مستخدم:Roshena/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

قادة الجيوش الكويتية في الماضي

الشيخ/ حمود بن صباح بن جابر الصباح

رحمه الله تعالى

مقدمة: تشكيلات الجيش الكويتي في الماضي

قبل الحديث عن قادة الجيوش الكويتية لابد من الحديث عن الجيوش نفسها وتشكيلاتها وطبيعتها في الماضي.

كانت الجيوش في إمارات الخليج والجزيرة العربية وعند القبائل لا تتسم بالتنظيم والإعداد كما هو الحال بالنسبة للجيوش المنظمة قديماً وحديثاً.

بل إنها تتشكل وتتهيأ وفقاً للظروف المحيطة والأخطار المحتملة أو عند طلب الحاكم أو الأمير أو الشيخ ذلك. وهو ما يسمى بلغة العسكريين بالجيش الوطني.

لكن وبالرغم من ذلك فإن النشاط العسكري للكويت وإن كان في أساسه وتكوينه من المواطنين والقبائل المتحالفة إلا أنه كان باستعداده وعقيدته العسكرية وبرجاله وتموينه وإدارة العمليات وتشكيلاته المقاتلة وخططه يعتبر شبيهاً بالجيوش النظامية.

وفي زمن الشيخ مبارك وما قبله كانت السمة الهجومية هي الغالبة على أعمال الجيش الكويتي واتسمت بالاستقلالية في القرارات بعيداً عن القوى المهيمنة على الأقاليم في ذلك الوقت وخاصة في زمن مبارك الصباح حاكم الكويت وإبان حكم أخيه محمد.

مكونات الجيش الكويتي في الماضي:

وقد تشكل الجيش الكويتي من وحدات قتالية تسمى (خُبره) بضم الخاء وهي عبارة عن وحدة قتالية متكاملة مكونة من خيمة وجمال أو خيول وعتاد وغذاء وسلاح وقد يكون في (الخُبره) طباخ، وعدد الرجال فيها يتراوح ما بين 7 إلى 10 رجال ولهم رئيس.

ويتولى الجميع المساهمة في تشكيل (الخُبره) وقد يساهم التجار في دعم المجهود الحربي بالمال والزاد والسلاح، أو يقوم الجنود أنفسهم بتجهيز (الخُبره) وهو الغالب.

وقد كانت الكويت في عهد الكويت في عهد الشيخ مبارك مركزاً رئيسياً لاستيراد وتصدير السلاح.

ويتكون الجيش من حاضرة وهم سكان الكويت وبادية ممن يسكنون في الكويت أو من (عريبدار) أو من القبائل المتحالفة من خارج الكويت.

والجنود إما هجانة أو خيالة أو مشاة، وكان التدريب على استخدام جميع أنواع الأسلحة لا ينقطع في الكويت، حيث كانت الرماية وحسن التسديد مجال فخر وتنافس في العادة بين رجال الشيخ مبارك وفي حال النفير بين المواطنين الكويتيين، حتى أن صوت الرصاص لا يكاد ينقطع في قصر الشيخ مبارك بشكل يومي.

وعادة يقود الجيش الكويتي أكثرهم خبرة وقد يكون من أسرة الصباح سواء أكان حاكماً أم من الأسرة الحاكمة وأحياناً من أسر كويتية معروفة وأحياناً يكون القائد العام هو الحاكم ولكن القيادة الميدانية تكون لأحد أقاربه وحديثنا في هذا الموضوع عن أحد أهم وأشهر قادة الجيش الكويتي ألا وهو :

الشيخ حمود بن صباح :

هو الشيخ حمود بن صباح بن جابر بن عبدالله بن صباح (1852 – 1901م) من العتوب من عنزة. ووالدته هي موزه سليمان الحمود وقد عمرت حتى أدركت مقتله شهيداً بإذن الله بمعركة الصريف وأسرة الحمود من العتوب من فخد جميلة من عنزة ، وبرز منهم نواخذة سفر معروفين وشيوخ علم.

وحمود أخ غير شقيق للشيخ مبارك الصباح وزوجته موزة بنت دعيج الجابر الصباح (جابر العيش) وأخوته الأشقاء هم جابر الذي تأمر على جزيرة فيلكا وهيا وسبيكة .

وكان رحمة الله صاحب شخصية مستقلة تتميز بالشجاعة والإقدام والثقافة نظراً لتأثره بأسرته وأخواله من آل حمود الذين كانوا أصحاب ثروة وثقافة فقد كانوا نواخذة سفر ويملكون نخيلاً بالبصرة بالإضافة إلى أنهم يملكون مكتبة ضخمة منذ القدم وهم بالإضافة إلى ذلك أصحاب صدقات وخيرات.

