مستخدم:Wadymoh/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

عودة الجد وادي من الموت في الحرب العالمية الأولى جد عائلة الوادي في قرية زوبيا في شمال الأردن قصة حقيقية من أيام الحرب العالمية الأولى..

في الثالث من آب عام 1914 أعلنت الدولة العثمانية حالة التعبئة العامة (السفر برلك) ، فيما نشرت مؤسسة الخلافة فتوى الجهاد ،التي لقيت تأييدا كبيراً من قبل المسلمين .، حيث بدأ شبابهم و رجالهم بالتوافد إلى الدوائر العسكرية في البلقان والشرق الاوسط والقوقاز وشمال افريقيا وشبه الجزيرة العربية ،فضلا عن وصول أعداد كبيرة من المتطوعين لمناطق كثيرة من العالم الاسلامي . ذهب معهم أجدادنا الأوائل ـ خمسة أخوان ـ من قرية زوبيا في المزار الشمالي في الأردن غادروا عن طريق محطة القدم في سوريا. وهم جدي وادي المصطفى واخوانه الأربعة حمدان ، عبدالله وحسن ومن جهة العراق أخوهم حسين المصطفي . خرج إلى هذه الحرب من أبناء القرية أيضاً الحاج صالح المحمود الدرادكه و الحاج حسين علي البديوي رحمهم الله جميعًا .الاخوان الثلاثة لجدي وادي المصطفى (حمدان وعبدالله وحسن ) لم يعودوا من تلك الحرب حيث شاركوا في حملة رومانيا (الحرب العالمية الاولى) ، وكانوا في عداد المفقودين ولم يُعرف مصيرهم لغاية الآن إذا كانوا أحياء؟! وعاشوا في تلك المنطقة أم استشهدوا في رومانيا أو تركيا فالأمر لا يزال غير معروف حتى كتابة هذه السطور. أما أخ الجد وادي المصطفى الحاج حسين المصطفى ذهب إلى الحرب من جهة العراق منطقه الموصل ؛ وذلك للسفر بالقطار إلى تركيا فوجد القطار معطلا عن العمل ، فعاد إلى الأردن سيرا على الأقدام حيث عاش مع ذرية كبيرة له . أما الحاج صالح المحمود الدرادكه ، أمره أحد الضباط الأتراك ـ والذي كان من أصول عربية يمنية ـ أن يوصل المتفجرات للجبهة إلا أنه رفض الأمر ، وحكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص. لكن عناية الله كانت سؤال الضابط له ، من أين أنت ؟ فأجابه أنه عربي من الأردن ،فخفف عنه الحكم من الإعدام إلى السجن ،حيث تم سجنه في حصن (Cimenlik Castle) في منطقة ـ جنق قلعةـ شبه جزيرة غاليبولي. أما الحاج حسين علي البديوي حارب في حملة رومانيا ،حيث روي لنا أنه رأى بعينه اخوان جدي وادي الثلاث يحاربون بشجاعة . فقال لنا أنّه كان يحارب بالرشاش (متر لوز) فوصلت لهم أفواج الجنود الروس فأوشك على الموت، اختبأ بين القتلى ووضع الدم على جسمه ليتضح لهم أنّه ميت ، كانوا يدهسون فوق الجثث لأعدادها الكبيرة ،فتراجع عن المعركة شيئاً فشيئاً وانسحب عائدا متتبعا سكه حديد القطار لتعيده إلى المكان الذي أتى منه ، فعاد إلى قريته زوبيا ليجد أهل زوجته يريدون تزويجها من رجل آخر معتقدين أنه مات في الحرب بعد أن مضى على غيابه أربع سنوات. أما قصة جدي وادي المصطفى مختلفة قليلاً ، بعد أن رأى أنّه لن يعود من تلك الحرب وأن الموت يحاصره من كل الجهات وخوفه الشديد على أولاده وزوجته الشابة ، ولمن سوف يترك عائلته ؟!! فقرر أن يقفز من القطار المتوجه الى جبهة الحرب وقبل أن يتوقف في ـ جنق قلعه ـ منطقة جاناكالي حالياً في تركيا . سقط على الأرض مغشياً عليه لا يعرف ما المدة الزمنية التي بقي فيها فاقدا الوعي. وعندما أفاق كان وقت الغروب ،أدرك الجهة التي جاء منها القطار ،فتتبع سكة الحديد يسير في الليل و يختبئ في النهار ، وصف الجسر الذي شاهده في مدينة اسطنبول قال : يفتح الجسر عند عبور السفن و يغلق ؛ ليسير الناس فوقه وفي ذلك الوقت لم يصدقه أحد. كانت الأماكن البعيدة عن الناس مخبأ له ويمشي في الطرق الفرعية الجانبية لسكة القطار، يبحث عن أي شيء يأكله . يسير في الليل ويختبئ في النهار ، وصل بعدها إلى المناطق الجبلية في جبال طوروس (الأناضول) وفي أحد الأيام وهو يمشي أدركه النهار فأخذ يبحث عن مخبأ ،حتى لا يراه أحد ويعرف أنه عربي فار من الحرب ويواجه عقوبة الإعدام. فإذا بكهف (مغارة) اختبأ فيها ،إلا أنه وجد في إحدى زواياه كائنين حيين صغيرة رضيعة الأم ، ينظرلها وتنظر له .