ذو شأنٍ إلا بعد مشاورتهِ وقرّبهُ إليهِ حتى صارَ  قريباً منهُ كأحد أفراد عائلتهِ وصار موضع ثقتهِ .
    وخلال سنوات قليله ارتفعت مكانةُ الشيخ حمد وطار صيتهُ بين القبائل وسارت بمدائحهِ الركبانُ شعراً ونثراً وعلا شأنهُ وأكل الغيض قلوب حساده الذين رأوا في مدحهِ ذماً لهم وفي علوِّ شأنهِ لهم هبوطاً؛ وذلك كلهُ بفضل "الشويّر" فريح الذي يعد قهوة الشيخ ويسمع ما يدور من الألفِ إلى الياء ثم يقدم مشورتهُ إذا طلبها الشيخ ،وكان الشيخ حمد من اللذين يشاورون في أمرهم "وأمرهم شورى بينهم" وبذلك علا حمد على أقرانهِ وشيوخ زمانه ِ إلى أن كادهُ حسادهُ ومكروا بهِ ووضعوهُ في ورطةٍ عظيمةٍ لم يجد لها مخرجاً فلجأ إلى فريح لما علم عنهُ من حسن تدبيره.


الشيخ سعيفان[عدل]

     على أطراف غور الأردن كان الشيخ "سعيفان " شيخ "المشالخة"في عزةٍ وأنفةٍ وكبرياء، وكان هو الآمر الناهي في قومهِ اللذين اتسموا بالقسوةِ والجهل والطاعة العمياء لشيخهم.
      وقد طغى أمر هذه العشيرةِ فتكبروا وتجبروا واعتدوا،لم يقيموا للجوارِ حساباً ولا للدينِ باباً،همهم إخضاع القبائل لزعامتهم ينهبون البلاد ويذلون العباد ، يفرضون الخاوة على من طاوعهم ويحاربون من مانعهم.
    كان مما درج عليه "سعيفان"أن يذلَّ من ساماهُ من الشيوخ وتجرأ عليهِ وقد عرفَ بطريقةٍ فريدةٍ لفعلِ ذلك لعلها كانت من ابتكاراتهِ اللئيمةِ،وغني عن البيان أهمية العرض عند العربان،وقد كان من أمرهِ إذا أحس بتململ أحد الشيوخِ وشك في خروجهِ عن طاعتهِ أن يرسل إليهِ مرسالاً يأمره بتجهيز إبنتهِ عروساً للشيخِ سعيفان ويرسلها إليهِ في مدة شهر و إنّ على من يرد طلبهُ للمصاهرة أن يتحمل عواقب أمرهِ ولا يلوم إلاّ نفسه ولذلك كان الشيوخ حريصونَ على أرضاءهِ خوفاً من بطشهِ بهم أو أن يذلهم في عرضهم فالعربي لا يزوجُ ابنته رغماً عنها و عنه والموتُ عليهِ أهونْ.


علوِّ شأنِ الشيخ حمد[عدل]

    بمساعدة فريح علا شأن الشيخ حمد وسمعت بكرمهِ ورجاحةِ عقله وحسن تدبيره باقي العشائر وبمدحهِ نطقَ الشعراء وجروا الربابات وصار حديثُ السمر.
    كل ذلك كان يتناهى إلى مسامع سعيفان من الشعراءِ والخطار والدواجين فخاف أن تفلت الأمور من بين يديهِ وأن يعلو شأن حمدٍ عليهِ وقررَ معالجةِ الأمر على طريقتهِ المعهودةِ بإذلالِ الشيوخِ بالمصاهرةِ القسريةِ، فانتدبَ أشد رجالهِ ليكونَ مراسلاً لهُ إلى الشيخِ حمد وأمره أن يحذرهُ سوءَ الرد والأمرُ على محمل الجد وطلبَ سعيفان أن لا يردُ كلُ ذلكَ كانَ بدونِ علم من الشيخ حمد الذي  كانَ رجلاً لا يحبُ سفك الدماءُ ولا الاعتداء، كانَ عزيزاً في دياره أمنا في سربه مع سعةٍ في الرزق وطراوةٍ في العيش في أمنٍ وسلام بين أهلهِ وربعه.