استضافة آل حمود لعبد الرحمن الفيصل وابنه عبدالعزيز آل سعود:

إستضاف آل حمود عبدالرحمن الفيصل وإبنه عبدالعزيز وأسرة آل سعود في أول قدومهم للكويت وذلك في بيت سليمان بن حمود ببهيته محلة العدساني وسليمان بن حمود هو والد موزه التي هي والدة الشيخ حمود بن صباح صاحب الترجمة ، حيث تزوج عبدالعزيز آل سعود وأنجب ابنه سعود ثم استأجر الشيخ مبارك لهم بيتاً آخر فانتقلوا إليه.

لا شك أن كل هذه العوامل وغيرها أثرت في شخصية الشيخ حمود الصباح وجعلت منه رجلاً خيراً مقداماً واعياً مثقفاً وصاحب بيان وحكمه وحسن تصرف أهله لأن يلعب دوراً بارزاً في الحياة السياسية والعسكرية للكويت كما سيأتي بيانه .

حتماً ستتوقف بنا ساعة الزمن برهة أمام أحد أبناء الكويت البررة وقائداً شجاعاً وسياسياً محنكاً خاض المعارك السياسية بتقلباتها العسكرية وبأهوالها بكل ثبات وصدق واقتدار لتكون سيرة هذا البطل نبراساً وعلامة فارقة في تاريخ الكويت .

ولأن التاريخ لا يعرف المواربة فقد آليت على نفسي إلا أن أتناول ولو جزءً يسيراً من سيرة أحد قادة الجيوش الكويتية فمن لم يعطه التاريخ حقه بين صفحاته.

دور الشيخ حمود الصباح في الأحداث السياسية :

قبل أن ندخل في تفاصيل الأحداث السياسية التى جرت في وقته لابد أن نعرف أن الشيخ حمود وحين دب الخلاف بين الشيخ مبارك وأخويه محمد وجراح وما تبعها من أحداث كان بعيداً عن كل ما جرى فقد كان وقتها في الحج ومعلوم أن أقل مدة يمكث بها الحاج منذ خروجه من الكويت إلى عودته لا تقل عن 3 شهور.

وأما دوره في الأحداث السياسية كما ذكر الشيخ المؤرخ/ عبدالعزيز الرشيد في كتابه تاريخ الكويت:

أوعز مبارك إلى بعض أكابر أهل الكويت بأن يرجو من يوسف (الإبراهيم) الكف عن الحركات ضد الكويت وأن يخلد إلى الراحة والسكون ، وما كان من يوسف عندما رفعوا إليه الأمر إلا أن قال إنه لا يريد سوءاً بها ولا بأهلها، وإنه ليسيئه جداً كل ما يقلق راحتم . صرح بهذا في رسائل بعث بها إليهم فتوسم مبارك من لينه في جوابه تندمه على ما فرط منه فأمر جملة من الأكابر بالسفر إليه في مقره (الدوره)، ساروا إليه وعلى رأسهم الشيخ حمود آل صباح، وهناك بعد أن اجتمعوا به فتحوا البحث وحسنوا له الرجوع إلى وطنه ولكنه قابلهم بكل برودة وفتور.

وجرى حوار بين الشيخ حمود ويوسف الإبراهيم يطلب فيها الشيخ حمود من يوسف الإبراهيم العودة للكويت لكن هذا الطلب قوبل بالرفض من قبل يوسف الإبراهيم كما قال الشيخ عبدالعزيز الرشيد.

لقد كان للشيخ حمود موقف لا ينساه التاريخ ففي سنة 1899م إتفق الشيخ مبارك وبريطانيا على بنود إتفاقية الحماية بين الكويت وبريطانيا ولم يطلع على بنود هذه الإتفاقية من آل صباح سوى الشيخ حمود بن صباح الذي حضر توقيع اتفاقية الحماية البريطانية بين الشيخ مبارك والحكومة البريطانية وطُلب من الشيخ حمود التوقيع كشاهد على هذه الاتفاقية إلا أن الغريب في الأمر أنه رفض التوقيع ! مطالباً بتعهد لحماية أملاك الأسرة في البصرة لكن طلبه قوبل بالرفض ووقع بدلاً عنه آغا محمد كريم وكيل بريطانيا في البحرين. ذكر ذلك دكتور رسول الحسناوي في كتابه إمارات شمال الخليج.

