مستخدم:Gtariq/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

آراء فلسفية في الفن والجمال


بقلم/ د. طارق بكر قزاز

يعد علم الجمال أحد أقسام الفلسفة الحديثة ويعرف بأنه علم المعرفة الحسية، وهو يهتم بغاية الفنون بأنواعها. برغم أنه لم يكن كذلك في زمن أفلاطون الذي كانت آراءه حول الفن لا ترقى إلى الآراء الأخرى التي صاغها حول الجدل والفيزياء والأخلاق، إلا أننا لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتجاهل ما قاله الفيلسوف أفلاطون عن الفنون وذلك إذا أردنا أن نتناولها على سبيل الاسترشاد وليس لكونها آراء تمثل منهجية في الفن.

لقد كان أفلاطون منذ ما يزيد عن خمسمائة سنة قبل الميلاد يرى أن الفن تابع لكل من الأخلاق والفلسفة، وأن تبعيته للأخلاق تنبع من حكم الجمهور الواعي على مضمونه، حيث أن هذا الجمهور لن يسمح إلا بالفن الذي يروج للفضيلة، وحتى وإن اتصف الفن بالجمال فإنه لن يكون مقبولا إذا لم يخدم أغراض الأخلاق، وقد أدى هذا الرأي إلى وجود الرقابة على الفن وفرض الوصاية على ممارسته والتدخل في تفاصيله، وبذلك تم القضاء على الفن الذي لا يقع في جانب الأخلاقيات. أما تبعية الفن للفلسفة فهي أيضاُ نابعة من الغاية المثالية التي تعرضها المواضيع الجميلة وليس من الشكل الجميل المطلق في ذاته.

لقد اعتبر أفلاطون الفن ما هو إلا مجرد محاكاة ونسخ من الأصل، ولم يضع أي اعتبار للعبقرية الفنية فالفنان من وجهة نظره لا يعمل من خلال العقل وأنه لا يمكنه خلق الجمال فهو يسير على قواعد معروفة مسبقا وصياغاته الجمالية تأتي دون وعي منه وهو ما يعتبره أفلاطون نوعا من أنواع الجنون. وبذلك لم تكن أراء أفلاطون تلقى أي رضاً من جانب الفنانين فهم يعتقدون أن أفلاطون كان يعلي من تخصصه الفلسفي ويحتقر الفن لأنه لم يختبر الجوانب الإبداعية فيه.

ومن جهة أخرى كانت الآراء الحديثة في فلسفة الفنون تؤكد على أن "الفن غاية في حد ذاته وأن الجمال قيمة مطلقة في كل الأشياء". فهذا الرأي يقول بأن الفن هو شيء مستقل بذاته لا تحكمه إلا قوانينه ولا يُحكم عليه إلا بمعاييره، فلا يجب بحسب هذا الرأي أن يحكم على الفن بمعايير المجتمع أو الأخلاق، وأن الجمال في الفن لا يمثل بالضرورة وسيلة للخير ولا أن يكون الخير متطابق معه ولا أن يكون أحدهم تابع للآخر.

ونتيجة لهذا الرأي بدأت حركات التمرد على الكلاسيكية وعلى قيم المجتمع وأخلاقياته، فمارس الفنانين حرياتهم في الفن دون توجيه أو رقابة مما أدى إلى ظهور حركات فنية عديدة وأشكال من الفنون الهابطة ورافق ظهور هذا الفن بزوغ أجيال من الجماهير كانت بعيدة عن معايير الفن الجميل وغير واعية بمخاطر انتشار هذه الفنون التي لم تعلي الأخلاق والقيم الاجتماعية، وكمحصلة لما سبق لم يعد هناك إمكانية لتحديد واضح المعالم للفن الجميل والأسس التي يجب أن يبنى عليها أو التي يستطيع من خلالها المتلقي أن يتذوقها ويتأثر بها، إلا أن القيم التي يمكن أن تبقى ويستفيد منها الفن هي قيم الدين وأخلاقيات المجتمع المحافظ.