المرسال[عدل]

     في يوم عادي وبدون أية مقدمات ،عكر صفو الشيخ حمد وصول ثلاثة فرسان حاملين السلاح لم يترجلوا عن خيولهم ، تقدم أحدهم برسالةٍ شفويةٍ من الشيخ سعيفان للشيخ حمد " جهِّز بنتك عروس للشيخ سعيفان وطلب الشيخ ما بنرد ، ونعود بعد ثلاثة أيام نأخذ الرد". هكذا وبكل وقاحة حتى أنهم لم يترجلوا ويشربوا القهوة كعادة العرب التي هي دليل على المودة وعدم شربها ينطوي على شر عظيم وأمر خطير.
    الشيخ سعيفان لم يقم لرأي الشيخ حمد وابنته وعشيرته أية قيمة،إنه الخضوع المذل أو الحرب الغير متكافئة.
    كان حمد مبهوتاً ،كانت عدته ورجالهُ لا تؤهله لمحاربة المشالخة اللذين هم أضعاف أضعاف جماعته ، وكانت  إجابة طلب سعيفان أمرُّ من الموت.
   هذا ما أراد سعيفان ،أن يذل حمد كما أذل غيرهُ من الشيوخ ويخضعهُ وقومهُ لسلطتهِ أو أن يجعل ذلك سبباً يشتت بهِ عرب الشيخ حمد وربما يقتلهُ ويأخذ ابنتهُ سبيه لكي تسمع باقي البلاد بما جرى فلا يرفعون رؤوسهم أبداً.

عرب الشيخ حمد[عدل]

وقع نبأ طلب سعيفان على حمد وعربه وقع الصاعقةِ ووضعهم بين أمرين " أحلاهما مرٌ"، وما هي إلا دقائق حتى توافد عرب الشيخ حمد إلى " شقهِ" مشدوهين مما سمعوا ، فَعَلت أصواتهم واحتاروا بأمرهم وبدا نقاشهم فوضوياً ، كلٌ يكلم الآخر فمنهم من يهدد ويتوعد ، ومنهم الذي يثبطُ ، وكان حمد أكثرهم حيرةً لأنهُ صاحبُ الكلمةِ الأخيرةِ التي يعتمدُ عليها في حياةِ قومهِ ومصيرهم، وكانت النساءُ في شق الحريم يسمعن ما يدور من حديثٍ.

    وبعدَ نقاشٍ طويلٍ في عرب الشيخ حمد؛ رجحت كفة اللذين يرون الاستجابة لطلب الشيخ سعيفان كما هو شأن غيرهم من عربان البلاد اللذين دفنوا رؤوسهم ذلاً بالتراب ، وأبقوا على حياةِ قومهم وعللوا القبول بأنهُ قبول نسبٍ ومصاهرةٍ من شيخٍ معروف لا يقف له ولقومهِ أحد. وكانت بنتُ حمد تسمع ما يدور في مجلس أبيها لا تصدِّق ما تسمع، كانت فتاةً حرةً فخورةً بربعها وأهلها، تموت ولا تقبلُ الذلَّ لقومها فكيف إذا كانت هي السبب !، لسان حالها يقولُ " المنية ولا الدنية".

بنت الشيخ[عدل]

      كانت فتاةً جريئةً ذكيةً لم تكتفِ بلطم وجهها داخل شق الحريم بل خرجت حاسرة الرأس بجمالها الموصوف ووقفت أمام شقِّ أبيها المزدحم برجال قومها شبابهم وشيوخهم فنظرت إليهم شزراً كأنما كانت تخاطبهم عيناها ثم كشفت عن ساقيها وجلست القرفصاء جلسةَ من تقضي حاجتها ، وكان ذلك تمثيلاً وذكاءً منها فنهض الرجالُ ينتهرونها وينعتونها بقلةِ الحياءِ والجنون فوقفت تخاطبهم بصوتٍ واضحٍ:  " أنا لستُ بقليلة الحياء فالمرأةُ لا تخجل من النساء وأنا لا أخجل ولا أستحي من نساءٍ مثلي ولو كنتم رجالا ما صنعتُ ذلك أمامكم ، ولو كنتم رجالاً ما هان عليكم عرضكم وما وهنت عليكم".
      سمع الناس هذه الكلمات فصاحوا " ألمنيه ولا الدنيه"

"طاب الموت ....طاب الموت".هكذا كان موقفُ بنت استطاعت بتصرف عفوي وبسيط أن تجعل من ربعها على رأيٍ واحدٍ ، وهو أن طلب سعيفان مرفوضٌ ..مرفوض،كائناً بعد ذلك ما كان.

    أما حمد فطلب من قومهِ الهدوء ووعدهم بتدبير الأمر بأحسن تدبير ، وكانوا يحترمونهُ ويطيعونهُ طاعةً عمياءً وعلى هذا انفض المجلس وعاد القومُ إلى بيوتهم.