ولا شك في أن هاتين الحادثتين تؤكدان أن الشيخ حمود كان موضع ثقة لدى الشيخ مبارك وأنه رجل سياسة وحرب إضافة إلى كونه صاحب مواقف صادقة وشخصية مستقلة ودليل ذلك إرساله من قبل الشيخ مبارك ليوسف الإبراهيم واستقبال يوسف الإبراهيم له واستماعه لرأيه كل ذلك يحمل لنا بعضاً من ملامح شخصية هذا الرجل القيادية التي تصل أحياناً إلى معارضته لأخيه الشيخ مبارك حاكم الكويت واحترام الشيخ مبارك لرأي أخيه الشيخ حمود الذي يبدي آراء مخالفة له ويعلن بها.

قيادته للجيش الكويتي في موقعة الرخيمة :

الشيخ حمود الصباح من القادة الذين ينسون حياتهم ولا تهمهم الأخطار المحيطة بهم حين يحمى الوطيس، ولهذا يوكل إليه الشيخ مبارك قيادة الجيش في المهام الهجومية ضد الذين يقلقون راحة الكويت ومن هذه المهام موقعة الرخيمة ففي 29 أكتوبر 1900م قام عبدالعزيز بن رشيد بالرد على غارات سعدون باشا شيخ المنتفق حليف الشيخ مبارك، حيث كان غارات سعدون على شمر قد حققت نجاحاً كبيراً ولكن بعد معركة (تل اللحم) تراجع سعدون إلى داخل الأراضي التركية. أما ابن رشيد فقد قرر إرسال قبائل شمر للإغارة على بادية الكويت..

وقرر الشيخ مبارك إعداد جيش ليقطع على ابن رشيد الطريق وينكل به .. فقام بتقسيم الجيش إلى قسمين القسم الأول وكان هو على رأسه سارا إلى الزبير في 29 أكتوبر 1900م عساه أن يلتقي بعدوه هناك، أما الجيش الثاني الذي ضم العديد من الخيالة فقد قاده أخوه الشيخ حمود الصباح وابنه سالم المبارك لمهاجمة سلطان الدويش حليف ابن رشيد وعن طريق (جريشان) ساروا يبحثون عن ابن رشيد في (السماوة)، وقد وفق الجيش الثاني في الالتقاء بابن رشيد لكن حمود وسالم عندما شاهدا نيران ذلك الجيش ليلاً قررا أن لا قدرة لهم على كسره فغيرا مسيرهم إلى قبائل شمر التي هي ثلث قوات ابن رشيد المحاربة وركن قوي من أركانه وكانوا على آبار (الرخيمة) الواقعة في المنطقة المحايدة بين نجد والعراق، وهناك فتك الجيش الكويتي بشمر وأخذ الكثير من أموالهم والألوف من أبلهم وأغنامهم وكانوا غنيمة باردة رغم ما سببوه للكويت في الماضي القريب من أذى، حيث قطعوا طرق التجارة إليها وسلبوا باديتها وعندما وصلت فلول شمر المنهزمة إلى ابن رشيد وعلم أن جيش الكويت قد اجتمع مرة أخرى وعاد إلى دياره لم يشأ أن يذهب خروجه سدى فمال بقواته إلى سعدون ومن معه من المنتفق فغلبهم وقتل الكثير منهم ثأراَ من معركة (تل اللحم) انظر/ جيش الكويت في عصر مبارك الصباح 1896 – 1915 / ظافر العجمي/ الكويت ج 2000 – ص240 – 241.

اكسب هذا الانتصار القوي الشيخ حمود قوة وسمعة ودفعة معنوية لحاكم الكويت واعطتنا صورة عن قائد محنك يستطيع بخبرته تقدير حجم العدد والعتاد للعدو ودهاء مكنه من الاستفادة من هذا الجيش الذي خرج تحت قيادته من الكويت والعودة بالغنائم دون خسائر وتأديب من دأب على الاعتداء على الكويت.

معركة الصريف:

عندما عزم الشيخ مبارك على مهاجمة الأمير عبدالعزيز متعب في عقر داره شكل لذلك جيشاً ضخماً يتكون من أهل الكويت ومن القبائل المتحالفة وأوكل القيادة الميدانية لأخيه حمود رحمه الله تعالى ولن نتناول في هذا الموضوع تفاصيل المعركة فقد تناولت ذلك بكتابي (معركة الصريف بين المصادر التاريخية والروايات الشفهية) ولكنني سأكتفي بمحطات أتوقف عندها مع هذا القائد في خضم أحداث هذه المعركة الكبرى.

1.قبل بدء المعركة وفي (الصريف) التي تقع شرق القصيم وعلى بعد 27 كم شرق مدينة بريدة تقريباً وفي صبيحة يوم الأحد 26 ذو القعدة 1318 هـ ، الموافق 7/مارس 1901م. تحرك جيش ابن صباح عندما علم بوجود ابن رشيد في الصريف.