أخذ يطعمها ما لديه من الخبز اليابس والصغار تأكل . عندما طلعت الشمس مقدار رمحين في السماء وأصبح الضحى واضحا ، وإذا بكائن غريب عملاق يدخل من باب الكهف غاضبا ، لونه أسود أوصافه كوصف الإنسان ،مكشرا عن أنيابه !! أخذ جدي وادي يدعو الله أن ينجيه، لأنها سوف تمزقه '،ربما كان هذا الكائن هي الغوريلا التي تفهم طباع الإنسان. فعندما تفقدت صغارها وجدتها سليمه شبعه ، تجولت في أنحاء الكهف وهو مستسلما رافعا يديه إلى السماء، متوقعا هجوما منها !! جلست الغوريلا أمام أبنائها تنظر إلى صغارها ثم إليه. أما جدنا وادي قد تجمد الدم في عروقه ولسانه تيبس في حلقه ينتظر مصيره الموت المحتم!! بين يدي هذا الكائن الغريب الذي لم يراه ولم يسمع عنه من قبل. (قال: ان الساعات مضت كأنها سنوات) ينتظر غروب الشمس حتى يتابع المسير. فعندما حل الظلام أراد الخروج من الكهف ،كيف ؟ وكيف سيستطيع الوقوف على قدميه ؟ كيف سيتحرك ؟ قد تقفز في وجهه و تمزقه !! أخذ يستسمحها ويشير لها بيديه يريد الخروج من الكهف !! من رعاية الله له أن هذا الكائن الغريب بدت عليه ملامح الهدوء أخذ يزحف قليلاً نحو الباب حتى أدركه وهي لم تتحرك من جانب صغارها ، يشكرها ويلوح لها بيديه و استمر في ذلك حتى خرج من باب الكهف . أدرك عندها أنه بأمان إلا أنه عند خروجه أمتار قليله خرجت الغوريلا خلفه !! عاد له شعور أنه بخطر ، مشيرا لها بالعودة إلى صغارها حتى ابتعد أمتارا قليله ، ينظر لها وينظر أمامه. أخذت في تتبعه ببطء ،كأنها انسان قد فهمت ما به من خوف وجوع وعطش. بحث عن طريق فرعي أو أي شيء يأكله أشار لها بيديه أنه يريد الماء، فمشت ناظره له أنها تريد أن يتبعها .مشى جدي خلفها بحذر شديد وخوف كبير ،سارت في ممر ضيق ،جاءت به الغوريلا إلى نبع صغير من شدة العطش ألقى رأسه في الماء.. اقتربت منه الغوريلا ورفعت رأسه. إلا أنه عاد يرمي رأسه في الماء مرة ثانية ،فعادت للمرة الثانية ورفعت رأسه . لقد شعرت ما يعاني. أخذ الوعاء الذي لديه وملأه بالماء وشكر الله عز وجل أن بعث له هذا الكائن الغريب. ابتعد عنها وسار بضعه أمتار عادت ولحقت به ،وهو يريد التخلص منها . اتضح له بعدها أنها كانت خائفة عليه لا منه!! استمرت معه في المسير لمسافة هو لم يعرفها ،فجأة .. اختفت الغوريلا ، فأكمل المسير في سلسلة جبال طوروس سيرا على الأقدام متتبعا السكة الحديدية. وصل إلى حلب ،حمص ،حماه ، ومن ثم إلى محطة القدم وعاد إلى درعا ثم الرمثا وإربد في المزار الشمالي إلى قريته زوبيا بعد أن مضى أربعة أشهر ونصف على رحلته. حمد الله عز وجل بعد هذه الرحلة الطويلة الشاقة والمخيفة ،فوجد ثلاثة من اخوانه لم يعودوا من تلك الحرب ومازال مصيرهم مجهول لغاية الآن. كان جدي وادي المصطفى أكبر اخوانه وتوفي عام 1953.وروى هذه الحكاية لولده الأكبر الحاج علي الوادي ومنها إلى أبنائه ومنهم الأستاذ عبد العزيز علي الوادي الذي رواها لنا. رحم الله هذا الرجل المكافح من أجل الحياة والعائلة. ورحم أمواتنا وأموات المسلمين أجمعين وأتمنى أن يعم السلام في أرجاء العالم كافة .

الكاتب كتابة : المعلمة سيرين عبد العزيز علي الوادي المنسقة : ندى عبد العزيز علي الوادي بإشراف :الدكتور محمد عبد العزيز علي الوادي


المراجع :

1- الدولة العثمانية عوامل النهوض واسباب السقوط .للمؤلف :علي محمد الصلابي ( الجزء الأول) الناشر : Al Manhal تاريخ النشر : 1/1/2010. الصفحات: 400 رقم ((ISBN 979-650003167-5 الرقم الدولي المعياري للكتاب .الانواع تاريخ الشرق الاوسط / تركيا والدولة العثمانية.

2- تاريخ الادارة العثمانية في شرق الاردن 1864م - 1918م للمؤلف: احمد صدقي علي شقيرات 1/1/2016م تاريخ النشر الاصلي )النشر :عمان الاردن ) المؤلف 1992 دار النشر: الآء عدد صفحات الكتاب :342

3- الزعامات المحلية والعشائرية في بلاد الشام : من وثيقة المهمة العثمانية رقم (3/59) لسنة 966ه = 1559م للمؤلف احمد صدقي علي شقيرات الناشر : 2016 المنهل رقم ( ISBN (9796500260839 عدد الصفحات : 222