حمد يستشير فريح[عدل]

   غادر رجال العشيرةِ يلهبهم الحماس مساءً إلى مساكنهم وخلا المكان إلا من حمد و فريح، وكما هي عادة الشيخ حمد استشار فريح بالأمر الجلل الذي دهمهم، فكان أن أخبرهُ فريح أنهُ واحِدٌ منهم يسوءهُ ما ساءهم ويسره ما سرَّهم ...
    قال فريح :"يا شيخ ولا تهتم "الدبار عندي ، الدبار عندي" ولكن لي شرط أن تطيعوا أمري ولا تسألوا عن سري فإن السِّر إذا تجاوزَ الاثنين ذاعَ وشاع" . قبل الشيخ حمد بتدبيرِ فريح وأمرَ بطاعتهِ دون نقاش ودون الرجوع إليهِ وذلكَ لثقتهِ بإخلاصِهِ ورجاحةِ عقلهِ وحسنِ تدبيرهِ.
    قد علم حمد أن فريح من أبناء الملوك أو كبار الشيوخِ، وأن الأيام عركتهُ وعلمتهُ أن فراستهُ لا تخطئه ، وأن فريح لن يخذُلهُ وبعدَ ثلاثةِ أيام عاد الفرسان الثلاثةُ يريدون الرد فاستقبلهم حمد ورجالُهُ بالترحاب ( كما أمرهم فريح) وقالوا لهم: نسب الشيخ سعيفان شرف وطلبه مجاب وبعدَ شهرٍ من الآن سنأتيكم بالعروس " محفله مزفلة" مجهزه بجهاز يليق بعروس الشيخ سعيفان الذي سنأتي به من الشام وسنوافيكم بها بأنفسنا ونحتفل بزواج الشيخ معكم ، فهذا نسبٌ يرفع الرأس وعاد المرسالُ مسروراً مفتخراً بما يحمل من أخبار يفرح لها سعيفان.

الاستعداد[عدل]

   تولى فريح أمر شراء السلاح ـ البواريد والرداني والسيوف ،فكان كل من خط شاربه لديه باروده وردنيه وسيف ، وضبية ملح بارود.اشتروها من الشام واشتروا جهاز العروس كتغطيه على سفرهم إلى الشام  حتى لا يشك أحدٌ بزواج بنت حمد من الشيخ سعيفان.
    جمع فريح رجال العشيرة وغلمانها ( كلُّ من خط شاربهُ) ورجالهُ كافةً ، وشيوخها اللذين تثبتون على سرج الفرس،وكان ذلك تعبئه عامه وعلمهم مستعيناً بمن اختار منهم استعمال البارود وتعبئته والتسديد به وكانوا يتظاهرون بأنهم سيطلقون النار للاحتفال بالزواج المشهود.
   كان فريح على رأس هذا الاستعداد لا يضيعُ وقتاً فالوقت ثمين ، أما حمد فكان يراقب عن كثب ما يقوم به فريح ،ولم يخفى عليه أن فريح إنما يعدّهم ليوم حرب ، لكنه وعده أن لا يسأله عن سرّه .اطمأن على ما رأى وحمد الله أن يسّر له فريح وإلا لدخلوا حرباً بدون تنظيم ولا استعداد مع عدوٍّ جبّار ظالم ؛خاصةً أنه كبيراً بالسن ويحتاج إلى من يعتمد عليه مثل هذا الشاب "فريح".


جاء الميعاد ومرّ شهر الإعداد. جاء الميعاد المضروب ،فتجهّزت العروس بأحسن زينة ،وأعلن بين القبائل أنهم سعداء لمصاهرة الشيخ سعيفان ، وأنهم لفرط سرورهم سيزفون إليه العروس ويحتفلون بالعرس .

    وما أن أشرقت الشمس حتى كانت العروس تتهادى في هودجها محاطة بفرسان عشيرتها  يتقدَّمهم فريح قاصدين ديار المشالخة وفي الطريق انعطفوا إلى عين ماء كان فريح قد عرفه في طريق هجرته فشربوا وشربت خيولهم واستراحوا ، وقبل أن يمتطوا خيولهم دعاهم فريح وأخبرهم بخطته المحكمة ، قال لهم :" اليوم له ما بعده اليوم يومكم فإما أن تغيب شمسه وأنتم سادة البلاد وإما أن تكونوا مع الأموات" فحمسهم وأطلعهم على نيّته المبيتة وقال لهم : " ظهورها يا رجال ، المنية ولا الدنية".
    في ذلك الزمان كانت البنادق بدائيه ، وكان يستعمل ألمدك لحشو البندقية بالبارود والرصاص فلكل بندقية طلقة واحدة ولكل ردنيّه ( بندقية قصيرة) طلقةٌ واحدةٌ ولابد من وقتٍ بعد إطلاقها ليعاد حشوها بالبارود من جديد وهذا الوقت غير متاحٍ في ظروف المواجهة المباشرة ، بل العمل يكون للسيوف والرماح ولذلك كانوا حريصين أن لا تضيع طلقة سدى وهذا ما طلبه فريح منهم على عين الماء.