يقول النوخذه: علي السمحان (أحد المقاتلين في جيش ابن صباح):

فقام بعض أصحابنا بعمل قهوة فجاءنا حمود الصباح أخو الشيخ مبارك وضرب أواني القهوة : وسكبها وقال: كيف تصنعون القهوة ! عجلوا وعجلوا العرب، وعجلوهن على أربع – يعني الابل – وشيلوا عنها شلتها واتبعوا الدمام إلى أعلى العرج ، وعجلنا الإبل على أربع وتبعنا الدمام (الطبل).

2.بعد أن تشاور الشيخ مبارك الصباح مع سعدون باشا السعدون شيخ المنتفق وكان رأي سعدون الإسراع بالهجوم عل ابن رشيد وأخذ سعدون يستحث الشيخ مبارك لإصدار الأمر بالهجوم وكان ذلك قبيل الظهر بقليل.

يقول النوخذه علي السمحان واقتنع الشيخ مبارك وقال: توكلوا على الله، ثم طلب أخاه حمود الصباح، فلما جاء أسر له الشيخ مبارك بكلام .

خطبة الشيخ حمود الصباح الأخيرة:

3.وفي وقت الظهيرة يقول علي السمحان: فقام حمود الصباح فينا خطيباً ورفع صوته وتوقف الجميع ليسمعوه قائلاً:

يا عيال ... يا عيال ... يا عيال، حمروا العيون ساعة منقضية ! أنتم في ديرة ابن رشيد والله لن يترك أحداً منكم حياً إذا انكسرتم !!

يا عيال ... يالطيبين تكفون !

ثم طلب حمود الصباح منا أن يمسك كلاً منها بيد صاحبه في أثناء الهجوم، أ.هـ وإذا تأملنا سيرة هذا البطل نجد أنه يحمل هماً ثقيلاً ويصدر الأوامر ولا يريد أي تهاون من قبل المقاتلين ، حيث ضرب أواني القهوة كي لا ينشغلوا بأي أمر آخر فيباغتهم ابن رشيد وهم على غير استعداد .

ثم أمر بخبرته بأن تعقل الإبل بقوائهما الأربع كي لا تجزع من الرمي وتحدث ضوضاء وتشويشاً على المقاتلين، ثم خاطبهم كأبناء له: تكفون يالطيبين ليستثير فيهم النخوة وقام بتنظيم الهجوم عن طريق (الدمام) وهي الطبول التي تقرع توجيهاً للمقاتلين وتخويفاً للجيش المقابل.

وبخبرته بسلوك الأمير ابن رشيد فقد تنبأ بأنه لن يترك أحداً حياً إذا انهزموا في المواجهة وهو ما آلت إليه الأمور بالفعل بعد المعركة إذ أقدم ابن رشيد على قتل كل من وقع في الأسر من الجيش الكويتي وتتبع فلول الجيش المنهزم وأخرجهم من البيوت والمساجد ومن غيرها وقتلهم إلا من نجاه الله تعالى .

كانت المعركة شرسة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى والرصاص كان يتطاير في سماء المعركة لكن شجاعة وإقدام وقيادة الشيخ حمود واستبسال أهل الكويت والقبائل المحالفة كان له الأثر البالغ في هزيمة الجيش المقابل في بداية المعركة وسقوط ما لا يقل عن 400 قتيل منهم.

إلا أن الأمور لم تجر على نفس المنوال فقد انقلبت الرياح ضد جيش ابن صباح وانقلب بعض المتحالفين مع الشيخ مبارك إلى المعسكر الآخر فاسترجع جيش ابن رشيد قوته وساعد ذلك أن المتحالفين الذين انقلبوا عمدوا إلى إضعاف الروح المعنوية لجيش ابن صباح بإذاعة خبر الهزيمة مبكراً !!

فوقعت الهزيمة بجيش ابن صباح والقوات المتحالفة من قبائل وغيرها فعلياً !

لم تتقبل نفس الشيخ حمود الصباح الأبية الهزيمة وظل ممتطياً صهوة فرسه ثابتاً في مكانه لا يتزحزح يوجه وينادي الجنود للعودة ! حتى قتل رحمه الله شهيداً بإذن الله تعالى وقتل معه ابنه صباح الذي خرج للحرب وأهله يجهزون له عروسه على بنت جابر الصباح (الثاني) رحمهما الله تعالى.

اللحظات الأخيرة للشيخ حمود الصباح وابنه صباح:

يروي لنا النوخذه علي السمحان اللحظات الأخيرة لهذا القائد الشجاع الذي أصر على مواجهة الجيش المقابل وقد انهزم الجميع وهي شجاعة نادرة في المعارك ليسجل التاريخ موقفاً بطولياً لرجل أخلص لبلده وظل متمسكاً بالقيادة والمواجهة ونسيان الذات والمخاطر المحيطة به حتى آخر لحظة من حياته.

يقول علي السمحان:

(فالتفتنا وإذا الجميع انصرفوا ... والرمي شديد ومن كل الجهات فانقلبت وتدحرجت لأسفل التل حتى لا يصلني الرمي .. ونزل صاحبي أيضاً.. وركضت فإذا (حمود الصباح) أمامي على فرسه ومعه رجل من (المنتفق) وفرس الرجل الذي من (المنتفق) مصابة في صدرها.. وتنزف منها الدماء و(حمود الصباح) شاهراً سيفه وعلى ظهره بندقيته.

وهو يصيح بأعلى صوته: رد يا سالم .. النشامى .. النشامى .

لقد سطر رحمه الله أروع الأمثلة في الفداء والتضحية ليكون بذلك مفخرة لأبنائه وبناته وذريته وللشعب الكويتي أجمع ولحقه في هذه البطولة ابنه صباح الذي قتل معه في هذه المعركة الشرسة فرحمهما الله تعالى ورحم كل من قتل في هذه المعركة الشرسة وغفر للجميع.

وهكذا بعد أن نجا الله عز وجل علي السمحان من هذه المعركة وعاد إلى بلده الغالية الكويت فيطلب الشيخ مبارك علي السمحان ليستمع إليه ويسأله عما آلت إليه الأمور وعن أخيه حمود وابنه صباح.

لقاء علي السمحان بالشيخ مبارك:

يقول علي السمحان: (ثم قال لي أبي: لنذهب إلى الشيخ مبارك نسلم عليه.. فذهبنا إليه.. في مجلسه.. فلما سلمت عليه.

قال لي الشيخ مبارك: أنت ابن سمحان؟..

قال: إجلس.. فجلست.

فسألني: أنت رأيت أخي حمود؟..

قلت: نعم يا عم، اقطع رأسي لو جاء (حمود) وقال إنني لم أره أو حدّث بغير ما حدثت به، ثم شرحت له كيف رأيت (حمود الصباح) وهو على فرسه وقد استل سيفه وبندقيته على كتفه، وجيش ابن رشيد مقبلون نحوه ومعه رجل من المنتفق وما كان يقول في ذلك الوقت وما قلت له أنا.

قال الشيخ مبارك: صحيح؟

قلت: نعم.. وانصرفنا من عنده..

وجاءتني زوجة (حمود الصباح) وهي موزة دعيج الجابر الصباح وأم ولده (صباح) الذي قتل مع أبيه وهو من خيرة الشباب الطيب، وسألتني عن زوجها وولدها..

فرويت لها ما رأيته:

وقلت: لا شك أنهما قتلا في المعركة والله اعلم..

حيث رأيت جيش ابن رشيد مقبلون نحو (حمود الصباح) .. رحمهما الله تعالى..

ولقد تبوأت أسرة الحمود الصباح حفظهم الله تعالى مكانة مرموقة في قلوب أهل الكويت لما حباهم الله تعالى من إخلاص وتفاني لخدمة الكويت وأهلها وما يتميزون به من دماثة الأخلاق ومحبة لأهل الكويت

ولقد انجب الشيخ حمود رحمه الله تعالى ثلاثة من الأبناء : صباح الذي قتل معه في معركة الصريف شهيداً بإذن الله تعالى وسالم وسلمان وذريتهم ومنهم :

- الشيخة فتوح السلمان الحمود الصباح رحمها الله تعالى زوجة أمير الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ووالدة الشيخ ناصر وحمد وسلوى رحمها الله تعالى.

- ومنهم الشيخ سلمان الحمود السلمان الحمود الصباح الذي تقلد رئاسة النادي العربي في بداية السبعينات وأول رئيس لاتحاد كرة القدم من أبناء أسرة الصباح ما بين عامي 76 – 77م كما تقلد رئاسة اللجنة الأولمبية 87 – 88م .

- ومنهم الشيخ سلمان الصباح السالم الحمود الصباح وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب السابق ويرأس حالياً الإدارة العامة للطيران المدني الكويتي برتبة وزير.

- ومنهم الشيخ مبارك صباح السالم الحمود الصباح رئيس المراسم والتشريفات بديوان سمو ولي العهد.

- ومنهم المحامية الشيخة موضي السلمان الحمود السلمان الحمود الصباح..